لا تسألوا من أسس دولة الخلافة الإسلامية " داعش " ؟
هل نسينا الملوك والملكيات التي أسستها بريطانيا على أنقاض الإمبراطورية العثمانية في بدايات عشرينيات القرن العشرين وبقيت حتى اليوم وعلى رأسها عرش آل سعود في جزيرة العرب وبقايا آل هاشم في الأردن ؟ وهل نسينا الرؤساء والجمهوريات الدكتاتورية الدموية الأكثر سواداً التي أسستها أمريكا في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية إعتباراً من أوائل خمسينيات القرن الماضي وحتى اليوم؟ إذاً لماذا وعمَّ تتساءلون وأنتم تعرفون أنَّ أمريكا وحلفاءها الستراتيجيين داخل وخارح حلف الناتو قادرون أنْ يفعلوا ما فعلوا في السابق وأكثر مما فعلوا؟ أعسيرٌ على هؤلاء أنْ يخلقوا ويؤسسوا منظمّات إرهابية باطشة وخارجة عن حدود وخرائط التاريخ والجغرافية المعاصرة تُنفّذ مشاريعهم وتقاتل بالنيابة عنهم. هل نسيتم إبن لادن والقاعدة في أفغانستان ومن أسسها وموّلها ووجهها لقتال الجيش الروسي هناك؟ أما مصادر تمويلهم فحدّثْ ولا حَرَج ... خزائن الأرض والسماء مفتوحة أمامهم . هذا جيش أُممي عالي التدريب وجيّد التجهيز ومضمون التمويل مأمور بتنفيذ مهمات خطيرة الشأن في أي بقعة تأمره أمريكا وحلفاؤها. أجلْ، إنه جيش أممي من المرتزقة وخليط من شتى الأقوام والجنسيات والشعوب عرباً وغير عرب يضعون أنفسهم في خدمة كل من يدفع لهم ويقبضون مقابل ذلك مبالغَ طائلة من فيوض عائدات نفط آل سعود وقطر بالدرجة الأولى. أما السلاح فأمامها مخازن أسلحة أمريكا وإسرائيل والأسواق السوداء المتخصصة بشراء وبيع السلاح وهي أكثر مَنْ أنْ تُعدَّ وتُحصى. وعليه فلا يتوقع أو يقع أحدٌ في وهم إمكان أو إحتمال أنْ تقاتلَ داعشُ اليهودَ الصهاينةَ سواءً في إسرائيل أو خارج حدودها. لا تسألوا الدواعش عاتبين لِمَ لا يقاتلون الصهاينة المحتلين كتفاً لكتف مع المقاتلين الفلسطينيين ولِمَ يديرون ظهورهم للقدس وما يتعرض له من إنتهاكات ومخاطر واستفزازات. لا تسألوهم ولا تعتبوا فهم ما هم إلاّ صناعة وبضاعة إسرائيكية أوجدوا لا للتلاشي بل أوجدوا للبقاء وليفتتوا الشرق الأوسط ويهشّموا شمال إفريقيا ومصر وليبيا على رأس القائمة.
داعش وشقيقات وأخوات وإخوان داعش حقيقة باقية وليست ظاهرة وقتية عابرة تُنفّذ مهمة خاصة وتتآكل وتستهلك نفسها فتُرمى في براميل القمامة كما هو شأن بعض رجالات السياسة هنا وهناك ونعرف أغلبهم ... كلاّ .. إنها أُوجدتْ لتبقى دولةً لها مذهبها الدينيّ الخاص ولها رايتها السوداء وجذورها وملبسها المتميّز الخاص ولها مصادر تمويل دائمة هي اليوم بعض حقول نفط العراق وسوريا. وليس عسيراً عليها تسويق هذا النفط عَبْرَ منافذ خاصة سريّة وعلنية حتى بالتعاون والتنسيق مع بعض الحكومات الإقليمية وبعض المحسوبين عليها من الأبناء والأعمام ومن والاهم من ذوي القُربى كما هو الحاصل اليوم مع نفط الموصل وكركوك وبعض حقول نفط سوريا في الرقّة ومناطق أخرى. هل يصعب على دولة بربرية كهذه خارجة عن منطق ومسارات التاريخ البشري .. هل يصعب عليها مد أنابيب خاصة بها لتسويق النفط الخام المسروق وهي عملية تفيدُ منها أطرافٌ كُثْرٌ ولا سيّما تجّار الأسواق السود وهم جيش أممي آخر خالد خلود نظام السوق وما دامت الرأسمالية نظاماً عالمياً سائداً وغالباً ومتفوّقاً. لتركيا خاصة منافذ بحرية كثيرة وموانئ جاهزة دوماً لاستقبال النفوط المنهوبة وشحنها في الناقلات العمالقة لأيّما ميناء وبلد يطلبها خاصة وإنها تجارة مسروقة زهيدة الثمن والسوق العالمي اليوم يستوعب ويطلب المزيد من النفط الخام. هل ننسى ميناء جيهان التركي وميناء عسقلان الإسرائيلي؟
داعش ونظيرات داعش إنما هي دويلات أو دول أسستها وموّلتها ودرّبتها جهات معروفة لها خبرات واسعة قديمة وحديثة في تأسيس الدول لتنفّذَ أهدافاً ومهمات خاصة نيابة عنها منها الدم وقوّة العضلات والفتوّة والشباب والنزعة الشاذّة لركوب المغامرات على أراضي الأمم الأخرى ثمَّ لها المورد الثابت كرواتبَ ومخصصاتٍ وعلاواتٍ وإكراميات فوق العادة.
يا ناس ! أفيقوا ! إسمعوا وعوا وبلّغوا مَنْ لم يسمعْ بعدُ ! إننا محاطون بجيوش جرّارة لا قِبلَ لنا بها تتحرك عناصرها كالجراد المنتشر من ركن لركن ومن زاوية لآخرى وتعبر الحدود الدولية بسرعة ومرونة فهي على دراية دقيقة بجغرافية الأراضي التي تتحرك فوقها بفضل ما بحوزتها من خرائط حديثة وإحداثيات زوّدتهم بها سيّدتهم وخالقتهم أمريكا وحلفاء أمريكا فضلاً عن وسائل الإتصالات الأكثر حداثة ثم الأسلحة المتطورة وأجهزة الرؤية الليلية وغير ذلك من وسائط وسبل التخفي والدروع الواقية وحفّارات الأنفاق وقد نخبوا وحفروا أراضي المدن السورية التي استولوا عليها وهذا عين ما فعلوه في بعض أراضي محافظة الأنبار العراقية حسب المعلومات التي كشفتها وسائل الإعلام الحكومية في بغداد. إنها دولة مغولية بربرية وحشية لها دينها الخاص تنفذّه وفق منهجيات خاصة فهي تحلل وتحرّم وتقتل حسب فهمها لدينها الذي تزعم وتكيّف شرائعه حسبما تقتضيه حاجاتها ومصالحها ومقتضيات الزمان والمكان. يُقال إنهم وهابيون تكفيريون فما يقول آل سعود ووعّاظ السلاطين وما أكثرهم في مملكة آل سعود؟ هل يكفي ما تغدق المملكة عليهم من مليارات الدولارات لنقولَ نعم، إنهم وآل سعود ومذهب دين السعوديين سواء ووجهان لنفس العملة الخطرة والمنحرفة؟ سمعتُ أنَّ آل سعود كفّروهم فعلام استمرارهم في التمويل والدفع الخرافي؟ يكسرون ثم يجبرون، يُحرّضون القاتل سرّاً على القتل ويدفعون له سرّاً ثمن ما فعل ثم يتبرأون منه وما فعلَ في العَلَن. يُقال إنها هذه هي السياسة لا دينَ ولا خلاقَ لها وإنها كالزانية أو بالضبط هي البغيُّ الزانية ألا فارجموها بألف ألف حجر وتبرأوا منها أمام الأرض والسماء.
داعش إمارة شر مستطير باقية ما دامت لأمريكا وحلفاء أمريكا مخططات ومآرب ومصالح باقية تتوسع كالسرطان هنا وهناك وهي مُستخدمة اليوم في منطقة الشرق الأوسط حيث إسرائيل وما تدّعيه من ضرورات الحفاظ على أمنها ثم النفط الغزير في هذه المنطقة وجغرافيتها وبحارها وسماواتها المفتوحة ثم جيرتها لإيران خصم إسرائيل وأمريكا اللدود ... إيران الثورة والصمود والتحدّي والنفط وتكنولوجيا ومحطات الطاقة النووية ثم العلوم النظرية المتطورة في كافة المجالات وخاصة فيزياء وكيمياء العلوم الذرية التي تسبب لإسرائيل وأمريكا هواجس وصداعاً متصلاً لا يهدأ ولا يقر ولا يشفى ! كيف تغفر أمريكا وإسرائيل وقوف إيران الثابت والمعلن مع سوريا وحزب الله في لبنان ثم مع صمود المقاتلين الفلسطينيين في غزّة .. كيف ؟ لذا رأينا على شاشات بعض الفضائيات كيف هدد الدواعش ـ بعد سقوط الموصل في أيديهم ـ أنَّهم في طريقهم إلى بغداد فإيران ثم النجف وكربلاء. إيران نعم إيران هدف أمريكي أعطتهم أمريكا إشارة التحرك صوبه بعد دخولهم بغداد مباشرة.
لا أستبعد قيام هذا الجيش المغولي البربري المتوحش بمغامرة حمقاء طائشة من التحرش بإيران ودخول أراضيها من جهة الحدود العراقية ـ الإيرانية خاصة وجلولاء اليوم في إيديهم وربما بعض المناطق الحدودية الأخرى. لذا على إيران توخّي الحيطة والحذر ومراقبة تحركات هؤلاء البربر ولم ننسَ بعدُ ما فعلت منظمة خلق من اضطرابات في طهران ومدن إيرانية أخرى وما فعلت في العراق زمان صدام وخلال إنتفاضة شعبان 1991 إثر انسحاب الجيش العراقي مهزوماً من الكويت. فهؤلاء من أولائك أو بعضهم أو من أشباههم.
فيزياء التوسع والتمدد
لإسرائيل ذات الطبيعة الأمريكية ونفس البداية والمنشأ. إمريكا استعمرت قارة كاملة وأبادت الشعب صاحب ومالك تلك القارة ثم شرعت بعد الحرب العالمية الثانية بالتمدد والتوسع بإنشاء القواعد العسكرية البرية والبحرية والجوية في العديد من مناطق العالم حتى لا يكاد يخلو مكان على سطح الكرة الأرضية من الوجود الأمريكي العسكري أو الإقتصادي أو المالي أو التجاري أو الصناعي. تفرض قواعدها العسكرية بقوة السلاح وقهر الشعوب كما هي الحالة مع ألمانيا واليابان وجزيرة كونتانامو الكوبية. أو باستئجارها للقواعد من الدول لقاء مبالغ طائلة كما هو حاصل اليوم في إسبانيا واليونان وتركيا وقطر وغيرها من البلدان. فعلت إسرائيلُ شبيه ذلك على أرض فلسطين. أقامت دولة فوق رؤوس وعلى أنقاض شعب عريق قديم ثم بدأت بالتوسع بالحرب والتمدد إلى جميع الجهات فقضمت أراضي شاسعة من فلسطين ثم احتلّت سيناء والجولان السورية والضفة الغربية وغزة وأراضيَ في جنوب لبنان ( مزارع شبعا ) وما زالت على ذات النهج مطيّةً مُنساقة لعقدة سرطان التوسع المستحكمة في دمها بإقامة سلاسل المستوطنات في القدس الشرقية والضفة الغربية على مسمع ومرأى العالم " المتمدن ! ". ثم لإسرائيل مزاعم وخرافات توراتية غارقة في القِدَم منها أنَّ إله إبراهيم [ يهوة ] وعده بأنّ له ولنسله من بعده مُلكاً صِرفاً كلَّ أرض تطأها قدماه .. لذا فمصر أرض لإسرائيل وكذلك بلاد الشام ثم العراق وفي العراق قبور وأضرحة تحمل أسماء يهودية ففي بابل قبر ذي الكفل وفي ميسان قبر العازر أو العزير وفي نينوى هناك قبر يونس ودانيال وغيرهما وقد نسفت داعش في الآونة الأخيرة كلَّ أو أغلب هذه الأضرحة.
إسرائيل وأمريكا توأمان سياميان أو كالتوأمين يشتركان في طبيعة فيزيائية واحدة قائمة على التوسع والتمدد في المكان قَدَراً ومصيراً لكلتا الدولتين. تنكمشان وتضمران فتموتان إذا توقف التمدد والتوسع. هذه هي عقيدة هاتين الدولتين تأصّلت فيهما حتى لا فكاكَ منها مصيراً وقدراً لا مهربَ منهما ولا بُد. كأنَّ هذه العقيدة قد صارت جزءاً من جينات دم الدولتين ( حاصلُ جمعهما : إسرائيكا ). ولكي تواصل هاتان الدولتان عقيدة وطبع التمدد والتوسع لا بدَّ من توفير الوسائل الكافلة لهما بما فيها وسائل الفتك والتدمير الشاملين من أسلحة ذريّة وكيميائية وبايولوجية فضلاً عن الأسلحة التقليدية المعروفة الأخرى. هذه الأسلحة تضمن لهما التفوق العسكري على ما عداهما من شعوب ودول وهذا هو الحاصل اليوم في الشرق الأوسط وفي عموم العالم. للقوة منطقها الخاص وإرادتها الخاصة ومتى ما توفرت هذه القوة الجبارة في بلد ما أو نظام حكم ما مضت في مشروع التوسع مغمضة العينين غير عابئة بما يحصل جرّاء هذا التهوّر الجنوني من موت ودمار وخراب وقهر وقتل لشعب واحد أو للكثير من الشعوب والتاريخ الحديث ما زالت صفحاته مفتوحة أمامنا نقرأ فيها ما صنعت آلة الحرب الألمانية والنازية الهتلرية في أوربا وشمال إفريقيا.
تواجه البشرية اليوم إرهاباً عالمياً شبيهاً لا يقوده هتلر وحزبه النازي إنما تتزعمه أمريكا وإسرائيل فهما بحق زعيمتا أكبر وأخطر موجة إرهاب معاصر مُصمم لحرق الأخضر واليابس على وجه الكرة الأرضية وبأشكال ووسائل غير مسبوقة. أساس هذا الإرهاب الجديد هو عقيدة التوسع والتمدد المتأصلّة كالجينات في دماء أمريكا وإسرائيل. يُخطئ من يظن أنه ناجٍ من خطر هذا الإرهاب المزدوج والمختلط ببعضه حدَّ التماهي العضوي الكلّي. كلٌّ يأتي دورُهُ في الظرف والزمان اللذين تختارهما أمريكا وحليفتها إسرائيل. لذا فما دامت باقية فيزياء وعقدة وعقيدة التمدد المكاني قائمة في دم وفكر وعواطف وإيمان ومصالح وهواجس ووساوس الحليفتين أمريكا وإسرائيل... فخطر دمار العالم أو خراب معظمه تبقى حقيقة قائمة لا خيالاً ولا افتراضاً إذْ لا يأتي بعد تمدد المادة العشوائي وغير المنضبط إلاّ الإنفجار المدمّر تماماً كالذي حصل للمادة الكونية الأولى.
0 comments:
إرسال تعليق