ربّاه إقبل تضرعاتي/ جوزاف بو ملحم

اشكر ربي انك
 من اعزً الأصدقاء 
وانك الود
 حين الجفاء
وانك قلت عنًي
ذات القول
في العلن
كما في الخفاء
إني اغبط الارض التي
مشيت عليها
بشراَ
لان أمثالك
ملائك
من سماء
**
ارجو ان ابقى 
في ذاكرتك
طيّب الذكرِ
وانه مهما حلً
ذِكري يأتيك بالبِشر
أنا وإن كنت لا
أملك كل أمري
أعلن أني
لمن مثلك
أهب عمري
**
اسأل ربي ان  
يغمر عمرك بالبسمات
في هذا العام الآتي
وكل الزمن الآتي 
ربّاه، ربّاه، ربّاه
إقبل تضرعاتي

إنهم يحسدوننا، فلا تصدّقوا!/ حاج محلي

تقوّلٌ ، وتأويل بمشيئة نظر العدى،  في حق دولة جزائرية،  تُلقن كل يوم،  وبالجواب الشافي "النّفيس"،  أن على كل طامع في مال أو دلال،  بصفقات نفط مشبوهة،  ومشاريع وهمية،  تمتد بأذى لبيت المال دون سؤال،  أن يراجع حِسبته،  ويعدل عن عزمه،  قبل أوان حتفه!
مُغفّل،  أفّاك، شرير،  من ينشر،  بغايات اللؤم والشؤم،  أرقاما جاهزة ، تُدلّل على إرادة غدر وتشويه أمناء وشرفاء، جزائر الخلود،  ونكص متاع اللّحود!
"حاميها حراميها"،  هكذا يكتبون في صحائف دنيّتهم،  في إشارة لعينة،  حقودة ،إلى ما أنفقه فخامة الرئيس الجزائري،  ونبيّ عزّتها وسؤددها ، في مخططات سياسته الحكيمة ، لإعادة الذخر و الاعتبار،  وتثمين مسيرة البناء والازدهار..
760 مليار دولار، أو ربما يزيد،  فأين المشكلة يا خلفاء ديغول؟!،  فالخير وفير،  وخلط "بوتفليقة "، وخلطاته السحرية،وأدت نظام شمول، يسرق، و يقمع،  ويقتل ورغم ذلك عجز في إفناء شعب كريم،  أضحى الآن، في عرف المستدمرين الجدد وأذنابهم،  بليدا ، مسطولا على طول الخط،  بعد أن تفطّن بفطرته الثورية،  المتوارثة أخا عن عم،  إلى مكائد الحاسدين،  الناقمين على وفاء قلّ نظيره، ثقة ٌمطلقة بطولية ، في أعناق مسؤولين،  على وزن "مفسدين" ـ كما يسميهم"نمّامو البغض والكراهية" ـ،  تنأى بحملها البغال والحمير، لرجال،  وإن كانوا مقعدين،  هرمين،  معطوبين،  فتلك مآثر لا محاذر،  يا أولي الشقاق والنفاق، خبرةٌ بخلق "الشبعان"،  ووطنية الزّهد بالنعيم،  مفعمة كلّها،  بسداد رأي،  وصحة وجدان،  تعوّض الأمراض المزمنة،و أفول الأبدان، و تُعزّزها،  ولله الحمد،  شجاعة بيان اللسان!
ولأن المتربصين بالجزائر،  يدركون أن السيد الرئيس القائد ـ حفظه الله ، وأعزّ ملكه ـ، آخر ما تبقي من "عبق" الزعيم  الراحل،  الأسطورة"نلسون مانديلا"، نصيرا للمضطهدين، مناهضا للإمبرياليين،  وواسطة حلول مشاكل الشرق الأوسط، والشرق الأقصى،  والأدنى،   وحتى جزر الواق واق،  وبارقة أمل أمم تتوق للتحرّر والانعتاق،  يقعد البعض،  ليرمي التمر الشهيّ،  بنوى الغلّ المنثورة في عتمة الصدور..
 جردٌ جديدٌ سفيه،  "يقذف" راحلة الكرامة والحرية،  بلصوصية المسار، و الرّكب والشّراع،  رغم نجاح فخامته،  في إعادة أصل وشاية الفساد،  ونّصل حكاية استبداد المال،  والنفوذ المافيوي، متعدد الجنسيات،  والأعراق، الإمبراطور عبد المؤمن خليفة،  مكبّلا في الأغلال، نادما على كل ما نسب له من الأفعال والأقوال،قبل محاكمته العلنية،  أمام الشعب، وعلى شاشات"البث المباشر" العالمية،  غير الحصرية،  ليثبت عزّ ما تبقى من عرب، أنه رجل سياسة،  مخضرم،  وصاحب ولاية ، وسلطة غواية،  وجباية،  ومن حقه اليوم،  وأكثر من أي وقت مضى، أن يترشّح، ويتمسّح، ويتوشّح،  علما خفاقا في سما فقاقير الجزائر،  بعيدا عن مذاهب دعاة الاستغفال والاستهبال، وسلاطين التنجيم، ودراية الخبط واللغط والعبط....؟!
وشاة الانقسام،  دعاة الشماتة والانتقام،  وبعد أن يُعجزهم القائد الخالد،  من زاده وسِفره،  وسفرياته،  يُغيّرون المسلك،  ويُغيرُون على شعب نسل الثوار،  والشهداء الأبرار!
دعايات مغرضة خسيسة ، تتبلور بعضها في قالب "الدعابة" المسخة، المثيرة للسخرية "البايخة"!
مجرمو التاريخ،  والحاضر،  ومن آمن بأغلالهم ، يتهمون الجزائريين،  بأنهم "شعيب، خديم،  خمّاس"،  يغفر ويمنع،  بمنطق الرقّ،  وذهنية الموال(بائع البقر والمعز والنوق)،  لسبب بسيط،  ومأخذ لقيط،  يُجلد فيه ، من يرى في رئيسه الخير،  ويُنكر قناعة،  أن يكون و أسرته الكريمة، ورفاق نضاله،  في موضع الّشبهة والحساب!
 شعب يروم شرفه في بطنه،  وبُطينه،  متواكل،  ضيّق الأفق، هي  كبائرُ وخطايا من يتعاطى مع أولويات أمنه وسيادته،  بحكمة وتدبّر،  والأدهى والأمرّ،  أن يسوق أولائك المأجورون نبذهم،  في سياق ما يعتبرونه"أمارات"،  بل"تأكيدات"  شذوذ،  كلّ منحرف،  منتحر،  مفتون ، مسعور بالموت!
قد يحرق الجزائري جسده،  وقد يشنق جيده،  ولكن ليس انفعالا وان بدا،  ولا ابتذالا وإن نُعت..!
قسمة ضيزى،  ولا فخر،  لرعاع ، يُعدّون بملايين،  من أصل 40 مليون..فما مكمن الخلل هنا،  عباد الله؟!
أقولها و أمشي،  ورزقي على الله، لا ألتفت إلى أحد،  الشعب الجزائري يعيد بعدّته ، وبهدوئه،  وصبره،  رسم تحالفات،  وتوازنات،  تُطيح بلصوص مال عام،  ومن يستنزفون وحدة التراب والصخر والحجر،  إن صحّ ما يدّعيه الحاسدون...!
اذا انحطت قيمة،  وقيم،  وشيم شعب،  وانبطح،  ففي سبيل إعلاء شأن الوطن،  وان انكسر،  ونام عن جوع وظلم،  هنيئا،  ففداء،  و"عزوة"،  أما إشهار وتشهير النهب،  والنفوذ،  والرشى،  والوساطات،  والمحاباة،  فمرادفات غُربة من يسعون للتّغريب القومي،  الأمني،  والغذائي،  والأخلاقي،  فهم يجهلون أن الجزائريين طرف  أساسي خفيّ لا يرائي،  في معادلة الهيبة،  الموصوفة بالخيبة..!
جنودٌ يتنازلون،  ويرهنون الغالي والرخيص،  حتى لا يسود الخلاف،  ولا تدبّ نملة فراق..!
صمت حبور،  وعبور لبرّ ـ الأمان،  وجبن "حليب منفعة عامة"،  لا جبن حشرات جحور،  وقبور!
إنهم يحسدوننا، فلا تصدقوا، وأيقنوا أن كل هذا، " غيظ من غيض.."؟!

hadjmehali@hotmail.co

حواء - قصص قصيرة جدا/ ماهر طلبه

حواء
بكى وقال لها : أمي ماتت .
فضمته إلى صدرها وقالت : أنا أمك .
وأخرجت ثديها وأرضعته حتى غفي .
.. بكى وقال لها : مات أبى .
فضربته على وجهه وقالت له : كن رجلا واذهب لتحمل نعشه .
في المساء دخلت غرفته عارية ..

هيلين
حين أظهر في وجهها السيف، كشفت له عن ترسها، فاندفع لطعنها حتى نزف حممه الساخنة فاستسلمت على صرخاتها المدينة.

أُمّيّة
دعاها إلى منزله لتقضى السهرة معه..
فأمضت ساعتها الأخيرة قبل اللقاء أمام مرآتها عارية .. تتجمل وتتزين وتمحو كل ذكرياتها السابقة عن جسدها ، حتى صار ورقة بيضاء لامعة تصلح للكتابة. لكنها اكتشفت حين فتح الباب لها في نهاية الأمسية مودعا.. أنه لا يملك قلما يخط به على جسدها حروفه .

حل مؤقت
لأنه لم يقابلها إلا في الخيال، ولم يراها إلا وصفا، دقق كثيرا في ملامحها المغطاة بالغيب، وجرب عليها كثيرا من الملابس المحفوظة دائما على رفوف عقله، ليقترب..  وكلما ضاقت بزيها   الجديد أو ضاق به هو، نزعه عنها وتركها حرة كما خلقها ربها.. عندها كانت تتجسد له زجاجة مغلقة.

صوت الباب
تناهى إلى سمعه أن الباب يصدر صوتا كالأنين، فذهب من فوره إلى صديقه النجار.. حدثه كثيرا عن الإشاعات المنتشرة في البلدة،  عن الأحزان التي تقتل قبل الأوان، عن الألم الذي يسببه الفراق، والأبواب التي تغلق ولا نستطيع فتحها.. وتذكر امرأته في مدفنها.. فقال له: "بابي يصدر أنينا"

مكاشفة
كانا منفردين
قال لها: أنا عضو في تنظيم سرى
قالت له : و أنا عضو
لم يفهم المغزى السياسي، فانصرف

ماهر طلبه 
mahertolba@yahoo.com
http://mahertolba62.blogspot.com/

سقوط الطائفية بسقوط رموزها/ ابو العلاء عبد الرحمن عبد الله

تصاعدت في الاشهر الاخيرة وتيرة المستجدات تصاعدا خطيرا في عرض مشاهد الاحداث  عبر وسائل الاعلام وصفحات الفيس بوك  مع تصعيد طائفي  ملحوظ للخطاب المحرض على الاقتتال الطائفي وتقسيم الناصرة  وهدر كرامة المواطن النصراوي  وإلغاء الآخر ومحاولة اجتثاثه بكل السبل بنبرة غاضبة تتجاوز كل المعايير والقيم والتقاليد والقوانين المرعية دون مراعاة لأهمية المدينة والمسؤولية في الحفاظ عليها وعلى اهلها .            
وكان هذا الخطاب منطلقا من منابر حزبية  مستعينا بوسائل اعلامية غير نزيهة ولا منصفة , اضافة لتهور بعض السياسيين والقادة  وتدخلات بعض الغرباء الخارجيين منذ ان بدأت المعركة الانتخابية ولا تزال حتى يومنا هذا تنهج هذه الصحافة الصفراء ومن خلفها ابجديات حزبية تدفعها وتملي عليها سيناريوهات التفرقة وإشاعة الخلاف وتوتير الاجواء و منها مثلا ذلك الكم من المقالات لكتاب عدة وأصوات نشاز حاولت ان تغرد داخل السرب بأصواتها العنصرية الفئوية  البغيضة التي تدعو لإشاعة الخلاف وتمزيق النسيج الاجتماعي لمدينة الناصرة تحت تسميات مختلفة اغلبها يدعي الاستقلال والحياد وممارسة حرية التعبير ولكنها في واقع الحال ارادت توظيف الطائفية في المعركة الانتخابية حيث  أصبحت منبرا مفتوحا لخطابات متطرفة لها أجندات خارجية وتحولت بعض وسائل الإعلام الصفراء إلى حزام ناقل لكم هائل من الرسائل التي تغسل أدمغة الجماهير وتدفعهم لتبني شعارات طائفية ومذهبية وأفعال عدوانية لا تعترف بالحوار أو التعايش السلمي مع الآخر.
الفتنة نائمة لعن الله من ايقظها 
لم يرق للجبهة قبول الحسم الديموقراطي الذي اسفر عن تغيير تاريخي فراحوا يوترون الاجواء وينشرون الاكاذيب ويفتعلون الاحداث لتأجيج نار الفتنة وإشعال البلد وإدخالها في حال من الغليان والتوتر من خلال استعمال سياسة الارض المحروقة اما ان اكون رئيسا او تحترق الناصرة دون حساب لنتائج الامور وتوابعها او ضرر التكتيك الناجم عن عقول مهوسة مريضة بالسلطة لجأت في سبيل ذلك للاستعانة بأصوات المجندين في جيش الدفاع الاسرائيلي ضاربين بعرض الحائط كل القيم الوطنية ومتجاوزين كل المحرمات والخطوط الحمراء وتوالت بعد ذلك الدعاوي القضائية التي لقيت الفشل تلو الفشل والتغريم المادي الذي زادهم انسعارا واستقتالا في سبيل استعادة رئاسة البلدية التى منحها شعب الناصرة للسيد على سلام وقوائم اخرى ائتلفت معه .
صندوق ذوي الاحتياجات الخاصة 
ان من عجائب وسخريات القدر ان يتمسك بأصوات اصحاب الاحتياجات الخاصة من اهمل وقصر بحقهم ولم يقدم لهم ادنى الخدمات بل  استغلالهم واستغلال ضعفهم من خلال التلاعب بصندوقهم واستغلال اوضاعهم وقلة حركتهم حتى يقوم شخص واحد عمل كمقاول اصوات لمرافقة ذوي الاحتياجات الخاصة الى صندوق الاقتراع في حين لا يسمح له القانون بمرافقة اكثر من شخصيين الامر الذي يعني حصول المخالفات والتجاوزات القانونية والأخلاقية مما دعى لجنة الانتخابات المحلية المكونة من كل الاحزاب والقوائم الغاء هذا الصندوق حفاظا على نزاهة العملية الانتخابية وهو الامر الذي لم يرق للجبهة التي توجهت كسالف نهجها للمحكمة ضاربة عرض الحائط بمصالح شعب الناصر وإشاعة التوتر والغليان وتأجيج الاحتقان الطائفي والاستنجاد بعناصر غريبة عن المدينة وأيد تعمل بالخفاء من اجل عودتها للسلطة بأي ثمن  كان مسقطة عنها القناع لتتحمل عواقب ما لا يحمد عقباه ........
 لا للطائفية نعم لأهل الناصرة جمعاء 
إزاء هذا العنف المتصاعد بسبب قلة المسؤولية وعدم احترام الانسان النصراوي وقراره الانتخابي من قبل الجبهة  وقياداتها  وانفلاتهم برزت الحاجة لإيقاف هذا التطرف من خلال التوجه لقيادات مدينة الناصرة على اختلاف تياراتها و للمواطن النصراوي من اجل تغليب مصلحة البلد وشعب الناصرة اولا والتعالي عن كل المهاترات والمساجلات التي يقصد منها تمزيق النسيج الاجتماعي ومنع الاقتتال الطائفي البغيض وسد كل الطرق والذرائع على من يحاول الاستهتار بالناصرة وشعبها من اجل مصالح حزبية ضيقة وأجندة غريبة عن اخلاق شعبنا وحضارته  اضافة للتوجه بهذا الخطاب  لوسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي وتذكيرها بمسؤولياتها الوطنية والأخلاقية والمهنية وعدم نشر أي ماده محرضه او طائفية عنصرية تعتمد التهجم والسباب او التجريح والتحجيم او التحقير والتشهير او سب الاديان او النيل منها . 
كلنا نعيش في ناصرتنا الحبيبة  ، يجمعنا تراب واحد ، ومصير واحد ولغة واحدة  واديان سماوية تدعو لعبادة رب الارباب واحترام الاخر ، ونبذ العنصرية والطائفية ألبغيضة لذا فإننا ندعوكم يا شعب الناصرة  للانضمام الينا  في الحراك الشبابي  لتقوية اللحمة النصراوية في مدينة الناصرة بكل أطيافها وانتماءاتها , حتى نثبت لكل المتلاعبين والراقصين على وتر الطائفية  أن أبناء الناصرة سيفوتون الفرص والمراهنات على كل من تسول له نفسه توتير الاجواء الاخوية  وهدم السلم الاهلي في مدينة الناصرة

