مجزرة الطفل الدوابشة القذرة/ فراس الور

هذه الأسطر تحمل خواطر عن هذه المجزرة البشعة، فاقول لأبناء الدولة اليهودية...أنتم مختارين لماذا بالضبط؟...لحرق و دهس الإنسانية؟ لسفك دماء الفلسطينيين و اللبنانيين؟ لسفك دماء أطفالنا و هتك عرض نسأنا و سرقة لحظات الفرح من حياتنا، منذ أن وطأت اقدامكم عام 48 هذه المنطقة و لم تهنئ منطقتنا العربية بالسلام و النعيم الذي نريده فقد تألقت آخر خمسون عاما منطقة الشرق الاوسط بأشرس الحروب و الدمار التي عرفها العالم برمته...و قد ارتكبت اياديكم الشيطانية أبشع المجازر بحق المدنيين و عزل السلاح و الأطفال و الشيوخ...

أنتم مختارين لماذا؟ لسياسة فرق تَسُدْ التي فرقت أولاد العام عن بعض...الأخوة عن بعض...زرع الضغينة بين الدول العربية ليسود الخصام و التفرقة و الخلافات بدل السلام في منطقتنا يا أعداء السلام و الإنسانية، أعطوني انجاز واحدا للسلام صنعته اياديكم منذ تأسيس دولتكم الى يومنا هذا يا أعداء الله...فحتى الطفل الرضيع لم يسلم من اياديكم القاتلة و الأثمة فلا أعلم بالضبط الى متى سنقف امام هذه المهزلة التي تحدث بفلسطين، 

ارى أنكم مختارين من قبل الشياطين لسفك دماء بني البشر...ارى أنكم دولة تتسم بالعنصرية بصورة مطلقة فلم تتزين صدوركم إلا بنياشين قلة الإنسانية و جماجم أطفالنا و بقايا قلوب الأطفال التي نُشِلَتْ من بين ركام الابنية التي حطمتها طائراتكم الحربية البشعة...ارى أن موائدكم مُشْبَعَة بأعضاء بشرية بهذه الدولة اليهودية التي تشن حربا على الإنسانية بفلسطين ليس إلا...فمقابل صوارخ المقاومة الفلسطينية البسيطة التي تكاد حتى أن تصيب أهدافها تقبضون روح الإنسانية بعينها...فأرواح كل فلسطيني سفكت دمائه بنادقكم القذرة معلقة برقبت مدراء جيوشكم و سياسييكم بلا إستثناء...فحتى و إن غفر لكم الله دماء السيد المسيح كما طلب منه الرب بالإنجيل و هو على الصليب...فهل سيغفر لكم الله دماء كل الفلسطنيين التي سفكت دمائهم على اياديكم؟ 

أنتم مختارين لماذا بالضبط.؟..لعنة الله عليكم فالطفل لم يسلم من قساوت فلوبكم...طفل مسكين تم شوائه على ايدي برابرتكم الذين يفتقدون كل ابعاد الإنسانية فبماذا تفتخرون كدولة صهيونية بالضبط؟ بجماجم المساكين التي تحصدها حربكم على فلسطين، كفا فأصلي كي يتحرك الضمير...ليس إلا لتنتهي هذه المأسى التي استمرت طويلا، كفا فلم نعد نتحمل،   

استحقاقات "شرق أوسطيّة" أمام إدارة أوباما/ صبحي غندور

هناك توقّعات الآن بحدوث تحرّك دبلوماسي أميركي مميّز ستقوم به إدارة أوباما لإيجاد تسوياتٍ سياسية لأزماتٍ مهمّة في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن انجزت هذه الإدارة الاتفاق الدولي حول الملف النووي الإيراني. وستكون الأزمة الدموية في سوريا والمواجهة مع "داعش" في مقدّمة أولويّات أجندة إدارة أوباما خلال الأشهر القادمة، إضافةً إلى تثبيت وتسويق الاتفاق الذي حصل مع إيران، داخل الولايات المتحدة ومع حلفاء أميركا في المنطقة.
طبعاً، هناك تلازم وتفاعل بين كل الأزمات المشتعلة الآن في "الشرق الأوسط"، وحلُّ أيٍّ منها سيساعد على الحلول للأزمات الأخرى، لكن من المهمّ أن يسبق التحرّك الأميركي الجاد بشأنها تفاهمات مع موسكو وطهران حول آفاق التسويات وسبل تحقيقها. لذلك كانت أهمّية الاتفاق الأميركي/الروسي حول الملف النووي الإيراني، بمثابة المدخل لتفاهمات ممكنة حول أزمات المنطقة.
لكن مشكلة الرئيس أوباما في أجندته الشرق أوسطية، هي ليست مع خصومه الدوليين بل مع أقرب حلفائه الآن، حيث وجدنا اعتراضاتٍ علنية قاسية على هذه الأجندة من إسرائيل ومن يدعمونها في الداخل الأميركي.
ورغم أهمّية التحفظّات السعودية على المفاوضات التي جرت مع إيران، فإنّ الأشد خطورة على إستراتجية التحرّك الدبلوماسي الأميركي الآن مصدره إسرائيل، وما لديها من نفوذ سياسي وإعلامي مؤثّر في الولايات المتحدة وفي دول أوروبا.
وقد كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو واضحاً وصريحاً في اعتراضاته على التقارب الأميركي/الأوروبي مع طهران، وأطلق التحذيرات العلنية من الوصول إلى اتّفاقات مع إيران حول ملفّها النووي، حتّى قبل حصول أي اجتماع أو اتفاق، إذ أنّ إسرائيل ترفض من حيث المبدأ وقف الصراع مع إيران، فكيف بتحقيق تفاهماتٍ دولية معها!.
إنّ إسرائيل تعمل منذ سنوات، خاصّةً منذ وصول نتنياهو للحكم في العام 2009، على جعل أولويّة الصراعات في المنطقة مع إيران وحلفائها بالمنطقة، وعلى إقامة محور عربي/إقليمي/دولي تكون إسرائيل فيه هي الرائدة لإشعال حرب عسكرية ضدّ إيران ومن معها في سوريا ولبنان وفلسطين، بحيث تتحقّق عدّة أهداف إسرائيلية مهمّة جداً لكل الإستراتيجية والمصالح الصهيونية في المنطقة والعالم. فالمراهنة الإسرائيلية هي على تهميش الملف الفلسطيني وعلى كسب الوقت لمزيدٍ من الاستيطان في القدس والضفة الغربية، وعلى تفجير حروب عربية داخلية بأسماء وحجج مختلفة، تؤدي إلى صراعات طائفية ومذهبية وقبلية ينتج عنها تفتيت الكيانات العربية الراهنة، وإنهاك وإنهاء حركات المقاومة ضدّها في فلسطين ولبنان، وتدمير الجيوش العربية الكبرى في المنطقة، والوصول لإقامة تطبيع سياسي وأمني مع كل الأطراف العربية التي تقبل السير في المحور الإسرائيلي المنشود.
كذلك راهنت حكومة نتنياهو على أنّ الحرب ضدّ إيران والتصعيد الدولي والإقليمي ضدّها سيوجِد لإسرائيل أدواراً كبيرة سياسياً وأمنياً في عموم المنطقة ومعظم دول العالم الإسلامي، وسيجعل من إسرائيل قوةً إقليمية ودولية كبرى في عصرٍ بدأ يتّسم بالتعدّدية القطبية، بحيث تكون إسرائيل عندها قادرةً على فرض "شرق أوسطي جديد" يسمح لها بتحقيق مشاريع اقتصادية متعدّدة تشمل بناء قناة بديلة لقناة السويس، تصل البحر الأحمر بالبحر المتوسط، إضافةً إلى استثمار منابع النفط والغاز في الشاطئ الشرقي للمتوسط، وإقامة أنابيب للنفط والغاز من منطقة الخليج إلى الشواطئ الإسرائيلية، وما يمكن أيضاً أن تستثمره التكنولوجيا الإسرائيلية في البلدان المجاورة التي ستحتاج إلى الكثير من مشاريع الإعمار بعدما تضع الحروب الإقليمية والأهلية أوزارها. 
ما سبق ذكره ليس من صنع الخيال، ولا هو بافتراءاتٍ على ما تريده إسرائيل في هذه المرحلة، بل هو واقعٌ حاصل على الأرض منذ سنوات. فإسرائيل لن تخضع الآن للمطالبة الأميركية والدولية بوقف الاستيطان، ولن تقبل حتماً بتقسيم القدس ولا بحلّ قضية اللاجئيين ولا بإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على حدود العام 1967، وهذه هي القضايا التي دار التفاوض بشأنها بين الفلسطينيين والإسرائيليين بضغطٍ أميركي.
ثمّ إن إسرائيل لا تجد مصلحةً إطلاقاً في وقف نزيف الدم السوري، وفي إنهاء الأزمة الدموية السورية بتسوية تحافظ على وحدة الكيان السوري وتعيد بناء الدولة السورية على أسس سليمة، بينما يؤدّي استمرار هذه الأزمة إلى انهيار كلَّ المشرق العربي وحركات المقاومة فيه.
إذن، هو تباينٌ كبير حاصلٌ الآن بين الإسترايجية الإسرائيلية وبين أجندة إدارة أوباما التي تأخذ بعين الاعتبار المصالح الأميركية أولاً، تماماً كما فعل الجنرال دوايت أيزنهاور حينما كان رئيساً للولايات المتحدة بوقوفه ضدّ العدوان البريطاني/الفرنسي/الإسرائيلي على مصر في العام 1956، وأيضاً كما كان بعده الرئيس جون كنيدي، والذي بعد اغتياله قدّم نائبه جونسون أقصى درجات الدعم لإسرائيل وأدخل أميركا في حربٍ دامية بفيتنام. 
ولعلّ من النتائج السياسية المهمة التي تحدث الآن في الولايات المتحدة ولا تأخذ أهميتها الإعلامية الكبيرة، هو هذا الفرز الذي يحصل في أميركا، بعد توقيع الاتفاق مع إيران، بين المدافعين عن المصالح الأميركية وبين الذين ينشدون مصالح إسرائيل أولاً.
وسيكون من الصعب التنبؤ بمصير "أجندة أوباما" الشرق أوسطية قبل انتهاء ولايته في مطلع العام 2017، لكن ما حدث من ردود فعلٍ أميركية ودولية مؤيّدة حتّى الآن للاتفاق الخاص بالملف النووي الإيراني، وما هو موجود من مناخٍ أميركيٍ شعبيٍ رافضٍ أيضاً لأي تورّط عسكري أميركي جديد في العالم، وما يرافق ذلك من متغيّرات سياسية إيجابية هامّة في إيران لصالح تيّار إصلاحي، هو كلّه مزيجٌ مهمّ لإنجاح مراحل "الأجندة الأوبامية"، والتي ستكون أمامها عقبات كثيرة، بعضها خرج للعلن الآن، لكن يبقى الأساس في ضرورة مصارحة الرأي العام الأميركي بما هو يجهله من حجم التباين الحاصل بين المصالح الأميركية وبين الرؤى الإسرائيلية، التي لا يخفى أيضاً حجم مسؤوليتها عن تراجع موقع الولايات المتحدة نتيجة تأثيراتها السلبية في الإدارة السابقة وحروبها الفاشلة. فإسرائيل هي اليوم عبء مالي وسياسي كبير على أميركا وعلى مصالحها في العالمين الإسلامي والعربي.
إنّ إدارة أوباما معنيّة أيضاً بالرؤية الشاملة للصراعات الدائرة بالمنطقة، وحتماً فإنّ الملفّ الفلسطيني هو أساس مهمّ في هذه الصراعات رغم التهميش الحاصل الآن للقضية الفلسطينية. فالتشويه الطائفي والمذهبي يحصل حالياً للصراعات الحقيقية في المنطقة ولمواصفات الأعداء والخصوم والأصدقاء، بحيث لم يعد واضحاً من هو العدوّ ومن الصديق، وفي أيِّ قضية أو أيّة معركة، ولصالح من؟!
ونعم هناك صراع دولي/إقليمي على المنطقة العربية. نعم هناك محاور تتصارع الآن في منطقة الشرق الأوسط. لكن ما الذي أوصل المنطقة إلى هذا الحال من الصراع والتصعيد؟ المسؤول الأوّل عن ذلك هو الإدارة الأميركية السابقة التي وضعت غزو العراق، منذ مطلع العام 2001، في قمّة أولوياتها، وقبل الأعمال الإرهابية في أميركا، وتجاهلت تماماً الصراع العربي/الإسرائيلي، بعدما كانت الأولوّية هي لملفّات هذا الصراع في نهاية إدارة جورج بوش الأب عبر مؤتمر مدريد عام 1991، ثمّ في سنوات إدارة كلينتون حتى آخر شهر من وجوده في "البيت الأبيض". 
فغياب السلام الحقيقي يستحضر الحرب والعنف ويدفع بالخاضعين للاحتلال إلى ممارسة حقّ مقاومته. وغياب الدور العربي الفاعل هو الذي يستحضر الدور الأجنبي الدولي والإقليمي. وغياب الوفاق الوطني الحقيقي في أيّ بلد عربي هو الذي يشجّع الآخرين على التدخّل بشؤونه وتحويل أرضه إلى ساحة صراعات ..

*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

الرُمّان/ د. عدنان الظاهر

 
هل كانت أغنية أم كانت أهزوجة شعبية شاعت في العراق في أحد الأزمان الغابرة ؟
زارتنا ذات يوم في بغداد عائلة كانت تربطنا بها علاقات عائلية قوية. بعد السلام والترحيب وتقديم واجبات ومستلزمات الضيافة العراقية المعهودة سألتني إحدى بناتهم وكانت طالبة تدرس في إحدى كليات جامعة بغداد : أستاذ ... ما معنى " جلجلْ عليَّ الرمّان نومي فزعلي " ؟
فوجئت بهذا السؤال ودُهِشت ! سألتها ما الذي خطر على بالها لتسألني هذا السؤال ولِمَ لمْ تسأل والدها مثلاً أو والدتها أو إحدى شقيقاتها ؟ قالت إنها سألت بعض هؤلاء لكنها لم تحظَ بجواب من أيٍّ منهم وإنَّ بعضهم إبتسمَ ثم ضحك متهرباً من الجواب. أضافت : حزّرني بعض زملائي في الكلية هذه الحزورة ولما عجزتُ ولم أعرف الإجابة الصحيحة إقترح عليَّ أحدهم أنْ أسأل أستاذاً جامعيّاً هذا السؤال وأساتذة الجامعات لا شكّ يعرفون كل شئ وهم دكاترة وخبراء في كل شؤون الحياة. كان هذا الزميل يعرف أنَّ لنا قريباً أستاذاً في جامعة بغداد فوعدته أنْ أنفّذ المهمة وأطرح السؤال على الأستاذ قريبنا. 
ما أجيبُ وكيف يكون الجواب ؟ ورّطها زميلٌ لها خبيث القصد والسريرة وهو لا ريبَ يعرف القصة وما فيها لكنه دفع بزميلته في طريق المخاطر والمزالق.
أأقولُ لها لا أعرف الجواب وأغلق الموضوع جملةً وتفصيلاً وبذا أبيّن لها أني لا أستحق أنْ أكون أستاذاً جامعياً ولا احمل شهادة دكتوراه وأصدمُ قناعاتها وأخيّب آمالها لأنها ومثيلاتها وأمثالها يتصورون أنَّ الأستاذ الجامعي هو دائرة معارف وإسكلوبيديا متحركة وساكنة بل وأحيانا علاّم الغيوب ؟ عيب يا رجل. لا تخيّب ظنها فيك وتوقعاتها منك. عيب.
فكّرتُ وتشاغلتُ عنها وجعلت غيري من بين الحضور يشغلها عني ويشغل بها نفسه لألتقطَ أنفاسي وأفكّر جيّداً في هذه الورطة وكيف أنقذ نفسي منها رافع الرأس موفور الكرامة من غير الحاجة للإنزلاق والتفريط بالهيبة والصورة المثالية المعروفة عني. هل كنتُ سأجيبها لو كنا وحيدين لا عائلتها معنا في بيتنا ولا عائلتي معهم في بيتهم وكيف كنتُ سأجيب ؟ مشكلة يُزيدها التفكير والتفلسف تعقيداً وكلما قلّبتُ الوجوه أجد نفسي مُحاصَراً مُختنقاً تضيق السبلُ بي وتظلُّ تضيق وتضيق ومن ثمَّ تنغلق عليَّ وعلى نفسها السُبلُ.
قلتُ لها تعالي هنا واجلسي جنبي. رحبت بالفكرة ولم تسأل لماذا. قلت لها بصوت خافت لا يسمعها غيرها : هذا سؤال مُحرج وكان مقترح زميلك خبيثاً أراد به إحراجك وإحراج الأستاذ الذي ستسألين. أخذها العجب وقالت ما وجه الخبث في هذا السؤال وليس فيه سوى الرمّان والنومي وهما فاكهتان معروفتان منذ القِدم خاصة الرمان وهو مذكور في القرآن الكريم ؟ ماذا أقولُ لهذه الصبيّة الجامعية ؟ 
فكّرتُ ثمَّ قلتُ لها ستجدين الجواب في كتاب سأصطحبه معي في زيارتنا القادمة لكم في بيتكم وعلى الأغلب عصرية الخميس القادم. تعجّلت الأمرَ وطلبت الكتاب فوراً لتعرف سرّ الحزورة الخبيثة. طمأنتها أني لن أنسى الموضوع وإني سأجلبه معي في زيارتنا القادمة لهم. قالت وما المانع في أنْ أرى الكتاب الآن وأقرأ ما فيه حول هذه الحزورة ؟ الكتاب ليس في حوزتي لكني كنت قد قرأته في فترة سابقة وفيه ذِكْرٌ لأمر شبيه بأمر سؤالك وحزورتك. سأستعير هذا الكتاب من مكتبة الكليّة وأحمله لك وأنا ممنون. شكرتني وبقيت متشوّقة لقراءة ما جاء في هذا الكتاب وأقسمت أنها سوف لن تدع زميلها الذي ورّطها يتعرف على مصدر الإجابة الصحيحة وليبقَ سادراً في غيّه وجهله وعماه.
حلّت عصرية يوم الخميس الموعود وكانت هي وكامل عائلتها في انتظار وصولنا في الخامسة وكانت هي بالذات أكثر الجميع شوقاً لهذه الزيارة والسبب معروف. إستقبلتنا لدى بوّابة حديقة دارهم الخارجية وكانت متأنقة كأنها ارتدت أجمل وأفضل ما لديها من ملابس وتعطّرت بأفخر العطور. ما كان أعظم سرورها إذْ رأتني أتأبط كتاباً لا شكَّ إنه الكتاب ـ المصدر الموعود. طلبته مني فناولتها إيّاه وفي حجرة الإستقبال الواسعة والرائعة التجهيز والتنظيم إنتبذت ركناً وشرعت تقرأ الصفحة التي نصحتها أنْ تبدأ القراءة بها. نسيت الضيوف ونسيت أهلها ونفسها وانصرفت تقلّب صفحات الكتاب حتى استقرت على صفحة معينة وبدأت تقرأ :
(( ... وهكذا أصبح جمال الموشّحة يُقاسُ بقدرة الوشّاح على أنْ تكونَ كل كلمة في موشحته نغمة حلوة رشيقة وكأنما أعطتهم لغتنا من نفسها كل ما تملك من نغمات وإيقاعات ليؤلّفوا هذه العقود من الألفاظ، بل هذه الدُرر من الأصوات التي تنهمر على سامعها ألحاناً راقصة تُشيع فيه نشوة من الفرح الموسيقي على نحو ما نسمع في مطلع موشّحة لإبن  هَروْدَسْ إذْ يقول :
يا ليلةَ الوصلِ والسعودِ              باللهِ عودي
كم بتُّ في ليلة التمنّي
لا أعرفُ الهجرَ والتجنّي
ألثمُ ثغرَ المُنى وأجني
من فوق رمّانتي نهودِ             زهرَ الخدودِ
وتمضي الموشحة على هذا النمط وكأنها بحر من النغم تغرق الأذن في خضمّه )) [1].
رفعت رأسها ـ بعد أنْ قرأت هذا الكلام عدّة مرات ـ ونظرت إليَّ بعيون منشرحة مبتسمة شاكرة ثم تركت مكانها وجلست معي على نفس الأريكة. سألتها هل فهمت جواب الحزورة ؟ لم تنطق بل هزّت رأسها مرات عديدة وأحد أصابع يدها لا يترك صفحة معينة في الكتاب.
هل أسألها فيما قرأت أمَّ أنَّ الأمر يحرجني أمام هذه الفتاة الجامعية التي وقعت في فخ نصبها لها أحد زملائها ليحرجها ويُحرج آخرين لهم علاقات قربى مع عائلتها ؟
طلبت مني أنْ أعيرها الكتاب لأسبوع واحد فقط. إعتذرتُ لكنها ألحّت ووسّطت أباها فوافقت على مضض لأنني استعرته من مكتبة الكلية ليومين فقط.
ظلت طوال الوقت منصرفة للكتاب ولصفحة معينة فيه ناسية المكان والوجود والضيوف حتى أنها لم تشربْ عصير البرتقال البارد الذي جهّزته وحملته لنا شقيقتها الكبرى.
خرجتْ مع باقي أفراد عائلتها لتوديعنا والكتاب على صدرها. حين جلست خلف مقود سيارتي مدّت رأسها وقالت : جلجل عليَّ الرُمان نومي فزعلي . ضحكتُ وأنا أدير مفتاح تشغيل ماكنة السيارة وضحكت عائلتي معي طويلاً.
إستطراد :
ما علاقة الرمّان باسم المدينة الإسبانية الشهيرة " غرناطة " ؟
الجواب في الإسم نفسه ولكن كيف ؟
تكتب غرناطة بالكثير من اللغات كما يلي :
Granada 
ويُكتبُ اسم فاكهة الرمّان كما يلي :
بالإنكليزية
Pomegranate
وبالألمانية :
Granatapfel
ثم أطلق أحد مترجمي وزارة الدفاع العراقية في العهد الملكي اسمَ " رمّانة " على القنبلة اليدوية لأنها كروية ولها رأس شبيه ببقايا زهرة وكأس زهرة الرمّان كما يعلم الجميع. 
الآن أليست العلاقة واضحة وقوية بين فاكهة " الرمّان " واسم المدينة الإسبانية التي كانت آخر المدن التي أسقطها الإسبان زمن ملكها أبو عبد الله الصغير ؟
يبقى السؤال : لماذا وما سبب هذه العلاقة ؟ هل كانت مدينة غرناطة شبيهة بفاكهة الرمان فأسموها كرانادا وعرّبها أجدادنا العرب فأسموها غرناطة ؟ ما وجه هذا الشبه ؟ أكانت المدينة أصلاً مزارع فاكهة الرمان فأخذت اسمها من اسم هذه الفاكهة ؟ زرت مدينة غرناطة صيف عام 1982 لكني للأسف لم أسأل هل هذه المدينة شهيرة بزراعة أشجار الرمان بل ولم أسأل هل هذه الفاكهة متوفرة في هذه المدينة ؟ بلى ، حين زرتُ مدينة " المريّة " وجدتها تعجُّ بفاكهة التين الأبيض والأسود وبالبطيخ ( الشمّام ) والركي ( البطيخ ) لكن لا من علاقة بين اسم هذه المدينة الإسبانية المُطلّة على سواحل البحر الأبيض المتوسط وبين البطيخ أو الركي.
أمضي أكثر قليلاً فأُثيرُ مسألة اسم الصخر الصلد المعروف " كرانيت "
فهو صخر أحمر اللون تُستخرج منه فصوص الكرانيت الحمراء وتُستخدم كفصوص للخواتم وباقي حليِّ وقلائد النساء.
هل نستنج أنَّ العامل المشترك بين اسم مدينة غرناطة خاصة وحجر الكرانيت هو اللون الأحمر ولذا سُميَّ قصر الحمراء في غرناطة بهذا الإسم ؟ أفتونا يا مؤرّخون وفنانون وخبراء الأحجار الكريمة أفتونا مأجورين.
[[1]] في النقد الأدبي بقلم شوقي ضيف. دار المعارف بمصرالطبعة الثالثة، القاهرة, خلو من تاريخ النشر. الجزء الخاص ب " أوزان الشعر وقوافيه " الصفحات 99 ـ 109 . 

مؤتمر اللجنة الإستشارية للأونروا.. خيبة أمل تُؤجِّل بدء العام الدراسي وتهدد قسم الصحة/علي هويدي

تابع ما يقارب من 11 مليون فلسطيني، من بينهم أكثر من ثمانية ملايين لاجئ، -لا سيما أولائك الذين يعيشون في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة-، المؤتمر الطارئ الذي دعت له وكالة "الأونروا" في العاصمة الأردنية عمان بتاريخ 26/7/2015، واستضافت فيه مع اللجنة اللإستشارية كبار الدول المانحة وممثلين رسميين عن اللاجئين في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة. جاء المؤتمر بعد سلسلة من التصريحات التي بدأها المفوض العام للأونروا بيير كرينبول بتاريخ 14/5/2015 بمؤتمر صحفي أعلن فيه عن حالة من التقشف ستشمل خدمات "الاونروا" بسبب العجز المالي والذي وصل الى 101 مليون دولار، وهو ما تم بالفعل، فقد تم قطع مساعدة بدل الإيواء للاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا الى لبنان ابتداءً من شهر تموز/يوليو الجاري، وتبعتها تصريحات بأن دعت الموظفين إلى التقاعد المبكر لمن يرغب، والتلميح بعدم دفع رواتب موظفي التعليم في الوكالة (22.646 موظف) لثلاثة أشهر، تشرين أول وتشرين ثاني وكانون أول 2015 على اعتبار انه من الممكن تأجيل البدء بالعام الدراسي الجديد الذي يبدأ وبشكل روتيني في شهر أيلول من كل عام، وأن لا عمل لموظفي التعليم خلال هذه الفترة..!

لأهمية المؤتمر وللتمهيد لنتائجه التي كانت معروفة مسبقاً للوكالة نشرت "الأونروا" على موقعها الإلكتروني بياناً صحفياً وعممته على وسائل الإعلام قبل الإنعقاد الذي وصفته بـ "غير العادي" بهدف مناقشة الأزمة المالية الأشد التي تعصف بالوكالة منذ تأسيسها". لافتة بأن المؤتمر سيقوم "بمراجعة المخاطر المتزايدة لاضطرار "الأونروا" بتأخير بدء العام الدراسي لما يقارب نصف مليون طالب وطالبة في حوالي 700 مدرسة تنتشر في الشرق الأوسط ما لم يتم تمويل العجز البالغ 101 مليون دولار بالكامل وقبل الموعد المقرر لبدء العام الدراسي" وقال سامي مشعشع الناطق الرسمي للاونروا باللغة العربية "..إنني أشعر بالقلق من أن تقوم الأزمة التمويلية التي نعاني منها حالياً بإجبارنا على النظر في تأخير بدء السنة الدراسية..، وإن التأخيرات المحتملة في البدء بالعام الدراسي سيكون له أيضاً تداعيات على الحكومات المضيفة"..!

(طمأنت) "الأونروا" في بيانها اللاجئين من أن هناك تمويل يكفي للمحافظة على خدماتها الضرورية لحماية الصحة العامة التي تشتمل على تطعيم الأطفال والرعاية الصحية الأولية والإغاثة والإستشفاء إضافة إلى بعض البرامج الطارئة حتى نهاية العام 2015" في إشارة واضحة إلى الحاجة إلى الأموال الضرورية لاستكمال التقديمات الصحية إلى ما بعد العام 2015 وإلا سيشملها التقليص أيضاً..!

جاءت نتائج المؤتمر مخيبة للآمال فلم تبد أي من الدول المانحة إستعدادها لتغطية العجز المالي لا بل تم الإعلان عن مؤتمر جديد سيعقد في أيلول القادم دون تحديد موعد محدد تحت عنوان "مؤتمر الإيفاء بالتعهدات"، وفي هذا يحضرني المثل العامي القائل "لو بِدْها تشتي كانت غيَّمت..!"، فلا فرق بين أن يعقد مؤتمر في تموز أو آب أو أيلول.. طالما أن هناك نية مبيته لعدم الإيفاء بالمطلوب وأن أسباباً سياسية تقف وراء عدم إلتزام الدول المانحة بتقديم مساعداتها للوكالة كما قال المدير العام للوكالة في لبنان ماثياس سيكمالي بتاريخ 12/6/2015. أما عن نتائج المؤتمر فكانت تأجيل البدء بالعام الدراسي إلى بداية العام 2016 -إن لم تحدث معجزة-، أما دوام المدارس في الأول من 2016 فهو مرتبط بتوفير الميزانيات المطلوبة ليس فقط لتغطية عجز الـ 101 مليون دولار وإنما أيضاً للتعهد بضمانات من الدول المانحة لدفع الميزانيات المطلوبة للإستمرار في برنامج التعليم، فالعجز يكفي العام الدراسي حتى الأول من كانون الثاني يناير 2016 وحتى نهاية آذار من نفس العام، والمفوض العام لن يُقدم على خطوة بدء العام الدراسي في كانون الثاني وأن ينتهي في آذار. أما عن ما هو الأسوأ والمتوقع ويأتي في سياق المزيد من التقليصات، بدء الحديث عن إغلاق مراكز البرنامج المهني وهو أحد برامج التعليم في المناطق الخمسة وعددها تسعة (2 في كل من الأردن ولبنان والضفة وغزة وواحد في سوريا)، وتحويل الميزانية للمدارس كي تغطي العام الدراسي حتى نهاية حزيران/ يونيو 2016..!

واضح بأن الحراك السياسي الرسمي ضعيف، كذلك السياسي الفصائلي، والحراك الشعبي أيضاً ضعيف، والضجيج لم يصل الآذان بعد. تصاعد وتيرة التقليص تفرض تشكيل خلية أزمة دائمة الإنعقاد على المستوى السياسي والشعبي.. فحتى الآن لا وجود لمن لا يُفَرْعِنْ الفِرعون..!

*كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني

كي لا ننسى/ أنطوني ولسن

Lest We Forget

المسلسلات المصرية في رمضان هذا العام 2015 كانت كثيرة ومتعددة ولها طابع إختلف عن مسلسلات الأعوام الماضية.لكن من كثرتها لم نستطع التركيز أو ملاحقة ما هو موجود على شاشات التلفزيون.

في وسط هذا الزخم الكبير من المسلسلات تابعت مسلسل عادل إمام "أستاذ ورئيس قسم" ومسلسل"مولد وصاحبه غايب".والسبب في هذا الإختيار والمتابعة لكليهما هو أن كل منهما له طعم خاص ويوضح صورة تعكس الوضع في المجتمع المصري ليس إلاّ .أما عن بقية المسلسلات فقد شاهدت ما شاهدت منها،وتابعت ما تابعت دون التفكير في الكتابة عن آي منهم بما فيهم مسلسل"مولد وصاحبه غايب".

لأني وجدت في مسلسل"أستاذ ورئيس قسم"الهدف المقصود به تذكير الناس بما حدث في مصر بدءاً من الحلقة الأولى التي جسدت أحداث ديسمبر2010  وما حدث للدكتورفوزي جمعة اليساري ورئيس قسم الحشرات من إعتداء عليه وضربه ورميه في الصحراء بين الحياة والموت للتخلص منه.وهذا يفتح الباب أمام المشاهد ويوضح له أهمية هذا الدكتورفي الحياة السياسية والأجتماعية ،وأيضا الدفاع عن البسطاء من الناس والتحذير مما هو قادم على أيدي الإخوان والجماعات الدينية التي بدأت في التحرك لركوب الموجة وإبعاد الدكتور فوزي جمعة عن المشهد مع رفض تعين د.متولي "طارق عبد العزيز" بالجامعة كأستاذ لأنه من أتباع الدكتور فوزي جمعه.

تأخذنا الأحداث بعد ذلك لثورة الشعب المصري وتضامنه بمطالبة رحيل رئيس الجمهورية "مبارك" بالتواجد بميدان التحرير والميادين الأخرى في جميع محافظات مصر.من الطبيعي الدكتور فوزي جمعه ومن معه من الشباب من الجنسين الميال إلى الفكر اليساري كانوا في وسط "المعركة" إذا جاز لنا هذا التعبير.

في الميدان إختلط الحابل بالنابل وبدأت التدخلات في قلب الميدان تكبر وتصل إلى الإعتداءات والضرب الذي يؤدي إلى الموت.وهذا لم يكن ضمن أهداف المطالبين برحيل الرئيس والعمل على تحقيق مطالبهم.مطالب شعب صبر ما يقرب من الـ30   سنة وهو تحت نير نظام فاسد.

وسط هذا العدد الهائل من البشر تحدث أحداث مؤلمة تصل إلى التعدي بالضرب حتى الموت في الميدان ويختار لنا المؤلف الأستاذ"يوسف معاطي"طفلة لا تتعدى سن سبع سنوات تفقد والدها ولا تعرف أين تتجه.أخذها أعوان الدكتور فوزي جمعه إليه وأخبروه دون أن تعرف أن والدها قد قتل بأيدي الغوغاء في الميدان.أخذها الدكتور فوزي وأعتبرها إبنته.

نمضي مع الأحداث وتطورها وما آلت إليه من تمكين الإخوان والسلفيين الحكم.حكم مصرفي البرلمان أولا ثم في الوصول إلى سُدة الحكم ثانية مع كل ما حدث من تزوير في كلا الإنتخابين"مجلس الشعب والرئاسة"وركوب الموجه للعمل على الإطاحة بكل من هم غير موالين لهم.ومع ذلك نجح الشعب بالإطاحة بالبرلمان والصمود ضد الحاكم ومن معه.

تغيرت الأمور بعد تعيين الدكتور فوزي جمعه وزيرا للزراعة حدثت مواجهات بينه وبين أحد المسئولين الكبار"أحمد راتب" في جماعة الإخوان،مما دفع بالدكتور فوزي جمعه الإستقالة من الوزارة وتحديه للإخوان علانية فأصبح مطلوب القبض عليه.

فوجيء الدكتور فوزي جمعه بسيدة جميلة تطلب مقالبلته.لم يتعرف عليها.لكنها بعد محاولات التقرب إليه ذكرته بإسمها"أحلام"-الفنانة"لقاء سويدان"وأن لها منه طفل عاش معها في أميركا .بالطبع كانت المفاجئة له وظن أنها تريد منه شيئا .بعد إجراء التحليلات اللازمة وثبوت بنوته للطفل"عبد الحميد" إعترف بها وأعلن ذلك بزواجه منها علنا وأمام الناس.

أحداث المسلسل طويلة ومشجعة على المتابعة على الرغم أن عرض المسلسل لم يكن عرضه في أعداد كثيرة من الفضائيات،إلاّ أنه شدني شخصيا  لمتابعة"الزعيم"عادل إمام الذي أعتبره الفنان الأوحد الذي يقدم للشعب المصري ما يضحكه وما يبكيه وما يوقظه من غفوته لما يحدث على أرض الواقع في مصر.

في ذلك الوقت حدثت تغيرات بالسيطرة الإخوانية على الحكم والحكم على الدكتور فوزي جمعه بالسجن المشدد لمدة 10 سنوات .قرر تسليم نفسه لكن الأصدقاء منعوه وبالفعل أخذوه والطفل والطفلة معه الى مكان آمن.

تكون زوجته التي طلقها بعد أن تزوجها من أجل سمعتها وسمعة إبنه منها "عبد الحميد"قد سافرت الى فرنسا للعلاج مصاحبا لها الدكتور "متولي" الذي أحبها وقد شجعه الدكتور فوزي جمعه على الزواج منها .لكنها فارقت الحياة في فرنسا بعد فشل الأطباء في علاجها من مرض السرطان.

أحداث كثيرة حدثت في المسلسل أذكر للقاريء بعضا منها في عجالة.

شحاته "المسيحي "عبد الرحمن أبو زهرة" يشتكي من أولاده المصممين على الهجرة ولكنه لا يوافقهم.ويشتكي أيضا من صاحب " المقهى" للضوضاء التي يسببها له وللجيران فيشتكي إلى الدكتورفوزي جمعه الذي يرسل له ضابط شرطة لا ينتمي للإخوان فينجح في أخذ تعهد بالتوقف عن الضوضاء.

مع ذلك خضع الآب وهاجر مع أولاده.لكنه عاد بعد أن تغيرت الأمور في مصر.وهذا يعتبر نداء من المؤلف بعودة المهاجرين المسيحيين "طبعا والمسلميي ن"الى مصر.

ومن الشخصيات المثيرة للجدل شخصية الدكتور نافع "أحمد بدير"رجل كل الأوضاع التي حدثت في مصر.يتملق للوصول إلى كرسي الحكم في آي مركز رئاسي .متلون يوهمك وأنت تستمع إليه أنه رجل المهمات وخادم الشعب.لعب على الإخوان ولكنه إنكشف فقدم إستقالته وكون جبهة أخرى سياسية هو رئيسها.

وقدم المؤلف أيضا شخصية أخرى "أحمد راتب"المنتمي للإخوان،والذي ينقلب على أصدقائه ويستغل مصنعهم في طرد العمال واستغلال المصنع لتخزين الأسلحة .بل يتمادى أكثر ويطلب من الأم كريمة "نجوى إبراهيم" الزواج من إبنتها على الرغم من فارق السن بينهما .مع الأسف الإبنة إنضمت إلى تنظيم الإخوان وتحجبت ولم ترَ مانعا من زواجها منه .ولم يعترض شقيقها الأكبر على ذلك وأظهر إنضمامه إلى الجماعة.

شخصية عوض المحامي "محمد الشقنقيري" الذي كان اليد اليمنى للدكتور فوزي جمعه .لكنه تحول إلى الإخوان وأصبح أحد أثرياء مصر.لكنه عندما حدث والتقاه الدكتور فوزي ووبخه .رجع إلى صوابه وطلب السماح.بالفعل ساعد الدكتور وإبنه والبنت التي تبناها بعد مقتل والدها في الميدان "ميدان التحرير بالقاهرة" وباع سيارته "المرسيدس" الجديدة من أجل مساعدته على الهرب خارج مصر.

المسلسل طويل ويشد المشاهد لمتابعة الأحداث وينتهي برغبة الدولة مساعدة الدكتور فوزي على الهروب على الرغم أنه أصبح "مفلسا" بعد أن دفع ثمن الأرض التي باعها للمجرمين الذين خطفوا إبنته.

تم ترتيب أمر سفره ،وبالفعل ذهب إلى دمياط حيث يستطيع أن يهرب دون أن يراه أحد.لكنه يعود مرة أخرى ليشارك مع الشعب المتمرد ضد الإخوان بالتوقيع على ورقة "تمرد" التي وقع عليها الشعب المصري.أشترك مع الثوارمشاركا ومشجعا.لكنه فاجأهم بسقوطه على الأرض مغشيا عليه مما أثار الرعب بينهم خوفا عليه.لكنه كعادته فتح عينيه وابتسم لهم فحملوه على أكتافهم ليهتف بسقوط حكم الإخوان.

المسلسل:

تأليف: الأأستاذ يوسف معاطي.
إخراج:الأستاذ وائل حسان.
  المنتج:تامر مرسي.
بالطبع البطل:الزعيم عادل إمام.

سيدنا : أولاً وحّـد بـيتـك الكـلـداني الـذي بعـثـرته ، ثم أطـلُب الوحـدة مع الغـير/ مايكـل سـيـﭘـي


سـدني
ليس الـﭘـطرك لـويس يأتينا بأفـكار حـديثة عـن وحـدته التي صار يكـرر صراخه بها ، فـمنـذ كـنا صغاراً عـلمنا أن في الوحـدة قـوة ولا يخـتـلف عـليها إثـنان . ولكـن الجـديـد الـذي أتى به هـو طَرقـُه المتـكـرر عـلى طبلة الـوحـدة التي لا يرغـب بها الآخـرون في الطرف المقابل ، وكما يـدري الجـميع أنه تـنازل كـثـيراً إلى درجة قـبّـل يـد المرحـوم مار دنخا ( دون أن يسحـب يـده كـياسة ) بل تمادى مار لـويس أكـثر حـين قال أنه مستعـد أن يقـبّـل رجـليه من أجـل الـوحـدة ، وفـوق كـل ذلك رُفِـضَتْ مبادرته !! وكم نـبّـهـناه وذكــّـرناه وزمَّـرنا له بأنه يمشي وراء سـراب ، فلا يسمع بل ولا يريـد أن يسمع لأنه معـتـز برأيه معـتـقـداً أنْ لا أحـد يـفهم أكـثر منه .. 

حـتى إكـتوى مؤخـراً بتـصريح قادة الكـنيسة الآثـورية حـين قالـوا أن الوحـدة مع ساكـو أبعـد من المستحـيل ووضعـوه في صالة الإنـتظار حـتى المجيء الثاني لـلمسيح ــ القـريـب عـلى الأبـواب ــ وعـنـدها يمكـن أن يتـباحـث معهم ليس فـقـط حـول وحـدته بل وعـن رابطته أيضاً ، ولا شك في هـذه الحالة أن يسوع المسيح سيكـون ثالثـهما يحـضر بـينهما بـدلاً من الروح الـقـدس .
سيـدنا يقـول أن أفـكاره الشخـصية كان لها صدى إيجابي ولكـن لم يقـل لـنا أين قـرأ أو لاحـظ أو مَن إتـصل به فأوقـف سير المركـبات وفـرش بالإستـبـرق الممرات ونـثـر الورود عـلى الطرقات أمام خـطوات غـبطته الوحـدوية دلالة عـلى تلك الإيجابـيات .... ولكـن والحـق يُـقال فإن أفـراداً من أصحاب الخـصر الهـزاز والـذيل الرزاز ، ممن لم يُـسألوا عـن الموضوع كانـوا المؤيـدين لـنـدائه في المقـدمات .  
إن من أكـبر أخـطاء الـﭘـطرك ، إعـتماده عـلى الـذين يُـضحِـكـونه ! وليس عـلى مَن يُـبـكـيه ، وهـو مثل ذاك الرجال حـين إعـتـمـد عـلى مَن كان يقـول له ــ نعـم سـيـدي ــ ولا يهـتم بمَن يقـول له ــ لا ــ بل حاربه وراح بستين داهـية ، وهـنا ظهـرت نـقـطة ضعـفه التي أضعـفـته فـهـو الـذي راح بخـمس وسبعـين داهـية ، وعـن غـبطته نـقـول : إذا إستمر عـلى هـذا النهـج فإن مستـقـبله غامض أمام ذاته وأمام رعـيته أيضاً ولن يجـني ثماراً من تـشبثه بإنـفـرادية رأيه .
غـبطته ، منـذ أيام تـنـصيـبه صار يـدگ بغـصن طريّ عـلى أوتار الوحـدة ولا أحـد سمعه ممن أرادهم أن يسمعـوه ! .... ثم نادى بالـوحـدة مستـعـداً للـتـنازل عـن منـصبه .. وكأن المنـصب الـﭘـطريركي ورثه من أبـيه ومع ذلك لم يكـتـرث له أحـد ممن أرادهم أن يكـتـرثوا لـنـدائه ! ....
ثم جاءنا في 23 حـزيران 2015 وكأنه مالك الكـنيسة ورعـيتها ، فلا إعـتـبار للمطارنة الكـلـدان ولا كهـنة الـبـلـدان ولا الشمامسة الشجعان ولا سنهادسه الطـنان ولا مؤمنين ، فـيـقـتـرح ــ شخـصياً ــ إلغاء إسم كـنيستـنا الكـلـدانية وتـبـديلها بإسم كـنيسة المشرق ظناً منه بأن الآثـوريّـين سيلهـثـون راكـضين إليه مهلهلين له إعجاباً به ( لو ما مقـتـرح أحـسن ! ) لماذا ؟ لأنه عـلى الأقـل لم تكـن لـديهم حجة لغلق بابهم بوجهه ، ولكـنهم الآن ردّوا عـليه قاطعـين الطريق أمام أحلامه السرابـية بصورة لا رجعة فـيها حـين حـددوا له موعـداً قـريـباً وهـو :  فجـرُ اليوم الـذي يأتي فـيه المسيح ثانية .... يا حـيف !! إن نـتـيجة كهـذه سـبق أنْ كـتبناها له ونـشرناها عـلناً وقـد قـلتُ في مقالين عـلى الأقـل : (( سـيـدنا إنهم لن يأتـوا معـك وسوف أذكــّـرك !! )) لأنـنا نعـرف إخـوانـنا الآثـوريّـين شعـباً وقادة ... أما هـو فلا يـدري بالشعـب الآثـوري ولا بقادتهم لأنه مخـتـص بالـبـديعـيات ... ومع ذلك نـقـول الحـق فإن  بنـدائه الأخـير سجل نـقـطة لصالحه في صحـيفة أعـماله .
أما البعـض من ( إكـليروسنا وعـلمانيَـينا ) المروّضين الـذين يمشون عـلى إيقاع رجـلي الـﭘـطرك لـويس ، فإنهم أوردوا في كـتاباتهم مصطلح كـلـدوآشوريـين !! ولا يتجـرأون عـلى كـتابة آشوكـلـدانيّـين !! تهافـتـوا وأسرعـوا في محاكاته والكـتابة مثـله وبإتجاه وحـدته ... ولا يسعـنا أنْ نـقـول لكـل واحـد منهم سـوى : عـلى كـيفـكم ، لا تستـرخـصوا أقلامكم ، كـونـوا سادة أنـفـسكم .
وهـنا نهـمس في أذن الرابطيّـين لـنـقـول لهم : إقـرأوا المقالات الأخـيرة في موقع الـﭘـطركـية وإقـحام مصطلح الـ كـلـدوآشور ....... فأين أنـتم من الإدعاء في هـويتـكم الكـلـدانية ؟؟
طيب ، واليوم 22 تموز 2015 أعاد غـبطته السالفة مثيراً موضوع الوحـدة ثانية وخامسة وتاسعة ، فـكـتب عـن العـقـبات التي تـقـف حائلاً أمام وحـدة كـنيسة المشرق حـسبما يراه فـقال :
إن الوحـدة هي مطلب يسوع قـبل أن تكـون دعـوتي ... 
( وكأنـنا لا نـدري بـذلك أو كأنه هـو لا يعـرف أن الناس تـدرك ذلك ..... )
ثم ذكـر بعـض تلك العـقـبات معـتـقـداً انها هي العائـق وبالتالي سيجـد لها حلـولاً :
(أ) كـنسياً مثل ( زواج الكهـنة ... الراهـبات ... الحـوت الكـبـير يـبتـلع الأسماك الصغـيرة ) ... 
(ب) أما قـومياً فإن الوحـدة القـومية ( حـسب رأيه ) آتية لا محالة .... ثم يـبـرّر وجـود مكـتـب رابطته في مقـر الـﭘـطركـية الصيفي بأربـيل ويحاول إقـناع الآثـوريّـين للإلـتحاق بالكـنيسة الكـلـدانية مشجعاً إياهم بأن الإدارة الـذاتية وحـقـوق السنهادس والـﭘـطرك ممكـنة مع الـﭘاﭘا الجـديـد ومع ذلك لم يأبهـوا بكلامه .   
نـقـول لـلـﭘـطرك لـويس ساكـو المحـتـرم : 
إقـرأ أولاً رسالة تيماثـيوس الأولى ـ الإصحاح الثالث ـ العـدد الخامس ..... وبعـدين نـتـفاهم .  
إنك تبحـث بحـماس وتـلهّـف عـن الوحـدة مع الآثـوريّـين فلا ضير في ذلك ، ولكـن أليس الأقـربـون أولى بمعـروفـك ؟ هـل وحّـدتَ صفـوف كـنيستـك سـواءا الإكـليروس أو المؤمنين ؟ ألا تـرى أنـك شـتــَّـتَ  أبناء الكـنيسة ؟ لا نـريـد أن نـرجع إلى ماضيك المتمرد عـلى رؤسائـك ، بل خـلينا مِن بعـد جـلـوسك عـلى مقـعـدك الأخـير في الكـنيسة وأنت السيد الرئيس .... (1) حاربت مار باوَي المطران معـرقلاً قـبـوله في كـنيستـنا الكـلـدانية بحجج بايخة نبّـهـناك عـليها بالكـتابة ، و شـفـوياً بـواسطة الرجال المقـربـين إليك ، ولم تـسمعـنا والأيام أثـبـتـت أنها فعلاً كانـت حججاً فـطيرة .... (2) حاربت المطران حـنا زورا دون أن تـنـتـظر أياماً قـليلة والرجـل يتـقاعـد قانـونياً دون إثارتـك للـنعـرات ، فأخـرجـته بإهانة ولم تحـتـرم عـمره الـذي يقارب عـمر أبـيـك ... (3) ضايقـت بل حاربت سيادة المطران سعـد سيروب حـتى نـفـر منـك ـ مضطراً ـ في إجازة ذاتية سباتية دون أذن منـك ، ومن خجـلك وصفـتها بالسبتية !! ولم تميـز السباتية عـن السبتية .... (4) بـرّرتَ شعـوذة المشويات عـلى مـذبح كـنيستـنا الكـلـدانية .. أحـلـفـك بمقـدساتـك ، لو أن أبونا نـوئيل أو أبونا أيوب أو أبـونا ﭘـيـتـر كانـوا قـد فعـلوا ذات الفـعـل الـدجَـلي وﭼـمالة فـوق المـذبح في الـقـداس وأمام المؤمنين !! ماذا كـنت ستـفـعـل أنت والراقـصون معـك ؟ ــ سنأتي عـلى تلك المشويات ــ لاحـقاً في مقال مستـقـل .... (5) جـئـتـنا بقـوانـتـك الصليـب المشرقي ظنا منـك أنّ ذلك يجـذب الآثـوريّـين وتأمن شـر المسلمين ، فلا هـذا جاءك ولا الآخـر إحـتـرمك .... بل صار الـبعـض يتـفـنـن في صليـبه عـلى المـذبح .. فـتـرى صليـباً داعـشياً بكل معـنى الكـلمة وآخـراً صلـيباً صابئياً وغـيرهما .. (6) إخـتـرعـت قـداسك وفـق مقـياس ذوقـك فـسلبـتَ منه روعـته وألحانه وأصالة تـراثه وألغـيتَ دَور الشماس وإبـداعه وحـرمتَ المؤمنين من الإستمتاع به .. قـد يكـون السبب هـو الله الـذي لم يعـطِك موهـبة الصوت الرخـيم ولا حـنجـرة رنانة بشكل سليم (7) أفـرغـت نـرجـسيتـك في محاربة الرهـبان والكهـنة الـذين كانـوا قـد غادروا العـراق منـذ سنين في عـهـد لم تكـن أنـت رئيساً للكـنيسة ، كل ذلك من أجل إشباع رغـبتـك في الـتـسلط وإركاع الآخـرين .....وليكـن معـلوماً لـديك أنّ أي كاهـن لا يقـبـل أن تـذله !! وتـقـول له : أتـرك الكهـنـوت وتـزوج !! هـل هـذه حـكمة الـﭘـطرك لكهـنـته ؟  (8) أما موقـفـك من أبرشية مار ﭘـطرس الرسول / سان ديـيـﮔـو ومطرانها سرهـد جـمو ، زاجاً معه المطران باوَي !! فـتـلك قـصة تستحـق كـتابتها لـفـيلم سينمائي .... (9) لجـوءك إلى أسلوب تهـديـد روما بالإستـقالة ... روح إستـقـيل يا أخي إذا كـنـت تـرى أن التـركة ثـقـيلة عـليك ..... (10) أنـظر إلى ما آلـت إليه أوضاع كـنيستـنا في ﭬانـكـوﭬـر / كـنـدا ، فها هـو الأب أيـوب يـدخـل التأريخ فـيؤسس لرعـيته كـنيسة بإسم كـنيسة مريم العـذراء الكـلـدانية دون أن يلـتـفـت إلى إيقافـك وفـصلك وطردك وأمرك ووجـودك ومنـصبك كل ذلك عـلى يـديك وفي عـهـدك فـهـل ذلك يسعـدك ؟ إن ذلك أمر مؤلم لشعـبنا الكـلـداني ولكـنيستـنا الكـلـدانية ... ولكـن في قـرارة نـفـسي أراك سعـيـداً لأنها نـتـيجة ، كـنت تـنـتـظرها وجاءت منـسجمة لستـراتيجـيتـك ، بل تـتمنى أن تـتـكـرر مثل هـذه الحالة في كـنيستـنا الكـلـدانية من أجـل تمزيقها .... وفـوق كـل ذلك فإني سمعـتُ ما يلي : 
المطران يوسف تـوما يقـول له سـوف نحاربك  !! فـنحـن نـتـساءل هـل عـنـد المطران يوسف تـوما ميليشيات لـقـمع هـذا وذاك ؟ .. وأضاف المطران يوسف في حـديثه معه : 
(( أنت قـدس وإجمع الناس مثل ما تحـب ، بس لا تـقـدس وتـصلي بطقس كلداني وباللغة الكلدانية ، لأنها مُلكـنا مثل إمتلاك شركة ماكـدونالـد وهامبورﮔـر كينك وماركات أخرى محـتكـرة ... وإنْ قـدستَ للجماعة بإسم الكلدانية ، سوف نحاربك بحملة إعلامية لكي تهـرب منك الناس ... لا بل سـيقـيم المطران يوسف ـ أو غـيره ـ دعـوة قـضائية بحـقه عـند السلطات الكـندية المحلية بأن الأب أيوب يعـمل ويستخـدم إسم الكلدان بدون تـفـويض منهم )) إنـتـهى . 
يا سيـدنا يوسف : ألست أنت الـذي قـلت لـنا في عام 1999 في ( قاعة كـنيسة سميثـفـيـلـد ) /سـدني أن نـتـشبث بلغـتـنا الكـلـدانية ... وبعـدها ( أعـتـقـد في عام 2010 وهي مسجـلة ! في قاعة كـنيستـنا مار تـوما / سـدني ) عـيّـرتـنا بمشاعـرنا الكـلـدانية وإستهـزأت بنا في سخـريتك بقـولك : 
شـنو ( I am Chaldean, I am proud ?   )  واليوم تأتي وتـتـكـلم عـن الكـلـدان والطقـس الكـلـداني واللغة الكـلـدانية ؟ أنا أتحـداك أن تسجل وتـقـول بلسانـك في كـرازتـك أو أمام جـمع غـفـير ( أنا قـوميتي كـلـدانية ولغـتي كـلـدانية ) ! أخي كـن ذَكـوراً ولا تـنـسَ ، ثم لا تـستـرخـص أقـوالك بل إثـبت عـلى مـبـدأ كي تبقى صورتـك راقـية في أذهانـنا ونحـن معـجـبـون بك .... وألله يستـر من الجايات .

إنفراج أو إنهيار: لبننة خياراتنا/ ترايسي داني شمعون

آخر موعد تم تحديده من جميع الأفرقاء السياسيين كان من دون أدنى شك "ضربة" الإتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأميركية؛ ولكن، كغيره من المواعيد السياسية على المشهد السياسي اللبناني، سيكون هذا الإتفاق كالسراب في الصحراء، ما إن نمر عنه، يختفي مع وعوده. 

ولكن بالرغم من ذلك، يمثل هذا الإتفاق النووي نقطة تحول نفسية ضخمة حيث يمكن للبنان إستعماله والإستفادة منه كعامل إنفراج من أجل إعادة إطلاق ديناميته السياسية من خلال التوصل إلى إنتخاب رئيس يعيد تصويب بوصلة الدستور، أو سيكمل البلد طريقه نحو الإنهيار الكامل مع التأثير السلبي على كل مؤسساته الواحدة تلو الأخرى... يكاد يكون "الشعور بالإرتياح" هو الفائدة الرئيسية الوحيدة من خلاصة هذا الإتفاق، وبالتالي، أصبح بإمكان الأفرقاء تحديد موقعهم على ضفتي السور إلإقليمي وتلقي البعض منهم  دون إحراج التوجيهات بشكلٍ أوضح!

الشعور بالإرتياح هذا بحد ذاته يجب أن يستعمل كمحفز للإنفراج، لأنه قد حان وقت الإعتراف بأن الحل للجمود الرئاسي ولفرملة تفكك الدولة المستمر، هو شأن داخلي ولو يسعى البعض بأن يكون خارجي. 

إذا كان لا بد من إيجاد حل لتلك الأزمة، فيجب أن يكون سريعاً جداً حيث زخم الإرتياح لم يزل موجوداً، لأنه في الواقع، سيكون للإتفاق النووي بحد ذاته تأثير ضئيل جداً على لبنان بسبب الهيكلية القائمة في مشاركة السلطة المثبتة في مكانها ضمن إتفاق الطائف، وهي تعمل ببعد ثلاثي بحكم الأمر الواقع، بصرف النظر عن امكانياتنا من إنتخاب رئيس أو لا، حيث الموقع في جوهره للمسيحيين. 

من ناحية أخرى، يبقى السؤال المتبادر إلى أذهان الجميع هو هل سيكسب حزب الله قوةً نتيجة الإتفاق؟ والجواب هو أن حزب الله قوي أصلاً! وهل سيحرم المجتمع السني؟ والجواب: طبعا لا! فالمجتمع السني كغيره من مكونات لبنان يحظى بالطابع المؤسسي، وبالتالي حقوقه محفوظة. 

في مسألة الرئاسة: هل سيدفع الإتفاق بالنواب لإنتخاب رئيس؟ لا، ما لم يكن الإتفاق على شكل إتفاقي الطائف والدوحة، حيث إتفق على كل شيء مع إسم المرشح الرئاسي ضمناً. وتبقى حقيقة الأمر، أنه حتى لو أتى الإتفاق مطبوخ خارجياً، يجب أن يقدم على المائدة السياسية اللبنانية على شكل مقابلات لإرضاء أذواق الجميع! 

مهما يكن، وبغض النظر عن كل شيء، لا يوجد سراب في الأفق! يجب أن نواجه الحقيقة الصارخة والمرة لواقع سياستنا الجافة والعمل كلبنانيين على إيجاد حل نهائي لذلك أو مواجة الإنهيار! والسلام.. .


* رئيسة حزب "الديمقراطيون الأحرار"

إنهم يُحرجون الرئيس/ رأفت محمد السيد

أتعجب كل العجب من القرارات غير المدروسة التى تصدر من ساسة مصر الحاليين بالحكومة ، فرجل السياسة يتميز عن غيره بأنه لايصدر قرارا إلا إذا دَرس جيدا كل النتائج التى قد تترتب عليه ، وردرود الأفعال المتوقعة من إصدار هذا القرار والإجراءات المطلوبة لمواجهة ردود الأفعال ثم يختار القرارالأكثر حكمة والأقل مرودا على الناس وهو مايعكس الفرق بين رجل السياسة الذى يسُوس أى يقود بوعى وروية لأنه يخاطب عقولا تحمل أفكارا بوعيه وحنكته .

وأسرد على سبيل المثال لاالحصر بعض الأزمات التى ساقتها لنا الحكومة الحالية لعدم إدراكها تبعات قرارتها وأولها  الدعاء الذى فجره الشيخ محمد جبريل في مسجد عمرو بن العاص في صلاة القيام ليلة القدر والذى صنعوا منه أزمة ذاعت وانتشرت فى كل انحاء مصر والبلاد العربية ، وكان يمكن أن ينتهى الأمر عند الحضور ببضعة ألاف لصلاة التراويح فقط  ، ثم يتم التفكير بمنطقية وعقلانية فى الإجراءات التى يمكن إتخاذها مع الشيخ بعيدا عن الدعاء ؟! وهم محترفون فى مثل هذه الأمور ، لكنهم لايدركون أنهم يشعلون نار الفتنة من جديد ، ويحرجون رئيس الدولة الذى قد يشار إليه بالبنان من البعض بأنه يوافق على مثل هذه الإجراءات مع انه قد يكون بريئا منها براءة الذئب من دم ابن يعقوب ( والله أعلى واعلم ) بالنوايا ، لكنهم وأقصد أصحاب تلك القرارات غير المدروسة يذكرونى بقصة الدبة التى أرادت أن تدافع عن صاحبها أثناء نومه  من ذبابة وقفت على جبهته ، فالقت عليها بحجر فأردت صاحبها قتيلا ، حتى أنهم أعطوا الفرصة للقيل والقال وصنعوا بعدم إدراكهم  بطلا لم يدع البطولة وهو الشيخ جبريل دون أن يشعروا هم يظنون بتصرفاتهم بأنهم الأكثر حبا للرئيس والأكثر دفاعا عنه، وهم لايعلمون أنهم أكثر من يسيئون إليه ، ويسببون له حرجا بمثل قرارتهم العجولة. 

وفى نفس السياق يفتعلون ازمة أخرى بدون لازمة !! وهى  أزمة لاعب كرة القدم لفريق وادي دجلة والزمالك سابقا أحمد الميرغني، الذي انتقد رئيس الجمهورية فى أحد أحاديثة ، لاأحد قادر على ان يغلق الافواه ياسادة ، ولااحد فوق النقد مهما بلغت قوته وسلطته ،والميرغني شاب يملاه الحماس ، وقد يكون اكثر وطنيه ممن ضيعوا مستقبله لمجرد أنه عبر بعفوية عن رأيه، مع العلم بأنه قد لا يكون مدركا لكل تفاصيل المشهد السياسي المعقد، أو يكون مغررا به مثلا ، لذا يأتى دور رجال السياسة فى توضيح الامر لشاب صغير ولإثبات أن حرية التعبير عن الرأى امر مشروع أقره الدستور ، وليس كلام  مكتوب على ورق وبين حالة محمد جبريل الذي استغل وجوده على منبر واحد من بين أهم مساجد مصر كي يحوله إلى وسيلة في معركة الإخوان ضد الحكومة وغالبية المجتمع. 

والأزمة الثالثة التى لايعلم أحد عقباها إلا الله مباراة فى كرة القدم ، مباراة عادية بين قطبى الكرة المصرية الأهلى والزمالك صنعوا منها ازمة بقرار غير مدروس فى حسن إختيار المكان الذى تلعب على أرضه بلعبها على أرض الجونة بالغردقة وإعطاء الفرصة للخلاف وعودة الألتراس للمشهد مرة اخرى ، فنحن مازلنا نترحم على شهداء مذبحة بور سعيد الذين لم تجف دمائهم حتى هذه اللحظة ولم يتم لهم القصاص حتى الان ، هل يريدون مذبحة جديدة لمجرد مباراة عادية ، وهل يعجز الامن المصرى عن تأمين مباراة بدون جمهور فى استاذ مثل برج العرب مثلا ولانعطى الفرصة لاحد أن ينال من إستقرار وأمن مصر فى ظل هذه الظروف الصعبة التى نعيشها الان !!!

لقد صارالانطباع السائد بين الناس بسبب التسرع فى إصدار القرارات غير المدروسة مثل منع الشيخ محمد جبريل من الخطابة  بأن الدولة تحاسب الناس على نواياها، بل وجعلت البعض يسأل: ولماذا تغضب الحكومة عندما يتم الدعاء على الظالمين؟! وأرى من وجهة نظرى المتواضعة أن الحكومة قد أخطأت خطأ جسيما في هذه القضية، فقد كان أمامها أكثر من  طريقة لمنعه من اعتلاء المنبر من الأساس ! ولكن هم طبقوا المثل الذى يقول ( ماشافهمش وهم بيدعوا فالحكومة تطوعت بالإعلان للناس ) - كما أن الشاب الذى فسخ فريق دجلة عقده لتعبيره عن رايه وأعتقد ان هذا الامر لم يصدر من إدارة النادى بمحض إرادتهم فضلا عن أن اللاعب لن يرى النجيلة الخضراء فى أى نادى اخر خشية البطش بهم وبهذا يكون مستقبل الولد قد ضاع لمجرد التعبير عن رايه !

مصر فى حاجة إلى حكماء ياسادة فى هذه المرحلة الحرجة التى لم نعد نعرف فيها من على حق ومن على باطل ولكن كل مااخشاه ان تاتى تصرفات المسئولين بالحكومة بأثر عكسى على الشارع المصرى ، فالذى يعمل ويكد وله هدف سامى نبيل لايخشى من دعاء أحد عليه إلا إذا كان يرى أنه هو المقصود وانه ظالم بالفعل أو قاتل ، الظلم والقتل عقابهما عند الله فاتركوا لله الحكم فى الاخرة مادامت الحقيقة قد ضاعت فى الدنيا بفعل فاعل ؟ حفظ الله مصر وحفظ شعبها العظيم

لخبطيطة/ حسن العاصي

كاتب فلسطيني مقيم في الدانمرك

اكتشاف مذهل توصلت إليه بعد تدقيق وتنقيب وتمحيص وبحث،أمضيت لبلوغه أزهى سنوات عمري،أنا العبد الفقير لله. فكيف حصل ذلك ؟
لقد اتضح لي أن العلاقة مابين الرأس والمؤخرة علاقة مصيرية يتوقف على انتظامها مستقبل البشرية،وأن العلاقة مابينهما أعمق من علاقة الجسم بالمؤخرة،ولو أن أحدا قال لي هذا الكلام قبل ذلك لسلمته الى مشفى المجانين ينعم فيها راضيا.
وحمل هذا الاكتشاف الاجابة عن الاسئلة التي طالما حيرتني ،ولم أجد معها شيئاً نافعاً.
وعلى الرغم أن لاعلاقة لي بالعلوم التطبيقية ،ولا بالأطباء وأبحاثهم،الا أنّني أدّعي أن الانسان المصاب بالصداع،وهو في الرأس غالباً،يتلاشى ألمه عندما تقوم مؤخرته بوظيفتها،وهذا شيء يعرفه جيدا الأشخاص المصابين بالأمراض المعوية،وأن الانسان الذي ترفض مؤخرته طرح ماتختزنه تجده أصلاً يعاني من التوتر والعصبية والحَوَلْ، وتدني مستوى الذكاء والمشاركة،ناتج عن عدم قدرة الرأس في السيطرة على المؤخرة.
إن هذا التشابك في أداء الوظائف مدهش،فعندما تغضب المؤخرة يغدو الرأس عاجزا،وعندما ينتشي الٍرأس-وهذا مايحصل بين الحين والآخر-تجد المؤخرة لاحول لها ولاقوة،الأمر الذي يجعل الجسم يترنح مابين اليمين والشمال،مستسلماً ببلاهة غريبة لأسفله،تتجاذبه القدمان على غير هدى،ضائعاً،محتارًا مابين الرأس والمؤخرة،ما أن يهم بالوقوف،إلا ويعود مفترشا الأرض.
اذن ماهو الحل؟
وهنا تبرز الأهمية الاستثنائية للشق الثاني من اكتشافي العظيم .
الحل ياسادة هو زرع ذيل في مؤخرة الانسان!!
نعم،ذيل في المؤخرة يعيد للإنسان ثقته وتوازنه اللذان طالما افتقدهما،ذيل يفض الاشتباك،وينتصر للمؤخرة،ويدمر مزاجية الرأس،لأن الرأس هو بيت الداء.
وهكذا كان،فقد قررت فجأة أن أزرع ذيلاً،بعد أن كنت قد انغمست في حزن عميق، وبدا لي شقائي الخاص،اكبر من اي شيء آخر.
وبعد استشارة عدد من الأطباء الجراحين الذين تزين اسماؤهم صفحات الإعلانات في أهم المجلات والصحف،وأذكر أن أحدهم متخصص في هذا النوع من الجراحة الوافدة على بلادنا،ويحمل تسع شهادات.
وبعد اجراء التحاليل الجرثومية والهرمونية والدموية،واضطرارنا للإنتظار بضعة أسابيع،ريثما تعود نتائج أحد التحاليل من مختبرات أحد البلدان المهمة،بعد إصرار البروفسور على إجرائه خارج البلاد توخيا للدقة التي لانقيم لها أهمية.
وفي أفخم المشافي الخاصة بالمدينة،حجزت غرفة مستقلة لايشاركني فيها سوى مذياع لايبوح إلا بما يشعرك بالغثيان طوال الوقت،تراه يرتفع تارة،ثم فجأة يخمد صوته كمن اصابه مس.
تمَّ على بركة الله تحديد موعد اجراء العمل الجراحي المنتظر،وهكذا رزقت بعد عذاب وطول عقم،ذيلاً.
فتحت عيناي صباح مابعد يوم العملية على ضوء هادىء ناعس،تسلل الي من خلال الستائر في غرفتي،وكانت تحيط بسريري باقات الزهور،تعانقها شرائط زاهية وملونة تتدلى منها بطاقات عجزت عن قراءتها.
ألقيت نظرة جانبية،كان يتمدد الى جانبي ذيل.....ذيل حقيقي!
ذيل غليظ،متوسط الطول،قصير الشعر،ألوانه متموجة،يزين نهايته شريط أزرق.
تلفت حولي،لم يكن ثمة أحد،تسللت أصابعي تتلمس الذيل،غمرتني نشوةهادئة،وإحساس بالعذوبة الغامرة،وانحنيت على الذيل،احتضنته معانقا وأنا أضحك،وأبكي،وأصرخ من هول المفاجأة.
دنا مني أحدهم،وعلى وجهه ترتسم ابتسامة ملائكية،حتى كاد أن يلتصق بوجهي،وهمس:لاتخف،إنه ذيلك،داعبه كما تشاء،يجب أن تحمد الله أن كل متاعبك قد ولَّت بلا عودة.
التقت عيناي بالعينين الملائكيتين،تعبران عن الامتنان،ولم أستطع أن أحبس دموع الفرح،فأدرت وجهي جانبا.
أية أيام حافلة بالهناء،أية لحظات ملأى بالمجد،وأي شعور بالسمو والانطلاق،وأي ذيل كان ذيلي.
أجل،لقد من الله علي تذوق حلاوة تلك اللحظات،وأشك في أن أحداً من قبلي قد شعر بالنشوة التي تسللت الى كياني،حتى اللذين حباهم الله ذيلا،اذ أنه أمر طبيعي أن يمتلك الواحد منهم ذيلا،فقد ولدوا بذيل،نما بنموهم،هو جزء من كيانهم ذاته.
أما أن يولد المرء من دون ذيل،أن يكبر من دونه،أن يعاني بسب ذلك من الدونية والانحطاط،أن لاتستقيم حياته ويختل توازنها،أن يشعر في كل لحظة أن مؤخرته تفتقد الى شيء ما،شيء أساسي وجوهري،ثم يصحوا ليجد الى جانبه ذيلا،هو ذيله،انه أمر مختلف،مثل أن يمتلك المرء فجأة جناحين،مثل أن يمشي الكسيح،بل انه أمر أعظم من ذلك،فلا العمى ولا الكساح يعادلان فقدان الانسان لذيل.
فأية أيام رائعة،وأي فرح غامر.
ولم تلبث أن انهمرت البرقيات،ورسائل التهنئة فوق رأسي،بعد أن سرَّب أحد الشمتانين أعداء التقدم،الخبر ليعم،وصرف من جيبه الخاص أجور المكالمات الهاتفية.
ولم تتسع الغرفة الفسيحة لباقات الزهور،بعد أن توافد المهنئون ومراسلوا وكالات الاأباء المحلية والأجنبية.
ثم جاءت بعثة التلفزيون يرافقها كبار المذيعين،مابين مصدق،وآخرين يهزون رؤوسهم أسفا.
"أشد على ذيلك مهنئا"-مدير الدائرة الجنسية،"زرع ذيل لمؤخرتك إنجاز آخر لمسيرتنا الثورية"-قيادة المجلس الذيلي،"تطوركم الذيلي أبهج قلوبنا،مرحبا بكم أخا كريما،وذيلا طاهرا بين الذيول"،"ذيولنا تعانق ذيلك"-رفاقك-.
وقد هزني من الأعماق قصيدة خصني بها شاعر من رفاقي،كتبها بمداد أحمر،قال أنه دمه،مطلعها:
ذيلك المياس ياعمري
فجر الالهام في شعري
انت أحلى الناس في نظري
ذيلك المياس،أم قمري.
وتعاقبت الوفود،وفود من الشباب تأكلهم الغيرة،وفود نسائية تسبقهن أصوات الزغاريد،وحين شاهدن الذيل،أخذن يتبارين في وصفه،وتمنت كل واحدة منهن أن تلمسه.
وفود الأطفال يحملون لافتات التهنئة ويتدافعون،ومنهم من يحمل قطع كرتونية ملونة،لم أفهم منها شيئا،وقد قرصني شقي منهم في ذيلي،فانتهره المسؤول وطرده خارجا.
وفود مختلفة،وقد سرني تصرف رئيس جمعية دفن الموتى،الذي أصر على تبرعه بقبر مجاني من الرخام المستورد يخصص لجثماني بعد عمر طويل،فبالغت في شكره،وأنا أترك العنان لدموعي.
طبعا بعد كل هذه الحفاوة،كان علي أن أرد على كلماتهم الحماسية البليغة،بكلمات أشد حماسة،حتى أنها أدهشت الجميع،ومنهم أعضاء الهيئة الطبية المكلفة بزرع الذيل،الذين مازالوا متواجدون بقربي،يحصدون الشهرة والأضواء بعد نجاح العملية،وقد حيرتني تحركاتهم المبهمة،كلما هم المصورون بالتقاط الصور للصحف وللتلفزيون،بينما انشغلت إحدى الممرضات باعادة ترتيب مكياجها،الذي أفسدته زحمة المكان.
وقد شرح رئيس هذه الهيئة،وهو البروفسور المعروف،في بحث قدمه للأكاديمية التي يرأسها،فيما بعد،أنه كان يتوقع أن تسفر عملية زرع الذيل في مؤخرتي عن حل عقدة لساني،وإعادة التوازن لجسمي،لأن اللعثمة والإنسداد الذهني المصاب بهما ناشئين -بتقديره-عن فرط إحساسي بالخجل،بسبب افتقادي إلى ذيل،الأمر الذي أربك العلاقة بين ثلاثية الرأس والجسد والمؤخرة.
وقد قادني فرط الحماسة والفصحنة-بعد الإستماع إلى تقرير البروفسور-إلى ارتجال الشعر ونظمه،شعبياً باللهجة الدارجة،وفصيحاً بلغة الضاد.
ولا أكتم أنني بنيت آمالا كبيرة أيها السادة،من قبيل المشاركة النشطة في الحياة السياسية العامة،بعد خروجي من المشفى ظافرا.
ومن يدري؟فقد أصبح شخصاً مهماً،أو مسؤولا ًكبيراً،بل أن الخيال والطموح قد شطحا بي إلى حدود الحلم بالإرتقاء إلى القيادة،وتحقيق كل ما حلمت به طوال حياتي.
ولم لا؟
فإن كنت أقصر من بعضهم ذيلاً،فقد أكون أطولهم لساناً.
" أقسى الكلام"
يقول دوستيوفسكي :إن الحياة تهيء للإنسان،في بعض الأحيان،مهازل فاجعة مبكية من هذا النوع.

المصيبة الكبرى : نهاية الملك فيصل الثاني ملك العراق رحمه الله عام 1958/ حسين محمد العراقي

روت الأميرة بديعة خالت الملك فيصل الثاني الناجية الوحيدة من مجزرة  قصر الرحاب  الذي قتل به الملك فيصل الثاني وكان عمره 23 سنة وقد كان حكمه دستورياً بلغ من الرخاء والأستقرار والأزدهار حداً بعيداً وحين أستمعت إلى القصة  وشاهدتها  عبر الأعلام فوجدتها السواد الأعظم وما حمل من معنى ومهما كتبت للملك أعلاه  وقلت فيه من وطنية وحب وأعتزاز لوطنه  فلن أستطيع أن أوفيه حقه للعراق وشعبه لكن للأسف الشديد غدروه  الدنيويون وظلام البخت  بدليل ما عرضته قناة الشرقية وما أدلت به الأميرة أعلاه  ......
(ما مر عام والعراق ليس فيه دم ...شنقوا وسحلوا ومُثل بأجسادهم ...وعلقوا على المشانق  لكن حبل الذاكرة  متين لا ينقطع ... مادام في الدنيا قمر مادام في العين بصر) وأنتهاءً بما قالت  الأميرة أعلاه لا  أعرف قبر  أمي لا أعرف قبر أختي  وقالت عشنا الذل  والتشرد والخوف والغمامة  ومنعت منا زيارة أقاربنا لنا وأصبحنا نعيش المآسي ؛؛؛
أنتهى الحكم الملكي بالعراق  بعد ما أطيح به عام  1958 عن طريق الأنقلاب الجمهوري الذي قام  به عبد السلام محمد عارف وعبد الكريم قاسم ورفاق دربه من الضباط  على الملك فيصل الثاني وأسرته  الهاشمية قتل الملك فيصل الثاني صبيحة أندلاع ثورة 14 تموز يوليو 1958 التي أسقطت النظام الملكي بالعراق وأسست الجمهورية العراقية وياريتها لم تأسس لأن الشعوب  تبحث وتريد الأمان و الأستقرار  الآن لأنه  غائب اليوم  بدليل ها هي الأنظمة الجمهورية وكيف تعيش شعوبها  اليوم بالمآسي بدءً من اليمن في ظل المخلوع علي عبد الله صالح وما حصل لشعبه المحتاج  والمحروم من كل أساسيات الحياة  وأوصله إلى مستوى الحضيض (((حمى الضنك )))  وأنتهاءَ بسوريا  التي شُردت أكثر من نص شعبها بالدول العربية  والأجنبية عبر العبارات بالبحار  وصولاً  لأوربا  لغرض اللجوء الإنساني ذل  وفقر وحرمان والوضع الحالي الذي يجري بتونس ومقتل السياح الأجانب  ومصر أغتيال نائب المدعي العام هشام بركات  في 29 /6/ 2015 ومأساة الأخونة والأسلمة التي تحوم ومرسيها على الشعب والحكومة الحالية بمصر اليوم  والعراق  داعش بأوجاعها على الشعب وحتى ليبيا بحفترها  العقيد  العسكري والأحزاب الأخرى ومنها الأسلاميين معارك وحروب لا تنتهي  بينما الأنظمة  الملكية  فهي معروفة ولا تُعرف والغنية عن التعريف أيجابياً لشعوبها  وأولها تقديم الأمن علماً  لم أرى سعودي أو أردني أو مغربي  أو بحراني نازح ومشرد  ولو كان  ملوك  العراق عايشين ماكان هذاحالنا الذي وصل إلى مستوى  الحضيض للأسف ؛؛؛
عندما أكمل الملك فيصل  الثاني الثامنة عشرة من عمره فانتهت وصاية خاله عبدالإله على عرش العراق بتتويجه ملكاً دستورياً على العراق وأعلن ذلك اليوم عيدًا رسميًا لتولى الملك سلطاته الدستورية وقد تزامن تتويجه مع تتويج أبن عمه الملك الحسين بن طلال ملكاً على الأردن في عمان ولما دعا الملك الحسين بن طلال ملك الأردن في فبراير 1958 إلى إقامة أتحاد عربى هاشمى بين المملكتين الهاشميتين في العراق والأردن في أعقاب الوحدة بين مصر وسوريا وأطلقوا عليه اسم دولة الاتحاد الهاشمى العربى؛؛؛
في 14 يوليو 1958 أستيقظ فيه الملك الراحل على أصوات طلقات نارية باتجاه قصر  الرحاب وسرعان ما سمعوا صوت  الضابط العسكري عبدالسلام عارف صادرا من المذياع يعلن عن قيام الثورة وإعلان الجمهورية  وفي هذه  اللحظات طلب الانقلابيون من العائلة الملكية تسليم أنفسهم فخرج الملك  أعلاه مع الأمير عبدالإله وأمه الملكة نفيسة (جدة الملك) والأميرة عابدية زوجة عبدالإله ثم الأميرة هيام أخت عبدالإله والوصيفة وطباخ تركى واثنين من الحرس الملكي وبعد تجمع الأسرة في باحة صغيرة في الحديقة فتح عبدالستار سبع العبوسى النيران عليهم فصرع الملك والأمير عبدالإله والملكة نفيسة والأميرة عابدية وجرحت الأميرة هيام؛؛؛
                                                           مقابر بغداد.......
                                    شاهد يروي انتحار قاتل العائلة الملكية في العراق
                                                 حارس للمقبرة الملكية
أحد الحراس السابقين في المقبرة الملكية من أهالي الأعظمية رفض الافصاح عن اسمه أو عرض صورته ويبدو عليه أن عمره تجاوز الـستون  عاما كان شاهدا على أحد المواقف التي تتعلق بقضية النقيب عبد الستار سبع العبوسي، الذي نفذ عملية قتل العائلة المالكة وراح يروي موضحا:كانت المقبرة الملكية مشرعة أبوابها في السنتين الأولى والثانية مابعد التغيير في العراق صيف عام2003   م  وخصوصا خلال فترة الزيارات المستمرة التي كان يقوم بها الشريف علي بن الحسين الأمين العام للملكية الدستورية  وفي تلك الأيام جاء رجل مسن الى المقبرة  وكان عمره يقدر بنحو 75 عاما ويسكن في منطقة الدورة جنوب بغداد وقد أبدى رغبته الملحة في زيارة المقبرة فسمح له بالدخول وبقي في الداخل لفترة طويلة كان جالسا أمام قبر الملك فيصل الثاني  يبكي رافعا يديه ويتضرع بالدعاء والرحمة المتضرع بالدعاء  أعلاه لاتربطه أية صلة بالملك ولكن أعتزازه للملك الراحل المظلوم  فيصل الثاني كونه يعتز  بعراقيته  ويعتز بوطنيته الرجل له صلة وقرابة بقاتل الملك فيصل الثاني والجاني على عائلته وهو أبن عمه النقيب عبد الستار سبع العبوسي وقد قال عنهُ بعد الحادثة كلما كنت أحاول أن أشاهد عبد الستار والتقي به في اجازته العسكرية التي يقضيها منزويا في بيته  ممتنعا عن جلسات الأقارب التي أعتدنا عليها في الماضي وذات مرة في حياة والدي  دخلنا عليه فجأة  وقد تغيرت طباعه تماما وكان يبدو عليه الارهاق  ولايرغب بالكلام ووجهه مصفر وكأنه مصاب بمرض مزمن اعترف لعمه أن ضميره مازال يؤنبه وصورة الحادثة المفجعة بكل تفاصيلها من لحظة موت الملك فيصل الثاني وعبد الاله وعائلتيهما والأطفال كانت تلازمه في خلوته وحتى في ساعات نومه القلقة وذكر انه حتى أذنيه مازالت تئن من سماع صوت صراخ السيدة نفيسة والدة عبد الاله وتوسلاتها التي لم تجد نفعا مع عبد الستار وبلغت الى حد رفعها للمصحف الشريف لتضعه فوق رأس الملك فيصل الثاني وتستحلفه به  على أن لا يقتله  ولكنه أطلق الرصاص وأسدل الستار على حكم العائلة المالكة في العراق وتوبيخها ودعواتها بالأنتقام ثم يواصل الرجل الحارس بحديثه  عن تفاصيل رواية الشيخ المسن له موضحا لم يتمكن عبد الستار ان ينتصر على ضميره وتعرض الى كآبة مزمنة ولم يعد يطيق نفسه وشعر أخيرا بان لاتستحق نفسه أن تعيش حياتها فأنتحر ليقتلها بعد أن أطلق من مسدسه رصاصة الرحمة على دماغه حيث كان بداخل بيته الواقع في محافظة البصرة وفي يوم انتحاره وقبله بلحظات طلب من زوجته أحضار فنجان قهوة ولدى وصولها الى المطبخ سمعت صوت اطلاق عيار ناري فهرعت وركضت عليه فوجدته منبطحا على الأرض مضرجا بدمائه بحسب ما أخبرتنا به ؛؛؛
الملك فيصل الثاني ثالث وآخر ملوك العراق من الأسرة الهاشمية  بوفاته انتهت سبعة وثلاتين عاما من الحكم الملكي الهاشمي بالعراق ليبدأ بعدها العهد الجمهوري الذي أوصلنا إلى هذا الحال  .................  
                               (((بعيد يملك رأس الحكمة أفضل من قريب ظالم)))

h.s332@yahoo.com

انبثاق الإقليم السني من ذاته/ كافي علي

ثلاث عمليات في وقت واحد لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) انتهت كدعاية إعلامية للتنظيم دون أن يكون لها تأثير ملحوظ على واقع الدول المعنية بها، باستثناء سقوط العشرات من الضحايا الأبرياء.
تفجير مسجد للشيعة في الكويت وهجوم احد أفراد التنظيم على السياح الأجانب في تونس منح السلطات الكويتية والتونسية فرصة الاستنفار وملاحقة ما تبقى من أفراد التنظيم. أما اقتحام مصنع للغاز في مدينة "سان كانتا فالأفيية" فقد منح الحكومة الفرنسية ذريعة جديدة للتجاوز على الديمقراطية وتضيق الخناق على المسلمين فيها.
في خضم اللعبة الدعائية لتنظيم الدولة ومحاولات عولمة مشروعه بزعزعة الأمن الداخلي للدول، لا يجد سنة العراق، المتهمين بكونهم بيئة حاضنة للتنظيم، مفرا من إستراتيجية جديدة تضمن لهم التكافؤ النسبي مع القوى المتناحرة على أرضهم. إستراتيجية تحميهم من الإبادة تحت وطأة المشروع الإيرني الطائفي وتحفظ حقوقهم من الضياع والتشتت في سلبيات المشروع التكفيري.
لا بد من خيار الأقاليم لإخماد الحقد الطائفي الذي تعول علية إيران للسيطرة على المناطق السنية وفتح بواباتها أمام مشروع ولاية الفقيه وعبوره إلى الوطن العربي، ولا مفر من شر التقسيم ليفقد تنظيم داعش الأرض التي يقف عليها كمنطلق لمشروعه التكفيري في المنطقة.
ليس هناك واقع دموي مشؤوم يدعو يستوجب التقسيم أكثر من الواقع العراقي الذي تُباد طوائفه بين شهوة الولي الفقيه للسلطة وتنظيمات إرهابية كشجرة زقوم نبتت وأثمرت في دوائر المخابرات. التقسيم واقع على الأرض ترفض حكومة الأحزاب التابعة لإيران الاعتراف به رسميا والعمل بمقتضياته الدستورية والقانونية أسوة بإقليم كردستان. ما هي دلالات شرط الكفيل الذي فرضته قيادة عمليات بغداد على النازحين من الأنبار إلى بغداد سوى أن التقسيم واقع حال الدولة العراقية؟ كيف تُفٓسر عبارة " الطيار سيد من جماعتنا" التي صدرت من محافظ بغداد لتبرير حادثة سقوط قنبلة من طائرة سوخوي حربية على احد الأحياء السكنية في بغداد؟ ليس هذا فحسب وإنما تثير برلمانية معروفة بولائها لقائد الحرب الطائفية في العراق نوري المالكي ضجة إعلامية تطلب فيها من القائد العام للقوات المسلحة تشكيل لجنة تحقيقية تضم خبراء من خارج وزارة الدفاع، على اعتبار أن وزارة الدفاع تابعة للمكون السني، للتحقيق في حادثة قصف حي سكني شيعي بسبب خلل فني معربة عن مخاوفها من أن يكون سلاح الطيران مخترق من قبل تنظيم داعش. إذا كان قصد السيد محافظ بغداد بمفردة " جماعتنا" الطائفة الشيعية التي ينتمي إليها، وإذا قصدت السيدة النائبة بمفردة " داعش" الطائفة السنية، ولا أظنه غير ذلك، ألا يعني بأن البلد خاضع حكوميا لحالة التقسيم الطائفي؟
رفض الحكومة العراقية الاعتراف بالتقسيم والإعلان عن الإقليم السني رسميا يفرض على الجهات التي تطرح نفسها في المحافل السياسية كممثل للعراقيين السنة أن تنفق وتعمل على انبثاق الإقليم ذاتياً دون الحاجة إلى موافقة الحكومة للاعتراف به.
الحكومة التي تغض الطرف عن الدماء الشيعة التي تُسفك على يد تنظيم داعش بمسميات جهادية مقدسة خدمة للمشروع الإيراني لا تمتلك حق تكبيل السنة وتركهم ضحية إما للبراميل المتفجرة أو نصل سكاكين الدواعش. إذا كانت الحكومة ترفض تسليح السنة وتفضل تسليح داعش بأسلحة الجيش المنسحب من مناطقهم وأمريكا تماطل في تسليحهم وتفضل تسليح الحكومة، لماذا لا ينأى السنة بأنفسهم عن هذه الحكومة، يسلحوا أنفسهم ويدافعوا عن بيوتهم بعد أن صار المشروع الوطني بسبب الفوضى الدموية لإيران والدواعش في المنطقة مثل حلم ابليس بالجنة.

طفولةٌ تبتزُّها عناكبُ الشّياطينِ/ آمال عوّاد رضوان

هل نستغربُ مِن تصرّفِ مربّيةٍ، تُعرّي طفلاً وتقيّدُهُ وتصوّرُهُ مِن أجلِ ابتزازِ والديْهِ؟ 
النّجمةُ سيندي كروفورد تعرّضتْ لمحاولةِ ابتزازٍ، مِن خلالِ نشرِ صورِ ابنتِها العارية؛ ابنة السّبع سنوات، عن طريقِ صديقِ مربّيتِها!
ثمّ حاضنةٌ أخرى في ريعانِ شبابِها وجمالِها، تهتمُّ بشؤونِ الطّفلِ أثناءَ غيابِ أمِّهِ وأبيهِ المُوظّفيْن، لكنّها بعدَ خروجِهما بفترةٍ وجيزةٍ، تخرجُ بمعيّةِ الطّفلِ تتسوّلُ، إلى أن اكتشفَ أمرَ الطّفلِ أحدُ الجيران، فدعا والدَيْهِ ليُصدَمَا بمرارةِ الحقيقةِ العقيمة! 
حاضنةٌ أخرى تعملُ على تنويمِ الأطفالِ مدّةَ وجودِهم لديها، إلى أنْ يحينَ موعدُ عودةِ الأهل، كي لا تتكبّدَ معاناةَ بكائِهم ومسؤوليّةَ رعايتِهم، لكن تشاءُ الصّدفةُ أن يُكشفَ احتيالها، إذ أعطتْ أحدَ الأطفالِ جرعةً مضاعَفة!
وهل تكونُ روايةُ "عمارة يعقوبيان" الّتي تُسلّطُ الضّوءَ الفاجعَ على طفلٍ تعرّضَ لاغتصابِ خادمِهِ المتكرّرِ، في عتمةِ ائتمانِ الأهلِ للخادمِ على الطّفل، إلاّ نموذجًا حيًّا لِكَمٍّ هائلٍ مِن أطفالٍ يَفضُّ بكارةَ طفولتِهم بعضُ خدَمٍ وأقرباء بغير توقّع!
وماذا عن تزويجِ طفلاتٍ في العاشرةِ مِن أعمارِهنّ وما دون أو ما ينيف، مِن رجالٍ ميسوري الحال، بشتّى الزّيجاتِ متعدّدةِ التّسمياتِ والأشكالِ والتّبريرات؟
على مدارِ أيّامٍ كانتِ الدّمعةُ تترقرقُ في عينيْها الذّليلتيْن، تتحاشى نظراتِ نزلاءِ الفندقِ، وهيَ تحتضنُ طفليْنِ في غرفةِ الطّعامِ ومجلسِ الاستقبال، تُلقّمُهُما الصّمتَ العاجزَ، فيجيبانِها بحركاتٍ متمرّدةٍ طفوليّةٍ، يتقافزانِ يتصايحان يتضاحكان ويتباكيان، ولا سلطانَ لها عليهما. 
أينَ يغيبُ والداهُما عنهما كلَّ هذا الوقت؟ كيف ينشآنِ بكنفِ رعايةٍ منقوصةٍ مِن فلبّينيّة، يثيرُ الشّفقةَ عجْزُها، ويثيرُ البؤسَ طفلانِ ينقصُهما الحنان!
ولا زالتْ خيوطُ عنكبوتِهِ عالقةً في ذهنِ طفلةٍ لم تُصدّقْ ما يحدثُ، ويرفضُ دماغُها الطّفوليُّ الصّغيرُ البريءُ، إلاّ أن يُقرَّ بأنّ هذا الّذي رأتْهُ، ما هو سوى فعلِ خيالٍ، أو مجرّد فيلمٍ يُعبّئِ وقتَ فراغٍ بخيالٍ بعيدٍ بُعدَ السّماءِ عن الأرضِ مِنْ حيثُ الواقع! 
رجلٌ منزوعُ القلبِ يخطفُ أطفالاً ويشوّههُم ببترِ أطرافِهم، وفقْءِ عيونِهم، ثمّ يُجبرُهم على ممارسةِ حرفةِ التّسوّلِ والسّرقةِ وبيْعِ المخدّرات، بوسائلَ مريرةٍ وبمنتهى القسوةِ والتّعذيبِ والتّجويع!؟ 
أيُعقلُ أن تكونَ هناكَ عصاباتٌ بهذهِ القسوةِ واللاّإنسانيّة؟ 
وهل يلتقي النّقيضان؛ القسوةُ والإنسانيّةُ معًا؟ 
فيلمٌ قاسٍ طوَتْهُ الذّاكرةُ، وباتَ مركونًا تُغلّفُهُ الأغبرةُ على رفوفِ النّسيان، لكنّ الواقعَ أبى إلاّ أن يُثبتَ براءتَهُ أمامَ ذاكرةٍ معطوبةٍ متعاليةٍ، تغطُّ في سباتِها المُلحِدِ!
ولا يسعُ الألمُ إلاّ أن يطفوَ على صفحةِ الواقع جثّةً نتنةً، تحرّكُها مخالبُ الحقيقةِ الرّجسةِ بأشكالِ تسوّلٍ متعدّدةٍ! شبكةُ تسوّلٍ يُشغّلُها رجلٌ مسؤولٌ عن عددٍ مِنَ الأطفالِ، يوزّعُهم على الطّرقات، يتحايلونَ على السّائقينَ ويستعطفونَهم، ليبيعوا أشرطةً صوتيّةً أو مرئيّةً، أو علبَ كبريتٍ ومناديلَ ورقيّة، أو سجائرَ وحاجاتٍ خفيفةً لا تخطرُ ببالِ سائقٍ. 
ترى الأطفالَ يتراكضونَ بينَ السّيّاراتِ، يتزاحمونَ ويتسابقونَ، يتصارعونَ ويتشاتمونَ فيما بينهم، وكلُّ واحدٍ يريدُ الخلاصَ مِن حِملِهِ الّذي على كاهلِهِ مِنَ الحاجيّات بأسرعِ وقتٍ ممكنٍ! 
منهم مَن يعملُ على تمسيحِ زجاجِ السّيّاراتِ المارّةِ عندَ إشاراتِ المرور، مقابلَ الحصولِ على الزّهيدِ مِنَ المالِ، يُسلّمونَها للمسؤول، ليُعطِيَهم القليلَ ممّا حصلوا عليه! 
أن تجدَ أطفالاً يتسوّلون ما وراءَ الحواجزِ فذاك أمرٌ قد يبدو عاديّا أو اضطراريًّا، وقد تتشفع التّبريراتُ في جعلِهِ شبهَ طبيعيٍّ في ظلِّ الاحتلالِ وضنكِ العيشِ والفقرِ المحيقِ بأبناءِ المخيّماتِ خاصّة، لكن؛ أن تغصَّ مفارقُ البلدانِ العربيّةِ في الدّاخلِ بسنحِ أطفالٍ نحيلةٍ، أحرقتْها عيونُ الشّمسِ، واكتوتْ أقدامُها بلهيبِ الشّوارع! 
كيف يصلُ آلافُ الأطفالِ مُهرَّبينَ إلى داخلِ الأراضي المحتلة 48، في أوقاتِ منع التّجوّل وإغلاقِ الحدودِ والحواجز، ولم يتجاوز أكبرهم الـ 12 سنة؟ 
هل بلغَ بهم النّضجُ قبلَ أوانِهِ، فجعلَ منهم رجالاً صغارًا يتجاوزون الحدودَ والحواجزَ؟ 
هل هو الموتُ بشكلٍ آخرَ، يدفعُهم إلى الموتِ الأرحمِ في الضّفّةِ الأخرى؟ 
أيّةُ جرأةٍ تدفعُ أحدَ الأطفالِ المتسوّلينَ إلى الهجومِ على امرأةٍ تقودُ سيّارتَها، ليشَدَّها مِن شَعْرِها، لأنّها لم تُحسنْ إليهِ العطاءِ؟
كانَ ذاكَ يومًا لستُ أنساهُ؛ ثلاثةُ أطفالٍ على مفرقِ النّاصرةِ حيفا طبريّا في ساعةٍ متأخّرةٍ مِنَ اللّيلِ، مبلّلونَ بالمطرِ، ترتجفُ فرائصُهم خوفًا وبردًا، يقرعونَ على زجاجِ نافذةِ السّيّارةِ، يستحلفونَ ويترجّوْن.. ليسَ مالاً إنّما مأوًى حتّى الصّباح! 
دمعةُ طفلٍ جائعةٌ للحنانِ همَتْ تقولُ: فتاتٌ مِن تَصَدُّقِ المارّةِ كانَ يوْمي!
ماذا تفعلُ أنتَ يا ابنَ جلدتِهِ، والقانونُ يقفُ أمامَ إنسانيّتِكَ، فلا يجوزُ لكَ أن تُقلَّهُ بسيّارتِكَ أو تُؤويهِ في بيتِك، وإلاّ نالَكَ مِنَ العقابِ أبسطَهُ؛ غرامةً ماليّةً بآلافِ الدّولارات، أو ملاحقةَ الشّرطةِ بتحقيقٍ وتجريمٍ وسجنٍ؟
أينَ هو مُشغِّلُكُم؟ ولماذا لا يأخذُكم لتناموا في مخادعِكم المخصّصةَ حتّى الصّباح؟ 
للأسف، معاقبون من رئيسِهم، لأنّهم لم يحصلوا على الحدِّ الأدنى مِنَ المالِ بتسوّلِهم ذاكَ اليوم!
أيّةُ لغةِ ابتزازٍ هذهِ المستخدمة بحقِّ الطّفولةِ المنفيّةِ؟ وممّن؟ منك يا ابنَ بلدي؟ 
منذُ مراحلِ الطّفولةِ الأولى نلحظُ من خلالِ مشاهداتِنا لأطفالِنا حركاتٍ طفوليّةً، تتبدّى لأوّلِ وهلةٍ بسيطةً، كأن يقومُ طفلٌ بتكوينِ شلّة مِنَ الأطفالِ يتزعّمُها من خلال التقليدِ والألعابِ، فيأمرُها وينهاها، وتستجيبُ لهُ حينَ يُسلّطُها على أحدٍ ما، وتدخلُ اللعبةُ في مرحلةِ الجدّيّة، كأنْ يستضعفُ طالبًا ما أصغرَ منهُ أو يُجايلُهُ، فيأخذُ لهُ حاجاتِهِ الخاصّةَ مِن مصروفٍ، أدواتٍ قرطاسيّةٍ وألعابٍ وحاجاتٍ بسيطة، وقد تتطوّرُ إلى استغلالِهِ بتحميلِهِ الحقيبة المدرسيّة، أو تسخيرِهِ في شراءِ حاجيّاتٍ مِنَ الدّكّان، ثمّ المطالبة بمبلغٍ أكبرَ مِنَ المصروفِ، ممّا يضطرُّ المستضعَف إلى السّرقة، لينجوَ مِن بطشِ المستقوي عليه، ومن تهديدِهِ وتخويفِهِ لهُ بالضّربِ بعدَ الدّوامِ، أو تعريتِهِ أمامَ الشّلّةِ لإضحاكِ الأولادِ عليه، أو بفضحِ سِرِّهِ بالتبوّلِ اللّيليّ، أو بأساليبَ أخرى مهينةٍ يتجنّبُها المستضعَفُ. 
قد يبدو الأمرُ بسيطًا للأهل، لكنّهُ تربويّا يحملُ مِنَ الخطورةِ ما يبعثُ على القلقِ، إذ إنّ السّلوكَ هذا قد يتطوّرُ سلبًا، لِما يتبطّنُ ويتضمّنُ بوادرَ سيّئةً لاحقًا، إن لم تجدْ مَنْ يَحدُّها ويوقفُها قبلَ أن تستشريَ في استفحالِها!   
وأخيرًا.. هل الابتزازُ طريقةٌ أخرى للتّسوّلِ بالإكراهِ، لإرضاءِ الذّاتِ معنويًّا ومادّيًّا وجسديًّا؟ 

الى الشاعر المبدع فؤاد نعمان الخوري/ جورج الهاشم

اولاً أشكرك على حضورك للمناسبة، واثمِّن ملاحظاتك القيِّمة، خاصة عندما تعتبر ان نجاح مناسبة اطلاق كتابي هو مؤشّر "يثلج القلب ويشد العزائم ويبقي الامل بقيام حركة ثقافية جادة في هذه الديار"، يدلّ على كبر أخلاقك ونبلها. واصدقك القول اني أعتبر كل مناسبة ادبية هي مناسبة لي. إذا نجحت فهذا انجاز للمثقفين في جاليتنا. واذا فشلت أشعر بالالم واعتبر نفسي مسؤولاً جزئياً عن فشلها.
تقول "انا لست بناقد". اسمح لي يا صديقي ان اخالفك الرأي هنا. فالشاعر لا يمكنه الا ان يكون ناقداً. فكيف إذا كان شاعراً من عيارك؟ الشاعر هو الناقد الاول لاعماله. لقد سمعتك مرة ترفض نشر قصائد عديدة القيتها في مناسبات مختلفة. وما رفضك الا لانك وزنتها بميزان الشاعر الناقد، وانا احييك على هذا الموقف. والشاعر الذي يستطيع ان ينقد شعره: يحذف كلمة، يقدم اخرى، يزاوج الكلمات ليخلق النغم الذي يهزّ السامع، ينشر قصيدة، او يمنع نشر اخرى، هو الاقدر على نقد أعمال الآخرين... وتقييمك لكلمتَي الدكتورين رغيد النحّاس وبول طبر هو دليل آخر ان ميزانك النقدي شديد الحساسية ويعمل بكفاءة عالية جداً ومن عيار 24 قيراط.
أما اشارتي الى اناس "لم يأخذوا حقّهم" في هذه البلاد، فانا معك: الاعتراف يؤخذ ولا يُستجدى. والمبدع
يفرض وجوده فرضاً. وانا لم اقصد أبداً أن ننصب هذا شاعراً، ونمنع اللقب عن ذاك. هذه مسؤولية قصيدته. فاذا لم تستطع القصيدة ان تتوج صاحبها شاعراً فعلى شاعريته السلام... ولكن؟ هناك " ولكن" كبيرة تحتاج الى صفحات. سأكتفي بتوضيح سريع: قلت أنك تطمح لقيام حركة ثقافية جادّة. أنا أطمح مثلك يا صديقي. الحركة الثقافية الجادة بحاجة لمقومات كثيرة لن افصّلها الان. ولكنها بحاجة ماسة ان يواكبها اعلام جاد ايضا. إذا لم يسبقها. أين اعلام جاليتنا؟ وما مقدار الجديّة لديه في هذه الامور؟ وكم مرة تواجد الاعلام في مناسبات الجالية الثقافية بمبادرة ذاتية؟ وكم مرة أعطى الاعلام الاقلام المهجرية حقها؟ او أعطى قضايا الجالية حقّها؟ هذا مع احترامي بالطبع لبعض الاعلاميين الذين يقومون بدورهم خير قيام. وعندي مئات الامثلة على ما اقول. سأكتفي بواحد منها: لقد أشدتَ انت بكلمة الدكتور رغيد. وليس الكلمة وحدها تستحق الاشادة. معظم اعماله تستحق الاشادة و الدعم والتشجيع. سأترك موضوع مجلته الراقية "كلمات" التي نزفت امام اعين المثقفين والاعلام ولفظت انفاساها وسط لا مبالاة تثير القلق والتأسف. واتكلم سريعاً عن كتابه القيّم جداً  "طلٌ وشرر". نشره السنة الماضية. لم يحظَ بأي اهتمام من قبل اعلامنا المتلهي بأمور كثيرة. عندما خصّصت الاديبة الكبيرة غادة السمان صفحتها الاسبوعية في القدس العربي للكتاب، وكتبت مقالة رائعة عنه بعنوان: "ايتام الحرية والعروبة" نقلته النهار اللبنانية، عندها دبّت الحمية في بعض صحفنا المهجرية الموقرة  ونشرت المقال دون الاشارة الى المصدر وكأنّ السمّان كتبته خصيصاً لهذه الصحيفة او تلك. هذا بعض ما عنيت باناس لم يأخذوا حقهم في جاليتنا...
أما اذا اردنا الوصول الى حركة ثقافية جادة فيجب علينا جميعاً الاعتراف بالآخر. هذه مسألة جوهرية لا يمكن التنازل عنها. إلغاء الآخر وشطبه من المعادلة يزيد المشكلة ولا يحلّها. ولهذا الموضوع مكان آخر على كل حال.
يبقى ان قراءة كتابي، بحجمه الكبير وحرفه الصغير، ارهقت عينيك. سلامتهما من الارهاق. لم يكن هذا قصدي أبداً. فشاشة الكمبيوتر اوهمتني ان الخط مقبول. وشمس حزيران، عندما كنت أقرأ بعض النماذج، وهي تحتضنني بدفئها في هذه النهارات الباردة، أقنعتني ان الخط مناسب جداً. وككل مَن يبحث عن عذر سأضع اللوم على الكمبيوتر وعلى الشمس وربما على نظري الذي لم يكبر معي. بينما كبر فيك النظر. وكبرت فيك الجالية وكبر فيك الشعر.
مع كل المحبة والتقدير
جورج الهاشم

قصص قصيرة جدا 95/ يوسف فضل

آلآن ....!
صاهر الزعيم. فتح له أنفاق من  تلزيم عقود المشاريع الحكومية. باعها وقبض عمولته . صرف شبابه المحظي  باللذة الآنية على النساء فبدد المال  .كبر واستدرك استثمار المال فقتله الحرص. )يخاف( الله بشدة إلى درجة الجرأة على ظلم موظفيه . تغرغر بزجاج مكسور.

أضرار ثانوية!
حمل المواطنون أعلام صبر وطنهم بمناسبة الاحتفال السنوي لجلوس (المختار) على كرسي الحكم.
-        أنت انتخبته؟
-        سمعت وقرأت عن ولائي له  .
-        فاز بالتزكية؟
-        دولتنا لا تحب الوحل وتزوير إرادة الشعب!

غريزة
يعيش مسالما هادئا. يقرأ ويتدبر عيشته . جزء منه يريد المغادرة والتعرف على كل شيء. غادر. أعلم جزءه الآخر انه سيتأخر . يستطيع أن يفعل الكثير بدون نفسه . أصغى لانقلاب  الحياة التي لم  تُعِده للوراء.

البحث عن وظيفة

أمر لا يطاق لكنه مجرد نقطة الدخول في اقتعاد شرفة منزله.  حياته ليست أسهل مما هي عليه .يناطح تعاسته بنشاط بإعداد كنكة القهوة. يشعر بحظ مكانته القوية بالتهاوش مع زوجته طوال اليوم.

نظافة
وزنت ملابسه . تناول إيصال الغسيل والكوي والطي . الموعد غدا نفس ساعة اليوم . انتبه أن اسم المغسلة (لنتحدث قذارة).

جنة الأغبياء
حفظوا ببراعة كراسات فنون المشاركة بالصمت . جلسوا في الاجتماع ككتل اللحم المتهرئة   والمعتده   بنفسها . أظهروا النباهة لفلسفة الإثارة لرئيس الشركة؛ "جوع كلبك" . احتموا  بظل نملة!

بيرسينغ
أحبت التاريخ القديم لروما والمومياوات والهند. أحدثت ثقبا في لسانها وسدته بكره صغيرة من الذهب. شعرت بسحر التفرد عن الأخريات والجمال المنسجم مع شخصيتها . خططت للمزيد من الثقوب في أماكن أكثر إثارة في جسد معولم .

الثورة والحشود والإمبراطورية المضادة عند أنطونيو نيغري/ د زهيرالخويلدي

" أنا أبحث في تحليلي للمعاناة عن مفتاح لكي أقاوم"1[1]

ماهو التحدي الذي رفعه أنطونيو نيغري بالاعتماد على ماركس؟ ضد من؟ ولماذا حمل الإمبراطورية مسؤولية التصحر؟ وكيف تعولم الاستغلال والتفقير؟ ما سبب الفقر؟ ولماذا يوجد فقراء وأغنياء؟ وألا من سياسة حيوية تعالج آفة العوز المادي ؟ وهل يمكن القضاء على الفقر؟ وأين تتم المقاومة؟ وبماذا؟ وما الطريق المؤدي إلى قيمة مضافة من الوجود ؟ أي دور للحشود في بناء إمبراطورية مضادة ؟

يبدو أن أزمة الوضع الاقتصادي حسب أنطونيو نيغري قد حدثت في المجال العملي وحقل الممارسة ونتجت عن صعوبة التأليف بين نظريات تدعي الدقة والموضوعية وتجارب ترتكز على التخمين والافتراضات. لقد اتجه تحليله نحو الأشكال الإنتاجية السابقة على الرأسمالية ( الإقطاعية والعبودية ) وما تمثله من عراقيل أمام التحديث والتطوير في مستوى علاقات الإنتاج ، وبعد ذلك تناول مسألة الانسيابية والتدفق في حلقات التصنيع والإنتاج والتبادل والتوزيع والاستهلاك والاستعمال للسلع والمنافع والقيم التبادلية. كما بحث عن شروط الإنتاج في الرأسمال الاجتماعي وعالج مسألة لاإنسانية الوضع الإنساني وتصور وضعيات مادية تعتمد على تثوير الحياة الاقتصادية الاشتراكية تعتمد على ماركس وتذهب إلى ما بعده. لقد أعاد نيغري قراءة النظرية الماركسية بالمرور برؤى واجتهادات ماكيفلي وسبينوزا ونيتشه ودولوز وفوكو حول علاقة المعرفة بالسلطة. وفي ذلك يصرح:" ما يوفره ماركس هو غذاء خارق للعادة يبعث في الحماسة والسعادة مثلما يحدث للنحل عندما يلامس الورود ... وان الطريق الذي نؤثره هو الذهاب إلى ماوراء ماركس"2[2] .

لقد حمّل نيغري مسؤولية الأزمة التي يعاني منها العالم المعاصر لامبراطورية العولمة بوصفها إرادة غازية تفرض نمطا معينا من الإنتاج وتقسيما عالميا للعمل يسببان مخاطر جمة على اقتصاديات البلدان الضعيفة مثل الارتهان والمديونية والاحتكار والتطور المتكافىء وتدمير طرق الإنتاج التقليدية وإلزامية الإلحاق والشراكة مع مؤسسات وأسواق الاقتصاد العالمي. لقد قام نيغري بتحليل العُملة (النقود) وحدد أزمة القيمة التبادلية وبين كيفية تشكل القيمة المضافة في الرأسمال الاجتماعي وكشف عن الشروط الذاتية والموضوعية للإنتاج وما يخلفه تدفق رؤوس الأموال وقانون التبادل من استغلال واحتدام الصراع بين الطبقات. والحق أن تداعيات الأزمة تكمن في توتر العلاقة بين القدرة الإنتاجية للمجتمع وبحث الدولة الدائم عن شرعنة كل أشكال الإنتاج المتخلفة عن الركب والموازية ورغبتها في تكوين سلطة تضمن الاستقرار الداخلي وتحمي الملكية والثروات وتتعاون مع الاقتصاد العالمي في الخارج3[3].

لكن ماهي استتباعات الأزمة الاقتصادية على الوضع الإنساني؟ وماهي مظاهر التفقير الممنهج الذي يتعرض له الناس زمن الإمبراطورية؟ وأي طرق يعتمدها للمواجهة؟

في الواقع الفقر ليست طبيعة ثابتة ولا قدر محتوم بل هو وضع اقتصادي سلبي يمر به الكائن الاجتماعي في مرحلة تاريخية معينة ناتج عن بنية إنتاجية رأسمالية ويسببه احتلال موقع دوني في العملية الإنتاجية.

غير أن المؤلم أن يتحول الفقر إلى صورة حية ودائمة من الحياة المشتركة لفئات واسعة من المجتمع وأن يصبح التفقير سياسة اقتصادية مقصودة تهدف إلى مراكمة الثروة وتحقيق المزيد من الأرباح. في هذا الإطار يقول نيغري: " الفقير بلا موارد ومنبوذ ومسحوق ومستغل ولكنه حي... هذا الاسم المشترك – الفقير – هو أيضا الأساس لكل إمكانية للإنسانية"4[4]. في الواقع المعولم يمثل الفقير شخصا خاضعا ومستغلا ولكنه يظل رقما صعبا في المعادلة الرأسمالية بما أنه يظل على الأقل شكلا للإنتاج.

الإشكالي هو وجود ثروة عالمية وفقر معولم وأن طبقة العمال هي حشود تمتلك ذاتا جماعية قادرة على التعبير عن نفسها بشكل مادي ومحايث من خلال الإنتاج وتفتح لنفسها أفق تحرر وقادرة على استعادة إنسانيتها بشكل ملموس بما لأنها تمثل حلقة من العملية الإنتاجية بينما الفقراء لا يمثلون قوة عمل ولا ينتمون إلى العلاقات الإنتاجية بل هم مستبعدون ومرميون في الخارج حيث الفراغ والبطالة.

لكن كيف سيتم تحريرهم؟ وهل لهم القدرة على إدماج أنفسهم وهم لا يملكون الثروة ولا يعملون؟ كيف يتشكل الرأسمال الاجتماعي والشكل الجماعي للإنتاج غير الرأسمالي؟ من المسؤول عن انتشار الفقر؟ هل سياسة الدولة الطبقية أم التقسيم العالمي للعمل وعولمة الفقر من طرف الإمبراطورية الرأسمالية؟

إن ايديولوجيا السوق العالمية تقوم على الاختراق والتفكيك والتدمير من جهة وعلى الاستقطاب والإلحاق والتبعية من جهة ثانية  ويترتب عن ذلك القضاء على سيادة الدولة الأمة وإضعاف الاقتصاد المحلي في سبيل ضمان حرية التجارة الدولية وتشجيع الاستثمار وتوسيع دوائر السوق العالمية. لقد سعت الرأسمالية منذ ظهورها إلى بناء نظام عالمي لكن الجديد هو عولمة هذا النظام اللاإنساني بطريقة فوقية ومسقطة وتصديرها لأزماتها وحروبها إلى المجتمعات المتماسكة والدولة المحققة لاكتفائها الذاتي وإحداث تغييرات عنيفة في نسيجها الثقافي والاجتماعي وتدمير بُنَى الإنتاج ومحاولة إلحاقها بحلقات الاقتصاد العالمي ودفعها بالقوة إلى انتهاج سياسة اقتصاد السوق والملكية الخاصة وإجبارها على فتح أسواقها أمام حرية تدفق البضائع والمبادلات الجمركية. لقد تحول العالم إلى كل عضوي يتحكم فيه رأسمال ومنظم بصورة اقتصادية وتم تكوين المؤسسات القانونية والسياسية والثقافية التي تضفي المشروعية على هذا النهج الإمبراطوري بل وضعت إدارة تنظيمية عقلانية على ذمة المجتمع الدولي.

" إن عولمة الإنتاج الرأسمالي والسوق هي وضعية جديدة بشكل جوهري ومنعطف تاريخي"5[5]، ولعل نتيجة هذه العولمة المتوحشة هو التفقير وظهور استعمار جديد وسيادة نيوكليانية حيث تمارس إمبراطوريات شركات متعددة الجنسيات اكتساحا للمعمور من الكوكب وتنتهك الإنسان والحياة والبيئة. لقد تعرض الكون لأول مرة إلى اجتياح من طرف السوق وسيطرة عملة واحدة وأنظمة اتصال حديثة وثورة رقمية هوجاء وبلغت الامبريالية أقصى مراحلها فتكا وزادت من الوضعيات البائسة التي مرت بها البشرية وخلقت حاجيات استهلاكية غير قابلة للإشباع وبطالة وفقر وسلعنة للحياة واغتراب.

 بيد أن " الفقير هو إمكانية كل إنتاج"6[6] ويمثل مشروع تحرر ووقود الثورة ومفجرها وذلك لانفلاته من كل رقابة واستقلاليته عن آليات الدمج والاستغلال ووجوده خارج القانون الرأسمالي وامتلاكه لسلطة نفسه وليس له ما يخسره في عملية القيام الاجتماعي سوى أغلاله وسيأتي اليوم العظيم الذي تقوم فيه حشود الفقراء بالثورة ضد التمييز والازدراء وتطالب بالإدماج داخل نظام الإنتاج وتغيير الأوضاع. في ذلك اليوم العظيم سيحتل الفقراء وسط الدائرة ومركز الفعل السياسي والإنتاجي وتظهر حياتهم قدر كافي من الإنتاجية الإبداعية. " لقد أتت اللحظة التي تسمح لنا أن نفهم إن كان استمرار الأزمة يمنع من تركيز المبدأ الجذري للوجود بطريقة أكثر صلابة"7[7].

 من هذا المنظور يكون المخرج من الأزمة هو الاعتماد على فعل سياسي يستمد مشروعيته من السلطة المكونة من الرأسمال الاجتماعي وفائض القيمة التي ينتجها التعارض الذاتي بين المتنافسين على الإنتاج. إن مصير تحقيق العدالة والحرية متوقف على قدرة الحشود على ترجمة قوتهم إلى فعل وحركة  وان الطبقة الثورية هي ضرورة أنطولوجية لأنها القادرة على بعث الحياة في العدم وكسب تجربة الانعتاق بتكوين القدرة على محبة الزمان وإنتاج السعادة وسياسة الحياة. علاوة على ذلك يراهن نيغري على قيمة العمل باعتباره أهم الميكانيزمات المتاحة لتحطيم الأشكال الإنتاجية التقليدية وتطوير البنى التحتية وخلق وإبداع بنى جديدة. ويستمد العمل قيمته من القدرات الذاتية المشتركة لعمال وحرصهم على تكوين شبكات قوة وبؤر مقاومة للهيمنة والسيطرة من قبل شركات الاحتكار والنفوذ. وفي هذا الصدد يدعو نيغري إلى حسن استثمار الألم أنطولوجيا والتعامل معه كتراجيديا إبداعية ويبرر ذلك بكون القوة الكامنة في العمال ليست فقط مصدر تحرر بل تمثل وعيا تراجيديا يحول الألم إلى فرح ولعب بالوجود وسخرية وتهكم على المستغلين وقدرة على الولادة والمبادأة. وبالتالي " يُكَوِن العمل الحي العالمَ وينمذجه وفق المواد التي يلمسها ويعيد إبداعه بطريقة جديدة ... ويصبح سلطة مُكوِنة "8[8].

 تبعا لذلك ينادي نيغري بضرورة تطوير الماركسية بحيث تجعل الذاتية هي الواقعة المتقدمة في سلسلة الشروط المحفزة على إعادة بناء الوضع الاقتصادي وتخطي الواقع الإنتاجي في حركة جدلية قائمة على التعارض بين الوعي بحلول الكارثة وتثمين الفقراء لذواتهم وعزمهم على النقد الجذري لمأساتهم والقيام بثورة من تحتrévolution d’en bas  ورفض هم لكل محاولة التفافية تنظر لإمكانية ثورة من فوق  révolutionn d’en haut. من هذا المنظور ينبغي إعادة الذاتية إلى الطبقة العاملة بعد أن هيمنت عليها موضوعية النظرية الاقتصادية وذلك لكي تتمكن من تنظيم قواها وامتلاك الذكاء الضروري للإبداع وترجمة الحركة الواقعية في حركة ثورية. ربما المدخل الذي يتبعه نيغري هو نقد تدفق العُملة من أجل نقد تمركز السلطة ونقد القيمة التبادلية من أجل الكشف عن الأزمة التي يعاني منها الوضع الاقتصادي المعاصر وتحولت إلى كارثة إنسانية فقرت الوجود وقضت على إمكانية قيام سياسة عادلة للحياة تقوم بتوزيع الحقوق والحريات بالتساوي. على هذا النحو يراهن نيغري على ذاتية المنتج العامل بوصفه الفاعل الأبرز والحلقة القوية في العملية الإنتاجية ومدار النجاح والفشل ومقياس التقدم والتأخر في كل وضع اقتصادي ويدعوه إلى تحرير نفسه وتحرير المجتمع وتحويل الرأسمال الاجتماعي إلى قيمة إنتاجية واشتراكية حقيقية ومادية ثورية9[9]. هكذا تبدو المقاومة ضرورية عند نيغري لمواجهة العولمة المتوحشة وطاقتها التدميرية على الشعوب والدول المفقرة وذلك ليس تحسين الأوضاع المادية وتجميل المشهد وإنما لخلق أوضاع إنسانية تسمح للكائن البشري بالمكوث والتفتح وتحقيق أصالة الذات الثورية في الحشود.

 من هذا المنطلق يقترح نيغري إقامة اقتصاد إنساني وسياسة حيوية ويثمن البعد الاجتماعي ويدعو إلى رفض أشكال الرقابة والاستغلال والاحتكار والجريمة والتهريب لكونها من الشروط المفضية للتفقير والازدراء والقمع ويقترح تنظم الحشود ذاتيا في شبكات مقاومة على شكل ريزومات وتكوين إمبراطورية مضادة تتكون من جمعيات المجتمع المدني  وتشجع  على الاقتصاد المحلي وتبني أشكال متنوعة من الإنتاج والتبادل والتوزيع وتدعو إلى الزهد في استهلاك الموارد والمنافع وتدافع على حق المواطنة العالمية. لكن كيف لأفعال الحشود أن تصبح ثورة سياسية مناهضة للممارسات الامبريالية ؟

يصبح فعل الحشود سياسيا إذا ما بدأ في مواجهة مباشرة وواعية للعمليات العدوانية التي تقوم بها العولمة مثل التقسيم والتمييز والتفقير ويتحول حق المواطنة العالمية بوصفه المطلب الأول الذي يضمن حرية للجسم وحق للضمير وراتب اجتماعي لكل عامل وامتلاك العامل لذاتيته المنتجة ويمنح المجتمع بديلا تنمويا ملائما ويكثف من التجميع بدل التجزئة ويزيد من التكتلات بدل مشاعر التفرقة. فهل يستطيع الحشود اقامة الامبراطورية المضادة عن طريق فعل المقاومة والصمود والانخراط في الثورة الجذرية الدائمة؟

الاحالات والهوامش:
[1] Negri Antonio, Job, la force de l’esclave, p.202.
[2] Negri Antonio, Marx et  au delà de Marx, p.47.
[3] Negri Antonio, le pouvoir constituant,  p.399.
[4] Negri Antonio, Empire, p.202.
[5] Negri Antonio, Empire, p.31
[6] Negri Antonio, Empire, p.204
[7] Negri Antonio, le pouvoir constituant, p.411
[8] Negri Antonio, le pouvoir constituant, pp.428-429
[9] Negri Antonio,Job, la force de l’esclave, p.175-177
المصادر والمراجع:
Negri Antonio, Job, la force de l’esclave, édition Bayard, Paris, 2002.
Negri Antonio, le pouvoir constituant, essai sur les alternatives de la modernité, édition PUF, Paris, 1997.
Negri Antonio, Marx, au-delà de Marx, édition l’Harmattan, Paris, 1996.
Negri Antonio et Hardt Michael, Empire, Exils éditeur, paris, 2000.
 الإمبراطورية: إمبراطورية العولمة الجديدة - مايكل هاردت وأنطونيو نيغري،  ترجمة فاضل جتكر، مكتبة العبيكان، السعودية ، الطبعة الأولى، 2002،
[1] Negri Antonio, Job, la force de l’esclave, p.202.
[2] Negri Antonio, Marx et  au delà de Marx, p.47.
[3] Negri Antonio, le pouvoir constituant,  p.399.
[4] Negri Antonio, Empire, p.202.
[5] Negri Antonio, Empire, p.31
[6] Negri Antonio, Empire, p.204
[7] Negri Antonio, le pouvoir constituant, p.411
[8] Negri Antonio, le pouvoir constituant, pp.428-429
[9] Negri Antonio,Job, la force de l’esclave, p.175-177