يَ بَلَـدْنا يَ إمِّ الـزَّيْـتـون/ د. نزيه قسيس


أغنية حُـب وحَـنـيـن من مُغـترب إلى بَلَدِه في مَـوسِم قـَطْف الزَّيْتون
*
يَ بَـــلَـدْنـــا ي إمِّ الـزَّيـتــــــــونِ 
فِ هَـــواكــــي قَـلْـبــي مَـجْـنـون
مَـهْـمـا زْعِـلْـتـي بْـتِـرْضـي عَـنَّي
وبِـتْـظَـــلـّـــي الإمِّ الـحَـــنـــــون!
*
يَ بَــلَـدْنـــا يَ زيــنِــــةْ لِــبْــــلاد
عَــن حُــبِّــك قَــلْــبــي مــا حـــادْ
إنْــتــي فــيــنــا وإحْـنــا فــيــكـي
لـــو كُــنّــا يَ بَــلَــدْنـــا بْــعــاد!
*
يَ بَــلَـدْنــا لَــو غِــبْــتِ سْــنـيــن
بــيــزيــد بْــقَــلــبــي الـحَــنــيــن
لا تْــلـومــيــنــي يـــا حَــنــونــي
وتْــقــولـي : تـارِكْـنـي لَـمـيـــن؟
*
يَ بَــلَــدْنــــا مِــش نــاســيــكــي
ومِــشْ نـاســي ذِكْــرى فــيــكـي
فــيــكـي قَـلْـبـي وفـيـكـي حُــبّــي
وأيّــامــي الــجـــايْ فـــيــكــــي!
*
يَ بَــلَــدْنــا فــيــكــي أهْــلـــــــي
وزَيْـــتــونــاتـــي فــي سَــهْــلــي
وفــيـكــي حَــبّـــات الــزَّيْــتـــون
ســامِـعْــهـــا عَــمْــتِــنْــدَهْــلــي!
*
يَ بَــلَــدْنـا فــي إلْــنـــا بـــيـــــتْ
فـيكـي ومــيــتْ خَــابـِــة زيـــــتْ
سْــــامِـعْـهـا بِــتْـنـادي سْــنــيــن 
يــا ريـــت تِــرْجَــع يــــا ريـــت!
*
يَ بَــلَــدْنـــا خَــمْـســيــن عـــــام
فــي الـغُـرْبـِــــه أزْرع أحْـــــــلام
وفــي كُـــل مــوسَـــم زيْــتــــون
جِــفْــنــي مــا بــيــعــودِ يْــنــام!
*
يَ بَــلَــدْنـــــــا يَ إمِّ الــزَّيْــتــونْ
شُــفْــتِ بْـــلاد بْــكُــلِّ الــكـــــونْ
وبَــعْــدو قَــلــبــي بِــــتْــمَــــنّــى 
يْــكــون فـي قَـلْــبِــك مَــدْفـــونْ!

اغتيال الطفولة/ سهى بطرس قوجا

تختال الطفولة مرارًا وتكرارًا، مرة من قبل الأهل عندما يغضون النظر عن كل تصرف وسلوك غير سليم يتبادر من أطفالهم في غير محلهِ وأيضًا عندما يهملونهم ولا يحققون مطالبهم واحتياجاتهم وهذه الأخيرة بالتأكيد قد تكون لها أسبابها هي الأخرى. لا ننسىّ المجتمع هو الآخر الذي يتفنن في الأساليب الغير الصحيحة وترويج للمفاهيم المغلوطة للكثير من الحالات الحياتية. ومرة من العالم برمتهِ والحروب التي تقام على أرضهِ، حروب أقل ما نقول عنها أنها ضد الإنسانية بكل ما تحملهُ في جعبتها من قتل وتشريد وحرمان وتهجير وتصفيات.  
عندما نذكر كلمة طفل وطفولة يتبادر إلى ذهننا الصفاء والنقاء والبياض والبراءة والزهور وبراعم الأشجار والربيع، هؤلاء الأطفال هم زهور هذه الحياة وقلب هذه الإنسانية وهم نبض حياة هذه الحياة. لكن في بعض البلدان ما هم سوى مُغتالين، مُشردين، جائعين، مظلومين، مُحتاجين، محرومين، مُتألمين، يتيمين، ضائعين، مُستغلين، غير أمنين، عنيفين، مُنحرفين، هاربين، متسولين، هيكل تسكنهُ الظلمة والذهول والدهشة والرعب ... الخ، بصحيح العبارة هم أطفال فاقدين طفولتهم ولا قيمة لكيانهم الصغير ... كيف ولماذا؟!   
الحرب عندما تخوض في أي بلد، أكيد لا يضعون في الحسبان كل شيءٍ ومن ضمنهم الأطفال، هؤلاء إشراقه المستقبل إذا غابوا غاب الوطن معهم ويكون مظلمًا وناقصًا! الحروب ليست محصورة فقط في أصوات القنابل والمدافع والرصاص وليست فقط في أطلاق الصواريخ من الطائرات وليست فقط في القتل المباشر والتدمير، بل هنالك تأثيرات أخرى نلمسها حينما تهدأ ثورة الحرب قليلاً، أنها الشلل الداخلي الذي يصيب كل مرفق في الإنسان ومن ثم البلد، أنها الجانب الآخر من الحرب ذات التأثير النفسي المُدمر الذي يُحاصر الفرد في نفسهِ ويمنعهُ من الانطلاق، واصلاً إلى مختلف الفئات العمرية دون استثناء وتحديدًا الأطفال الذين لا حول ولا قوة ولا إرادة لهم، يتعرضون للكثير من الصدمات النفسية الناتجة من هذه الحرب التي إن أعطيناها وصف قريب لها، نقول هي تلك المعصرة التي تقطر نِقطة نقطة في انتظار مُمللّ لا نهاية لهُ!       
الحرب تحل وتنتهي نعم، ولكنها لا تمرّ وكأنها زوبعة صغيرة في فنجان بلْ هي عاصفة تقلع كل ما يكون أمامها! حرب حولها يُثار الكثير من التساؤلات والكثير من المخاوف من المجهول التي هي الأخرى لا تعلمهُ؟! يضعون خطط للحرب وتوقعات لا تصلها بنسبة، ومن جانب آخر لا يلاحظون انعكاساتها أو يضعونها في الحسبان استنادا إلى حروب شنت قبلها. ما ذنب البراءة التي لا تملك صوتها ولا حياتها، فقط لها من الحياة بكائها وخوفها وفزعها وهروبها إلى حضن الوالدين، فكيف بالحروب وما تعجُّ به؟! وكيف بالطفل إذا خاف إلى من يلجأ إذا كانت الحرب قد خطفت الأب والأم ودمرت المنزل؟! شعورهم هذا لم يجربوه ولم يشعروا به لذلك لا يضعون في الحسبان كل هذه الأمور عندما يعلنون حربهم، وكل ما يكون حاضر في ذهنهم لحظتها هو كيف يبدؤن الهجوم وأي توقيت يكون مناسب لهم هم. وأكثر ما يهمهم هو تحقيق إستراتيجيتهم السياسية المنتهجة؟!     
الحرب فعلا طاحنة تطحن كل شيءٍ ومعهم البشر، حرب شريرة كذاك الوحش الذي يحمل في أحشائهِ الموت والقتل والمعاناة وإراقة الدماء ومختلف الأفعال البشعة التي تكون كقبضة اليدّ مُجتمعة تضرب وتخنق النفوس البريئة! عندما يقتل طفل في الشارع برصاص جندي أو يهدم المنزل عليهم وهم في داخلهِ، أو ملجأ بالكامل بما فيه يُدمر من نساء وأطفال رضع وشيوخ، فالطفل الناجيّ من بينهم مثلاً والذي أطلع بعينهِ وشاهد ذلك الموت الحيّ وذلك الرعب، فكيف ستكون نفسيتهِ وأي أثر بصم بصمتهِ في داخلهِ وأي حياة ستكون لهُ بعد ذلك وبأي صورة ستُعاش؟!
نسأل هنا هذا السؤال الذي طالما يتبادر إلى ذهني، الكثير من الندوات والمؤتمرات التي تقام من أجل إنقاذ الطفولة ومن أجل حمايتها، عندما تقام ويناقش فيها بأي حلول ونتائج تختتم مُناقشاتها؟! وربما قد يقول قائل:" هنالك حلول وقواعد للسير عليها توضع ولكن التطبيق الفعلي لها في الواقع لا يوجد"؟! فأين يكمن الخلل هنا، وما هي السبل الكفيلة للحدّ ولو قليلا من كل ما هو قائم في الحياة؟! الحروب لا تنتهي والحياة لا تنتهي، فهل هو صراع بين الحياة والحرب على الإنسان؟! أم هو صراع الإنسان مع الإنسان نفسهُ بالحروب؟! ويبدو أنهُ كذلك مع الأسف!
ويبقى أن نقول نصوص بنود حقوق الإنسان، القوانين الدولية، البروتوكولات، اتفاقية حقوق الطفل وغيرها، أين هي اليوم من التطبيق الفعلي؟! أين هي الحماية المنصوص عليها فيهم، وكيف تُصان الكرامة في ظلهم؟! أين هو الطفل والمرأة اليوم في ظل مختلف الممارسات الوحشية والحروب المدمرة؟! صور مؤلمة لضحايا تركت في نفسهم مشاهد لا الزمن ولا هو نفسهُ قادر أن يتجاوزها أو ينساها، صور باتتْ مطبوعة في الأذهان وراسخة في القلوب وتعيش فيهم بكل ما فيها، أنها نوع من الثقافة التي تغذي العقول والأذهان على العنف والقلق والخوف، أنهُ جيل كامل مُتمثل بهؤلاء الأطفال الذين سيكبرون وهم يعانون من مشاكل نفسية عميقة، لها تأثيرها السلبي مستقبلا على حياته ومستقبله ومستقبل بلده، طبعًا إذا تركت بدون علاج وبدون مساعدة على تجاوزها، وهذا صعب وصعب جدًا في ظل بلد مثل العراق طحنتهُ الحروب ومزقهُ العنف والتفرقة، وكذلك الحال مع فلسطين وسوريا ولبنان!  

قراءة في انتكاسة "الإسلام السياسي" في تونس/ راسم عبيدات

لماذا إنتكاسة "الإسلام" السياسي في تونس،هي اخطر من مثيلتيّها في مصر او ليبيا،رغم أن الحركة الأم في القاهرة،هي التي تمسك بقرار وقيادة الحركة،وأرثها  وتراثها وتاريخها هناك،ومرشدها العام،ومقدرات وإمكانيات الحركة ومؤدلجيها ومنظريها وفقهائها ومشرعيها؟؟؟
إنتاكسة حركة الإخوان المسلمين وذراعها في تونس،حزب النهضة برئاسة الغنوشي،كانت الأخطر لكونها جاءت من خلال إنقلاب سياسي ديمقراطي عبر صناديق الإقتراع،وهذه النتيجة كانت لحصاد فاشل على كل الصعد في حكم وإدارة البلاد،وعدم ترجمتها للشعارات التي رفعتها عندما تربعت على السلطة هناك، فهي من وعدت الشعب التونسي بإنتشاله من براثين الجوع والفقر والجهل،وحل أزماته الإقتصادية والإجتماعية،وبدلاً من تحقيق الأمن والإستقرار،رأينا كيف  كان إستفحال وتفشي وإنعدام الأمن،وشيوع البطجة والزعرنة عبر مافيات تمارس اعمالها ضد القوى العلمانية والليبرالية والتقدمية ومؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات والجمعيات النسوية تحت سمع وبصر السلطة،وكذلك فإن التطرف والإرهاب بدلاً من يجد طريقة للحل والإحتواء،وجدنا أنه تصاعد وأخذ منحى خطير بما يهدد وحدة المجتمع التونسي،وبما يدخله في حروب وصراعات داخلية تنهك المجتمع،وتدمر إقتصاده ومؤسساته ونسيجه الإجتماعي،حيث الأخطر كان التصفيات الجسدية بالإغتيال على خلفية الإنتماء السياسي،حيث جرى إغتيال اثنان من أبرز قادة الجبهة الشعبية التونسية هما شكري بلعيد ومحمد الإبراهيمي،اللذان جرى إغتيالهما من قوى سلفية،لم تقم السلطة بملاحقة القتلة المجرمين،رغم توفر الكثير من الأدلة والمعلومات حول الجهة التي نفذت عملية القتل والإغتيال،يضاف لذلك حوادث قتل شبيهة نفذت بحق جنود ومواطنين تونسيين،وهذا بحد ذاته خلق جواً معادياً من الشعب التونسي تجاه السلطة الحاكمة،وهذه السلطة التي تقودها حركة النهضة الإسلامية، جاءت لتعبر عن إنتكاسة اخطر لحركة الإخوان المسلمين،لكون الخسارة جاءت بفعل صناديق الإقتراع،وهذا أخطر مما أصاب الحركة في مصر،حيث ان الجماهير صحيح عبرت عن إرادتها بالنزول للشوارع ضد سلطة وحكم الإخوان هناك،ولكن ذلك لم ياتي عبر صناديق الإقتراع والإنقلاب الديمقراطي السياسي،بل جرى عبر إستيلاء العسكر على السلطة،والتراجع للإخوان ليس قصراً على مصر وتونس،بل ليبيا هي الاخرى تشهد مثل هذه الحالة والصورة والتراجع والإنتكاسة والفشل للمشروع الإخواني.

من العوامل الهامة في تراجع وإنتكاسة حركة النهضة في تونس لصالح حركة نداء تونس وال"تسونامي" الذي غير الخريطة السياسية بشكل جذري،حيث إختفت احزاب كانت تحتل مراكز متقدمة في انتخابات تشرين أول/2011،أحزاب،مثل حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس التونسي المنصف المرزوقي،والذي لم يحصل سوى على 2% من الأصوات، وحزب “التكتل” الذي يرأسه السيد مصطفى بن جعفر رئيس البرلمان المؤقت، وحزب “المحبة” الذي يتزعمه السيد الهاشمي الحامدي ،هي عدم وفاء تلك الحركة لما طرحته في برنامجها من معالجة للأزمات الإقتصادية والإجتماعية ومحاربة الإرهاب والتطرف،لكي نجد بأن الأزمات الإقتصادية والإجتماعية في عهدها قد تفاقمت،وكذلك الإرهاب تطور وتصاعد،ومن العوامل الهامة لهذا التراجع أيضاً فشل التجربة والحركة الأم في مصر،حيث طورد بعدها الإخوان في العالم العربي،ووجهت لهم الإتهامات بتغذية وتمويل الإرهاب والتطرف في العالم العربي،ولعل قضية ما يسمى ب"مجاهدات النكاح" من تونس اللواتي شاركن في بيع أجسادهن في سوريا تحت هذه اليافطة والذريعة والفتوى المشبوهة الأهداف والمرامي ساهمت في هذا التراجع الإخواني،يضاف لذلك الموقف من النظام السوري والنظام المصري الجديد،هي عوامل أخرى سرعت في معاقبة الشعب التونسي للإخوان وا"لترويكا "المؤتلفة معهم في الحكم حزبي "المؤتمر" و"التكتل".

واضح بأن حركة النهضة سلمت بخسارتها في الإنتخابات،وقالت قيادتها بأن الإنتخابات كانت نزيهة وشفافة،وجماهير الشعب التونسي عاقبتها على فشلها وعدم وفائها لشعارتها،والناخب التونسي لم ينخدع ولم تنطلي عليه تلك الشعارات البراقة،واظهر قدراً من الوعي الإنتخابي والسياسي،ولكن حتى اللحظة سنرى كيف ستتعاطى النهضة مع النتائج،؟؟وهل ستسلم السلطة لحركة "نداء" تونس" ؟؟اما انها ستتهرب من عملية التسليم؟؟،وهذا بحد ذاته سيكون مؤشر سلبي وخطير،وثمة خيار آخر مطروح،هل ستتحالف "نداء" تونس" مع حركة النهضة لتشكيل حكومة وطنية تقود البلاد في المرحلة القادمة،وخصوصاً بان حلفاء النهضة من "الترويكا" المؤتلفة معها  في السلطة اندثرت او في طريقها للإندثار(المؤتمر والتكتل)؟؟.

ربما شكلت الإنتخابات التونسية  بهذا الشكل الديمقراطي والسلس الإستثناء في العالم العربي،حيث تعودنا على ان الأحزاب التي تخسر الإنتخابات سرعان ما تلجأ الى التشكيك في نزاهة الإنتخابات ونظرية المؤامرة،فتونس كانت السباقة في "ثورات" الربيع العربي المختطفة من  قبل قوى حرفتها عن أهدافها،ولكن تونس بقيت تقاوم وتصارع ذلك ديمقراطياً،وكانت مؤسسات المجتمع المدني في تونس ذات التراث العريق،لها دورا فاعلاً في الحياة السياسية،ومحاسبة السلطة والتحريض عليها،فيما يخص فشلها وعدم وفائها لشعاراتها وتطبيق برامجها،وكذلك ما تعرضت له المرأة التونسية من حملات ظالمة ومضايقات وملاحقات من قوى سلفية وإسلامية متطرفة ومتشددة،دفع بالإتحادات والمؤسسات النسوية،للمشاركة بشكل فاعل في الإنتخابات والتصويت لصالح القوى القومية واليسارية والليبرالية،وهي ترى بأن سيطرة النهضة وتفردها بالحكم،حتماً سيمس بحرياتها العامة والشخصية،كما ان ذلك سيشدد من الضغوط والقيود الإجتماعية عليها،عبر قوانين تلجأ لسنها حركة النهضة الإخوانية.

التجربة التونسية ستتعرض للنقد والتشكيك والطعن،بأن ذلك "إنقلاب"  أبيض على "الثورة" وعودة لرموز النظام القديم للبرلمان والحكومة بأحزاب جديدة،ولكن هذه الإدعاءات لن تصمد طويلاً فالشعب التونسي قرر بملء إرادته وحريته،وانتخابات تونس التشريعية درس مهم،وعلامة فارقة في المنطقة العربية بأسرها،وتونس تشق طريقها للأمام، بالتوافق والانتقال السلمي،ومن دون عنف أو دماء، وهي قطعت شوطاً مهماً على هذا الطريق، وقد آن أوان التعلم من دروس "الاستثناء التونسي".

قصص قصيرة جدا 80/ يوسف فضل

فتوجينيك

تناثرت صور اشلاء الضحايا. عدل اشيب العقل ربطة عنقه ودعا الى اكتشاف الجمال المخفي للاموات .

بين يدي الملائكة

-      ما أخبار المسلمين؟

-      يعانون من خلافات ضئيلة في وجهات النظر.

-      اطمأننا الآن. هل هزموا الشيطان؟

-      ليسوا بحاجة لتواجده بينهم ، عندهم الكثير منه يزبرهم  بالحجارة.


اشعة بين الغيوب

همست لوسادتها باسرار دعائها ان ينصلح ما بينهما .اكتظ يومها بشآبيب المشاعر الزوجية مصحوبا بكثير من الوحل .


قرين الشيطان

كابد الألم من انسداد  أنبوبه المزمن . وضعوا له حقنة شرجية . واجه ما بداخله بشجاعة . انسكبت قاذورات تعقيدات الحياة  . بقي نفس الرجل.

متى العبور؟

رحل السائل :" من أنتم؟". بقي السؤال مستيقظا يجترح الإجابة!

شباب وشيخوخة

قبض الأب مهر ابنته القاصر. دفعه مهرا  لعروسه ......


تقاطع

جلست السيدة أمام العرافة.

-      أريد أن أتزوج؟

-      هات كفك. تريدي قصة زواج مع النهاية ؟

-      بدون نهاية . لا اهتم بتوافه الأمور.

صدقت العرافة . بقي عالم المتزوجة اقل حرية مما تعتقد.

عُملاقُ الفنِّ والطرب/ حاتم جوعيه

 ( في  رثاء  مطرب  المطربين العملاق  وديع  الصافي  )  
 
               
أنتَ  الوَديعُ سَحَرتَ الشَّرقَ والعَرَبَا        في كلِّ أرض ٍ نشرتَ الفنَّ  والطرَبَا  
الأرزُ  يبكي ، سمَا   لبنان   ملتهبٌ        لبنانُ أضحَى  بثوبِ الحزن ِ مُنتحبا 
الحُزنُ   خيَّمَ     والأجواءُ    ناحِبة ٌ       من بعدِ  فقدِكَ  أضحَى الكلُّ  مُكتئِبَا
لبنانُ    هُزَّ    وقد    قامَت   قيامتهُ        كأنَّ   يومَ   التنادي   هولهُ   اقترَبا
يومُ   الرَّحيل ِ  كيوم ِ النشر ِ موقعهُ        كأنَّ  جُرمًا  هوَى  للأرض ِ مُلتهبَا 
الكلُّ    يبكي   أبا   فادَي    ويندبُهُ         القلبُ  ينزفُ ودمعُ العين كم  سُكِبَا  
الكلُّ    يبكي    أبا   فادي   ويندبُهُ          فدولة ُ الفنِّ  دالتْ   فيضُها  نضبَا    
الكلُّ  يبكي  نجيعًا  فاضَ  مُنسَجمًا         فدولة ُ  الفنِّ   زالتْ  مَجدُها   ذهَبَا 
يا   أيُّهَا  الطَّودُ   يا   حَمَّالَ  ألويةٍ         للفنِّ، قد  كنتَ صرحًا عانقَ السُّحُبَا 
قد بُحَّ بعدَكَ صوتُ العوُدِ وانتكسَتْ        أوتارُهُ ، صارَ مَغمُومًا  وَمُضطربَا
أنتَ الكنارُ  وكم  قد  كنتَ  تطربُنا        وفي الدُّجَى  تنثرُ  الأقمارَ والشُّهُبا
أنتَ الذي فوقَ جفن ِ الشَّمس منزلهُ       فوقَ  المَجَرَّةِ  تبقى  الدَّهرَ  مُنتصِبَا  
مدارسُ الفنِّ  والإبداع  ِكم  سَجَدتْ       الكلُّ   يشهَدُ  وفيكَ  الكلُّ   قد  خُلِبَا 
أنتَ  الوديعُ  منارُ  الفنِّ  في  وطن ٍ       غنيتَ  للحبِّ   والسِّلم ِ  الذي  سُلِبَا   
ملاعبُ   الحُبِّ   والآمال ِ   شاحبة ٌ       فيها الشَّقاءُ غرابُ  البين ِ  قد  نعبَا 
غنيتَ   لبنانَ  جُرحًا   كانَ  مُلتهبًا         أشجانهُ    هَزَّتِ   البلدانَ   والعَرَبَا 
غنيتهُ    ودموعُ    العين ِ    نازفة ٌ       غنيتَ وحدتهُ .. والخصبَ  ما  نُهِبَا  
لبنانُ   قد  كانَ   شمسًا ،  أبْجَدِيَّتهُ         قبلَ الحضاراتِ  والعِلم ِ الذي  كُتِبَا   
" قدموسُ " يروي سطورًا من روائِعِهِ        المَجدُ   دومًا   للبنان  العُلا   انتسَبا 
فيهِ   العمالقة ُ  الأفذاذ ُ   قد   وُلدوا        لبنانُ .. لبنانُ   ضمَّ   الفنَّ   والأدَبا  
وبعلبكُّ   المُنى   آثارُها     شهِدَتْ        لِرَوعةِ  الفنِّ .. فيها الشِّعرُ  كم  ندَبَا
معابدُ  الشَّمس ِ  والأقمار ِ  شاهدَة ٌ        لها   القرابينُ   كانت  تملؤُ  النّصبَا     
"عشتارُ " للحُبِّ.. للإبداع ِ مُلهمَة ٌ        نبعُ  الشَّفاعةِ   كانت  تطرُدُ  العَطبَا
" جبرانُ " نبعُ السَّنا  فكرًا وفلسفة ً       شُعاعُهُ  في  ديارِ الغرب  ما  غَرُبَا  
في الشِّعرِ والرَّسم ِ والآدابِ مُؤتلِقٌ        مِلءَ  الزَّمَان ِ، رجال الفكرِ قد غلبَا 
" فيروزُ" صوتٌ مِنَ الفردَوس يُطربُنا         وَنجمة ُ الشَّرق ِ والسِّحرُ الذي  جَذبَا 
" صباحُ " شُحرورة ُ الوديان ِ رائِدَة ٌ       في  الأوفِ ثمَّ  العَتابَا تصنعُ  العَجَبَا 
يا   أيُّهَا   القمرُ   المَيْمُونُ   طلعتهُ        وفي سمَا الشُّوفِ في  لبنان  ما وقبَا 
صنعتَ  مجدَكَ   بالإبداع ِ  تترعُهُ       ينسابُ صوتك نخبًا..ليسَ مُصطخبَا
رسالة ُ   الحبِّ    للأكوان ِ  تعلنهَا         وكنتَ في سَعيِكَ  المنشودِ  مُقتضبَا   
حَقَّقتَ  آمالكَ  الجَذلى  على   مَهَل ٍ        وأخفقَ  الغيرُ   سَعْيًا  سارَهُ   خَبَبَا    
وَمُطربُ المُُطربينَ ..الكونُ رَدَّدَهَا        ..عبدُ الوَهابُ  لقد أعطى لكَ  اللَّقبَا  
في الفنِّ أنتَ أبو الكُلثوم ِ.. قد نعَتتْ        كَ  كوكبُ الشَّرق ِ..لا زلفى ولا كذبَا 
وأنتَ  أسطورة ُ  الأجيال ِ ، رائِدُنا       طريقكَ الوردُ ، صَرْحُ  الفنِّ مَن  نصَبَا 
صُنتَ  التراثَ   ومَا   أبقى  أوائلُِنا        بينَ  الرُّكام ِ وبينَ  الرَّدم ِ مَنْ  نقبَا 
الكلُّ      ينهجُ    فنًّا    ليِّنا ً   سهلا ً        وأنتَ   تنهجُ   فنًّا   شائِكا ً   صَعِبَا
بالفنِّ  نرقى  إلى  الأفلاكِ   نسكنهَا        نسدُّ    كلَّ   جدار ِ  كانَ   قد   ثقِبَا  
يا  روضة ً  بشذا  الإبداع ِ  مُترَعَة ً       تجلو  الأُوامَ عن ِ الحوباءِ  والسَّغَبَا  
السِّحرُ   ضَمَّخَها   والحُبُّ   واكبَهَا        يصبُو  لها  الصَّبُّ ، يلقى  كلَّ  ما طلبَا
الماءُ   فيها   نميرٌ   طابَ   مَشربُهُ        سَلسَالُهَا الشَّهدُ والترياقُ.. ما نضَبَا
يا  صافيَ الصوتِ  مَزهُوًّا بروعتِهِ        كالكهرباءِ سَرَى ..مع نبضنا حُسِبَا  
هذا  الزَّمانُ  الذي  قد  كنتَ  رائِدَهُ         يبكي   لفقدِكَ    مَذهُولا ً   وَمُنتكبَا
رثاكَ  بعضٌ  بقول ٍ جاءَ  مُصطنعًا        أمَّا    أنا    فنثرتُ    الدُّرَّ   مُنتخَبَا
شعري هُوَ  الدُّرُّ  والياقوتُ  مُؤتلِقٌ        يبقى المنارَ، قلوبَ  الغيدِ  كم  جَلبَا  
وإنَّني    شاعرُ   الأجيال ِ    قاطبة ً       بهرتُ في شعريَ  الأفذاذ َ والخُطبَا
شعري  لنصرةِ  شعبي  دائِمًا  أبدًا         يُذكي  الإباءَ  يُزيلُ  اليأسَ والكرَبَا 
الحُبُّ   عَمَّدَني    والنورُ    واكبني        والموتُ  قد  فرَّ مَهزُومًا  وَمُرتعِبَا      
يا   نسمة ً من  رُبَى   لبنان   دافئة ً       أذكيتِ فيَّ الرُّؤَى  والشَّوقَ  والعَتبَا  
قلبي هناكَ  وَروحي .. كلُّ  أوردتي       أهلي هُناكَ  هُمُ التاريخُ .. قد  وثبَا
لُبنانُ   وَحيي   وإلهامي   وأغنيتي        لهُ  الترانيمُ .. نزفُ القلبِ .. ما  وَجَبَا 
لبنانُ ... لبنانُ  يا  خمري  وقافيتي        ومَنبعُ السِّحر ِ مِنهُ  الفنُّ   قد  شربَا 
يا  قطعة ً من  سَنا الفردوس  فاتنة ً        شابَ الزَّمانُ  ويبقى غصنهُ  رطبَا 
فيكَ   الوَديعُ   منارُ   الفنِّ   سُؤدُدُهُ       وَمطربُ   الشِّرق  للتقليدِ   قد   شَجَبَا 
في القلبِ تحيا أبا  فادي ، فأنتَ  لنا  ال       مُعَلِّمَ    الفذ َّ...   تبقى   للجميع   أبَا
أنتَ   العزاءُ   لِمَحزون ٍ  وَمُغتربٍ        أنتَ  الشِّفاءُ  لقلبٍ  كانَ  مُضطربَا 
رمزُ  الوداعةِ والطُّهر ِالذي شهدُوا        وتنشدُ الحُبَّ ..لا الأسيافَ والقضبَا
أنتَ  المُعلِّمُ   والإنسانُ   في  زمن ٍ        الفنُّ  صارَ  رخيصًا ، عندنا   لعبَا  
قيثارَة ُ الخُلدِ ، من  أنغامِهِ   سكرتْ        كلُّ الدُّنى .. وانتشَى عُشَّاقهُ  طرَبَا  
ويُسكرُ  النفسَ  صوتٌ رائعٌ  عذبٌ        فاقَ  الخمورَ التي  تستنزفُ الحببَا  
خَمائلُ الرُّوح ِ من إبداعِكَ ابتهَجَتْ        منا  أسرتَ النُّهَى والقلبَ  والعَصََبَا  
ووصوتكَ العذبُ  سلوانٌ  لِمَن نكبُوا       فيهِ   العزاءُ  يُزيلُ  الهمَّ  والوصَبَا  
أنتَ   المَحَبَّة ُ  دومًا  رمزُ  تضحيةٍ        وتفرشُ  القلبَ  والوجدانَ  والهُدُبَا   
سفيرُ    شعبكَ    للأكوان ِ   قاطبة ً        وَتنشُرُ  الفنَّ  والحُبَّ  الذي احتجَبَا 
وَمِهرَجاناتُ  أهل ِ  الفنِّ  في  بعلبكّ       كنتَ    رائِدَهَا ...  واكبتهَا     حقبَا
تاريخُكَ   الفنُّ   والإبدَاعُ ..  مُأتلِقٌ        بأحرفِ النور ِ.. لا  بالتّبرِ  قد  كُتِبَا 
منارة ُ   الفنِّ    للأجيال ِ   مدرسَة ٌ        الكلُّ  يرشُفُ  منها  الشَّهدَ والرُّطبَا  
البعضُ  يسكبُ  نزرًا.. ما  بجُعبتِهِ        وأنتَ ... أنتَ  سكبتَ التبرَ  والذهبَا 
يا أرزة  ً في  ثرَى  لبنان  صامِدة ً        لم  تحفل ِ الرِّيحَ  والأهوالَ  والنُّدبَا  
بعضُ الأساطين ِعن لبنانَ قد رحلوا        لبنانُ  في القلبِ لم  نشهَدكَ  مُغتربَا  
لم  تحفل الموت والأهوالَ في وطن ٍ     أنتَ الذي من سهام ِ الموتِ ما رَهبَا 
وأنتَ   صوتٌ   سماويٌّ   فيُترعُنا         بنفحةِ   الخُلدِ ... مَنْ  أنوارُهُ  وَهَبَا  
وتنشرُ   الحُبَّ    والآمالَ  ساحرة ً        فيكَ  البراءَة ُ والحسُّ  الذي  التهَبَا 
محبَّة ُ الرَّبِّ   فيكَ   الكلُّ  يشهدُها       أبصرتُ فيكَ  يسوعَ الحقِّ مَنْ صُلِبَا  
علمتنا  أنتَ   أنَّ   الحُبَّ   مُنتصِرٌ        ويهزمُ   الشَّرَّ   والأهوالَ  والرُّعُبَا
كلُّ  الكنائس  ِ تبكي   ليسَ   يُوقفها        شهدُ  العزاءِِ  وَدُرُّ القول ِ ما   كذبَا
لجنَّةِ  الخُلد ِ  تمضي   إنَّها   وطنٌ        رضوانُ  هَيَّأهَا   دارًا ..  لكَ  انتدَبَا 
فيها   الملائكة ُ  الأطهارُ  تطربُهُمْ        بصوتِكَ العذبِ ..بالتسبيح ِ ما  طُلِبا  
ومن   مزامير ِ  داودِ  النبيِّ   ترا        نيمٌ  لربِّ  العُلا .. تشدُو الذي  رُغِبَا 
يا  أيُّها  الفذ ُّ والعُملاقُ  في  زمن ٍ         قد  شَوَّهُوا الفجرَ، وجهُ الفنِّ  قد  شَحبَا  
بقيتَ   في   قمَم ِ  الإبداع ِ  مُبتهجًا       صُنتَ  القديمَ ... وللتجديدِ  ما  عذبَا 
طوبَى لأرض ٍ عليها  كنتَ  مُؤتلِقا        تغدُو   وترجعُ   مَزهُوًّا   وَمُنتصِبَا  
طوبَى لأرض ٍعليهَا  سرتَ مُنتشيًا       تختالُ   فوقَ  رُباها   باسمًا   طربَا  
طوبَى  لأرض ٍ عليها  كلُّ  مُؤتمَل ٍ      ضَمَّت  ضريحَكَ  والأنوارَ والشُّهُبا 
طوبى  لِروحِكَ   أنوارٌ   مُشَعشَعة ٌ       في جنََّةِ الخُلدِ تلقى الصَّحبَ والنُّجُبَا  

                      (  شعر  : حاتم  جوعيه  - المغار – الجليل )

الخطابة والسياسة/ د. زهير الخويلدي

"وعظهم وقل لهم في أنفسهم قولاً بليغا" 
لكي يكون السياسي ناجعا يجب أن يكون خطيبا ولكي تكون الخطابة فنا مرموقا يلزم أن يتم التعويل عليها من قبل السياسي قصد اقناع الناس واستمالة السامعين والتأثير عليهم. ان هذه المعادلة هي التي تحكم العلاقة بين الخطابة والسياسية بحيث لا يخلو الفعل السياسي من توظيف لفن الخطابة ولا تخول صناعة الخطابة من تدخل في الشأن العام وتأثير في مجرى الأحداث وتغيير في مواقف الناس وتوجيههم نحو جملة من المقاصد والأغراض. لكن ما المقصود بالخطابة؟ وماهي عناصرها وآلياتها؟ والى ماذا تهدف؟ وهل الخطابة من الصناعات المحمودة أم من المنهي عنها وينطبق عليها ما انطبق على السفسطة؟
ان المعنى اللغوي للخطابة قد ذكره ابن المنظور في لسان العرب وتعني الخطاب والمخاطبة ومراجعة الكلام وتشبه الرسالة التي لها أول وآخر وهي فن وتجربة وخبرة ومرانة وملكة وتفيد الكلام المنثور المسجع ، أما المعنى الاصطلاحي فيدل على مجموع القوانين التي يقتدر بها الخطيب على الاقناع الممكن في أي موضوع يراد وذاك بحمل السامع على بوجاهة المقول وصحة الرأي وصواب الفعل أو الترك.
تتكون الخطابة من خمسة عناصر هي الصناعة والخطيب والجمهور والخطاب والأثر الذي يحدثه في النفوس من اثارة العواطف وتنبيه الشعور. وتعنى الخطابة فن مشافهة الجمهور واستمالته وإقناعه. وبعبارة أخرى هي فن مخاطبة الجماهير بطريقة إلقائية تشتمل على الإقناع والإستمالة. وتعني أيضا القدرة التكلم مع الناس بما يفي الغرض المطلوب. وعند أرسطو هي القوة القادرة على الاقناع.
الخطيب الجيد هو العالم والصادق والمؤمن بما يقول والمعد الجيد لخطابه والذي يمتلك مهارة لغوية والقادرة على رسالة واضحة إلى المستمعين والواثق من نفسه والمراعي لأحوال المستمعين والمستمع الجيد لهم والمتفهم لما يعانونه ويحرص على مطابقة الكلام لمقتضيات الأحوال والمتفنن في الدعاية قصد التأثير على الجماهير. ولعل أهم الأسئلة الملقاة في الخطابة هي: يخاطب من؟ ومن هم الجمهور؟ وكيف يخاطب؟ وهل من أدوات مخصوصة؟ وماهو غرضه؟ وماذا يهدف؟ هل المصلحة أم السلطة؟
وتعني صناعة الخطابة بصناعة الجدل وتهتم بالمناظرة والإرشاد والتعليم وسائر الأقاويل في الأمور الجزئية مثل الشكاية والاعتذار وتختلف عن البرهان في كونها يستعملها الإنسان مع غيره من أجل التأثير عليه وإقناعه بينما البرهان يستعمله الإنسان مع نفسه من أجل تنظيم أفكاره وتماسك الاستدلال.
إن الخطابة هي فن إيصال فكرة أو خبر إلى مجموعة من الناس على نحو مؤثر ومقنع وبالتالي يكون المقصد الخطيب الأول والأخير هو الإقناع والتأثير في السامعين من أجل استمالتهم وتحفيزهم. وقد ارتبط تاريخ العرب بالخطابة والحماسة واستعملت في تحشيد الناس للتوجه نحو المعارك والاستماتة في الدفاع عن الأوطان وكان الغرض منها الترغيب والترهيب والضغط على الأعداء وتخويفهم وكسب الأصدقاء.
" وللخطابة منفعتان: إحداهما إن بها يحث المدنيين على الأعمال الفاضلة وذلك أن الناس بالطبع يميلون إلى ضد الأفعال العادلة...والمنفعة الثانية أنه ليس كل صنف من أصناف الناس ينبغي أن يستعمل معه البرهان في الأشياء النظرية التي يراد منها اعتقادها...فإذا سلك به نحو الأشياء التي نشأ عليها سهل اقناعه...لهذا قد نضطر إلى أن نجعل التصديق بالمقدمات المشتركة بيننا وبين المخاطب." 
غاية المراد أن الخطابة تبحث عن الإقناع في جميع الأشياء لكونها "قوة تتكلف الإقناع الممكن في كل واحدة من الأشياء المفردة" بل إن الأمر يصل بها إلى أن تثبت الشيء وضده كما في المرافعات القضائية فيمكنها الإقناع في المتضادين جميعا بما في ذلك الخصم والحكم والمذنب والمحامي على الحق.
من هذا المنطلق وجب أن يكون السياسي خطيبا وأن يكون الخطيب سياسيا وذلك فقد يجب أن يكون للخطيب أصول وقوانين يعرف بها الأشياء النافعة في الغايات وهي العواقب... والنافعات" . ولذلك تلجئ الخطابة إلى التمثيل والسرد والمحادثة والتخييل وتقريب الحقائق من الأفهام من جل الإقناع والتأثير، "ويجب للخطيب أبدا متى أتى بالنتائج من أمثال هذه المقدمات أن يرفدها بالمثالات المأخوذة من الناس الذي فعلوا تلك الأفاعيل فلحقهم النفع أو الضرر." 
إن السياسي يحتاج الخطابة في كل عصر من أجل تبليغ رسائله الى شعبه وإقناعهم والتأثير فيهم وحفزهم على البذل والعطاء والعمل على تنمية المجتمع والامتثال للقوانين وتحقيق واجب الطاعة له. لكن ألا يمكن أن تتغلف الخطابة بالايديولوجيا وتحرض على العنف السياسي والكراهية بين الأمم؟ وألا تتحول الى أداة للممارسة الديماغوجيا والبروباغاندا الحزبية؟ وألا تكون سببا لصعود الأنظمة الشمولية وبروز الطغاة؟
المرجع:
ابن رشد، تلخيص الخطابة. نسخة محملة.
الرابط: http://www.caraps.net/docs/AR/Averroes/19.pdf


مشهد مقدسي متكرر/ راسم عبيدات

تفاصيل كل يوم جديد للمقدسيين أضحت معروفة،ليس لأنهم يعلمون بالغيب،او يعملون في التنجيم او "فتح" الفنجان،بل لمعرفتهم بطبيعة وحقيقة عدوهم ونواياه وما يخططه لهم وما يقوم به بحقهم من إجراءات وممارسات قمعية وإذلالية تلتقي جميعها في هدف واحد،هو طردهم وترحليهم عن المدينة "التطهير العرقي"،فاليوم الجمعة المشهد للمقدسيين معروفاً منذ ساعات الفجر الأولى حصار وحواجز وقيود مشددة تمنع المصلين من الوصول الى الأقصى من اجل الصلاة،وقوات شرطية كبيرة تحاصر مداخل معظم القرى والبلدات المقدسية،الهدف منها ليس الذريعة والأسطوانة المشروخة الحفاظ على الأمن،بل منها من تم جلبه لتحرير المخالفات بحق السائقين المقدسيين،سواء  كان وضع المركبة المنوي مخالفتها سليماً او غير سليم فالمخالفة لمركبة العربي،لها هدف هو الإذلال والتركيع،وجزء آخر من القوات مخصص لمداهمة المحلات التجارية العربية لنفس الغاية والهدف،وقوات اخرى لتحصيل ضريبة المسقفات "الأرنونا" او  تحصيل ديون لمؤسسة للتامين الوطني،او لفرض مخالفات على ما يسمى بالبناء غير المرخص وتوزيع اخطارات بالهدم،وليس هذا فقط فهناك مناطيد مجهزة بالكاميرات فوق كل بلدة مقدسية في الجو وطائرات عمودية تحلق لمراقبة المقدسيين في كل شاردة وواردة..ورغم كل هذه الحشود العسكرية والشرطية يخرج المقدسيون من اجل الوصول الى اقرب نقطة من اجل الصلاة بعد  منعهم من الوصول الى الأقصى،وهناك تجرى المواجهات والإشتباكات مع شرطة الإحتلال وقواته الخاصة ومستعربية.

حرب مفتوحة على السيادة في المدينة،حرب يجند فيها الإحتلال كل اجهزته ومؤسساته ومستوياته رسمية وشعبية،من اجل ان يحسم امر سيادته على المدينة،وفي سياق رد الإحتلال على ما تقوم به قواته واجهزة مخابراته بحق المقدسيين من قمع وتنكيل،بلغ ذروته في التصفية  الجسدية والميدانية لكل مقدسي يفقد السيطرة على مركبته او يرتكب حادث سير مع مركبة إسرائيلية،فعندما يدهس مستوطنيهم أي فلسطيني طفلاً شيخاً او إمراة فهذا حادث سير غير متعمد،اما الفلسطيني فالتهمة جاهزة عملية "إرهابية" هكذا جرت تصفية محمد نايف جعابيص وعبد الكريم الشلودي  ومن قبلهم أبو طير وردايده والمغربي وعويسات وغيرهم،ولم يكتفي الإحتلال بذلك بشن الحرب الشاملة على المقدسيين،بل وتقوم المستويات السياسية والأمنية بالتحريض عليهم بأن هناك انتفاضة صامتة في القدس،وبانه يجب قمع المقدسيين بشكل اكثر عنفاً،فمن غير المعقول ان لا يتجول الإسرائيليون على حد قولهم وزعمهم وتحريضهم في "عاصمة" دولة "اسرائيل" في ظل الخوف والقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، تصريحات يقودها رئيس الوزراء وقائد الشرطة ووزير الأمن الداخلي ورئيس البلدية والحاخامات ورؤوساء الجمعيات الإستيطانية.

وصورة اخرى من المشهد مداهمات وإقتحامات ليلية واعتقالات بحق عشرات الأطفال والشبان،يصاحبها ترويع وتخويف وتنكيل وخلع وتكسير،واهالي ينتظرون على أبواب معتقلات الإحتلال ومحاكمه لمعرفة مصير أبنائهم المعتقلين،وطبعاً المشهد هنا لا يخلو من التنكيل بأهلي المعتقلين،ومنعهم من الإقتراب من أبنائهم المكبلين بالأصفاد والقيود وحتى رؤيتهم والتسليم عليهم،وينتقل المشهد لصورة اخرى وجبهة أخرى عدا المواجهات المستمرة على كل المحاور بين قوات الإحتلال والشبان المقدسيين المنتفضين،والقائلين للعدو بأنه رغم كل قمعكم وبطشكم وهمجيتكم،فنحن هنا باقون وعلى صدوركم وفي قدسنا كالصبار وشجر التين والزيتون،مشهد فيه الكثير من العنفوان والعزة،يقول لكل العرب والمسلمين،رغم تخاذلكم وغدركم وتآمركم علينا،فنحن نعرف كيف ندافع ونحمي قدسنا ومقدساتنا وفي المقدمة منها أقصانا،ومن هذا الصورة التي تحمل كل معاني العزة والكرامة والعنفوان،فهناك صورة مؤلمة ومحزنة لهذا المشهد المقدسي،حيث هناك نفر ليس بالكبير ممن تجردوا من معاني وقيم الإنتماء والأخلاق والإنسانية،بدلاً من ان يكونوا عوناً وسنداً لأبناء شعبهم،وجدنا انهم يعملون لصالح العدو وجمعياته الإستيطانية،وجزء منهم يتلفع ويتغطى ويتستر بالدين،حيث عملوا على تسريب العقارات المقدسية،وبالذات في بلدة سلوان الى المستوطنين وجمعياتهم الإستيطانية،يشجعهم في ذلك غياب الإرادة السياسة والوطنية والمواقف الأسرية والعائلية والعشائرية الحاسمة والرادعة لمثل هذه الطحالب والأدران السامة،وكذلك يستمر المشهد المحزن والمبكي والمؤلم،حيث نرى بان هناك من يسهمون في تفكيك وتدمير النسيج المجتمعي،الذي عمل الإحتلال على  إختراقه وهتكه وتدميره،حيث قضايا المشاكل الإجتماعية "الطوش" والإحتراب العشائري والقبلي تتزايد بوتائر كبيرة،وجرائم القتل أصبحت متكررة بشكل شهري،وعلى اتفه الأسباب،دون ان تجد حلول ومواقف رادعة،توقف مثل هذا العبث والجنون المدمر،وكاننا أصبحنا شركاء مع الإحتلال في تدمير ذواتنا،فكل يوم تتصدر صحفنا اليومية بأخبار عن عطوات وصلحات وجاهات وصكوك عشائرية على خلفية هذا الإحتراب العشائري المدمر،الذي يزهق ارواح بلا مبرر،ويدمر ويحرق بيوت وممتلكات،ويرحل ويفكك اسر وعائلات،ويخلق عداوات وثارات مستديمة،ويكلف ويحمل الناس مبالغ وديون كثيرة،ولا تخرج حلولنا عن الديباجة والإسطوانة المملة والمشروخة،صلح وكرم عربي أصيل،فهل هذا التسامح والكرم العربي الأصيل المشكوك في وجوده؟؟،غير ممكن تحقيقه بدون القتل والإحتراب العشائري والقبلي،ام انه لا يتحقق إلا كما يقول المثل والمأثور الشعبي" إلا بعد خراب مالطا"،فلنبقي مالطا سليمة ومعافاة ولا نريد بيانات الصلح والتسامح التي تأتي على خلفيات القتل والتدمير والتخريب والتعدي على حقوق الناس وممتلكاتهم وكراماتهم واعراضهم،وخلق العداوات والثارات وضرب وحدتنا المجتمعية والوطنية.

مشهد مقدسي متكرر وعلى نحو يومي،وعلى الرغم ما فيه من غصة وألم ومظاهر وظواهر سلبية،ولكن يبقى المظهر السائد،هو عنفوان المقدسيين،وتمسكهم بكرامتهم وعزتهم،وقدرتهم العالية على الصمود والعطاء وتقديم التضحيات،وتقديم النموذج في الفعل الإنتفاضي والشعبي والجماهيري،فالقدس حية بزهراتها وأشبالها وفتيانها وشبابها وشيوخها ومرابطيها ومرابطاتها،يطمئنون العرب العاربة والمستعربة والمسلمين بائعي الشعارات والبيانات،بانهم في قدسهم صامدين وعن أقصاهم مدافعين،ولن يرفعوا الراية البيضاء.

الخوارج تاريخ وعقيدة 9/ محمد فاروق الإمام

الحلقة التاسعة
الخروج على عبد الملك بن مروان

في عهد عبد الملك بن مروان بدأ خروج الصالحية التي يجعلها بعض العلماء فرقة من الفرق، بينما هي في الحقيقة حركة ثورية – أكثر منها فرقة دينية – من تلك الحركات التي كانت تحدث بين آونة وأخرى على الخلفاء الأمويين تزعمهم صالح بن مسرح أو ابن مشروح كما يسميه بعضهم، حين خرج  في هلال شهر صفر سنة 76هـ ، وكون له جماعة حارب بهم جيش الأمويين، وكانت له بعض الآراء التي أخذها من أسلافه من الخوارج قبله. 
وعند خروجه دعا شبيباً للخروج معه فأجابه شبيب وأقبل ومعه جماعة من أصحابه إلى دارا، وحينئذ عزم صالح على الخروج، ولكن تلك الجهات قد تحصنت منه، ولما بلغ محمد بن مروان مخرجهم – وهو أمير الجزيرة حينذاك – أرسل إليهم جيشا يقوده عدي بن عدي الكندي في ألف فارس، ولكن صالحا باغتهم فانهزموا هزيمة منكرة وهرب عدي فانتهب الخوارج ما وجدوا في معسكر عدي، وحين أقبلت فلول عدي غضب عليهم محمد بن مروان، فأرسل لهم قائدين أيهما وصل الأول فهو أمير صاحبه أحدهما خالد بن جزء السلمي  في ألف وخمسمائة فارس، والثاني الحارث بن جعونة العامري وبعثه في ألف وخمسمائة فارس، فالتقوا بصالح في آمد. ولكن صالحا قسم جيشه إلى قسمين أيضا. قسم بقيادة شبيب وكان من أشجع الفرسان وجهه إلى الحارث بن جعونة، وقسم بقيادته هو وتوجه إلى خالد فنشبت المعركة من وقت العصر إلى الليل وكثر الجرحى والقتلى في جيش الخلافة، وقتل من أصحاب صالح ثلاثون رجلا، وفي الليل تم رأيهم على أن يذهبوا إلى الدسكرة.
وحين وصلت أخبارهم إلى الحجاج بعث لهم جيشا من أهل الكوفة يبلغ ثلاثة آلاف بقيادة الحارث بن عميرة بن ذي المشعار الهمداني، وحين وصلوا إلى صالح بن مسرح بدأت المعركة وكان صالح في تسعين رجلا واشتدت المعركة جدا فقتل صالح فيها وكاد شبيب أن يقتل وحينذاك نادى من بقي من أصحابه وكانوا 70 رجلا: إلي يا معاشر المسلمين؛ فلاذوا به فقال لأصحابه: ليجعل كل واحد منكم ظهره إلى ظهر صاحبه وليطاعن عدوه، حتى ندخل هذا الحصن ونرى رأينا.
وفعلا تقدموا إلى الحصن وتحصنوا به فأمر الحارث بالباب أن يحرق فحرق فقال لأصحابه: إنهم لا يقدرون في الخروج منه ومصبحهم غدا فنقتلهم، وقد بايع الخوارج شبيبا في ليلتهم تلك، ثم أتوا باللبود فبلوها وجعلوها على جمر الباب وخرجوا، فلم يشعر الحارث ومن معه إلا والخوارج يضربون رؤوسهم بالسيوف فصرع الحارث فاحتمله أصحابه وانهزموا نحو المدائن هاربين، فأخذ شبيب كل ما بقي  في معسكر الحارث.
وشبيب هذا هو شبيب بن نعيم بن يزيد الشيباني ويكنى بأبي الصحاري، وله من الشجاعة والمعرفة بفنون الحرب ما يكاد يكون خيالا. لقد كان قائدا فذا مجربا للحروب يروغ روغان الثعلب ويهجم هجمة الأسد، قتل من جيش الخلافة الآلاف والعديد من القواد رغم قلة جيشه.
ولما أحس صالحاً بالموت قال لأصحابه: قد استخلفت عليكم شبيبا وأعلم أن فيكم من هو أفقه منه ولكنه رجل شجاع مهيب في عدوكم فليعنه الفقيه منكم بفقهه. ثم مات وبايع أتباعه شبيبا.
وقد خالف شبيب صالحاً في مسألة جواز تولي المرأة الإمامة العظمى؛ إذ كان شبيب يجيزها إذا قامت بأمورهم وخرجت على مخالفيهم، ولهذا فقد تولت زوجته غزالة قيادتهم بعد مقتل شبيب.
وقد اشتهر شبيب بالشجاعة وخوض الحروب فقد دوخ بني أمية وهزم لهم أكثر من عشرين جيشا في خلال سنتين. وجه أول جيش إليه من قبل الحجاج بقيادة عبيد الله بن أبي المخارق ومعه ألف فارس فهزمهم شبيب، ثم وجه إليه الحجاج عبد الرحمن بن الأشعث فهزمهم شبيب، ثم وجه إليه عتاب بن ورقاء التميمي فقتله شبيب هو وزهرة بن حوية. 
وتذكر مصادر التاريخ أن شبيبا قتل من جيش الحجاج أربعة وعشرين أميراً كلهم أمراء الجيوش. فكم يكون القتل من أتباعهم؟! وكان شبيب قلما ينهزم في معركة إلا لحيلة أو للإعداد لكرة أخرى.  في كل تلك المعارك التي خاضها مع جيوش الخلافة وحتى البدو لم يسلموا من شبيب؛ فقد أغار عليهم وأرهبهم في عدة غزوات لهم، وقد داهم الحجاج في عقر داره بالكوفة؛ فقد دخلها هو وزوجته غزالة، وخطبت على منبر الكوفة وفاء بنذرها، وصلى أيضا الصبح في مسجد الكوفة. وقد تنقل في ليلته تلك في أكثر من مساجد الكوفة لا يجد أحدا إلا قتله. 
وقد خبأ الحجاج نفسه فلم يخرج تلك الليلة إلى أن اجتمع له أربعة آلاف من جنده ثم خرجوا يقتتلون في سوق الكوفة، حتى كثر القتل في أصحاب شبيب فانهزم إلى الأنبار. 
وفي السنة السابعة والسبعين من الهجرة أو الثامنة والسبعين (على قول) كانت نهاية شبيب إذ مات غريقاً، وذلك أنه حين أراد الانصراف من قتال أهل الشام إلى الجهة الأخرى من جسر دجيل الأهواز أمر أصحابه فتقدموا أمامه وتأخر هو في آخرهم وفي أثناء عبوره كان راكبا على حصان وكانت أمام الحصان فرس أنثى فنزا فرسه عليها، فخرج حافره على حرف السفينة فسقط في الماء.
وانتهت حركته وتفرق من بقي من أتباعه.

دراسة لديوان "حِينَ يُجَنُّّ الحَنين" للشَّاعرة حنان جريس خوري/ حاتم جوعيه

مقدِّمة ٌ: هذا أوَّلُ  ديوان  يصدرُ للشَّاعرةِ الشَّابَّةِ  والمتألِّقةِ " حنان جريس خوري " - من  مدينةِ  "حيفا  " - إصدار منشورات " مواقف "، ويقعُ  في 68 صفة من الحجم المتوسط الكبير، مطبوعٌ طباعة  أنيقة  وتحلِّيهِ  صورة ٌ للبحر على  الغلافِ  من  الوجهين  وصورة ٌ  صغيرة  على   وجهِ  الغلاف للشَّاعرةِ   .  
   إنَّ  شاعرتنا  الشَّابَّة  إستطاعت  في  فترة ٍ زمنيَّةٍ  قصيرةٍ  جدًّا  أن  تُثبتَ حضورَهَا  ومكانتها الأدبيََّة  والشِّعريَّة على السَّاحةِ  المحليَّةِ  وتحققَ النجاحَ وَتُكوِّنَ  لنفسِها  إسمًا وشهرة ً وانتشارا واسعا  لم  يُحققهُ شعراءٌ آخرون لهم أكثر من ثلاثين وأربعين سنة في عالم الكتابةِ والأدب  .  والجديرُ بالذكر انَّ  شاعرتنا محظوظة ٌ جدًّا  فبالإضافةِ إلى مستواها  الرَّاقي والعالي  في  كتابةِ الشِّعر هنالك  العديد  من  المؤسَّساتِ وألأطر والجهاتِ  والتجمُّعاتِ  الثقافيَّةِ  والأدبيَّةِ اهتمَّت  بها  كثيرا وركزَّت عليها  الأضواءَ وعملت  على  إبرازها وشهرتِها .. فدائما  تُدعَى إلى الأمسياتِ  والندواتِ  الثقافيَّةِ  في  مدينةِ  حيفا  وغيرها لتشاركَ وتلقي أمامَ الجمهور والحضور شيئا  من  إنتاجها الشعري .. وإحدى المؤسسات الثقافيَّة " مواقف " قد  تبنَّت ديوانهَا هذا  وطبعتهُ على نفقتها ... مع  أنَّ  هنالك  شعراء  وكتابا  كبارا  من  ناحيةِ   السِّنِّ  والإبداع أرسلوا  إنتاجَهم  وقصائدهم  إلى  مؤسسةِ  مواقف  وللمجلةِ  التي  يصدرها أصحابُ المُؤَسَّسة  ولم  ينشر القيِّمُون على هذا المجلَّة والمؤسسة  أيَّة َ مادَّةٍ  لهم ... وهؤلاء  الشعراء  والكتاب  بغضِّ  النظر عن   ذكر  أسمائِهم   نُشِرَ إنتاجُهم  وإبداعُهم  في المئاتِ من  وسائل الإعلام  الراقية ( صحف مجلات ومواقع - محليَّة  وخارج البلاد -  في العالم  العربي ) وفي  أحسن  وأرقى الصُّحف...وأما مجلة مواقف فمحدودة الإنتشار والكثيرون لا يسمعونَ بها . 
 ولنرجع  إلى الديوان  فهو على مستوى عال  جدًّا ومن  يقرأهُ  لا  يقول إنَّ صاحبتهُ الشَّاعرة في بدايةِ مشوارها ، بل لها تجربة ٌ طويلة ٌ في الكتابةِ تمتدُّ إلى أكثر من  من  ثلاثين  وأربعين  سنة... 
مدخلٌ  :   هذا الديوان " حيِنَ يُجَنُّ الحنين " يحوي مجموعة ً من القصائد الشعريَّةِ الحديثةِ  البعض منها  متحرِّر من الوزن والبعض الآخر موزون  . وهنالك بعضُ القصائد تستعملُ الشَّاعرة ُ فيها عدَّة  تفاعيل ( في كل قصيدة) ولا تلتزمُ بوزن وبتفعيلةٍ مُوَحِّدةٍ ..وَتُترعُ هذه القصائد موسيقى داخليَّة أخاذة  وهي قريبة جدًّا إلى  نمطِ  شعر التفعيلة .  وقصائد الديوان تتناولُ  مواضيعَ عديدة : غزليَّة ، إنسانيَّة ، وجدانيَّة  سياسيَّة ذاتيَّة  وفلسفيَّة ..إلخ .   وسأركزُ الأضواءَ  في  هذه  المقالةِ  على  بعض  القصائد  من  الديوان  لكي  يتسنَّى  للقارىءِ أخذ  فكرةٍ  كاملةٍ  عن  هذا  الديوان  ومضامين  قصائدهِ   وابعادِها  البلاغيَّةِ والفكريَّةِ والفنيَّة!!. وسأستهلُّ الدراسة بقصيدةِ : ( "حبٌّ .. وطن .. وأعنية "- صفحة  6 -7 - ) . هذه القصيدة غزليَّة  ووطنيَّة وتذكرنا بشعراءِ المقاومةِ  في  فترةِ  الخمسينيَّات إلى أواخر السَّبعينيَّات  من  القرن الماضي  حيث كانوا يُشبِّهُونَ الوطنَ والأرضَ بالمرأةِ والفتاةِ الجميلة .تقولُ الشَّاعرة ُ في القصيدةِ : 
( " بيني  وبينكَ  حُبٌّ  //  و  وطنٌ ... //   وأغنيَّهْ  //
    واللَّيلُ   بعينيكَ  يُحِيكُ  أحجيَهْ    //  
    بيني وبينكَ  نغمٌ  //  طوتهُ  سطورٌ   منسيَّهْ   //
    نغمٌ     عذبٌ   ... //   خضَّبَ  شمسَ  الحُرِّيَّهْ    // 
    رسمَهُ الفجرُ  حُبًّا  //  وردًا  ...  //  يلوِّنُ  عُمقَ   بندُقيَّة  //  
    بيني  وبينكَ  حُلمٌ  //   ووَطنٌ   ... //    وأغنيَّهْ     //
    والليلُ  بعينيكَ ..  ما  زالَ  ... //  يُحيكُ    أحجيه ْ    //
    والليلُ  بعينيكَ  ما  زالَ   يُحيكُ  أحجيَّهْ   //"  )  .   
      هذه القصيدة ُمن الناحيةِ اللفظيَّةِ  والشكليَّةِ  والذوقيَّةِ جميلة ٌجدًّا  وعذبة  تُترعُهَا موسيقى داخليَّة ٌ أخاذة ٌ  تغني عن  بحور الخليل بن أحمد الفراهيدي التقليديَّة وهنالك بعض المقاطع جاءت موزونة ًعلى بحرالخَبَب أو المتدارك  (الرومانسي الثوري كما  يسمونهُ  ) . 
        تخاطبُ الشَّاعرة ُ هنا  فارسَ أحلامِها الذي  يجمعُهَا معهُ الحُبُّ الكبير   والوطنُ  والأغنية  التي  ترمزُ  إلى  كلِّ  شيىءٍ  جميل : للحياةِ  والإشراق ِ  والسَّعادةِ  والهناء  والدِّفءِ .. ولكنَّ الليلَ  بعينيِّ هذا الحبيب  يحيكُ  وينسجُ أحجية ً ولغزا ...أي  أنَّ هنالك غموض ٌ وحزنٌ  وأسرارٌ  في  عينيِّ  حبيبها ( الليل يرمزُ للحزن واليأس والمرارةِ   وللأسرار  والغموض ) .  
  وتقولُ أيضا: إنَّه بينها وبين  حبيبها النغم  والموسيقى الجميلة التي  طوتها سطورٌ منسيَّة  .. والسُّطورُ قد  تكونُ السنين الصَّّعبة  أو العراقيل  والمآزق  وتجارب ومشاق الحياة .. وهذا النغمُ الذي يَجمعُهَا مع الحبيب خَضَّبَ شمسَ الحريَّة ..أي أنها وحبيبها يسعيان نحوَ  بناءِ مستقبل ٍ زاهر رائع ٍ ، والشَّمسُ هي الحريَّة ُوالسَّعادة ُ، فهما( هي والحبيب) كانا في تفائل ٍ يعيشان أحلامَهما الدَّافئة َ  لدرجةٍ  انهما  خَضَّبا الشَّمسَ  بغنائِهما  وشدوهِمَا الرَّائع الذي  يشعُّ  منهُ كلُّ معاني وأبعاد الحريَّة .. والفجرُ انبثقَ من هذه الشَّمس التي  خضَّباها بأنغام الحريِّة فرسمَ الفجرُ الحبَّ والوردَ الذي  يُلوِّنُ عمقَ  بندقيَّة ..أي عمق النضال  والكفاح ، والفجرُ هو رمزٌ  للإستقلال  والتحرُّر  أيضا  .        
    وهذه  القصيدة ُ في  تضاريسِهَا وشكلها  هي  دائريَّة ٌ.. أي  أن الشَّاعرة ُ  تبدؤُهَا  بجملةٍ  وتنهيها بنفس الجملةِ أيضا  كالتالي    :   
( " بيني وبينكَ حلمٌ  ووطن // وأغنيَّه .. //  ... وهنا وضعت الشاعرة كلمة حلم  بدلا  من  كلمة ( حب ) وتتابع  وتكرِّرُ  نفسَ الجملة  التي وضعتها في مقدِّمة القصيدة : والليلُ بعينيكَ ..ما  زالَ  ..يُحيكُ  أحجيَّهْ  // . 
 وقد وضعَت نقاطا بين كلِّ عبارةٍ أو نصفِ جملةٍ للدلالةِ على الحيرةِ  وكأنَّ  هذه الأشياء والأمور لم  تكن تتوقعها، بل كان من المتوقع أن  يكون  شيىءٌ آخرغير الأحجية والطلاسم التي  يُحيكها الليلُ بعينيِّ حبيبها .  
  بالنسبةِ لمستوى القصيدةِ من الناحيةِ الفنيَّةِ ومن ناحيةِ السَّبكِ والبناء واللغةِ الشِّعريَّةِ والصور الحِسِّيَّةِ والإستعاراتِ فهي على مستوى عال جدًّا  وتعتبرُ قصيدة ً حديثة  فيها التجديدُ والإبتكارُ والإبداعُ  والتألُّقُ .. ويتجلَّى فيها البُعدُ  العاطفي  والوطني  وفلسفة ُ  حُبِّ  البقاء  والكفاح  والمقاومة  (  يُلوِّنُ عمقَ بندقيَّة).. والحبيبُ هو الوطنُ والوطنُ هو الحبيبُ بالنسبةِ لها  فكلاهما سَيَّان  ، وهي الأغنية ُ الجميلة ُ والفجرُ المنشودُ  والمستقبل المشرق  لهما .  
   ولننتقل إلى قصيدةٍ  أخرى بعنوان : ( " رقص  فينيق  والنار " -  صفحة 11 - 12) - وهذه القصيدةُ  وطنيَّة ٌ بحتة يشوبُهَا الطابعُ  الذاتي  والوجداني  وفيها  لغة ُ ونبرة ُ  التحَدِّي  والتصدِّي  والنضال .. تتحدَّثُ  فيها عن الشَّعبِ الفلسطيني أو بالأحرى تتحدَّثُ على  لسان كلِّ  فلسطيني شُرِّدُ وعانى  كثيرًا  من حصار وجوع .. إلخ..  في المنافي .. فتقولُ قي مقدِّمةِ القصيدةِ : 
( "  هنا  سنغنِّي  //  هُنا  سنحلُمُ  //  ونحلمُ  .. //  بالنجمِ .. بأنداءِ النهار ِ// 
       هُنا  ...  //  وعلى  قمَّةِ  التاريخ  المنهار ِ 
      سنكبرُ    ونكبرُ  //  رغم   بردِ   المَرافِق ِ //  
    رغمَ      ليل     الصَّواعق ِ  //     
   ... سنكبرُ ...  // حتى  يموجَ   الفرحُ   ويترقرقْ   //   
    ونكبرُ .. رغمَ  غاباتِ   التيه ِ  // رغمَ  هوَّةِ  الإعصار ِ                                          
   نغنِّي    للشَّمس ِ  //
   نطوي الجراحَ  في  خُصُلاتِ الأمس ِ  //
   لتدفقَ  كالحُبِّ   أنهارُ  المُنى //  
   وهُنا .. وهُنا  .. //  وعلى قمَّةِ التاريخ  المنهار  
   سنغنِّي  //  سنحلمُ  //  برقص ِ  فينيقَ  والنار ..   
  ونمتدُّ ...  خطواتِ   رحيق    //
   في   حقول   من   غار .. //        
   ونحلمُ ... بروعةِ  الرَّقص ِ  وفينيقَ    //                                                       
  فوقَ  قمَّةِ   التاريخ  المُنهار ِ    // "  )  . 
     هذه  القصيدة ُ معانيها  وأهدافها  مفهومة ٌ وواضحة ٌ لكلِّ  قارىءٍ مثقفٍ رغم عُمقها وأبعادها الفكريَّة ..                                                              تتحدَّثُ الشَّاعرة ُ كما  ذكرَ أعلاه على لسان الفلسطينيِّين الذين لاقوا  وذاقوا وكابدوا الأهوالَ  والرزايا  والمآسي  وشُرِّدُوا من أوطانِهم  وبرغم الحصار ورغم الضيق  ما زالوا يغنون ويحلمون بالنجم  وبأنداءِ النهار..أي  بالضوءِ  (الحرِّيَّةِ )  وبالخصبِ والعطاءِ ... وعلى قمَّةِ التاريخ المنهار ( وربما تكونُ    الشَّاعرةُ أوَّلَ من استعملَ هذا المصطلح (التاريخ المنهار) والمقصودُ هنا أنَّ للعرب تاريخ عريق وحافل بالمجدِ والسؤددِ  ويشعُّ  بالحضارةِ  والإنجازاتِ  والإبداع  ولكنَّ هذا التاريخ  بعد قرون طويلةٍ من النكساتِ والهزائم والتأخُّر والتخاذل العربي ومن مؤمراتِ المستعمرين والمحتلين أصبحَ (هذا التاريخ)  منهارًا ومنكسا ...فعلى  قمَّةِ  هذا التاريخ المنهار..إذ تتحدَّثُ الشَّاعرة  بلسان الآلاف  بل  الملايين  من الفلسطينيِّين الشرفاء  والمناضلين  أنهم  سيُعِيدُونَ التاريخَ العظيم والعريقَ والمشرِّفَ من جديد.. فعلى قمَّةِ هذا التاريخ المنهار (وهنا يوجدُ تناقض في التعبير- قمََّة التاريخ وانهياره - رمز للسؤدد والمجد  القديم  التليد  ورمز للوضع  الحالي  المزري  للأمَةِ  العربيَّةِ -  من  نكسات  ونكبات ومن مصائب وحكام دكتاتوريين وعملاء بليت الأمَّة ُ العربيَّة بهم  .  ورغم  كلِّ هذا سيكبرون ويزدادون أكثرَ صمودًا وصلابة ً وتحدِّيًا وعنفوانا  وإقداما وتضحية ً،رغم برد المرافق وليل الصواعق (إستعارت هنا عناصر من الطبيعة ) .. وإنهُ سيموجُ  الفرحُ  ويترقرقُ  ويصبحُ  كالماءِ  الرَّقراق .. ورغم غاباتِ التيهِ  والتشرُّدِ والضياع  والجوع  ورغم هوَّةِ  الإعصار ( أي قوَّة  الأعداء وغطرستهم  وبطشهم  وترسانات  حربهم  )  سيغنون  للشَّمس ( للحريَّة ) .. وسيطوي هذا الشَّعب العظيم ( الشَّعب الفلسطيني ) الجراحَ .. وأنهارُ الحنين ستتدفقُ... وتستعيرُ وتوظفُ  الشَّاعرة ُ هنا  كلمة َ(  فينيق ) -  وهو  طائر خرافي  في الأساطير الإغريقيَّةِ  فبعد  أن يموتَ  و يحترقَ  هذا الطائر ينبعثُ من جديد من بين الرَّماد ..   وكلمة  فينيق تعني أيضا  الشَّعب الفينيقي -  وهم عرب  سكنوا  لبنان  واشتهروا  بالملاحةِ  والسَّفر وهم  أولُ  من صنعَ  البلور- الزجاج وأقاموا  لهم المدنَ الكثير منها  قرطاجنَّة... ولكن شاعرتنا تعني هنا بالفينيق الطائر الخرافي الذي لا يموتُ ويُبْعَثُ من رمادِهِ بعد الإحتراق وشبَّهَت الشعبَ الفلسطيني المناضل  به ... فالفلسطينيُّون  بعد عام  النكبة  والتشرُّد  وإلى الآن  قد  تعرضوا  للكثير من  المآسي  والرزايا والمجازر التي  أرتكبت   ضدَّهم   ومن  محاولات  التصفية  ولكنهم  كانوا يخرجون   من  كلِّ  حربٍ  ومن   كلِّ  مأساةٍ   ومجزرةٍ   رافعي  الرؤوس  وبمعنويَّات عالية  فيضمِّدون جراحَهم  ويعودون من جديد  للنضال والكفاح لأجل الحريةِ  والكرامةِ وإسترجاع الوطن المسلوب .  وقد استوطنَ  وسكنَ الكثيرُ من الفلسطينيين الذين شُرِّدُوا بعد عام 48  وبعضٌ من الذين بقوا  في وطنهم ثمَّ سافروا فيما بعد للعلم وللعمل وتحقيق الذات في  الكثير من البلدان  والدول.. وفي كلِّ  مكان قطنوهُ إشتغلوا وتعلَّموا وأبدعُوا ثقافيًّا وعلميًّا  وفي جميع  المجالات  .   وتقولُ الشَّاعرة : 
( " سنغني     ونحلمُ     //    برقص  فينيق  والنار  //  
   ونمتدُّ  خطوات رحيق  //  في  حقول  من  غار   // 
   ونحلمُ  بروعة الرَّقص  //  وفينيق  // فوق قمَّةِ  التاريخ المُنهار ِ // " ) . 
  هي بلسان شعبها تتحدَّثُ: إنهم  سيحلمون برقص الفينيق  والنار في حقول  من غار .. والغار هو رمزٌ للنصر والعزِّ  والمجدِ ...وأنَّ هذا الشَّعب  سيبقى مشرئبًّا نحو الغد  الجميل والمستقبل  المشرق  ومن  رقص إلى رقص فوق الجراح والألم كالطائر المجروح ومن فينيق إلى  فينيق ( من احتراق وبعث إلى احتراق وأنبعاثٍ وَتجَدُّدٍ )  ومن حربٍ إباديَّةٍ  ومجزرةٍ ضدَّهُ إلى  حربٍ أخرى  وسيكبرُ رغم  كلِّ  الجراح  وسيخرجُ  منتصرًا  في  النهايةِ  ومكللا  وَمُتوَّجًا  بأكاليل  الغار . فهو مثل العنقاء والفينيق الذي  يُبعَث ُ من جديدٍ من  بين الرَّماد  والأنقاض  .  
    والقصيدة ُ  بشكل عام  جميلة ٌ ورائعة  وعريضة ٌ  وواسعة ٌ في  معانيها  وأهدافِها  وأبعادِها . وسأنتقلُ إلى قصيدةٍ أخرى بعنوان : ( " الف قايين " -  صفحة 21 - 22 )  . 
   في هذه القصيدةِ  توظفُ  الشَّاعرة ُ شخصيَّة َ " قايين  بن آدم " الذي  قتلَ  أخاهُ  هابيل غيرة ً وحسدًا.. وكانت أول جريمة  قتل ٍعلى وجه الأرض  منذ عهد  آدم إلى الآن  ( حسب العهد  القديم ) ... وما زالت الجرائمُ  والحروبُ منتشرة ً بين البشر والشعوب وما زالَ الإنسانُ يقتلُ أخاهُ  الإنسان  ولأسبابٍ تافهةٍ أحيانا ، فالطمعُ والجشعُ  وغريزة ُ حبِّ السيطرة  والتسلُّط  كانت  وما زالت موجودة ً ومنتشرة  في معظم أبناءِ البشر( أبناء وأحفاد  أحفاد آدم  منذ بدء الخليقةِ إلى الآن ) . 
    وقد  نجدُ  هذه  القصيدة َ ترمزُ  وتوحي  لمواضيع  وأهدافٍ أخرى أيضا  غير مواضيع  الحروب والنزاعات والخلافات  بين  البشر وحبّ  التسلط .. ففيها  بعدٌ  ذاتي ووجداني  وشخصي ... فتتحدَّثُ الشَّاعرة ُ عن  نفسِها  وفي نفس  الوقت  قد  تفسَّرُ  للإنسان  الإنسان  بشكل  عام  في  كلِّ  بيئةٍ  ومكان وزمان ... وإنها ( الشَّاعرة  حسب  تجاربها ورؤيتها )  قد  صادفت  ورأت  ألفَ  قايين  وقايين  وليسَ  قايينا  واحدا ( أي  الإنسان  أو الصَّديق  العدو ) حيث  مَرُّوا في دربها وحملوا معهم  حلما  كان في قلبها يحيا ( أي اختطفوا حلمها ) .. وألف  قايين  مرُّوا  بدون  خطواتٍ ( بهدوءٍ  وصمت ولم  يعلنوا عن حقيقتهم الشريرة ) .. مرُّوا  فوق الصوتِ  وفوق الموتِ  وحملوا  كتابا  وسفرا جديدا  لإلهٍ  آخر غير  إلهِ  المحبَّةِ  والسَّلام ... وحملوا  شعرا  وعيدا  ومرُّوا فوق  صدرها وفوق عمرها وفوق سفرها  وفوق شعرها .. وتتساءَلُ الشَّاعرة ُ :   
(  وأينَ  .. أينَ المحرابُ ؟  وأينَ الشُّموعُ  والخشوعُ  وأينَ ..)  ..  وتقول : 
  (( " ألفُ   قايين  //  بدون   شمس ِ  //  مَرُّوا ..  كرعشاتِ  هَمْس ِ  // 
         مَرُّوا  في  الدَّربِ   //
       حملوا  معهم  حلما  //  كانَ  ...  //   في  القلب   //  " ) 
   أي هنالكَ الكثيرون مثل  قايين ( يحملون  صفاته  العدوانيَّة  كشهوةِ القتل والحسد والحقد وليس لهم  شمس)..وتعني بالشَّمس (الحريَّة والنور والهداية  والإيمان  والمبادىء ) قد  مرُّوا في  دربها  وفي  طريقِها وحملوا واختطفوا حلمًا  جميلا  كان في  قلبها  . والمجرمُ القاتلُ  في مفهومِهَا  ليس الذي  يقتلُ  الجسدَ  فقط  بل الذي يقتلُ الروحَ  ويقتلُ  الأحلامَ  والذي  يحاولُ أن  يقضي على طموح ومشاريع  إنسان ما  تقدِّمية  ونيِّرة  لصالح  المجتمع  والبشريَّةِ .. فهذا  يُعَدُّ  مجرما  وقاتلا  أيضا.. وما.. ما  أكثرهم هؤلاء  في مجتمعنا  . 
  وبإختصار هذه  القصيدة  تُفسَّرُ  وَتُحَللُ على أنها  ذاتيَّة  محضة  وأهدافها ومعانيها تخصُّ الشاعرة َ وحدها بأحلامِهَا وطموحاتِها  ومشاعرها الجياشة  ولواعجها الذاتيَّة، وقايين رمزٌ لكلِّ شخص قريب حاولَ أن يسرقَ  ويخطفَ أحلامَها الورديَّة  ويعرقلَ برامجَها وطموحاتها الرائدة . وقد تكونُ القصيدة ُ جامعة شاملة وليست على الصَّعيدِ الشَّخصي والذاتي ..تتحدَّثُ عن الصِّراع  بين  الإنسان  وأخيهِ الإنسان والصراعات  بين الشعوب  والأمم  والحروب التي تنشبُ لأسبابٍ صغيرة أحيانا  وتافهة وتكون  نتائجُهَا  وثمارُهَا  الدمارَ والفناء. 
  وإلى  قصيدةٍ  أخرى من الديوان بعنوان : ( "حبيبي - صفحة 24 - 25  )   وهي قصيدة ٌ غزليَّة  محظة  جميلة ورقيقة ٌ ورومانسيَّة، خفيفة ُ الدَّم والظلِّ  وفيها  بعض المقاطع  الموزونة  على أكثر من  بحر، والشَّاعرة ُ تتفننُ  في اختيار وانتقاءِ الكلماتِِ الجميلةِ  وفي  اختيار القوافي  وفي تسكير وقفل  كلِّ جملةٍ شعريَّةِ  وفي  كيفيَّةِ  توزيع  المقاطع  اللفظيَّةِ  ( وهذا الجانب كان من أولويَّات  الشعراء  الكبار  المبدعين  والرَّائدين  في  مسيرة  الشعر  العربي الحديث  المعاصر وأوَّل من  كتب شعر التفعيلة ، أمثال : السياب ، البياتي ، نازك  الملائكة ، نزار قبَّاني  خليل حاوي ... وغيرهم .. إلخ ) .. والشاعرة ُ  تعطينا هنا  صورة ًجميلة ً ورائعة للحبِّ الحقيقي العذري البريىء والصادق المترع  بالتفائل  والجمال   والدفء  والحلام  والإشراق  والرُّؤيا  الإنسانيَّة التقدميَّة .. فتقول في القصيدة :   
( " حبيبي يراقص  شمسي  //  يناديني  //  يلاقيني ... //
     عندَ      حُدودِ    أمسي     //     
     حبيبي   يلامسُ خُصُلاتِ  شعري  // يعانقني  // 
     يحمِلني ...  يرسمُ   لي   أحلامَ   سَفري  // 
     حبيبي   //    يأخذني    من     دربي  //   
     يُهامسُ  أحلامي  ... وَوَردِي 
     حبيبي   //  يعرفُ أسرارَ  ليلي  وجنوني ...  // 
     حبيبي ... //  يُعانقُ الندَى  المَنثورَ //  في لون ِ عيوني ... //  
     حبيبي  يُراقصُ  شمسي ... //  يُناجيني ... //  يُلاقيني ...  //  
     في  خيالاتِ  نفسي ... //  هو ... حَبيبي ...   //  " )  .
   ولها  قصيدة ٌ بعنوان : ( " مثلُ  قلبك  يا  قدس " -  صفحة  26 - 28  )  مترعة ٌ ومشبوبة ٌ بالمشاعر والعواطف الوطنيَّةِ  الجيَّاشةِ ... ومدينة ُ القدس هي عاصمة  فلسطين  وترمزُ  للوطن...إلى  فلسطين  ككل  وإلى  النكبةِ ... والقصيدة رقيقة وجميلة  ومشرقة  بالمشاعر الصادقة  وهي تصلحُ  للتلحين  والغناء ، تقولُ فيها : 
( "   قلبي  مثلُ  قلبكِ ..  يا   قدسُ  //   مُورِقٌ  ... حائر ... مَحرُوقْ  // 
      وقلبي .. على  قلبكِ  يا  قدسُ  //  على  فرحِكِ  //   على جُرحِكِ  //
       مواسمُ    دمع ٍ  ...  وشروقْ  // " )  . 
   وتقولُ في  نهايةِ القصيدةِ :
( "  وحُبِّي  ...  مثلُ   ُقدسكِ    //   يا    ُقدْسُ   ...  //   
      وصوتهُ   يخفقُ  في  َصوتي   //  ويهدرُُ ... في  صَرَخاتِ  صَمْتِي  // 
       إلى  أينَ   يأخذني  الصَّوْتُ ؟؟  //   إلى   أينَ   يحملني  ...  //   
       يَهمِسُ    دمعي  ...  وَيَسرقُني   //
      .. اسرقني    //  اسرقني   كلَّ   صباحْ   //   
       وانثرني   قصيدة ً... في   حواكير  أقاحْ  //  
       فوقَ   حُلميَ   حُلمٌ  //  وسماء  عذراء  جديدة ...  //  " )  . 

  ولها قصيدة غزليَّة في هذا الديوان  بعنوان: ( " رقَّة  قلبي " - صفحة 39 -  40 )  في  منتهى الرِّقةِ  والبراءةِ  تُظهرُ  فيها  حُبَّهَا  ولواعجَهَا  وهيامَهَا  الشديد بالحبيب  المنشود  الذي ليسَ  لها حبيب آخر غيره  وهو  كلُّ  شيىءٍ  بالنسبةِ لها. فتخاطبُ قلبَها ورقَّة َهذا القلب (المقصود شغاف القلب وأعماقه)    بأن تحملها رقة قلبها  إلى حبيبها.. إلى عينيهِ وشفتيهِ  وإلى راحتيهِ  لينشرَها هناك ... فتقولُ  في القصيدةِ :  
( "  يا  رقة َ  قلبي  إحملينِي  //  إلى   عَينيهِ   //   إلى   شَفتيهِ   // 
     إلى    راحتيهِ ...  وانثرني ...  // 
     يا رقة َ قلبي سامحيني//  فأنا  لا  أعرفُ سِوَاه // ولن  أعرفَ  سواه  //  
     وأنا  ...   //  لن  أسافرَ  في  حقول  الرياحينْ  //  
      ولن   أحملَ   في   صوتيَ   حُبًّا ...  وحنينْ 
      لحُبٍّ    سِواه   .. !!   " )  .  
  ولننتقل إلى  قصيدةٍ أخرى  بعنوان: ( فِيا  دِيلا روسَّا  الحزين " -  صفحة 45 -47 ) تتحدَّثُ  فيها عن الكفاح والتضحيةِ والفداءِ لأجل  الحقِّ  والحريَّةِ  وبما يتمشَّى حسب إرادةِ  ومشيئةِ الرَّبِّ، ويظهرُ في القصيدةِ وبشكل مباشر  عنصرُ الإيمان  لدى الشَّاعرة  الممزوج والمُضَمَّخ  بالحزن والألم والمرارةِ ويظهرُ الخشوعُ والخضوعُ  والتسليم الكلي  للمشيئةِ الإلهيَّةِ ، وفيها التعابيرُ والمعاني  التقدُّميَّة والمبادىء والقيم والمُثل الرائعة  النيِِِّرة  ..ألا وهي السَّير في درب الآلام  وحمل صليب المعاناة  والعذاب لأجل  الحقِّ  وبزوغ الفجر المنشود ... وان الإنسان َ المبدئي  والمؤمنَ  هو الذي  يكافحُ  ويعيشُ  لأجل  قضيَّةٍ مثلى رائعة ولخدمةِ البشريَّة ويسيرعلى درب الآلام ( فيا ديلا روسَّا) التي  سارَ عليها  يسوع  المسيح  وحمل  نيرَ الصَّليب   وبذلَ  حياته   قربانا لأجل  البشريَّة )... هذا الذي  أرادت  أن  تقولهُ  الشاعرة ُ من  خلال  سكبِ روحها  ومشاعرها الجيَّاشة وزفراتها الملتهبة أمام  درب الآلام  والمقصود  به  المخلص  والفادي  الذي  مشى  على هذا  الطريق  قبل  ألفيِّ عام  لأجل  خلاص البشر جميعا...وتستعملُ الشاعرة ُ في القصيدةِ  بعضَ  المصطلحاتِ  والتوظيفاتِ  اللاهوتيَّةِ ، مثل : المعموديَّة وكلمة  قدوس  حيث تقولُ :  
 (  "  يا  فيا دِيلا روسَّا  الحزينْ ...  
       تحملني  إليكَ  روحي //  تعمِّدُني // تُقطِّرُنِي // ماءَ زهر ٍ ..رياحينْ //
       هل  تلمحُ  خيالاتِ حُبٍّ  جديدْ ؟  /
       هل  تلمحُ  عندَ  غيهبِ  العُمر ِ // عُمرًا  آخرَ ...     //
       ينثرُ  شموسًا  // يهمسُ : قدُّوسًا  قدُّوسًا  قدُّوسًا  .. من  بعيد ؟ .. //
       فيا ديلا  روسا  الحزين// هوَت  نفسي في نفسِكَ 
       وامسي  توارَى  في  أمسِكَ    
       فانتصَرتَ  كالنُّورْ ... //  يا  دؤبَ  الآلالم ِ   المُعطَّر ِ //
       يا  دربَ  رعشاتٍ  ملهوفةٍ //  يا  دربَ  فرَح ٍ  مهجورْ ... //  
      هل  تلمح   ؟؟؟ //  سحاباتٍ  من  دمع ٍ  وبخورْ ... // 
      هل تلمحني أعانقُ  أوراقَ  الوردِ ؟ 
      هل  تلمحني  حينَ  اندثار ِ البردِ  // 
       يا   فيا دِيلا روسَّا  الحزين   
      كلُّ  خطواتي تحملني إليكَ // كلُّ دموعي  تصيرُ  عينيكَ  //  
      كلُّ  الدُّروبِ  والطيُوبِ ...  //  تسافرُ في  راحتيكَ   
      حينَ  يجنُّ  الحنينْ  //  يا  فِيا  دِيلا  روسَّا   الحَزين   //  "  )  .
  هي تعيدُ بعضَ الكلماتِ  للتأكيدِ على المعنى والهدفِ الذي  تبتغيهِ  وسوفَ نجد هذا في العديدِ من قصائدِهَا... وتوظفُ  مصطلحَ  دربِ الآلام ( الطريق الذي سارَ عليه  يسوع  المسيح  وينتهي  بصلبه  لأجل  فداء البشر  فتقول :                                        ( " فانتصرتَ  كالنور ... //  يا  دربَ  الآلام  المعطَّر   // " )  .  

   ولننتقل إلى قصيدة أخرى  من  الديوان  بعنوان  : ( " رقص في ذاكرتي " - صفحة 57-  59 ) وربَّما  تكونُ  من أجمل القصائد في هذا الديوان من الناحيةِ  الذوقيَّةِ  واللفظيَّةِ  والفنيَّةِ  والشكل  والبناءِ  الخارجي  وفي  طريقةِ   توزيع  وتنويع المقاطع اللفظيَّة  والتفنن في وضع وترتيب القوافي وقفل كل جملة شعريَّة... وفيها  يظهرُ مقدرة ُ الشَّاعرةِ  وبراعَتِهَا  في  التفنن  اللفظي  وسبكِ الجمل  ورسم اللوحاِت الشعريَّة ، فتقولُ في القصيدةِ : 
( "  قلبٌ   ...   وحبَقْ    //  وقمرٌ  منثورٌ  على  وَرَقْ   // 
     وألفُ   قصيدةٍ ... تغسِلُ   الليلَ ... بروعةِ   غسَقْ ..  //  
     هَمْسٌ     وحنينْ   //    وَقُبَلُ  قرنفل  لعينيك // ... للموج  الحزينْ  //   
     تمرُّ      قوافِلُ     صَدَى   //  
     وترسمُ   في  الصَّفحاتِ ...  دمعا  //   ...  وندَى    // 
    ومن  حلم  مقمر  ُيولدُ  عُمْرٌ  //  ...   ويصحُو     مَدَى   //  
    رقصٌ  رقصٌ  في  ذاكرتي  //   ونهارٌ  يدفقُ  من  نافذتي  // 
    وآلهة ُ  عِشْق ٍ  //  تهفُّ  على عمقي  // 
    : " ويكونُ    قلبٌ ...  ويكونُ   حَبَقْ  // 
    ويكونُ   قمرٌ   منثورٌ    على   ورَقْ    //    
   وألفُ  قصيدةٍ ... //  تغسلُ   الليلَ ... بروعةِ   غَسَقْ   //  
    صلاة ٌ     ودمُوعْ   //  ورجاءٌ   مُحَرَّق ٌ ... وَوُلوعْ    //    
   أن  تُورقَ  سَماءٌ  ...  فوقَ  صليبٍ  مَوجُوعْ   //  
   وَرْدٌ  ...   وسَفرْ  //  سفرٌ   أبَدِيٌ  كحلم   نهَرْ  //  
   وَخَطوٌ  ملهوف... // على عَتباتِ  صُوَرْ   // 
   ... ويكونُ  عزفٌ   ويكونْ  //                                                                     
   عزفٌ   دافىءٌ  ... حَنُونْ   //
   يملؤُني  رقصا .. رقصا ... رقصًا .. وَجُنونْ  //
   رقصٌ رقصٌ  في ذاكرتي //  ونهارٌ  يَطلعُ  من  نافذتي // 
   وآلهة ُ عشق ٍ  تهتفُ  على  عمقي   //  ... 
  .."ويكون  قلبٌ .. ويكونُ   حَبَقْ  //  وقمرُ  حُبٍّ  منثورٌ على  وَرَقْ // 
   وألفُ قصيدةٍ  //  تغسلُ  الليلَ ...  بروعةِ  غَسَقْ  "  ..  //   )  .
     هذه القصيدة ُ جميلة  ٌجدًّا  ومعظمُ  جملها  موزونة ٌ على  بحر المتدارك  الجميل الإيقاع ( الرومانسي الثوري كما  يُسَمُّونهُ ) ..وهنالك  خروجٌ بسيط عن  الوزن  في  بعض المقاطع  .  وهنالك  بعض الجمل  تعيدُها  وتكرِّرُهَا الشَّاعرة ُ مرَّتين لتؤَكِّدَ على المعنى ولتضيفَ للجملةِ وللوحةِ الشعريَّة جمالا  لفظيًّا  ومعنويًّا  يشفُّ  الآذان  ويدخلُ  إلى أعماق  الرّوح  وَيُحَرِّكُ  اللواعجَ والمشاعرَ ويطربُ  ويسكرُ  القلبَ  والوجدان  .   وهذه  القصيدة ُ تعيدُ  إلى أذهانِنا  روائعَ  نزار قبَّاني  الغزليَّة ، وخاصَّة  ان الشَّاعرة َ تستعملُ  بعضَ  المصطلحاتِ  والكلماتِ التي  كان نزارٌ يستعملها  كثيرًا في أشعارهِ ،مثل: الحبق  والورق  والفرنفل  .. إلخ  .   ولا  أريدُ  الإطالة َ أكثر من  هذا  لأنَّ  تحليلَ  وتفسيرَ هذه  القصيدة  وإظهار  وإبراز  جميع  بواطنِهَا   وتموُّجاتِها  وأبعادِهَا الجماليَّة  والفنيَّة   قد  يحتاجُ  إلى عدَّةِ   صفحات... وسأكتفي أيضا بهذا  القدر من  إستعراض وتحليل القصائد  لهذا  الديوان  .   
    وأخيرًا وليسَ آخرًا : أهنىءُ الشَّاعرة َ الشَّابَّة َ القديرة والمبدعة َ والمتألِّقة الزميلة  " حنان جريس خوري "على هذا الإصدار - الديوان الرائع  والقيِّم والمميَّز- وأتمنَّى لها  العمرَ المديدَ وهي  ما زالت في بدايةِ  شبابها  والمزيدَ  من العطاء الإبداعي المتواصل - شعرا ونثرًا... مبروك وإلى الأمام  دائما . 

                                (  بقلم  :  حاتم  جوعيه  - المغار - الجليل  )

مجلس النواب الوطني المرتقب/ لطيف شاكر


بعد نشر مقالي المعنون " اوقفوا انتخابات مجلس الشعب" ورد لي علي الفيسبوك  بعض التعليقات  الرافضة  للاقتراح بحجة
انه  لا يوجد دولة  دون سلطة تشربعبة التي تحمي المواطن فالمجلس التشريعي هو حصن امان للمواطن وهو السند له في شكواه والحصول علي حقوقه والتصدي للسلطة الحاكمة اذا انحازت للباطل  .
وهذا صحيح وحق لاتوجد دولة محترمة دون مجلس تشريعي ومن يقول عكس هذا يكون غير عاقل .
ومجلس النواب (وفق دستور مصر 2014) - مجلس الشعب سابقاً (وفق دستور مصر 1971)- هو السلطة التشريعية بجمهورية مصر ويتولى اختصاصات مختلفة ,وورد النص عليها في الباب الخامس من الدستور، وفقا للمادة 101يتولى مجلس النواب سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، وذلك كله على النحو المبين فى الدستور.ويتكون من مجموعة من الأفراد يطلق عليهم اسم النواب أو الممثلين.
ولم اطلب ابدا الغاء انتخابات المجلس التشريعي بل ايقاف اي ارجاء الانتخابات للوقت المناسب ,وهذا ماوضحته في متن المقال السابق .
وهنا يرد ثلاث اسئلة  ضرورية  :
 متي يكون  موعد انتخابات المجلس التشريعي؟
وكيف تدير الدولة شئونها دون المجلس؟
وهل هذا وفقا لنصوص للدستور ام مخالفا له ولخارطة الطريق؟
والاجابة علي السؤال الاول يمكن ان نوجزه في الاتي:
-       عندما يستقر الامن الداخلي ويعم  السلام  ربوع  الوطن , ولا ينشغل  أهل السياسة بمشاكلهم وصراعاتهم فيما بينهم .
-       عندما  لاتعترف الدولة بالاحزاب الدينية او التي تلبس عباءة مدنية .
-       عندما تكون الدولة مدنية ليبرالية ديمقراطية  ليس بالكلام  ولكن بالفعل والممارسة .
-       عندما تجمد الدولة اصوات التيار الاسلامي  السياسي والفلول في الترشيح  لعضوية المجلس التشريعي  في هذه الدورة  ,كما فعلت المانيا  في اقصاء الحزب النازي من الترشح للمجالس التشريعية.
-       عندما  يتفصل الدين عن السياسة ويكون الدين في المساجد والكنائس ,كما فعل كمال اتاتورك  بابعاد المؤسسة
-       الدينية عن الانخراط في السياسة وعن مجالي التربية والتعليم  ,مع عدم اعتبار الدين بغيبياته أسسا مقبولة للمعرفة، ولا للعلم .
-       عندما تتأصل الهوية المصرية ,ولا يكون سوي هوية واحدة وبالتالي  تتجذر المواطنة  لجميع الشعب .
-       وبالرغم من حدود الوطن  الخارجية  الملتهبة نارا, كرجل مصاب بضعف في أطرافه، ويحتاج إلي كثير من العلاج والمتابعة لا المسكنات، حيث الحال  حاليا علي  الحدود المصرية سواء في سيناء شرقا أو مطروح غربا أو النوبة جنوبا، الا ان هذا لايمثل خوفا او قلقا للدولة  ، امام وحدة الشعب المصري بكل طوائفه  وتعميق  الانتماء للوطن  والولاء له ,ولاننزعج من المتربصين علي الحدود , ولا يمثل  ارهابهم شئ يذكر  فلا خوف علي وطننا العزيز, لان الشعب  كما تعلمنا  من التاريخ لاينهزم يل دائما يحالفه الانتصار ولو بعد حين, ولانجزع  من  اي عدون  او اي تصدي خارجي او تسلل او اختراق لحدودنا من عصابات الارهاب او شراذم التخريب او الاسلام السياسي.
-       وحينئذ تفتح  ابواب الترشيح لمجلس النواب علي مصراعيها  بشكل وطني شفاف , ويكون المجلس معبرا عن ارادة الشعب ورغباته لنهضة مصر, ونحو حياة افضل للشعب .
-       والسؤال الثاني كيف تدير الدولة شئونها دون المجلس التشريعي وطبعا هذا غير مستحب او مقبول ,لانه مطلوب حكم الشعب ورفض الحكم الفردي , وعلاج هذا الموضوع الآن وليس الغد ,هو ان ترشح كل نقابة وهيئىة عامة او اهلية  -كما تراها الدولة -عضوا من بين صفوفها ,وتتأسس لجنة من هؤلاء الاعضاء ليقوموا بدور المجلس التشريعي مؤقتا ولهم صلاحيات المجلس ,لحين تشكيل  مجلس النواب المرتقب  ,وعرض ماقررته اللجنة علي المجلس بعد انتخابه  ليوافق عليه او يرفضه او يعدله , ويكون بهذا .. الشعب متمثلا في نقاباته وهيئاته في لجنة تشريعية مصغرة تقوم بالاختصاصات التشريعية الواجبة .
-       اما بالنسبة للسؤال الثالث فالدستور وخارطة الطريق  ليسا كتب مقدسة منزلة من فوق فهما من صتع البشر ويمكن تعديلهما وفقا للوضع الراهن بحيث يكون تشكيل هذه اللجنة مضافة بالدستور  المعدل والمحتاج الي تعديلات عديدة  ليفي بحاجة الشعب ,لاسيما ان الدستور وخارطة الطريق وضعا من اجل المواطن وصلاح الوطن وليس العكس .