ما سر حضور الأساطير في الفلسفة؟/ د زهير الخويلدي

" الأسطورة أول مغامرة يقوم بها العقل البشري" أرنست كاسرر

هناك رأي شائع حول علاقة الأسطورة بالفلسفة يتحدث على ضرورة القطع بينهما باعتبار أن الفلسفة هي لوغوس ( قول برهاني يبحث عن الحقيقة ويعتمد العقل) والأسطورة هي خرافة تتحدث عن قصة خيالية.

غير أن هذا التصور خاطئ لأن القول الفلسفي انبجس منذ اللحظة الأولى من الأسطورة وتبلور عن طريق الشعر والتراجيديا كما أكد على ذلك فريديريك نيتشه في كتابيه مولد التراجيديا ومولد الفلسفة في العصر التراجيدي . كما تضمنت محاورات أفلاطون قصائد لهوميروس واقتباسات من ملحمة الإلياذة والأوديسة.

علاوة على أن أرسطو خفض من قيمة القول التخييلي الأسطوري في كتبه المنطقية وقربه من السفسطة والجدل ولكنه في كتاب فن الشعر رفع من دوره عند تطرقه إلى المحاكاة والحبكة والفعل وتمييزه بين الملحمي والمأساوي والكوميدي وتنصيصه على علاقة التشابك بين الفنان والطبيعة والصناعة والأخلاق.

بناء على ذلك تهتم الفلسفة بإنتاج الخطاب العقلاني وتستعمل لغة المفهوم وتتصيد طرق الكشف عن الحقائق وإيضاح المعاني وتشريع القيم وتأسيس المرجعيات ولكن أن تهتم بالأسطورة وما يرافق ذلك من تطرق إلى الخرافة والتفات إلى التقاليد والتاريخ الغابر واستنجاد بالخيال والذاكرة وتبرير حدوث الوهم والتلاعب بمقولات المنطق وإطاري الزمان والمكان يدعو الاستغراب ويحمل الدهشة ويمثل مفارقة من جهة السائد. فهل تنظر الفلسفة إلى الأسطورة مثلما تنظر إلى سائر المواضيع؟ وكيف يحدث اللّوغوس قطيعة مع الميتوس؟ لماذا تتضاد الأسطورة مع الفلسفة ؟ وهل يمكن أن تتحول الفلسفة إلى أسطورة؟

يحيل المعنى اللّغوي الإغريقي (Mûthos - ميتوس) إلى التعبير عن التفكير والقول الاستدلالي الذي يتحدث عن الماضي ولكن موقف أفلاطون صاغه وفق رؤية نقدية وبلوره في شكل حكاية تخبر عن أحداث الماضي بطريقة خيالية وتحمل رسالة تتناقلها الأجيال وتتضمن جملة من القصص والمغامرات.

من المعهود أن الشاعر يضطلع بدور حكائي ويقص الأساطير في شكل ملاحم وأناشيد ويتقن فن التأثير في الجمهور ويعمل على استمالة السامعين عن طريق التشبيه والتخييل وضرب الأمثال واستعمال المغالطات حينا وتقديم الحجج المنطقية والبراهين العلمية والقرائن الواقعية في سبيل الإقناع والإفحام.

في هذا الصدد طرحت الفلسفة مشكل تأويل الأساطير واشتغلت على اللغة الرمزية التي تشكلت منها وحاولت وضع جملة من الشروط والمعايير قصد الظفر بالدلالات والقبض على المعاني التي تزخر بها. غير أن المطلوب من مؤول الأساطير هو التحلي بالحكمة والحصول على خبرة السنوات والدراية بتقلبات الدهر والمعرفة الشاملة بشروط قيام الدول وانحطاط الحضارات وأمزجة الشعوب والتمثلات الثقافية. تتمثل المفارقة في توجيه الأساطير نحو الأطفال قصد توسيع ملكة الحلم لديهم وتشذيب القدرة على التجريد والاستطلاع والسفر بهم عبر عوالم الزمان والمكان وتمكينهم من زيارة العجائب والغرائب ولكن من جهة ثانية يطلب من المرء عند مرحلة النضج التخلص من الرؤية الأسطورية للعالم واعتماد الرؤية العلمية والتفسير العقلي وفي مستوى متأخر يختص الشيخ المسن بمهمة تأويل الأساطير وتبسيطها للعموم. فكيف تساعد الأسطورة الفكر العلمي على التقدم؟ وماهو دور التخييل والتوهم في بناء الأنساق الفلسفية؟ ألم تتحول الفلسفة الى أسطورة عقلية؟ أليست الأساطير هي الشذرات الأولى التي انبجس منها التفلسف؟

كاتب فلسفي

ينمو العطرُ.. يكحّلُ جفونَ المشاحيف/ كريم عبدالله

في آخرِ الليلِ فراشةٌ هناك ../ تتقمّصُ داليةً يعاندها كرسيٌّ هزّاز ..../ وبأريجِ العذارى مجسّاتها تنبضُ ...
تحتَ زَغَبِ عشب بحيراتهِ ../ تتسلّقُ قافية المكان ../ تهشُّ وسنَ الترنّح ...
تلتفُّ بالقادمِ منَ الماضي ../ شرنقةً منْ فوقِ تلالِ الحلم ../ تسقطُ نقطةَ ضوءٍ على شراشفِ أوهامهِ ../ تضاجعُ ترنيمات الجذور
ما أكثرَ أجفان الليل .../ والشبابيكُ القابضاتِ بجمرةِ اللوعةِ ../ تنشجُ كلّما تسقطُ الثمار ...!
ينمو العطرُ يُكحّلُ جفونَ المشاحيف ../ يختمُ أذيالَ بحرٍ هاربٍ بغربتهِ ../ حتى الأنامل تخلّتْ منْ تلويحِ الأشرعة
حتى النهود قفزتْ منْ محاجرِ الأسوار ـــ عاريةً تحتضنُ خطوةً متوّجةً بالوخز ...
الذينَ خذلوا سنواتِ البساتين ـــ علّقوا شاهدات الربيعِ تحتضر
وسلالُ القشِ مخبوءةٌ تحتَ موجةِ دمعٍ ../ حيرى ........./ تتيمّمُ بـ ملحِ الجسد .../ .......
حتى كستناء اللهفةِ تموءُ بردانةً ../ السراديبُ المثمرةِ تلملمُ أوراق خريفها ../ ترصّعُ الأبوابَ بالتمنّي
الطيوفُ تجلو بيضَ الليل ../ والعطشُ يصهلُ كلّما تجفُّ آبارَ القباب ../ تتفطّرُ على راحةِ الأنتظار
يا أيّتها القابضة بعرشِ المحيط ../ إستدرجي الغيومَ لأناشيدكِ ../ فمراحك المنكفيء على منحدرِ الأهدابِ يُزهر
فربما ........../ ترجفُ .........../ ....... وسيقانُ ...../ .... زهرةٍ ...../ يبللها مطراً عذري .../ ...........
فتعالي وهزّي أجزاءَ حزنكِ ../ فمنعطفات المنافي تغشّتْ بليلِ شَعركِ ..../ وعباءتها .....................!
تعالي ...../ ــــــــــــــــــــــــــ
تعالي ـــــــــــــــــــ / ............../ فقشعريرة الصخر على لهيب النشوةِ ترفرفُ ..../ وتوقظُ قناديلَ السفح ..............

بغداد ــ العراق

حزب الله بعد سقوط الأسد.. احتلال بيروت/ محمد فاروق الإمام

بعد كل الذي حصل في العاصمة اليمنية صنعاء من اجتياح الحوثين لها واحتلالهم لكل المرافق الحكومية والعسكرية والإعلامية في رابعة النهار، واعتداءاتهم على بيوت رجال الحكم والشخصيات الإسلامية والوطنية، وإحراق بعضها ونهب بعضها الآخر، وفرض الأمر الواقع على الحكومة التي انهارت خلال سويعات قليلة، وعقد اتفاق مذل معها، وتنفيذ بنود الاتفاق بانتقائية ومعايير ومفاهيم خاصة لا يمكن تفسيرها أو تحليلها؛ إلا بالقول إن الحوثيين اجتاحوا العاصمة صنعاء بقوة السلاح، ولن يخرجوا منها إلا كما دخلوها بقوة السلاح، فما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة!
ما حصل في صنعاء يذكرنا بما فعله حزب الله عندما اجتاح بيروت في السابع من أيار عام 2007، والخشية بأن تتكرر مثل هذه الحالة ويعود الحزب ثانية لاحتلال بيروت وهو يمتلك القوة والسلاح وقد أدار ظهره للعدو الصهيوني بعد اتخاذه قرار عدم الصدام مع الجيش الإسرائيلي عقب إعلان أمينه العام حسن نصر الله بأن حرب عام 2006 مع إسرائيل ستكون الحرب الأخيرة، وبالفعل هذا ما حصل فقد حرّك حزب الله ميليشياته وأسلحته باتجاه سورية لدعم الأسد في قتله للسوريين وتخريب وتدمير المدن والبلدات والقرى السورية، واحتلاله عدداً من البلدات والقرى السورية المتاخمة للحدود اللبنانية بذريعة حماية أهلها من االشيعة، قام بذلك حزب الله عندما شعر أن الأسد يكاد ان ينهار أمام ضربات الجيش الحر وهبة الشعب السوري، مما جعل نظام الأسد يقف على رجليه؛ بتدخل حزب الله وبعض المرتزقة من إيران والعراق وبعض البلدان الإسلامية والعربية التي لبت نداء الأسد وجاءت من كل فج عميق مسرعة للحيلولة دون سقوط الأسد وانهيار نظامه.
أوساط لبنانية وعربية وغربية تبدي خشيتها من تكرار سيناريو الحوثيين في لبنان بعد النصر الكبير الذي حققوه في صنعاء، بتحرك حزب الله باتجاه العاصمة اللبنانية بيروت إذا ما شعر بأن النظام السوري على وشك الانهيار، أو شعر أن دعمه له لم يعد يحول دون سقوطه. 
ورغم التطمينات التي يحاول الأمين العام لحزب الله  حسن نصر الله؛ في كل إطلالة له منذ بدء الأزمة السورية من إشاعتها لدى مناصريه إلا أن الحديث في الغرف المغلقة؛ يختلف تماماً عما يحاول نصر الله إشاعته لقاعدته الشعبية.
وكشفت مصادر قريبة من حزب الله أن هناك عدة سيناريوهات يتم تداولها تحاكي مرحلة ما بعد الاسد، ومنها ما يقوم على البدء بتحرك ميداني سريع؛ لكن على نطاق أوسع بما يشبه انقلابا عسكريا، وذلك وفقا لخطة سبق أن تم الاتفاق عليها بالتنسيق مع أطراف داخلية حليفة وموالية للحزب ومنها الجيش اللبناني. 
وتابعت تلك المصادر: "في اللحظة التي يشعر فيها حزب الله أن سقوط نظام الأسد قد بات وشيكا نتيجة لما يحصل اليوم على الأراضي السورية جراء المساعي لتقوية الجيش الحر الذي يصر على مواجهة نظام الأسد وإسقاطه تزامناً مع مواجهة تنظيم داعش، بغض النظر عما يقوم به التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي يقوم بتوجيه ضربات جوية لتجمعات ومقار تنظيم داعش داخل سورية، وهناك مؤشرات على الأرض تنبئ بقرب سقوط نظام الأسد، وحزب الله تحسباً لهذا السقوط الذي قد يكون مفاجئاً؛ فإنه يُعدّ بعض فصائله وألويته  للتدخل السريع للسيطرة على بيروت في شقيها الغربي والشرقي، ويفعل بها كما فعل الحوثيون في صنعاء، مستخدما السلاح الذي يمتلكه والميليشيا المدربة التي تأتمر بأمره، بمباركة ودعم وتوجيه من أصحاب القرار في قم وطهران، وعندها سيجد القادة اللبنانيون أنفسهم في وضع مذل ومهان يمرغون أنوفهم على أعتاب حزب الله، الذي سيفرض عليهم اتفاقاً أشد إيلاماً وإذلالاً من الاتفاق الذي عقده الحوثيون مع الحكومة اليمنية، التي تخلى عنها الجميع.. وسارع الجميع "الأمم المتحدة والغرب والشرق والعواصم العربية لمباركة هذا الاتفاق" وهذا جلُّ ما سيجده زعماء لبنان ممن يسمون أصدقاء لبنان وحلفاءه.

سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي: من الأعماق.. شكرا لك/ أنطوني ولسن

الشعب المصري وشعوب العالم كانت أنظارها موجهة إلى ذلك اليوم التاريخي بالنسبة لمصر والأوضاع في العالم خاصة ما يدور من أحاديث ومؤامرات وسفك دماء أبرياء على أيدي جماعات استخدمت الدين وسيلة لقتل الأبرياء والتمثيل بجثثهم والإستعراض الدموي باللعب برؤس الضحايا ، وهم يكبرون ويهللون دون حرمة الجسد الذي خلقه الله . والغريب أنهم يتشدقون بإيمانهم ويهتفون بإسم رسولهم " وهو منهم بريء " . بل الأدهي أن علمهم الأسود مثل قلوبهم وعقولهم المريضة يرسمون دائرة ويكتبون في داخلها " الله وتحتها كلمة رسول وتحت هذه الكلمة إسم نبي الإسلام محمد " صلعم " .. " الله رسول محمد " ، إن دل هذا على شيء إنما يدل على أنهم مغيبون دون شك . فكيف يكون الله رسولا للنبي محمد " صلعم ".بينما العكس هوالصحيح! .

لذلك كانت زيارتكم لها أهمية كبرى بالنسبة لمصر والمنطقة العربية والعالم من هم إلى جانب مصر ومن هم أعداء مصر . ووضحت الصورة في خطابكم المتزن الرصين الذي لم يحتوي على إهانات لأحد أو تسفيه لأشخاص أو حتى على كراهية لدولة بعينها أو رئيس بعينه . شد خطابكم أركان المعمورة عبر التلفاز ، وكل الحضور في المؤتمر بما فيهم أردوغان تركيا ، الذي أحسنت عملا بعدم لقاءه . لأنه لا يستحق شرف مصافحتكم له .

الكتاب والأعلاميون رجالا كانوا أو نساء تحملن مشقات السفر لأنها واجب مقدس كان عليهم القيام بهم . واجهوا في مطار نيويورك الشتائم ومحاولات الإعتداء ، بل البعض منهم إعتدي على الأعلامي يوسف الحسيني . الشيء الغريب أن نساء الأخوان إستخدمن ألفاظا نابية مشاركين الرجال الأوباش في النطق بها . فهل هذا يعطي المشاهد أو المستمع الصورة التي يحاولون بها إقناع الشعوب المتحضرة أنهم أهل سلطة وحكم ؟ لا أظن فقد أهانوا نفسهم وأثبتوا أنهم رعاع ولا ينتمون إلى مصر وقد تبرأت منهم مصر وإلى الأبد . بينما أثبت الحسيني ومن أُهينوا أنهم أشرف وأفضل منكم . وهذا كنا نعرفه منذ بداية نشأتكم .

سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لقد إستقبلتكم الجالية المصرية إستقبال الأعتزاز والإفتخاربكم . وكيف لا يفتخرون برجل الحرب والسلام والمخابرات !. كم نحن فخورين بكم سيادة الرئيس لأنكم سواء في إلقاء الخطاب أو اللقاءات التي تمت بينكم وبين كسينجر وأوباما وطبيعي مع غيرهم من رجال ونساء السياسة في العالم .

سيادة الرئيس حمدا لله على سلامة وصولكم . وشكرا لكم على إستعادت مصر لكرامتها وتاريخها الطويل الذي يعتبر أطول تاريخ حضاري في العالم كله .

الحوثيون يغيرون قواعد اللعبة/ راسم عبيدات


القضايا والمعارك بين المحورين الأمريكي والروسي متشابكة ومترابطة من اوكرانيا وحتى اليمن،وكل يحاول ان يقزم ويحد من نفوذ ودور الآخر، أمريكا تدخلت في اوكرانيا وارادت ان تضغط على روسيا بمقايضة حماية المصالح الروسية في اوكرانيا مقابل تلين الموقف الروسي من القضية السورية،ولكن أمريكا تدرك جيدا بأن اوكرانيا وسوريا،هي ضمن الخطوط الحمر للمصالح الروسية الإستراتيجية في المنطقة،فكلاهما يشكلان المنفذ لروسيا على البحرين الأسود والمتوسط،وبالتالي سيطرة الغرب على أي منهما يشكل تهديد جدي للمصالح الروسية وخصوصا خطوط النفط والغاز ،وامريكا ضربت في العراق وخلقت "داعش" لكي تمنع تمدد الحلف الروسي من موسكو حتى فلسطين،وهي تشعر بأن نجاح مثل هذا التحالف يشكل خطر جدي على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة،وأيضاً هي تراقب عن كثب ما يحدث في منطقة الخليج العربي،والتي تشكل قاعدة أساسية لها،ليس فقط لجهة القواعد العسكرية الأمريكية هناك،بل الشيء الأهم انها تشكل شريان اساسي لتزويدها بمصادر الطاقة ولرفاهية سكانها،النفط والغاز،وكذلك التحكم والسيطرة ب وعلى باب المندب والبحر الأحمر،واليمن الذي إجتاحته حمى ما يسمى ب"ثورات الربيع العربي" كان يجري العمل على تقسيمه وإشعال الفتن المذهبية والقبلية فيه من قبل جماعة الإخوان المسلمين والكمبرادورية المتعفنة والبرجوازية اللاوطنية المتحالفة مع السعودية،والتي تنهب خيرات وثروات البلد وتفقرها وترفع من معدلات الفساد والجوع والبطالة والتخلف فيها،والسعودية تريد لليمن ان يبقى فقيرا ومقسماً ومعتمداً عليها،وفي المقابل كان الحوثيين يقودون ثورة شعبية جماهيرية ديمقراطية،من اجل الإصلاح ومحاربة الفساد والتغيير،ووقف تغول وتوحش القوى الطفيلية والفاسدة على مؤسسات الدولة والجماهير الشعبية ونهب خيرات وثروات البلاد،وامريكا لم تكن بوارد حساباتها هي ومشيخات النفط بأن الحوثييون قد يستطيعون السيطرة على اليمن،ولكن ثبت بالملموس بان الجماهير اليمنية وقفت الى جانبهم،وسهلت هي وقطاعات الجيش السيطرة لهم على العاصمة صنعاء،وبالسيطرة الحوثية على اليمن،يعني بأن الروس والإيرانيين على أبواب باب المندب والبحر الأحمر،وهذا يشكل تهديد جدي للمصالح الأمريكية والسعودية في المنطقة،فعدا ان الحوثيين قد منعوا تقسيم وتفتيت اليمن وأسقطوا هذا الخيار،فإن ما حصل في اليمن قد يمتد الى البحرين والكويت وبالتالي يصبح خطر جدي على حلفاء امريكا من المشيخات النفطية السعودية وقطر والإمارات،ولذلك وجدنا بان امريكا والتي كانت تعمل على تشكيل ما يسمى بحلف دولي لمحاربة إرهاب"داعش" صنيعتها في العراق وسوريا، وتعد العدة لضربها في العراق اولاً قبل سوريا قد غيرت من إتجاه الضربة واستهدفت سوريا قبل العراق بمشاركة من مشيخات النفط الخليجية في رسالة واضحة لروسيا وايران،بان اليمن سيكون مقابلها سوريا،والشيء اللافت مدى الذعر الذي اصاب آل سعود من ما حدث في اليمن،حيث طلب وزير الخارجية السعودية لقاءا عاجلاً مع وزير الخارجية الإيراني،في الوقت الذي كانت فيه السعودية تقود التشدد ضد أي مصالحة أمريكية - اوروبية غربية مع ايران،فيما يتعلق بملفها النووي،وكانت تحث امريكا على ضرب ايران،ومنع أي تقارب معها،وكذلك عربياً وإسلامياً حرضت عليها من منطلقات مذهبية،وصورت للعرب بان الخطر الجدي والحقيقي عليهم وعلى ثرواتهم وبلدانهم من ايران وليس من إسرائيل،ولكن تغيرت الأمور بعد سيطرة الحوثيين على اليمن،وأذعنت السعودية مذعورة،واعلنت عقب اللقاء بين وزيري خارجيتهما،عن بدء علاقات سعودية - ايرانية جديدة،تشن لمرحلة مقبلة تكون فيها ايران شريكاً أساسيا ومقرراً في ملفات المنطقة العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين وغيرها،وتداعيات الزلازال اليمني ستتجاوز حدود اليمن ومنطقة الخليج العربي،لتطال تأثيراتها كامل المنطقة،وما حدث في اليمن قد يمهد لتسوية إقليمية شاملة ما بين موسكو وواشنطن،وبداية للحلحة وحلحلة في الملف السوري،وقد تندفع الأمور نحو التسويات الشاملة،او قد تنزلق الأمور نحو حروب قد تخرج عن إطارها الإقليمي،ويبقى السؤال الهام والجوهري،هل ستسلم السعودية بسيطرة الحوثيين على اليمن،أما ستعمل على إثارة الفتن لجره الى مربعات الحرب الأهلية..؟؟ وهل ما حصل في اليمن يعني سقوط مدوي لمشروع الإخوان المسلمين،الذي بات يطارده الفشل،بعد صعوده العاصف من بعد ما يسمى ب"ثورات الربيع العربي" وسيطرته على الحكم في أكثر من قطر عربي مصر،تونس وليبيا،ولكن تعثر المشروع في سوريا وسقوطه المدوي في مصر وليبيا،جعل هذا المشروع يواجه الفشل والسقوط بشكل غير مسبوق منذ تأسيسه على يد سيد قطب في عام 1928،والذي منذ ذلك التاريخ كان يتكىء على خطاب المظلومية والمعارضة المضطهدة والمقموعة من قبل الأنظمة،وتبني مطالب الجماهير الشعبية ودعمها ومساندتها،ولكي تكتشف الجماهير الشعبية،بأن ما يهم الإخوان هو السلطة ومصالحهم،وهم بمثابة الجسر الذي يمر عليه الإخوان من اجل الوصول للسلطة وتحقيق مشروعهم باخونة المجتمع والسلطة والدولة..؟؟.

أسئلة كثيرة وتطورات عاصفة في المنطقة تحدث،من شأنها تغير الجيوسياسي للمنطقة،واللافت في كل ما يجري بأن العرب لا يقررون مصائرهم،أو يمتلكون قرارهم المستقل،او حتى أي ثقل او وزن للدفاع عن مصالحهم،بل يجري التحكم بقراراتهم ومصيرهم من قبل الآخرين،فهم يساقون للذبح كالنعاج،امريكا وفق مصالحها واهدافها تحدد لهم الأعداء والأصدقاء،وتطالبهم بالتصرف على أساس تلك القاعدة،تارة يحرضونهم على ايران على أساس انها عدوهم المركزي،وبعد التصالح مع ايران،ينقلونهم لدفع اموالهم وضخ احتياط بشري للقتال في سوريا ضد النظام السوري،ومن ثم القتال ضد الجماعات الإرهابية والتكفيرية التي اوجدتها حواضن الإرهاب والتكفير ودفيئاته في الخليج العربي،ودعمتها وامدتها بكل مصادر القوة امريكا والغرب الإستعماري خدمة لأهدافهم ومصالحهم،ولا غرابة الآن من ان الحرب ستتحول  ضد الحوثيين على اعتبار أن البلاد على شفا حرب اهلية،والحوثيين سيعملون على اضطهاد مكونات ومركبات المجتمع اليمني الأخرى،ولكن بات من الواضح بأن المتغيرات التي حصلت في اليمن سيستتبعها متغيرات اخرى في المنطقة،من شأنها ان تنهي حكم وسلطة مشيخات النفط التي حولت دولها وبلدانها الى مزارع واقطاعيات ومماليك خاصة،تنهب خيراتها وثرواتها وتورثها لأبنائها،وتعمل على تجويع وإفقار شعوبها،فلا الوضع في البحرين ولا الكويت ولا حتى قطر والسعودية سيبقى على ما هو عليه،فالتغيير قادم لا محالة،ومن خلق واوجد الجماعات الإرهابية والتكفيرية سيكتوي بنارها وإرهابها سيرتد إليه.

قاطرة التغيير بدأت باليمن وهي مستمرة لتنهي عقود من التسلط والديكتاتورية وإذلال الشعوب وحرمانها من ابسط حقوقها على يد ملوك وشيوخ وامراء إستعبدوها وأذلوها.

ماذا لو صحّ هذا السيناريو؟/ صبحي غندور

ما زلت أذكر ما شاهدته منذ عقدٍ من الزمن على محطة "سي أن أن" الأميركية من تفاصيل شهادة كونداليسا رايس (التي كانت تشغل آنذاك منصب مستشارة الرئيس جورج بوش الابن لشؤون الأمن القومي) أمام لجنة من أعضاء الكونغرس الأميركي كانت تحقّق في أحداث 11 سبتمبر 2001، حيث واجه أحدهم المستشارة رايس بتقرير مطبوع مرسل من وكالة المخابرات الأميركية إلى الرئيس بوش في شهر آب/أغسطس 2001، أي قبل شهر تقريباً من وقوع الهجمات في أميركا.  وكان عنوان التقرير: "القاعدة تهيء لهجوم على نيويورك وواشنطن". وقد كان ذلك موقفاً محرجاً جداً للمستشارة رايس، والتي ارتبكت في الإجابة عن السؤال الموجّه لها عن سبب عدم أخذ الاجراءات الأمنية اللازمة لمنع حدوث الهجمات.
طبعاً، كانت إدارة جورج بوش الابن مسيّرة من قبل مجموعة من "المحافظين الجدد"، وفي مقدّمتهم نائب الرئيس ريتشارد تشيني، والذين كانوا يبحثون عن أعذار أمنية لتنفيذ أجندة سياسية داخلية وخارجية، من ضمنها غزو العراق وتغيير خريطة "الشرق الأوسط"، وبما يتناسب مع سياسة الحليف الإسرائيلي الأبرز لهم حينها، بنيامين نتنياهو.
كانت إدارة جورج بوش الابن هي الحاضنة والمنفّذة لكلّ السياسات التي وضعها، في أواسط التسعينات، جملةٌ من "المحافظين الجدد" في الولايات المتحدة، بالتنسيق مع معاهد وشخصيات معروفة بعلاقتها الوطيدة بإسرائيل، بل كان لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو دورٌ مباشر فيها آنذاك من خلال ما يُعرف باسم وثيقة: «الانفصال عن الماضي: إستراتيجية جديدة لتأمين الأمن» Clean Break التي صاغها في العام 1996 ثمانية من كبار "المحافظين الجدد" والذين حاز بعضهم على مسؤوليات كبيرة في الإدارة الجمهورية السابقة، وكان لهم القرار في الحرب على العراق وفي إطلاق مقولة "الحرب على الإرهاب" في العالم الإسلامي.
 أتذكّر الآن هذه التفاصيل عن مرحلة سابقة عاشتها الولايات المتحدة والعالم قبل 13 عاماً حيث كانت "الحرب الأميركية على الإرهاب" آنذاك مقدّمة لغزو أفغانستان، ثمّ للحرب الإسرائيلية التي قادها شارون في العام 2002 على منظمة التحرير الفلسطينية ومقر قيادتها في رام الله، ثمّ احتلال العراق في العام 2003، ثمّ اغتيال رفيق الحريري في لبنان واخراج القوات السورية منه في العام 2005، ثمّ الحرب الإسرائيلية على المقاومة في لبنان وغزّة في العام 2006.. وهي كلّها تداعيات لما بعد أحداث سبتمبر 2001 وللحرب على "نجم الإرهاب" حينها: جماعات "القاعدة".
الآن، إدارة أوباما بدأت تهيء العالم لحربٍ جديدة على اسمٍ إرهابي جديد (داعش)، لكنّه نسخة "طبق الأصل" عن أصله "القاعدي" فكراً وممارسةً، بل أشدّ إجراماً في الأساليب وأكثر نفاقاً باستخدام التسميات الدينية الإسلامية. فهل أميركا والعالم والمنطقة العربية أمام أيضاً "نسخة طبق الأصل" عن مشاريع الإدارة السابقة وأجنداتها الداخلية الخارجية؟!.
أعتقد أنّنا أمام حالة معاكسة تماماً، وإن كان المشترك بين المرحلتين (2001 و2014)، هو منهج توظيف ما يحدث لصالح هدف إبقاء الهيمنة الأميركية في العالم. فصحيح أنّ ما قامت به إدارة جورج بوش الابن قد أضّر كثيراً بالمصالح والثروات الأميركية، لكن مبرّره "الإستراتيجي" كان الإبقاء على القيادة الأميركية للعالم، بل جعل الأرض كلّها ملحقات أمنية وسياسية للإمبراطورية الأميركية. وطبعاً احتاج هذا الهدف لدى واضعيه، الهيمنة أولاً على كل المنطقة العربية وعلى كل الثروات النفطية فيها، وعلى التواجد العسكري القوي على أرضها، فهذه المنطقة هي قلب العالم الإسلامي وفيها مصدر الطاقة لدول كبرى في آسيا وأوروبا، وهي تربط القارات القديمة الثلاث (إفريقيا وآسيا وأوروبا)، وعلى أرضها جذور الحضارات الإنسانية وكل المقدّسات الدينية.
لقد خدمت الإدارة البوشية السابقة في سياساتها حليفها الإسرائيلي بالنسبة نفسها التي أضرّت فيها بالمصالح الأميركية، كما أوصلت الولايات المتحدة إلى حافة الانهيار الاقتصادي ممّا دفع الأميركيين إلى إسقاطها مرّتين: الأولى بالانتخابات "النصفية" في العام 2006 حيث وصلت غالبيةٌ "ديمقراطية" إلى مجلسي الكونغرس، وصدرت آنذاك وثيقة "بيكر-هاملتون" التي تبنّاها لاحقاً باراك أوباما، ثمّ المرّة الثانية بالانتخابات الرئاسية في العام 2008 حينما فاز أوباما بمنصب الرئاسة، والذي كانت حملته الانتخابية تقوم على مناهضة سياسات الإدارة السابقة وخاصّةً حروبها الخارجية. فهل يعقل أن يكرّر الرئيس أوباما سياسةً كانت مدانة أميركياً وعالمياً.. وشخصياً منه؟!     
وماذا لو صحّ هذا "السيناريو" الآن: أجهزة المخابرات الأميركية، (تماماً كما حدث في صيف العام 2001)، أبلغت "البيت الأبيض"، منذ مطلع العام الجاري، بوجود نموّ متصاعد لجماعات "داعش" على الأراضي السورية والعراقية، وبتقدّم عسكري لهذه الجماعات وبقرب اجتياحها لمناطق واسعة في العراق، لكن "البيت الأبيض"، وبعد جلسات طويلة مع عددٍ محدود من الأشخاص، بينهم وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل، قرّر تأجيل أي ردّة فعل أميركية على هذه المعلومات، من أجل توظيف أفعال هذه الجماعات الإرهابية لصالح أجندة سياسية تريدها إدارة أوباما في السنتين الباقيتين من عهدها. وهي أجندة معاكسة لما كانت عليه أجندة إدارة بوش من حيث الأساليب، لكنّها تطمح حتماً إلى تكريس ما قاله أوباما مؤخّراً عن ضرورة أن يكون القرن الحالي قرناً أميركياً أيضاً، كما كان القرن الماضي.
وفي هذا "السيناريو"، فإنّ أجندة أوباما الخارجية تريد تحقيق تسويات سياسية لأزمات مشتعلة الآن، وليس البدء بحروب جديدة كما فعلت الإدارة السابقة. تريد تحسين العلاقات مع إيران، لا إشعال حربٍ معها كما كان – وما يزال – يسعى لذلك نتنياهو وبعض "الجمهوريين" في الكونغرس. تريد الإنسحاب من أفغانستان مع حفظ التأثير الأميركي في هذا البلد والتحكّم بمساره السياسي، حتى لو اقتضى ذلك مستقبلاً صفقة مع حركة "طالبان" التي لم تكن بعيدة في نشأتها عن هذا "التأثير" الأميركي. وتريد هذه "الأجندة الأوبامية" حلاً سياسياً الآن للأزمة الدموية السورية، بعدما فشلت المراهنات على تغيير الحكم في دمشق من خلال بعض جماعات المعارضة المدعومة من واشنطن، والتي تقلّصت لصالح جماعات "النصرة" و"داعش" المصنّفة أميركياً بأنّها جماعات إرهابية، وحيث لا يمكن من دون البدء بحلٍّ سياسي للأزمة السورية تحقيق الاستقرار في لبنان وانتخاب رئيس جديد فيه، ولا أيضاً توفّر المناخ السياسي والأمني المرجو أميركياً للعراق، أو لتحقيق التقدّم في المفاوضات مع إيران.
أيضاً، أجندة أوباما الخارجية لم تتخلَّ بعد عن هدف إقامة "دولة فلسطينية"، وهي تريد تحقيق هذا الهدف قبل نهاية العام 2016 وربّما من خلال الدعوة لمؤتمر دولي شبيه بمؤتمر مدريد في العام 1991، وهذا يتطلّب تنسيقاً مع موسكو وطهران لضمان نجاح نتائجه، حيث من الممكن جعل المؤتمر شاملاً لكلّ عناصر وجبهات الصراع العربي- الإسرائيلي وتوقيع معاهدات على الجبهتين السورية واللبنانية، وتطبيق ما هو يُعرف باسم "المبادرة العربية"، ممّا يؤكّد الحاجة إلى تفاهمات مع موسكو وطهران ووضع تسوية سياسية للحرب الدائرة حالياً بأشكال مختلفة في سوريا.
وحتّى تتحقّق هذه "الأجندة الأوبامية"، فإنّ من المهم وجود "عدوّ مشترك" يجمع القوى المتناقضة إقليمياً ودولياً وفي المنطقة العربية، ويبرّر الكثير من الاتصالات والعلاقات مع "خصوم" الأمس، والحاجة لدعمهم في حربٍ أميركية مفتوحة أيضاً زمنياً (كما كانت حرب الإدارة السابقة)، لكنّها ستكون حرباً محصورةً جداً مكانياً، وعلى إرهابٍ هو فعلاً مصدر أخطار كبيرة على أمم وأوطان وشعوب، كما هو على مصالح دول وحكومات. 
لقد كانت حرب إدارة بوش على الإرهاب مقدّمة لتصدّع أوطان ول"فوضى خلاّقة" عانت وتعاني منها الكثير من البلاد العربية، ولم تتراجع إدارة أوباما عنها كثيراً في السنوات الماضية. فعسى أن تكون هذه "الحرب الجديدة" على الإرهاب مقدّمة لتصحيح مساراتٍ خاطئة في السياسة الأميركية، وعسى أيضاً أن تستفيد شعوب المنطقة وحكّامها من هذه الفرصة لإعادة وحدة نسيجها الوطني، ولوقف حروبها وصراعاتها الأهلية التي خدمت "أجندات" ومشاريع إقليمية ودولية، ليس أيٌّ منها عربياً أو إسلامياً.
وإذا صحّ هذا "السيناريو"، فإن الرئيس أوباما سيستحق في ختام فترة ولايته الثانية ما حصل عليه قبل قيامه بأي انجاز في بداية عهده ب"البيت الأبيض" من "جائزة نوبل" للسلام!.
22-9-2014
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

النقد في جاليتنا/ جورج هاشم

النقد ظاهرة حضارية. واختفاء النقد ظاهرة تخلف. والنقد لا يعني المديح او الهجاء. التبخير او التحقير. النقد يعني الموضوعية وذكر السلبيات إن وُجِدت. وبالطبع ذكر الايجابيات ان وجدت ايضاً. في المجتمعات الديموقراطية، لا يخشون من النقد الصريح الذي يضع النقاط على الحروف. إن كان في السياسة او في الادب او في اي شأن من شؤون الحياة... ويتقدمون...أما في البلدان الديكتاتورية فلا نقد ولا رأي آخر. فقط مديح او هجاء. والويل لمن يتجرأ ويرمي بحصة في المستنقع الراكد... ونزداد تخلفاً...
معظم النقد في عالمنا العربي هو من نوع المديح او الهجاء.. فمنذ الادب الجاهلي وانت "أشعر الناس يا ابن اخي"... أما كيف هو أشعر الناس؟ فهنا الجريمة لو سألت... معارك الهجاء رافقت الادب العربي منذ نشأته. أشهر معاركه أشعلتها عبارة " جرير يغرف من بحر، والفرزدق ينحت من صخر" . ورغم رقي العبارة عما تعود عليه العرب من نقد، الا انها أدَّت الى حرب طاحنة بين جرير من جهة والفرزدق والاخطل من جهة ثانية بمشاركة حشد من الشعراء في كل جانب. أُستعملت فيها كل انواع الشتائم والبذاءات. ولا زالت هذه البذاءات تتردد الى اليوم ضد كل من يتجرأ ويسأل سؤالاً او يبدي ملاحظة... ففي معظم  المعارك النقدية التي حصلت، كان ملخصها: لنا الصدر ولك القبر. أنا الاديب الاول، او الشاعر الاول، او الروائي الاول وأنت الصفر... افراد قلائل تقبلوا النقد وناقشوا الناقد بكل موضوعية ومحبة. مثل ما حصل بين شيخ نقّاد العربية مارون عبود وشاعر العصر "الملهم" نزار قباني. فقصيدة نزار" كان اسمها جانين/ لقيتها، أذكر، في باريس من سنين ... "  لم تعجب الناقد الكبير بعد ان اثنى على غيرها من قصائده. فرد نزار اروع رد قرأته لشاعر ...
أما النقد في جاليتنا فَ 99 % منه مديح او هجاء. تحقير او تبخير. لا حلول وسط. مصفقون ومطبلون ومزمرون وراقصون في أفراح سيدهم. يقول احدهم قصيدة لا تعرف طعم الشعر فيتأوهون: يا للروعة! اذا خربش احدهم مقالة مليئة بالاغلاط والمغالطات قالوا: انت الصحافي الاول.  او إن كتب احدهم قصة مفككة مخلعة اسبغوا عليه كل ما في جعبة افعل التفضيل من صفات الفخامة والروعة...  ثم لا يتورعون ان يقولوا في قفاه ما قاله الفرزدق في جرير... وفي الوقت نفسه يقولون الشيء نفسه عن المبدع حقاً فتضيع الطاسة، ولم يعد القارىء بقادر على التمييز بين الاديب الاصيل والاديب المتوَّج بالاكاذيب... المداحون هؤلاء ، المصفقون، المتبرعون بأكذب الالقاب والجوائز... نسوا او تناسوا ان المديح الكاذب لا يعيش... أحد شعراء الامير بشير الشهابي كان اسمه بطرس كرامه. ملأ الاسماع وتربع على عرش زمانه، وكان الاقرب للامير. لم يترك حركة او اشارة من اشارات الامير الا ووصفها شعراً: اذا ذهب للصيد، اذا خاض معركة، اذا شرب، اكل، نوع المأكولات، اذا ابتسم او عبس... اذا كتمت معدة الامير  قال فيها شعراً واذا اسهلت عدَّها الفرج الذي يعم البلاد والعباد... مَن منكم يحفظ بيتاً واحداً مما قاله بطرس كرامه؟ او مَن منكم لا زال يذكر شاعراً بهذا الاسم؟
المتنبي، شاعر العرب في كل العصور، كتب قصائد لا تحصى في مديح سيف الدولة الحمداني، وغيره الكثير. لفَّ النسيان معظمها ولم يبق منها الا المواقف الانسانية العامة المتزاوجة مع عبقرية المتنبي. كم قصيدة كتب، كاذباً، مادحاً كافور الاخشيدي طمعاً في ولاية؟ مَن منكم يتذكر منها بيتاً واحداً؟ لكنه حين اطلق غاضباً، صادقاً، متألماً: عيد بأية حال عدتَ يا عيد... مَن منكم لا يعرفها ولا يستشهد بأبياتها؟ وشوقي، امير الشعراء، الامارة التي انكرها عليه طه حسين والعقاد ، وحقَّراها عاد حسين يقدمها للعقاد على طبق من كذب... مَن يتذكر بيتاً واحداً من الوف قالها شوقي مادحاً وليَ نعمته الخديوي؟ ولما صرخ: وللحرية الحمراء باب... ترددت اصداؤها من المحيط الى الخليج ولا زالت من مخزون الذاكرة الشعبية في مواقف النضال...
سيقف الشاعر هو وقصائده، بعد عمر طويل، امام التاريخ دون طباليه. لن ينفعه عدد الايادي التي صفقت له في حياته. ولا عدد المقالات التي مدحته وخلعت عليه اجمل الالقاب. ولا عدد الجوائز التي حصل عليها... إن لم يكن في شعره ما يستحق الحياة. فسيموت الشعر قبل موت صاحبه... وهذا حال الادب بالاجمال... فالناقد الذي يدل على السلبيات قبل الايجابيات هو انفع للشاعر، على المدى الطويل، اذا لم يسكر من خمر المدّاحين المغشوش... الادب الاصيل لا يموت. أعرف شاعراً مات منذ اربعة عشر سنة. حاولوا اغراءه بامارة الشعر في استراليا فرفضها رغم انه الاشعر. ابتعد عن الاضواء والمصفقين النفعيين. لم يهتم يوماً بتدوين اشعاره. او بالدعاية لها. حصلتُ مؤخراً على بعض قصائده الرائعة. وانا اعمل حالياً على نشرها في كتاب. ولو لم افعل انا ذلك فلا شك سيأتي متذوق آخر ويجمعها...
فتواضع يا حامل القلم، ففي ادبك الغث والثمين كما في ادب كل من سبقوك دون استثناء. يجب ان تكون انت اول الناقدين لادبك. احذف ولا تخف. ولا تُثْبت الا ابناء الحياة. اما المخلوقات الادبية المشوهة فادفنها وخطيئتك في رقبتي. الوأد هنا فضيلة تُكافأ عليها في الاخرة... رغم اني اعرف ان الكثيرين منكم يعيشون ليومهم. وهم لا شك يعرفون... وانت ايها المطبِّل، عد للعشرة. احفظ ماء الوجه. اعط رأياً ان كان من اختصاصك، واحجم ان كنت لا تعرف... فليس العيب ان تقول: هذا ليس مجالي. العيب كل العيب ان تدَّعي المعرفة في كل شيء... أعرف ان هذا الكلام لن يرضي المتعيشين على أكف وحناجر اعضاء فرقة " حكّ لي لأحك لك..." ولكنه لا شك يرضي ضميري، كما يرضي الكثيرين ايضاً

شتات الشعوب العربية أبان التسعينات/ حسين محمد العراقي

من إرشيف الماضي المؤلم 

قتُل القذافي إذن ومن قبله أُعُدِم صدام حسين وبين هذا وذاك فر زين العابدين كلاجئ في المملكة  العربية السعودية ودُفن بن لادن بأيادٍ أمريكية في أعماق البحر 'الطويل' وحدث الذي حدث في منهاتن ومات الآلاف بالجوع في الصومال وأمتهنت حياتهم بالعذاب في ظلماً  وفقر جوع ومرض المفخخات ورصاص الكاتم القادم علينا الى  العراق  ومنذ عقود طويلة الى يومنا هذا  يباد الشعب في فلسطين المقهورة و الجريحة وتداس كرامته  لا حسيب ولا رقيب ويقمع في بورما وقضى جُل عمره وعلى مدى أكثر من ستة عقود  في شتات ودمار  وبالتالي  للأسف أن الحكام أعلاه نسوا الشتات الفلسطيني  بالمرة  وحتى العراقي والليبي يوم ذاك المأساة و الشتات الفلسطيني لحد هذه اللحظة رغم جراحهم وجُل ما يفكرون  به   الكرسي  وبس  ويقولون  الى شعوبهم نهجنا وعقيدتنا  هي ربكم فأعبدوها  وجعلوا شعوبهم كالرقيق  ومن لم يفهم الماضي لم يفهم الحاضر ولا مكان له في المستقبل؛؛؛
حكام العرب  أعلاه يستأسدون على شعوبهم  لأن بمفهومهم  هم المؤلهين والموهوبين  بحكمهم الدكتاتوري  والعسكري ونسوا أنهم  الى زوال الشعوب والأوطان  هي الباقية علماً جعلوا المنطقة العربية على صفيح ساخن لأنهم ضيعوا الثوابت وأنحرفوا بالمعاييرالحاكم العربي  صدام  حسين   الذي يقول أن البعث  أمتكم  وأنا ربكم فأعبدوني و أني  قادر وعلى كل شيء قدير وأنا الحاكم  الأول والأعدلوا  لأنني  أخترعت المشنقة الأولى و الحاكم الثاني  معمر القذافي  يقول الى شعبه في ليبيا أنا  الذي أُحيي وأنا الذي أميت وأنا مصمم  وباني  الأقبية والسجون الأبدية الى من يعارضني  علماً أنهُ  أول الداعمين  لأيران وباع العرب ومنهم  رفيق دربه صدام حسين  في حرب الثمانينات وسلاحه الذي أرسل الى أيران قتل الكثير من شعب العراق وبالتالي ذهب الى ربه لمواجهة محكمة العدل الألاهية وهي جهنم بسبب قسوته على شعبه والشعوب العربية ؛؛؛
الحاكم العربي حارب أعظم أختراع بشري هي نور الحقيقة (الديمقرطية )و صادر كل مقدراتنا وجعلنا نبحث عن لقمة العيش ولم نجدها و جيش جيوشه وأمنه ليحاربنا  الأحتراب النفسي الثقافي السياسي الأقتصادي نشتتكم نقتلكم أو نحكمكم  أو نعريكم تعرية الجسد من الملابس أو النفس من الحياء  أو الاخلاق من الآداب ونشردكم  ونعزلكم عن العالم والدليل الدامغ بشاهده وناظره  الحاكم العربي صدام حسين الذي شردني من وطني  لأكثر من عقد  وجعلني بلا عنوان  وبلا هوية وحرمني من فلذة كبدي من التسعينات ولحد الآن  لم أعرف مصيرها من خلال ظلمه وعنجهيته ودكتاتوريته وسياسته  الصبيانية التي جعلتنا نعيش( يوم الحشر؟) لكي يفلح بحكمه  أضف الى ذلك حصاره  الجائر على شعبه  من  عام ال90  الى التاسع من نيسان 2003 وعلى أثر المأساة التي مرت به بات الإنسان العراقي ضحية حاكمه حقيقتاً ودليلي أصبح  يقف بالطابور على أبواب المستشقيات في بغداد  لكي يقايض عضو من جسدة (((الكلة ))) ويستلم  الفلوس لغرض أن يسد به رمق العيش  ببلد يسبح  على آبار من النفط وثروتهُ تتجاوز الأترليون دولار وللحقيقة والواقع سلوا مستشفيات بغداد أبان التسعينات علماً أنها كانت أسوء حقبة مرت بتأريخ العراق لم ولن تمحى من ذاكرة العراقيين ومن يوم هبط الوحي  وإلى يومنا هذا  لم أسمع إنسان يقايض عضو من جسده إلا في عهد صدام  لتعلم شعوب الأرض وبالتالي عندما يهجر  العراقي من بلده في السنون أعلاه ويدخل البلدان الأخرى بجواز سفره  وكأنه يحمل أفيون وغير مرغوب به من قبل حكام العرب وحتى من قبل أفريقيا الزنوج المجاعة وأغلبهم مصابين بمرض الأيدز والسل الرؤي ؛؛؛
 وأكرر ثانيتاً  الحاكم العربي  صدام حسين  الذي شرد شعبه مئات بل ألوف من العراقيين  وقت الأنتفاضة الشعبانية  في  عام ال91  لكونهم قالوا لا  للظلم  لا للعبودية  لا للدكتاتورية  نعم للحرية   والذين  شردوا الى  أيران وصولاَ  الى جاكرتا  كوالا لامبور بمنطقة ميدان  بأتجاه أستراليا لغرض الحصول على  اللجوء  وبالنهاية  باتوا المشردين منحة  غذايئة   الى أسماك القرش  في بحار استراليا بسبب المركب  الغير رسمي الذي ركبوا به وعطل وتكسر خشبه في وسط البحر وفوقهم السماء تذرف دموعها  الباردة عليهم لأنهُ من الخشب التعبان  والفلم بثته الجزيرة  بتأريخ 16/1/2003 بعنوان  (سفينة  الموت برنامج  يحكى أن  ومعده  الإعلامي أسعد طه) والفلم يروي مئات من العراقيين غرقوا وماتوا وإبتلعهم  سمك القرش وفقداني  الصواب حين شاهدت الجنين الساقط من أمهِ الميتة في وسط البحر وكانت حاملاً بهِ ولم يفارقها وملتصق بجسدها قلت الله أكبر قد ألتغت الإنسانية وأسمية  هذا الموقف (بخطيئة القرن الحادي والعشرون )عزيزي القاريء الكريم أن احببت التأكد أدخل  على الشبكة العنكبوتية وأذكر عنوان الفلم والتأريخ أعلاه  وحملهُ وشاهد بأم عينك فلم الكارثة  والأكثر ترويعاً  في تاريخ البشرية  و أنها من العيار الثقيل ؛؛؛
الحاكم العربي  المخلوع والسجين حالياً حسني مبارك جعل اليهودي  يدخل  مصر يصول ويجول وبدون تأشيرة رسمية  والعراقي  ممنوع دخوله  وحين يمر  مرور الكرام  من حدوده ترانزيت يروم الدخول إلى ليبيا  أبان التسعينات وهو معذب ومنفي  ويستنجد بالشيطان ليخلص من ظلم حاكمه   وللأسف أن حكومة حسني  مبارك تُقيده ؟  بالحديد  ويعبر كالأسير وصولاً الى ليبيا ونسا  وتناسا الإترليون دولار  حاكم مصر أعلاه الذي كان تحت قبضة صدام حسين وهو من خيرات شعب العراق ربعه  ذهب لهُ   وإلى شعبه المشرد الذي يعيش بالعراق أبان السبعينات والثمانينات  وتحديداً بغداد منطقة المربعة الكائنة بشارع الرشيد وبما تسمى الأرض المحتلة على كُثر المصريين الذي يقطنوها  والأموال  الأخرى التي هدرت للحروب  والترسانة العسكرية في الثمانينات العراق  على إيران  وأكثرها كانت دعاية  لحاكم العراق صدام ولتحسين  صورته خارج العراق لأنها سيئة في الداخل أمام شعبه علماً حين الدخول  إلى ليبيا معمر القذافي يضطهدنا و حكومتهُ تنعتنا بالخونة أي يقولون لنا أنتم  (((خونة صدام ؟؟))) بالرغم من كل جراحات الغربة وعذابات المنفى  الذي عشناها في ليبيا  ولم يبقى لنا إلا العيش بالغاب؟؛؛؛
السودان عمر البشير جعل شعبه يهجر بلده  وينفي نفسه ويطلب اللجوء الإنساني والسياسي حتى في أسرائيل  وأرتضت  إنسانيته  العربية  وآدميته  الأسلامية  بحكمه الجمهوري  أن يعيشون بين اليهود  ولا يهمه شيء لأنه متربع على عرش السلطة علماً أنهم مجبرين  ويريدون الخلاص  من المأسات  أي مأساة الحاكم  وشاهدتم بأم عيني  وعيشتهم المأساوية وتحل الصدقة عليهم   في الفلم وأسمه المهاجرون  الغير شرعيين الذي بثته  الجزيرة  الجمعة  22 حزيران 2012  في تمام الساعة 1000 بتوقيت بغداد   و أن أكثر الأحيان  حاكم السودان يحمل  عصاه حين يصعد على التلال العالية  في وقت المهمات  الصعبة والحرجة   و حين  يرى  شعبه يثور عليه يقول لهم  العصا لمن عصا  لأن  عصاه تحمل الأبادة البشرية الجرثومي والنووي  وكأن شعبه  غير نافع ولا يستحق الحياة  مع كامل أحترامي للشعب السوداني وهو المعزز المكرم ولهُ كامل الأحترام  عندما قصدنا كعراقيين في الثمانينات والتسعينات  وعاش معنا  أبتداءً من التحويل السنوي  الذي يصرف لهم بمبلغ 3300 دولار بسعرها الرسمي الحكومي وأنتهاءً إلى الثلاجات  والمجمدات وأجهزة التلفزيون وأسمها (القيثارة) التي تصلهم للسودان عن طريق الشحن  وعلى نفقة الحكومة العراقية ومكتوب عليها( أمة عربية واحدة  ...ذات رسالة خالدة) هدية  ومكتوب عليها  أسم أبو 17 تكريت  30 عوجة  وغيرها كُثر أما شعب العراق فلم يفهم من حاكمه غير أمسك البندقية وروح قاتل وأحتل جارك بلا قضية (إيران والكويت  الصغير)  وعندما أرجع خطوة للوراء وأتذكر سياسة  صدام  على شعب العرا ق فأنها تدمي القلب وهذه السياسة التي أستخدمها معنا  باتت أكثر من الأرض المحروقة  على الشعب علماً أن  حكومة السودان  حين دخلناها  لم تعطينا حقنا كعراقيين معذبين ومشردين ومنفيين  من قبل حاكمنا صدام  وتركونا بلا أهتمام وعلى أثرها تركنا السودان عن طريق  صحرائها  الكبرى التي أنهكتنا وتضيعنا  حين يفقد السائق بوصلته عندما يسير بمركبته ويقطع الصحراء الكبرى براً وصولاً  إلى ليبيا   وماتوا الكثير  من العراقيين وعلى مستوى الكفاءآت حين  قطعوها  عندما كانوا مشردين  في التسعينات لأن ليبيا محاصرة عن طريق الطيران  من قبل الامم المتحدة بسبب سياسة حاكمها الصبياني معمر القذافي الذي ولى غير مأسوف عليه ؛؛؛
  والجزائر بموقفها السوداوي  أذلتنا  خذلتنا و منعتنا من دخول أراضيها عندما توجهنا قاصدينها دخلاء في التسعينات فطردونا  من النقطة الحدودية عبر جنوب ليبيا سبها ( منطقة غات؟ الحدودية)  و كنت  وكنا معبأين بالجروح والأوجاع  وحين تسأل المشرد والمنفي الذي يعيش  في ليبيا كيف تعيش حياتك من قبل طاغي ليبيا معمر القذافي  فأجابته بقوله أعيش  بالسواد الأعظم والطامة الكبرى والدرك الأسفل بالمأساة وضاقت بنا السبُل وطفح الكيل وبلغ السيل الزبا وأخيراً ذهبوا الكثير من الجاليات العربية وودعوا عبر السجون والأضطهاد وأصبحوا في خبر كانة  علماً بات أحزن موقف بحياتي  وهنا كرهت النفس قيمها ومعانيها ؟؟؟ولتعلم  وتعرف وتقراء  حكومة  الجزائر  ورئيسها بو تفليقة  وبما يسمى الحاكم العربي هذه حكومتكم  وتعاملها مع العراقيين المشردين والمنفيين في السنون أعلاه  وحين مشاهدتي قناة الشروق الجزائرية برنامج الكلمة للمواطن  الأحد 26  من شهر آب 2012  الساعة 2215 بتوقيت بغداد يقول المواطن الجزائري نحنُ في ضياع  أما من ناحية البطالة والعنوسة الكثيرة فسببها الوضع المعاشي (الفقر) والكثير من الجزائريين   يقولون حكومتنا أفقرتنا وحين تسأل الحاكم  لماذا أفقرت شعبك  يقول أنا أغنيتهم وأن كنت كجزائري ومع النظام فأنت محفوظ ويشار لكَ من بعيد  وأن كنت كجزائري ضد النظام فمصيرك أما السجن أما المنفى وما خفيا أنكى؛؛؛
 تونس  زين العابدين بن علي  أكثر من 10 مرات توجهت للقنصلية التونسية بمدة أكثر من عام  في ليبيا  بني غازي شارع الهواري عندما كنت مشرداً  أبان التسعينات وأعيش في ليبيا  وأحمل مرارة العلقم بفمي  من  كثُر الرعب الذي عايشته من  قبل معمر القذافي  وحكومته  فرفضوا أن يعطوني تأشيرة علماً قلت لهم أنا ضقت الأمرين  وساموني سوء العذاب الأمن الخارجي الليبي من خلال تعاملهم  معي  ويقولون لي أنت (خائن صدام ؟) لكن للأسف لا حياة لمن تنادي بالتالي الحاكم أعلاه وحين أستلم مسؤلايته الدستورية كرئيس دولة إلى تونس أقسم على  اليمين بالمنطق العربي والأسلامي  وأن الكتاب (القرآن) يخاطب الحاكم  أن يكون ضميرهُ حي بالرأفة والتراحم  للشعوب المعذبة  والمشردة على الأرض  ومنها   حسين محمد العراقي علماً نحنُ كعراقيين  أستذوقنا الأيلام والمواجع والجراح  من حاكمنا صدام أبان السنون أعلاه بكل ما حملت الكلمة من معاني من خلال المنفى  فتبرأء منا رحمتاً ونسانا رأفة بموقفه السوداوي لرفضه دخولنا بالمطلق إلى تونس سيداتي وسادتي هذا الحاكم العربي التونسي  زين العابدين بن علي الذي يعيش اليوم منفي عن وطنه  ويتحصر على رجوعه وأن عليه دين ثقيل نحو شعب العراق  المشرد يوم ذاك وحتى على تونس الوطن  وثورته المقدسة التي قام بها التونسيين  ويعيش بالمملكة أعلاه فأقول لهُ  زرعتم أحصدوا أن الحاكم  التونسي أعلاه جعل شعبه لم يرتدي إلا ملابس البالة أي المستعملة أما الملابس الجديدة  والحديثة فهي حرام وممنوع عليهم وأحتلهم على مدى عقود وبالتالي رحل هارباً  وشعب تونس اليوم يطلبه؟؟؟ وأخيراً هل هناك منظراً أجمل من منظر زين الهاربين بن علي وهو يفر من تونس تحت جنح الظلام  وقد قالها الشعب هرمنا  هرمنا من أجل هذه اللحظة التأريخية( هروبه ) بعدما انهكتهم دكتاتوريته وأفقرتهم  وباتوا الى مستوى الحضيض؛؛؛
والكويت أبان الثمانينات  تسلمنا ؟ أن كنا  دخلاء  حتى لو كانت  الطلقة والحبل  ينتظرنا  مثلما سلموا النخبة  الهاربة  من بطش  صدام حسين وهم من حزب الدعوة وصفوا من قبل صدام في السنون أعلاه   وا عجباه وا عجبا ه وا عجبا ه وفعلاً عملوها  وهذه أقسى خيانة  أمام الله  وقد هزت الرأي العام العربي و بات الغدر  بعينه و غدرمن العيار الثقيل وأعتداء سافر وصارخ  وتجاوز الخطوط الحمراء و خرق فاضح وفادح على حقوق الأنسان وهنا  جُل الخيانة العظمى ضد الشعوب المضطهدة والمنفية يوم ذاك؛؛؛
اليمن ورئيسها المتنحي علي عبد صالح يقطع ويقص ألسنة الصحافي الذي يتكلم على السلطة لأن حكمها أستبدادي  بوليسي  عسكري  وبنفس الوقت يسمح للأمركان يقصفون الحوثيين بالطائرات   وهم أبنائه  علما  أن الحكام  العرب  وبدون أستثناء هم  رفعوا السلاح بوجوه  شعوبهم   بأستثناء  (((حكومة إسرائيل ))) لم ترفع  بوجه شعبها السلاح وأخيراً أن اليمن وأرضها المتربة وقمامتها  القلَ نظيرها تنفرنا ؛؛؛
 الحكام العرب أكثرهم  لم يبعثوا بسفيرهم للعراق من تأريخ 9 نيسان  عام 2003 ولحد الآن   وتركوه  وبما يدعون انهُ لأيران وكانت الأقسى حقداً  على الدبلوماسية بالتأريخ ضد الشعب العر اقي  أكلوه لحماً ورموه عظماً  والحاكم الغربي والأجنبي يزاول عمله في العراق رسمي وعلمهِ مرفوع  فوق سفارته يرفرف يا للأسى أليس كذلك يا حكامنا العرب ويا للأسف ومتى تكونون منصفين بأتجاه شعب العراق  علماً أن شعب العراق لهُ كامل الفضل عليكم  و على شعوبكم  والدليل  الأكثر من دامغ والشاهد الأقوى من  العيان  أكثر من ربع خيرات الدولة  في ظل حكم الدكتاتور صدام حسين ذهبت لكم  ولشعوبكم وأن هذه الأموال والهبات ومنها كابونات النفط الذي قدمها طاغية العراق صدام لكم ليس ملك طابوا بأسم أبوه وأنما تعود للشعب العراقي ؛؛؛ 
وبالتالي حتى أكون منصفاً وحين أتى التاسع من نيسان  2003ولحد الآن لا مفيد ولا جديد  يلوح بالأفق  وجائت الرياح بما لا تشتهي السُفن لأن القسم الكثير  الآن  وهم في السلطة  ومن خلال نفوذهم وسياستهم الذي عوملنا بها  هم الإمتداد لحزب البعث وأخيراً وليس آخراً   أن اليوم والشهر والسنون أعلاه نسا وتناسا  وبالمرة حقوق شعب العراق المشرد يوم ذاك ومنهم أنا  ولحد هذه اللحظة لم يسألني أحد للعلم فأن العدالة تتحتم على قادة الفكر والساسة العراقيين اليوم  أن يرعوون والنظر بنزاهة وحكمة الى المنفيين وهم سلكوا هذا الطريق المظلم والذين كانوا في رحم جحيم المنفى بسبب سلطة صدام حسين  المستبدة وحقا" كل الإنسانية في العراق تتلون أيلامهم ومواجعهم لكن الذي قدم نفسه وأسرته ضحية ووضع حياته في راحة كفيه وعذب وشرد وسجن وُذُل وحُرم عليه أعز ماعنده هو الوطن وهذه التضحية الحقيقية  الذي يقدمها الإنسان  للوطن هي الجود  والجود بالنفس أسمى غايات الجود وبهذا يستحق الأستفسار منه وهذا أضعف الإيمان لكونه عانى ماعانى من آلام الفقر وبعد الوطن والحرمان من الحياة الحرة الكريمة؛؛؛
وبالتالي حكام العرب تخرجوا بشاهدة فخرية (الكويت )يتلذذون ويطيب لهم عندما  يسلمون الدخلاء  ويُصفون ...وصدام حسين للأعدامات ... ومعمر القذافي  للمشانق ... وأبن عبد الله صالح للذبح  بشعبه  وجعله مثل الخرفان ... والبشير ماسك عصاه  وكأنها عصا موسى  ويقول لشعبه العصا لمن عصا... وزين الهاربين بن علي  الذي جعل شعبه لم يلبس إلا ملابس البالة أما الجديدة فهي حرام عليه و باقي الحكام  على شعوبهم  الأنتقام الخوف الرعب الأرهاب الذُل وهذا الاحساس لست احمله أنا فقط  وأنما كل الشعوب العربية  وبالخصوص الشعب  العراقي  والشعب الليبي  يوم ذاك ؛؛؛
وآخر المطاف  وأكرر ثانيتاً عندما  أتى التاسع من نيسان 2003 ولحد الآن  جعلنا الأرهاب  تهجير ونحُن في بلدنا عن طريق المؤتمر للمعارضة العراقية  الذي عقد في عمان  والذي أجتمع به ثلة من الجهلة والمتطفلين لأنهم يردون أرجاع عقارب الساعة للوراء عن طريق داعش بثورتها الظلم التي أنتهجتها  أمام شعبي في  تلعفر وأخوتي في الموصل بالإنسانية   والتي هجرتهم قصراً  ولم يسلم منهم لا البشر ولا الحجر ولا الشجر  أن المملكة الأردنية تعرف حق المعرفة أن العراق لم يقصر بحق الأردن حكومتاً وشعب وظل العراق يقدم أشكال الدعم المادي الأقتصادي للأردن رغم ما يمر به من ظروف حرجة   وأن عقد المؤتمر أعلاه على التراب الأردني تدخل في الشؤون العراقية ومرفوض من قبل الشعب  وهذا نداء عاجل إلى جلالة الملك عبد الله الثاني(أنا أحترمكم) وكتبت مقال أسمه إذا جف حبر القلم فالأفواه ناطقة  يخص جلالتكم وتناقلته أغلب صحف الأردن للعلم ومنها الدستور الأحد 20 أكتوبر تشرين الأول 2013  علماً أننا اليوم نريد أن ننسا جراحات  8 شباط 1963  وأيلام ومواجع  17 تموز  1968  المريرة وبموافقت شخصكم أنعقد المؤتمر أعلاه في عمان علماً فما هو إلا الرجوع للماضي المألم الذي  لا تطيقه شعوب الأرض ومنها شعب العراق ؛؛؛
و اليوم حتى باقي المحافظات  الأخرى الجريحة  كيف تعيش اليوم المآسي و للأسف وعلى أثرها بات الموقف للمهجرين اليوم فتور دولي  وعالم ساكت وعجزسياسي أضف إلى ذلك  جعلنا  الأرهاب آهات وأنهاراً من الدموع  والمأساة والدم   ومنهم دم  فلذة كبدي  وأخوتي الثلاثة الذين أغتيلوا  وفقدان فلذة كبدي  والمنشورين في  صحيفة العراق اليوم  بالعدد 828  ص 3  بعنوان السواد الأعظم  عندما كان اسمي حسين العقابي علماً  فلا ضمير يهتز ولا قلب يندمي ولا مروءة تظهر  ولا شهامة تجري  و حكام العرب  يتفرجون  لأن غادرتهم الإنسانية الى مثواها الأخير بدليل لم يحركوا ساكناً وقد أتوا  بغداد مهرولين  بمناسبة انعقاد القمة العربية 2012 ولم يعتذر أحد منهم  بأستثناء رئيس تونس  المنصف المرزوقي  بعد ما ساموا  شعب  العراق سوءالعذاب وأن ركعوا  وسجدوا وصلوا عليه  فهي نقطة من بحر وأستحمد الله لأنهُ جعلني عايش الحياة لكي أكتب  للـتأريخ  وللأجيال القادمة وأذكر الشعوب  العربية بأستثناء الشعب الليبي  لأن الذي مر عليه  وعايشه  من قبل فرعون أفريقيا معمر القذافي  لأكثر من أربعة عقود  فكان جرح  أما الذي مر بنا  وعايشناه وعلى مدى أكثر من ثلاث عقود  من قبل طاغي العراق صدام  فجرحٌ لا يندمل؛؛؛ 
 وآخر المطاف أنا شاهدت الأنظمة الملكية  من 9 نيسان 2003 ولحد الآن  وهي خير شاهد عيان للإنسان أينما وجد ومنها الأردن  فلم أجد بها الحروب أو حاربت  جارها  وأحتلتها  والأحتلال العربي على العربي موجود فقط عند معمر القذافي (تشاد)  وصدام حسين إيران و (الكويت الصغير) وذهبت الضحايا في خبر كانة  وأعود للأردن  لم  يحصل بها تفجير مثل ما يحصل الآن في مصر واليمن وتونس وليبيا  والعراق وكذلك سمعت عن النظام الملكي في المغرب جلالة الملك محمد السادس  يحفظه الله الكل عايش  ولا فرق بيت قصير وطويل  ولا أبيض وأسود ولا هُجر مغربي قصراً والقانون هو العُرف السائد  في المحتمع ولم أسمع في يوم من الأيام سيارة أنفجرت  لا سامح الله  أو مفخخ مغربي فجر نفسه بين الشعب ولم ألمس بها إلا حقوق الإنسان  وحتى الأنظمة الملكية الأخرى كذلك... وآخر المطاف أنكلترا تصنع بما هو طيب ويخدم للإنسان حقوق ومنه ُ حقوق الإنسان  والأتحاد السوفيتي  وجمهورياته  يصنعون أحبال المشانق  .........
  ...عضو نقابة الصحافيين العراقيين inof3@yahoo.com    
                                               العراق  ..... بغداد

وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر‏/ المهندس حميد عوّاد

"وفي الليلة الظلماء يُفتقد البدر" بغياب السيّد هاني فحص المثقّف الثاقب البصيرة والحاضن رسالة لبنان الحواريّة والانفتاحيّة والوئاميّة  في وجدانه والناطق بها بوضوح وشجاعة وقناعة بلسانه على منابر منتديات الحوار العابر للطوائف يشعر اللبنانيّون الاقحاح أنّهم مُنيوا بخسارة لا تُعوّض. 
 ّفموقعه الفكريّ والمرجعيّ الروحيّ هو قدوة وقطب قيادي يضعه في مصاف النخبة الموثوقة الجاذبة والموجبة للإصغاء.
وهج فكر السيّد فحص دائم التوقّد وبثّ شرر الوعي الوطنيّ وأهميّة التنوّع وحريّة الفكر والمعتقد. 
لا بدّ أن تشعل شرارات نوره أذهان اللبنانيّين وتوقظ في اعماقهم إدراكاً لأهميّة "جبلة" وطنهم فيمحضوه أولويّة الولاء. 
رغم غيابك الجسدي أيّها السيّد الملهم فإنّ طيفك الوقور سيظلّ يهدينا سواء السبيل. 

حميد عوّاد

تمشّطُ الريحُ شهوتها/ كريم عبدالله

أنْ تحلمَ بإمرأةٍ تمشّطُ الريحَ شهوتها ــ وأثوابها المبللةِ بالحنين تتعطّرُ بالقرنفل ../ ستغسلُ سواقي الشموع
وأنْ تُزهر منْ جديدٍ أغصانها ../ أسيجةً تغنّي على هاجسِ النبع ../ سترسمُ زرقةُ بحيراتها طريقاً للصعود
ستستيقظُ شمسُ ظهيرتها في المداراتِ ../ ونوافذُ الليلِ ترتعشُ برداُ بعيونٍ ملونة
وقبلما يشرقُ اللوز في سريرها ../ سينجلي الضبابُ منْ زجاجِ ذهولِ الصوت ../ يرقّقُ حواشي المساءات
وحينَ تهبطُ في المحيطاتِ الضحلة ../ يعمُّ الطوفانُ بأوردةِ الغربةِ ../ وتعشعشُ النوارسُ تحتَ إبطيها
ربّما ستطوي ظلَّ سكوتها ../ تتجولُ في جزرٍ محفورةٍ على ذاكرةِ الأقحوان ../ وتصبُّ في إزميلِ الهوى لوعةً
شجرةُ الحنّاءِ ستبدّدُ عزلةَ الأنامل ـــ وسنابلُ قمحها تستفيقُ معصوبةً بالندى
وذاكَ الرجاء ....... / سيومضُ تحتَ عباءةِ الأفقِ ../ مرتكضاً طَلْعٌ يملأُ جيوبَ اللهفةِ ../ ويمسحُ غبارَ الشناشيل
زخارفٌ على صدرِ التوجّعِ ../ وقلادةُ عاشقٍ مجنونٍ تطوّقُ تخاريمَ زيفِ المواعيدِ ../ ودفاترُ الأغاني ستحملُ رقّةَ المناجم
 وفي عطشِ اللهاثِ سيرتعشُ الهمس ../ وعطرُ القبلاتِ يتغشّى صحوةَ الحلم ../ وصهيلُ الخيولِ سيؤرّخُ مشارفَ الفجر ...

بغداد
العراق

لا يمكن القضاء على الداعشية الفكرية، السياسية والتنظيمية الا بتشجيع الديموقراطية وحقوق الانسان في العالم/ انغير بوبكر

والان وقد استطاعت الولايات المتحدة الامريكية انشاء تحالف دولي ضد داعش يبقى العالم مشدوها ومنتظرا لنتائج هذه الحرب الجديدة على الارهاب لكن تساؤلات كبرى ترقى الى درجة الشكوك ما تزال تخيم على المتتبعين لهذه الحرب الجديدة على داعش هذا التنظيم الارهابي الذي على ما يبدو نما في احضان دول  واجهزة امنية عالمية احتضنته في البداية من اجل اهداف اخرى ربما اليوم قد حققها او انقلب السحر على الساحر ، لايهم من تواطئ او صنع التنظيم الارهابي في العراق وسوريا وقبله من صنع التنظيمات الارهابية في العالم لمواجهة السوفيات في افغانستان او شجع الانقلابات العسكرية الاسلاموية في افريقيا لوقف المد الشيوعي والتحرري ولا يهم الان نقاش من شجع حركة الكونترا للانقلاب على الشرعيات الثورية في بعض دول امريكا الاتينية ، هدا نقاش يبدو محسوما ومآسيه نعيشها يوميا فالاسلام السياسي صناعة مخبرية قام بها الغرب الديموقراطي المتقدم من اجل الاستمرار في اذلالنا وتسهيل انبطاحنا وترسيم لحاجتنا الابدية له ، الداعشية والاسلام السياسي عموما لم يكن وليدة تربتنا لوحدها بل صحيح انه استنبت فيها ولكن باسمدة وسقي غربي ، الداعشية والاسلام السياسي عموما اخروا تقدمنا الحضاري والعلمي وفوتوا على شعوبنا فرصا للانطلاق نحو عالم متقدم وعادل، الغرب مطالب بتصحيح اخطائه السياسية القاتلة ضد شعوبنا وشعوب العالم كذلك  واخطاء الغرب الاساسية هي التامر على حقوق شعوبنا في تقرير مصائرها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، الغرب شجع ومازال يشجع الديكتاتوريات في بلداننا ويتغاضى عن نهب ثروات شعوبنا ولايبالي باوضاعنا التعليمية والفكرية التي تعطي مبررات وجود للتنظيمات الاسلامية التي سرعان ما تتحول الى تنظيمات على الشكل الداعشي ، صدقوني العالم لايمكن ان يعيش في امن وسلام وطمانينة طالما انه  مقسم بين فئتين متناقضتين عالم غربي متقدم يعيش حرية سياسية واقتصادية على قدر كبير من الاهمية والارتياح وفئة عريضة من شعوب العالم ترزح تحت نير الاستبداد والتخلف والرجعية بتشجيع واحتضان غريب ومفهوم في ان واحد  من قبل انظمة غربية ديموقراطية   وقد صدق المفكر الاقتصادي والسياسي  الفرنسي جاك اتالي صاحب كتاب جدير بالقراءة والتمحيص وعنوانه: تاريخ موجز للمستقبل     وقد خبرالرجل السياسة الدولية عندما كان مستشارا للرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران وخلص الى ان مايهدد العالم هوسلسلة من الممارسات البربرية والمعارك المخرّبة مستخدمة أسلحة ليست معروفة اليوم وبحيث تتواجه فيها الدول والمجموعات الدينية والكيانات الإرهابية والقراصنة من كل نوع»، وهذا ما يسميه أتالي ب«النزاع الكبير ولكن الانظمة الغربية الديموقراطية التي تعامل شعوبها بالاحترام والعدالة تجهل او تتجاهل حقيقة مرة ان العولمة اليوم قد وفرت للتنظيمات الارهابية التي انبتها الفقر والاستبداد  فرصة استقطاب الضحايا حتى من عند الشعوب الغربية وهذا ما يفسر استطاعة الفكر الارهابي الداعشي استقطاب عدد كبير من الغربيين الى صفوفه  وبالتالي اصبح الغرب الديموقراطي العلماني اليوم مستهدفا في عقر داره  من طرف الارهاببين والقتلة  بعدما اعتقد في العقود السابقة ان التنظيمات الارهابية التي صنع بعضها ومولها او التي شجعها ستقوم بعملياتها القذرة خارج المجال الجغرافي الغربي واذا بالغرب اليوم يتذوق اولى سياط الارهاب في عقر داره ورائحة الارهاب تنبعث من مطبخه الداخلي فيسرع في ما اسماه الصحفي عبد الباري عطوان الى استجداء تحالف المرعوبين لمواجهة الارهاب.
في بلداننا حركات ليبرالية وديموقراطية وحقوقية مقموعة  تسعى منذ عقود الى استنهاض الوعي التحرري الديموقراطي لدى شعوبنا لكنها مقصية في كل مناحي الحياة العامة صوتها خافت امام زمجرات واصوات الاستبداد والقمع وحملات التخوين والتنكيل ، في بلداننا حركة نسائية صاعدة ومناضلة لكنها مغلوبة على امرها تعاني من تحالف سدنة معابد الدين الارثدوكسي ورجال الدولة الذين يستغلون الدين لكبح جماح التحرر الوطني والديموقراطي للشعوب،  في بلداننا حركة حقوقية ناشئة وحركة نقابية مستنيرة  ولكنها تعاني من الدعم الغربي للاستبداد في اوطاننا تعاني من حملات التضييق والتشتيت والتمزيق هذه هي شعوبنا طموحة  متطلعة لمستقبل افضل تريد ان تعيش وهي مشدوهة للنموذج الحضاري الغربي لكنها مغلوبة على امرها فرض عليها الاستكانة فرضا ومورست عليها كل اشكال الرجعية والربط مع التخلف في وصال عضوي حتى بات الناس  في بلداننا يطلبون المستبد العادل بدلا من الظلم الجائر والفساد المنشور ، وهل هناك استبداد عادل ؟ في بلداننا شعب بات يقتنع بان الغرب يمارس علينا حربا حضارية بلغة المرحوم المهدي المنجرة  وان الشعوب الغربية لايهمها مصائرنا ولا ديموقراطيتنا مادامت بلداننا توفر لهم العمالة الرخيصة والثروات بازهد الاثمان ، في بلداننا شعب فقير ومعدم وتعليمه متخلف واقتصاده منهوب ولكن حكامه ينعمون في الرخاء مستغلين صمت الانظمة الغربية على ممارساتهم مادموا يستطيعون التوقيع على اتفاقيات اقتصادية مذلة وعلى صفقات اسلحة لاطائلة من ورائها. 
الداعشية تعبير مسلح وعنيف عن بؤس السياسة الدولية وعن تناقضاتها ، فما الفرق بين داعش  ونظام بشار الاسد  او بين داعش ونظام عمر البشير  واو داعش ونظام مالي  لا فرق ابدا كلهم يمارسون القتل والتنكيل والنهب  بكل حرية وبدون مسائلة .
 لمواجهة الداعشية لابد من اقرار الديموقراطية وحقوق الانسان في العالم واعطاء العالم الثالث فرصة التقدم والنمو في ظل انظمة ديموقراطية ماعدا ذلك لا نتيجة ترجى من مواجهة داعش و غيرها لان الدواعش انماط وانواع ومراحل عندما تنقضي الداعشية في هذه المرحلة فانتظروا  يا سادة العالم تنظيمات ارهابية اخرى باشكال اجرامية اكثر تطورا لان شعوبنا المقموعة والمسحوقة  اختارت خيار  شمشون الذي هدم العالم على راسه وعلى راس الناس  الاخرين ولكن المراهنة على الحركات الديموقراطية الجنينية في بلداننا وتشجيعها والدفاع عن حقوقها في التعبير والتنظيم من شانه ان يؤدي الى تجفيف منابع والمصادر الحقيقية للتطرف والارهاب ولكن موقف الغرب من الثورات المجتمعية التي عرفتها بلداننا واسراع الغرب الى التشكيك في هذه الثورات والانقلاب عليها يزيد من شكوكنا حول النوايا الحقيقية للغرب في حربه على التطرف والارهاب في العالم فهو يصر على القضاء على اعراض المرض دون التفكير على القضاء على الاسباب والمسببات.
انغير بوبكر
باحث في العلاقات الدولية
ounghirboubaker@yahoo.fr

جنود يصرخون لا للاحتلال/ جواد بولس

أثارت الرسالة التي وقعها ونشرها ثلاثة وأربعون ضابطًا وجنديًا يخدمون في وحدة المخابرات الخاصة المعروفة برقم صندوق بريدها العسكري ٨٢٠٠ موجةً من الغضب وردود الفعل القاسية، بدأها نتنياهو وشارك فيها وزير جيشه والعديد من الوزراء والمسؤولين الإسرائيليين بمن فيهم، على سبيل المثال، رئيس المعارضة البرلمانية يتسحاك هيرتسوغ الذي "تشاوف" أنه ضابط احتياط في هذه الوحدة، وإليهم انضّم عشرات من كتاب الأعمدة ومشاهير الإعلاميين المعروفين في جميع وسائل الاعلام المكتوبة وغيرها. 
تعد وحدة المخابرات هذه من أكبر وأعرق وحدات جيش الاحتلال، ويعود تاريخ نشاطها إلى ما قبل عام النكبة. وساعدت نجاحاتها إسرائيل في معظم نتائج حروبها، على جميع الجبهات وفي كل الميادين القريبة والبعيدة. ففي عام النكبة كانت هي الوحدة التي نجحت بالتقاط رسائل الجيش المصري في الحرب وبتحليل شفرتها، ونجحت كذلك بالتنصت على مداولات العرب قبل المحادثات التي أدت إلى توقيع اتفاقيات وقف إطلاق النار. ونجحت بقرصنة الاتصال الهاتفي الشهير الذي سمع فيه الرئيس جمال عبد الناصر يُطمئن الملك حسين بأن الطيران المصري يقوم بقصف مطارات اسرائيل ويدمر طائراتها، وذلك في اليوم الأول لحرب عام ١٩٦٧.
للوحدة نشاطات نوعية وكثيفة تقوم بها من قواعد منتشرة على طول البلاد وعرضها، وبضمنها قاعدة تنصت تعتبر من أكبر قواعد التنصت في العالم. بفضل ما ورد يعتبر الالتحاق في صفوفها إنجازًا وفوزًا كبيرين، ومراد كل عائلة إسرائيلية، فعلاوة على نوعية الخدمة الوطنية التي يقدمها ابن العائلة لأمن اسرائيل يضمن التخرّج منها، فرص عمل ثمينة وخاصة في سوق التكنلوجيا والهايتك، فكثيرون من قادة هذه الوحدة شغلوا ويشغلون مناصب مرموقة وهامة في سوق الصناعات المتقدمة في إسرائيل ودول عديدة أخرى. 
كان لا بد من هذه المقدمة والتعريف بتاريخ الوحدة ٨٢٠٠ ومكانتها في دولة بنت تاريخها على قيم عسكرية تعتبر من أهم مكوّنات هوية الاسرائيلي الحديث، عسى أن يلقي ذلك ضوءًا على الدواعي الحقيقية لتلك الحملة المسعورة التي شنت وما زالت على الموقعين على الرسالة،  فمن يراجع ما فضحه هؤلاء الضباط من ممارسات شنيعة بحق الفلسطينيين، لن يجد فيه كشفًا صارخًا لحقائق لا نعرفها، نحن في فلسطين، أو كتلك التي لم ترصد في مئات من التقارير والدوريات التي أعدّتها المؤسسات الإنسانية والحقوقية الناشطة في هذا المجال، هذا علاوة على ما نجح بتقديمه بعض الفنانين والمبدعين العرب والأجانب من أعمال فنية تعرّضت لجملة من الممارسات الصارخة والموبقات التي مارستها هذه الوحدة وغيرها، أبكت الملايين واستفزّتهم.
 ومع هذا يبقى السؤال لماذا جاءت ردود الفعل الإسرائيلية بهذه الشمولية والحدة التي اعتبر بعضها الموقعين خونةً. 
كانت هذه هي المرّة الأولى، في تاريخ هذه الوحدة المميّزة، التي تجرّأ فيها العشرات من جنودها وأعلنوا عصيانًا ومعارضتهم العودة للخدمة فيها مجددًا، معللين ذلك ليس فقط بأسباب أخلاقية وبصحوة ضمير، بل بمبرر سياسي واضح وصريح، مفاده أن ريع الخدمة في وحدات الاستخبارات لا يستهدف الحفاظ على أمن وسلامة المواطنين في اسرائيل، كما أشيع وكان سائدًا ومقبولًا،  بل يعتبرنشاطًا حربيًا فعليّا من شأنه أن يرسخ الاحتلال ويعمّق وجوده ويؤدي إلى مضاعفة معاناة أناس عزّل يشكلون فرائس سائغة وأهدافًا لنشاطات تتم بدون مراقبة أو محاسبة وبانعدام إمكانية للتحكم بما يجمع من معلومات حساسة، هي بالحقيقة  ليست أقل من حفر بشرايين شعب كامل ونبش فراش أبنائه وبناته. كان هذا الموقف نذيرًا شاخصًا أمام المؤسسة العسكرية الاسرائيلية، التي تعكف بدون هوادة، على تغليف قوامها بعوازل تحصّنها من أي خدش أو جرح، فكيف وقد جاءت هذه الرسالة  لتشكّل كسرًا قد تكون عملية جبره عسيرة، لا سيّما وأن الموقعين "تمادوا وتواقحوا" حين دعوا رفاقهم بأن يحذوا حذوهم، ويفضحوا ما تقوم به عناصر الوحدة بحق الفلسطينيين الأبرياء.
كذلك، نشرت الرسالة في أوج معركة تخوضها دولة الاحتلال وتحاول مؤسساتها وبتجنيد جميع علاقاتها والوسائل، أن تصد ما ينهال عليها من انتقادات متنامية واتهامات واضحة تصف ما ارتكبه جنودها وجيشها في فلسطين المحتلة بجرائم حرب تستوجب ملاحقة مرتكبيها قانونيًّا، والحال هكذا جاء هؤلاء الجنود ليشهدوا على ما تقترفه وحدة عسكرية كان العالم يحسبها منزّهة عن الفواحش وبهذا، لا يتركون للخيال فسحةً، وهم إسرائيليون أقحاح، حول ما تفعله وحدات الجيش الأخرى التي تعتمد الرصاص دليلها والمدفع حاديها.
لقد وصفت رسالة الجنود الشعب الفلسطيني بالضحية المستباح دمها وعرضها وكانت هذه ضربة على "المقتل"، كما يقول الفلاحون؛ فقادة إسرائيل يستميتون ويحرصون، بعناد تمساح، أن يستأثر اليهود وحدهم بدور الضحيّة، وهم على دراية ما معنى أن يخسروا هذا التاج ويفقدوا هذه المكانة، فلقد زوّدهم تاريخهم بما يكفي من ذرائع ناجحة وخبرة مكّنتهم من الاحتفاظ بهذا اللقب طيلة قرن كامل، وفي كثير من الأحيان زوّدهم العرب أنفسهم بأسباب سهّلت عليهم مهمة احتفاظهم بتاج الضحية وشارتها، ولذلك حينما يأتي الصوت يهوديّا خالصًا ليعلن للعالم:
 نحن الإسرائيليون اليهود شعب محتل وقامع لشعب هو الضحية المستباحة، ويرفقون بإعلانهم هذا ما يقنع من مبررات وأدلّة، عندها يهتز تاجهم وتمسي روايتهم في حرج وضيق. 
لقد أثبتت رسالة جنود وحدة النخبة، مجددًا،ما عرفته شعوب الأرض في مسيرات تحررها؛ فلن يزول احتلال إلّا بمقاومته من قبل ضحاياه، ولن  تفلح مقاومة إلّا بمزيد من دعم مثل هؤلاء اليهود أبناء الدولة المحتلة، وقبل هذا، وبعد ذاك، على الضحية أن تقنع العالم، مهما كان مداهنًا ومرائيًا، أنّها مصرّة على الحياة وجديرة بالمستقبل.
قادة إسرائيل يعرفون تلك الحقيقة ويخشون الجنود الحالمين بالزنابق البيضاء. فهل ستعرف الضحية طريقها للنجاة؟ 

وطني يؤلمني/ سهى بطرس قوجا

الحرمان والشوق يجعلك تسبح في بحر من الأمنيات لأشياء ترغبها .. وأجمل ما يتمناه أي إنسان في هذا الكون هو وطنًا ينعم بكل ما فيه من عيشة كريمة وحياة آمنة ومستقرة وحقوق المواطنة الحقيقية والجادة، تحت مظلة القانون والعدل والمساواة بين الجميع، وطنًا يشعر فيه المواطن بالدفء بين أحضانه وبالأمان بين ربوعه والطمأنينة في أيامه والأمل في أفقه، وطنًا كل ما فيه أرضًا خيرة معطاة وإنسان يقدسها ويصون كرامة الآخر التي هي من كرامته ... ولكن أين هو ذلك الوطن أو البيت؟!

ظروف أدت إلى المعاناة، وهذه الأخيرة أدت إلى التشتت وألم لا نهاية له، كانت لهما بدايات لا تعد ولا تحصى ولكن النهاية الوحيدة والمجهولة غير واضحة! تعددت الطرق واختلفت المسالك وأختلطت الأمور وتبعثرت النتائج، كثيرين يلعبون على حبل السياسة ويحاولون أن يسحبوا اللعبة نحوهم من أجل الظفر بما فيها، فما يكون بالنتيجة مستقبلا غير آخرين يتحملون العثرات ويعيشون التخبط! البيت ترك بابه مفتوحًا من قبل أهله وبيع ما فيه بأبخس الأثمان، كانوا في ساعة ما مجتمعين حول طاولتهم من أجل تقسيمه وفي حضرة الضيوف، فما كان في النهاية غير النصيب الأكبر للضيوف وأرث القسمة... أنظروا للمفارقة كانوا يحلمون بذلك القليل فكان لهم الواقع بكل ما فيه.

نقشت في الروح جملة (وطني ما زال يؤلمني وجميعي يؤلمني من أجله، وطنًا يعيش في داخلي، وداخلي تعيش في الوطن)، لم نعد نعرف، هل هو الهذيان للوطن أم أنه التفكير بكل ما كان فيه الذي لا يبرح البال؟! أنه الجري خلف السراب والبحث عن اليقين، أنه التعلق بخشبة طافية في عرض المحيط! أنها بلادنا التي نبتنا منها ولها المفروض أن يكون كل شيء، ولكن أين ذلك الواهب والمانح لها؟! كفاءات، أصحاب عقول، مثقفين، مؤرخين ...الخ، أخذتهم الغربة وطوتهم بين صفحاتها وضاعوا في دهاليزها وكان ثمرهم يطرح لها وفيها. تساؤلات كثيرة تؤرق الذهن وتنتهي بعلامة استفهام كبيرة، ولكن السؤال الغالب يبقى يردد ..... إلى متى، وماذا بعد كل ما يجري، هل لتلك العجلة ألا تتوقف أبدًا؟! هل من الممكن أن نلمح الحمام وهو حامل ورق الشجر بمنقاره؟!

يدهشنا الخافي الذي نجهل ملامحه والقادم من تلك الدوامة اللامنتهية بل بالأحرى بتنا نعيش الاندهاش والاستغراب والقلق فيما تؤول إليه كل الأحداث باختلافاتها! لم تترك فسحة ولو صغيرة للنظر من خلالها، الظلام دامس والعفوية قتلت والإرادات سلبت والأفق ثقيل بما يزدحم عليه! أصبح المصير لعبة وساحة مزايدات وأصبح الإنسان طعم صغير مثل الطعم الذي يرمى للأسماك لصيدها، رخصت الروح البشرية ومعها استرخصت كل الأشياء من قبل الإنسان نفسه! اختلفت الأدوار من أجل الأهداف ذاتها  فكانت الازدواجية تعيش بخفتها في ضمير ومكنون الكثيرين وتعكس في الحدث الواقع.

وطني يتألم وألمه يؤلمني، هو بحاجة إلى إسعافات ضرورية قبل أن يصيبه الشلل أو تقطع أنفاسهِ أو ربما الموت المفاجئ! وطني بحاجة إلى أن تضيء الشمس ربوعه وتدفئها ببزوغها، ألم يحنّ الوقت بعد؟ ألم تحّن الساعة من أجل الأخذ بيده وإسناده من أجل أن يعود كما كان؟ الوقوف كثيرًا يؤلم ويقصم الظهر. وطني أشبه بشجرة مملوءة بالزهر، يمر عليها الريح الهباب ليهزها وينثرها وينقل زهرها معه إلى أبعد من حدودها، هكذا هم أبناءه يتبعثرون يومًا بعد يوم وهكذا يبقى مثل تلك الشجرة بلا ثمر إن استمر الحال. نتأمل بالقريب أن يلوح بالأفضل فقد مللنا من كل شيءٍ  الماضي على نفس الوتيرة وأدناها.  

سقوط مصر.. بين المايوه والحجاب/ أحمد خيري

هل يمكن إطلاق الرصاص علي السماء لأنها عطست غبار الحقد والحنق وعدم الأخلاق المتصاعد إليها من البشر في شكل قطع ثلج سوداء ؟.. هل يمكن إطلاق الرصاص علي الغلابة ليقظتهم أمام سحر كلمات بهلوانات تجار الدين ؟ .. هل يمكن محاكمة الشباب بعد ازاحتهم الشيوخ والعجائز والمتسلقين وأصحاب الألعاب البهلوانية والأقنعة الورقية والطبول الوثنية عن كاهل مصر.. يا سادة لن تبني مصر بالإقتصاد فقط .. ولكن بالأخلاق نشيد حضاراتنا..

كفانا جلدا للذات .. والبكاء علي اللبن المسكوب وتقديم التبريرات والشماعات .. اجعلونا نفكر بإيجابية معا .. ونصل لحلول نضعها في روشته أمام من يهمه نجاح مصر ..

(1 ) التاريخ خير مثال

بعيدا عن الهبش والنبش ..والهرتله والتكرار.. التاريخ يبرهن .. ويعطي من باطنه أمثلة عديدة علي أن الدولة هي مرآة لشعبها..فإذا كانت قيم وأخلاق الشعوب جيدة فإنها تضارع حبات الغلال.. وينابيع المياه.. وخصوبة التربة .. وقتها تصبح الدولة حقل من القمح.. وغابات من التطور..

أما إذا كانت أخلاق الشعب عقيمة .. وتشبه الأرض العطشى المتشققة  .. وقتها نجد الدولة ذات أجنحة ممزقة .. وتسوء العلاقات..وتفسد المعاملات.. وتسد طرق التقدم والتطور..

ولو بحثنا في التاريخ نجد أن أصل وفصل الأزمات الاقتصادية أخلاقية .. فلن تجدي وتثمر وتزهر مشروعات قومية مثل محور قناة السويس أو ترشيد الاستهلاك وغيرها .. والشعب مطحون ومفروم ومعصور بعادات سيئة .. الرشوة والفساد والاحتكار والطمع والاستحواذ وغياب الأمانة.. والأزمات الأخلاقية في السياسة والاقتصاد والعلاقات والتعاملات والتنافسات غير الشريفة.. ومحاولات البعض النيل من الآخر بلا ضوابط ولا تحريم.

المسائل الأخلاقية لها أثرها داخل المجتمع .. وبدونها يتحول الواقع إلى حديقة حيوانات..لا يجدي معها إلا بناء الأقفاص لردع أفعال البشر ..

 ( 2 ) الدين علي الموضة

في حياة الأمم الساقطة من ثقوب التاريخ.. نجد دائما المرأة التي تدعي التدين .. تسبح .. وتغوص..مرتدية علي رأسها غطاءا .. حشمة .. يحجبها عن أنظار المتلصيين .. ويضفي عليها صفة التدين والورع .. ولكن بمجرد خروجها من المياه " تتسع وتفنجل " العيون.. وتفتح الأفواه .. وهي تراقب سيقان المرأة التي ترتدي قطع البكيني وتظهر جسدها المنحوت أو المنفوش .. فكم نموذج يوجد من هذه السيدة في مصر؟

هكذا مدعوا التدين .. وأصحاب الخطى .. وتجار الدين .. يخبون رؤسهم ويكشفون مؤخراتهم .. يدمرون .. ويهدمون .. أي بارقة نور أو أمل في مستقبل لمصر .. نفوسهم تملك مغارات للخفافيش والثعابين والعقارب.. والسنتهم تطلق الطيور الجارحة.. الساحقة من أجل مصالحهم الشخصية..وما يثير الدهشة أنهم يملكون أدوات خداع البسطاء وتحويلهم إلي ديناميت ينسف حياتهم وحريتهم وأرزاقهم.. ويطفح الظلام في بيوتهم.

وعلي النقيض .. وجدنا شباب يربط بين أفعال هؤلاء التجار والدين نفسه .. فامتدت كراهيتهم للدين .. وجاهروا بإلحادهم.. وظهروا علي شاشات التليفزيون بكل بجاحة .

يا تجار الدين إن الدين رحمة وحرية.. إيمان بالتغيير والتطوير وقبول للآخر.. عدل وإنصاف.

( 3 )  عيوب الغير

الشعب المصري يشبه .. ويتشابه .. مع حكاية المرأة المتلصصة .. التي تضيع وقتها .. وعمرها .. لتقييم جودة غسيل جارتها المنشور في الشرفة.. دائما ما كانت تراه " قذر ومتسخ" لأن السيدة مستهترة.. فكانت تتعجب لزوجها من ملابس الجيران.. وفي أحد الأيام فوجئت وهي تتلصص بأن ملابس الجارة هذه المرة نظيفة .. فتعجبت وإحتارت .. وجرت نحو زوجها لتحكي لك .. ولكنه فاجأها بأنه قام اليوم بتنظيف زجاج الشبابيك القذر .. لذلك فالعيب لم يكن في ملابس الجيران بقدر قذارة زجاج بيت الزوجة ..

لذا فإن الشعب المصري يضيع عمره .. ووقته .. في مراقبة عيوب الآخرين دون تعديل عيوبه .. والتلصص عليهم وإقحام أنفسهم في الخصوصيات .. وهتك عرض المودة والانسانية .. فشاعت البغضاء .. والكره .. حتي تساقط العمود الفقري للمجتمع ..

و قيل لحكيم : ما بال الناس لا يرون عيوبهم كما يرون عيب غيرهم ؟  فقال : لأن الإنسان عاشق لنفسه .. والعاشق لا يري عيوب المعشوق !!

فكفانا

مدير تحرير لغة العصر - مؤسسة الاهرام
القاهرة

زيارة تاريخه هامة لوزير الخارجية الكويتي/ سري القدوة

سفير النوايا الحسنة في فلسطين 

نرحب بكل تأكيد في زيارة كل العرب والمسلمين الي دولة فلسطين وخاصة زيارتهم للقدس الشريف عاصمة دولتنا الفلسطينية .. 
اننا نثمن عاليا موقف دولة الكويت المساعد لشعبنا ولقضيتنا منذ اليوم الاول لانطلاقة حركة فتح فالكويت شهدت ميلاد حركة فتح وميلاد هذه الثورة ووقفت الكويت داعمة لنضال الشعب الفلسطيني علي مدار السنين واليوم يتجدد هذا الدعم وهذا التواصل بعد الزيارة التاريخية الهامة لوزير الخارجية الكويتي نائب رئيس مجلس الوزراء ... 

كانت قضية القدس وستبقي المحور الاساسي للقضية الفلسطينية وهي تشكل الحضارة والتاريخ لشعب فلسطين الذي يعاني من جراء الاحتلال ويضطهد يوميا عبر السنين وان الشعب الفلسطيني الصامد المرابط في ارضه رغم القمع والقتل والتنكيل الاسرائيلي وحملات الابادة الجماعية المنظمة التي تمارسها عصابات الاحتلال كل يوم بحق ابناء الشعب الفلسطيني في القدس المحتلة الا أن صمود اهلنا وشعبنا في القدس يزداد اصرارا وتمسكا بحقوقهم ..

القدس هي مدينة مقدسة للديانات السماوية ، لكن إسرائيل تستحوذ عليها وتظهرها ( عاصمة اليهود في العالم ) وهنا لا بد من التوضيح بان من يزورها من العرب يعزز انتماءها العربي ويعزز قدسيتها بالنسبة للمسلمين وللمسيحيين في العالم ويساهم في منع احتكارها السياسي والديني لإسرائيل.

اننا نتطلع الي أن يساند العرب ، والمسلمون والمسيحيون في العالم ، شعبنا في القدس بحضورهم بعشرات ومئات الألوف إلى الأماكن المقدسة فيها وحوانيتها وفنادقها ، وعدم السماح بأن يقتصر زوارها على السياح اليهود ، الذين يمولون عمليات تهويدها .. نحن ندعو أصحاب الفتاوى إلى دراسة الوضع بعمقه الاستراتيجي والخروج بموقف أكثر مسؤولية تجاه القدس و إن عدم زيارة القدس يعني تركها فريسة للاحتلال الإسرائيلي لنهش جسدها ويقتلها ويعمل علي تهويدها .
 
نعتقد انها ستؤسس لعمل عربي داعم للقدس وكانت في الاتجاه الصحيح خاصة زيارته وصلاته في المسجد الأقصى .. 

الشيخ الصباح يؤدي الصلاة في 'الأقصى' ويطّلع على الانتهاكات الإسرائيلية بحقه
أدى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الخالد الصباح، اليوم الأحد، الصلاة في المسجد الأقصى المبارك، مؤكدا على دعم الكويت لفلسطين وشعبها وقيادتها.

وزار الشيخ الصباح 'الأقصى' وتجول في مرافقه واطّلع على الانتهاكات الإسرائيلية بحقه.

وأعرب الشيخ الصباح عن سعادته لزيارة الاقصى في مستهل زيارته للبلاد، مؤكداً أنه جاء لنقل تحيات ومحبة الشعب والقيادة الكويتية لفلسطين وشعبها وقيادتها، مثمناً صمود الفلسطينيين وإصرارهم على الحفاظ على مقدسات الأمة، في إشارة إلى المسجد الأقصى المبارك ذي المكانة الهامة جداً لكل المسلمين والعرب.

وقال الصباح: 'نحن نتابع ما يجري في فلسطين وما تقدمونه للحفاظ على المقدسات، والأقصى محل اهتمامنا وسيبقى كذلك ان شاء الله، وكل الدعم الذي تقدمه الكويت سوف يستمر فالكويت معكم وستظل'.

من جانبه، أكد سفير فلسطين لدى الكويت رامي طهبوب أن زيارة الشيخ صباح الخالد الصباح هي تاريخية كونها زيارة أول مسؤول كويتي لفلسطين منذ عام ١٩٦٧ واليوم الدعم لفلسطين من قلب فلسطين والقدس، مشدداً على أن فلسطين على سلم أولويات القيادة الكويتية التي تدعم القيادة الفلسطينية في مساعيها وخطواتها السياسية لإنهاء الاحتلال وإقامة الدولية الفلسطينية المستقبلة على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس.

بدوره، ثمن وزير شؤون القدس المحافظ عدنان الحسيني دعم دولة الكويت التاريخي لفلسطين واحتضانها للفلسطينيين ودعمها المتواصل لهم، لافتاً إلى أن هذه الزيارة التاريخية في الوقت الذي يتعرض له المسجد الأقصى المبارك للتهويد ومخططات الاستيلاء وفي أعقاب الحرب على غزة والاستيطان والاعتداءات
في الضفة وهذه رسالة دعم نجلها ونقدرها.

أن دعم القدس لا يكون بالشعارات التي سئمنا منها علي مدار السنوات الماضية وحقبة الاحتلال الاسرائيلي بل يكون من خلال التصدي للاحتلال وفضح ممارسات الاحتلال وتوسيع دائرة الاشتباك اليومي وان يتحمل المسلمين جميعا المسؤولية علي قاعدة أن الشعب الفلسطيني يمثل راس الحربة المقاومة وان الامة الاسلامية والعربية والأحرار في العالم يمثلون جسم الحربة فحان الوقت لان نشد الرحال والترحال الي الاقصى وان نقيم وننظم القوافل الدولية للقدس وان يتظاهر المسلمين كل صلاة داخل المسجد الاقصى من اجل حرية القدس .. وهنا نقول لا بد بل من الضروري العمل معا لدعم الخطة الاستراتيجية لتنمية القطاعات الحيوية فى القدس وتوفير الاموال وإقامة المؤسسات الاقتصادية والإعلامية والاجتماعية والثقافية بداخل القدس والعمل علي فضح الاحتلال وجرائمه التي ترتكب بشكل يومي بحق الشعب الفلسطيني بالقدس .

أن من شان ذلك تعزيز صمود القدس والشعب الفلسطيني في القدس والإعداد للانتفاضة الشاملة انتفاضة القدس الدولية في باحات المسجد الاقصى لتحرير القدس ..

سري القدوة
رئيس تحرير جريدة الصباح – فلسطين
http://www.alsbah.net
infoalsbah@gmail.com

دراسة لديوان "وجوه وسفر" للشَّاعرةِ هيام قبلان/ حاتم جوعيه

مقدِّمة ٌ: هذه دراسة ٌ موجزة ٌ لديوان وجوه  وسفر للشَّاعرةِ " هيام قبلان " من قرية عسفيا - قضاء حيفا -  وسأركزُ فيها الأضواءَ على  بعض القصائد ومن  خلالها  أستطيعُ  أن  أقدمَ  فكرة ً  متكاملة ً  للقرَّاء  ومُحبِّي الأدبِ عن مستوى الديوان  وأبعادِه الإنسانيَّة  والموضوعيَّة  والفنيَّة .  

مدخلٌ  : الديوان  يقعُ  في ( 96 ) صفحة  من الحجم  المتوسط   ومطبوع طباعة  جميلة وأنيقة .   
    الشَّاعرة  "هيام  قبلان " شاعرة  عربيَّة محترفة لم  تأخذ  حقها  وحظها  حتى الآن  من الإنتشار  والإهتمام  بالشكل الكافي .   
   أمَّا  ديوان  شاعرتنا   هيام  قبلان  " وجوه  وسفر " فعلى  مستوى  عال  جدًّا من  ناحيةِ العُمق والأسلوب والصُّور المبتكرة.. وتمتازُ  معظمُ  قصائد  هذا الديوان بالرُّومانسيَّةِ الشَّفافةِ  الحالمة  يُترعُها  جوٌّ من الدِّفءِ  والعذوبةِ  والسِّحر  والجمال الشَّكلي اللفظي والفنِّي ، وتتخلَّلها  الإستعاراتُ  والتعابيرُ الادبيَّة البلاغيَّة الرَّاقية الرَّائعة، كما  يشُوبُها  ويحتويها  الغموضُ والرَّمزيَّة  بشكل ٍ طفيفٍ  عفويٍّ  .   وتعالجُ  هذه القصائدُ  جميعَ  القضايا المهمَّة  التي  نحياها، وتحملُ  في طيَّاتِها المجدَ الإنساني والفلسفي والفكري  والإجتماعي  والوطني القومي . هي  تكتبُ  للقمر والمطر ، للشَّمس والحجر ، للعصافير  والشَّجر، تنادي  طائرِها  السِّحريَّ  ليحملهَا  إلى أرض ٍ تعبقُ  بالياسمين ...  هذا  الهروبُ الشَّاعري موجودٌ  بشكل ٍ أوضح وأشمل عند  شعراء  مدرسة  " أبولو" والمدرسة  المهجريَّة الذين  يفضلون حياة َ الغابةِ  البريئة السَّاذجة  على حياةِ  المدينةِ  وضوضائِها ، ولهذا هم  يتوقونَ  للرحيل أو الهرب  إلى البعيدِ .. إلى  عالم ٍ  خياليٍّ  رومانسيٍّ ساحر جميل  تحلِّهِ   وتترعهُ الوداعة ُ  والبراءَةُ  والسَّذاجة البريئة  والهدوء  بعيدًا  عن الضَّجيج  والمشاكل والحقد  والصّراع  .   ولكن  شاعرتنا  الشَّابَّة  في هروبها  إلى  أحلامِها  البريئةِ  لا  تنسى واقعَهَا الإجتماعي  والسياسي والقومي فهي دائمًا على  قلق ٍ  وانتظار  فارسها  الموعود  صلاح الدين  وانتظار  مسيح بيت  لحم .. فهذه الاوضاع  التي  نحياها  والإزدراء  والذل والحيف  والظلام  الذي  يُخيِّمُ  على الشِّرق  والأمَّةِ العربيَّةِ  لا  بدَّ  سيزول  قريبًا  حسب  توقعها .  تقولُ هيام :  
( " قبلَ ان  أسافرَ  اكتبني  //  مُتيَّمة  الأطفال  لحريَّةِ  السِّنينْ  //  
    إحملني  كطائرٍ  سحريٍّ  //  إلى  أرض ٍ  تعبقُ   بالياسمينْ  //
    أكتبني  أملا ً  على وجهِ  القمَرْ // 
    كبلدي  عطشَى  إلى زخَّاتِ  المطرْ  // 
    كالبنفسج ِ  ينتحرُ  رُوَيدًا  //  ... منَ   الضَّجَرْ   
    قبل  أن  أسافرَ  اكتبني  //   كالحكمةِ على  ستائر  ضريحْ  //  
    أصلبني  حينَ  تحنُّ  الشَّمسُ  للأصيلْ  // 
    فصلاحُ  الدين ِ  آتٍ  ... //    
    وبيتُ  لحم ٍ  تنتظرُ  المسيحْ   //  ) .    

  إنَّ  قصائدَ هذا  الديوان  مكتوبة ٌ على  نمطِ  الشِّعر الحديث  الحُرّ ،  ولكن  توجدُ فيها  موسيقى داخليَّة  أخَّاذة ٌ.. وأنا  أشبِّهُ هذه القصائد  بالتقاسيم  حيثُ  لا تتقيَّدُ   بمقام ٍ أو  وزن  مُعيَّن  ولكنَّها  تنتقلُ  من  وزن ٍ إلى آخر  وأحيانا  يتكرَّرُ هذا في نفس المقطع . وهنالك  بعضُ المقاطع ( وهي قليلة ٌ)  تخضعُ  لقيود  الوزن الواحد  وهي على شعر التفعيلة  .  
 إنَّ قصائدَ هذا الديوان ( وجوه  وسفر) غنائيَّة  تميلُ إلى التعبيريَّة  ومعظمها تحققُ جوهرَ  وماهيَّة َ الشعرَ الغنائي  . ونجدُ  في بعض  قصائد هذا الديوان  أنَّ  نقطة َ تلاقي  للشَّكل المخروطي تقعُ  في  نهايةِ  المقاطع أو  تنصبُّ في خاتمةِ القصيدةِ ، مثل قصيدة ( " يا سيِّدي " -  صفحة 14 ) حيث تقولُ  في  نهايتها :     
( "  لماذا  أيُّها السلطان  //  تحرقُ في الغاباتِ  الأشجار ْ  // 
     وقصائدي  تدسُّ  فيها  //  رائحة الدخان    //  
     ترسمُ  لأوراقي  //  دوائرَ  للوهم ِ  والعصيانْ   //  
     لا   أريدُ   منكَ  /  سوى  تتوِّجَ  بيروت   //   
     عروسة َ  المواسم  //  أميرة َ    السَّلامْ     // "  )  .  
  وفي نهاياتها يكونُ مركزُ الثقل... ونهايات وخواتم  قصائدها هي  ترجمة ٌ مشحونة ٌ  بالشَّجَن   وقرارا  عميقا  يردُّ  شتاتها إلى  الوحدة  .          تتطرَّقُ هيام  في ديوانها هذا إلى مواضيع وقضايا  إجتماعيَّة عديدة   يعاني منها  مجتمعنا  ، مثل :  الظنون  واليأس  والإحباط ، والحشيش  والأفيون ، والتخلُّف العربي  في ، والزيف  والذل  والخنوع  الذي  يوصمُ   بهِ  الشَّعب العربي  في هذا الزَّمن الرَّديىء ... تقولُ هيام  بشكل ٍ  قريبٍ  إلى  البساطةِ  تشوبهُ  بعض الرُّموز :  
( "  من   باعَ   أطفالَ   امَّتي //  
   كزفير ِ الموتِ /  كرائحةِ البنفسج  //  زُفُّوا   بلا  أمانْ  //  " ) .  
    وتقولُ   أيضًا  في    نفس  القصيدةِ :   
(  " من  اقتلعَ   مِنَ  البحر ِ  المُرجانْ 
     وادَّعى  للعُربِ   وحدةَ   الاوطانْ 
     هُبِّي  من  تحت  الرَّمس  //  يا   غفوة َ الإنسانْ 
     لن  ينحني لسلطتِكَ  القمر //  يا  حضرة َ السُّلطانْ // 
     إنَّ  الموجة َ حتما  آتية ً  //   لتغسلَ    الأقدامْ  //" ) . 
 وتقولُ في  قصيدةٍ أخرى : 
( " رفيقي أستميحُكَ  عُذرًا  // أنتَ  دومًا  تبدأ  الحوار  // 
     وتخلقُ  الأعذارَ  عن  شعبٍ  يغرقُ في  الظنونْ  // 
     ينتشقُ  الحشيشَ  يعشَقُ  الأفيونْ   // 
     والنرجسُ  الآنَ  يا  أملي //  أفخرُ  زجاجة  سموم  //  
     لا  أدري  كيفَ  تصيرُ السَّنابلَ  مُخدِّرًا  
     ولونُ  عينيك  بلادي  // كومة  جمر ٍ  // 
     تاريخكَ   لا   يدخلُ   ضمنَ  القانونْ    // " ) .  
  وتقولُ أيضًا : 
( " يغيبُ من  عُمري  النهار  // 
    أنكأ  على   جرح ِ  الليل // 
    أناجيكَ    إلهي .. أكفرُ  //  بكلِّ    الأقدارْ  // 
    كيفَ  لشعبي  تُعطى  حُرِّيَّة ُ الاختيارْ   // 
    وعلى  صفحاتِ الشَّرق  //  يُدوِّنونَ  أكبرَ  عارْ  // 
    ما  زالت  أمَّتي تسافرُ  في  ليل    الهموم  // 
    بينَ  مواسم ِ  العشق ِ  تحتَ  الإختبارْ  //  
 وتقولُ في القصيدة  ذاتها : 
( " تعيشُ في  الفكر أسرابُ  الخفافيش ِ //  تشمُّ  رائحة ُ  الخدر  // 
    تصيرُ بلدي  أسطورة ً // لشلل ِ   الليل ِ والسُّكر  ..." ) .. إلخ .  
  
  تتحدَّثُ  شاعرتنا في هذا  الديوان  عن الفتاةِ والمرأةِ العربيَّة بشكل موسع وعن  مكانتِها  في  مجتمعنا  المحافظ  ودورها  وموقعها  في  هذا  الشِّرق الراضخ  لقيودِ التخلُّف والـتأخُّر الموروثة من العصور الجاهليَّةِ  فالشَّاعرة ُ هيام  قبلان  تدافعُ  في أشعارها عن مكانةِ  المرأةِ  وتوجِّهُ نقدَها  إلى الرجل  الشِّرقي  وتكيلُ  لهُ  الإتهامات  الكثيرة .. هي  تريدُ  من  الفتاةِ   العربيَّة  أن تكون متحرِّرة ً، تملكُ  قرارَها  بيديها، وقدوة  لمجتمعها،يكونُ لها اعتبارُها  واحترامها  وتقديرُها  .  قد  يظنُّ القارىءُ  لأوَّل ِ وهلةٍ  أنَّ  هيام  تلتقي  مع نزار  قبَّاني   في  هذا  المضمار  من  خلال  أسلوبها  التعبيري   وصورها الحسيَّة   الجماليَّة  القريبة لأسلوبِهِ  ولكنَّهُ  يختلفُ  عنها  من  حيث  الأفكار والأيديلوجيا  التي يحملها ، فنزار  قبَّاني  ينظرُ إلى المرأةِ العربيَّة على أنها  سلعة ودمية ٌ للهو والمتعةِ  فقط  ومصدر لإطفاءِ  الشهوةِ  لا أكثر مثله  مثل معظم  الرجال الشِّرقيِّين ، ولكن  شاعرتنا المبدعة  تخالفهُ  الرَّأي  وتناقضهُ كليًّا .. هي تدافعُ عن  المرأةِ  وتدعو  إلى تحريرها  وردِّ  كيانها  واحترامها  واعتبارها  إليها  لتكونَ  متساوية ً مع  الرجل في  جميع المجالات  الحياتيَّةِ ..  إنَّ  شاعرتنا  في عباراتها  التصويريَّةِ  قريبة ٌ  إلى حدٍّ  ما  بنزار  قبَّاني كما ذكرتُ  سابقا ..  أي أنها تأثّرت  من  نزار كثيرًا  ونلمحُ  هذا التأثيرَ في  العديدِ من قصائدها ، وخاصَّة ً  في دواوينها السَّابقة ،  ولكن في هذا الديوان ( وجوه وسفر ) فمعظم  قصائدِه  تختلفُ  ونرى  أنَّ  شاعرتنا  تتَّخذ ُ وتبدعُ  وتبتكرُ أسلوبًا  جديدًا  خاصًّا  متميِّزًا  بها  .  تقولُ  هيام  قبلان  في  قصيدة (  " أكذوبة "  -  صفحة 62 )  : 
( " أتيتكَ   عارية َ  الفكر  //  بلا  موعد   //
     قلْ ما  شئتَ  //  قلْ إنَّني  إنسانة ٌ  ضعيفة  / 
    فالمرأة ُ  سيِّدي  لدَى  الرَّجل ِ الشِّرقي //   امرأة ٌ ضعيفة ٌ //
    قل   إنني  كأوراقِكَ   مرميَّهْ   // 
    لا .. لا  أبالي //  قد أكونُ  همجيَّهْ  //    
    أو أكونُ  امرأة ٌ عفويَّهْ  //   كقططِ  الليل ِ  وحشيَّهْ ..." )  ..  إلخ  .   
 وتقولُ في  قصيدةٍ اخرى :  
( " آنَ  الوقتُ  لتعرفَ  // إنَني  لستُ وليمتكَ البدائيَّهْ  //
     ولستُ اسطورتكِ  المفضَّله // من عهدِ  بابل  //  
     لا  الزّيف  ثروتي   ولا  المغامرَة   عنواني  //  
     لستُ  الحُبلى  التي  تلدُ  من  رحمِها  الأحزانْ  //  
     ولا   أنشودة ٌ  تغنى  //  في  مجالس ِ السُّلطانْ  " )   .     

البُعدُ الوطني والقومي: تطرَّقت هيام  قبلان إلى المواضيع والقضايا  التي تهمُّ  كل  مواطن  عربي محليًّا  وفي البلدان والأقطار العربيَّة  .  وكانَ للبنان الجريح  دورٌ وحيِّزٌ  كبير في شعرها . هي تدعو إلى  الأمن  والسَّلام  وتتتمنّى لجميع الناس والفقراء والضعفاء الأبرياء أن يحيوا بسكينةٍ  وسلام .  ولكنها في نفس الوقت  تدينُ الظلمَ والإستبدادَ والإستعمار والقتل  والتخريب  والهدم .. تدينُ جلاوزة َ الفاشست  الذين  يقصفون  المنازلَ  ويقتلونَ  الناسَ  المدنيِّين الأبرياء كمل يجرى  في لبنان  وفي الضفةِ وقطاع  غزّة  المحتلِّين ...  تقولُ إنها  لا  تطلبُ  من  الطاغوتِ  سوى أن  يرفعَ   يدَهُ  عن  الشَّعب البريىء..  عن  الأطفال  والنساءِ والزهور اليانعة الغضَّةِ  وعليهِ  ان  يرفعَ الحصار  عن  الطيور  الصَّغيرةِ   ويُطلقها .  فمثلا  في  قصيدةِ  ( " سيدي " – صفحة 14 )  تقولُ : 
( " ماذا تريدُ  سيِّدِي //  من صاحبةِ  أوراق ٍ  وأحلام  // 
   أنا  لا  أريدُ من  سلطتِكَ //  سوى  أن  تعطيني الأمانْ //  
  أريدُ  لأطفالِ  بيروت أن  تغمضَ جفونُهم ..  أن  تنام //  " ) .
 وتقولُ أيضًا : 
( " أنت سيِّدي لديكَ السِّلاح  //   وأنا  لديَّ  ما  يكفي مِنَ  الحَنانْ  // 
   لماذا   تبكي  الطيورُ  أعشاشَهَا  //   والبلابلُ  تنعقُ  كالغربانْ  // 
   وكلماتي  يمزِّقها   أسيادُ  الزَّمانْ  
   لا  أريدُ غيرَ أن تدعني أفكّ  القيودَ  / أطلق العصافيرَ .. أعشقُ الأيَّامْ  
   لا  يرتعدُ  قلبي  مِنَ السَّلاطين والحكَّام  //   
   ولا   تكفُّ  يدي  عن   مَسك ِ  الأقلامْ    // 
   لا  ترى عيني  في الأفق ِ   //  ضبابا   ولا   غربانْ    //  
  دعني سيِّدي أطلقُ  في  جوِّي الحَمامْ  //  
  دعني   أدَوِّنُ لأحبابِ  اللهِ //  أروعَ  ما قيلَ  في  الكلامْ  //  
  أرجوكَ  سيِّدي  أن  تُبعِدَ  الحناجرَ  //  وتلغي  الأوامر  // " )  ...  إلخ .  

  أمَّا  في  قصيدةِ  ( "  لبنان " – صفحة  74 )  فتقول :  
( " لم  يبقَ  فيكَ  يا لبنان //  سوى الأنينْ 
     غيرُ أصواتٍ  مذبوحةٍ //    
    كارتعاشةِ  جسدي //  كحركةٍ  في أحشائي  // كحيرةِ  جنينْ //  " ) .    

  أمَّا  في  قصيدتها ( " هل .. نلتقي " - صفحة 65 )  فيلتقيان  فيها  الطابعُ والبعدُ  الوطني القومي  مع  البُعدِ  الوجداني  الذاتي  .   فهي  تحنُّ  وتصبو  وتتلهَّفُ  إلى  موطنها  الأوَّل جبل العرب -  سوريا  فهي أصلها  من  هناك  إذ  جاءَ  والدُها  من  جبل  العرب إلى  فلسطين  قبل  الإحتلال ( عام  48 ) واستوطنَ منطقة  الكرمل . وهي تبثُّ  في هذه القصيدةِ  لواعجَها  وأشواقهَا  الجيَّاشة  وتخاطبُ  الزائرَ  والمسافرَ  عابر  السَّبيل أن  يمرَّ  في  قرى جبل العرب مسقط رأس أجدادِها ووالِدِها  ويزور أقاربَها هناك  ويقرئهم  السَّلام ..  والقصيدة ُ خطابيَّة عاطفيَّة  بشكل ٍ مؤَثِّر في النفوس، في بعض مقاطعها .. وهنالك بعضُ المقاطع  جائت  ملتزمة ً بالوزن (على نمط  شعرالتفعيلة )  وفي نهايةِ  القصيدةِ  يصلُ  نشيدُها  الملحمي الملتهبُ  إلى  القمَّةِ  والرَّوعةِ  وإلى  سماءِ  الإبداع ِ ، قتقولُ :  
( "  يا   زائرًا   دمشقَ   ذات  مساءٍ  
     زرِ  الأحبَّة َ  ققد  طالَ   الفراقْ  //  
     العُمرُ  يمضي  كرائحةِ الخريفِ في  بطىءٍ  // 
     والنسيمُ   يجملُ  بينَ  جفنيهِ  عطرَ  الفراقْ   //  
    مُرّ    بالسُّويدَا .. // فهنالك   لي   بيتا  //  دار   الجدود //
    عندَ    البيادر ِ //    في   كلِّ   زقاقْ   //  
    أبي   في   ليالي   الغربةِ //  ربَّما  في  الوهم  يكونُ  الغناقْ   //    
   وتقولُ أيضًا : 
( "  عرِّجٍ  على  " الهويَّة " وقفِ  الهوينا  //  
      ففي  جبل ِ العربِ  أحبَّة ٌ  ترنو   إلينا   //     
      طالت  ليالي  الأسَى  //  لا  وقتَ  للحلم ِ /  لا   وقتَ  للنحيب  //   
 وتقولُ في  نهايةِ القصيدةِ  : 
( " على    دروب   الغربَهْ  //  تزرعُنا     الملامَهْ   //   
     فوق  السُّروج ِ  سنلنقي  //  يومَ       القيامَهْ     //  "  )   . 

وأخيرًا : إنَّ هذا  الديوان  " وجوه وسفر " من  أفضل المجموعات الشعريَّة  التي  تصدرُ  لفتاةٍ  عربية   في   بلادِنا  ولكن   وللأسف  لم  يحظ َ  باهتمام النقاد المحليِّين ولم  يكتب عنهُ أيُّ ناقدٍ محلِّي ...والجديرُ بالذكر أنَّ  الشاعرة والأديبة هيام  قيلان  حققت في الفترةِ الأخيرة شهرة وانتشارا واسعا  محليًّا وعلى  صعيد  العالم  العربي  وشاركت  في عدَّةِ  مهرجاناتٍ  ثقافيَّة  وأدبيَّة عربيَّة  وعالميَّة  ولها  الكثير  من  الإصداراتِ  في  مجال  الشعر  والأدب والروايةِ والقصة القصيرة .     

          (  بقلم  :  حاتم  جوعيه  - المغار -  الجليل - فلسطين  )