بعد ان مضى الاسبوع الاول من الحملة الانتخابية كان من الواضح ان كلا الحزبين الكبيرين يُحاذران ملامسة القضايا المهمة والاساسية التي تواجه الوطن.
نعم ،لقد بدأ الجانب الاقتصادي يطغى على الحملة الانتخابية، بعد ان نجح كل من رئيس الوزراء كيفن راد وزعيم المعارضة طوني ابوت في تحييد قضايا انتخابية مثل خطة الاصلاح التعليمي المعروف ب كونسكي وبرنامج رعاية المعاقين والى حد ما قضية "لاجئي القوارب" وتحويل كيفن راد الضريبة على الكربون من السعر الثابت الى السعر المتحرك حسب العرض والطلب وتمسك طوني ابوت بخطة المعارضة للتخلص من الضريبة واستبدالها "بالعمل المباشر" بالاضافة الى الثبات على موقفه من الغاء الضريبة على قطاع المناجم.
لن ندخل في بازار الوعود الانتخابية التي قدمها كلا الحزبين حتى الان والتي كان اهمها اعلان زعيم المعارضة عن تخفيض الضريبة على 750 ألف مؤسسة وشركة من 30% الى 28.5% والوعد الذي قدمه رئيس الوزراء حول رصد مبلغ 450 مليون دولار لرعاية الاطفال قبل وبعد اوقات الدوام المدرسي لإعطاء الاهل متسعاً من الوقت لتدبر امورهم.
في الوقت الذي يحرص كلا الزعيمين على التوجه الى الرأي العام بما يُحب ان يسمع لا ما يجب ان يسمع، جاءت الرسائل الصريحة من مصدرين من خارج الحلبة السياسية، الاولى جاءت من السكرتير السابق لدائرة الخزينة كين هنري والمستشار الاقتصادي السابق لكل من حكومة جون هاورد وكيفن راد وجوليا غيلارد، والذي حذر من تجاهل الحاجة الى زيادة الضريبة واصلاح النظام الضريبي بما فيها فرض ضرائب عالية على الموارد الطبيعية ومن ضمنها المعادن والارض، ودعى كذلك الى اعادة النظر في ضريبة السلع والخدمات (جي اس تي) وقال: "لا يمكن ان نعتمد على الحظ" جاء كلام هنري في مقابلة مع صحيفة سدني مورنيغ هيرالد (الثلاثاء 06/05/2013 ص 9) .
التحذير الثاني جاء من البنك المركزي الذي خفض سعر الفائدة الاسبوع الماضي الى 2.5% وهو ادنى مستوى له منذ 53 سنة وذلك من اجل تشجيع المواطنين والمستثمرين على الانفاق، ومن اجل دفع عجلة الاقتصاد واستمرار النمو في المستقبل ولا يستبعد ان يقدم البنك المركزي على خفض سعر الفائدة قبل نهاية العام. وكان البنك في تقريره الفصلي الذي اصدره الجمعة 09/08/2012 قد توقع تراجع النمو الاقتصادي من 2.5% الى 2.25% وحذّر من ازدياد اعداد العاطلين من العمل.
اذن، الكرة الآن في ملعب الحكومة القادمة، سواء كانت عمالية او احرارية، وعليه اذا كانت المصلحة الوطنية تقتضي المصارحة على حساب المصالح السياسية والانتخابية الآنية كما حصل عند خفض البنك المركزي للفائدة ،حيث لم يتوان الناطق بإسم المعارضة لشؤون الخزينة جو حقي عن التصريح بأن الخفض جاء بسبب سوء اداء الادارة العمالية والتي ينشغل زعيمها كيفن راد في الضرب على الوتر الضريبي الموجع بأن المعارضة في حال فوزها سوف تقدم على زيادة ضريبة السلع والخدمات وهنا لا بد ان نشير الى الدور الذي يلعبه الاعلام، مثلا ،في الوقت الذي تحرص فيه صحيفة سدني مورنيغ هيرالد على الحيادية في التغطية وتدعو في نفس الوقت الى اصلاح ضريبي، نجد ان صحيفة الديلي تلغراف قد فتحت جبهة مع الحكومة وحزب العمال بعد ان دعت الاثنين 02/آب/2013 وعلى صدر صفحتها الاولى الى اخراج هذه العصابة من الحكم.
من جهته دعى روس كارنوت المستشار الاقتصادي لرئيس الوزراء الاسبق بوب هوك الى التخلي عن سياسة الرضى عن النفس والأسترخاء، ورأى انه يجب على الاستراليين تغيير الثقافة السياسية اذا اردنا ان يستمر في الازدهار (س م ه 10/08/2013 ص 7).
ان التحديات الوطنية وتحديات ما بعد الانتخابات والمصلحة الوطنية تفرض على النخب السياسية في البلاد عدم الهروب من الحقائق ومصارحة المواطن بعيداً عن لعنة جوليا غيلارد والتي لاحقتها بسبب فرضها الضريبة على الكربون من أجل كسب حزب الخضر الى جانبها في تشكيل حكومة اقلية، بعد ان تخلت عن وعد انتخابي بأن حكومة تترأسها لن تفرض هكذا ضريبة ، لذا فأذا لم نبادر فإننا سوف نبقى في حال مراوحة سياسية لسنوات ثلاث قادمة اياً يكن الفائز في الانتخابات المقررة في السابع من ايلول القادم لأن طيف لعنة غيلارد يسيطر على الحزبين.
وهذا ما بدا واضحاً اثناء المناظرة التلفزيونية الأولى بين رئيس الوزراء كيفن راد وزعيم المعارضة طوني ابوت في نادي الصحافة الوطني في كانبرا الاحد 11/8/2013 حيث كانت الاجابات بالعموميات بعيداً عن الايضاح والتفصيل واعطاء الارقام حتى انه كان ملفت للنظر بعض الاجابات على سبيل المثال اجابة زعيم المعارضة عن معالجة موضوع المسنين حيث قال ما معناها انه سيعمد الى خفض الاعمال الادارية او اجابة رئيس الوزراء عن بناء المطار الثاني لمدينة سدني عندما قال انه من برزبن واجابة زعيم المعارضة عن نفس الموضوع حيث اعتبر ان مطار سدني لم يبلغ اقصى قدرته الاستيعابية.
الشيء الواضح من قبل الطرفين هو شعار الحملة الانتخابية لكل فريق، فالسيد راد قال بالاسلوب الجديد من اجل مستقبل افضل وبانه لن يضع كل البيض في سلة واحدة،والسيد ابوت ردد اننا امة عظيمة ،وانه جاهز وفريقه للحكم ولانستطيع ان نضيع ثلاث سنوات اخرى.
سدني
E-mail:abbasmorad@hotmail.com
0 comments:
إرسال تعليق