النازية الاخوانية/ لطيف شاكر

من الدروس المستفادة من اظهار حركة الجماعة الاسلامية علي حقيقتها  في ضوء  ارتباطها الوثيق   بالايدلوجية النازية التي رأت فيها صورتها الحقيقية فاخذت من النازية المثل والقدوة  لتطبيق منهجها والسير في خطاها ,حتي اذا تحقق لها  النجاح  وقفزت علي كرسي مصر, امكن لها ان تفشي سمومها في الشعب المصري وجيرانها العرب تثير النعرات الدينية والافكار الوهابية لتنشر  خطورتها الي كل بلاد العالم ممتطية موجة التدين الظاهري  وملتحفة  بالغطاءالشرعي  لدغدغة  مشاعر البسطاء وعامة الشعوب الذي انطلي عليهم الاعيبهم ..
وفي هذا المقال نتناول  القواسم والأسس المشتركة بين النازية الألمانية وايدلوجية حركة الاسلام السياسي حاصة وانهم يظهرون للناس بغير حقيقتهم  فالمظهر ديني والمخبر دنيوي الصورة عبادة الله والاصل تقديس الذات والفرد  الشكل اسلام حنيف والحقيقة سياسة والقفز الي الحكم , وهذا شأن النازية  التي سعت عن طريق  سلام الديمقراطية الي عنف الديكتاتورية . 
ويمكن توضيح  هذه القواسم  في النقاط التالية حتي تتضح الرؤية وتصحح المفاهيم  :
 1 يشغل فكرة القائد،الزعيم، الخليفة،أمير المؤمنين و المرشد .. وإلخ في النظريتين  مركز الصدارة وهو يجسد في شخصه السلطتين التشريعية والتنفيذية  ويضاف في حركة الجماعة السلطة الروحية أيضا
  2- النازية كانت ديانة سياسية،بينما النازية العربية مزجت الجانبين السياسي والروحي لتبرير سيطرتها وتحكمها،فالدين عامل مساعد وفعال في تطويع الجماهير وارضاخها
  3-معاداتهم لليهود بشكل مفرط جدا لدرجة الابادة العرقية ولكن مايميز النازية العربية هو إلى جانب معاداتهم  فهم يتهمونهم  بانهم قردة وخنازير  وكفار  ويحل دمهم . 
4- الأسلاميون  يستخدمون الدين ببراعة كأداة للسيطرة الاستعمارية وممارسة سياسية  النازية من خلال الهيمنة والسيطرة (يقول حسن البنا : اننا نحن الاخوان نعتبر حدود الوطنية بالعقيدة وهم يعتبرونها بالتخوم الارضية والحدود الجغرافية فكل بقعة فيها مسلم وطن عندنا  له حرمته والجهاد في سبيله, وكل المسلمين في كل اقطار الارض هم اخوة لنا وهم اهلنا...  ..ورفع علم الاسلام خفاقا في كل ربوع الارض)
- يقول علي الدالي :كانت دعوة حسن البنا نبذ فكرة الوطنية المصرية الضيقة (في نظره) واعتناق مبدأ الاستيلاء علي العالم  واخضاعه لراية الاسلام نفس فكرة هتلر والنازية الاستيلاء علي العال 
5—العسكريتاريا او الميليشياتية - إقامة ميليشيات مسلحة ومدرية  لابادة الشعوب المعارضة  لانظمتهم  داخل الدول العربية والإسلامية
6- عند استيلاء النازيين على السلطة في عام 1933 أنشأ هتلر وزارة الرايخ العام للتنوير والدعاية التي ترأسها جوزيف غوبلز. هدف الوزارة هو ضمان نشر الرسالة النازية بنجاح عن طريق الاكاذيب  واتبعت  النازية الاخوانية هذا الاسلوب بفجور منقطع النظير  فاكاذيبهم  ملأت كل مصر وازكمت الانوف  واشمئزت لها النفوس .

7-حظر كافة مظاهر الديمقراطية والتعددية وإنتقال السلطة بالوسائل السلمية.يتميز النازيون العرب عن النازية الألمانية بخاصية أخرى سيئة جدا ألا وهي:وصلت النازية في ألمانيا إلى سدة الحكم بواسطة انتخابات ديمقراطية في العام 1933،بينما معظم النازيات العربية اغتصبت السلطة بواسطة انقلابات دموية أو انتخابات صورية
  8- العنصرية ونظرية الأسياد والعبيد. وهي أيضا لها خلفية دينية:" وكنتم خير أمة أخرجت للناس، تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر" وعلى الرغم من أن العرب تصرفوا عمليا عكس تلك الأية تماما،
  9-القداسة أو التفويض الإلهي:عندما كان هتلر يبيد مجموعات كاملة من الشعوب الأخرى ولاسيما اليهود كان على قناعة راسخة انه يتصرف وفق تفويض إلهي،فهوقال: "إنني أرى في محاربة اليهود فضيلة وعملا إلهيا" وعندما غزا العرب أوطاننا برروا ذلك تحت شعار: الجهاد في سبيل الله. "
- 10-سلطة الإستخبارات ونشر الرعب والخوف،وهذا النموذج النازي قائم في كافة الدول العربية والإسلامية في الشرقين الأوسط والأدنى إلى يومنا هذا
  11-الحروب العدوانية في الخارج تؤدي إلى نشر الخوف والرعب في الداخل.أتقنت النازية الألمانية هذا الأسلوب ببراعة فائقة واقتفت النازية الاسلامية آثارها بإخلاص منقطع النظير. 
12- توزيع  وظائف  الدولة وكل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية والعسكرية  حتي الثقافية علي اعضاء الجماعة الاسلامية اسوة بالحركة النازية حيث تم احتلال جميع مراكز الدولة من اعضاء الحزب النازي ليتحكموا في مصائر الاوطان (احمد عبد المعطي حجازي في تقديم استقالته  «إنها خطة مرسومة مدبرة، للانفراد بالسلطة وتزوير التاريخ، وإسقاط الدولة وتدمير مؤسساتها وانتهاك الحقوق، والعدوان على الحريات، والتنكيل بالمعارضين"». 
,ولكل شئ نهاية:
انتهى المطاف لقادة الحزب النازي  إلى الانتحار مثل رئيسهم ادولف هتلر وتم تاسيس محكمة في مدينة نورمبرغ في جنوب وسط ألمانيا عرفت بمحكمة نورمبرغ واستمرت لمدة سنوات لمحاكمة قياداة النازية المتورطون بجرائم ضد الانسانية ونفذ حكم الاعدام شنقا بحق عدد كبير وتم تصوير جثثهم بعد عملية الاعدام وهم عراة من غير ملابس ولا ينسى التاريخ صورة النازي وليم فرانك وهو عاري الجسد والدم يتساقط من راسه بعد عملية الاعدام وكانت عملية الاعدام بالشنق بحق القادة النازيين صباح 21_ديسمبر _1946] حيث اعدم في هذا الصباح أكثر من 85 قياديا نازيا
وماذا عن النازيين الجدد ..الله اعلم

الأمل بجيلٍ عربيٍّ "مثقّف" و"ملتزم"/ صبحي غندور

يولد الإنسان ونقطة جذبه الوحيدة هي أمّه أولاً، ثمّ أباه، ثمّ أفراد العائلة والأقارب، ثم تتّسع دوائر الاهتمام عنده لتشمل الأصدقاء في الحي السكني أو الدراسة أو في العمل لاحقاً، وهي كلّها دوائر تحيط بالنقطة المركزية في الإنسان وهي "ذاته" أو "الأنا"، والتي حولها تتمحور اهتمامات الفرد بنِسَبٍ مختلفة بين الناس.
ويجد الإنسان في مراحل معينة من حياته أنّ هناك دوائر أوسع وأشمل من نطاق دوائره الشخصية والعائلية والمهنية، تحيط به وقد تجذبه اليها وتفرض نفسها أحياناً في أولوياته، وهي مسائل لها علاقة بموضوع الانتماء، حيث يكون ذلك بالانتماء إلى جماعة أو بمعنى الالتزام بفكرة أو حركة أو مؤسسة تهتمّ بشؤون عامة وترتبط بعقيدة سياسية أو دينية، أو بقضية وطنية أو اجتماعية عامة. هنا يحصل ما يمكن وصفه بمسألة "الالتزام" أي التعهّد بخدمة قضية ما تتجاوز نطاق المصالح الشخصية.
لكن مفهوم "الالتزام" هو كمصطلح "المثقف" يحتاج إلى مرادفٍ له لكي تتّضح معانيه. ف"المثقّف" هو وصف لحالة فرديّة وليس تعبيراً عن جماعة مشتركة في الأهداف أو العمل. قد يكون "المثقّف" منتمياً لتيّارٍ فكري أو سياسي يناقض من هو "مثقّف" في الموقع المضاد لهذا التيّار، وكلاهما يحملان صفة "المثقّف"!، وهذا ينطبق تماماً على تعبير "الالتزام" أو "الملتزم" .
أمّا المواصفات العامة ل"المثقّف الملتزم بقضايا وطنه أو أمّته"، فهي أنّه يجمع بين هموم نفسه وهموم الناس من حوله، كما الجمع عنده بين العلم أو الكفاءة، وبين الوعي والمعرفة بمشاكل المجتمع حوله. أي هو طليعة قد تنتمي إلى أي فئة أو طبقة من المجتمع، لكن تحاول الارتقاء بالمجتمع ككل إلى وضع أفضل ممّا هو عليه. وهنا يحصل التلازم المهم بين مفاهيم "المثقف" و"الالتزام" حيث يُكّمل بعضهما الآخر.
وهناك عددٌ لا بأس به من المثقّفين في المنطقة العربيّة الذين يرفضون الاعتراف مثلاً بالانتماء إلى هويّة عربيّة، بينما هؤلاء تجوز تسميتهم ب"المثقّفين العرب" وإن كانوا لا يعتقدون أصلاً بالعروبة ويناهضونها فكراً وعملاً!  لذلك من الأجدى دائماً وضع تعريف فكري وسياسي برفقة صفة "المثقّف" وبما عنده من "التزام"، وليس اعتماد الحالة الجغرافية كدلالة فقط على المشترك بين المثقّفين. وما ينطبق على "المثقفين العرب" يصّح أيضاً على المثقّفين داخل كلّ بلدٍ عربي بذاته.
إذن، حينما يجري السؤال عن "ماهيّة دور المثقف العربي اليوم" وعن مدى "التزامه" بقضايا وطنه وأمته، فإنّ الإجابة عليه تتطلّب وجود مثقّفين "ملتزمين" يعتقدون أولاً بمفاهيم فكريّة مشتركة، ويشتركون في توصيف الواقع وأسباب مشاكله وتصورات حلوله، ثمَّ يسعون على ضوء ذلك لوضع برنامج عمل مشترك. عند ذلك، يمكن وصف هذه الفئة من "المثقّفين العرب" بأنها "ملتزمة" بالعمل من أجل مستقبل عربي أفضل. فالحديث بالمطلق عن "المثقّفين العرب" والتساؤلات عن غياب دورهم، هو غير صحيح وغير واقعي. فهناك "مثقّفون عرب" يدافعون الآن عن واقع الحال السلبي القائم، كما هناك من يختلف معهم ويناقضهم في الفكر والعمل.
لكن المشكلة الآن في الواقع العربي الرّاهن هي أنّ معظم "الجيل القديم" يحمل أفكاراً مليئة بالشوائب والحالات المرضيّة الذهنيّة الموروثة، التي كانت في السابق مسؤولةً عن تدهور أوضاع المجتمعات العربيّة وتراكم التخلّف السياسي والاجتماعي والثقافي في مؤسّساتها المختلفة. وهذه المفاهيم المتداولة الآن في المجتمعات العربيّة هي التي تصنع فكر الجيل الجديد وهي التي ترشد حركته. لذلك نرى الشّباب العربي يتمزّق بين تطرّف في السلبيّة واللامبالاة، وبين تطرّف في أطر فئويّة بأشكال طائفيّة أو مذهبيّة بعضها استباح العنف بأقصى معانيه وأشكاله. وقد أصبح فهم الدّين بالنسبة لبعض الشباب العربي يعني الانغماس الكلّي في العبادات فقط وفي المظاهر الشكليّة دون أي حركة إيجابيّة لاعنفية، فاعلة بالمجتمع وتدخل أصلاً في واجبات أي مؤمن.
أيضاً، نجد الآن ضعفاً واضحاً في فئة "المثقّفين" الرافضين فكريّاً وعمليّاً للفصل بين أهداف تحتاجها الأمّة العربيّة كلّها. وهي أهداف تجمع بين الحرص على الهوية العربية المشتركة وبين قضايا التحرّر الوطني والعدل والحكم المدني السليم ورفض الاستبداد والفساد. والضعف هو أيضاً في غياب التنسيق والعمل المشترك بين من هم فكريّاً في موقع واحد لكنّهم عمليّاً وحركيّاً في شتات بل في تنافسٍ أحياناً!.
فالمفاهيم التي تحرّك الآن الجيل العربي الجديد، هي مفاهيم تضع اللوم على "الآخر" في "الوطن" أو في "الدين"، وتُحمّل هذا الآخر" كل أسباب المشاكل والسلبيّات، ولا تحمل أي "أجندة عمل" سوى التغلب على هذا "الآخر"!. وهي بذلك مفاهيم تهدم ولا تبني، تفرّق ولا توحّد، وتجعل القريب غريباً والصّديق عدوّاً!..
فجيل الشّباب العربي يعيش الآن فقط حالة سوداويّة من الصّراعات العربيّة، ومن غياب الأطر العربية والوطنية الجامعة، ومن انعدام القيادة السّليمة للأمّة مجتمعة. جيل الشّباب المعاصر يفتقد حالياً ما كان في الأمّة من إيجابيّات رغم سوء الممارسات أحياناً أو نواقص الفكر أحياناً أخرى. فالمشكلة اليوم هي في الفكر والأساليب معاً، في الحكومات والمعارضات، في الواقع والبدائل المطروحة له!.
ولعلّ هذا ما يفسّر كيف كانت حركة الشباب العربي زاهرةً ونابضة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي، وكيف أنَّها ركدت وخبت في الربع الأخير منه بعدما تحوّلت القضايا العربية المشتركة إلى "قضايا عربية متصارعة"، وبعد أن اشتعلت أكثر من حربٍ أهلية عربية في أكثر من مكان، وبعد أن شاخت حركة المنظمات السياسية العربية أو اتجهت في مساراتٍ فئوية ومحلية.
إنّ القضايا التي تُحرّك الشباب العربي الآن تتمحور حول "الإصلاحات السياسية والاقتصادية" وقضايا الغلاء والفقر وفساد الحكم وانعدام فرص العمل أمام الجيل الجديد، وهي كلّها مسائل مرتبطة بالسياسة "الداخلية"، وهذا ما تدركه "قوى إقليمية ودولية" ولا تمانع من تغييره. فما يهمّ واشنطن مثلاً، ليس من يحكم مصر الآن، بل "وفاء" حكمه الجديد ب"الالتزامات" التي كانت عليها الحكومة السابقة تجاه أميركا وتجاه إسرائيل أيضاً.
هنا مخاطر تغييب دور الفكر في عملية التغيير، ومساوئ عدم الوضوح في ماهيّة "الأفكار" أو طبيعة "القيادات" التي تقف خلف الحراك الشعبي، الذي بدأه الشباب العربي قبل عامين في تونس ومصر وامتدّ إلى ربوع عربية أخرى. إذ لا يجوز أن يرضى هؤلاء الشباب الذين يضحّون بأنفسهم بأن تكون انتفاضاتهم هي لخدمة أفكار ومشاريع وقيادات غير سليمة، تسرق تضحياتهم وإنجازاتهم الكبرى وتُعيد تكرار ما حدث في السابق في المنطقة العربية من تغييراتٍ، كانت تحدث من خلال الانقلابات العسكرية أو الميليشيات المسلّحة ثم تتحوّل إلى أسوأ ممّا كان قبلها من واقع.
لذلك، هي فرصة هامّة، بل هي مسؤوليّة واجبة، للجيل العربي الجديد المعاصر الآن، أن يدرس ماضي أوطانه وأمته بموضوعيّة وتجرّد، وأن يستخلص الدروس والعبر لبناء مستقبل جديد أفضل له وللجيل القادم. لكن في كل عمليّة تغيير هناك ركائز ثلاث متلازمة من المهمّ تحديدها أولاً: المنطلق، الأسلوب، والغاية. فلا يمكن لأي غاية أو هدف أن يتحقّقا بمعزل عن هذا التّلازم بين الرّكائز الثلاث. أي أنّ الغاية الوطنيّة أو القوميّة لا تتحقّق إذا كان المنطلق لها، أو الأسلوب المعتمد من أجلها، هو طائفي أو مذهبي أو مناطقي. ولعلّ في تحديد (المنطلقات والغايات والأساليب) يكون المدخل السليم لدور أكثر إيجابيّة وفعاليّة للشباب العربي اليوم. فعسى أن نشهد قريباً ولادة جيل عربي جديد "مثقف وملتزم" يحرص على هويّته الثقافيّة العربيّة ومضمونها الحضاري، وينطلق من أرضيّة عربيّة ووطنيّة مشتركة تعتمد مفهوم المواطنة لا الانتماء الطّائفي أو المذهبي أو الأصول العرقيّة، وتستهدف الوصول - بأساليب ديمقراطيّة لا عنفيّة - إلى " اتّحاد عربي ديمقراطي" حرّ من التدخّل الأجنبي، وتتساوى فيه حقوق الأوطان وواجباتها كما تتساوى في كلٍّ منها حقوق المواطنين.
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

بلادي بين العَزْل والغَزْل!/ آمال عوّاد رضوان

هل لي أنْ أصِلَكِ يا مدينةَ بيسانَ العتيقة، دونَ أنْ أتَخَطّى سِجْنَ شَطّة؟
يَنقَبِضُ قلبي ويَنكَمِشُ، كُلّما لاحَتْ لي أسْوارُهُ الشائكةُ مِن بَعيدٍ، وتُسارعُ سيّارتي هاربةً منهُ، ومِنْ كُلِّ السّجونِ الأمْنيّةِ، وأبراجُ المُراقَبةِ تُلاحِقُني، حيْثُ يتَمَسْمَرُ في كُلٍّ منها سَجّانٌ ورادار، وكأنّما أصواتُ وصَرخاتُ وتَأوُّهاتُ أسْرانا تتبادَرُ إلى مَسامِعي تَسْتَنْجِدُ، وما مِنْ مُجيب!
ما هُوَ السّجنُ؟ هل السّجنُ هو المكانُ الّذي يُحتجَزُ فيهِ الأسيرُ، فيَجْعَلُهُ مَسْلوبَ الإرادة والحَركةِ؟
يَقولُ الكاتبُ عبدُ الرّحمنُ مُنيف في روايتِهِ "في شرق المتوسط مرّةً أخرى":
"السّجنُ ليسَ فقط الجُدرانَ الأربعةَ، وليسَ الجلّادَ أو التّعذيبَ، إنّهُ بالدّرجةِ الأولى خوْفُ الإنسانِ ورُعبُهُ، حتّى قبلَ أنْ يَدْخُلَ السّجنَ، وهذا بالضّبطِ ما يُريدُهُ الجلّادونَ، وما يَجْعلُ الإنسانَ سَجينًا".
ياه.. كَمْ تَغُصّ مُجتمَعاتُنا مَسلوبةُ الإرادةِ بسُجونِ الحياةِ، المُكبّلةِ بالخَوْفِ والنّفيِ والقتلِ والخطفِ، وتَشليح الإنسانِ مِن إنسانيّتِهِ، بوحشيّةٍ لا تَليقُ حتّى بالوحوش؟
حتّى للحَيواناتِ وللأحياءِ مَحْمِيّاتٌ في الطبيعة، يُقدَّمُ لها الرّعاية والاهتمام والدواء والطعام، ويُخالَفُ كلُّ مَن يعتدي على حرمةِ هذه المحميّاتِ وتلك الأحياء، فمَن يعملُ على حماية الأسرى في السجون وفي المعتقلاتِ؟
هل السجن هو نوعٌ مِن أنواع العقوباتِ الجزائيّة وفقًا للقانون، يَسلبُ حرّيّة البَشرِ بمَوْجبِ حُكمٍ قضائيّ وإداريٍّ من سُلطةٍ مُخوّلةٍ باحْتِجازِهِمْ، كإجراءٍ وقائيٍّ تقومُ بهِ الجهاتُ الأمنيّة، حتّى الانتهاء مِن تحقيقاتِها وإجراءاتها بحبْسٍ احتياطيٍّ، تحفُّظيٍّ، أو اعتقالٍ وقائيٍّ؟
لكن؛  حين يُعتقلُ شخصٌ ما تعسّفًا وظُلمًا دون إثباتِ جريمتِه، بل بتقديرٍ مِن السُّلطة أنّهُ يُشكّلُ خطورةً أمنيّةً عليها، وتُساويهِ بمجرمٍ فِعليٍّ ارتكبَ جريمة، وتُنفّذُ فيهِ العقوبة بسنواتٍ طوال أو مُؤبّد، ألا يتحوّلُ السجنُ إلى لحدِ حياةٍ، تُدفنُ فيهِ الأجسادُ حيّة؟
مِن المفروض إعدادُ السجون بشكلٍ صالح لإيواءِ المساجين، وتَهيئة الظروف الصحّيّة لهم، بعيدًا عن التعذيب والتنكيل بهم!
لكن؛ هل السجونُ الأمنيّة التي تغصُّ بالأسرى تتمتّعُ بهذه المواصفات؟
هل مِن رقابةٍ حقيقيّةٍ صادقةٍ مِن جمعيّاتِ حقوق الإنسان؟
لماذا يُخرَجُ معظمُ الأسرى شبهَ أمواتٍ وبإعاقاتٍ جسديّةٍ ونفسيّةٍ بعدَ الأسر، وبعضُهم على نعوش المَرض؟
هل يهمُّ المناضل البطل كونه داخلَ السجن أو خارجِه؟
هل يهمّه مع مَن يتعايش في السجون ليتكيّفَ، ويعرف كيفَ يُتابع النضال؟
كم مِن سُجناءَ تسكنُهم الآمالُ، أبَوْا إلاّ أن يتعلّموا ويتثقفوا، ولا يُفوّتوا لحظاتِهم المريرة إلاّ بتجميلها بالمثابرة، وتحليتها بسُكّر طموحاتِهم ببناء الذات، على أمل التحرّر مِن أكبالِهم وتأبيداتهم!
كم موجعٌ أن أمرَّ بأعرق مُدنِكِ فلسطين، لأعاينَ لافتةً مهجورةً هزيلةً بُحَّ صوتُها تنادي:
ها أنذا أريحا أحبّائي، موصدةٌ أبوابي أمامَ حنينكم، بالركام والصخور سدّوا شوارعي وصدّوها، وتركوا فوّهةً واحدةً تتأجّجُ بحواجزَ أمنيّةٍ تشلّخُ أعصابَكم، وتُجرّدُكم مِن صفائِكم!
وتلكَ جنين تبعدُ ليس أكثر مِن نصف ساعة عن الناصرة، يَستغرقُ عبورُ حاجزها أكثر مِن ساعتيْن لحوافلَ إسرائيليّةٍ تحملُ مواطنيها العرب، ويُجرى عليهم الفحصُ الأمنيّ والتفتيش، تمامًا كما يَجري على مَن تعتبرهم أعداءَها في الضفة!
إذًا؛ ما هي الامتيازات التي حظيَ بها مواطنو "إسرائيل" العرب؟
عندَ حقوق المواطنة أتساءل: ما الفرق بين مواطن فلسطينيّ يتوجّهُ إلى الحاجز مباشرة للوصولِ الى مدينةٍ أخرى، وبين آخر يَفرضُ عليه الاحتلالُ الالتفافَ والدورانَ حول نفسِهِ ساعاتٍ للوصولِ إلى النقطةِ نفسِها؟
أليس بهذا الإجراءِ دمجٌ حقيقيٌّ للفلسطينيّين داخل فلسطين المحتلّة عام 48، في نفس سياسةِ العقاب والعنصريّة والتعجيز التي يتلقاها سكّان الضفّة الغربيّة؟
هل هو نوعٌ مِن سياسةِ العزل تُمارسُها "إسرائيل" ضدّ مواطنيها العرب عن إخوانِهم في الضفّة الغربيّة؟
لماذا يجبُ أن يقفَ المقدسيّ بالساعاتِ على حاجز قلنديا؛ المدخل الرئيسيّ لمدينة رام الله ومتنفّسِها إلى المدن الأخرى، ليدفعَ فاتورة تواصُلِهِ مع عُمقِهِ الفلسطينيّ؟
ألسنا بصددِ سجنٍ كبيرٍ وزنزانةٍ تضمّ في حشوتِها السجون الصغيرة المُحاطة بالجدران والحواجز والأسلاك الشائكة؟
ومع أحداثِ تحرير الأسرى المتوالية، تتراقصُ القلوبُ، تتراكضُ وتتلاحقُ خفقاتها تلهجُ بالدعاء، والعيون المترقبة تغصّ بحرارةِ اللقاءِ الدامع مع الأمّهات والزوجاتِ والعائلاتِ والأصدقاء، تتشابكُ الأيدي في عناق شائقٍ لا يُفلتُهُ ظلامُ السنين ولا ظُلمُ السجون، كأنّما تُحاولُ أن تُعوّضَ أجملَ لحظاتٍ مزّقتها الأيّامُ السوداء، ويُلوّحُ ببسمتِهِ الفرحُ صادحًا:
بين حاجزٍ وحاجزٍ يكمنُ فجرٌ فلسطينيٌّ جديد!
بين مدينةٍ ومدينةٍ ثمّةَ حصارٌ للروح، لا يَفكُّها إلاّ إيمانُ وعزيمةُ أهلِها.
بينَ الأمسِ واليوم والغد تترسّخُ حكايةُ وطنٍ مُتحِدٍ، لا تهزُّهُ الهزائمُ ولا الولائمُ، وطنٌ تنبضُ الآمالُ في جبالِهِ، وبينَ ضفّتيْهِ، وفي أرواح أبنائِهِ وشهدائِهِ وسجنائِهِ، هذا الوطنُ الختيارُ خالدُ الشباب، تتفتّحُ فيهِ فلسطينُ كأوراق الورد والبيلسان في بساتين أفراحِنا، وفي حقول عطاءاتِنا وتضحياتِنا، ويفوحُ أريجُها في صمودِ نوّار اللوزِ في أعماقِنا الإنسانيّةِ، وفي جذورِنا الوطنيّة!
لكن؛ مسلسلُ القضيّة لا زالت نهايتُهُ مفتوحة، وتبقى قضيّةُ الأسرى والمُبعَدين عن الوطن تختزلُ شعبًا قائمًا، دخلَتِ السّجونُ إلى غرفِ نومِهِ وأحلامِ أطفالِهِ، وانتزعَتْ أبناءَهُ إلى غياهبِ العتمةِ والمَصيرِ المَجهول، ويبقى الأملُ يُلامس عتابَ الأمّهاتِ والزوجاتِ والأخواتِ، الّلواتي مصّ صقيعُ الانتظارِ عِظامَهنّ على أبواب السّجن، حالِماتٍ برؤية فلذاتِ أكبادهنّ وأزواجهنّ، لبرهةٍ تُبدّدُها أحلامُ الكبار والأسيادِ على طاولةِ المفاوضات، ويبقى الأملُ بقيادةٍ، تَحتَكِمُ لِروحِ هؤلاءِ الّذين غيّبَهُمْ ظلامُ السّجنِ والاعتقالِ، عن حقوقِهِم الإنسانيّة، وعنْ حُقوقِهِمِ  الوَطنيّةِ، برؤيةِ الشّمسِ والوطن!
