وسافر النّورس/ جمال بوزيان


قِيلَ لِي إِنَّ قَلْبًا شَيَّعَ جِنَازَة
وَنَوْرَسًا هَاجَر
وَقَلَمًا سَافَر
أَدَّيْتُ وَاجِبَ الْعَزَاءِ
فَأَنْتَ سَافَرْتَ دُونَ سَفَر
وَأَنَا أَيْضًا مُسَافِر
هَاجَرْتُ مِثْلَ ذَاكَ الْمُهَاجِر
عَلَّمَنِي السَّفَر وَالْهَجَر 
عَلَّمِنِي السَّحَر وَالسَّهَر 
قَطَفَ أَزْهَارَ الْاِنْتِظَار 
وَزَرَعَ أَشْوَاكَ الْاِنْدِثَار
عَرَفْتُ أَنَّ الْفَجْرَ انْكَسَر
وَأَنَّ الدِّفْءَ احْتَضَر !
كُنْتُ لَهُ مُنْشِأً وَقَدْ سَافَر
كُنْتُ لَهُ مَرْفَأً وَهَاجَر
أَهْتِفُ لَكَ بِكُلِّ حُرُوفِ النِّدَاء
نَوْرَسِي الْأَبْيَض
هَلِ اسْتَقْبَلَتْكَ شَوَاطِئُ الْبِحَار ؟ !
كُنْتَ مَعِي حُرًّا هَلْ أَنْتَ حُرّ ؟
رَجَاءً لَا تَخْذِلْ شَوْقِي وَحَنِينِي !
اطْرُدِ التِّيهَ وُعُدْ كَفَارِسٍ مِغْوَار 
وَهَلْ تِلْكَ رِسَالَةُ وَدَاع ؟ !
لَمْ أَفْهَمْ كَلِمَاتِكَ وَلَا إِشَارَاتِك
حُرُوفُكَ مُلْتَهِبَة غَاضِبَة
لَا تَقُلْ كَانَ طَيْفًا 
وَلَا تَقُلْ كَانَ سَرَابًا
أَنَا أَعْرِفُ أَنَّكَ … ! 
سَمِعْتُ صَهِيلَ وَجَعِك
سَمِعْتُ أَنِينَ دَمْعِك
فَزِعْتُ فَوَجَدْتُ الْوَقْتَ قَدِ انْتَحَر !
هَلْ أَنْتَ نَوْرَسٌ أَمْ نَوْرَسَان ؟ !
وَجَدْتُكَ هُنَا وَوَجَدْتُكَ هُنَاك !
أَنْتَ الشَّبِيهُ أَمْ هُوَ الشَّبِيه ؟ !
أَمْ أَنْتُمَا الْاِثْنَان ؟ !
رَأَيْتُ الْبَحْرَ يَتَوَسَّدُ رِيشَك
فَهَلْ عَقَدْتَ مُعَاهَدَة ؟ !
حَلَمْتُ بِعَودَتِكَ يَوْمًا لِتُخْبِرَنِي
عَنْ مَرَايَا الْحُبّ وَحَكَايَا الْقَلْب
وَرَزَايَا الْقَلَم وَهَدَايَا الْأَلَم
وَعَنْ رِحْلَةِ الشِّتَاءِ وَالصَّيْف 
وَبَسْمَةِ الرَّبِيعِ وَغَضَبِ الْخَرِيف
فَهُمْ يَعْرِفُونَ إِمَارَتِي بِبَدْرِك 
وَيُدْرِكُونَ دَرْبِي وَدَرْبَك
وَنُتِمُّ كِتَابَنَا الْجَدِيدَ "ثَوْرَةُ الْحُبّ وَالْغَضَب" !
فَأَنَا لَمْ أُذْنِبْ؛ فَأَنَا لَمْ أُذْنِبْ !.

CONVERSATION

0 comments: