ـ65 سنة على إنشاء الأونروا: حاجات وتحديات/ علي هويدي

بموجب القرار 302 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة لتاريخ 8/12/1949، تم إنشاء وكالة "الأونروا" كوكالة دولية متخصصة حصراً باللاجئين الفلسطينيين. اعتمدت "الأونروا" أعداد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في خمسة مناطق؛ لبنان وسوريا والأردن والضفة الغربية وقطاع غزة وأطلقت عليها إسم "مناطق عمليات الأونروا"، واستثنت من التسجيل كل الفلسطينيين الذين لجأوا إلى بقية الدول العربية وغير العربية إبان نكبة فلسطين في العام 1948.
عرَّفت الجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة "الأونروا" بأنها وكالة متخصصة ومؤقتة، على أن تجدد ولايتها كل ثلاث سنوات، ويمتد آخر تجديد حتى 30/6/2017 وعرَّفت "الأونروا" اللاجئ الفلسطيني بأنه "الشخص الذي كان يقيم في فلسطين خلال الفترة من 1/6/1946 حتى 15/5/1948 والذي فقد بيته ومورد رزقه نتيجة حرب 1948". عند مباشرة عمل "الأونروا" لمهامها في العام 1950 وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لحوالي 760 ألف لاجئ، ومنذ ذلك الحين تعتبر الوكالة أن خدماتها موجهة فقط للاجئين المسجلين لديها منذ تاريخ 1/5/1951.
حسب "الأونروا" للأول من شهر كانون الثاني/يناير عام 2014 فانها تقوم بتوفير المساعدة والحماية والمناصرة لـ 5,428,712 لاجئ مسجل منتشرين في خمسة مناطق؛ الأردن (2,154,486 لاجئ)، قطاع غزة (1,307,014 لاجئ )، الضفة الغربية (914,192 لاجئ)، سوريا (569,645 لاجئ)، ولبنان (483,375 لاجئ)، يعيشون في 58 مخيماً رسمياً معترفاً بها من قبل الدول المضيفة ووكالة "الأونروا"، عدا عن السكن في المئات من التجمعات الأخرى، ولا توجد إحصاءات دقيقة عن اللاجئين الفلسطينيين في بقية الدول العربية والشتات.
حددت الإتفاقات الموقعة بين وكالة "الأونروا" وحكومات الدول المضيفة واقع هذه المخيمات وحدودها العقارية (لبنان 12 مخيم، سوريا 9 مخيمات، الأردن 10 مخيمات، الضفة الغربية 19 مخيم، قطاع غزة 8 مخيمات)، وقد عرّفت "الأونروا" المخيم بأنه "عبارة عن رقعة أرض خصصتها السلطات المضيفة للأونروا من أجل توفير الإقامة للاجئي فلسطين وإقامة المرافق التي تلبي احتياجاتهم"، ولهذا واحدة من التحديات التي تواجهها الوكالة ضرورة التنسيق مع الدول المضيفة لا سيما لبنان لتوسيع مساحة المخيمات لاستيعاب الأعداد المتزايدة للاجئين؛ فقد بقيت على حالها منذ إنشائها في العام 1948، ومن المعروف أن المزيد من الإكتظاظ السكاني يُعتبر سبباً رئيسيا للمشاكل الإجتماعية والإقتصادية والنفسية والأمنية.
يؤخذ على الوكالة التعريف الضيق الذي اعتمدته لتعريف اللاجئ، لأنه استثنى الكثير من اللاجئين الفلسطينيين المحتاجين إلى المساعدة، خصوصاً أولئك المقيمين خارج مناطق عملياتها الخمسة، وبالتالي بقي اللاجئ الفلسطيني في تلك المناطق مُعلقاً بين مطرقة الحرمان من خدمات الوكالة وسندان التطورات والمتغيرات السياسية في الدول التي يعيش فيها، وهذا تحدٍ آخر بأن على "الأونروا" العمل على ضم جميع اللاجئين الفلسطينيين إلى سجلاتها وتوفير كافة الخدمات أسوة باللاجئين المسجلين سواء الموجودين في مصر او العراق وغيرها من الدول إلى حين تطبيق العودة، فديباجة  قرار إنشاء "الأونروا" والمادة الخامسة وكذلك المادة عشرين منه مرتبطتان بالقرار 194 الصادر عن الجمعية العامة في 11/12/1948، الذي يؤكد على حق عودة اللاجئين والتعويض واستعادة الممتلكات.
مع الإزدياد السنوي لأعداد اللاجئين الفلسطينيين تحتاج وكالة "الاونروا" أن تلتزم الدول المانحة لا سيما العربية منها بدفع المترتب عليها من مبالغ مالية بنسبة 7,8%. بالاضافة الى المبالغ التي تدفعها الدول الأخرى بشكل تطوعي، وخاصة فيما يتعلق باستكمال إعادة إعمار مخيم نهر البارد، وهذا تحدٍ آخر أمام الوكالة بألا تبقى الميزانية عرضة للمتغيرات السياسية أو الأزمات الاقتصادية في تلك الدول، وأن تكون لها ميزانيتها الخاصة من صندوق الأمم المتحدة أسوة ببقية المنظمات الدولية المنبثقة عن الأمم المتحدة.
تحتاج الوكالة لضرورة تفعيل التنسيق مع المفوضية العليا لشؤون اللاجئين (UNHCR) فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين الذين اضطروا إلى النزوح من سوريا الى خارج مناطق عمليات "الأونروا"، وتحديداً الى مصر حيث ما يزيد عن 4500 لاجئ لا زالواغير مسجلين في سجلات المفوضية. ربما التحدي الأكبر أمام الوكالة يكمن في أهمية توسيع سياسة العمل وتعديل القرار 302 ليشمل الحماية الجسدية للاجئ الفلسطيني بالاضافة الى الحماية الإنسانية والقانونية، فالحماية الإنسانية بالأصل غير كافية من حيث الكم وارتباطها بالإحتياجات؛ فوكالة "الأونروا" تعتبر نفسها بأنها تقدم الحماية الإنسانية للاجئ الفلسطيني من خلال تقديم مساعدات الإستشفاء والتعليم والإغاثة، أما الحماية القانونية فهي لا تتعدى توجيه النصح والإرشاد للاجئ، وعلى سبيل المثال لا الحصر إذا اعتقل أي من اللاجئين الفلسطينيين ظُلما وأودع في السجن.. ليس لدى الوكالة الصلاحة لتوكيل محام أو التدخل لدى الدولة المضيفة للسؤال والمتابعة.
وتعديل سياسة العمل هذه تستوجب حراك من صانع القرار الفلسطيني الرسمي بضرورة التنسيق وبناء تحالفات مع الدول الأعضاء في الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدراج بند "ضرورة تعديل سياسة عمل الأونروا" على جدول الأعمال، والظروف الموضوعية مُتاحة بعد حصول السلطة الفلسطينية على صفة دولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
في النهاية وعلى الرغم من الملاحظات الكثيرة على أدائها، يبقى التحدي الإستراتيجي للوكالة وللاجئين وللمتضامنين مع الحق الفلسطيني، ضرورة حمايتها والحفاظ عليها واستمرار تقديم خدماتها، فالوكالة ليست جمعية خيرية على أهمية ما تقدمه من خدمات إنسانية نعلم بأنها غير كافية، إنما الوكالة ووفقاً لقرار الإنشاء تعبير أممي عن مسؤولية دولية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، وشاهد حي على جريمة نكبة لا تزال قائمة وممتدة، وارتباط وثيق بحق العودة، لهذا إستمرار تقديم خدماتها لأكثر من ستة عقود يعتبر إزعاج وقلق ليس فقط لأعداء اللاجئين وحق العودة وفي المقدمة منهم الكيان الصهيوني وأدواته الذي يريد شطب الوكالة وتحويل خدماتها الى منظمة دولية أخرى، إنما كذلك لمن يريد شطب القضية الفلسطينية عن بِكرة أبيها، ويبقى التحدي الأخير في تفعيل عملية الإصلاح الإداري الداخلي للوكالة التي بدأت منذ سنوات قليلة مع المفوض العام السابق للوكالة فليبو غراندي ولا تزال مستمرة ..
*المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني – لندن – المنطقة العربية
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 8/12/2014

CONVERSATION

0 comments: