فقدت الثقافة العراقية والأدب العراقي المعاصر القاص والروائي عبد الستار ناصر ، أحد أبرز وجوه وأعلام القص السردي من جيل الستينات في العراق ، الذي وافته المنية في أحد مشافي كندا، اثر مرض عضال عانى منه وصارعه في سنوات حياته الأخيرة . وقد ترك وراءه ارثاً أدبياً وثقافياً أغنى فيه المكتبة العراقية والعربية ، في حقول القصة والرواية والنقد والمسرح .
عبد الستار ناصر هو من اولئك الكتاب الذين رفدوا نهر العطاء الأدبي والروائي في بلاد الرافدين، فاشتهروا وذاع صيتهم واكتسبوا محبة الناس واعجابهم . وكنت عرفته عن طريق شقيقي الكاتب والمثقف والقارئ النهم الراحل نواف عبد حسن ، الذي كان يتتبع كتاباته واصداراته ويقتنيها من مكتبات مصر أو من معرض القاهرة الدولي السنوي ، الذي كان يزوره بشكل دائم .
ولد عبد الستار ناصر في العراق عام 1947 ونشأ فيها وتعلم في مدارسها ، بدأ الكتابة في جيل مبكر ونشر بواكير قصصه القصيرة في الصحف والمجلات والدوريات الثقافية والأدبية العراقية ، وصدر له كتابه الاول "لا تسرق الورد رجاء" ثم صدرت كتبه ومؤلفاته تباعاً .
أشغل وظائف عدة منها مدير تحرير مجلة "التراث الشعبي" البغدادية ، ومحرراً في مجلتين ثقافيتين هما "أوراق ثقافية" الشهرية ، و"المسلة " الفصلية ، ونشر فيهما نصوصاً سياسية وأدبية عن محطات وتجارب شخصية عاشها وعايشها في عراق القهر والقمع والاستبداد والموت والدمار والارهاب والاحتلال والدكتاتورية . وفي أواخر التسعينيات غادر العراق متوجهاً الى الأردن ، وهناك استقر في العاصمة عمان وبقي فيها حتى أواخر العام 2009 حيث غادرها الى كندا مع وزجته هدية حسين، بعد أن تعافى من الجلطة الدماغية التي كادت ان تقضي عليه .
صدر للراحل عبد الستار ناصر مجموعة وفيرة من المؤلفات والأعمال الابداعية بلغ عددها أكثر من خمسين كتاباً في مجالات الرواية والقصة والمسرح والنقد ، منها : أوراق امرأة عاشقة ، أوراق رجل عاشق ، أوراق رجل مات حياً ، الحب رمياً بالرصاص ، حياتي في قصصي ، كتابات في القصة والرواية والشعر ، سوق الوراقين ، أبو الريش وسواها الكثير .
عبد الستار ناصر هو كاتب الحب والعشق والمرأة ، امتلك ملكة ابداعية ومخزوناً ثقافياً وادبياً وروحاً انسانية مرهفة ، وتناول في اعماله القصصية والروائية مواضيع واقعية وقضايا اجتناعية وانسانية مستمدة من البيئة العراقية وهموم الناس اليومية . تميز بالأداء التعبيري الوصفي الحسي وقوة السبك ، ومقدرته في استخدام وسائل التكنيك الفني الحديث في القصة القصيرة ، واستغلال حركتي الزمان والمكان ، وتقديم رؤية فنية من خلال نماذج بشرية واجتماعية متباينة .
عبد الستار ناصر كتب عذابه الشخصي ووجعه وبؤسه وقهره من داخل جسده ، ورسم الواقع العراقي بكل ما يجسده من احساس بالظلم والألم والتوق للحرية والمستقبل المشرق الأجمل ، ومات في غربته بعيداً عن الوطن وديار الأحبة وتراب العراق ، الذي ودعه حين خرج منه بالعبرات والدموع ، وارتبط به ارتباطاً روحياً ووطنياً ووجدانياً وثيقاً . وبرحيله يخسر القص العراقي واحداً من أعلامه واسمائه المرموقة .
0 comments:
إرسال تعليق