مثل الإعلان عن القائمة الموحدة لانتخابات داخل المجتمع العربي في إسرائيل بعض مخاضٍ صعب والتي شكلتها " الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، والحركة الإسلامية، والقائمة العربية للتغيير، والتجمع الديمقراطي " نقل نوعيه في الفكر والممارسة السياسية، لذلك فقد مثلت هذه القائمة استجابةً للتحديات التي يعيشها الفلسطينيون العرب داخل إسرائيل وهي نقلة نوعية في التوحد والتوافق والانسجام بين كافة القوى السياسية الفاعلة.
شكل والدة القائمة الموحدة -والتي كانت مطلباً لا بد منه- في ظل سياسة التهميش والاستهداف التي تقوم بها المؤسسة الصهيونية للعرب في قراهم وبلداتهم لإبقائهم رهينةً لقرارات فِكرٍ مضلل حاول وبكل وقاحة أن يطبق قانون يهودية الدولة الجائر الذي يستهدف النسيج الفلسطيني والوجود العربي داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
أيام قليلة تفصلنا عن 17 آذار يوم الانتخابات، وهو اليوم الذي سيظهر حجم الجماهير العربية في تلك الانتخابات وأهمية صوتهم الانتخابي وتأثيره في السياسة الإسرائيلية، تأتي الانتخابات هذه المرة في ظل ظروف سياسية معقدة، وخرائط " جيو- سياسية" تتشكل بفعل ما يحدث في العالم كله ليس على مستوى الإقليم وحده، على اعتبار أن حالة التشرذم التي يشهدها المحيط العربي تؤثر سلباً على كل الفلسطينيين وفي كافة آماكن تواجدهم، بل وإنها تعطي إسرائيل وقادتها قوة إضافية لافتراس أي حالة نهوض منينا بها النفسُ طويلاً.
المتتبع لحملات الدعائية للأحزاب الإسرائيلية سيرى وبكل وضوح أن برمجها كلها يمينية متطرفة، تسعى إلى اقتلاع الوجود الفلسطيني في كل مكان، والقضاء على أي أمل فلسطيني ، بمعنى أن " لا مكان " لسلام قادم .. يمهد لإقامة دولة فلسطينية، مستغلين كافة الأجندات التي تعبث بالملف الفلسطيني..!!
بعكس كل المتشائمين الذين يشككون في حظوظ القائمة ، يرى المتفائلون أن هناك فرصة حقيقية لهذه القائمة لتكون القوة الثالثة في الكنيست، بأن تحصل على أكثر من النسبة التي حصلت عليها القائمة الموحدة في استطلاعات الرأي التي أجرتها مراكز الأبحاث الإسرائيلية – أربعة عشر أو خمسة عشر مقعداً – وهي لا تعكس نسبة التمثيل الحقيقي للفلسطينيين في إسرائيل الذين يشكلون 22% من سكان ما يسمى بدولة إسرائيل.
إن توجيه الأصوات العربية باتجاه القائمة الموحدة سيعطيها قوة أكبر في ظل رفع نسبة الحسم التي وضعت لإسقاط الصوت العربي وإسقاط القائمة، ما جعل هذا الدهاء والخبث ينقلب على واضعيه، إذ أن القائمة الموحدة لن تتأثر كما تتأثر الأحزاب الصهيونية الأخرى الصغيرة والتي تشرذمت بفعل الايدولوجيا، وهذا يجعل من حرق الأصوات للأحزاب الصهيونية والتي لن تستطيع تجاوز نسبة الحسم إضافة مقعد لهذه القائمة، كما وأنه إذا ما أحسن استغلال الفرصة بالتوجه نحو الفئات المهمشة اقتصادياً واجتماعياً في إسرائيل، التي عانت من ويلات التهميش ولحق بها الضرر جراء السياسات الحكومية الإسرائيلية الخاطئة سيشكل ذلك قوة للقائمة، وهذا العنصر المهم في المعادلة من المهم ألا يتم إهماله.
حالة الهدوء التي يشهدها الوسط العربي قبل الانتخابات لا تعني ولا بأي حال من الأحوال إخفاقاً للقائمة، بل هي نقاط قوة لها لأسباب كثيرة أن حالات التناحر بين الأحزاب العربية " علمانية ودينية " انتهى، وهناك مصلحة وطنية أهم من الحزبية الضيقة، وبالتالي حالة الفوضى والإرباك المغلفة بالعنف انتهت منذ اللحظة الأولى للإعلان عن القائمة، لهذا على كافة المؤسسات والقوى الفاعلة أن تأخذ دورها باتجاه توجيه الجمهور العربي للتصويت للقائمة حتى تحظى بالمكانة اللائقة به وتخفف من حدة الظلم والتمييز والقهر الذي يعيشه العرب في إسرائيل.
يبقى تحدٍ كبير أمام القائمة .. في اليوم الأول لانتهاء الانتخابات، وهو الأهم والمتعلق بقوة التماسك فيما بين أعضاء القائمة والاتفاق على برنامج موحد يبقي التماسك عنوناً للعمل البرلماني ، لهذا يجب أن تركز نضالها ضد حالات التغييب التي تحاول النيل من العرب، لان العرب في إسرائيل ليسوا أقلية عرقية ولا عابرون في كلام عابر، بل قوة انتخابية يحسب حسابها..!.
0 comments:
إرسال تعليق