رسالة إلى كل أقلام فتح الشرفاء/ راسم عبيدات

..... إخوتي من أقلام فتح الشرفاء والذين جمعتني بعدد منهم مقاعد الدراسة وساحات النضال وزنازين الاعتقال  حسام خضر،عوني المشني،نافز الرفاعي،نايف سويطات عبد المجيد السويطي وسمير صبيحات،محمد البيروتي،تيسير نصر الله......وقائمة طويلة من كتاب وادباء ومناضلي فتح الشرفاء،نحن تربينا على مبادىء وقيم النضال والثورة والإنتماء للوطن ،وعندما كنا نختلف،نختلف من اجل إعلاء راية الوطن والقضية،وكما تربيتم انتم في مدرسة الشهداء أبا عمار وابا جهاد وسعد صايل وماجد أبا شرار وأبا اياد وغيرهم من القادة المناضلين،تربينا نحن في مدرسة حكيم الثورة،ذلك اللقب الذي اطلقه عليه الشهيد أبا عمار،والحكيم هو من قال عن أبا عمار نختلف معه ولا نختلف عليه،وفي اوج الخلاف السياسي انتم تعرفون بان الحكيم رفض ان يلقي كلمة فلسطين بحضور أبا عمار،وقال كلمة فلسطين واحدة يلقيها أبا عمار،كما تربينا في مدرسة الشهداء أبا علي مصطفى ووديع حداد وغسان كنفاني وباسل الكبيسي وغيرهم.
 هؤلاء هم من لعبوا  مع غيرهم  من قادة شعبنا الاخرين دوراً فاعلا ورئيسياً في بناء وصياغة مشروعنا الوطني والكفاحي،وحماية هوية وقضية شعبنا من خطر الإندثار والتبديد،وإستشهدوا جميعاً دفاعاً عن هذا المشروع الوطني وتلك القضية،لم يفرطوا او يتنازلوا عن ذرة من ذرات تراب هذا الوطن،إستشهدوا وهم يحلمون بالعودة الى فلسطين،الى صفد وحيفا ويافا واللد،أستشهدوا وهم حالمون بان يرفع شبل من أشبال فلسطين وزهرة من زهراتها علم فلسطين فوق مأذن مساجد القدس وقباب كنائسها.
واستمرينا معاً رغم كل الخلاف السياسي يجمعنا نفس الهم والهدف والمصير،وفي العديد من القضايا المفصلية وصلت الأمور بيننا حد القطيعة،دون ان ينزلق اي من الطرفين،نحو مراهقة سياسية او لغة سوقية او عبارات التخوين او الإسفاف وتجاوز كل الخطوط الحمراء،او ممارسة التخريب والتشويه،وإستخدام البذاءات التي نثق تماماً بانها لا تليق باخلاق المناضلين والثوار،ولا نظن بان من استخدمها يمثل حركة فتح او ينتمي اليها،او كان في يوم من الأيام في خنادق النضال والكفاح،ففتح التي نعرفها لا يمكن لمناضليها او شرفائها أن يصفوا رفاق دربهم ورفيقاتهم بالأوصاف التي استخدمها ماجور ومافون وموتور من امثال جمال نزال الذي يدعي زوراً بانه يمثل حركة فتح بحقهم على خلفية المظاهرة التي شاركوا فيها لرفض العودة للمفاوضات،تلك المفاوضات التي نتفق نحن وانتم بانها عقيمة وعبثية ومضرة بالمصالح العليا للشعب الفلسطيني،ولا يحق لأي كان مهما كانت صفته او موقعه،ان يضرب عرض الحائط بقرارات الهيئات الرسمية لشعبنا الفلسطيني(اللجنة التنفيذية والمجلس المركزي)،فهذا يقلل من هيبة ومكانة تلك الهيئات ويجعلها عرضة للتطاول او عدم الإحترام والإلتزام بقرارتها،ويحدث تآكل في هيبتها وشرعيتها.

انتم تعرفون إخوتنا المناضلين في فتح،كما نعرف نحن،انه اثناء الخلاف والأزمة التي عصفت بفتح عام 1983،وقفت الجبهة الشعبية بما تحمله من قيم ومبادىء واخلاق ثورية،لتقول بان الدم الفلسطيني خط احمر،ولا يمكن لها ان تكون شريكة في إراقة الدم الفلسطيني،ورغم كل الضغوط التي مورست عليها،لكي تنحاز الى طرف ضد آخر أو تتدخل عسكرياً لصالحة،رفضت ذلك وقالت بان ذلك يشكل خدمة مجانية للإحتلال والمشاريع المشبوهة لتصفية القضية،وكذلك حتى عندما قادت الجبهة الشعبية،تشكيل جبهة الإنقاذ الوطني وغيرها،على خلفية  الخلاف من العملية السياسية،لم تعمل بالمطلق لكي تنتهك الثوابت،أو تقفز الى عربة القيادة،او تشكل جسماً بديلاً للمنظمة،فهي ترى وجودها داخل تلك المنظمة وليس إطاراً بديلاً لها.
نعم إخوتي الشرفاء،أنا واثق بأن هذا المافون والموتور لا يمكن ان يكون هو وامثاله حجة على حركة فتح،ومشروع السلطة ليس هو مشروع فتح،وانتم تعرفون وتدركون اكثر من غيركم بان إلتصاق فتح بالسلطة،حملها كل وزر ومفاسد واخطاء وموبقات تلك السلطة،وسبب رئيسي في تراجع شعبيتها وحضورها وخسارتها في الإنتخابات التشريعية والمحلية،وترهل اوضاعها،كان بسبب إلتصاقها بالسلطة،وإعتبار الناس والجماهير،بأن هذه السلطة هي  سلطة ومشروع فتح.
إن ما قامت به الجبهة الشعبية من مظاهرة ضد العودة الى المفاوضات،هو حق لفصيل أساسي في منظمة التحرير الفلسطينية،بان يعبر عن رأيه ورفضه لتلك المفاوضات،والتي يرى بان العودة إليها بدون الإلتزام بالشروط والمحددات التي جرى الاتفاق عليها فلسطينيا،من شانه ان يشكل مخاطر جدية على المشروع الوطني الفلسطيني وقضيته وحقوقه،والجبهة ستستمر  في ممارسة هذا الدور،وستبقى امينة ووفية لأهدافها ومبادئها وللمشروع والثوابت الوطنية الفلسطينية،وهي لن تنافق او تجامل كائن من كان في ذلك،وهي مستعدة لتحمل ودفع الثمن لقاء ذلك،كما دفعته في الكثير من المحطات المفصلية،حيث حوصرت مالياً وسياسياً وإعلامياً..الخ
ان التمسك بالحقوق والثوابت الوطنية وتصويب النهج والخيار،يجب ان يشكل مثار إعتزاز وإفتخار لنا ولكم،فنحن وانتم دفعنا  وما زلنا ندفع ثمناً باهظاً في سبيل حماية المشروع الوطني الفلسطيني والدفاع عن حقوقنا وثوابتنا،فزنازين الإحتلال ومعتقلاته شاهد على ذلك،حيث يقبع الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سيعدات والقائد مروان البرغوثي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومعهم المئات،بل الألآف من المناضلين من فتح والجبهة الشعبية،في سجون الإحتلال وزنازينه في سبيل ذلك.
إخوتي من شرفاء فتح التي نعرفها وتعرفنا،آن الاوان لكي تلفظ فتح هذا الدرن والطفيلي الذي علق بها،واظنه يشكل وصمة عار في سجل وتاريخ فتح،وفتح ليس لها الشرف ان يكون ممثلاً لها في اوروبا،مثل هذا الطفيلي،الذي يسيء لفتح والنضال الوطني الفلسطيني،ولكم ان تستشفوا ذلك من الكم الهائل من الإنتقادات وحتى الإساءات التي لحقت واصابت الحركة،جراء تفوهات وتخرصات هذا المأفون والمراهق،فالجماهير تعرف الجبهة الشعبية جيداً،تعرف تاريخها ونضالاتها،تعرف رفاقها ورفيقاتها،،ولذا ندعوكم إخوتنا من أقلام وادباء وكتاب ومثقفي شرفاء فتح،إلى المطالبة بطرد هذا المأفون والموتور من الحركة فهو يسيء إليها ولتاريخها ولنضالاتها  وتضحياتها ولقادتها.

الهند والسعودية تعززان تعاونها الثنائي/ د.عبدالله المدني

خلال عقود الطفرة النفطية إبتداء من منتصف السبعينات لوحظ أن نصيب الهند من كعكة المشاريع التنموية وتجديد البنى التحتية في المملكة العربية السعودية كان متدنيا مقارنة بنصيبها من هذه الكعكة في دول أخرى في المنطقة مثل الكويت والإمارات وإيران والعراق. حيث أرست المملكة معظم عقود المشاريع الإنشائية الكبرى على شركات أمريكية وأوروبية وكورية جنوبية، ولم تمنح الشركات الهندية سوى عقود لا يتجاوز إجمالي قيمتها الـ 770 مليون روبية هندية، فيما حافظت فقط على إستيراد العمالة الماهرة وشبه الماهرة من الهند  من أجل أن تساهم في تنفيذ تلك المشاريع. وفي مجال المشاريع الصناعية كان أضخم صفقة حصلت عليها الهند من السعودية هي صفقة بقيمة 70 مليون دولار في عام 1980 لإنجاز الأعمال الكهربائية الخاصة بسد جيزان. 
الأسباب كانت سياسية بحتة، وإن لم يصرح بها علنا. حيث كان الانسجام السياسي وقتذاك بين حكومتي البلدين مفقودا بفعل عوامل خارجية مثل تباين موقف الدولتين من القضية الافغانية، ومشكلة كشمير، والعلاقة مع الدب الروسي وباكستان، ناهيك عن اختلاف نهج البلدين إقتصاديا.
غير أن الهواجس والشكوك وعدم الثقة التي خلقتها تلك العوامل في ظل إستقطابات الحرب الباردة، فحالت دون تبادل الزيارات على مستوى القمة بين قادة البلدين إلا فيما ندر، تراجعت وصارت شيئا من الماضي منذ إنتهاء الحرب الباردة وإنفتاح الهند إقتصاديا، بل تحديدا منذ الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الهند في عام 2006 وحلوله كضيف شرف في إحتفالات الهند بمرور 60 عاما على إستقلالها. حيث شهدت العلاقات الهندية السعودية مذاك تناميا مضطردا لجهة التعاون الثنائي في مختلف المجالات والحقول، بما فيه التفاهم السياسي حول القضايا الدولية والاقليمية، وفي مقدمتها قضايا مكافحة الارهاب وأمن الخليج وطموحات إيران النووية. 
ولعل من أبرز مظاهر تنامي العلاقات بين البلدين الكبيرين ما حدث على صعيد التبادل التجاري، إذ صارت السعودية الشريك التجاري الرابع للهند، وصارت الهند أكبر مصدر للواردات السعودية (بنسبة 12.4 % من إجمالي الواردات السعودية لعام 2008 )، ثم ما حدث على صعيد التواجد الهندي في المملكة حيث تحول هذا التواجد من مجرد قوى عاملة إلى شركات ومؤسسات هندية تتعاون مع الشركات الوطنية وتتنافس مع كبريات الشركات العالمية في تقديم الخدمات الهندسية والاستشارية بما في ذلك خدمات تصميم وبناء الطرق والمطارات والجسور ومحطات توليد الطاقة ومعالجة المياه وتقنية المعلومات، وأخيرا ما حدث على الصعيد الإستثماري، حيث يبلغ حجم الإستثمارات الهندية في السعودية اليوم أكثر من ملياري دولار موزعة على نحو 500 مشروع مشترك، ولاسيما مشاريع الطاقة، من بعد أن كان مثل هذه الاستثمارات نادرة في العقود الماضية. وتسعى الهند من خلال شركاتها الأكثر خبرة وتطورا وقدرات على الظفر بالمزيد من فرص الاستثمار داخل السعودية التي تبلغ قيمة خطتها الخمسية المنتهية هذا العام 400 مليار دولار. 
وهكذا يمكن القول أن قرار الرياض مؤخرا بمضاعفة مبيعاتها من النفط إلى الهند كتعويض لشركتي "هندوستان بتروليوم كورب" و "مانغلور للتكرير والبتروكيماويات" عن توقفهما عن استيراد الخام الايراني بسبب رفض شركات التأمين العالمية للتأمين على شحنات النفط المصدرة من إيران، هو قرار ينسجم مع ما بلغته علاقات البلدين من تفاهم وتعاون وشراكة في السنوات الاخيرة.
وفي السياق نفسه لا بد من الإشارة إلى تطور آخر حدث في مايو الماضي وهو إختيار شركة أرامكو النفطية السعودية المملوكة للدولة لشركة "لارسن أند توربو" الهندية العملاقة (شركة تأسست على يد مواطنين من الدانمارك في بومباي في عام 1939 لإنتاج الألبان الدانماركية، ثم أجبرتها ظروف الحرب العالمية الثانية على تحويل أنشطتها إلى مجالات أخرى) لتنفيذ مشاريع بنحو 300 مليون دولار في المملكة تشتمل على بناء محطة ومنشآت قادرة على معالجة 75 مليون قدم مكعب من الغاز، و4500 برميل من المكثفات يوميا من حقل "مدين" للغاز الذي أكتشف في الثمانينات في شمال المنطقة المغمورة من البحر الاحمر على بعد 26 كيلومترا من ميناء ضبا (180 كيلومترا غرب تبوك)، مع إنشاء خطي أنابيب بطول 98 كيلومترا لنقل الغاز والسوائل الهيدروكربونية إلى محطة كهرباء متطورة من أجل توليد الكهرباء ومد الصناعات في هذه المنطقة الغنية بخام الحديد بحاجتها من الغاز. 
وبهذا أسدت الرياض للهند من خلال ترسية العقد المذكور على شركة من أكبر شركاتها، العاملة في مجالات المقاولات والاعمال الهندسية والخدمات المالية وتقنية المعلومات وصناعة الحديد والاغذية ومعالجة مياه الصرف الصحي، خدمة جليلة خصوصا إذا ما علمنا مدى ما تتعرض له هذه الشركة وشقيقاتها من متاعب بسبب ضعف السوق الهندية وتباطيء الإقتصاد المحلي نسبيا. 
والمتوقع أن يفتح هذا التطور الباب امام هذه الشركة العملاقة للحصول في المستقبل على عقود ومشاريع مجزية أخرى في السوق السعودية. فقد صرح رئيسها التنفيذي "كريشنامورتي فنكاتارامانان" قائلا ان شركته، بعدما فازت مؤخرا بمشروع إنشاءات في مطار أبوظبي الدولي بقيمة 244 مليون دولار، ونجحت في الحصول على عقود من شركة النفط الكويتية بقيمة 321 مليون دولار، وحازت هذا العام ايضا على عقد لتنفيذ مشروع شامل بقيمة 190 مليون دولار لتصميم وبناء وتشغيل "محطة الدوحة الجنوبية" لمعالجة مياه الصرف الصحي في قطر، وأنجزت العديد من أعمال الإنشاءات في عدد من المجمعات السكنية والتجارية الراقية بدولة الإمارات، وأقامت مصنعا لتجميع المفاتيح الكهربائية والمنتجات ذات الصلة في الدمام، ونفذت مرافق تصنيعية ومنصات بحرية للنفط والغاز في صحارالعمانية، فإنها باتت أكثر إصرارا على المنافسة للفوز بمشاريع أخرى في منطقة الخليج العربي بقيمة ثلاثة بلايين دولار، بينها أعمال إنشائية أخرى لصالح أرامكو السعودية، وإقامة مصفاة للنفط في سلطنة عمان.
ويأتي دخول "لارسن أند توربو" إلى السعودية من بعد دخول ثلاث شركات هندية أخرى إلى المملكة هي: 
"شركة رايتس"، المملوكة للدولة الهندية والتي فازت في وقت سابق بعقد لتشغيل خط قطار الشمال – الجنوب الذي يربط "حزم الجلاميد" إلى الشرق من مدينة عرعر مع "رأس الزور" إلى الشمال من مدينة الجبيل بطول 1486 كيلومترا، ويتكون من خطين أحدهما لنقل المعادن والآخر لنقل الركاب، علما بأن لهذه الشركة الهندية شهرة محلية وعالمية في مجال نقل المعادن. 
شركة "دريك أند إسكل انترناشيونال" التي فازت بعقد بقيمة نحو 45 مليون دولار لإستكمال خدمات الهندسة والتصميم والإنشاءات لـمجمع تقنية المعلومات والإتصالات (آي تي سي سي) السعودية.
مجموعة شركات "بونج لويد" التي إستحوذت بالتعاون مع شركات كورية وإسبانية على عقد بقيمة 400 مليون دولار من شركة أرامكو لتطوير معامل التكرير والتصدير في ينبع شاملة أعمال الهندسة والمعالجة ومد الأنابيب، علما بأن المجموعة نفسها كانت قد حصلت على عقد لتنفيذ مشروع تطوير حقل شاه للغاز في أبوظبي، شاملا تطوير كافة الآبار وخطوط التدفق وخطوط التحويل بتكلفة 442.6 مليون دولار. 
 د.عبدالله المدني
*باحث ومحاضر في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يوليو 2013 
الإيميلelmadani@batelco.com.bh :

التهم الموجهة لمرسي أكليل غار يطوق عنقه/ محمد فاروق الإمام

قرر القضاء المصري حبس الرئيس الشرعي الدكتور محمد مرسي بتهمة التخابر مع حركة "حماس"، وتهمة ("التخابر مع حماس" هي جريمة فقط في الدولة العبرية يعاقب عليها مرتكبها بأشد العقوبات، كما وجه القضاء ذاته للرئيس الشرعي تهمة الهروب من "سجن طرة"، وهذه تهمة كان من المقبول أن يوجهها نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك لا نظام قام بعد ثورة 25 يناير العظيمة. 
هاتين التهمتين يتوق أي حر عربي ومسلم إلى أن توجه إليه لأنهما وسامان يعتز بهما في الدنيا والآخرة، فحماس هي عدو الصهاينة رقم واحد وهي من مرغت أنف إسرائيل في أكثر من حرب عدوانية شنتها عليها، والفرار من "سجن طرة" هو يعني الانعتاق من العبودية واحتكار الظلم الذي تقلب فيه الأحرار والشرفاء وأصحاب الأكف البيضاء داخل ذاك السجن البغيض لأكثر من ثلاثين سنة ظلامية. وبالتالي فإن توجيه النيابة العامة للقضاء المصري بعد الثورة المضادة التي قادها وزير الدفاع السيسي ومجموعات "تمرد" ومجموعة "البلاك بلوك" وبقايا فلول النظام السابق ورموز المعارضة البئيسة التي تحلم بمصر مزرعة لها ولأبنائها ومواليها.. هاتين التهمتين للرئيس الشرعي هما أكليل غار يطوق عنقه ووصمة عار في جبين النائب العام والقضاء المصري الذي انحنى بذل وخنوع على أعتاب عسكر اليوم وقد أبى في الماضي إلا أن يكون منتصب القامة في وجه كل من تقلب على حكم مصر من الظلمة والديكتاتوريين فما الذي غيره.. سؤال نضعه في عهدة القضاء المصري!!
لقد مرت على مصر كنانة العرب ساعات عصيبة ومؤلمة في اليومين الماضيين.. صمود فريد لشعب مصر وهجمة شرسة لأعداء الحرية والحياة، فانتصر الشعب رغم أنهار الدماء وارتقاء العشرات من الشهداء في كل ميادين مصر الأبية إلى السماء، تشتكي إلى الله "بأي ذنب قتلتموني"، انتصر شعب مصر الذي اختار الحرية والكرامة في مواجهة الذل والعبودية فملكوا النصر في صبر ساعة.. وكان لهذا الشعب ما أراد.. فهاهو لا يزال يقف شامخاً في كل ميادين وساحات وشوارع مصر من الإسكندرية حتى أسوان، تصدح حناجره "لا بديل عن الشرعية" وانكفأ بلطجية الداخلية ومن والاهم من جماعة تمرد وعصابة البلاك بلوك وبقايا فلول النظام السابق إلى جحورهم خائبين تلاحقهم لعنات الشعب المصري واستهجانه.
وأمام هذا التطور الخطير كان لابد من تحرك عقلاء مصر وحكمائها وعلمائها - وهم كثر - لوضع المبادرات والحلول التي تكفل سلامة الوطن وتمنع عنه الانزلاق إلى مستنقع لا يعلم إلا الله مداه وتداعياته، وبالفعل تحرك العقلاء وسريعاً، فقدموا عشرات المبادرات والحلول التي يمكن أن يتلاقى عليها كل المتخاصمين، وتكفل للجميع حفظ ماء الوجه، ولعل من أهمها مبادرة الدكتور محمد سليم العوا ونخبة من حكماء مصر وعقلائها، ونرجو من الله أن تأخذ هذه المبادرة طريقها إلى قلوب جميع المتخاصمين ليلتقوا عليها ويعملوا بها دون تأخر أو تردد ويطووا صفحة تلك المحنة القاسية المؤلمة، حقناً لدماء المصريين وحفظاً لوحدة تراب مصر العروبة والإسلام. 

تعانقت الاجراس بالآذان/ لطيف شاكر

علت اصوات الجوامع بالاذان
فدقت اجراس الكنائس بامـان
يتعانقان في رحاب الرحمان
ينشدان لحن  الامل والحنان
يتناغمان في حب  واحسان
يصليان بخشوع وايمـــــان
يرفعان الصلاة امام الديــان
فالحب غاية صاحب الاديـان
**
صدحت المساجد بتواشيح رمضان
ورتلت الكنائس بتسابيح الالحــان
وعلي مذبح الوطن انا قربــــــــان
ومصر ايقونة رسمها ابدع فنــان
**
لبي الشعب نداء الاوطــــان
واعطوا للقائد عهد الامـــان
للتصدي لهجمات الشـــيطان
**
حكمته ملات الابصار والاذهان
وشجاعته  دوت في كل مكان
وكلمته توزن بذهب الميـزان
وامريكا بعد التهديد بالعدوان
دانت لمصر احتراما واذعان
**
اكتب ياتاريخ  لفارس الفرسان
قائد نذر نفسه لتحرير الاوطان
وراهن علي الوطن لبر الامـان
فانتصرعلي كل فساد وطغيـــان
**
احييك ياسيسي ويقيادتكم فرحــــان  
خلصت مصر من جماعة الشـيطان
لتعود بمجدها  الي سابق الزمــــان
فمصر واحة الامان وموئل الاديـان


جريمة اغتيال المناضل التونسي محمد البراهمي/ شاكر فريد حسن

بالأمس اقدمت قوى الغدر والظلام وعصابات الارهاب والدم مرة ثانية على اغتيال أحد رموز المعارضة التونسية ، وأحد قيادات القوى التقدمية اليسارية في تونس ، محمد البراهمي ، الذي كان يشغل معارضاً في المجلس التونسي ، ومنسقاً عاماً لحزب "التيار الشعبي التونسي" ، وهو من الأحزاب العلمانية المعارضة في تونس ، التي يحكمها الاسلاميين ، وقد استهدفه الارهاب الدموي في حي غزالة على مرأى من زوجته وأولاده . ورغم عدم التحقق من هوية الفاعلين القتلة الا ان اصبع الاتهام يشير الى حركة النهضة ورموزها ومن ضمنهم الغنوشي . وتاتي هذه الجريمة النكراء بعد مرور ستة أشهر على عملية اغتيال المعارض التونسي شكري بلعيد ،التي نفذها اثنان من الاصوليين السلفيين والجهاديين .
 ان هذا الاغتيال البهيمي هو تعبير عن العقلية الظلامية المستفحلة والمستشرية في المجتمع التونسي والمجتمعات العربية ، ويستهدف وأد وخنق وكبت كل صوت انساني وثوري ونضالي وابداعي خلاق يعتبرونه خطراً على مشروعهم الاسلاموي التكفيري،  فضلاً عن ضرب ومحاصرة الثقافة المقاتلة المناضلة المعارضة وتفريغها من روحها الوطنية الثورية ، التي تحمل في طياتها كل العناصر الابداعية والروحية المعبرة عن طموحات واماني وتطلعات الطبقات الشعبية  بالمستقبل السعيد والغد الأجمل .
محمد البراهمي، الذي طالته يد الغدر،  هو من رموز المعارضة التونسية ، ومن فرسان الكلمة والموقف الثوري ، تمتع بفكر تقدمي وعقلية منفتحة ، وهو شخصية يسارية وثورية رافضة للظلم والقهر والعبودية والاستبداد ، ولثقافة الموت والارهاب والدمار ،  كان مدافعاً صلباً عن الحرية وكرامة الانسان ، ولأجل تنوير المجتمعات المبتلية بكارثة الجهل والتخلف والامية . 
تميز البراهمي بالوضوح السياسي الطبقي وانحيازه لقضايا وهموم المسحوقين وابتعاده عن المداهنة السياسية والفكرية ،  عاش غنياً بحبه لشعبه ، وغنياً بحب الشعب التونسي له ، اعطى حياته كلها لأسمى قضية في التاريخ ، قضية تحرير الانسان من ربقة الظلم والاستغلال والاغتراب والاضطهاد ، وعرف بنضاله العنيد ضد قوى التعصب والتطرف الديني وثقافة الارهاب والموت ، قكان مثلاً يحتذى ونموذجاً للثوري الانسان .
اننا ندين ونستنكر بشدة جريمة اغتيال المناضل محمد البراهمي ونعتبرها محاولة لصب الزيت على النار ، وتندرج في محاولات قمع واخراس الاصوات المعارضة لهيمنة واحتكار السلطة في تونس ، وهي جريمة لن تمر مر الكرام . فتونس الخضراء التي اطلقت الشرارة الاولى لانتفاضات وثورات ما سمي بـ "الربيع العربي" واطاحت بحكم زين العابدين تعي وتدرك خطورة جريمة الاغتيال ، وتعرف كيف ترد عليها ، وسوف تواصل معركة التصدي ولجم قوى الظلام السلفية التي تتاجر بالدين وتتلاعب بمصائر الشعوب ، ودفاعاً عن الوطن التونسي وحريته ومستقبله .
الخلود للشهيد محمد البراهمي ولجميع شهداء الحرية ، والخزي والعار للقوى الرجعية المتزمتة ، المعادية للشعوب وتطلعاتها المستقبلية . 

بالطول بالعرض/ جواد بولس

بعد أقل من ثلاثة شهور ستجري الانتخابات للمجالس البلدية والمحلّية في مدننا وقرانا العربية. لن يختلف اثنان على أن الانتخابات المحلّية تعدّ من أهم الأحداث السياسية الاجتماعية التي تجري في مجتمعنا العربي. ربما تكون هذه أهم من الانتخابات للكنيست وذلك لأن نسبة المشاركين فيها أكبر بكثير، ومحاور تفاعلاتها ذات تأثير مباشر بين الناس، وما تخلّفه من نتائج يبقى محفورًا في وجه هذه الجماهير، ندبًا على أغلب الأحوال. 
حاولت إسرائيل "الفتيّة" استغلال ما كان سائدًا من قيم وواقع في مجتمعاتنا ووظفت ذلك خدمًة لمصالحها ومآربها. كان الهدف يرمي إلى تكريس الفرقة، ولذلك سعت إلى تعزيز التفرقة الدينية وتعريف من بقي من الفلسطينيين على أراضيهم وفقًا لمركّبات تفتيتية مثل الملل والطوائف من جهة، وتغذية الانتماءات العائلية و"تلميع" دور المخاتير والوجاهات والمشايخ من جهة أخرى. إسرائيل شقيت لتبقينا خرافًا ضالة، وسخرت من أجل ذلك الرب والأنبياء وبعضًا من ضعاف النفوس العرب وحبّيبي النفخ والجاه الملفوفين بعباءات الرياء والخيانة المقنعة. 
ما أحرزته إسرائيل في الخمسينيات والستينيات، رغم خضوع الأقلية الفلسطينية الباقية في وطنها لأنياب حكم عسكري قاس، لم يرقَ  لما حلمت به وسعت إليه. قيادة تلك الجماهير وقفت لسياسات حكّام إسرائيل بالمرصاد، وناضلت بشراسة وبطولة من أجل هدفين كبيرين أساسيين: البقاء على أرض الوطن، وإفشال كل محاولات قادة إسرائيل تهجير الباقين، والتأكيد على أن الباقين هم أقلّية قومية فلسطينية صامدة على أرضها وفي وطنها، رغم ما رددته أكثريّة من "الأشقاء" العرب، وبعضهم فعل ذلك عن جهل وأمّية، وآخرون عن خيانة وتستير لما اقترفوه من جريمة وتآمر علينا نحن المنكوبين. فشلت إسرائيل بتحويلنا إلى خراف ضالة تحتمي بعباءة مختار أو جلباب شيخ أو بعزوة مرضيّ  "إيدو طايلة". نجحت القيادة بإعادة الروح المفقودة لجسد الجماهير التي بدأت تستوعب وتذوّت معاني البقاء في الوطن كجزء من شعب ومفاهيم وقيم. معظم قادة تلك الجماهير كانوا من الشيوعيين  التقدميين. مهما حاول "الدارسون" و"المحققون" و"المثقفون" أن يتحايلوا على الواقع وأن يقرأوه بأعين الحاضر أو المغرض، تبقى الحقيقة البسيطة الساطعة؛ كثير من مدننا والقرى تحوّلت إلى قلاع جاثمة على صدر الحلم الصهيوني.
لست في معرض سرد تاريخي لتلك العقود، لكنّني أكتب عن ذلك التاريخ وتلك الحقائق كي أنعى حاضرًا، فمن منكم لا يرى سوء ما آلت إليه أوضاع مدننا وقرانا؟ من هو المعني بالحفاظ على ما هو صائر؟ 
من يدلّني على قرية أو مدينة ستُجرى فيها الانتخابات البلدية كما جرت في تلك السبعينيات عندما كانت الحناجر تهتف "بالطول بالعرض..." وتشق حجاب السماء؟ دلّوني على موقع ستُخاض فيه الانتخابات على أسس حزبية سياسية قيمية عامة واضحة؟ أين لا تتحكّم الطائفية والعائلية والبلطجية والسمسرة؟ أين من عيني تلكم القلاع يوم كان الفقراء، الكادحون، الشغيلة، الأحرار، المثقفون، الحرفيون الوطنيون، التقدميون، اليساريون، النساء الديمقراطيّات .. يهبون قللًا من حديد وفولاذ ليقودوا البلاد بكرامات تضمن الخدمات؟ 
كلّنا نرى ما هو حاصل وجميعنا يعرف من المستفيد من ذلك؟ حكّام إسرائيل بالطبع ولكنّهم ليسوا وحيدين. 
الخاسر الكبير من تداعيّات الحالة السياسية بين الجماهير العربية في إسرائيل كانت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة. المؤلم أن في معظم المواقع ضعفت "الجبهات"، وبل في بعضها انمحت عن خارطة العمل السياسي المحرك والمؤثر في تلك المجتمعات. الأكثر إيلامًا أن فيما تبقى لها من مواقع تتصرف قياداتها البلدية وفقًا لقوانين السوق الشائعة. المعايير محلّية بامتياز. العائلية وأخواتها مساطر تحدد وتفصّل. ربما سيقول قائل، الجبهة ليست وحيدة في هذا الكار، فالجميع يكيلون بهذه المكاييل. هذه هي المصيبة بعينها؛ أن نرى كيف يرضى حزب قومي عربي بأن يخوض زعيمه الانتخابات البلدية في قريته وهو يرأس قائمة عائلية مموهة باسم الحزب والمبدأ؟ وكيف يصح أن يقبل هذا الحزب أن "يهدي" اسمه لقائمة يرأسها من كان تاريخه مسجّلًا في صفحات الدولة وأحزابها الصهيونية؟ الجميع سواسية ليست بحجة وتبرير مقبولين. أيصح أن تقبل مثل هذه الحجة تبريرًا لخسارات الجبهات المحلية طيلة هذه السنين؟  من هو الرابح من هذا الصمت؟
ما يجري في هذه السنوات يخدم مصالح إسرائيل. ما فشلت بتحقيقه وهي "فتيّة" شرعت بإنجازه وما زالت. كان الشيوعيون والتقدميون الجبهويون صفوف الصد الأولى، عند أرجلهم تكسّرت مجاديف سياسة إسرائيل القمعية والعنصرية. اليوم، حينما نقر أن هذه القوى السياسية في تراجع وقوّتها في انحسار، نقر ّعمليًا أن مجاديف إسرائيل صارت هي الأقوى وسياساتها ستسجل أهدافًا في شباكنا المخروقة. عندما نقول إن القلاع تتهدم نقول عمليًا إن المخترة عادت لساحاتنا "وقطاريز السلطان" عادوا بأشكال وحلل جديدة. 
الجبهة هي الخاسر الأكبر، لأمثالي، على الرغم من أنني لست عضوًا مؤطرًا في أي حزب أو تنظيم، هذه خسارة جسيمة. الخسارة الكبرى ستبقى للجماهير العريضة، خياراتها ستتقلص وفي كثير من المواقع ستكون ليست أكثر من خيارات الخاسرين العاجزين. فلمن آمنوا أن الدين لله والسياسة للبشر أجمعين، وأن العائلة لم تكن يومًا ميناء ولا ملجأ، وأن المخترة سمة لزمان حسبناه مضى، وأننا نسعى لمجالس كرامات وطنية أولًا وهذه ستضمن لنا الخدمات، ولمن آمن أن الانتماء الأول لشعبي وقوميتي وجميع ما يلي من انتماءات لا أكثر من فواصل على صفحة النص؛ لجميع هؤلاء في كثير من القرى والبلدات ستكون الخيارات بين السيئ والأسوأ. 
لذلك أحن إلى جبهة تلمّ كل من سيضع يده بيدي وكتفه إلى كتفي وقلبه مع قلبي وعقله وعقلي، ونمضي معًا إلى ذلك الحقل والمحجر ونصرخ "بالطول بالعرض..."!
فأين من عيني جبهة إليها آوي؟! 

الجيش والشعب/ أنطوني ولسن

الجيش هو القوة الرادعة التي تواجه المعتدي على الوطن بكل حزم وقوة . لذا أرى أن نلقي نظرة سريعة على الجيش المصري منذ عصر البطالمة في مصر وحتى اللحظة التي أكتب فيها الأن مساء يوم الأربعاء 24 يوليو 2013 وبعد سماعي لخطاب الفريق عبد الفتاح السيسي الذي ألقاه وسط عائلات الخريجين الجدد من شباب الجيش ويشمل القوات المسلحة والطيران والبحرية . هذا الخطاب الذي إنتظره المصريون بفارغ الصبر سواء في مصر أو من هم خارج مصر .

الخطاب الذي أعاد لنا نحن كبار السن من عاصر منا بداية ثورة 23 يوليو عام 1952 وعاشها وعرف أهمية الجيش في تأمين السلام داخل الوطن مع القدرة على صد أي عدوان عليه من الخارج .

قبل دخول الأسكندر الأكبر المقدوني مصر مقدما نفسه على أنه إبنا للإلاه أمون رع ، كانت مصر تحت حكم فرعون صغير السن لا حول له ولا قوة ، وكانت السلطة والقوة في يد الكهنة . ومن الطبيعي لا جيش يحمي البلاد ويدافع عنها فسهل على الأسكندر الحرب والقتال وتسلم بالفعل من الكهنة مفتاح النيل رمزا لتوليه إدارة شئون البلاد .

ترك الأسكندر الأكبر قائده بطليموس الأول على رأس قوة وغادر مصر ليكمل رحلته لفتح بقية البلاد القريبة من مصر . لكنه أصيب بضربة شمس قوية قضت عليه وأصبحت السلطة في مصر بيد بطليموس الأو الذي سمي عهده في مصر بعصر البطالمة .

تغير وجه مصر وأندمج الفاتح مع أهل البلاد وبدأت مصر تعود إليها قوتها وعظمتها وخاصة الناحية الحربية .

إستمرت قوة الجيش المصري في التزايد والقوة والقدرة القتالية مما دفع بالملكة كليوباترا التفكير في أن تكون ملكة مصر وروما . بإختصار لم تحقق حلمها فانتحرت ظنا منها أن الجيش هُزم ومات حبيبها مارك أنطونيو الذي إنتحر هو أيضا حتى لا يواجه إكتافيوس شقيق زوجته الرومانية التي تركها وأحب كليوباترا .

دخل الرومان مصر وصارت دولة تابعة للأمبراطورية الرومانية ولم يجرؤ أحد أن يغير أسم مصر حتى بعد إنقسام الأمبراطورية الرومانية إلى الأمبراطورية الغربية وعاصمتها روما ، والأمبراطورية الشرقية التي عُرفت بأسم الأمبراطورية البيزنطية وكانت مصر ضمن أجزاء تلك الأمبراطورية .

نخلص هنا إلى أن قوة الجيش المصري قد تلاشت تماما وعاشت مصرعصرا سيئا للغاية في عهد الأمبراطورية الرومانية لدرجة أن المصريين تركوا الأرض ورفضوا زراعتها بالقمح الغذاء الرئيسي للرومان . أما في العصر البيزنطي وبعد دخول المسيحية مصر على يد الكروز مار مرقص الرسول فقد ذاق الشعب المصري الأمرين . شيء واحد بقي وهو الشعب المصري على الرغم من إستشهاد مئات الألاف منهم ، وأسم مصر الذي نطق به العرب للتعريف بالمصريين على أنهم " جبط أو أجباط " .

دخل العرب مصر ولم يكن لمصر جيشا بأسمها على الرغم من إندماج المصريين مع الفاتح الجديد ودخول البعض منهم مع جيوش العرب . لكن لم تكن لهم سلطة أو قيادات إلى أن جاء عصر محمد علي باشا فأحيا الجندية في المصري الذي إستطاع تحت قيادة إبراهيم باشا إبن محمد على أن يزحف حتى حدود فرنسا غازيا  ومستوليا على البلاد المجاورة وضمها إلى الحكم المصري . بل أنه فضل أن يرسل المصريون بقيادات مصرية إلى السودان لقدرتهم على العيش في تلك البقعة من أفريقيا التي تعتبر حارة جدا لا يتحملها الجنود الألبان الذين كانوا تحت قيادة محمد على عندما إستقل بحكم  مصر .

واجه الجيش المصري بعد هزيمة إبراهيم باشا على الحدود الفرنسية نوعا من التقهقر ولكنه إستمر كقوة حربية إستطاعت أن تقف في وجه الغزاة وإن لم تكن لهم نفس القوة . لكن بعد أن صارت مصر ملكية وعلى الرغم من وجود الأنجليز  كمحتلين لمصر إلا أن الجيش المصري إستطاع أن تعود له قدراته التنظيمية والحربية وأصبح قوة تستعين بها بريطانيا العظمى في ذلك الوقت في حروبها .

الحقيقة بدأ التكوين الحربي للجيش المصري إثبات وجوده وقدرته في حرب 1948 على الرغم من الخيانة الملكية بتزويده بأسلحة فاسدة . وظهر جمال عبد الناصر كضابط ساخط غاضب على الملك والحكومات التي كانت ألعوبة في يد الملك والإنجليز . فكون مع زملائه ما عرف بأسم " تنظيم الضباط الأحرار"  .

هذا التنظيم الذي تحول إلى إنقلاب والأطاحة بالملك ثم تسلم الجيش أمور البلاد وتحول من إنقلاب إلى ثورة إلى جمهورية .

هزيمة 5 يونيو 1967 تحمل عبد الناصر المسئولية كاملة ، وألقى بخطاب التنحي  في 9 يونيو 1967 مخاطبا الشعب المصري معلنا عن تخليه لمنصب رئيس الجمهورية ليعود جنديا محاربا لإستعادة كرامة الشعب المصري وجيشه العظيم .

على الرغم من الفادحة التي ألمت بالشعب المصري إلا أنه خرج عن بكرة أبيه مطالبا بعدم تنحية غافرة له أخطاءه .

ردخ عبد الناصر لإرادة الشعب وعاد إلى الرئاسة وتحمل المسئولية من جديد ، ولم تحتج أميركا والغرب على عودته لأنه لا يمكنهم الوقوف في وجه إرادة الشعب وليس كما يحدث الأن من محاولاتهم إنكار إرادة الشعب التي زادت على 33 مليون مصري خرجوا يوم الأحد 30 يونيو 2013 مطالبين برحيل مرسي .

جاء السادات وأكمل المشوار وكان يوم 6 من أكتوبر 1973 يوم النصر وإعادة مصر سيناء بقوة وعظمة الجيش المصري وأصبح إنتصاره إسطورة ودرسا يُدرس بالكليات الحربية الأمريكية والغربية . لكنه أخطأ عندما سمح بخروج تلك الجماعات الأسلامية المتشددة ليثبت للعالم الأسلامي أنه رجل مسلم يرأس دولة مسلمة . لكنه أخطأ في تقديره ودفع الشعب المصري ثمن خطأه .

صراحة الفريق عبد الفتاح السيسي في خطابه الذي ألقاه وإستمعنا ه وشاهدناه في يوم الأربعاء 24 يوليو 2013 ، جعل كل مصري يشعر بالفخر والأعتزاز بجيشه العظيم والشرطة التي وقفت جنبا إلى جنب الشعب والجيش للتصدي للجماعات المتأسلمة والمعادية لمصر والشعب المصري والجيش والشرطة .

أجمل ما في الخطاب إلى جانب الصراحة ، أن الفريق عبد الفتاح السيسي أكد أن الجيش يؤتمر من الشعب فقط . أي أن الشعب هو صاحب السلطات ، وهو " الشعب " الشرعية الوحيدة في البلاد .

ومن هنا جاء في ختام خطابه أن الجيش والشرطة في إنتظار أوامر الشعب  بتواجده على شكل تجمعات سلمية في جميع ميادين مصر الذي سيمنحهما الحق للتصدي لما تنوي أن تفعله فلول جماعة الأخوان الأرهابية في يوم الجمعة 26 يوليو 2013 فقد توعدوا بحرق القاهرة .

المصريون في الخارج ومنهم مصريو سدني وملبورن سيخرجون متضامنين مع    الفريق السيسي للتصدي للجماعات الأرهابية والدفاع عن مصر والشعب المصري

خيارات السلام وآفاق المقاومة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

هل ضل الفلسطينيون طريقهم، وعميت أبصارهم، وطمس على قلوبهم، وضرب على آذانهم، فلم يعودوا يروا غير المفاوضات سبيلاً لاستعادة الحقوق، وتحرير الأرض، والتخلص من الاحتلال، وتحقيق الاستقلال، وتأسيس وبناء الدولة، فباتوا يراهنون على السراب، ويؤمنون بالخيال، ويأملون الحصاد من الرياح، ويتوقعون الفرج من اللئيم، والخير من الشرير. 
وأنهم عادوا ليجربوا الإدارة الأمريكية، ويثقوا في وعود الرئاسة وجهود وزراء الخارجية، الذين مضى على إدارتهم لملف الصراع العربي الإسرائيلي أكثر من نصف قرن، فما قدموا خلالها شيئاً غير تمكين إسرائيل وتحصينها، وتزويدها بالجديد الفتاك من الأسلحة، لتبقى دوماً هى الأقوى والأكثر تفوقاً، والأكثر عدواناً وعدائية، والأشد ظلماً وبطشاً. 
ومع ذلك فما زالت وعودهم هي ذاتها لم تتغير ولم تتبدل، ولم يتحقق منها شئ، فقد مضت الأعوام وذهبت وعود الرئاسة الأمريكية بدولةٍ فلسطينية أدراج الرياح، حتى كادت أن تصبح وعودهم نكتةً يتداولها الناس، فالعام القادم يتجدد كل عامٍ ولكنه يأتي.
والاستيطان لم يتوقف ولم يتجمد، بل ازدادت شراهة الاسرائيليين حدةً، وباتوا يقضمون المزيد من الأراضي، ويصادرون الكثير من الحقوق، ويبنون المزيد من المستوطنات، ويوسعون القائم منها، في سباقٍ محمومٍ لا يتوقف ولا يتأخر، يزداد كلما انطلقت المفاوضات، وتحرك قطار السلام. 
وتتضاعف المساعدات والمعونات المالية لتسريع الاستيطان كلما جلس المتحاورون على طاولة المفاوضات، ويتنافس المحسنون الغربيون في تمويل مصادرة الأراضي، وتمويل البناء والتعمير، وتشجيع منتجات المستوطنات، كلما ظهرت صورة تجمع الخصوم، يظهرون فيها وهم يبتسمون ويتصافحون ويتبادلون التهاني والقبلات. 
لا يتوقف الإسرائيليون عن البناء يوماً إلا للتشطيب واستكمال أعمال الديكور، ولا يتوقفون عن التوسعة إلا ليتهيأوا للإنتقال إلى موقعٍ جديدٍ وأرضٍ أخرى، ويضحكون على المفاوض الفلسطيني ويهزأون منه، عندما يدعون أنهم استجابوا للشروط، وخضعوا للرغبة الأمريكية والغربية، فجمدوا الاستيطان لفترةٍ، لا استجابةً للشروط، ولا احساساً بالخطأ، ولكن ليحصلوا من الغرب على الثمن والبديل، في ابتزازٍ قذرٍ وخبيثٍ لا يتوقف، وتقليدٍ يهوديٍ قديمٍ لا يتغير.
والدولة الفلسطينية التي أعلن عنها أكثر من رئيسٍ أمريكيٍ وتعهد بها، لم ولن تقوم على طريقتهم، وقد ذهب أكثر من رئيسٍ أمريكي ممن تعهدوا ووعدوا، دون أن يحققوا شيئاً من وعودهم، لا لعجزٍ فيهم، أو لعدم قدرةٍ لديهم، أو لامتناع الأسباب وضياع الفرص، ولكن لأنهم كانوا يكذبون، ويعدون بما لا يوفون، ويتعهدون بما لا يقبلون بتنفيذه، وقد كانوا يعرفون أنهم يكذبون، ويخدعون ويماطلون، ويستخفون بعقول من يصدقهم، ويتلاعبون بعواطف ومشاعر من يؤمن بهم ويثق بكلامهم.
وقد سقط رائد مشروع دولة المؤسسات، وإنهارت خيالاته الاقتصادية، ومشاريعه الوردية، وأفاق الشعب من أحلامه في الرفاهية، وطموحاته في اقتصادٍ يصنع دولة، ويرغم الغرب ودولة الاحتلال على الاعتراف بها، ليجدوا اقتصاداً متدهوراً، وركوداً مميتاً، وبطالة مستشرية، وديوناً مذلة، والتزاماتٍ مالية مقعدة، وأمراضاً وادواءً إجتماعية مستعصية، وواقعاً مريضاً متأزماً يصعب الفكاك منه إلا بمعجزةٍ لا تتحقق.
وبين الاستيطان وعدمية الدولة، يمضي مسلسل التصفية والقتل، وتتواصل عمليات الاعتقال والتعذيب والمحاكمات العسكرية، ويستكمل الاحتلال سياسته في الاعتداء على المواطنين، ومداهمة القرى والبلدات، واجتياح المناطق وتخريب المنشآت والمصالح، وتدمير البيوت والمساكن، وخلع الأشجار وحرق المزارع والبساتين، في سلوكٍ حاقدٍ مريض، وممارسة شاذة متطرفة، تشي بأخلاقياتٍ إسرائيليةٍ قديمة، ونفوسٍ عفنةٍ منحرفة، حاربت الخير، واستعدت المصلحين، وقتلت الأنبياء، ونشرت المفاسد الرذائل بين الناس، وقتلت كل روحٍ خيرة، ونفسٍ بريئة، ونبتةٍ طاهرة.
رغم كل هذه الحقائق التي نمت وترعرت أكثر في ظل المفاوضات، وخدعة السلام، حيث وجدت فيها إسرائيل أجواءً مريحة، ومناخاتٍ مناسبة، وعقولاً يستخفونها، تحقق لها المزيد من الإنجاز والتقدم، وفق تصوراتها ومناهجها المعدة قديماً، إلا أن المؤمنين بخيار السلام، الذين لا يعرفون خياراً غيره، ويرفضون كل ما سواه، ويحاربون كل من خالفه وعارضه، فقد منحو وزير الخارجية الأمريكي الجديد، الذي جاء على ظهر حصانٍ جامحٍ، يحلم بالحل، ويمني نفسه بالنجاح، فرصةً جديدة، بعد جولةٍ سادسةٍ مضنية، لم ينجح فيها إلا بإقناع الطرف الفلسطيني بتقديم المزيد من التنازل، والقبول بالأمر الواقع، والتخلي عن شروطه المسبقة، ومواقفة المتعنتة المتشددة، بينما فشل فشلاً ذريعاً ومخزياً في زحزحة المواقف الإسرائيلية أو تغييرها، ووجد نفسه مضطراً أن يتبع الشروط الإسرائيلية، وأن يقبل بمطالبهم، وينزل عند رغباتهم، دون أن يشعر تجاههم بدونية، أو يحس أمامهم بالإهانة والاستخفاف.
لستُ أدري كيف يبرر الذاهبون إلى واشنطن، أو المؤيدون لخيار التسوية، إيمانهم بهذا الخيار، وهم يعرفون أن شعبهم يراه يقيناً خياراً للذل، وطريقاً للإهانة، ووسيلةً لتضييع الوقت، وتمرير الاستحقاقات، وكسب المزيد من الفرص، وفي الوقت الذي يعرفون أن العدو الإسرائيلي يخشى الإنقلاب إلى المقاومة، والتخلي عن خيار السلام إلى استراتيجية المقاومة، خاصةً أن الشعوب العربية باتت تؤمن بهذا الخيار، وتعمل لأجله، ولا تخشى أن تعلن أنه الخيار الأنسب والأقوى، والأكثر فعلاً وتأثيراً.
ليت قومي يعلمون أن المقاومة هي الوسيلة الأنجع، وهي السلاح الأقوى والأمضى، وهي التي توجع وتؤلم، وهي التي تجرح وتؤذي، وهي التي تعجل وتوصل، وهي التي تشفي وتروي، وأن العدو الإسرائيلي يخشى أن نعود إليها، ويبذل كل جهده لينأى بالشعب عنها، ويحول دون عودته إليها، وشعبنا لا يتردد عن خوضها، ولا يتأخر عن المضي بها، والتضحية في سبيلها، وسوابقه في المقاومة كثيرة، وعملياته شهيرة، وإنجازاته كبيرة، ويقينه بأنها مبعث الإحترام، ومنطلق التقدير، وهي بصدق وسيلة التحرير. 

كلاكيت للمرة الثانية.. من ينقذ مصر؟/ مجدى نجيب وهبة

 
** كنت أود أن أغلق هذه الصفحة بعد ثورة 30 يونيو التى قادها الشعب المصرى ، للقضاء على الإرهاب وإسقاط المتآمرين ضد الوطن .. ولكن يبدو أنه كتب علينا ألا نفرح بالنصر أو بالثورة .. ولا أدرى ما هى الأيدى الخفية التى تجرجر مصر إلى العودة لمستنقع الفوضى والبلطجة والإرهاب ..
** لا أدرى أى قوة تدير دفة هذا الوطن لتعود به إلى الوراء فى إصرار عجيب .. فبالأمس وأول أمس وجدنا مهازل تزداد يوما بعد الأخر .. طالما نجد من يطلق على الإرهابى مرسى ،  أنصار "المعزول" .. وأتساءل من قال أن الرئيس السابق الإرهابى محمد مرسى العياط هو رئيس معزول .. فهذا كذب وخداع وتضليل .. فالمصطلح الذى يجب أن يطلق على الإرهابى مرسى العياط هو أنه مقبوض عليه رهن التحقيق فى قضايا تخابر وإرهاب وفساد وإستقواء بالخارج وقتل متظاهرين وتحريض على العنف .. هذا هو الوصف البسيط جدا لحالة مرسى العياط "سفاح قصر الإتحادية" !!..
** ونتيجة لصمت كل الأجهزة الأمنية على هذه الفوضى والإرهاب .. فبالأمس زادت حدة هؤلاء البلطجية الذين يحركهم عصابة الإخوان .. فخرجوا كالكلاب الشاردة فى الشوارع والميادين وقطعوا الطرق ، وروعوا الآمنين ، وقتلوا وسفكوا دماء الشعب المصرى .. بل أنهم يصوبون أسلحتهم لمؤيدى السفاح محمد مرسى العياط ، ويقوموا بإتهام جهاز الشرطة بقتل المتظاهرين بإعتبار أن هؤلاء البلطجية الإرهابيين متظاهرين !!..
** بالأمس .. كانت الصورة أكثر وضوحا .. فقد ظهر البلطجية وهم يحملون أسلحتهم وهذا ليس بغريب ، وليس بجديد .. فكل الجرائم التى حدثت منذ نكسة 25 يناير هم الفاعلون الأصليون لهذه الجرائم .. ولكن لأننا بلينا بالغباء الفكرى .. فمازال البعض منا يبحث عن القتلة فى التحرير ومحمد محمود وماسبيرو وستاد بورسعيد .. فى حين أن هناك وجوه أخرى تظهر علينا أحيانا فى الإعلام والصحف ليطالبون بالقصاص من مبارك ورجاله بتهمة قتل الثوار ؟!!..
** ونقول .. كلاكيت للمرة الثانية "من ينقذ مصر" .. وللرد على هذا السؤال .. فهناك إصرار عجيب وغريب وأيادى خفية ترفض الإعتراف بثورة 30 يونيو .. وتريد أن تجرجرنا مرة أخرى للخراب والدمار والإرهاب ..
** أريد أن أتوجه برسالة إلى السيد المستشار "عدلى منصور" رئيس الجمهورية المؤقت .. أعتقد أن صمتك المريب وقراراتك المفاجأة وكلماتك البسيطة لن تنقذ مصر من براثن الفوضى والإرهاب .. فليس معنى قبولك منصب رئيس الدولة المؤقت أن ترفع شعار إذا كان الكلام من فضة فالسكوت من ذهب .. فهذا لا يليق بهذه الفترة العصيبة من تاريخ مصر التى يحاول البعض جرجرة الوطن إلى مستنقع الفوضى والإرهاب والمجهول ..
** نريد إجتماعات متواصلة للسيد رئيس الدولة بكل الأجهزة .. فمن المسئول عن هذه الفوضى والبلطجة التى أعلن عنها الإخوان المجرمين فى كل ميادين وشوارع مصر ..
** من المسئول عن تردد هذه البؤر الإجرامية التى يقودها المضلل العام ورئيس العصابة محمد بديع من إشارة رابعة العدوية .. هؤلاء لا تقولوا عليهم أنهم مصريون أو أهلنا .. ولا يجب أن تخرج علينا إحدى المذيعات لتغنى لهم تعالوا فى حضننا .. ضموا لينا .. فجزء كبير من هؤلاء يؤمنون بالإخوان .. وجزء أخر مأجور ليس لديه ما يبكى عليه ، وميليشيات مسلحة من الجهاديين والتكفيريين وأرباب السوابق ، وتنظيم القاعدة ، ومنظمة حماس الإرهابية ..
** هؤلاء ليس لهم عقيدة أو ملة .. فعقيدتهم هى البلطجة والإجرام وسفك دماء المواطنين لتحقيق حلم الأب الروحى لهذا التنظيم العصابى الشيخ "حسن البنا" .. هذا التنظيم العصابى له أتباع فى معظم الدول وهم على نفس شاكلتهم ، وهم مجموعة لصوص يتم إستئجارهم بالأموال لتنفيذ أى عمليات إجرامية !!
** أعتقد أنه على السيد رئيس الدولة أن يخرج للشعب المصرى الأن .. لشرح أبعاد كل المؤامرة التى تعرضت لها مصر .. فهذا واجب وطنى يحتم عليه الكشف عنه ..
** على السيد رئيس الدولة أن يخرج للشعب المصرى الأن .. يرافقه قاضى تحقيق ، ليشرح للعالم وللشعب المصرى القضايا المتهم فيها الجاسوس "محمد مرسى" ، وأن يقول لأبناء الجاسوس .. كفاكم ضجة فأن والدهم ليس بمخطوفا ، بل هو جاسوس إرهابى وزعيم عصابة ، ومتخابر مع دولة أجنبية ضد الشعب المصرى ..
** ليس مطلوبا من رئيس الدولة أن يخرج علينا بشعارات إستفزازية ، ودعاوى حنجورية من عينة دعوتكم الغير كريمة إلى المصالحة من أجل بناء مستقبل وطن .. أى مصالحة تقصدونها؟ .. هل هذا وقت ضرب الودع وفتح المندل والتلاعب بالألفاظ والعبارات ..
** ياسيادة الرئيس المؤقت .. هل لا تعلم أن مصر فى حالة حرب شرسة مع ألد أعداء الوطن .. مصر فى حالة حرب مع الإرهابيين أو بالأدق الإخوان المسلمين الكذابين والمضللين والخونة .. هذا هو الوضع دون مزايدة أو مجاملة ..
** وإذا كان الرئيس عدلى منصور لا يدرك هيبة المنصب ولا قيمة المسئولية .. فهل يظل الجيش صامتا على هذه الفوضى والإرهاب الذى يتعرض له المواطنين .. هل ينتظر الجيش المصرى أو الفريق أول "عبد الفتاح السيسى" أوامر من القواد الإرهابى "باراك حسين أوباما" .. حتى يبدأ القضاة التحقيق مع الجاسوس محمد مرسى العياط ..
** هل ينتظر المسئولين فى مصر إعطاء الضوء الأخضر لهم حتى يمكنهم التعامل مع الملف الإرهابى الذى يديره محمد بديع ، ومحمد البلتاجى ، وصفوت حجازى ، وأسامة ياسين من مستنقع إشارة مرور رابعة العدوية ..
** هل اللواء وزير الداخلية "محمد إبراهيم" ينتظر أن تذهب أفراد هذه العصابة طواعية إلى النائب العام للإمتثال أمامه فى البلاغات المقدمه ضدهم ، وبناء عليه صدر قرار ضبط وإحضار .. وهذه هى مهمة الشرطة لضبط هؤلاء المجرمين والبلطجية .. فلماذا لم يفعل القانون أو ينفذ حتى الأن ؟!!..
** لقد قام الشعب المصرى العظيم بثورته المجيدة فى 30 يونيو 2013 .. للإطاحة بالإرهاب والجاسوس محمد مرسى العياط الذى بليت به مصر بعد نكسة 25 يناير 2011 ..
** ثورة 30 يونيو هى الثورة الحقيقية .. وهى الإمتداد الشرعى لثورة 23 يوليو 1952 .. ومن يقول أن 25 يناير هى ثورة مجيدة فهو لا يستحق أن يكون مصرى .. وليس من المجاملة فى شئ أن يظل البعض يردد أن 30 يونيو هو إمتداد لـ 25 يناير .. عيب .. عيب أن نظل فى هذه الهرطقات ..
** 30 يوينو .. هى ثورة عظيمة خرج بها كل الشعب المصرى ضد الإرهاب .. هذه الثورة أطاحت بالفوضى السياسية وبالأحزاب الكارتونية الهشة والمصلحجية .. هذه الثورة جمعتها فكرة لشباب مصرى بدأت فى سحب الثقة من الجاسوس محمد مرسى العياط .. وإنتهت بوقوف الجيش ودعمه للشرعية الشعبية .. فماذا إذن ننتظر كل هذا الوقت للعودة للعبث بالأمن القومى المصرى ..
** إن ما يحدث فى الشارع المصرى الأن هو محاولات مستمرة لإفساد ثورة 30 يونيو .. ولا أتحدث عن الجاسوس مرسى العياط وأتباعه .. ولا على المهازل التى قام بها رئيس مجلس الشورى المنحل "جمال فهمى" وعصابته .. فقد أثبت باليقين أنه لا يصلح أن يكون بواب فى عمارة بعين شمس ..
** نعم .. أثبت أنه بلطجى عندما قرر أن يعقد مجلس شورى الجماعة فى إشارة رابعة العدوية ، ويتحدث عن الوطن ، ونجد أعضاء هذا المجلس العار يديرون هذه المسرحية الهزلية التى أضحكت عليهم كل دول العالم ..
** لا أتحدث عن كل هذه المسخرة .. ولا أتحدث عن الخطابات الحنجورية للأهطل "محمد البلتاجى" ، ولا للحنجورى "صفوت حجازى" .. ولكن أتحدث عن المسئولين عن أمن وسلامة هذا الوطن .. أتحدث عن أصحاب القرار فى الجيش المصرى والشرطة المصرية .. أتحدث عن صمتهم حتى الأن فى عدم القبض على هؤلاء المجرمين .. هل ننتظر تعليمات الحرباء "آن باترسون" .. هل ننتظر قرارات الإتحاد الأوربى .. هل ننتظر تعليمات مجالس النصب والإحتيال المسماة بمجالس حقوق الإنسان .. هل ننتظر تعليمات كباريه الدعارة المسمى قطر .. هل ننتظر تعليمات كل هؤلاء لنتحرك ونخلص مصر منهم .. أعتقد أن كل هؤلاء الهلافيت تحركهم أمريكا التى تسعى بكل ما تملك لإسقاط مصر ..
** إذن .. فمن بيده القرار .. هل المطلوب أن يظل الشعب المصرى فى الشوارع والميادين ، كما يطالب البعض للحفاظ على ثورته .. وإذا كان الشعب خرج للميادين والشوارع منذ 21 يونيو وحتى 3 يوليو بعد أن حقق أهدافه الكبيرة بالإطاحة بالجاسوس الإرهابى محمد مرسى العياط .. فالمنطقى والطبيعى أن الشعب أعطى راية القيادة للجيش المصرى وللشرطة المصرية وللقضاء المصرى .. فهذه هى مسئوليتهم التاريخية ، وعلى الشعب المصرى أن يتفرغ لعملية الإنتاج والتنمية .. بعد أن فتحت كل الدول العربية أحضانها لمصر .. وأعادوا لها مكانتها الكبيرة !! ..
** إن ما يحدث هو مسئولية القيادة العسكرية والجيش المصرى والشرطة للحفاظ على أعظم ثورة فى التاريخ البشرى .. ثورة هزمت أمريكا وحلفاءها الإرهابيين .. ثورة أطاحت بحلم القواد أوباما .. ثورة أعادت الكرامة للعرب والمصريين ولمنطقة الشرق الأوسط بالكامل .. ثورة أطاحت بالإرهاب الإسود ولن تقوم له قائمة بعد اليوم !!..
** وبعد كل ذلك .. وبعد الإستمرار فى حالة التسيب واللامبالاة والفوضى الهدامة التى تتزعمها جماعة الإخوان المسلمين .. سؤالنا .. من يضع حد لهذه الفوضى الغير قانونية .. من هو المسئول عن إتخاذ القرار الهام والحاسم ؟!!..
** أين قضاة مصر الشرفاء .. وما معنى عدم التحقيق مع الإرهابى والجاسوس محمد مرسى العياط حتى الأن .. هل هناك شئ ما يدار من خلف الكواليس ، ثم يفاجئ الشعب المصرى بحدوتة كما فوجئنا بتنصيب محمد مرسى العياط رئيسا لمصر بعد مسلسل من الإنتخابات المزورة والمزيفة ، وعصابة أدارت شئون البلاد وسلمت الإخوان الحكم وسلمت العياط زمام الأمور ..
** لماذا لم يخرج علينا مسئول قضائى واحد لتوضيح الإتهامات الموجهة للجاسوس مرسى العياط وعصابته .. ما معنى هذا الصمت الغير مبرر حتى أصبحنا نسمع إبن الجاسوس يتطاول على الجيش ويطالب الدول الغربية وأمريكا بالتدخل لإنقاذ أبوه بإعتباره مخطوف وليس مقبوض عليه ..
** سؤالنا الأخير .. هل هناك مؤامرة تحاك مرة أخرى ضد الشعب المصرى .. حتى يعود هؤلاء المجرمين ورئيسهم ليتربعوا على عرش مصر الأن ..
** من المسئول عن إشارة رابعة العدوية التى جمعت كل العابرات من سوريا والعراق لتزويجهم وجعلهم دروع بشرية يتم تسريحهم فى الشوارع والميادين كالدمى لإحداث الفوضى بينهم وبين الشعب المصرى ؟!!..
** نريد إيضاح من الذين يسمحون لحزب النور ، التسلل للحياة السياسية وفرض شروطهم ، وهم أساسا غير مقبولين فى العمل السياسى ، ليقدموا مقترحاتهم ، وعدم إقرارها قبل الإنتخابات .. فالشعب طالب بالدستور أولا ثم الإنتخابات البرلمانية ثانيا ، ثم الرئاسة ثالثا .. ولن ننجر مرة أخرى للفوضى التى صنعتها أمريكا والإخوان وحزب النور الذى هو جزء من الإخوان .. ففى الصباح يقدمون مقترحاتهم ، وفى المساء يلقون خطبهم الحنجورية بمستنقع رابعة العدوية ..
** من المسئول عن الضجة التى أثيرت حول ما تم نشره من قبل رئيس تحرير جريدة الأهرام .. فرغم إختلافى معه ، ورغم أنه جزء من فصيل الإخوان .. ولكن ما صرح به لا يندرج تحت بند المؤامرة .. فإذا تم نشر خبر بحبس رئيس الدولة 15 يوما على ذمة التحقيق فى قضية التخابر ؟ .. ما المشكلة فى ذلك .. فالمفروض أن محمد مرسى العياط بالفعل محبوس ، ولو كان هذا الخبر هو إجتهادى من فكر رئيس التحرير ، فأى مؤامرة يراها البعض من جراء نشر هذا الخبر .. ولماذا هذه الضجة؟ ..
** المطلوب هو تحقيق عاجل مع الجاسوس مرسى العياط ، وكل الإشارات تدل على تورطه فى جرائم تجسس وتخابر وتحريض على القتل ، وكلها جرائم عقوبتها الإعدام .. فكيف يمكن إتخاذ هذا القرار .. بينما الجميع ينتفض من جراء عنوان ورد ذكره فى صحيفة الأهرام حتى لو كان كاذبا .. ولكنه ليس عنوان مختلق بل هو وارد حدوثه اليوم أو غدا ..
** نريد إجابة واضحة من الفريق أول "عبد الفتاح السيسى" .. نريد إجابة واضحة من المستشار "عدلى منصور" .. نريد إجابة واضحة من النائب العام .. نريد إجابة واضحة من وزير الداخلية .. نريد إجابة واضحة من الجميع لكشف الحقائق بعد سقوط الأقنعة حتى يعلم الجميع من هم الخونة المتحالفين مع الإرهاب فى مصر لإسقاطها ..
** نريد أن يخرج الشعب المصرى للمطالبة بمحاكمة كل مجرم وإرهابى وإعدام السفاح محمد مرسى العياط وعصابته فورا .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

من أنا؟/ محفوض جروج


من أنا ؟! ما المعنى من وجودي 
كم طرحت هذا السؤال على نفسي ، وكلما أمعنت في الإصرار على التساؤل أغرق في الحيرة والغموض.
هل قدمت إلى الحياة صدفة أم عن طريق الخطأ؟
هل عرفت من أين وإلى أين أسير؟ أم يبقى المستقبل مجهولا ً، وتبقى الأسئلة تقرع حنايا صدري بلا أجوبة شافية.
إنني إنسان تكتنفه الألغاز، ويلفه الغموض بردائه الخفي ، فأنا خالق ومخلوق، محب وكاره،عالم وجاهل ، لطيف وعنيف ، كل هذه المتناقضات وغيرها أجمعها في كياني بوقت واحد.
يسعدني علمي ويشقيني جهلي كما يسعدني جهلي ويشقيني علمي ، يسعدني مالي ويشقيني فقري كما يسعدني فقري ويشقيني مالي ، تسعدني طفولتي وتشقيني كهولتي كما تسعدني كهولتي وتشقيني طفولتي.
لا شيء أعلم ، وأعلم كل شيء ، إنني تائه في يباب هذا العالم ، أحث السير وراء سراب يسبقني ولا أدركه ، تخضر نفسي أحيانا ً ، وتجدب أحيانا ً أخرى ، أسعى لأكبر فأصغر ، أسير في النور فأفضي إلى العتمة ،     أصعد إلى العلو فأنحدر نحو الأسفل ، أمد أشرعتي فأجد بحري بلا ماء ، أقف على الشاطئ أنتظر المد     الذي لا يجيء ، أتمسك بالحاضر ، فإذا الحاضر يطويه الزمان.
    في مجاهل نفسي تساؤلات كثيرة ، كثيرة جدا ً ، وكطفل أمد ذراعي َّ الصغيرتين العاريتين إلى الأشياء ، أريد     أن أعرف حقيقتها ، فلا أدري كنهها ، فأبكي ! ، وأقف أرقب دوران عقارب الزمن التي لا تتوقف ،  والتي تواظب السير في خطف اللحظات التي تفضي في النهاية إلى قطف العمر مني.
    إنني غريب بين أهلي ورفاقي ، أحاول أن أفهم ذاتي ، وأن أدخل إلى أعماقها كلما شعرت بالغربة ، أحاول التماس الطريق الذي تلهث قدماي خلفه ، هل أجده ، أم يبقى سرا ً مدفونا ً في أعماق أعماقي؟! . أنا الإنسان الغامض. من أنا؟!
           محردة

لوركا: شاعر إسبانيا القتيل في شعر السيّاب والبياتي ومحمود درويش/ د. عدنان الظاهر


فيديريكو غارسيا لوركا شاعر إسباني متميز قتله الحرس الأسود الفاشي عام 1936 وهو في الثامنة والثلاثين من عمره في غرناطة آوائل الحرب الأهلية ( 1936 – 1939 ) التي قاد الثورة المضادة فيها الجنرال فرانكو إذ نجح في عبور مضيق جبل طارق من جهة المغرب يقود أربع فرق عسكرية وكان يقول لديَّ هناك داخل إسبانيا طابور خامس. من فرانكو جاء هذا المصطلح الذي أصبح شهيراً في عالمي السياسة والحرب.كان لوركا محسوباً على اليسار السياسي وكان معادياً للدكتاتورية. أشهر أعماله مسرحية " عُرُس الدم " . تميّز بطريقة جديدة في كتابة الشعر تمتزج فيها رمزية وسوريالية شعراء عشرينيات القرن الماضي الفرنسيين المعروفين مع أسلوب كتابة الحكايات التراثية الشعبية الأندلسية.كما كان له هوى خاصاً بتراث وأغاني غجر الأندلس. 
كتب عن لوركا ثلاثة من الشعراء العرب المعاصرين وهم حسب أقدمية تواريخ كتابتهم لقصائدهم الشاعر العراقي المرحوم بدر شاكر السياب والمرحوم عبد الوهاب البياتي 
( عراقي ) وأخيراً الشاعر الفلسطيني محمود درويش. ينتمي هؤلاء الشعراء الثلاثة من حيث الشكل ( الظاهر ) إلى مدرسة كتابة الشعر بأسلوب التفعيلة أو ما يسمى بالشعر الحر حاملين طبائع ما يحمل هذا الشكل من حسنات وعورات قسمةً مشتركة فيما بينهم جميعاً. لكنهم يمثلون ثلاث مدارس متباينة في أساليب التعبير عن المضمون ( الباطن ). إذ 
لكل منهم عالمه الخاص وروحه المتميز وثقافته الشخصية وعمق ( غاطس ) شاعريته ثم قوة المحفز والدافع للكتابة حول هذا الموضوع.
لم يكتب الشاعر السوري أدونيس عن لوركا أبداً، أولم أجد في ما لديَّ من مجموعاته
الشعرية شيئاً من ذلك. كذلك لم يكتب نزار قباني رغم أنه كتب شعراً كثيراً حول نساء الأندلس وغرناطة والحمراء ومدريد وآخر أمير حكم غرناطة.  
ما الذي أغرى هؤلاء الشعراء في أنْ يكتبوا مراثيَ أو سواها في أو عن هذا الشاعر الإسباني ؟ ما الذي يجمعه بهم أو يجمعهم به ؟ ما هي أوجه الشبه أو القواسم المشتركة فيما بينهم سواء من حيث السيرة الذاتية أو المنهج السياسي أو أساليب وتقنيات كتابة أشعارهم ؟ أسئلة كثيرة مُعقدة سأحاول أن أجد لها حلولاً او أجوبةً مناسبة بدراسة ثم تحليل وإستقراء أشعار هؤلاء الشعراء الثلاثة لعلني أُوّفقُ في بلوغ ما أصبو ويصبو القاريء إليه. 

                                    بدر شاكر السياب  
           
                 ( ديوان بدر شاكر السياب/ دار العودة، بيروت 1971 ) 

غارسيا لوركا

كتب السياب قصيدة " غارسيا لوركا " ونشرها ربما لأول مرة في ديوانه " أُنشودة 
المطر " فجاءت كأنها مرآة تعكس أجواء عالم المطر السيابي الرمزي. نقرأ فيها المطر وما يرافق المطر من طوفان ثم الأشرعة وزوارق الأنهار والمغامر المكتشف كولومبس يمخر العباب. ثم نجد أنفسنا وجهاً لوجه أمام تشنجات وتوتر أعصاب السياب الشديد حين يلتحم مع ظواهر الطبيعة القاسية إلتحاماً كما يلتحم المعدن بالمعدن في كل سطر من أسطر القصيدة العشرين. لكأنما يجبر الطبيعة أن تشاركه عالمه الشعري ستاراً مباشراً مرةً يفهمه القاريء بيسرٍ، أو رمزاً أو صورةً معقدة تضطر القاريء أن يعمل فكره وأن يقلّب الأمر وأن يجد التأويلات المناسبة التي قد لا تُرضي الشاعر. القاريء شيء والشاعر شيء آخر. لماذا يلتجيء السياب إلى ظواهر الطبيعة الكونية الشرسة والعنيفة ؟ هل يجد فيها متنفساً وتعويضاً عما يعاني في داخله من ضعف وخوف ومرض ووهن؟ لقد وظّفَ التنور والنار والجحيم والفوران والطوفان والشرر واللظى والقدح والمُدية ( مُدى ) والحجر والفعل مزّق واللون الأحمر ثم الدم ( النجيع ). ثلاث عشرة مفردة تدل على العنف والقسوة والتحدي إستخدمها السياب في هذه القصيدة القصيرة. 
خلافاً للبياتي ودرويش،لم يذكر السياب في قصيدته إسم لوركا.كما أنه لم يذكر غرناطة ولا مدريد ولا إسبانيا. بلى، ذكر إسم العَلَم كولومبس فقط في معرض مقارنة شراع سفينته مع شراع زورق طفل في نهر. 
لنقرأ مع السياب :

في قلبه تنورْ
النارُ فيه تُطعمُ الجياعْ
والماءُ من جحيمهِ يفورْ :
طوفانهُ يُطهّرُ الأرضَ من الشرورْ
ومقلتاهُ تنسجانِ من لظىً شراعْ
تجمعان من مغازل المطرْ
خيوطه، ومن عيونٍ تقدحُ الشررْ
ومن ثُديِّ الأمهاتِ ساعةَ الرضاعْ
ومن مُدىً تسيلُ منها لذّةُ الثمرْ
ومن مُدىً للقابلاتِ تقطعُ السُرَرْ 
ومن مُدى الغُزاةِ وهي تمضغُ الشعاعْ
شراعهَ النديَّ كالقمرْ 
شراعهَ القويَّ كالحجرْ
شراعهَ السريعَ مثلَ لمحةِ البصرْ
شراعهَ الأخضرَ كالربيعْ
الأحمرَ الخضيبَ من نجيعْ
كأنه زورقُ طفلٍ مزّقَ الكتابْ
يملأُ مما فيهِ بالزوارق النهَرْ
كأنه شراعُ كولمبسَ في العُبابْ
كأنه القدرْ.

لوركا إذن وحسب رؤية السياب كالمسيح يطعم من جسده الجياع خبزاً (( والخبز الذي أنا أُعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم. من يأكل جسدي ويشربُ دمي فله حياة أبدية وأنا أُقيمه في اليوم الآخر. إنجيل يوحنا/ 51- 54 )). قلبه تنور أو فرن عصري لشواء الخبز. في قلب الشاعر القتيل نارٌ وفيه جحيم كجحيم الشاعر الإيطالي دانتي يفور منه الماء طوفاناً كطوفان نوح. جمع السياب الضدين في لوركا : النار والماء. النار تطعم جياع البشر خبزاً والطوفان يطهر نفوسهم من الشرور. حتى الآن كلام الشاعر واضح ليس فيه أي تعقيد. بعدذلك مباشرةً  يأتي التعقيد وإدغام الأفكار والمعاني والتقديم والتأخير فيسرح الشاعر مع شتى الخواطر والفكر. عيون لوركا تنسج شراعاً من لظى. وتجمع خيوط هذا الشراع من قطرات المطر المتساقط ومن … ومن… بحيث أنَّ السياب يتيه ويجعلنا معه نتيه في سياحة غير منضبطة ويسرح في تجوال يجمع فيه أحوالاً لا رابط بينها يربطها. كيف يجمع الشاعر خيوط شراع من أثداء الأمهات الرواضع ومن سكاكين قطع الفاكهة ومشارط القابلات لقطع الحبل السري ومن مُدى الغزاة التي تمضغ الشعاع؟
بعد هذا التطواف الذي يشبه كثيراً سياحة الماشي في نومه ينتبه الشاعر فيصحو متذكراً عيون لوركا التي تنسج شراعاً. وحين يؤوب إلى موضوع الشراع يسوح كرّةً أخرى فيسرف قليلاً في وصف هذا الشراع العجيب، فهو ندي كالقمر وقوي كالحجر وسريع مثل لمح البصر، مرة أخضر كالربيع وأخرى أحمرَ من نجيع. وحين يحس الشاعر بالضنى بعد كل ما بذل من طاقة ومن جهد وبعد أن تتقطع أنفاسه اللاهثة في صدره العليل المُتعب يغير الجو ويبدّل ذبذبة فيضه الروحي فينتقل إلى عالم الطفولة واللهو مع زوارق الورق تطفو على سطوح الماء الذي لا يفارق أشعاره. ثم يجرّه ماءُ النهر بوعي أو بدونه إلى عالم الماء الأكبر : عُباب البحار ومخاطر الخوض في هذا العالم.
هل جمع لوركا فيه كل هذه المتناقضات ؟ لا أحد يعرف الجواب.كان يحب المسرح والغجر وكان طبعُ غريزته الجنسية منحرفاً وكان ثوريا لكنه لم يحمل السلاح دفاعاً عن الجمهورية الديمقراطية ضد كتائب فرانكو.كيف جمع السيّابُ النارَ والطوفانَ والشررَ وسكاكين الغزاة مع حليب رضاعة الأطفال ولذة الفاكهة ونداوة القمر وخضرة الربيع وزوارق الطفولة البريئة ؟ جمع كل هذه الأضداد في عشرين سطراً. هذا هو السياب الشاعر – الإنسان كما هو بعالميه الباطن والظاهر، القبيح والجميل، المتدني والنبيل السامي، العنيف والهاديء المسالم.لم تترك هذه القصيدة في نفسي إنطباعاً يقول إنَّ السياب ( يتشبّهُ ) بلوركا أو يسقطه على نفسه أو إنه يتمنى أن يموت يوماً كما مات لوركا شهيداً يسارياً مناضلاً من أجل الحرية. كان لوركا إنساناً عادياً وشاعراً مرموقاً وما كان مسيحاً ولا كان إلهاً يُطعمُ البشرَ خبزاً ويطهرهم من آثامهم وأن عيونه تجبلُ من  حليب الأمهات خيوطاً تنسجها شراعاً ندياً قوياً سريعاً أخضرَ لزوارق الأطفال الورقية ثم لشراع سفينة كولومبوس. قد نفهم فكرة الشراع رمزاً وعلماً لقيادة جماهير الناس نحو هدف محدد، أو رمزاً لحرية نشر قلوع السفن والإبحار في عرض المياه المجهولة تحدياً للأقدار وسعياً لإكتشاف المجهول. هو مرة هكذا، لكنه سرعان ما ينكص ويرتد مُغيّراً طبيعته فيتحول إلى مجرد شراع لسفائن الطفولة الورقية حيث لا مغامرة في مجهول ولا محاولات إكتشاف قارات جديدة.
ما الذي حمل السياب على أن يكتب هذه القصيدة ؟ ربما لأنه وجد قبله من بين الشعراء الإنجليز على وجه الخصوص من كتب في هذا الموضوع. الإبداع وعشق الحرية ثم الشهادة، تلكم أمور تغري الشعراء في أن يخوضوا في لججها.
القصيدة، في نظري، مبالغات كاريكاتورية وتراكيب وبُنى فكرية هندسها الشاعر تجريداً  وفذلكات لفظية طنّانة محكمة الرصف والصف وصور تم تحميضها وطبعها في رأس السياب لا في أعماق روحه.لم أجد فيها شيئاً من ( روح ) السياب التي خصّها به الناقد فوزي كريم وتكلّم عنها مطوّلاً وبإسهاب وطول نفس يُحسد عليه. (( ثياب الإمبراطور/ دار المدى للثقافة والنشر. دمشق 2000 ))

              عبد الوهاب البياتي 
    ( ديوان عبد الوهاب البياتي/ المجلد الثاني، دار العودة، بيروت الطبعة الرابعة 1990 )

                                   مراثي لوركا 
هذا هو عنوان قصيدة البياتي في لوركا، وهي تتألف من ستة مقاطع شغلت ست صفحات من الديوان.كالسياب، يتخذ البياتي في نظمه إيقاع التفعيلة ويُسكّن آواخر السطور ويُضطرُ أحياناً إلى إسقاط بعض الحروف حتى يحافظ على نغمة الإيقاع. جرى  البياتي هنا مجرى عادته الطاغية على أغلب شعره حيث درجَ على أن يمزج فيه الحقيقة بخيال الخرافات والأساطير وحكايا جداتنا وهن يسامرن الأطفال قبل ساعة النوم. وهو في شعره لا يسرف ولا يغالي في الإتكاء على ظواهر الطبيعة أو التورط في إستغلال تداعيات ومدلولات هذه الظواهر. لكنه من الجانب الآخر يُفرِط في ذكر أسماء الأعلام والمدن والبلدان التي زارها أو قرأ عنها. كما أنه لا يجد حرجاً في تكرير بعض مفردات الشتيمة والسباب المُقذع مثل العوران والخصيان والمخانيث وما إلى ذلك. إنه كالمتنبي هجّاء ممتاز.
كالسيّاب،لم يذكر البياتي في قصيدته إسم لوركا لكنه ذكر إسبانيا مرةً واحدةً وذكر غرناطة ثلاث مرات، علماً أنه كتب قصيدتين أُخريين الأولى بإسم " الموت في غرناطة "  في حين حملت الثانية عنوان " النور يأتي من غرناطة ". ذكر في الأولى أسماء عائشة وشهيد كربلاء الحسين بن علي والعذراء ثم لوركا الذي قال عنه (( وصاح في غرناطةٍ معلّمُ الصبيان… لوركا يموتُ، ماتْ… أعدمه الفاشستُ في الليلِ على الفراتْ ))... الأمر الذي لم يقله عنه في مراثيه. في هذه القصيدة رسم البياتي وهيأَ المناخ المناسب لنهر الفرات أن يكون مناسبةً ومكاناً للجمع بين الحسين ولوركا. سقطا شهيدين على ضفاف هذا النهر !! أما في القصيدة الثانية فقد ذكر غار حِراء ودار وحيداً حول الله ثم ذكر غرناطة وقصر الحمراء دون أن يذكر إسم لوركا. 
إذالم يتطرق السياب في قصيدته إلى ذكر الحيوان وعالم الحيوان فإنَّ البياتي ذكر أسماء عشرة من الحيوانات هي الثور والأيّل والخنزير والنسر والدود والجواد والخيول والعنقاء والفيران والببغاء والزواحف. كما أنه قارب عالم المرأة فذكرها بأجمل النعوت من قبيل :
المليكة والأم والغادة والأميرة وعشيقة السلطان ثم الإسم الأثير لديه " عائشة "، عائشة عمر الخيام. 
أستطيع أن أُسمّي المقطع الأول الذي شغل أقل من صفحة " مقطع الموت "… فقد ذكر البياتي الموتَ أربع مرات، علماً أنه يتكون من ثلاثة عشر سطراً فقط. وإنه لرقمٌ مشؤوم ! 
وبالمناسبة… تتردد كلمات الموت والنور والنار بكثرة في أشعار البياتي، وتلك ظاهرة تستحق المتابعة والدراسة. 
ماذا عسانا واجدين في مقطع الموت إنْ قمنا بسياحةٍ خلال سطوره ؟ 
(( يبقرُ بطنَ الأيّل الخنزيرْ
يموتُ " أنكيدو " على السريرْ
مبتئساً حزينْ
كما تموتُ دودةٌ في الطينْ ))
(( لن تجدَ الضوءَ ولا الحياةْ
فهذه الطبيعةُ الحسناءْ
قدّرت الموتَ على البشرْ
وإستأثرت بالشعلة الحيّةِ في تعاقب الفصولْ
ماذا لموتي آهِ يا مليكتي أقولْ ؟ ))

الخنزير يقتل حيواناً مسالماً جميلاً ( إعتداء )، ويموت أنكيدو، صديقُ ونِدُّ جلجامش في الملحمة السومرية الشهيرة، موتاً سريرياً كما يقول الأطباء. البياتي يضعنا في أجواء هذه الملحمة الأسطورية مستعيراً جملة كاملة منها (( قدّرت الموت على البشر )) كما جاءت محفورةً في ألواح الطين أو في الصخر في مدينة أُوروك ( الوركاء ) جنوب العراق. قالت صاحبة الحانة " سيدوري " الساكنة عند ساحل البحر لجلجامش : 
(( إلى أين تسعى يا جلجامش
إنَّ الحياة التي تبغي لن تجد
حينما خلقت الآلهةُ العظامُ البشرَ
قدّرت الموتَ على البشرية
وإستأثرت هي بالحياة )).
(( طه باقر/ ملحمة جلجامش، الصفحة 142 . دار المدى للثقافة والنشر. بيروت 2001 )).
أنكيدو هذا قتل قبل موته مع صديقه جلجامش الثور السماوي الذي طلبته عشتار من أبيها " آنو " كي يقتل جلجامش ويهلكه لأنه أهانها وثلم شرفها.
إلتفاتة بارعة إذ سيعود البياتي لنوع آخر من الثيران، ثيران المصارعة الإسبانية ما دام الكلام عن شاعر إسباني قتيل، ومصير ثيران المصارعة ليس إلاّ القتل كما هو معروف، إمّا قاتلٌ أو مقتولٌ. الثور السماوي قتله ملك جبّار غاشم.كذلك لوركا قتله جنرال دكتاتور فاشي قاد إنقلاباً أسودَ أغرق إسبانيا بالدماء. أنكيدو وجلجامش قتلا حيواناً مرسلاً من السماء وفرانكو قتل إنساناً شاعراً قريباً من السماء. أليس الشعراء أنبياءً ؟ 
نعمْ، إنها كذلك لإلتفاتة شديدة البراعة. أراد البياتي أن يقول – كما قد أحسب – أن مصارعة الثيران عادة أو هواية أو رياضة أو جبلّة قديمة مارسها الإنسان في سومر جنوبي العراق قبل خمسة آلاف عام. إذا لم يقتل الإنسانُ أخاه الإنسانَ ( قابيلُ قتل أخاه هابيل ) فلا بأس أو لا مندوحة من قتل حيوان بريء. المهم هو سفح الدم والغرام العنيف برؤية منظر هذا الدم المسفوح.كان الكنعانيون وبعض الشعوب الأخرى في فلسطين يذبحون أطفالهم البكور تقدمةً لآلهتم فتعلّم إبراهيم الخليل منهم وحذا حذوهم حين أقام بجوارهم فعزم على ذبح ولده ( إسماعيل أو إسحق ) غير أن الرب قدّم له كبشاً بديلاً عن إبنه… كما تقول التوراة وحسبما ورد في القرآن الكريم (( فلمّا بلغَ معه السعيَ قال يا بُنيَّ إني أرى في المنامِ أني أذبحُكَ فأنظرْ ماذا ترى قال يا أبتِ اْفعلْ ما تؤمرُ بهِ ستجدُني إنْ شاءَ اللهُ من الصابرينْ. فلمّا أسلما وتلّهُ للجبينْ. ونادينا أنْ يا إبراهيمُ. قد صدّقتَ الرؤيا إنّا كذلكَ نَجزي المُحسنينْ. إنَّ هذا لهوَ البلاءُ المُبينْ. وفدّيناهُ بذِبحٍ عظيمْ. سورة الصافّات / الآيات 102 – 107 )).  
يخصص البياتي المقطع الثاني للكلام عن مدينة غرناطة، مسقط رأس لوركا. يُشير إليها دون أن يسميها :
(( مدينةٌ مسحورةْ
قامت على نهرٍ من الفضةِ والليمونْ 
لا يولدُ الإنسانُ في أبوابها الألف ولا يموتْ
يحيطها سورٌ من الذهبْ
تحرسها من الرياحِ غابةُ الزيتونْ 
صحتُ على أبوابها الألف ولكنَّ النُعاسْ عَقَدَ الأجفانْ
وأغرقَ المدينةَ المسحورةْ
بالدمِ والدخانْ )). 

في هذا المقطع تختلط المدائن في لوحات البياتي ( وهذا دأبه أبداً ) فقرطبة لوركا تغدو أُوروك، المدينة التي قضى أنكيدو فيها نحبه. وما دمنا في أُوروك فما المانع من أن يستعير الشاعر شيئاً  من أجواء ملحمة جلجامش إياها ؟ قال البياتي عن المدينة المسحورة :

(( رأيتها والدودْ
يأكلُ وجهي وضريحي عَفِنٌ مسدودْ
قلتُ لأمّي الأرض : هل أعودْ ؟
فضحكتْ ونفّضتْ عني رداء الدودْ ))
هذا الدود الذي ذكره البياتي مرتين هو الدود الذي تجمّد على وجه أنكيدو بعد أن قضى نحبه. نقرأ على الصفحة 141 من الملحمة خطاب جلجامش عن أنكيدو:

(( إنه أنكيدو صاحبي وخلّي الذي أحببته حبّاً جمّاً
لقد إنتهى إلى ما يصيرُ إليه البشرُ جميعاً
فبكيتهُ في المساءِ وفي النهارِ
ندبتهُ ستةَ أيامٍ وسبعَ ليالٍ
مُعللاً نفسي بأنه سيقومُ من كَثرةِ بكائي ونواحي
وإمتنعتُ عن تسليمهِ إلى القبرِ
أبقيتهُ ستةَ أيامٍ وسبعَ ليالٍ حتى تجمّدَ الدودُ على وجههِ )). 

ظلّ البياتي يحلم بعودة الأندلس إلى العرب فعاد أو أعاد في عالم الأحلام نفسه إلى المدينة المسحورة قرطبة ( عُدتُ إليها يافعاً مبهورْ ، أعدو على ظهرِ جوادي الأخضرِ الخشب ).
لكنه حين أشرف على أبوابها وجدها غارقةً بالدم ودخان الحرائق.
لا أعرف متى كتب البياتي هذه القصيدة ( وهي جزء من ديوان " الموت في الحياة " )، فالمدن والأسماء والشخصيات التأريخية تختلط في عوالمه ورؤاه الشعرية، أعني أنه ربما قصد بالجملة الشعرية الأخيرة ( وأغرق المدينة المسحورة بالدم والدخان ) مدينة عربية أخرى : بغداد الإنقلابات والتقلّبات أو بيروت الحروب الأهلية  أو القاهرة أثناء حرب الأيام الستة في عام 1967 أو ربما سواها من المدن العربية. أفضل مثَلٍ على هذا التخليط الناجح أجده في إسراف البياتي في خلط إسم وشخصية عائشة وجعله يتنقل بين الحِقب والتواريخ والعصور والأزمنة ثم النساء. فمرّةً هي عشتار البابلية أو السومرية ومرة هي سمير أميس الآشورية أو ليلى ومرّةً أخرى هي واحدة من النساء اللواتي إلتقاهن في موسكو أو سواها من العواصم ( في موسكو يفضّل إسم لارا وقد ورد مِراراً في أشعاره )، وقد تكون إحدى زوجات الفرعون خوفو، لكنها أولاً وآخراً ليست إلاّ عائشة عمرالخيام، زوجته أو حبيبته. في فكر البياتي فلسفة مؤداها أنّ المرأة هي حواء ثم هي إبنة حواء. والمرأة هي هي وإنْ بدّلت إسمها وتبدلت أدوارها في الحياة سواء أكانت كليوباترا المصرية أو الإمبراطورة 
الروسية كاترينا أو الملكة البريطانية فيكتوريا أو إمرأة عاملة بسيطة…مهمتها الأساسية إعادة دورة الحياة بالإنجاب. إبنة الطبيعة تعيد الطبيعة البشرية بإستمرار، تلعب وتعيد دور الأم. ثم إذا كانت الأرض أمّاً فلِمَ لا تكون المدينة ( أوروك أو قرطبة ) أُمّاً ؟ وقد قالها البياتي صريحةً (( قلتُ لأمي الأرض : هل أعود ؟ )). لقد فسّر مفسرو القرآن الكريم لفظة الأم التي وردت في الآية (( ومن خفّت موازينه فأمهُ هاوية )) بأنها تعني الأرض.  

في المقطع الثالث تتحول غرناطة المدينة المسحورة إلى ( غادة مضواع )، إلى سيدة فاتنة جميلة تلبس أقراط الأذنين وتتجمل وتتعطر ( بماء ورد النار وقطرات مطر الأسحار ). مدينة خيالية أو خرافية أو أُسطورية فهي مجازاً طيّارة ورقية يلهو بها الأطفال ترتفع في الفضاء مشدودة بخيط من نور، أي أنَّ الرب حاميها من ضعف آخر أُمرائها الشاب أبي عبد الله الصغير. غرناطة البراءة هذه كانت تتوقع أن تأتيها كتائب الحرس الأسود لتغرقها بدماء  لوركا وغير لوركا من بقية أبنائها المدافعين عنها :
(( تُشيرُ في خوفٍ إلى كثبانها السوداءْ 
فمن هناك الأخوةُ الأعداءْ
جاؤوا على ظهرِ خيولِ الموتْ
وأغرقوا بالدمِ هذا البيتْ )). 

في المقطع الرابع ينسى البياتي غرناطة المدينة المسحورة فينصرف مأخوذاً إلى وصف واحدٍ من مشاهد مصارعة الثيران المعروفة في إسبانيا. لقد سبق وأن مهّد الشاعر لذلك في المقطع الأول، فلقد ذكر أنكيدو قاتل الثور السماوي. في هذا المقطع نرى أنكيدو لا جسداً بارداً طريح فراش الموت بل إنساناً معدّاً إعداداً جيداً لمصارعة الثيران. لكن مع فارق جدَّ كبير : يطعن الفارسُ غريمَه البهيمة طعنةً غير قتّالة، لكنه هو، الفارس أنكيدو، من يخسر المبارزة في نهاية المطاف إذ يسقط قتيلاً مضرجاً بدمائه الساخنة. الثور يخور جريحاً في الساحة وسط تهريج جمهور المتفرجين. هل سقط الثور كالفارس المصارع قتيلاً ؟ السطر الأخير في هذا المقطع لا يفصح عن ذلك صراحةً (( والثورُ في الساحةِ مطعوناً بأعلى صوتهِ 
يخور )). فالفعل يخور قد يعني الخوَر ( تخورقواه فيسقط على الأرض حيّاً لكنْ منهوك القوى أو أن يسقط ميتاً ) وقد يعني الخُوار ( خوار الثور، مثل عواء الكلب ومواء القطط…). في وسط هذا المقطع نقرأ (( فمانِ أحمرانِ فاغرانْ )) وهي إشارة واضحة تدل على سقوط كلٍّ من الفارس والثور الخصم قتلى. 
هل يجوز لي أن أُطلق على هذا المقطع إسم ( مشهد مصارعة الثيران ) ؟ وهل يجوز لي أنْ أقترح حذف هذا المقطع من مجمل القصيدة المكرّسة أصلاً للشاعر الفذ لوركا ؟ أُرجّحُ بقاء المقطع كما هو، فلوركا إبن إسبانيا وإسبانيا أرض مصارعة الثيران العنيفة التي تسيل فيها دماء الثيران أو الفرسان أو كليهما أحياناً. أراد البياتي أن يقولَ إن بلداً كهذا وإن أرضاً كهذه وإنَّ شعباً كهذا مُهيأةٌ بطبيعتها لوقوع كارثة إنقلاب الردة الدموية التي وقعت عام 1936 وكان من أبرز ضحاياها الشاعر فيديريكو غارسيا لوركا. اللوحة تمثّلُ خلفيةً ممتازة وتمهيداً لما وقع وكان البياتي بحق بارعاً في رسم صور مشهد مصارعة الثيران. يُخيل لي أن البياتي أفاد كثيراً من رسوم لوحة الرسّام الإسباني بيكاسو الشهيرة (غيورنيكا ) التي خلّد فيها بالأسود والأبيض مأساة مدينة غيورنيكا التي دمرتها الطائرات الألمانية خلال الحرب الأهلية إياها التي أشعل فرانكو فتيل حرائقها. لقد أعان بذلك هتلر قرينه الجنرال  فرانكو. في هذه اللوحة يقف ببرود ثور كبير مثل ثيران المصارعة كأنه خرج لتوّهِ منتصراً 
وسط وضعٍ متوتر مشحون بأجواء الموت والخراب والدمار. سيف مكسور وأصابع مقطوعة ورؤوس مشوّهة وأم تحمل طفلاً تبحث عن الأمل والخلاص في بصيص من ضوءِ مصباحٍ معلّق فوق الرؤوس. هل هذا الثور البارد الأعصاب هو الجنرال الدموي فرانكو بعينه ؟ الثور الذي فاز بمعركة الصراع وخرج منتصراً على شعب بأكمله بعد أن أغرقه بالدماء والموت والحرائق. أين مكان الشاعر لوركا في هذه اللوحة ؟ أين لوركا صاحب مسرحية ( عُرُس الدم ) ؟
نقرأ بعضاً مما جاء في مقطع مصارعة الثيران :

(( ثورٌ من الحريرِ والقطيفة السوداءْ
يخورُ في الساحةِ والفارسُ لا يراهْ
قرناهُ في الهواءْ
يطاردانِ نجمةَ المساءْ
ويطعنان الفارسَ المسحورْ
ها هو ذا بسيفهِ المكسورْ
مُضرّجٌ بدمهِ في النورْ
فمانِ أحمرانِ فاغرانْ
شقائقُ النعمانْ
على سفوحِ جبلِ الخرافةْ
دمٌ على صفصافةْ
- أيتها النافورةُ الحمراءْ
أسواقُ مدريدَ بلا حنّاءْ
فضمّخي يدَ التي أُحبها بهذه الدماءْ
يا صيحةَ المهرّجِ، الجمهورْ
ها هو ذا يموتْ
والثورُ في الساحةِ مطعوناً بأعلى صوتهِ يخورْ )).

وبعد، ماذا عسانا واجدين في المقطعين الأخيرين الخامس والسادس ؟ لا شيءَ يستحق الذكر… تقريباً. في الخامس إعادة لبعض ما جاء في المقطع الثالث : غرناطة الطفولة السعيدة أو الخضراء ثم الطيارة وخيط النور الذي يهتزُّ في السماء. خلاف ذلك فقد أقحم البياتي أموراً إقحاماً مصطنعاً لا لشيء إلاّ لتغيير الأجواء وتمتين نص المقطع ( الخامس ) وتحسين طعمه بإضافة بعض التوابل وتجميل صورته بالأصباغ والألوان إذ حوّلَ المدينة المسحورة غرناطة، الطيّارة التي سقطت في خنادق الأعداء، إلى جارية تباع في أسواق النخاسة لكنها الآن تحمل الأسم الأثير لديه : عائشة، ثم طائر العنقاء الذي يقوم حيّاً من رماده. ثم ينتقل إلى وطنه العراق (بابل ) فيذكر أميرةً أسيرة فيه لعلها عشتار أو سمير أميس، الأميرة التي جاءوا بها من المدن الجبلية في الشمال وإبتنوا لها جنائن بابل المُعلّقة.
لقد خالف مطلع هذا المقطع منطق سياق القص في المقاطع السابقة حيث رأينا لوركا ميتاً كما أنكيدو، ورأيناه فارساً يصارع ثوراً فيسقط أمامه قتيلاً فكيف يعود إلى الحياة مقاتلاً حتى الموت من شارع لشارع ليزرع الأوغادُ الخناجرَ في جسمه لتسقط غرناطة بعيد ذلك مباشرةً ؟ أهي أُسطورة طائر العنقاء الذي ذكره في هذا المقطع ؟ يبقى الشاعر في لوركا ويبقى لوركا الشاعر حيّاً متجدداً أبداً والشهداء لا يموتون بل يبقون أحياءً  يُرزقون ؟ 
إذا كرر البياتي في المقطع الخامس بعض ما جاء في المقطع الثالث من هذه القصيدة فلماذ أعاد في قصيدة ( ديك الجن ) ثلاثة أبيات سبق وأن قالها في المقطع الأول من مراثي
لوركا ؟ أعني قوله حرفياً :
(( فهذه الطبيعةُ الحسناءْ
قدّرت الموتَ على البشرْ
واستأثرتْ بالشعلةِ الحيةِ في تعاقب الفصولْ )).
إذا قتل الشاعر ديك الجن حبيبته وأحرق جثتها في ساعة سكرٍ وجبل من رمادها كأساً
لشرابه فإن لوركا ما كان حبيباً ولا كان أثيراً لدى قاتله فرانكو كما هو معلوم.لم يُحرقْ جثمانُه ولا أحدَ يعرف أين تمَّ دفن جسده وتحت أية تربةٍ في غرناطة. إذن لا سبيلَ للمقارنة أو المقابلة بين الواقعتين. قصيدة ( ديك الجن ) جاءت في الديوان بعد مراثي لوركا مباشرةً. 
مرّةً أخرى، نواجه فلسفة البياتي وإيمانه القوي الراسخ أنَّ بعض مظاهر الطبيعة ووقائع الحياة تتكرر بهذا الشكل أو بذاك. النتيجة واحدة وإنْ تعددت وتنوّعت الوسائل والتفصيلات. فكما أنَّ عائشة تبقى عائشة، المرأة حواء وإبنة حواء بصرف النظر عمّا تقوم به من أدوار.كذلك الموت، يبقى موتاً مهما تعددت سبل تنفيذه، سواء جاء نتيجة طعنة سيف أو خنجر أو جاء نتيجةً لطعنةٍ بقرن خنزيرٍ أو ثور أو بإطلاقة حرسٍ فاشيٍّ أسود أو بشظية قنبلة مدفع أو برصاصة عدو في إحدى جبهات القتال أو أن يموتَ الإنسانُ حتف أنفه في بيته على سرير نومه أو على سرير أحد المستشفيات. وعليه فإنّ الموت هو سرير واحد يضطجع عليه مناصفةً كلٌّ من لوركا القتيل وعشيقة ديك الجن القتيلة. 
أفلم يقل شاعر مجهول :
                                 ومن لم يمتْ بالسيفِ مات بغيرهِ
                                 تعددت الأسبابُ والموتُ واحدُ
وقال أبو الطيب المتنبي :
                               فطعمُ  الموتِ  في أمرٍ حقيرٍ 
                               كطعمِ الموتِ في أمرٍ عظيمِ

يتكلم البياتي في المقطع الأخير وهو السادس عن المدن التي أخلفت المدينة المسحورة غرناطة. إنه يضع المدن الأكثر سوءاً في مقابل المدن الأكثر نقاءً وجمالاً. فمدريد أضحت عاصمة الديكتاتور فرانكو بعد أن سقطت مدينة النور غرناطة. مدريد التي إنبطحت أمام جحافل الفاشيست أصبحت مدينة ( الضرورة ) التي تقرض الفئرانُ فيها الرجال الذين يتشوهون ويتلوثون لا محالةَ في أوساخ مثل هذه المدن وبما أتى به الطوفان من أعراف
وتقاليد لا تمتُّ بصلةٍ لأعراف وتقاليد مدينة النور المسحورة. لقد قابل المدينة الرأسمالية الجديدة مدريد برمزٍ لمدينة وحضارةٍ كانت تسير في الطريق لبناء الإشتراكية، وكان لوركا محسوباً على اليسار الإشتراكي. 
في هذا المقطع يتلمس المرء خيوطاً ضعيفة متأثرة بما كتب الشاعر الإنجليزي توماس إليوت في قصيدته الشهيرة ( الأرض الخراب )  The Waste Land .

                        محمود درويش
 ( ديوان محمود درويش/ دار العودة، بيروت، الطبعة الثالثة 1971 )

                     لوركا
لوركا هو عنوان قصيدة محمود درويش، كلمة واحدة فقط، كلمة بسيطة. القصيدة تنتشرُ على أربع صفحات صغيرة ( نفس قياس صفحات ديوان السياب ) جعل الشعر فيها على شكل رباعيات ذكر فيها مدريد مرتين ولوركا ثلاث مرات وكذا ذكر إسبانيا ثلاث مرّاتٍ. وكسابقيه الشاعرين إلتزم درويش إيقاع التفعيلة ودرج مثلهما على الوقوف على القوافي وآواخر الأبيات أو السطور إلاّ فيما ندر من الحالات. 
هل ظلمتُ الرجل إذ وضعته في صف واحدٍ وعلى منصّة واحدة من حيث الإرتفاع عن مستوى الأرض مع السياب والبياتي لأقارن بين ما قال هو وما قال الشاعران الآخران حول موضوع واحد ؟ الجواب كلاّ. الغريب – وما أكثر الغرائب في الحياة – إني كنت قبل أن أدرس قصيدتي السياب والبياتي شديدَ الإعجاب بقصيدة محمود درويش. نعم، وبقيتُ كذلك بعد أن فرغت من دراسة هاتين القصيدتين. وجدته يتخذ لنفسه في هذه القصيدة مكاناً لائقاً في ذات الحافلة التي يستقلها مع السياب والبياتي. ولكي نتفهم قصيدته جيداً علينا أن نفهم أنَّ ظروفه وتكوينه وثقافته تختلف بشكل جوهري عن ظروف وتكوين وثقافة الشاعرين الآخرين. ما كان عليلاً ومنبوذاً ومحُارباً في رزقه ولقمة أطفاله وقبيح الصورة كالسياب الذي كان أشدهم معاناة وأكثرهم بؤساً في حياته القصيرة. ولا كان فقيراً مُدقِعاً شديد التلوّن السياسي كالبياتي الذي ذاق الحالين في حياته الطويلة : المُرَّ في موسكو والحلو في القاهرة ومدريد وعمّان ثم دمشق حيث يرقد جثمانه تحت ثراها.
 لقد رأى كلٌ منهم شيئاً من لوركا في نفسه أو رأى شيئاً من نفسه في لوركا. ثلاثتهم شعراء إنخرطوا بهذا الشكل أو ذاك في العمل السياسي وتحمّلوا جرّاء ذلك ما تحمّلوا من فصل من الوظائف وتشرّدٍ وحرمان ومنافٍ. لكن يظلُ درويش متميزاً بأمور كثيرة أخرى تباعد ما بينه وبينهما. فهو ربيب حيفا المُترف وشاعر فلسطين المبرِّز ومدلل الشعراء العرب والنخبة العربية المثقفة، وهوالمناضل الثابت من أجل فلسطين سياسةً وعقيدةً.لم ينقلبْ ولم يتلون ولم يتغير كما فعل صاحباه. عانى ما عانى في بيروت بعد الإجتياح الإسرائيلي للبنان. ثم أصبح بعد ذلك أحد الوجوه البارزة في منظمة التحرير الفلسطينية وسفيراً لفلسطين في باريس.كل هذه العوامل مجتمعةً تجعله مختلفاً عن صاحبيه في أسلوب التعامل مع موضوع تراجيدي معقد كموضوع مصرع لوركا. لا يقل عن ذلك أهميةً موضوع المرأة في أشعاره. فبيئته المنفتحة في حيفا وصداقاته المنوعة مع الجنس الناعم ثم إقامته الطويلة في بيروت ثم سفارته في باريس عاصمة الثورات والعطور والجمال والمتاحف والزهور والأناقة والترف الحضاري … كل هذه العوامل جعلت الشاعر دونما أدنى ريب مخلوقاً آخر يختلف جذرياً عن السياب الذي كان يشكو أبداً من الحرمان الجنسي وحين تزوج قرينته أم غيلان لم يعرف إمرأة أخرى سواها. وكذلك كان الأمر مع عبد الوهاب البياتي، فقد قضّى أعوام شبابه الباكر وأعوام الدراسة في دار المعلمين العالية دون أن يعرف طعم الحب أو الصداقة مع الجنس الآخر. في شعره نجد إشاراتٍ كثيرة عن الحب لكنها مجرد نظم وتلفيق ( وشطحات صوفية ) وبقايا أماني سنيِّ المراهقة. وحين إقترن بإبنة عمه أم علي لم يعرف إمرأةً سواها على الإطلاق. أردتُ أن أقول إنَّ روح وتربة وطينة محمود درويش ونشأته وبيئاته الرقيقة والناعمة والأرستقراطية أحياناً أعدّته لأن يكون شاعر رومانس وفتنة وجمال وغزل متميزاً ومتفوقاً على صاحبيه. هل من عجب حين نجد الشاعر يمزج هذه الأجواء المخملية بألفاظ العنف والخروج عن ( الأتيكيت ) الدبلوماسي الذي تعلّمه فيما بعد فأتقنه في باريس سفيراً لبلده فلسطين ؟ نقرأ في قصيدته ألفاظاً مثل الدم والزلزال والإعصار والرياح والزئير وتطاير أحجار الشوارع والنظر الشزْر والأسياف والجرح والإعدام. عاش وعايش درويش كارثة إحتلال فلسطين ومحنة شعبه تحت الإحتلال والتفرقة والتعسف. ترك أو أُجبرَ على ترك وطنه ليجد نفسه بعد ذلك في بيروت 
محاطاً بالدماء والخراب والقصف العشوائي والموت اليومي أثناء الإجتياح الإسرائيلي عام 1982. هل كان الشاعر يتنبأ بما سيقع في لبنان ساعات كتابته لهذه القصيدة فأفرغ فيها تفاصيل نبؤته وإختلط فيها الماضي الجميل العريق بالمستقبل المظلم الأسود حيناً والأحمر دماً أحيانا ؟ هذا ما حصل. نقرأ أغلبَ ما جاء في قصيدة " لوركا " لمحمود درويش :

(( عفوَ زهرِ الدم يا لوركا وشمسٌ في يديكْ
وصليبٌ يرتدي نارَ قصيدةْ
أجملُ الفرسانِ في الليلِ يحجّون إليكْ
بشهيدٍ وشهيدةْ.
هكذا الشاعرُ زلزالٌ وإعصارُ مياهْ
ورياحٌ إنْ زأرْ
يهمسُ الشارع للشارعِ قد مرّت خطاهْ
فتطايرْ يا حجرْ. 
هكذا الشاعرُ موسيقى وترتيلُ صلاهْ
ونسيمٌ إنْ هَمَسْ
يأخذُ الحسناءَ في لينِ إلهْ
وله الأقمارُ عُشٌّ إنْ جلسْ.
لم تزلْ إسبانيا أتعسَ أمِّ
أرخت الشعرَ على أكتافها
وعلى أغصانِ زيتونِ المساءِ المدلهمِّ 
علّقتْ أسيافها.
عازفُ الجيتارِ في الليلِ يطوفُ الطُرُقاتْ
ويغني في الخفاءْ
وبإشعاركَ يا لوركا يلمُّ الصَدَقاتْ
من عيون البؤساءْ .
العيون السودُ في إسبانيا تنظرُ شَزّراً
وحديث الحبِ أبكمْ
يحفرُ الشاعرُ في كفيهِ قبراً 
إنْ تكلّمْ.
نسيَ النسيانُ أنْ يمشي على ضوءِ دمكْ
فاكتستْ بالدمِّ بسماتُ القمرْ
أنبلُ الأسيافِ… حرفٌ من فمكْ
عن أناشيد الغجرْ
أجملُ البلدانِ إسبانيا، ولوركا يا صبايا
أجملُ الفتيانِ فيها
يا مغني النار وزّعْ للملايين شظايا
إننا من عابديها.

القصيدة واضحة تفصح بتواضع جمٍّ عن مضامينها. إنها خالية من بُنى السياب الفكرية المعقدة والتجريد والتضمين والتقديم والتأخير وشراع كولومبس. ولا نجد فيها إستطرادات البياتي وخلطه الأوراق المحكم وتهويماته الصوفية وإفراطه في الرمز والرجوع إلىالتأريخ القديم سائحاً وبحاراً ممتازاً. ليس فيها أنكيدو وعشتار وعائشة وأميرات بابل وصور مصارعة الثيران وقائمة الحيوانات الطويلة. لا شيءَ من ذلك فيها. إنها أُغنية تصدح بالنغم والإيقاعات التي تدخل النفس بسهولة وعفوية. يتكلم عن شاعر قتيل من خلال أجواء دينية مسيحية " الصليب " والتراتيل ثم يذكر الإله والموسيقى والحج والشهادة والصلاة والأقمار. أجواء وطقوس كنسية معروفة في البلدان المسيحية وكان لوركا مسيحياً في إسبانيا الكاثوليكية.لقد قاد فرانكو إنقلاب الردة الأسود بدعوى إنقاذ المسيحية الكاثوليكية من الإلحاد. ثم لا ينسى درويش وقد ذكر الموسيقى والتراتيل أن يذكر آلة العزف الإسبانية المشهورة " الجيتار" والغجر الذين يستخدمون هذه الآلة في غنائهم المرافق لرقصة " الفلامنكو " الأندلسية ذائعة الصيت. ثم تعود عروق محمود بالضرب على أوتار روحه وطبيعته الرومانسية فيذكر أجمل الفرسان والقمر – العُش والحسناء وحديث الحب وأجمل الفتيان وعطر زهر البرتقال.لم نجد هذه الأجواء الفارهة في قصيدة السياب لكن قد نجد القليل القليل جداً جداً منها في قصيدة البياتي.  
أحسبُ أنَّ المحاكمة الأكثر عدلاً هي في مقارنة هذه القصيدة بالذات مع أشعار نزار قباني التي قالها عن إسبانيا والأندلس وغرناطة وقصر الحمراء وهي كثيرة في دواوين نزار. ليس لدي شك في أنَّ درويش قد درس جيداً وإستوعب أشعار نزار هذه وتمثلها وهضمها فتأثر بها عميقاً قبل أن يجلس ليكتب قصيدة " لوركا ". الرجل لا ينكر تأثره بباقي الشعراء، وتلكم فضيلة يُحمد عليها.