كسفينة أنا/ ايمان حجازي

كسفينة أنا بوسط البحر  توشك ع الغرق، ،، تصارع الأمواج تعصف بها الريح، ،، تارة تجذبها الدوامة، ،، وتارة تلقيها لرمل الشطوط ......
كسفينة شراعية أنا ضعيفة لا حول لها ولا قوة ترجو الأمان تبتغي القوة، ، تبغي الحماية تشتاق للهوية تخشي أهوال الهوة......,
كسفينة بفرد جناح أبيض تسير ع الماء وبكل نواياها الصفاء وكل خصالها النقاء......
كسفينة ليس لها ربان ،، طافت بحور العوالم شمالا ويمينا، ،، بحثا عن الربان ... كلما لاح ف الأفق أمل بدي كسراب لعطشان أخذه التيه أخذا أليما ورده ردا موجعا بدل عمره جحيما ........
كسفينة وحد شراعها للخالق وبدي واثقا م دعائه، ،، يوما سترسم ع الماء مساراتي ومسراتي..... يوما سيتحقق الدعاء ...... يوم سيتحول السراب ماءا ويتحول الظمأ إرتواء ....
يوما قريبا يا سفينتي نرسو ع شط خير وسلام 
شط محبة وآمان 
شط هانا وسرور للقلب الولهان 
شط يمنحنا ترياقا لسموم التوهة والهزيان 
يوما ستعلن السماء إستجاباتها لدعوات سفينة أحادية الشراع يعلو صوتها يعبر الفضاء يدعو الخالق ببديع الإجابة لبسيط السؤال، ،، بعظيم العطايا لضعيف الرجاء، ،، بكريم الوفاء للجوج لحوح ع ربه ليس له حق ولا جاه ....
يوما قريبا ........

هلاّ سألتَ عن الحدباءِ يا عيدُ/ كريم مرزة الأسدي


ما بين عيدٍ آتى وعيدٍ مضى  قصيدتان...!! (البحر البسيط )  
الأولى :
هلاّ سألتَ عن الحدباءِ يا عيـدُ
لقدْ زهوتَ ودنيــاها   المناكيدُ

أمَّ الربيعين قد مَسّـــــتْ أطايبها
أقوامُ نيرونَ، والدّجّـــــالُ نمرودُ

كفرتُ بالمجدِ لا الحدباءُ من وطني 
ولا لطيٍّ  لـــــــواء  الشعرِ معقودُ !! 

أنّى أراها ووضعُ الحــــالِ يفجعني
إذ جُرّدَ  السّيفُ ، لبُّ العـقلِ مغمودُ

ما لي أكتّمُ فـــي الوجدانِ لـــوعتها 
والناسُ صنفـــــان : مقتولٌ ومفقودُ

" ما كنتُ أحسبُ أن يمتدُّ بي زمني"
تستلّ أنيـــــــابها هــــذي الـعرابيدُ

دكّتْ تراثاً على الأجيالِ شرفتــــــهُ
قد كــــان ينبوعــــــهُ تلكَ التقــاليدُ 

يا نينوى الخيــــــرِ لا جفّتْ مرابعنا
و الخيرُ قـــــدْ برّه  أباؤكِ الصـــــيدُ

رأسُ العراقِ سموّاً للعُلى شـــــــرفاً
لا ...لنْ يزلّكِ  توعيـــــدٌ و تهــــديدُ

دعوا الدواعش جُرماً، وانشدوا أملاً
فكـــــلُّ ما ينزلُ الـــرحمان محمـــودُ

*******
الثانية  :   
يا عيدُ مـاذا تمنّي النّفسَ يا عيدُ؟!
وقـــــدْ توالتْ لمغناكَ المقــــاليدُ

ما بينَ غربةِ عزٍّ سمْتُ خافقتي
منْ أينَ لي لَمّة ٌ بسـماتُها الغيدُ؟!

غطـّتْ جفونــكَ - ياريـــمَ الفلا- رشقٌ    
قدْ كحّلتْ وردَهـــا ياقوتـُها السّــودُ

شعشعْ رعاكَ الذي سوّاكَ لاعبة ً
ترمي بوعدٍ ولا تــأتي المواعيدُ

يا لعبة َالدّهرِ :عينٌ رحتَ تغمزُها
للغيرِ وصــــلٌ....ولا عينٌ ولا جيدُ

للوصلِ دربٌ خفتْ عنّا مســــالكهُ
إذِ القلوبُ ســـواقٍ نبــعُها الصّيدُ!!

هذي الحياةُ،وما كادتْ تخادعني 
حتّـــى تقحّمتُها ، الإقــدامُ تعويدُ

مـنْ لامني خمدتْ تبضاتُهُ عجزاً
والعـجْزُ طبــعٌ لمنْ قدْ هدّهُ الميدُ

ما هــدّني أحدٌ لا والّـــــذي فـُلقتْ
منهُ النّوى ، فتعالى وهـــو معبودُ 

أنعي إلـى النّفسِ:أيّامُ الصّبا رحلتْ
والباقياتُ لِمــــا قـــدْ فـــــاتَ تقليدُ

ها.. ذا رجعتُ إلى همّـــي أخالجهُ
تُفنى الأســــودُ وتعلوها الرعاديدُ

مالي أكتـّمُ  رزقــــــاً  للأنامِ شذىً
لولاهُ ما بــــــزغتْ هذي المواليدُ

والنّبتُ ناجى أخاهُ النّبتَ من شبقٍ
اثمــــرْ فقدْ خُمّــــــرتْ تلكَ العناقيدُ

فدارتِ الدورةُ الكبـــرى  بدارتها
وهـــــــــلْ يُحدُّ لأمرِ الكونِ تحديدُ

********

 زهوتَ يا عيدُ، والأعيادُ تغريدُ 
ياليتَ(شعري) تغطـّيهِ الزّغاريدُ

ذكرى تمرّ،وأجواءٌ لها رقصتْ
أنى يلعلعُ فـــي الأبكــارِ تمجيدُ

تســـابقَ النّفر المشدودُ خاطرهُ
هذا إلى النايِ،ذاك المرءُ تجويدُ

شتّــــــانَ بينَ غنيٍّ لا زكــاةَ لــهُ
ومنْ يجودُ بفطرٍ وهـــو مكدودُ !!

خواطر واحلام (ن-ور العالم)/ سركيس كرم

"انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة" - يسوع المسيح.
*****
نعم .. المسيح.. نور ..من..نور.. وبإيماننا... ن-ن-تصر..
*****
نحن لا نكتب من منطلق طائفي ولا من باب تأجيج العصبية، وانما لنؤكد لمن كتبوا حرف "النون" على بيوت المسيحيين في الموصل بأن الأنسان المؤمن سينتصر في نهاية المطاف على المخلوقات الشيطانية. فنحن قوم لا يخاف ولا ينهزم والتاريخ يشهد على ذلك. 
*****
أموات.. الضمير والمشاعر.. أموات الأنسانية..
أموات.. يسيرون كأشباح شيطانية..يقتلون..يغدرون.. 
أموات.. يذبحون الأبرياء العزل.. ولا يقتلون سوى "الأخ" و"الجار" والمؤمن بالديانات السماوية..
أموات.. لا يمتوّن بصلة الى النبي العربي العظيم ولا الى رسالته..
يطردون "النصارى" من الموصل .. وعلى النساء والأطفال يتمرجلون..فيما طفل غزة ينتظر.. يمزّق العدوان بلحمه الحي.. وينتظر...
أموات هم ولا يدركون ان "كنيسة الرب لن تقوى عليها ابواب الجحيم"..
*****
كم هو ضعيف الحجة من لا يستعين إلا بالعنف..
*****
معقول ان الله الأكبر ..الكبير..يحتاج الى الدواعش لإدانة مخلوقاته وإعدامهم بإسمه..
*****
أفضل وأسرع وسيلة لحل عقد دواعش العصر هي في ان يقوموا بتغطية أعينهم عوضا عن حرمان الآخرين من حقهم برؤية الحياة ..
*****
الدواعش يشنون حربهم على "الكفار"..المفارقة ان أسلحتهم، سياراتهم، اجهزة اتصالاتهم، أغراضهم المنزلية، ادويتهم، وكل المستلزمات اليومية وحتى لباسهم وطعامهم من اختراع او تصنيع او انتاج الكفار..
*****
طفل حطّم الصاروخ..غزة
وعربان ..هزيان..تماثيل مهتزّه
الطفل..مش فزعان.. من أرضو مش هربان..
بغزّة..أوجاع طفل .. هزّة..
طفل حطم الصاروخ.. غزة..
غيّر حروف الأسم: تا تصير غزة.. بعيون الدني ..عِزَة..
*****
عيد فطر مبارك لإخواننا بالإنسانية ..
*****
الصورة: 
انها الآنسة ريتا سليم بك كرم، رئيسة مؤسسة يوسف بك كرم.. المثقفة و المنفتحة والأنيقة فكراً وروحاً وأخلاقاً والملتزمة بالأضاءة على سيرة بطل لبنان يوسف بك كرم، وتكاد تكون الأكثر اهتماماُ بتراثه من بين أعضاء العائلة الكرمية على مدى عقود من الزمن أي منذ وفاته.. هذا فضلاً عن نشاطها الأجتماعي والخيري .. وبها يليق لقب "الست" لأنها حقاً كذلك..
- في الصورة الست ريتا بجانب جثمان عمها بطل لبنان يوسف بك كرم في كنيسة مار جرجس اهدن

مأدبة المبدعة منية عبيدي و"نورمان فيركلاف" يحضرها ثلّة من التنويريين التونسيين/ رجاء محمد زروقي

مأدبة المبدعة منية عبيدي و"نورمان فيركلاف" يحضرها ثلّة من التنويريين التونسيين وضيفها د. محمد خطابي من المغرب

 و.. كلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة تونس تلبس حلّة فيروزية فكرية احتفاءً بازديانها برسالة دكتوراه للأستاذة المبدعة منية عبيدي بملاحظة مشرف جدا تستسقي بألِيل نميرها وتستظلّ بفيء عبيرها المدونة العربية
**--**--**
"دون كلمات أو كتابة أو كتب لم يكن ليوجد شيء اسمه تاريخ ولم يكن ليوجد مبدأ الإنسانية" / هرمان هسه  /                                          
هي امرأة من العيار العربي البيلساني قوية الاعتدال .. ذات طرف جميل فائق الكمال .. إن تكلمت أقنعت .. وإن خاطبت أفحمت .. تعتصر من كروم الفكر فتقنعك شبعا وريا ، وتعجن من طحين العقل فتضيئك من أخمص الوطن إلى ذؤابة الثريا .. 
إسهاما منها في إثراء موروثنا الفكري العلمي والثقافي ، وإيمانا منها بإبراز القضايا العربية وإدراكا منها بأن لكلّ ظروف حضارية إنسانية فكرية اقتصادية سياسية واجتماعية لها فلاحوها  ، جنودها ، أقلامها وألسنتها ، ويقينا منها بأن المحاولات والخبرات والتجارب الإنسانية امتداد للتواصل وبأن اللّغة أداة الخطاب للتواصل والجسر الموصول بين الفرد والمجموعة كما بين الأمم ..
أبت إلاّ أن تحمل رفشها وانهمكت بحقل البحث العلمي والتاريخ العربي انطلاقا من أحداث الثورة التونسية شاهرة مكشافها العلمي والفكري والثقافي لإضاءة جوانب ممّا شهد تاريخنا ويشهد ..وأنجزت خطابا بالغ المستوى الإنساني محافظا وفيا لأصوله متعمقا متجذرا في عيون عصره مؤتلفا مع الماضي معتنقا قضايا الحاضر ، خطابا مستفيضا باسطا نفوذه على نسيج القضايا الاجتماعية معلنا الأصالة والمعاصرة واستمرارية ثمين جواهر الفكر ونفيس ذخائر العقل ، لقد خططت ودبّرت بأن لا يحدّ منجزها إطار نظري واحد لفتح باب الحوار والتداول والمناقشة ..
فكانت مناقشة مستفيضة على مدار الزمن المخصص لهذه الأطروحة  وكان تطرقها تطرقا حدثاويا ذكياّ وتجربة إبداعية فكرية علمية بتقنيات تعبيرية ووقفات موضوعية مختلفة ارتكزت على أعمدة متعددة سواء كانت فكرية أو إيديولوجية مؤسسة بذلك "الخطاب  الإعلامي من منظور التحليل النقدي  للخطاب" فانتهجت منهجا خاصا بمعايير متماسكة متمايّزة تنصهر وتتلاقح فيها الرؤى الفكرية والثقافية والاجتماعية لتولد صبغة جديدة على الخطاب الإعلامي ذي خصوصية هامة وأبعاد إنسانية خالصة ..
وبهذا التأمل الذكي والوعي الحدثاوي المتزن اكتسب الطرح صبغة علمية فكرية أدبية جيّدة وجديّة أعطت ثمارها وآتت أُكلها ..
 طرح جديد متفرد بشكله ومضمونه لتعميق الوعي وإيقاظ الفكر بلون حيوي ومحوري تتشكل به قضايا الحضارة العربية والأكثر من هذا أن ما غلّى زيته وذكّى فتيله هو ما طرأ على العالم العربي من تغير حاسم ومشهد ساخن أثناء ثورة الربيع العربي أنشأ عدّة رؤى وتصورات لم تكن قط مطروحة من قبل على رقعة الخارطة الفكرية قصد تعرية حقيقة صراع الأمة العربية مع السلطة الغاشمة وفرض قدرتها على فك أسرها من الأنظمة المعادية للقضايا التحررية ولسيادة الشعب ..
خطاب قبض على لحظات تاريخية إنسانية متوهجة استنطق فيها وجدان الأمة وكلّ ما يتصل بقضاياها الفكرية أو الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية لتأكيد ملامح الهوية العربية .. 
 وإن هذا التمحيص وهذا التدقيق والتمعن في هذا المنجز الخطابي يحيلنا إلى عدّة أسئلة منها: *ما مدى إسهام اللّغة في منهجية الخطاب الإعلامي والتحليل النقدي ..؟
*ما هي العلوم التي تخضع للتحليل النقدي للخطاب ..؟
*وكيف للتحليل النقدي للخطاب أن يجمع بين التنظير والإبداع ..؟ كما تجلّى في طرح الأستاذة منية عبيدي إذ جمعت من كلّ خامات الجمال بطرف فكانت المفكرة والأديبة والباحثة  تحت غطاء التحليل النقدي للخطاب"
Critical Discourse Analysis 
 فطلعت علينا بتشكيل بليغ وطرح بديع أضاؤوا زواياه ولمّعوا خفاياه كلّ من السادة الأفاضل محمد صلاح الدين الشريف:  رئيسا
خالد ميلاد : مقررا
هشام قلفاط: مقررا
عبد السلام عيساوي: عضوا
محمد خطابي: مؤطرا
محمد الشاوش: مؤطرا 
وإنني لينحني قلمي لهم انحناءة  .. هم كفؤها وأحييهم بتحية هم أهلها .. وأرجو أن يكون مأذونا لي بأن أتقدم لهم بالشكر والولاء لدعمهم الموصول للنشاط الفكري العلمي والمعرفي والسعي الحثيث لامتداد هويتنا الثقافية التونسية العربية محافظين على ذاتيتها وأصالتها محترمين مراعين أسلوب الطرح ومنهج تناوله والذي يختلف من زمن إلى آخر ومن مناخ اجتماعي إلى آخر  وبهذا محققين إضافة إلى ميراث الإنسانية محافظين على الذاكرة الحضارية ..
 مع تحيات الشاعرة التونسية رجاء محمد زروقي وكلّ شروق عيد وأنتم للعيد أنواره ..
لمواقيت نفحات الضياء  معياره .. ولحمرة خجل الشفق اخضراره ..

                                                       **  الشاعرة التونسية رجاء محمد زروقي

كلمة الفنان صبري يوسف في أربعينية الراحل الكبير سعدي المالح

يرحل المبدع وتبقى أعماله مرفرفةَ فوق أجنحةِ الحياة

تنامى فوق هامته الشَّامخة يراع الإبداع المنبعث من جذورِ العراق القديم، قامة مشبّعة بأبهى كنوز حضارة بلاد الرَّافدين، حضارة سومر وأكّاد وبابل وكلدو آشور السُّريان، حضارة مضمّخة بالثّيران المجنّحة نحو آفاق المعرفة، حيث حدائق بابل تزهو عالياً كإحدى عجائب الدُّنيا، على مقربة منها يقف جلجامش بكلِّ عنفوانه وجبروته بحثاً عن عشبةِ الخلود، المستنبتة فوق قبّة الرّوح. استقى حرفه من خلال تفاقمات اشتعال جنون هذا الزّمان، المستطير فوق وجنة العراق مثل هديرِ الطُّوفان!
الأديب الرّاحل د. سعدي المالح، قامة أدبيّة سامقة، تشرَّبَ من أصفى منابع الآداب، حمل طفولته، مسقط رأسه فوق أجنحته أينما حلَّ ورحل، كتب "حكايات من عينكاوا"، مستلهماً هذه القصص من بيئته الّتي ترعرع فيها، فكان مخلصاً لها، من خلال تسليط رؤاه المشحونة بذاكرة معبّقة بالحنين إلى عينكاوا، كتب قصصه بتقنيات سرديّة عالية، مجسّداً المكان والزَّمان بحميميّة دافئة، حيث نراه  في حالةِ انصهارٍ تام في جغرافيّة المكان، فارشاً حكاياته عن بلدته بطريقة طازجة، كأنّه يصوِّر لنا فيلماً عن سيرة المكان!

حلّق المالح عالياً، عابراً البحار والمحيطات والقارَّات، فترجم ترحاله عبر قصصه "مدن وحقائب"، متوقِّفاً عند الذَّات الهائمة بالسَّفر، حافراً بإزميله أوجاع الغربة وتجلِّيات الحنين، راصداً حضارات المدائن، مسترجعاً في مخياله حضارة العراق القديم، كم من الدُّموع خرّت على وجنةِ الرُّوح، إستقبلته بوَّابات المطارات، عابراً أعماق السَّماء، بحثاً عن أريج الأدب، فحطَّ به الرّحال في موسكو، ليوسمَ جبينه بالآداب العالميّة، ناهلاً من معهد غوركي للآداب، ماجستير في الإبداع الأدبي، مستكملاً طموحه في فقه اللّغة والأدب العربي، كي يتوّج دراساته العالية في معهد الإستشراق في موسكو، برسالة الدّكتوراه في "الأدب العراقي المعاصر في المنفى". 

الرِّوائي والقاص الدَّكتور سعدي المالح، مبدع متجذّر بالحضارةِ العراقيّة الممتدّة على مدى قرون من الزّمان، وُلِدَ كي يكون مبدعاً، طموحاً للغاية، وشغوفاً بالأدبِ والبحوثِ واللُّغاتِ وبكلِّ صنوف الإبداع!
أصدر روايته "في انتظار فرج الله القهّار"، من دار الفارابي 2006، مجسّداً عبر روايته الكثير من الرُّموز والإشارات الدِّينية والثَّقافيّة المتنوِّعة، متطرّقاً إلى فضاءات حضاريّة وأسطوريّة تتعلّق بالعراق الزَّاخر بالميثولوجيا، كما جسّد عبر روايته الواقع المعاصر بكلِّ وقائعه وتطلُّعاته، مركّزاً على ضرورة التَّوازن والتَّضامن والتَّعاون مع كافّة المشارب الثّقافيّة الّتي سادت في المنطقة وقد وظّف هذه الرُّؤية من خلال انشغاله وشغفه بالتَّنوّع والإختلاف وخلق توليفة بين هذه التَّنوعات الثّقافيّة، لأنّها عامل غنى للحياة.  
أصدر مؤخَّراً رواية "عمكا"،عن منشورات ضفاف، بيروت 2013 تتمحور حول مدينة عينكاوا والقرى المجاورة لها، بأسلوب سردي بديع، مجسِّداً تاريخ المكان بطريقةٍ سرديّة مشوّقة، كأنه يقدّم لنا قصصاً من إيقاع وتشويق ألف ليلة وليلة، مع التَّركيز على أدب المكان بتجلِّياتٍ إنسيابيّة متدفِّقة! 
إلتقيته في منتصف التّسعينات في أمسية قصصيّة مشتركة، في سودرتالية، أهداني في حينها مجموعته القصصيّة "مدن وحقائب"، وطلب منّي الكتابة في جريدة المرآة الَّتي كان يصدرها في كندا، أرسلتُ إليه العديد من نصوصي القصصية والشِّعرية بريديَّاً، نشرها في مرآته تباعاً! .. 
درس دبلوم لغة فرنسية لمدّة سنة في كليّة فانيية في مونتريـال، ودبلوم لغة انكليزية من كلِّية بلاتون بكندا.
كان شغوفاً باللُّغات والأدب العالمي، باحث أكاديمي كبير في اللِّسانيات والأدب. ترجم خلال مسيرته الأدبيّة عدداً من الأعمال الكلاسيكيّة عن الرُّوسيّة، وكتب في الصَّحافة العراقيّة والعربيّة والغربيّة أيضاً.
بعدَ رحلة طويلة في مجال الإبداع الأدبي، عمل مستشاراً إعلاميَّاً في أبي ظبي، وأستاذاً للأدب المقارن في جامعة صلاح الدين، ورئيس قسم اللغة الإنكليزية في كلية اللغات، ثمَّ عُيِّنَ عام2007 مديراً عامَّاً لمديريّة الثَّقافة والفنون السّريانيّة في وزارة الثّقافة والشّباب في حكومة إقليم كردستان.

قام بإعداد الكثير من النَّدوات والأماسي والأيام الثّقافية والأدبية والمعارض الفنّية خلال ترؤسه مدير عام لمديرية الثقافة والفنون السّريانيّة، وأسّس مكتبة سريانيّة ضمّت آلاف الكتب بالسّريانية والعربية والكردية والإنكليزية ولغات أخرى، كما سعى إلى تأسيس متحف التراث السرياني في عينكاوا، مؤكِّداً على التواصل الثقافي والفكري مع كافة الحضارات والثقافات والقوميات، مدافعاً عن حقِّ شعبه الأصيل في العراق والإقليم، وفي بلاد الشام، متواصلاً مع شريحة واسعة من الكتاب والشعراء والنقاد والمفكرين والفنانين والمبدعين من شتّى الإختصاصات والبلدان، ودعا الكثير منهم لأحياء أماسي أدبية وشعرية وفكرية!

كتب عن أدبه الكثير من النُّقاد لما تحلّى من رؤية عميقة في بناء القصّة والرِّواية من إبداعٍ خلاق.
كنتُ أتابعه عبر الصّحافة بين حينٍ وآخر، وكان هو الآخر يتابعني من خلال مساهماتي في الصحف والمجلات، وتوطَّدت جدَّاً متابعاته خلال فترة رحيل الأب المبدع د. يوسف سعيد، حيث تابعني بدقة كبيرة من خلال الصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية منها عينكاوا كوم، ووجد انَّني توقّفت بكل ما لدي من إمكانيات لإعداد حفل تأبين أدبي كبير يليق بالأب الراحل في سودرتالية إحدى ضواحي ستوكهولم، وكان هو الآخر يخطّط بإعداد أربعينية للأب الراحل في أربيل، عينكاوا، فإتصل بي، ودعاني للمشاركة في أربعينية الأب يوسف سعيد، ولبّيت دعوته، حيث انَّني كنتُ قد اقترحت على اتحاد الكتاب والأدباء في العراق من خلال جريدة الزّمان، إحياء حفل تأبين أدبي للأب يوسف سعيد في بغداد، وإطلع على اقتراحي ونسّق من الإتحاد بأن يقيم هو أربعينية للأب الرّاحل في عينكاوا برعاية وزراة الثقافة والشباب في الإقليم! 
عاش طوال عمره مخلصاً لمسقط رأسه عينكاوا، جال في بلاد الله الواسعة، ثمَّ جرّه الحنين إلى عينكاوا، ليقضي بقية عمره، إلى أن وافته المنيّة بتاريخ 30 .5. 2014 ووري الثرى في هذه الأرض المباركة! 
إلى جنان الخلد أيّها الرّوائي المبدع سعدي المالح، ستبقى شامخاً يا صديقي بين هلالات الرُّوح والقلب! 
وهكذا يرحل المبدع وتبقى أعماله مرفرفةً فوق أجنحةِ الحياة!
ستوكهولم تمّوز 2014
جئتُكَ يا صديقي معَ هبوبِ النّسيمِ


وقف الحزنُ فوق قبَّةِ الرّوحِ 
     فوق جفونِ الأصدقاءِ 
عابراً بحارَ الأنينِ 
وجعٌ في ذبذباتِ الشَّهيقِ ينمو 
وجعٌ في اشراقاتِ الصَّباحِ 
وجعٌ في لجينِ الضُّحى 
أينَ المفرُّ من أوجاعِ العمرِ 
     من جمرةِ الإحتراقِ 
من دموعٍ منسابة
     من حنينِ المآقي!

وجعٌ في أوجِ الحنينِ 
     إلى خدودِ البنينِ 
وجعٌ فوق مساحاتِ الطُّموحِ 
وجعٌ لا يرحمُ الأجنّة 
لايكترثُ لإنسيابِ الدُّموعِ 
وجعٌ على مدى انبعاثِ الرُّوحِ 

جئتكَ يا صديقي 
أنثرُ دمعي فوق حرفي
جئتكَ أنقش لوني 
     فوق نضارةِ السنابل 
     فوق أجنحةِ اليمامِ 
جئتكَ مع هبوبِ النَّسيمِ 
أحملُ أحلاماً تهفو لموجات البحرِ 

جئتكَ في هدوءِ اللَّيلِ 
كي أمسحَ عن جبينِكِ آهاتِ السِّنينِ 
كي أبلسمَ ظلالَ الرّوحِ 
بأشهى ذكرياتِ العمرِ 
كي أرسمَ فوق مسارِ الأحلامِ 
ذكرى أغصانِ الطُّفولة 
كي أبلِّلَ أحزانَكَ برحيقِ القصيدة 

كم من الأنينِ حتّى اغرورقَتْ مروجُ الرُّوحِ 
كم من الأسى حتّى تلظَّت أغصانُ القلبِ! 

وجعٌ في ثنايا العمرِ 
آهٍ حياتنا تهرُّ كأغصانِ الدَّوالي 
تهنا في خضمِّ الجِّراحِ 
إشتعالٌ متواصلٌ في مسارِ الحياةِ 
لا خلاصَ من هولِ الجِّراحِ! 

نحنُ يا صديقي دمعاتُ حزنٍ                        
     فوق هاماتِ الحياةِ 
عمرُنا رحلةُ سؤالٍ عن عبيرِ القصيدة 
رحلةُ فكرٍ نحو شموخِ الجبالِ 

عمرنا نسمة هائمة
     فوقَ مرامي القصيدة 
عمرنا حالةُ انبعاثٍ 
     عبرَ إخضرارِ الطُّفولة 
عمرنا مغامرةٌ وارفة 
     على إمتدادِ المدى 
عمرنُا شهقةُ حبٍّ 
معرَّشة فوقَ خدودِ البحار! 

عمرنا سِفرٌ مفتوحٌ 
     على أجنحةِ اليمامِ 
 عمرنا يا صديقي 
منارةٌ مستديمةُ الألقِ
      فوقَ هلالاتِ الرُّوحِ! 


ستوكهولم حزيران 2014
  صبري يوسف 
أديب وتشكيلي سوري مقيم في ستوكهولم
محرّر مجلّة السَّلام

يا خَيْ روحي.../ يوسف جبرين

يا إبن آدم مَصدرَك غبرةْ سَرابْ
السرّْ بوُجودَك جاهلو وما بيجهلَك
لا فيك تثْـبُت جيت من كمشةْ تراب
وبتقرّْ أنّو النقّصَكْ ما كمّلَك
ولولا سْألتْ بتشكِّك بردّْ الـجواب
اللّي كوّنَكْ عالـخير حتى يوصّلك
ودّا رُسل يهدوك عا دروب الصواب
وبرْيو كْفوفو مِن كترْ ما غربلَك
وتا تْشوف إنّو لْكُل فانـي في حساب
مَلِك القَصرْ الكبير مـجدو ما امْـمتلَك
الراحوا تا يشكوا للملك فتحوا البْواب
لقيوا الفنا بالقصر قاضي عالـمَلَك.
**
شو قصتك يا موت ما بتموت جوع؟
تا تْصال ليّي ومعتبر إني شقي
بَعدي على سوزان عم إذرف دموعْ
حرقة بقلبي ولكن خدودي سقي
يا مخايل اللي تركتْ لوعة بالرْبوع
شيّال حمل الـهمّ غيري ما بقي
غيابك جمر وقّاد أحمر بالضلوع
ما بينطفي من القلب حتى نلتقي

**
يا دهر يا غدار. شو بتريد؟
من الضاع عمرو شْـموع مـحترقة
كل عامْ حِمْلو حِمل عم بتزيد
وصارت خدودو من الصفع زرقة
للموت ما في واسطة بتفيد
الـمخلوق مارق بالدني مرقة
واللي بيقرا العمر بالتحديد
بقلّو اْنْ سرق أحبابنا سرقة
الـمحزون غطّو في بْـحور جْليد
لـمّا بيبكي عا فْراق الـخَيْ
  بْتِكْوي خدودو دمعة الفرقة

**

يا خيْ روحي زدتْ فيّي الاكتئابْ
الـمنْ يوم أهلي ضلّ رازح مَطرحو
وزادو جروحي جروح شتّى بالغيابْ
وما تركتْ صاحب تا بكي من جْوارحو
وتا تشوف فيّي شو جرى بعد الـمَصابْ
نـحل الفكر ما عدتْ إجدر سَرّحو
بـحيث الـحزن لو غفْ جيشو عالعشابْ
بـِيشكّ بيرق للمحِلْ عا مَسرحو
وبيصير سبع البَرّ لتعالب الغابْ 
مَكسر عصا لِـمْ هيبتو بتْشَلّحو
والنّسر ما بيكنِّس بْريشو التراب
إلاّ إذا الأقدار كسرِتْ جانـحو.

**

صدمة بعد صدمة/ سهى بطرس قوجا

إنجازات العراق من الناحية المأساوية لا تنتهي، فكل يوم تأتي بحلة جديدة ووجه متجدد! مؤامرات تُحاك ومسلسل لا تنتهي أجزاءه، كانت البداية مُفاجئة ومُتقلبة وباتت النهاية ضائعة وبدون معالم! العالم ساكت لا يحرك ساكنًا غير أنه ينتقد الممارسات ويرفع الشعارات التي لا تأتي بأي نتيجة! يستنكرون ويهبّون للتعويضات التي تدخل جيوبهم أولا، يتاجرون بالاسم المسيحي ويبيعون ويقتلون نفوسًا وبثمنها يجعلون أنفسهم من أهل الخير. ينادون باسم الحقوق ويفعلون من أجل الدين وهم في الهلاك منغمسين وفي المعصية تائهين!  
العالم يتغابى على ما يحصل في الموصل وغيرها من المناطق ويغضّ النظر وكأنه اليوم غير قادر على ردع بضعة أنفار يجولون في البلاد يسلبون ويقتلون ويهددون ويطردون من دون رادع أو محاسبة! أم أن ما يحصل اليوم هو حلقة تضاف إلى الأخريات السابقات وتتمة لها ولكن لا نعرف لها نهاية ولا مصير؟! 
لم تعد المسألة من أجل تقسيم بلد فقط، بل أصبحت النوايا أكبر وأبعد من ذلك، أنه التشريد والضياع والزوال الكلي في البقاع، هكذا يعملون من أجل أندثار الشعوب في بلاد غير بلادها، هكذا يحاولون أن يقطعوا أواصرهم من جذورهم في بلد عمقها بعمره، هكذا يحاولون قتل واختزال خير الأرض التي تخرج من رحمها كل أصيل، هكذا يحاولون تحريف التاريخ وتشويهه بالشوائب المترسبة في العقول، هكذا يحاولون جعل الشر قنبلة موقوتة تتفجر كلما تفجرت نفوسهم المريضة والشريرة والخبيثة والعابثة بالحياة! هكذا تتحكم المصالح بالنفوس وتبيعها بأرخص الأثمان وهكذا يدور فلك المجهول في بلد كان ولا يزال يسير في المجهول من قبل مجهولين لا وطن لهم ولا دين.   
يقول كارل يونج Carl Jung عالم النفس السويسري، أن: " الشعوب تمرض كما يمرض الفرد، وتعالج كما الفرد، بعضها يشفى وفي فترة النقاهة ينتكس"..
ضياع النفس أشد مرضًا من ضياع العقل والجسد، وما يحصل حاليا في العراق وبحق شعبه المسالم أكبر دليل. المكون المسيحي دائما هو الضحية، هو دوما في مقدمة التطهير العرقي وفي مقدمة المنازعات التي تثور، وكأنه هو الدخيل على الأرض وليس صاحبها كما يشهد ويعترف التاريخ بذلك.
مع الأسف وكل الأسف أن نبصر ونسمع اليوم ما يحصل للمسيحي في بلده من أضطهاد وإذلال وحرمان في الحياة الحرة الكريمة! بصراعاتهم وتسابقهم على القتال يتناسون أن هنالك صدورًا تلتهب وتنفث بالحسرات وتتألم مما تعيشه! ألا يفكرون ...  هذا لو كان لديهم ذرة شعور؟! ماذا لو كان الوضع عكس ما هو عليه ساعة الحدث، كيف سيكون حالهم ومصيرهم وهم في البقاع سائرين لا مأوى لهم ولا وسادة يضعون رأسهم عليها ولا خبز يسدون به رمَّق جوع أطفالهم؟! ولكن ماذا نقول وماذا نفعل إزاء بشر لا يضعون في بالهم غضب الله! والأغرب في تصرفهم أنهم يدعون الإيمان وهم للمعصية عابدين.
المسيحيون الذين يغادرون مدينتهم الموصل مرغمين، كانوا وسيبقون نور الشرق ونسمة دجلة والفرات، وتراث العراق وتاريخه لن يكون ألا بهم ومعهم، هم سيبقون أصحاب الأرض شاء من شاء وأبى من آبى. الحقيقة لا تخفى بالغربال مهما حاول كل من يُحيك المؤمرات، والربّ هو دوما مع المظلومين وينصرهم على الظالمين وإن طال بهم الأمد. ونتمنى الشفاء لبلد يدعى العراق قبل أن يضيع اسمه تدريجيا كما يضيع شعبه ... نتمنى التخفيف من العنصرية والطائفية والتمييز على أساس العرق والدين ... نتمنى أن تكون هنالك مصداقية ومصالحة وصناعة بلد جديد وبدستور جديد ...  نتمنى أن يكون هنالك دور للكفاءات والعقول والمفكرين وأصحاب الضمائر في قيادة البلد وانتشاله من الحضيض الذي هو فيه ....  نتمنى أن تكون هنالك روح وطنية مفعمة ومتجددة تثور من أجل البلد وساكنيه عندما تدق ساعة الخطر ... نتمنى ونتمنى ولابد للأمنيات من أن تتحقق.

العدوان على غزة بين التقصير والخيانة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لم يعد الحديث في ظل العدوان الإسرائيلي البغيض على قطاع غزة عن المتخاذلين العرب، ولا عن المقصرين عن نصرة الفلسطينيين والوقوف معهم، ولا عن المتأخرين عن النجدة والمساعدة، ولا عن الممتنعين عن التحرك والمشاركة، إذ قد نجد لبعضهم عذراً، وقد نقبل منهم تبريراً لعجزهم، وتفسيراً لتأخيرهم، وقد نصدق حجتهم، ونبرئ ذمتهم، ونعفيهم مما يحرجهم.
ولكننا قد لا نقبل عذر آخرين، ولا نسلم بحجتهم، وقد نشك في تفسيرهم، ونرفض القبول بتبريرهم، إذ أن حجتهم ضعيفة، وبيانهم غير مقنع، وصمتهم غير مبرر، وحيادهم غير مفهوم، ودعوى انشغالهم وهم، ودفاعهم عن أنفسهم بالضعف وعدم القدرة والخوف من الانزلاق في حربٍ غير متكافئة، كذبٌ وغير صحيح، وهو ليس إلا محاولة للفرار، وحجة للتخلي، وإعفاء النفس من الواجب والمسؤولية.
بعضهم الأول قد لا يملك القوة فعلاً، وقد لا يوجد عنده القدرة على نصرة غزة بالسلاح أو بالمال، ولا يجد ما يحمل عليه نفسه والمتطوعين، وعنده من المشاكل والهموم، والاضطرابات والقلاقل، والنزاعات والحروب، والفقر والفاقة والحاجة، ما يمنعه عن المشاركة والمساهمة، والمساعدة والنصرة، وفي هذا يتساوى القريب والبعيد، والجار الجنب والقاصي البعيد.
ولكن قلوب الكثير منهم تكاد تتفطر على غزة وأهلها، حزناً وألماً ألا يجدوا ما ينفقون في سبيلها، ويتمنون لو أنهم يستطيعون نصرتها بالسلاح، والوقوف معها بالرجال، ومساعدتها ومناصرتها في وجه العدوان، ولكن ضيق ذات اليد، وقلة الحيلة، وعدم القدرة المالية، والبعد والحواجز والحدود، يحول دون قيامهم بالواجب، وأدائهم لما ينبغي عليهم فعله في ظل هذه الظروف، إلا أن مواقفهم السياسية مشرفة، وإعلامهم الرسمي والشعبي نصيرٌ وصادق، يساند المقاومة، ويناصر الفلسطينيين، ويحرض على العدو، ويعرض به، ويدعو إلى مساءلته ومحاكمته، ومحاسبته ومعاقبته، وتكاد شوارعه لا تخلو من المسيرات التضامنية، والمظاهرات الاحتجاجية.
وبعضهم الآخر قادر لكنه خائف، ويملك القوة إلا أنه لا يستطيع، وعنده نفوذ لكنه لا يريد استخدامه، وعنده أموال لكنه لا يريد بذلها، ولديه علاقات، لكنه لا يرغب في استغلالها، ولديه مؤسسات إعلامية كبيرة واسعة الانتشار، ولها جمهور كبير من المتابعين والمحبين، لكنه لا يستغلها لنصرة المقاومة، ولا لمساندة الشعب الفلسطيني، ولا يسخر أيٍ منها للمساهمة في المعركة، بل يشغل متابعيه بما يلهيهم وينسيهم، ويسلط عليهم الفنون الهابطة، والمسلسلات الكثيرة، التي تستغرق الوقت، وتحرف الجهد، وتشغل المواطنين عن الأهم، وتبعدهم عن القضية الأساس، وهؤلاء مغلوبٌ على أمرهم، نسكت عنهم، وإن كنا نعيب عليهم خوفهم.
إلا أن هناك فريقاً آخر من الأنظمة العربية، ليس مقصراً ولا متأخراً، ولا هو بالخائف أو الوجل، ولا بالضعيف أو العاجز قليل الحيلة، ولا بالهامشي المهمل، بل إنها أنظمةٌ قوية عسكرياً، ومتماسكة سياسياً، ولديها جيوش قادرة، وعندها امكانياتٌ كبيرة، واتفاقياتٌ كثيرة، وتستطيع التدخل والتأثير، وممارسة الضغط ومنع الاعتداء، ويتمتع بعضها بقدراتٍ ماليةٍ ضخمة، وعلاقاتٍ دولية كبيرة وواسعة. 
هذه الأنظمة لا تكتفي بالصمت، ولا تقدم العجز، ولا ترضى بالمشاهدة والمتابعة، بل هي شريكةٌ في العدوان، وطرفٌ في الحرب، تتعاون مع العدو وتنسق معه، تسمع إليه وتصغي لنصحه، وتوجهه وتطلب منه، وتعلمه وتخبره، وتزوده بالمعلومات وتقدم له المعونات، وتشجعه وتؤيده، وتناصره وتسانده، وتواسيه وتصبره، وتكفف دمعه وتخفف ألمه، وتدواي جرحاه، وتعزي ثكلاه، وتتصل بمسؤوليه للاطمئنان، 
هذا الفريق يقوي العدو على الشعب، ويمول عدوانه، ويمده بما يحتاجه، ويعطيه ما يريد، ويصمت على جرائمه، ويؤيده في حججه، ويرى عدالة معركته مع المقاومة، فهي بالنسبة له دفاعٌ مشروعٌ عن النفس، وصدٌ طبيعي لعدوان المقاومة، ومحاربةٌ لإرهابها، فهو بهذا يشارك العدو في سفك الدم، وإزهاق الأرواح، ويتحمل معه المسؤولية الأخلاقية والسياسية، عن كل ما يصيب الشعب الفلسطيني من قتلٍ وتخريبٍ ودمار.
يستغل هذا الفريق كل امكانياته المادية والإعلامية، والسياسية والعسكرية، لتكون جميعها في خدمة العدو، الذي رأى منهم غاية ما يتمنى، وأقصى ما كان يحلم به، وهو ما جعله يعتز بأن أفضل ما في هذه الحرب، رغم خسارته لبعض جنوده وضباطه، الحلف المقدس الذي نشأ بين الدولة العبرية وبعض هذه الأنظمة، إذ لو أنفق العدو ما في الأرض جميعاً ليصنع هذا التحالف المتين، فما كان لينسجه لولا الدم الفلسطيني المهراق.
هذا الفريق يرى الفلسطينيين يُقتلون ويسكت، ويراهم يُذبحون ويصمت، ويشعر بحاجتهم ويتأخر، ويعرف معاناتهم ويقصر، ويضيق عليهم ما هم فيه من ضيق، ويحرمهم رغم الحرمان، ويسجنهم رغم السجن والقيد والاحتلال، ويمنع المناصرين لهم، ويعاقب المتضامنين معهم، ويقطع الطريق عليهم.
ألا ترون أن هناك فرقٌ كبير بين التقصير والخيانة، وبين التفريط والمؤامرة، وبين الصمت والمشاركة، وبين العجز والتأييد والمباركة، إلا أن المقاومة في فلسطين ستتجاوز عجز المقصرين، وخيانة المتآمرين، وستصنع للفلسطينيين وللأمة العربية، نصراً عزيزاً يتغنى به المحبون، ويبكي حلاوته مرارةً المتآمرون والمتخاذلون.
الاثنين 18:15 الموافق 21/7/2014 (اليوم الخامس عشر للعدوان)
**
إسرائيل تصنع الحقد وتعمق الكراهية
هل يظن العدو الصهيوني أنه يستطيع بما يقوم به اليوم من اعتداءٍ غاشم على قطاع غزة، يقتل خلاله المواطنين، ويدمر بيوتهم، ويفسد حياتهم، ويمزق شملهم، ويشتت أهلهم، أنه سيكون قادراً على جلب السلام لكيانه، وتحقيق الأمن لمواطنيه، والاستقرار طويلاً هادئاً مستقراً فوق الأرض الفلسطينية، محتلاً لها، وغاصباً لحقوق أهلها، ومحاصراً لهم، ومضيقاً عليهم.
هل يظن العدو أن هذه الحرب ستكون الأخيرة، وأن هذه المعركة ستكون الخاتم، وأنه لن يكون مضطراً بعدها لتجريد حملاتٍ عسكرية جديدة ضد قطاع غزة، لتأديب أهلها، ونزع سلاح مقاومتها، وضرب مستودعاتها ومخازنها، وإجهاض مخططاتها، وتخريب مؤسساتها، وأنه بعدها سيهنأ عيشه، وسيطيب مقامه، وستستقر أوضاعه، وسيحيا مواطنوه بأمنٍ وسلامٍ، فلا يوجد من يهدد حياتهم، أو يقلقهم في منامهم، أو يباغتهم كوابيس في أحلامهم، ولا يوجد من يقوى على مطالبتهم باستعادة حقوقهم في أرضهم ووطنهم.
هل يظن العدو أن الفلسطينيين يخافونه، وأنهم يحسبون حساباً لحروبه، وأنهم يخشون غضبته، ويحاولون تجنب سطوته، وأنهم مرعوبون من جيشه، وخائفون من قوته، وأنهم يخشون على أنفسهم الموت والهلاك إن هم اعترضوا على سياسته، أو خالفوا إرادته، أو امتنعوا عن تنفيذ تعاليمه وأوامره.
أم يظن أنهم تعلموا الدرس هذه المرة، وفهموا المراد، واستوعبوا القصد، وعرفوا يقيناً أنهم أضعف من دولة الكيان، وأنهم لا يستطيعون الوقوف في وجهه، وصد عدوانه، ورد هجومه، ومنعه من تنفيذ مخططاته، بحجة أن كيانهم قوي، وأن جيشهم متفوق لا يقهر، وأن جنديهم شجاعٌ لا يخاف، وثابتٌ لا يتزعزع، ومطمئنٌ لا يضطرب، وواثق لا يشك، وضامنٌ أنه كاسبٌ دوماً لا يخسر، وفائزٌ لا يخيب ولا يفشل.
هل رأى العدو من الفلسطينيين استسلاماً وخنوعاً، وعلم فيهم ضعفاً وخوراً، ولمس منهم عجزاً وقلة حيلة، وهل سمع صوت صراخهم، ونداءات استغاثتهم، وصيحات ألمهم، فعلم أنهم قد تابوا وندموا، وأنهم سيلقون أسلحتهم، وسيتخلون عن مقاومتهم، وسينقلبون على مقاوميهم، وسيتوقفون عن التعرض لجنود العدو ودورياته، وأنهم سيفككون صواريخهم، وسيسلمون ترسانة أسلحتهم، وسيتعهدون أمام العرب والمجتمع الدولي أنهم لن يعودوا للتفكير في المقاومة، وأنهم سيشطبون مفرداتها من قاموسهم، وأنهم لن يعودوا إلى التدريب والتجهيز والتأهيل والإعداد، ولن يكونوا بعد اليوم جزءاً من محور المقاومة، ولا طرفاً في معسكر الممانعة.
أم أنه رأى أن الأم الفلسطينية قد نسيت دم ابنها، وتخلت عن بقية أولادها، ورضيت بما أصابها وبيتها، وجلست على الأطلال عند ركام منزلها المدمر، وأمام بعض أواني مطبخها، وبين يديها ألعاب أطفالها، ودمى بناتها، لكنها اليوم لم تعد تبكي ولدها، ولم تطلب من شقيقه الانتقام له، والثأر ممن قتله، وظن أن الفلسطيني الذي دمر بيته، وقصف محيطه، ولم يعد عنده مستقبل يأمل فيه، ويعتمد عليه، أنه سيضع كفه على وجهه عاجزاً، وأنه سيندب حظه، وسيلعن نفسه، وسيأكل أصابعه ندماً على ما قدم وأعطى، وعلى ما خسر وأفنى.
أم أن العدو قد خُدع بمن أيدوه من الأنظمة العربية، ووقفوا معه مساندين مناصرين، وبرروا عدوانه، ودافعوا عن حقه في ضرب المقاومة، لإبعاد الخطر عن كيانهم ومستوطنيهم، بعد أن اتفقت أهدافهم، وتوحدت مشاريعهم، وأصبحوا في سلةٍ واحدةٍ، يربحون معاً أو يخسرون معاً، فاعتقد أن الفلسطينيين أصبحوا بعد الحلف الجديد مكشوفين فلا ظهر لهم، ولا سند عندهم، ولا ناصر لهم يحميهم ويدافع عنهم، وأنهم قد أصبحوا كالأيتام، لا أب لهم، ولا راعي عندهم، ولا من يحنو عليهم، أو يرأف بهم، ويأخذ بأيديهم.
لكن العدو نسي غافلاً، أو أن الله قد طمس على قلبه، وأعمى عيونه، وقفل على عقله، أن هذا الشعب الذي انطلقت منه مقاومة عملاقة، قوية جبارة، تقتل وتأسر، وتقصف وتضرب، وتهاجم وتتسلل، لن ينسى أبداً حقه، ولن يتخلى عن أرضه، ولن يغفر لعدوه ومن حالفه، وأن ما ارتكبه العدو في حقه من مجازر وجرائم، لن تزيد الفلسطينيين إلا صدقاً وإصراراً، وعزماً ومضاءً، فجرائم العدو في أرضنا وقودٌ للحقد، وحطبٌ لنارٍ تضطرم، وسكينٌ لجرحٍ ينعب، تعمقه وتجرحه من جديد، فلا الجرح يبرأ، ولا الفلسطيني ينسى ويخضع، ولا الحلم يتبدد، ولا الأمل يزول، وستبين الأيام للعدو أنه أخطأ وأجرم، وأنه قد دخل برجيله أرضاً سبخة، ورمالاً رخوة، وطيناً وحلة، لا خروج منها إلا في توابيت، أو استسلاماً لأصحاب الحق وتسليماً لهم.
الثلاثاء 14:20 الموافق 22/7/2014 ( اليوم السادس عشر للعدوان)
**

الحمار الذكي!/ جورج هاشم

لا تتهموني بذكائي... اقرأوا ثم احكموا....
معروف عن الحمار في بلادنا انه اغبى المخلوقات. هكذا اتهموه منذ القدم. رغم انه كان الساعد الايمن للفلاح على مر العصور. يُحَمِّله اثقل الاحمال. الحطب للتدفئة. القمح للمطحنة والعودة بالطحين. ينقل عليه كل محاصيل الحقل.  اذا مرض الثور او تمارض فالحمار هو البديل المطيع لحراثة الحقل. يوم الاحاد، لا يتركه يرتاح بل يمتطيه الى الكنيسة او في زيارة لمريض... وما هو البديل؟ باقة حشيش او كمشة تبن. وربما كمشة شعير في الاعياد...
اذا اراد احدهم ان يهينك – لا سمح الله – يقول انت حمار. ينهق ولا يعترض. جلود، صبور، لا يثور... ومشهور بذلك في الادب الشعبي... باستثناء حمار بلعام، الذي حكى، فهو يبلع الاهانات ولا "يحكي"... هو عنوان التواضع والفقر والزهد بالحياة. لذلك ركبه العظماء والمشاهير والانبياء – وأشهر راكبيه هو السيد المسيح عند دخوله اورشليم – وركبه الزاهدون بنعيم الحياة للدلالة على تواضعهم وعدم اهتمامهم بمباهج الدنيا... والاهم انه لايعترض. فكما يريده صاحبه او زعيمه يمشي على طول الخط ولو كان خط الزعيم متعرجاً طوال الوقت...
ولكن أين الذكاء في ما ورد اعلاه؟
صبراً. ففي استراليا مئات الالاف من الحمير التي تُرِكَ أجدادها لمصيرها الموحش في براريها وغاباتها الشاسعة، بعد أن تطورت الحياة وأُحيل الحمار الى التقاعد. ثارت عصبيته وتجمع في قبائل وعشائر وأفخاذ. عاشوا جماعات متحدة يدافعون عن قساوة العيش بهدف البقاء... ربما شكلوا  الجمعيات والنوادي الاجتماعية والخيرية ولكنه لم يُعرف عنهم انهم تعصبوا لقبيلة او حزب او زعيم. فزعيمهم محترم طالما انه يعمل لمصلحة الجميع والا رفسوه... بعكس الحمير في بلادنا الذين يولدون في خدمة الزعيم، ويموت الاحفاد دفاعاً عن حق حفيد الزعيم في الركوب المستمر على الرقاب، والزعيم هو الذي يرفسهم عندما تنتهي صلاحيتهم... ومع تكاثر عدد الحمير في استراليا، توصل أحد متابعي العقلية الحمّارية الى اكتشاف امكانية الاستفادة منهم وتوظيفهم في اعمال مفيدة لبني البشر.
تدرب الحمار الاسترالي على حراسة قطعان الاغنام من الكلاب المتوحشة وبقية الحيوانات المفترسة. فمع قطيع من عدة مئات من الاغنام يكفي وجود بضعة حمير  ليؤمنوا الحراسة لهم في غياب اصحاب المزرعة الذي يطول لعدة اسابيع ... لا يطالبون باجور مرتفعة كما يفعل اعضاء " البلاك ووترز" حرّاس أمن العراق. ولا يفتعلون المشاكل والتفجيرات ليبقوا في الخدمة. يكفيهم الرعي في شكل دائري حول القطيع. وعندما يدخل الحيوان المفترس يقف الحمار في المواجهة. لا ينهزم. يقف بوجه الخصم ويركز عينيه في عينَي الخصم بتحدٍ ملحوظ. واذا لم يقرأ المهاجم الرسالة يقترب الحمار منه، بعد أن ينهق بغضب فتسارع بقية الحمير لتؤمن ظهره، ويعاجله برفسة يطير لها صواب المهاجِم فيولي الادبار متمثلاً بالقول المأثور: "الهريبة تلتين المراجل". هذا اذا لم يفدغه او يطيّر احدى عينيه او يقضي عليه تماماً. وعندما يزول الخطر. لا يفتل شاربيه ولا يتباهى برفسته كما يفعل حميرنا البلديون...
بعد ان ذاعت شهرة الحمار في تأمين  الحماية لقطعان الاغنام استعانت به جامعة جزيرة رودس. وتعاقدت مع حمارة اطلقت عليها اسم " بوني Bonnie  " . والسبب ان الكلاب التي اعتمدتها الجامعة لحراسة قطيعها المؤلف من 26 غنمة اعتدت هي نفسها على الاغنام.  أي حاميها حراميها، كما يحصل في معظم انظمتنا العربية،  وكانت الحصيلة 17 غنمة تعرضت لجراح. منها واحدة قُتلت، وست غنمات بحالة سيئة وواحدة كانت حالتها خطرة جداً مما دفعهم لتطبيق عملية القتل الرحيم عليها.
منذ أن دخلت الحمارة بوني في الخدمة لم تتعرض اية نعجة لاذى. مما دفع الجامعة الى تجنيد حمارة صغيرة لتتدرب على يدي بوني أسموها " دي Dee  ". كما خصصت الجامعة دكتورة في علم نفس الحيوانات لدراسة كل من شخصية الحمارتين فاكتشفت ان لكل منهما شخصية مختلفة عن الاخرى. فبوني عركتها الايام وتتمتع بحنكة وحكمة العمر تجد دي غير صبورة وقاسية في تعاملها مع الخراف الصغيرة، التي لم تتعود على الطاعة العمياء، كقطعاننا. فواحدة تذهب باتجاه وآخر يذهب باتجاه آخر  ودي تريدهم ان ينتظموا في الصف بسرعة وان لم يفعلوا تجبرهم على ذلك. بينما بوني تترك الامور تجري على هواها ولا تتدخل لتغيير مجرى الاحداث او الخراف لانها تعرف ان  الخراف الصغيرة بحاجة لستة أشهر على الاقل لتنتظم في حياة القطيع وعندها يرتاح رأس دي...
ورغم وظيفة بوني ودي في الجامعة، الا انهما لا زالتا تأكلان الحشيش والتبن وكمشة شعير في الاعياد. لم تستفيدا لا من شهرتهما ولا من نجوميتهما. لم تطالبا بزيادة معاش ولا  تستفيدان من العطل الجامعية ولا حتى من معاش نهاية الخدمة... بالفعل انهما حمارتان...
يبقى ان هناك اعلانات كثيرة عن هذه الحمير: كيف تختار الحمار المناسب الذي يتطابق مع تفكيرك،  واي نوع من الحمير أصلح للخدمة. وكيف تدربه على عمله... وأخشى ما أخشاه أن يستغل الزعيم هذه الاعلانات ويشتري امثال بوني ودي لتقود له قطيعه الكبير طالما ان الكلفة شوية حشيش وتبن وكمشة شعير...

يا مسلمين.. يا عرب! كيف نحتفل بالعيد وغزة هاشم تموت؟/ رائف حسين

- رئيس الجالية الفلسطينية في ألمانيا

آن الأوان أن نكون أو أن نلقي بأنفسنا أفراداً وجماعاتٍ على مزبلة التاريخ. 
آن الأوان أن نعمل ما أراده الدين الحنيف، دين النبي إبن عبد المطلب صلعم، ونكون بشراً بشرف وكرامة لا أن نكون مُتمّمي شعائر دون ضمائر حية.  
غزة تموت ولم يعد يكفي أن نستنكر وننسى. لم يعد يكفي أن نتألم ونبكي، آن الأوان أن نعمل. آن الأوان أن نُسجّل التاريخ. 
في هذه اللحظات التي يمر بها شعبنا الفلسطيني العريق علينا أن نبرهن للعالم أجمع أنه مهما حصل سوف تقف غزة شامخة رافعة الرأس شرفاً وإعتزازاً بصمودها في أرض الأجداد، واقفة صامدة بين عربٍ خُرسان بدون رأسٍ وشرف.
نعم حي الشجاعية وصمة عار عليكم أنتم من سَكتّم عن نقصٍ بكم وأنتم من لم يبقَ في قاموس لغتكم غير إعلان الحداد! 
حي الشجاعية كابوس سيلاحق تاريخكم الرذيل وطوفان سيغرقكم بدم الشهداء الأبرياء، وصراخ أطفال الشجاعية ستسمعونه يا عرب ويا مسلمين يوم القيامة ويوم الحساب حينما لن تشفع لكم طقوسكم من صلاة وصوم.
نعم الشجاعية هي صبرا وشاتيلا القرن الواحد والعشرين. نعم غزة هي تل الزعتر وبرج البراجنة يا ساكني القصور في رام الله. وأنتم العار على هيئة بشر. أنتم من قدَّس الخيانة بإسم التنسيق الأمني وسكت على ذبح أطفال غزة ولم يقُم بشيء إلا بإعلان الحداد! 
يا شعب فلسطين الأبي، آن الأوان أن تعلنوا الحداد على قيادتكم الميتة وهي حيّة، وأن تدفنوها بأياديكم في مزبلة التاريخ. آن لكم أن تكونوا من أنتم، شعبٌ يناضل من أجل الحرية، من أجل الصمود ومن أجل الكرامة الفلسطينية.
مَن منكم لم يسمع نداءات الموتى في غزة وصراخ الأيتام والثكالى في رفح والشجاعية ليقم ولينتحر الآن قبل أن تتطاير ذرات كرامته الأخيرة.
نعم آن الأوان أن نسجّل التاريخ قبل أن يُنسى! 
في لحظات كهذه يصبح المستحيل بنظر الأكثرية الساكتة المتفرجة مستباحاً للشرفاء وممكناً!
يا مسلمين يا عرب، أناديكم بإسم الكرامة والرب الذي تعبدون أن نتحدى الطقوس ونُحكّم العقل وندع الكرامة أو ما تبقى منها يتكلم ونعلن أفراداً وجماعاتٍ عن إلغاء الإحتفالات بعيد الفطر والتبرع بما كنا سنصرفه على العيد لغزة العزة والكرامة.
تعالوا معاً نبني ما دمرته اليد المجرمة للإحتلال! تعالوا نمسح دمعة طفل من غزة ونواسي ثكلى!
تعالوا يا أمة محمد نعمل المستحيل ونلغي العيد وإحتفالاته ... كيف نحتفل وغزة هاشم تموت؟
نعم، قولوا لأطفالكم لا عيد السنة لأن الشريف لا يحتفل وأخاه ينزف ويموت! 
دعوا أطفالكم يرون ما يحدث لأطفال غزة وإسالوهم إن أرادوا هدية العيد؟
آن الأوان أن نرفع راية الكرامة معاً وأن نقول للأموات الأحياء خجلاً يا حثالة الأرض وطوبى لغزة العزة…
وأنتم يا أطفال غزة وثكالى غزة، أنتم الشرف أنتم من تستحقون الحياة ونحن من لا يستأهل إلا المذلة والتحقير إن بقينا نستنكر وننسى!!!

السلامةُ صمودٌ أم استسلامٌ/ د. مصطفى يوسف اللداوي

تتعالى بعض الأصوات التي تطالب المقاومة الفلسطينية بالموافقة على المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار، قبل المباشرة في مفاوضاتٍ تحدد طبيعة الهدنة، وتبين شروطها وضوابطها، وما إذا كانت ستكون مطابقة لاتفاقية العام 2012، أو امتداداً لها، أو أنها ستكون اتفاقية جديدة، ببنودٍ وشروطٍ وضماناتٍ والتزاماتٍ أخرى.
إلا أنهم يرون أنها المبادرة الوحيدة الجادة، وأنه لا يوجد غيرها على الطاولة، فمصر هي المعنية تاريخياً، وهي صاحبة الخبرة والتجربة، وهي المؤهلة والقادرة على ممارسة الضغط وفرض الأمر، وأن الكيان الصهيوني والمجتمع الدولي لا يعترفون بغيرها، ولا يتعاملون مع سواها، ولا يصغون إلى مبادرات الآخرين، ولا لمحاولات تركيا وقطر خلق بديل عنها، وطرح أفكارٍ أخرى، مخالفة أو مكملة.
يعتقد هذا الفريق أن المبادرة المصرية وحدها القادرة على وقف إطلاق النار، وحقن الدماء، ومنع العدو الإسرائيلي من ممارسة هواية القتل والقنص والقصف، وأنها التي ستغير اتجاه دباباته، واحداثيات فوهات مدافعه بعيداً عن غزة، وستنهي الحرب البرية التي بدأها، وهي الحرب الآخذة في حصاد الأرواح، وتدمير البيوت والمنازل، وفق سياسة الأرض المحروقة، التي يحسن العدو تنفيذها، حرصاً على حياة جنوده، وضماناً لنجاح حملته العسكرية في تحقيق أهدافه المعلنة، وهي وقف إطلاق الصواريخ، وتدمير مخزون المقاومة منها، وتدمير منصاتها وأنفاقها التي تمتد إلى البلدات الإسرائيلية.
المشكلة أن هذا الفريق يفرط كثيراً في الثقة في العدو الإسرائيلي، ويرى أنه جادٌ في اتفاقياته، وصادقٌ في وعوده، وأنه سيلتزم الهدوء، وسيكف عن الحرب والعدوان، وأنه سيعود بعد حربه هذه إلى شروط وبنود اتفاقية العام 2012، وإلى ما سيجد عليها، والتي كان منها الهدوء مقابل الهدوء، والكف عن القيام بأي أعمالٍ عدوانية ضد الأهداف الفلسطينية، سواء كانت أشخاصاً أو منشئاتٍ أو آليات.
نسي هؤلاء أن العدو الصهيوني لا يؤمن جانبه، ولا يصدق رجاله، ولا ثقة في حكومته وجيشه، وأنه يخطط عكس ما يعلن، ويتطلع إلى النقيض مما يشيع، وهو الذي بدل وغير أهدافه القديمة، والتي كان يدعو إليها، ويحرض المجتمع الدولي للضغط على المقاومة للقبول بها، وهي التهدئة والكف عن إطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية، ولكن أهدافه اليوم قد تغيرت وتبدلت، وباتت أخطر من ذي قبل وأسوأ، ولا يوجد في مقابلها ما ينفع الفلسطينيين أو يحميهم من الغارات الإسرائيلية.
ربما قراءة سريعة لاتفاقية خروج القوات الفلسطينية من لبنان في العام 1982، إثر العدوان الإسرائيلي على بيروت، تشير إلى تشابه الظروف، وتطابق الأهداف التي وضعت لخروج المقاومة الفلسطينية من لبنان، قصفٌ وحصار وتهديدٌ متزايدٌ للمدنيين، ودعواتٌ للخروج كانت نتيجتها بعثرة المقاومة الفلسطينية، وتشتيت قواتها، وإبعادهم عن ساحات الصراع وميادين القتال، ثم إشغالهم بكل شئٍ عدا الوطن والمقاومة.
لكن المقاومة التي اضطرت للخروج من لبنان، تحت ضغط الحرب البرية، والخوف على المدنيين، وتجنب التهديد الإسرائيلي بتدمير بيروت، الذي كان من شأنه تكبيد اللبنانيين والفلسطينيين أعداداً كبيرة من القتلى، وقعت بعد رحيلها في فخ المجازر والمذابح الإسرائيلية، فقد تم اجتياح المخيمات، وقتل من بقي من رجال المقاومة، تمهيداً للمجزرة الدموية الكبرى التي نفذت برعاية إسرائيلية في مخيمات صبرا وشاتيلا، والتي راح ضحيتها آلاف المدنيين الفلسطينيين، وما كان لهذه المجزرة أن تقع وترتكب لولا قبول القيادة الفلسطينية بالخروج من لبنان، والتخلي عن المدنيين، وترك المخيمات ومن فيها لقدرها.
لعل المبادرة المطروحة على الطاولة اليوم ستقود إلى نفس النتيجة، فهي تخدم العدو الصهيوني، وتصب في صالحه، وتحقق أهدافه، وتلبي طموحاته، بينما هي ضد الفلسطينيين عموماً، وضد المقاومة على وجه الخصوص، وستكشف ظهر الشعب وستحرمه من القوة التي تحميه، إذ أن العدو يتطلع إن سلمت المقاومة، وأقرت بالهزيمة، إلى سحب سلاحها، وتجريدها من قوتها، ليتفرغ بعد ذلك للنيل من عامة الفلسطينيين، وإجبارهم على القبول بما لا يريدون، والموافقة على شروطٍ مذلةٍ ومهينةٍ.
يخطئ من يظن أن نجاة الفلسطينيين وسلامتهم تتحقق في القبول بالمبادرة المصرية، والتسليم للعدو بما حقق وأنجز، دون أن يكون منه التزامٌ واضح وصريح، بضمانة مصر والمجتمع الدولي، بالاستجابة إلى شروط المقاومة، التي هي شروط ومطالب الفلسطينيين عموماً، وأساسها الأول رفع الحصار المفروض على القطاع، وفتح كافة المعابر المغلقة، والتسليم بزيادة مسافة الصيد البحري لتصبع 12 ميلاً بحرياً، بالإضافة إلى الإفراج عن كافة الذين اعتقلهم خلال حملته الأخيرة، والتوقف التام عن أي أعمال عسكرية عدوانية ضد الفلسطينيين، فهذه شروط محقة، ومطالب عادلة، لا نرى أن المقاومة تستطيع التخلي عنها، كما أن الشعب لا يقبل من المقاومة أن تتنازل عنها، ويصر عليها أن تتمسك بها، وتصر عليها، وفيها وفي الصمود تكون السلامة، وبغيرها يسكن الخطر، وتكمن المغامرة والمخاطرة.
السبت 17:25 الموافق 19/7/2014 ( اليوم الثالث عشر للعدوان)
**
انتصار العين على المخرز
أثبت التاريخ البشري دوماً، أن الشعوب أقوى من الدول، وأنها أبقى من الممالك، وأثبت من الحكومات، وأقدر على الصمود من الملوك والحكام، وأخلص للأوطان منهم، وأصدق في الدفاع عنها من بطائنهم، وأنهم الذين يبدلون حكامهم، ويغيرون قيادتهم، ويتوجون الملوك ويبايعون ولاة الأمر، وأنهم أقوى منهم وإن امتلكوا الجيوش، وأشد مراساً منهم وإن كانوا يملكون أنظمة وشرطة ومؤسساتٍ ووسائل قمعٍ وتعذيبٍ وترهيب.
وأكدت سيرُ الشعوب، ومسيرات الثورات، وانتفاضات الأمم، قديماً وحديثاً، أن العين دوماً تنتصر على المخرز، وأن الإرادة تنتصر على القوة، وترغمها على ما تريد، وتخضعها إلى ما تتمنى، وأن الشعوب المقهورة تنتصر على قاهرها، وتنتقم من قاتلها، وأن المحتل دائماً يرحل ويغادر، ويتخلى عن آماله وطموحاته، ويفكك ما بناه في الأرض وعمره، ويترك كل ما ظنَ أنه باقٍ له ومخلدٌ فيه.
والتاريخ على هذا خيرُ شاهدٍ ودليل، ويملك على ذلك النتائج والبراهين، التي لا تنكرها عينٌ، ولا يتجاهلها عقلٌ ولا منطقٌ، ومنها يتعلم البشر، ويستفيد المقاومون، لتصبح بعد ذلك سُنةً وقانوناً، وناموساً ونظاماً، لا تختلف ولا تتغير، ولا تتخلف ولا تتبدل، وإن تغير المستعمرون، وتدافعت الشعوب، وتبدلت الأجيال.
فما نفع الأمريكيين حرقُ بيوت الصفيح في فيتنام، ولا إشعالُ النار في الحقول والأجران، ولا دكُ البلاد وعامة الناس بآلاف الأطنان من المتفجرات، وما مكن الفرنسيين في الجزائر طولُ البقاء، ولا دموية الاستعمار، ولا ملايين الشهداء الذين قتلوهم، ولا بشاعةُ وفحش المعاملة التي لاقوهم بها، ولا أبقى جبروت العنصريين في جنوب أفريقيا حكمُهم، وما استطاعت قوتهم في الأرض البقاء، ولا تمكنت حداثة أسلحتهم من تركيع الشعب، وإسكات العبيد، والقضاء على عزم وإيمان السجين.
كذا هي إرادة الشعوب في كل مكان، تنتصر على القيد والسجان، وتثور على البغي والعدوان، وتنهض عملاقاً في ساحات الوغى وميادين القتال، وإن ظن العدو أنها ضعيفة ومهيضة الجناح، فإنها تقف أمامه جبارةً لا تلين، وعزيزةً لا تخضع، وقويةً لا تقهر، والتاريخ يحفظ الثائرين، ويقدر المقاتلين، ويحيي ذكرى الشهداء والمضحين، ويدرس سير الأبطال والمغاوير، ولكنه ينسى جنرالات الحرب، وقادة الاحتلال، وضباط الاستعمار، وجلاوزة السجون والمعتقلات، إلا إذا أراد أن يحاكمهم وينتقم منهم، ويحاسبهم ويقتص منهم.
وإن فلسطين واحدةٌ من الدول، وشعبها كغيره من الشعوب، أصيلٌ وعريق، ومجاهدٌ ومقاتل، وصابرٌ وجسور، وسينتصر على جلاده، وسيهزم محتله، وسيقتل من قتل أبناءه، وسيتفوق على الاحتلال أياً كانت قوته، ومهما بلغ بغيه وعدوانه، ولن تضعفه قوة العدو ولا آلة بطشه البشعة، ولن تعمي عيونه دخان دباباته ولا غازات قنابله وقذائفه، وستكون عيونه أقوى من مخارزهم، وأصلب منها في المواجهة والثبات.
العدو الإسرائيلي بات يدرك أن قوته العسكرية لن تستطيع أن ترغم هذا الشعب، ولن تكسر فيه روح الإرادة، ولن تهزمه ولن تركعه، ولن تقتل فيه روح التحدي ولا جبروت التصدي، وإن الفلسطينيين باتت لديهم قوة قادرة على المبادأة والمهاجمة، والقتال الموجع، والمباغتة الصادمة، وها هو يفاجئ العدو خلف خطوط النار، ويخرج إليه من جوف الأرض، عملاقاً لا يخاف، شبحاً لا يرى، ومارداً لا يهزم، يهاجم ويطلق النار، ويفجر ويقتل، ويعود أدراجه سليماً معافى، ومن بقي منهم في أرض الميدان فهو شهيدٌ سقط في قمة المواجهة، على أرضه المحتلة، وفي مقاومة الغاصبين المحتلين.
كتائب المقاومة الفلسطينية اليوم مسلحةٌ تسليحاً عالياً، وتملك وسائل قتالية حديثة، فبندقيتها سريعة الطلقات لا تتعثر ولا تضطرب، وصاروخها بعيد المدى يصيب ولا يخطئ، ومكامنها كثيرة، وأنفاقها عديدة، ومفاجئاتها أكثر مما يحفظها أو يعتاد عليها العدو، ورجالها كأسود الوغى، بات مظهرهم يخيف العدو، وشكلهم يرعبه، وسلاحهم الذي يزين صدورهم يرهبه، يتأهبون لمواجهة العدو، ويترقبون توغله، وينتظرون تورطه، وسيكون لهم معه صولاتٌ وجولاتٌ، وقد شعر العدو ببواكيرها، وأيقن بخواتيمها، بعد أن سجلت دوائره العسكرية في اليوم الثالث للحرب البرية خمسة عشر قتيلاً من ضباط وجنود جيشه.
الفلسطينيون يقولون لمقاومتهم العظيمة، رغم الجراح والآلام، والضحايا والشهداء، والتدمير والخراب، إياكم أن تسلموا بقوة العدو، ولا تجنبوا عن ملاقاته، ولا تتأخروا عن قتاله، فنحن بإذن الله أقوى منه، وهو يخاف من الموت، ويترقب القتل، ويتحسب من الأسر، ونحن معكم وإلى جانبكم، نصبر معكم، ونتحمل المعاناة من أجل هدفٍ أكبر، وغايةٍ أعظم، وإن الله ناصرنا، وهو معنا يؤيدنا ويكفلنا.
الأحد 03:00 الموافق 20/7/2014 (اليوم الرابع عشر للعدوان)
**
حي الشجاعية اسمٌ باقي وسيبقى
يأبى حي الشجاعية إلا أن يكون حاضراً دوماً، يتصدر الأحداث أبداً، ويتقدم الصفوف المقاومة، ويسبق الجبهات المشتعلة، ويقدم أروع الأمثلة في الصمود والتحدي، والمواجهة والقتال، فهو لا يغيب عن أي حدث، ولا يتأخر عند النفير، ولا يمتنع عن النصرة، ولا يتردد في النجدة، يهب قبل الآخرين، ويتقدم سابقاً الجميع، ويعطي أكثر من غيره، ويضحي بفلذات أكباده، ولا يبالي بحجم الدماء النازفة، وعمق الجراح الغائرة، ولا يشكو من ضعف، ولا يئن من وجع، ولا يتقهقر من وهن.
حي الشجاعية الرابض كأسدٍ مقدامٍ على حدود قطاع غزة الشرقية، له في كل حربٍ مع العدو الصهيوني قصة وحكاية، ينسج خيوطها بالأرواح والدماء، ويرسم ملامحها تحت القصف وخلال الدمار، ويحسن روايتها بقصص البطولة والانتصار، حيٌ لا يعميه الغبار، ولا يصدمه الركام، ولا تصم آذانه أصوات القذائف وأزيز الرصاص، يهابه العدو دوماً، ويخاف من التوغل فيه، ويتردد في الدخول إليه، ويحسب ألف حسابٍ لخطة الانسحاب وطريق العودة.
حي الشجاعية العربي الإسلامي الأيوبي القديم، بسكانه العرب أصولاً والأكراد والتركمان لاحقاً، كان له في مواجهة الصليبيين في فلسطين ألف حكايةٍ وحكاية، يحفظها التاريخ له، وتسجلها وتسطرها الكتب عنه، إذ صد هجومهم، ورد كيدهم، وأوجعهم ببسالة رجاله، وشجاعة سكانه، ومنعهم من الدخول إلى غزة عبر بوابتها الشرقية، التي أبت إلا أن تصد هجومهم وتردهم خائبين من حيث أتوا، فدفنت في ترابها قتلاهم، وشردت من على أرضها أحياءهم، فكانت الشجاعية شجاعةً بحقٍ، إلى الشجاعة انتسبت، أم إلى شجاعٍ الكردي انتمت.
حي الشجاعية ما زال يحتضن بين جنباته تلة المنطار، الذي خبره الإسرائيليون، وعرف فيه اليهود المرارة، وذاقوا فيه الويل، فهابوا الاقتراب منه، وخشوا المنازلة فيه، إذ خاض الشجاعيون من عليها أشد المعارك قديماً وحديثاً، فكان صمودهم الأول إبان في العام 1956، وضرب أروع الأمثلة في المواجهة خلال حرب العام 1967، إلا أن ملاحمه الكبرى تبدت بعد ذلك خلال كل الاعتداءات الإسرائيلية على غزة.
إنه قدر الشجاعية أن تكون على ثغرٍ من ثغور قطاع غزة، وأن تكون حارسةً لبواباته الشرقية، وأن يكون رباطها في الصفوف الأولى والجبهات المتقدمة، وهي التي تعلم عظم الدور المنوط بها، وخطورة المهمة التي تقوم بها، ولكنها تريد أن تكون أمينةً على هذه الثغور، فلا يتسلل العدو من خلالها، ولا يدخل إلى غزة منها، مهما بلغت قوته، وأياً كانت استعداداتها لملاقاته.
ولهذا فهي يقظة دوماً، مستعدة ومتهيأة لمواجهته وصده، يدها على الزناد، ورجالها في الميدان، على الحدود وفي الأنفاق تحت الأرض، وسلاحها حاضرٌ، وقدراتها مسخرة، وهي تدرك أن قدرها أن تتلقى القذيفة الإسرائيلية الأولى، بكل ما فيها من حقدٍ وكراهيةٍ، وخبثٍ ومكرٍ ولؤمٍ ودهاء، وأنها دائماً بحكم القرب من الحدود أول من يواجه العدو الصهيوني عند محاولة دخوله إلى قطاع غزة، ولكنها ترفض أن يكون دخوله إليها سهلاً، وتأبى أن يكون مروره فيها نزهة، وتصر على أن تعلمه أن المرور من أحيائها إلى غزةَ أمرٌ صعبٌ ومكلف، وأنه يترتب عليه أن يدقع الثمن، وأن يؤدي الضريبة، وأن يتحمل عواقب فعله، ونتائج اعتدائه.
في الليلة الرابعة عشر للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كان حي الشجاعية على موعدٍ مع مجزرةٍ جديدة، ومذبحةٍ أخرى، قتل فيها بقذائف الدبابات الإسرائيلية عشرات الفلسطينيين، بعد أن قامت قوات العدو بدك بيوتهم بقذائف المدفعية وسلاح الميدان، ما أدى إلى تدمير العشرات منها، ومقتل سكانها نتيجة القصف أو تحت الردم والركام، بينما يصمت العالم كله على فعال الجيش الصهيوني "الأكثر أخلاقيةً في العالم"، ولا يحرك ساكناً لمنعه أو كبحه، كما لا يقوى على سؤاله أو محاسبته.
أراد العدو الصهيوني من هذه المجزرة أن يخلي الشجاعيون مساكنهم وبيوتهم، وأن يتعلم غيرهم منهم فلا يتشبثون ببيوتهم، ولا يبقون في أحيائهم، بل يتركونها ويفرون منها، ليخلوا بين العدو ورجال المقاومة، ظناً منه أنه سيقوى عليهم، وسيدمر أنفاقهم، وسيباغتهم في مواقعهم، ولكن فأل العدو دوماً يخيب، إذ يفشل في فض المواطنين عن مقاومتهم، التي هي رجالهم ومن صنعهم، في الوقت الذي يعجز فيه عن مواجهة المقاومة التي أوجعته في ذات الليلة، ونالت من جنوده قتلاً وإصابة.
لك الله يا حي الشجاعية، لكم الله أيها الشجاعيون والغزيون، أيها الرجال الأماجد، والأهل الكرام، والشعب الحر الأبي العظيم، لكم الله وأنتم تواجهون العدو المدجج بسلاح بعض العرب، والمصان برعاية أنظمتهم، والمبارك بقرارهم، والمحفوظ بموافقتهم، فما أصابكم الليلة فعلٌ صهيوني بغيض قد اعتدنا عليه، ولكنه جرمٌ بمباركةٍ عربية، وموافقةٍ رسمية، وبتآمرٍ معلن، ونيةٍ مريضةٍ خبيثةٍ مكشوفة، نسأل الله العلي العظيم ردها على أهلها والعدو، وصدها عن الوطن الحبيب والشعب العزيز، اللهم ليس لنا إلا أنت فكن معنا.
الأحد 12:30 الموافق 20/7/2014 ( اليوم الرابع عشر على العدوان)
**
ضحايا الإسعاف والدفاع المدني
لم تسلم سياراتُ الإسعاف والدفاع المدني من القصف الصهيوني المتعمد، فقد عمد جيش العدو في هذه الحرب العدوانية وما سبقها، إلى قصف العاملين في مجال الإسعاف من الأطباء والممرضين ومساعديهم، وكافة الطواقم العاملة فيها، وكذلك استهدف رجال الدفاع المدني فقتل بعضهم، ودمر سياراتهم ومعداتهم، ومنعهم من أداء واجبهم، وإتمام المهمات التي انطلقوا من أجلها.
لا يتردد العدو الصهيوني في قصف سيارات الإسعاف وهو يعلم أنها تقل مرضى ومصابين، وتحمل فيها أطفالاً أو امرأةً حامل، وغيرهم ممن هم في حالة الخطر الشديد، ويلزمهم تدخل جراحي ورعاية طبية عاجلة، يقصفها بينما يضع العاملون فيها على ثيابهم ما يدل على عملهم، وتحمل سياراتُها الشارات الخاصة بها، وهي شاراتٌ دوليةٌ، موحدةٌ ومتفق عليها، تعرفها كل جيوش العالم، كما يعرفها عامة الناس، كي يخلوا الطريق لها، ويسهلوا عملها، ولا يعترضوا طريقها، ولا يعرقلوا مهمتها، ولكن العدو الصهيوني يتجاهل حقيقتها، وينكر دورها، ويتنكب إلى كل المعاهدات الدولية، والإعلانات العالمية والإنسانية، التي تنص على احترام الطواقم الإنسانية، العاملة في مؤسسات الإسعاف والدفاع المدني والهلال والصليب الأحمر وغيرهم.
كثيرون هم الشهداء الذين سقطوا نتيجة الغارات الصهيونية أثناء تأديتهم للواجب، أو خلال طريقهم إلى الأماكن التي تعرضت للقصف، وسقط فيها شهداء وجرحى، فبعضهم ارتقى شهيداً وهو يحمل جثمان شهيد، أو بينما كان يحاول إسعاف مصاب، أو سحبه من بين الركام، وغيرهم استهدف في السيارة مع جرحاه الذين يقلهم، أو الشهداء الذين ينقلهم إلى المستشفى، وبعضهم رجع بأجساد وأشلاء رفاقه.
أما رجال الدفاع المدني فإن الكثير منهم قد أصابتهم صواريخ العدو بينما كانوا يحملون خراطيم المياه، محاولين إطفاء الحرائق التي أشعلتها القذائف الإسرائيلية، وتسببت في حرق البيوت ومن فيها، وقتل الأطفال والشيوخ والعجائز حرقاً أو خنقاً، فإذا بالعدو يدخلهم بقذائفه المحرقة، ويحكم عليهم بالموت كأبناء شعبهم، مشكلاً خرقاً فاضحاً للأنظمة والقوانين والأعراف الدولية، وغير مبالٍ بردود الفعل المتوقعة.
رغم أن الأطباء والممرضين والمسعفين، ورجال الدفاع المدني، يعرفون أن عملهم خطرٌ، وأن المهمة الملقاة على عاتقهم قد تودي بحياتهم، وقد تصيبهم بنفس الداء الذي جاؤوا من أجله، فهم أثناء قيامهم بواجبهم يعرضون حياتهم للخطر، ويدخلون إلى مناطق الاشتباك، وميادين القتال، وينزلون إلى الأقبية المحترقة، والبيوت الملتهبة، ويتوقعون في كل لحظةٍ غارةً صهيونية تستهدفهم، أو قذيفةً تصيبهم، تقتلهم ومن معهم، إلا أنهم لا يتأخرون عن الواجب، ولا يجبنون عن تلبية النداء، ولا يقصرون في مساعدة ونصرة كل ملهوفٍ ومحتاج.
يتعرضون للقصف الإسرائيلي، ويعرضون حياتهم للخطر، ولكنهم يلبون النداء، رغم أن إمكانياتهم بسيطة، وتجهيزاتهم محدودة، وسياراتهم معدودة، ولا يوجد عندهم ما يكفي سكان قطاع غزة، الذين يتعرضون للنار جميعاً، ويستهدفهم القصف في كل مكان، ما يعني أن جهوزيتهم يجب أن تكون حاضرة لتغطية أي منطقة في قطاع غزة، إلا أن واقع حالهم البئيس، وقدراتهم المتواضعة، والتسهيلات القليلة، والحرية المقيدة، والقصف المتعمد، وإطلاق النار العشوائي عليهم، وحجز سياراتهم على الحواجز، وتأخيرها أو منعها، يحول دون قيامهم بالواجب المطلوب منهم على الوجه الأكمل والأفضل.
يدعي العدو الصهيوني كذباً أن الفلسطينيين يستخدمون سيارات الإسعاف والدفاع المدني في نقل السلاح والذخيرة ومعدات القتال المختلفة، وأن رجال المقاومة يستغلون التسهيلات المعطاة لهذه السيارات للوصول إلى مناطق ممنوعة، أو نقل مطلوبين أو مصابين وجرحى مقاومين من أرض المعركة إلى المستشفيات ومراكز العلاج والرعاية، ويتهمون المقاومة بأنها تملك سيارات إسعاف ودفاع مدني، وتستخدمها لأغراضها الخاصة، ولكن الحوادث تثبت دوماً كذب وافتراء العدو الصهيوني، حيث أن أغلب الشهداء الذين سقطوا من الإسعاف وهيئات الدفاع المدني، قد استهدفوا في مواقع القصف، وبينما هم في عملهم، أو أثناء نقلهم للجرحى والشهداء، ولم يسجل أن أياً منها كان يقل سلاحاً أو مقاومين.
إنه العدو الصهيوني الذي يستهدف كل فلسطيني، ويعادي كل عربي، ويرى الخطر كامناً في كل الفلسطينيين، أياً كانت انتماءاتهم أو وظائفهم ومهامهم، فلا نستغرب أفعالهم، ولا نتعجب من تصرفاتهم، إن عدوٌ غادرٌ فاجرٌ، خبيثٌ ماكرٌ مخادع، لا يحترم قانوناً، ولا يعترف باتفاق، ولا يراعي هدنة، ولا يلتزم بشارةٍ أو علامة.
الأحد 15:25 الموافق 20/7/2014 (اليوم الرابع عشر على العدوان)
**
شاؤول آرون بلسم الجراح
يكاد يكون الخبر الذي أعلنه أبو عبيدة الناطق الرسمي باسم كتائب الشهيد عز الدين القسام، بأن المقاومة الفلسطينية استطاعت أسر جندي إسرائيلي من أرض المعركة، معلناً اسمه ورقمه العسكري، المفاجأة الأكبر طوال أيام العدوان الأربعة عشر، رغم أن مفاجئاتٍ أخرى كبرى قد سبقته، حملت معها أنباء مقتل ثلاثة عشر ضابطاً وجندياً إسرائيلياً، بالإضافة إلى آخرين في أكثر من مكانٍ، بما يرفع عدد قتلاهم إلى تسعة عشر قتيلاً، خلال ثلاثة أيامٍ من بدء العدوان البري على قطاع غزة.
إلا أن الخبر القنبلة، والمفاجأة الأضخم، التي ستهز حكومة الكيان الصهيوني، وستربك رئيسها بنيامين نتنياهو، الذي كان خائفاً قلقاً يترقب، خشية أن تنجح المقاومة الفلسطينية في أسر أحد جنوده فتذله وتهينه، ويكون طالعه بذلك نحساً، تماماً كما حدث مع سلفه أيهود أولمرت، الذي كتب جيلعاد شاليط آخر سطور في حياته السياسية، وأجبره بعد عدوانه على غزة على التخلي عن منصبه في رئاسة الحكومة، ليدخل بعدها في متاهة الفضائح، ويتورط في مسار تحقيقات ومحاكماتٍ قضائية أدانته وسجنته.
المفاجأة الجديدة، شاؤول آرون، أنست الفلسطينيين جميعاً ما أصابهم أمس وصباح اليوم في حي الشجاعية  بغزة، وأدخلت الفرحة إلى قلوبهم في كل مكانٍ، فخرجوا في شوارع قطاع غزة، التي عاث فيها العدو الصهيوني فساداً، فخربها ودمرها، وقتل الكثير من أهلها، وأدمى شعبنا كله بما قد ارتكبه في حقنا من مجازر دمويةٍ بشعة، إلا أن خبر أسر الجندي شاؤول أرون نزل على قلوب ذوي الشهداء وأهل الجرحى برداً وسلاماً، فأرضى نفوسهم، وشفى غليلهم، حتى أن بعضهم قد ذهب إلى ثلاجة الموتى في مستشفى الشفاء بغزة، يصرخ في وجوه الشهداء أن انهضوا، وقوموا من مرقدكم، فقد انتقمت لكم المقاومة، وانتصرت لدمائكم وأرواحكم، وأسرت جندياً أولاً في المعركة، وسيتلوه آخر وغيره كثير إن شاء الله.
لم تعم الفرحة قطاع غزة المكلوم فقط، بل عمت أماكن الفلسطينيين في كل مكان، في الوطن وفي الشتات، إذ خرج الفلسطينيون في مدن الضفة الغربية كلها، في رام الله والخليل، ونابلس وطولكرم، وقلقيلة والقدس وجنين، فرحين مبتهجين بما حققته المقاومة، وبما صنعه رجالها، فخرجوا في الشوارع بسيارتهم، وأطلقوا العنان لأبواقها فرحاً، وصدحت المساجد بالتكبير والتهليل ابتهاجاً، بما أفاء الله به على المقاومة، وما زالت الفرحة عامة، والبهجة كبيرة، والأمل في هذا الصيد الثمين أن يكون حلاً وبلسماً لكل الجراح والآلام، وأن ينهي المعاناة والحصار، وأن يضع حداً لأوزار الحرب وويلاتها.
ولعل الفرحة بأسر الجندي الإسرائيلي لم تقف عند حدود غزة والضفة والقدس وعموم فلسطين، بل شملت مخيمات الفلسطينيين في لبنان والأردن والشتات، التي خرجت في مسيراتٍ ليلية صاخبة، بالسيارات والدراجات النارية، وأطلقت خلالها أعيرةً ناريةً في الهواء، فرحاً وابتهاجاً وأملاً بغيره جديدٍ، وبأهدافٍ أخرى متوالية، تفاجئ بها المقاومة العالم كله، الإسرائيليين وحلفاءهم، ومن اصطف معهم وراهن عليهم، كمفاجأة الألمان في شباك البرازيل في المونديال، سبعةُ أهدافٍ، أكثر لا أقل.
اليوم ليس كالأمس، وغداً لن يشابه اليوم في شئ، وسيعلم العدو والذين ظلموا، أن المقاومة أصبحت ذات شوكة، وأن شوكتها صلبة، وأن وخزها قاسٍ ومؤلم، وأنها باتت تفي بوعودها، وتنفذ تهديداتها، وأنها تفعل ما تريد، وتصدق فيما تعد، وهي لن تكتفي بصيدها وإن كان ثميناً، بل ستجد في البحث عن المزيد، وستجتهد في صيد الجديد والكثير، وقد بات العدو يعلم أن المقاومة جادة في وعيدها، وصادقة في سعيها، وحازمة في أمرها، وهي تريد هذه المرة أن تكون هذه الحرب هي آخر المعارك، ليكون بعدها حرية كاملة، وانعتاق كلي، فلا حصار ولا تدخل، ولا تضييق ولا اعتداء، ولا قتل ولا أسر، ولا حرمان ولا عقاب.
اليوم أصبح بإمكان المقاومة أن تطرح شروطها من جديد، وأن تضع ورقتها للتهدئة على الطاولة، وعلى الجميع أن يسمع لها ويصغي، وأن يفي ويلبي، وأن يفتح في وجهها الأبواب الموصدة، وأن يرحب بها ولو مرغماً، وأن يثبت شروطها ولو كان كارهاً، إذ لا مجال للمماطلة ولا للتسويف، ولن ينفع مع الفلسطينيين محاولات الكسر والتركيع، ولن تجدي أبداً جرائم استهداف المدنيين وتدمير المساكن والبيوت، فقد أصبح للمقاومة إلى جانب قتل جنود العدو، أشلاءهم وبقايا من أجسادهم، وآخرين أسرى سيأتي دورهم، وسيلحقون بمن سبقهم، ليكونوا للفلسطينيين بوابة الحل، وبلسم الجراح، ومفتاح الفرج، ونهايةَ الحصار.
الإثنين 02:00 الموافق 21/7/2014 (اليوم الخامس عشر للعدوان)
**

حسين عبد اللطيف سراج الشعر الذي انطفأ مبكراً/ شاكر فريد حسن

قبل أيام انطفأ وغاب عن الحياة الشاعر البصري العراقي الجميل حسين عبد اللطيف ، الذي توقف قلبه عن النبض والخفقان بعد معاناة مع مرض السكري ، وبعد أن حفر حضوراً ثقافياً مميزا في الحياة الأدبية والثقافية البصرية والعراقية . وكان حسين يدرك أن الرحيل أزف والنهاية قد اقتربت ، فيقول في قصيدة له وكأنه ينتظر موته : 
أسدلوا الستائر 
هو وحده 
من يمتلك وضع اليد
على كل شيء ، 
أوصدوا الأبواب ،
الوقت قارب...،
العربة أوشكت ...،
ليلبث حاملو الزهور ملياً ،
كي يغنوا لي أغنية السلوان 
ويمجدوا رحيلي .
حسين عبد اللطيف شاعر عراقي هادئ ، وصوت أدبي خاص ومتفرد مميز بتجربته وحضوره ، من جيل الستينات . أنه شاعر الصورة والكلمة والدهشة ، الذي لم يعرف نرجسية الشاعر التي تتجلى لدى غالبية الشعراء والمتأدبين ، ولم يتقن فن العلاقات العامة ولا التسويق الأدبي ، ولم يلهث وراء الشهرة والنجومية ، بل فضل العزلة والابتعاد عن دائرة الضوء الاستعراضية والاشتغال على قصائده . وهو من الأسماء الشعرية والنقدية الفارقة في المشهد الثقافي الأدبي العراقي ، وقد أسهم بإضاءة ورفد الشعر وحركة النقد الأدبي العراقي بجهوده ومنجزه الشعري والنقدي ، ورغم عزلته القسرية كان حاضراً بقوة في الحياة الثقافية العراقية ومؤثراً فيها . 
وبالرغم من أن حسين كان مقلاً في النشر لكنه أثار اهتمام الكثير من الكتاب والنقاد والدارسين ، وكان له منزلة ومكانة خاصة واحترام وتقدير خاص بين مجايليه ، فكتبوا عنه المقالات والدراسات والمداخلات ، ومن بين هؤلاء  : فاضل العزاوي ، طراد الكبيسي ، أديب كمال الدين ، شوقي بزيع ، عبد الكريم الكاصد ، حيدر عبد الرضا ، مقداد مسعود وغيرهم .
وإلى جانب مساهمته على مدى عقود في إثراء ورفد الحركة الشعرية العراقية والعربية بقصائده المخملية الناعمة ، كان لحسين اهتمام في النقد الأدبي ، وله في هذا المجال الكثير من الدراسات والمتابعات النقدية المنشورة في الصحف والمجلات والأدبيات العراقية والعربية المختلفة ، وساهم في تشكيل وعي نقدي، ورعاية وخلق جيل مميز من الشعراء العراقيين .
ولحسين عبد اللطيف خمسة دواوين شعرية شكلت إضافة نوعية للقصيدة العراقية المعاصرة ، وهي : " على الطرقات ارقب المارة " و"نار القطرب" ، و"لم يعد يجدي النظر " و"أمير من أور" ، و"بين آونة وأخرى يلقي علينا البرق بلقالق ميتة – متوالية هايكو " .
حسين عبد اللطيف شاعر مجيد ومطبوع مخلص للقصيدة والهم الشعري ، لم يتأثر بالمألوف والشائع في المشهد الشعري ، وطوال أربعة عقود من الزمن عمل على تجديد أسلوبه وأدواته ولغته الشعرية والاشتغال على قصيدته المكتنزة بالمجازات والصور المبتكرة ، ولم تكن وقود شاعريته وشعره بسبب تجربته الوجدانية والإنسانية الملتهبة بفقدان ابنه فحسب ، وإنما كان مبعثه الظروف الخاصة والأحداث السياسية التي عاشها وطنه العراق ، بلد النخيل ودجلة والفرات ، فتأججت شاعريته ، والتهبت عاطفته ، وتضاعفت حساسيته ، وحملته على الشكوى والبكاء والإحساس بالحزن والألم والقلق والعذاب . 
وقد جاءت أشعاره ، التي سكب فيها ذوب مشاعره وعميق لواعجه وعصارة قلبه ، مشحونة بعاطفة قوية صادقة ، مليئة بشدة الإيحاء ، ومغلفة بألفاظ وتراكيب تتسم وتتصف بالقوة والجزالة . ومن يقرا قصائده يلمس أنها قصائد حزينة شفافة ونقية كقلمه ونفسه ، فيها البوح والحلم الشعري ، ومشبعة بالوجد والوجع الذاتي والوطني والشعور القومي والإنساني والوجداني .
حسين عبد اللطيف بحق وحقيق شاعر مبدع قدير ومميز ترك بصمات واضحة وملموسة على حركة الإبداع الشعري العراقي ،وإذا كان غاب جسداً ، فسيظل حاضراً بروحه وأشعاره في الأذهان والذاكرة العراقية  ، وفي وجدان المثقفين والمبدعين العراقيين والعرب وكل محبي شعره .

إسرائيل والهدنة الإنسانية/ د. مصطفى يوسف اللداوي

الهدنة الإنسانية هي آخر شئ ممكن أن يتصوره الفلسطينيون من العدو الإسرائيلي، فهذا عدوٌ لا يعرف الرحمة ولا يؤمن بالإنسانية، ولا تسكنه المودة، ولا يعيش في ذهنه الخير، ولا يتوقع منه الآخرون سلاماً أو أماناً، ولا ينتظرون منه وفاءً أو احتراماً، إنه قاتلٌ أبداً، ومجرمٌ دوماً، لا يتوقف عن القتل والإجرام إلا ليستأنفه من جديد، أو ليبحث عن هدفٍ آخر وضحيةٍ أخرى.
العدو الإسرائيلي يقتل بدمٍ بارد، ولا يؤنبه ضميره إن قتل، ولا يشعر بندمٍ أو بحزنٍ إن هو سفك الدماء، وارتكب المجازر، وأثخن الجراح، وهو يشعر بمتعة قتل العرب، ويرى في قتلهم رفعة بين قومه، ورضاً لربه، وسعادةً لأمه، التي يبش وجهها إن عاد إليها ابنها المجند يبشرها أنه قتل عربياً، وسعادتها ستكون أكبر لو أنه قتل أكثر، ولا يهمها من قتل، وإن كان يسعدها أن يكون قربانه طفلاً أو صبياً صغيراً، فقتل الأطفال عندهم متعة وعبادة، وسلوكٌ وعادة، وتقليدٌ واتباع.
الإسرائيليون لا يقبلون بالهدنة الإنسانية، أو بوقف إطلاق النار المؤقت إلا لأحد سببين، ليس منها أبداً أنه إنساني، ويحترم القوانين والأعراف، وأنه يستجيب للمبادرات الدولية، وجهود الوساطة الإقليمية، وأنه يقدر حاجات المواطنين والسكان، وأنه يحاول أن يوقف إطلاق النار ليمكنهم من شراء حاجاتهم، وتوفير ضروريات العيش في ظل المعارك والقتال، خوفاً عليهم من المجاعة والحاجة، أو حرصاً على الأطفال الرضع والنساء الحوامل، والمرضى والمسنين، وكل من هم بحاجةٍ إلى رعاية ومعاملةٍ خاصة.
إنهم لا يقبلون بالهدنة أو بالتهدئة إلا إذا شعروا أنهم بحاجةٍ لها، وأن مصالحهم قد تضررت، وأن سمعتهم قد ساءت، وأن حياة مواطنيهم أصبحت في خطر، وأن الأمر بات يتطلب وقفاً لإطلاق النار لوقف الخسائر، وتجنب المزالق، وترميم الأضرار، ورتق الخرق إن اتسع عليهم، ولم يعد عندهم قدرة على تحمله، خاصة إذا تعذر عليهم هزيمة الخصم، وكسر إرادته، وإملاء شروطهم عليه، وإكراهه على القبول بها، والنزول عندها، تحقيقاً للنصر الذي يدعيه، أو خوفاً من أن تنقلب الأمور عليه، فيحقق الخصم عليه نصراً، ويوقع به هزيمة، ويجبره على التراجع عن شروطه، والتنازل عن أهدافه التي وضعها لعدوانه.
في هذه الحالة يلجأ العدو إلى الوسطاء، ويحرك الحلفاء، ويطلب منهم العمل على فرض هدنة، أو طرح مبادرة، لإنقاذه من الخطر، وإخراجه من أزمته، ووضعِ حدٍ للخسارة التي مني بها، وهو يقبل بها وإن بدا أمام الخصم والآخرين أنه رافضٌ لها، وغير راضٍ عنها، إلا أنه في النهاية يوافق عليها، ويلتزم بها، خاصةً أنه غالباً الذي يضع شروطها، ويحدد بنودها، أو يكون شريكاً في صياغتها، وحاضراً عن اقتراحها. 
أما السبب الثاني الذي يدفع بالعدو للقبول بالتهدئة، والموافقة على الهدنة الإنسانية المؤقتة، فهو حاجته إلى أهدافٍ جديدة، فنجده يلجأ إليها عندما ينضب بنك الأهداف عنده، ويعجز عن الوصول إلى أهدافٍ حقيقية موجعة في صفوف الخصم، في ظل حالة الحذر الشديدة والحيطة العالية التي يلتزم بها المقاومون، إذ يغيب المطلوبون والنشطاء عن الأنظار، ويمتنعون عن استخدام الهواتف ووسائل الاتصال، في الوقت الذي يحسنون فيه إخفاء وتمويه مقراتهم ومستودعات السلاح، ومخازن الصواريخ، وغير ذلك من الأهداف الحقيقية التي يعمى العدو عن الوصول إليها في ظل استمرار المعارك.
يطمع العدو الإسرائيلي في ظل الهدنة، ووقف إطلاق النار، أن يتخلى المقاومون عن بعض سلوكهم الأمني، وحذرهم الشديد، فيخرجون من مكامنهم، ويظهرون أمام العامة، أو يقومون ببعض الأنشطة، أو يتفقدون بيوتهم ويزورون أسرهم، الأمر الذي يمكن العدو من متابعة وتحديد أماكنهم، تمهيداً لاستهدافهم وقتلهم، وقد نجح العدو الإسرائيلي للأسف في الوصول إلى بعض القادة السياسيين والعسكريين خلال الهدنة، أو بعدها بقليل، وهو ما كان يصعب عليه تحقيقه في ظل استمرار القتال.
لا يتورع العدو الصهيوني أن يستهدف أحداً خلال الهدنة، أو أن يقصف هدفاً، إن أتيحت له الفرصة، فهو ليس محترماً ولا شريفاً، ولا يلتزم بهدنة ولا يضبطه إتفاق، ولكنه صيادٌ ماكرٌ خبيثٌ مخادع، يختلق الوسائل والسبل، ليتمكن من استدراج فريسته، أو تطمين ضحيته، ثم يغير عليها في وقتٍ يشعر فيه المقاومون بالأمان والطمأنينة، ولا يتوقعون أن يخترق العدو الهدنة لاقتناص صيدٍ أو ضرب هدف، ولكن التاريخ أثبت لنا أن العدو الصهيوني يستغل الهدنة في الرصد والمتابعة، وجمع المعلومات وتعقب الأشخاص، أي أنه لا يلجأ إليها إلا خدمةً لأهدافه، وتحقيقاً لمصالحه.
ينبغي على المقاومة أن تأخذ حذرها، وأن تنتبه إلى عدوها، وألا تنساق وراءه، وألا تستجيب إلى شروطه أو رغباته، وألا تنطلي عليها خدعه ومكره، إذ لا أمان له، ولا صدق عنده، وهو لا يرقب فينا إلاً ولا ذمة، ولا يحفظ لنا عهداً ولا وداً.
الجمعة 03:30 الموافق 18/7/2014 ( اليوم الثاني عشر للعدوان)

السيسى فى مواجهة "جنرالات الداخلية"/ مجدى نجيب وهبة

** يبدو أنه مازال هناك بعض جنرالات وزارة الداخلية لم تصلهم أهداف ثورة 30 يونيو 2013 .. عندما إنطلق الشعب بكل فئاته للقضاء على الظلم والفساد والإرهاب .. ومازالوا يعيشون فى زمن قبح دولة مبارك أو عصر الإخوان .. كما مازال بعضهم يستغلون نفوذهم للضغط على الصغار لتلبية رغباتهم حتى لو كانت دنيئة ، أو إرهابهم لتغيير أقوالهم حتى يتسنى لهم العفو عن صغار الفاسدين لأنهم أبناء لكبار الحيتان ...
** أعتقد أن ما حدث فى منطقة الشيخ زايد .. هو أول إختبار لدولة الرئيس "عبد الفتاح السيسى" .. وقبل أن أسرد الواقعة أريد أن أذكّر الرئيس بكلماته قبل أن يتولى رئاسة الجمهورية ..
** قال المشير "عبد الفتاح السيسى" .. (( إننى لست مدين لأحد )) .. وهذا يعنى أنه لن ينفذ أى أجندات لا خارجية ولا داخلية ..
** الرئيس "عبد الفتاح السيسى" هو إختيار من الشعب المصرى وليس لأحد فضل فى وصوله إلى رئاسة الجمهورية .. كما أنه أول رئيس مصرى يحمل أمال الشعب المصرى ..
** الرئيس "عبد الفتاح السيسى" عانى كما عانى الشعب المصرى من بعض الفئة الكارهة للوطن التى تعودت أن تدوس على رقاب هذا الشعب ، حتى تعلى وتعلى وترتفع أرصدتها فى البنوك وتضخم ثرواتها ..
** الرئيس "عبد الفتاح السيسى" رئيس لمصر للقضاء على المحسوبية والنفوذ والبيه الباشا .. سواء كان وكيل نيابة أو ضابط شرطة أو قاضى .. فالجميع سواسية أمام القانون !!..
** لقد إستفزتنى هذه الواقعة التى تم نشرها فى جريدة المصرى اليوم بتاريخ اليوم 17 يوليو 2014 بالصفحة الأولى .. تقول الواقعة (((شهدت منطقة الشيخ زايد، أمس، مشادة بين ضابط مرور ونجل مستشار (رئيس بمحكمة الاستئناف)، بسبب قيادة الأخير سيارة والده دون لوحات أمامية، حيث أوقف الرائد الحسينى زهران، بإدارة مرور الجيزة، سيارة «جيب شيروكى»، وعندما رفض قائدها النزول مهددا بوالده، سحب الضابط الأجزاء من سلاحه فأوقفه دون إطلاق رصاص .. واستعان الضابط بالونش وسحب السيارة إلى مكان الحجز، وفوجئ بوكيل إدارة المرور يطلب منه ترك سيارة المستشار، إلا أن الضابط رفض وتوجه إلى مدير أمن الجيزة، الذى رفض مقابلته، فتوجه إلى مكتب وزير الداخلية الذى أمر بإحالة الواقعة إلى قطاع التفتيش بالوزارة للتحقيق فى ملابسات الحادث. قال الرائد الحسينى زهران، الضابط بمرور الجيزة، لـ«المصرى اليوم»: «أثناء خدمتى فى حملة أمام أحد المولات الشهيرة بالشيخ زايد، استوقفت سيارة (شيروكى) دون لوحات أمامية، زجاجها (فيميه)، ويقودها شاب، هددنى بمجرد استيقافى له بأن والده مستشار، وأن السيارة ملكه، فطلبت رخصة السيارة، ولم تكن موجودة، فطبقت القانون بسحب السيارة، إلا أنه رفض النزول منها، فاستعنت بونش وسحب السيارة وهو بداخلها، خاصة أنه حاول الهرب بإعطاء السيارة (غيار)، فسحبت أجزاء السلاح لاستيقافه». وأضاف: «حجزت السيارة، واستعنت ببعض المجندين لإنزال قائدها، بعدها فوجئت باتصال هاتفى من اللواء محمود عطا، وكيل المرور بالجيزة، يستفسر عن الأمر، بحجة أن المستشار موجود لكتابة شكوى بسبب تعاملى مع نجله، وطلب منى الحديث مع مدير مرور الجيزة، إلا أنى رفضت وتوجهت إلى اللواء كمال الدالى، مدير أمن الجيزة، الذى رفض مقابلتى، فتوجهت إلى مكتب الوزير الذى استمع إلى الشكوى، وطلب كتابة مذكرة، ووجه قطاع التفتيش بالتحقيق الفورى» .. من جهته، قال اللواء محمود عطا، وكيل مرور الجيزة، إن الواقعة غير صحيحة، وإن الضابط «كذاب»، وإن جميع العاملين فى جهاز الشرطة يسعون إلى تحقيق وتطبيق القانون، ولكن ذلك لا يكون برفع ضابط السلاح فى وجه قائد سيارة، مضيفا: «جميع قيادات الوزارة أعلنوها (لا تستر على فساد)»، متهماً الضابط باعتياده إثارة المشاكل، منوهاً بأنه سبق نقله أكثر من مرة، وحرر عددًا من الشكاوى فى رؤسائه ))) ...
** وبعد سرد هذه الواقعة كما تم نشرها .. نطالب السيد الرئيس "عبد الفتاح السيسى" .. أولا بالتحقيق العادل ووقف كل من مدير أمن الجيزة لرفضه مقابلة ضابط المرور لعلمه بالواقعة .. ووقف اللواء "محمود عطا" وكيل المرور بالجيزة لتدخله فى التأثير على تقرير ضابط المرور لتغيير أقواله فى المحضر .. بل أنه رفض هو الأخر مقابلته .. وكذب الواقعة وقال إنها غير صحيحة ، وأن الضابط كذاب .. وهنا يدعو الموقف للدهشة .. فالسيارة زجاجها "فيمية" .. والونش موجود وشهود الواقعة لم يختفوا .. وإذا غيروا أقوالهم فمعنى ذلك أن دولة مبارك وفساد الإخوان مازالوا يحكمون مصر .. وأن المشير عبد الفتاح السيسى عجز فى بداية حكمه عن تغيير النظام وإنقاذ مصر .. بل أن سيادة اللواء إتهم الضابط بأنه إعتاد على إثارة المشاكل وسبق نقله أكثر من مرة .. وحرر عدد من الشكاوى فى رؤساءه .. فهل يتم إتهام الضابط بكل أنواع الفساد ، لأنه حاول أن يطبق القانون ، حتى لو كان كلام سيادة اللواء صادقا .. فهذا الضابط طلب وقف السيارة لأنها بدون لوحات أمامية .. وتعنت قائدها ورفضه النزول من السيارة مهددا بوالده سيادة المستشار .. وهذه كارثة أخرى أصبحت تزكم الأنوف ولا نريدها حتى لو إضطرت القضاء إلى وقف المستشار عن العمل فوق المنصة ، إحتراما للقانون .. بل وتدخل المستشار شخصيا لدى مدير أمن الجيزة وطلب منه ترك سيارة نجله رغم مخالفاتها للسير فى الطريق بجانب أن زجاجها "فيمية" .. وهذا مرفوض ومخالف للقانون .. لأنه داخل هذه السيارات تتم أعمالا مخلة بالأداب والجميع يعلم ذلك ..
** هذا الموضوع يجب أن يتم فيه التحقيق على أعلى مستوى .. إذا كان الرئيس عبد الفتاح السيسى يطالب بعودة مصر  للمصريين وإقرار دولة العدالة والخروج من نفق الفوضى وسقوط الوطن ..
** نعم .. يجب تطبيق القانون على نجل هذا المستشار ، بل يجب إستبعاد المستشار نفسه من الهيئة القضائية .. لأن الذى لا يعرف القانون فهو لا يعرف العدالة !!!...

صوت الأٌقباط المصريين