لنطالب بأملاكنا في القدس الغربية/ ندى الحايك خزمو


"لم أر كتاباً أو مقالاً أو تغطية وطنية مثلما ما تقوم به البيادر باعطاء رأيها الصحيح في موضوع القدس بالذات، وبخاصة في موضوع الأملاك، وما يقوم به الاحتلال من تهويد للمدينة المقدسة منذ أن وطأت قدماه أرض فلسطين وحتى الآن"، هذا ما قاله أحد شخصيات القدس البارزين الأخ نعيم طرزي، والذي بدأ بهذه الكلمات ليفرغ ما في قلبه من أشجان وأحزان لما تتعرض له المدينة المقدسة، وليراجع تاريخ مدن وقرى وأحياء ومناطق استولى عليها الاحتلال بالقوة، وليضع تساؤلات عديدة حول التخاذل بحق مدينة القدس والذي جعل الاحتلال يتمادى كل يوم أكثر وأكثر في الاستيلاء على المزيد من الأراضي والعقارات بحجة أو بأخرى.

ويستذكر الأخ نعيم أسماء لأحياء في القدس مثل المصرارة والشيخ جراح ومأمن الله والبقعة الفوقا والثوري والبقعة التحتا والكولونية الألمانية والكولونية اليونانية القطمون والطالبية والنبي داوود والشيخ بدر و... الخ.. مناطق وأحياء كاملة جميعها كانت للعرب .. ولم يكن بها أي يهودي قبل العام 1948 ولا يوجد أي ملكية لهم فيها ، وهذا ما أثاره أيضاً الأخ غازي السعدي مدير دار الجليل للنشر .. فكل حجر في هذه الأحياء يتحدث عن مأساة عائلة هجرت من منزلها .. وكل زاوية منها تحكي قصة أرض اغتصبت وأملاك وأراض وبيوت عربية استولى عليها الاحتلال بمنطق القوة .. ورغم أن الفلسطينيين أصحاب الحق في هذه المناطق، ويملكون الوثائق والإثباتات التي تؤكد حقهم في ملكيتها، وحقهم في العودة اليها، الا ان ذلك لم يمنع اسرائيل من التمسك بهذه الأحياء ورفض حتى النظر في هذه الوثائق، بل وادعت مثلاُ بأن بعض العقارات في حي الشيخ جراح هي- ومنذ مطلع القرن التاسع عشر- أملاك لعائلات يهودية، وبأنها انتقلت الى سيطرة الأردن بعد عام 1948 والذي - بحسب ادعائهم- أجّرها لعائلات فلسطينية والذين ما زالوا يقيمون فيها حتى الآن، ولذلك فمن حق الاسرائيليين المطالبة بها واستعادتها.. هم يملكون الحق باستعادة ما يدعون انه لهم، وفي الوقت نفسه ترفض المحكمة الاسرائيلية الوثائق الحقيقية التي يقدمها الفلسطينيون والتي تثبت ملكيتهم للأرض منذ قرون طويلة .. فلماذا لا تعاد الأملاك العربية الى أصحابها.. ويتساءل الأخوان العزيزان طرزي والسعدي .. لماذا لا نجد نشاطات وفعاليات واجراءات على أرض الواقع تطالب بعودة هذه الأملاك العربية الموجودة في غربي القدس الى أصحابها الشرعيين والحقيقيين!! ..

في ايلول من العام الماضي اتخذت المحكمة الاسرائيلية العليا قرارا بالسماح للجمعيات الاستيطانية اليهودية في القدس بالاستيلاء على عشرات المنازل في الجزء الغربي من حي الشيخ جراح بالقدس العربية، لتتحول مكانة سكان هذه المنازل العرب من أصحاب لها الى سكان في منازل ادعى اليهود ملكيتها، وبالتالي أُعطي هؤلاء الحق بالبدء باجراءات لاخلاء أصحاب هذه المنازل..فكم من عائلة شردت من منزلها تنفيذا لهذا الاجراء وكم من عائلة باتت مهددة بالاخلاء في أية لحظة ..

ويستذكر الأخ نعيم طرزي الأرض المعروفة بأرض الكاثوليك في الشيخ جراح والتي لم تصرح بلدية الاحتلال للفلسطينيين من البناء فيها .. ليفاجئوا بعد عامين بالسماح لليهود باقامة مستوطنة عليها .. حاولوا دفع تعويضات مغرية لأصحابها مقابل التنازل عنها طوعاً الا انهم رفضوا التعويضات متمسكين بحقهم في أرضهم التي هي جزء من تاريخهم وكيانهم، بل هي حياتهم التي سلبت منهم ليسرح ويمرح بها المستعمرون اليهود، فيبكي الواحد من أصحابها دماً بدل الدموع وهو يشهد بأم عينيه أرضه الغالية على قلبه وقد تحولت الى مستعمرة أضيفت الى سلسلة المستوطنات التي تطوق القدس.. وهذا هو الحال مع العديد من أحيائنا التي استولوا عليها.

تهويد للمدينة بكل معالمها التاريخية .. وتهجير لسكانها بكل الأساليب والطرق .. فالفلسطيني يحصل على ترخيص البناء بشق الأنفس وبعد سنوات طويلة من تقديم الطلب لبلدية الاحتلال، ويدفع مبالغ خيالية مقابل هذا الترخيص، والذي حتى لا يعطيه الحق إلا بالبناء على 25 بالمائة فقط من مساحة الأرض .. بينما يعطى لليهودي الحق باقامة المباني الشاهقة وبطوابق عديدة ومن دون نسبة محددة من مساحة الأرض.. فعندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين، فهناك العديد من الحجج التي يستخدمها الاحتلال لاعاقة البناء في القدس العربية لتفريغها من مواطنيها، ولمنعهم من الصمود فيها والخروج للبحث عن سكن بديل خارج القدس، وبالتالي مصادرة بطاقات هويتهم بحجة عدم تواجدهم في القدس..

انه الاحتلال الذي يبتدع الطرق والوسائل والأساليب الجهنمية للاستيلاء على أرضنا وقدسنا ومقدساتنا .. بينما نجد التخاذل والتخلي عن القدس في أصعب محنها.. وأية محنة أعظم من تزييف معالم المدينة وتزييف تاريخ القدس بأكمله ونزع الهوية العربية الفلسطينية عنها.. (البيادر)

· كاتبة وصحافية في مجلة البيادر المقدسية

CONVERSATION

0 comments: