الطوفان قادم يا مرسي ..!/ شاكر فريد حسن


كم كان فرحنا عظيماً عندما اندلعت الثورة في مصر الكنانة ، مصر ام الدنيا وقلب العروبة النابض ، مصر النيل والحضارة والثقافة والتنوير والاصلاح ، مصر احمد عرابي وقاسم امين وطه حسين وعبد الناصر ، لأن هذه الثورة جاءت بهدف التغيير واجراء الاصلاحات الجذرية وتحقيق المطالب الشعبية والجماهيرية المشروعة ، واعادة الهيبة والكرامة لمصر صاحبة الدور القومي الرائد ، وبغية تحقيق الحرية والديمقراطية والرخاء للشعب ، والقضاء على الفساد والجريمة والتبعية للغرب ، واسقاط حكم مبارك  .لكن للاسف ان هذه الثورة سرقت على يد الجماعات الاصولية الاخوانية والجهادية التكفيرية مثلما سرقت بقية ثورات ما سمي بـ "الربيع العربي" الذي تحول لـ "ربيع" امريكي اسرائيلي .
لقد اثبتت تطورات ومجريات الاحداث في مصر فشل رئيس الجمهورية محمد مرسي ، الذي ينتمي للاخوان المسلمين ووصل الى الحكم برضى وغطاء امريكي اسرائيلي وغربي ، في قيادة السفينة الغارقة في نهر النيل العظيم، وادارة شؤون مصر الداخلية ، حيث واصل سياسة النظام السابق بالتبعية والارتماء في احضان الامبريالية الامريكية والغرب الاستعماري ، ولم ينجح في تحقيق جزء من آمال وطموحات واماني الشعب المصري في العدل والحرية والديمقراطية والكرامة والحياة الشريفة . فالاوضاع السياسية والاجتماعية والاقتصادية في مصر زادت سوءاً ، وتعمقت دائرة الفقر والبطالة، وانتشر التخلف والفساد الاخلاقي والسياسي والاجتماعي ، وعمت الفوضى الخلاقة ، وتواصلت معاناة الفئات والطبقات الشعبية الضعيفة الكادحة المسحوقة من غلاء المعيشة وغلاء الأسعار ، ومن التهميش والاقصاء لغير الاخوان ، ولم يحترم الرأي الآخر مما زاد الاحتقان الجماهيري ودفع بالشعب المصري ونخبه المثقفة وقواه التقدمية واليسارية المعارضة السابحة ضد التيار الى الانتفاض والاحتجاج في ميدان التحرير وشوارع القاهرة وساحاتها وميادينها، والمطالبة باسقاط الحكم الاخواني التسلطي القمعي ورحيل مرسي .
ان ما يجري الآن في مصر من اعمال احتجاجية لم يأت من فراغ وانما استكمال للثورة ، ورفض للهيمنة الاصولية الاخوانية والتبعية للانظمة العميلة والاستعمار الامبريالي الاجنبي ، وكذلك رفض صريح وواضح لاخونة مصر واستغباء الجماهيرمن قبل الحزب الحاكم ، وادانة للمحسوبيات والفساد المستشري  .  وهذه الجماهير الغاضبة التي خرجت عن بكرة ابيها للتظاهر والاحتجاج على سياسة وخطاب مرسي فانها خرجت لتدافع عن كرامة وشرف وعروبة مصر وقدسية الثورة ولأجل الخبز والعدالة الاجتماعية وحرية الفكر والتعبير عن الرأي ، وفي سبيل بناء نظام سياسي ديمقراطي تقدمي مدني وحضاري يؤمن بالتعددية السياسية والفكرية ويحترم الرأي الآخر ويحقق الرخاء الاقتصادي ، ويتبنى سياسة واضحة معادية ومناهضة للاستعمار والامبريالية الامريكية والرجعية العربية . وقد بات واضحاً ان مرسي وجماعته انخرطوا في المؤامرة الكونية ضد سورية بهدف تجزئتها وتفسيمها وتفكيكها ، حين اغلق السفارة السورية في القاهرة ودعا للجهاد في سورية .
ولا يختلف عاقلان ان محمد مرسي لا يصلح بأن يكون رئيس جمهورية ، بل يصلح ان يكون فقط خطيباً في المساجد ، ولكي يمنع سفك الدماء وسقوط الضحايا وكي يحفظ مصر ام الدنيا من حرب اهلية ومعارك دامية طاحنة فيجب ان يتنحى ويستقيل في الحال ويرحل عن سدة الحكم ويعلن عن انتخابات ديمقراطية مبكرة في مصر .هذا هو الحل والمخرج الوحيد للازمة الراهنة ، فلا يمكن تأسيس وبناء دولة حديثة عصرية على اساس ديني ، واذا لم يتنحى  فالطوفان الشعبي قادم وقادر على اسقاطه .

تمديد المهلة الفلسطينية لكيري/ نقولا ناصر

(يستمر مفاوض منظمة التحرير الفلسطينية في تمديد المهل الزمنية ل"الوسيط" الأميركي وبالتالي في منح المزيد من الوقت مجانا للاحتلال والاستيطان والتهويد)

خلال كلمة له ألقاها مؤخرا في الولايات المتحدة قال وزير الخارجية البريطاني وليم هيغ، معبرا عن رأي الاتحاد الأوروبي كذلك، إن "الأزمة الدولية الملحة" الآن هي قضية سورية، وفي آخر اجتماع لها في مجلس أمن الأمم المتحدة ممثلة لبلادها فيه قبل أن تباشر عملها الجديد مستشارة للأمن القومي الأميركي قالت سوزان رايس إن عدم تحرك مجلس الأمن الدولي بشأن الملف السوري يمثل "وصمة عار أخلاقية واستراتيجية على سجله".
ومن الواضح أن جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي متفقتان مع هذا التقويم الأوروبي الأميركي للأولويات في المنطقة.
ويتجاهل هيغ أن الأزمة السورية ليست إلا مجرد تفرع سوري عن الأزمة الأصل المتمثلة في احتلال فلسطين وفي الدعم الأوروبي الأميركي للمشروع الصهيوني فيها، وهي الأزمة التي تفرعت عنها كل الأزمات والحروب وعدم الاستقرار وانعدام الأمن الإقليمي، بقدر ما تتجاهل رايس حقيقة أن الحماية التي وفرتها الولايات المتحدة وأوروبا لدولة المشروع الصهيوني لمنع المجتمع الدولي من تطبيق قرارات الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية كانت وما زالت هي التي تمثل حقا "وصمة عار أخلاقية واستراتيجية" في سجل مجلس الأمن الدولي وفي السجلين الأميركي والأوروبي على حد سواء.
وهذه الأولوية الأميركية والأوروبية تدرج في مجال التضليل السياسي والإعلامي المحاولة الخامسة التي يقوم بها حاليا وزير الخارجية الأميركي جون كيري لاستئناف ما سماه "عملية السلام" بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مدعيا بأن هذه مهمة "ملحة" لأن "الزمن هو عدو عملية السلام" كما قال، مضيفا أن "مرور الزمن يخلق فراغا" يملؤه من لا يريدون تحقيقها.
وبالرغم من أهمية "عامل الزمن" التي ركز كيري عليه، فإنه، كما قال في الكويت، لا يريد أن "يحدد مواعيد نهائية لعملية السلام"، ولا "أريد أن أحشر نفسي" في "حدود زمنية"، ليواصل وزير الخارجية الأميركي الثامن والستين ملهاة أسلافه في "إدارة الصراع" العربي الصهيوني حتى يتوفر الوقت الكافي لدولة الاحتلال الإسرائيلي لاستكمال تهويد البقية التي لم تتهوّد بعد من فلسطين التاريخية.
وما زال كيري، كما أسلافه، يجدون في رئاسة منظمة التحرير ومفاوضيها خير معين لهم في استمرار هذه الملهاة، إذ بالرغم من الإعلان عن ثقتهم في أن أي جولة جديدة قد تستأنف للمفاوضات سوف "تفشل كما سابقاتها"، فإنهم يمنحون المهل الزمنية المتتالية للاستمرار الأميركي في "إدارة الصراع"، في استراتيجية لخصها الرئيس محمود عباس في مقابلة صحفية عقب فوز بنيامين نتنياهو برئاسة حكومة دولة الاحتلال عام 2009  باستراتيجية "الانتظار"، وكأنما الزمن حليف لمفاوضيه، وليس حليفا لسياسات الاستعمار الاستيطاني التي غيّرت إلى غير رجعة التوازن الديموغرافي والجغرافي لصالح الاحتلال في الضفة الغربية المحتلة عام 1967، وبخاصة في شرقي القدس، ولذلك مر من دون ضجة يوم العشرين من حزيران / يونيو الجاري الذي حدده مفاوض المنظمة موعدا لنجاح كيري في مهمته.
ويتضح من إعلان كيري في مؤتمر صحفي عقده في الكويت عن "الحاجة لإحراز تقدم" في المحادثات بين المنظمة وبين دولة الاحتلال قبل شهر أيلول / سبتمبر المقبل أنه حصل على مهلة فلسطينية جديدة حتى ذلك التاريخ، الذي يصادف الذكرى السنوية العشرين لتوقيع اتفاق أوسلو الأول، والذي يتزامن أيضا مع الانعقاد السنوي للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو كذلك الموعد الذي حددته الرئاسة الأميركية لوزير خارجيتها لاستئناف المفاوضات الثنائية كما قال مسؤولون أميركيون كبار لوكالة الأسوشيتدبرس الأسبوع الماضي.
ويمنح مفاوضو المنظمة المهلة الجديدة لكيري بحجة عدم منح الأميركيين أو غيرهم ذريعة لتحميلهم المسؤولية عن فشل مهمة كيري. ولم يترك جبريل الرجوب، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح التي تقود المنظمة والمفاوضات معا، مجالا للشك في ذلك عندما أكد للإذاعة العبرية "كول إسرائيل" أمس الخميس عدم وجود "شروط مسبقة" لدى مفاوض المنظمة "للعودة إلى المفاوضات" واستعداده للقاء نتنياهو "في منتصف الطريق" من دون أن يوضح ما هو هذا "الطريق" ولا أين يقع منتصفه أو بدايته أو منتهاه سوى تكرار الحديث عن كون "حل الدولتين هو الأساس".
لذلك لم يكن مستغربا أن تحظى جولة كيري "المكوكية" الخامسة بتأييد "من القلب" من قادة جماعات الضغط الصهيونية واليهودية الأميركية كما قال رئيس اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة "ايباك"، مايكل كاصن، يوم الأربعاء الماضي.
لقد وصل كيري إلى العاصمة الأردنية عمان أمس الخميس ليتخذ منها "قاعدة" اتصالات ومحادثات مكوكية مع مضيفيه الأردنيين ومع الرئيس عباس ينطلق منها إلى القدس المحتلة حيث يجري مباحثاته مع نتنياهو، بينما انتهت لتوها في الأردن مناورات "الأسد المتأهب" للتدرب على التدخل العسكري في سورية عندما تقتضي الضرورة، وحيث استبقيت بعض القوات والمعدات العسكرية الأميركية التي شاركت في تلك المناورات، وهو ما يثير أسئلة عما إذا لم تكن ملهاة جهود كيري الجديدة لاستئناف مفاوضات منظمة التحرير مع دولة الاحتلال مجرد ساتر دخاني ومحاولة لإبقاء الجبهة الفلسطينية هادئة إلى حين الانتهاء من "حسم" الأزمة السورية.
والمحطة الأردنية هي مجرد محطة واحدة من سبعة محطات في سبعة بلدان توقف كيري فيها خلال جولته الخارجية الحالية التي تستغرق أسبوعين، لكن هذه المحطة تقع في مركز المحطات الإقليمية لجولته في قطر والعربية السعودية والكويت وفلسطين المحتلة المتورطة جميعها في الاستراتيجية الأميركية ل"تغيير النظام" في سورية، وهو ما يثير شكوكا جادة في وصف كيري لمهمته "السلمية" بأنها "ملحة"، ويعزز إعلان نظيره البريطاني هيغ بأن قضية سورية هي "الأزمة الدولية الملحة" الآن على جدول الأعمال الأميركي، ويحول جهود كيري "السلمية" على الجبهة الفلسطينية إلى مجرد مناورة علاقات عامة لمنع أي انفجار وطني فلسطيني من المؤكد أنه سوف يقود إلى خلط الأوراق الإقليمية والأميركية إن وقع.
وإذا كان مفاوض المنظمة أحرص من الأميركيين على منع هذا انفجار كهذا، فإن حكومة دولة الاحتلال لا تبدو معنية بحرص مماثل، فرئيسها نتنياهو يهدد قطاع غزة، وحليفه وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان يحرض عل "التطهير الشامل" للقطاع المحاصر، ونائب وزير حربه داني دانون يؤكد عدم وجود أساس "إسرائيلي" لنجاح مهمة كيري بإعلانه أنه "لم يكن هناك أبدا أي نقاش أو قرار أو تصويت في الحكومة حول حل الدولتين"، ووزير اقتصاده نفتالي بنيت يخبر مستوطني الضفة الغربية بأن "محاولة إقامة دولة فلسطينية "في أرضنا" قد انتهت".
ومع ذلك يستمر مفاوض المنظمة في تمديد المهل الزمنية ل"الوسيط" الأميركي وبالتالي في منح المزيد من الوقت مجانا للاحتلال والاستيطان والتهويد.
* كاتب عربي من فلسطين   
* nassernicola@ymail.com

جولة كيري الخامسة: مقاربات الحل النهائي غير متوفرة/ راسم عبيدات

ربما في هذه الزيارة أو الجولة  الخامسة لوزير الخارجية الأمريكي كيري  تحط رحاله  بشكل نهائي،فهو لن يستطيع إستحلاب الثور،فالقراءة الواقعية والمتأنية بعيداً عن التطير،تقول بأن القيادة الإسرائيلية الحالية،هي أكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفاً وهي جاءت للحكم على أساس مواصلة الإستيطان وأرض"اسرائيل"  التوراتية،
وبالتالي هي ليست جاهزة  او مستعدة لتقديم تنازلات تلامس الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني(دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران/1967)،او متناقضة مع البرنامج الذي وصلت على أساسه للحكم،فهي بموافتها تلك تكون قد حكمت على نفسها بالإنتحار السياسي،واليوم التطرف  القومي والديني في المجتمع الإسرائيلي في اعلى درجاته،ونحن نتلمس ذلك في الحرب التي تشن على الشعب الفلسطيني على طول وعرض جغرافيا فلسطين التاريخية،
فكل يوم هناك إعتداءات على المواطنين العرب الفلسطينيين من قبل ما يسمى بمجموعات "جباية الثمن" والمستوطنين،وكذلك حكومة الإحتلال تنفذ عمليات تطهير عرقي بحق الشعب الفلسطيني في اكثر من مكان القدس والنقب وغيرها.والقيادة الأمريكية ومعها  توابعها من دول الإستعمار الغربي،ليس لديها الجرأة لفرض حل يتعارض مع رغبات ورؤية ومصالح اسرائيل،ولذلك فكيري الذي بدأ يخفض من سقف توقعاته، سيحاول العودة الى ادارة الأزمة من جديد، حتى يحفظ ماء وجه وخصوصاً انه قال بانه سيستحلب "الثور" وس"يخرج الزير من البير" وسيحقق ما عجز اسلافه عن تحقيقه،ومن هنا وجدنا ان الحديث والطرح بدأ بالإتجاه والإنزياح نحو حلول  سابقة كلها لا تحمل عنواناُ ولا تشكل وصفات  لإنهاء الإحتلال،بل إدامته وتكريسه وإستمراره،فاليوم يعود الحديث عن خطوات بناء الثقة و"السلام" الاقتصادي والدولة ذات الحدود المؤقتة،وهذه الحلول كلها رفضت من قبل الشعب الفلسطيني سابقاً،فالشعب الفلسطيني يريد حرية وتحرر من نير الاحتلال وإقامة دولته المستقلة،لا شرعنة وتكريساً للإحتلال ورشوات إقتصادية،ولذلك جاء جس النبض من قبل كيري مدعوماً من اطراف عربية واقليمية ودولية،خلال مؤتمر دافوس الاخير الذي عقد في الأردن،والذي طرح فيه السلام الاقتصادي كمدخل للحل السياسي،ورصد أربعة مليارات من الدولارات على مدار ثلاث سنوات من اجل اقامة مشاريع"تنموية" فلسطينية،وبالملموس مقايضة الحقوق الوطنية الفلسطينية وانهاء الاحتلال،عبر الهاء الشعب الفلسطيني بمجموعة من المشاريع الإقتصادية الاستهلاكية وتعميق التبعية لمؤسسات النهب الدولية صندوق النقد والبنك الدوليين، فالتنمية تحت الإحتلال وبدون سوق وجغرافيا  موحدة وفي ظل حواجز وجدران عازلة غير ممكنة إن لم يكن مستحيلة،ولذلك ربما يحاول كيري خلق مقاربة جديدة من خلال محاولة إقناع القيادة الإسرائيلية الموافقة على إطلاق مجموعة من الأسرى القدماء،وتجميد مؤقت  لربما لأسابيع للإستيطان وخارج القدس،بما يسهل عليه مهمته وعلى القيادة الفلسطينية العودة الى طاولة المفاوضات،فقضية الأسرى تمس عصب المجتمع الفلسطيني،وتحقيق اختراق فيها الى حدا ما من شأنه ان يسلح القيادة الفلسطينية بموقف يجعلها قادرة ان تعود الى المفاوضات،حافظة جزء من ماء وجهها،وخصوصا انها قالت وتقول بانها لن تعود الى المفاوضات بدون وقف الاستيطان او الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران واطلاق سراح الأسرى على الاقل القدماء منهم.
نحن ندرك انه في ظل المتغيرات على الساحة العربية،وما نشهده من انسحابات لكل دولة عربية بفضل ما يسمى"الربيع العربي" ما بعد الخريف العربي  الى همومها وشؤونها الداخلية،بان هناك تراجع بالاهتمام على المسرح العربي والدولي بالقضية الفلسطينية،ولتصل الامور حد ان تقوم مشيخة ميكروسكوبية عربية تملك النفط والمال،بالسطو على القرار والقضية الفلسطينية،وتطرح حلول لها في جوهرها تشكل تصفية للمشروع الوطني الفلسطيني وتفكيك للقضيته الوطنية،وهذا المتغير العربي يصاحبه ضغوط أوروبية غربية كبيرة تمارس على القيادة الفلسطينية المتشبثة بخيار المفاوضات على قاعدة"عنزة ولو طارت"، دون ان تبحث بشكل جدي عن خيارات اخرى،فحتى خيارها التفاوضي هذا يفترض تقوية العامل الذاتي الفلسطيني،وليس الإستمرار في ضعفه المتسارع من حيث تكريس وشرعنة الانقسام الجغرافي ووجود سلطتين وغيرها...الخ،واظن انه بفشل جولة كيري الخامسة ستطرح اسئلة كبيرة على ضوء ذلك،ممكنات حل الدولتين بعد انغلاق الافق السياسي..؟؟وما هو العمل وما هي الخيارات الفلسطينية الممكنة..؟؟.
وأظن بان كيري في جولته الخامسة والتي أرى انه بها سيختتم دبلوماسيته السياسية،سيحاول إستقطاع المزيد من الوقت،من خلال جلب السلطة الفلسطينية الى مفاوضات تجريبية جديدة من خلال بعض خطوات بناء الثقة الإسرائيلية،لإطلاق عدد من الأسرى القدماء ورشوات اقتصادية وغزالة عدد من السواتر الترابية وفتح طرق،وإظهار بان هناك حركة سياسية لمركزية القضية الفلسطينية،فما يشغل كيري وامريكا واسرائيل والغرب الإستعماري والعديد من الأطراف العربية والإقليمية،ليس حل القضية الفلسطينية،بل تخفيض حدة الصراع ومنعه من الخروج عن الإيقاعات الأمريكية والإسرائيلية،حتى يتسنى لهم معالجة الملفات الساخنة في المنطقة الأزمة السورية وسلاح حزب الله والملف النووي الإيراني،فهذه الملفات وما ستؤول الأمور فيها إليه،ستعكس نفسها على كامل المنطقة لجهة تعزز وسيطرة المشروع الأمريكي – الصهيوني على المنطقة العربية لمئة عام قادمة،وبالتالي تصفية القضية الفلسطينية،او تراجع وإندحار المشروع الأمريكي- الصهيوني،والبحث عن حل يلبي الحدود الدنيا من الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.
كلا الطرفين يلعبان لعبة علاقات عامة في قضية المفاوضات الإسرائيليين،غير الراغبين في تقديم أية تنازلات جدية او جوهرية،والفلسطينيين المدركين لعبثية المفاوضات،ولكن ربما تكون الأمور بعدم الرغبة بالظهور بالرافض للجهود الأمريكية او المفشل لها سبباً للقبول بالعودة إليها،ولكن هذا ليس بالمبرر للإستمرار بالمقامرة والتجريب في حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته الفلسطينية،عبر خيار ونهج ثبت عقمه وفشله خلال عشرين عام مضت.


التنظيم السرى للإخوان.. هم قتلة "حسن البنا"/ مجدى نجيب وهبة

** يارب .. كم من الجرائم ترتكب بإسمك وأنت من ذلك أسمى وأرفع ... إرهابيون يدعون أنهم مجاهدون يرفعون السلاح ثم يقولون بإسم الله ... يقتلون الأبرياء ويدعون أن هذا من أجل الإسلام ... يذبحون الناس ويبررون الذبح بإسم العقيدة ... ينتحرون ثم يزعمون أنهم شهداء فى سبيل الله .
** أيام سوداء مرت بمصرنا العظيمة منذ أن تولى محمد مرسى العياط رئاسة مصر ، بل منذ إندلاع فوضى 28 يناير 2011 .. البعض يرى أنها مؤامرة كبرى لإسقاط مصر ، وهذا ما وضح أمام كل العالم ، ومع ذلك يرى بعض المغيبين والبلهاء وفاقدى العقل أنها ثورة مجيدة أطاحت بالفساد ورحبت بالإرهاب ...
** أيام سوداء منذ أن بليت مصر بهذا التنظيم الإرهابى "القتلة ، وهم من يطلقون على أنفسهم "الإخوان المسلمين" ، وما يدعونا للدهشة إنهم يدعون إنهم ظلوا مضطهدين من النظام وذاقوا كل صنوف العذاب وهم لم يرتكبوا جرما واحدا .. وهم دعاة دين وليسوا دعاة عنف .. بل أن حماقتهم وصلت فى حالة هذه الفوضى والعبث أن يدعو أن الشيخ "حسن البنا" هو أحد الداعين لنبذ العنف والسلام بين الشعوب ..
** والحقيقة إنهم كذابون .. فقد كان تاريخ الشيخ "حسن البنا" ، زعيم هذا التنظيم .. تاريخ إسود ، ملطخ بالدم والإغتيالات .. بل كان زعيما ومروج لصناعة أفكار العنف والتكفير والإرهاب وصاحب فتاوى القتل والإغتيالات ..
** لقد دعا "البنا" رجاله إلى إسلام من نوع خاص ، إسلام لا يستند إلى الدراسة والمعرفة ولا إلى محاولة تفهم القرأن إنما إلى مجرد قشور تكون مجرد مبرر للطاعة العمياء ومن هنا كان بالإمكان إقناع شباب الجهاز السرى للإخوان بأن الإرهاب هو من الدين والقتل هو من الدين وأن الغضب على أعداء "الجماعة" هو غضب للدين فالجهل بالدين كان عند الأستاذ حسن البنا مقصوداً لذاته فما كان بالإمكان أن يقبل شاب عارف بأحكام الشرع وعليم بتعاليم الدين أن يكون أداة فى يد الأستاذ المرشد !! .
** لقد قاد البنا تنظيم الإخوان المبنى على فهم خاطئ للإسلام إلى التصادم مع القصر فتمادى وصدر قرار بإغتيال النقراشى رئيس الوزراء بدعوى أن خصوم الدعوة هم خصوم الإسلام وأن حل الجماعة هو قمة الكفر البواح مما دعا البوليس إلى القبض على الجميع وتركوا الشيخ .. الإمام .. المرشد العام "حسن البنا" وحيداً محيض الجناح محاصرا فى منزله عاجزاً مكسوراً بل وإعتقلوا كل من يقترب منه وصادروا سيارته فلما ركب سيارة صهره "عبد الحكيم عابدين" صادروها وسحبوا خط تليفون منزله وكتب الشيخ أخر رسائله "القول الفصل" والذى لم يرى النور إلا بعد وفاته ... لقد عانى الشيخ حسن البنا وهو ذليل فى قفص الحرية أكثر من رجاله فى السجن حتى أنه طلب أن يسجن فقوبل طلبه بالرفض حتى أصدر بيانه ضد الجماعة بعنوان "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" فى محاولة لإرضاء القصر ثم كانت النهاية فقد قرر الجماعة أن يطلقوا الرصاص على جثته ، سحبوا الحراسة المحيطة به وإستدرجوه إلى جلسة مفاوضات أخرى أو أخيرة وأطلقوا عليه الرصاص .
** ** ويبقى السؤال للتاريخ الحقيقى لوفاة الإمام المرشد العام "حسن أحمد عبد الرحمن البنا الساعاتى" ، هل هو يوم 12 فبراير 1949 أم هو يوم إصدار الشيخ بيانه "ليسوا إخوانا وليسوا مسلمين" أم يوم أن سمح لنفسه أن يدخل ميدان السياسة من باب الموالاة للقصر ومخاصمة الإخوان ؟!! .
** عندما بدأ الإسلام السياسى فى العصر الحديث من خلال جمعية "الإخوان المسلمين" إتخذت لنفسها شعارا من سيفين حول مصحف وتحتهما كلمة "وأعدوا" إشارة إلى الأية "وأعدوا لهم ما إستطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم" سورة الأنفال 8 : 60.
** لم يختلف إسلام "حسن البنا" عن إسلام "محمد بديع" .. بإسم الدين سرقوا ونهبوا وقتلوا .. زعموا أنهم وكلاء الله على الأرض .. أفتوا بقتل السياح والأقباط لأنهم كفار إستحلوا مالهم وأرواحهم .. يرفعون السلاح لإغتيال الأبرياء ويدعون أن هذا من أجل الإسلام ، يذبحون ويبررون الذبح بإسم العقيدة ، يهدمون الحضارات ويروجون للأكاذيب والباطل ويزعمون أنها أوامر ربانية .. وقد إستندوا إلى الأية "وقاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفى صدور قوم المؤمنين" سورة التوبة ، أما عن فتواهم فى قتل كل من يخالفهم فقد إستندوا إلى الأية "رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ، إنك أن تذرهم تصلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفاراً" ، ثم أفتوا بقتل المثقفين والمفكرين فاغتالوا فرج فودة وحاولوا إغتيال نجيب محفوظ ، كما شملت فتواهم قتل الوزراء وكبار المسئولين "محاولة إغتيال صفوت الشريف وزير الإعلام السابق وعاطف صدقى رئيس الوزراء الأسبق وحسن الألفى وزير الداخلية السابق ، كانت عملياتهم القذرة تتم بمعدل عملية كل ثلاثة أيام .. لقد مرت مصر بفترة حالكة السواد منذ إغتيال الدكتور رفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب السابق فى أكتوبر 1990 وحتى مذبحة الأقصر الشهيرة عام 1997 .. والأحداث الإرهابية ضد السياحة فى شرم الشيخ ، وطابا ، وذهب .. مرورا بأحداث كنيسة القديسين ، إلى هدم وحرق الكنائس !!..
** إرهاب دموى مخيف ومفزع قتل للأبرياء بالجملة .. تخريب للإقتصاد .. إستنزاف طاقات وإمكانات البلد .. وبعض هذه الجرائم البشعة :
يناير 1995 : إعتداء إرهابى على أتوبيس شركة نقل عام فى طريق ملوى والتى أطلق عليها مذبحة ملوى والضحايا من أبناء الشرطة والمواطنين ..
فى نفس العام : نفذ الإرهابى فريد سالم الكدوانى أمير الجماعة بملوى محافظة المنيا العديد من الجرائم البشعة فبدأ عملياته بتشويه جثث القتلى بعد تنفيذ العمليات الإرهابية وكانت البداية مع أحد المواطنين يدعى ظريف عبدالله حيث قام بفصل رأسه عن جسده وعلقه فوق أحد الأعمدة للتليفونات ، وفى قرية "سيكو" بأبو قرقاص التابعة لمحافظة المنيا قتل كدوانى أحد أعضاء التنظيم "جمال محمود فرغلى" وذلك بعد ما علقه من قدميه وكانت الأسباب لقتله مخجلة حيث كان دائم الإعتداء "الجنسى الشاذ" على أعضاء الجماعة من صغار السن .. "لا تعليق" .
كما قام بجريمة بشعة فى شارع الصاغة أكثر شوارع ملوى إزدحاما عام 1995 ومعه 8 أشخاص من أعضاء التنظيم وأغلقوا الشارع من الناحيتين وإقتحموا محل الصاغة الخاص بالمواطن عماد عياد وأرده قتيلا ثم قاموا بسرقة النقود وحملوا معهم كل كمية الذهب الموجودة بالمحل ورفض جميع الأهالى الإدلاء بشهاداتهم فى محاضر الشرطة خوفا من إنتقام الكدوانى .
إبريل 1996 نفذ الإرهابيين حادث فندق "أوروبا" فقد راح ضحيته العديد من الضحايا .
فى قضية تفجيرات البنوك عام 1997 وجد أسماء أكثر من 30 طالب فى كلية دار العلوم وقد إعترف الطلبة بأن المتطرفين جندوهم داخل الكلية منذ عام 1988 كما كشف أحد الطلبة الإرهابيين محمود مبروك عن وجود محطة للتنظيم المتطرف خارج مصر فى السعودية وبالتحديد فى المدينة المنورة .
فى أبشع عملية ومذبحة إجرامية والتى أطلق عليها "مذبحة الدير البحرى" هبط 6 إرهابيين من الجبل إلى ساحة المعبد وبدأوا بإطلاق النار على المساعد فراج أحمد رسلان وعلى الرقيب أول فهمى سعيد فسقط على الأرض فى الحال وإستوليا على سلاحهما الميرى وجهاز اللاسلكى ، وبعد ذلك أطلقوا الرصاص بصورة عشوائية على السياح والمصريين بساحة المعبد وطلبوا من السائحين الإنبطاح أرضا ثم أطلقوا عليهم الرصاص بغزارة وإستخدموا السونكى الخاص بالبنادق وسكاكين كانوا يحملونها معهم فى طعن الأجانب وذبحهم وشق بطونهم أما عن ملابسهم فهى أشبه بما يرتديه جنود القوات الخاصة بالشرطة وهى عبارة عن بنطلونات سوداء وسويتيرات قاتمة أما شهود الواقعة التى كتبت لهم النجاة ماذا قالوا ؟!! .
نهلة القاضى.. مرشدة سياحية قالت "كنت مرشدة لثلاث بريطانيات ، أم عمرها 30 عاما وجدة عمرها 50 عاما وحفيدة عمرها سنتان وقد ماتت الطفلة وأمها وهما فى حالة عناق من الخوف وفوقهما جثة الجدة ، كان الناس فى حالة هياج وفزع ، قلت لهم إنبطحوا على الأرض وإختبئ بعض السائحين وراء أعمدة المعبد والبعض الأخر نام على الأرض فارداً يديه ليوهم الإرهابيين أنه مات ولكن الموت كان أقرب إلى هؤلاء السائحين من أنفاسهم ، كان الإرهابيين يتحركون بين السواح فى نشوة وإستمتاع ، كابوس مرعب ولحظات دامية ، لم يترك هؤلاء الإرهابيين أحد إذ كانوا يقلبون فى الناس ويضربوهم سواء بالرصاص أو بالسونكى وكان البعض يتوسل لهم ويقول خذ ما تريدونه وأتركونا نعيش ولكن الضحايا لم يسمعوا إلا صوتا يصدر من الإرهابى غريبا للغاية تصحبه "نهجة" إنتقامية ..  "هه خلصت عندك" فقال له نعم فقال "يلا بينا " ولكنه لم يجرى كان ماشى بيتمخطر ومفيش حاجة مخوفاه وحاسس إنه متأمن ومحدش هايتعرض له ؟!! ، وبعد أن لقيوا الجميع مصرعهم غادروا المعبد بهدوء" .... أضافت "كان منظر الجثث التى كانت ملقاة فوقى بشعة لقيت عبون فقئت وأذان مقطوعة ورأس مفصولة نصفين ، رأيت مخ شخص .. كانت مجزرة وحشية إستخدموا السونكى فى قطع أجزاء من الجسد كالصدر أو الأذن أو العين ، لقد إختلطت دماء هؤلاء الضحايا المبهورين بنا وبحضارتنا بالنقوش والرسومات البديعة التى جاءوا من بلادهم ليملأوا أعينهم منها ، فإذ بفئة ضالة تعاقبهم وتقتلهم بهذه الطريقة الوحشية الهمجية ، لقد تحولت الأقصر أرض الفراعنة والأمجاد إلى رقعة من الخراب وإنطلق سؤال أكثر أهمية وهو : من إستخدمهم ؟! وتم ذلك كله بإسم الدين .
أما "حجاج النحاس على" سائق الأتوبيس الذى إختطفه الإرهابيون بعد أن نفذوا مذبحة معبد حتشبسوت قال حجاج : "حضر 6 أشخاص مدججين بالسلاح ولابسين زى الأمن المركزى وعليه جاكيت جينز وعلى جبينهم شريط أحمر مكتوب عليه "سنقاتل حتى الموت" أول حاجة عملوها ذبحوا المرشد السياحى .. ذبحوه من رقبته ثم قطعوا فروة رأسه .
أما المصاب سيد أحمد أبو زيد والذى أصيب بصدمة عصبية بسبب المشاهد البشعة قال "تواريت خلف أحد أعمدة المعبد نصف ساعة وهم يذبحون فى السياح بالحناجر دون أن يطلقوا طلقة واحدة وذبحوا طفلة صغيرة أمام عينى وأنا خايف وبعد أن إنتهوا من عمليات الذبح بدأوا فى إطلاق الرصاص على السائحين المذبوحين ولما إنتهوا من ذلك ساروا على أقدامهم وهم يهللون أكثر من نصف كم .. لا أمن !! ولا حكومة !! .. ولا  أى حاجة !1 لقيت سائحة مذبوحة مازالت حية فحملتها رغم أن لحمها كان يتناثر بعد تمزيقه نظرت حولى وأنا أحملها فوجدت منظراً بشعاً لأعضاء بشرية مقطوعة ودم مثل البحر ورؤوس مفصولة عن الأجساد ، وحينما صرخ الغفير أمين المعداوى تسائلا ياكفرة لماذ تقتلون الناس وتذبحونهم وتمثلون بجثثهم رد أحد الإرهابيين صارخاً : طالما أنت تكفرنا خذ هذه الطلقة وبعدين إقرا الإسلام والقرأن علشان تعرف أن ذبح الكفار على أرض المسلمين حلال وجهاد .. فقد شقوا بطن السائح السويسرى "بوشيد بوشلال" !!..
** إنها بعض القليل من إرهاب الجماعة وهناك الكثير الذى أصاب المجتمع من خراب ودمار أينما حلوا .. وبعد هذا السرد المرعب لهذه الجماعة .. تعود لنا الحرباء المدعوة "ريم ماجد" ، والتى تقدم برنامج "بلدنا بالمصرى" على قناة "أون تى فى" .. لتعود مرة أخرى وتنفخ فى النار .. فهى كانت أحد الدعائم التى قادت مصر للفوضى والخراب والدمار ..
** بالأمس فقط .. إستضافت السيدة "خديجة أبو زعبل" ، والأخ "عنتر بن شداد" ، ومعهم أخرين .. ودار الحوار حول مستقبل مصر بعد سقوط حكم الإخوان .. وكان رد ضيوفها الذين تسببوا فى خراب مصر أنهم أصحاب الثورة ، ولن نسمح بالفلول أو العسكر أن يحكمونا ..
** أقول لهذه الحرباء .. كفاكى خراب فى مصر .. وأقول لصاحب هذه القناة "إتق الله فى مصر ، وأحسن إختيار المتحدثين فى قناتك ، وإلا فعليك الرحيل" .. فلم يعد لدينا وقت لمزيد من التحريض على الفوضى والخراب ..
** هذا إنذار لكل متنطع يتحدث بسفالة عن الجيش المصرى العظيم ، وتعمد هؤلاء السفلة الإعلاميين أن يطلقوا على الجيش المصرى العظيم كلمة "العسكر" ..
** يا أيها الكلاب .. إسمه الجيش المصرى وليس العسكر .. إسمه جيش مصر أيها العملاء لأمريكا والإخوان .. وإسمه صمام الأمان لهذا الوطن أيها العاهرون ..
** أعتقد أن الرسالة وصلت للحرباء المدعوة "ريم ماجد" ، ومن على شاكلتها ..
** ورسالتى الأخيرة أتوجه بها إلى د. سعد الدين إبراهيم ، كفاك مراوغة وتربيطات من أسفل الأرض للتفاوض مع أمريكا ، ومع سفيرة جهنم الأمريكية "آن باترسون" للإتفاق على تخريب مصر .. إرحل حيثما جئت أو إصمت ولا تتكلم .. فكل من تتحدث معهم سواء كانوا من أحزاب الخراب أو شخصيات سياسية لا تمثل هذا الشعب المصرى .. وإذا أردت أن تتحدث فالشعب قال كلمته أمام وزارة الدفاع ..
** حماك الله يا أرض مصر وحمى شعبك من طيور وخفافيش الظلام !!..
صوت الأقباط المصريين

دلالات فوز روحاني في الانتخابات الإيرانيّة/ زهير الخويلدي

"لم لا نحاول إيجاد علاقة جديدة مع الوجود بذهابنا إلى أبعد من الحاضر، وذلك بالتسلح بنقد الحداثة والتراث معا، وأن نكون أصحاب رؤية جديدة نقيم على ضوئها حضارة جديدة، وأن نمثل نحن مرحلة جديدة في حياة الإنسان...؟". (محمد خاتمي)
لم تمر الانتخابات الايرانية الأخيرة جوان 2013 دون أن تسجل مفاجئات وتتمثل في انتصار المعتدل  حسن روحاني منذ الجولة الأولى بعد أن بارك ترشحه الرئيسان السابقان هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي. وهو ما انعكس ايجابيا على البورصة في طهران وحقق نوعا من الانفراج السياسي بعد حقبة من التوتر مع العالم الغربي بسبب البرنامج النووي والتهديدات الايرانية لدول الجوار الخليجية ودعم المقاومة والأزمة الاقتصادية عندما حكم فيها المحافظون لفترتين تحت قيادة الرئيس المتخلي أحمدي نجاد الذي اتصف بالتواضع والتعاطف الشعبي وترك بصمته على الادارة والسياسة وتميز بالعناد وصعوبة المراس في القضايا المصيرية وتمسك بثوابت الدولة. بيد أن فلسفة الاصلاحيين الفائزين في الحكم لا تخرج عن نظرية ولاية الفقيه التي تمثل مرجعا روحيا مشتركا مع المحافظين ولكنهم يضيفون اليها الديمقراطية بوصفها حاكمية الأمة على حد تعبير الرئيس الأسبق محمد خاتمي الذي يقترح تشريكا واسعا للناس وإعطاء دورا كبيرا للشعب في ادارة الشأن العام وفي الحكومة الدينية ويقترح مصالحة بين الدين والحرية ويجعل احترام الدستور أرضية نحو تسيير اللعبة السياسية بشكل عقلاني ويعول على حرية الصحافة والإعلام في نشر القيم الديمقراطية والتداول السلمي على السلطة واحترام مؤسسات الدولة والمجتمع المدني ويؤمن كذلك بنزع فتيل الكراهية بين الشعوب ويستبدل الصراع بالحوار بين الحضارات والتقريب بين المذاهب ومحاولة فهم الآخر والتواصل معه بدل الهيمنة عليه والسعي نحو استيعابه وتدجينه كما تفعل العولمة المتوحشة بالاختراق والاستقطاب.
من هذا المنطلق كان المتشرح الاصلاحي روحاني في حملته الانتخابية قد انتقد تغوّل الدولة الأمنية والرقابة المفرطة على جمعيات المجتمع المدني ومنظمات الطلبة وحاول الاستفادة من حالة السخط من النظام أثناء احتجاجات 2008 التي  قادها الشباب والنساء واستعملوا وسائل الاتصال الحديثة في الرفض والمعارضة والتي كشفت عن أزمة عميقة في المجتمع الايراني وانسداد الآفاق. في هذا السياق دعا الى ايلاء عناية أكبر لوضعية المرأة وإعطاء حقوق النساء وإنشاء وزارة خاصة بالمرأة وأكد على أهمية تحرير الاعلام من الرقابة وتشجيع حرية التعبير وإبداء الرأي والنقد والمحاسبة ومعالجة آفة البطالة. علاوة على ذلك نصص على تبني خطة اقتصادية رشيدة تتخلص من مشاكل التضخم ( نسبة 30 %) والتفاوت بين الجهات في التنمية وأشار الى ضرورة اجراء اتفاق مع الغرب حول الملف النووي وانهاء العزلة وتجنب المواجهة.
الآن وبعد فوز لكبير المفاوضين الايرانيين في الملف النووي ورئيس سابق لمجلس الأمن الوطني  باستحقاق بنسبة 51 %  من الناخبين وبعدد من الأصوات بلغ 18,6 مليون على حساب عمدة طهران محمد باقر قاليباف بنسبة 16 % من الناخبين  يجدر بنا البحث عن الدلالات والمغزى من هذا الحدث الهام والذي سمح بالانتقال الهادىء للحكم من جناح محافظ الى جناح آخر منفتح والتساؤل عن مستقبل الجمهورية الاسلامية الايرانية في ظل حكم الاصلاحيين.
هناك عدة دلالات من عودة المعتدلين الى الحكم يمكن أن نذكر منها ما يلي:
-         الدلالة الأولى هي الاختيارات الوسطية والمعتدلة للرأي العام وبالتالي نجاح ايران في ترسيخ تقاليد ديمقراطية ذات خصوصية محلية وتلقى تأييدا شعبيا وتحظى باحترام دولي وذلك لتوافقها مع المعايير الدولية بالرغم من بعض التجاوزات.
-         التداول السلمي على السلطة والانتقال السلس للحكم من تيار محافظ الى تيار معتدل ساهم في تكريس التعددية ومنع من احتكار تصريف شؤون المجتمع من قبل طرف دون آخر، وعودة أصوات العقل والحكمة من المعتدلين والاصلاحيين الى المشاركة في صنع القرار وبناء الدولة والقيام بدورهم في المجتمع بعدما تعرضوا الى الاستبعاد والتضييق.
-         وجود مؤسسات حكمنة مستقلة تحرص على الحياد والوقوف على نفس المسافة من الأحزاب وتتحكم في قواعد اللعبة وشروط المشاركة وتحرص على تحقيق التوازن بين المتنافسين والسلطات وتجسد الجانب العقلاني للدولة وتمثل المصلحة العليا للأمة.
-          تحول ايران الى قوة اقليمية تتمتع باسقلالية القرار السيادي الوطني وامتلاكها لوسائل انتاج المنعة وخاصة على الصعيد علوم التقنيات والإعلامية والبرمجيات.
-         امكانية فك العزلة وتجاوز حالة الانكماش واجراء حوار مع العالم الغربي والقيام باصلاحات داخلية وتنقية الأجواء السياسية وتوفير مناخ من الحريات والحقوق.
-         تسجيل رغبة الايرانيين في اتباع مسار أكثر اعتدالا ومعقولية في الداخل وسياسة عادلة ومنفتحة مع الخارج والذهاب الى المستقبل بآمال أكثر اتزانا وبآفاق أكثر استشرافا ولعل خير دليل على ذلك هو ارتفاع نسبة المشاركة في الاقتراع الى 70 % من الناخبين.
-         استبدال خيار المواجهة الاحتجاجية الشاملة مع السلطة بخيار الاحتكام الى صناديق الاقتراع في حلبة الصراع السياسي على الحكم واعتبار هذا الخيار طريقة عقلانية تجنب الدولة المزيد من الضعف والفوضى ويبعد المجتمع عن التفكك والتمزق.
-         اعطاء أولوية لمعالجة المشاكل المتراكمة في الداخل الايراني والشأن الوطني على حساب الحضور الاقليمي وعقلنة التدخل في القضايا الخلافية الدولية والحرص على دعم المقاومة ضد السياسات الامبريالية والعدوان الصهيوني والأنظمة الرجعية.
فهل يفي الرئيس الجديد بوعوده للشعب الايراني ويسير بدولته نحو بر الآمان في ظل التحديات الكبيرة؟ كيف يمكن أن يعالج قضايا عالقة تخص حرية الملاحة بمضيق هرمز والأمن بالخليج العربي والحدود مع افغانستان والعراق وجزر أبى موسى المتنازع عليها مع دولة الامارات؟ ومتى يمنح الحقوق الاثنية للأكراد والأحواز والتاجيك والسنة ويسوي ملفات حقوق الانسان المحرجة بمخيمات اللجوء السياسي لحركة مجاهدي خلق بالعراق وخاصة مخيم"أشرف"؟ والى أي مدى يجوز له أن يدافع على الحقوق العقائدية والسياسية للأقليات الشيعية في العالم؟ وماهي صورة ايران الجديدة التي يصممها الرئيس روحاني في المشهد السياسي الدولي؟ وهل ستتعمق الهوة من العرب أم تزيد ايران من درجات قربها منهم وتناصر قضاياهم العادلة ؟

كاتب فلسفي

فاس المدينة الحُلم في رواية " مرافئ الحبِّ السبعة " لعلي القاسمي/ د. سوسن البياتي


أستاذة النقد الأدبي ـ جامعة تكريت، العراق

للفضاء المكاني أهمية كبيرة (( في تشكُّل الفرد وأحاسيسه وانفعالاته منذ مراحله المبكرة. ومن هذا الارتباط يبرز الوعي والإحساس عند الفرد بالانتماء إلى الفضاء المحدَّد)) (1) ، ذلك أن الفرد يتحرّك ضمن فضاء مكاني خاص به ، يفرض في كثير من الأحيان هيمنته وسيطرته عليه من خلال إشغاله أولاً ، والتغييرات التي يحدثها عليه ثانياً ، لذا فهو ينتمي إلى الفضاء الذي يعنيه هو ويتواءم معه بصورة أو بأخرى .
وتمثِّل المدينةُ في منظور هذا الفرد، وفي المنظور القصصي السردي عموماً، البؤرةَ المركزية التي يستند إليها الفرد في الحركة ، إذ تمثِّل نقطة الصراع الحيوية والغاية الأساسية منه. لهذا يرتبط الإنسان بالمدينة ارتباطا وثيقا. ويعدُّ هذا الارتباط المِفْصل الأساس لازدهار العلاقة ونموها.
ونتيجة لهذا الارتباط الحميمي بين الإنسان والمدينة ، فقد عمل الإنسان على انسنة المدينة وبث روح الحركة فيها، (( فكان لكل مدينة شخصيتها وروحها المميزة لها عن غيرها من المدن الأخرى، تبعا لتمييز عادات وتقاليد وحاجيات ساكنيها ونشاطاتهم، حتى موقعها الطبيعي انغلاقا أو انفتاحا )) (2).
إننا في قراءتنا السردية هذه نطمح إلى أن نُكوِّن أطروحة سردية خاصة بالمدينة، ودرجة تفاعلها مع الذات الإنسانية، وتفاعل هذه الذات معها، لاسيما إذا ما ارتبط الاثنان بعلاقة حميمية تنشد الأمن والأمان فـ(( كثيراً ما يحدث التشابه بين الإنسان والمكان الذي يسكنه.)) (3).
 لذا لا يمكننا، بأي حالٍ من الأحوال، فصل المدينة – بوصفها فضاء مكانيا بامتياز – عن العناصر السردية التي تجسّد بؤرة النظرية السردية. وتظهر المدينة في النص الروائي ((بصورتها السردية، مرتبطة بالعناصر الأخرى، فلا أثر لوجود مدينة / بوصفها إطاراً مكانياً خاصاً ، من دون وجود شخصيات تتفاعل في زمان معين وتتعرض لحوادث معينة في سياق حكائي تجسد منظور الراوي . )) (4).
      يعدُّ (( فضاء المدينة وأفقها القصصي، وبؤرتها التي تلتقي فيها الحركة، تتجمع وتتفرق،
يتسع باتساعها، ويضيق بضيقها، ينغلق بانغلاقها، وينفتح بانفتاحها، يمثِّل بما فيه من بشر .. غادين رائحين، مقبلين مدبرين، حالّين راحلين، وبما فيه من أمكنة اللقاء والحوار، والمناقشات التي تطرح ويدلي بها .. البُعدَ الحضاري لمجتمع المدينة في ثلاثة مستويات متقابلة: مستوى الثبات والتحول، مستوى الاستقرار وعدمه، مستوى الزمان والمكان.)) (5).
وتتحدَّد أطروحتنا السردية هذه أولاً بالتعايش مع أفق الفضاء المرتبط بالشخصيات ارتباطا كلياً، ومنسجماً معها انسجاما تاما ، هذا الفضاء الذي يحرص على استبقاء الشخصيات ضمن الحيز الخاص بها ، والمرسوم لها ، مشكِّلاً ما أطلق عليه المكان الأليف ، فالمكان الأليف – من وجهة نظر خاصة بنا – يتحدَّد حالما تحس الشخصيات بنوع من التجاذب السحري تجاهه بحيث يغدو من المستحيل عليها استبدال هذا المكان بآخر، انه إحساس بالانتماء والاستقرار والأمان. وإذا ما انعدم شرط من هذه الشروط أو تلاشى يتحوَّل هذا المكان إلى نقيضه المغاير أي إلى مكان معادي .
ثم تتحدد هذه الأطروحة ثانياً بالانقياد التام نحو فضاء روائي اكتمل بناؤه السردي، إلا انه لم يكتمل مشروعه الطباعي. فالنص الذي وقفنا عنده في مقاربتنا السردية هذه نص مخطوط وهو نص روائي بعنوان " مرافيء الحب السبعة " لعلي القاسمي، لم يصل إلى يد القارئ بعد، وبالتالي فإن دراستنا هذه ستتحدد بأنها استجابة نوعية لمفهومنا الخاص في التعامل مع نص لم يقرأ بعد ولم ينقد بعد. من هنا سيأخذ عملنا طابع الجدّة والموضوعية، وسيُلزِمنا باتخاذ مقترحات سردية قد تفتح الطريق أمام دراسات أخرى أكثر جدية حالما يكتمل النص طباعيا كما اكتمل بنائيا.
تذهب الدراسات النقدية إلى أنَّ الرواية المغربية عمّقت اتجاهاتها القرائية نحو توسيع رقعة القراءة المدينية / نسبة إلى المدينة، حتى إننا لا نكاد نعثر على رواية لم تمس مدينة من مدن المغرب مساً مباشراً من قريب أو بعيد إذ ((ارتبطت الرواية المغربية، في جلِّ نصوصها، وعلى امتداد عقودها الزمنية السابقة، بالفضاء الحضري المديني تحديدا. واحتفاء الرواية المغربية بالمدينة لا يمكن فهمه وتلقيه، على مستوى العديد من نصوصها المتلاحقة عقدا بعد آخر، فقط مجرد ارتباط تقني بعنصر يعتبره المنظرون والنقاد أهم مكون في الآلة السردية، بقدر ما يتعين ملامسته، أيضا، كارتباط بالمدينة بوصفها فضاء إشكاليا في الرواية، أي باعتباره سؤالا يؤطِّر، في الآن ذاته، سؤال التخييل والكتابة الروائية ككل، حيث نجد أن سؤال المدينة في الرواية المغربية قد شغل الروائيين المغاربة على الأقل منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي، بمعنى أن الوعي باستثمار المدينة كفضاء إشكالي في الرواية قد ارتبط في العمق بنضج الوعي بالكتابة الروائية في المشهد الأدبي/ الروائي بالمغرب، أي بعــد أن أضحت الرواية تستند في انكتابها العام إلى وعي كُتّابها الاستطيقي، الأمر الذي يستوجب هنا مقاربة طبيعة العلاقة القائمة بين المدينة والرواية، من منطلق تصور كلي وجدلي يستلزم مبدئيا خرق مسألة التصنيف الزمني ليغلب سؤال الامتداد بين نص ومدينة، وبين تجربة روائية ومرحلة زمنية..)) (6).
لقد حرص الروائيون على اتخاذ المدينة فضاء سرديا يؤسِّس اشكاليتها من خلال تواجدها الفعلي في النص، وأصبح لزاما على الروائي أن يتخذ موقفا حاسما يثير أسئلة عدة في مقتطفات بارزة، لاسيما تلك التي تلح أسئلتها في صياغة تاريخية للوجود المديني، فمحمد عز الدين التازي– على سبيل المثال- يخرق قوانين اللعبة السردية وأنظمتها، ويدفع بالفضاء المديني دفعا يستثير من خلاله جوهر هذه اللعبة، وتصبح ( فاس ) المدينة الأكثر تشعبا وتشظيا واستقبالا في هيكلية الحاضرة المغربية، فعلى مدار ثلاثة عقود من الزمن – استنادا إلى أول رواية كتبها وهي "أبراج المدينة" عام 1978- تفاعلت خلالها هذه المدينة في نصوصه الروائية تفاعلا قويا، حتى عُرف التازي بمدينة فاس، وعُرفت فاس بروائيها التازي، ولعل ثلاثيته: " زهرة الآس " تشي بعمق أسطوري لهذه المدينة، كما نجد ذلك أيضا في روايته " حكاية غراب " حيث المدينة / الحلم والرمز والأسطورة، وكلها تتداخل في شبكة نسيجية تقوي آصرة هذه المدينة وعلاقتها بالشخصيات، وعلاقة هؤلاء بها، في أجواء حكائية تستمد من الموروث عمقها وسردنتها وحيويتها .
علاقة القاسمي بالمدينة علاقة حميمة تتجسد في حضورها الأزلي في اغلب كتابته، ففي رواية " مرافئ الحب السبعة " تتحرّك المدينة بتنوعاتها المختلفة لتشكل نقطة جذب تتآلف معها الشخصية الرئيسة/ الهاشمي تآلفا حميما، وتصبح هذه العملية السردية المدار الأهم لرسم البؤرة الهندسية المحيطة بالمدينة.
تطرح الرواية العديد من الأسئلة التي تشي بنصيب وافر من تواجد المدينة فيها لاسيما
أن المدينة، هنا، رمزٌ للوطن المفقود، فالقاسمي في مشروعه الروائي هذا يبحث عن وطن أضاعه منذ عقود ثلاثة، على الرغم من أنه موجود فعلاً وواقعاً وتاريخاً وحضارة، إذ تتجسد تلك الأسئلة في علاقة الإنسان بالوطن / الحلم، علاقته بالوطن الآخر / المغترب، طبيعة هذه العلاقة بين قطبيْن متضاديْن يسكنان مدينة واحدة، تربطهما قيم وعادات وتقاليد مختلفة ؟
لابد من الإشارة بدءاً إلى أن هذه الرواية تمثل صراعا بين مدن غربية / أوروبية، وأخرى شرقية/ عربية، إذ إنها تمثل استجابة نوعية لمنطق التفاعل الحكائي المتمثل بالمرور السردي للمدن التي جابها وعاش فيها الهاشمي ردحا من الزمن، ولابد من الإشارة ثانية إلى إن هذه الاستجابة تشكِّل نوعاً من السيرة الذاتية لحياة القاسمي في هذه المدن .
        فقراءة سردية فاحصة سيجد القارئ هناك : القسم الأول: بغداد ـ بيروت / القسم الثاني:نيويورك ـ أوستن، تكساس / القسم الثالث: الرباط ـ الرياض ، وفي كل قسم من هذه الأقسام ثمة حكاية يصوغها الراوي بإتقان، حكاية حبٍّ تظل ملامحه مرسومة في القلب والذاكرة، ويستحيل على شخصية مثل الهاشمي أن يتجاوب مع النسيان بكل تلك السهولة ويخرق تلك الحميمية التي دعته يوما إلى الاستكانة، حتى إننا نقف عند شخصية يجعل من الحبِّ المطمح الأول والأخير، وربما كانت النظرة السردية التي يُطلقها الراوي / الشخصية أوضح تجسيد لهذه الأزمة التي سيبقى يعاني منها طوال حياته ، حينما يقول :
(( ستمضي حياتي موشومةً بثلاث نسوة: امرأة أرادتني وأردتها، ولكن القدر لم
يُرِدنا معاً؛ وامرأة أرادتني ولم أُرِدها فكسرتُ قلبها، وظلَّ ضميري مصلوباً على خيبة أملها؛ وامرأة أردتُها، ولكنّها لفظتني ولم أستطِع نسيانها. وأنت المرأة الأخيرة، يا أثيرة.)) (7).
ليضع من خلالها تجربته المريرة التي انتهت بفشل الهاشمي في حياته العملية كما فشل في حياته العاطفية، إذ يتعثّر في العمل ويعيش بذاكرة مشرّدة ، متجاهلة ، غير مستوعبة لما يدور حولها .
بدءا من العنوان، يضعنا القاسمي في متاهات المدن السبعة، التي يسميها المرافئ، والمرفأ في مفهومنا اللغوي يشير إلى محطات للاستراحة والتنقل من مكان إلى آخر، أو فلنقل من حال إلى أخرى، وجمعها مرافئ، والى هذا الجمع حدَّد القاسمي عنوان روايته، ذلك أن سبعة مدن تشكل مرافئ للهاشمي/ بطل الرواية وهو يجوب الأرض بحثاً عن ملاذ آمن، بدءا من بغداد المغترب السردي الهارب منه الهاشمي انتهاء بالرياض الذي يشكل بياضا في ذاكرته، ليعود بعدها إلى المغرب بتضاريسها المتشعبة من الرباط وفاس ومدن أخرى .
تقسَّم الرواية على ثلاثة أقسام، كل قسم يتحدد بمدينتين، الأولى ، المدينة التي تركها ، والثانية التي لجأ إليها ، فمن بغداد إلى بيروت، ومن نيويورك إلى أوستن ، والعودة بعد ذلك إلى مدن عربية تربط الرباط بالرياض لينتهي أخيرا بعودة الهاشمي إلى المغرب وهو في حالة لا تسمح له بالقيام بأي عمل لما يعانيه من شرود ونسيان وتكاسل يُفصَل بسببه من العمل . 
لقد مثلّت المدينة بمختلف أقطابها وتوجُّهاتها الحلم الكبير للهاشمي لاسيما وهو الهارب من مدينته الأزلية / بغداد، الباقية دوما في الذاكرة، والحاضرة أبدا في الروح والجسد، يحمل معالمها وذكرياتها أينما توجَّهَ، حينما يقول عنها :
(( أتوضأ بالدمع وبالسُّهد، أيممُ وجهي شطر بغداد، أصلي ركعتَين للعشق وثالثةً للوجد، تتطاير في عينَيّ فراشات بيض وصفر وزرق، تحمل على أجنحتها الشوق، أحترق بالحنين، تطمسني ظلال الرؤى، وأغيب في صلاة ودعاء.  طوبى للنخيل المتشبثة جذورُه  بأرض النخيل، المجد للإنسان الراسخ الأصيل. )) (8).
    فيما تتجسَّد الأخرى في نظره غريبة عنه على الرغم من لجوئه إليها، فهو يقول عن أوستن :
((ينظر إلى شوارع المدينة وأبنيتها، فيجدها غريبة العمارة، لا تلقى منه إلا الاستغراب بل الاستهجان. وأخذ يتساءل ما إذا كان الجمال موضوعيّاً يكمن في خصائص الشيء الذي نراه، أم أنّه ذاتي يعتمد على ذات الشخص الذي ينظر إلى ذلك الشيء. وهل يتغيّر حُكم الفرد على الموضوع نفسه بتغيّر الظروف والمكان والزمان. فعند وصوله إلى هذه المدينة أوَّل مرَّة، كان يجدها جذاّبة فاتنة تزدان شوارعها بالأشجار المورقة التي تتقافز عليها السناجب الصغيرة، وبالمارّة الذين تطفح وجوههم بالبشر والبسمة. أمّا اليوم فلم يعُد بشعر بالارتياح إلى الفضاء وما يؤطِّره من أشجار وحيوان وإنسان. حتّى السناجب  الصغيرة التي كانت قد أثارت انتباهه وإعجابه عندما وصل أوّل مرَّةٍ إلى أوستن، وهي تقطع الشوارع بخفَّةٍ وتتسلق الأشجار بسرعةٍ، أخذت تزعجه وتثير أعصابه. )) (9).
من المؤكَّد أن لهذه الغربة دوافع دفعت الهاشمي إلى هذا الإحساس ، فموت أُمّه وهو بعيد عنها ، وحصوله على شهادة الدكتوراه من دون أن يشاركه احد من أهله فرحة الحصول عليها عمّقت لديه الشعور بالغربة، مما دفعه إلى اتخاذ قرار بعدم قبول عرض الأستاذ هايدي بوجود كرسي الأستاذية شاغراً ويمكنه إشغاله .
فيما تبدو الرباط فضاءً سردياً جديداً يلجأ إليه تعويضاً عن خسارة وطنه ، والإحساس الذي انتابه في البلاد الأوروبية لم يكن له وجود، ذلك أن الرباط مدينة عربية ، وجوه أهلها تحمل ملامح وجوه أهل بلدته ، من هنا نجد ذلك الارتباط النفسي والجسدي والانتماء إليها نتيجة طبيعية ، يقول الراوي :
((وصلتُ إلى الرباط، مدينة جديدة كلَّ الجِّدَّة عليّ. لم أَرَها من قبل، ولم أَخْبُر دروبها، ولم أعرف أزقّتها، بل من السهل أن تضيع خطواتي فيها. ولكنَّ شيئاً في هذه المدينة جعلني أشعر بأنَّها ليست غريبة. فوجوه أهلها تحمل ملامح وجوه أهل بلدتي. وصوامع جوامعها ينطلق منها ذات الأذان الذي كنتُ أسمعه في منزلي منذ طفولتي، وأزياء أهلها قريبة من أزياء أعمامي وأخوالي. أليس هذا ما كنتُ أبحث عنه بلسماً لمرض الحنين إلى الوطن الذي أصابني في أمريكا؟)) (10).
إذن فثمة موازنة سردية أنتجتها المخيلة الروائية، لوضع شخصياته في موضع انتماء، حنين، شوق، شعور بالألفة والطمأنينة، وسؤال يجسِّد كياناً عربياً موحداً في أن كل المدن العربية واحدة، وأنها تحتضن أبنائها بغض النظر عن موطنهم الأصلي ولغاتهم وهوياتهم الدينية والعرقية وتوجهاتهم الفكرية، طالما أن هذا الإنسان ينتمي إلى هذه المدينة بعد أن يلجأ إليها فبإمكانها احتضانه .
إن القاسمي يحرك شخوصه في مدار سردي تلتقي فيه بشخصيات أخرى، فأغلبها لاسيما الهاشمي/ البديل السردي للقاسمي، يتحرّك في مدن، يشهد أحداثا وتطورات سردية مهمة، يتعرض لمواقف ونكبات يجابهها بالصبر تارة وبالهروب تارة أخرى، وكل خرق في هذه المواقف يفسح المجال أمامه للمغادرة والانضمام إلى مدينة أخرى أكثر أمنا وبراءة من سابقتها .
إن ما يهمنا هنا هي تلك العلاقة التي تتجسّد بين الإنسان والمكان / المدينة لاسيما في قسمه الثالث : الرباط – الرياض ، فبعد أن جاب الهاشمي الأقطار وانتقل من مكان إلى آخر ، استقر في المغرب ، بوصفه أستاذا في إحدى الجامعات ، تتوطّد العلاقة بينه وبين إحدى طالباته ، تتحوّل فيما بعد إلى علاقة حب، وبفعل هذه العلاقة ينتقل من الرباط حيث يعيش إلى فاس المدينة التي قدمت منها هذه الطالبة / أثيرة بعد أن تدعوه للزيارة ، لذا فان أول خيط سردي يربط الشخصية بفاس يتحدّد من خلال هذه العلاقة ، يقول الراوي : 
(( ولكي أشجِّعكِ على الكلام، سألتكِ:
 ـ هل أنتِ من الرباط؟
 ـ لا، فاس..
 ـ. لا توجد جامعة في فاس، ولهذا فأنتِ بعيدةٌ عن الأهل.
 هززتِ رأسكِ موافقة.
 ـ هل يؤثّر ذلك على دراستكِ أو استيعابك الدروس؟
وظللتِ صامتةً، يا أثيرة. فقلتُ محاولاً مواصلة الحديث:
 ـ لا شكٌّ في أنَّكِ تحنّين إلى الأهل في فاس وإلى مدينة فاس، فقد سمعتُ أنّها مدينة عريقة، جميلة بأهلها وبمعاهدها العلمية الشهيرة.)) (11).
كما أن التأكيد على الخيط السردي يتم عن طريق السماع ، فالهاشمي سمع بهذه المدينة، وهي حيلة مراوغة لجذب الشخصية إلى هذا القطب المديني الحي ، يتفاعل بعدها ويندمج معها على اثر مشاهدته لها ، إذ يقول :
(( الشمس مشرقة، والهواء منعش، والطريق إلى فاس يترنّح ثملاً بالجمال، بين السهول والتلال، والوهاد والجبال، والوديان المتخمة بالمياه المتدفِّقة. وأشجار الصفصاف السامقة تنتصب مرفوعة الرأس على جانبَي الطريق، كما لو كانت تحيِّينا، ترحِّب بنا، ترافقنا، تزفُّنا إلى فاس. والمروج المترامية على مدى البصر تزدان بالخضرة المزركشة بألوان الزهور البيضاء والصفراء والحمراء، كأنَّها في مهرجان يرحِّب بالربيع القادم بعد بضعة أسابيع. واللافتات على الطريق تحمل أسماء القرى والمناطق: المغاوير، بلاد الدندون، غابة المعمورة. حتّى الأسماء تنم عن حضارةٍ عريقةٍ وذائقةٍ فنِّيَّةٍ متميِّزة.
التفتُ إليكِ وقلتُ:
ـ بلادكم جميلة رائعة، أثيرة.
أجبتِ بنبرةٍ حزينة:
ـ ولكنَّ الأغنياء والسيّاح الأجانب فقط هم الذين يستمتعون بها. أمّا معظم الناس فيعانون الفقر، ويرزحون تحت وطأة الجهل والمرض. )) (12).
الصورة السردية التي يعتمدها الراوي في نقل مشاهداته هي صورة نابضة بالحركة والحيوية ، تنهض فيها الصورة البصرية على قدر كبير من الفاعلية ، الإطار الذي يتحرّك خلاله الهاشمي إطار يعتمد على تناوب الطبيعة مع الألوان . 
يتحدَّد النص بالزمن السردي الذي يعود به في نقطة استرجاعية إلى الماضي ، فالذاكرة بوصفها (( المركب الذي يحقق حضورا للماضي ، ويجعله ممتدا إلى حاضرنا ، فكأنهما يتجاوران في فضائها ليكونا زمنا واحدا غير منقطع ، مما يؤهِّل الذاكرة – وبامتياز- لتسمى جوهر وجود الإنسان ، بما تحققه من ضمان سيلان الزمن وتدفقه بحاضره وماضيه. )) (13)، تعمل بأقصى توجه سردي وفاعلية ، والماضي حاضر في ذهن هذه الشخصية بكل ملابساته وديمومته ، وهو الماضي الناصع / الجميل / الذي لا ينسى ولا يمكن أن يشطَب من الذاكرة ، وإذا كان هذا النص يتحدد بعلاقة الهاشمي  بهذه المدينة ويشخصها عبر تحديد هويتها التاريخية ، وموقعها وحاراتها إذ يشير الراوي إليها بقوله :
((في اليوم الثاني أخذتِني في جولةٍ في مدينة فاس القديمة. وهي مدينة رائعة حصينة تقع على نهر يُسمّى اليوم " وادي فاس " .... دخلنا من باب أبي الجلود أو أبي الجنود وسرنا في أسواق متخصّصة مثل سوق الصناعات الجلديّة والأحذية، وسوق الأقمشة والملابس التقليديَّة، وسوق الجزّارين، وسوق الحدّادين، وما إلى ذلك. وكان لكلِّ حارةٍ من حاراتها مسجدها الذي يُستخدَم في الوقت ذاته ملتقىً للدرس والتعلُّم، فالمساجد كلُّها توظَّف كتاتيبَ يتعلّم فيها صغار الأطفال، ومن هنا يسمى الكُتّاب في المغرب " مَسيد" (أي مسجد). وذكرتِ لي أنَّ السلطان المرابطي يوسف بن تاشفين جعل التعليم إلزاميّاً لجميع الأطفال، فحينما دخل فاس قبل حوالي ألف عام، ألزم أهل كلِّ حارةٍ ببناء مسجدٍ يتعلَّم فيه أبناؤهم.
ودخلنا مدرسةً قديمةً رائعةَ المعمار، مزيَّنة البناء، محكمة الترتيب بحيث أُفرِدت غرفٌ لإدارة المدرسة، وغرفٌ للأساتذة والدرس، وغرفٌ لسكنى الطلاب. وقلت لي إنَّ السلطان أبو عنان المريني ، قبل أن يقدِم على بناء المدرسة، بعث بالعلامة ابن خلدون، صاحب "المقدّمة" الشهيرة ومعه معماريّون إلى بغداد، للاطلاع على الجامعة المستنصريَّة، والوقوف على هندستها وتصميمها، للإفادة منها في بناء مدرسته تلك.
ثمَّ وصلنا إلى جامع القرويِّين، الذي يُعدّ أقدم جامعةٍ في العالم. وقلتِ لي إنَّ رجلا من أهل القيروان في تونس اسمه محمد بن عبد الله الفهري قدِم إلى المغرب أيامَ الأدارسة، واستقرَّ في فاس رفقة زوجته وابنتيه فاطمة ومريم. وبعد وفاته ورثت منه ابنتاه ثروةً كبيرة، وكانتا من المُحسِنات الصالحات، فأنفقت فاطمة  من مالها الخاصّ لبناء مسجدٍ كبيرٍ رائعِ البناء على أرض فسيحة في محلَّة العالية على الضفة اليسرى لوادي فاس. وقد استُخدِم هذا المسجد للعبادة والعِلم، وسُمِّي باسم نسبها " جامع القرويين"( أي القيروانيِّين). وبنَت أختها مريم مسجداً أصغر منه على الضفة الأخرى من الوادي حيث يسكن الأندلسيّون... )) (14).
 فإن النص – على طوله- يكشف تاريخية هذه المدينة وواقعها الجغرافي عبر مخيلة روائية تستقدم المعلومات والأحداث من مكمنها، ويصبح الهاشمي جزءا من هذه المدينة حين يستوعب وجودها، ويثير أسئلة وجوده تحديداً من خلال هذا المدار الكوني الشامل .
لقد برزت فاس في ذاكرة الهاشمي مدينة تاريخية لها أهميتها، وانتماء الإنسان إليها إنما هو انتماء صميمي نابع من طبيعة المدينة التي تستقطب الناس إليها من كل حدب وصوب، إلا أن انتماء الهاشمي يعود لأسباب عدة منها أنها موطن أثيرة، ولعل خير دليل على ذلك هو أنه حالما تنقطع الصلة بينه وبين أثيرة لا تعود المدينة موجودة في ذاكرة الهاشمي أو مرتبطة به .
لقد حرص القاسمي على أن يقدَّم رواية تستلهم المدينة – بمختلف أقطابها وتوجهاتها -  تُفعِّل منطق الوجود الذاتي، وتثير العديد من الأسئلة والبحث عن روافد الإجابة عبر منظور تاريخي، واقعي.
وإذا كان الخطاب الروائي يستند في أساسه وبنائه الفعلي على منظور متعدِّد ، بين سرد موضوعي – في اغلب الأحيان – وذاتي يشير إلى الأنا الساردة، وهي تحكي حكايتها بأسى وحزن وذاكرة متقدة تعود بالبطل / الهاشمي إلى الزمن البعيد ، إذ الذاكرة هنا تتحدَّد بمُدد زمنية مختلفة بين مدىً طويل حيث الطفولة وأيام الصبا والقرية والأم والنخلة والنهر والأصحاب والمدرسة ونصائح الأب وعلاقته مع الآخرين لاسيما مع كاكا يارة التي تربطهما علاقة وثيقة تنقطع الصلة بينهما على اثر ترحيله لكنه يبقى في ذاكرة الأب والابن لا يبارحها ، ومدىً زمني قصير حيث الرباط والجامعة وفاس وأثيرة والألم المتصدع في القلب بعد أن أعلنت أثيرة حملها منه وإصرارها على إجهاض الجنين، وهو إجهاض لحلم الهاشمي في الاستقرار والأمان في وطن آخر غير وطنه الحقيقي . 
لقد جاءت المدينة رمزاً معبراً عن طموح الهاشمي، فالقرية التي جعلها القاسمي مجهولة التسمية إنما هي رمز لبغداد، الباقية في الذاكرة والوجدان، وبغداد رمز للعراق الغائب عنه جسدا والحاضر أبداً ودوماً، روحا ووجدان وذاكرة وفعلا وواقعا، يقول الراوي : 
(( كيف أنسى يا أبي تربةَ أهلي، وماء الفرات، ونخلة أُمّي؟ فقد تشرَّبتْ بها روحي، وسرت في دمي، ونبضَ بها قلبي. وهل يحيا المرء بلا قلب؟ كيف أنسى يا أبي وطني؟ ليتني كنت أستطيع ذلك لحظةً واحدة، فهو يسكن كياني، ويملأ أحلامي.
 إنَّك لا تدري، يا أبي، أنَّني منذ ذلك الفجر الذي احترفتُ فيه الرحيل، والشمس تشرق كلَّ صباح في عيني من العراق، وتغيب كلَّ أصيل في العراق، وأنَّ ساعتي أدمنت توقيت بغداد، أينما ذهبتُ، لأنَّ هذه الساعة التي أهديتَها إليّ ذات يوم، تعمل بالنبض،نبض قلبي الذي تجسّه في معصمي. وقلبي ينبض بحبِّ العراق.
تقول، يا أبي، إنَّني قد أنسى وطني حينما أعبر إلى الضفة الأُخرى، وأنتَ على يقينٍ، يا أبي، أنَّني في أيِّ المحيطات أبحرتُ، وفي أيِّ البحار نشرتُ أشرعتي، فإنَّ بوصلة القلب ستبقى متجهةً دائماً نحو منائر وطني، وأنَّ ساريتي ستظلُّ أبداً ملفّعة بشال أُمّي وضفائر أُختي. وسأستنشق عبير بستاننا في نسيم البحر. وسوف يغتسل طيف بلادي في مجرى مركبي، وأرى خيال أعناق نخلاتنا في الغمائم فوق السفن، وسيجري ماء الفرات على الدوام في عروقي وأوردتي وشراييني ودمعي. وسأظلّ صادياً ظمآنَ لن أرتوي إلا ببضع قطرات من ماء الفرات الفرات. )) (15).
لقد جاءت المدينة لتفتح المخيلة الروائية على اتساعها ولتشرع في بناء فضاء روائي قائم على تعددية مدينية واضحة. ومن خلال هذه التعددية تثير أسئلتها الوجودية، عبر مجموعة سردية تشكّل النسيج الجامع لهذه التعددية.
لقد جاءت المدينة هنا رمزاً معبراً عن الوطن الضائع لدى القاسمي، فبغداد أو القرية التي جعلها القاسمي مجهولة التسمية هي رمز لبغداد، وبغداد رمز للعراق، ولعل قول الراوي خير ما يمثل هذا المرتكز السردي المعبر بوجدان ذاتي يفيد من ضمير المتكلّم/ الأنا في الانشداد والركون والاستسلام إلى ذلك القدر الذي فرقّه عن الوطن جسداً لكنه حاضر فيه روحاً وضميراً وأخلاقاً، أثارت الكثير من الأسئلة وحتّمت على متلقّيها الإجابة عنها ذاتيا، حرصاً من الروائي على استيعاب كافة الممكنات الوجودية للنصِّ السردي .




الهوامش والإحالات :
(*) كتبت الدكتورة سوسن البياتي دراستها النقدية قبل صدور الرواية  عن المركز الثقافي العربي في الدار البيضاء وبيروت بتاريخ 12/6/2012.
1. قال الراوي ، البنيات الحكائية في السيرة الشعبية ، سعيد يقطين ، ط1، المركز الثقافي العربي ، بيروت ، 1992 . 241 .
2. دلالة المدينة في الخطاب الشعري العربي المعاصر ،– دراسة في إشكالية التلقي الجمالي للمكان ، قادة عقاق ، منشورات اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ،2001 .،  19 .
3. الإنسان والمدينة في العالم المعاصر ،مجموعة مؤلفين ، تر: كمال خوري ، منشورات وزارة الثقافة والارشاد القومي ، دمشق ، 1977،  5 .
4. جماليات التشكيل الروائي ، دراسة في الملحمة الروائية "مدارات الشرق " ،محمد صابر عبيد وسوسن البياتي ،ط1،  دار الحوار ، دمشق ، 2008،  189 .
5. أطياف الوجه الواحد ، دراسة نقدية في النظرية والتطبيق، نعيم اليافي، منشورات اتحاد الكتاب العرب، دمشق، 1995 ، 266 .
6. المدينة فضاء إشكاليا في الرواية المغربية .
7. الرواية ، 47 .
8. الرواية ، 184 .
9. الرواية ، 180 .
10. الرواية ، 201 .
11. الرواية ، 209 .
12. الرواية ، 234 .
13. سرد الذات – فن السيرة الذاتية ،عمر منيب ادلبي ، ط1، دائرة الثقافة والاعلام ، الشارقة ، 2008،  202 .
14. الرواية ، 238 .
15. الرواية ، 78 .

أكذوبة (ولاية الفقيه) ومقارعة ابن الحداد للعبيديين ومناظرتهم(1/3)/ محمد فاروق الإمام


لقد تابعت باهتمام الحلقات التي بثتها قناة (المستقلة) حول الجدلية القائمة بين السنة والشيعة وشارك فيها نخبة من علماء الطائفتين لسنوات، وفي هذا السياق لابد من الوقوف باحترام أمام فضيلة الشيخ (الشيعي) علي الأمين الذي عرف الحقيقة فوقف عندها معترفاً بها دون تقية أو مداهنة أو رياء يبتغي وجه الله ورضوانه، وعند الطائفة الشيعية من النادر أن تجد لمثل هذا العالم مثيل، وقد تمكن أصحاب العمائم من غسل أدمغة الملايين من أتباع هذه الطائفة لأكثر من 1200 سنة مرت، ولا أعتقد أنه بسهولة يمكن أن تعود هذه الطائفة إلى رشدها، وأرجو أن أكون مخطئاً، فأنا أتمنى لها ولكل من انحرف عن الهدى أن يهديه الله سبيل الرشاد والعودة إلى أحضان الدين كما جاء من عند الله عز وجل صافياً نقياً طاهرا.
وللمزيد من الاطلاع والمعرفة بحثت في كتب التاريخ عن قصة الإسلام في أفريقيا منذ الفتح الأول وحتى سقوط دولة الأغالبة وقيام الدولة العبيدية في القيروان، ونحن في المشرق العربي أحوج ما نكون إلى معرفة دقيقة لذلك التاريخ الغائب عنا، وقد اهتممنا بتاريخ المشرق وأهملنا تاريخ المغرب الذي لم يكن أقل منه أهمية وشأنا، وأنا هنا أقدم لكم نموذجاً مما جاء فيه من التعريف بفقهاء أفريقيا الأعلام الذين لعبوا دوراً كبيراً في التصدي للعبيديين ومجاهدتهم حتى الرمق الأخير، ومن بين هؤلاء الفقهاء الأعلام (ابن الحداد) رحمه الله، الذي تصدى للدعوة العبيدية وساجل أهم شخصياتها (أبو عبد الله الشيعي) داعية المهدي الذي أقام دولة العبيديين في المغرب، وأطلقوا عليها زوراً وتزييفاً وبهتانا (الدولة الفاطمية) نسبة لفاطمة الزهراء رضي الله عنها وهم براء من فاطمة وزوجها وأبوها.
ولابد في هذا السياق أن نعرف بابن الحداد، فهو سعيد بن محمد بن صبيح الغساني الإمام أبو عثمان شيخ المالكية في زمانه، وأحد المجتهدين، كان بحراً في الفروع ورأساً في لسان العرب، بصيراً بالسنن.
كانت له مواقف خالدة في الذبِّ عن السنة والمنافحة عن الجماعة والدفع عن الإسلام.
ناظر أبا العباس المعجوقي أخا أبي عبد الله الشيعي الداعي إلى دولة العبيديين، وناظر شيخ المعتزلة (الفراء) بالقيروان.
وتصدى لعبيد الله المهدي، مؤسس دولة العبيديين في المغرب، وداعيته عبد الله الشيعي، فدحض أقوالهما بالحجج والبراهين النقلية والعقلية حتى أخرسهما، على الرغم من تحذير ولده أبي محمد له إذ قال: يا أبة، اتق الله في نفسك ولا تبالغ، فأجابه: حسبي من له غضبت، وعن دينه ذَبّيت.
كان عالماً في الفقه والكلام والذبَّ عن الدين والرد على فرق المخالفين للجماعة، من أذهن الناس وأعلمهم بما قاله الناس.
قال أبو بكر بن اللباد الفقيه: بينا سعيد بن الحداد يوماً جالس إذ أتاه رسول من قبل البغدادي فقال له: أحب أبو جعفر أن يراك، قال: فلبست ثيابي ومضيت حتى أتيت بابه، فإذا برجل أجلس لي ينتظرني فقال: ادخل، فدخلت عليه، فقال لي: أحب عبيد الله أن يجتمع بك، فقلت: ها أنذا، فركب وجعل معي من يصحبني ومضى هو أمامي، قال: فمضيت مع الرجل حتى أتى بي إلى مكان فأجلسني فيه، فأنا جالس حتى أتاني رسول ثانٍ غير الرجل الذي كنت معه، فقال لي: قم يا شيخ، فقمت فدخلت معه حتى أتيت إلى باب المجلس الذي هو فيه فإذا بعبيد الله (لعنه الله) جالس والبغدادي واقف على رأسه فدخلت، وأقبل أبو جعفر فقال لي: ادن، حتى وقفت على رأسه فتكلمت بما حضرني من الكلام، ثم قال لي: اجلس، فجلست، فإذا بكتاب لطيف إلى جانبه على مخدة، فرأيته وقد أومى إلى أبي جعفر فقال له: أعرض الكتاب على الشيخ. قال: وربقته ببصري فعرفت الكتاب، قال: تصفح، فجعل يده على بعض الصفحة وأنا أنظر إلى الإسناد، فقال لي أبو جعفر: اقرأ، قال: فقلت له: عرفت الحديث وهو حديث (غدير خم): "من كنت مولاه فعلي مولاه". وهو حديث صحيح، وقد رويناه. فعطف علي عبيد الله (لعنة الله عليه) فقال لي: فما للناس لا يكونون عبيدنا؟ فقلت له: - أعز الله السيد - لم يرد ولاية الرق، إنما أراد ولاية في الدين، قال: فقال لي: فهل من شاهد من كتاب الله عز وجل؟ فقلت: نعم. قال الله عز وجل: (ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عباداً لي من دون الله ولكن كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون الكتاب وبما كنتم تدرسون ولا يأمركم أن تتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً أيأمركم بالكفر بعد إذ أنتم مسلمون). فما لم يجعله الله عز وجل لنبي لم يجعله لغير نبي وعلي لم يكن نبياً، إنما كان وزير النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي: انصرف لا ينالك أحد، قال: فخرجت وصحبني البغدادي حتى خرجت وأومأ إلي فوقفت، فقال لي: اكتم هذا المجلس.
وأرسل محمد بن عمر المروذي في طلب العلماء مدنيهم وعراقيهم، فقال لهم: إني أمرت أن أناظركم في قيام رمضان، فإن وجبت لكم حجة رجعنا إليكم وإن وجبت لنا رجعتم إلينا. قال أبو عثمان: فقلت له: ما تحتاج إلى المناظرة. فقال لي: لابد منها. فقلت له: شأنك وما تريد.
فقال: ألستم تعلمون وتروون أن ألنبي صلى الله عليه وسلم لم يقم إلا ليلة ثم قطع وأن عمر بن الخطاب هو الذي استن القيام وقد جاء في الحديث الذي تروونه ونرويه أن: "كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار". فقلت له: هذه البدعة من البدع التي يرضاها الله عز وجل ويذم من يتركها، فقال: وأين تجد ذلك في كتاب الله عز وجل؟ فقلت له: في كتابه المنزل الذي (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد). قال: وأين؟ قلت له: قال الله عز وجل: (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها)، فنحن نثابر على هذه البدعة التي هي رهبانية لئلا يذمنا الله عز وجل كما ذمهم. فقال: من صلى القيام ضربت عنقه، قال: فقلت له: قد قلت لك هذا أولاً: ما تحتاج إلى المناظرة، فلم تقبل.
ويحكى أن أبا عبد الله الشيعي قال له يوماً: القرآن يقرُّ أن محمداً ليس بخاتم النبيين. فقال له سعيد: أين ذلك؟ فقال له: في قوله: (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) فخاتم النبيين غير رسول الله. فقال له سعيد: هذه الواو ليست من واوات الابتداء وإنما هي من واوات العطف كقوله عز وجل: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) فهل من أحد يوصف بهذه الصفات غير الله عز وجل؟
وتكلم عنده يوماً فغضب من كلامه رجل من كتامة يعرف بأبي موسى شيخ المشايخ وقام إليه بالرمح فمنعه أبو عبد الله من ذلك ثم عطف على أبي عثمان فقال له: يا شيخ لا تغضب أتدري إذا غضب هذا الشيخ كم يغضب لغضبه: يغضب لغضبه اثنا عشر ألف سيف؟
فقال له أبو عثمان: ولكني أنا يغضب لغضبي الله الواحد القهار (الذي أهلك عاداً وثمود وأصحاب الرث وقروناً بين ذلك كثيرا).
قال أبو الأسود موسى بن عبد الرحمن القطان: لو سمعتم سعيد بن محمد في تلك المحافل - يعني مناظرته للعبيدي - وقد اجتمع له جهارة الصوت وفخامة المنطق وفصاحة اللسان وصواب المعاني لتمنيتم أن لا يسكت.
وذكر أن الشيعي قال للصقلبي: إذا اجتمع الناس فأذن لهم بالدخول علي، فلما جاء سعيد بن الحداد أذن له في الدخول، فلما دخل قال للصقلبي: ألم أقل لك إذا اجتمع الناس فأذن لهم؟ فقال له الصقلبي: هذا هو الناس كلهم وإنما فعلت ما أمرتني به. قال: وإنما فعل ذلك الصقلبي لما أعجبه من كلام سعيد رحمه الله.
وخوفه ولده لمباينته للشيعي أول دخوله، فقال له: يا بني حسبي من له غضبت وعن دينه ذببت.
لقد كانت لابن الحداد مساجلات مع العبيديين، ومقامات في الدين مع الكفرة المارقين: أبي عبد الله العبيدي وعبيد الله الدّعي وأبي العباس أخيه، أبان فيها كفرهم وزندقتهم وتعطيلهم.
خرج جماعة من القيروان للقاء الدّعي عبيد الله منهم: أبو عثمان وحماس وابن عبدون، وكان أبو عثمان مهاجراً لابن عبدون، وذلك أنه حبسه، فقال ابن عبدون لأبي عثمان تقدم يا أبا عثمان، فلم يجبه، فقال له: تقدم فليس هذا وقت مهاجرة، فلسانك سيف الله، وصدرك خزانة الله، وإنما أراد ابن عبدون بذلك أن يحرضه على مناظرة الشيعي.
ولما خرج لمناظرته خرج معه أهله وولده وهم يبكون فقال لهم: لا تفعلوا لا يكون إلا خيراً، حسبي من له خرجت وعن دينه ذببت.
يتبع

ياسمين آذار المخضب بالدم (الحلقة 33)/ محمد فاروق الإمام

حزب البعث يعقد مؤتمره القطري السابع
ويكشف في تقريره الختامي عن بروز طبقة حزبية جشعة نمت كالطفيليات
ويعترف بوقوع الحزب في أخطاء قاتلة في تطبيقه للديمقراطية الشعبية
ويقر بانتشار المحسوبية والرشاوي في مؤسسات الدولة
في هذه الأجواء المكفهرة والمضطربة دعا حافظ الأسد حزب البعث إلى عقد مؤتمره القطري السابع في (22 كانون الأول عام 1979- 6 كانون الثاني عام 1980م) لانتخابات حزبية. وقد واجه المؤتمر نقداً لأخطاء قيادة الحزب للدولة والمجتمع، وتبنى تقريره الداخلي تحليلاً أعمق من التحليل الإعلامي التعبوي والسياسي لما سماه بحركة الإخوان المسلمين.
لم يشخص المؤتمر الحركة كمجرد ظاهرة (تآمرية خارجية) بل كظاهرة (داخلية) أنتجها الواقع الاجتماعي الذي يعيش (إشكالات معاشية) و(بروز طبقة جديدة في المجتمع ذات ثراء وجشع كبيرين نمت كالطفيليات) و(الأساليب الخاطئة في تطبيق الديمقراطية الشعبية) و(بروز ممارسات غير ديمقراطية تحت عناوين ديمقراطية) وشيوع (النزوع نحو تجاوز الأنظمة والقوانين وحقوق المواطنين.. وانتشار الوساطة والاستثناءات والرشاوى.. وتدني الشعور بالمسؤولية وقلة المحاسبة)، واعترف التقرير أن (هذه المساوئ وإن وجدت سابقاً في قطرنا.. لكنها لم تكن معروفة داخل سورية بهذه الشمولية يوماً من الأيام).
شجع حافظ الأسد نفسه هذا التقييم ودفع به كثيراً، إلا أنه ورغم بروز التيار الراديكالي في المؤتمر الذي نادى باستخدام العصا الغليظة فإن الأسد تبنى خلال النصف الأول من عام 1980م بشكل خاص سياسة معقلنة يمكن تسميتها بسياسة الحمائم داخل الحزب بالدعوة إلى (المصالحة الوطنية) الذي تبناه معه (محمود الأيوبي) نائب الرئيس و(عبد الله الأحمر) الأمين العام المساعد للحزب الذي راح يطرح (المصالحة الوطنية داخل الحزب وخارجه).
لقد أوضح صراحة التطور المتسارع والحاد للعنف السياسي وما أثاره من إضعاف لهيبة الدولة وكسرها، خلخلة في الجهاز السياسي للدولة نفسها، لاسيما في الاتحاد الاشتراكي العربي الذي كان أمينه العام يومئذ (أنور حمادة) أحد رموز الانشقاق الذي حصل في جماعة الإخوان المسلمين عام 1954م، وأبدى نوعاً من رهان على الحركة الإسلامية في أجواء إشعاع الثورة الخمينية، ورفض أن يوقع على قرار حكومة (عبد الرؤوف الكسم) بحل مجالس النقابات المهنية والعلمية.
وامتد هذا التخلخل إلى بعض كوادر حزب الوحدويين الاشتراكيين المتحالف مع حزب البعث في (الجبهة الوطنية التقدمية)، حيث شكل أحد أعضائه تنظيماً سرياً صغيراً معارضاً حمل اسم (الحزب العربي الإسلامي) وضم بعض الضباط. أما الجهاز البعثي القيادي والقاعدي نفسه فيمكن القول بدقة إنه قد وصل في مدينة حلب في آذار عام 1980م إلى انهيار شبه تام. ولم يعد يعول عليه بعد أن قدم العشرات استقالاتهم من عضوية الحزب. فمن بين كل التنظيم البعثي في جامعة حلب لم يبق في أوائل آذار عام 1980م سوى سبعة أعضاء عاملين فقط، تولوا حراسة مبنى الفرع في الجامعة. إلا أن الضغط الأكثر خطورة أتى من كتلتين داخليتين أساسيتين هما:
أ- التكتل الحركي الإسلامي الذي تقوده (الطليعة).
ب- تكتل التجمع الوطني الديمقراطي الذي أعلن في منتصف آذار عام 1980م، وضم كلاً من الاتحاد الاشتراكي العربي جناح (جمال الأتاسي)، وحزب العمال الثوري، والبعث العربي الاشتراكي الديمقراطي جناح (الشباطيون) وحركة الاشتراكيين العرب جناح (أكرم الحوراني). إضافة إلى بعض التنظيمات الصغيرة القومية مثل (حركة الأنصار) وهي حركة ناصرية تتبنى منهج عصمت سيف الدولة، والتنظيم الشعبي الناصري (الدكتور خالد الناصر). وأما حزب العمل الشيوعي الذي لم تكن له صلة بالتجمع، فقد تبنى مؤتمر له في بيروت حمل السلاح بدعوى مقاومة (الإخوان المسلمين) مما أدى إلى تفكيك السلطة له منهجياً وجماعياً ووفق حملات متتالية.
يتبع

أوباما رئيس هاو وغير كفء!!/ د.عبدالله المدني

حينما كنا طلابا في مرحلة الدراسات العليا في جامعة بوسطون، كان ضمن ما تعلمناه، أن لكل رئيس أمريكي معاصر عقيدة سياسية يؤطر فيها سياساته الخارجية، جاعلا منها خارطة طريق لإدارته.
وهكذا علمونا "عقيدة ترومان" التي تأثرت بتداعيات ونتائج الحرب الكونية الثانية وظهور الثنائية القطبية، فجاءت تقول بضرورة تقديم الدعمين المادي والعسكري للدول والحركات التي تقاوم إنتشار المد الشيوعي في جنوب أوروبا وشرق المتوسط، خصوصا تركيا واليونان. وعلمونا "عقيدة أيزنهاور" التي إشتملت على ملء الفراغ الناجم عن هزيمة بريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي على مصر في 1956 مع العمل على تقليص نفوذ الرئيس عبدالناصر الذي كانت زعامته الطاغية تهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ودول الخليج بفعل ماكانت الناصرية تبثه من دعايات ضد ما أصطلح على تسميته بـ "الأنظمة الرجعية" العربية.
ثم علمونا "عقيدة كيندي" التي كانت ترجمة حديثة لمباديء الرئيس الأمريكي الأسبق "مونرو" حول حقوق الإنسان والديمقراطية والتعددية ومقاومة الأنظمة الديكتاتورية. ولأن كينيدي جاء في فترة إنفجرت فيها أزمة "خليج الخنازير" فإنه ضمــّن عقيدته دعم الأنظمة التي تتعهد بإجراء إنتخابات ديمقراطية في الحديقة الخلفية لبلده (أمريكا اللاتينية)، وذلك تفاديا لتسرب النفوذ الشيوعي واليساري إليها. وقد وصفت جماعات حقوق الإنسان والدمقرطة وقتذاك "عقيدة كينيدي" بأنها إنقلاب ثوري في التوجهات الخارجية لواشنطون لأن الأخيرة كانت قبل ذلك تدافع عن الحكومات اللاتينية التي تصل إلى السلطة في بلدانها على ظهر الدبابات.
وبإغتيال كينيدي ومجيء "ليندون جونسون" أسدل الأخير الستار على عقيدة سلفه واستبدلها بـ "عقيدة جونسون" التي قالت بضرورة دعم واشنطون لأي حكومة لاتينية، بغض النظر عن شكلها وطريقة وصولها إلى السلطة، طالما أنها تحمي مصالح الولايات المتحدة في ذلك الجزء من العالم. وحينما دخل "ريتشارد نيكسون" البيت الأبيض، وكانت الحرب الفيتنامية في ذروتها، ظهرت "عقيدة نيكسون" التي صاغها المستشار الأشهر لشئون الأمن القومي ووزير الخارجية لاحقا "هنري كيسنغر"، وجاء فيها تعهد واشنطون بالدفاع عن حلفائها في جنوب شرق آسيا وفق المعاهدات المبرمة، بما في ذلك نشر المظلة النووية الأمريكية إذا ما تعرضت الدول الحليفة لتهديد نووي خارجي.
أما "جيرالد فورد" الذي قاد الولايات المتحدة لفترة إنتقالية على إثر إستقالة نيكسون المدوية بسبب فضيحة "ووترغيت" المعروفة فلم يتح له الوقت لتشكيل عقيدته السياسية الخاصة، وإنما سار على "عقيدة نيكسون" مع تحلله من الكثير من إلتزامات سلفه بعدما خرجت بلاده مهزومة من الحرب الفيتنامية وتحسنت علاقاتها مع صين "ماو تسي تونغ". ثم جاء الرئيس الضعيف "جيمي كارتر" في وقت كان فيه أهم الأنظمة الحليفة لواشنطون في الشرق الأوسط، أي نظام الشاه في إيران يواجه أسوأ تحد داخلي له منذ إنقلاب محمد مصدق في الخمسينات. فكان أن صاغ كارتر عقيدة تقوم على المباديء الأخلاقية في عالم السياسة الذي لا يعترف بالأخلاقيات. ورغم أن الرجل أطلق تحذيرات بأن بلاده سوف تدافع وتقف مع حلفائها الاستراتيجيين لمواجهة ما يعترضهم من تحديات داخلية وخارجية، فإنه سرعان ما ثبت أن تلك التعهدات لم تكن سوى فقاعات صابون وذلك حينما تخلى عن نظام الشاه وسمح بقيام نظام ثيوقراطي على أنقاضه، وهو النظام الذي ما برح العالم أجمع يشتكي منذ 1979 من مؤمراته وممارساته العبثية وعدم إنصياعه للنواميس الدولية.
ثم جاءت "عقيدة بوش" الأب على وقع الغزو العراقي لدولة الكويت في صيف 1990، وإنهيار الإتحاد السوفيتي ومنظومته الإشتراكية بالتزامن تقريبا فإشتملت على لغة حاسمة وقوية بضرورة الدفاع عن الدول الحليفة في الخليج بالقوة العسكرية، وذلك في مشهد معاكس لعقائد أسلافه من الرؤساء الامريكيين الديمقراطيين. وقد أقرن بوش الأب القول بالفعل حينما نجح في تشكيل تحالف دولي واسع لإخراج القوات العراقية الغازية من الكويت ومنع تمددها نحو دول الخليج العربية بالقوة. أما "بيل كلينتون" الذي خلف جورج بوش الأب فقد كان متأثرا بنجومية وشعبية جون كينيدي من جهة، ومستاء من جهة أخرى من أوصاف الضعف والتخاذل التي ألصقت بالرئيس كارتر المنتمي إلى نفس حزبه، فحاول أن يصيغ عقيدته بطريقة تجمع ما بين النقيضين. حيث استعار فيها شعارات كارتر حول حقوق الانسان والدمقرطة والحكم الرشيد، وتجنب اللين والتخاذل بإرسال طائراته لقصف عراق صدام حسين والتدخل العسكري في حرب البوسنة والهرسك.
وهكذا نجد أن عقائد الزعماء الأمريكيين تأثرت كثيرا بالأوضاع السياسية المعاصرة لهم - وهذا لا غبار عليه – لكنها من ناحية أخرى وقعت في تناقضات، ولم تشتمل على مباديء راسخة. حيث رأينا كيف تنصل بعضهم بسهولة مما أرساه سلفه.
أما سؤالنا المحوري فهو هل للرئيس "باراك أوباما" عقيدة سياسية؟ وإذا كان الجواب بنعم فماهي مضامينها؟
يبدو الرئيس الأمريكي الأول من ذوي الأصول الأفريقية حائرا لايدري ما يريد. فهو متردد وسياساته متقلبة بحيث صار مصدرا للتندر. ولعل أقوى دليل هو أن إدارته غيرت موقفها من احداث مصر أربع مرات في غضون إسبوع، وفعل الشيء ذاته حيال الثورة السورية. فتارة يقول ان كل الخيارات متاحة ومطروحة، ويكرر نفس المقولة حيال الملف النووي الإيراني وعبث قادة بيونغيانغ. وتارة أخرى يقول أنه سوف يزود الثوار السوريين بالسلاح ليتراجع بعد قليل ويبدي تخوفه من وقوعه في أيدي الجماعات الجهادية. وتارة ثالثة يشترط توريد السلاح للمقاتلين بما سيتمخض عنه مفاوضات جنيف 2 . وتارة رابعة يؤكد إستخدام دمشق للسلاح الكيماوي ضد معارضيه ليتراجع بعد سويعات ليقول: "أننا بحاجة إلى دليل دامغ". وحتى بعدما حزم أمره مؤخرا وأعلن أن بلاده ستزود المقاتلين السوريين بالسلاح فإنه إستدرك ليعلن أنه لن يزودهم بصواريخ أرض – جو!
هذه الحيرة وهذا التخبط واللاحسم الذي لا يليق بزعيم القوة العظمى الوحيدة في العالم دفع شخصية مقربة منه ومن أعمدة حزبه الكبار وهو "بيل كلينتون" إلى القول علنا: أن "أوباما رئيس هاو وغير كفؤ" مضيفا أنه لم يسانده إلا لأنه وعد زوجته هيلاري بحقيبة الخارجية.
وجملة القول أن الولايات المتحدة لم تشهد في تاريخها رئيسا متخبطا ومترددا مثل أوباما، إذا ما استثنينا جيمي كارتر. ويمكننا من وحي ما صدر عنه وعن أركان إدارته أن نقول أن "عقيدة أوباما" حينما تدرس للأجيال قادمة سوف تشتمل على:
• التردد والتخبط حيال القضايا الدولية والإقليمية.
• التدخل في شئون الدول العربية الحليفة بقصد إسقاط أنظمتها وتقسيمها الى كانتونات طائفية وعرقية عبر تدريب وتأهيل الجماعات والمنظمات الفوضوية العاملة تحت شعارات حقوق الإنسان والدمقرطة
• التخلي عن الأنظمة الشرعية الحليفة والمراهنة على الجماعات المعادية لها كحركة الإخوان المسلمين مثلا.
• تحويل البوصلة الأمريكية من الخليج والشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى والباسفيكي لمحاصرة العملاق الصيني.
• التخلي كليا عن عقيدة سلفه (جورج بوش الإبن) بإتخاذ قرارات معاكسة تماما حتى لو لم تكن في صالح بلاده. تلك العقيدة التي ورثها بوش الإبن عن أبيه والتي تجسدت في ردود فعله السريعة والحاسمة تجاه نظام طالبان في افغانستان وصدام حسين في العراق بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر، فكانت سببا في ما يمكن وصفه بـ "عقدة أوباما" وليست "عقيدة أوباما.

د.عبدالله المدني
باحث ومحاضر أكاديمي في الشأن الآسيوي من البحرين
تاريخ المادة: يونيو 2013
الإيميل: Elmadani@batelco.com.bh

ابن صديقي/ عبدالقادر رالة

لم أكن أتصور أبدا أن ملاحظة عابرة تتسبب في كل ذلك الشجار، وتجعلني أسمع كلاما لاذعا من طرف مراهق هو في مثل سن أبنائي !
لم يخطئ الأولون لما قالوا أن من يتدخل فيما لا يعنيه يسمع ما لا يرضيه !
لكن تدخلي لم يكن بهدف سيئ وانما أردت من ذاك المراهق أن يقلع عن تلك العادات السيئة والكلام الفارغ الذي كان يملأ به الشارع...واعتقدت أنه مثل المراهقين الأخرين فإن لم يقتنعوا بصواب النصيحة وبوجهة نظري ينصتون صامتين ولا يجادلون...
لكنه جادلني وأسمعني من صنوف عدم الاحترام، والأخطر انه أخلط بين الحرية الشخصية وحرية الأخرين، فهو لم يرد أن يقتنع أن حريته تضر المجتمع أو بعضا منه ،لم يستطع أن يستوعب أن حريته تنتهي حيث تبدأ حرية الأخرين، وأي حرية يتبجح بها وأمثاله ، فمن يراه يعتقد أنه مهرج، مهرج مثل كل المهرجين الذين نستمتع بحركاتهم! مهرج في الكلام الأعوج الخالي من أي معنى، ومهرج في اللباس وتسريحة الشعر....
ولما جرحني ببعض كلامه أمام الناس أردت أن أدق عنقه ،لأن طويل اللسان دائما ضعيف العضلات ! لكن الناس نصحوني: اضرب الكلب وانظر الى صاحبه!
فربما والده انسان طيب ، رددت غاضبا : لا اعتقد فالطيب لا ينجب الا الطيب!
ورغم ذلك عملت بنصيحتهم ....ودققت على الباب...فخرج لي صديق قديم لم ألتقيه منذ زمن طويل حتى كدت انساه لولا ابتسامته ونظرته.. زمن طويل لم نلتقى رغم أننا نسكن مدينة واحدة...لما رآني ابتسم ثم اقترب مني يعانقني أما انا فانفجرت مقهقها....
وقلت : قبل أن تسلم علي...لا تقل أن هذا هو ابنك الذي انقذته من الحفرة التي وقع فيها ذاك العام ونحن نتجول عند الجدول..
ـ نعم... وهو مدين لك بحياته...ودائما احكي له عنك فيتشوق لرؤيتك ولقائك ، ويعزمك على عشاء فاخر يدفع هو مصروفه.....
ـ يا له من لقاء سيئ!
وارتمى ذاك المراهق يحتضنني ويقبلني ويطلب مني الصفح أسفا، وصديقي غير فاهم لشئ...
ـ أرجوك سامحني...لم أكن أعرف أنك صديق والدي الأثير!
ـ لم أطلب منك شيئا...سوى أن تحترم الجميع.. وبالأخص الأكبر منك سنا..
احترام الكبار أمر مقدس لا نقاش فيه...هكذا تربينا أنا وأبوك ...
ـ لكن يا عمي...نسيتم توقير الصغير...جيلكم لا يوقرنا ويقول أن لا خبرات لنا.. ولا يتفهم احاسيسنا...ولا عواطفنا ... لكل جيل زمانه ، ولكل زمن أولاده...
ـ أعرف...لكن يا ابن صديقي ، أنا لم أطلب سوى الاحترام... الاحترام بين الاجيال مهم... كما نحترم عظماء التاريخ وعلماءنا الكبار.. أنا مثلا احترم ابن خلدون رغم أن الفارق الزمني بيننا هو ستة خمسة قرون...أو....
قاطعني صديقي:ـ اتركه! لا يشعر بصواب كلامك الا لما يصير له أولاد فيتعذب لما يجدهم لا ينصتون اليه لأنه لا ينصت لي...الآن...تصور أنه يقول أن كلامي كله خطأ لا لشيئ سوى أن شبابي وطفولتي كانت خالية من الانترنت الهاتف النقال...
ولما ابتعدت عنهما قليلا لحقني ذاك المراهق...
ـ عمي أين تفضل تناول الغداء غدا في البيت أو المطعم...
قلت مندهشا:ـ فهل تفتخر بهذا الزمان الذي تدعوا فيه احبائك الى لمطعم...يا له من زمن...
ـ فقط قل...لا داعي للنقاش....
ابتسمت وقلت:ـ منذ مدة طويلة جدا لم أذق أكل والدتك...
ـ اذا غدا...إننا في انتظارك على الساعة الحادية عشر صباحا... ان شاء الله...
الجزائر

مهندس مذبحة الاقصر اصبح محافظا لها.. لماذا؟/ لطيف شاكر


اكتفي محمد مرسي الرئيس الشرفي لمصر والقابع في قصر الاتحادية المنيف مع عشيرته  ان يكون مجرد ممثل  شخصي  لمكتب الارشاد بدرجة رئيس مصر والمتكلم الابله للمرشد العام  وزبانيته الاشرار . وقد اعفوه من كل اختصاصاته باستثناء التمثيل الشكلي لرئاسة الدولة , فهم يفكرون ويخططون ومرسي ينفذ ويعمل  ويتكلم بما يوحي له المرشد الحاكم  بامر الله لمصر  , ويبدو ان مرسي  راضيا ومقتنعا بهذا الدور ربما لضعف شخصيته وقلة حيلته  او لعدم درايته بالحكم او لانهم رب نعمته وهم الذين اوصلوه لهذا الكرسي  دون ان يدري, فهو مجرد احتياطي للاعب اساسي , ويخشي ان يتخلصوا منه   اذا تطاول مرة ورفع عقيرته  امامهم ولو بالخطأ او الصدفة  او خالف اوامرهم او شق عصا  الطاعة . فالمرشد هو السيد المبجل  ومرسي موظف  مطيع في  مملكة ابليس الاخوانية لاينبس  ببنت شفاه  الا باذنهم  او مجرد التفكير عكس ارادتهم فهم سيقبضون علي روحه في الوقت المناسب , والوقت ات لاريب فيه لان هذا  اسلوبهم  الدنئ وفكرهم العقائدي  منذ نشاتهم, وقلوبهم مملوءة بالحقد الاسود وارجلهم سريعة لسفك الدماء ..
وان ما يخطط  للوطن تحت جنح ظلام المقطم  من خطط بهيمية يقوم بتنفيذها احد  الذي يعمل لديهم في وظيفة رئيس مصر دون  ثمة تفكير او  تعديل  لاوامرهم  فيصدر قرارتهم  بلسانه وياتمر باوامرهم , ورغم هذا  يضعوه في موقف  الرئيس الخائب  المهزوز  حتي اذا اتت الفرصة  المناسبة للتخلص منه  لايجد من يحزن عليه او يدافع عنه, وهم سيضحون به  ويقدموه قربانا للشعب  للتغاضي عن جهلهم وظلمهم,  من اجل تثبيت حكمهم  ويوقعوا الوطن  في حرب بلا هوادة ونزيف دم  بلا حدود حيث  سيشيروا باصبع الاتهام بقتله للاقباط  الذين اصبحوا  اكثر عداوة لهم  خلافا  لليهود الاكثر  مودة  ورعبا  لهم" وَتَكُونُ أَرْضُ يَهُوذَا رُعْبًا لِمِصْرَ ",او ربما يصفوا حسابهم مع  رجال جبهة الانقاذ او شياب التمرد  الحر حتي يثيروا عواطف الغوغاء عليهم  ويلهبوا مشاعرهم  كقطيع يساق دون فهم او وعي  وتتحول الي حرب اهلية تقضي علي الاخضر واليابس خاصة انهم يتقنون اللعب  بكارت الدين في ظل تدين ظاهري وتقوي كاذبة وتقية خادعة ,وفي سبيل الدين  تتخم الساحة بالشيوخ الجهلاء وتكثر الدماء وتتقطع الاشلاء ويشتد البلاء .
ان تعيين احد المتهمين  الجهاديين بقتل 50 سائحا في  اروقة معابد الاقصر التي تشهد بمجد المصريين وعبادتهم الروحية من خلال المعابد الطقسية والجنائزية  الذين يتلون فيها  صلواتهم للاله الواحد الذين عبدوه في وقت كان العرب اجداد الاسلاميين  يغضوا في احضان الهة وثنية  وعبادات صنمية  تزيد عن 360 الها  اباحوا  لهم الزنا والفجور والقتل والغزو  اضافة الي اصنام من العجوة حتي اذا جاعوا يتسابقوا في التهامه  لينقذهم من جوع  ويتذوقوا طعمه فيبنوه من جديد , ليأكلوه  كلما جاعوا وهم دائما وابدا في حالة جوع لاينتهي .
ورغم هذا يقلبوا الحقائق ويسقطون علي المصريين بانهم عباد الاوثان  وبتهمونهم بالكفر ويسعون الي هدم الحضارة المصرية الشامخة ,وبالتالي فلا يستحق السواح الا القتل في وضح النهار  وهذا  كرم الضيافة العربي الذين يتشدقون به ,وهم  ليسوا بمصريين  بل غرباء اجراء  يكرهون مصر  ولا يبالوا بها  ومعاول الهدم  لاتفارق ايديهم الملطخة بدماء ابناء مصر الابرار .
وخطة ابليس في وضع  مهندس مذبحة الاقصر علي قمة السلم الوظيفي  محافظا لها  او حاكما شرعيا للاقصر  اغني واشهر منطقة  في العالم  بما تحويه من التراث المصري وهو الاعظم في كل الدنيا قاطبة  ,ومن لايعرف الاقصر عليه ان يذهب الي امريكا واوربا ليجد العمائر الاثرية التي تحاكي اثار الاقصر بمعابدها وتماثيلها  وبازاراتها وعادياتها وملابسهم  حتي اسمها يضعونه في كل بقعة وعلي كل العاديات والبرديات والرسومات , وكانك تعيش الاقصر في الخارج .
لكن لماذا هذا القرار الشيطاني  المرسوم بعناية  وفي هذا الوقت بالذات وتعيين مهندس الجريمة الذي  تسبب  هو وصحبه الغير كرام  منذ عدة سنوات في هدم السياحة لمدة من الزمن , واهتز لهذا الخبر العالم كله واصبح  حديث الاعلام العالمي والسياسىة الدولية ,  ويتحرك  المخلوع مهرولا الي مسرح الجريمة  ليجني  ثمرة فشله  وخيبة حكمه ,وتنتهي الامور كالعادة  وكأن شيئا لم يحدث وصدرت  الاحكام الباهتة والتافهة  لارضاء  الفصيل  الاسلامي  ليكسب ودهم  ويحظي برضاهم, والدليل ان  الكثير من الذين اتهموا في قضايا القتل والهدم والخراب مازلوا يعيثون في الارض فسادا ولم يحكم عليهم بالاعدام رميا  باحذية الشعب قبل تعليقهم علي المشانق لانها جريمة حضارية تمس الوطن  كله ,وعندما ابتلت مصر بالمشئوم واغتصب الكرسي بمعاونة  من باعوا مصر رخيصةلاخوان الشيطان اسرع مرسي بناء علي اوامر المرشد  باخراج القتلة والمجرمون  من السجون معززين مكرمين لانهم اخوة له وشركاء معه  واقامهم في مراكز قيادية متقدمة يتربعون علي كل مفاصل مصر ليهدد بهم شعب مصر .
و ياتي اليوم الذي يقلد فيه احد المجرمين العتاة والمشارك الفعلي  في قتل السياح الاجانب  وضرب السياحة في مقتل  وهدم الاقتصاد المصري, علي راس موئل  ومعقل  السياحة  المصرية غازيا للاقصر  وفاتحا لكنوزها ومحتلا  لاثارها لسرقتها مع  رعاة مكتب الارشاد قبل تحطيم  ماتبقي منها من  اثار خالدة  ,فهم لايعرفون الا النهب والهدم والدم  , وبذلك يحققون مأربهم علي  ارض الاقصر الكافرة لما تحويه من التراث الكافر والحضارة العفنة باستثناء حصيلة النهب  والاستثناءات  باتت قاعدة  واصبح  الحرام حلالا زلالا  , وهنا سيكون نقطة فاصلة  , ويتكشف المغزي من تعيين المجرم محافظا والمخرب  حارسا والمدمر راعيا للاثار الكافرة  ويضعوه في موقف  فارقا  ,  اما ان يحقق حلم السلفيين  بالتجهيز علي هدم الاثار  والا  يكون كلامهم بلا قناعة او عقيدة ثابتة فتظهر اضاليلهم  امام السلفيين  ويصبح كلامهم كالهذيان   لاقيمة لهم او لفكرهم واهازيجهم وينسحب الجميع من تحت لوائهم , واذا حدث ان امتدت اياديهم العفنة الي هدم الاثار  ليحقق مآربهم  ويتمم مشورتهم وهو المقصود  والمطلوب وراء حركة وضعه علي كرسي  الاقصر ستحدث المأساة  الكبري حيث يقوم شعب الاقصر الاصيل قيامة رجل واحد  والتصدي لهذه الخطة الجهنمية , فاغلب شعب الاقصر يعيش علي صناعة السياحة المورد الاساسي لمعيشتهم , سيقاومون بالدم هذا العمل  الاجرامي وستكون النتيجة الحتمية  المرسومة بفكر شيطاني  هو اقتتال دموي  بين شعب الاقصر المهموم بالسياحة  وبين السلفيين المتواجدين بكثرة في هذه المدينة والمناصرين لاخيهم المحافظ السلفي  (كلهم اخوة واخوات), وسيمتد بالتاكيد  هذا التطاحن  الدموي  الي كل  مناطق القاهرة التي لها علاقة بمجال السياحة  المتسع جدا والذي يعمل فيه اكثر من خمسة مليون مصري وكانت تمثل   حصيلتها   حوالي 13 مليار دولار سنويا سابقا  ,وبذلك تنشب الحرب بين السلفيين والشعب ويقف  الاخوان يشاهدون الموقف عن كثب وتعزيز لكل الفريقين بالمال والسلاح  والرجال  للمتصارعين الاعداء  وبذلك تتحق خطة الاخوان  وهو  افناء السلفيين في الشعب والشعب في السلفيين  ويتخلصوا من اعداءهم الاثنين" أُهَيِّجُ مِصْرِيِّينَ عَلَى مِصْرِيِّينَ، فَيُحَارِبُونَ كُلُّ وَاحِدٍ أَخَاهُ وَكُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ" اشعياء 19. انها احلام الاجراء  والغير مبالين بالوطن  , وستتكشف الامور وينقلب السحر علي الساحر  وعلي الباغي تدور الدوائر .
وتكتمل خططتهم الدنيئة الدموية وهم يضحون بالوطن حتي اشلاء اخر مصري ويجلسون علي جماجم  الشعب  ويغوصوا في دماءهم  الذكية   ,  و بالامس حرق نيرون روما واليوم يهدم مرسي  مصر .
ويبدو ان شرارة المعركة  ستبدأ من الاقصر  من البيت العتيد للاثار المصرية الخالدة , ثم تمتد نيرانها الي كل  المناطق السياحية  في مجالها المنتشر  في ربوع مصر كلها من فنادق متعددة النجوم الي العائمة والموتيلات والبازارات والعاديات والمراكب والسيارات  والطائرات والمناطيد وخلافه لاحصر له من صناعة ذهبية واعدة تحقق الرخاء والامل لمصر
ان الاخوان  يجيدون اللعب بالنار ويتجرعون شرب  الدماء ويفتخرون بقطع الرؤوس وبفرحون بتمزيق  الاشلاء ويتلذذون بالتهام  اكباد وقلوب  الضحايا البشرية (خالد بن الوليد قطع راس مالك بن نويرة وطبخه وزنى بزوجته) , وكلهم من نفس المعين الاسن والفكر الدموي  المتوحش وجهاد  من اجل شيطان جعلوا منه الها
لكن الله العادل الجبار الذي استبدلوه باله دموي وهابي صنعوه بايديهم وعلي هواهم ليحقق اغراضهم الدنيئة  سيقف  لهم بالمرصاد , وبنتصر حورس لابيه اوزوريس رمز مصر ويقتل ست اله الشر(اله الاسلاميين)ويستعيد مصر من يد ست الشرير واتباعه وسيمسك  حورس بكل تلابيب اله الشر ليمزقهم تمزيقا والشعب لن بتراخي علي الفتك بهم , وهم يرتعدون الان  جبنا وصراخهم وتهديداتهم  اكبر دليل  علي  الخوف والضعف والهزيمة  , ومااشبه اليوم بالبارحة فاحمس طارد  هكسوس امس هؤلاء الرعاة البدو  الحقراء القادمون من منطقة  اسيا العربية  لنهب مصر وتفريق الشعب بمؤمراتهم الدنيئة ,سيهبوا  احفاده في وحدة لايغلبها غلاب  لطرد ابناء  الهكسوس   , وينتصر حورس للمصريين .
واخيرا اقول للمرشد وزبانيته اسألكم الرحيل اذا كنتم تراعون مصر  قبل ان تلتف حبل مشانق صدام علي رقابكم النحيفة او تلحقوا بالقذافي لموته المذل (فتوي شرعية للجهاد)  او تقبعوا في السجون مع المخلوع فهو وعصابته  السابقون  وانتم اللاحقوق باذن الله ولكل ظالم نهاية .. وكلكم في التهب والهدم والدم  سوا.
 ولتحيا  مصر حرة بشعبها المصري الابي .
لطيف شاكر

هَـوِيَّـة مِصـر والأحـلام الخرقـاء/ مهندس عزمي إبراهيم


في كتابه "شخصية مصر" يقول الدكتور جمال حمدان "تنفرد مصر بين العرب، ولكن موقعها الجغرافي يأتي ليمنحها المزيد من التفرُّد وأبرز ما في هذا الموقع أنه كالقلب من الجسم، وواسطة العقد، وهمزة الوصل بين آسيا العربية وأفريقيا العربية ". ركَّز الدكتور جمال حمدان تفرُّد مصر على مكانتها كدولة بين العرب ومكانها الجغرافي بين الدول العربية. ولكني أتوسع بتطبيق انفراد مصر لمكانتها كدولة عريقة بين الدول الراقية، ولمكانها الجغرافي الاستراتيجي بين قارات العالم. فقد قال القائد الحربي الفرنسي نابليون بونابارت "مصر هي قلب الكرة الأرضية من إحتلها سيطر على العالم كله." وقال أيضاً "في مصر قضيت أجمل السنوات، ففي أوروبا الغيوم لاتجعلك تفكر في المشاريع التي تغير التاريخ، أما في مصر فإن الذي يحكم بإمكانه أن يُغيِّر التاريخ."
مصر، كما يعرفها العالم، هي أرض الحضارات. لها آثارها وتأثيرها في تاريخ الإنسانية بمعالمها الحضارية المتميزة التي مَكَّنتها من السيادة داخليا وخارجيا والتفوق في العلوم والفنون والثقافة والطب والعمارة وفي جميع مجالات الإنسانية وفي نظام الحكم في حرب وسلم. لقد كانت لمصر دائماً خصوصيتها التي تنفرد بها علي كل الأمم وعلى كل الحضارات التي أخذت منها وبُنيَت على معالمها. ومن مدعاة فخر مصر والمصريين أنها هي تعتبر أقدم دولة في العالم لها "كيان مجتمعي واحد" بحدوده الجغرافية الحالية منذ 7000 ألاف سنة.
لكي نستدل كيف سُمِّيَت مصر باسمها، أمامنا مصدران. الأول هو التوراة، العهد القديم في الكتاب المقدس، أقدم الكتب المطبوعة في العالم، والثاني هو تاريخ الفراعنة سكان مصر الأوَائل، أقدم شعوب العالم المتنور.
كان لنوح النبي ثلاثة أبناء هم سام وحام ويافث. سام هو أبو الشعوب الأسيوية القريبة أي جنوب غرب آسيا وتشمل العرب واليهود وفارس. وحام هو أبو الشعوب الجنوبية وتشمل مصر والسودان وشمال أفريقيا وباقي أفريقيا. ويافث هو أبو الشعوب الشمالية من آسيا وآسيا الصغرى وتشمل الصين إلى البلقان وأوروبا. وكان "مصرايم" إسم الابن الثاني لحام وهو أيضاً الاسم العبراني لمصر. ويقال ان معناه هو البلد او المكنونة الحصينة. ويقال ايضا البسيطة الممتدة.
وجاء اسم مصرايم ومصر ككلمتين متبادلتين للدلالة على مصر وشعبها في التوراة، في سفر التكوين (10:6) وفي سفر إشعياء (11:11) وفي سفر حزقيال (29:14 و 30:14) وفي نبوة إرميا (44:1 و 15). كما جاء في مزمور 105:23 "فجاء إسرائيل إلى مصر، ويعقوب تغرَّب في أرض حام"، أي في أرض مصر.
و في العصور الفرعونية عرفت مصر بأسماء منها "كيمبيت" وتعني الأرض السوداء تمييزاً لها عن الأراضي الصحراوية الصفراء والجبلية الحمراء، و"ثيميرا" أو "ثامير" وتعني أيضاً الأرض السمراء الخصبة المثمرة. ومن أوضح الأسماء التي أطلقت علي مصر وعلي مدينة ممفيس في العصور الفرعونية اسم "ها كا بتاح" بتشكيلات مختلفة: "ها كو بتاح" "هي كو بتاح" "هيكوبتاح" "كوبتاح" ومعناها مسكن روح الإله بتاح. وهو في الحضارة الفرعونية إله الحِرَف والصناعة والفنون وهو ما أشتهرت به مصر في عصر كان العالم كله يحبو في ظلام الجهالة. ولا يزال هذا إسم مصر في اللغة القبطية حتى اليوم.
تطورت هذه الكلمة بمقاطها الثلاث ها كا بتاح أو (ha-ka-ptah)، في صور متقاربة "ها كا بتاح" أو "هي كا بتاح" أو "هي كو بتاح" بمزيج من اليونانية والهيروغليفية إلى"هي جى بتو" أو "جيبتو" وبالحروف اللاتينية Aigyptus. أو Egyptos، مضيفين حرف السين (s) كالعادة في اللغة اليونانية في نهاية الأسماء، وهو ما يماثل التشكيل بالضم والفتح والكسر فى اللغة العربية. ومنها اشتق اسم مصر الحالي Egypt بالانجليزية ومرادفاتها باللغات الأوروبية، مثل "Egypte" في الفرنسية، و"Egitto" في الايطالية، و"Aegypte" في الألمانية، وغير ذلك.
***
مما قدمته يتضح أن مصر من المناطق القليلة في العالم التي حافظت علي أسمها طوال مراحل تاريخها العميق. أي أن أسم "مصـر" باللغة القبطية الفرعونية والعبرية التوراتية والعربية واللاتينية وأي لغة في العالم ظل عَلماً علي هذا الوطن المصري العريق دون تغيير خلال 7000 سنة حتى تحت استعمارات المستعمرين من كل صَوْبٍ وجنسٍ، ما عدا الـ 55 سنة الأخيرة تحت حكم "مصريين" للأسف وللعجب!!!
ففي البـدء كـانت «مصر». وكان اسم مصر: «مصر».
واسم مصر كما عرفه ويعرفه العالم أجمع بمؤرخيه وبمراجعِه: «مصر».
ومصـر كما يعرفها العالم أجمع: تاريخياً وعنصرياً وعرقياً «فرعونيـة»، وجغـرافياً «أفـريقيـة».
من ذلك، فمصر عَبـر تاريخها الطويل، إسماً وهوية: «مصـر» «فرعونيـة افـريقيـة».
بالونـة الحلم الرمادي التوسعي:
في عام 1958، في حلم رماديّ اللـون، ولغرض تكويـن وحـدة سياسية توسعيـة سلطوية مغلـَّـفة بنعرة "القوميـة العربيـة" قام جمال عبد الناصر، متخلـِّـياً عن "القومية المصرية العريقـة"، بحذف إسم «مصـر» تماماً من هويتها الأصيلة. وتغيير مصر إسـماً وهويـة إلى: «الجمهوريـة العربيـة المتحدة». فشلت الأغراض التوسعية الحمقاء. وثبتت ضحـالة القومية العربية. فسقطت بالونـة «الحلـم الرمـادي» مُمَزّقة متناثرة على الأرض.
لصق هذا الإسم الفضفاض بمصر، كجلبـاب  عربي صحراوي "مهرول" ليس على مقاسها ولا يناسب قدها الجميل ولا يليق بذوقها الراقي حتى عام 1971. حيث قام أنور السادات بتغييره كما يغيرون لعِّيـبة الكورة أثناء الماتش والنتيجة واحـدة. "شالوا ألدو وحَطـُّوا شاهين" "شالوا المتحدة وحَطـُّوا مصر". فصارت مصر إسماً وهوية: «جمهوريـة مصـر العربيـة». ولم يتغير شيء. فما زالت مصر الفتاة الأنيقة مُخبَّأة تحت الثوب العربي الصحراوي "المهرول" الذي ليس على مقاسها ولا يناسب ذوقها، يخفي جمال وعظمة قوميتها المصرية العريقة.
***
بالونـة الحلـم الأسود الفاشي:
واليــوم، يحاول مرسي العياط، في حلـم أسـوَد اللـون، ولغرض تكويـن نظـام فـاشي سلطوي مغلف بنعـرة "الخلافـة الدينيـة"، مع أولياء أمره، الأخوان المسلمين مغتصبي مصر وسالبي دستورها وحريتها وكرامتها وكرامة بنيها، مُهدرين القومية المصرية العريقـة، بهدف جعل مصر دويلة أو ولاية في خلافتهم الخرافية وتغييـر اسم مصـر وهويتها إلى: «ولايـة مصـر الإسلاميـة».
***
ولكــن...
التاريخ لا يغفل. بل يعيد نفسه....
فكما فشلت المطامح "التوسعية السلطوية" المبنية على "القوميـة العربيـة الضحلـة"،
كذا ستفشل المطامع "الفاشــية السلطوية" المبنية على "الخلافة الإخوانيـة الخياليـة".
وكما لم تكد ترتفـع بالونـة الحلـم الرمـادي الأحمق إلا لتسقط مفرقعة علي الأرض،
سيتسرب الغـاز من بالونـة الحلـم الأسـود الخرافي قبل أن تفـارق سطح الأرض.
***
ولكني أعجب كل العجب لأبناء مصر، أو من يدَّعون أنهم أبناء مصر. من يحاولون حشر مصر الكبيرة الأصيلة العريقة في خيمة العروبة، أو وضع أبنائها العظام سلالة الفراعنة سادة العالم تحت أجنحة العرب. إنه كمَن يحاول حبس الأسد في حظيرة الدواجن، أو زج الفراشة في شباك العنكبوت. كونوا مسلمين ما شئتم، ولا عيب في ذلك. ولكن هذا لا يبرر ذوَبان مصر الأفريقية في العروبة الأسوية. فقد كانت غالبية مصر مسلمة ومستقلة عن العروبة في عصر الزمن الجميل، وكانت عزيزة راقية متقدمة في كافة المجالات.
لن ينجح أبداً الحالمون الطامعون المُهْدِرون لمصرية «مصـر» والنازعين عنها ثوبها الأنيق الممثل في إسمها الجميـل وقوميتها المُشَرِّفة. لن ينجح مستعمر غاشم، أو فصيل غاصب، أو دكتاتور موتور، في وأد كيان مصـر الحُرَّة الأصيلة.. فاسمها ملء التاريخ، وسيظل مِلء التاريخ.
وستظل مصـر «مصـر» كما يعشقها ويحميها جيشها الباسل وأبناؤها الأوفياء ويستعيدوا حريتها ومجدها وحضارتها العريقة. وستظل مصـر كما يعرفها ويحترمها العالم: «مصـر» الحرة منبع الخير والطيبة والبساطة والوداعة والخلق النبيل، مهد الحضارات، حاضنة القانون، بوتقـة الأديـان.
وستظل مصـر إسماً وهوية:
«مصـر».. «فرعونيـة افـريقيـة»
«مصريـة مدنيـة».. لا عربيـة ولا  دينيـة.
*******
مهندس عزمي إبراهيم