الكاتب الاعلامي 
الناصره

حوار مع العم ابو ابراهيم حول الربيع العربي/ سعيد ب. علم الدين

استيقظت من نومي مذعورا مرعوبا ناشف الحلق على كابوس ثقيل حط بثقله على جسدي فكبلني من رأسي الى أخمص قدمي. مسيطرا على عقلي الذي أراني نفسي وكأنني تحولت الى اشلاء مبعثرة مرمية على قارعة الطرقات أريد لملمتها فلم أقدر. حاولت تحريك رجلي او اصابع يدي او رأسي اريد التخلص من قبضته ولم اقدر. وعجزت تماما عن الحركة، الا اني لم استسلم وتابعت محاولاتي وكررتها اريد لملمة أشلائي. أريد استعادة حريتي التي افتقدتها بسبب هذا الكابوس اللعين. ومما زاد طيني بلة وارعبني اكثر هو اطباقه على صدري بوحشية مرعبة وقساوة غليظة يريد منعي حتى من التنفس يريد خنقي بالاحداث المأساوية التي يتخبط بها العالم العربي بعد ان جرفته بتياراتها الى مستنقع دموي لا يتناسب نهائيا وهذا الزمن الحضاري الذي يمر به  المجتمع البشري. حيث التنافس على الخير العام والتطور العلمي وخدمة الانسان، هو حجر الأساس لكل ساسة المجتمعات الديمقراطية، بينما نحن في معظم دولنا العربية نعمل وبشراسة على قهر وقتل وتهجير وتحطيم وتكبيل الانسان، وتحويل مجتمعاتنا الى متخلفة دموية فاشلة تائهة على غير هدى وأمان، تتخبط بين سراديب الماضي ومستلزمات الحاضر، أما المستقبل فهو في خبر كان! 
حاولت النوم مجددا فلم أقدر. فهذا الكابوس اطار النوم من عيني وأشربني عشرة فناجين قهوة. نظرت الى الساعة انها الثالثة صباحا. نهضت من فراشي لتحضير قهوتي. وتذكرت العم ابو ابراهيم وقلت من لي سواه كي ألملم عنده أشلائي وتهدأ روحي وترتاح نفسي من وقع هذا الكابوس الذي يلاحقني" بما يسمى الربيع العربي.
وهل حقا ما نعيشه في عالمنا العربي هو أمل وربيع .. ام قتل جنوني ودمار مريع؟ 
 والعم ابو ابراهيم شخصية منفتحة على الحياة، غنية بالأفكار، حادة الذكاء، سوية المنطق، عميقة الفكر، بعيدة النظر، مبدعة في تحليل الأحداث والتطورات وربط الأسباب بالمسببات بشكل دقيق، وتملك من الحكمة ما يكفي لكي تأخذ منها الرأي السديد. وكل ذلك يعود لا للشهادات والدراسات العليا التي حصل عليها في حياته، وانما الى مدرسة الحياة التي انضجته وثقفته وعلمته الكثير لكي يتعامل مع الظروف والأحداث بصوابية.   
طرقت بابه فاستقبلني بترحابه المعهود ولم يعاتبني على هذا الغياب الطويل. وحتى أنه لم يتفاجأ البتة بقدومي. وعندما بدأت بتقديم الاعذار عن انقطاعي عنه كل هذه المدة. قال لي. انا انتظرتك يا صديقي العزيز  وكنت متأكد من قدومك. تفضل بالجلوس. ومما فاجأني هو وجه العم الخالي من التجاعيد وشكله المتجدد وبريق عينيه اليقظتين وكأنه عاد عشرين بل ثلاثين سنة الى الوراء. 
- ما هذا يا عم ابو ابراهيم ؟ اكاد لا اصدق ما تراه عيناي! هل قمت بعمليات شد وتجميل من وراء ظهري وانا لا ادري؟
- قبل أن اجيبك أريد ان أعيد أهلنا مسيحيي الشرق: ايامكم مباركة بالميلاد المجيد والعام الجديد. وكل عام وانتم بخير. على امل ان تحمل السنة القادمة السلام والاستقرار والأمان. أما بالنسبة لسؤالك فأقول لا يا عزيزي لا عمليات تجميل وتقشير ولا شد وجه وتلميع، ولا شيء من هذا القبيل. انه الربيع انه ربيع شباب العرب الذي أزاح كابوس الأنظمة الاستبدادية الفاسدة عن كاهلي واعاد الفرحة والبهجة والأمل وروح الشباب الى نفسي. وكأن النار التي اشعلها الشهيد التونسي محمد البوعزيزي في جسده وانتقل لهيبها الى العديد من دولنا ألهبت لي روحي وزادتني املا وتعلقا بالمستقبل والحياة. وكم انا سعيد ان اعيش هذه اللحظات التاريخية المفصلية المشرقة من عمر منطقتنا العربية. ولأول مرة شباب العالم العربي تحاول بجرأة وشجاعة وثبات وإرادة وقوة وتمرد ان تقول للحاكم لا، وان تتخطي الحواجز وتكسر الأصنام، للخروج بمجتمعاتها من عنق الزجاجة الخانق الى رحاب الحرية والديمقراطية الحضاري الفسيح، أم انك ما زلت غارقا في مستنقعات شتاء الأنظمة الاستبدادية؟ 
- اين هو الربيع الذي تتحدث عنه يا عم والدماء الغزيرة والبريئة والعزيزة تتفجر هناك وهناك بغزارة الينابيع وتسيل كالأنهار، والحرب والاجرام والخراب والدمار ينتقل من دولة الى أخرى؟ 
اين هو الربيع وشعب غزة يعيش مع الشعب السوري تحت نفس الحصار؟
- انه المخاض يا صديقي! وهل ممكن ان تحدث ولادة من دون مخاض وآلام وأوجاع ودماء؟ وهل ممكن ان تبنى بناية من دون أساس؟ وهل ممكن ان تقوم دولة من دون مؤسسات وعدالة وفصل سلطات؟ وهل ممكن ان ينهض مجتمع من السبات وهو مكبل بزنزانات الماضي والعبادات والتقاليد الرثة والعادات، وبطش أنظمة قامت على العنف والانقلابات والفساد وألاعيب المخابرات؟ 
دولنا العتيدة او قبائلنا ال 22 اخذت استقلالها وبنيت بلا أساس. ولا عجب ان تتعرض لهذا التخبط والافلاس. 
على كل حال اعجبني تعبيرك "نفس الحصار". مؤلم جدا ان تتحول شعارات يوم القدس وتحرير فلسطين الى خناجر وسكاكين لذبح السوريين. 
- تتحدث عن ولادة وآمال وكأنك تعيش في عالم الأحلام والخيال والأطفال الصغار يموتون بردا وجوعا وعطشا ويذبحون في سوريا ذبح النعاج. هل هذا موت ام ولادة؟ عدا البراميل المتفجرة التي تنهال على رؤوس الآمنين وتفتك بالبشر والحجر. أما صواريخ سكود فقد فعلت فعلها الكارثي وتسببت بإزالة شوارع ببناياتها وناسها وذكرياتها وتاريخها عن الخارطة، وكأن كلام أحمدي نجاد الفارسي عن ازالة اسرائيل عن الخارطة، يطبقه اليوم المجرم السفاح بشار الاسد في ازالة مدن وقرى سورية بأكملها عن الخارطة. 
- إذا حدقت في جزء من الصورة فقط فلن تستطيع رؤيتها ككل. فما تحدثت عنه هو جزء مأساوي جدا وحزين من صورة الربيع ككل، ولكن اطمئن وهدئ من روعك، لأن هؤلاء الأطفال الذين يموتون اليوم هم الازهار التي ستنبت على أرض سوريا الديمقراطية غدا. 
على فكرة الثورة السورية هي من أعظم ثورات التاريخ الإنساني. وكما ان الثورة الفرنسية غيرت وجه اوروبا والعالم بمفاهيم وقيم انسانية حضارية راقية وسالت فيها دماء كثيرة، فإن الثورة السورية ستغير وجه العالم العربي والمنطقة ككل بمفاهيم الحرية والاخوة الانسانية والتوق الى العيش بكرامة في ظل الدولة المدنية الديمقراطية العادلة. 
- يا عم ابو ابراهيم على الثورة السورية اولا ان تنتصر. كي نبني على الشيء مقتضاه. ثم انك تتحدث وكأن النظام المجرم قد تكسرت اسنانه وما نراه هو العكس. حيث انه يحقق انتصارات، بينما الثورة قد تحولت الى ثورات تاكل بعضها بعضا قبل ان يفصفص عظامها ويلتهمها الأسد.  
- يا عزيزي لقد كَسَرَت ارادة الشعب السوري أسنانه، وهو اليوم يحارب الثورة بوجبة اسنان اصطناعية ركبتها له روسيا وايران. ثورات الشعوب الحية لا يمكن ان تموت، ولا يمكن ان تنهزم، ولا يمكن ان تتراجع عن اهدافها. انها مداد روحي لا ينقطع من نهر جارف يأخذ تعرجات وتراجعات ومنعطفات كثيرة، الا انه لا بد وان يصل في نهاية المطاف الى شاطئ الأمان. والثورة السورية الجبارة هي أسطورية من اساطير الزمان. هي قمة شامخة من قمم الثورات الحية. حيث واجه شبابها المسالم والمطالب بأبسط حقوقه رصاص الاسد وشبيحته المجرمين بصدور عارية. والثورة انتصرت بروحها وشبابها عندما صمدت امام وحشية جيش، وبربرية شبيحة، وهمجية حاقدين، واحتيالات والاعيب وفبركات وحرفية مخابرات بشار. 
اما بشار المهزوم فقد خسر الحرب عندما استعمل كل ما يملك من عدة وعتاد وسلاح حتى الكيميائي، واستعان بكل ما يملك من عصابات ارهابية اجرامية في المنطقة والعالم كي يواجة ثورة شعبية جماهيرية حية ما زالت تقاتل بصدور عارية وبأسلحة خفيفة وبدائية معظمها تم اغتنامه من مخازن جنوده. 
- وماذا عن داعش وارتكاب الفواحش وباقي الحركات الاسلامية الارهابية الجهادية المتطرفة؟ وهل الشعب السوري ثار على الاستبداد السياسي لكي يحكمه الاستبداد الديني؟ اي من تحت الدلفة لتحت المزراب: من مصيبة الاسد إلى مصائب بلا عدد!
- الحركات الجهادية الأصولية الاسلامية المتطرفة المسلحة الظلامية المنغلقة الدموية الحاقدة اللاأخلاقية الفاشية هي كوابيس عصرنا الحالي. ولا يأتي منها الا الضرر الفادح. وهي كلها ظواهر بلا جذور وليس لها مداد شعبي، اي فقاقيع صابون ولا تشبه بأي شكل من الأشكال الشعب السوري العريق بحضاراته وطموحاته وتطلعاته للعيش بحرية وديمقراطية وكرامة وطنية. هذه الحركات كلها مبنية على العنف والحقد والتخبط واللاعقلانية وسفك الدم وستختفي عن مسرح الأحداث بسرعة كما ظهرت بسرعة. وهي تقدم خدمات بلا حدود لملالي ايران وبشار ونصرالله الحقود. 
 -  اشعر براحة واطمئنان بعد هذا الحديث الشيق معك، ولكن اذا كنا نحن اليوم في الطريق الى الربيع اي الولادة. فكيف برأيك ستكون هذه الولادة بعد ان سرقت الثورة في مصر وتونس وغرقت في الفوضى في ليبيا واليمن؟
- هذا سؤال متعدد الجوانب يا صديقي والاجابة عليه بحاجة لجلسة اخرى. 

     برلين 2013.12.19

حكاية فصيح (نشطاء هذا الزمان)/ عاطف على عبد الحافظ


الديك الفصيح
تلاقيه فى كل مكان
فى ميدان ..
بيهتف ويصيح
فى قناه  ..
بيقول تصريح
ويفور زى البركان
     ****
أصله ياعينى زمان     
كان غلبان
يفتح بقه بس
لمّا يكون جعان
كان بيحلم فى المنام
إنه بطل همام
ولمّا يفوق ويصحى
يضرب لنفسه
تعظيم سلام
     ***
دلوقتى نافش ريشه
مفيش حد أده
شغلانه بجد جامده
بيقلب فيها عيشه
بدون  ضرب على خده
أصل الحكاية بقت سهله
كلمتين ناشفين
يترصوا فى جرنال
وبقين جامدين
يتقالوا فى كام حوار
***
وف.. كل الأحوال
ثورجى بينادى بالتغيير
ناشط  .. مالوش مثيل
ضد مين أو مع مين
مش  هتلاقى تفسير
السر دايما فى التمويل
عشان الأعادى كتير
بيشجعوا ع التدمير
لقوا فرصتهم
فى ميدان التحرير
      ******
عاطف على عبد الحافظ

قصائد ميلادية شعر حاتم جوعيه

يَسُوعُ  الفِدَاء 
يا   إلهَ   الِفدَا   وحُلمَ   الوجُودِ        جئتَ  بالحُبِّ  والسَّلام ِ  الوطيدِ  
جئتَ نورًاعلى الخلائق ِ تزهُو        أنتَ   فردوسُ  حُلمِنا   المَنشودِ 
يا   يسُوعي  الحَبيبَ  أنتَ رجائي       وعزائي  في  كلِّ  خطبٍ  شديدِ 
يا  يسوعَ الخلاص ِ أنتَ انطلاقي         وانبعاثي  ومن   ُركام ِ  الجُمودِ 
يا  يسُوعَ الفداءِ  فيكَ  انعتاقي        من  جحيم ِ الدُّنى   ونير ِ  القيُودِ  
قد   رأيناكِ   مَنبَعًا   لخَلاص ٍ        ومَنارًا   على    مُحَيَّا    الوجُودِ 
أنتَ فجري ومَبْعَثِي وانطلاقي        وَمُنى الرّوح ِ بعدَ طول ِ الهُجُودِ  
يومَ   ميلادِكَ  المَلائِكُ   َغنتْ         بترانيم       عذبةِ        التغريدِ  
ترسِلُ الشَّدْوَ كلَّ  لون ٍ ولحن ٍ        يتهادَى  فوقَ   الذ ُّرَى  والنجُودِ       
تتغنى:" قدُّوسُ .. قدُّوسُ .. قدُّو      سُ " ... إلهُ الوَرى وربُّ الجنودِ  
ثمَّ  جاءَ الرُّعاة ُ من كلِّ صوبٍ       سمعُوا البُشْرَى من ملاكٍ  مجيدِ  
كانَ  في مذوَدٍ  وفي  بيتِ لحم ٍ      حَمَلُ الرَّبِّ… مُدْرَجًا في المُهُودِ 
كانَ عيدًا لهُم  وبُشرى خلاص ٍ      وغدا    للأكوان ِ  أرْوَعَ     عيدِ   
وَمَجُوس ٍ  أتوا  بأغلى  الهدايا        إنَّهم  جاؤوا  من   مكان ٍ   بعيدِ  
فاستدَلُّوا   على   الإلهِ    بنجم ٍ       شعَّ  كالشَّمس ِِ في سماءِ الوجُودِ   
فبميلادِكَ    العِبَادُ    استنارَتْ        وَمَشَتُ ، في الهُدَى ، ِبعَهْدٍ جديدِ  
فسلامٌ   عَليكَ   يا   حَمَلَ  الله         ويا     مَنْ     كلَّلتنا     بالسُّعُودِ   
وسَلامٌ   عليكِ    أيَّتُها   العَذرَ        اءُ ... ما  زلتِ  َخيرَ  أمٍّ    َولوُدِ 
يا إلهَ الأمجادِ ... ربَّ المعالي        وَمَنارَ   الدُّنى     لكلِّ     العُهودِ  
قد َقسَمْتَ التاريخَ شطرين ِ، والكوْ   نُ  تسامَى  في  ظِلِّ  عهدٍ  جديدِ   
إنَّ   تقويمَكَ  المُباركَ  قد  صَا         رَ   مَنارًا  ودربَ   كلِّ   رشيدِ  
وخلاصُ  النفوس  ِ فيكَ   يقينٌ        وانعتاقُ  الأسرى  وكلِّ   العبيدِ   
لا  سُجُودًا  لغير ِ شخصِكَ  يبقى     لكَ طابَ الفدَاءُ .. طابَ سُجودي 
يا   إلهً   فيهِ   لقد  لخِّصَتْ   كلُّ      الرِّسالاتِ     للطريق ِ   الحميدِ 
جئتَ للأرض ِ كي  ُتقيمَ  سَلامًا       وخَلاصًا  فاجتزتَ  كلَّ السُّدودِ   
فرسالاتُ    الأنبياءِ    لقد    أكْ       مَلتهَا ... قد أتممتَ  كلَّ الوعُودِ  
قد نشرتَ  الوئامَ  في كلِّ أرض ٍ      وكسَوتَ العُراة َ  أسمَى  البُرُودِ  
وَسَقيتَ   العِطاشَ    ماءَ   حيَاةٍ       وَهَدَيْتَ   الجميعَ   نحوَ  الوُرُودِ  
أنتَ    عَلَّمتنا    المَحَبَّة َ    بذلٌ        دونَ  أخذٍ  تبقى  َودُونَ   حُدُودِ  
والذي   جئتهُ   صادقٌ   وقويمٌ         وسيبقى  مدَى  الزَّمان ِ  الكنودِ  
وتحَدَّيتَ طغمة َ البَغي ِ مع  إبْ       ليسَ .. لم تحفلْ للرَّدَى والوَعيدِ 
واحتضنتَ الصَّليبَ دونَ انحناءٍ      دمكَ   الغالي  قد  بَذلتَ   بجُودِ   
لم  تقاومْ   وأنتَ   َربُّ  البرايا        كي  يَتِمَّ المَكتوبُ  منذ ُ  الجُدُودِ  
ولقد  ُقمْتَ  من  ضريحِكَ  رَبًّا        لخلاص ِ النفوس ِ  بعدَ   الرُّقودِ 
فغسَلتَ النفوسَ من  دمِكَ  الطا     هِر ِ، نبعَ الخلاص ، بعدَ الصُّعُودِ  
يا  شهيدًا  نجيعُهُ  خضَّبَ الأكْ       وَانَ ... مُنذ ُ الوجودِ  خيرُ  شهيدِ  
وَصَليبُ الفداءِ  ما  زالَ  رمزًا       لعذابِ  الشُّعُوبِ ... بل  للصُّمُودِ   

"يا صليبَ المَسيح ِ ألقاكَ  ظِلا ًّ "     فوقَ    شعبٍ    مُكبَّل ٍ   بالقيودِ    
منكَ يرجُوالخلاصَ ..هلْ مِنْ مُجيبٍ      والصَّدَى تاهَ  في الفضاءِ المَديدِ 
كم     بلادٍ    دَاهَمتهَا   خطوبٌ       وشعوبٍ    تحيا    بذ ُلٍّ    شديدِ  
ونفوس ٍعطشى إلى الحَقِّ  ترنو      وجياع ٍ    لنيل ِ   عيش ٍ   رغيدِ  
ألفُ  طوبَى  لهم ... لكلِّ   ذليل ٍ      ينشدُ الرَّبَّ  في  دُموع ِ السُّجودِ  
يا  إلهً  صُلِبتَ  من  دون ِ ذنبٍ       كيْ  تعيدَ  الحياة َ  بعدَ   الهُجُودِ 
كي يكونَ الخلاصُ للناس ِ ُطرًّا       دونَ  تمييز ٍ  فوقَ   كلِّ  صعيدِ  
وتعودُ   الآمالُ    بعدَ    ضياع ٍ      والمفاهيم ُ     للنطاق ِ     السَّديدِ  
أنتَ   ُقمتَ  من  ضريحِكَ  رَبًّا       لخلاص ِ النفوس ِ رُغمَ الجحُودِ 
دمُكَ    الطاهرُ    النقيُّ    لنورٌ       حَرَّرَ  الخلقَ  من  جحيم ِ الوقيدِ  
سَتدينُ   الأكوانَ   يومَ   نشور ٍ       يومَ بعثِ الأمواتِ..  مَنْ في اللحودِ  
يومَ  تجثوُ  لكَ  المُلوكُ  جميعًا        ينحني  الخلقُ  من عبيدٍ  وصِيدِ  
لا خلاصًا  سوى صليبكَ  يبقى        يا  رجاءً    لنيل ِ  كلِّ   الوعُودِ  
 **
 يَسُوع ُ خَلاصُ  البَشَر
( " قصيدة  نظمتها  بمناسبةِ عيد الميلاد المجيد على نمطِ  وأسلوب المُوَشَّح " )    

يا إلهََ السِّلم ِ تبقى البَلسَمَا       وَشِفاءً    لجَميع ِ    الأنفس ِ
جئتَ تتلوُها ترانيمَ السَّما       ُتشعِلُ  الفكرَ  بأسْمَى  َقبَس ِ

أيُّهَا النورُ إلى كلِّ  الدُّنى       جِئتَ  للخلق ِ عَزاءً وَسَلامْ
أنتَ  فجرٌ  وَسَناءٌ  وَسَنا        وَمَنارُ الكون ِ حُبٌّ   وَوِئامْ
تغفرُ الآثامَ مهما قد جَنَى      كلُّ جان ٍمن شُرُور ٍوخِصَامْ
َتبْرَأ ُ الأسقامَ فينا  والعَنا     وَتُزيلُ الهَمَّ في صَمتِ الظلامْ
توقظ ُ الروحَ وفيمَنْ جَثمَا     والذي  يَحْيَا   بذلٍّ   مُنكس ِ
كلُّ  مَأسوُر ٍ غدا  مُبتسما     لانعِتاق ٍ من  قيودِ   الحُبُس ِ

يومَ  ميلادِكَ  كلٌّ   رَنَّمَا       كم  ملاك ٍ مع نجوم ٍ نُعَّس ِ
وَرُعاةٍ شاهَدُوا جُندَ السَّما     نزلوا الأرضَ بأبهى ملبس ِ
رَنَّموا:"قدُّوسُ..قدُّوسُ.. وقدُّ   وسُ"..غنُّوا بنشيدٍ مُؤنِس ِ
كلُّ طير ٍ ..كلُّ نهر ٍ رَنمَا     كلُّ  نبتٍ  بشَجيِّ   الجَرَس ِ
وَوُرُدُ الحُبُّ غنتْ  بعدمَا      لفهَا الصَّمتُ وَعتمُ الحِندَس ِ
والرَّوابي جُرِّعَتْ ماءَ السَّما   بَلَّلَ الوَسْمِيُّ ثغرَ النرجس ِ    

وَمَجُوس ٍقد أتوا من مَشرق ِ   معهمْ    تِبْرٌ   وَمُرٌ   َوُلبَانْ
وَبنجم  ٍ في  السَّما   مُؤتَلق ِ   عرفوا الدَّربَ إلى  بَرِّ الأمانْ
كم َطوَوْا من َفدْفَدٍ في الغَسَق ِ    ليروا المولودَ في ذاكَ الزَّمانْ
فرؤوا   الطفلَ   ُقبَيْلَ  الشَّفّق ِ    نائمًا في مِذوَدٍ ..لا  َصوْلجَانْ
مَجَّدُوا الرَّبَّ بصمتٍ مُطبق ِ      قبَّلوهُ      بخُشوع ٍ     وَحَنانْ
كبرَ الطفلُ وأضحَى العَلمَا     وَمَنَارًا   وَعَزاءَ    البُؤس ِ
ذكرتهُ  كلُّ  أسفار ِ  السَّمَا      وَنبوءاتُ   العُهُدِ  الدُّرُس ِ  

جاءَ  للأرض ِشِفاءً وَسَلامْ      خَلفهُ العُميُ اهتدَوا والبائسُونْ
جاءَ  حُبًّا  وَخَلاصًا وَوِئامْ      شُفِيَ الصُّمُّ وَعُميٌ  يُبصِرُونْ
كم شَفى البُرصَ ومَنْ فيهمْ جَذامْ      َفرَؤوا  الأنوارَ والحَقَّ المُبينْ
وَالمساكين تعَزَّوا.. لا اغتِمامْ     بخلاص ِالروح ِكانوا يحلمُونْ
يا  إلهَ السِّلم ِ تبقى البلسَمَا      وَشِفاءً    لِجميع ِ   الأنفس ِ
جئتَ تتلوهَا ترانيمَ السَّمَا       توقظ ُ الكونَ  بأسْمَى قَبَس ِ

ثابتٌ  ما   ُقلتُهُ   للمُنتهى      لانقِضَاءِ الكون ِ يبقى خالِدَا
فيكَ كلُّ المُبتغَى والمُرتجَى       لم   نجِدْ  إلاكَ   ربًّا   سيِّدَا
لكَ قد طابَ سُجُودي وازْدَهَى       وَلغير ِالحَقِّ لا... لنْ أسْجُدَا
فأسيرُ الروح ِ كم  فيكَ انتشى       حُلَّة ُ  التجديدِ   َنهْجًا  ارتدَا
كلُّ ثوبٍ سوفَ  َيبْلوُ  قبلَ  ما       يَتلاشى  كالرُّسُوم ِ  الدُّرُس ِ
إنَّما الأرواحُ تمضي  للسَّمَا       وَجُسُومٌ  تختَفي في الرَّمَس ِ

أنتَ  أسكتَّ  الذينَ  انتهَجُوا     زُخرُفَ القول ِوَزيفَ الحُكماءْ
دربُ  إبليسَ عليهَا  ابتهَجُوا    خَدَعُوا الحَمْقىَ وَبعضَ التعساءْ
حكمة ُ الأرض ِ بخبثٍ أوْلجُوا     أدخلوهَا  في  رؤوس ِ البُسَطاءْ  
لدَعِيٍّ  زائف ٍ  كم   عَرَّجُوا     خَلفهُ   تمشي   جُموع ٌ   بُلهَاءْ  
يا يسُوعُ الحَقِّ تبقى البَلسَمَا      وَشِفاءً    لجَمِيع ِ    الأنفس ِ
جِئتَ تتلوهَا ترانيمَ السَّمَا      ُتوقِظ ُ الفكرَ  بأسْمَى   َقبَس ِ

لمْ  نجِدْ إلاكَ  ملكا  ًعادِلا ً     كلُّه ُ  حبٌّ    ونورٌ   وَبَهَاءْ  
يا مَسيحَ الحَقِّ تبقى الأمَلا     لخَلاص ِالخَلق ِمن كلِّ بَلاءْ
حكمَة ُالأرض ِالتي قد أبطَلا     حكمة ُ الحقِّ علتهَ  في السَّماءْ
ليسَ   َشرُّ  قادِرٌ  أنْ   يُبْدِل َ      أحرفَ النور ِ وألحانَ الضِّياءْ
يا مَسيحَ الحَقِّ  تبقى الكامِلا       مَنهَلَ  الحُبِّ  وَيُنبوعَ  الوَفاءْ
مَالِكٌ  أنتَ  مفاتيحَ  السَّمَا      ترسِلُ الخيرَ لنا  لم َتحْبس ِ
أنتَ تروي النفسَ من نار ِالظمى    مثلمَا  الغيثُ  لزرع ٍ يَبِس ِ

حكمة ُ  اللهِ  كنوزٌ  للمَدَى      وَمَنارٌ  لانطِلاق ِ  البائسِينْ
فتُساوي العبدَ  فيهَا السَّيِّدَا      للذي في الرَّبِّ في الحَقِّ  المُبينْ  
وَيَسُوعُ  الحقَّ يبقى الأوْحَدَا       نورُه ُ شّعَّ   لكلِّ   العالمينْ  
مَنْ  بإيمان  ٍ يَهزُّ الفرقَدَا      سَيَنالُ المُرتَجَى لو بعدَ حينْ
وَيَسُوع ٌبيننا لو في السَّما      هُوَ  يُحْيينا   بأذكى    َنفس ِ        
كلما خَطبٌ عَتا  أو أظلمَا      َفيُعَزِّينا     بروح ِ   القدُس ِ

يا  إلهًا  جاءَ  من أجل ِالخَلاصْ      يَمنَحُ  الحُبَّ  إلى  كلِّ  البَشَرْ
جِئتَ للرَّحمَة ِلا تبغي القِصَاصْ      كلُّ    ذنبٍ   بيَسوُع ٍ   مُغتفَرْ
أنتَ مَنْ أحبَبتنا دونَ اختِصاصْ      يَتسَاوى الكلُّ  في جَني ِالثمَرْ
وَغَدًا دَيْنوُنة .ٌ. أنَّى احتِراصْ     شافِع ٌ فينا   لدى  الآبِ  الأبَرْ
فَيَسُوعٌ  كاملٌ  دونَ  انتِقاصْ     وَلديه ِ   كلُّ    شَيىءٍ    مُقَتدَرْ
أيُّهَا  الفادي  الذي قد عَلَّمَا    أنْ نضَحِّي بالنَّفيس ِالأنفس ِ
وَنُحِبُّ الناسَ ، ُطرًّا، إنَّمَا    دُونَ شَرْطٍ  أو لِمَال ٍ مُكْدَس ِ    
 كم دُمُوع ٍ وَهْيَ تهْمِي عَندَمَا  عِندَما سارُوا بهِ نحوَ الصَّليبْ
وَسَّدُوا   الرَّبَّ   عليهِ  بعدَمَا     عَذبُوهُ   وهوَ   فادينا   الحَبيبْ
لمْ   يُعانِدْهُمْ   وَكانَ  الأبكمَا      ليَتِمَّ  القولُ  في  كلِّ  الشُّعُوبْ
بالذي  خَطَّتهُ   أسفارُ  السَّمَا     عن فِدَاءِ الرَّبِّ في اليوم ِالعَصِيبْ
إدْلهَمَّ   الكونُ  ،  ليلٌ   خَيَّمَا      أطبّقَ الصَّمتُ  وكم  زادَ النَّحيبْ
يا  إلهَ   الحَقِّ   ُذقتَ  الألمَا      قد تجَرَّعتَ  الأسى في الغَلس ِ
وَصَليبُ العار ِ أضحَى عَلمَا     وَشِعارًا     لخَلاص ِ  الأنفس ِ

يا  إلهًا  عهدُهُ   لنْ   ينكثَا      مَلكٌ  أنتَ على كلِّ الوُجُودْ
مثلَ شاةٍ سِيقَ نحوَ الجُلجُثَهْ     ذقتَ هَوْلَ الصَّلبِ والخَطبَ الشَّديدْ
وليوم ٍ   رابع ٍ   لن    تمكثا      وَإلهًا   ُقمْتَ  من  بين ِ اللحُودْ
وَهَزَمتَ الموتَ .. إبليسُ جَثا     دُحِرَ الشَّيطانُ والخصمُ العَنيدْ
دَمَكَ    الطاهِرُ   نورًا   بُعِثا      حَرَّرَ الإنسانَ من نِير ِ القيودْ
قد  طوَى  عَهدًا  قديمًا حُرِثا      َواستنارَ الكونُ في عَهدٍ جَديدْ
يا  إلهَ الكون ِتبقى البَلسَمَا      وَشِفاءً    وَعَزاءَ    البُؤَّس ِ
جِئتَ تتلوُهَا  ترانيمَ  السَّمَا     توقظ ُ  الكونَ  بأسْمَى   قبَس ِ
 وَصَليبُ  العَار ِأضحَى  عَلمَا       ورَجاءً   لخلاص ِ  الأنفس ِ
**
يَسُوع ُ فادِي  البَشَر 
 إلهَ   السَّلام ِ  َفدَيْتَ   البَشَرْ         بعيدِكَ  يفرَحُ   حتى  الحَجَرْ    
فأنتَ  المَلاذ ُ وفيكِ  المَآلُ          وأنتَ المَحَبَّة ُ ، أنتَ  الوَطرْ  
وَلولاكَ ما كانَ في الأرض ِعَدْلٌ          ولم  ُنبْصِر ِالشَّمسَ ...لا والقمَرْ  
بدَونِكَ كنا  ِضَياعًا عِطاشًا         يَسوُدُ الأسَى ،  والضِّياءُ  انتحَرْ
فجئتَ  تبُثُّ   نشيدَ  السَّماء ِ       وَمعنى الخلودِ وأسْمَى الدُّرَرْ
َتوَاضعتَ.. ذ ُلَّ الصَّليبِ احتضَنتَ        وأنتَ   الإلهُ   العظيمُ   الأبَرْ
توَاضَعتَ ... دربَ  الفداء ِ مَشَيتَ       نزلتَ إلى العُمق ِ.. تحتَ الحَفَرْ
وَقمتَ وكانَ  انتصارُ الحَياة ِ      وإبليسُ ... والشَّرُّ منكَ  اندَحَرْ    
سَنكرزُ باسمكَ  في كلِّ أرض ٍ       بإنجبل ِ  حقٍّ   سَمَا   وانتشَرْ
ففيكَ   ُتحَقَّقُ   كلُّ  الأماني        مَحَوْتَ الذنوبَ  وَعَهدًا  َعبَرْ
وَجئتَ  بعَهدٍ  جديدٍ   وَديع ٍ        يكونُ  الخلاصُ  لكلِّ  البشَرْ

حَمَلتَ العذابَ وأنتَ  الإله ُ        وَمُبدِعُ  هذا الوجودِ  العَجيبْ  
وَسِرتَ إلى الموتِ في كلِّ حزن          وذقتَ الإهانة َ... ُذلَّ الصَّليبْ  
وقمتَ لأجل  ِالخطاة ِ  جميعًا        لأجل ِ خلاص ِ جميع ِ  الشُّعوبْ
"بجُلجُثة ٍ "  كانَ  خطبٌ عَصِيبٌ         بذلتَ  دِماءَكَ  فوقَ  الصَّليبْ  
وَحَلَّ الظلامُ  وَشُقتْ  قبُورٌ        وموتى صَحَوْا.. كانَ يومٌ رهيبْ
َوقمتَ منَ الموتِ رَبًّا عظيمًا         قهَرتَ   المنايا  وزالَ   النحيبْ
َتحَققَ   ما   قاله ُ   الأنبياءُ        وكانَ  الرَّجاءُ  بكلِّ  الدُّروبْ
فأنتَ خلاصِي وفيكَ انتعاشِي         وأنتَ  َيسُوعِي إلهي  الحَبيبْ
ففي كلَّ  داءٍ  تكونُ الدَّوَاءَ         فأنتَ المُدَاوي وأنتَ  الطبيبْ
جراحُكَ بلسَمُ  كلِّ الجراح ِ        تزيلُ المَصَابَ وَهَمًّا عَصِيبْ  

بميلادِكَ اليُمْنُ...عَهدٌ جديدٌ         وَتقويمُ   كلُّ   الدُّنى   والأمَمْ  
عَليهِ استنارَتْ جميعُ العبادِ        وفيكَ  الشُّعُوبَ  عَلتْ   للقِمَمْ  
وَيومَ  وُلِدْتَ  ملائكة  ُ اللّ          هِ  بالحَمدِ  كم رَنّمَتْ من َنغَمْ
وَجاءَ الرُّعاة ُ رَأوْا مَوْلدَ  الرَّ          بِّ  في مِذوَدٍ ...حَمَلا ً  للنّعَمْ  
مَرَرْتَ  بكلِّ  التجاربِ  لما        ترَعْرَعْتَ  من  دون ِ إثم ٍ  وَذمْ
وَقدَّمتَ  نفسَكَ  نبعَ الخَلاص          َذبيحَة  َ  فِدْي ٍ   لِتحيي  العَدَمْ  
صَنَعتَ العَجائبَ ما من  نبيٍّ          يُجَاريكَ  في  الفعل ِ  ثمَّ   الكرَمْ
لأنكَ  أنتَ   الإله ُ  العَظيمُ         مَسيحُ الخَلاص ِ  ُتزيلُ  الألمْ
َوقدُّوسُ .. ُقدُّوسُ .. رَبُّ الجُنودِ      َتسَرْبَلتَ  بالنور ِ... َتمْحُو  الظلمْ    
وأنتَ  البداية ُ ، أنتَ  النهاية ُ        .. فيكَ  الوجودُ  ابتدَا  وارتسَمْ
**  

طبخة "كيري" اسوء من اوسلو/ راسم عبيدات

الطبخة والحل السياسي الذي سيحمله كيري في جولته القادمة للمنطقة،بوصف الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل،مرعب ولا يمكن لأي فلسطيني الموافقة عليه،ولا يوجد ما تتفاوض عليه الأطراف،فالطبخة  تشترط الإعتراف بيهودية الدولة،فضلاً عن المفاوضات على الحدود تراعى حدود عام 1967،مع مراعاة الكتل الإستيطانية القائمة بأمر الواقع،وتواجد عسكري اسرائيلي وامريكي في الأغوار لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد،وواضح  ان كيري استبق جولته الثالثة عشر للمنطقة،بسلسلة مكثفة من اللقاءات السياسية والأمنية بين الأطراف العربية والدولية والأمريكية والإسرائيلية والفلسطينية،تضمن فرض مثل هذه الطبخة السياسية،وخصوصاً ان القيادتين السياسيتين الأمريكية والإسرائيلية،باتتا على قناعة تامة،بان هذه الفترة تشكل فرصة ذهبية لإسرائيل وامريكا،لفرض مشروع يصفي القضية الفلسطينية بشكل كامل،وخصوصاً بان الأخطار العربية المحيطة بإسرائيل لم تعد قائمة والحديث يجري عن حل انتقالي واتفاق إطار،يجري الإتفاق على تفاصيله خلال عام،ونحن الذين اكتوينا بنار الإتفاقيات المؤقتة والإنتقالية،ندرك بأن الإحتلال والداعمين له،لا يلتزمون ولا يحترمون أية اتفاقيات،ويستغلونها فقط من اجل كسب الوقت وفرض وقائع وحقائق جديدة،فأوسلو الذي وقع في ايار 1993،كان مفروض ان ينتهي في أيار/1999،تنسحب اسرائيل خلاله من 90 % من أراضي الضفة الغربية،لنجد بعد عشرين عاماً بأن هذا الإتفاق قد كرس الإستيطان وضاعفه بأكثر من عشرة أضعاف والمزيد من مصادرة الأرض ونهبها والمزيد كذلك من الشهداء والأسرى والجرحى.

 ما يجري الحديث حوله من اتفاق إطار في نهاية كانون ثاني من العام القادم/ 2014 والذي حجزت له الخارجية الأمريكية على حد قول الصحيفة الإسرائيلية "يديعوت أحرنوت "(50) غرفة في أفخم فنادق القدس الغربية،لكي تكون جاهزة من اجل إستقبال (130 ) من طاقم كيري الذي له علاقة بالمفاوضات،والذين سيخوضون لقاءات امنية وسياسية مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي،وفي هذا السياق جرى لقاء امني فلسطيني - امريكي قبل ثلاثة ايام، قاده من الجانب الفلسطيني اللواء ماجد فرج مسؤول المخابرات الفلسطينية،حيث جرى نقاش بنود الإتفاق الأمني الذي صاغة الجنرال الأمريكي جون آلن،وكيري يستعد لجولته الثالثة عشر من اجل صياغة بنود الإتفاق في شقه السياسي،من اجل التوصل إلى اتفاق إطار،يجري التفاوض حول تطبيق تفاصيله خلال عام ،وسبق ذلك لقاء بين المبعوث الأمريكي للشرق الوسط وعملية السلام مارتن انديك والرئيس أبو مازن في المقاطعة،ولنفس الغاية والغرض التقى الرئيس أبو مازن مع وزراء الخارجية العرب في القاهرة،فالعرب وبالتحديد مشيخات النفط والكاز الخليجية وعلى رأسهم بندر بن سلطان،والذي تسلم الملف الفلسطيني بعد فشل قطر في معالجة الملف السوري،سيمارسون ضغوطاً على السلطة ورئيسها عباس لقبول خطة او مشروع كيري،والذي سيضعنا أمام مشروع سياسي أخطر بكثير من مشروع اوسلو،وسنكون امام كارثة حقيقية على حقوقنا وثوابتنا ومشروعنا الوطني،وبالتحديد على قضايا اللاجئين والقدس،مرتكزات المشروع الوطني الفلسطيني،فكيرى القادم للمنطقة،يريد هذا الإتفاق بأي شكل لكي يتجنب فشل المفاوضات،ويعبر نيسان القادم،نهاية الفترة المحددة للتفاوض(تسعة شهور)،وقد كسب المزيد من الوقت،وبمجرد توقيع الإتفاق تفرض حقائق ووقائع جديدة،يصبح على السلطة الفلسطينية التعاطي والتعامل معها،والمأساة والطامة الكبرى،ان وفد السلطة للمفاوضات المستقيل والمتبقي منهم في لقاءات ومحاضرات لهم صرحوا وقالوا بأن حكومة نتنياهو عادت للمفاوضات لأسباب تكتيكية وليس كإستراتيجية سلام،وما يثير السخرية والإستغراب،ما صرح به محمد اشتية ،عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والوزير في ثلاث حكومات سابقة ورئيس مؤسسة "بكدار،في معرض تبريره لإستقالته من الوفد المفاوض،بأن اسرائيل تنصلت من إلتزاماتها وتعهداتها التي  على أساسها عاد الفلسطينيون للمفاوضات،وهو يدرك بان ذلك كذب وخداع وتضليل،فالسلطة الفلسطينية عادت للمفاوضات متعارضة مع أغلب مكونات المجتمع الفلسطيني ومركباته من احزاب وقوى ومؤسسات مجتمع مدني وجماهير ومتجاوزة قرارات المؤسسات الفلسطينية من لجنة تنفيذية ومجلس مركزي التي رفضت العودة للمفاوضات،بدون الوقف الشامل للإستيطان وإطلاق سراح الأسرى،بل وفي عودة السلطة للمفاوضات فرض نتنياهو شروط ومعادلات جديدة،حيث قسم أسرى ما قبل اوسلو(104) أسير إلى أربع دفعات،ومع إطلاق سراح كل دفعة او مجموعة منها،يتم الإعلان عن مشاريع ومناقصات إستيطانية لبناء المزيد من الآلاف الوحدات الإستيطانية في القدس والضفة الغربية،وبالتالي العودة لتلك المفاوضات،لم تاتي من اجل وقف الإستيطان وتحرير الأسرى  وحماية القدس،فشتيه بعظمة لسانه يقول أن اسرائيل قسمت المدة الزمنية المحددة للتفاوض(9 ) شهور الى ثلاثة مراحل ثلاثة أشهر للعب وثلاثة اشهر للتواصل وثلاثة أشهر  لعقد الإجتماعات،وكان يشعر بانه يتفاوض مع تسيفي ليفني واسحق مولخو،وليس مع الحكومة الإسرائيلية،التي كانت عندما تطلق دفعة من الأسرى الفلسطينيين عدد من وزرائها يتظاهرون أمام السجن الذي سيطلق سراح الأسرى الفلسطينيين منه،فضلاً عن انه خلال فترة الثلاثة أشهر من التفاوض استشهد 31 فلسطيني وهدم اكثر من 206 منازل فلسطينية،واعتقل حوالي (600) فلسطيني،وهذا يؤكد على ان هذه الحكومة المتطرفة،لا يوجد في برنامجها سوى المزيد من الإستيطان والقتل والتدمير وفرض الوقائع والحقائق،والتفاوض من اجل التفاوض،بدون تقديم أية استحقاقات او تنازلات جدية من اجل السلام.

أما صاحب كتاب ونظرية الحياة مفاوضات،كبير المفاوضين صائب عريقات،فقد قال في جولة له مع قناصل وسفراء اجانب،بانه عاد الى بيت لحم بعد شهر،ليجد بأن هناك شوارع للإسرائيليين واخرى للفسطينيين،وبأن المزيد من الأرض التهمت وصودرت،وانا بدوري أتساءل واقول صح النوم،فهل هو قادم من كوكب آخر وهو يقود المفاوضات ويعرف جيداً ماذا يحدث على الأرض؟،ولا يجوز استغفال واستهبال هذا الشعب العظيم والمضحي،والعمليات الإستعراضية للإستقالة والعودة عنها،فالشعب الفلسطيني،لن يخرج الى الشوارع ليطالب بعودته،بل ليطالب بمحاكمته.

جولة كيري هذه هي الأخطر والإدارتان الأمريكية والإسرائيلية مصممتان على فرض حل وتسوية على شعبنا الفلسطيني،يريدون التقاط هذه الفرصة التاريخية من اجل إنهاء القضية الفلسطينية وتصفية حقوق شعبنا الفلسطيني،مستفيدين من الحالة العربية الضعيفة والمنهارة،والواقع الفلسطيني المنقسم والضعيف،ولذلك الجميع يتحمل المسؤولية،السلطة الفلسطينية بالدرجة الأولى والقوى والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني،وعلينا أن نستفيد من المتغيرات والتوازنات الجديدة للفكاك من الرعاية الأمريكية المنفردة والمنحازة بشكل سافر لإسرائيل،من اجل المطالبة بعقد جنيف دولي للقضية الفلسطينية،جنيف دولي قد يمكننا من تحقيق الحد الأدنى من حقوقنا الوطنية والمشروعة،دولة فلسطينية على 22 % من مساحة فلسطين التاريخية،وإلا فإن طبخة كيري ستكون اسوء من اوسلو بعشرات المرات،وتحمل مخاطر التصفية والتبديد لحقوقنا الوطنية وقضيتنا الفلسطينية.

للأبد وداعاً/ وفاء القناوى

تجرى الأيام بسرعة رهيبة تنخلع معها القلوب ونحن نراها تأتى وتذهب فى لمح البصر, أيام محسوبة علينا تُخصم من أعمارِنا  سواء عشناها فى سعادة أو فى ألم , أيام ويرحل عام ويهل آخر نقف مع النفس لكى نُحاسبها ونتساءل كيف إنقضت أيامه ولياليه كيف ضيعنا الساعات وأنهكتنا دوامة الحياة , هاهو يُلملم أيامه ويجمع ساعاته ويشُد الحزام ويربطه بقوة ليُسرع فى الرحيل حاملا معه آلامنا وأمالنا , أفراحنا وأتراحنا   نقف لحظات نلتقط أنفاسنا وننظُر تحت أقدامنا لنرى مكان وقوفنا هل نحن على القمة أم مازلنا فى القاع , هل نحن على أعتاب الرحيل أم على أعتاب الميلاد,هناك من فقدناهم ورحلوا عنا وتركونا وتركوا الحياة بلا رجوع عِشنا مع الرحيل لحظات ألم ودموع وإحتراق مشاعر ,لم نكن نظنُ أن الضباب سوف ينقشع لتشرق شمس الأمل , هلّ علينا من أضاءوا لنا الحياة وأعطونا الأمل فى غد أفضل بسماعِنا بُكائِهم لحظة مجيئهم الدنيا ,  أقبلوا علينا ليبشّرونا أن ساعة الألم قد أوشكت على الرحيل بلا رجعة فقد أتى الأمل وأتت البشرى , أيام ويرحل عنا هذا العام بكل ماحمل من هموم  والآم ومصاعب ومآسى على المستوى الشخصى وكوارث حلت ببلدنا وأيام سوداء مرت على الجميع كالكابوس الذى نغّص علينا حياتنا , وذلك على المستوى العام  أقفُ مع نفسى أوعِدُها وأعاهدها وأُبرم معها عقود وإتفاقات وكُلى أمل أن أُحقق ذلك فقد عزمتُ أن أطوى مع آخر ورقة من النتيجة المعلقة على الجدار آخر دمعة لى فلن تسقط  دمعةٌ أخرى بعد الآن  برغم صعوبة ذلك, والذى من الممكن أن يصل إلى حد المستحيل  إلا إننى أنوى أن أُجبر نفسى على الأمل  والتفاؤل بعام جديد , هاأنا أُسجل فى ذهنى الإتفاقات والعهود حتى لاأنسى  وأتمنى من الله أن يحققها لى ويوفقنى فى الإلتزام بما عاهدت , أقف على أعتابِك أيها المجهول ولا أعلم ما تُخَبئه الأيام  هل هى أنغامُ أفراح أم همساتُ أحزان ,أم ستتحطم سفينةُ العمرِ على صخرة الحياة وتتلاشى وتتحول إلى سراب   , نودعُ عام مضى ونحن نبحث عن أمانينا وسط   حطام الأيام لعلّنا نرى منها شئ قد تحقق أو نُمسك خيط نمدّه للعام الجديد,لا أُريد عتاب لك أيها الراحل يكفينى ماأذقتنى من أحزان  وما حمّلتنى من هموم ,أُريدك أن ترحل فى سلام ... اللهم إجعل الفرح رفيقنا دوما وأن لاتكون أمانينا مجرد كلام وخربشات أقلام , فياعامنا الراحل نحن على أبواب ِمسك الختام أتمنى  أن يكون عامنا القادم من أسعد الأعوام


الهجوم على أشرف وقرار المحكمة الإسبانية/ محمد إقبال

عندما تعرض مخيم أشرف التابع لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية  في العراق الى هجوم دموي عنيف في الأول من سبتمبر الماضي أسفر عن مقتل 52 و إختطاف 7 آخرين، قامت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي بنفي أي علاقة لها بهذا الهجوم وما جرى خلاله من عملية اختطاف للرهائن السبعة، او ان لها يدا فيما جرى من مجزرة وحشية نفذت من قبل قوات عسكرية تابعة لها كانت تحاصر وتحتل المخيم منذ وقت طويل.
واليوم نرى المحكمة الوطنية الإسبانية تصدر قرارا قضائيا ضد فالح الفياض، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، لمسؤوليته المباشرة في مجزرة الاول من سبمتبر 2013 والإعدام الجماعي بحق 52 من سكان اشرف واختطاف سبعة آخرين وبتهمة ارتكابه جريمة «ضد المجتمع الدولي».
هذا القرار جاء بعد أن قام اعضاء المقاومة الإيرانية في مخيم ليبرتي في العراق وفي عدة مدن اوروبية واميركية من ضمنها جنيف وبرلين وأوتاوا ولندن وملبورن وواشنطن وروما وستوكهولم باضراب عن الطعام استمر 108 أيام، بالاضافة الى حملة دولية وجلسات واجتماعات وعدة مظاهرات وفعاليات في مناطق مختلفة من ارجاء العالم ضد هذا الانتهاك الصارخ للمبادىء الانسانية من قبل النظام العراقي واسياده القابعين في طهران ضمن منظومة النظام الإيراني وصمت إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما ازاء هذه المجزرة.  
حقيقة الأمر فان هذا الحكم القضائي يعتبر نصرا عظيما تحقق إثر حملة دولية اعتبرتها رئيسة الجمهورية المنتخبة من قبل المقاومة الايرانية السيدة مريم رجوي «قدوة مجيدة وتاريخية في المقاومة ضد الطغيان والقهر والجريمة».
نعود للبيان الذي أصدره المحامي الشهير والذي كان صديقا لسالفادور آلنده الرئيس الشيلي السابق، والذي بحسب نصه فان "المحكمة المركزية الاسبانية للتحقيق رقم 4 تعلن قرار تم إبرامه  الشهر الحالي بأن السيد فياض مستشار الامن الوطني لرئيس الوزراء العراقية مطلوب حاليا بتهمة ارتكاب جرائم بحق المجتمع الدولي. وقد جاء اتخاذ هذا القرار ضمن اطار التخويلات التي تشمل دوليا وفقا لمعاهدة جنيف الرابعة لمحاكم العدالة التابعة للدول، وان المحكمة قررت فتح التحقيقات حول الشخص المذكور باعتباره مسؤولا عن انتهاكات سافرة لمعاهدة جنيف الرابعة ومعاهدتها الاضافية الاولى حيث اقترف هذه الجرائم منذ شهر ايار 2010 عندما كان رئيسا لـ"لجنة اشرف التابعة لمكتب رئيس الوزراء نوري المالكي وعلى وجه التحديد اضطلاعها المؤكد في مجازر 8 ابريل 2011 واول ايلول 2013 ضد اشخاص محميين وفقا لمعاهدة جنيف الرابعة وكانوا يسكنون مدينة اشرف في العراق"».
وان ضلوعه هذا يمتد ليشمل المخالفات التي وردت في التقارير الخاصة بقتل 35 شخصا وجرح 337 اخرين بصورة متعمدة في أبريل / نيسان 2011 وقتل 52 واختطاف  7 اشخاص رهائن في الاول من إيلول / سبتمبر 2013 مع ممارسة التعذيب والإصابات الجسدية بحق سكان أشرف». 
وكذلك يعلن القرار أيضا بأن"المجازر والجروح، والقصف الصوتي ومنع وصول المواد الغذائية والعناية الطبية كلها و أي امر آخر لا يمكن ان يحدث في أشرف إلا بعلم مسبق لأعضاء الجنة المذكورة، وعلى وجه التحديد فالح فياض. وحسب سلم المراتب العسكرية والمدنية فانه هو المسؤول عن عملية 08 أبريل/ نيسان 2011 وفقا لأوامر رئيس الوزراء باعتبار الاخير قائدا عاما للقوات المسلحة العراقية. وفي القضايا الامنية المتعلقة بالبلاد كله ومنها أشرف، فان فالح فياض هو المسؤول شخصيا.". 
والآن ندخل قليلا في صلب الموضوع. لماذا هاجم النظام الإيراني وعملاءه في الحكومة العراقية 100 من الاشخاص العزل في مخيم اشرف؟ هل كان هؤلاء يشكلون خطرا على النظام الإيراني؟ ولماذا دفع هذا الثمن الباهض؟ الجواب يمكن أن نجده في رد فعل الحكومة الإيرانية بعد هذا الهجوم ، حيث اعتبرت الهجوم ضد مجاهدي خلق في أشرف بانه قد أحرز «انجازا اكبر من الذي تحقق في عملية مرصاد» وهي عملية لن ينساها  الملالي أبدا حيث إندفعت قوات جيش التحرير الوطني الإيراني التابع لمجاهدي خلق في أغسطس من عام 1988 الى حوالي 150 كيلومترا داخل عمق الأراضي الإيرانية وكانت قوات مجاهدي خلق قاب قوسين او ادنى من ان تحرر مدينة كرمنشاه الكبيرة حيث تعرض النظام في حينها الى هزات سقوطه لعدة ايام. ونجا هذا النظام في حينها من السقوط. والآن يقارن هذه العملية (أي الهجوم على أشرف وقتل 52 شخصا) مع «عملية مرصاد» أي انقاذه من السقوط. كيف هذا. واعضاء مجاهدي خلق محاصرون داخل مخيم ليس لديهم أي سلاح؟ الجواب هو ان الملالي يعرفون معرفة جيدة بأن أي تطور قد يحدث في مستقبل قريب في داخل إيران، وخاصة نتيجة تجرع كأس "السم النووي" من قبل النظام الإيراني، يكون لعناصر مجاهدي خلق الدور الأبرز باتجاه هذا التطور نحو السقوط. ويعرفون في نفس الوقت أن مجاهدي خلق هم موجودون في أنحاء إيران وفي عمق الشعب الإيراني، وان وجود مجاهدي خلق هو في داخل إيران ولكنهم وبعد ما فعلوا من قتل وتعذيب تجاه عناصر هذه المنظمة طوال 32 عاما مضت،  حيث قتلوا 120 الفا منهم في السجون من ضمنهم 30 ألفا في المجزرة البشعة للإعدامات الجماعية في عام 1988 وقاموا بسجن وتعذيب آلاف آخرين منهم، لم يتمكنوا من القضاء عليهم .. ولهذا السبب فيقومون هم وعملاؤهم في العراق بالهجوم على عناصر هذه المنظمة المحصورين في سجن ليبرتي ومعزولين عن السلاح والمحميين بموجب المعاهدات الدولية. 
نعم. إن مسألة سقوط النظام الإيراني هي مسألة وقت، والوقت يقترب بتجرع "السم النووي"، وان البديل الشرعي والوحيد لهذا النظام، والذي يحقق للشعب الايراني الحرية والعدالة والديمقراطية انما هو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يحظى بتأييد دولي واسع، وهو البديل الفعال والجاهز للقيام بدوره وتنفيذه في هذه العملية على اكمل وجه.
* خبير ستراتيجي إيراني
Meghbal2012@gmail.com


عندما يموت المبدع متجمداً من البرد والصقيع/ شاكر فريد حسن

محمد حسين بهنيس شاعر وروائي وفنان تشكيلي سوداني ، عرفته الحياة السودانية انساناً صاحب قيم واخلاق عليا ، متعدد المواهب ، يتميز بالحيوية والنشاط والابداع المتجدد والانتماء للأدب الانساني الواقعي الملتزم . وكنا عرفناه نحن القراء على امتداد الوطن العربي ، من خلال أشعاره البسيطة الصادقة ، النابعة من صميم القلب والوجدان ، المرتبطة بالهم الشعبي والواقع السوداني القهري المر ، والمنتقدة للاوضاع السياسية والاجتماعية العربية ، وعبر منجزه الروائي الابداعي "رحيل"، الذي حاز على اعجاب النقاد ، ووصفوه بأنه "ولادة جديدة لطيب صالح جديد" ، وكذلك من خلال رسوماته ولوحاته الفنية التشكيلية التي عرضت في أكثر من مكان في السودان وخارج حدوده .
عانق بهنيس ضوء الحياة في ام درمان بالسودان عام 1972 ، وينتمي لعائلة سودانية كادحة . شب وترعرع وسط الفقر والجوع والبؤس ، ورغم ذلك انهى دراسته الثانوية والتحق بجامعة الخرطوم ، وبرزت مواهبه الادبية والفنية وهو على مقاعد الدراسة ، ومنذ ان كان طالباً بدأ بنشر كتاباته والمشاركة في المعارض الفنية في بلده وفي عديد من دول العالم كفرنسا والمانيا واثيوبيا .
مع بداية الالفية الثانية سافر بهنيس الى فرنساً وهناك تزوج من ابنة حاكم احد الولايات الفرنسية وانجب طفلاً ، وسرعان ما نشبت بينهما الخلافات الزوجية فطلقها وتم طرده وترحيله قسراً من فرنسا . وهذه الحادثة كان لها الوقع البالغ على وضعه النفسي فأثرت فيه وجعلته يعاني ويقاسي الاضطرابات النفسية ، وازدادت هذه المعاناة بعد أن ماتت والدته دون أن يعلم بوفاتها الا بعد ثلاث سنوات من وفاتها ، فاصيب بعزلة ووحدة قاتلة طويلة . وقبل حوالي العامين تلقى دعوة للمشاركة باحد المعارض الفنية التشكيلية في القاهرة فلبى الدعوة وجاء الى قاهرة المعز الفاطمي وقرر البقاء فيها وعدم العودة للخرطوم ، واقام في بيت مستأجر في حي العتبة  ولم يتمكن من دفع المستحقات لصاحب البيت ، بعد أن ضاقت به الحياة وتدهورة احواله النفسية واوضاعه الاقتصادية والمالية ، نتيجة الفقر والفاقة والتشرد والغربة والاحباط والضيق والاكتئاب النفسي ، فلجأ الى احد ارصفة ميدان التحرير وسط القاهرة واتحذ منها مأوى ومناماً وغطاءً حتى تجمد من البرد والصقيع خلال موجة البرد الأخيرة ، التي ضربت مصر والشرق الاوسط . وبذلك انتهت حياة بهنيس بموت تراجيدي وفاجعة انسانية ، تكشف وتمثل مأساة المبدع والمثقف العربي الذي لا يجد الاهتمام من المؤسسات الثقافية والدوائر الحكومية ، التي لا  توفر مبلغاً من المال له ليتمكن من العيش بشرف وكرامة فيعيش حياته فقيراً جائعاُ مشرداً مكلوماً ومكتئباً لا يجد القوت في بيته ، ولا ثمن فنجان سبريسو في جيبه .
انه الواقع العربي المحزن والمؤلم الذي يعيشه المبدع والمثقف في ظل انظمة القهر والفساد والعهر الاستبدادية القمعية الاضهادية ، التي لا تحترم مثقفيها ولا تقدر مبدعيها ، ولا تضع قضية الابداع والثقافة على رأس سلم اولوايتها . وهو حال كل المثقفين الشرفاء والانقياء الذين لا يجيدون النفاق والضرب بسيف السلطان ، ويرفضون الاغواء والتدجين والسقوط في مستنقع ووحل المؤسسة والسلطة الحاكمة .
ان تاريحنا الثقافي العربي حافل بالعديد من الامثلة التي تدل على عمق معاناة ومأساة المثقفين والمبدعين من انقياء الكلمة الملتزمين بقضايا شعوبهم ونضالهم ، الذين يسبحون ضد التيار، ويهتفون للشعب والمقاومة ، ويقفون مع الضحية ضد الجلاد . ولعل خير مثال على ذلك الشاعر العراقي الكبير والمتمرد صاحب الوتريات الليلية مظفر النواب ، والشاعر الفلسطيني علي الخليلي الذي مات بالسرطان قبل مدة وجيزة ، وقضى ايامه الأخيرة على الفراش دون تقديم المساعدة له من قبل وزارة الثقافة الفلسطينية ..!

فيا لعار الانظمة العاهرة والمؤسسات الثقافية العربية التي تركت بهنيس يتضور جوعاً ، ويسوح في الشوارع ،  وينام على الارصفة ، حتى تجمد من برد الشتاء ومات على قارعة الطريق . وكم من بهنيس لا يزال بيننا وفي عالمنا العربي الكبير الواسع ينتظر المصير نفسه ..! 

كلمات قليلة في وداع الناشط الحقوقي الفلسطيني د. اياد السراج/ شاكر فريد حسن

ودعت الاوساط الشعبية والجماهيرية والسياسية والقوى الوطنية الديمقراطية الفلسطينية ، الناشط في مجال حقوق الانسان ، الطبيب النفسي د. اياد السراج ، الذي خطفه الموت بعد صراع مع المرض . وبوفاته تفقد فلسطين وشعبها احد شخصيات المجتمع المدني الفلسطيني ، وعلماً من اعلامها النضالية البارزة التي قدمت الكثير للوطن والقضية والمجتمع ، وتركت بصمات واضحة في الحياة الاجتماعية والسياسية والكفاحية على امتداد الوطن الكبير ، وكان لها اسهام هام ودور فاعل في قيادة الحملة الفلسطينية الدولية لكسر الحصار عن قطاع غزة ، والعمل بدأب لأجل انهاء الانقسام على الساحة الفلسطينية وتحقيق المصالحة الوطنية ، وذلك من خلال منصبه كأمين سر لجنة الوفاق والمصالحة بين حركتي "فتح" و"حماس" .

أشغل الراحل د.اياد السراج رئيساً لبرنامج غزة للصحة النفسية الذي أسسه ، وعرف كاحد المناضلين الأوفياء والناشطين السياسيين المعروفين فلسطينياً وعربياً وعالمياً . كتب الكثير من المقالات السياسية التي تجلت فيها رؤيته الواضحة ومواقفه الوطنية من الشأن الفلسطيني ، ومن الاحداث والتطورات والمتغيرات في المنطقة . وشارك في العديد من المؤتمرات الدولية ، مدافعاً عن قضية شعبه العادلة  ، ومطالباً برفع وكسر الحصار عن شعب القطاع . وقد  خطف ونال عدة جوائز عالمية في مجالات الطب النفسي وحقوق الانسان.

كان د. اياد السراج نموذجاً يحتذى في النضال والعطاء والتطوع والمبدئية الحقة والنزاهة والامانة والاخلاص والمثابرة والوطنية الصادقة والشعور بالمسؤولية والتحلي بالصبر ، محبوباً من جميع الفئات والاحزاب والفصائل الفلسطينية ويحظى بتقديرهم واحترامهم 
ان فلسطين الحزينة وهي تودع بالأسى واللوعة د. اياد السراج فإنها تودع قامة من قاماتها ، ورجلاً شامخاً من رجالاتها ، ومناضلاً كبيراً حفلت حياته بالعطاء والتضحية من أجل قضية سامية كرس حياته في سبيل انتصارها .
د. اياد السراج اسم بحجم الوطن ، عاش حياة خصبة وعميقة وعريضة وغنية وحافلة بالعمل والتفاني في خدمة قضيتنا الوطنية. فسلاماً على روحه التي عانقت ثرى غزة ، وسيظل اسمه محفوراً في الوجدان والتاريخ الفلسطيني . 


صعاليك المرحلة.. والرقص على الحبال/ عبد العالي غالي

سلام لكل الأحرار المفعمين بروح الحرية… بأمثالهم، وفقط، تصل الشعوب إلى العزة والكرامة... فهم وحدهم لا يتعبون من درب النضال الطويل، ولا تغريهم المكاسب ولا المناصب... سلام لهم، فهم من لا يرضون لسيرة أوطانهم أن تكون حبل غسيل... ولا يقبلون حرية مجزأة، لأن الحرية في عرفهم تكون أو لا تكون...

ابعث لهم اليوم سلاما بعدما لاحت في الأفق علامات الانحسار المؤقت لعاصفة الفوضى الخلاقة للتفتيت... والتي خطط لها برنارد لويس، وأعطت بانطلاقتها كوندوليزا رايس، وسماها الماكر برنار هنري ليفي للتمويه ربيعا... فصدقه الأغبياء، وتكلف بالأجرأة تنظيم إخوان اردوغان... بعدما أفتى له بجواز كل وسيلة، فقيه سكن قصرا فاخرا في الدوحة... جاعلين من كثير دهماء مكبرات صوت تردد مخدرة أن الحرية أصبحت قاب قوس أو أدنى... والمعيب أن تبعهم في ذلك كبار كنا نعتقدهم كبارا، فإذا بهم يتساقطون كالثمار، وقد أينعت، في ساحة الوهم معتقدين ببداية انسياب البركة على الجماعة الموعودة بالنصر منذ الأزل!!!...

أذكر أني سميت ربيعهم ذاك صقيعا يوم كتبت "دويلة... وأزهار الصقيع" فكان نصيبي من بعض الغوغاء عظيم سباب وكثير ازدراء... وحتى عندما وافقتهم وقلت أنه "ربيع إخوان الناتو"... واجهني أحدهم ناصحا، أن "هون عليك واكتم غيظك وابلع حقدك خيرا لك... فالله ناصرنا لا محالة، والقطار لن يتوقف ليستدرك المتخلفون"... أجبته وأنا اسأل الرحمن الرحيم، في خاطري، ألا يؤاخذ الشعوب بما يفعله السفهاء... " انك يا هذا، إن افترضنا جدلا أنك على حق في النصف الأول من كلامك، فقد خالفت سنن مالك الملك في خلقه في القسم الثاني، بأن أغلقت باب التوبة على الخطائين من عباده... وما أظن أن النصر سيكون يوما حليف من يتبنى الشيء ونقيضه، وما أظن المستقبل يفتح ذراعيه لمن فكره بهذه الدرجة من الارتباك "... عند هذا الحد انقطع التواصل بيننا، حتى يوم الإعلان عن نتائج الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في مصر، حيث باغتني بوجهه البشوش، وبملامح كلها تشف، أن "ما رأيك اليوم يا هذا، وقد نصرنا الله على القوم الظالمين؟!!!"... فما كان مني ثانية إلا أن سألته عن قوله إن حصل وهزمت الجماعة في انتخابات مقبلة... هل سيجرؤ على القول أن الله قد نصر عليهم القوم الظالمين؟!!!... وكان قصدي أن أقول من خلاله لشيوخه الذين ملؤوا يومها الشاشات كما الساحات بشارات النصر رافعين المصاحف، أن خففوا الوطء فإنكم لن تخرقوا الأرض ولن تبلغوا الجبال طولا... وأن أنصح لهم أن القرآن ليس شعارا للتلويح، بل هو معان للتدبر... ولكن هيهات أن يفهم من غيّب وعيه، وأخذته العاطفة الهوجاء إلى حيث يكون الوهم حقيقة، والحقيقة نكرانا وكفرا مبينا...



وحتى لا أتيه عن الكبار الذين كنت أعتقدهم كبارا... أعود وأذكر بأنهار المداد التي سودت صحفا كنا نخالها وازنة، وبافتتاحيات أعتبرها اليوم بمرارة ترجمة للحكمة العربية الشهيرة التي تقول: " انج سعد فقد هلك سعيد "... مقالات وأراء لكتاب وأكاديميين ونجوم إعلاميين توحي بشكل فاضح للمتتبعين أن هؤلاء يؤمنون حقا أن الرقص على الحبال سمة الأذكياء... ناسين أو متناسين أن الحق أحق أن يتبع... وأن خير أوسمة الرجال "وما بدلوا تبديلا"... صحيح أنه كان من السهل إعادة صياغة ذاكرة العامة من الناس، وأخذهم إلى الأوهام والحروب الافتراضية، عبر تبديل البوصلة واختراع عدو جديد... خصوصا وأن المخططين قد أعدوا العشرات من المحطات الفضائية لخدمة المشروع، كما أبدعوا في إنتاج العشرات من رجال الدين المتلفزين، وأصحاب لحى المهمات والتمثيليات الإيمانية... أما أن تسقط ذاكرة الكبار من المثقفين العرب، فنراهم بين عشية وضحاها وقد تحولوا بقدرة قادر إلى أتباع ومنظرين للمشروع... وتسقط معهم أحزاب وتيارات كانت تدعي العقائدية والإيديولوجية فتلك أم المصائب... وكم كان "ربيع العرب" جبارا إذ أسقط أسماء وترنحت معه أسماء ووجوه وأقلام... خصوصا أولئك الذين كنا نجدهم على طريق دمشق ينظرون للعروبة ولفلسطين... وهاهم، وكما كل صعاليك المرحلة، ينظرون لربيع الوهم على طريقة القرضاوي والعرعور والقرني...

وللختام، أرى أنه لا بأس من كسر إيقاع الانفعال بقصة قصيرة لست أذكر كيف ومتى تسللت إلى ذهني، ولا حتى إن كانت حقيقية أم أنها محض خيال راو... إذ يحكى أنه في عز الحرب، كان أحد القضاة البريطانيين لا يستطيع أن يسمع ما يروج في الجلسة لأن المحكمة كانت محاذية لقاعدة جوية عسكرية، وهدير الطائرات الذي لا يفتر أفسد حسن سير الجلسات. فكتب رسالة إلى رئيس الوزراء "تشرشل" يأمره فيها بتحويل مكان القاعدة الجوية… فاجتمع تشرشل بجنرالاته وأمرهم بتغيير مكان القاعدة الجوية... تدخل الجنرالات معترضين: " أو تريدنا أن نخسر الحرب يا سيدي؟ "... فما كان من تشرشل إلا أن أجاب بحزم من يميز بحنكة بين الثابت والمتحول: " أفضل أن يكتب التاريخ أن تشرشل خسر حربا على أن يقال يوما أن تشرشل خسر العدالة في بلده "... نعم، إن الإنسان موقف قبل أن يكون أي شيء آخر، وها هو تشرشل وقد نجح في امتحان العدالة يكسب الحرب. أما الكبار الذين كنا نعتقدهم كبارا، فلا غرابة إن رأيناهم يحلقون اللحى بعد عفو، فقد صاروا بحكم التجربة يتقنون الرقص على الحبال.

المغرب

لا أم كلثوم، ولا مادونا.. عبدو"دكرنا"، وتاج "صلعتنا"..!/ حاج محلي

دستور"سوسة" مصر المحروسة، إعلان حضاري ، جمع،  وفي سابقة تاريخية،  بين النتر والنشل، وبين النّعر والَقرَع!
 كتاب ديمقراطي،  بإرهاصات،  وتوقيعات"الدكر" عبدو "مصر" السيسي،  المنتفخ إلى أجل مسمّى..!
درعٌ يرمّ العظم، ويشدّ الشحم، ويطلق العنان،  لقض مضاجع،  كلّ من تأبط شرّا،  بحرية حمراء،  أو نوى "تشليح" قانون،  وتعددية،  بكماء!
معالم"خمسين" فحلٍ وكاعبٍ،  بإمرة بصيرة كوكب ومُذنّب، متّع حداثة هيمنة فكرية إبداعية،  تُذعن للإنسان،  وتخرّ لها القرائح والقوافي،  في قاموس شعبوية،  فاتح، متوّج، حامل مشعل السّتات،  و "السبارس"!
فسيفساء أصالة "ناصرية"، ومعاصرة "عولمية"،  في عقد تشريعي،  اجتماعي،  أخلاقي،  عقدي،  يصرع الألباب،  ويفتح أبوابأ وشعابا....
 فهنيئا للفراعنة، بعد طول انتظار،  في غياهب البلاطجة،  والإخوان، فسيكلّل صبرهم، إثر استفتاء طرح الفساد والإلحاد، الشقاق والنفاق،  بفرج،  نبضِ سمفوكية رخاء معيشي، وحراك سياسي ومدني، يشخص لرؤى الحسن والصبابة والهيام،  في إقامة دولة المؤسسات، فاسحا الطريق،  لنهم تراشق رأي الغلاسة،  وتلاسن رغي التعاسة،  لتُطوى وللأبد،  فزّاعة الإخوان، وبعبع مرسي،  وحكم الأفيون والصولجان!
 فلا حجر ولا زجر،  ولا تضييق،  أو تمحيق،  بحياة ، ونسب مواطنين،  مؤمنين،  شرفاء،  أوفياء الخُطّ،  وعشماوي..!
"شوف حكمة ربنا يا عربي،  ويا مسلم"،  فمن ترع المذلة والهوان، ينتقل" الدكر" البِكر، بموفوّضيه النيام،   إلى ترف،  وبذخ المغانم السخية،  والمكارم السّحتية!
فالله الله عليك يا جذاب،  يموت،  ولن يحيا من يعاديك،  أو يحاول رياء،  مقاومة سحرك الغلّاب،  وعلى رأي بكري"فأنت أو لا أحد"، وصدق من قال أيضا :السيسي مجد،  وذخر مواتنا،  وتاج أخماصنا،  وصلعتنا...! فما محلك اليوم يا أم كلثوم؟ ومن أنت في حضرة "عبدو" ، يا مادونا المسكينة؟!

حاج محلي

منك بيغار الورد/ د. مروان كساب


منك بيغار الورد حتى صار
ينشف وراقو ويحرقن بالنار
ومن حلاكي السوسح التكوين
البدر شرقط وانكوى الغرار
انتي اللي خليتي الصخور تلين
انتي اللي فيكي الما بحار احتار
انتي الزنابق بين حين وحين
حوحشو منك غمار غمار
حتى التلج العا جبل صنين 
من بياضك جاب هيك بدار
وحتى الزهر الزايد التلوين
كحل حلاكي وفتحوا الأزهار
انتي بهيي مزيني تزيين
وبلسم جروح الشعر والشعار
منك بحاجي لعطر ورياحين
يللي سكرتي الكاس والخمار
وبتقدري وقت الصلا والدين
ترجعي مروان عاهالكون
ولو كان صفّى بمدفن الأسرار

سدني في 23-8-2012


دعبل الخزاعي عبقريٌ بالقوة، وثائرٌ طيلة قرنه/ كريم مرزة الأسدي

3 -دعبل بن علي الخزاعي ( 148 - 246 هـ / 765 - 860 م) :
 وفي تاريخنا العربي َمنْ كان أشدّ إصراراً ، وأكثر عنفاً، وعيشاً بالقوة  من (ليرمونتوف)،  ومن (سقراط) ، بل وكل عباقرة الدنيا  - لذا سنطيل معه المقام - بل وأوسع حيلة منهم ، وأطول مدى معيشة في هذه الحياة حتى ناهز القرن من الزمان عمراً  ، إذ قضى شاعرنا أكثر من ثلاثة أضعاف مما عاش ليرمونتوف ،  وصارع صراعاً عنيفًاً  مريرا حتى الموت في سبيل عقيدته ويقول : ( لي خمسون عاما احمل خشبي على كتفي أدورر على  من يصلبني عليها فلم أجد) ،هل يوجد تحدي وإصرار وشموخ أكثر من هذا ، من يقول مثل هذا لاجرم قد عاش حياته بالقوة ضد السلطات وأعوانها ، ولكن  الشاعر، كما يبدو ، كان صاحب رسالة وموقف من الحياة وليس عابثاً لايفقه ما يريد، تطارده الاقدار من حيث لايدري !! ، إنها الإرادة   الصلبة ، لا كما ذهب الاستاذ عبد الوهاب الاسواني في مقاله (شاعر تطارده الاقدار).. تعال معي لنقرأ ما يقول الاستاذ الاسواني بفقرة عن الشاعر (دعبل الخزاعي) :
 قلت له :  ونحن نشرب القهوة: ما معنى دعبل؟! 
- البعير المسن
- مارأيك،  أيها البعير العجوز، في أنني لا أفهمك ،  فأنت تهجو من أحسن إليك بنفس الحماسة التي تهجو بها من أساء اليك
وقد تعجبت حينما عرفت بأن الوالي (مالك بن طواق) استضافك في قصره لبضعة أيام, بذل فيها كل ما في وسعه لإكرامك ، فلما خرجت من عنده هجوته بقصيدة جعلت عاصمة الولاية كلها تضحك منه..... فما معنى هذا؟
قدر!
-هل أفهم من هذا أنك لا تجيد من الشعر غير الهجاء؟ 
- ربّما...).
بادئ ذي بدء - وقبل   التحليل  يجب  أن نتفهم أن الأستاذ الأسواني ، ما هو سوى تلميذ صغير ، يكرر ما كتبه العقاد ، وطه حسين  ، وشوقي ضيف ، وتبعهم حنا فاخوري بإعتبار دعبل الخزاعي ، سليط اللسان ، خبيث الطبع ، شرير النفس ، وهذي تسقيطات غير مبنية على أسس علمية عادلة في حكمها  ، رزينة في طرحها ، ما هكذا كان الدعبل  !! بل هو الذي لاحق الأقدار ، فانهزمت عنه ومنه  ، مولية الأدبار مندهشة لمعرفة الرجل لأسرار الحياة المبهمة ، وكأنه جعل هذاالقول المأثور ( اطلب الموت ، توهب الحياة ) شعاراً له ، ومنهجاً يسير عليه حتى وصل أقاصي الأرض في عصره المعصور :
 حللت محلا يقصر البرق دونه * ويعجز عنه الطيف أن يتجشما
  هكذا نرى  دعبلاً إنساناً بالقوة ، مفروضاً على خلفاء عصره العظام عاصر المنصور طفلاً ، والمهدي والهادي فتىً ، وشاباً باكراً ، والرشيد شاباً يافعاً وناضجا، ، والمأمون كهلاً ، والمعتصم والواثق والمتوكل شيخا مهاباً جليلاً  ذائع الشهرة والصيت ، وقد رثاه البحتري جليس الخلفاء والوزراء والقادة الكبار،شاعر عصره الأول بعد أستاذه أبي تمام الذي ضمّه مع الدعبل في الرثاء قائلاً :
قد زاد في كلفي وأوقد لوعتي ** مثوى حبيبٍ يوم مات ودعبلِ
أخوي لا تزل السماء مخيلة *****تغشاكما بسماء مزنٍ مسبلِ
جدثٌ على الأهواز يبعد دونه ** مسرى النعي ورمسه بالموصل
   نعم هجا الملوك والخلفاء , ولا يكاد يعرض لشاعر إ لا ضرورة  ، وقد حذر في أول كتابه الذي ألفه في الشعر من التعرض للشاعر ، ولو كان من أدون الناس صنعة في الشعر ..."  ، ربما أراد دعبل أن يحيد الشعراء ضده ، لأن الخلفاء والقادة أردوا أن ينشغل بهجاء الشعراء مثله أو دونه ليصغروا شأنه ويستريحوا من لسانه السليط الشهير ،واستطاعوا أن يغروا أبا سعد المخزومي ضده ،ولكن الدعبل لم يرتدع  ، وأبو العلاء المعري سار على منوالهم وقال :
لو أنصف الدهر هجا نفسه *** كأنه الرومي أو دعبلُ
وهنالك فرق شائع بين هجاء ابن الرومي البائس في حياته حيث هجا معاصريه  ،لانهم شهّروا  به أنه (عنين)  ، وهجا الأحدب  ، وابن يوسف ، ويتوسل بالقاسم بن عبيد وزيز المعتضد  الله ليبقى في مجلسه : قائلاً في همزيته المطولة :
سمني الخسف كلـّه أقبل الخسـ*** ـف شكراً  ولا تسمن الجفاءا
 و كما تعلم الخسف يعني الذل ، ويتوسل بالوزير صاعد بن مخلد ليقرأ قصيدته الدالية الخالدة التي  قدم لها بقصيدة رائية متوسلاً بقراءة الدالية التي تعد من روائع الشعر الإنساني :
أول ما أسأل من حاجةٍ***أن تقرأ الشعرَ إلى آخره !!
  ولابن الرومي أبيات  مطلعها :
لا أقذع السلطان في أيامهِ***خوفاً لسطوته ومر عقـــــابهِ 
في حين دعبل كانت شخصيته قوية  ، يقابل الخلفاء والوزراء والقادة  ، ويخشون من لسانه ومهابته، يقول للمأمون :
إني من القوم الذين سيوفهمْ*** قتلتْ أخاك وشرفتكَ بمقعدِ
لأن طاهر بن الحسين الخزاعي قائد جيوش المأمون ، وهو الذي دكّ بغداد وقطع رأس الأمين سنة (198 هـ)  ، وسلم الخلافة للمأمؤن ،  وخاطب المعتصم المهيب :
وإني لأعلي كلبهم عنك رفعة ً*** لأنك ذو ذنب وليس له ذنبُ
مع احترامي الشديد وحبي العميق لعبقرية ابن الرومي الخالد كشاعر فذ من عباقرة العرب، ولكن في حياته المعاصرة لدعبل لم يكن كشخصية الأخير وموقفه و جرأته.
        أين دعبل من الطائفية وهو يهجو أهل قم  ، وكانوا من الأشاعرة الموالين  الخلص لأهل البيت  في عصره  دون معظم أهل فارس الآخرين :
تلاشى أهل قم ٍواضمحلوا ***تحلّ المخزيات بحيث حلوا
وكانوا شيدوا في الفقر مجداَ **فلما جاءت الأموالُ ملـّـوا
واضح من الشعر أنه يقف مع الفقراء لبمعدمين , ويحارب الثراء غير المشروع ،  أين المشكلة ؟وهجا أهل قم أقسى من هذا الهجاء بقوله  :
ظلـّتْ بقمَّ مطيتي يعتادها *** همّانَ:  غربتها وبُعدُ المدلج ِ
ما بينَ علج ٍقدْ تغرّبَ فانتمى**أو بينَ آخرَ معرب ٍ مُستعلـج ِ
وهجا المعتصم والأتراك معه لكونه مسلماً عربياً :
لقد ضاع ملك الناس إذ ساس ملكهمْ **وصيفٌ وأشناسٌ وقد عظم الكربُ
وهمكَ  تـــركيٌّ عليهِ  مهانـــة *****   فأنت  لـــهُ  أمٌ ، وأنتَ  لــــــهُ أبُ 
وصيف وأشناس غلامان للمعتصم ، أصبحا من قادة المعتصم،وهجا قريبه المطلب بن عبد الله الخزاعي ، والي مصر والموصل في عهدي الأمين والمأمون ، لأنه يأخذ الرشوة والعطايا جبراً من الناس :
وما المال جاءك من مغنم ٍ *** ولا من ذكاءٍ و لا كسبهْ
ولو رزق الناسُ عن حيلةٍ *** لما نلت كفـّاً مـن التـُّربهْ
الناس مجبورون لمراجعته لقضاء حوائجهم ، ويفرض ما يشاء عليهم ، ولأنه قريبهُ , ولا يستمع لنصائحه ، تراه يخاطبه:
فإن أشف منكَ تكن سبّة ً***وإنْ أعفُ عنك فمـــــا تعقل
تـُعلق ُ مصرٌ بكَ المخزياتُ**وتبصق ُفـي وجهكِ الموصلُ
إذا سبّه ، سب نفسه لأنه ابن عمه  ،وإذا عفا عنه لا يصلح نفسه ،فكتب قصيدة أصابه بالصميم حتى عزله المأمون ،  ودقق على الموصل إذ كان واليها !
كل ما ذكره الأصفهاني وغيره لا يعني شيئاً ، نعم هجا وسخر من الخلفاء وأولادهم ووزرائهم وذي النباهة من أعوان السلطة ،  وركل الولاية مرتين ،ولا يعتبر ذلك إحساناً - كما يقول الأصفهاني -  بدليل  قوله من الشيعة المشهورين بالميل للإمام علي (ع) ،وذلك قبل تبلور المذاهب الإسلامية ،  إذ كان المسلمون شقين ،  القسم الأكبر معارضون للسلطة ،  بما فيهم الأئمة الأربعة ،  فالإمام أبو حنيفة  (ت 150 هـ / 768م) ،  كما يقول اليعقوبي في (تاريخه) ، والأصفهاني نفسه في (مقاتله) والدكتورة الليثي في (جهادها) أفتى لصالح ثورة زيد بن علي بن الإمام الحسين (121 هـ) ،بل تذكر الدكتورة الليثي :"  روى الأصفهاني  كثيرامن الرويات حول تأييد أبي حنيفة لمحمد النفس الزكية وأخيه إبراهيم خلال ثورتهما على الدولة العباسية في عهد المنصور ..." ،   ويذكرالأصفهاني نفسه في (مقاتله) ما يلي : " كان أبو حنيفة يجهر في أمر ابراهيم جهراً شديداً، ويفتي الناس بالخروج معه"  ويزيد الأستاذ أحمد أمين في (ضحاه،ويروي الخطيب البغدادي في (تاريخه) : أن أبا حنيفة أبى إصراراً تسلم القضاء في عهد المنصور   ، والإمام مالك بن أنس (ت 179 هـ 795م) ،  تعرض في كهولته لمحنة كبرى فقد اضطهده الخليفة المنصور، ثم ضربه والي المدينة سبعين سوطاً  ، وقد  أفتى لصالح النفس الزكية في المدينة المنورة ، إذ يذكر في (مقاتله) : " إنّ مالك بن أنس استفتى  في الخروج مع محمد بن عبد الله وقيل له :إنّ في أعناقنا بيعة لأبي جعفر .
فقال : إنما بايعتم مكرهين ، وليس على مكرهٍ يمين ، فأسرع الناس إلى محمد بن عبد الله "إذن لماذا الأصفهاني كان قاسيا ًمع دعبل ورماه بالخبث وعدم الأعتراف بالأحسان ،  وهو صاحب قلم ولسان ،في حين قد أفتيا الإمامان أبو حنيفة ومالك بحمل السلاح والسيف ، وبذل المال للوقوف مع العلويين ،  وخلعا المنصور من خلافته ،  والإمام الشافعي (ت 204 هـ / 819م ) معروف بولائه للعلويين وشاهده شعره وفقهه ، والإمام أحمد بن حنبل (ت  241 هـ /  855 م) معروف بمحنة خلق القرآن ويقول اليعقوبي " وامتحن المعتصم أحمد بن حنبل في خلق القرآن ...فامتنع أن يقول إنّ القرآن مخلوق ، فضرب عدة سياط"ولعلك تعلم عن تشدد المأمون -معه ،  والتعصب ضده .
ناهيك عن أنّ العلويين وأشياعهم ومواليهم والثورات الشعبية التي حدثت خلال حياة دعبل المئوية ومغاصرته لها ، هؤلاء أئمة  المذاهب الإسلامية الأربعة المشهورة   ومواقفهم من الخلفاء والسلطات،ودعبل عاصرهم،ولم تكن المذاهب قد تبلورت ، وما الأئمة الأربعة سوى فقهاء كبار في عصرهم،والمجتمع كان ينقسم إلى علويين وعباسيين .
إذن  لماذا المؤرخون وكتاب الأدب والمفكرون المنحازون  من العرب قديماً وحديثاً  وجهوا سهامهم على الشعراء والمعارضين دون التمعن والتفهم واحترام الرأي الآخر , وجروا عامة العرب إلى التعصب الأعمى القاتل للأرواح والحضارة والتقدم ، أليس من حق دعبل أن يصرخ  لإنعدام مناصريه أيام الشدة ، وهو يعيش إنساناً بالقوة الفكرية والعقائدية والشعرية  :
ما أكثرَ الناسَ ! لا بل ما أقلهمُ *** اللهُ يعلمُ أني لمْ أقلْ فندا
إني لأفتحُ عيني حينَ أفتحها **على كثيرٍ ولكـنْ لا أرى أحد 
ودعبل لم يهرب في عصر المنصور والمهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون بالرغم من هجائه المرير للأخير  ولوزرائه وقادته وولاته ،لأنه كان حليماً محنكاً ، فرفض أن يمسه أحد بسوء بغير حجة  ، بالرغم من إلحاح وتحريض أبي سعد المخزومي الشاعر وابن شكلة (عم المأمون ) على قتله ، ومن الجدير ذكره أنّ شاعرنا لم يكن لئيماً بالمرة حتى يستغل حلم المأمون ، قيتمادى في هجائه ، وإنما الموقف نغسه  الذي وقفه سقراط وأكثر منه  ، بدليل استمراره على هذا النهج ، وفرض إنسانيته بالقوة طيلة عصر المعتصم الرهيب ، وولديه الواثق والمتوكل   ، نعم هرب فقط في عصر المعتصم عندما هدر دمه ، وكان عمرالدعبل سبعين عاماً ، ورجع في بداية عهد الواثق (227 هـ / 842م ) خفية ، وسلم لحاجبه نتفة أبيات , وقال له هذه أبيات مدح في حق الخليفة الجديد ، وخرج وتوارى عن الأنظار  ، وإذا بها تهكم بالمعتصم الماضي وسخر من الواثق الأتي :
الحمدُ للهٍ لا صبرٌ ولا جلدُ***ولا عزاءٌ إذا أهلُ البلا رقدوا
خليفة ٌماتَ لم يحزنْ له أحدٌ***وآخرٌ قامَ لمْ يفرحْ بهٍ أحدُ
فمرَّ هذا ومرَّ الشؤمُ يتبعهُ **وقـــامَ هذا فقامَ الويلُ والنكدُ
واستقر في عصر المتوكل حتى مقتل الشاعر (246 هـ / 860 م) ، ولم يهجُ المتوكل إلا ببيت واحد ، يقول صاحب الأغاني : رماه فيه بالأبنة أي بالناقصة القاضية،وعلى ما يبدو أن المتوكل كان ربيب الأتراك ، قال فيه :
ولستُ بقائل ٍ قذعاً ولكنْ *** لأمر ٍ ما تعبّدكَ العبيدُ 
ولا جرم أن الأصفهاني لا يستطيع إخفاء قصيدة تعدُّ من أروع فصائد الرثاء والمديح في حقّ آل البيت ، عمّت  الآفاق ، وشغلت جميع المسلمين , وتعتبر من أشهر القصلئد في الأدب العربي، وهي القصيدة الموقف  بالنسبة إليه ، تغسل كل ما قيل حوله من خبث اللسان، وفحش القول،وخساسة الطبع ،لأن الخبيث خبيث في كلّ أحواله ، لا يمكن له من وضع أروع قصائد المديح والرثاء والعرفان بالجميل،والخسيس لا يمكن له أن يقارع أعظم قادة عصره وأجرأهم على هذه المعمورة كلّها ،  هذه تتناقض والطبائع البشرية ،  لا أعرف كيف الأصفهاني ومن تلاه قد جمعوا بين النقيضين دون تحليل عقلاني، وتفهم إنساني سوى العصبية المقيتة ،  أو إرضاء العقل الجمعي للآخرين ؟  وإليك قول الأصفهاني في ( أغانيه) بالتائية : " من أحسن الشعر ,  وفاخر المدايح المقولة في أهل البيت عليهم السلام ، قصد بها علي بن موسى الرضا عليه السلام بخرسان " والحموي مثله في (معجم آدابه)  : " قصيدته التائية في أهل البيت من أحسن الشعر ، وأسنى المدايح  .."  وقال الحصري القيرواني في (زهر الآداب) : " كان دعبل مدّاحاّ لأهل البيت عليهم السلام .. وله التائية المشهورة"  ) , أما أبو سالم بن طلحة الشافعي يقول في (مطالب المسئول) " أنظر ألى هذه المنقبة ،  وما أغلاها , وما أشرفها .." . 
هذه مجموعة من الأقوال على سبيل المثال لا الحصر , من غير الشيعة , لأن الشيعة لا يحتج بأقوالهم ،  إذ يحسبون دعبلاً منهم , وأنا الذي أريد أنْ  أثبته : كان لدعبل موقف يجب أن يحترم ويمجد كمناضل  ومجاهد كبير مرً بتاريخنا العربي , من حيث هو لا من حيث أنا وأنت ، وللأسف الشديد وقع في هذه الإشكالية أكبر عباقرة العرب المعاصرين وكتابهم - العقاد مثلاً -وسارعلى نهجه  الفاخوري دون تفكير أو تحليل ، والإنسان إنسان له تفكيره . له تحليله ، وله استنتاجه . ويجب أن لا يركن للإنسان الآخر مهما بلغ من عبقرية وذروة ذكاء ، فالتفكير مفتوح أمام الجميع  ،وإلا قد يؤدي بنا  إلى  التعصب والإنشقاق ، وعدم احترام  الرأي الآخر، لذلك بقينا في مصاف  آخر الأمم ،  والحقيقة كل تاريخنا العربي مؤسس على تقديس السلاطين والتعصب  ومسايرة العقل الجمعي المخدوع بالمال الحرام  و الجاه الكاذب ، والعمالة الرخيصة ، والتفسير المفلوب. ، وإن بقينا هكذا كلنا مغلوب !!! ولا غالب إلا الله .
بقت لنا كلمة أخيرة لأن الموضوع طال ، شبّه المرحوم الباحث هادي العلوي دعبل الخزاعي بظاهرة مظفر النواب في عصرنا الحاضر ، ولا ريب المقارنة مقاربة ، ولكن أنا أرى ، وإن كان شاعرنا المظفر شاعراً بالقوة أيضا ، ولا يستطيع أحد أن ينكرأو يلغي  نضاله المرير ضد السلاطين والطغاة  - والحقّ يقال ، وقد ضمنته في كتابي للعبقرية أسرارها - ، ولكن دعبلاً عاش في عصر ، كان الخليفة يمدّ سلطته من أقاصي الغرب إلى أدنى الشرق ، ويخاطب سحابته ، أينما تمطري خراجك لي ، لهذا نتفهم قول دعبل السابق ( حللت مكاناً ...) ، بينما المظفر عاش في عصر الطوائف والدويلات ، والدول الأخرى التي تفتح أبوابها لمن مثله  ، وقد لجأ إلى ليبيا ، وسوريا ... ، والدعبل كان رمز الأمبراطورية في عصره واحداً أوحد، أما المظفر فقد هجا معظم رموز السلطة في البلدان العربية ، وعلى ما يبدو لي ، كلّ ظالم طاغٍ متجبرٍ ، يبتسم ، ويقول ( يا ستة سويت الستين) ، ولا يتخذ قراراً حاسماً ضده ، ولا أنسى أن أذكر أن دعبلاً ، كان لديه موقف واضح وصارخ من خلفاء سلطته - غير الهجاء والسخرية -  ، فقصيدته التائية الشهيرة موقف حاسم وجريء، والرجل - على العموم - من معتمدي الأئمة ومقربيهم ، وكان العلويون وشيعتهم هم البديل الثوري ، والمعارض الفعلي ، والتيار الشعبي ، الذي يُحسب له ألف حساب وحساب على حين المظفر قد تخلّى عن الموقف السياسي التنظيمي ، وقالها صراحة بعد نضال مرير  :
وأضيءُ الشمعَ وحدي
وأوافيهمْ على بعدٍ
وما عدنا رفاقْ
لمْ يعدْ يذكرني 
منذ اختلفنا أحدٌ
غير الطريقْ
صار يكفي 
 نعم صار يكفي ، ونحن لا نرى بذكر الفوارق أفضلية لنضال على جهاد ، أو جهاد على نضال ، ولعل دعبلاً من أوائل من استعمل كلمة مناضل في أدبنا العربي ، وعن الإمام علي ( ع) :
أبو ترابٍ حيدرهْ***ذاك الإمام القسورهْ
مبيد كلّ الكفرهْ **** ليس لــه مناضلُ
فنضال الإمام فوق كل نضال ، والنضال لا يقاس بالنقد ، والتحليل ، والمقارنات ، والمقاربات ، الإنسان أغلى قيمة ، وكدّه ، وكدحه ، واغترابه ، ومرارة عيشه فوق كلّ اعتبار ، واعتبار ، لو تفهّم الأخيار ، وتعقّل الأشرار !!