إعتقال نيني لا يؤسفني، ولكن يؤسفني اعتقال الشمس/ مصطفى المادود

اعتقال الشمس ..انتحار على عتبة الإصلاح
أشهد ألا إلاه إلا الله و أن اعتقال رشيد نيني لا يعنيني، فأنا إذن مؤمن بعقيدة أن الشخص يفنى ليعيش الوطن ،و هذا هو الفكر الذي نحتاجه لنحب الفكرة و القضية لا الشخص ..لوموني كيفما شئتم فالرجل باعتقاله انتصر إذ رد لوطنه بعض ما يدين له به ،هنيئا له بما حدث .. أقسم أنه كان سعيدا بكل دقيقة أمضاها في معتقله،و قد رأيته في إحدى جلسات المحكمة أسدا له حضور و كارزما تتنافى مع خجله الإنساني، و تتفق تماما مع صولاته و جولاته القلمية.
وإذ أؤكد إيماني أن اعتقال نيني لا يعنيني،فإني اعتقال الشمس يكاد يقتلني ويفنيني ،بل أجد في اعتقال الشمس مهزلة و النيل منها محال، فلا الشمس تنطفئ بحبسها و لا نورها يشده السجن أو العقال، فالحقيقة كل الحقيقة أن الشمس لا تعتقل و نورها لا يقلص أو يختزل، و إن حبست أشعتها حينئذ يكون الخطب الجلل، يزداد إشعاعها تضخما توهجا، و كشفا للخلل، إنارة، إضاءة و تعرية لمواطن الزلل .
فلا يحلمن باعتقال شمس إلا من أصابه واد حمق أو بحر من خبل،
إنها أسطورة النور الذي يتحول نارا مع الضغط و التكثيف يستعر لهيبا يكشف المستور يعري الزيف، يخلد الرأي عبر العصور يغنيك عن التعريف، يروي كل الحكاية، قصة كانت أو رواية يتحدث كل اللغات إلا لغة العويل و البكاء و النواح، سلس كما السيل شديد كما الرياح ..
ألا إن للشمس ألف فم و فم، و لا واحدا من أفواهها يخرس أو يكمم ،كما للشمس ألف نور و نور و كل نورها قدر محتم، يجتاز الأسوار، يجتاح الأقطار كما الغيث في إعصار، يأتي بالإصلاح الذي انتظرناه مع كل فجر و صباح .
أيها الراقدون تحت التراب وحدكم تخافون الشمس، عانقوها تسلموا و انتظروا النور الذي بعث إليكم ليبعثكم خلقا جديدا.
أيها الرافضون للشمس و النور أما كفاكم عتمة و ظلاما كمن في القبور ؟
أما علمتم أن الصباح قد لاح بالتغيير، أما شهدتم المساء و قد دب بالإصلاح، فما بال المؤذن فيكم لم يؤذن ،و ما بال الديك لديكم لم يسمع له صياح؟ حرروا الشمس قبل الغروب فنورها الوهاج الوضاح، لا يترك مجالا للفرار من صيحة حي على الفلاح .
أيها الراقدون تحت الثرى استيقظوا فلا الموت خنق الأصوات و لا السجن منع التغيير، و لا حلكة الليالي دامت و لا الظلم محا حرية التعبير.
اعتقلوا الشمس و اخنقوها فإن لها في كل عين صورة و في كل قلب مكان، اقتلوها إن شئتم فهي جميلة دائما، حية لن تنكسر، اجعلوا منها الشهيد و الشاهد، النموذج و القضية، كونوا الجلاد و الحكم و الضحية، فسوط التاريخ شديد و صرخة الحق حقا قوية، لا تحلموا بأسر شمس يوما.. يا ناس إنها الشمس بنت سماء و حرية .
حرقوها فلا النار تحرقها و لا زيف الباطل يطفئها فهي أصيلة أصلية،
زيدوا في تضييق الخناق عليها فهي الشمس ذات الطلعة البهية، سيروا على عوج و امضوا في هرج فسبيلها السير على نهج قويم و تضحية ، فلا غي ظلم يفتك بها، ولا حيف غلب يخيفها أو يخفيها، فهي الشجاعة كلها هكذا أردناها واضحة جلية .

CONVERSATION

0 comments: