ثوّار وثورات/ د. عدنان الظاهر

أولاً / الطفل حمزة الخطيب

قتلتك أُميّةُ بَدْراً في فجرِ
نَقضتْ إيلافَ قُريشٍ إخلافاً أحلافا
قضمتْ أحشاءكَ ( هِنديّة ) ُسفيانِ
لم تمكثْ في الغيبِ طويلا
 نجلتكَ الأرحامُ وِحاما 
مولدُ أمثالكَ إعجازٌ لا عَجزُ
سمعَ الجسدُ الطفلُ نداءً أسرى بَرْقا 
أصغى .. سارعَ .. لبّى
يا قمرٌ غاب خسوفاً كليّا
طفلٌ قبلكَ في الطفِّ قضى في حِجرِ أبيهِ الصابرِ ذبحا
نحرتهُ سهامُ وريثِ أبي سفيانَ يزيدُ
إسرِ ثانيةً للشامِ بُراقاً ( دَرْعيّاً ) قُرباناً منذورا 
أمّكَ في المرجةِ ما زالتْ تستفتحُ آياتِ النصرِ 
تتلو صلواتِ الغائبِ تسقي الجرحى .

ثانياً / تاجُ توكّل الكرمانية 
كَرَمٌ كرّمَ في صنعاءَ ممالكِ حِميرَ والأحساءِ
في ساحةِ تغييرِ وجوهِ وأصباغِ الحاكمِ بالأمرِ
ملعوناً محروقاً مطعوناً مخدورا
ها قد آنَ أوانُ تبوُّءِ مولاتي عَرشا سبأيّا
يرقى للأعلى سِلْما 
وضَعتْ بلقيسُ وصيفةُ مولاتي
تاجَ السدِّ اليمنيِّ وأضحتْ
جاريةً في خدمةِ عرشِ ( توكّلِ كِرمانِ )
الزمنُ الصامتُ صوتٌ هدّارُ
يتكررُ فرّاً كَرّا دوّارُ
متوكلُ أنثى من سدّةِ مأربَ حتى أسوارِ السدِّ العالي
( ذو يَزَنٍ ) يخلعُ أثوابَ المُلْكِ ويغدو جنديّاً مُنشّقا
يحمي الثورةَ في ساحاتِ التغييرِ
حيثُ الشبوةُ شبّتها نيرانُ النسوةِ فاتّقدَ الظلُّ وطاشَ الميزانُ
هاجَ البحرُ الأحمرُ في عَدَنٍ واضطربَ الميناءُ
الدنيا إعصارٌ يتحركُ في الخِفيةِ مرئيّا
يُنذرُ ما يُنذرُ في سطحِ البحرِ وعُمقِ الأنواءِ
أعتى من ضربةِ سهمِ النجمِ الجبّارِ
كِرمانُ تقودُ بناتِ مدينتها ساحاً ساحا
تتحدّى بالصولةِ والصورةِ والصوتِ 
ضبّا أرعنَ مرقوعا
مخنوقاً بحبالِ ونارِ أبي لَهَبِ
تُصغي حتّى تأتيها أنباءٌ من شَفَقٍ أقصى 
حاملةً بُشرى تُحيي الموتى
سُرّتْ وتحنّتْ صنعاءُ
لبستْ وشيا سبأيّا 
زهدتْ ( كِرمانُ ) فجادتْ
وهبتْ للشعبِ الثائرِ ما أهدتْ بلقيسُ :
 الدُرّةَ والجوهرَ والعسكرَ والتاجا
( كِرمانُ ) يمامةُ عرشٍ يمنيٍّ وجُمانُ
مِسكٌ يتضوّعُ مِنْ فيها بَرْداً وسلاما .

ثالثاً / شُعلةُ القامشلي
كاوا الحدّادُ قتيلُ
أشعلَ ما أشعلَ في جمرةِ نارِ الحدّادِ
صهرَ الفولاذَ وذابَ شعاعاً قامشليّا
فَزِعتْ بغدادُ وطاشتْ خوفا
صنعاءُ تمنّتْ 
أنْ تسقطَ فيها رشّةُ ضوءٍ من حَلَبٍ أو درعا
الليلُ الشاميُّ طويلُ
والدربُ الشاميُّ طويلُ
مبدأُهُ ( حمزةُ ) درعا
آخرهُ ( مِشعلُ تمّو ) في القامشلي
نوّرَ عَمّانَ و( سِرتا ) 
جفلتْ طنجةُ والدارُ البيضاءُ .

رابعاً / القنّاصة
في ميدانِ التحريرِ مجانيقُ أُعِدّتْ للقنصِ
في صنعاءَ وفي ديرِ الزورِ
القنصُ هوايةُ بدوِ صقورِ الصحراءِ
داءٌ دمويٌّ يتأصّلُ في الرأسِ
يهواهُ الجاثمُ نمروداً فوق الصدرِ
يحكمُ بالمُطلقِ والشرطةِ والقبضةِ والغيبِ
يأمرُ يقتلُ يسرقُ يُفتي ينهي
لكأنّا ما زلنا في العصرِ الحَجَري .

خامساً / أسرى فلسطين
قامَ ( المختارُ ) وصلّى للغائبِ في بنغازي
أسرى حتّى ( غزّةَ ) والقُدسِ 
حيث الأسرى أحرارُ
والفرحةُ في ( الضفّةِ ) تكبيرُ :
أينَ القائدُ أين شهيدُ القسطلِ أين المِعمارُ أبو عمّارِ ؟
تختلطُ الدنيا في عيني لمْحاً مشبوحا
أتذكّرُ عاماً صيفيّا
كان البحرُ الميّتُ فيه يجري بين المُهجةِ والعينِ
مِلْحاً شفّافا
شاهدتُ الناسَ يجوبون الدنيا أفواجاً أفواجا :
ماذا تبغي يا عمّي
من أينَ أتيتِ يا أُمّي
هل قُتلتْ أُختي ؟
أين الطفلُ صديقي في يافا 
ما حالُ وما حلَّ بمدرستي في حيفا ؟ 
الجوُّ مَهيبُ
لا أحدٌ يسمعُ صوتاً إلاّ جدرانُ المبنى
( لا تسألْ مّنْ يلجأُ مُضطّرا )
أكرمْ ضيفكَ يا مُختارُ
الدنيا والكوكبُ شأنٌ أَزليٌّ دوّارُ
أَكرمْ مثوى بيتٍ هدّمهُ الإستعمارُ
يافا في المنفى
في القُدسِ وحيفا إعصارٌ مخنوقٌ خوفا
حملَ الأهلُ مفاتيحَ الدور وهجّوا شرقاً غْربا
يلتحفونَ حرارةَ ضوءِ الأنجمِ ليلا
هذا قدرُكَ يا إنسانُ ؟

CONVERSATION

0 comments: