برزت في الآونة الأخيرة مجموعة مقالات لكتّاب وصحافيين يهود، عبروا من خلالها عن خشيتهم من وجهة النظام السياسي الإسرائيلي. بعضهم كتب بوضوح وحزم مقرّرًا أن الفاشية صارت هنا.
على الرغم من عدم كثرة هذه الأقلام وشح مدادها، إلّا أنّها تحمل في ثناياها مؤشّرًا على فداحة ما وصلت إليه الحالة السياسية الإسرائيلية، وخوف هؤلاء على مستقبل دولتهم من جهة، وما قد يلحقه النظام السياسي المتشكّل من مصائب وخسائر بضحاياه المباشرين، ونحن العرب في الطليعة، ومعنا كل من يعلي صوتًا لا يتوافق ونعيق جوقة الغربان الكاسرة، من جهة ثانية.
الوضع ينذر بكارثة. أقول هذا وأكرّره لا من باب تهويل قد يثبّط عزائم الحكماء، ولا كتفزيع يردع، بل كالمنشد: "يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر/ لعلّ بالجزع أعوانًا على السهر".
في هذه الحال كانت خطوة اليمين أمام لجنة الانتخابات العليا متوقّعة. محاولاتهم لأقصاء القوائم العربية ومنعها من المشاركة في عملية الانتخابات ليست جديدة، ففي الدورتين السابقتين حاولوا واجتازوا لجنة الانتخابات، لكنّهم فشلوا على عتبات "المحكمة العليا" الإسرائيلية التي رفضت المصادقة على شطب القوائم العربية كقوائم وأعضاء كنيست كمرشحين. في هذه المرّة "اكتفت" لجنة الانتخابات بشطب ترشيح النائبة حنين زعبي وأجازت القوائم وباقي المرشحين. من الطبيعي والمنتظر أن تلتمس النائبة حنين زعبي عدل المحكمة الإسرائيلية العليا وتدعوها للتدخّل وإنصافها.
من المفارقات الطريفة أن التماس النائبة حنين سيشتمل على ادّعاءات تدحض ما أورده نوّاب اليمين العنصريين بشأن عداوتها المفترضة للدولة ومؤسساتها. سيتضمن الالتماس تأكيدًا على قبولها المبدئي لأصول اللعبة الديمقراطية، كما تتيحها قواعد التعاقد القانوني القائمة في الدولة، وتؤطرها الأعراف المتّبعة نهجًا وممارسةً. سيشتمل الكلام على تأكيدها موقفًا واضحًا يقضي أنها لا تسعي وحزبها لتقويض أسس الكيان ومصيره. سيرفق بهذا الالتماس تصريحها المشفوع بالقسم ليدعم صحة ما جاء فيه من حقائق، وكذلك ما ورد من ادعاءات قانونية عملية ونظرية.
النائبة حنين، مثلها مثل كل المرشحين العرب الآخرين، تخوض غمار هذه المعركة وسقفها سقف القانون الاسرائيلي، وباسم الديمقراطية وروحها ستطالب محكمة العدل العليا الاسرائيلية أن تتدخل وتلغي قرار لجنة الانتخابات المركزية شطب ترشيحها.
بناءً على سوابق الماضي وبناءً على موقف المستشار القانوني للحكومة، الذي عارض طلب شطب النائبة حنين، يمكننا التكهن بأن المحكمة ستتدخل، وباسم الديمقراطية الإسرائيلية ستنصف الملتمسة، وستصدر أمرًا يلغي قرار لجنة الانتخابات، وهكذا ستسجّل النائبة نصرًا وسائده محشوّة بحكمة إسرائيلية وحنين ونزاهة قضاة محكمة ما انفكّت تتطاوس بين الأمم بنزاهتها وسعة صدرها وحلمها "المدلوق" حتى على أعداء الدولة ومن مرمروا حياتها و"مرمغوا" اسمها في عرض البحر والبر، من على كل منبر و"مرمرة".
محاولات الشطب ساقطة وكريهة، يقف وراءها ذلك اليمين العنصري الذي يزحف إلى سدّة الحكم وابتلاع الدولة، لتصبح هذه من تلك الدول السوداء التي ملأت مثيلاتها الزمن والتاريخ انحطاطًا واستبدادًا.
موقف المحكمة العليا المرتقب هو من باب التكهن، مع أنّني أتوقع أنّنا على مشارف حقبة ستسقط فيها هذه الخيمة التي باتت الثقوب تعيب سقفها وينخر السوس عمادها. إلى ذلك الحين تبقى قرارتها "العادلة" لصالح من يلتمس منها ذلك العدل والانصاف مفارقات ومواجع تزج كثيرين بما قد تصح تسميته "ديليما" أو بالعربية المشبرحة "خازوقًا"؛ إذ كيف سيسوّغ حزب "الضاد" نصرَهُ المحقق بفضل عدل صهيوني محرج، وديمقراطية يصفها هذا الحزب بالمزيّفة وينفي وجودها لأنها كذب ووهم؟!
