اقتربت "داعش" من مدينة تدمـــر السورية ، فهل من منقــــذ?/ الدكتور حمدى حمودة

بعد أن عاست فسادا فى مدن العراق الأثرية والتاريخية البابلية والأشورية وحرقت مدن بأكملها ونهبت وسلبت أربعة ألف قطعة أثرية من العراق وحدها غير ما استولت عليه من قبل من المدن الأثرية والكنائس السورية والتى بيعت جميعها فى تركيا واسرائيل بمليارات الدولارات ولم يتحرك أى من الحكومات العربية لأنقاذ هذه الآثار والتراث بصرف النظر ان كان مع أوضد هذه النظم وسياستها .
خمسة سنوات والهجمة الشرسة على العراق وسوريا من جماعات تكفيرية تحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية ودول خليجية يشترون السلاح منها ومن دول أوروبية بالمليارات على مدى السنوات الخمس بحجة الحفاظ على امن الخليج القومى لكى توافق واشنطن وباريس ولندن مؤخرا على اعتبار أن أمن الخليج من أمن هذه البلاد بعد ان قامت كل من الرياض والدوحة والأمارات بعقد صفقات سلاح متطور تمد به التكفيرين " داعش والنصرة والفتح الأسلامى ... الخ" ولكن الأغرب من هذا كله أن يطلب أمراء الخليج الذين اجتمعوا فى " كامب دفيد " مع الرئيس الأمريكى الأسبوع الفائت عمل اتفاقية دفاع مشترك بينهم وبين واشنطن ، الا ان الرئيس الأمريكى كان على قدر كبير من الذكاء عندما طمأنهم بالعبارة التى قالها أكثر من مرة ( أن أمن الخليج من أمن الولايات المتحدة ) فزادهم عضبا على  غضب ، خاصة وأن الذى حضر هذا اللقاء اثنين من الأمراء فقط واكتفت الدول الباقية بارسال أولياء العهد وعلى رأسهم الجزيزة العربية التى ادعى الملك أنه مشغول بمتابعة الحلف المعتدى على اليمن والذى قام بضرب المشافى والمساجد والآثار مما أدى الى استشهاد أربعة آلاف من الشيوخ والنساء والأطفال واصابة الآلاف من المدنين الذين لا حول لهم ولاقوة ،علاوة على ضرب المطارات المدنية وهدم آلاف المنازل على رؤوس أصحابها ( الملك يتابع ) أما ملك البحرين اعتذر لسفره المفاجئ الى لندن لمتابعة سباق الخيل .! 
وهكذا يستمر الحريق العربى الذى أشعلته واشنطن وتل أبيب ودول الخليج ليدمردولة تلى الأخرى ، ولولا أن لمصر مكانة وقوة فى العالم العربى لتمكنت منها قوى الشر وكذلك تونس ، والسؤال هنا ، أين ليبيا اليوم ؟ ومن طالب بقدوم الناتو اليها لتدميرها .؟ أين العراق اليوم منذ أن غزتها واشنطن 2003 ، لقد قلنا أن غزو العراق هو مفتاح اجتياح الشرق الأوسط ، وهذا ما كان بالفعل ، من العراق الى لبنان 2006 ومن لبنان الى سوريا بعد تجييش الجيوش التكفيرية عليها وعلى العراق ثم أخيرا على اليمن والحجج على ذلك كثيرة ولا تنتهى ، أول هذه الحجج هو تمدد ايران فى المنطقة حيث أنهم يدعون انها احتلت العراق وسوريا ولبنان واليمن ، وهذا عجيب بالفعل ، ألم يسأل هؤلاء المدعين أنهم تخلوا عن عروبتهم وأيدلوجياتهم بالتقرب من واشنطن وتل أبيب بعدما تخلوا عن القضية الفلسطينية والحصار الجائر الذى فرضته اسرائيل على قطاع غزة بعد اعتدائها المتكرر عليها من 2008 الى 2014 والصمت العربى كان هو السمة الكبرى، بل الأدهى من ذلك أن طلبت بعض دول الخليج من اسرائيل القضاء على غزة ومن فيها كما طلبت دول عربية منها عند حربها على لبنان ألا توقف الحرب قبل القضاء على حزب الله ! ألم يقفوا مكتوفى الأيدى بل والموافقة على غزو واششنطن للعراق ؟ ألم يتآمروا على سوريا بحجة اسقاط النظام ؟ أليس هذا تدخلا سافرا فى شئون دولة عربية لديها سيادة وعضو فى الأمم المتحدة وعضو مؤسس فى الجامعة العربية ؟ ألم يتدخلوا فى شئون مصر قبل وبعد 25 يناير خاصة قطر والرياض ؟ ألم تحكم الرياض اليمن منذ عقود وعندما استفاق الشعب اليمنى الى نفسه واراد أن يتحرر من قبضة الرياض وواشنطن تحالفوا عليه .؟ 
