عندما تعرض مخيم أشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية في العراق الى هجوم دموي عنيف في الأول من سبتمبر الماضي أسفر عن مقتل 52 و إختطاف 7 آخرين، قامت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي بنفي أي علاقة لها بهذا الهجوم وما جرى خلاله من عملية اختطاف للرهائن السبعة، او ان لها يدا فيما جرى من مجزرة وحشية نفذت من قبل قوات عسكرية تابعة لها كانت تحاصر وتحتل المخيم منذ وقت طويل.
واليوم نرى المحكمة الوطنية الإسبانية تصدر قرارا قضائيا ضد فالح الفياض، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، لمسؤوليته المباشرة في مجزرة الاول من سبمتبر 2013 والإعدام الجماعي بحق 52 من سكان اشرف واختطاف سبعة آخرين وبتهمة ارتكابه جريمة «ضد المجتمع الدولي».
هذا القرار جاء بعد أن قام اعضاء المقاومة الإيرانية في مخيم ليبرتي في العراق وفي عدة مدن اوروبية واميركية من ضمنها جنيف وبرلين وأوتاوا ولندن وملبورن وواشنطن وروما وستوكهولم باضراب عن الطعام استمر 108 أيام، بالاضافة الى حملة دولية وجلسات واجتماعات وعدة مظاهرات وفعاليات في مناطق مختلفة من ارجاء العالم ضد هذا الانتهاك الصارخ للمبادىء الانسانية من قبل النظام العراقي واسياده القابعين في طهران ضمن منظومة النظام الإيراني وصمت إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما ازاء هذه المجزرة.
حقيقة الأمر فان هذا الحكم القضائي يعتبر نصرا عظيما تحقق إثر حملة دولية اعتبرتها رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية السيدة مريم رجوي «قدوة مجيدة وتاريخية في المقاومة ضد الطغيان والقهر والجريمة».
نعود للبيان الذي أصدره المحامي الشهير والذي كان صديقا لسالفادور آلنده الرئيس الشيلي السابق، والذي بحسب نصه فان "المحكمة المركزية الاسبانية للتحقيق رقم 4 تعلن قرار تم إبرامه الشهر الحالي بأن السيد فياض مستشار الامن الوطني لرئيس الوزراء العراقية مطلوب حاليا بتهمة ارتكاب جرائم بحق المجتمع الدولي. وقد جاء اتخاذ هذا القرار ضمن اطار التخويلات التي تشمل دوليا وفقا لمعاهدة جنيف الرابعة لمحاكم العدالة التابعة للدول، وان المحكمة قررت فتح التحقيقات حول الشخص المذكور باعتباره مسؤولا عن انتهاكات سافرة لمعاهدة جنيف الرابعة ومعاهدتها الاضافية الاولى حيث اقترف هذه الجرائم منذ شهر ايار 2010 عندما كان رئيسا لـ"لجنة اشرف التابعة لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي وعلى وجه التحديد اضطلاعها المؤكد في مجازر 8 ابريل 2011 واول ايلول 2013 ضد اشخاص محميين وفقا لمعاهدة جنيف الرابعة وكانوا يسكنون مدينة اشرف في العراق"».
وان ضلوعه هذا يمتد ليشمل المخالفات التي وردت في التقارير الخاصة بقتل 35 شخصا وجرح 337 اخرين بصورة متعمدة في أبريل / نيسان 2011 وقتل 52 واختطاف 7 اشخاص رهائن في الاول من إيلول / سبتمبر 2013 مع ممارسة التعذيب والإصابات الجسدية بحق سكان أشرف».
وكذلك يعلن القرار أيضا بأن"المجازر والجروح، والقصف الصوتي ومنع وصول المواد الغذائية والعناية الطبية كلها و أي امر آخر لا يمكن ان يحدث في أشرف إلا بعلم مسبق لأعضاء الجنة المذكورة، وعلى وجه التحديد فالح فياض. وحسب سلم المراتب العسكرية والمدنية فانه هو المسؤول عن عملية 08 أبريل/ نيسان 2011 وفقا لأوامر رئيس الوزراء باعتبار الاخير قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية. وفي القضايا الامنية المتعلقة بالبلاد كله ومنها أشرف، فان فالح فياض هو المسؤول شخصيا.".
والآن ندخل قليلا في صلب الموضوع. لماذا هاجم النظام الإيراني وعملاءه في الحكومة العراقية 100 من الاشخاص العزل في مخيم اشرف؟ هل كان هؤلاء يشكلون خطرا على النظام الإيراني؟ ولماذا دفع هذا الثمن الباهض؟ الجواب يمكن أن نجده في رد فعل الحكومة الإيرانية بعد هذا الهجوم ، حيث اعتبرت الهجوم ضد مجاهدي خلق في أشرف بانه قد أحرز «انجازا اكبر من الذي تحقق في عملية مرصاد» وهي عملية لن ينساها الملالي أبدا حيث إندفعت قوات جيش التحرير الوطني الإيراني التابع لمجاهدي خلق في أغسطس من عام 1988 الى حوالي 150 كيلومترا داخل عمق الأراضي الإيرانية وكانت قوات مجاهدي خلق قاب قوسين او ادنى من ان تحرر مدينة كرمنشاه الكبيرة حيث تعرض النظام في حينها الى هزات سقوطه لعدة ايام. ونجا هذا النظام في حينها من السقوط. والآن يقارن هذه العملية (أي الهجوم على أشرف وقتل 52 شخصا) مع «عملية مرصاد» أي انقاذه من السقوط. كيف هذا. واعضاء مجاهدي خلق محاصرون داخل مخيم ليس لديهم أي سلاح؟ الجواب هو ان الملالي يعرفون معرفة جيدة بأن أي تطور قد يحدث في مستقبل قريب في داخل إيران، وخاصة نتيجة تجرع كأس "السم النووي" من قبل النظام الإيراني، يكون لعناصر مجاهدي خلق الدور الأبرز باتجاه هذا التطور نحو السقوط. ويعرفون في نفس الوقت أن مجاهدي خلق هم موجودون في أنحاء إيران وفي عمق الشعب الإيراني، وان وجود مجاهدي خلق هو في داخل إيران ولكنهم وبعد ما فعلوا من قتل وتعذيب تجاه عناصر هذه المنظمة طوال 32 عاما مضت، حيث قتلوا 120 الفا منهم في السجون من ضمنهم 30 ألفا في المجزرة البشعة للإعدامات الجماعية في عام 1988 وقاموا بسجن وتعذيب آلاف آخرين منهم، لم يتمكنوا من القضاء عليهم .. ولهذا السبب فيقومون هم وعملاؤهم في العراق بالهجوم على عناصر هذه المنظمة المحصورين في سجن ليبرتي ومعزولين عن السلاح والمحميين بموجب المعاهدات الدولية.
نعم. إن مسألة سقوط النظام الإيراني هي مسألة وقت، والوقت يقترب بتجرع "السم النووي"، وان البديل الشرعي والوحيد لهذا النظام، والذي يحقق للشعب الايراني الحرية والعدالة والديمقراطية انما هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يحظى بتأييد دولي واسع، وهو البديل الفعال والجاهز للقيام بدوره وتنفيذه في هذه العملية على اكمل وجه.
* خبير ستراتيجي إيراني
Meghbal2012@gmail.com
0 comments:
إرسال تعليق