القمة الروحية المسيحية في دمشق والأمل الضائع/ كميل العيد

لم يبنِ أبناء سورية ولبنان وفلسطين والعراق ولاسيما المسيحيون منهم أي آمال على القمة الروحية المسيحية التي عقدت في بطريركية الروم الأرثوذوكس في دمشق يوم الاثنين 8 - 6 - 2015 بل إن الكنيسة نفسها لم تبنِ الآمال على هذه القمة بدليل التغطية الإعلامية المتواضعة التي سبقتها والتي رافقتها. فالجميع يعلم بأن أصحاب الغبطة رؤساء الطوائف المشاركين بالقمة في وضع لا يحسدون عليه. فالضغوط عليهم تزداد يوماً بعد يوم، فمن جهة الشارع المسيحي يضغط ويطالبهم بما لا يقدرون على تحقيقه، ومن جهة ثانية فإن نفوذهم يتراجع على الصعيدين العربي والدولي، لعدم امتلاكهم لأي أدوات ضغط. لذلك جاء البيان الختامي لهذه القمة مملوءاً بالوعظ والتمني والدعوات، سواء لجهة مواجهة الفكر التكفيري من خلال تربية دينية تعمم ثقافة الانفتاح، ووقف الحرب في سورية والتشبث بوحدتها، والسعي لحل يضمن حق السوريين بتقرير مصيرهم، وكذلك الدعوة لانتخاب رئيس للبنان.. وتأكيدهم في الختام بأن فلسطين ستظل محور اهتمام الكنيسة للدفاع عن قضيتها المحقة. بيان لم يضع في طياته أي خطط أو برامج عمل، ربما تساعد في التخفيف من معاناة الإنسان العربي، ولاسيما في سورية وفلسطين ولبنان والعراق. وأنا هنا لا أضع اللوم على أصحاب الغبطة، بل أتساءل: ماذا كان باستطاعتهم أن يفعلوه ولم يفعلوه؟
 فمن جهة الصراع على الأرض، فليس للكنيسة أي نفوذ على الأطراف المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة بالصراع، فعلى سبيل المثال ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب الغبطة على كافة الأصعدة، لم يتمكنوا من معرفة مصير مطراني حلب المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، فكيف سيكونون قادرين على طرح المبادرات وممارسة الضغوط على الأطراف المختلفة الفاعلة بالصراع. أما من جهة أعمال الإغاثة فإن الكنائس المشرقية لا تملك المال الكافي للقيام بتقديم المساعدات المالية والعينية للمتضررين والمنكوبين، وهي بالكاد قادرة على تنظيم عمليات نقل التبرعات والمعونات التي تصلها إلى المهجرين والمحتاجين. وعلى الصعيد الرعوي وبغض النظر عن الأسباب أكانت موضوعية أم لا، فقد تلاشى نفوذ الكنيسة على المسيحيين العرب، ولا سيما في سورية ولبنان وبالتالي لم يعد المواطن المسيحي ينظر إلى رجال الكنيسة كرموز توجهه وتتبنى تطلعاته وتساعده للخروج من أزماته.
 بالمحصلة، إن الكنيسة في المشرق العربي غير قادرة على الحؤول من دون الانسحاب التدريجي للمكون المسيحي من الشرق، وهي لا تملك المقومات التي تساعد المسيحيين العرب على البقاء والتشبث بأرضهم وأرض أجدادهم، بل أقول لن يسمح لها أن تمتلك هذه المقومات . وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فلن يبقى في سورية إلا النسّاك والقسيسون والكهنة في الأديرة والكنائس، وسيتلاشى المكون المسيحي من الأرض الذي انطلق منها المسيح يبشر برسالته.

CONVERSATION

0 comments: