الضربة الغادرة/ عباس علي مراد

قد لا تكون وفاة الشاب دانيال كريستي يوم السبت 11/01/2014 بعد ان تعرّض لضربة  غادرة على رأسه في منطقة كينغزكروس الأخيرة في سلسلة الجرائم الناجمة عن الإفراط في شرب الكحول والتي يرافقها اعمال عنف في شوارع سدني وحاناتها ونواديها والتي قتل فيها 91 منذ العام 2000 (صن هيرالد 12/01/2014 ص1).
لنسلم جدلاً اولاً ان هناك مشكلة ويجب معالجتها، هذه المعالجة تتطلب تظافر جهود عدة جهات عائلية، تربوية، اقتصادية، امنية، قضائية وإعلامية لذلك علينا ان لا ندفن كالنعامة رؤوسنا في الرمال ونرتقي الى مستوى التحدي الاجتماعي والثقافي الذي نواجهه.
بالإضافة الى الوفيات والأذى الجسدي والأساءة لسمعة سدني، فإن 70% من الشباب الموجودين في السجون في نيوسوث ويلز كانوا تحت تأثير الكحول عند ارتكابهم جرائمهم (س م ه 09/01/2014 ص 1).
حسناً فعل رئيس الوزراء طوني ابوت عندما دخل على خط معالجة المشكلة وضم صوته الى المنادين بفرض عقوبات صارمة على كل الذين يعتدون على الآخرين غدراً وبدون سبب، حيث ومنذ فترة كانت اصوات الشرطة والمسعفين والمستشفيات والأهل والصحافة تدعو الى معالجة المسألة من خلال التشدد بالأحكام القضائية وادخال تعديلات على اوقات عمل الحانات والنوادي او الأوقات التي يقدمون الخدمات لزبائنهم، او لجهة الاعلانات التي تروج للكحول في اوقات غير ملائمة، حتى هناك مطالبة بفرض المزيد من الضرائب على الكحول وجاءت هذه الدعوى من المدير التنفيذي لمؤسسة الأبحاث والتثقيف حول الكحول مايكل ثورن الذي قال ان سعر متوسط المشروب قد يصل الى 25 سنتاً (س م ه 09/01/2014 ص 1).
من جهته وجّه تحالف الكأس الأخير والذي يضم الأطباء والعاملين في أقسام الطوارئ في المستشفيات، الممرضات والمسعفين والشرطة دعوة للحكومة لتطبيق النموذج المعمول به في مدينة نيوكاسل والذي يقضي بعدم السماح بدخول الزبائن للحانات والنوادي بعد الواحدة صباحاً والاقفال كلياً الساعة الثالثة صباحاً والذي أدى الى انخفاض العنف في مركز المدينة بنسبة 37%.
اذن، الكرة الآن في ملعب حكومة الولاية والشركات التي تبيع الكحول بالإضافة الى اصحاب الحانات والنوادي الليلية والتي عليها ان تشاطر الرأي العام رأيه وتتعاون من أجل وضع حد لهذه المسألة، لأنه حيث لا يوجد امان ويوجد الخوف على السلامة العامة والشخصية لا تزدهر تجارة ولا سياحة وتتأثر العملية الاقتصادية سلباً، وان الذين يجادلون عكس ذلك حججهم مردودة عليهم بالأخص لوبي اصحاب النوادي الليلية واصحاب محلات بيع الكحول الذين يروجون بأن تلك الإجراءات ستسيئ لسمعة مدينة سدني عالمياً مع أننا نرى ان العكس صحيح.
اما من الناحية السياسية فعلى رئيس الولاية باري اوفاريل ان يصغي لأبناء المجتمع وأهل الإختصاص وعدم الرضوخ للوبي اصحاب النوادي، وان كان ذلك سيكلفه مئات الآلاف من الدولارات التي يتبرع بها اللوبي لأن الانتخابات في الولاية على الأبواب وقد يكون رد الناخبين في صناديق الاقتراع العام القادم اكثر كلفة وعلى السيد اوفاريل ان يستغل موقف رئيس الوزراء طوني ابوت ودخوله على خط معالجة المسألة ويطالبه ان يقرن اقواله بالأفعال حتى تتحمل الحكومة الفيدرالية بعض العبء في الحد من تفاقم المشكلة.
نشير اخيراً الى ان عدد محال بيع الكحول في نيوسوث ويلز ارتفع الى 2300 محلاً أي بزيادة 38% في السنوات الخمس الماضية، وعلى الرغم من ذلك يصرّ المدير التنفيذي لإتحاد اصحاب محلات بيع الكحول تاري مووت على أن محال بيع الكحول لا تساهم في تفاقم المشكلة وان ما يقال لا يعكس الحقيقة، مضيفاً الى ان معدلات الجريمة والعنف المنزلي تتراجع رغم ازدهار تجارة الكحول (س م ه 11/01/2014 ص 5).
ومهما يكن رأي وموقف لوبي النوادي واصحاب محلات بيع الكحول والسياسيين فإننا نضم صوتنا الى كل المطالبين باتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحد من تفاقم المسألة ووضع حد لها لأنها بالفعل ضربة جبانة وغادرة وليست ضربة ملك كما تسمى.
عباس علي مراد
سدني
Email:abbasmorad@hotmail.com

CONVERSATION

0 comments: