في الوقت الذي ما زال بركان داعش يقذف حممه السياسية والعسكرية، والتي تتطاير في أرجاء دول المنطقة، راسمة حدوداً جغرافية وسياسية جديدة، ومقتلعة مجموعات دينية واثنية سواء قتلاً او تهجيراً في اكبر عملية تغيير ديموغرافية تشهدها المنطقة والعالم العربي منذ توقيع اتفاقية سايس بيكو عام 1916، نرى بعض المجموعات السياسية،الدينية والمذهبية اللبنانية، تطمر رأسها في الرمال كالنعامة مع ان زنار النار يحيط بلبنان من اقصى شماله الى اقصى جنوبه ولا يوفّر سهلاً ولا جبلاً.
ورغم ان البلد محكوم بالفراغ في رئاسة الجمهورية بسبب التجاذبات السسياسية والإقليمية والدولية، وعوضاً عن تحصين البلد في مرحلة اعادة التأسيس التي تشهدها المنطقة، يجتهد بعض اللبنانيون كثيراً في ابتداع المشاكل والتعابير المعبرة عن انسداد الأفق السياسي وانعدام الرؤية الوطنية التي ادخلت البلد في دوامة الفراغ على كل المستويات حسب ما قال رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
استفاق اللبنانيون على ان في البلاد دستوراً، وأن على الأفرقاء الالتزام بالنص الدستوري والميثاق الذي يرعى آلية التصويت في مجلس الوزراء الذي يقوم حالياً بملئ الفراغ في رئاسة الجمهورية، وكالعادة تفجّرت الأريحية اللغوية في عملية شد الحبال، فالبعض يقول بالفيتو، وآخرون يقول بأكثرية الثلثين، وغيرهم بقول بالنصف زائد واحد، وهناك من يقول بالتراضي، وهنالك من يطالب بالإجماع... والمضحك في هذا السجال من يقول بتصنيف القضايا او المشاكل بين قضايا عادية وقضايا كبرى، وكأن العاصفة التي تهبّ رياحها ستفرز بين قضايا عادية وقضايا كبرى!
في الدول التي تحترم نفسها ومواطنيها، يذهب الرؤساء والوزراء والنواب السابقون الى ممارسة اعمالهم الخاصة، وتقتصر مشاركتهم السيايسة على كتابة مذكراتهم واسداء النصائح بدون طبل وزمر. اما في بلد الطوائف والمذاهب التي تتقاسم مقدرات البلاد والعباد حسب الكوتا الطائفية والمذهبية، يتصدر المشهد السياسي رؤساء ووزراء ونواب سابقون وحتى حاليون، انجازاتهم تدل عليهم وعلى اخفاقاتهم وارتهاناتهم، ولو حصل هذا الأمر في اي بلد آخر لكانوا يساقون الى العدالة.
الى ان يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فليتسلّى اللبنانيون بإطلالات الوزير وائل ابو فاعور وبياناته عن الفساد الغذائي والتي لم يحاكم فيها وحتى تاريخه اي مسؤول عن هذا الطعام الذي يسمم أجساد اللبنانيين.
ولا يضير اللبنانيون بعض الحوارات الاساسية والهامشية والتي تنشط لملء الفراغ حتى لا يشعر المواطنون برهبة الضجر والملل...
اوليست التسلية والترفيه آلية من آليات العيش الراقي التي تتوارى خلفها القضايا سواء كانت عادية او كبرى ويمكن ان تدخل ذاكرة النسيان؟! علّ وعسى داعش ومن يقف وراءه يوقف استباحة الدماء والأعراض والتراث والدين والقيم الانسانية والاخلاقية والعمران... المهم ان تبقى تلك القيادات الطائفية والمذهبية تحصل على حصتها مما تبقى من الجبنة التي سيؤمنها اصحاب الحل والربط الخارجيين سواء كانوا دول اقليمية او كبرى والتي تأتي على حساب الشعب والوطن وما ينطبق على لبنان يمكن اسقاطه على بقايا الدول العربية.
سدني استراليا
0 comments:
إرسال تعليق