مذبحة شارلي ابدو انذار بحرب عالمية ثالثة/ فراس الور

قد تبدو للبعض أنها حادثة ارهابية عابرة، كالتي تَعَوًدْنا أن نسمع بها بالصحف و المحطات الفضائية في كل يوم...بعض من الجماعات المتشددة التي تحاول الإنتقام من حليف لإسرائيل او من صحيفة تكتب لتَجْيِشْ الرأي العام ضد الكفاح العربي المسلح بالغرب، أو ربما قد تشرح بعض من المحطات الإخبارية أن الهجوم المسلح على شارلي ابدو نتج كردة فعل لبعض من الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها هذه الصحيفة فبالنسبة لشارلي ابدو هنالك حرية التعبير عن الرأي التي تمارسها و بحسب ما يسمح به قانون المطبوعات و النشر في بلادها، و لكن...الخطورة تكمن بالمفاهيم السياسية و الإستراتيجية المحيطة بهذا العمل و ما قد ينطوي عنه من أحداث تقشعر لها الأبدان، فقد حدث ما كنا نحافه ككتاب و محللين سياسين و كطبقات مثقفة نكتب بهدف توسيع الافاق العربية نحو مصالحة مستمرة مع الغرب و الولايات المتحدو الأمريكية، 
بمفهوم الأمن الإستراتيجي للدولة الفرنسية فقرارها بوضع ما يقارب عشرة آلآف جندي لحراسة المنشآت الحيوية على اراضيها يعني أنها قامت بترجمت هذا الهجوم بأنه حرب عليها، فقد تجرء بعض من المسلحين بإستخدام الرشاشات و الأسلحة للغزو على صحيفة مدنية كانت تمارس عملها بصورة طبيعية في عاصمتها...مما يعني بأن سلامها كدولة مهدد بخطر كبير، و قد تبع هذا القرار ارادة الشرطة الفرنسية بوضع خمسة آلآف شرطي اضافي لحراسة الأحياء الباريسية من اي خطر محدق بمصالحها الحيوية...فمنذ أيام الحرب الباردة و حتى منذ ايام الحرب العالمية الثانية لم نرى هذه الخطوات تنفذ من قِبَلْ الدولة الفرنسية، فَشَعَرَتْ آخيرا هذه الدولة المسالمة بأجوائها الثقافية و الإعلامية الراقية بأن أجوائها المنفتحة كدولة تجاه العالم و بالأخص تجاه العالم الشرقي قد تم الإساءة اليه بصورة كبيرة و جذرية، فحتى من باب التحليل هجوم الصحيفة على شخص الرسول (عليه الصلاة و السلام) كان يجب أن يُقَابَلْ من الدُوَل المناضهة له برد اعلامي او الرد بالمثل كما هو معروف، و لكن قرار الرد العسكري علي الصحيفة هو بمثابة تصعيد هجومي للًغة العسكرية و سيُقابل بالمثل من الدولة الفرنسية،  
لم تشاء الدولة الفرنسية لهذا الحدث بأن يمر بصورة عابرة من دون أن تُشْعِرْ العالم بنفوذها كدولة متحضرة، فبالأمس اجتمع بالعاصمة الفرنسية في مسيرة كبرى مناهضة للإرهاب قادة خمسين دولة وقفوا بإيخاء كبير جنبا الى جنب ليقولوا للرأي العام أنهم ضد الإرهاب و ضد براثنه التي تسعى لزلزلة أمن الشعوب المتحضرة، فللذي يفهم ماورائيات هذه المسيرة سيفهم بأن فرنسا ليست بمفردها بهذه الحرب التي ارادت الجماعات الإرهابية شنها على اراضيها، فلهذه الدولة مكانتها المميزة بين الدول الغربية و دول العالم عموما و لعل حادثة من هذا النوع تأتي كصدمة عنيفة لحلفائها ايضا، و المشكلة الكبرى أن فرنسا عضو في حلف الناتو، و حلف الناتو برز بعد الحرب العالمية الثانية ليضم عددا واسعا من الدول الغربية ليناهض الحزب الذي اقامه الإتحاد السوفيتي مع حلفائه و المعروف بـ(warsaw)  بسبب تدفق النفوذ السوفيتي بالمنطقة و حول العالم بالسالف، فالجماعات الجهادية تعرف جيدا أن فرنسا عسكريا ليست بمفردها و هي عضوٌ كبير بالناتو و الذي هو حلف يتمتع بقوة عسكرية شرسة و كان كفيل بإيقاف المد السوفيتي بالمنطقة و ردعه عن الكثير من المخططات الذي كان يسعى لتنفيذها بالعالم، 
ان الماورائيات التي ستنكشف من وراء هجوم شاري ابدو ليست بقليلة، فدولة بوزن فرنسا العسكري و المتحضر ستتخذ الخطوات الكفيلة بتأمين نفسها و حماية مؤسساتها ضد اي عمل ارهابي قادم و لكن المشكلة هو أن اللغة العسكرية التي تستخدم لإستفزاز أوروبا و أمريكا سترغم هذه الدول بفترة قادمة على الرد بحزم كما فعلت أمريكا بأفغانستان حيث نقلت جيش قوامه كبير للرد على هجوم ابراج التجارة العالمية بنيويورك، و ها نحن نرى التاريخ يكرر ذاته مع فرنسا...فالذي اراه أنه يتم ممارسة جملة من الإستفزازات على الكيان الأوروبي و الأمريكي ليس من شأنه إلا و أشعال الظروف المناسبة التي تسبق حرب عالمية كبرى بمنطقة الشرق الأوسط، فدخان الإحتقانات بدء يتصاعد من مكاتب قادة الدول بالغرب و الشرق، و كأنني ارى أول باب يفتح على مِصْرَعَيْه لتصعيد عسكري لا يُحْمَدْ عقابه ضد جماعات الكفاح المسلح و غيرهم من الذين ينفذون هذه العمليات الإستفزازية، فها هم مجتمعون بالشرق لمحاولة شغل فراغ القوة الكبير الموجود بسوريا و العراق و ليبيا، لهم في هذه الايام ارض معروفة للرد عليهم و ليسوا كما قبل مشتتين بأكثر من دولة،            

CONVERSATION

0 comments: