أسرى الداخل -48 - من الذين مضى على وجودهم في سجون الإحتلال وزنازينه عشرين عاماً فما فوق،ومن ضمنهم عميد الأسرى كريم يونس والمعتقل منذ 30/1/1983،والذي دخل عامه الاعتقالي الثاني والثلاثون،تجاوز موسوعة غينتس وغيرها من الأرقام القياسية في الوجود داخل المعتقل،وهؤلاء الأسرى تتداخل وتختلط في قلوبهم وداخلهم الكثير من المشاعر والأفكار المتضاربة،فهم يقولون بصوت عال نحن من تركنا وحيدين في الميدان،فلو ان القيادة الفلسطينية في اوسلو إشترطت تحريرنا قبل توقيع الإتفاق لما كنا الان في السجون،وهي لم تتدارك هذا الخطا الفاضح بعد توقيع الاتفاق،بل خضعت لشروط الإحتلال بعدم الحديث باسمنا لكوننا من حملة الجنسية الإسرائيلية قسراً،ولذلك لم نكن جزءا من أي دفعة من دفعات إفراجات اوسلو أو ما يسمى بمبادرات حسن النية،وتجرعنا المرارة والألم ولم نتخلى عن قناعاتنا ومبادئنا وفصائلنا،رغم كل الضغوط التي مارستها علينا إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية واجهزة مخابراتها من اجل فك ارتباطنا مع فصائلنا وثورتنا،مقابل العديد من التسهيلات في الشروط والظروف الحياتية،وكذلك تطبيق القوانين التي تنطبق على الأسرى المدنيين علينا،ولكننا رفضنا وتصدينا لهذا المخطط،الذي حاول الترويج له بعض من ضعفت عزائمهم من الأسرى.
وخاطبنا قادتنا واحزابنا وفصائلنا والسلطة الفلسطينية،بان لا يتركونا نواجه قدرنا،فنحن جزء صميمي من هذه الحركة الأسيرة والحركة الوطنية الفلسطينية،ولا يجوز ولا يحق لي قائد او فصيل فلسطيني،ان يتنكر لكل تضحياتنا ونضالاتنا أو يتخلى عنا،وعليهم أن يربطوا أي عملية عودة للمفاوضات مع المحتل بالموافقة على الإفراج عنا،ويجب ان يكون ذلك موثقاً ومحدداً ومسقوفاً بجداول زمنية ملزمة،وليس عبر تعهدات وحسن نوايا شفوية،تخضع لمزاج الإحتلال ومدى رضاه عن سلوك السلطة الفلسطينية،لكي تصبح قضيتنا خاضعة للإبتزاز والمساومة.
وهذا الهاجس والشعور كان عندنا،بان الإحتلال سيحاول قدر الإمكان ان لا نكون جزءاً من أسرى ما قبل اوسلو ال(104) الذين سيطلق سراحهم بموجب العودة للمفاوضات الأخيرة،وذلك عندما قبل الطرف الفلسطيني تجزئة الإفراج عنا الى أربع دفعات،متيقنين بان الإحتلال الذي خبرناه جيداً لا ولن يلتزم بذلك،وقد بدا الخلل منذ الدفعة الأولى،حيث مقابل الإفراج عنها أقر الإحتلال مشاريع ومناقصات إستيطانية لإقامة مئات الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،وكذلك فعل مع الدفعة الثانية،ليوجد معادلة جديدة غض الطرف عنها الجانب الفلسطيني وقبل بها"أسرى مقابل لإستيطان"،وتمادى في الدفعة الثالثة اكثر،عندما شعر بان الجانب الفلسطيني،يخضع لشروطه وإبتزازاته،حيث أضاف على شروط الدفعتين الأولى والثانية شروطاً اخرى حيث جرى إستبدال أسرى اعتقلوا وحوكموا ما بعد اوسلو بأسرى معتقلين قبل اوسلو،وكذلك اخر إطلاق سراحهم لأيام،ولم يكتفي الإحتلال بذلك،فقد صعد من عنجهيته وابتزازه،وأصبح يريد من الطرف الفلسطيني شرعنة الإحتلال ومقايضة الحقوق الوطنية لشعبنا،بمجموعة من الرشاوي والتسهيلات المعيشية والإقتصادية،ومجموعة المشاريع الإقتصادية الإستهلاكية،وعدة مئات من تصاريح الدخول للقدس والثمانية واربعين،وزيادة أعداد بطاقات ال(VIP)،وإطلاق دفعات من الأسرى،وليبلغ الإبتزاز ذروته بمطالبة حكومة الإحتلال للسلطة الفلسطينية،بالموافقة على تمديد المفاوضات،ومطالبة امريكا بإطلاق سراح الجاسوس الإسرائيلي بولارد،مقابل إطلاق سراح الدفعة الرابعة،شريطة إبعاد عدد منهم الى خارج الوطن،او إسقاط الجنسية الإسرائيلية عنهم،وهنا الموافقة على هذه الشروط،سيكون استمراراً للأخطاء السابقة،فالموافقة على إبعاد أسرى لمدد محددة،رأينا نتيجته السلبية في صفقة الوفاء للأحرار،حيث لم تسمح اسرائيل لأي مبعد انتهت مدة إبعاده بالعودة،وكذلك مبعدي كنيسة المهد الذين أبعدوا من عام 2002 ولمدة ثلاث سنوات،لم يسمح بعودة أي منهم،حتى المناضل عبد الله داود الذي توفي في الخارج،لم تسمح اسرائيل بعودة جثمانه إلى مسقط رأسه.
أما الموافقة على إسقاط الجنسية الإسرائيلية عنهم،فهذا يعني بان ذلك سيكون مقدمة لما يسمى بتبادل الأراضي،والذي تطرحه اسرائيل،أي شرط يهودية الدولة،ونقاء الدولة العبرية.
قضية الأسرى وبالذات قضية الداخل- 48 – والقدس،يجب ان لا تكون خاضعة للإبتزاز السياسي،او مربوطة او مرهونة بقضية العودة للمفاوضات،فهذا الملف من المفروض ان يغلق قبل عشرين عاماً،وبالتالي هذه القضية،يجب ان يجري الإتفاق عليها،قبل العودة او الدخول في أية مفاوضات،وليس من خلال الرعاية الأمريكية الوحيدة والمنحازة،بل بالضرورة ان يكون هناك رعاية وإلتزام دولي بذلك،بحيث يجري تحديد تواريخ زمنية محددة للإفراج عن أسرانا في سجون الإحتلال،وان لا يكون ملف إبتزاز من قبل الإحتلال خاضع لرحمته وتقيماته لسلوك السلطة الفلسطينية،تقيم إيجابي لها يطلق سراح أسرى،سلبي لا يطلق سراحهم.
أسرى الداخل-48– قبل أوسلو وبعده ما زالوا ينتظرون تصحيح المعادلات،وان لا يجري هم وأسرى القدس،فصل قضيتهم عن قضايا بقية أسرانا في سجون الإحتلال،فهم جزء صميمي من أبناء الحركة الأسيرة في سجون الإحتلال،ولا نبالغ بانهم هم وأسرى القدس،يدفعون الثمن الباهظ،لقاء نضالاتهم وتضحياتهم،لجهة عزلهم في أقسام خاصة في السجون،ومنع المحامين من زيارتهم ومقابلتهم،وفرض الأحكام القاسية عليهم،على اعتبار ان ما قاموا به من اعمال كفاحية ونضالية،هي نوع من" الخيانة" لدولة الإحتلال.
في ذكرى يوم الأسير،نوجه التحية لكل أسرانا في سجون الإحتلال، ونخص بذلك أسرى الداخل-48- والقدس،فهؤلاء الأكثر استهدافاً من أبناء حركتنا الأسيرة في سجون الإحتلال،ولتتكاتف وتوحد كل الجهود والنضالات من أجل إطلاق سراح أسرانا من سجون الإحتلال.
0 comments:
إرسال تعليق