اليمن إلى أين؟/ حسين محمد العراقي

ان  حكم  الرئس اليمني  المخلوع علي عبد الله صالح  السلطوي  الفردي بدكتاتوريته الحمراء التي  أمتدت دهراً لأكثر من ثلاثة  عقود كان سلطان أنظمة القهر والظلامي في حكمه وأن سياسته التي بناها تفتقر إلى أبسط حقوق الإنسان ومنها شعارات كاذبة بائسة وأوامرمجحفة بحق شعبه وهي (ثلاثية المصائب؟؟) أقتلوا...دمروا...أحرقوا... وبات شعب اليمن كارثة عالمية قالتها منظمات كثيرة لحقوق الإنسان سببها الرئيس المخلوع أعلاه ومليشياته ومنهم الحوثيين الذين دخلوا  التأريخ من أسوء أبوابه والدليل سياستهم الذين أستخدموها مع شعبهم الغير سوية وجرت من أحداث ومنها  الأقتتال الداخلي المرير على المواطن البريء في داخل اليمن  وعلى أثر القتلى الذين قتلوا من النساء والرجال والأطفال والشيوخ تفشت الأوبة والمصابين بأزدياد من الشعب الأعزل  والآن يشهد اليمن  ركام المنازل ولا أمن ولا أمان ومأساته  أضرت باليمن  ورجعتهُ قرن كامل للوراء وبات اليمن على شفى حفرة وليعلم الرئس المخلوع أن اليمن  لا يتحمل المزيد من المتاعب   والوطن أصبح مبعث قلق لأن تسوده شريعة القوة ولي الأذرع بسبب سياسة المليشيات  التي أنتهجتها ضد شعبها وأصبح واقعها مرير والذي ينذر بالمأساة والحروب أكثر أستهلاك للبشرية لكن بوجود الرئيس اليمني الشرعي عبد ربة منصورالذي الذي لعب دوراَ مهم ومنهُ  تحجيم دور المليشيات وجماعة الحوثيين الذين عاثوا في أرض  اليمن خراب وفساد  المحللون والمراقبون السياسيين أكدوا ذلك.. التحول السياسي الجاري في اليمن اليوم والإصلاحات التي تقومون بها  التي جعلت  اليمن  تزخر في ظل قيادتكم بالجهود المخلصة لدحر قوى الشر والأرهاب المتربصين بأمن وأستقرار الجمهورية اليمنية والمنطقة كلها واليوم تُحرِزَ القوات المسلحة والأمن نصراً بطولياً لدى مجابهة قوى الشر والتخريب والهدم وكمية الإحباط كانت كبيرة في أوساط الناس لاكن الحياة ورغم كل شيء سوف تستمر وأن الأمل سينتصر مهما كانت المآسي التي تعيشها البلدن؛؛؛
أن الرئيس المخلوع  أعلاه وشعاره الحرية  تُأخذ ولا تعطى  والذي أتبع سياسة تجويع شعب اليمن لأنهُ الباغي بغيه  ومن خلال تعامله سياسياً مع شعبه نزع ثوب الإنسانية بدليل طمس الحقيقة والإبداع... وسبا العباد...ومن خلال حكمه الجائر كرُهت البلاد من قبل شعبها ...لانهُ الأنتقامي على شعبه وله الحق أن يقول كلمته  بما يشاء وعلى شعبه  أن يكون فمهِ مغلق طالما هو عايش الحياة لأنه الخالد بالكفر والمخلد بالقمع والسجون الأبدية  المتناسي لرأس الحكمة وكيف يستقيم العدو والظل أسود  لأن شعاره ((الغدر؟؟)) وفي السياق ذاته اليمن الذي تعرض  اليوم لحرب شرسة قاسية وعدوان المليشيات الذي أصبح يشكل جرحاً دامياً ومؤلماً لكل مسلم وعربي  أشير إلى نقطة جوهرية ظلها واضح وأود التعريج قليلاً أن الوعي هو المجس الذي يُمكن للفرد من أستشعار بما يحيط به والتعامل معه ؛؛؛ 
  اليمن .. أزمة مياه تفاقم المأساة .. والصليب الأحمر يحذر من «كارثة إنسانية» وحذرت منظمة الصليب الأحمر الدولية من حدوث وضع إنساني "كارثي" مع وصول إمدادات الوقود إلى مستوى "الصفر" ونقص حاد في الغذاء والماء تشهد معظم المدن اليمنية في الوقت الراهن أزمة حادة وانعداما لمياه الشرب خصوصا في المناطق الريفية وتحديدا في لحج عمران تعز البيضاء وحجة وصنعاء وتفاقمت هذه المشكلة على وقع الاضطرابات الجارية في اليمن، التي تسببت في انعدام المشتقات النفطية ومادة الديزل المستخدمة في مضخات الآبار علاوة على عودة عشرات الآلاف من سكان المدن الرئيسة كصنعاء وعدن وتعز وغيرها من مناطق الصراع نحو الأرياف ووفق سكان محليين في صنعاء وتعز ولحج فإن أسعار المياه شهدت ارتفاعا مضاعفا خلال الفترة الأخيرة الأمر الذي يفاقم من مأساة المواطنين وتشهد معظم المدن اليمنية في الوقت الحاضر  أن منطقة الشرق الأوسط حاليا مليئة بالمتناقضات على الرغم من التحالفات البارزة في المنطقة بين أقطاب متنافرة إلا أن الأهداف تختلف من منطقة إلى أخرى فالوضع في اليمن أصبح شديد التعقيد بصورة مبالغ فيها ولذلك سيظل الصراع كما وصفته الصحف الأجنبية بمثابة منافسة بين المملكة السنية والجمهورية الشيعية بشأن النفوذ ودور القيادة في المنطقة  ...... 
  h.s332@yahoo.com

القلب يرجو/ محمد محمد علي جنيدي


القَلبُ يرجو والرِّضاءُ صفاءُ
إنَّ المحبَّةَ لوعةٌ وشفاءُ
إنْ هام قَلبي لن يهيمَ بِمثلِكم
وحنينُ وجدي للِّقَاءِ دعاءُ
والحسنُ فيكِ بدا كأعظمِ آيةٍ
ومشاعري ظمأى ومنكِ رُواءُ
وجبينُكم كالبدرِ يُهدِي نورَهُ
وبوجهِكم تتلألأُ الأضواءُ
باللهِ يا سحرَ العيونِ أما لها
جرحَى وقتلَى مثلُنا شهداءُ
العينُ تطوي لوعةً بجفونِها
وهى الَّتي هامتْ بها الشُّعراءُ
ولقد سمعتُ حديثَكم مترنِّماً
وكأنَّما همسَ الكلامِ غناءُ
وأراكِ كالبدْرِ المضيءِ مسافراً
والشَّعرُ كالليلِ البديعِ رداءُ
وفماً بلونِ الوردِ يبدو مُزهراً
فيهِ نفائسُ لألُؤٍ وبهاءُ
وقوامَ عودٍ لا يلينُ لناظرٍ
صنعُ المصوِّرِ آيةٌ عصماءُ
ويداً تُداوي كالحريرِ شقاوتي
وجميعُ ما فيكم رضاً وشفاءُ
وإذا مشيتِ فإنَّما هي خطوةٌ
أخذتْ قلوبَ النِّاسِ كيف تشاءُ
ولكم أُنادي في بهاكِ كبلبلٍ
ولكلِّ طيرٍ في هواكِ نداءُ
وأراكِ في الخُلُقِ الكريمِ كأنَّما
فرحتْ بهِ الأقمارُ والغَبراءُ
كرمُ الكرامِ فضيلةٌ دامتْ لكم
والبرُّ منكِ هديَّةٌ وسقاءُ
تُبدين في الآفاقِ فكراً صائباً
فيُجِلُّهُ الأدباءُ والعلماءُ
أملاك روحي القلبُ هام لحسنِكم
يحنو كأنِّي لهفةٌ ورجاءُ
ولَقَدْ رأيتُ صبابتي تلقى بكم
أُنساً وأنتِ البسمةُ السَّمحاءُ
سيظلُّ أسري مِنْيَةً أصبو لها
ولأنْ أمُوتَ فتكفني الحسناءُ
ويَظَلُّ عِشْقِي في الجَوَانِحِ والحَشَا
يُغريه فيكِ فضائلٌ وسناءُ


النيل والاقباط/ لطيف شاكر

صرح البابا تواضروس بمناسبة سفره الي اثيوبيا قائلا : سأسافر لإثيوبيا نهاية سبتمبر والأب متياس بطريرك الحبشة يساعد مصر في ملف النيل
وهذه ليست اول مرة يتدخل بابا الاقباط في حل مشكلة المياه فقد سبقها مرات عديدة في عصور مختلفة اذكر بعضها من بطون كتب التاريخ :
في عهد المستنصر بالله الفاطمي شحت مياه النيل وقلت في المجري المخصص للنهر العظيم وعم القحط نواحي مصر بسبب بناء الأحباش سدود علي النيل في بلادهم منعت تدفق الماء علي مصر .فأرسل المستنصر البطريرك ميخائيل إلي الحبشة حمله بهدايا للنجاشي حاكم الحبش وتكلم البطريرك مع النجاشي فوافق علي فتح سد كان حائلا دون تدفق مياه النيل, وتحسنت العلاقات مابين مصر والحبشة وجرت مياه النيل بالخير لكل المصريين وانتعشت البلاد وانتشر السلام بين ربوع مصر.
وتكرر شح المياه أيام الممإليك وكانوا قساة علي المصريين وأذلوهم, وعم الجفاف والقحط في البلاد واضطروا إلي دفع البطريرك للتوسط مع حاكم الحبشة ونجح في حل مشكلة المياه وتدفقت المياه حاملة البركات والنعم بعد القحط الشديد.
وتكررت نفس المشكلة في عهد محمد علي حاكم مصر عام 1834 وعن طريق البابا بطرس الجاولي تم حل مشكلة المياه وتحسنت العلاقات وازداد الود وعم الرخاء وزادت التنمية في كل المجالات .
وفي عهد سعيد باشا الذي حكم مصر عام 1845 وكان متعصبا للأقباط في أول حكمه وفي عهده كاد يجف مياه النيل وهدد مصر بالعطش والموت, فبعث الخديوي سعيد بالبابا كيرلس الرابع لحل مشكلة المياه واستطاع البابا كيرلس بحكمته الرصينة حل هذه المشكلة التي كانت ستسبب في موت الكثيرين عطشا وتبوير الاراضي ونفوق المواشي
وهكذا نري وطنية الكنيسة القبطية كمؤسسة مصرية عتيقة تشارك في حل اهم مشكلة في الوطن , فمصر هبة النيل واذا كانت مصر أمنا فيحق أن نسمي النيل ابونا فهو الذي يعطي بسخاء دون انتظار رد العطاء سوي الحفاظ علي نهر النيل نظيفا واحترام جريانه فقد قدسه اجدادونا وجعلوا له عيدا والها اما الام مصر الرؤوفة فننعم جميعا بحضنها دون تفرقة لاولادها ..عاشت مصر باقباطها ومسلميها .

العنف واللاعنف.. متى عربيّاً وكيف؟/ صبحي غندور

سألني أحد الأصدقاء الذين يتلقون نشرات ومقالات دورية من "مركز الحوار العربي" في واشنطن، عن كيف يمكن فهم دعوة البعض في المنطقة العربية لاعتماد "مبدأ اللاعنف" بينما هناك احتلال عسكري إسرائيلي لفلسطين ولأراضٍ عربية أخرى، وهناك أيضاً جماعات تطرّف مسلّحة ك"القاعدة" و"داعش" تمارس الإرهاب والقتل العشوائي بحيث لا يمكن مواجهتها عبر أسلوب "اللاعنف".
وأجد فعلاً أن هذا الموضوع يحتاج إلى الُتوقَّف عنده، خاصّةً أنّ مسألة "العنف" يحصل فيها تطرفٌ في اتّجاهين: اتّجاهٌ يستبيحه في كلّ مكان، وضدّ الجميع (مدنيين وعسكريين)، وهذا أسلوب "الإرهاب". أمّا الاتّجاه الآخر المتطرّف والمناقض للاتّجاهٌ الأول فهو يعتمد مقولة "اللاعنف بالمطلق" حتّى ضدّ من يحتلّ الأرض أو يمارس القتل والظلم والإرهاب.
ونجد في التاريخ وفي الحياة المعاصرة من هم ضدّ العنف كمبدأ، ولا يقبلون أيَّ تبريرٍ له حتى لو كان الدفاع عن النفس، ويصرّون بالمقابل على استخدام أسلوب المقاومة السلمية كوسيلة لتحقيق أهدافهم. وكان النبي المسيح عيسى، عليه السلام، داعياً لهذا المبدأ، كذلك حرّر المهاتما غاندي الهند من الاحتلال البريطاني في إصراره على هذا المبدأ وأسلوبه اللاعنفي. وأيضاً قاد رجل الدين المسيحي الأميركي مارتن لوثر كينج حركة الحقوق المدنية في أميركا خلال عقد الستينات من القرن الماضي، وقُتل وهو يدعو إلى المقاومة المدنية اللاعنفية.
والملفت للانتباه، أنّ هذه النماذج الثلاث من دعاة مبدأ اللاعنف قد اختاروا العذاب أو الموت على يد خصومهم، كثمن لإصرارهم على الحقّ الذي يدعون إليه، ولم يطالبوا أتباعهم بعمليات "انتحارية" بينما هم بأوكارهم مختبئون!!
وفي مقابل هذه "المدرسة اللاعنفية" عبر التاريخ، مارست حكومات وجماعات عديدة في العالم، على مرّ الزمن، أسلوب العنف بأبشع صوره، ومن دون تمييزٍ أيضاً بين مقاتلين ومدنيين أبرياء.  
***

في تقديري، فإنّ واقع الحال البشري يحتّم وجود “مقولة ثالثة” أو "اتّجاه ثالث" يضبط استخدام "العنف" ويحصره فقط -على المستوى الجماعي - بحقّ المقاومة ضدّ الاحتلال، وضدّ العسكريين المحتلّين، وعلى الأرض المحتلّة فقط. أمّا بالنسبة للأفراد، فهناك حقٌّ قانوني عالمي يعطيهم "حقّ الدفاع عن النفس" حينما يتعرّضون لمحاولة القتل. 
وحول مواجهة الجماعات الإرهابية، فهي بتقديري من مسؤولية القوى الأمنية في الدول التي تتواجد فيها هذه الجماعات، وحيث من المهمّ وجود ضوابط ومراجع قانونية لعمل هذه القوى، وحيث الفرز مطلوبٌ أيضاً بين مواجهة من يستخدمون العنف المسلح (من الإرهابيين أو حتّى المعارضين) وبين من هم يعارضون سياسياً وسلمياً، ولهم الحقّ بذلك في أيّ مجتمع يحرص على توفير وضمان الحرّيات العامة للناس، بما فيها حقّ المعتقد والرأي والقول.  
وسبق ل"مركز الحوار العربي" أن نشر في العام 2004 مشروعاً لميثاق عربي شامل، دعا فيه إلى ستّة مبادئ، كان واحدٌ منها يتعلّق بكيفيّة التعامل مع مقولة "العنف واللاعنف"، حيث جاء في المشروع:
يحدّد الميثاق رؤيته لمسألة نبذ العنف بالقناعات التالية:
لا يُلجأ إطلاقاً لعنف لحسم أيِّ خلاف أو اختلاف، مهما بلغ، بين أطراف عربية، سواء على صعيد صراعات سياسية أو طائفية ضمن القطر الواحد، أو نزاعات بين أقطار، ففي ذلك خرق لتضامن الأمَّة وهدر لكرامتها، وتمكين للأجنبي من أن يتدخَّل فيفرَّق ويسود.
يُعتبر البادئ بالعنف في أيِّ نزاع عربي-عربي معتدياً، ويُتعامل معه كمعتدٍ، مهما كانت رجاحة حجّته في النزاع.
يُعتبر البادئ بالعنف معتدياً أيضاً على الأمَّة العربية، لأنَّ اقتتالاً عربياً في أيِّما موقع عربي يزعزع الأمن القومي، يريق الدم العربي، ويستنزف طاقات الأمَّة ككل.
لا يجوز للسلطات أن تستخدم العنف في غير القضايا الجنائية، واللجوء للعنف في غير ذلك – سواء من السلطات أو من قوى المجتمع- يمثّل إفلاساً فكرياً وأخلاقياً، وتنكّراً للعروبة والدين وللديمقراطية، ويفتح الطريق أمام الحروب الأهلية.
استخدام المقاومة المسلحة ضدَّ الاحتلال العسكري، أياً كان، حقٌّ مشروع على الأراضي المحتلة فقط ويُمارس ضمن توافق وطني عليه. 
***
المشكلة الأبرز الآن هي استخدام العنف بكل أشكاله من قبل جماعات وحركات تحمل أسماء إسلامية بينما الإسلام منها ومن ممارساتها براء. ففي الإسلام، هناك مفاهيم وضوابط واضحة لا تقبل بأيِّ حالٍ من الأحوال قتْل الأبرياء – وهو مضمون المصطلح المتداول الآن: (الإرهاب)- مهما كانت الظروف والأعذار حتّى ولو استخدم الطرف المعادي نفسه هذا الأسلوب. 
وفي قول ابن آدم (هابيل) لأخيه (قابيل) حكمةٌ بالغة لمن يعيها:
"لئِنْ بسَطْتَ إليَّ يدَكَ لتقتُلني ما أنا بباسطٍ يدِيَ إليكَ لأقتُلَكَ إنّي أخافُ اللهَ ربَّ العالمين. إنّي أُريدُ أن تبُوْأَ بإثْمي وإثْمِكَ فَتكونَ من أصحابِ النّارِ وذلكَ جزاءُ الظالمين". (القرآن الكريم- سورة المائدة/الآيتان 28 و29).
وفي القرآن الكريم أيضاً: "منْ قتَلَ نفْساً بغيْر نفْسٍ أو فَسَادٍ في الأرضِ فكأنّما قتلَ النَّاسَ جميعاً، ومَنْ أحْياها فكأنّما أحيا الناسَ جميعاً" (سورة المائدة/الآية 32). "ولا تستوي الحسَنةُ ولا السيّئةُ، ادْفَعْ بالتي هِيَ أحسَنُ فإذا الذي بينَكَ وبيْنَهُ عداوَةٌ كأنَّهُ وليٌّ حميم" (سورة فُصِّلت/ الآية 34). "وتَعاونوا على البِرِّ والتَّقوى وَلا تَعَاوَنوا على الإثْمِ والعُدْوان" (سورة المائدة/الآية 2). " وقاتلوا في سبيلِ اللهِ الذين يقاتلونَكُم ولا تَعْتدوا إنَّ اللهَ لا يحبُّ المعتدين" (سورة البقرة/ الآية 190).
إذن، في الإسلام مفاهيم وضوابط واضحة لا تقبل بأيِّ حالٍ من الأحوال قتْل الأبرياء مهما كانت الظروف والأعذار حتى ولو استخدم الطرف المعادي نفسه هذا الأسلوب. 
***
أيضاً، فإنّ سوء الأوضاع الرسمية العربية على مدى عقودٍ من الزمن، أدّى ويؤدّي إلى حالاتٍ من الثورة والانتفاضات الشعبية، لكن ماذا عن البدائل التي تُحاول وراثة هذا الواقع العربي الرسمي المريض والمرفوض؟ وهل هذه البدائل هي ما كانت تطمح إليه الشعوب؟ ثمّ ماذا عن دور القوى الخارجية في كلَّ ما حدث ويحدث، وعن مصالحها في فرض أسلوب "عسكرة" التغيير المحلي المنشود؟!.، 
فهي مراهنة خطيرة جداً في بعض المجتمعات العربية أن يحدث التغيير بواسطة تحرّك شعبي مسلّح لأنّ نتيجته حروباً أهلية وتفتيت كيانات، لا إسقاط أنظمة فقط. كذلك هي مراهنة خاطئة أيضاً، ومميتة أحياناً، عندما تُمارس الحكومات العنف الدموي القاسي ضدّ قطاعاتٍ من شعبها، حتّى لو كان وسط هذه القطاعات مندسّون وإرهابيون. فالعنف المسلّح الداخلي (مهما كان مصدره) يُولّد مزيداً من الأزمات الأمنية والسياسية، ولم ينجح في أيِّ مكان بتحقيق مجتمعاتٍ موحّدة مستقرّة.
إنّ المعارضات العربية معنيّة بإقرار مبدأ نبذ العنف في العمل السياسي، واتّباع الدعوة السلمية القائمة على الإقناع الحر، والتعامل بالمتاح من أساليب العمل السياسي، ثمّ التمييز الحازم بين معارضة الحكومات وبين تهديم الكيانات، حيث تخلط عدّة قوى عربية بين صراعها مع السلطات، وبين تحطيمها- بوعي أو بغير وعي- عناصر وحدة المجتمع ومقوّمات وحدته الوطنية.
ثم أيُّ منطقٍ عربي يُفسّر الآن كيف أنّ هناك هدنة في الأراضي الفلسطينية المحتلّة اقتضت وقف العمليات العسكرية ضدَّ الاحتلال الإسرائيلي، بينما يتصاعد أسلوب العنف المسلّح في داخل دولٍ عربية؟! وهل هي صدفةٌ سياسية أن يتزامن كلّ ذلك مع ارتفاع التعبئة الطائفية والمذهبية والإثنية في كلّ البلاد العربية!!.
اليوم، نجد ممارساتٍ عربية للعنف المسلح داخل الأوطان نفسها، ومناشداتٍ للخارج من أجل التدخّل العسكري في أزماتٍ عربية داخلية، بينما هناك قناعة عربية عامّة بإسقاط خيار الحرب أو المقاومة المسلحة ضدّ إسرائيل رغم استمرار احتلالها وتهويدها المتصاعد للقدس والأراضي المحتلة!!.
تُرى لِمَ لا يتّم التوافق عربياً على أنّ "التفاوض هو الأسلوب الوحيد لحلّ النزاعات العربية" وبأن "لا لاستخدام العنف المسلّح". فقد جرى عملياً تبنّي هاتين المسألتين من قبل الحكومات العربية في رؤيتها للصراع مع إسرائيل؟!. فحيث تتوجّب المقاومة المسلّحة ضدّ عدوٍّ إسرائيليٍّ ظالمٍ محتل، يتمّ تبني خيار التفاوض والتخلّي عن أسلوب الكفاح المسلح، وحيث يجب إسقاط أسلوب العنف المسلّح بين أبناء الوطن الواحد ودعوتهم للحوار الوطني الجاد، يحصل الآن التورّط والتصعيد في حروبٍ أهلية عربية!.
فمن المفهوم استخدام العنف المسلح في مواجهة اعتداء خارجي، أو من أجل تحرير أرضٍ محتلة، لكن لا يجوز ولا ينفع هذا الأسلوب في تحقيق تغييرٍ سياسي أو في الحفاظ على نظامٍ سياسي. فالخطأ من جهة لا يبرّر الخطأ من الجهة الأخرى، والخطأ زائد خطأ لن يعادل صحّاً. 
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

مصائر ربعي المدهون/ زياد جيوسي



   في منتدى الرواد الكبار في عمّان عاصمة الأردن، وبحضور كبير رغم ارتفاع درجات الحرارة، كان حفل مناقشة وإشهار رواية "مصائر" للكاتب والروائي الفلسطيني ربعي المدهون، وهذه الرواية هي الثانية في مشروعه الروائي بعد روايته "السيدة من تل أبيب"، من إصدار المؤسسة العربية للدراسات والنشر/ بيروت ومكتبة كل شيء/ حيفا، وقد عرّف عليها الكاتب بقوله في بداية الكتاب: "هذه رواية عن فلسطينيين بقوا في وطنهم بعد حرب 1948، وأصبحوا بحكم واقع جديد نشأ، مواطنين في (دولة إسرائيل) ويحملون (جنسيتها)، في عملية ظلم تاريخية نتج عنها (انتماء) مزدوج، غريب ومتناقض لا مثيل له. وهي رواية عن آخرين أيضاً، هاجروا تحت وطأة الحرب ويحاولون العودة بطرق فردية".
   تحت اسم الرواية "مصائر" أضاف المدهون عبارة "كونشرتو الهولوكست والنكبة"، وهذا حمل أكثر من فكرة نلمسها في الرواية، فهو قام بتركيب الرواية وتوليفها على شكل قالب الكونشرتو الموسيقي، مكون من أربع حركات، ولكل حركة بطلان لهما فضائهما الخاص ليتحولا إلى شخوص ثانوية، ويبرز بطلان في الحركة الثانية، وتتكرر الحكاية نفسها في الحركة الثالثة، وفي الحكاية الرابعة تبدأ الحكايات الأربعة بالتكامل حول "أسئلة الرواية حول الهولكوست والعودة"، متعمداً من خلال العنوان استفزاز القارئ من البداية بكلمتي الهولوكست والنكبة، وهذا ما تم فعلاً في مناقشة الجمهور للرواية، فبطل من أبطال الرواية يزور متحف الهولوكست ويقارن بين ضحايا فلسطين وغزة بيد القوات (الإسرائيلية) وبين ضحايا اليهود بيد النازية الألمانية، متخيلاً أنه سيكون هناك ذات يوم متحف للضحايا الفلسطينيين بالمقابل، مشيرا أن الفلسطينيين لم يقوموا بالهولوكست حتى يدفعوا الثمن أما صمت العالم.
   تحدث الكاتب عن الرواية وإعدادها والتي استغرقت من وقته أربع سنوات، زار فيها فلسطين أربع مرات من أجل القيام بجولات في الأمكنة التي وردت في الرواية، واستمع للكثير من الناس وأجرى حوارات وعقد لقاءات وأجرى أبحاثاً كي تكون الرواية دقيقة فيما ترويه، فهو- أي الكاتب- مهجر من فلسطين، فهو ولد في المجدل/ عسقلان في العام 1945 وهاجر مع عائلته طفلاً عام النكبة 1948، ونشأ وترعرع في مخيم خانيونس في غزة ويعمل، في بريطانيا التي حمل جنسيتها، ولم يعش بالمدن الفلسطينية الست التي جرت فيها أحداث الرواية، فكانت الجولات الميدانية ليتطابق المكتوب مع المشاهدة، وهذا ما نلمسه بوضوح حين يتحدث الكاتب عن عدد البيوت (1125) بيتاً التي بقيت سليمة في عكا بعد انتهاء حرب النكبة 1948، وكيف استولى العدو الصهيوني على 85% من هذه البيوت ضمن قانون أملاك غائبين وسلمتها لشركات "عميدار" وشركة تطوير عكا الصهيونية، وتحدث بوصف دقيق لبعض من معالم المدينة وبيوتاتها القديمة فهي بعض من ذاكرة المكان، وهذا أيضاً تكرر في المدن والبلدات الأخرى كمجدل عسقلان ويافا.
   حفلت الرواية بشخصيات ثانوية كل منها تروي حكاية، وبعض منها يروي التمييز ضد المواطنين الفلسطينيين العرب من قبل الشرطة والحكومة الإسرائيلية وترك النساء ضحايا إهمال الدولة التي أجبرتهم على حمل جنسيتها، والتقاليد البالية في مجتمعاتهم المهملة والمنغلقة، مثل حكاية آلاء الحيفاوية وانتصار طنوس ونسرين الشاويش وفريال البدوية وعبير اللداوية وصفاء وسهير وغيرها، كما تحدثت الرواية عن العنصرية التي تمارسها وزارة الداخلية الإسرائيلية والعديد من الممارسات التي تمارس بحق كل من هو ليس بيهودي.
   وهناك شخصيات ما بين رئيسة وثانوية عبرت عن الانتماء للوطن مثل إيفانا الأرمنية التي أوصت أن يوضع بعض من رماد جثتها في إناء يوضع في بيت جدها في عكا، وفاطمة العكاوية الملقبة بـ"ست معارف" والتي "تحفظ ملامح عكا وتفاصيلها أكثر من كتب التاريخ والجغرافيا"، والتي تتطوع كمرشدة شعبية لتعريف الزوار والسائحين للتعريف على المدينة رافعة شعارها: "بنعطيهم معلومات صحيحة ابّلاش.. أحسن ما يشتروا الكذب من اليهود ابمصاري"، ووليد الدهمان وزوجته جولي ابنة إيفانا الذين تنقلب أفكارهما من زوار لفلسطين إلى عشق لها حتى فكّرا بالإقامة فيها، وجنين وباسم المكافحان من أجل إنقاذ زواجهما أمام قوانين إسرائيلية ظالمة وعنصرية ومتعصبة ضد العرب.
   الرواية كانت متميزة بأسلوبها وبلغتها الجميلة، وبممازجة اللهجات العامية حين الحاجة الملحة (بين أقواس) وبين لغة الرواية، وقد لجأ الكاتب للرمزية والتخيل كثيراً مما يثير مخيلة القارئ ودفعه لمعاودة القراءة لفقرات أو فصول، وكما أشار الناقد فيصل دراج في مداخلته للرواية في حفل الإشهار: "الرواية حفت بالغموض وكل رواية تخلو منه لا تكون رواية إن لم تدفع القارئ للتفكر والتأويل"، وهذا ما نلمسه بالعنوان "مصائر" وليس مصير، من دفع القارئ لتخيل أكثر من فكرة لمصير المنطقة قائمة على الاحتمالات المرتبطة بالوقائع والحكايات.
   عرافة الندوة كانت للروائي الياس فركوح، وقدم الناقد د. فيصل دراج قراءة نقدية متميزة غطت الرواية بالكامل من كافة الزوايا مثل الأسلوب واللغة والتركيب والشخصيات والفكرة، وكان تفاعل الحضور ملموساً بالحوار مع الكاتب.
       رواية تستحق القراءة والاهتمام رغم ما يمكن أن يختلف القارئ مع الكاتب أو يتفق معه ببعض من المسائل، إلا أنها حقيقة تحمل الكثير من الأفكار عبر صفحات الرواية، وهذا الخلاف أو الاتفاق يبشر بمستقبل للرواية ويؤكد أن ربعي المدهون بدأ يعتلي القمة بين الروائيين.

قناة السويــــــس.. تأميم، فتحرير، فتجديــد/ صبحة بغورة

فوق مياه قناة السويس
  ـ القاهرة ـ
ساقتني الأقداربسهولة الى حيث شاءت ، ووفرت لي الظروف ما  لم أكن أحتسب ، وكان الحدث أكبر مما كنت أنتظر ، انها فرصة نادرة أسجلها بحضوري ،انها مناسبة  تاريخية صادفت زيارتي العائلية للقاهرة وهو الاحتفال بافتتاح مشروع  "قناة السويس الجديدة "كانت صدفة فجعلتها فرصة، شاركت الشعب المصري الشقيق عن قرب مظاهر فرحته ، وعشت كما عاشت كل الشعوب العربية في بؤرة أجواء الزهو والابتهاج وفي مركز دائرة شغف الاستغراق في معانى انتصار الارادة الانسانية في امتحان الجدارة في الوجود ، هي أجواء ما أحوج الشعوب العربية الى مثيلتها في هذا الوقت الاستثنائي العصيب ،أجواء انتصاراختيارالشعب في الأمن والسلام على أسباب الفتن وعوامل الشقاق، وانتصارالخير في أصعب الظروف الاقتصادية وأعسر الأوقات الأمنية.

عبرت القناة صباح يوم الافتتاح الرسمي لقناة السويس الجديدةالخميس الموافق 6 أوت 2015 من مدينة بورسعيد حيث مقرهيئة قناة السويس الشهير بقبته الخضراء نحو مدينة بورفؤاد ذهابا وعودة وجالت أمامي صور حفرها أول مرة وافتتاحها عام 1896 ثم ظروف تأميمها عام 1954بعد الاستقلال وماتبعه من شن العدوان الثلاثي البريطاني ـ الفرنسي ـ الاسرائيلي عام 1956 وحرب العبور الشهيرة لتحريرها في أكتوبر 1973 تصورت كم هي غالية عند المصريين ومنها كانت الفرحة بكل جديد يطرأ عليها،ومن ذلك صور لا تنسى للخروج العفوي الهائل للجموع الغفيرة من البشر التي اجتاحت المدن وتجمعت حول الشاشات العملاقة تراقب مجريات الحفل الذي صبرت على انتظاره عاما مر عليها كأنه قرنا ، غمرت الشوارع الأعلام الوطنية والأضواء والزينات وانبعثت الأغاني تصدح في الفضاء الواسع ممجدة باعلان افتتاح قناة السويس الجديدة أمام الملاحة البحرية الدولية شريان للحياة وسبيلا للتنمية والرخاء. خروج شعبي عفوي بالملايين يجد مبرره في أن الشعب أراد منذ البداية خوض المواجهة مع الطبيعة القاسية والظروف المناخية الصعبة ، وأن خروج شعبي عفوي بالملايين يجد مبرره في أن الشعب أراد منذ البداية خوض المواجهة مع الطبيعة القاسية والظروف المناخية الصعبة ، وأن الشعب اختار أن يضمن تمويل المشروع من رزقه وقوته اليومي ، والشعب من قام بالانجازكاملا جهدا وعرقا ودما وتحدى الزمن في سنة واحدة ، وأخيرا كان الشعب هو من احتكر تمويل الحفل الكبير بالمناسبة لأنه بحق،  صاحبه.

الحدث رسالة كاملة سامية ونبيلة للانسانية كافة ، أن لا شيء مهما بلغ حجمه وعظمت خطورته يمكنه الوقوف أمام اختيار الشعوب من أجل الخير اذا صدقت النوايا وتكتلت العزائم وتوحدت الهمم، وأن لا شيء يمكنه عرقلة تسارع الخطى نحو التقدم أو اعاقة الجهود المخلصة عن دوام البذل ومتابعة العطاءلترقية حياة الانسان ، وما قناة السويس الجديد الا خطوة واحدة وسريعة ولكن واسعة المسافة وتأثيرها بعيدة المدى تم قطعها في "لحظة " من عمرالزمن ، خطوة بمقدار يزيد عن 70كيلومتر طولا و400 متر عرضا و24 متر عمقا يقدمها الشعب هدية منه لكل الدنيا.
 النصب التذكاري للقناة الجديدة
  ليس سهلا أبدا الحديث في عجالة عن تفاصيل الحجم الهائل من الأعمال التي تم انجازها لشق القناة الجديدة ،أوعن آلاف المعدات التي اشتغل عليها أكثر من 35 ألف عامل في حفرها ، لكن المتابع لها والمتأمل فيها يدرك انها كانت سيمفونية منظمة عملت بتنسيق محكم واتقان مدهش لا مجال فيها للخطأ ، وأن شقها لم يكن أسهل من تحريرها في حرب أكتوبر من عام 1973فهؤلاء الآباء و الأجداد ضحوا بدمائهم للوطن ، وقدم له الأبناء الجهد والعرق من أجل أن تحيا الحياة على ضفاف القناة.                                              
                             

شطآني تستسلم للجفاف/ فاطمة الزهراء فلا


فجأة أبعثر أشعاري بلا مبرر
ولا أخجل حين أرسم وشمي علي صدرك
وأدعي أني أحبك 
في سحابات المساء
حين يدعي الغروب القلق
أسلك الدرب منتشية
وأعود أبكي الغياب
أجمع الأحلام وأنادي بجماليون
والشوارع والأشجار والليل والنهار
لتأخذ الأسماء والخطايا والموسيقي
وأختلس بعضا من أشعار السياب
حين يناديني المطر
وأنا قلبي لا يزال في خطر
وتجرفني دمعاتي
لبركان الذاكرة الممتلئة بعشقك
فيكون الجرح عنواني
وتكون أنت قاتلي
لكن أهداب زهرتك بين صفحات كتابي
وشطآني استسلمت للجفاف
بعد رحيلك مباشرة
أقدم طقوسي
قهوتك في الصباح
وقبلة كالدقيق ينثرها الهواء
لأنها بمذاق جنوني
وأنت كالعادة تختبئ بأنفاسي
وعلي ضفاف بوحي
هواجسي كما هي
لكن حروفي دنسها الخوف
فانطفأت في جوف البحر
وتعلق مجنون ليلي بأستار الكعبة
وولادة لم تمنح سطح خدها
لقبلات ابن زيدون
وديانا رحلت مقتولة بالحب
فمن يمنح الأمان لذاكرتي
في لحظة عشق وغياب

من الذاكرة الفلسطينية: جريمة حرق المسجد الأقصى المبارك/ محمود كعوش

يوم ارتكب الصهاينة جريمة حرق المسجد الاقصى في 21 آب 1969 قالت رئيسة وزراء كيان العدو آنذاك جولدا مائير: "لم انم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا أفواجاً من كل حدب وصوب ....لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذة أمة نائمة......"!!. 
هل حقاً أن إدراك جولدا مائير كان في محله وأن هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس قد تحولت بالفعل إلى أمة نائمة ؟!! 

تمشياً مع متطلبات العقيدة الصهيونية المتعطشة دائماً لسفك الدم وإزهاق أرواح الأبرياء من أطفال ونساء وبنات وشيوخ وشبان فلسطين المدنيين العزل، وإمعاناً في تنويع وتحديث وتطوير الوسائل والأساليب والآليات والأدوات الصهيونية لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وطرده منها، مارست العصابات الإرهابية الصهيونية بحق هذا الشعب البطل أبشع صور التعذيب والتنكيل، ودأبت تلك الزمر الإرهابية على اقتحام البلدات والقرى الفلسطينية والعمل على سفك دماء أهلها بدم بارد، والقيام بتدمير ونسف وحرق المنازل وبيوت العبادة والدوائر العامة والباصات والأسواق وكل ما وصلت وتصل إليه أياديهم.
ولأن المسجد الأقصى المبارك الذي يعتبر أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين في العالم لم يسلم من إرهاب العصابات الصهيونية، ولأن الذكرى الثالثة والأربعين لجريمة حرقه من قبل متطرفين "إسرائليين" تتوافق مع الحادي والعشرين من الشهر الجاري الذي يتوافق بدوره هذا العام مع عيد الفطر المبارك، يستدعي الواجب ضرورة التوقف المطول عند هذه الجريمة النكراء لإعادة إلقاء الأضواء عليها وعلى نتائجها وإرهاصاتها.
طوال ثمانية وأربعين عاماً من احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس ظل المسجد الأقصى بشكل متواصل من أولويات أهداف التغيير عند سلطة الاحتلال "الإسرائيلية" الغاشمة، بزعم "وجود جبل الهيكل اليهودي تحت أرضه"!! وقد اتخذت عمليات تغييره أشكالاً مختلفة منها العبث بمحيطه وباطن أرضه وجدرانه وكل شيء فيه، والتحدي السافر لرواده وعمليات الاقتحام المتتالية له، التي قام بها "الإسرائيليون" وما زالوا يقومون بها بشكل أحمق ومجنون حتى أيامنا هذه.
 فمنذ وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في اليوم الثاني لعدوان حزيران 1967، دأب المتطرفون "الإسرائيليون" على اقتحام ساحة المسجد بين الحين والآخر وتدنيسها من خلال إقامة حفلات الغناء والرقص والمجون والخلاعة بداخلها. ولربما أن اقتحام الإرهابي الصهيوني الأرعن آرئيل شارون مع نفر من أعوانه الأشرار في 28 أيلول 2000 ساحة المسجد تحت سمع وبصر حكومة حزب العمل التي كان يرأسها آنذاك الإرهابي الصهيوني الآخر أيهود باراك كان الأسوأ من نوعه والأكثر استفزازاً وتحدياً لمشاعر العرب والمسلمين بمن فيهم الفلسطينيين طبعاً، إذ شكل الشرارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثانية التي حملت اسم المسجد المبارك.
لقد بدأ المتطرفون "الإسرائيليون" حملاتهم التغييرية والتهويدية للمدينة المقدسة مع لحظة وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في 6 حزيران 1967، وتواصلت هذه الحملات في ظل "اتفاقية أوسلو" اللعينة وخلال ما أعقبها من مفاوضات وتفاهمات عقيمة بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" تارة برعاية رباعية منحازة وطوراً برعاية أميركية أكثر انحيازاً، وتصاعدت وتيرتها في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يواصل الجنود "الإسرائيليون" شنها ضد الفلسطينيين الآمنين بطريقة عدوانية سافرة.
وقد سبقت الحملات المسعورة بناء جدار الفصل العنصري، واستمرت في ذروة بنائه وبعد الانتهاء منه، وقد بلغت هذه الأيام ذروتها، ولا يبدو أن لها نهاية أو مستقراً في ظل استمرار المطامع "الإسرائيلية" التوسعية وفي ظل انحياز أميركي وتواطؤ أوروبي وخضوع رسمي عربي كامل ومهين للاملاءات الأميركية ـ "الإسرائيلية" المشتركة. واكتست الحملات ولم تزل وجوهاً وأقنعة عديدة ومتنوعة، وتم التعبير عنها بوسائل وطرق شريرة وشيطانية مختلفة ومتباينة، ومن خلال العديد من الحلقات والمحطات التي تركت آثارها المؤلمة والموجعة على العرب والمسلمين، وبالخصوص على الفلسطينيين وبأخص الخصوص على المقدسيين، بحيث بات من الصعب التكهن باحتمال محوها من ذاكرة أجيالهم المتعاقبة.
لا ريب في أن محاولة الإجهاز على المسجد الأقصى المبارك عن طريق الحرق في 21 آب 1969، التي تتصادف ذكراها السادسة والأربعون في هذا الشهر، قد كانت من أبرز محطات حملات التغيير والتهويد "الإسرائلية" الإجرامية. فتلك المحاولة التي وقف وراءها نفر من المتطرفين "الإسرائيليين" الذين ما أضمروا ولا أظهروا غير الحقد والكراهية للفلسطينيين والعرب عامة، قد جرت بإيعاز وتشجيع من الدوائر السياسية والأمنية "الإسرائيلية" الرسمية.
في إطار تلك المحاولة الإجرامية قام المتطرفون "الإسرائيليون" بحرق المسجد بطريقة لا يمكن لسلطات الاحتلال أن تكون بمنأى أو بمعزل عنها، إذ أنها قامت بقطع المياه عن منطقة الحرم فور ظهور الحريق، وحاولت منع أخيار القدس وسيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية من الوصول إلى المنطقة للقيام بعملية الإطفاء. ولولا استماتة هؤلاء الأخيار في عملية الإطفاء لكان الحريق قد التهم قبة المسجد المبارك، إذ أنهم اندفعوا بقوة وإصرار عبر النطاق الذي ضربته قوات الاحتلال "الإسرائيلية" وتمكنوا من إكمال مهمتهم. لكن وبرغم تلك الاندفاعة البطلة إلا أن الحريق أتى وللأسف على منبر المسجد وسقوف ثلاثة من أروقته وجزءٍ كبير من سطحه الجنوبي.
وفي محاولة يائسة لطمس معالم الجريمة عملت "إسرائيل" على التعمية عليها من خلال الادعاء بأن "تماساً كهربائياً تسبب في الحريق"، لكن تقارير المهندسين الفلسطينيين دحضت ذلك الإدعاء، وأكدت أنه تم بفعل أيد مجرمة أقدمت على تلك الفعلة الشنيعة عن سابق إصرار وتصميم وترصد، الأمر الذي أجبرها على التراجع عن ادعائها وتحويل الشبهة إلى شاب أسترالي يدعى دينيس مايكل وليام روهان. وفي عملية احتيالية كان القصد من ورائها امتصاص غضبة الفلسطينيين وسيل الإدانات العربية والإسلامية والالتفاف على المنظمة الدولية، قامت "إسرائيل" باعتقال ذلك الشاب المسيحي المتصهين الذي قيل في حينه أنه قدم إليها لغرض السياحة، لكنها ما لبثت أن تذرعت بانه كان "معتوهاً" ومن ثم اطلقت سراحه وسلمته إلى بلاده!! وهكذا كعادتها بعد كل جريمة إرهابية يرتكبها جنودها ومواطنوها بحق الفلسطينيين وأملاكهم وأوقافهم، قيدت "إسرائيل" جريمتها الإرهابية النكراء تلك ضد معتوه!! وعُرِفَ دينيس مايكل وليام روهان بانتمائه لكنيسة الرب التي تقبل بحرفية التوراة وتنبؤاتها. وأتباع هذه الطائفة يولون أهمية كبرى لرجوع اليهود إلى "اسرائيل" وخاصة إلى القدس، ويعتقدون أنهم يستطيعون التعجيل بهدم المسجد الأقصى. ويومها نفت كنيسة الرب أي علاقة لها بالحرق وسلمت عبر مندوبها مذكرة من المسؤول عن شؤون الشرق الأوسط في الدائرة الأوروبية بسويسرا مؤرخة في 17/9/ 1969 إلى الهيئة العلمية الإسلامية في القدس وجاء فيها:".... ونرغب في أن ننقل إليكم بأن مرتكب جريمة الإحراق لا علاقة له البتة بكنيسة الله".
قيام المتطرفين "الإسرايليين" بارتكاب جريمة حرق المسجد الأقصى وإقدام حكومتهم على معالجتها بطريقة استفزازية أثارت في حينه هياجاً كبيراً في الأوساط العربية والإسلامية لما يمثله المسجد من قيمة كبرى على الصعد الدينية والحضارية والإنسانية، استوجبا قيام مجلس الأمن الدولي بإصدار قراره الشهير الذي حمل الرقم 271. وفي ذلك القرار أدان المجلس "إسرائيل" لتدنيسها المسجد، ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية المدينة المقدسة. وعبر القرار عن حزن المجلس للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال العسكري "الإسرائيلي" الغاشم. وبعد أن استذكر القرار جميع القرارات الدولية السابقة التي أكدت بطلان إجراءات "إسرائيل" التي استهدفت التغيير في القدس المحتلة، دعاها من جديد إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري. كما دعاها إلى الامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة، المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية. ويذكر أن القرار الدولي صدر بأغلبية 11 دولة وامتناع أربع دول عن التصويت من ضمنها الولايات المتحدة.
أجمع المحللون السياسيون المهتمون بقضية فلسطين على أن حريق المسجد الأقصى المتعمد مثل محطة رئيسية من محطات الإرهاب "الإسرائيلي" المتواصل وشكل حلقة بارزة من حلقات المسلسل "الإسرائيلي" للممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية بحق الفلسطينيين وأملاكهم وأوقافهم وأماكن عباداتهم الإسلامية والمسيحية تحت سمع وبصر العالم أجمع، بما في ذلك النظام الرسمي العربي.
فمنذ احتلال القدس وحتى الآن، لم يكف المتطرفون "الإسرائيليون" عن ارتكاب المجازر الإجرامية بحق المصلين في المسجد الأقصى الشريف ولم يكفوا عن محاولة اقتحامه والتهديد بهدمه ونسفه بالمتفجرات وضربه بالصواريخ لإقامة هيكلهم المزعوم فوق أنقاضه. ويذكر أن مجزرة عام 1990 كانت واحدة من المجازر البربرية التي ارتكبها هؤلاء الأشرار بحق من اعتادوا على التواصل مع الله من خلال الصلوات في المسجد الأقصى من منطلق إيماني وحرص أمين ومخلص على تأكيد هوية الأقصى العربية والإسلامية. في تلك المجزرة الرهيبة هدر "الإسرائيليون" دم 22 فلسطينياً غيلة وغدراً وهم في لحظات الخشوع بين يدي رب العالمين.
 ولم يوقف "الإسرائيليون" الحفريات حول المسجد المبارك وفي باطن أرضه وجدرانه وفي الأماكن المحيطة به لحظة واحدة. فقد تواصلت الحفريات بشكل مسعور ومحموم بذريعة البحث والتنقيب عن آثار هيكل سليمان وذرائع أخرى واهية. ولم تستثنٍ الحفريات بيتاً عربياً أو مدرسة أو دار علم يملكها عربي. وبموازاة ذلك، دأبوا منذ عام 1968 على حفر الأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف. وفي العام المذكور شرعوا بحفر نفق عميق وطويل أدخلوا إليه سفر التوراة وشيدوا في داخله كنيساً يهودياً. وبلغت عملية حفر الأنفاق ذروتها في أيلول 1996، عندما أقدموا على حفر نفق يمر أسفل السور العربي للمسجد ويربط بين حائط البراق وطريق الآلام، الأمر الذي أثار في حينه حفيظة المقدسيين وأشعل موجة من المواجهات المسلحة التي اتسعت رقعتها لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأسفرت تلك المواجهات عن سقوط 65 فلسطينياً و 15 جندياً إسرائيلياً. وقد حصل كل ذلك في ظل تنامي الحديث عن السلام الكاذب الذي تواتر على خلفية مؤتمر مدريد المشؤوم واتفاقية أوسلو اللعينة.
ويُذكر أنه في ظل احتفال الفلسطينيين بتحرير قطاع غزة في عام 2005، تعالت أصوات "إسرائيلية" منكرة من هنا وهناك مهددة بقصف المسجد الأقصى بالصواريخ من الجو والبر أو اقتحامه وتدميره. ففي السادس من حزيران ذلك العام، حيث توافقت الذكرى ألـ 38 لاحتلال مدينة القدس، فشلت مجموعات يهودية متطرفة رافقها حاخامات ونواب "إسرائيليون" يمينيون وشخصيات "إسرائيلية" شعبية في اقتحام المسجد بشكل جماعي عبر باب الأسباط بعد أن تصدى لها حراسه والمرابطون بداخله ومن وحوله. وفي ليلة التاسع من آب في ذات العام تكررت المحاولة عبر بابي حطة والسلسلة، إلا أنها منيت بالفشل أيضاً. ومنذ الرابع عشر من ذات الشهر والعام الذي توافق مع ذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل الثاني"، استأنف المتطرفون اليهود محاولات اقتحام المسجد جماعياً وفردياً. وفي واحدة من تلك المحاولات الإجرامية، ألقت الشرطة "الإسرائيلية" القبض على متطرفين حاولا الدخول إليه عبر بابين مختلفين.
وفي الأعوام التسعة الأخيرة، بين 2006 و 2015 الجاري، تكررت المحاولات مترافقة مع تهديدات مباشرة من قِبَلِ أعضاء في الكنيست "الإسرائيلي" بتدمير المسجد المبارك!!
أتذكر أيضاً أنه بينما كانت انتفاضة الأقصى المجيدة لم تزل بعد في أوج توقدها في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، تمحورت المخاوف الفلسطينية بصورة خاصة حول القدس والمخاطر المحدقة بها والمستقبل المظلم الذي يتهدد عروبتها ذلك لأن "الإسرائيليين" كانوا يعملون على إعادة رسم جغرافيتها بالكيفية التي تلائم طموحاتهم التهويدية والاستيطانية التوسعية. هذا وتظافرت المخاوف على المسجد الأقصى بشكل خاص ومدينة القدس بشكل عام لتبلغ مبلغاً من الخطورة لم تبلغه من قبل مع قيام السلطات "الإسرايلية" في مطلع عام 2010 بافتتاح ما أسمته حكومة تل أبيب "كنيس الخراب" على بعد بضعة أمتار من المسجد الأقصى. 
وفي عام 2012 وبعدما اتخذت بلدية الاحتلال "الإسرائيلي" في مدينة القدس قراراً قضى بتحويل باحات المسجد الأقصى إلى حدائق وساحات عامة وفتحها أمام دخول اليهود إليها وقت ما يشاءوون تحولت تبعية تلك الباحات إلى البلدية، مما ضاعف المخاوف الفلسطينية على المسجد الأقصى التي بلغت ذروتها، باعتبار أن ذلك الأجراء التعسفي وما سبقه وما تبعه من إجراءات تعسفية مماثلة بين ذلك العام والعام الجاري جاءت جميعها في إطار التهيئة لتحقيق الحلم الصهيوني في إقامة الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاض أولى القبلتين وثالث الحرمين.
إنه لمن دواعي الأسف والأسى أن يحدث كل ذلك في ظل استمرار الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني وحالة الانقسام والتشرذم القائمة بين من يفترض أن يكونوا إخوة ورفاق النضال ضد العدو "الإسرائلي" المشترك، الأمر الذي يستدعي طرح ذات السؤال الذي اعتدت على طرحه في السنوات السبع الأخيرة مع قدوم كل ذكرى جديدة: ترى إلى متى سيستمر هذا الوضع الشاذ الذي تحولت الوحدة الفلسطينية معه إلى حلم بات بعيد المنال ؟!!!

كوبنهاجن في آب/أغسطس 2015
محمود كعوش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

المادية أهدرت كل معاني السعادة/ أشرف دوس

لقد أصبح العالم كله يئن من المادية المفرطة التي أهدرت كل معاني السعادة، في الوقت الذي يعانى فيه من فراغ روحي وإيماني، علينا أن نتحمل مسئوليتنا تجاه البشرية، وإلا سنستمر فى السقوط وننزلق لمزيد من الانهيار ويشقى العالم بشقائنا.

أصبحت أمتنا تغرق في أزمات مالية تهلك البسطاء، ذلك بالرغم من الثروات الطبيعية التي حبانا الله بها، بل وصل الأمر بنا إلى أننا ننتظر المعونات من البيت الأبيض تارة ومن الكتلة الحمراء تارة أخرى، وندفع فى النهاية فواتير الأزمة المالية العالمية التي اقترفها الغرب بتعاملاته المدمرة.

تراجع مصروصل لدرجة أن الكل استخف بها وأصبحنا غثاء كغثاء السيل، بل وصل بنا الأمر إلى انهيار أخلاقي يخالف ما جاء بالديانات السماوية لتحرير البشرية من الشهوات المحرمة، فهاهم شبابنا يتسكعون في الطرقات، وها هي فتياتنا تلهث خلف نساء الغرب لتأسى بهن فى ملابسهن وسلوكهن، والمحصلة لهذا الانهيار الأخلاقي للأسف أكثر من مليون حالة زواج عرفي بين الشباب والفتيات في الجامعات والمدارس المصرية فقط، ناهيك عن باقي الدول العربية والإسلامية، وآلاف من حالات الاغتصاب والتحرش الجنسي تسجلها محاضر الشرطة والمحاكم، وانتشار للأمراض الجنسية الفتاكة كالإيدز وغيرها.


العنف والفوضى دليل الإسلام السياسي إلى السلطة/ كافي علي

في إحدى قرى الطين عند أطراف الموصل، تجمع سكان القرية يتبادلون الحكايات عن قدرة الدواعش على القتال قبل أن يقطعهم العجوز جاسم وهو في طريقه إلى الصلاة قائلاً "جميعنا كان مثلهم أيام طيش الشباب وقوته" هذه الحكاية وحكايات أخرى تسمعها في القرى والمناطق الشعبية التي يسطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية أو المجاهدين كما يطلقون عليهم.
لا فرق عند هؤلاء الدراويش بين الذين يحكمونهم طالما يوفرون لهم الخبز والأمان والحكايات التي تسليهم.
المجتمعات التي تعاني الفقر والإهمال حواضن سهلة للتنظيمات الإسلامية لأنها لا تحتاج لاستبدال الولاءات وتبني الأفكار الطارئة أكثر من الخبز المغمس بالخوف وذكر الله ورسوله.
جميع تنظيمات وأحزاب الإسلام السياسي التي تلعب دوراً بارزاً في الصراعات الحالية تفتقر إلى منهج ومشروع حقيقي ينسجم مع متطلبات الواقع ويؤهلها للإنتقال من المناطقية إلى الدبلوماسية السياسية دون استخدام العنف أو تقديم تنازلات ليس لها تفسير في الشريعة الإسلامية.
تشدد وعنف للاستحواذ على السلطة وازدواجية في المعايير عندما يتعلق الأمر بالاحتفاظ بها، بينما لم يتوان تنظيم الإخوان عن التعامل مع الإمبرالية الغربية من أجل ركوب موجة الربيع العربي والفوز في الانتخابات، غيرت حماس خطابها المتشدد اتجاه اسرائيل وتقبلها لمبدأ الحوار مع الكيان الصهيوني كحل في معالجة القضية الفلسطينية.
اما الأحزاب الإسلامية الحاكمة في العراق بعد الاحتلال الأميركي فقد اصابها انفصام كامل تبلورت مظاهره المثيرة للسخرية بارتداء رئيس الوزراء السابق نوري المالكي لربطة العنق عند زيارته لأميركا والتخلي عنها عند زيارته لإيران.
كذلك يمهد تنظيم القاعدة في سوريا للولوج في ذات الظاهرة، ولا شك سيفعل تنظيم داعش ليثبت أقدامه في المجتمع الدولي.
هل للسلطة نغمات وترددات لا يستوعبها الثبات على المواقف وفق الشريعة الإسلامية عندما يتعلق الأمر بطبيعة استجابة الدول العظمى لتلك المواقف، أم أن المسألة تتعلق بضعف هذه التنظيمات وتسلقها العنيف على فوضى الأحداث للاستيلاء على الحكم؟
الأحزاب والتنظيمات الإسلامية جميعها متفقة على ما تحققه فوضى العنف من إنهاك وضعف للحكومات دون أن تأخذ بنظر الأعتبار ما ينتج عنها من ضحايا ودمار لمنظومة الدولة أو التهديدات الخارجية التي تواجهها، نموذج إمبريالي إسلامي تفرضه تلك الأحزاب والتنظيمات على نسق الإمبريالية الغربية التي تتفق معها في الغاية وتختلف عنها بشرعية الأساليب إسلامياً.
تنظيم الإخوان ركب موجة التظاهرات العربية ببراعة استمدها من خبرته في النضال الجماهيري وقاعدته الراسخة في المساجد، لكنه لم يكن واقعياً بما يكفي لإدارة الدولة دون التآمر مع جهات خارجية، الأحزاب التابعة لإيران استغلت فوضى الاحتلال الأميركي للعراق في المناطق الجنوبية لتأسيس قاعدة جماهيرية يضمن ولائها المذهبي البقاء في السلطة، لكن ما تسببت به من خراب في البلد انتهى بحنين وأنين جماهيرها على أيام حكم النظام السابق.
داعش اغتصبت المناطق السنية مستغلة اضطهاد وفساد حكومة المحاصصة الطائفية لأهلها، تنظيم القاعدة يقاتل كالاخطبوط في جميع آلاتجاهات ليضمن وجوده كطرف في الصراع على السلطة في سوريا، وهكذا إلى أن ينهار ويسقط آخر نظام عربي نعرفه لتدخل بعدها المنطقة في صراع أكثر عنفاً وخراباً من الحاضر، صراع تتقاتل فيه تلك الأحزاب والتنظيمات مع بعضها البعض على حجم نفوذها.
ستكون سوريا وما حل بها نموذجاً بسيطاً لطبيعة الصراع المتوقع.
فقط التوقف عند أسباب فشل تلك التنظيمات والأحزاب في خلق مناطق جديدة لفوضى العنف في دول ما زالت تتصدى لمحاولاتها، وتعزيز تلك الأسباب، يمكن أن يجنب المنطقة ما ينتظرها من خراب سياسة تنظيمات وأحزاب الإسلام السياسي.
أن تجد الحكومات حلولاً للمشاكل الاجتماعية والاقتصادية في المجتمعات الفقيرة، كذلك فتح قنوات الحوار مع النخب السياسية والدينية، يمكن أن يكون جزءاً من إجراءات الوقاية وسد الثغرات التي يستغلها صناع الفوضى ومشعلي الحرائق للاستحواذ على السلطة.        

الديموقراطي الكوردستاني بين الحزب والمؤسسة القومية/ كفاح محمود كريم

   
 لقد عاش الكورد مئات السنين من تاريخهم يتعاطون الحياة مع جيرانهم العرب والفرس والترك دونما شعور بأن الآخرين أقوام اقل منهم شأناً أو مكانة إنسانية، وعلى العكس من ذلك فقد تبنوا عبر تاريخ هذه الشعوب قضاياهم وآلامهم وبنائهم للبلدان والأوطان واندمجوا في تفاصيل حياتهم وناضلوا من أجل العيش معا، وقتل مئات الآلاف منهم لأجل قضايا تلك الشعوب بصرف النظر عن الكيفية والوسيلة، وعبر مئات السنين أيضا حاول الآخرون إذابة الكورد في بوتقاتهم، وإلغاء هويتهم القومية، تارة باسم الدين وتارة أخرى على خلفية شوفينية عنصرية استعلائية، وسرقة تاريخهم أو مسخه بما لا يترك أثرا حضاريا لهم، رغم أنهم ساهموا حتى مفاصل القيادة الأولى في كياناتهم السياسية كما فعل صلاح الدين الأيوبي حينما انصهر كليا في بوتقة الدولة الدينية الإسلامية وأقام صرح دولته الأيوبية ذات الغطاء الإسلامي والباطن القومي العربي، وما حققه للعرب والمسلمين من إنجاز لم يتحقق حتى يومنا هذا في تحرير فلسطين آنذاك، ومثل ما فعل هذا فعل المئات من أمثاله في حقول الثقافة والآداب والعلوم والفنون للفرس والعرب والأتراك.

     ولم يشفع هذا السيل من الذوبان والمشاركة الأصيلة في منع أصحاب القرار لمئات من السنين في فكرة قبول الكورد كيانا سياسيا وقوميا مستقلا، لا في الجزء الذي اندمج مع العرب ولا في الجزأين الذين اندمجا مع الفرس والأتراك، بل راح الأخوة الأعداء يمعنون في برامجهم وسياساتهم بكل الوسائل على تمزيق كوردستان وصهر شعبها تارة كونهم أتراك الجبال وتارة الأخ الأصغر لفارس الأكبر وتارة أخرى في بوتقة الإسلام ولغة أهل الجنة، وهكذا دواليك السنين والأزمان، فما ارتضى الكورد استكانة أو امتهان، فقامت لهم انتفاضات وثورات وعاشوا أزمانا من القهر والقتل والتشرد والتهجير والتفقير، حتى انقسموا أربع أجزاء في أربعة دول، وآلافٍ من العشائر والقبائل واللهجات والثقافات، وأعراض رهيبة لشعب أسير ومعتقل في وطنه من اختلاف الولاءات والاتجاهات، حتى غدت القرية والعشيرة هي الأساس في الارتباط والانتماءات. وتسطيحٌ للمفاهيم والتعليم ومنع اللغة ونشر الأمية وتسييدِ جهلة ونكرات، حتى ظن القوم إننا ضعنا في طوفان الإلغاء والأنفالات.

     من إذن يستطيع أن يجمع هذه الأمة التائهة بين ذئاب ووحوش كاسرة من كل الجهات وقطعان من التخلف وطوفان من التشتت والاستلاب والتغييب وعشرات من اللهجات وملايين من علامات الاستفهام والاستفسارات، وانتماء لقرية أو عشيرة أو دين أو فكر، لكنها جميعا بعيدة عن ما كان يفكر به ثلة من رجال صاحبوا الشمس في ظلمة الليل، وفارس جليل يحمل شعلة كاوه وفوانيس ميديا وشموخ جبال امتدت على خارطة الوطن المجزأ كبرياء وعنفوانا ووجود.

     كان ذلك في أواخر النصف الأول من القرن الماضي وأواخر عامه السادس والأربعين وتحديدا في السادس عشر من آبٍ اللهاب بأيامه وأحداثه التي ستغير مجرى التاريخ والأحداث.

     هناك؛ جمع الزعيم البارزاني مصطفى تاريخ أمة، وتشتتَ شعب، وإصرار وجود، وتحقيق هوية وعنوان، القرية والعشيرة واختلاف اللهجات والانتماء للاشيء والتدين القروي وتعدد الفكر ومدارسه من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، وطبقات الناس من أدناها فقرا وعوزا إلى أعلاها ثراءً وإقطاعا، وشرائح من ناس، أدباء وفنانين وعلماء وضباط ومتعلمين وأميين وأنصاف مثقفين وأرباع متعلمين وعلمانيين ورجال دين مسلمين وايزيديين ومسيحيين وملحدين، من شرق الوطن وغربه ومن الشمال وأساسه في الجنوب.

من هنا كانت البداية... أين يكمن الألم..؟

     وأين هي تلك الأوجاع المتكلسة عبر الأزمان.. أزمان وتاريخ من الضياع بين أمم حاولت أنظمتها السياسية مصادرة الهوية والعنوان، ولم يك مهما لديها أن تكون فقيرا أو غنيا، مثقفا أم أميا حضاريا، مسلما أو مسيحيا أو ايزيديا، ماركسيا أو ليبراليا، يساريا أو يمينيا، المهم أن تكون تذوب في بوتقتها!؟

     هنا أدرك البارزاني مصطفى وفرسان الشمس الذين إبتدأوا المشوار إن السر في جمع كل هذه المتناقضات في كوردستان يكمن في البحث عن الهوية والعنوان، فكان الحزب الديمقراطي الكوردستاني.

     لم يك حزبا تقليديا كما الأحزاب في كل مكان، يمثل شريحة أو طبقة أو دينا أو عرقا، بل كان مؤسسة قومية ووطنية وإنسانية، احتضنت كل أطياف وشرائح وطبقات وأعراق وأديان حول ما كان ينقصهم جميعهم وهو الهوية والعنوان.

     كان بحق مؤسسة ديمقراطية تزهو فيها كل النظريات وتلتحم حولها كل الأيديولوجيات والأطروحات من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، يجمعها ثابت واحد ونهج بلوَر سلوكياته وتطبيقاته الزعيم مصطفى البارزاني وأبدع في جمع شمل كل هذه المتناقضات في بوتقة مؤسسة قومية تضم آلام وأوجاع الملايين من الكوردستانيين في كل مكان، حتى غدت خلال أعوام منارا لكل الأحرار، لا في كوردستان لوحدها بل لكل العراق من أقصى جنوبه إلى أقصى غربه.

     لم يتبنى الحزب مبدأً عرقيا عنصريا أو طبقيا محددا بل كان كوردستانيا منذ اللحظة الأولى فجمع بين صفوفه الكورد والتركمان والعرب والكلدان والآشوريين والأرمن والسريان، وآخى بين المسلمين والأيزيديين والمسيحيين في ثابت الوطن والهوية والعنوان، ولم يلغ خصوصية أي مكون عرقي أو طبقي أو فكري لحساب نظرية أو فكر معين، وبذلك نهضت مؤسسة وطنية وقومية كبرى أفرزت فيما بعد ثورتها الكبيرة في أيلول 1961.

     لقد كان البارزاني مصطفى يدرك بحسه العميق وفهمه لطبيعة كوردستان وشعبها وآلامها عبر مئات السنين إن نظرية أو إيديولوجية قومية أو عرقية أو دينية لن تفلح في جمع مكونات ومتناقضات هذا البلد حول ثابت واحد يدفعها برمتها إلى النضال والكفاح من أجل هدف واحد ألا وهو كوردستان الوطن الحلم.

     وأصبح الحزب الديمقراطي الكوردستاني ملاذا لكل الأحزاب الوطنية في كوردستان والعراق وحضنا دافئا وكريما لكل الاتجاهات الفكرية والسياسية بتنوعها من اليمين إلى اليسار وملاذا لكل طبقات المجتمع وشرائحه، وكان البارزاني مصطفى منارا تلتقي عنده كل هذه المكونات وكأنه يمثلها جميعا وهو كذلك، لم يكن ملكا لحزب أو عرق أو دين أو طبقة بقدر ما كان زعيما وطنيا وقوميا ومؤسسة كوردستانية، يجد الجميع فيها ما يصبو إليه. وهكذا كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني مؤسسة وطنية وقومية مشاعة لكل أطياف المجتمع وأعراقه وطبقاته وأديانه دونما التدخل في خصوصياتها، بحيث يجد الجميع أمالهم وأهدافهم ومصالحهم العليا في مؤسسة البارتي.

     ومنذ البداية تبنى الحزب أرقى ما أنتجه العقل البشري في نظم العلاقات الاجتماعية والسياسية وهي الديمقراطية، بل وجعلها هدفا استراتيجيا من أهدافه في كوردستان والعراق، وربط بعلاقة جدلية بين الديمقراطية في العراق وتحقيق أهداف شعب كوردستان فكان شعاره الذي ناضل من أجله:

( الحكم الذاتي لكوردستان والديمقراطية للعراق )

     إن سر ديمومة هذا الحزب هو انتهاجه لسلوك وأطروحات وأخلاقيات قائده التاريخي الزعيم الخالد مصطفى البارزني الذي حول الحزب إلى مؤسسة قومية كوردستانية ذات أخلاقيات سامية تلتف حولها كل شرائح المجتمع وطبقاته وأعراقه حول ثابت الهوية والعنوان لوطن مغيب منذ آلاف السنين في حركة تاريخية للنهوض الوطني والقومي.

     إن العودة للينابيع الأولى في نهج البارزاني الخالد في معالجة التناقضات والإشكاليات التي تفرزها كل حقبة ومرحلة كفيلة بحلها والتسريع في الانتقال إلى مرحلة أكثر تطورا واستقرارا.

kmkinfo@gmail.com

مرثية جديدة لزوجتي في مرقدها الابدي/ شاكر فريد حسن

من يمنحنا الدفء والحنان ..؟!
من يهبنا الحب والكبرياء والعنفوان ..؟
من يغمر حياتنا بالورد والعطر والفرح والحبق يا لمياء ؟
فيا سيدة الكون ، ويا اعظم النساء واجملهن 
لقد هويت عن شجرة الحياة كبرق الشتاء ولمح البصر دون ان تقولي كلمة وداع ودون ان ترددي قصيدة العشق والوفاء .
بموتك خسرنا ملاكاً وامراة استثنائية غير عادية ، وفقدنا عنقود فرح ، ونبعاً فياضاً من العطاء والتواضع الجم ونبل الاخلاق والاخلاص .
كنت زوجة وفية ومخلصة صاحبة قلب واسع ومشاعر جياشة وعواطف صادقة.
وكنت جميلة وانيقة ورقيقة وناعمة كالورد . وكنت جذابة وساحرة وواعية ذات راي سديد وعقل رشيد .
عشت ومت كريمة كحاتم الطائي، صادقة القول والفعل كصدق فقراء وشرفاء الوطن . وابقيت اسماً وتاريخا لامعاًومشرفاً ومواقف اصيلة يعتز فيها ، وذكريات لن تمحوها الايام ولا الدهور ، ولا تغيبها شوارع وازقة وحارات ام الفحم والوطن .
سلاماً لك في ضريحك ، وسلاما عليك يوم ولدت ويوم مت ويوم تبعثين حياً، ولك في وقفة الخشوع دفء القلب والروح.

حين سكتت الأونروا عن تدمير مخيم تل الزعتر/علي هويدي

يوافق الثاني عشر من شهر آب/أغسطس 2015 ذكرى مرور 39 سنة على تدمير مخيمي الدكوانة وجسر الباشا واللذان يعرفان باسم مخيم "تل الزعتر" نسبة إلى قرية تل الزعتر الفلسطينية قضاء مدينة عكا والتي احتلها الصهاينة في العام 1948. أقيم المخيم في شرق لبنان بعد نكبة فلسطين في العام 1949 ويقع جغرافياً في محافظة جبل لبنان. اندلعت الحرب الأهلية في 13 نيسان/إبريل 1975. بعد 52 يوماً من الصمود بوجه الحصار والجوع والعطش سقط المخيم في 12/8/1976، واستشهد نحو ثلاثة آلاف من اللاجئين الفلسطينيين، جُلهم من النساء والأطفال وكبار السن، وفقدان الكثير ولا يعرف مصيرهم حتى الآن، وتدمير المخيم عن بكرة أبيه، وتهجير ما يقارب العشرين ألف لاجئ فلسطيني..، دون أن تحرك الأمم المتحدة ساكناً، أو تسارع الدول العظمى لعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، أو حتى أن يصدر موقف إدانة أو شجب أو استنكار عن وكالة "الأونروا" المعنية بالمخيم واللاجئين المسجلين فيه شأنه في ذلك شأن بقية المخيمات وفقاً لتوافق رسمي بين وكالة "الأونروا" والدولة اللبنانية المضيفة، لا بل وقفت الوكالة موقف المتفرج الذي يعد التقارير لإرسالها للأمانة العامة للأمم المتحدة دون اتخاذ أي إجراء عملي سواء معنوي أو مادي..!
لم يكن الحال مع مخيم النبطية للاجئين بالأفضل وهو المخيم الذي أنشئ في العام 1956 ودمِّرته الطائرات الحربية الصهيوني بالكامل في العام 1974 وتسبب بتهجير حوالي ثلاثة آلاف لاجئ فلسطيني، ويعتبر ذِكر وكالة "الأونروا" على موقعها الإلكتروني من أن " تم تدمير ثلاثة مخيمات خلال الحرب الأهلية اللبنانية؛ مخيم النبطية في جنوب لبنان ومخيما الدكوانة وجسر الباشا في منطقة بيروت" إساءة لمخيم النبطية. حاول مهجرو المخيم إعادة إعماره، وعلى الرغم من اعتصامين أقيما أمام وكالة "الأونروا" في عامي 1994 و 2002 واستمرا لأكثر من 70 يوما، وإتصالات ومشاورات مع نواب وفاعليات لبنانية وفلسطينية ووزارة المهجرين و"الأونروا" إلا أن جميع تلك المحاولات قد باءت بالفشل..! 
لأسباب لم يتم الإفصاح عنها بشكل رسمي، لم تسمح الدولة اللبنانية لوكالة "الأونروا" حينها بإعادة إعمار كل من المخيمين، بخلاف السماح بإعادة إعمار مخيم نهر البارد الذي دُمِّر في أيار 2007 والذي لم ينتهي بعد على الرغم من مرور أكثر من ثمانية سنوات بسبب عدم توفر المبالغ المالية المطلوبة من الدول المانحة كما تقول "الأونروا"، لا بل أن لاجئي المخيمين أصبحوا مبعثرين داخل وخارج لبنان، منهم من هاجر إلى الدول الإسكندنافية خاصة إلى الدانمرك، ومنهم من هو مهجَّر في بقية مخيمات لبنان، أو في تجمعات خاصة أقامها اللاجئون بشكل مؤقت كـ "تجمع العودة" الملاصق لمخيم عين الحلوة، وهو الأكبر بين التجمعات، بانتظار عودتهم إلى مخيمهم الذي هو محطة على طريق العودة إلى فلسطين..!
بتقديرنا خسارة أي مخيم أو تهجير أي لاجئ..، إنما هو خسارة للقضية الفلسطينية عموماً، ولقضية اللاجئين على وجه الخصوص، وهي محاولة لإبطاء وتعطيل مسار عجلة حركة التحرر الوطني الفلسطيني، التي تسعى إلى تحقيق التحرير والعودة، وفي المقابل يقدم خدمة مجانية للمشروع الصهيوني الإحلالي القائم على اغتصاب الأرض وتشريد اللاجئين واستجلاب اليهود من مختلف دول العالم ليسكنوا منازلنا وينعموا بخيراتنا في فلسطين المحتلة، وسكوت وكالة "الأونروا" عن اتخاذ أي موقف تجاه تدمير مخيمي تل الزعتر والنبطية كلاجئين وأرض ومُنشئات، أو تجاه أية أحداث ممكن أن تحصل في أي من المخيمات، فلن يكون للسكوت معنىً سوى الرضا..!       
*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

النفاق الحكومى للسلفيين والانتخابات البرلمانية/ أشرف حلمى

النصب والإحتيال بإسم الدين فى مصر اصبح سمة من اهم سمات شيوخ الدعوة السلفية الوهابية التى تستخدم التقية الدينية المدعومة بفتاويهم الإسلامية  لجمع وتدبير الاموال اللازمة لثرائهم بحجة خدمة البلاد ونشر دعاوتهم الإرهابية وغزو البرلمان من خلال الإنتخابات البرلمانية القادمة على غرار ما حدث سابقاََ فى غزوة الصنايق التى اتت بالبرلمان الكوميدى السابق  والذى جعل منا إضحوكة عالمية بقيادة اغلبية متخلفة  سياسياََ  متعصبة دينياََ بفضل مجموعة من القضاه المرتشون ودعم أمنى   .
والغريب ان بعض رجال الدين والحكومة ينافقون هؤلاء النصابين وحزبهم الدينى ويشهدون بولائهم ووطنيتهم لمصر رغم علمهم بفكرهم الوهابى التكفيرى  للديمقراطية وعدم قبول الآخر متجاهلين مبادرة النصب والإحتيال الشهيرة التى قام بها الشيخ السلفى حسان لجمع ملايين الجنيهات بديلا عن المعونة الامريكية لإستخدامها لتحقيق اهدافه الخاصة دون رقابة حكومية اما الاكثر غرابة ان مواقف الحكومة المصرية الحالية  ومؤسساتها الدينية سواء وزارة الاوقاف او الازهر جاءت مخزية لفتاويهم الوهابية المطابقة لفتاوى عربان الصحراء وخاصة التى تختص باصحاب الديانات الاخرى مما اعطاهم القوة والشجاعة كى ما ياتى السلفيين مجدداََ يظهرون عفونتهم الداعشية بافكارهم وفتواهم الهدامة كالتى جاءت على لسان برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية التى تطالب أصحاب شهادات استثمار القناة بسداد ديون مصر بأرباحهم مؤكدا فى الوقت ذاته أن فوائد شهادات القناة "ربا" ممهداََ طريق تاميم الاموال والممتلكات حال حصولهم على اغلبية برلمانية للغرض ذاته . 
موقف الحكومة المصرية وصمتها تجاه تجاوزات حزب النور السلفى الموجود على الساحة السياسية رغم أنف الدستور الذى قامت بصياغته لجنة الخمسين برئاسة عمرو موسى برعاية سلفيه يذكرنى بموقف المجلس العسكرى تجاة حزب الاخوان الارهابى الذى خدع المصريين جميعاََ منذ الوهلة الاولى لثورة يناير بخيانته لمصر وشعبها بفتحة حدودها الشرقية للحمساويين وعودة الاسلاميين من باكستان وافغانستان وترك الساحة الدينية لشيوخ الإرهارب بقيادة القرضاوى .
فاذا إستمر الحال كما هو عليه فى ظل هذه الحكومة المحلبية الداعمة للسلفيين والموالية للنظام السعودى نظير رؤوس الاموال الوهابية فى صورة إعانات ورشاوى للنظام وسط سلبية شعب مصر وعجزه فى عزل الاحزاب الدينية فستقع مصر فى المحظور مجدداََ وستاتى الرياح بما لا تشتهية السفن وتكون النتيجة الحتمية تكرار مهزلة غزوات الصناديق وستزور الإنتخابات البرلمانية لصالح السلفيين بنفس حجة المجلس العسكرى الحفاظ على دماء المصريين خوفاََ من تهديدات دواعش السلفية الجهادية وينقض السلفيين على مجلس الشعب القادم وتصبح مصر إمارة سعودية وهابية تتقاسم فيها السلطة بين السيسى والجيش وبعض الوزارات لإدارة السياسية الخارجية والسلفيين مع باقى الوزارت مثل الداخلية والتربية والتعليم والمالية لشئون البلاد الداخلية والدينية لتبدأ معها ثورة ثالثة لا يعلم نتائجها الإ الله.

حال تدريس الفلسفة في العالم العربي/ د زهير الخويلدي

" ومن المعوقات ما تطالب به الفلسفة نفسها في خطابها وما يحمل من مفارقات في "تعليم ما لا يمكن تعليمه""1[1]
أصدر مجموعة من المؤلفين والأستاذة الجامعيين كتابا مشتركا بالتعاون مع المركز الدولي لعلوم الإنسان ببيبلوس وبرعاية اليونسكو منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة. ولقد انقسم هذا التأليف إلى عدة محاور وأقسام وقدم لمحات من تاريخ وتجارب تدريس الفلسفة في الدول العربية في المرحلة الإعدادية والثانوية وفي أقسام الفلسفة في الجامعات العربية بالعديد من الوثائق الرسمية واليداغوجية الهامة ، وبحث المشاركون والمشتركات في الوضعية الإشكالية للعلاقة بين الفلسفة والعرب بالرغم من المنزلة الرفيعة التي كانت تحتلها العلوم الفلسفية من الثقافة العربية في عصور الازدهار الفكري والحضاري وموقف التراث الايجابي من الفكر العقلاني وشخص أزمة تعليم الفلسفة اليوم في المدارس والمعاهد والكليات العربية وربط بين الفلسفة والديمقراطية وبين ممارسة التفلسف وممارسة الحرية وبين تمرين النقد الفلسفي وتمرين حقوق الإنسان والمواطنة والالتزام والمقاومة واعتبر الفلسفة مدرسة للحرية ودعا إلى الحق العربي في الفلسفة وإجراء حوارات بين الجهات وبين الثقافات والاستفادة من التجارب التعليمية الناجحة في الدول والثقافات المتقدمة.
أما القسم الثاني من الكتاب فقد طرح قضية المشاكل والعوائق ونصص على إجراء عملية تقويم جذرية قصد إصلاح الأحوال وتجويد العبارة والمنهج والمقال وتهذيب العقول وإعداد الطلاب بطريقة عصرية. لقد غطى الكتاب مختلف المنطقة العربية وقدم الأستاذة والكتاب ورقات تفكيكية حول المعاناة والمعارك اليومية التي يخوضونها من أجل التصدي للفكر المتزمت والتعصب الإيديولوجي والهيمنة السلطوية الشمولية وشملت دول لبنان وتونس وسوريا والمغرب ومصر والجزائر والأردن والعراق وفلسطين وليبيا وموريتانيا وجيبوتي والسودان واليمن والكويت والسعودية والبحرين والإمارات وعمان وقطر.
لقد قدمت في الأثناء شهادات ونصوص مترجمة ونصوص حية من تجارب محلية وقطرية تتميز بالعزم بالإصرار والمثابرة والتحدي أمام الجهل المقدس والمحاصرة والتضييق رافعة مشعل التنوير والمعرفة.
تقوم الفلسفة حسب هذا الكتاب بعدة أدوار ومهمات ووظائف منها السياسي وهو تدعيم الديمقراطية والعدالة والمرافعة على أهمية حقوق الإنسان ومنها الإبستيمولوجي وهو الدفاع على قيم المعرفة والعقل ضد الجهل والخرافة ومنا الأخلاقي وهو التشريع لمنظومة المعايير والواجبات وبناء رؤية إيتيقية للوجود.
لقد كان حرص المشاركين في هذا الكتاب على أن تقوم الفلسفة بتقديم حلول مقترحة للمشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية على غرار التحرير والوحدة والتنمية والعدالة وعدم الاقتصار على التثقيف العلمي وشرح الأنساق وعرض النظريات وتقديم المرجعيات والاعتناء بالمفاهيم المجردة وتحليل طبقات الكلام.
لقد أعلن جاك دريدا عن الحق الكوني في تعليم الفلسفي بالاستناد إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن لسنة 1948 وبرر ذلك كما يلي:" نجد الحق في التعاليم والثقافة والتربية ... ونتساءل أولا عما إذا كانت تتضمن الحق في الفلسفة كحق كوني يتجاوز الاختلافات الوطنية والاجتماعية، وبأي معنى يتم ذلك، وبصيغة أخرى عما اذا كانت الفلسفة مادة تخصصية من بين مواد أخرى ، لها الحقوق نفسها والحدود داخل ما نسميه بشكل ملتبس بالثقافة. وثانيا إذا كان بإمكان الفكر (الفلسفي وغير الفلسفي) الذي يمنح لنفسه أو يطالب بالحق في مساءلة سلطة وأسس الخطاب القانوني وخطاب حقوق الإنسان ، أن يدرس وأن يكون في المتناول باسم الحق الكوني"2[2].
خلاصة الموضوع أن العرب في حاجة أكيدة إلى الفلسفة والى تعميم تعليمها وتطوير مناهجها من أجل إحداث الثورة الثقافية المنشودة وتغيير الذهنية والانتقال من الاحيائية إلى الإبداعية وتدشين الاستئناف. فمتى تكف الفلسفة على أن تكون تعليم ما يمكن تعليمه ؟ وهل نرى في الزمن اللاحق الحق العربي في التفلسف وتعليم الفلسفة وطلب الحكمة وممارسة النقد يتجسد بطريقة ملموسة على أرض الواقع؟
الإحالات:
[1]   كتاب حال تدريس الفلسفة في العالم العربي، مجموعة باحثين، بيبلوس-2015.ص585.
[2]  جاك دريدا، الحق في الفلسفة، من كتاب حال تدريس الفلسفة في العالم العربي، مجموعة باحثين، بيبلوس-2015.صص37-38,
المصدر:
كتاب حال تدريس الفلسفة في العالم العربي، مجموعة باحثين، المركز الدولي لعلوم الانسان برعاية اليونسكو، بيبلوس-2015.
[1]  كتاب حال تدريس الفلسفة في العالم العربي، مجموعة باحثين، بيبلوس-2015.ص585.
[2]  جاك دريدا، الحق في الفلسفة، من كتاب حال تدريس الفلسفة في العالم العربي، مجموعة باحثين، بيبلوس-2015.صص37-38,

هل تستطيع بكين ان تعين واشنطون في ازمات الشرق الاوسط؟/ د. عبدالله المدني

بعد الدور الذي لعبته بكين ضمن مجموعة 5+1 للتوصل الى اتفاقية لوزان حول الملف النووي الايراني، تساءل الكثيرون إنْ كان الوقت قد حان لتستعين واشنطون بجهود بكين في حلحلة الأزمات الأخرى التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط ذات الاهمية القصوى للإستراتيجيات الامريكية، وفي مقدمة هذه الأزمات الصراع العربي ـ الإسرائيلي الذي يشكل حله مدخلا ضروريا لحل بقية الصراعات، لاسيما وأن بكين لها دالة عند الفلسطينيين بإعتبارها كانت من أوائل القوى العالمية التي أيدت منظمة التحرير الفلسطينية سياسيا ومعنويا وزودتها بالسلاح، ناهيك عن أنها تتمتع اليوم بعلاقات وروابط جيدة مع تل أبيب سياسيا واقتصاديا وتجاريا وعلميا واستثماريا، بل وتتمتع أيضا بنفس مستوى العلاقات مع الدول العربية.
ومن الجدير بالذكر في هذا السياق الإشارة إلى أن بكين هي من كبار المستثمرين في وادي السيلكون الاسرائيلي ومن شركاء تل أبيب التجاريين الكبار، في ما تعتبر تل أبيب أكبر ثاني مصدر للتكنولوجيا العسكرية بالنسبة للصين. وفي الوقت ذاته تعتبر بكين إحدى أهم المستوردين للنفط العربي بدليل أنها استوردت نصف وارداتها النفطية البالغة 6.2 مليون برميل يوميا في عام 2014 من دول الخليج وشمال افريقيا. إلى ذلك تعتبر بكين أحد أهم الشركاء التجاريين للدول الخليجية والعربية، ناهيك عن وجود استثمارات حالية واسعة لشركاتها الكبرى في المنطقة العربية واستثمارات موعود بها مستقبلا ضمن خطة إحياء طريق الحرير، وهي خطة تستهدف انفاق نحو 50 بليون دولار في مشاريع السكك الحديدية والطرق البرية وأنابيب النفط والخطوط البحرية والبنى التحتية اللازمة لربط الصين برا وبحرا بدول آسيا الوسطى وغرب آسيا واوروبا الغربية. وكل هذا، بطبيعة الحال، ميزة تنفرد بها بكين ولا مجال لمقارنتها بميزات واشنطون المفتقرة إلى سياسات واضحة على شاكلة سياسة طريق الحرير لجهة إحداث نقلة تنموية واقتصادية في المنطقة.
ومن الجدير بالذكر أيضا أن المبعوث الصيني الى الشرق الاوسط السفير "غونغ زياو شينغ" كان قد اعلن خلال زيارته الى فلسطين هذا العام ان بلاده تأمل أن تؤدي خطة طريق الحرير إلى إحداث نقلة تنموية تساهم في صنع السلام في المنطقة، عبر ملامسة عناصر عدم الاستقرار في المنطقة بطريقة مبتكرة لم ينجح فيها كل محاولات السلام السابقة الخاصة بإحداث ثغرة في جدار العداء التاريخي العربي ــ الإسرائيلي. كما وأن السفير غونغ اشار في السياق نفسه الى الدور المأمول من بنك الاستثمار والبنى التحتية الآسيوي (بنك تتمثل فيه دول شرق أوسطية معنية بتحقيق الإستقرار والسلام في المنطقة مثل السعودية ومصر والامارات والكويت والاردن وسلطنة عمان وقطر) لجهة مساندة الصين في خطتها المذكورة.

الذين طرحوا مثل هذا السؤال وفي مقدمتهم الدكتور "ديفيد لاي" استاذ شئون آسيا الأمنية والاستراتيجية في الكلية الحربية الامريكية يتبنون الفكرة ويدافعون عنها بقوة منطلقين من جملة من الحقائق لعل أهمهما أن واشنطون هي سبب من أسباب التوتر في الشرق الأوسط، وبالتالي فإنّ من كانت هذه صفته لايمكنه المساعدة في ايجاد الحلول المطلوبة، فهي مثلا بوقوفها في صف اسرائيل ضد العرب لا يمكن القبول بها وسيطا لتحقيق حل عادل للصراع العربي ـ الإسرائيلي، وهي بتسببها في تفتيت العراق وما نجم عن ذلك من تمزيق لحمته الوطنية واستشراء العداء المذهبي والعرقي بين مكوناته جعلها قوة معادية عند المكون العراقي السني، وهي بتخبطها في ملامسة الملفات السورية واليمنية والايرانية وتكرار حديثها عن ضرورة التغيير الديمقراطي في الخليج صار يـُنظر اليها من قبل حلفائها في الخليج كحليف غير موثوق وإنْ قيل خلاف ذلك في التصريحات الدبلوماسية.
في المقابل تبدو بكين في وضع أفضل بكثير من واشنطون. فالصين ليس لها ماض كولنيالي او امبريالي، ولم تتورط كثيرا في النزاع العربي ـ الإسرائيلي، وليست لديها أجندات دينية او سياسية مع او ضد هذه الجماعة او تلك من الجماعات المتصارعة في المنطقة، ولا تضغط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، الأمر الذي يؤهلها لتكون وسيطا مقبولا في العديد من الأزمات الشرق أوسطية، خصوصا وأنها تسعى منذ بعض الوقت لترجمة صعودها الاقتصادي المذهل وعلاقاتها التجارية القوية مع اللاعبين الكبار في العالم بصفة عامة وفي منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة إلى لعب دور سياسي أقوى على الساحة الدولية.
واستنادا الى المعطيات السابقة يقترح "لاي" وغيره من المراقبين والمحللين على واشنطون، الفاقدة تحت إدارتها الأوبامية الحالية، لأي رؤية استراتيجية واضحة فيما خص قضايا الشرق الأوسط أن تسارع إلى وضع مثل هذه الاستراتيجية، وأن تفسح المجال لبكين للعب دور مساعد فيها أو تحميلها مسئوليات معينة لجهة إخراج المنطقة من اضطراباتها وصراعاتها الدموية الشائكة، طالما هي عاجزة عن القيام بذلك بمفردها.
غير أنّ مثل هذا الإقتراح يصطدم بحقيقة أنّ واشنطون لا ترغب في ترك المنطقة وشأنها، مثلما هي لا تريد أن تقاسمها قوة أخرى في خيراتها وأهميتها الاستراتيجية، خصوصا إذا كانت هذه القوة هي الصين الصاعدة اقتصاديا وعسكريا إلى حد التنافس مع السطوة الامريكية.
ذلك أنه من السخف بمكان أن تساعد واشنطون بكين في الحلول مكانها في الخليج حيث النفط والممرات الاستراتيجية الرابطة بين الشرق والغرب وصفقات الأسلحة المحركة لمصانعها العسكرية، أو أن تتخلى لها عن العراق الذي انفقت مليارات الدولارات من أجل احتلالها وتشكيل صورتها الحالية، أو أن تترك يدها طليقة في ايران ما بعد رفع العقوبات الاممية عنها، أو أنْ تترك مصير الطفل الاسرائيلي المدلل بيد من هم أبعد ما يكونوا عن مبدأ ضمان أمنه وبقائه. والحقيقة التي لا جدال فيها هي أنه لولا اعتماد الصينيين على انفسهم في تقوية أذرعتهم الاقتصادية والعسكرية، وبالتالي فرض أنفسهم كرقم صعب في المعادلات الاقليمية والدولية لما سمحت لهم واشنطون بموطيء قدم في الشرق الأوسط، بل لما وافقت أنْ يكونوا في عداد مجموعة 5+1.

د. عبدالله المدني
باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: أغسطس 2015 
الايميل: Elmadani@batelco.com.bh

عبارة الهامش:
كانت من أوائل الدول التي أيدت منظمة التحرير الفلسطينية وزودتها بالسلاح، وهي تتمتع اليوم بعلاقات جيدة مع اسرائيل، ومع العرب أيضا.