هذا نص رسالة من ألمع الشخصيات السياسية العراقية المخضرمة :
(( اقول لك بكل صدق بأنني لم أعيش حالة من السلبية والضياع أكثر مما أعيده في هذه الأيام .، ولم أر اياما سوداء أكثر مما هي عليه الان حتى في أقسى أيام المحتل الامريكي كنت أكثر تفاؤلا وإيمانا بطرده من العراق وعودة الحرية والسلام لبلادنا. وكانت الصورة أمامي واضحة تماما. شعب محتل لابد أن ينتج مقاومة ضد من يحتله تطبيقا لأحد قوانين الطبيعة أمام اليوم فإنني غير قادر على استيعاب وفهم ما يجري من احداث وتطورات على الساحة العراقية وأكادةاقول بأنني أجهل مراميها وأهدافها الحقيقية. فكيف تتدفق هذه الجموع البشرية الى شوارع المدن وتعلن الاعتصام بعد صمت دام سنينا احتجاجا على اعتقال حماية أحد خدام المحتل والمالكي معا ، وفجأة ترفع الشعارات مطالبة بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الذين قضوا سنينا وهم يتعرضون للإعتداءات الجسدية والجنسية وكأنهم اعتقلوا أمس ولماذا يطرد صالح المطلق ويضرب بالأحذية في ساحة الإعتصام وهو يستحق كل ذلك وأكثر بينما يعامل العيساوي معاملة مختلفة جدا وكلاهما من خدام المالكي والامريكان . ولماذا لم تغضب هذه الجموع وتحتج على ما جرى مع الهاشمي وهو ثالثهم في خدمة المحتل وهو من وقع على كل القوانين والقرارات التي يحتج عليها المعتصمون مثلما وقع عليها المطلق والعيساوي ، ولماذا هذه الصرخات الطائفية التي تنطلق من حناجر بعض المعممين الذين يتصدرون هذه الإحتجاجات وهم مدركون أنها تعرقل الوصول الى أي حل ولماذا ولماذا؟ ومن هي الجهة التي توفر هذه الاماكانات المالية للصرف على مئات الالاف من المعتصمين وخيامهم؟!!!
ايها العزيز ان مقالاتك الخمس التي انهمرت علي هذا اليوم مثل المطر حين تنهمر في شهر نيسان على أرض العراق لتحيلها الى صورة بانورامية ربيعية جميلة والتي انتهيت من قراءتها توا ساهمت في إلقاء ضوء مهم على زوايا معتمة من دماغي الذي اوشك ان يصاب بالشلل بسبب ما نشاهده اليوم من تشابكات في الاحداث والتطورات التي تشهدها دول المنطقة وعلى الاخص سوريا والعراق
لا أخفيك بأنني لم اقلق على العراق في جميع مراحل حياتي مثلما أنا قلق عليه هذه الايام فالجميع متربص به وينتظر الفرصة لينقض عليه. فكيف يصبح قادة الصحوات الذين دمروا المقاومة العراقية العظيمة بذريعة ملاحقة القاعدة قادة لهذا الحراك الشعبي ؟؟ . ثم من منا يتوقع ان تصمت جميع أجهزة الاعلام الغربية والعربية على ما يجري في العراق من قتل مجاني وتصفيات دموية متواصلة لعقد من الزمن ؟؟ . ثم بماذا نفسر موقف الادارة الامريكية المتواطيء و مقابلتها لوفد عراقي كل اعضائه من حزب الدعوة لتمنحهم مباركتها على سياستها الطائفية المتهورة في وقت صدعت رؤوسنا في اتهاماتها لإيران بالإرهاب وبتصنيع سلاح نووي وما هو موقف دولنا العربية العتيدة ؟ . قائمة التساؤلات تكاد لا تنتهي والمأساة التي يتعرض لها العراق هي الاخرى لا نهاية لها ما دام يتربع على عرش السلطة في بلادنا مثل هؤلاء الجهلة المأجورين أما الحديث عن معارضيهم فانه حديث مؤلم للغاية ولتك كنت قريب لاحدثك عن تاصيل ما يجرى اليوم داخل خيم المعتصمين من مشاكل. انها محنة حقيقية ان يتصدر مثل هذا الحراك الشعبي الضخم غير المسبوق في تاريخ العراق مجاميع من الجهلة ورجال دين وصحوات مستثمرين اسلوب الشحن الطائفي الا من رحم ربي . ))
هذا أعلاه كان وجهة نظر واحد من أكثر الشخصيات الوطنية خبرة واحتراما في العراق . ونحن بدورنا عندنا ملاحظات أيضاً نضعها في إطار النقد الذاتي الضروري لتحرك الأنبار الذي بدأ يخفت فجأة . يقول أدوارد سعيد ما من شيء يؤذي الداعية والمثقف كما يؤذيه التقلب الدائم في مواقفه و أفكاره . على المعتصمين في الأنبار الحذر الشديد . أنا أرى المنحدر أمامكم . في البداية قالوا الرأي للجماهير ، بينما الجمعة الماضية الشيخ علي حاتم يقول رجال الأمن التابعين له ألقوا القبض على المندسين لأنهم يهتفون بالحرب . الشيخ الشاب سعيد اللافي ( لاحظ هناك شيوخ قياديين بالعشرين من العمر في كل المحافظات المعتصمة ) من على المنصة بالرمادي يقول اللافي نحن نتبع مراجعنا الدينية ومن لا يتبعهم يغادر الساحة لا مكان له فيها . قبل أيام كان الشيخ سعيد اللافي لا يريد جنديا ولا ضابطا باسم عبد الزهرة في الأنبار ، اليوم يحارب الطائفية و يطرد المتشددين . و قبل أيام الشيخ علي حاتم اكتسب شعبية كبيرة بسبب تهديده باجتياح بغداد و سحق رأس المالكي و قطع اليد التي ترتفع على الأنبار اليوم يقول بأنه ألقى القبض على معتصمين مندسين ينادون ( حربية ، حربية ) .... هذا التناقض والفوضى سيؤدي إلى تحويل ساحة العز والكرامة إلى بيدر ثيران . بإمكان الشيخ سعيد اللافي أن يعتذر عن كلامه الطائفي سابقا بدلا من هذه المسرحية التي حدثت الجمعة الماضية ، وبإمكان الشيخ علي حاتم التراجع عن تصريحاته النارية السابقة بصراحة بدلا من إلقاء القبض على شباب يهتفون بكلامه و وعوده السابقة ، يبدو أن كل جمعة تلعن أختها ، أو أن الجمع العجاف سيأكلن الجمع السمان ، أو صلاة الغنى ستأكل صلاة الفقر . الشهرة والسلطة والنفوذ والمال تخدع الإنسان فيظن بأنه يمتلك الناس . العراق فيه ملايين الأيتام والأرامل والذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق و فيه مئات الآلاف من المعوقين الذين يزحفون على الأرض بلا أطراف ، فيه مغتصبات في السجون ، فيه خوف كبير من المستقبل ، والعراق فيه لصوص سرقوا ثرواته و فيه وجدان مكسور و دموع مظلومين .... احذر يا شيخ علي الحاتم و احذر يا شيخ سعيد اللافي ...... الدنيا كما قال عليّ بن أبي طالب ( تغرُّ و تضرُّ و تمرّ ) نصيحة مخلصة . لقد بدأتم بقصيدة سميراء العبيدي (( ذبّوهه العگل خلّوهه للنسوان )) .
يقول الشاب الشيخ سعيد اللافي الجمعة الماضية إنهم ماضون في الإعتصام السلمي حتى تحقيق المطالب . والشيخ الشاب علي حاتم السليمان يقول سنبقى في حالة اعتصام إلى الأبد ولن نتعب . المشكلة هي أن الشيخ علي حاتم لا يثق بالوفود والشيوخ التي تذهب لمفاوضة الحكومة ويقول هي وفود غدر ليست مخولة للحديث باسم المعتصمين . في نفس الوقت يقول الشيخ علي حاتم إن من يأتي من الحكومة للتفاوض معنا عندنا له تمّن ( رز ) و لحم فقط لأنه لا يمتلك صلاحيات كاملة للتفاوض . في نفس الوقت يرفض الشيخ علي الذهاب بنفسه والتفاوض حول المطالب كما يرفض وضع المطالب في ورقة واضحة بمساعدة حقوقيين و خبراء سياسيين . في نفس الوقت يرفض الشيخ علي حاتم إعلان شعارات وطنية راديكالية واضحة تطالب بإسقاط العملية السياسية والثورة الوطنية الشاملة . أعتقد بأن هناك مشكلة . الجمعة الماضية أخبار عن مشاحنة بين المعتصمين وبين الشيخ الشاب سعيد اللافي . الأمر لا يمكنه الإستمرار بهذا الغموض . مرة تهددون بالزحف إلى بغداد ، و مرة تقطعون الخط السريع ، ومرة تقطعون الفرات ( لاحظ الرمزية الرديئة لهذا الكلام في الميثولوجيا الشيعية حيث قطع الفرات عن الحسين و أسطورة العباس ) و مرة تقطعون الحدود و مرة تطردون المحافظ والجيش و عملاء المالكي من الأنبار ، و مرة تهددون بحمل السلاح ، ومرة تؤكدون على سلمية الإعتصامات والتحذير من المندسين دعاة الحروب . عجيب غريب لا تنفذون شيئا من كل هذا .... إذا آنه الذي معكم داخ راسي كيف بالحكومة ؟؟؟ . مرة تطالبون بإقليم سني وأن الشيخ علي حاتم السليمان و غيره هم بمثابة الشيخ زايد و شيوخ الإمارات في الإمارة السنية القادمة ، ومرة تغيرون فجأة إلى وحدة الوطن العراق الأبدية أرضا و شعبا و نبذ الفرقة والطائفية أعتقد بأنكم بحاجة إلى مراجعة قليلا . لو تابعناكم هكذا ستبدو مقالاتنا متناقضة ونفقد ربما مصداقيتنا .
كتب المؤرخ الفرنسي رينان عن طبقة النبلاء التي أزاحتها الثورة الفرنسية والتي كانت تحاول استعادة مجدها الغابر من السلطة قائلا (( لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا )) بكل أسف هذا هو الواقع . لم يسأل هؤلاء أنفسهم كيف وصلوا إلى هذا المكان ؟؟ من الواضح من مقابلات عزت الشابندر و خالد الأسدي و أعضاء الإئتلاف في الفضائيات مع الشيخ علي حاتم أن هناك تفاهما غامضا بين رموز الإئتلاف عدم استفزازه لهذا يتركونه يأخذ مجد الأثير والإعلام والشهرة .... لقد جعلوا منه نجما كنجوم المصارعة في أمريكا ... بلا مقاومة ولا اعتراض ولا استفزاز ... شيء مقلق أرجو أن أكون مخطئا . لا يوجد عند السنة أحزاب سياسية مذهبية طائفية ، وهذا جيد وليس سيئا ... بل لا يوجد أحزاب سنية سياسية من أي نوع ... على الأقل كنا نتمنى أن نرى قيادات نزيهة تذكر ب عبد المحسن السعدون والرجال الذين ينتحرون في سبيل الشرف الوطني .
لاحظ فيما مضى كان الجمهور يتأثر بالجواهري و السياب و الرصافي ويذهب كلامهم في الشعب مذهب الأمثال أما اليوم فالشعب يتأثر بشيوخ الدين والعشائر مع احترامي لهم مع غياب المثقف الحقيقي . لاحظ نجوم الشعب اليوم هم الشيخ صباح الساعدي و علي حاتم السليمان و أحمد القبنچي . أحيانا أتساءل لماذا يذهب الإرهابي المجرم النجس إلى سوق مليء بالفقراء الطيبين ؟؟ لماذا لا يغلط و يكمل طريقه مرة واحدة ويذهب إلى اتحاد الأدباء ، يفجر نفسه وسط شعراء الحداثة العاطلين عن العمل ، لا يحتاج الشعب هذه الطفيليات .
0 comments:
إرسال تعليق