الحذر... ما حدث ويحدث في الأقصى أهدافه مشبوهة/ راسم عبيدات

الأقصى بحاجة الى من يحميه ويدافع عنه،فهو يتعرض في ظل تشكل حكومة اليمين الصهيوني المتطرف الى مخاطر جدية وحقيقية،وخصوصاً ونحن نرى محكمة"العدل" العليا الصهيونية تصدر قراراً يجيز للمتطرف "يهودا غليك" بالعودة مجدداً الى إقتحام المسجد الأقصى،وكذلك أقوال الوزراء واعضاء الكنيست من البيت اليهودي "أوري ارئيل" و"نفتالي بينت"،بأنه قريباً سيتمكن اليهود والمستوطنين من أداء شعائرهم وطقوسهم التلمودية والتوراتية بحرية في المسجد الأقصى "جبل الهيكل".
والأقصى ليس بحاجة الى ان تتحول جدرانه الى لوحات إعلانات،وساحاته الى أمكنة للسجالات والمزايدات السياسية والحزبية،والخطب من على منبره من اجل نشر الفتن المذهبية والتحريض المقيت والمنفر والمستفز والماس بالمشاعر والمسيء لكل القيم والأعراف والتعاليم السمحة لديننا الحنيف والباث والزارع للفرقة والشقاق بين أبناء الأمة الواحدة.
الأقصى مكان للعبادة مفتوحة أبوابه لكل عباده من المسلمين،ولا أحد قيم أو مالك او مخول بالتكفير والتخوين أو منح صكوك الإيمان أو التقرير بمن يدخل الجنة او النار،ومن يأتي للمسجد الأقصى لكي يؤدي فروض العبادة والصلاة والإستغفار والتقوى،يجب أن يكون مرحباً به، اما من ياتي بأجندات او اهداف حزبية وسياسية او مذهبية وغيرها،يقوم بالتعبير عنها بالعمل والفعل أو الخطاب التحريضي الفتنوي أو توزيع المنشورات والبيانات ورفع وتعليق اليافطات التي من شأنها خلق الفتن والإقتتال،فهذا يجب التوقف امامه وعدم السماح بمثل هذه الأفعال والأقوال ولأي كان مهما كان يحمل من صفة رسمية او غير رسمية محلية أو عربية وإسلامية،وهناك من نتفق او من نختلف مع ما يحمل من أفكار ومبادىء،ولكن يجب التفريق بين أنه جاء للصلاة أو للتضامن مع الأقصى في ظل ما يتعرض له من هجمة صهيونية شرسة مستهدفة اياه بالتقسيم الزماني والمكاني وإستمرار عمليات الحفر حوله وأسفله وإقامة الأبنية والكنس التوراتية في محيطة وبالقرب منه.
اما من يأتي لكي ينظر ويخطب ويدعم جهة سياسية محلية أو عربية او إسلامية،دورها وموقفها من قضية القدس والأقصى محط خلاف،فهذا يكون خارج محيط الأقصى وساحاته،وخطيب المسجد الأقصى في خطبته يجب أن يكون ذو بعد نظر وصاحب بصر وبصيرة وحكمة،وأن تكون خطبته جامعة وموحدة ووائدة للفتن،تشيد وتثمن موقف كل من يقف الى جانب قضيتنا وقدسنا وأقصانا،بدون أن يكون ثمن هذا الدعم تزلفاً ونفاقاً لهذا النظام او ذالك.الشخصيات غير مرغوب فيها والتي يعتبر قدومها للأقصى يشكل قضية خلافية او أن من شأنه خلق حالة من الإحتراب والخلافات الداخلية وخصوصاً ونحن تحت الإحتلال،يجري التعبير عن رفض قدومها أو دخولها للأقصى خارج حدود وساحات الأقصى،ولا يحق لأي كان أن يمارس البلطجة والعربدة والزعرنة والتهويش والتشويش في الأقصى تحت يافطة وذريعة منع تدنيس الأقصى من الأنجناس،أو من هم مفرطين أو قادمين للتطبيع مع الإحتلال،وكذلك من غير المقبول أن يستخدم الأقصى وساحاته من أجل دعم ومناصرة هذا النظام أو ذاك او هذه الحركة او تلك،فالمواقف المتشنجة لبعض القوى والتيارات الدينية،وحملة الفكر الإقصائي المكفر لكل من يخالفهم الرأي او الفكر،إستمرت في بث سمومها وأفكارها المحرضة على الفتن وإتهام الناس قوى واحزاب وحتى نساء بالكفر وحتى الخيانة والتفريط،ورصيدهم منذ انطلاقتهم وحتى الان لا يتعدى منشورات توزع ويافطات ترفع وخطب تكفر وتخون وتحرض على المذهبية. 
ولم تقف الأمور عند حدود تلك الفئة،بل وجدنا انفسنا العام قبل الماضي وتحديداً في رمضان أمام فتنة محدقة بأقصانا وبمجتمعنا المقدسي،امام إصرار فئة معينة على التنظير والتحريض ورفع صور ويافطات لزعيم عربي صورته لنا على انه الخليفة المنتظر وفاتح القدس ومحرر الأقصى،وبغض النظر من موقفنا منه،فنحن لسنا بطرف او سبب فيما حصل معه من قبل شعبه أو خصومه السياسيين،ولولا حكمة اهل القدس والعقلاء منهم لكنا أمام فتنة حقيقية تاكل الأخضر واليابس، وشهدنا قبل ذلك وبعد زيارات لمسؤولين عرب بمناصب رسمية دينية وسياسية ،كادت زياراتها أن تفجر الأوضاع وايضا أن تخلق ازمات وإرباكات،ولكن دون أن تصل الأمور الى مرحلة الخطر الجدي والحقيقي،بما حدث أثناء زيارة قاضي القضاة الأردني هليل والوفد المرافق له،حيث ان الأمور والأحداث التي حصلت لها أبعاداً خطيرة وتثار حولها الكثير من الشبهات،ولا يمكن بأي شكل من الأشكال قبول وجهة نظر من يقولون بأنه ذلك احتجاج على زيارة الأقصى وهو تحت الإحتلال، او احتجاجاً على المواقف العربية التي لا ترتقي الى مستوى ما يتعرض له الأقصى من مخاطر،فقبل ذلك بأسبوع كان خطيب المسجد الأقصى من المسلمين الأتراك،واعتلى المنبر وتحدث عن دور الدولة العثمانية في دعم القدس والأقصى،وأفاض وأسهب في الحديث عن الخلافة العثمانية،ويا أصحاب الخلافة لا أريد أن اتطرق للأطماع التركية في الوطن العربي وبالذات في سوريا ولا في هدم الخلافة،ولا ما نحن فيه من جهل وتخلف وذل وهوان وضياع!!!،ولكن ما جرى من تشويش على صلاة الجمعة وخلق الكثير من الجلبة والتوتر وإنهاء الصلاة بوقت قياسي وعدم إكمال قسم كبير من المصلين لصلاتهم،يعيدني الى ما جرى في ليلة القدر من رمضان الفائت،حيث منع الإحتلال المسلمين من إحياء ليلة القدر وأغلق المسجد الأقصى،وهذه الفئة الموتورة وبغض النظر عن الجهة التي دفعتها،او أن أفعالها وأقوالها التحريضية والتكفيرية والتخوينية وممارساتها التوتيرية هي التي شكلت بيئة حاضنة لمثل هؤلاء المارقين والمندسين،لكي يخدموا وينفذوا الأجندة التي يريدها الإحتلال،وهذه الأجندة لمن يجهلها في ظل الحكومة الصهيونية المتطرفة،تتلخص في خلق حجج وذرائع لحكومة وقوات الإحتلال للتدخل تحت ذريعة ويافطة توفير اسرائيل الحماية والأمن للزوار الرسميين من عرب ومسلمين وحتى من يحملون صفة رسمية فلسطينية،وهذا يعني إخراج الأقصى من مسؤولية الأوقاف الأردنية،وسيطرة عناصر الأمن الإسرائيلي عليه،بحيث يتحكمون بالأقصى من حيث دخول وخروج المصلين وحركة الأبواب واوقات الفتح والإغلاق ومن يسمح له بالدخول او لا يسمح له،وتشريع عمليتا التقسيم الزماني والمكاني،وممارسة المستوطنين لطقوسهم التلمودية والتوراتية فيه.
الأقصى يا ابناء شعبنا الفلسطيني،والذين انتم تتحملون مسؤولية حمايته والدفاع عنه نيابة عن امة هي كغثاء السيل تعد مليار ونصف مسلم،انتم مطالبون بنبذ خلافاتكم وفرقتكم،فالأقصى أقولها وأكررها بحاجة الى من يحميه ويدافع عنه،فهو يتعرض لخطر جدي،وليس بحاجة الى ان تتحول جدرانه الى لوحات إعلانات،وساحاته الى أمكنة للسجالات والمزايدات السياسية والحزبية،والخطب من على منبره من اجل نشر الفتن وبث الفرقة والشقاق بين أبناء الأمة الواحدة.
والمسؤولية عن الأقصى بالضرورة في هذه المرحلة والظروف العصبية،أن لا تقتصر على الأوقاف الإسلامية،وإن كانت هي من يتحمل المسؤولية المباشرة عن ذلك،فكل الوان الطيف السياسي والمجتمعي الفلسطيني،يجب أن تكون جزء من هذه المسؤولية،يضاف لذلك المسؤولية العربية والإسلامية،وهنا الحكومة الأردنية يقع عليها دور أساسي،حيث هي صاحبة الرعاية والمسؤولية عن المقدسات الإسلامية والمسيحية وفق الإتفاق الفلسطيني- الأردني في 31/2/2013 .

CONVERSATION

0 comments: