جودُ السماءِ بالماءِ وهدرُ العربِ له بغباءٍ/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لا تبخل علينا السماء بالماء، ولا يحبس الله خيره عن العباد، ولا يقطع القطر والندى، ولا يحرم الأرض والشجر والدواب والإنسان من نعمة الماء، بل يجود سبحانه وتعالى علينا بسبب الحياة، الذي جعل منه كل شيء حي، فميز به الكائنات الحية عن الجماد، فلا حياة بدونه، ولا روح بغيره، ولا عيش إلا به، فتراه عز وجل يزجي السحاب الثقال، ويرسل الرياح محملةً بالأمطار، تهطل غزيرةً، وتسقط كثيراً على الأرض الجرد والخضراء، وعلى البحر والسهوب والسهول والجبال، فتنبت الأرض، وتسقي الحرث، وتجري الضرع، وتبعث الحياة في كل شيء، فتحيا الأرضُ، وتخرج نباتها خضراً ينعاً، ويرتوي الثرى، ويكتفي جوف الأرض ويغنى، وترفد الأنهار وتجري السيول، ويسعد الإنسان ويفرح، ويستبشر بغدٍ أجملٍ، ومستقبلٍ أفضل، لا يجوع فيه ولا يظمأ، ولا يشعر بحرٍ فيه ولا يعرى.
يعرف الإنسان كما الحيوان قيمة الماء، وأثره في الحياة والبيئة والمجتمع، ويعلم أنه لا يستطع العيش بدونه، ويبدي استعداده للقتال في سبيله، والصراع من أجله، ليملكه ويحوز عليه، ويتحكم فيه ويكتفي به، فالماء وإن كان الناس فيه شركاءٌ، إلا أنه مصدر قوة، ومركز سيطرة، ويمنح مالكه ميزةً استراتيجية، تجعله أكثر استقراراً وطمأنينة، وأكثر احساساً بالأمان والسلامة، ولهذا كان الإنسان قديماً يتنقل في حياته بحثاً عن الماء والكلأ، ويقيم مساكنه حيث يجده، ويبنى مدنه بين العيون وبالقرب من الآبار، حيث تكثر المياه الجوفية، أو في المناطق الغنية بالأمطار أو المجاورة للأنهار، أو المشاطئة للبحيرات والقريبة من الأحواض.
قدر أغلب الدول العربية أنها فقيرة بالمياه بالمقارنة مع غيرها من دول العالم، فهي تعاني من شحٍ في الأمطار، وندرة في الآبار، وجفافٍ في الجوف، أو تملحٍ في التربة ينعكس ملوحةً على المياه الجوفية، ويفقدها مذاقها العذب وطعمها الزلال، ما يجعل المواطنين العرب في أغلب الدول العربية يشكون من نقص مياه الشفه والخدمة معاً، إذ تعجز البلديات والسلطات المحلية عن ايصال مياه الشرب إلى البيوت، أو توزيعها بالعدل بين المناطق، لندرتها وقلتها، أو لغياب البنى التحتية، وتعطيل وسائل نقل المياه العذبة وتوصيلها إلى البيوت ومستحقيها من المواطنين الذين يحلمون بها ويتمنون الحصول عليها، رغم أنها لو أحسنت إدارة الموارد المائية، وطورت في وسائل الحفاظ عليها وتخزينها، ثم نقلها وتوزيعها، فإنها سترضي الكثيرين، وستسعد المواطنين.
لكن الله سبحانه وتعالى قد أفاء على أرضنا العربية في هذا العام وفتح علينا أبواب السماء بماءٍ منهمر، وكأنها قرابٌ تفتح، وتلقي ما فيها من ماءٍ مخزونٍ على الأرض القاحلة، الجرداء العطشى، التي عز فيها الماء ونذر، وقل فيها السقي وضعف، وعانى فيها الإنسان وشظف، ومات فيها الزرع وجف الضرع، حتى باتت شربة الماء عزيزة، ووفرته غريبة، وأصبح مالكه قوياً، ومن عنده فائضٌ منه عزيزاً، وظن الناس أن الإنسان سيعود إلى ماضيه وسالف أجداده، عندما كان البشر يقتتلون على الماء، ويتحاربون من أجل العشب والكلأ، ويتنافسون على المراعي والأرض الخضراء، ويبنون المدن تحت السماء الماطرة، ويزرعون الأرض بفضل ماء السماء نخيلاً سامقاً، وأشجاراً مثمرةً وارفة ظليلةً تقري وتغني.
نعمت بلادنا العربية هذا العام كغيرها من البلاد بخيرٍ عميمٍ، وفضلٍ كبيرٍ، وماء غزيزٍ، وأمطارٍ وفيرة، وعواصف كثيرة، حملت أسماءً عديدة، منها هدى وزينة وجنى ويوهان ومن قبل أليكسا وغيرها، وحملت معها فيض الماء، وغزير العطاء، وكست السهول قبل الجبال برداء الثلج الأبيض، وتراكم لأمتارٍ عديدة، ليكون مستودع الأيام، وذخيرة الغد، ومخزون الجوف، فعوضت السنوات الماضية، وبشرت بسني خيرٍ سعيدة، وفرح بها المواطنون العرب رغم البرودة الشديدة، والعواصف والأنواء الخطيرة، والرياح السريعة التي تجاوزت سرعتها أحياناً المائة كيلومتر في الساعة، إلا أن الناس صبرت على البرد القارس، والرياح الهوج، وارتفاع أمواج البحار، واحتسبت عند الله ضحاياها، لأنها كانت تتوق إلى مواسم الأمطار الخيرة، وفصول الشتاء الجوادة، علها تكرمهم بماءٍ عجزت عن الاستفادة منه الحكومات والأنظمة، وأهملته السلطات والبلديات، ولم تعن به ولم تحاول الاستفادة منه.
قد كان حرياً بالسلطات العربية أن تستفيد من كميات الأمطار الغزيرة التي هطلت، إذ أن منسوبها هذا العام قد فاق السنوات الماضية كلها، وأن تستغل هذا الفصل المميز ليكون لها ذخراً مع الأيام، وزاداً لنا في المستقبل، فقد لا تجود علينا السماء بمثل هذا العطاء، ولكن السلطات المسؤولة تترك الماء يجري نحو البحر، ليصب في مياهه، أو تهمل الأنهار والترع، فلا تنظفها ولا ترعاها، ولا تهتم بها ولا تزيل ما تجمع حولها وفوقها من أعشابٍ تمتص كمياتٍ كبيرة من الماء دون فائدةٍ منها، أو تترك السيول تحمل الماء حيث شاءت، دون تدبيرٍ من الدولة أو تقديرٍ منها، فلا سدود، ولا ترع ولا مخازن جوفيه، ولا محاولات لتحويل المياه المتجمعة إلى أحواض صناعية، يمكن الاستفادة منها في تخزين الماء إلى حين الحاجة.
علماً أن الإسرائيليين يسرقون المياه الجوفية العربية من سوريا ولبنان والأردن، فضلاً عن استغلالهم لمياه الضفة الغربية، حيث يحرمون المواطنين الفلسطينيين منها، في الوقت الذي يغدقون فيه على مستوطناتهم ومستوطنيهم المزروعين في مدن الضفة الغربية، كما أنهم يتدخلون في مسارات المياه الجوفية العربية، ويحدثون شروخاً فيه طبقات الأرض، ليسهل عليهم تمرير المياه إلى مناطقهم، فضلاً عن استفادتهم من الأنهار والبحيرات العربية، وتحويل مجراها من تحت الأرض إليهم، ولعلهم يستفيدون من أنهار جنوب لبنان ومياه بحيرة زرزر السورية تماماً كاستغلالهم لمياه هضبة الجولان الغزيرة النقية.

ليت العرب يتعلمون من الكيان الصهيوني، الذي لا يترك وسيلةً إلا ويستخدمها للاستفادة من مياه الأمطار، ومن المياه الجوفية، فلا يسمح لقطراتٍ منها أن تتسرب إلى البحر لتصب فيه، ولا يسمح بهدر أي كمياتٍ ولو كانت بسيطة، فلا تضيع ثروته المائية أثناء الجريان، ولا خلال التخزين، بل إن شركة "ميكورت" الإسرائيلية المختصة بإدارة الثروة المائية، تبذل غاية جهدها، مستفيدةً من أمهر المهندسين وأكثرهم إبداعاً، ليحوطوا ثروتهم المائية بكل عنايةٍ وتقدير، في الوقت الذي يكفلون فيه توصيل مياه الشرب إلى كل المواطنين، ليكون في متناولهم على مدى الساعة، فلا تقطع في الليل أو النهار، ولا تشح في الصيف أو الشتاء، فهل نتعلم منهم، ونكون أفضل منهم.

داعش تدمير للحياة/ سري القدوة

سفير النوايا الحسنة في فلسطين

ليس غريبا علي من يقتلون البشر ذبحا وحرقا وشنقا وبكل اشكال القتل الهمجي ان يقوموا بتحطيم الاثار التاريخية التي تجاوز عمرها   الاف السنيين فهذا هو تفكيرهم الهمجي والعقيم واسلوبهم الاجوف ..

ان هذا الاعتداء هو اكثر بكثير من مأساة ثقافية تمارسها داعش بل يتعدى ذلك بكثير حيث ان هذا الاعتداء يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق ..

ان مسؤولية حماية الاثار التاريخية في الموصل والعراق هي مسؤولية دولية وعربية ولا بد من توفير الحماية الي هذا الموروث الثقافي والتاريخي الذي توارثته البشرية عبر الاجيال اجمع والعمل علي حمايته وحماية الارث الثقافي العراقي، كمكون اساسي من مكونات المجتمع العراقي والامة العربية والاسلامية  .

لقد قام التنظيم المتطرف داعش  بنشر شريط فيديو يظهر قيام عناصره بتحطيم تماثيل وآثار يعود تاريخها الى الاف السنين في متحف الموصل، مستخدمين مطرقات وآلات ثقب كهربائية.

وقام العناصر برمي التماثيل ارضا وتحطيمها، واستخدام المطرقات لتكسير بعضها. كما استخدموا آلة ثقب كهربائية لتشويه تمثال آشوري ضخم لثور مجنح، يقع عند بوابة نركال في المدينة التي يسيطر عليها التنظيم منذ هجوم كاسح شنه في العراق في حزيران/يونيو.

ان هذا الموقف الغريب انما يدل علي مدى وحشيه هذا الفكر المتطرف والذي يعد من ابشع المشاهد التي عرفها الانسان عبر التاريخ والذي يعد مشهد صادم وانت تشاهد هذا الاجرام بحق كنوز ثقافية متوارثة عبر الاف الاجيال ويعد هذا اعتداء متعمد على تاريخ العراق وتراثه الذي يعود الى آلاف السنين .

ان الآثار المدمرة تشمل قطعا اصلية، واخرى أعيد بناؤها من قطع مبعثرة، اضافة الى نسخ عن قطع اصلية موجودة في متاحف اخرى وشملت القطع المدمرة آثارا من الحقبتين الآشورية والبارثية، وتعود بعضها الى فترة ما قبل ميلاد المسيح، بحسب خبراء واكاديميين.

ان بعض التماثيل التي دمرت، بحسب الشريط، تعود الى مدينة حضر التاريخية المدرجة على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي، والواقعة على مسافة 100 كلم جنوب غرب الموصل.

 ويظهر الشريط المصور قيام عناصر "داعش" بتحطيم تماثيل وآثار يعود تاريخها الى الاف السنين، مستخدمين مطرقات وآلات ثقب كهربائية، في مدينة الموصل في شمال العراق.

إن عناصر التنظيم المتشدد تسببوا بضرر لا يمكن حصره وهذه (الآثار) لا تمثل فقط تراث العراق بل تراث العالم بأسره. إنه تراث عالمي .. إنها لا تقدر بثمن وفريدة.

ان هذا التحطيم للأثار يقودنا الي نفس اسلوب حركة طالبان عندما فجرت تمثالي بوذا العملاقين عام 2001 في باميان بأفغانستان ويعد هذا العمل تدمير هوية انسانية معاني وقيم حملتها البشرية واستمرت الاف السنين ..  وان ما جرى يعد  خسارة مؤسفة وارهاب ثقافي هائل .

مستر بالدوين والوَهَّـابِيَّـه 4/ محمود شباط

الحلقة الرابعة 
**********
قبيل حلول ذلك الغسق الأرجواني البهي ، بين صلاة المغرب وصلاة العشاء في خيمة الدكتور شايع الطويعمي في منطقة واحة يبرين على الطرف الشمالي لصحراء الربع الخالي، وبينما كان الدكتور على وشك البدء بالرد على استفسارات طرحها المستر بالدوين حول الوهابيين. استأذنه ابنه الأكبر مشعل، المتشدد دينياً ، والمحتقن غيضاً، وبدأ ترطينه بلغته الإنكليزية الركيكة المخلخلة مُوجِّهاً كلامه إلى المستر بالدوين الذي فهم منه بأنه ما كان لقوة على وجه الأرض أن تتمكن من فرض الاستسلام على الإخوان الوهابيين لو لم يحل بهم النحس وتتضافر كل قوى الشر ضدهم، أولها التفوق العددي الكاسح لشياطين إبراهيم وقوته النارية، وموت الكثير من الخلق جوعاً وعطشاً نتيجة لنفوق ماشيتهم وقطع أشجار النخيل وحرق الحقول وتخريب آبار المياه. ولولا تلك الويلات التي حلت بهم لما كان لقوات إبراهيم تحقيق انتصارها عليهم، ولا لآل الرشيد التقدم لغزو نجد وحكمها، ولا استقر الهاشميون في الحجاز ولا الأتراك في الإحساء..
بعد أن انتهى مشعل من تنفيس ما في صدره حدج أخاه ثنيان بنظرة غاضبة، فلاحظ بالدوين ابتسامة خفيفة على فم ثنيان الذي أعقبها بغمزة سريعة لبالدوين، ما حدا بالوالد لتأنيب ابنه الأصغر بعبسة غاضبة قبل أن يبدأ ردوده على مستر بالدوين:  
قال الدكتور : بخصوص علاقة الملك عبد العزيز بن سعود في بعث الوهابية في حقبتها الثانية بدءاً من العام 1901،  يوم كان يسعى لاستعادة الأراضي التي فقدها أسلافه من خصومه الكثر، رأى بأن ذلك يستوجب حيازته على قوة عسكرية ضاربة تفي بطموحاته الكبيرة. آنئذٍ،  قدَّر بأن القوة المتوفرة لديه لا تكفي، فسعى إلى تجنيد البدو، ولكن نقطة الضعف في هذا الإجراء هي أن أولئك زئبقيو الولاء ولا يستقرون في مكان محدَّد معروف كي يستدعيهم حين يحتاجهم للغزو.
- لا أشك أبداً بصعوبة موقفه! أنا متأكد بأنه كان في وضع مربك شائك ، ولكن كيف وجد الحل يا ترى؟ سأل جون بالدوين.
- رد الدكتور شايع: لم تكن الأعداد هي ما يقلق ابن سعود بل كيفية معرفة أمكنة تلك "الأعداد" كي يتسنى له الاستفادة منها في أوقات الغزو. أذكر بعضاً مما كتبه جون فيلبي في تقريره الذي أعده عن رحلته إلى نجد التي استمرت من 29 تشرين الأول (أكتوبر) عام 1917 ولغاية الأول من تـشـرين الثاني (نوفمبر) 1918 ، أنه حتى ذلك الوقت كان هناك نموذجان سابقان مجربان كي يتبعهما بن سعود، النموذج الأول هو محمد بن رشيد الذي بمميزاته القيادية حوَّلَ قبيلة شمَّر من بدوٍ رُحل إلى بدو أقوياء مستقرين يقيمون في مدينة بدوية. والنموذج الثاني هو نموذج سلفه سعود بن سعود الذي جاب أنحاء شبه الجزيرة غازياً بقوات عماد عقيدتها الدين والسياسة. ولكن أي من النموذجين لم يناسب عبد العزيز، وبالتالي لم ينتهج أي منهما .
- "بنى لهم الهجر" . رد عبد الرحمن زميل بالدوين والذي يتدخل لأول مرة في النقاش .
- بالضبط ! رد الدكتور شايع، وهي طريقة مبتكرة في التعامل مع مشكلة البدو الرحل لم تخطر على بال من سبق عبد العزيز، طوَّعهم ووجَّههم إلى حيث أراد... تقريباً إلى حيث أراد، عبأهم دينياً بـ "المذهب الإسلامي الجديد" أو "الإسلام الحقيقي" كما يحلو للإخوان تسميته، وأقنع معظمهم بالتجمع والإقامة في الهجر.

- قال بالدوين : من المعروف بأن بن سعود نجح في ما سعى إليه ، ولكن ما هو مدى إجماع القوم وإقبالهم على المشاركة في حركة الإخوان الوهابية؟ هلا تفضلت بالإضاءة على هذا الجانب ؟.
- أجاب الدكتور الطويعمي : بعد أن بعث بن سعود بدعاةٍ وهابيين يبشرون بالمذهب الإخواني إلى جميع القبائل في كافة أرجاء شبه الجزيرة العربية، وكنتيجة لإقبال الناس على قبول دعوته استقطب ثلاثة من أقوى أمراء القبائل في ذلك الحين وهم : فيصل الدويش من مطير، وسلطان بن بجاد من عتيبة، و  إلى حد أقل ضيدان بن حثلين أمير قبيلة العجمان في المنطقة الشرقية. ثلاثتهم وهابيون متشددون أقوياء حديديو المراس ولكل منهم طموحاته بالزعامة.
- قال بالدوين : آه ! وبذلك توحد الإخوان تحت راية واحدة.  
رد الدكتور : تحت راية واحدة نعم ! ولكن لم يكن كل من ظللته تلك الراية أخوانياً . إذ لم تكن كلمة "أخ" لتطلق على كل الوهابيين، كان على من يرغب في أن يصبح أخاً أن يتخلى عن حياته البدوية ويبيع ماشيته ويغادر إلى هجر محاكاة لهجرة النبي محمد (ص) من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة . وهي أشبه بمستوطنات عسكرية – زراعية يرعاها ويدعمها عبد العزيز بالبذار في السنة الأولى وبالتموين والمساعدات المالية.
- سأل بالدوين باستغراب: وهابيون غير إخوان ؟ هذه جديدة علي ، كيف ذلك يا سيدي؟
- دعني أوضح لك أكثر يا عزيزي جون بأن كل الإخوان كانوا من الوَهَّـابِـيِّـيـن، ولكن ليس كل الوهابيين كانوا من الإخوان. هناك قرويون من نجد كانوا وهابيين ولكنهم لم يلتحقوا بالإخوان، من أولئك القوم شكل ابن سعود نواة قوته، على الأخص أهل منطقة العارض المحيطة بالرياض. 
- كيف تدبر أمر السيطرة عليهم وضبطهم وتوحيدهم كقوة يعتمد عليها ؟ سأل بالدوين.
- رد الدكتور:العقيدة وحَّدتهم وصهرتهم في كيان واحد صلب. في تلك البيئة الإخوانية المتماسكة المتراصة كالصوان، وعبر عقيدة مشتركة تتفوق من حيث الأهمية على العلاقات العائلية والقبلية، حتى أنها تتجاوز العداوات السابقة تيمناً بالآية القرآنية الكريمة: " واعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ ولا تَفَرَّقُوا واذْكُرُوا نعمَاتِ الله عَلَيْكُم إذا كُنْتُم أعداءَ فآلفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فأصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إخْوَانَا" . تلاها الدكتور بالعربية ثم ترجمها وأكمل : كانت أخوة الدين تزيح أخوة الدم جانباً. جميع التجمعات السكنية والقبائل النجدية ساهمت في العمليات العسكرية لحركة الإخوان الوهابيين التي كانت ضمن القوات العامة لابن سعود، مدن كالرياض وعنيزة وبريدة وعدد وفير من البلدات الكبيرة نسبياً كالمجمعة والزلفي ومئات القرى والدساكر رفدت الحركة بالمقاتلين. جميع القبائل كحرب وقحطان ومطير وعتيبة وشمر والدواسر شاركت أيضاً.
- سأل بالدوين : وماذا عن وضعهم الإجتماعي ومعيشتهم اليومية ؟
- رد الدكتور شايع: في تلك البقعة القصية القفراء من الأرض، وفي ذلك الوقت، حيث الجغرافيا تحكمت بالتاريخ وكبلت يَدَي الزمن وأثقلتهما بأغلال الشقاء والتخلف والجهل، كان الأخوان بشكل عام يميلون إلى التقوقع والانعزال والتزمت والزهد والتقشف في حيواتهم الدنيوية، حيث يستعيضون عن الموسيقى والغناء وأساليب التسلية والترفيه بتلاوة لآيات من القرآن الكريم. وكان أكثر ما يبعث السرور والارتياح في نفوسهم هو انهمار القليل من المطر كي يحيي محاصيلهم الزراعية. معظمهم عانى الجفاف ما فاقم أوضاعهم السيئة البائسة إلى سوء أشد وبؤس أكثر.
- رغم كل ذلك الشقاء كانوا فولاذيو العزيمة صخريو الشكيمة. ولكن من أين أتوا بتلك القوة ؟ 
- رد الدكتور : كانوا من طينة عصية على التصور في صلابتها، يصفهم النقيب البريطاني ديكسون في تقريره المؤرخ في 2 أيلول (سبتمبر) 1929 يوم كان مندوباً سياسياً في الكويت بهذا الشكل:" وُجِدَ الإخوان من قبل ابن سعود كي يخوضوا المعارك باسم الدين ويربحونها، لم يكن من الممكن الإعتماد عليهم كبدو، ولكن كإخوان مُعبَّئين بالدين تحولوا إلى مقاتلين لا يقهرون. ويمكن تشبيههم بجماعة كورنويل آيرونسايد أو وحدات الصاعقة الألمانية. 
- رد بالدوين : صحيح سيدي، يمكنك الوثوق بما يقوله الكابتن ديكسون، قرأت له وسمعت عنه. وأظن بأن الكولونيل سي إن ويلسون كتب عن الأخوان .  
- قال الدكتور الطعيمي: ذكَّرتني بالكولونيل ويلسون وبما بعث به إلى المايجور يونغ في عام 1919 عن علاقة بن سعود بالإخوان يقول فيها:"علينا أن نأخذ الحقائق كما هي، ابن سعود هو رئيس الإخوان، لذا، فإن تزويده بالدعم يعني تزويد حركة الإخوان بالدعم". في الحقيقة يتقاطع ذلك الكلام مع ما ذكره فيلبي ومع ما أدلت به شخصيات أخوانية لجون حبيب، مثل ماجد ابن خثيلة من الغاط، ومحمد الصحابي و عدد من آل الدويش في الإرطاوية. جميعهم قالوا بأن رجلاً واحداً فقط كان مسؤولاً عن خلق الإخوان، وبالتالي عن سقوطهم هو ابن سعود. و هو من حَوَّلَ أولئك البدو، خلال سنوات قليلة، إلى قوة عسكرية رشيقة الحركة تجوب البلاد بطولها وعرضها، وبذات الوقت إلى حضريين بما يفي الحاجة بحيث يتواجدون في مكان محدد حين يحتاج إليهم. وقد أنجز ذلك بأقل القليل من الضوضاء بحيث حين ظهروا على المسرح العربي كان الإخوان جاهزين للقتال وتواقين لخوض غماره. 
- لا بد أنهم كانوا يتمتعون بميزات معينة لناحية حيواتهم اليومية وملبسهم .
- أجل يا عزيزي جون : على الأخص بعد أن تخلَّوا عن حيواتهم البدوية وقبلوا العيش في الهجر حيث اعتبروا بأنهم هجروا البداوة إلى "الإسلام" حسب فهمهم له، وأبدوا بصورة لا لبس فيها انقطاعهم عن الماضي عبر لفّ عمّة حول غترهم بدلاً من العقال. كانوا يرتدون الثوب التقليدي وينتعلون خفاً يشبه الصندل. هكذا كانت حالهم عند ظهور حركة الإخوان إلى الوجود بحدود عام 1912.

- سأل بالدوين : هل تعتقدون بأن هناك علاقة، رابط ما من أي نوع، بين الفكر الوهابي وأفكار وعقائد أخرى كحركة الإخوان المسلمين على سبيل المثال، أو السلفية والأصولية والتكفيرية من حركات الإسلام السياسي بوجه عام ؟ وبالتالي ما هو موقف المملكة منهم ومن الإرهاب ؟
حين كان الدكتور على وشك البدء بالرد ذكَّره الشيخ مشعل : "تأخرنا على صلاة العشاء يا أبي" .
الحلقة القادمة الخميس في 06/03/2015

الدواعش يحرقون مكتبة الموصل/ شاكر فريد حسن

داعش ، هذا التنظيم الإرهابي الظلامي التكفيري السلفي الوهابي ، المعادي للإنسانية ، الذي لا يمت للإسلام ولا للدين بصلة ، لم يكتفي بحرق الطيار الأردني الكساسبة ، ولا بجرائمه الوحشية الفظيعة التي تقشعر لها الأبدان ، ولا بأعمال القتل والنهب والذبح والحرق وقطع الرؤوس واغتصاب النساء ، وتهجير المسيحيين من مدينة الموصل بعد الاستيلاء عليها وفرض رؤيتها ومعتقداتها على جميع مناحي الحياة فيها ، وتنفيذ جرائم بشعة ضد مكوناتها ومواقعها الدينية . 
نعم ، لم يكتفي الداعشيون الظلاميون ، أعداء الفكر ، وأعداء الإسلام ، وأعداء الإنسانية، بهذه الجرائم والأعمال التي يندى لها الجبين ، بل أقدموا على تفجير وحرق مكتبة الموصل المركزية الواقعة وسط المدينة ، التي تعتبر واحدة من أقدم المكتبات التاريخية في نينوى ، وتحتوي على آلاف الكتب الفلسفية والتاريخية والتراثية والفكرية والأدبية والمراجع العلمية إضافة إلى المخطوطات النادرة .
 وداعش بعملها الإجرامي هدا تسير على خطى وهدي النازيين الألمان والمغول التتار الذين غزوا بغداد واتلفوا آلاف الكتب القيمة في مختلف صنوف المعرفة ، وعبروا نهر دجلة على جسر من الكتب التي أحرقوها وقذفوا بها إلى مياه النهر .
إن هذه الفعلة الشنيعة التي اقترفتها أيدي داعش التكفيرية ، تمثل خطوة أخرى في التطهير العرقي والتدمير المنهجي للتراث والتاريخ العراقي واضطهاد الأقليات ، وكذلك تدمير للتنوع الثقافي والتعددية الثقافية والفكرية في العراق ، وتكشف مدى حقدهم وبربريتهم وهمجيتهم ووحشيتهم وجنونهم وتعصبهم الأعمى وجهلهم القاتل ونزعتهم المعادية للرأي الآخر وللفكر التنويري الاشراقي . وهم يبغون من ورائها قتل الفكر وإغلاق نوافذ المعرفة والإجهاز على فكر وثقافة التنوير ، وحجب نور الوعي عن الناس .
 إن تدمير وحرق مكتبة الموصل لهو عمل همجي إجرامي بشع يندرج في خط الهجوم على المعرفة والثقافة والتاريخ والتراث والذاكرة ، ومحاربة مجنونة للفكر المستنير ، وسلوك بربري يجافي السماحة والانفتاح على الثقافات والديانات والأفكار المغايرة ، واعتداء سافر على حرية التفكير والمعتقد والاجتهاد، وعلى الكلمة المضيئة التي تصيبهم بالرعب والخوف والهوس والجنون .
إنه عمل مدان ومستنكر ومرفوض جملة وتفصيلاً ، ومهما أحرقت هذه العصابات والمجموعات الإرهابية من كتب وأسفار أكلتها نيران الجهل والتعصب والتخلف والانغلاق ، فلن تنجح في تمرير مشروعها الظلامي بحجب نور المعرفة والتفكير والوعي ، فالكلمة المضيئة كالرصاصة أقوى منهم ، وهذا ما أثبتته تجارب التاريخ الذي لم يتعظوا منه .
إن الرد على ممارسات وسلوك الدواعش وجريمتهم الجديدة بحرق مكتبة الموصل ، لن يكون سوى بالمزيد من الوعي المعرفي ونشر ثقافة التنوير وتذويت الأفكار النيرة التي تدعو للحرية والعدالة والديمقراطية واحترام الفكر الآخر ، وترفض الطائفية والمذهبية والتعصب والتطرف والغلو الديني . 

غزة... برميل بارود سينفجر/ راسم عبيدات

من الواضح بأن الأوضاع في قطاع غزة قد وصلت الى مرحلة كارثية،والقطاع برميل بارود متفجر،شرارة صغيرة كافية لإشعالة،وإشتعال القطاع لن تكون تأثيرات حريقه ونيرانه وتداعياته المدمرة على مستوى القطاع،بل ستطال مجمل الوضع الفلسطيني،والأوضاع في قطاع غزة تسير بوتائر عالية نحو الإنهيار والتدهور،وهناك مؤشرات جدية على عودة حالة الإنفلات وفقدان السيطرة الى قطاع غزة،وخصوصاً فيما يتعلق بعدم قدرة حركة حماس على الوفاء بإلتزاماتها المالية تجاه السكان وبالذات ما يتعلق برواتب عشرات الألآف من موظفيها،الذين جرى توظيفهم بعد تموز/2007،وهذا يعني بالملموس تعمق حالة الفقر والجوع عند سكان القطاع،الذين أصلاً يعيش معظمهم تحت خط الفقر والجوع،ويعتاشون على المساعدات والإعانات الخارجية،وبالتالي الجوع والفقر سيخرجهم عن طورهم وسيدفعهم الى ممارسات وسلوكيات،قد تحول هذه المشكلة أو الظاهرة الى شكل من أشكال الجريمة والتي قد تاخذ صفة فردية او منظمة،فالفقر والجوع من شأنهما أن تجعلا الناس ترد بطريقة غير واعيه.
ولعل زيارة بلير مندوب الرباعية الى القطاع،جاءت ليس من أجل عيون أهل غزة ومصلحتهم والتضامن معهم،ف"بلير" واحد من أصحاب الرؤيا الإسرائيلية في قضية إعادة الإعمار،وفيما يتعلق بحل الصراع،وهو يرى في نضال الشعب الفلسطيني شكل من اشكال الإرهاب،ويعتبر أغلب إن لم يكن جميع الفصائل الفلسطينية حركات إرهابية،وبالذات حماس منها،وألمح الى أن الحالة الفلسطينية السائدة وغير المتوافقة،هي المسؤولة عن تأخر عمليات الإعمار ورفع الحصار،وما يشهده القطاع من حالة غليان قريبة جداً من إنفجار مدمر،هي من دفعته الى هذه الزيارة للبحث عن مخارج والتسريع في عملية الإعمار،وبما لا يجعل الأوضاع تنفجر،وكذلك لأول مرة أمين عام ما يسمى بالجامعة العربية نبيل العربي يتكلم بالعربي..ويقول بأن من يتحمل المسؤولية عن عدم إعادة الإعمار،هما طرفا الإنقسام (حماس وفتح)،حيث ان المجتمع الدولي يرفض أن يتم صرف اموال الإعمار والإشراف عليها من قبل حركة حماس،وكذلك فتح تريد من حماس أن لا تكون طرفاً او شريكاً لا في الإشراف على الإعمار او ان يبقى عدد من موظفيها على المعابر...فكلاهما يتصارعان على السلطة والنفوذ....والشعب يواصل دفع الثمن حصاراً وجوعاً وفقراً وتشرداً....والطرفان ما زالا يواصلان حوارات ولقاءات الطرشان،حيث كل منهما له اجندته الخاصة التي يريد أن تكون هي السائدة...ناهيك عن التدخلات العربية والإقليمية والدولية لصالح هذا الطرف أو ذاك وفوق ذلك اسرائيل المستفيد الأول من كل ما يحصل.ويبدو أن الدوران في الحلقة المفرغة وحوار الطرشان هذا سيأخذ القطاع الى المزيد من الفوضى والعنف،حيث عادت مظاهر الإنفلات الأمني والفوضى من خلال التفجيرات ومحاولات الإغتيال والتي طالت العديد من قادة واعضاء فتح،وكذلك عدد محدود ممن هم محسوبين على حماس.
الجوع والفقر والبطالة دفعت بالبعض الى التسول او الإنحراف والسرقة وحتى ممارسة البلطجة والزعرنة،التي ربما دافعها الجوع والفقر،وليس السلوك الإنحرافي او الإجرامي.،وربما الضغوط الكبيرة التي تمارس على حركة حماس،من حيث تشديد الحصار وإغلاق المعابر وتدمير الأنفاق ،والبطء الشديد في عمليات الإعمار،وما يشكل ذلك من ضغط جماهيري كبير على حركة حماس، هذه القضايا والظروف الضاغطة قد تدفع بها الى
تحويل "أزمة الجوع" الى أزمة سياسية منظمة،وبما يحول تلك الظاهرة الإجتماعية الى جريمة منظمة،من خلال الدفع بموظفيها واهاليهم وسكان القطاع للقيام بأعمال تخريبية وبلطجة،وهذا يعني انتشار الفوضى والعنف وسلطة المافيات وتعمق العشائرية والقبلية ..الخ.
وكذلك من تهدمت منازلهم بفعل العدوان الإسرائيلي الأخير،معاناتهم مضاعفة سواء بفعل الأفراد،أو البرد الشديد والأمطار والثلوج،حيث الخيام والكرفانات لا تقيهم لا البرد ولا الأمطار والثلوج.
لا حلول في الأفق القريب فحكومة الوفاق الوطني دورها في غزة شكلي ومظهري أكثر منه عملي،فهي لا تقف على هموم ومشاكل أهل القطاع المتراكمة والمتزايدة يوماً بعد يوم،ولا تقدم الحلول التي تمكن الناس من العيش بالحد الأدنى من الحياة البشرية والإنسانية،وفي المقابل لا توافق بين الحكومة وحماس على إيجاد آليات تمكن الحكومة من ممارسة دورها وصلاحياتها في القطاع....وتضخم اعداد موظفي حكومتي غزة ورام الله وعدم قدرة حكومة الوفاق على الوفاء بإلتزاماتها المالية تجاه موظفي حكومة حماس ال(40000)،يصعب من الحلول للمشكلة،فحكومة الوفاق بعد وقف اسرائيل تحويلها لأموال الضرائب الفلسطينية للسلطة،غير قادرة على الوفاء بإلتزاماتها تجاه موظفيها.
علينا أن نتحدث بوضوح مشكلة المشاكل،التي تعيق الإعمار ورفع الحصار بشكل أساس،مشكلة رواتب حكومة حماس ال(40000)،وهي مشكلة بحاجة الى حل جدي وحقيقي،ويجب ان لا يتم إخضاع المسألة هنا الى الإبتزاز السياسي، ولا احد يقبل بتجويع عشرات الألآف من أبناء شعبنا في القطاع لكونهم من حركة حماس او عائلاتهم مرتبطة بها بشكل أو آخر،وكذلك وكذلك من غير المعقول الإستمرار في إختطاف القطاع تحت هذا البند والخلاف..لقمة عيش الناس تمس جوهر حياتهم،وخروجهم عن طورهم والتصرف بلا عقلانية،قد يكون مبرراً،فالكثير من الثورات الإجتماعية في التاريخ قامت بفعل الجوع.
المجتمع الدولي لم يف بالإلتزاماته ووعوده بتقديم اموال الدعم لقطاع غزة،وكذلك المحادثات مع دولة الإحتلال بالرعاية المصرية،لم تستأنف سواء بسبب الظروف التي تمر بها مصر،او بسبب الخلاف الداخلي الفلسطيني،واسرائيل تريد ان تحصد النتائج والمنافع من العدوان والإعمار،من حيث التحكم بالإعمار المواد المسموح بدخولها أو عدمه،وان يتم إدخال تلك المواد من خلال المعابر المتحكمة بها،وشراء المواد اللازمة للإعمار من مصانعها.
لكي يتم سحب ونسف الذرائع الأمريكية والإسرائيلية وغيرها،في عدم وفاء المجتمع الدولي بإلتزاماته بإعادة الإعمار ورفع الحصار،يجب ان يتحلى الجميع بالمسؤولية الوطنية،وان يكون هناك شراكة وطنية حقيقية،فالعودة الى سياسة المحاصصة والتفرد بالقرار،لن تقود بالقطاع إلى الخروج من ازماته المركبة والمتداخلة،وكذلك سياسة الردح والردح المضاد،والإستقواء بالخارج لنصرة هذا الطرف او ذاك ليست عنوان الحل،بل هي تكريس وتفاقم للأزمات.
منع برميل البارود من التفجر والتدمير الذاتي في القطاع،هي مسؤولية فلسطينية بالدرجة الأولى،وهذا غير ممكن بدون شراكة سياسية حقيقية،بعيدة عن منهج وثقافة الإقصاء،شراكة تحفظ للناس كراماتها،وتضمن لهم العيش الكريم لا قطع الأرزاق،ورغم ضخامة العبء والحمل والمسؤولية،فالبتعاون والعمل الجماعي نجد الحلول،فهل يعي الجميع مسؤوليات،أم نستمر في مسلسل التخريب والدمار الذاتي..؟؟

نـُـورُ الهُـدَى مُحَـمَّـد زَرُّوقِـي/ مـحـيـي الـديـن الشـارني

( لـَـوْزُ زَهْـر سَـلامِي الحَـقِـيـق ... إلـَـيْـكِ ... ) 
*       *       *
( إلـَى " نـُور الهُـدَى مُحَـمَّـد زَرُّوقي " ... الحَاضرة دَوْمًا بمَـقـَاسَات حُـلـْـمـنـَا ... 
فِي ذكـْـرَاهَا الخـَالِـدة ... ( 24 / 02 / 2015 ) ... 
فِي ذكـْـرَاكِ الخـَالِـدة يَا نـُـور ...
أ ُهْـديكِ هَـذهِ التـَّـطـَاريـز الـتي كـُـتِـبَـتْ إلـَى حَـدقـَة قـَـلـْـبـك ... 
وأتـَمَـنــَّى عَـلـَى الله أنْ أكـُونَ دَائِـمًا هُـنـَا ... 
لأهْـديـكِ نـَـقـَاوة ذِكـْـرَاكِ بَاطِـنَ مَـحَـبَّـة وأ ُسْـطـُولُ عَـبـيـر وأمَارَاتُ وفــَاء ْ... 
وأقـُولُ رَبِّي تـَـقـَـبَّـلـْـهَا بـمَـحَاسِـن نـُورهَا ... فـَـقـَـدْ كـَانَ بـجَـلِـيـل حِـكـْـمَـتِـكَ 
غِـنـَاءُ قـَـلـْـبـهَا الكـَـريـم يُـضـَاء ْ... 
( رَبِّي لـَـيْـسَـتْ دُمُـوعُـنـَا تـَـفـْـنـَى وإنْ مُـتـْـنـَا ... بَـقِـيَـتْ هَـذهِ القـَـصـيـدة تـُوَاصِـلُ عَـنــَّا مَـحَافِـلَ الـبُـكـَاء ْ... ) 
رَبِّي إنـِّي عَـبْـدكَ ولا أسْـتـَطِـيـعُ أنْ أتـَـفـَادَى فـُجْأة مَا يَـغـْـمُـرُ قـَـفـْـري 
وأنـَا الآنَ فِي هَـذا القـَـفـْـر 
فـَكـَـيْـفَ لِي رَبِّي أنْ أتـَجَـنــَّـبـنِي 
وأنـْتَ بَـنـَـيْـتَ لِي حَـيَاة بهَا وَحْـمَـة ذِكـْـرَى ومَـفـْـصَـل لِـقــَاء ْ...   
رَبِّي كـَـيْـفَ لِي أنْ أتـَجَـنــَّـبـنِي
وأنـَا إنْ لـَمْ أجـئـْـنِي وأرُدُّنِـي إلـَيَّ بَـيْـنَ الـتــَّـوْءَدة وبَـيْـنِي  
قـَـفـَـزَالشـِّـتـَاءُ إلـَيَّ ونـَـسِـيـتـُـنِي خـَـط حُـدُودِ شـَـهْـوة الإنـْـتِـفـَاء ْ... 
فـَـيَا سَـلامَاتَ كـيَانِي ... ويَا جَـنــَّاتَ سَـلامي ...
بَـلــِّـغي زَهْـرَ اللــَّـوْز إلـَـيْـهَا ... 
يَا زَهْـرَ الأرْض ... / يَا طــُـيُـوبَ القـَـلـْـب ... 
يَا جُـذورَ الـرُّوح ... بَـلــِّـغي حَـبَـقَ شِعْـري وزَهْـرَ سَـلام لـَوز أ ُقحُـوَاني 
إلـَـيْـهَا ... 
وقـُولي لـَهَا ... 
     ( سَـلامًا عَـمـيـقـًا يَا مُـلـْـهـمَـتي ... مَعَ سَـيْـل وَارف وَفـَاء مَحَـبَّـتي ... ) 
*       *       *
قـَـمَـرٌ عَـلـَى السَّــطـْـح يَـجْـلِـسْ ...
سَـطـْـحُ قـلـْـبي فِـيـهِ أنـَـا ...
وَفِـيـهِ رَغـْـبَـتِـي ...
وَفِـيـهِ حِـنــَّـاء ماءٍ مُـفـْـلِــسْ ...
قـَمَـرٌ قـلـْـبـي أنـَـا ...
فِـيـهِ أمْـكِـنـَـة / أزمِـنـَـة لِـكـُـلِّ النــَّـاس ...
وَأنـَـا لا أجـدُ فِـيـهِ أيْـنَ أجْـلِـسْ ...
( هَـكـَـذا قـَالـَـتْ ... 
أوْ 
     هَـكـَـذا كـَانـَتْ نـَجَـمَاتُ قـَـلـْـبـهَا الكَـبـيـر ... ) 
*       *       *
*** نــُـــــورُ ***
وأنـْتِ الآنَ فِي ضَـفـَائِـر يَاسَـمِـيـن قـَـدَاسَات السَّـمَاء ْ... 
هَـا رُوحي تـَأتي إلـَـيْـكِ فِي مَـنـْـدَرة " وَادي السَّــوَاني " الجَـمـيـلـَـة ... 
بكـُـلِّ لـُـؤلـُـؤات المَحَـبَّـة ... 
بكـُـلِّ سَـوْسَـنـَات وعَـنـْـدلات فـُـيُـوضَات النــَّـقــَاء ْ... 
وأنـْتِ الآنَ ـ يَا نـُورُ ـ فِي بَـهَاءَات السَّـمَاء ْ...
أ ُهْـديـكِ كـُـلَّ بَاقــَات زَبَـرْجَـد حُـلـَّـة الصَّـفـَاء ْ... 
أ ُهْـديـكِ رُوحي مُـعَـذبَـة بـطـُـقــُوس إزْمِـيـل هَـذا البَـقــَاء ْ... 
    مُـعَـذبَـة بـنـَـوَاقِـيـس الصَّـحَاري ... 
    مُـعَـذبَـة بـغـَـرَائِـبِ وشـُحُـوب البَـرَاري ... 
    مُـعَـذبَـة بـتـَـفـَاصـيـل جُـنـُـوح رُكـَامَات تـَـلـَـوُّح أرَائِـكِ هَـذا المَـسَاء ْ... 
    مُـعَـذبَـة بـحَـريـرة جَـمْـرَةٍ ... لـَـوْ تـَعْـلـَـمـيـهَا 
    أوْ أنـْـتِ تـَعْـلـَـمـيـهَا ... وبالأكِـيـدِ سَـتـَـقــُولـيـنَ ... 
    إنـَّـهَا المَـمْـشـُوقـَـة الجُـنـُونْ / إنـَّـهَا المَـكـْـلـُـومَـة الـوَثِـيـقـَـة / 
    ولـَـوْ لـَمْ أكـُنْ أخـْـشـَى عَـلـَـيْـكِ سِـحْــرَ القـَـلـْـبِ لـَـقــُـلـْـتُ 
    وقــُـلـْـتِ ... إنـَّـهَا مَا بـشـَـرَاشِـفِ القـَـصـيـدةِ مِـنْ بَـسَاتِـيـن وأجْـرَاس وَفــَاء ْْ... 
( وهَـلْ لأجْـلـكَ فِـعْـلا أنـَا كـَـتـَـبْـتُ عَـرَاجـيـنَ هَـذهِ القـَـصـيـدة ... 
يَا أيُّـهَا الإخـْـتِـلافُ الـدَّفِـيـقُ / الـرَّشِـيـدُ الخـُـيَـلاء ْ... 
يَا أيُّـهَا الوَقـْـعُ المُـوَقــَّع المُـرَقــَّـط المُـبَـقــَّع بـكـَامِـل حُـدُود الإنـْـتِـمَاء ْ... ) 
وأنـْتِ الآنَ ـ يَا نـُورُ ـ فِي كـَوثـَر بَـهَاءَات السَّـمَاء ْ...
أجَّـرْتُ رَائِـحَـة الذكـْـرَى وزَريـرَ اليَـقـْـطـيـن ونـَخـْـلَ تـَوَافـُـدِهَا ... عَـلــَّـني ألـْـقـَى الـتي بــسِـجـلاَّتِ وَرْدتي تـَهـيـمُ وتـَعْـلـَـم أنَّ الـقـَـمْـحَ بـوَادي القـَـلـْـبِ بَـهـيـجٌ وهُـنـَـيْـهَـة مِـنْ سَـلامْ ... 
أفـْـتـَحُ بَابَ ذِكـْـرَاكِ المُـؤَدِّي إلـَى بَـطـَانـَة وبُـدُور الـدَّهْـشـَةِ فِـيـكِ ... 
مُـذهَّـبَـة عَـبْـرَة وخـَارطـَـة ذِكـْـرَاكِ يَا " نـُورُ " بـسَـعْـدِ الأقـْـحُـوَان ... كـَوَجْـهِ أنـْـوَار فـَاتِـحْ ... 
وتِـبْـرُ لِـقــَاكِ ... فـَـرْوُ صَـحْـو ومَـرَاصِـدْ أبْـجَـديَّـة وخـَوَاتِـم أنـْـغـَام وشـَـمْـس حَـبَـق تـُـؤسِّـسُ لِـمَـخـْـطـُـوطـَاتي اللــَّـيْـمُـونِـيَّـة ... 
والصَّـوْبُ المُـدَاري أيْـضًا هُـنـَا ... 
                  وفـَرْط الـرَّجَـفـَان ... هـوَ الآنَ ... مَـعَـنـَا الآنَ أيْـضًا ... هُـنـَا ... 
سَـلامٌ عَـلـَى قـَمَـر البَـنـَـفـْـسَـج فِي عَـيْـنـَـيْـكِ يَا نـُورُ / سَـلامٌ عَـلـَى غـَـمْـرةِ التـُّـفــَّاحْ فِي هَـذا الإسْـتِـئـْـنـَاس باللاّ مَا بَـعْـد دَارة اللــِّـقـَاء ْ... 
سَـلامٌ عَـلـَـيْـكِ يَا نـُورُ ...
يَا خـُلاصَـة ضَـوْء القـَـمَـر فِي كـُـلِّ شـَـَرايـيـن النــِّـسَاء ْ... 
أنـَا لـَمْ أقـُـلـْـهَا بَـلْ قـَالـَـتـْهَا الأعْـشـَاب الـلــَّـيْـلـَكِـيَّـة تـُـزَركِـشُ حِـنــَّاء قـَـبْـركِ 
بأحْـلـَى مَا غـَطــَّاهَا الله مِـنْ نـَمَاء ْ... 
أنـَا لـَمْ أقـُـلـْـهَا بَـلْ قـَالـَـتـْـهَا خـُطـُـوَاتُ الهَـوَاء الحَـريـريَّـة إلـَـيْـكِ ... تـُوقِـظـُـكِ ألِـفَ رَنِـيـم مَـرْجَان وبُـرْهَانَ إتــِّـقــَاء ْ... 
أنـَا لـَمْ أقـُـلـْـهَا ـ يَا نـُـورُ ـ بَـلْ قـَالـَـتـْهَا نـَوَارسُ الخـفـُوق وهيَ تـُحَـدِّثُ عَـنـْـكِ فِي سِـرِّ عُــبَّادهَا بـسِـرِّ هَـدْهَـدَة كـَرْمَـة صَـديـقـهَا المَاء ْ... 
سَـلامٌ عَـلـْـيْـكِ يَا نـُورُ ...
سُـنـُونـُو الشـَّـمْـس / ورَيْـحَانـَة الأنـْـسَام / والضَّـبَابُ اللاَّمَـحْــسُـوسُ يَـتـَـثــَـنــَّى / وهَـذا الرَّبـيـع القـَادمُ مَعَ أبْـرَاجَ / أوْرَاق الطـُّـمُـوح ... 
وهَـذا المَـدَى البَـرَّاق بالطــُّحْــلـُـبِ الخـَـفــَّاق ... 
وهَـذا اللــَّـبْـلابُ الأمِـيـرُ ... 
وهَـذا الـوُجُـودُ الزَّاخِـرُ بأحْـلام العَـذارَى وأيْـقــُـونـَاتِ الودَع الرَّفِـيـع ... 
وهَـذهِ الصَّـيَاحَاتُ الجَـمِـيـلـَة إلـَـيْـكِ ... 
وهَـذهِ الصُّــبَّارَات المُـتـَـشـَامِـخـَة المَـصَائِـر والنـَّـعْـنـَع وَهيَ تـَـقـْـطـُـرُ خـَجَـلا ... 
والسَّــيِّــدُ اللــَّـقـْـلـَـقُ ... 
وأطـَايـبُ صُـدفـَةِ الـوَجْـدِ ... 
وخـَشـْـخـَاشُ العِـنـَـبِ يَـشـْـدُو ... 
وبَـيْـتُ أحْـلامِـكِ ... أتـَـذكـُـريـنََ ... 
وشـَقـَائـقُ النـُّـعْـمُان فِي قـَـلـْـبِ حَـفِـيـظـَـتـكِ السَّاحـرة العُـذوبَـة ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
ودَلالاتُ الأحْـجـيَّاتِ الـرِّيـفِـيَّـة المُـعَـتــَّـقـَـة / المُـمَـلــَّـحَـةِ كـَـرُمْـقــَةٍ حَـزيـنـَـة ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
والصَّـنـَوبَـرُ البَـريّ الـذي كـَانَ يَـسْـتـَـقـْـبـلـُـنـَا مَـزْهُـوًّا بعَـوْدتِـنـَا إلـَى نـَـبَـق لا حُــدُودِ الإنـْـتِـشـَاء ْ... أتـَـذكـُـرينَ ... 
وإشـْـتِـيَاقـنـَا الـذي لـَمْ يَـتـَـبَاطـَأ أبَـدًا فِي سَـيْـرهِ إلـَـيْـكِ بـمَـكـْـنـُونـَاتِ بُـرُوقـكِ ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وتـَمَـوُّجَات مَـرَابـع أ ُغـْـنـيَّـة خـَيَالات شـَامَاتِ الغـُـرُوب فِي وَادي السُّـوَانِي الصَّـديـقـَـة ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وشـُوَيْـهَاتُ صَـيْـحَاتِـنـَا البَـريـئـة وهيَ تـَـصْـعَــدُ جَـبَـلَ الأزْمَان نـُـزُولا ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وعَـوْدة أبي مِـنْ أصِـيـل القـَـلـْـبِ إلـَى مَـهْــدِ الـرُّوح ومَـحَارَاتِ الحَـريـر ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وَوَقـْـفـَـتـُـكِ المُـعْـتـَادة فِي مُـلـْـصَـقــَاتِ مَـطـْـبَـخ عُـقــُولِـنـَا تـُعِـدِّيـنَ لـَـنـَا شـَايَ الإحْـتِـفـَاء بالقــُـدُوم الـرَّضِـيّ الحَـبـيـب ... أتـَـذكـُـريـنَ ...  
وغـَنـَجُ الكـُحْـل فِي عَـيْـنـَيّْ حُـلـْـمِـكِ الـريَّـان يَـتـَـمَـوَّجُ ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وأ ُغـْـنِـيَّاتُ الآتِي الـتي كـُـنـْـتِ تـَرتـَـقِـيـنـَهَا ذات دَنـْـدَنـَة ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وَبَـرُ القــَـشِّ وصَـحْــصَـحَانُ الخـَـزف ونـَحْـنُ نـَرْبـطـُه بـتـَـفـَادي شـَـط الـلــَّـيْـلْ إلـَى مَـرَاتِـع مِـجـَـنـٍّات المَـمَاشِي البَـعِـيـدَة... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
بَـدَاوة الخـُـلـْـجَان وهيَ تـُـدَوزنُ الفـُـصُـولَ كـَـتـَاج مُـرَصَّـعَـة بـيَـرَاعَات وأعْـنـَابْ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
سَـنـدات الشـِّـهَاب وشـَـمْـعُ إحْـتِـفـَالـكِ بـجُـلـْـجُـلان نـَـبْـع الـلـَّـمْـح ... وخـَـيَّالـَة يَـوْم التــَّـشـَـمُّـس والقــُـدُوم ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
( أتـَذكـُـريـنَ شـَـط الحُـلـْـم فِي عَـيْـنـَـيْـكِ ... 
أتـَـذكـُـريـنَ مَـرْيـمِـيَّـة البَـحْــر فِي شـَـط عَـيْـنـَـيْـكِ يَا نـُـورُ ... أتـَـذكـُـريـنَ ... ) 
أتـَـذكـُـريـنَ إنـْـتِـظـَارًا حَـمِـيـمًا شـَجـيـرًا كـَانـَتْ عَـوَّدَتـْـنـَا عَـلـَى تـَرْبـيَّـةِ نـَـعْــمَائِـهِ أ ُمُّـنـَا زَيْـنـَـبْ ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وطـَـلــَّـتـُـكِ البَـرَّاقـَة مَـعَ فـَاتِـحَـة بـلاد " الكـَاف "السَّـلِـيـلـَـة ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
ونـَظـَـرَاتـُـكِ الـتي تـَرَكـْـتِـهَا عَـلـَى حـيـطـَان الفـَـضَاء ذاتَ حَـيَاةٍ ... أتـَـذكـُـريـنَ
وأجْـنِـحَـة القــُـبَّـرَاتِ وهيَ تـَرنـُو لأعْـمَارنـَا بالتــَّحْـلِـيـق السَّـعِـيـدِ ... أتـَـذكـُـريـنَ
والبـئـْـرُ الـذي عَاشـَـرَ فـَوَاكـهَ الفِـضَّـة فِي لـَـذاذاتِ طـُـفـُولـَـتِـنـَا الحَـمـيـدة... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
والفـَـرَاشـَات وهيَ تـُعَـدِّلُ ألـْـوَانـَهَا عَـلـَى عَـتـَـبَات سَـنـَا قـَـمـيـصكِ الحَالِـمْ ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وصُـوفُ النــَّحْـلـَة الـتي تـَـزُوركِ الآنَ 
بَاحِـثــَة لها عِـنـْـدكِ عَـلـَى رشـْـفـَة يَـقـْـظـَة وَريـفـَة وكـَأس حُـبٍّ 
تـُـزيِّـنُ بهَا مَـنـْـزلَ شـَهْـدهَا القـَادم مَـعَ العَـسَـل القـَـريـن ... 
والسَّاعَـة الـتي نـَظـَـرْتِ فِي شِعَاب مَأمَـلهَا ورَجَـوتهَا أنْ تـُـقـَـرِّبَ 
مَـوْعِـدَ اللــِّـقـَاء لأجْـل رُؤيَـة الأبَـدِ الشـَّـمِـيـم ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
وخـُطـُـوَاتـكِ الـتي كـَانـَتْ تـَسْـتـَـقـْـبـلُ أزَاهـيـرَ وُجُـوهـنـَا بإمْـداداتٍ لـَطـيـفـَـة ... أتـَـذكـُـريـنَ ... 
والهُـنـَيْـهَاتُ السَّـعِـيـدة الـتي إفـْـتـَـقـَـدنـَاهَا مُـنـْـذ رَحَـلـْـتِ وأخـَـذتِ قِـطـْـعَـة مِـنــَّا مَـعَـكِ ونـَحْـنُ نـَعْـرفُ أنـَّـكِ سَافـَـرتِ وسَافـَـرَتْ ضَـيَاعَاتُ قـُـلـُوبـنـَا مَـعَـكَ إحْـتِـيَاطـًا لِلـفـَـرَح المَـدِيـدِ والمُـؤانـَـسَـة الشـَّـغـُوفـَة ... باللــِّـقـَاء اللــَّـذيـذِ ... 
كـُـلــُّـهُـمْ يُـسَـلــِّـمُـونَ عَـلـَـيْـكِ ... 
كـُـلــُّـهُـمْ يَـقـُولـُونَ ... 
سَـلامٌ إلـَـيْـكِ يَا نـُورُ ... 
وأصْـفـَـرُ حُـلِـيِّـكِ المُـنـْـسَابِ قـَـلـَـقــًا وعَـلانِـيَّـة ... هُـوَ أيْـضًا يُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ ... 
وزَهْـر الأقـْـدَار الـتي أخـَـذتـْـكِ مِـنــَّا ... سَـلـْـسَـبـيـلا وعَـبـيـر شـَبَـقـَة 
وقـَصـيـدة ... هيَ أيْـضًا تـُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ ...  
ومَـزَاهِـرُ حَـظــِّـكِ البُـسْـتـَانِـيَّـة ... لاطِـئـَـة كـَافــُورَ نـَظـْـرَتـَـكِ السَّامِـقـَـة ... 
ونـَجْـمَـة ضَـوئـكِ الأخــَّاذ ْ... وخـَاتـَمُ طـُـفـُولـَـتـكِ الـرقـْـرَاقْ ... كـَـنـَأمَـلـَة ... 
وبَـنـَـفـْـسَـجُ الكـَـلِـمَاتِ الـتي قـَالـَـتـْـهَا مَـشـَاعِـرُك البَـريـئـَة 
وخـَطــَّـتـْـهَا أنـَامِـلُ وَجْـنـَـتـَـيْـكِ عَـلـَى بَـيَاض فـُـطـَام هَـذهِ الـوَرقـَة الـتي 
أرَاهَا الآنَ تـُـضيءُ ... 
والشـَّارع الـذي كـُـنـْـتِ بـهِ تـَـتـَسَـلـْـطـَـنِـيـنَ ... والبَحْـرُ الـذي قـُـلـْـنـَاهُ مَـعًا ... 
حَـتى " الأمَاكـن " الـتي تـَعْـشـَـقِـيـنَ ... ما زالت نـَبَـرَاتُ تـَرنِـيـمَاتهَا تـُسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ وتـُـقـْـرئـُـكِ غِـمَارَ مَـنـَاحـهَا / بَـرَاحـهَا بالتــَّـرَحُّـم الفـَـيَّاض العَـمِـيـم ... 
والسَّـريـرُ الـذي كـَانـَـتْ الشـَّـمْـسُ تـَجْـلِـسُ فِـيـهِ مَـعَـكِ عَاطِـفِـيَّـة كـَالـرَّوْعَـةِ ... 
وسَـنـَابـلُ الطــُّـمَـأنِـيـنـَة فِي " وَادي السّـوَاني " الأنـيـقـَـة وَهيَ تـَـسْـتـَـلـْـقِي شـَاسِـعَـة عَـلـَى أدِيـم أنـْـسَال فِـطـْـرتِـنـَا ... 
وأسْـبَابُ حُـبِّـنـَا لِـزيَارَتـكِ وأنـْتِ تـَصُـوغِـيـنَ لِـبـلــَّـوْر الصَّـمْـتِ رَوْنـَقــًا آخـَـرَ لـَمْ يَألـَـفـهُ مَـدَدنـَا ولـَمْ يَـكـُنْ هَـزَارُ الطــَّـبـيـعَـة لِـيَـعْـرفـَه لـَولا تـَوقـكِ الجَارف إلـَـيْـنـَا ... وخـَامَاتُ الكـَنـَار ومِـشـْـمِـشُ البُـرتـُـقـَال يُـشـَاهِـدْ ...   
ورَائِـحَـة أحْـضَانـكِ فِي فـَم كـَـلِـمَاتِ الماء ... 
وذهَـبُ النـَّـظـَـر فِي مَـرَاجـيـح آس عُـيُـونـكِ ... 
وصُـورتـكِ المُـعَـلــَّـقـَـة فِي جَـفـْـن قـَـلـْـبِ أ ُمِّي زَيْـنـَـبْ ... 
واليُـوسُـفُ الصَّـغِـيـرُ ... 
والحَيُّ الـذي تـَعَـوَّدكِ ... وتـَعَـوَّدَ مُـرُورَ تـَرْحِـيـبـكِ بـكِ مِـنْ هُـنـَاكَ ... وفـَجْـأة إفـْـتـَـقـَـدكِ مَـعَ جَـمَالِـيَّات الإقـْـتِـرَابِ النــَّـبـيـل ... 
وصَـديـقـَاتـُـكِ اللــَّـوَاتي طـَـرزْتِ بالمُـنـَى أحْـلامَـهُـنَّ حَـفـَاوة وإئـْـتِـلافـَا ... 
والـوَردُ السَّـقِـيـفُ الـذي سَـقـَـيْـتِ بأنـْـوَار قـَـلائِـد حَـدْسـكِ اللــَّـمَّـاع ...   
والـدَّوَامُ الـذي كـَانَ دَائِـمًا فِي حَالـَةِ تـَرَقــُّـب لِـخـَـلـَجَاتِ سَـرْدِيـَّاتِ قـَـلـْـبـكِ الحَـبـيـبِ ... 
وحُـبُّـنـَا المَخـْـطـُوف / المَخـْـطـُوط الـذي سَافـَـرَ مَـعَـكِ دُونَ إسْـتِـئـْـذان ضنـَى تـَـنـَـهُّـدَاتِـنـَا ... 
وتـَجَـلـيَّاتُ أنـْـفـَاسـكِ الـتي مَا زَالـَـتْ بـبَـيْـتِ وُجُـوهـنـَا تـَحُـومُ ... 
وأقــْـرَاط كـَـلِـمَاتـكِ الجَـذافـَـة إلـَـيْـنـَا ... 
ومُـجَـنــَّـحَاتُ آهَاتــنـَا الصَّاعِـدة / الجَائِـعَـة / الكـَامِـلـَة إلـَـيْـكِ ... 
كـُـلــُّـهُـمْ جَـاؤوا يُـسَـلــِّـمُـونَ عَـلـَـيْـكِ ...  
كـُـلــُّـهُـمْ جَـاؤوا يَـقــُـولـُونَ ...  
سَـلامٌ إلـَـيْـكِ يَا نـُورُ ... 
زَيْـتـُونَـتـُـنـَا القِـدِّيـسَـة ... هُـنـَاكَ ... تـُسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ ... وأخـَوَاتـهَا أيْـضًا ... 
بَانـُورَامَا بَاب بَـيْـتِـنـَا القـَـديـم ... الـذي عَـلــَّـمَـنـَا كـُـلّ صُـنـُوف الـدُّخـُول فِي مَـرَج مِـرتـَاج أعْـنـَابـنـَا ... 
نـسْـمَـة الصَّـبَاح التي كـُـنـَّا نـُطـلُّ عَـلـَيْـهَا مِـنْ عُـيُـونـنـَا ونـَـضْـحَـكُ ... 
والهـلالُ ... أتـَـذكـُـريـنَ ذلـكَ الهـلال الـذي كـُـنـَّا نـَرَاهُ فـَـيَـعْــجَـبُ 
لِـطـُـفـُولـَـتـنـَا المَـرحَـة ويُـهْـديـنـَا ضَـوْءهُ مَعَ حَـلـْـوَى بَهـيَّـة كـَانَ الوَالِـدُ رَحـمَـهُ الله قـَـدْ إبْـتـَاعَهَا لـَـنـَا بـوَصْـلـَة فِي القـَـلـْـب غـَـزيـرة كـَمَا الأمْـنـيَّـات الصَّـبَاحـيَّـة الجَـديـدة ... 
الـرَّجْـعُ البَـعِـيـدُ / الـوَجَـعُ الجَـديـدُ وهـوَ يَـتـَـسَـلــَّـقُ قـَـلـْـبي لِـيَـصِـلَ إلـَى شـَلال العُـزلـَة ... 
حَـتى ذلـكَ الطــَّـريـق الـذي تـَعَـثــَّـرْتِ فِي دَقــَّاتِ دَهْـمَائِـهِ يَـوْمًا ... هُـو ( أيْـضًا ) يُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ... 
سَـلامٌ عَـلـْـيْـكِ يَا نـُورُ ... 
أ ُمِّي زَيـْـنـَبْ ... 
( وأبي المُحَـمَّـدُ الهَـديُّ الجَـمـيـل ... ) 
والرِّضَا الأبْـنـُوسُ الخـَـفــَّاقُ ... 
والفـَـيْـرُوزُ الطــَّارقُ ... 
والألـَـقُ الأخـْـضَـرُ الشـَّـفـيـقُ ... 
والـرَّجَاءُ المُـتـَكـَوْكِـبُ المُـتـَجَـوْهِـرْ ( قـُـلـْتُ لا تـَبْـخـَسْـهَا يَا أنـْـتَ وَصْـلـَة حُـدُودِ الإنـْـتِـمَاء ) 
والمَـلِـيـكـَة الشـَّـقِـيـقـَـة ... 
والسَّـنـيَّـة الحَـقِـيـقـَـة ... 
والوَلاءُ اللــِّـوَاءُ البَـهَاءُ ... 
وعَـلـْـيَاؤكِ وهيَ تـَـتـَـمَايَـزُ بـبَـسَاطـَةِ نـَاصِـيَّـة الأمْـطـَار وضِـفـَافِ الحَـجَـلْ ... 
كـُـلـُّهُـمْ يُـسَـلــِّمُـونَ عَـلـَيك ... 
كـُـلـُّهُـمْ يُـسَـلــِّمُـونَ عَـلـَى فـُسْـتـُق مَاس العِـزِّ  فِي جَـنــَّاتِ فـَسـيـح كـَـرَم تـَهَادي جَـنـْـبَـيْـكِ ... 
حَـتى شـَالـكِ الأبْـيَـض الـذي تـَرَكـْـتِـهِ عَـلـَى طـَاولـَةِ الـرُّوح حـيـنَ رَحَـلـْـتِ ... يُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ ...  
حَـتى بَـهْـجَـة الإرتِـفـَاعَاتِ بجَـنـَابِ الجَـبَـل الـذي يُحَاذيـكِ ويَـسْـتـَرقُ الشـَّـوقَ 
لِـفِـكـْـرتِـنـَا عَـلــَّـنـَا نـَجيء ُ... يُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـكِ ...  
سَـلامٌ عَـلـْـيْـكِ يَا نـُورُ ... 
قـَالـَتْ الأوتـَارُ تـَـنـْـكـَـشِـفُ ...
هَاكِِ سَـلامَ كـُـلّ العَائِـلـَة بكـُـلِّ مَـوَاجـد كِـيَاسَـةِ المَـوَاعِـيـدِ ...
كـُـلُّ العَائِـلـَة تـَـتـَـقـَافـَـزُ أفـْـلاكـُهَا وأمْـلاكـُهَا حَـنِـيـنـًا وشـَوقـًا إلـَـيْـكِِ ... 
كـُـلُّ العَائِـلـَة تـَـتـَـقـَافـَـزُ أحْـوَالـُهَا وأقـْـوَالـُهَا  دَمْـعًا ورجْـفـَة عَـلـَـيْـك ... 
حَـتى حِـنـْـطـَة وخـُـصُـوصِـيَّـة هَـذهِ الكـَـلِـمَات تـَـرتـَعِـدُ بَـوَاطِـنُ لـَـوَاعِـجهَا حَـشْـرَجات وضَـمَّادَاتْ عَـلـَـيْـكِ / إلـَـيْـكِ تـَـلـُـوبُ ... 
قـَالـَتْ الوَرْدة / الحَـيَاة / المَحَـبَّـة / المُـحْـيـي الـرَّجَاء ْ...
وأنـْـتِ الآنَ فِي مَآقِي تـَـشـَـمُّـمَات مِـسْـكِ السَّـمَاء ْ... 
هَاكِ رُوحَـنـَا تـَأتِي إلـَـيْـكِ فِي بَـيْـدَرةِ وَادِي السُّـوَانِي الجَـمـيـلـَة ... 
بكـُـلِّ لـُؤلـُؤاتِ وخـَالِـص وَرْداتِ النــَّـقــَاء ْ... 
بكـُـلِّ سَـوْسَـنـَاتِ وتـَشَـوُّقـَات زَنـْـجَـبـيـلِـيَّاتِ التــَّـمَـنــِّي ... تـَـقــُولُ ... 
هَاكِ رُوحَـنـَا ... 
تـُـسَـلــِّـمُ عَـلـَى مَا بـنـَـيَاشِـيـن وَقـْـدتـكِ مِـنْ زُمُـرُّدٍ وبَـهَاء ْ ... 
*** نــُـــــورُ *** 
يَا عَـرُوسًا تـَخـْـتـَـلِـجُ ... 
يَا مَـلاكـًا تـَـتـَهَادَى كـَـفـَـرْحَـةٍ مَـطِـيـرَة مَـعَ سَـفـَـرْجَـلـَة القـَـمَـر فِي السَّـمَاء ْ... 
( أنـَا عَـلـَى شـَـفِـيـر غـُـبَار فِي القـَـلـْـبِ ... أتـَـهَاوَى ... ) 
( أنـَا مُـتــَّـسَـعُ رَمَادٍ أ ُهْـرَقُ عَـلـَى صَـفـَحَات وتـَصَاويـر كـَسَـرَاتِ الطــُّـيُـور المَـمْـهـُـورة بـتـَـرَاتِـيـل الـتـَّـعَاويـذِ الحَـفِـيـلـَة ... 
أنـَا ... 
قـَاب ضَـوْء ( دَجُـوجيٍّ ) وزَبـيـبٌ يَـنـْـسَـربُ خـَـيْـط فـَرَح بـمِـرآةِ غـَـيْـمَـة ... 
أنـَا ... 
أنـَا تـَلـْـويـحَـة بالحَـدَائـق قـُـزُحـيَّـة 
كـَمَا سُـهُـوب الهَـشـَاشـَة الـتي تـُغـَـيِّـضُ فِي رُبـوع حَـطـَـبِ الـرَّيـْعَان
أ ُقـَـشـِّـرُ كـسْـتـنـَاء الـوُجُـوم بـرَاحَـةِ طِـيـن الهُـبُـوبِ ... 
( أنـَا غـَـيْـمَـة / عَاصِـفـَـة تـَهْـبـط مِـنْ قِـمَّـة الـرُّوح إلـَى 
أعْـلـَى الجـدَارْ ... 
أنـَا رَاحَـة عَـهْـدكِ بي ... تـَوْطِـئـة ... 
أنـَا قــُطـَافُ مَاء الـوَسِـيـلـَة يَـدْعَـسُـنِي ... 
أنـَا اللاَّ ....... شـَيْءُ ... أنـَا الصَّـخـْـرُ اللــَّـولـَـبيُّ يَـسْـحَـقــُـنِي 
وغـُرْبـة الشـَّـبَابـيـكِ بـيَـدِي تـَـقـْـتـُـلُ فِيَّ ظِـلَّ قـَـمِـيـص الأرْض ... 
أنـَا اللاَّ ....... شـَيْءُ ... صَـريـرُ الـوَقـْـتِ الهَاربِ مِـنْ سَاعَـةٍ لا تـَـلـْـبَـسُـنِي ... 
أنـَا مِـخـْـيَالُ شِـعْـركِ الغـَامِـض الآتِي إلـَـيْـكِ مِـنْ كـُـلِّ الصَّـحْـرَاءْ 
بـبَاقـَةِ 
تـَـبَارُكٍ وعَـصَافِـيـرْ ... 
 ( أنـَا رزقـُـهَا ... والغـُـيُـومُ تـَـصَـيَّـدَتـْـنِي ... 
أنـَا مَـسَـرَّاتُ حَـبِّـهَا ... وإعْـصَارُ شـَجَـرَةٍ إقـْـتـَـلـَعَـتـْـنِي ... 
أنـَا رَوْضُـهَا الغـَـنــَّاءُ يُـلـَـيْـلِـلُ ... أنـَا ... 
أنـَا ... أنـَا ... أنـَا ... أنـَا ... أنـَا ...    
أنـَا مَا عُـدْتُ أدْري مَـنْ أنـَا ... ) 
وَحـيـدٌ أنـَا فِي جَـمْـرَةِ القـَـلـْـبِ 
كـَـزُهُـور فـَـقِـيـرَة مَـبْـلـُـولـَة بأغـْـصَان حَـيْـرَةِ ومَـرأبِ أ ُمْـثــُولاتْ ... 
أنـَا حَاولـْتُ أنْ أعُـودَ إلـَى طـَبـيـعَـةِ التـَّـحَـوُّل ... فـَـتـَحَـوَّلـْتُ أنـَا ... 
أنـَا حَاولـْتُ مَـعَ السِّـنـيـن كـَيّ تـَحْـتـَاجَ لِي ... فـَمَا إحْـتـَاجَـتـْـنِي ... 
أنـَا حَاولـْتُ أنْ أنـْـسَى ضَـفِـيـرَة اللـَّـحْـظـَة عَـلـَى طـَـوق الحُـبِّ ...  
 أنـَا حَاولـْتُ أنْ أ ُجَـدِّدَ إغـْـتِـبَاطِي بهَا ... فـَحَـرَّضَـتــْـنِي عَـلـَيَّ كـَـلِـمَاتِي ... 
أنـَا حَاولـْتُ أنْ أ ُحَـدِّدَنِي ... فـَـتـَحَـدَّدَ بي كـُـلُّ شـَيْء 
إلاّ أنـَا ... أصَابَـنِي أثِـيـرُ الـوَهْـم ... 
وتـَـدَحْـرَجْـتُ مِـنْ قـَـلـْـبي عَـلـَى سَاقِـيَّـة مِـنْ جُـدْجُـدِ الـبُـؤس ... 
هيَ فـَخـْـرُهَا يَـعْـرفُ ... 
وأنـَا مَا عُـدْتُ أعْـرفُ ... 
يَا نـُـورُ 
عَـطـشَ الـذهُـولُ 
والـرَّيـْـبُ طـودُ لِـهَاثٍ يُـلـَعْـلِـعُ 
وأنـَا مَا عُـدْتُ أدْري مَـنْ أنـَا ... 
لـَعَـلــَّـنِي   
اللاَّمُـمْـكِـنُ واللاَّمَـعْـقــُولُ ... 
لـَعَـلــَّـنِي
اللاَّ .................... شـَيْءُ ...  
نـَعَـمْ 
أنـَا اللاَّمُـمْـكِـنُ واللاَّمَـعْـقــُولُ ... 
أنـَا اللاَّ .................... شـَيْءُ ... ) 
وقـُـلـْـتُ ... رَبِّي 
لا تـَجْـعَـلـْـنِي بـهَـذا نـَزَعْـتُ وَجْـهي ... وإنـْـفـَـلـَـتُّ ... 
*** نــُـــــورُ *** 
يَا عَـرُوسًا تـَـتـَهَـوْدَجُ سَـنـَاء ْ... 
يَا مَـلاكـًا تـَـتـَـمَادَى فِي حُـبِّ الله فِي إشـْـرَاقـَاتِ السَّـمَاء ْ... 
يَا مَـلاكـًا فـَاقـَتْ فِي حُـدُودنـَا كـُـلّ حُـدُودِ وقِـيـثــَارَاتِ الإلـْـتِـقــَاء ْ... 
تـُـنـَـوِّريـنَ إسْـمًا مَا تـَـفـْـنـَى حَـمَائِـمـه ومَا فـَاتـَـتـْـه 
مُجْـتـَمِـعَـة تـَـفـَاصِـيـلَ الشـَّـهْـدِ ومَا فـَاقـَـتـْـه مُـنـْـتـَـصِـرة لِـحـيـنِ هُـيَامهَا كـُـلَّ بَـرَاهِـيـن الأسْــمَاء ْ... 
تـُعَـمِّـريـنَ وَفـْـدَة كـَوْن ... تـُـمْـطِـريـنَ مَـرْمَـرَ حُـلـْـم
وبـكِ كـَانَ يَـزْدَهِي مَـعَـكِ بـنـَا كـُـلّ حُـلـْـو عَـنـْـبَـر هَـذا الفـَـضَاء ْ... 

*** نــُـــــورُ ***  
يَا لـُؤلـُؤة الله فِي خـَـلـْـقِـهِ ... 
يَا إسْـتـَبْـرق نـَـبـيَّـة الله لِلـقـَـمَـر فِي السَّـمَاء ْ...  
*** نــُـــــورُ *** 
وأنـْـتِ الآنَ فِي مَآقِي تـَـشـَـمُّـمَات مِـسْـكِ السَّـمَاء ْ... 
الآنَ أشـْـرقـْـتِ أيَّـتـُهَا المَـسَافـَة الطــَّـويـلـَة … 
أيَّـتـُهَا الشـَّـمْـسُ تـَرتـَدِي ظـُـرُوفَ صَـحْـوَة الأوفِـياء والعَاشِـقـيـنَ … 
الآنَ تـُـشـْـرقِـيـنَ مَـزْهُـوَّة بـتـَعَابـيـر البَـحْـر وَصَـدَى دَوَالِي الأفـْـنـَان والصِّــدّقِـيـنَ 
الآنَ … نـَـرَاكِ تـَـسْـكـُـنِـيـنَ فِي النـُّـجُـوم 
وتـَـطِـيـريـنَ بـشـَـمْـل الخـَـيْـزُرَان فـَوقَ البَـحْـر مَـعَ عَـسَالِـيج التــَّـمَام 
وتـَـنـَامِـيـنَ مُـتـَأهـبَّـة لِـقــُـدُوم الحـيـن الحَـكِـيـم … 
نـَـتـَألـَّـمُ نـَحْـنُ 
ويَـبْـكِـي النــَّـهَارُ 
ويَـمُـوتُ الـلــَّـيْـلُ بأعْـتـَابـنـَا حـيـنَ نـَـتـَحَـدَّثُ عَـنـْـكِ 
وَرَاء أوْجَاع تِـلـْـكَ الجـبَالْ الـتي أحْـبَـبْـنـَاهَا ذاتَ أكِـيـدٍ وتـُـقـْـنـَا إلـَـيْـهَا لـَـمَّ إلـْـتِــقـَاء ْ... 
الفـَارسُ الشـَّاعِـرُ أيْـضًا … 
إذنْ … وَصَـلَ الصَّــيَّـادُ ( الآنَ ) … 
هَـكـَـذا قـَالـَتْ " أفـُـولِـيـتْ " … 
وهَـكـَـذا كـُـلُّ إرتِـسَامَاتِ قـَـصَائِـدِي تـَـتـَحَـدَّثُ عَـنـْـكِ …
هَـذا أنـَا آتِي لأجْـلِـكِ أنـْتِ … الآنَ … 
وأكـْـتـُـبُ لأجْـلِـكِ أنـْتِ … الآنَ …  
هَـذا لأنــِّي لـَمْ أ ُعَـيِّـدْ كـَـثِـيـرًا … وأنـْتِ كـَـثِـيـرَة … 
هَـذا لأنــِّي لـَمْ أكـْـتـُبْ / لم أصْـطـَـلِ بـبَـعْـض مَاء قـَـصْــدٍ … وأنـْتِ كـَـثِـيـرَة ... 
هَـذا لأنــِّي لـَمْ أقــُـلـْـكِ بـتـَـفـَاريـح شـُجُـونِي 
والسَّـيْـلُ الجَـهْـمُ / السَّـيْـلُ الشـَّـمْـسُ يَـعْـرفُ أنــَّـكِ أنـْتِ الأمِـيـرَة … 
وأنََّ بَـيْـلـَـسَانَ السَّـحَاب يَـحْــفـَـظ لـَـكِ تـَـتـمَّـة عِـطـْـر مَـنـَاسِـكـَـكِ الأخـيـرَة … 
هَـذا السَّـيْـلُ / المَـيْـلُ / الـلــَّـيْـلُ / الجَـهْـمُ / الشـَّـمْـسُ / يَـعْـرفُ أنـَّـكِ أنـْتِ الأمِـيـرَة 
وأنـَّـكِ جَالِـبَـة الـوَعْـدِ والحُـبِّ والكـَلام والشـِّـعْـر والكـَـرْمَـل لـَـنـَا … 
هَـذهِ ثِـمَارُ حُـبِّـكِ الفـَـيْـرُوزيَّـة مَا زَالـَتْ تـَنـْـمُـو وتـَـنـَامُ بَـيْـنـَـنـَا … 
وهَـذهِ ذِكـْـرَاكِ لأجْـلِـكِ مِـنْ أقـَاصِي إيـحَاءَاتِ العَاشِـقِـيـنَ تـَعُـودُ … 
وهَـذا نـَحْـنُ ... 
وهَـذا بُـلـْـبُـل المِـيـلادِ في مَـصَافِي عُـيُـونِـنـَا يُـلاعِـبُ طِـفـْـلـَه ُ... 
وهَـذا مَا أتـَتْ بـهِ إعْـتِـمَارَاتُ هَـذهِ القـَصـيـدة التــَّـلِـيـدة … 
خـَالِـدة أنـْتِ أيَّـتـُهَا الشـَّـمْـسُ تـَرتـَدِي ظـُـرُوفَ صَـحْـوَةِ الأوفِـيَاء والصَّالِـحـيـنَ 
خـَالِـدة أنـْتِ يَا نـُـورُ نـَـرَاكِ الآنَ تـَـسْـكـُـنِـيـنَ فِي مُـدُن ( خـَـفـْـق ) النـُّـجُـوم 
وتـَـطـيـريـنَ بـرفـْـق الـلــُّطـْـفِ فـَوقَ وَسَامَـةِ البَـحْـر مَـعَ عَـسَالِـيج الـتــَّـمَام 
وتـَـنـَامِـيـنَ مُـتـَأهِـبَّـة لِـقــُـدُوم الحـيـن الحَـكـيـم …
خـَالِـدة أنـْتِ يَا نـُـورُ … لا تـَمُـوتِـيـنَ … 
خـَالِـدة أنـْتِ بـقـَـصـيـدتِي … وبـنـُـبُـوءةِ الـوَرْدِ الـذي كـُـنـْـتِ تـَحْـلـُـمـيـنَ … 
وأنـَا لـَوْ كـُـنـْتُ أسْـتـَـطِـيـعُ كـُـنـْتُ أهْـدَيْـتـُـكِ وَدقَ صَـبْـر قـَـلـْـبي إلـَيْـكِ 
وكـَـتـَبْـتُ عَـلـَى شـَاهِـدة قـَـبْـركِ كـُـلَّ سَـبْـق وَصْـلـَة الخـَـيْـرَاتِ الـتي كـُـنـْتِ تـُـفـْـرحـيـنَ ... 
*       *       * 
*** نــُـــــورُ ***  
أنـْتِ حَـبـيـبَة الـزُّهْـدِ 
بَـيْـضَاء كـَأمَانـَةٍ عَـفِـيـفـَة ... 
أنـْتِ كـَـقِـطـْـعَـةِ طِـيـبٍ مُـذهَّـبْ 
أصِـيـلـَة مِـثـْـل فِـضَّـة تـَـفـْـخـَـرُ بإتـِّحَادِ إسْـتِـقـَامَـةِ نـُورهَا تـَحْـتَ حَـزَن الأنـْـوَاء ْ  
*** نــُـــــورُ ***  
أنـْتِ بَاقـَة رُوح تـَـقِـيَّـة  
وزَهْـرَة عِـنــَّابٍ ومَاء ْ
أنـْتِ سَـلـْـسَـبـيـلُ مَـلاكٍ بإيـفـَادَاتِ الطـُّهْـر مُـخـْـضَـلُّ 
وكـُـلُّ غـَامِـقـَاتِ الـنـَّـدَى بـمَـنـَارَاتِ الكـَوْن 
تـَـشـْـهَــدُ لـَـكِ بـجَـمِـيـل الـحُـسْـن وصِـدْق رَائِعَاتِ صِـدْق الحَـيَاء ْ 
*** نــُـــــورُ ***  
أنـْتِ نـَبْـضٌ ووَمـيـضٌ يَـطـْـلـَعُ مِـنْ بَـيْـن رَنـيـن البَـدْر مِـثـْـل الأرْجُـوَانْ ... 
أنـْتِِ حَـبَّـة سَـلام فِي مَـرْسَى دفْء وزَيْـزفـُون حِـنــَّاء وقـُـبَّـة رَيْـحَانْ ... 
أنـْتِ جَـنـَّـة فـَرَح بالخـُـشـُـوع تـَعْـبَـقُ وتـَـتـَـلألأ كـَـدَهْـشـَةٍ خـَـفِـيـفـَة 
بَـيْـنَ أصَابع أنـْهَار ومُـقــْـلـَة وَرْدٍ عَـلـَى شـَـفـَـةِ مُـوسِـيـقـَى الـوجْــدَانْ ...  
أنـْتِ قــَـرَابَـة الشـِّعْـر بـسُـكـَّـر قـَـسْـطـَـل الأشـْـوَاقْ ...  
ونـُعْـمَى قـَـدَاسَـةِ أنـَاشِـيـد خـَـلـْـخـَال قِـنـْـدِيـل أهْـدَاب البَـحْـرْ ... 
أنـْتِ بَابُ الفـَـرَح يَـردُ زَنـْـبَـقَ الـتــَّـوَاجُـدْ والـتــَّـبَـرزُخ كـُعُـسَـيْـلـَة وبَـرَكـَة ... 
أنـْتِ هَـطـْـلـَة الـرُّوح الأبـيَّـة تـُـنـْـتِـجُ نـُعُـومَة وتـَـوَرُّدات زَعْـفـَـرَانْ 
نـُـوَاسِي بهَا وَجْـه الأرْض المَـعْـطـُـوبِ 
وبَـهْـتـَة الشـَّـهـقــَات المَـجْــرُوحَـة  ... 
أنـْتِ دَفـْـأة الصَّـبـيَّـة البَـهـيَّـة تـُـضَـيِّـفِـيـنَ اليَـنـَابـيعَ بـخـُـضْـرةِ قـَـلـْـبـكِ الـطـَّـيِّـبْ 
أنـْتِ الأطـْـيَارُ تـُحَـلــِّـقُ فِي مَـوْج الـذكـْـرَياتْ 
وتـُـصَــيِّـفُ فِي مَـآقِي أمَـل زَهَـرَاتِ سُـهُـول أعْـمَارنـَا الـوَمِـيـضَـة ... 
أنـْتِ تـُـفــَّاحَـة الله الشـَّـذيَّـة ... 
أنـْتِ نـَجْـمَـة الله الـزكِـيَّـة ... 
أنـْتِ مَـلاكُ الله / نـَبـيَّـة الله لِلـْـقـَـمَـرْ ونـَجْـمَـة البَـهَاء لِـخـَوْخـَةِ مَـبْـسَـم بَـرَكـَات المَاء ْ... 
أنـْتِ نـَجْـمَـة الله الـزكِـيَّـة ... 
أنـْتِ مَـلاكُ الله يَـسْـكـُـنُ فِي زَهْـر رُمَّان حُـلـْـمِـنـَا مَـعَ عـنـَان السَّـمَاء ْ... 
أنـْتِ نـَجْـمَـة الله الـوَارفـَة الأبـيَّـة ... 
تـَرفـَـلِـيـنَ بـسِـحْـر صَـعْـتـَـر عَـقـْـل يَـبْـرقُ ...
وتـَـنـْـهَـمـريـنَ بـعَـنـَاقِـيـدِ الخـَـفـُـوق كـَـمَـرْهَـم طِـيـبٍ وأقـْـبَاسْ وعَـنـْـدلـَةِ مَـحَـبَّـة وسَـوْسَـنـَـةِ سُـمُـوٍّ ورفـْـعَـةِ حَـيَاء ْ... 
وأنـَا ... ومَعِي الهَـهُـنـَا ... 
سَأظـَـلُّ أخـُط ُّ بي ... بالهُـوَ ... بالهـِيَّ ... بالهُـمْ ... بالأنـْـتـُمْ ... بالنـَحْـنُ ... بالأنـَا 
سَـتـَـظـَـلــِّـيـنَ دائِـمًا هُـنـَا ... 
سَـتـَـظـَـلــِّـيـنَ دائِـمًا أجْـمَـل الـوَافِـدَاتْ ... وأجْـمَـل الطـَّـالِـعات مِـنَ الأعْـمَاقْ ... 
وأجْـمَـل مَا خـَـلـَـقَ الله مِـنْ نِـسَاء ْ... 
سَـتـَـظـَـلــِّـيـنَ دائِـمًا أجْـمَـل مَاض يَـحْـضُـرُ ... وأجْـمَـل الكـَـلِـمَاتْ ... 
وأحْـلـَى مَا فِي الإخـْـلاص مِـنْ دَفـْـق تـَجَـلــَّى ورُوح قـُرُنـْـفـُـلـَة وصَـمِـيـم عَـطـَاء ْ 
*       *       * 
*** نــُـــــورُ ***  
هَـذا طـَـيْـفـُـكِ العَالِي يَأتي إلـَـيْـنـَا 
مَـعَ فـَـنـَارَاتِ دَعْـج حَـقِـيـقـَة 
نـُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـهِ 
يُـسَـلــِّـمُ عَـلـَـيْـنـَا 
قـَالـَتْ الوَرْدة / الحَـيَاة / المَحَـبَّـة / المُـحْـيـي الـرَّجَاء ْ... 
قـَالـَتْ الأوتـَارُ تـَـنـْـكـَـشِـفُ ... 
*** يَا نــُـــــورُ ***  
هَاكِِ سَـلامَ كـُـلّ العَائِـلـَة بكـُـلِّ مَـوَاجـد كِـيَاسَـةِ المَـوَاعِـيـدِ ...
كـُـلُّ العَائِـلـَة تـَـتـَـقـَافـَـزُ أفـْـلاكـُهَا وأمْـلاكـُهَا حَـنِـيـنـًا وشـَوقـًا إلـَـيْـكِِ ... 
كـُـلُّ العَائِـلـَة تـَـتـَـقـَافـَـزُ أحْـوَالـُهَا وأقـْـوَالـُهَا  دَمْـعًا ورجْـفـَة عَـلـَـيْـك ... 
كـُـلُّ الأجْـنـَاس والمَـطـَارح والمَـرَافِىء والسَّـوَاقِي الهَـمِـيـسَـة وقـصَـص السَّـنـْـدَيَانـَات الألِـيـفـَة وهيَ تـَـتـَـبَارَكُ إلـَـيْـكِ ... 
والـبَـلــُّـوط الحَافِـلُ بالهَـنـَاءَاتِ ... 
حَـتى لـَهـفـَات هَـذهِ الكـَـلِـمَات تـَـرتـَعِـدُ بَـوَاطِـنُ لـَـوَاعِـجهَا حَـشْـرَجات بَـرْق عَـلـَـيْـكِ / إلـَـيْـكِ تـَـلـُـوبُ ... 
كـَغـُصَّـةٍ مُـقـَامَـة ... 
تـَـقــُولُ …  
هَاكِ رُوحَـنـَا تـَأتِي إلـَـيْـكِ فِي مَـنـْـدَرةِ وَادِي السُّـوَانِي الجَـمـيـلـَة ... 
بكـُـلِّ لـُؤلـُؤاتِ لـَطـَائِـفِ الصَّـفـَاء ْْ... 
بكـُـلِّ سَـوْسَـنـَاتِ رَائِـقــَاتِ حَالِـمَاتِ التــَّـمَـنــِّي ...
بكـُـلِّ دَفـْـق سُـلـْـوَان الحَـقـيـقـَـة وسَالِـفِ آتِي وَصَايَا ريَاض السَّـلِـيـقــَة ... تـُـسَـلــِّـمُ ... تـَـقــُولُ ... 
هَاكِ رُوحَـنـَا ... 
سَـلامًا فـَـسِـيـحًا ... بَـلـْـسَـمًا حَـلالا صَحـيـحًا لِـوقـْـدتِـكِ الـمِـعْـطـَاء ْ ... 
يَـرْحَـمُـكِ الله " يَا نـُـورُ " بـعَاطِـر دُرَر مَحَـبَّـتِـهِ ... وبكـُـلِّ فـُـيُـوضَات سِـمْـسِـمَاتِ يَـوَاقِـيـتِ الصَّـفـَاء ْ... 
ومَـسَـحَ الله وَجْـهَ بَـرَاءة سَـريـرتـكِ بـزَاهِـر وَاسع أريـج رَحْـمَـتِـهِ ... 
وغـَسَـلَ قـَـلـْـبَـكِ بـشـَـفِـيـفِ كـُـمَّـثــْـرَى غـَـزيـر بَـرَدِ حَـنـَان فـَـضْـلِـه الـوَضـَّاء ْ...  
وعَـطـَّـرَ رُوحَـكِ الـنــَّـقِـيَّـة بـجُـلـُّـنـَار زَيْـن سَـخـَاء سِـعَـة نِـعَـمِـهِ ...  
وأسْـكـَـنـَـكِ فـَـرَاديـسَ جَـنــَّاتِـهِ مَعَ أخـْـيَارهِ المَحْـمُوديـنَ وأحْـبَابـهِ الأتـْـقِـيَاء ْ... ) 
*       *       * 
قـَالَ قـَـلـْـبي ... 
يَا سَـعْــدَهَا ... 
خـَـلــَّـدَتـْـهَا ... 
سَـيُـقـْـرَأ هَـذا بَـعْــدَ ألـْـف سَـنـَة ... 
لـَـكَ ... ولـَهَا ... 
قـَالَ قـَـلـْـبي ... 
....... ، ....... 

... وقـُـلـْـتُ ... 
*   *   *
نـَظـَـرْتُ حَـولِـي زَمَانـَا
فـَـكـُـنـْـتِ حُــبًّا جـِـنـَانـَا
***
مَــلأتِ قـَــلـْـبي رَبـيـعَـا 
وزدْتِ عُـمْـري حَــنـَانـَا
*** 
ألا لـَـيْـتَ دَهْـري يَـطـُولُ 
ألا لـَـيْـتَ شِعْـري يَـرَانـَا
***
لأكـْـتـُـبَ زَهْــرًا يَـفـُـوحُ 
بـعِــطـْــر وَوَرْدِ شـَـذانـَا
***
ألا لـَـيْـتَ دَهْـري يَـطـُولُ 
ألا لـَـيْـتَ بَــوْحي يَـرَانـَا
***
لأكـْـتـُبَ ضَـوْءًا فـَصيحًا 
بـعِــزٍّ وطِـيــبٍ سَـقـَـانـَا
***
أقـُولُ لِـحَـرفٍ تـَـوَضَّـحْ 
أغـَـيْــر ربِّـــــي مُـنـَـانـَا
***
يَطـُولُ شـَرْحي لِجَـمْـعي 
ويَكـْـفِـيني دَمْـعي لِسَانـَا
***
يَـقـُولُ فــُدِيـتَ بـقـَـلـْـبي 
( سَامَـحَـكَ الله ) 
تـُهْـتَ وأبْـكـَـيْـتَ لِـقـَانـَا 
... / ... 

فتِّش عن (الهوسبتاليين) في ليبيا/ محمد رفعت الدومي

في مقال سابق كتبت عن داعش، ذلك الشر الذي إذا اقتربت منه تكتفي، أكدت فيه أن التنظيم مجرد تطبيق إليكتروني يدار من الخارج، عرائس ماريونت ملتحية خيوطها معلقة بأصابع حزمة من أجهزة المخابرات، وسوف لا يختفي قبل أن يُسقطَ الشكل القديم للشرق الأوسط من فوق كتفي الأطلس ويضع بدلاً منه الشكل الجديد الذي صُمِّمَ منذ عقود ليليق باستقبال الملك الألفي، كما يعتقد أصحاب الحد الأدني من اليهود ومن متطرفي المسيحية الصهيونية!

ما لم يكن الأمر هكذا، لابد أن تندلع في الأذهان حزمة من الأسئلة، بعضها، بحكم شهرة السلفيين في تبجيل الجهل، مبرر، مثلاً، أمام تلك الفيديوهات شاهقة الجودة التي تليق بصناع السينما في هوليوود لنا أن نتسائل عن مصدر قدرة داعش المذهلة على ترويض التكنولوجيا!

ولنا أن نتسائل عند قراءة خبر يؤكد تقاضي المقاتل الأجنبي ألفي يورو شهريًِّا عن مصادر تمويل داعش!

والسؤال المتطلب:

ما هي مصادر الأسلحة المتطورة التي تمتلكها؟

مع ذلك، عندما اشتعل الضجيج الكوني عقب إحراق معاذ الكساسبة تجاهلت أفكاري المسبقة عن داعش والتمست لها عذرًا، إنها قواعد الاشتباك المعروفة، لم يكن معاذ ذاهباً للسمر معهم تحت سحابة من موسيقي فيروز تمطر بأغنية اسهار بعد اسهار، مثلاً، ولا ليلقي عليهم سلال الورد، بل ليحرقهم قرباناً لمعركة لا تخصه أصلاً، ما هو الغريب في الأمر إذًا؟!

الغريب، بل الأغرب، هو ذبح داعش لمصريين كل ذنبهم أنهم ولدوا عبيدًا لإقطاعيين يسرقون أعمارهم ويرغمونهم بقوة السلاح علي التواري في ظلالهم الكبيرة، هربوا، للكدح تحت سماء غريبة ومشتعلة ليعودوا في النهاية ببضعة آلاف من الجنيهات يسكتون بها جوعهم وجوع عائلاتهم، أو، يتزوجون زيجاتٍ بائسة لينجبوا عبيدًا جدد يصطحبونهم لحضور القداس في صباحات الآحاد، وهذا كل شئ! 

ما هو المبرر؟ 

ما علاقة ملح الأرض هؤلاء بمعركة لا يستطيعون حتي أن يتخيلوا أبعادها؟

أيُّ دين شرير يُبجِّل ذبحَ هكذا بسطاء؟

ليس الإسلام بالتأكيد، ومن خلفية إسلامية أتحدث!

لا أنفي أن التنظيم ينبض بالكثير من الإسلاميين المتشددين، هؤلاء، لبساطة عقولهم ربما، وربما، لما ألحقت بهم الأنظمة الاستبدادية من عنف منظم، يعتقدون أنهم يمتلكون الحقيقة، وأنهم الموكلون بإرغام الآخرين علي التسليم بها وإن سحقاً، لكن، هؤلاء يسكنون جيوب التنظيم الجانبية، إنما دائرة صنع القرار حكرٌ علي فرسان مالطا وعناصر بلاك ووتر!

وفي مقال سابق تحدثت عن فرسان مالطا المعروفين تاريخيًَّا بـ الهوسبتاليين.. 

ذاكرة كل من شاهد فيلم الناصر صلاح الدين حتماً تحتفظ بالصورة الذهنية الجميلة للويزا، أو، نادية لطفي، إنها واحدة من الهوسبتاليين!

بعد سقوط القدس في أيدي المسلمين، وبعد أن طردهم الأتراك من رودس، كما طردوا قبلها من صور و عكا و ليبيا و قبرص، استولي الهوسبتاليون علي مالطا، وأسس أستاذهم جان دى لافاليت مدينة فاليتا، العاصمة الحالية، قبل أن يفتك نابليون بونابرت بهم ويطردهم منها!

بالرغم من أن معاهدة أميان اعترفت بحقوقهم في السيادة على مالطا، لم يعودوا إليها قط قبل عام 1990عندما عقدوا اجتماعًا كبيرًا في ميناء العاصمة حضره نحو 500 شخصًا من 22 دولة يرتدون حللاً سوداء بصليب أبيض مزدوج الأطراف، تغيَّر، علي إثره، العالم!

قررت المنظمة في ذلك الاجتماع أن تكون أقوي منظمات المرتزقة في العالم، كما قررت التحطيم عن عمد، لقد أصيبوا بعد هزيمتهم في مالطا بالنزوع إلي الجريمة، وتناسلت في المهجر أفكارهم مع أفكار كانت رحمًا شهيرًا للعنصرية!

إنهم، عندما طردوا من مالطا، استقر معظمهم في مدينة سان بطرسبرج الروسية، بينما، هاجر بعضهم إلي أمريكا، تزامن وصول هؤلاء مع اشتعال الحرب الأهلية هناك وتأسيس منظمة الكوكلوكس كلان، وهي منظمة عنصرية تؤمن بتفوق البيض على الأعراق الأخري، وبأن الملونين همج، وأن الكاثوليكية هي الطريق الصحيح إلي الربِّ ثم تنحسر كل عقيدة أخري إلي هرطقة، وولدت علي الفور صلات وطيدة بينهم وبين فرسان مالطا!

كان أعضاء (kkk)، تماشياً مع تعصبهم للبيض، يرتدون ثيابًا بيضًا ويعتمرون قبعات بيضاء أيضًا، ذلك التقليد انتقل إلي الهوسبتاليين، فصار رمز القديس يوحنا صليب أبيض معلق في حبل أسود، وصاروا يعرفون بفرسان الصليب الأبيض!

من الواضح طبعاً أنهم أذابوا أفكار الكوكلوكس كلان في تعاليم المسيحية، هكذا أعتقد، وكل ما صدر عنهم من تصرفات بعد مؤتمر مالطا يؤكد صحة اعتقادي، لقد ثبت ضلوعهم في احتلال العراق، كما أُثيرَ غبارٌ كثيف حول انتماء جورج بوش الأب، وأبيه وجده إلي المنظمة!

ثمة شكوك أيضاً حول انتماء برنار ليفي، داعية الحريات، إلي فرسان مالطا، كلنا حتمًا سمع باسم هذا الفيلسوف اليهودي الفرنسي ذي الأصول الجزائرية، كما رفع الأوكرانيون صوره في الاحتجاجات التي أطاحت بالرئيس يانوكوفيتش.. 

لدور الرجل في صناعة الربيع العربي نبض أكيد، فهو عرَّاب الثورات العربية بلا منازع، لهذا كان يجب علينا أن نضع برنار ليفي في ذروة النقطة عندما نحصي مُلاَّك الجمال الإنساني عبر التاريخ لولا أن مآلات الثورات العربية خرجت عن سياقها بهذا الشكل المروع، والمرشح للتفاقم! 

هذا الرجل المثير للجدل، قال، وهو يعي تمامًا ما يقول:

- سوف يصل الربيع العربي إلي الجزائر!

مضي زمن الأحداث الارتجالية، كلُّه حسب الخطة، والمؤامرة أكبر بكثير من أن توضع في إطار تستطيع أذهان البسطاء استساغته أو حتي تخيله! 

عندما تضطرب الخريطة برمتها، وتفورُ الحدود، وتندلع المذابح من الأمام ومن الخلف ومن الجانب الآخر، وتتردد في كل البيوت أصداء الفقد، وتزدحم المخيمات باللاجئين العرب ينتظرون عطايا ذوي القلوب الرحيمة في الصليب الأحمر و الأمم المتحدة، أي، عطايا فرسان مالطا، سوف يصل الربيع الأحمر إلي الجزائر، بطريقتهم الخاصة!

لكن، من المستفيد، مؤقتاً، من مذبحة ليبيا؟!

إنه النظام المصري ثم تنكمش كل إجابة أخري إلي مجرد إضافة! 

فهو، يتصرف مؤخرًا بشجاعة اليائسين، أو، المخمورين، بمنطق شمشون عندما استشعر نذر الهزيمة! 

وهو، حتمًا، عندما شعر مؤخرًا بأنه وضع في الركن واحتلت الثورة المقدمة وبدأ الثوار يكيلون له اللكمات من كل جانب، قرر القفز إلي الأمام علي دماء المصريين في حرب أهلية أمر ببغاواته في الإعلام بترديد نغمة التحريض عليها، عندما مُنيَ هذاالمخطط بالخيبة، قرر تنشيط أحد سيناريوهاته النائمة والتورط العصبيِّ في حروب خارجية ليتسع أمامه مجددًا هامش المناورة، حيث، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة! 

لذلك، أقسم بالعطر علي أن مذبحة الأقباط في ليبيا مخطط مخابراتي لا يقبل القسمة علي اثنين، سوف يستدير هذا الكلام في الأذهان عندما ندرك أن علاقة النظام المصري بـ فرسان مالطا وطيدة جدًا، ومريبة جدًا!

في الحالتين..

الآن، فقط، دخلت مصر، استراتيجيًَّا، حزام سوريا و العراق!

مرْجَلُ انْتِظَارِي الثَّلْجِيِّ/ آمال عوّاد رضوان

طُوبَى لِعِفّةِ حَمَائِمِي 
تَتَخَدَّرُ بِعَلْيَاءِ فَجْرِي
تَحْرُسُ نَوَافِذَ مَعْبَدِكِ
تَنْقُشُنِي هَدِيلًا طافِيًا.. عَلَى رَبِيعِ قَدَاسَتِكِ
وَأَتَلأْلأُ  فَرَحًا هَادِرًا.. فِي مَلَكُوتِ أَزَلِيَّتِكِ.

عَـــــــــــــمِـــــــــــــــيــــــــــــــقٌ هُوَ حُـــــــــضُـــــــــورُكِ
وَحْدهُ يَلَذُّ لِي.. شَوْقُهُ الْمُفَخَّخُ 
أُشَاغِبُهُ.. أَتَعَطَّشُهُ
كَم وَشَى بِسُلْطَانِي الوَاهِنِ.. هَمْسُ لَيْلِكِ
كم تخَطَّفَتْنِي أَطْيَافُ دُعَائِهِ 
سِرًّا
وَأَغْرَقَتْنِي ظَمِئًا.. فِي غَفْوَتِكِ اللاَّسِعَة!

أَيا صَرْخَتِي الْبَاهِرَةَ 
يَا مَنْ كُنْتِ.. وَصِرْتِ عَلَى أُهْبَتِي 
فَاكِهَةَ مَوْجٍ
لاَ ذُبُولَ يَعْتَرِينِي.. فِي سَوَاحِلَ تَتَقَادَم!
رُحْمَاكِ
أَتِيحِي لِيَ التَّنَهُّرَ.. عَلَى سُفُوحِكِ الْحَرِيرِيَّةِ 
لأَؤُولَ 
إِلَى بَقَاءٍ أَبَدِيِّ الدَّهْشَة!
أَرِيقِي مَوَاسِمَ سُيُولِي
تَعَاوِيذَ طَازَجَةً
تُخَضِّبُنِي بِجَلاَلِكِ الْخَالِدِ!

أَيَا مرْجَلَ انْتِظَارِي الثَّلْجِيِّ
نَوَافِذي بَاهِتَةٌ .. نَشَبَ فِيهَا الْجَفَافُ
أَزِيلِي عَنْهَا.. فُيُوضَ مَلْحَمَةٍ
أَوْقَدَتْهَا أجْفَانُ نَرْجِسِكِ 
في صِلْصَالِي الْمُتَيَّمِ!
أَبَدًا
مَا كَانَ فَاتِرًا.. عُبُورُكِ الشَّفِيفُ
وَلا أَبْقَى لِي فُسْحَةَ فناءٍ.. بَيْنَ الْفَجَوَاتِ
بَعْدَمَا كُنْتِ.. كُلَّ مَكَانِي وِكُلَّ زَمَانِي!

وَحْدَكِ.. أُسْطُورَتِي
وَحْدَكِ.. لَيْلِي الْمَفْتُونُ 
بِضَوْئِكِ النَّاعِسِ
وَحْدُكِ.. يُسْرِفُنِي هَسِيسَ نَارٍ 
فِي سَوَاقِي الْعَطَشِ
وَتَنْتَشِرِينَ دَبِيبًا خَدِرًا
يَعْبَثُ بِشِفَاهِي الْمُعَطَّلِة!
بِكُلِّي 
أَحْمِلُ قَلائِدَ بُرُودِكِ
أُكَدِّسُ بَرِيقَكِ
فَوْقَ نُخَاعَ مَائِي اللاّهِثِ
وَبِلَحْظَةِ خَلْقٍ وَتَكْوِينٍ 
أَتَجَلْجَلُ
تَنْسَابُكِ تَرَاتِيلِي الْمَائِيَّةُ 
مَوْجًا مُشِعًّا.. بِحَرَائِقِي!

أَفْسِحِي لِخَطِيئَتِي
أَبْوَابَ جَنَّاتِكِ
وَبِصَوْتِكِ الْعَسَلِيِّ 
اغْمِسِي حَنَاجِرَ ضَوْئِي الْمُبَلَّلَة!
أَغْدِقِي عَلَيَّ بِهُطُولِ فَرَحِي 
فِي عُنُقِ قَلْبِكِ الْقِيثَار!

مَوْسِقِينِي.. بمَسَاءَاتِ تِيهِي 
لِأُلاَمِسَ.. أَعْمَاقَ سَمَاوَاتِكِ
جَمِّرِي بَقَائِي.. تَأْلِيفًا مُدَوْزَنًا 
دُونَ ذَوَبَان!

بَيْنَ لَحْمِي.. وَبَيْنَ دَمِي
زَفْرَةٌ مُتْخَمَةٌ بِالـ آه
لاَ وَزْنَ لَهَا.. لكِنَّهَا
 تُثْقِلُنِي بِعَنَاقِيدِ الانْبِهَارِ
تَتَفَتَّقُ أَسَاطِيرَ وَلَهٍ
لاَ يَخْفُتُ.. إلّا بِعَزْفِكِ الآمَال!