لقد قصدت سرد كل هذه القضايا لأقول بأنهم عندما تخلوا عن واجباتهم تجاه أمتهم وتخليهم عن عروبتهم أتاحوا الفرصة وأفسحوا المجال لأيران بالتدخل لأنقاذ ما يمكن انقاذه ولمساعدة غزة على صد العدوان والخلاص من الحصار المبرم عليها اسرائيليا وعربيا ! وهكذا فعلوا مع لبنان عنما شنت الحرب عليها اسرائيل لتممكن الولايات المتحدة من تطبيق خارطة الشرق الأوسط الجديد والذى بشرت به " رايس " وزيرة الخارجية الأمريكية بعد اسبوع من الحرب ظنا منها بأن تل أبيب ستحسم الحرب لصالحها ! وبالمثل فعلت مع كل من العراق وسوريا واليمن عندما وجدت الأمة العربية تتخلى عن هذه الدول حلت هى محلهم لكونهم أفسحوا لها المجال ، وفى نفس الوقت فعلت هذه الدول بتحالفها مع ايران عندما تخلت عنها أشقائها بل وعادتها وتحالفت مع العدو الأكبر " اسرائيل " عيانا بيانا دون اى خشية ولا حتى خوف من الله ، لايخف اليوم على أى مواطن فى العالم العربى أو الأسلامى التقارب الذى حدث بين بعض الدول العربية والخليجية وبين اسرائيل .! فلماذا نوجه التهم الى ايران ونحن الذين فتحنا الباب على مصرعيه لها ؟ ولماذا هذا الخوف المغالى فيه تجاه ايران ؟ أليست هذه هى ايران التى كان يحكمها الشاه والتى كان لايسمح لأى من هذه الدول أن تقول عن الخليج الفارسى كم يقولون اليوم بكل حرية الخليج العربى ، لماذا لأنهم كانوا يخافون الرجل ويعملون له الف حساب لكونه حليفا قويا لواشنطن .! ايران قامت بثورة وخلال ثلاثة وثلاثون سنة أصبحت دولة نووية ومؤسسات اقتصادية كبيرة تحوم حولها الدول الغربية كبيرها وصغيرها حتى الولايات المتحدة تعيد ترتيب العلاقات الدبلوماسية معها مرة أخرى ، فماذا حقننا نحن منذ الأستقلال وحتى اليوم ؟ مذا حققت دول الخليج التى تجنى ثروات هائلة من وراء البترول ؟ لم تفعل شيئا غير التشيد والبناء والأستتثمارات بالمليارات فى دول الغرب والتخلى تماما عن الدول العربية والأسلامية الفقيرة مثل الصومال وجيبوتى واليمن المهضوم حقه على مر هذه السنين .!
سوريا تعيش المحنة منذ خمس سنوات وحيدة من بين اثنين وعشرون دولة عربية يضمهم جامعة عربية تفرق ولا توحد ، استكثروا عليها أن تحالفها ايران وروسيا والصين وبعض دول أمريكا اللاتينية مثل فنزويلا وكوبا والأرجنتين ، لقد تخلت عنها أشقائها لكونهامتمسكة بعروبتها ولأنها تحمل راية العروبة حتى اليوم أى كان من يحكمها ، والذين يتناسون التاريخ ، أحب أن أذكرهم أن صلاح الدين الأيوبى ( كردى سورى ) هزم الصليبين وأعاد بيت المقدس ، واليوم أين بيت المقدس .؟ وللتاريخ سوريا هى من ردت العدوان المغولى والتتارى ومعها مصر على مر التاريخ .! فهل من منقذ لدولة تدمر التى تأسست قبل الميلاد بخمسمائة ألف سنة .؟                                                                                       

CONVERSATION

0 comments: