
فمن جهة الصراع على الأرض، فليس للكنيسة أي نفوذ على الأطراف المحلية والإقليمية والدولية الفاعلة بالصراع، فعلى سبيل المثال ورغم الجهود الكبيرة التي بذلها أصحاب الغبطة على كافة الأصعدة، لم يتمكنوا من معرفة مصير مطراني حلب المخطوفين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، فكيف سيكونون قادرين على طرح المبادرات وممارسة الضغوط على الأطراف المختلفة الفاعلة بالصراع. أما من جهة أعمال الإغاثة فإن الكنائس المشرقية لا تملك المال الكافي للقيام بتقديم المساعدات المالية والعينية للمتضررين والمنكوبين، وهي بالكاد قادرة على تنظيم عمليات نقل التبرعات والمعونات التي تصلها إلى المهجرين والمحتاجين. وعلى الصعيد الرعوي وبغض النظر عن الأسباب أكانت موضوعية أم لا، فقد تلاشى نفوذ الكنيسة على المسيحيين العرب، ولا سيما في سورية ولبنان وبالتالي لم يعد المواطن المسيحي ينظر إلى رجال الكنيسة كرموز توجهه وتتبنى تطلعاته وتساعده للخروج من أزماته.
بالمحصلة، إن الكنيسة في المشرق العربي غير قادرة على الحؤول من دون الانسحاب التدريجي للمكون المسيحي من الشرق، وهي لا تملك المقومات التي تساعد المسيحيين العرب على البقاء والتشبث بأرضهم وأرض أجدادهم، بل أقول لن يسمح لها أن تمتلك هذه المقومات . وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه، فلن يبقى في سورية إلا النسّاك والقسيسون والكهنة في الأديرة والكنائس، وسيتلاشى المكون المسيحي من الأرض الذي انطلق منها المسيح يبشر برسالته.
0 comments:
إرسال تعليق