هي حالة مشوّهة تعكس عبثية المشهد بوجهيه. قرار العدل العليا هو الاستثناء الذي يثبت شيوع العسف السائد في قرارات هذه المحكمة بحقنا نحن العرب، من جهة، ومن جهة أخرى التماس النائبة حنين لعدل هذه المحكمة يثبت تناقضًا جينيًا وتشوّهًا بنيويًا في طبيعة حزب قومي عربي يصر على خوض انتخابات كنيست إسرائيل من على منقار حمامة زرقاء وادعة وطوق تنجيتها الأبيض.
واقعنا يمتحننا في كل يوم ومناسبة، وإسرائيل "مفقسة" لهذه الورطات. ففي جامعة حيفا، وباسم حرية التعبير والرأي، سُمِح للشيخ كمال خطيب أن يلقي محاضرة أمام طلاب الجامعة. مشهد مخادع يعكس، مرة أخرى، زيف البضاعة المعروضة في سوق الحرية والديمقراطية. الجامعة تدّعي النزاهة وصيانة حريّات أقلية مكفولة حتى لمن يحرّض ضد الدولة ومؤسساتها. وهو ادّعاء يجافي الحقيقة والواقع وهو لذلك قمة بالانتهازية. بالمقابل يطير الشيخ بمنطاد غربي الصناعة والوقود وموصوف من قبله دائمًا كبضاعة مشوّهة وأكثر .الحقيقة أن موقف الجامعة خدعة وموقف الشيخ لا يتوافق وما يؤمن ويصرّح به دومًا.
في أسبوع واحد عشنا وشاهدنا "ورطتين". هما ورطتان لكل من لم يجد معادلة سياسية قويمة تتيح له العيش بصدق مع الذات وصدق وحكمة مع حياة مركّبة ومعقدة يبصق عليها ودائمًا تبقى "نفسه فيها"، واقع مَن لم يعتبر حكمة الأجداد حين قالوا: "إذا منعتك أشجار المعالي/ جناها الغض فاقنع بالشميم". ولكم أن تسألوا من سعى وراء وقنع "بشميم" محكمة العدل الإسرائيلية.
على الرغم من عدم كثرة هذه الأقلام وشح مدادها، إلّا أنّها تحمل في ثناياها مؤشّرًا على فداحة ما وصلت إليه الحالة السياسية الإسرائيلية، وخوف هؤلاء على مستقبل دولتهم من جهة، وما قد يلحقه النظام السياسي المتشكّل من مصائب وخسائر بضحاياه المباشرين، ونحن العرب في الطليعة، ومعنا كل من يعلي صوتًا لا يتوافق ونعيق جوقة الغربان الكاسرة، من جهة ثانية.
الوضع ينذر بكارثة. أقول هذا وأكرّره لا من باب تهويل قد يثبّط عزائم الحكماء، ولا كتفزيع يردع، بل كالمنشد: "يا ساهر البرق أيقظ راقد السمر/ لعلّ بالجزع أعوانًا على السهر".
في هذه الحال كانت خطوة اليمين أمام لجنة الانتخابات العليا متوقّعة. محاولاتهم لأقصاء القوائم العربية ومنعها من المشاركة في عملية الانتخابات ليست جديدة، ففي الدورتين السابقتين حاولوا واجتازوا لجنة الانتخابات، لكنّهم فشلوا على عتبات "المحكمة العليا" الإسرائيلية التي رفضت المصادقة على شطب القوائم العربية كقوائم وأعضاء كنيست كمرشحين. في هذه المرّة "اكتفت" لجنة الانتخابات بشطب ترشيح النائبة حنين زعبي وأجازت القوائم وباقي المرشحين. من الطبيعي والمنتظر أن تلتمس النائبة حنين زعبي عدل المحكمة الإسرائيلية العليا وتدعوها للتدخّل وإنصافها.
من المفارقات الطريفة أن التماس النائبة حنين سيشتمل على ادّعاءات تدحض ما أورده نوّاب اليمين العنصريين بشأن عداوتها المفترضة للدولة ومؤسساتها. سيتضمن الالتماس تأكيدًا على قبولها المبدئي لأصول اللعبة الديمقراطية، كما تتيحها قواعد التعاقد القانوني القائمة في الدولة، وتؤطرها الأعراف المتّبعة نهجًا وممارسةً. سيشتمل الكلام على تأكيدها موقفًا واضحًا يقضي أنها لا تسعي وحزبها لتقويض أسس الكيان ومصيره. سيرفق بهذا الالتماس تصريحها المشفوع بالقسم ليدعم صحة ما جاء فيه من حقائق، وكذلك ما ورد من ادعاءات قانونية عملية ونظرية.
النائبة حنين، مثلها مثل كل المرشحين العرب الآخرين، تخوض غمار هذه المعركة وسقفها سقف القانون الاسرائيلي، وباسم الديمقراطية وروحها ستطالب محكمة العدل العليا الاسرائيلية أن تتدخل وتلغي قرار لجنة الانتخابات المركزية شطب ترشيحها.
بناءً على سوابق الماضي وبناءً على موقف المستشار القانوني للحكومة، الذي عارض طلب شطب النائبة حنين، يمكننا التكهن بأن المحكمة ستتدخل، وباسم الديمقراطية الإسرائيلية ستنصف الملتمسة، وستصدر أمرًا يلغي قرار لجنة الانتخابات، وهكذا ستسجّل النائبة نصرًا وسائده محشوّة بحكمة إسرائيلية وحنين ونزاهة قضاة محكمة ما انفكّت تتطاوس بين الأمم بنزاهتها وسعة صدرها وحلمها "المدلوق" حتى على أعداء الدولة ومن مرمروا حياتها و"مرمغوا" اسمها في عرض البحر والبر، من على كل منبر و"مرمرة".
محاولات الشطب ساقطة وكريهة، يقف وراءها ذلك اليمين العنصري الذي يزحف إلى سدّة الحكم وابتلاع الدولة، لتصبح هذه من تلك الدول السوداء التي ملأت مثيلاتها الزمن والتاريخ انحطاطًا واستبدادًا.
موقف المحكمة العليا المرتقب هو من باب التكهن، مع أنّني أتوقع أنّنا على مشارف حقبة ستسقط فيها هذه الخيمة التي باتت الثقوب تعيب سقفها وينخر السوس عمادها. إلى ذلك الحين تبقى قرارتها "العادلة" لصالح من يلتمس منها ذلك العدل والانصاف مفارقات ومواجع تزج كثيرين بما قد تصح تسميته "ديليما" أو بالعربية المشبرحة "خازوقًا"؛ إذ كيف سيسوّغ حزب "الضاد" نصرَهُ المحقق بفضل عدل صهيوني محرج، وديمقراطية يصفها هذا الحزب بالمزيّفة وينفي وجودها لأنها كذب ووهم؟!
هي حالة مشوّهة تعكس عبثية المشهد بوجهيه. قرار العدل العليا هو الاستثناء الذي يثبت شيوع العسف السائد في قرارات هذه المحكمة بحقنا نحن العرب، من جهة، ومن جهة أخرى التماس النائبة حنين لعدل هذه المحكمة يثبت تناقضًا جينيًا وتشوّهًا بنيويًا في طبيعة حزب قومي عربي يصر على خوض انتخابات كنيست إسرائيل من على منقار حمامة زرقاء وادعة وطوق تنجيتها الأبيض.
واقعنا يمتحننا في كل يوم ومناسبة، وإسرائيل "مفقسة" لهذه الورطات. ففي جامعة حيفا، وباسم حرية التعبير والرأي، سُمِح للشيخ كمال خطيب أن يلقي محاضرة أمام طلاب الجامعة. مشهد مخادع يعكس، مرة أخرى، زيف البضاعة المعروضة في سوق الحرية والديمقراطية. الجامعة تدّعي النزاهة وصيانة حريّات أقلية مكفولة حتى لمن يحرّض ضد الدولة ومؤسساتها. وهو ادّعاء يجافي الحقيقة والواقع وهو لذلك قمة بالانتهازية. بالمقابل يطير الشيخ بمنطاد غربي الصناعة والوقود وموصوف من قبله دائمًا كبضاعة مشوّهة وأكثر .الحقيقة أن موقف الجامعة خدعة وموقف الشيخ لا يتوافق وما يؤمن ويصرّح به دومًا.
في أسبوع واحد عشنا وشاهدنا "ورطتين". هما ورطتان لكل من لم يجد معادلة سياسية قويمة تتيح له العيش بصدق مع الذات وصدق وحكمة مع حياة مركّبة ومعقدة يبصق عليها ودائمًا تبقى "نفسه فيها"، واقع مَن لم يعتبر حكمة الأجداد حين قالوا: "إذا منعتك أشجار المعالي/ جناها الغض فاقنع بالشميم". ولكم أن تسألوا من سعى وراء وقنع "بشميم" محكمة العدل الإسرائيلية.
0 comments:
إرسال تعليق