الإحصاء الجديد للأونروا لا يُنصِف فلسطينيي سوريا وغزة/ علي هويدي

أصدرت وكالة "الأونروا" تقريرها الإحصائي الجديد وتوزيع اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في مناطق عملياتها الخمسة، إذ أشارت الى وجود 5,493,115 لاجئ فلسطيني مسجل حتى تاريخ الأول من تموز/ يوليو 2014 موزعين على الأردن (2,178,286 لاجئ)، غزة (1,328,351 لاجئ)، الضفة الغربية (925,191 لاجئ)، سوريا (564,074 لاجئ) ولبنان (488,213 لاجئ). 
الملفت في الإحصاء الجديد أن عدد حالات برنامج "العسر الشديد" الذي اسبدلته "الأونروا" بمسمى "برنامج "شبكة الأمان الإجتماعي" في سوريا وصل إلى 38,230 وفي غزة 106,535 لاجئ في العام 2014، بينما كان قد وصل في العام 2011 إلى 37,613 لاجئ في سوريا و 106,002 في غزة، أي بزيادة 617 لاجئ في سوريا و533 لاجئ في غزة. هذه الزيادة غير منطقية ولا تتماشى بأي حال من الأحوال مع نتائج مرور حوالي أربعة سنوات على الأحداث في سوريا وما سببته للاجئين من معاناة.. ولا مع نتائج كارثية لمرحلتين من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 2012 وصيف 2014.
تصنف "الأونروا" العائلات التي تستحق أن تكون جزءً من "برنامج شبكة الأمان الاجتماعي"، وتوفير خدمات خاصة، تلك التي تستوفي شروط "خلوها من ذكر بالغ لائق طبياً لكسب دخل، وغياب وسيلة أخرى معروفة للإعالة المالية"، ولو استعرضنا حقيقة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا وغزة لوجدنا أن تلك الشروط تنطبق على الغالبية العظمى من اللاجئين، حتى أن "الأونروا" نفسها تعتبر في تقاريرها الدورية أن جميع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا بحاجة إلى مساعدة، ونداءات الإستغاثة التي تطلقها تشمل طلب المساعدة للجميع نتيجة عمليات التهجير داخل وخارج سوريا، وحجم البطالة التي سببتها المعارك، وارتفاع نسبة الفقر، وخسارة المنازل والإحتياجات الضرورية من التعليم والاستشفاء والإيواء والغذاء والملابس..
أما في غزة فيكاد الأمر لا يختلف عن أوضاع فلسطينيي سوريا، فمدارس الوكالة لا تزال ملآ باللاجئين الفلسطينيين المهجرين ممن دمرت بيوتهم، وفقدوا مصادر أرزاقهم، ومع ارتفاع لنسبة البطالة الذي يزداد في كل يوم ومئات العائلات لا تزال تسكن في الخيم، وحجم إعاقة فاق التوقعات..، وغيرها من القضايا.. تستوجب أن ترتفع نسبة من هم بحاجة لأن يكونوا جزء من برنامج "شبكة الأمان"  ليصل على الأقل إلى ما نسبته 80% من اللاجئين في غزة وسوريا.. 
والسؤال المشروع يُطرح عن المؤشرات التي تم اعتمدتها الوكالة ليتم تصنيف هذا العدد القليل من سوريا وغزة، فمثلاً عدد الحالات في "شبكة الأمان" في الأردن وصل في العام 2011 إلى 54,761، وفي العام 2014 وصل إلى 59,169، بزيادة 4,408 لاجئ، وفي لبنان وصل في العام 2011 إلى 56,656، وفي العام 2014 وصل إلى 61,031، بزيادة 4,375، وفي الضفة وصل في العام 2011 إلى 38,686، وفي العام 2014 وصل الى 36,050 (بتراجع 2,636 لاجئ)، والنتيجة بأن كيف لأوضاع اللاجئين في مناطق عمليات "الأونروا" الثلاثة لبنان والضفة والأردن التي تتسم بالإستقرار مقارنة بأوضاع فلسطينيي سوريا وغزة، أن يكون فيها هذه النسب التي تأخذ بعين الإعتبار زيادة عدد اللاجئين مع توفر للشروط، وفي المقابل تشير النسب في سوريا وغزة إلى زيادة لا ترتقي إلى حجم التطورات على الإطلاق؟، وفي هذا لا إنصاف وفقاً للحاجات.. لذا نعتقد بأن على "الأونروا" الإستدراك، وضم المحتاجين من فلسطينيي سوريا وغزة الى "الشبكة" خاصة وأن جميع الشروط وأكثر متوفرة..
*المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني / لندن – المنطقة العربية
كاتب وباحث في الشأن الفلسطيني
بيروت في 30/1/2015

اللداوي لقبٌ أصيل أم نسبٌ لمدينة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

سألني صديق عزيز عن أصل لقب عائلة "اللداوي"، أهو اسمٌ للعائلةِ أصيل، أم أنه نسبٌ إلى مدينة اللد فقط، يحمله كل من سكن المدينة أو انتمى إليها، أو عاش فيها ردحاً من الزمن، خاصة أن الذين يحملون هذا الاسم كثيرون، وهم ينتشرون بكثرة في الأردن، بالإضافة إلى فلسطين ولبنان وسوريا، وهم ليسوا جميعاً أقارب تجمعهم عائلة، أو أبناء عشيرةٍ واحدة تربطهم وشائج قربى أو نسب، بل هم مختلفون ومتعددون، ومنهم المسلمون والمسيحيون، وهم ليسوا جميعاً فلسطينيين، بل إن منهم سوريين ولبنانيين أيضاً.
الحقيقة أن اسم "اللداوي" ليس أصيلاً، وإن كانت بعض العائلات تحمله أصلاً، وقد لازمها سنين طويلة، إلا أن أغلب العائلات التي تحمل هذا اللقب منذ سنوات ما قبل النكبة وما بعدها، كانت قبل ذلك تحمل ألقاباً أخرى، ولكنها لأسبابٍ مختلفة حملت اسم "اللداوي" الذي غلب على ألقابها الأصلية وطغى عليها، فلم يعد الذين يحملون هذا الاسم يذكرون ألقابهم الأصلية، فلا يذكرونها أمام الناس، ولا يثبتونها في الوثائق والمستندات، واكتفوا بنوعٍ من الفخر والاعتزاز بحمل اسم "اللداوي" والتميز به.
أصل الاسم لدى الكثير ممن حملوه هو نسبٌ وانتماء، ولعل الذين حملوه أكثر من غيرهم، هم أولئك الذين عاشوا خارج مدينة اللد، وإن كانت بعض العائلات الفلسطينية التي مازالت تعيش في المدينة تحمل هذا الاسم، ولكن نسبتهم أقل، وعددهم محدود، ولعلهم أقارب أكثر، وينتمون إلى عائلاتٍ متصاهرة وبينها نسبٌ قديمٌ، وإن كانت بعضها مسلمة وأخرى مسيحية، علماً أن من بينها أيضاً عائلاتٌ مختلطة نتيجة للمصاهرة القديمة بين اليهود والمسيحيين، حيث شهدت سنوات ما قبل النكبة تعايشاً بين سكان المدينة من ذوي الديانات الثلاثة، الذين كانوا يشكلون سكانها، وما زالوا إلى اليوم يتشاركون فيها، إلا أن السكان اليهود باتوا اليوم هم الأغلبية، نتيجة عمليات الهجرة القسرية، والاستيطان الصهيوني الكثيف.
مدينة اللد الفلسطينية التي تقع في وسط فلسطين، على مقربةٍ من مدينتي يافا والرملة، وهي قريبةٌ من مدينة القدس والمسجد الأقصى، مدينةٌ موغلةٌ في القدم، ولها تاريخٌ عريق، ولعبت أدواراً هامة في التاريخ الفلسطيني الحديث، وقد ورد ذكرها في أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر بأنها المدينة التي يقتل على أبوابها المسيخ الدجال، على يدي رسول الله عيسى عليه السلام، الذي يدركه في هذه المدينة، ويقتله فيها، منهياً بذلك فتنته، ومؤذناً ببداية عهدٍ جديد، يسوده العدل والسلام، وتحكمه المحبة والمودة والوئام.
مدينة اللد واحدة من حواضر فلسطين الكبرى، فهي مدينةٌ مميزة، حفرت اسمها بين المدن وحافظت عليه، وقد كان فيها قديماً قبل النكبة مطارٌ وسكة حديد، ومخافر للشرطة وحامية بريطانية، ومراكز تجارية وأسواقٌ كثيرة يرتادها كبار التجار، وفنادقٌ ونُزُلٌ، وكان فيها مؤسساتٌ علمية ومدارسٌ ومعاهدٌ، ومستشفى كبير ومراكز صحية متخصصة، وفيها مساجدٌ كبيرة وكنائسٌ عظيمة، وكُنُسٌ يهودية قديمة، وفيها مراكز دولية ومقراتٌ أممية، وغير ذلك مما كانت تتميز به كبريات المدن العالمية، وتشكو من قلته ونذرته الكثير من المدن العربية والفلسطينية الأخرى، الأمر الذي جعل من مدينة اللد محطاً للأنظار، وقبلةً للمسافرين، وممراً للتجار والعابرين، فيها يتاجرون، ومنها يبتاعون ويتزودون.
سكن اللد كبار الأثرياء وطبقة كبيرة من الأغنياء، وهم مزيجٌ من أهلها الفلسطينيين الأصليين، ومن الوافدين العرب من دول الجوار، ممن كانوا يدخلونها للتجارة، أو يقيمون فيها للعمل، حيث كان كثيرٌ منهم يعمل في المؤسسات الدولية، وبعضهم يرتبط بأعمال مع سلطات الانتداب البريطانية، وقد كانوا يتنقلون بسهولةٍ بين بيروت ودمشق وعمان ومدينتهم، حيث كانت الحدود ميسرة، وكانوا يتنقلون بينها بالطائرة أحياناً، في إشارةٍ إلى ثرائهم وقدراتهم المالية الميسورة، التي كانت تتيح لهم في تلك الفترة السفر بالطائرة، في الوقت الذي يعجز فيه الفقراء عن السفر على غير الدواب والرواحل.
نظراً لارتفاع مستوى العيش في هذه المدينة، وصعوبة الحياة فيها على الفقراء، وتعذر فرص العمل عليهم، فقد اعتاد فقراء المدينة دوماً على الهجرة منها، والرحيل إلى القرى المحيطة بها للعيش فيها، حيث أن الحياة فيها أبسط وأقل كلفةً، خاصةً فيما يتعلق بالتعليم الذي كان في مدينة اللد حكراً على الأغنياء نظراً لارتفاع رسوم المدارس الخاصة، بالإضافة إلى تكاليف العلاج العالية التي لا يقوى على أدائها الفقراء ومتوسطو الحال، كما أن فرص العمل في المدينة كانت محدودة بالنسبة للفقراء، وفي حال عملهم فإن رواتبهم لا تكفي لتغطية النفقات وتلبية المتطلبات المعيشية.
لهذا فقد اعتاد سكان مدينة اللد الفقراء على الهجرة الدائمة والرحيل، قبل الهجرة الكبيرة إثر نكبة فلسطين في العام 1948، فكان الفقراء وعامة السكان يبيعون الأشياء البسيطة التي يملكونها في المدينة، ويهاجرون إلى قرى أخرى محيطة بالمدينة، وهي نفسها القرى المحيطة بمدينتي يافا والرملة، فكان سكان القرى الجدد الوافدون من مدينة اللد، يعرفون بين السكان الأصليين باللدادوة، ولهذا فقد حمل أغلبهم اسم اللداوي نسبةً إلى المدينة التي جاؤوا منها، علماً أن العائلة الواحدة كانت ترحل إلى أكثر من مدينة، فقد تجد عائلةً واجدة، مقسمة بين أكثر من خمسة قرى، وهم أشقاء وأبناء عمومة، إلا أن آخرين قد هاجروا إلى قرى بعيدة وبلادٍ أخرى، فحملوا الاسم أيضاً به وعرفوا.
إلا أن شتات المدينة وتمزيق نسيجها الاجتماعي قد وقع نتيجة النكبة، عندما سقطت مدينة اللد في أيدي العصابات الصهيونية، التي شردت أهلها وطردتهم، مما دفع السكان إلى الهجرة في كل اتجاهات الدنيا الأربعة، فمنهم من لجأ إلى الأردن وهم أغلبية سكانها، وهم مزيجٌ من العائلات المختلفة وإن حملوا الاسم نفسه، ومنهم من هاجر جنوباً إلى غزة، وهم تقريباً ينتمون إلى عائلةٍ واحدة، وبينهم صلات قرابةٍ ونسب، ومنهم من هاجر شمالاً إلى حيفا والناصرة ولبنان وسوريا، فحافظ بعضهم على الاسم والجنسية، بينما استعاد العرب الآخرون جنسيتهم الأصلية، وعادوا إلى موطنهم الأم، إلا أنهم حافظوا على الاسم ومازالوا به يعرفون.
تلك هي مدينة اللد التي إليها ننتمي وبها نفخر ونعتز، وهذا نحن وغيرنا فيها، فهل يعودون إليها ونعود، وهل نستعيدها وفيها نعيش ونسود.

يوميات نصراوي: ما تبقى من التاريخ/ نبيل عودة

قال لي رفيق شيوعي من فرع الناصرة، اعرفه من أيام قيادتي للشبيبة الشيوعية في أوائل الثمانينات من القرن الماضي، ان لا اتعب نفسي بمراسلة جريدة "الإتحاد" الشيوعية  لأنها لن تنشر لي. الباب أغلق!
 فاجأني بجملته وانا القي عليه التحية.
لم افهم مناسبة هذا الحديث ولم أكن قد سألته عن سبب تجاهل صحيفة الحزب لمقالاتي (على الأقل التي سوقت بها جبهة الناصرة بشكل غير مسبوق إعلاميا في معركة انتخابات البلدية الأخيرة).  
 كما يبدو أراد ان أحثه على المزيد من الكشف لأنه أوقفني بمد يده للسلام .
  الجبهويون والحزبيون في الناصرة وكل المنافسين للجبهة  من القوائم الأخرى ، يعرفون ما هو الدور الذي قام به نبيل عودة دون ان ينتظر أجرة من احد. بل من منطلق وعيي لمكانة المدينة ومستقبلها. لم يكن غيري في الساحة الإعلامية إلا إذا اعتبرنا ما كانت تنشره جريدة "الاتحاد" الشيوعية من أخبار الاجتماعات تسويقا.. وهو إعلام بدائي في المفاهيم الإعلامية العصرية.
قلت له: لست قلقا من مقاطعة "الإتحاد"، أنا غاضب منهم لغبائهم، لانغلاقهم وقصورهم الإعلامي بحق مدينة الناصرة.. وبحق شعبنا . افتقد دور "الاتحاد" التنويري. افتقد دورها الثقافي. افتقد حتى دورها السياسي. نحن في عصر القفزات الإعلامية، الإعلام أصبح سلطة اجتماعية، سياسية وتثقيفية حاسمة، وهم ما زالوا يبكون على أطلال إعلام يتلاشى من عالمنا، لم يعد له أثر او تأثير في وقتنا الراهن.. لا افهم كيف لم يستوعبوا بعد أهمية الإعلام ألالكتروني؟
 قال مبتسما: ليس هذا ما قصدته!!
قلت:لا افهم دوافع هذه المقاطعة التي تتواصل منذ ثلاث دورات انتخابية.. أي ما يزيد عن 15 سنة. عندما كنت محررا في جريدة "الأهالي" نصف الأسبوعية (بين 2000 – 2005)، حولتها  إلى منبر إعلامي للجبهة ومرشحها للرئاسة رامز جرايسي. وأضفت قائلا لذلك الرفيق الشيوعي: اني خضت ثلاث معارك انتخابية لبلدية الناصرة، كنت فيها الكاتب الوحيد تقريبا في تسويق قائمة الجبهة ومرشحها للرئاسة. في المعركة الأخيرة كتبت أكثر من 20 مادة إعلامية (مقالات وقصص انتخابية ساخرة) نشرت منها "الاتحاد" مادة واحدة بعد تدخل كل قيادة الجبهة في الناصرة... ونشرت مقالاتي في عشرات المواقع ولم يهمني ان اعرف سبب هذا العداء من جريدة "الاتحاد" وحزبها!!
قال: قرأت أكثرية ما نشرته.
سألته : هل من سبب لهذا الموقف العدائي؟
قال : لا أريد ان اكشف لك حتى لا أصدمك.
قلت ضاحكا: لماذا أوقفتني إذن؟ لا تخف أعصابي قوية.. قل ما لديك .. واجهت ما هو أسوأ من المقاطعة.. واجهت التهديد بسبب دفاعي عن الجبهة من منافسيها .. ونُشرت أخبار التهديد في وسائل إعلام محلية عربية وعبرية، وفتحت الشرطة ملف للتحقيق، ولم يتكرم من دافعت عنهم ان يتصلوا للتعبير عن تضامنهم معي على الأقل.
بعد إصراري ان اعرف سببا معقولا لمقاطعتي قال بتردد في البداية: السبب فرع الناصرة. سألته: ما علاقة فرع الناصرة؟ قال: فرع الناصرة للحزب الشيوعي أرسل لهيئة تحرير جريدة "الاتحاد"، بعد ان نشرت لك بتتابع بعض المقالات والقصص (بعد انتهاء معركة الانتخابات بهزيمة الجبهة) يطالبها بالكف عن نشر مقالات نبيل عودة.
سألته: ما التبرير؟.. هل فرع الناصرة يقرر بسياسة جريدة حزب؟
مرة أخرى تردد. لكني أصررت. 
قال ما معناه ان فرع الناصرة يتهمني في رسالته لجريدة "الاتحاد" بأني اعمل مع مكتب رئيس الحكومة نتنياهو على تجنيد المسيحيين للجيش.
ضحكت وتوقعت ان يكون ما قاله مزحة منه..
قلت: والآن قل لي الحقيقة؟
قال لي : قلتها لك..توقعت ان اصدمك بهذا الكشف.
استغرقني بعض الوقت لأصدقه، ولكنه يصر ان كلامه ليس مختلقا، وأصر: باستطاعتك الاستفسار من رفاق آخرين دافعوا عنك. قلت : أنا الآن على يقين ان استقالة إل 50 رفيق ورفيقة من أنشط أعضاء الحزب والشبيبة في الناصرة ، وتشكيلهم لمجموعة "شباب التغيير" وإصرارهم على عدم توقيع اتفاق فائض أصوات مع الجبهة في الانتخابات الأخيرة، ورفضهم الدعوة للتصويت لرامز جرايسي لرئاسة البلدية والتسبب بإسقاطه بأصوات قليلة وهزيمة الجبهة في أهم معاقلها (رغم اني أرى خطأ ذلك) لم يكن إلا نتيجة أوضاع مريضة داخل الفرع وربما أوسع من الفرع. يبدو لي ان تاريخ الحزب الناصع قد أغلق وما نشهده اليوم هي ظلال لما كان. 
اضفت: لست غاضبا. لي موقف من الخدمة المدنية لم أخفيه. ولكن اتهامي بالتعامل مع نتنياهو وتجنيد المسيحيين في الجيش هو تجاوز لكل الحدود الأخلاقية وليس السياسية فقط.
 اعترف اني أشعر بالقرف. لاشيء إلا القرف من أساليب مخابراتية لا أخلاق فيها. كم كنت طيب القلب خلال 15 سنة،  يتجاهلوني وأواصل دعمهم. يقاطعونني وأدافع عنهم. يشوهون سمعتي وارى بدعمهم قضية وطنية واجتماعية هامة.
نبيل عودة صفحة مفتوحة بمقالاته كلها. ما نشرته منذ العام 2006 في الانترنت فقط يزيد عن 600 مقال يمكن الوصول إليها عن طريق الانترنت، عدا مئات كثيرة أخرى في الصحافة المحلية ومعظمها بجريدة "الاتحاد" والتي في فترة ما كنت انشر فيها مقالين أسبوعيا، رغم اني لست موظفا فيها ، بل مدير إنتاج في الصناعات الثقيلة..وليس سرا ان الصفحات الثقافية للإتحاد أصحبت في فترة ما  أشبه بصفحات شخصية لنبيل عودة!!
باستطاعة أي قارئ ان يراجع مواقفي السياسية، الثقافية والفكرية، بما في ذلك موقفي من الخدمة المدنية. أما توزيع التهم، وهو للأسف تقليد سياسي برز في ممارسة الحزب الشيوعي بعد ان بدأ يفقد مركزيته في الواقع العربي داخل إسرائيل، يسبب أضرارا للحزب وتراجع مكانته، ويبدو أني لم أقيم بشكل صحيح ان تاريخه الناصع وصل نهايته، واني ما زلت متمسكا بنوسطالجيا عبثية مثل مسرحية "في انتظار جودو"!! 
طلب مني ان لا اكشف اسمه حتى لا يتعرض للمحاسبة الحزبية. قلت حتى بدون طلبك لن اكشف اسمك لعقليات مريضة اعرفها أكثر منك. 
*******
ذكرني هذا اللقاء غير المتوقع بحدث جرى قبل أكثر من عقد من السنين، أيضا أثناء معركة انتخابية لبلدية الناصرة. جلست وقتها، في مهرجان افتتاحي لجبهة الناصرة عقد في بيت الصداقة في الناصرة، إلى جانب أستاذ علمني في الثانوية وتربطني به صداقة شخصية، أستاذ ثقف كل أهل بيته على المواقف الوطنية الشريفة. التقيته  بعد أيام من المهرجان، قال لي انه غاضب على رفيق شيوعي مسئول رفض ان يكشف لي اسمه، قال له بعد ان انتهى المهرجان: كيف تجلس بجانب نبيل عودة الذي انتقد توفيق زياد؟ طبعا رد عليه ولن أورد الرد .. لأنه ليس موضوعي. لكنه قال لي انه خائف من هذا الجو المريض ان يسيطر على الحزب والجبهة. يبدو ان خوفه كان بمكانه الصحيح. للأسف غادر عالمنا قبل سنوات قليلة.
مع مثل هذه العقليات الحاقدة لا يمكن التعامل. لست غاضبا، لكني آمل ان يقوم العقلاء، واعتقد ان صفوف الحزب لا تخلو منهم، بتصحيح المواقف، عقلتنها، ضبط الانفلات الغوغائي والتسيب في التطاول على شيوعيين سابقين لم يجدوا مبررا كافيا لاستمرار عضويتهم في الحزب، لأن تصرفات بعض قادته تجاوزت حسب رؤيتهم كل المنطق السياسي السليم. وجهة نظرهم هي ان استمرار النهج القائم سيراكم أزمة الحزب السياسية والقيادية ( وهذا ثبت) وهم ليسوا مستعدين للبقاء في تنظيم لا يحاسب قادته على تصرفاتهم.. بل يقمع كل نقد من أعضاء التنظيم.. ولست الأول أو الأخير الذي يواجه هذه الإشكاليات.
 هناك أحداث قررت حتى الآن عدم كشفها، رغم انها جاهزة لدي للنشر منذ سنوات. لست مخربا، بل ناشط سياسي له مواقفه المستقلة وبعضها يختلف ويتناقض مع موقف الحزب الشيوعي في السياسة أو الفكر. رغم ذلك ما زلت أرى بالحزب الشيوعي كإطار وليس كأشخاص، النهج الأكثر تحملا للمسؤولية والأكثر أحقية بتمثيل مجتمعنا وشعبنا. هذا موقف مبدأي لا يتغير بسبب تصرفات غبية لمن جعلوا حزبيتهم سلفية دينية منغلقة!!
لا اعرف من هم قادة الفرع في الناصرة. لكني آمل ان يراجعوا حساباتهم وضمائرهم. ليس مع نبيل عودة فقط، إنما مع قواعدهم وأبناء شعبهم الذين  سينفضون من حولهم تدريجيا إذا ظلت هذه العقليات المخابراتية سائدة. الخطأ ليس بمن يترك صفوفكم. الخطأ في نهجكم الفاشل، بغياب التثقيف الفكري من تنظيمكم، الشيوعية ليست عضوية حزب، الشيوعية مسؤولية إنسانية، وطنية وحضارية، فقدانها اسقط الأنظمة العظمى، فهل سيصمد حزبكم باجتراره تهما من القواميس الشيوعية المهلهلة؟!
على الأقل لا تبصقوا على تاريخكم، لأنه تاريخ كل المناضلين الذين لم يسلموا الراية في أحلك الظروف !!

nabiloudeh@gmail.com

الشعر: نظامه المقطعي وعروضه الرقمي ، وقصيدة نثره ، وسرعته ـ الفصل الثالث/ كريم مرزة الأسدي

سنعرج في هذا الفصل على علاقة النظام (المقطعي ) اللغوي الشعري الحديث  مجازاً(1) فائدةبوحدات الخليل وتفعيلاته , ثم على الترقيم العروضي إلى المدى المتاح والقدر المباح   , بادئاَ نقول : للصوت اللغوي العربي خصوصيته المتميزة بالنسبة لبعض اللغات الأخرى , واللغة نطق قبل أن تكون كتابة , وهكذا الشعر , ولكل من الحروف الساكنة  والمتحركة والحركات وحتى حروف المد مدى زمني جزئي صوتي خاص بها , تبثه الحنجرة وأعضاء النطق   , أو ما يسمى بالجهاز الصوتي , بتردد  معين , والتردد هو  عدد الذبذبات الصوتية  في الثانية الواحدة  , ويرجع إليه تحديد درجة الصوت ونغمته , وبنبرة خاصة  , والنبرة  يكتسبها المتكلم من بيئته المناطقية أوالقبلية ...حتى تقترب من اللهجة  المحلية , ولا تؤثر النبرة في العربية على إيقاع الشعر الكمي , ولكن في بعض اللغات الأجنبية لها دور فيه تؤدي إلى كسره آو استقامة وزنه , حسب الحالة الشعرية  (2) .
 وفي النظام اللغوي المقطعي الكمي الحديث , قسّم العلماء الحدث اللغوي إلى أجزاء حسب الفترة الزمنية المقطوعة إلى  ( مقاطع ) , والمقطع ظاهرة صوتية عضوية , تعريفه  أقل كمية لصوت  ملفوظ يصدر خلال حدوث نبضة صدرية , وقد يعتبر حركة قصيرة أو طويلة , مكتنفة بصوت  أو أكثر من الأصوات الساكنة  وفي العربية المقطع لا يبدأ بصائت , ولا يحتوي  على صامتين متتاليين  بداية  ( 3) و المقاطع منها :
 أولا: المقطع القصير , ويرمز له بالرمز ( ب) , ويتكون من : صامت + صائت قصير ( حرف منطوق بحركته في اللغة العربية  , والسكون ليست منها , مثل حرفي الجر الباء واللام .
  ثانيا : المقطع الطويل , ورمزه ( - ) , ويتكون إما من : 
صامت + صائت طويل (حرف + حرف مد مثل  لا) , وهو المفتوح .
آو من : صامت + صائت قصير + صامت (حرف بحركته + حرف ساكن مثل : لـَمْ ) , وهو المغلق  .
وهذا هو السبب الخفيف , وهنا فقط يلتقي النظام المقطعي الحديث مع الوحدات الوزنية الخليلية ) .
ثالثاً : المقطع زائد الطول   , ورمزه ( ^) , ويتكون إما من :  صامت + صائت طويل + صامت مثل : دارْ  , وهو مغلق بصامت  , أو من صامت + صائت قصير + صامتين  مثل : حَبْرْ , وهو مغلق بصامتين ( 4)  وهنا يلتقي النظام المقطعي الحديث مع السبب المتوالي الذي أقر به القرطاجني , وهو نادر الحدوث في اللغة العربية .(5) , ويذكر تمام حسّان مقطعا سادسا , يمكن أن نسميه بـ (المقطع الأقصر )  , وهو حرف صحيح مشكل بالسكون , مثل لام التعريف ( 6 ) , ويمكن للصائت القصير أن يشبع الى حرف مد للضرورة الشعرية , ولكن لا يساويه تماما , هنا قد نلجأ الى إيجاد صيغة المقطع شبه الطويل , ويجب التمييز  عند التقطيع بين حروف العلة ( الياء والألف و الواو ) أبان مدّها ولينها , فالحرف عند المد تكون حركة ما قبله تجانسه , ويقف بالسكون ,ومخرجه من الجوف , وحرف العلة نفسه عند اللين تكون حركة ما قبله الفتح دائما , ويقف ساكناً أيضاً , ومخرج الواو عندئذ من الشفتين , ومخرج الياء من وسط  اللسان , وهنالك فروق أخر .    
و(الكم ) يعتمد على ترتيب عدد المقاطع  حسب  التفعيلة والبحر وحتى صورة تكوينه , وقد تأتي التفاعيل من مقطع واحد ( فعْ ) , أو مقطعين ( مفـْعو ) و (فعْلنْ ) - التي كثرت في شعر التفعيلة - أو ستة مقاطع  ( متفاعلاتن ) (مَ تَ فا ع ِ لا تنْ ) , وهذا أمر قليل او نادر , ولكن معظمها تتكون مابين ثلاثة او خمسة مقاطع (7 ) , ويمنع العروضيون أنْ تتوالى في الشعر  خمسة متحركات ( خمسة مقاطع قصيرة , أو أربعة مقاطع قصيرة يليها مقطع طويل ) , والواقع لم يرد في الشعر اكثر من ثلاثة مقاطع قصيرة متتالية , نعم وردت أحيانا في الرجز - وهو حالة خاصة - التفعيلة ( مُتـَعَلـَنْ ) , وهي تتكون من ثلاثة مقاطع قصيرة  يليها مقطع طويل , وإذا جاءت ثلاثة مقاطع قصيرة متتالية  في القافية , أوسموه بـ ( المتكاوس ) , ويقول التبريزي , إنما سمي بذلك للإضطراب , ومخالفته المألوف , كتكاوس الأبل إذامشت على ثلاث قوائم (8) . أمّا المقاطع  الطويلة , فقد تأتي أربعة منها بشكل متوال ٍ, تقبله الأذن العربية , ومما ألفته  كـ (مستفعلن مفعولن ) ,اوكما في كثير من أبيات بحر (المتدارك ) :( يا ليل ُ الصبُّ متى غدهُ )أو ( مالي مال الا درهمْ.......أو برذوني ذاك الأدهمْ) ,  ولكن نادرا ما تتوالى أكثر من اربعة مقاطع طويلة في غير شعر (التفعيلة )(9).
          وعلى العموم قراءة الشعر العربي , وحدوه وترتيله بلسان أصحابه , اقرب الى وحدات الخليل الوزنية منه الى المقاطع الحديثة , ربما يعود للممارسة والتعويد على طيلة العهود العربية الموروثة , ثم أن المقاطع تؤدي الى وحدات الخليل فالسبب الثقيل يساوي مقطعين قصيرين (ب ب) ,  والوتد المجموع يساوي (ب -) , والوتد المفروق هو (- ب) , والفاصلة الصغرى (ب ب -) , والفاصلة الكبرى (ب ب ب -) , وتفعيلة :فعولن تصبح ب - - , وتفعيلة : مفاعلتن تقطع  ب - ب ب - , وهكذا دواليك ..تعوض أجزاء التفاعيل بما يساويها من المقاطع .
 وذهب آخرون الى تسهيل دراسة العروض وتعقيداته المزعومة بلغة الأرقام اللينة , أو قل ليتأملوا فيه بعقلية  الرياضي المستنبط للأمور من دقائق حساباتها , ورسم خرائطها , للإنطلاق الى الإبداع النظري  المفتوح , وللناس فيما يعشقون مذاهب  , وأوسموه بالعروض الرقمي الشمولي أو القياسي   , وهذا ربما يفيد لوزن الشعر وإبداعه كتابيا بتان وتفحص ٍ وتقليب , وبالتالي يلجأ إليه النقاد  أبان بحوثهم ودراساتهم وتحليلاتهم , أما إذا اردت البديهة العاجلة والسرعة الخاطفة , ولديك الملكة الشعرية النافذة , والأذن المرهفة العارفة  , أرى أن اللجوء الى التفعيلات ووحداتها , أو الأجزاء ومقاطعها مباشرة  , دون وساطة الأرقام , أجدى وأسرع للإفهام , فللأرقام البحث والأقلام , ربما تأتي  بلذيذ جديد غير مكتشف في عالم القصيد ,من  بعد  "هل غادر الشعراء من متردم " و" معاداَ من قولنا مكرورا "  منذ علم الجاهليين , وجهل العارفين !!, على كل حال , تـُعطى الرموزالرقمية كالآتي : الرقم 1 :  للحرف الواحد المتحرك ( / ) , أو الساكن ( ه ) ,( ويمكن لا يُعطى للساكن الرقم :1 ويبقى على سكونه ( ه ) , الرقم :  2 : للمتحرك يليه ساكن  ( /ه ), وهو السبب الخفيف  , وللمتحركين ( // ) , وهو السبب الثقيل , والرقم : 3 : للمتحركين يليهما ساكن (//ه ) , وهو الوتد المجموع , وللمتحركين بينهما ساكن ( /ه/ ) , وهو الوتد المفروق , والرقم :4 : لثلاث متحركات والرابع ساكن  ( ///ه ) , وتساوي الاربعة  سبباً خفيفاً وسبباً ثقيلاً  (الفاصلة الصغرى ) , أما الرقم :5  (ولا يستخدم تطبيقياَ ) :وإنما تُرجع ( الخمسة) الى أعدادها الأولية 2 ,3  , لأنها تمثل الفاصلة الكبرى ( ////ه) , التي تتشكل من السبب الثقيل والوتد المجموع , والتكرار للإفادة والإعتبار .
الوحدتان الرئيسيتان في العروض الرقمي هما  2 , 3 , ومنهما تُستنبط  التفعيلة  - التسمية مجازية -  الأساسية السباعية من سببين ووتد دون ترتيب (2 , 2 ,3 ) , فإذا كان الوتد متصدر ا (3 ,2 , 2) سميت تفعيلة  الصدر  , و إذا كان الوتد  يتوسطها (2 , 3 , 2) دعيت  تفعيلة القلب , وعندما يقعالوتد في نهايتها ( 2 , 2 ,3 ) أطلق عليها تفعيلة العجز(10 ) , وللدكتور محمد طارق الكاتب طريقة رقمية تجعل المتحرك : صفر , والساكن : 1 , فمثلا (مستفعلن ) قدرها ( مُسْ 10 - تـََفْ 10 -عََلـُنْ 100),ويحولها الى (2-2-4) , اما مزاحفتها ( مُفـَتـْعلنْ ) قدرها (100- 100 ) , وتتحول الى ( 4 - 4 ) , وبالتالي حاصل ضرب الأرقام (الجداء ) له  القيمة نفسها, والدكتور أحمد مستجير يفترض رقماً للحرف المتحرك الذي لا يتبعه ساكن (مقطع قصير)  - وهو بالأساس سبب خفيف حذف ساكنه -  , فمثلا الشطر ( مستفعلن مستفعلن مستفعلن ) له الأرقام ( 3 -7-11) . (11)  أي ألأسباب الخفيفة , الثالث والسابع والحادي عشر التي حذفت حروفها الساكنة في الشطر المحصور بين قوسين, لاحظ معي : ( مسْ تفْ عَ 3 لنْ   مسْ تفْ عَ7 لنْ  مسْ تفْ عَ11 لنْ ) , وهذه الأراء لاتستقيم مع جميع البحور والزحافات والعلل التي تعتريها , فهي حسابات رياضية  نظرية   وللباحثين فيما يذهبون ترقيم , والله فوق كل ذي علم عليم .
  الشاعر بين ملكة حفظه  وقدرة رياضيته ، وسعة تخيّلة ، وقصيدة نثره  !! 
 والحق هنالك علاقة وثيقة جداً بين الموهبة الرياضية والإلهام الشعري فكلتا العبقريتين تستندان على القدرة التحليلية  والتركيبية  الخاطفة حتى الدهشة والإعجاب ،  وما الموسيقى والإيقاع  والأوزان - ولكلّ مفردة دلالتها الخاصة -  إلا انعكاساًت مظهرية و عملية  لهذه المواهب ، إضافة للسعة التخيّلية و التفكير الاستدلالي والمنطقي ، والاستخدام الرمزي للتكامل العبقري   ،  ومن يتخيل أن القابلية الهائلة للحفظ كالمسجل لها أن تولد شاعراً كبيراً عملاقاً ،فهو في خطأ كبير ، ووهم شديد ، إلا إذا جمع هذا  العبقري كل هذه المواهب  حتى الحافظة القوية ،  فلله لله درّه . 
وبالرغم من أنني  أزعم أن لا شعر عربي دون موهبة موسيقية مرهفة حتى الإبداع  قد جبل عليها الفنان الشاعر منذ بويضته الملقحة ، وتتضمن هذه الجبلة بقية الخصائص المذكورة آنفاً  ، وقد تسلب  الطبيعة  منه  بقدر ما وهبته من نواح ٍ أخرى ، أي أن الإلهام الشعري موهبة موروثة متكاملة على درجات  ، والدنيا قسم ،وهنا يكمن السر بين الشاعر الشاعر ، والشاعر ، والناظم الذي يوّلد القصيدة الميتة  أقول بالرغم من هذا  ، فعلى الشاطر الشاطر أن يتدارك الأمر ، وينتبه إليه ، ويأخذ الدنيا غلاباً ، للمجد والخلود ، فيستكمل ما وهبه الله ،بما يجب أن يتعلمه من الحياة ومعانيها  ومدرستها ،ودروسها النحوية واللغوية والفكرية .  من هنا نستطيع أن نتفهم قول ابن رشيق في ( عمدته) عن الشعر: " الوزن أعظم أركان حد الشعر، وأولاها به خصوصية وهو مشتمل على القافية وجالب لها ضرورة  " (12) ،  وعن الشاعر    : " إنما سمي الشاعر شاعرا؛ لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره . فإذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ولا اختراعه أو استظراف لفظ وابتداعه، أو زيادة فيما أجحف فيه غيره من المعاني، أو نقص مما أطاله سواه من الألفاظ، أو صرف معنى إلى وجه عن وجه آخر؛ كان اسم الشاعر عليه مجازا لا حقيقة ولم يكن له إلا فضل الوزن، وليس بفضل عندي مع التقصير " ، (13) وأن  نوفّق بين قوليه ، وقولي  الجاحظ في (حيوانه)  أنّ  الشعر  " صياغة وضرب من النسج وجنس من التصوير " (14) ، والقرطاجني ، واعتماده التخاييل  " والتخاييل الضرورية هي تخاييل المعاني من جهة الألفاظ، والأكيدة والمستحبة تخاييل اللفظ في نفسه وتخاييل الأسلوب وتخاييل الأوزان  والنظم، وآكد ذلك تخييل الأسلوب " (15)
ولا أتكلم أنا في هذه الفقرة عن الخصوصية العربية للشعر ، وإنما عن الشمولية الإنسانية له ، ولا أزعم أنّ موسيقى  الشعر وأوزانه ملزمة ببحور الشعر الخليلية  وأنواعها المتشعبة ، بل ولا بمهملاتها وزحافاتها وعللها ، ولا بشعر تفعيلته المتجدد على يد الرواد أنفسهم ،ولكن مع التجدد الموهوب بعبقرية ، وقد أشار أدونيس نفسه إلى مثل هذا بقوله : " الزيف الذي ينتشر باسم التجديد خصوصا أن الكثير من هذا المزعوم تجديدا، يخلو من أي طاقة خلاقة، وتعوزه حتى معرفة أبسط أدوات الشاعر: الكلمة والإيقاع" (16)
والحقيقة قد استندت " قصيدة النثر" لأطروحات سوزان بهنار والتي رسمتها وفق ثلاث بنيات تفترضها كشروط لها.. وهي الإيجاز والكثافة ، التوهج - الإشراق ، وأخيراً الوجائبية واللازمنية.. إن هذه الدعامات أضحت عند شعرائنا الأولين لقصيدة النثر إدعاءات (17) ، ذلك ، كما يقول محمد الصالحي في ( شيخوخة خليله ...وقصيدة نثره )  أن " كل ما كُتب تحت يافطة قصيدة النثر في الشعر العربي، خاصة في البدايات الأولى - مجرد هلوسات تختفي بفرضيتها، وثوريتها، فيما هي خالية تماماً من أية نفحة شعرية، متذرعة في ذلك بكونها سوريالية، أو عبثية، أو دادائية يختار الكتابة الآلية وسيلة " (18)       
  لا يتخيل القارئ الكريم أنني عندما أتكلم عن الوزن أو موسيقى الشعر أجرده من الأركان الأساسية الأخرى التي تجعل من الشاعر شاعراً شاعرا ، وإلا فهو ناظم  ميت الإحساس بجسد شعري ميت ، ولكن أيضاً العوامل الأخرى لا تكتمل مطلقاً إلا بوجود العبقرية الموسيقية .  
تعال معي رجاء لتقارن بنفسك ما جاء به الشاعر المعاصر من أصحاب الشعر الحر ، وأصبح  أحد روّاد  ما تسمى بقصيدة النثر، بل هو شيخها ،  ألا وهو يوسف الخال ، اقرأ ، وأنا أتكلم عن الموسيقى والنغم ، لا عن عمق الفكرة ، ومضمون الشعر، يقول في ( البئر المهجورة) :
متى تُمْحى  خطايانا
//ه/ه/ه     //ه/ه/ه
مفاعيلن  مفاعيلن
متى تلمسنا أصابع الشّكِّ
متى تلْمَ   سناأصا  بعشْ شكْ كي
مفاعيلُ   مفاعلن مفاعيلن 
//ه /ه/   //ه//ه      //ه/ه /ه  
الشطر الأول جميل (مفاعيلن مفاعيلن) ، وهو من الهزج .
الشطر الثاني مشكلة المشاكل ، تتبع معي قباحة موسيقاه ، ومدى كرهها من قبل الأذن ، إن لم نقل إنها عيب عروضي ، إذ  توالت خمسة أوتاد ، بينها وتد مفروق واحد ، وهذا ما تمجّه الأذن السليمة الذوّاقة للشعر  ، وتأباه ، وهذا ما فات على الشاعر ، ثم ( مفاعلن ) ليست من جوازات الهزج ، بل من جوازات مجزوء الوافر ، والنقطة الثالثة توالى زحافان في شطر واحد في تفعلتين متجاورتين وهما الكف والقبض ، وأخيراً كما ذكرنا في المقدمة أنّ  شطر بحر الهزج يتشكل من تفعيلتين ، ولم يأتِ الهزج إلا مجزوءا ، بمعنى أن الأذن العربية لا تستسيغ هذه التفعيلة أكثر من مرتين  ، لذا شعراء التفعيلة أنفسهم هاجروا هذا البحر إلى مجزوء الوافر . هذا شعر موزون - كما يزعمون - ، ومن شاعر كبير مثل يوسف الخال ، كيف تريدون منّا أن نقبل  بما تسمى  بقصيدة النثر ، بل ونصفق لمن هبّ ودبَّ ، وما هؤلاء بيوسف الخال الكبير جزماً  ؟!!
أما كان الأجدر أن يقول مثلاً :
  متى تُمْحى  خطايانا
يمسُّ الشّــــكُّ دنيانا ؟!! 
فيكون الشطر الثاني أيضا مثل أوله ( مفاعيلن  مفاعيلن ) ، وهكذا يسير متناغماً في كل مسيرته الشعرية ، ليسهل حفط شعره  كلّه ، ويغنى ، وتتداوله الألسن والأجيال !   
    ما  أستشهدنا به عروضياً شطرين - كمثال عابر -  من مقطع جميل  ، يتضمن عدّة رموز ومدلولات وإشارات دينية من الكتاب المقدس للمسيحيين !!
ولكن يوسف الخال نفسه  في المقطع الآتي من قصيدته ( الحوار الأزلي ) كان موفقاً في ( هزجه):
 عبيد نحن للماضي، عبيد نحنُ
للآتي ، عبيد نرضع الذلّ
من المهد إلى اللحد. خطايانا
يد الأيام لم تصنع خطايانا
خطايانا صنعناها بأيدينا،
لعل الشمس لم تشرق لـِتـُحـْيـِـيْـنـَا
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن مـ
ــفاعيلن مفاعيلن مفاعيل
مفاعيلن مفاعيل مفاعيل
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن
مفاعيلن مفاعيلن مفاعيلن 
ومن جوازات ( مفاعيلن ) في الهزج أن تصبح :مفاعيلُ ، مفاعيلْ ، فعولن ، فاعلن ، وهو لم يأتِ من جوازاتها سو ( مفاعيلُ) ،وكما ترى التدوير في الشطر الأول !!  
 نسبة  السرعة الافتراضية لبحور الشعر:
وسنأتي   من الحسابات الرياضية في علم العروض سرعة البحور ، وسرعة البحور لوحدها لا تعطي جمالية للشعر العربي، وإن كثرت في أيامنا ، إذ لائمت العصر الحديث المتسارع بسرعتها ، ونغماتها الغنائية الراقصة، فرقص لها الراقصون، وتهافت عليها الملحنون، ونظم  فيها الشعراء المعاصرون ، وسبقهم شوقي  ليعارض أبا نؤاسه في كأسها الحبب ، والحصيري القيرواني في مضناك  جفاه  مرقده ، ثم تلاقف التفعيلات القصيرة السريعة  شعراء التفعيلة  - روّاد الشعر الحر - كالسياب في عيناك ونخيله  ودرويش في خبز أمه  ونزارفي قارئة فنجانه   ، والحق أن لكل سامعٍ ذوقه ومزاجه وحالته ، بل لكل عقل جمعي عصره ومكانه وخصوصيته ، فالجاهليون استطعموا البحور المهابة الرصينة كالطويل والبسيط والكامل والوافر ، وسايرهم خليلهم من بعد ، فأبعد هذا المتدارك الخبب من بحور شعره  ، واستقل شأنه ، وتداركه تلميذه الأخفش الأوسط  ، فضمّه إليها ، واليوم تقام له المحافل والمراقص ، ولله في خلقه شؤون وفنون !!
لا أخالك بحاجة إلى جهد كبير لمعرفة نسبة السرعة الافتراضية لبحور الشعرالعربي ، مرت عليك المقاطع الصوتية الكمية ،
 أ - لنعطي قيمة  رقمية افتراضية لكل مقطع حسب سرعة نطقه :
 1 - المقطع القصير  ( ب)  وهو أسرع المقاطع  ، فلتكن قيمته = 4 .
2 - المقطع الطويل  (- ) أقل سرعة ، يحتاج  إلى زمن أطول لنطقه ، فلتكن قيمته = 2 .
3 - المقطع زائد الطول ( ^ )  أ أقلهم سرعة ، لأنه يأخذ وقت أطول عند نطقه ، فلتكن
قيمته  = 1 .
ب - لنأخذ الضابط الإيقاعي لبحر معين كـ ( الكامل) التام الصحيح بعروضه وضربه  ، ونقسمه إلى مقاطع صوتية :
متَفاعِلن    /    متَفاعِلن  /  متَفاعِلن      *** متَفاعِلن   /   متَفاعِلن   /    متَفاعِلن
ب ب - ب - / ب ب - ب - / ب ب - ب -  *** ب ب - ب - / ب ب - ب - / ب ب - ب -        
ج - نعوض عن المقاطع بما افترضنا من قيم رقمية :
24244  / 24244 / 24244 * ** 24244  / 24244 / 24244
د - اجمع القيم الرقمية  للمقاطع = 96 
هـ - عدد المقاطع في هذا البحر الكامل التام الصحيح = 30  
و - قسّم القيم الرقمية على عدد المقاطع أي  :  96 \30 = 2 .3
ز -  2 . 3  ، هذه هي النسبة الافتراضية لسرعة البحر الكامل التام الصحيح بعرضه وضربه ، وهو أسرع البحور  .
طبعا تختلف السرعة الافتراضية للبحر الكامل حسب الزحافات والعلل التي تعتريه ، ربما تكون هذه التغييرات حسنة ، أو مقبولة ، أو قبيحة ، لنأخذ مثلاً على السريع ، من البحر الكامل نفسه ، ولكن من المجزوء  بعروضته الصحيحة ، وضربه المرفل ( متفاعلاتن ) :
وإذا أسأتَ كما أسأ*** تُ فأين فضلك المروءة ؟
متفاعلن     متفاعلن *******    متفاعلن   متفاعلاتن
ب ب - ب - / ب ب - ب - *** ب ب - ب - / ب ب - ب - -   
24244  / 24244  * *****  24244  /  224244  
القيم الافتراضية لمقاطع هذا النمط = 66 ، عدد المقاطع  21 ، فالسرعة الافتراضية أصبحت =  14 . 3 
تأمل السرعة قلت ، لماذا ؟ لأن أصبح ثقل في قافية البيت ، إذ أضيف سبب خفيف (تن) إلى التفعيلة الأخيرة من البيت ، فأثقلته ، وقللت سرعته !!!
وهكذا تستطيع ببساطة متناهية أن تحسب سرعة كل البحور الافتراضية ، وكل أنماطها بعد دخول الزحافات والعلل ، ولا أخالك ستحتاج  أكثر من هذا التوضيح والإسهاب الذي تناولته !! و الدكتور سيد البحراوي في كتابه ( العروض وإيقاع الشعر العربي ) تناول الموضوع نفسه  حسب تسميات أخرى للمقاطع الصوتية ، وافتراضات رقمية ثانية وتوصل للنتائج نفسها بالنسبة لترتيب السرعة الافتراضية لبحور الشعر (12)  ، وهي كما يلي    :
1 - البحر الكامل  : 2 .3  
2 - الوافر :  08 . 3 
3 - المتدارك : 66 . 2 
4 - البحور : الطويل ، المديد ، البسيط : 58 . 2 
5 - السريع : 54 .2 
6 - البحور :  المنسرح ، الهزج ، الرجز ، الخفيف ، المجتث : 50 . 2 
7 - الرمل :  36 . 2            
 وأخيرا  أرجو مراجعة ما فصلناه عن المقاطع ، ففي المقطع الطويل (-)  هنالك المفتوح مثل  ( لا) ، والمغلق مثل (لم) ، لا ريب أن المفتوح أسرع قليلاً من المغلق ، لأن المغلق يستوجب توقفاً تاماً للسكون الملازم ، أما المفتوح فينتهي بحرف مد ، فيكون كمه الصوتي أقل قليلاً ، وبالتالي يكون أسرع قليلاً ، وكذلك بالنسبة للمقطع زائد الطول (^) ، هنالك المغلق بصامت واحد فقط مثل (دارْ) ، والمغلق بصامتين مثل (حبْرْ) ، لا ريب أيضاً أن المغلق بصامت واحد فقط أسرع قليلاً من من المغلق بصامتين ، لأن الأخير يُلزم بساكنين تامين ، وبالتالي كمه الصوتي يتطلب زمناً أكثر قليلاً ، فتكون سرعته أقلّ قليلاً ، بقى لدينا المقطع الأقصر مثل لام التعريف ( لـْ)  أكثر سرعة من المقطع القصير (ب)  قليلاً ، لأن الأخير زمن كمه أطول قليلاً لتضمنه حرف صامت بحركته ، كل هذه أيضاً تجاوزناها في حسابنا  للنسبة الافتراضية لسرعة البحور الشعرية .      
          ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعتذر عن ذكر كل المصادر والمراجع  وأرقام الصفحات حتى طبع الكتاب بصياغته الجديدة
 مرة ثانية !!
(1)أشار الأخفش الأوسط ( ت 215 هـ ) ال المقطع بمعناه الاصطلاحي , بشكل غير دقيق , ولم يستخدم المفردة نفسها , ولكن الفارابي ( ت 339 هـ) له نص دقيق وواضح في كتابه الموسيقى الكبير , يشير فيه الى المقطع بقوله : " وكل حرف غير مصوت اتبع بمصوت قرن به ,فأنه يسمى " المقطع القصير " , والعرب يسمونه الحرف المتحرك من قبل , انهم يسمون المصوتات القصيرة حركات , وكل حرف لم يتبع بمصوت أصلاً, وهو يمكن أن يقرن به , فأنهم يسمونه الساكن , وكل حرف غير مصوت قرن به مصوت طويل , فأننا نسميه المقطع الطويل "  راجع البحراوي : مصدر سابق ص 31 - 32  الهامش , نقلا عن :محمد عامر أحمد : الدوائر العروضية - رسالة ماجستير - دار العلوم -  جامعة القاهرة .....- و حاول ابن رشد ( توفي بمراكش سنة 595 هـ/ 1198م ) في تلخيصه لكتاب أرسطو في الشعر , أن يطابق مفهوم المقطع اليوناني القديم على اللغة العربية ,وعندهما صوت غير دال مركب من  حرف مصوت وآخر غير مصوت ( المقطع المفتوح ), راجع : علي يونس : نظرية جديدة في موسيقى الشعر العربي .......             
(2) بعد اندفاع الهواء المضغوط من الرئتين نتيجة لتقلص وانبساط عضلة الحجاب الحاجز وغيرها , يندفع الهواء عبر أوتار الحنجرة ,ثم أعضاء النطق على شكل موجات صوتية تخترق الوسط المادي , وعادة ما يكون الهواء , فيكون لكل إنسان صوته المميز ,وهنالك خصائص تميز كل صوت , فمدى آتساع الموجة - حسب الجهد المبذول - هو الذي يحدد علوه. ...طوله..نبرته..جهورته, اما  التردد - عدد الذبذبات الصوتية  في الثانية - فهو الذي يحدد درجة الصوت ونغمته , واخيرا نوع صوت المتكلم كأن يكون امرأة أو رجل أو صبي , هذا تحدده نوع الموجات البسيطة المكونة للموجة المركبة , وليس للنوع علاقة بالمقاطع الشعرية  (راجع  د. .....)  .
 والنبرة : هي ازدياد وضوح نطق مقطع من مقاطع الكلمات عقبى آلية النطق وسلامته خلال الجهاز الصوتي , والنبر على ثلاثة أنواع , النبر الآولي : وهو أول نبر حسب آخر الكلمة , موجود في كل الكلمات , والنبر الثانوي : وهو النبر الذي لا يوجد الا في الكلمات متعددة المقاطع , وهو يلي النبر الأولي بأتجاه اول الكلمة , والنبر الضعيف وهو يتحقق في بقية مقاطع الكلمة .للإستفاضة راجع د تمام حسان :اللغة العربية ..معناها ومبناها , د سلمان حسن العاني :التشكيل الصوتي في اللغة العربية .
(5) والقرطاجني نفسه يقر بوجود السبب المضاعف,.......,  وهو: مقطع صغير + مقطع زائد الطول ..... راجع  
(6) يسميه حسّان تمام ( المقطع الأقصر ), لأنه استعمل تصنيفا {خر راجع :........
(8) الخطيب التبريزي :الكافي في العروض والقوافي  .......... . 
(9) راجع :علي يونس , المصدر السابق......   
(10) نحن ذكرنا الفكرة الأساسية , وهذا ما سنسير عليه , راجع بحوث د عبد العزيز غانم (مدخل الى العروض الرقمي القياسي )....... ,
(11) راجع د .علي يونس ،   د.طارق الكاتب :موازين الشعر العربي . أحمد مستجير :في بحور الشعر - الأدلة الرقمية لبحور الشعر العربي  - .........
 (12) ابن رشيق – العمدة – .......م. س
(13) ....م . ن . 
(14) الجاحظ : كتاب الحيوان، تحقيق الأستاذ عبد السلام هارون -.......
(15) حازم القرطاجني : منهاج البلغاء وسراج الأدباء،  .....تحقيق محمد الحبيب بن ( الخوجة -..........
 (16 )  مقدمة للشعر العربي - دار العودة بيروت 1983م
(17)  حسن إغلان - شعرية الإيقاع.. قصيدة النثر  وسؤال الوجود والمعنى    
............ 
 ( 18) محمد الصالحي  : ........" شيخوخة الخليل - بحثاً عن شكل قصيدة النثر العربية " 
(19) راجع : د . سيد البحراوي : العروض وإيقاع الشعر العربي  : ........

صفعة فرنسية لواشنطن في الحرب ضد داعش؟/ محمد الياسين

تزامنا مع الجولة التي يقوم بها ممثلون عن قوى عشائرية انبارية وأعضاء في الحكومة المحلية لمحافظة الانبار إلى واشنطن للتباحث مع الإدارة الأمريكية لتسليح وتدريب أبناء العشائر للقتال داعش، صرح مسؤول في مجلس للعشائر في الانبار ايضا ، قائلا أن وزارة الخارجية الفرنسية وجهت عبر سفارتها في بغداد دعوة رسمية إلى ما أسماها بعشائر المحافظة لزيارة باريس قريبا ، واوضح الشيخ عياش الدليمي وهو عضوا في مجلس عشائر محافظة الانبار بأن الزيارة المرتقبة الى باريس ستكون من أجل التباحث مع الجانب الفرنسي بخصوص توفير الدعم اللازم للعشائر في الحرب ضد داعش! ،مؤكداً ان السفارة الفرنسية أبلغتهم ان حكومة بلادها ستقدم كافة الدعم المطلوب. وألمح الدليمي إلى ان من بين لائحة المطالب التي سيحملها الوفد العشائري إلى باريس مطلبا لتغيير إستراتيجية الحرب على داعش ، كونها لم تؤتي أكلها بل توسع التنظيم الإرهابي وتمدد أكثر من السابق!.
هل يستحق الأمر حقا أن يوصف بأنه تطور جديد في مسار الحرب على داعش؟! أم أنه مجرد موقف فرنسي للتأكيد على صلابة الدولة بالوقوف ضد التطرف والارهاب الذي ضربها مؤخرا؟ أم اننا أمام حدث جديد يستحق القراءة بتمعن؟! وأن كان كذلك ، فهل ياترى هي رسالة ضمنية بأن التحالف الدولي ضد داعش بقيادة واشنطن غير ذي جدوى ، أم أنه إقرارا بذلك فعلا ؟! ، لو إفترضنا أن باريس تعني ذلك بالفعل ،هل ننسى أنها جزء من هذا التحالف؟ّ!!، هل ستذهب فرنسا منفردة لمقاتلة داعش ؟! أم تكتفي برفع حجم تمثيلها العسكري من خلال التحالف الدولي؟! ، هل ستلجأ فرنسا لخيارات أشد قسوة من خيارات واشنطن في هذه الحرب؟! ، هل ستفتح باريس بهذه الخطوة باب جديد في سوق الحرب على الارهاب والتطرف؟! هل ستبرر للآخرين الدخول بشكل مباشر الى ساحات القتال ضد داعش؟!هل ستفتح شهية العشائر أكثر للحصول على دعم من أكثر من جهة غير الولايات المتحدة؟! ...تساؤلات كثيرة تطرح تجاه الموقف الفرنسي الجديد!، لكن الاجابات عليها تبقى رهن الأحداث القادمة .
أخشى ما أخشاه ان تتحول كلا من ساحات العراق وسوريا إلى سوق عالمية مفتوحة للحرب على الارهاب ، تشرعن دخول دول العالم مجتمعين أو فرادى الى هذه السوق المأزومة، ولا ندري قادم الأيام ماذا يحمل لنا في جعبته من أحداث عظام في اليمن وليبيا اللتان مرشحتان لتكونا ضمن لائحة الدول المنكوبة في سوق الارهاب المفتوح!!. 

Moh.alyassin@yahoo.ca  

أما زلنا في دائرة شارلي أبيدو؟/ فراس حج محمد

لماذا تحوز شارلي أبيدو كل هذا الصيت السيئ والسمعة غير الطيبة، وهي لم تكن أول من سخر من المسلمين وعقائدهم ومن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام؟ ألم يسبقها قائمة طويلة من الساخرين المنتقدين منذ زمن طويل بدءا بالشعوبية غير العربية وانتهاء بالحرب الحضارية بين الإسلام والغرب؟! ألم يكن هناك كتّاب مسلمون أيضاً سخروا من الإسلام ومن بعض عقائده وأفكاره وألفّت كتب كثيرة في ذلك، وثارت حولها الكثير من المعمعات الصحفية والفكرية والمحاكمات الجنائية ودعاوى الردة والقتل والتطليق والنفي والطرد إلى خارج الوطن بصورة أو بأخرى؟ ولن تنتهي تلك القائمة فهي دائماً مرشحة للزيادة وليدخلها الكثيرون من طالبي حق اللجوء إلى الشهرة واستدرار العطف الأجنبي، متمترسين حول ذلك الحصن البليد المدعو "حرية التعبير"، بينما لم نجد تلك المعمعة وذلك الإقبال على التهجم أو انتقاد عقائد وثنية أو مسيحية أو يهودية أو حتى مجرد أفكار جنسية أو جندرية أو ما شابه. فقط لا تثور تلك العاصفة إلا عند انتقاد الإسلام والمسلمين.
لا أدري لماذا يفضل هؤلاء أن ينتقدوا الإسلام وعقائده تحديدا دون غيره من المعتقدات؟ أيخشون من اتهامهم بمعاداة السامية إن انتقدوا اليهود أو بالشوفينية إن انتقدوا النساء، كما قال ذلك وزير الخارجية الفلندي بعد الاعتداء على شارلي أبيدو: "إذا سخرتَ من السّود فهيَ عُنصرية، وإذا سخرتَ من النساء فإنّها الشوفينية، وإذا سخرتَ من اليهود فهيَ مُعاداةُ السّامية، أمّا إذا سخرتَ من الإسلام فتلكَ هيَ حُريةُ التعبير"!
يبدو أن الدافع الحقيقي لانتقاد المسلمين وعقائدهم هو نوع من التعبير عن الحقد التاريخي تجاه الإسلام والمسلمين، إذ لا يفتأ الإعلام بكل صوره من تغذية هذا الحقد، وقد صاحبه وساعد عليه عدة عوامل منها ما هو واقعي ومنها ما هو تاريخي، إذ إن أكثر المناطق توجسا من الإسلام هي أوروبا بعد أن دخلت في صراع مع الإسلام لفترات طويلة من تاريخها القديم، وخاضت حروبا متعددة مع الدولة العثمانية، ووجود تلك الأرضية الخصبة لمعادة الإسلام الذي ينظر إليه على أنه دين تسلط وتجبر واحتلال، كما يتبنى ذلك العديد من المفكرين المحسوبين على الأمة العربية أو الإسلامية ويروجون له، وقد ساهم هؤلاء أيضاً بتغذية تلك الفوبيا من الإسلام السياسي الذي يخشى من عودته وإعادة احتلال أوروبا من جديد. وخلق واقع سياسي مختلف، وتبدل مراكز القوى، وقد تعاضد هذا مع ما تنتجه التيارات المتطرفة من عمليات وما يصاحبها من فكر تدميري وشمولي يكتسح العالم أو ينوي أن يصبغ العالم بصبغته ويصوغ العالم صياغة عولمية جديدة، كما هي الآن مصوغة صياغة ليبرالية علمانية واقتصادية رأسمالية استعمارية لا تبقي ولا تذر!
ومن هنا يمكن أن تكون المرحلة الداعشية المعاصرة وما يجنده العالم من إمكانيات لهذه الحرب قد ساهم بشكل أو بآخر أن تحوز شارلي أبيدو كل ذلك الوميض الإعلامي المبهر، وجعلها تقترب من أن تكون ظاهرة أو أيقونة أو شهيدة شاهدة على جانب من جوانب الحرب ضد تلك الفوبيا الساكنة في أعصاب وفكر كل أوروبي مهما ادعى أنه ديمقراطي وإنساني ومحب للإسلام والمسلمين، إن الحقيقة الصامدة والصادمة كذلك هو أن المزاج الأوروبي الشعبي حاليا يشبه إلى حد بعيد مزاج الأوربيين في فترة الحروب الصليبية إذ جندهم البابا في ذلك الوقت لمحاربة الكفار من المحمديين الذي يستولون على قبر المسيح ويمنعون الحجاج من الحج، إنها الفكرة نفسها وإن لبست لباسا غير ديني، وابتعدت عن الحج والمسيح إلا أنها ابتدعت قوانينها الخاصة احتراما للعصر والعولمة والاقتصاد المفتوح، وكل ذلك ما هو إلا قشرة لثمرة خبيثة واحدة هي الحرب وليس غيرها، وهي الحاسم الوحيد في تعديل موازين القوى، إذ لا منطق يفرض غيره في العلاقات البشرية الدولية على مر العصور، والأحداث المعاصرة تثبت ذلك، ولم تكن شارلي أبيدو سوى محرض ودليل استفزازي لتعميق فكرة متأصلة في الوعي أبعد من حادث إرهابي في مدينة باريس!

محادثات أمريكية كوبية تاريخية في هافانا

بي بي سي
رحب أعلى وفد دبلوماسي أمريكي يزور كوبا منذ عقود بأول يوم من المحادثات التي بدأت مع المسؤولين الكوبيين في هافانا.
وقال اليكس لي المسؤول بوزارة الخارجية وأحد أعضاء الوفد إن " الطبيعة البناءة للمحادثات اليوم تبثت أنه رغم الاختلافات الكبيرة بين البلدين لا يزال باستطاعة كوبا والولايات المتحدة إيجاد فرص لتعزيز مصالحنا المشتركة".
وجاءت تصريحات المسؤول الأمريكي بعد الجولة الأولى من المحادثات التي تطرقت إلى قضايا الهجرة.
وتعتبر المحادثات جزءا من خطوات تهدف إلى إذابة جمود العلاقات بينهما كما أعلن الطرفان الشهر الماضي في خطابات متزامنة للرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الكوبي راؤول كاسترو.
وتأتي الزيارة بعد ساعات من حث أوباما الكونغرس الأمريكي على اغتنام الفرصة لأنهاء حظر أمريكي على كوبا.
وسوف تركز المحادثات على الهجرة واستئناف الروابط الدبلوماسية كاملة.
"عصر جديد"
ويرأس الوفد الأمريكي روبيرتا جاكوبسون، كبيرة الدبلوماسيين الأمريكيين لشؤون أمريكا اللاتينية.
ويذكر أن المرة الأخيرة التي زار فيها شخص على نفس مستوى جاكوبسون لكوبا قبل 35 عاما.
وقالت مراسلة بي بي سي بوزارة الخارجية الأمريكية باربرا بليت أوشر إن الاجتماع أشبه ببداية عصر جديد للعلاقات بين البلدين.
وأضافت مراسلتنا إن الولايات المتحدة ستطلب إنهاء القيود الحالية المفروضة على دبلوماسييها حتى تتمكن من تحديث القسم المعني بمصالحها في هافانا ليصبح سفارة كاملة.
وتفيد تقارير بأن المحادثات ركزت على قضايا الهجرة الأربعاء ومن المتوقع أن تتطرق إلى العلاقات الدبلوماسية كاملة يوم الخميس.
وشدد الرئيس الأمريكي يوم الثلاثاء على أهمية إذابة جمود العلاقات بين الولايات المتحدة وكوبا وذلك خلال خطاب الاتحاد أمام الكونغرس.
وقال إن قراره التعاون مع كوبا بعد عقود من جمود العلاقات بين الطرفين يحمل إمكانية "إنهاء تراث من انعدام الثقة في منطقتنا هذه."
"تجربة جديدة"
كما حث الكونغرس على بدء العمل بشأن إنهاء الحظر التجاري الأمريكي ضد كوبا والذي استمر أكثر من خمسة عقود.
وأضاف :"نحن ننهي في كوبا سياسة استمرت طويلا حتى انقضت صلاحيتها. عندما لا يجدي ما تفعله على مدار 50 عاما، فعليك أن تسعى لتجربة شئ آخر."
المعارض الكوبي جورج لويس غارسيا بيريز دعاه رئيس مجلس النواب الجمهوري جون بينر
وقال أوباما إن التحول في سياسة الإدارة الكوبية أزال "عذرا زائفا للقيود في كوبا وعزز القيم الديمقراطية وبسط يد الصداقة للشعب الكوبي."
بيد أن الرئيس الأمريكي لايملك صلاحية رفع الحظر عن كوبا، بل الكونغرس وحده هو من يملك هذا الحق، وتقول مراسلتنا إن الكثير من الجمهوريين مازالوا يعترضون بشدة على ذلك.
وكان من بين من استمعوا لكلمة أوباما المقاول الأمريكي آلان غروس الذي أفرج عنه في 17 ديسمبر/كانون الأول العام الماضي بعد أن قضى خمسة أعوام في السجون الكوبية، إذا كان جزءا رئيسيا في صفقة أبرمتها الولايات المتحدة وكوبا.
وفي خطوة تعكس انقسام الرأي بين السياسين الأمريكيين بشأن العلاقات مع كوبا، دعا رئيس مجلس النواب الأمريكي الجمهوري جون بينر المعارض الكوبي جورج لويس غارسيا بيريز.
ووصف غارسيا بيريز، الذي قضى 17 عاما في السجون الكوبية، خطوة الرئيس أوباما بأنها "خيانة" ستترك المعارضة في الجزيرة "بلا دفاع".

لماذا يستهدفون اليمن؟/ العلامة السيد محمد علي الحسيني

الانباء المؤسفة التي تناقلتها وکالات الانباء والوسائل الاعلامية المختلفة اليوم بشأن الاشتباکات في اليمن، لم تسر أبدا أي عربي وانما وخزته"كأية أحداث مؤلمة أخرى من هذا النوع"في أعماقه وأشعرته بألم وجد شبيها له في العراق ولبنان وفلسطين المغتصبة.

 احداث اليمن، وکل الذي قيل ويقال عنها، سيما تلك التحليلات والمقالات السياسية المکتوبة عنها هنا و هناك، أعطت مرة أخرى إنطباعات قوية جدا بصدد جدية عبث"أياد أجنبية محددة" ليس في الشأن اليمني لوحده وانما في شؤون عربية أخرى لايجد المتابع الحذق صعوبة في الربط بينها بثمة خيط رفيع معين يقود الى إتجاه واضح بات معظم العرب يعرفونه حق المعرفة.

لکن النقطة المثيرة والملفتة للنظر في هذه الاحداث، يوحي  قطعا ان الغرض النهائي من وراء ذلك هو سعي حثيث جديد لفتح جبهات جديدة في جدار الامن القومي العربي، وإفساح المجال لإدخال(بيادق)سياسية ـ فکرية جديدة على ساحة عربية أخرى تمهيدا لعرض المزيد من العضلات من جانب قوة إقليمية محددة.

اننا في المجلس الاسلامي العربي في لبنان إذ نتابع هذه الاحداث عن کثب و نتتبع المسارات و تتداعياتها، فإننا نرى إنها على علاقة وثيقة جدا بمشروع نظام ولاية الفقيه في ايران وسعيا لتنفيذه عبر التقدم نحو المملكة العربية السعودية  ويقينا أن تفعيل هکذا توجه"قذر"و"مشبوه"لن يکون إلا من خلال العبث والاخلال بالامن القومي العربي الذي يشکل الامن الاجتماعي إحدى رکائزه، والسعي لحصر الجهد والامکانية العربية في مساحات محددة لاتتعدى حدودها و هذا الذي يتم العمل و السعي من أجله حاليا في اليمن.

إننا إذ نهيب باخوتنا الشيعة العرب في اليمن الشقيق ان يکونوا يقظين وحذرين من إستهداف اليمن وجيرانه تحديدا وسبب ذلك ومن هو الهدف الاکبر والنهائي، ذلك أن موقع اليمن الجغرافي تعطي لکل للبيب أکثر من معنى وغاية واضحة وجلية للمرحلة التي سيتم تفعيلها بعد(اليمن)، واننا نهيب باخوتنا أن يؤدودا مابوسعهم من أجل إجهاض وإفشال هذه المؤامرة المشبوهة وترجيح المصلحة الوطنية والقومية على أي إعتبار آخر وان تلك الايادي التي تعزف على أ‌وتار الطائفية وتوحي بما تسميه(مظلومية الشيعة)، فإن هدفها النهائي من وراء ذلك ليس أبدا من أجل الشيعة وحبا بهم وانما من أجل غايات وأهداف خاصة ستنجلي عاجلا أم آجلا للجميع.

الامين العام للمجلس الاسلامي العربي في لبنان.

الأغلبية الخرساء والغول المُتَرَبِّص/ مهندس عزمي إبراهيم

عزيزي القارئ، أرجو ألا تطلق في وجهي الأكليشيه السخيف المعتاد، وتتهمني بأني "ضد الإسلام وضد كل ما هو مسلم" لمجرد أني مصري مسيحي يخشى أن يصيب مصر شرّاَ. فأنا لست ضدّ الإسلام أو ضدّ أي دين. فعندما تأتي إلى هَوِيَّتي فأنا مصريُ أؤمن بمصر وأقدس الحرية لي ولكل مصريّ، ولكل إنسان في العالم، من أي دين وعقيدة.
وقبل أن أبدأ مقالي أقدم تعريف كلمة "غول " من واقع قاموس المعاني العربي "الغول: تزعم العَربُ أَنه نوعٌ من الشياطين يَظهر للناس في الفلاة، فَيَتَلَوَّن لهم في صور شتَّى ويَغُولهم، أَي يُضلِّلهم ويُهلِكُهُم."
سمعنا مراراً أن "الإسلام هو دين السلام". وليس في ذلك القول في حد ذاته ما يدعو للدهشة أو التكذيب، فالمفروض أن تكون "الأديان" أديان سلام. ولكن الملاحظ أن هذا القول يأتي سريعاً صارخاً مدوياً في آذان العالم من المسلمين وقادتهم ودعاتهم وحكامهم وإعلامهم بعد كل مصيبة مريعة إرهابية دموية غير إنسانية تخترق قلب العالم الغير إسلامي (والإسلامي) على يد مسلمين!! هي جملة "دفاعية" ترفع شعار أن "الإرهابيين أقلية لا تمثل الإسلام" وأن الغالبية العظمى من المسلمين "لا يريدون سوى أن يعيشوا في سلام".
أقول أن تلك الأقلية الإرهابية التي يدعون أنها لا تمثل الإسلام، هي "قِلـَّـة" فعلا بالنسبة إلى تعداد المسلمين بالعالم. ولكنها فعلا وبلا أدنى شك تمثل الإسلام والمسلمين!!! فمن يدفعهم هم شيوخ الإسلام وأئمته وفقهاؤه ودعاته، يبذرون في عقولهم ما جاء بالنصوص من تعاليم القتال والقتل والعنف والإرهاب ويبثون النبذ والتمييز والبغضاء في نفوس وقلوب الأطفال والنشأ وطالبي العلم وطالبي الشهرة والمرتزقة الذين لا عمل لهم إلا اتخاذ الإرهاب "مهنة مُربِحة مثرية". وتمَوّلهم بسخاء دولٌ مسلمة وهابية الفكر والعقيدة بأموال البترول من شبه الجزيرة العربية ودول الخليج.
والحقيقة هي أن تلك "القِلـَّـة" الإرهابية الدموية وهي عشرات وعشرات وربما مئات من الجماعات المتطرفة الفكر والعقيدة، مختلفة الأسماء ومتحدة الهدف، ومن خلفهم حكومات ومؤسسات تغذيهم بالفكر والنَّص وتمولهم بالمال والسلاح. هما، معاً، يمثلان القوة الدافعة التي تتحكم في تحركات الإسلام على المسرح العالمي وتبدي صورته وصورة المسلمين في نظر العالم، بل وتقرر مصيره ومصيرهم في المستقبل. ومن يظن أن ذلك يدعو للتفاؤل فهو مُخدَّر واهمٌ فلا مستقبل لإرهاب ولا لإرهابي.
هذه القِلـَّـة العنصرية الدموية (تدفعها حكومات ومؤسسات إسلامية بشبه الجزيرة) تقوم بالمذابح الممنهجة والتفجيرات والاغتيالات في العالم المسيحي وغيره من كل بقاع العالم كالصين والهند والفليبين وشرق آسيا وأفريقيا ودول الشرق الإسلامي جميعاً. هذه القِلـَّـة تنمو وتستشري كالنار تدريجياً يوماً بعد يومٍ، تغتصب مسجداً بعد مسجدٍ، ومنبراً بعد منبرٍ، وفضائية بعد فضائية، وصحيفة بعد صحيفة. تحث أذنابها على التفجير والقتل والرجم وتطبيق الحدود والاستشهاد الانتحاري وإستبدال القانون المدني العادل بأحكام الشريعة العنصرية المتعصبة. كل ذلك بتغافل أو تضامن الحكام في البلاد الآمنة، وفي غفلة من الأغلبية المسلمة المسالمة التي "لا تريد سوى أن تعيش في سلام".
وبلا شك أن ملايين وملايين من المسلمين لا يريدون سوى أن يعيشوا في سلام. وهم أغلبية المسلمين فعلاً. هم العاملون في صمت، الشرفاء الكادحون المنتجون الذي يشغلهم "أكل العيش" وتحصيل الرزق وحسن الجوار ورعاية أسراتهم وحماية أوطانهم. مشغولون بذلك عن التنقيب والتأويل والتمحيص الحَرفي في الدين وتعاليمه وفتاوي دعاته وتبرير السيء والعنيف من نصوصه. فالقول بأن الغالبية العظمى من المسلمين لا يريدون سوى أن يعيشوا في سلام هو قول به من الحقيقة كمٌ وافرٌ، ولكن ما يربطه بالحقيقة فعلاً هو خيط واهٍ لا قوة له ولا فاعلية في تطور الحركات الإسلامية العدوانية الممنهجة على المستوى العام.
وإذا نظرنا إلى الحركات التعسفية في العالم الحديث نجد أن الشعوب في غالبيتها مسالمة. فألمانيا، مثلاً، لم تكن نازية بصفة عامة. فئة ضئيلة من الشعب الألماني هي من اعتنقت صحوة النازية القومية حقيقة وهدفاً، ولكن كثيرون اغتنموا الفخر القومي نتاجاً لها. وكثيرون أكثر واكثر لم يهتموا وظنوا أن النازيين عصبة من الحمقى. فالأغلبية الألمانية العظمى اكتفوا بموقف المتفرج حتى فوجئوا بأن النازية تمتلك ألمانيا جميعاً، حكومة وجيشاً وشعباً. وإذ بالعالم كله شعلة من نار تحرق الأخضر واليابس. تحرق الصديق والعدو وحليف كل منهما!!
الأغلبيات الساحقة "المُحِبة للسلام" بألمانيا واليابان والصين وروسيا ورواندا وصربيا وأفغانستان والعراق وفلسطين وغزة واليمن والصومال وأفغانستان ونيجيريا والجزائر وغيرها، بالتزامهم الصمت أمام الحركات الإرهابية لم ينقذوا بلادهم منها. بل وقعوا ليس فقط في براثن الأقليات الإرهابية، بل وعانوا معهم من أعداء تلك الأقليات الإرهابية من داخل بلادهم وخارجها. ودفعوا الثمن باهظاً في حروب داخلية وخارجية مدمرة كلفتهم خسائراً جمة في الأرواح والمنشئات والاقتصاد والاستقرار والكرامة. وفي نهاية الأمر، كما انهارت النازية والشيوعية وكما تهاوى واندثر الهكسوس والمغول والتتار سينهار وسيندثر كل متطرف مغتصب متهور على الأبرياء المسالمين، مهما تستر تحت راية الدين ومهما كبَّر باسم الله مستغلاً له، فالله لا يحب القاتلين الظالمين.
في البلاد التي تبغي الحرية والاستقرار والسلام الحقيقي، لن يُجدي مجرد سماع كليشيهات طيبة من الأغلبية المُحِبة للسلام، ذاك الصوت الواهن الخافت المدغدغ للأعصاب والمخدر للنخوة والحيوية. بل يجب أن نركز انتباهنا لصوت الأقلية الإرهابية العنصرية التي تهدد أمان المواطنين واستقرار الأوطان وسلام البشرية. صوت الأقلية هو الصوت الوحيد الذي بخطورته وسلبياته ونقائصه وخطاياه له اعتبار ووزن يستدعياننا أن نتصدى له وللدول التي تدفعه وتموله. حتى لا يهدد مسيرة البشرية نحو الحياة السمحة المُحِبة للسلام حقاً.
للتاريخ، كما أوضحت عاليه، دروسٌ غالبا ما تكون بسيطة وصريحة بشكل لا يصدق، ولكن لقدراتنا على التبرير والتحليل وإيجاد الأسباب والأعذار، فكثيراً ما يغيب عن فكرنا أبسط وأوضح المواقف. لم يتعظ المسلمون المحبون للسلام في بلاد الشرق من دروس التاريخ فجعلوا من أنفسهم غير ذي قيمة فاعلية، بسبب صمتهم واستسلامهم وعدم تدخلهم في أمور بلادهم. ففي الشرق، وفي مصر خاصة، نبتت خلايا الأخوان المسلمين (ومثلهم السلفيين الوهابيين وغيرهما من الجماعات الإسلامية المتشددة، وهم جميعاً أقلية في تعداد المسلمين. نمت الأخوان المسلمين يوماً بعد يوم في غفلة من الأغلبية المسالمة حتى حكمت مصر. لولا أن الله حَبَا مصر بشعب واعٍ، فقامت حركة "تمرد" وساندها كل مواطن حر، وكانت السبب المباشر والمحرك الأول لثورة مصر ضد حكم محمد مرسي والأخوان التي انتهت بثورة 25 يونية 2013 العظيمة.
لولا حركة تمرد، التي مثَّلت ذراع الأغلبية المسالمة، لوجدت مصر نفسها (ولكان الشرق كله بعدها) لقمة سائغة بل مضغة سهلة في فم الأقلية الإرهابية. تماماً كما صارت ألمانيا نازية وإيطاليا بلشفية وروسيا شيوعية واليابان انتحارية. فحركة "تمرد" المصرية هي مثل عظيم لتحركات الأغلبية المسالمة ضد الإرهاب والإرهابيين.
ولكن... لن ينتهي الأمر بذلك.
فتلك كانت معركة انتصرت فيها مصر. والعبرة ليست لمن يكسب معركة، بل لمن يكسب الحرب. وحرب الإرهاب الوهابية ضد مصر والعالم الحر بالغرب والشرق دائبة كامنة وقائمة مستمرة ولن يدرأ شرَّها إلا نزع أنيابها وجذورها بتنقية التعاليم الدينية من الشوائب الغير إنسانية والتخلص من كتبها العقيمة وكشف الدافعين لأفكارها والممولين لأعمالها.
ولكني أرى أننا بين شقيّ الرَّحَى. وهنا أقتطف فقرة رائعة موجزة من مقال تحليلي حديث للكاتبة الناضجة الأستاذة داليا عبد الحميد عن وضعنا الحالي بالشرق، تقول "فنحن كمنطقة مسلمة مأزومين برجال الدين وجمودهم وبعدهم عن دورهم الإصلاحي. وأيضا نحن محاصرين بالتطرف والإرهاب من جماعات مجرمة ترفع شعار الإسلام، وتتدرج من التقية للوصول للحكم إلي الإرهاب المتبجح والعلني للدولة والمجتمع والفرد ولكل من يقاومها ويخالفها فكرياً وعملياً." وختمت مقالها قائلة " فإذا لم تنتبه البشرية للواقع الحالي، فسيظل التطرف طرف حَيّ، لن نستطيع القضاء عليه. سيختبئ ويختفي وسيعود بوجه القبيح من وقت لأخر من مكان لآخر"
فحذار أن تلزم الأغلبية المُحبة للسلام بمصر الصمت فالغول ما زال متربصاً على الأبواب، في حنايا الأجهزة الحكومية والشعبية، وفي النقابات والجامعات، وفي مدرجات ودهاليز الأزهر ومناهجه، وفي السماح بوجود حزب النور السلفي الوهابي في الساحة السياسية بين أحزاب مصر!!!!!
مهندس عزمي إبراهيـم

هل هي الحرب أم لعبة حافة الهاوية؟/ راسم عبيدات

لم تكن عملية إغتيال الشهداء يحيى عياش وصلاح شحاده وابا علي مصطفى صدفة من حيث التوقيت،كذلك هي عملية استهداف مجموعة  القيادة الميدانية لحزب الله في القنيطرة السورية،لم يأتي توقيتها صدفة،بل هي جاءت في إطار الإعتبارات والصراعات الإنتخابية الداخلية الإسرائيلية،فتداعيت الحرب العدوانية على غزة وتوجه السلطة الفلسطينية وإنضمامها الى محكمة الجنايات الدولية،وإنسداد الأفق السياسي،وتدهور الوضع الأمني،عمقت من جراحات نتنياهو،وبالتالي لن تمكنه من العودة الى رئاسة الحكومة الإسرائيلية مرة أخرى،ولذلك جرياً على عادة كل الزعامات الإسرائيلية،المسكونين بهاجس ووهم القوة والإيغال في الدم الفلسطيني والعربي،وتكثيف الإستيطان وزيادة حجمه ووتائره،من اجل كسب ثقة الجمهور والناخب الإسرائيلي،وحصد المقاعد في "الكنيست" البرلمان الإسرائيلي والحكومة،يعتقد نتنياهو بأنه لا بد من مغامرة عسكرية او عملية نوعية،تجعل الإسرائيليين يستعيدون الثقة به وبحزبه "الليكود" وتحقق له طموحاته بالعودة لرئاسة الحكومة،وفي تقديري بأن هذه العملية لن تقود نتنياهو الى رئاسة الحكومة الإسرائيلية،بل ستقوده نحو المزيد من الفشل والأزمات،وقد تلقي به الى خارج الحلبة السياسية،او لربما نحو المساءلة والمحاكمة،إذا ما تدحرجت الأمور الى حرب إقليمية إرتباطاً بتطورات الأوضاع في الساحتين اللبنانية والسورية والملف النووي الإيراني.والجميع يتذكر كيف قادت مجزرة قانا اللبنانية بشمعون بيرس الى الفشل والسقوط،وكذلك فعلت مجزرة صبرا وشاتيلا بشارون.

اسرائيل منذ حربها العدوانية على المقاومة اللبنانية وحزب الله في تموز/2006،والتي خاضتها بالوكالة لأول مرة عن الولايات المتحدة الأمريكية،لخلق وولادة مشروع الشرق الأوسط الكبير،بلغة وزير الخارجية الأمريكية انذاك "كونداليزا رايس"،وتمريغ حزب الله لأنف جيشها الذي لا يقهر في الوحل،ومن ثم الحروب العدوانية الثلاثة التي شنتها على شعبنا ومقاومتنا الفلسطينية في قطاع غزة(2008-2009) و(2012) و(2014)،أثبتت ان اسرائيل وجيشها لم تعد قادرة على تحقيق الإنتصارات أو صنع ما يسمى بالسلام وفق رؤيتها وشروطها،ومع التطورات العاصفة في المنطقة،بعد ما يسمى ب"ثورات الربيع العربي"،والتي كانت اسرائيل وحلفائها العرب من مشيخات النفط والكاز على وجه الخصوص،وجماعة التتريك،تراهن على أن تتحول اسرائيل الى اللاعب الأول والمسيطر في المنطقة،وان تحظى السعودية وتركيا على وجه الخصوص بمكانة إقليمية ودولية مميزة على حساب ايران وسوريا في المنطقة،ولكن جاءت التطورات على غير إرادتهم وحساباتهم،فالنظام السوري لم يسقط،بل أصبح اكثر سيطرة على الأوضاع،وما يسمى بالمعارضة المعتدلة تلاشت وذابت،ولم يتبقى منها سوى المقيمين في الفنادق الغربية الفاخرة،والذين لا يمتلكون أي تأثير على الوضع الميداني في سوريا،وبقيت عصابات "داعش" و"جبهة النصرة"،والتي يتجه النظام لحسم معاركه معها،وبالتالي احلام اسرائيل بإقامة حزام امني  يمتد من الجولان السوري وحتى مزارع شبعا اللبنانية تديره تلك العصابات على غرار جيش لحد الذي انهار في الجنوب اللبناني تبددت،وكذلك حزب الله إنشغالاته في الحرب على المقاومة وسوريا،لم تضعف من قوته وقدراته وإمكانياته،وكذلك ايران في طريقها الى عقد إتفاق نهائي مع امريكا والدول الصناعية الخمس الكبرى حول ملفها النووي ورفع العقوبات عنها.

وقد اتى الهجوم الاسرائيلي واغتيال قيادات من حزب الله في القنيطرة بعد ثلاثة أيام من تصريحات الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله،والتي اعتبر فيها أن الهجمات الإسرائيلية المتكررة في سوريا عدوان كبير،وأن سوريا وحلفاءها لهم الحق في الرد.

وكذلك كشف عن صواريخ ايرانية جديدة يمتلكها حزبه،بالاضافة الى قدرة قواته اجتياح شمال الاراضي الفلسطينية المحتلة ، والوصول الى القرى في الجليل .

اذا هذه العملية الإسرائيلية،هل من الممكن ان تتدحرج الى حرب إقليمية شاملة؟؟،ام تبقى في إطار  سياسة حافة الهاوية التي تديرها "اسرائيل"،لكي تفرض شروطها وتحفظ لها دورها ومكانتها،والتي واضح انها آخذة في التراجع؟؟ام ان هذه العملية جاءت رداً على مقابلة وتصريحات سماحة الشيخ حسن نصر الله لفضائية الميادين،حول جهوزية حزبه بالدخول الى الشمال الفلسطيني وتحريره،وإمتلاكه  لأسلحة استراتيجية  مخلة بما تسميه اسرائيل بالتوازن الإستراتيجي،وكذلك حديثه عن حق المقاومة وسوريا بالرد على الإعتداءات المتكررة على الأراضي السورية؟؟،وبالتالي اسرائيل ترى نفسها ملزمة بخوض حرب الآن،لكي  تقطع الطريق على كل التطورات الحاصلة في اكثر من منطقة في سوريا والحسم للرئيس بشار الأسد،والذي بات أي حل سياسي للأزمة السورية يجري تحت سقف قيادته وليس برحيله،وفي لبنان زيادة في قوة حزب الله العسكرية وإمتلاكه لأكثر انواع الأسلحة تطوراً وجاهزية حزب الله للمواجهة والمعركة،واتفاق ايراني مع امريكا والغرب حول ملفها النووي ،وتكريسها كقوة إقليمية رئيسية في المنطقة،ام ان العملية أتت في الإطار الدعاوي الإنتخابي الذي دأبت ودرجت عليه مختلف الأحزاب الإسرائيلية قبيل الإنتخابات الإسرائيلية،حيث ترى القيام بعملية نوعية ناجحة يحقق لها المزيد من المكاسب وحصد المقاعد على الصعيد الإنتخابي؟؟.

رؤيتي وقناعتي بأن  العملية الإسرائيلية جاءت،لكي تحقق اكثر من هدف،منها ما هو متعلق بالمجد والقيادة لنتنياهو و"الليكود" والأخرى لتحقيق ما ذكرته من اهداف.

الخلاصة «الإسرائيلية» هي أنه لا بدّ من قطع المسارات السوداء الآتية، ولو تضمّن الأمر حداً من المخاطرة، لا بدّ من التسخين في جبهة الجولان وصولاً لشيء يشبه القرار 1701 بدفع المنطقة إلى حافة الحرب، والاحتماء بقوة وجدية وحسم وراء 1701 سوري وآخر لبناني، والانكفاء وراء الجدران داخل فلسطين، والاحتماء بيهودية الدولة.

الأيام القادمة ستحمل الكثير من المفاجات  والتطورات،وستحدد وجهة تلك التطورات ومسارات التغيرات،وستبقى الساحة مفتوحة على كل الإحتمالات،.

كل التصريحات الواردة من بيروت تقول بأن حزب الله لن يهضم الضربة هذه المرة، وانه سيرد، والسؤال هو متى سيرد وبأي طريقة؟ بطريقة مدروسة وحذرة (مثل العبوات على طول الحدود) بهدف إيصال رسالة مؤلمة لإسرائيل بأنها من ناحية حزب الله قد اجتازت الخط الأحمر، ولكن في نفس الوقت بأن ليس من مصلحة التنظيم إشعال المنطقة، أم انه هذه المرة، وبسبب قوة الضربة، اغتيال جهاد مغنية ومرافقيه قد يجر الرد المنطقة الى مواجهة شاملة، ودائماً هناك إمكانية، وإن كانت بعيدة بأن يرد مثلما حدث عام 1992 بعد اغتيال قائده عباس الموسوي بأيدٍ إسرائيلية، وحينها كما هو معروف انتظر التنظيم شهراً واحداً، وبعدها فجر وبمساعدة مشغليه الإيرانيين مبنى السفارة الاسرائيلية في الأرجنتين، الحادث الذي خلف 29 قتيلاً، وبعدها بعامين فُجر أيضاً مبنى الجاليات اليهودية في الأرجنتين.

حركة الانقلاب الحمساوية/ سري القدوة

هي نفس اللغة التي تسوقها حركة الانقلاب والانقلابين في حماس من اليوم الاول لانقلابها في قطاع غزة منذ عام 2006 وحتي يومنا هذا حيث نسمع نفس الاسطوانة ونفس اللغة ولم يدركون بعد ان اهلنا في غزة يرفضون انقلابهم ويرفضون استمرارهم في الحكم .. 

وصلنا الي نقطة تشكيل ( حكومة التوافق الفلسطينية )  واليوم نصل الي تجميد عمل هذه الحكومة وقلنا بالأساس ان الهدف من تشكيل حكومة التوافق هو ادارة الانقسام وليس انهاء هذا الانقسام واليوم نشهد نفس المخطط للانقلاب علي حكومة التوافق ومحاولة حركة حماس علي تشكيل لجنة محلية لا دارة قطاع غزة علي امل ان تتمكن من دفع رواتب موظفيها .. 

ان قادة حماس  يذرفون دموع التماسيح على معاناة اهلنا في قطاع غزة بالرغم من ادراكهم أن اصغر طفل فلسطيني يعرف بانهم المتسببون بهذه المعاناة  من خلال اصرارهم على ابقاء سيطرتهم على غزة وتكبيل ايدي الحكومة وعدم السماح لها  ببسط  ولايتها على القطاع.

ان ما تقوم به حركة حماس مرفوض وشعبنا يرفض بالكامل الممارسات المتصاعدة التي ترتكبها قيادة حماس وخاصة اعاقة اي دور لحكومة التوافق الوطني ونشر الفوضى التى حدثت مؤخرا  بالبنوك العامة وضد مقر الحكومة الفلسطينية، و التهديدات، كل ذلك هو خلط للأوراق، و ما الدعوة الاخيرة التي اتت من حركة حماس حيث قاطعت 6 تنظيمات الاجتماع ، حيث جرى في هذا الاجتماع توجيه شتائم الى القيادة الفلسطينية، كل ذلك يأتي في سياق قطع الطريق على المصالحة والضغط على شعبنا، الذي يعيش في طقس سيء جدًا هنالك أطفال استشهدوا من جراء البرد القارس وان الدول المانحة تنتظر وحكومة التوافق الوطني لم تستلم شيء بخصوص الأعمار، كل ذلك يجري لحرف النضال الفلسطيني عن مساره، و ما يعانيه شعبنا من حصار في ظل ما تقوم به حكومة الاحتلال من احتجاز للأموال، كل ذلك يتطلب وحدة وطنية حقيقية ومسؤولية وطنية جادة .

ان حكومة التوافق الوطني تم تشكيلها بموافقة الجميع، وأي دعوة من حماس لاطار بديل هو انقلاب علي الموقف الوطني الفلسطيني ومنظمة التحرير الفلسطينية . 
ان حكومة التوافق الفلسطينية  هي حكومة الكل الفلسطيني ويجب اعطائها كل الامكانيات لأعمار غزة، بعد حرب الإبادة التي حصلت على غزة، وتدمير و قتل و تشريد شعبنا، كل ذلك بحاجة الى عمل حاد ومسؤول من قبل الكل الفلسطيني . 

ان عدم تمكين الحكومة من استلام المعابر واعادة الموظفين الشرعيين الى وزاراتهم ومنع الحكومة من بسط سيطرتها الامنية على القطاع هو السبب في استمرار معاناة اهلنا في القطاع  ، بالرغم من كل ذلك فان الرئيس ابو مازن وحكومة الوفاق الوطني اصروا على طرق كل ابواب العالم من اجل اعادة الاعمار وتوفير السكن الملائم لمئات الالاف من ابناء شعبنا الذين هدمت منازلهم في مغامرات حماس وحروبها الا وطنية ، خدمة لا هداف التنظيم الدولي لجماعة الاخوان وخدمة لمحاور اقليمية ولمصالحها الضيقة.

ان  من يعتدي على الوزراء كما حصل مع وزير الصحة ويحاصرهم في مقرهم كما حصل في اجتماع الحكومة الاخير او في الفنادق كما حصل مع وزراء الضفة ويرسل لهم رسائل تهديد يومية ويفجر المنازل ويسطوا على البنوك والشركات ويجبي الضرائب غير القانونية هل يكترث بمعاناة اهل غزة ؟

ان حماس  لم تكن تريد من حكومة الوفاق ولا تريد منها سوى ان تتحول الى صراف الي وبنك يصرف المال لموظفيها ويعفيها من اي مسؤولية مالية تجاه اهلنا في القطاع من دون ان تتنازل عن تفردها في حكم غزة.

أن تاريخ حماس وممارساتها والتصريحات اليومية المسمومة والحاقدة لقادتها تثبت أن هذه الحركة  لا تستطيع العيش  والاستمرار الا في ظل حالة انقسامية، حيث المسرحية الهزيلة  التي استخدم فيها قادة حماس منبر المجلس التشريعي المغتصب  في غزة ، وبدلا من ان يكون هذا المنبر ، منبر وحدة يبث خطابا وطنيا ايجابيا ، حولته حماس الى منبر  يبث احقاد وسموم قادتها الذين تباروا  الواحد  بعد الاخر على مهاجمة  الرئيس محمود عباس وحركة فتح وحكومة الوفاق الوطني ملتقين مع قادة الاحتلال الاسرائيلي بنفس الخطاب ونفس اللغة التحرضية .

اننا هنا نتساءل ونقول لماذا لم نسمع من اي مسؤول حمساوي أي كلمة  ضد دولة الاحتلال التي تحجب اموال الشعب الفلسطيني؟، لماذا لم يتحدث هؤلاء  عن  عملية استهداف المسجد الاقصى و تهويد القدس والاستيلاء على الارض الفلسطينية  في كل دقيقة تمر اين هم من المعركة السياسية التي يخوضها الرئيس والقيادة الفلسطينية الوطنية والشعب الفلسطيني من اجل انهاء الاحتلال وبناء الدولة الفلسطينية.

اننا اليوم ندعو جميع الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني الفلسطيني الي الوحدة والحرص واليقظة ودعم الخيار الوطني الفلسطيني في اطار المؤسسات الشرعية الفلسطينية مؤسسات الشعب الفلسطيني التي باتت تتعرض الى اكبر مؤامرة من اجل سرقتها وتشويه صورتها وان نعمل جميعا من اجل حماية منظمة التحرير الفلسطينية صوت الشعب الفلسطيني وصوت من لا صوت لهم ... من اجل حماية شعبنا وحماية المشروع الوطني الفلسطيني ومن اجل وحدة فلسطين وضمان قيام الدولة الفلسطينية.

أن خيوط المؤامرة باتت واضحة فتصريحات وزير خارجية الاحتلال ليبرمان بضرورة التخلص من الرئيس عباس ، ستنفذ بأيدي فلسطينية ، ايدي اصحاب نهج الانقلاب والانقسام والمؤامرات في الساحة الفلسطينية ، فهذا  التناغم بين تصريحات وافعال حماس مع مواقف قادة الاحتلال الاسرائيلي، لأكبر دليل علي  أن مؤامرتهم ستفشل على صخرة صمود ووعي جماهير شعبنا.

في ظل هذا التشابك الواضح والمشهد السياسي اليوم نرى لا فرق بين ليبرمان والبردويل فكلاهما يلتقيان ضد الفلسطيني الذي يطالب بحقه ويسعي الي تحقيق حلم الدولة الفلسطينية .. البردويل يصر علي الانقسام واحتفاظ حماس بقطاع غزة اما ليبرمان يصر علي عدم اقامة دولة فلسطينية واستمرار الوضع كما هو عليه .. 
هذا هو واقعنا للأسف ولا يوجد فرق بين هؤلاء الذين يتطاولون علي الحق الفلسطيني ويصرون علي استمرار تدمير المشروع الوطني واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ..

لنعمل جميعنا من اجل اجهاض مشروع حماس الانتقلابي الجديد في غزة .. والتصدي وافشال مؤامرة ( ادارة قطاع غزة ) المزعومة .

ان جماهير شعبنا وقواه وفصائله الوطنية، مدعوه اليوم  الى الوقوف صفا واحدا في وجه هؤلاء الانقلابين  وابلاغهم رسالة واضحة وصارمة  أن عهد الانقسام  قد انتهى، وان الشعب الفلسطيني لديه معركة واحدة ومصيريه وهي مع الاحتلال الاسرائيلي من اجل حريته واستقلاله.

رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين

الهموم المعيشية والقضايا الاجتماعية أساس البرامج الانتخابية الإسرائيلية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

يوماً بعد آخر يقترب موعد الاستحقاق الانتخابي التشريعي الإسرائيلي الذي سيتم يوم السابع عشر من شهر مارس/آذار القادم، بينما تستعر الحملات الانتخابية، وتتزايد البرامج التعريفية بالمرشحين الجدد والقدامى، وتتزاحم الشخصيات وتتنافس الأحزاب، وتتعدد البرامج والرؤى، وتكثر الوعود، ويرتفع مستوى التعهدات، وتضطرم بورصة الترشيحات بأسماء مختلفة، وشخصياتٍ عديدة.
حيث رصدت الجهات المتابعة للحملة الانتخابية خروج وانسحاب عدد من الرموز الإسرائيلية القديمة، المعروفة في الأوساط السياسية والعسكرية والأمنية، وغيابها عن مسرح الحياة العامة، لصالح مرشحين جددٍ، لم يكن لهم أدوارٌ سابقة، وليس لأسمائهم هذا الحظ الوافر من السمعة والشهرة، ولكنهم يعدون بالفوز، ويتعهدون بالتغيير، ويؤكدون أنهم الأنسب للمرحلة، والأقوى على مواجهة التحديات والصعاب التي يمر بها كيانهم، وتواجهها المنطقة خاصة والعالم عموماً.
ربما تكون نتائج هذه الانتخابات التشريعية التي جاءت مبكراً، وفرضت كحلٍ لمشكلةٍ، والتفافٍ على تكتلٍ معارضٍ، شعر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بخطورتها على أدائه، وأثرها السيئ على شخصه، وتأثيرها المباشر على السياسات الداخلية والخارجية لكيانه، فأراد أن تكون الانتخابات هي الحل للمشكلة، والوسيلة المشروعة للطرد والإقصاء، والطريقة المثلى لتحديد الأوزان والأحجام، وتأييد أو معارضة السياسات التي حاول بعض الوزراء المشاكسين فرضها عليه.
لهذا نشط المرشحون في طرح برامجهم، والتعريف بأنفسهم، وتسليط الضوء على رؤيتهم للمستقبل، التي بدت مغايرة للتوقعات ومخالفة للمألوف في مثل هذه الانتخابات، إذ كانت الهموم المعيشية والقضايا الاجتماعية هي الموضوع المشترك في البرامج الانتخابية المختلفة، وقد طغت كثيراً على الجانب الأمني والسياسي، حيث يبدو أن جميع المرشحين يتفقون ولا يختلفون على ضرورة تفوق كيانهم، واستعلاء جيشهم، وطول ذراع أجهزتهم الأمنية، وبطش مؤسساتهم العسكرية، في مواجهة أي تحدياتٍ محلية أو خارجية، وآنية أو مستقبلية. 
كما لا اختلاف عند المرشحين حول قضايا وحدة الصف الإسرائيلي، وأمن وسلامة المجتمع، واتفاق القيادة السياسية والعسكرية والأمنية على وجوب تحدي العقبات، ومواجهة الصعاب، لينجو كيانهم من التحديات والمخاطر، ويبقى قادراً على الصمود والثبات، والوجود والبقاء، فلا يهدد وجوده جيشٌ آخر، ولا تربك أمنه وتقلق مستوطنيه عملياتٌ عسكرية تقوم بها قوى مقاومة مختلفة.
ويتفق المرشحون اجماعاً على ضرورة الحفاظ على التحالف القائم مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعدم التفريط فيها أو التهاون بشأنها، وأهمية الانتباه إلى خطأ الرهان على حلفاء آخرين غيرها، فهي الحليف الأقوى والأصدق، وهي الأكثر ثباتاً واستقراراً، والأكثر تفهماً وتأثيراً، فلا يجوز التهديد بالبحث عن غيرها، ومناصرة خصومها أياً كانت القوى الأخرى المراهن عليها، فهي يمكن أن تكون إضافة استراتيجية، لكنها لن تكون بديلاً على كل الصعد السياسية والعسكرية والأمنية، التي هي عماد العلاقة الاستراتيجية بينهما.
لكن هذا لا يعني أنه لا يوجد من بين المرشحين متطرفون في آرائهم، ومتشددون في مواقفهم أكثر من غيرهم، وإن كانوا يتفقون مع غيرهم في أصل المواقف، وثوابت السياسة، لكن هذا لا يمنع وجود برامج ترانسفير العرب، وهدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل مكانه، وتوسيع الاستيطان، وزيادة وتيرة مصادرة الأراضي العربية، وبناء المزيد من المستوطنات، وتوسيع القائم منها، ورفض السلام مع الفلسطينيين، وعدم الاعتراف بهم كشريكٍ أو أصحاب حقٍ، فهذا الفريق من المرشحين الذين ينتمون في الغالب إلى الأحزاب اليمينية المتشددة، والدينية المتطرفة، لا يغيبون عن مسرح الانتخابات، ولا يقايضون مواقفهم العقدية والقومية المتطرفة، بمصالح ومنافع آنية، ولو كانت قضايا اجتماعية معيشية ملحة.
لما كانت القضايا السياسية والعسكرية والأمنية محل اتفاقٍ غالبٍ بين الإسرائيليين، فقد احتدم التنافس بين المرشحين على استعراض الهموم المعيشية والقضايا الاجتماعية، التي يرون أنها ميدان التنافس ومضمار السباق، وهي العناوين التي تجذب المؤيدين، وتمايز بين المرشحين، ومنها قضايا الرفاهية والضمان الاجتماعي، والأسر الشابة والمسكن الأول، والضرائب وفرص العمل ومحاربة البطالة، وتثبيت برامج غلاء المعيشة التي ترتبط بجداول الأسعار المتزايدة، ودعم المدارس الدينية، واعفاء طلابها من الخدمة العسكرية، والاهتمام ببرامج الإنماء المتوازن، ومعالجة سياسات الحظر الأوروبية على بعض المنتجات الإسرائيلية، والملفات الضريبة المتعلقة بالدخل والقيمة المضافة، التي تؤثر على حياة الأفراد، وتعطل بناء الأسر الجديدة.
كما يشعر المرشحون للانتخابات أن الشارع الإسرائيلي غير راضٍ أو سعيد بأن يجر بالقوة ودون استشارته إلى صناديق الانتخابات التشريعية بعد أقل من سنتين على الانتخابات الأخيرة، وأن يدفع للتصويت والمشاركة في معركة نشبت بين أقطابٍ سياسية وحزبية على خلفياتٍ شخصية، ومنافع فردية، ورغبةٍ ذاتية في الانتقام والثأر من بعضهم، بأيدي الشعب، وأصوات المواطنين، دون أن يكون للمواطن في برامجهم الانتخابية ما يلفت نظرهم، ويسترعي انتباههم، أو يعوضهم عن مشاركتهم كأدواتٍ مؤقتةٍ في معركةٍ قد لا يستفيدون منها كثيراً، بل قد تنعكس نتائجها سلباً عليهم، لهذا كانت القضايا المطلبية الشعبية والاجتماعية تتصدر البرامج الانتخابية، وتسبق غيرها في الأولوية والاهتمام، علها تجذب الأصوات أكثر، وتؤثر في آراء الناخبين بما يجعل التغيير ممكناً، ويزيد في فرص فوز مرشحين جدد ممن يحملون برامج اجتماعية متقدمة. 
يدرك الإسرائيليون أنهم يواجهون تحدياتٍ اجتماعية كثيرة وخطيرة، وهي إن استفحلت وتعمقت، وتجذرت واستشرت، فإنها قد تهدد المستقبل الوجودي للكيان الصهيوني، ذلك أنها عوامل قوة في حال وفرتها، وعوامل هدمٍ وضعفٍ في حال غيابها، وقد تكون آثارها ونتائجها أشد من المعارك وأبلغ من الحروب، لأثرها المباشر على السكان في الداخل، وعلى الحلفاء والممولين في الخارج، وعلى مصادر الدخل والإمداد الاستيطاني، الذي يردف الكيان بالسكان، ويربط اليهود بالأرض، وهو ما انتبه إليه المرشحون في الانتخابات التشريعية، علماً أن من بينهم سيدات أعمال، ونساءٌ شاباتٌ يتميزن بالجمال، ويهتمن بالموضة والأزياء، ويعرن السرة والطفل اهتماماً أكبر، وغيرهن من المنتسبين الجدد إلى الأحزاب الإسرائيلية المختلفة، الذين يتطلعون للفوز من مواقعهم، وانطلاقاً من برامجهم، لكن من المؤكد أنهم جميعاً يتطلعون إلى بقاء كيانهم، وشطب الفلسطينيين وطردهم من أرضهم، وحرمانهم من كل حقوهم.

أول مذيع تلفزيوني خليجي .. كان سعوديا/ د. عبدالله المدني

في شهر فبراير القادم ستحل الذكري الثانية لرحيل أول مذيع تلفزيوني خليجي. ففي ذلك الشهر من عام 2012 انتقل إلى رحمة الله تعالي في مدينة الخبر بشرق السعودية عن عمر ناهز التسعين عاما رجل كانت له تجربة فريدة ومتميزة في التعليم والمغامرة والكفاح من أجل الصعود الوظيفي والاجتماعي والثقافي. فقد كان كبير موظفي شركة الزيت العربية الأمريكية (أرامكو)، وكبير مذيعي محطتها التلفزيونية في الخمسينات والستينات من القرن العشرين، وواحدا من أوائل معليمها ومدربي موظفيها، ورؤساء قسم العلاقات العامة فيها. إلى ذلك عـُرف عنه أنه مصور محترف، وصاحب تجربة في الأعمال الخاصة كالمقاولات وتأجير العقارات والسيارات، وفي سيرته أيضا مساهمته في الصحافة المحلية من خلال مشاركته لآخرين في تأسيس أول صحيفة يومية تصدر في المنطقة الشرقية بصورة منتظمة وحديثة. إنه المرحوم فهمي بصراوي الذي لا يمكن لأي مؤرخ إعلامي أن يتجاوزه أو يقلل من شأنه ودوره في بدايات الإعلام المرئي في المنطقة العربية عموما.
لم يُكتب الكثير عن بصراوي على الرغم من الدور الهام الذي لعبه في حقلين من الحقول التي أولتهما شركة أرامكو عنايتها الخاصة وهما: حقل تعليم موظفيها العرب اللغة الانجليزية، وتعليم موظفيها الأجانب مباديء اللغة العربية، وحقل انتاج برامج تلفزيونية محلية تلبي أهداف التثقيف والتوعية والترفيه بأسلوب متميز وسلس. ولإلقاء الضوء على شخصية الرجل، ومسيرته العملية والعلمية مع أرامكو منذ إلتحاقه بها، والأعمال التي أنجزها للأخيرة حتى تاريخ تقاعده وانصرافه إلى العمل الخاص سنعتمد فيما يلي على مقابلة مطولة أجراها الصحفيان صالح المهنا و أحمد المحبوب لصالح جريدة "اليوم" الصادرة من الدمام، والتي قامت بنشر اللقاء على حلقتين في الرابع عشر و الحادي والعشرين من نوفمبر 2002 أي قبل عشر سنوات من وفاة الرجل.
ولد فهمي يوسف أحمد بصراوي في المدينة المنورة في عام 1922 ، لأب كان يعمل كاتبا في شرطة المدينة المنورة، وأم من أصول سورية كان جل إهتمامها منصبا على مطبخها وتربية إبنتها وأبنائها الأربع (أنور وفريد وفهمي وبهجت) تربية صالحة. تلقى بصراوي دراسته الإبتدائية في المدرسة الأميرية (الحكومية) بالمدينة التي تخرج منها محققا المركز الثالث على مستوى السعودية.
أراده والده أن يعمل في التجارة خلافا لإخوانه الذين التحقوا بالعمل الحكومي كعسكريين ودبلوماسيين، ففتح له في المدينة دكانا لبيع الأقمشة. لم يستهوه هذا العمل، لكنه استمر فيه لمدة عام ونصف إرضاء لوالده. وتشاء الأقدار أن تنتقل الأسرة من المدينة إلى جدة بسبب تعيين ربها موظفا في القسم العدلي هناك، فيتوقف عمل فهمي بصراوي بالتجارة تلقائيا، ويستبدلها بالعمل موظفا لدي شرطة جدة. في هذه الوظيفة عمل الرجل لمدة عام واحد فقط براتب شهري قدره ستون ريالا، استقال بعدها بحثا عن وظيفة تدر دخلا أفضل ، خصوصا وأن والده كان قد تقاعد من العمل بالشرطة، وقرر السفر إلى القاهرة لملازمة إبنه الأكبر (أنور) الذي كان يدرس هناك، حيث طاب له المقام في مصر وقرر العيش فيها على مدى 38 سنة حتى تاريخ وفاته.
حينما كان في العشرين من عمره بدأ بصراوي أولى خطواته نحو المجد متكلا على الله وثقته بنفسه وقوة عزيمته، حيث لفت نظره إعلانا منشورا في جريدة "أم القرى" التي اشتراها بقرش واحد بدافع ابعاد بائع الجرائد وصخبه عن مكان جلوسه مع صديق له من مصر في أحد مقاهي مدينة جدة. كان الإعلان عن طلب شركة أرامكو (كان إسمها وقتذاك "كاليفورنيا أرابيان كومباني") موظفين ومعلمين من الجنسية السعودية للعمل لديها. وفي هذا السياق يخبرنا بصراوي قائلا: "قرأت الإعلان أكثر من مرة، وأعطيته لزميلي. بعدها إتفقنا معا أنْ نتقدم بطلب لمكتب الشركة بجدة، وذهبنا في الحال، واجتمعنا بمندوب الشركة وكان امريكيا لا يعرف اللغة العربية وأنا لا أعرف اللغة الإنجليزية فأنقذني زميلي المصري الذي كان يجيد الانجليزية". وهكذا تمت المقابلة والموافقة على تعييني في الشركة.
خطوته التالية كانت التصرف بيعا في أغراض والده المهاجر من أجل تدبير نفقات سفره من جدة إلى الظهران، حيث كانت الرحلة في تلك الأيام مكلفة ومحفوفة بالمخاطر وتتطلب الشجاعة والاقدام. وآية ذلك أن الرجل انتقل أولا من جدة إلى الرياض على ظهر شاحنة محملة بأكياس الحبوب، ومن الأخيرة إنتقل إلى الظهران على متن شاحنة أخرى في رحلة استغرقت نحو 13 يوما بالتمام والكمال، فكانت تلك الأيام من أصعب الأيام في حياته على حد وصفه، لأن الطريق كان رمليا وعرا، فكانت السيارة ما أن تتخلص من عائق رملي حتى تقع في آخر أشد وطأة.
وعن مشاعره الأولية حول المدينة التي سيسطع نجمه فيها، ويقيم ويعمل ويتعلم بها سنوات عمره التالية، ألا وهي الظهران، المركز الرئيسي لأعمال شركة أرامكو، قال: "الظهران كانت بالنسبة لي تمثل العالم المجهول. وقفت مشدوها أمام ذاك اللهيب المتأجج المستمر من المنشآت، وذلك الضجيج المنبعث من الماكينات الضخمة، وتلك السيارات الضخمة التي تبعث في النفس الرعب. اخذت اتساءل ما سر هذا كله؟ هل كل هذا من أجل الزيت، وماهو الزيت؟. اسئلة كثيرة كانت تمر بخاطري ولا اجد لها جوابا، لكنني قلت لنفسي العجلة من الشيطان فأنا لابد انْ أعرف كل شيء مع مرور الزمن والايام".
وبالفعل بدأ بصراوي رحلة الألف ميل في تعلم الأشياء وفك شفراتها منذ اليوم الأول لعمله بادئا بدارسة اللغة الانجليزية التي لم يكن يعرفها، وذلك من خلال دروس مكثفة ليلا ونهارا، وتمارين ذاتية في ترديد المفردات وحفظها إلى الدرجة التي كان معها يكتب تلك المفردات على حيطان غرفة نومه المجاورة لسريره كي تكون آخر شيء يراها قبل نومه وأول شيء يصحو عليها.
أما عن عمله فقد تمّ تعيينه مدرسا تحت التدريب لمدة ثلاثة أشهر، تلاه ترقيته إلى وظيفة مساعد أستاذ لمدة سنة كان خلالها يدرّس اللغة الإنجليزية كمصطلحات للعمال السعوديين من كبار السن ويعلمهم أيضا اللغة العربية والحساب. بعد ذلك تمت ترقيته إلى وظيفة أستاذ التي استلزمت منه مهام عديدة في آن واحد مثل تدريس السعوديين صباحا، وتدريس العربية لأبناء الموظفين الأمريكيين بعد الظهر، وتدريس كيفية التخاطب بالعربية لموظفي الشركة الأمريكيين ليلا. ويفتخر فهمي بصراوي بأن وزير النفط السعودي المهندس علي إبراهيم النعيمي كان ضمن من درسهم يوم كان الأخير صبيا عاملا لدى أرامكو.
أما أول راتب شهري تقاضاه من أرامكو فقد بلغ 135 ريالا مع سكن مجاني في مجمع الموظفين السعوديين العزاب "سعودي كامب"، ثم إرتفع الراتب تدريجيا حتى وصل إلى 500 ريال وقت تقديم استقالته الأولى من الشركة في عام 1369 للهجرة (1950ميلادي). 
لكن بصراوي، رغم ذلك الراتب المتواضع، استطاع أن يكوّن مبلغا كبيرا من المال بمقاييس ذلك الزمن من خلال ممارسة هوايته المحببة في التصوير الفوتوغرافي. وملخص القصة، كما رواها بنفسه هو: "عندما جمعتُ بعض المال اشتريتُ آلة تصوير فوتوغرافية وبدأتُ في التقاط بعض الصور، ولم يكن يوجد حينها استديوهات تصوير فاحترتُ كيف اقوم بتحميض هذه الافلام فسألتُ احد الزملاء الامريكان ليرشدني الى الحل فاعطاني (كتالوج) فاعجبت بالعملية واشتريتُ ادوات التحميض من البحرين ونجحتُ في محاولتي الاولى وعندما شاهد بعض اصدقائي الصور اعجبوا بها كثيرا وطلبوا مني انْ أقوم بتحميض الصور الخاصة بهم مقابل مبلغ من المال فوافقتُ وبدأتْ تنهال عليّ افلام التصوير مما اضطرني الى انْ اشتري ماكينة تكبير الصور وبناء غرفة خاصة بالتحميض واستمر العمل معي لمدة ثلاث سنوات حتى اصبحتُ أقوم بتصوير الاشخاص الذين يرغبون في استخراج حفائظ النفوس أو بطاقات عمل وغيرها وكانوا يسمونها (عكوس) فجمعتُ من هذه الهواية مبلغا كبيرا من المال".
في عام 1950 قدم بصراوي استقالته من أرامكو، في وقت كان فيه الأخيرة قد رشحته ضمن تسعة موظفين للسفر إلى الولايات المتحدة من أجل التخصص في اللغة الانجليزية، وفي الوقت نفسه تدريس اللغة العربية لموظفي الشركة الأمريكيين هناك. أما أسباب الإستقالة فقد كانت مرتبطة باستعداداته للزواج من فتاة سورية تمت لصلة قرابة بوالدته، ورفض شركة أرامكو الاستجابة لطلب تقدم به حول منحه سكنا جديدا ضمن مجمع سكن العائلات المعروف بـ "سنيور ستاف". وكانت حجة الرفض أنّ الحصول على ذلك النوع من السكن مشروط بوصول صاحبه إلى درجة كبار الموظفين. ولعل مما زاد من إصرار بصراوي على ترك الشركة هو أنه حينما هددها بالإستقالة، أجابه رؤساؤه "هذا شأن يخصك".
إستقال بصراوي من أرامكو وحزم أمتعته عائدا إلى جدة، لكن لسوء حظه لم يعثر فيها على عمل، رغم محاولاته المتكررة، الأمر الذي دفعه إلى الإتصال بمكتب شركة أرامكو في جدة على أمل الحصول فيه على فرصة وظيفية ما. وبالفعل تم توظيفه من قبل مكتب الشركة في دائرة العلاقات الحكومية براتب شهري أعلى من راتبه في الظهران بمائة ريال فقط. غير أن بصراوي لم يمكث في هذه الوظيفة سوى عام واحد لأن رؤساءه قرروا ابتعاثه إلى بيروت للدراسة في الجامعة الأمريكية.
في بيروت واجهت بصراوي العديد من المشاكل، خصوصا لجهة القبول بالجامعة لأنه لم يكن يحمل سوى الشهادة الابتدائية، فيما القبول كان يتطلب شهادة الدراسة الثانوية (التوجيهية). لذا اضطر أولا أن يلتحق بقسم التحضير لشهادة دخول الجامعة، حيث درس مناهج ثلاث سنوات في سنة واحدة، تحمل خلالها الكثير من المصاعب والتحديات خصوصا وأن زوجته كانت ترافقه مع إبنته الوليدة مما اضطره ليكون طالبا وزوجا وأبا في وقت واحد. وعلى الرغم من تضاعف مسئولياته وواجباته العائلية بميلاد إبنته الثانية، وكثرة أعبائه الدراسية بدخوله الجامعة، فإن البصراوي أثبت لأساتذته وزملائه أنه شخصية طموحة تجيد فنون التحدي والالتزام، بدليل أنه تخرج من جامعة بيروت الأمريكية في عام 1955 بنجاح حاملا درجة البكالوريوس في الإدارة العامة، فيما لم يكمل بعض رفاقه المبتعثين دراستهم وعادوا من حيث أتوا دون شهادة.
ويعتز بصراوي كثيرا بدور زوجته ومؤازرتها له أثناء سنوات دراسته الجامعية. إذ قال عنها: "زوجتي كانت معي خلال فترة الدراسة منذ عام 1951م ولا أنسى مؤازرتها لي اثناء الدراسة في الجامعة حيث كنت اغادر المنزل الساعة الثامنة صباحا واعود للغداء ساعة واحدة ثم اعود للجامعة حتى الثامنة او التاسعة مساء وكانت تقوم بتربية الابناء وادارة شؤون المنزل وتأمين الحاجيات الضرورية لتترك لي الوقت الكافي لمواصلة الدراسة والتحصيل".
بعد عودته من بيروت حاملا الشهادة الجامعية بتفوق تمت ترقيته إلى مرتبة كبار الموظفين، وعين في وظيفة ممثل العلاقات الحكومية مختصا بإدارة علاقات شركة أرامكو مع الدوائر الرسمية السعودية في المنطقة الشرقية. وهي الوظيفة التي لم يستمر فيها بصراوي سوى سنة واحدة بسبب اقدامه على دخول مغامرة وظيفية جديدة مليئة بالتشويق والإثارة والشهرة. 
لم تكن هذه الوظيفة سوى العمل كبيرا للمذيعين في محطة تلفزيون أرامكو التي كانت وقتها (عام 1957) قد أطلقت بثها كثاني محطة تلفزيونية في منطقة الخليج من بعد محطة بعثة التدريب العسكرية الامريكية في قاعدة الظهران الجوية التي بدأت الإرسال في عام 1954 . وثالث محطة على مستوى الدول العربية وبلدان الشرق الأوسط من بعد محطة تلفزيون بغداد. حيث اختارته أرامكو لهذا العمل بسبب جملة من العوامل مثل تبحره الثقافي واللغوي، ومخارج ألفاظه السليمة، ناهيك عن طلته الجميلة الصالحة للشاشة الفضية. وبعد أنْ قضى الرجل خمس سنوات من عمره في هذا الجهاز (من 1957 إلى 1962) كموظف دائم في إدارته، حقق خلالها شهرة مدوية وجماهيرية واسعة بسبب تقديمه للعديد من البرامج التعليمية والتثقيفية والتوعوية ــ لا سيما برامج "تعلموا اللغة العربية" و"تعلموا اللغة الإنجليزية" و "تعلموا الحساب" ــ التي ساهمت في محو أمية عشرات الآلاف من سكان المنطقة الشرقية والخليج، تم نقله إلى دائرة العلاقات العامة لرئاسة قسم الشؤون العامة والخدمات، لكن دون أن تنقطع علاقته بالتلفزيون نهائيا.
ولعل من أهم البرامج التي قام بصراوي بإعدادها وتقديمها وتجهيزها من الألف إلى الياء برنامج المسابقات الشهير "المباراة الثقافية بين المناطق الثلاث". وهو برنامج كان يــُختار له ثلاثة أشخاص بالقرعة ليمثلوا مدن النفط الرئيسية الثلاث: الظهران وبقيق ورأس تنورة، ثم ليجيبوا على أسئلة متفاوتة الصعوبة بحسب جوائزها النقدية التي كانت قيمة أدناها 50 ريالا وقيمة أعلاها 200 ريال، علما بأن هذه المسابقة كانت جادة وبعيدة عن الاسفاف والأخطاء وتمرير الأجوبة للمتسابق أو منحه عدة خيارات للإجابة أو إعطائه وقتا إضافية فوق الوقت المقرر، وغير ذلك مما نشاهده اليوم في برامج المسابقات من مساخر ترفع ضغط المشاهد. 
لم يعمل بصراوي كمقدم ومعد للبرامج فقط، بل عمل أيضا في دبلجة الأفلام والمسلسلات الأمريكية التي دأب تلفزيون أرامكو على تقديمها كل مساء، وحرص أن تصل إلى مشاهديه العرب بلغتهم الأم. وفي هذا السياق يتذكر بصراوي أنه وزملاءه كانوا يضطرون لتقليد أصوات النساء أثناء عملية الدبلجة لعدم وجود كادر نسائي في صفوفهم للقيام بالمهمة المطلوبة. غير أن هذا الكلام غير دقيق تماما لأن تلفزيون أرامكو ــ كما أتذكر ــ عمد إلى توظيف  المصرية "أمينة عفيفي" واللبنانية "ميري لدغة" لأجل هذا الغرض تحديدا منذ بدايات بثها، وفي وقت لاحق تم توظيف أخريات مثل الفلسطينية "حنان بسيسو"  والمصريتين "فاطمة الباز" و"فوزية تادرس" كمذيعات ومدبلجات ومقدمات برامج.
في نهاية عام 1976م قرر بصراوي الاستقالة من عمله مع أرامكو على إثر خلاف مع أحد المسئولين الأمريكيين، فطوى بذلك سنوات جميلة من عمره قضاها معلما ومدربا وطالبا ومذيعا وإداريا ومدبلجا ناجحا، بل أنه أثناء عمله في أرامكو عمل بالتزامن لمدة أربع سنوات في وزارة الإعلام السعودية ضمن لجنة الرقابة على الصحف والمجلات والكتب الواردة إلى المملكة. وكانت تلك اللجنة مشكلة منه ومن قاضي المحكمة الشرعية ومندوب من إمارة المنطقة الشرقية، وينحصر عملها في التدقيق في محتويات المجلات المصرية واللبنانية والامريكية لحذف ما يخالف سياسات البلاد وتقاليدها. وكان دور بصراوي في اللجنة مهما بسبب إجادته للغة الانجليزية وثقافته العامة الواسعة.
وإذا كان بصراوي يدين لشركة أرامكو بشهادته الجامعية وبروزه الوظيفي وشهرته ومجمل خبرته العملية، فإنه يدين لها أيضا بالعديد من الدورات الإدارية في الولايات المتحدة الأمريكيةالتي صقلت مواهبه في إدارة الأفراد وتحديث أساليب العمل وتطوير الأقسام الإدارية.
بخروجه من أرامكو إتجه بصراوي إلى الأعمال الحرة في وقت كانت فيها بلاده وكل الدول المجاورة تعيش مرحلة الطفرة النفطية. فبدأ العمل أولا في قطاع المقاولات والانشاءات، ثم عمل في مجال تأجير العقارات فمجال تأجير السيارات، ثم قام بالمساهمة في تأسيس شركة لصناعة الحقن الصناعية في الدمام.
وما بين عمله في أرامكو واستقالته منها، قام بصراوي بدور هام في تأسيس أول صحيفة يومية صادرة بانتظام من المنطقة الشرقية ألا وهي صحيفة "اليوم". وعن هذه التجربة يخبرنا قائلا (بتصرف): "أصحاب الفكرة الاولى لم يكونوا اعلاميين بل كانوا رجال أعمال .. ومن اوائل المؤسسين الشيخ حمد المبارك والدكتور عمر الـزواوي وزميل لي اسمه عبدالفتاح كابلي. كانت الفكرة الأولى ضرورة ان تكون في المنطقة الشرقية جريدة ناطقة باسمها كالصحف الصادرة في مناطق المملكة الاخرى. وكانت البداية اصدار أربع صفحات اسبوعية، وكنا نستأجر مطبعة مرة واحدة في الاسبوع وكانت نسبة رجيع الصحف كبيرة لقلة القراء في المنطقة الشرقية وقتذاك وكانت الطباعة مكلفة. واتذكر انه في بداية مساهمتنا دفع كل منا ما بين 5 ـ 10 آلاف ريال للتأسيس، وكان من ضمن المؤسسين الشيخ عبدالعزيز التركي مدير التعليم الأسبق الذي شغل منصب مدير عام دار اليوم وانا والاستاذ عبدالله ابونهية والاستاذ خليل الفزيع الذي ترأس التحرير وكان قبل ذلك محررا في الجريدة، ثم انضم شركاء جدد كثر من رجالات المنطقة المعروفين الامر الذي رفع من مستوى الجريدة عاما بعد عام".
بقي أن نعرف أن بصراوي أب لإبنتين وولدين هم: فادية، وهي متزوجة ومتخرجة من جامعة بيروت الأمريكية، وفاتن التي تعمل طبيبة أطفال، وغسان المصاب بالشلل، ومروان وهو مهندس مدني حاصل على بكالوريوس الهندسة من جامعة البترول والمعادن وماجستير من جامعة جورج واشنطون ويعمل في شركة أرامكو. 

عبارات الهامش:
كان كبير موظفي شركة أرامكو، وكبير مذيعي محطتها التلفزيونية في الخمسينات والستينات، وواحدا من أوائل معليمها ومدربي موظفيها، ورؤساء قسم العلاقات العامة فيها.
شارك مع آخرين في تأسيس أول صحيفة يومية تصدر في المنطقة الشرقية بصورة منتظمة وحديثة.
لعب دورا هاما في حقلين من الحقول التي أولتهما أرامكو عنايتها الخاصة وهما: حقل تعليم العرب اللغة الانجليزية، وتعليم الأجانب مباديء اللغة العربية، وحقل انتاج برامج تلفزيونية محلية تلبي أهداف التثقيف والتوعية والترفيه.
كان يكتب مفردات اللغة الانجليزية على حيطان غرفة نومه المجاورة لسريره كي تكون آخر شيء يراها قبل نومه وأول شيء يصحو عليها.
إنتقل من جدة إلى الظهران على متن شاحنتين في رحلة استغرقت نحو 13 يوما بالتمام والكمال، فكانت تلك الأيام من أصعب الأيام في حياته.
أول راتب شهري تقاضاه من أرامكو كان 135 ريالا مع سكن مجاني في مجمع الموظفين العزاب، ثم إرتفع الراتب تدريجيا حتى وصل إلى 500 ريال وقت تقديم استقالته الأولى من الشركة في عام 1950 .
استطاع أن يكوّن مبلغا كبيرا من المال في الخمسينات من خلال ممارسة هوايته المحببة في التصوير الفوتوغرافي، بعد شرائه للأدوات اللازمة من البحرين.
أهم برنامج تلفزيوني قدمه هو "المباراة الثقافية بين المناطق الثلاث". حيث كان يتم إختيار ثلاثة متبارين بالقرعة ليمثلوا مدن النفط الرئيسية الثلاث: الظهران وبقيق ورأس تنورة، في مسابقة ثقافية.