فهل ستنظرُ القيادةُ إلى قضاياهُم مِن نافذةِ الأسرى، أم ستبقى  تُصَوِّبُ أنظارَها إلى سرابِ الوُعودِ والأُمنيات؟

أبو علي شاهين يموت واقفاً كالأشجار/ شاكر فريد حسن

بوفاة القائد والمناضل الفلسطيني الكبير أبو علي شاهين يفقد شعبنا الفلسطيني وثورته وحركته الوطنية ،واحداً من قادة وأعمدة وصناع الكفاح الثوري النضالي البطولي المقاوم ، الذين أفنوا حياتهم في خدمة قضايا شعبنا وهمومه والدفاع عن قضيته الوطنية المقدسة ، قابضين على جمر مواقفهم المبدئية الراسخة بعيداً عن المساومة والابتزاز والانتهازية والتفريط بالحق الوطني المشروع .
لقد تشعبت نشاطات أبو علي شاهين النضالية ، وتبوأ مناصب قيادية ومركزية عديدة . كان ثائراً ومقاتلاً في صفوف الثورة والمقاومة ، وسجيناً في زنازين ومعتقلات الاحتلال أكثر من خمسة عشر عاماً ، وخاض معركة الأمعاء الخاوية ،وطرد من البلاد الى جنوب لبنان ثم الى الأردن ، وعاد الى الوطن عام 1959 ، وعين وزيراً للتموين .
كان أبو علي شاهين مفكراً وكاتباً ومحللاً سياسياً ، كتب الكثير من المقالات والمعالجات السياسية والفكرية ، التي أثارت جدلاً صاخباً وواسعاً على الساحة الفلسطينية ،وبسبب هذه المواقف لاقى الجفاء والقطيعة وعدم الوفاء من رفاق الدرب والخندق الواحد .
تميز أبو علي شاهين بالصدق والنقاء والانسانية والتواضع ونكران الذات والاستقامة الثورية والصلابة والجرأة في المواقف الوطنية الجذرية المبدئية ، التي لم تعرف يوماً المداهنة والتملق والرياء والمساومة .  وقد عاش ومات شريفاً وكريماً وواقفاً كأشجار البلوط والخروب.
كان أبو علي شاهين حالة استثنائية نادرة في الفكر السياسي والثوري الفلسطيني بأرائه ومعتقداته ورؤاه بعيدة النظر، ومواقفه السياسية الشجاعة ،ورصيده الوطني ،وتاريخه النضالي، وتضحياته الجسام ،دفاعاً عن اشرف وأقدس قضية ، القضية الفلسطينية .
ان رحيل أبو علي شاهين في هذا الظرف المصيري الصعب يشكل خسارة فادحة وعظيمة لشعبنا ولحركة التحرر الوطني الفلسطيني وللقوى الوطنية والتقدمية والفصائلية الفلسطينية ، التي كان في طليعتها ومنارتها وبوصلتها ، وسندرك في الأيام القادمة حجم الفراغ الذي سيتركه موته .
أبو علي شاهين كان وسيبقى سنديانة فلسطين الباسقة وهويتها الوطنية والفكرية والثقافية والديمقراطية ، فالمجد لك يا عاشق غزة والخليل ومخيمات الوطن وكل حبة تراب في أرض فلسطين ، والوداع الوداع ، وثق تماماً أن الحلم الذي عشت وناضلت من اجله سيتحقق عاجلاً ام آجلاً ، وستنتصر رؤيتك ورايتك .

قراءة في قصيدة (دثريني ...دثريني) لمحمد عبدالفتاح الشربيني/ ميمي احمد قدري

قال الشاعر الراحل الاستاذ / محمد عبد الفتاح الشربيني

دثريني ... دثريني
والثمي الروح بعطر الخالدين
رجعي الشجو عناء وانين
وانتفاضات سنين
ونمي
ودعي العبق الساجد يترنم
في سماء القاهره
دثريني في ثياب من حنان وانتظام وامان
واملأي العين دموعا
بعد ما جفت دهورا ثم تاقت للبكاء
واعيدي نغمه التوحيد في فجر الحسين
اين أنت الأن ياصوت الحسين ؟
صوت فينا اليوم لفظا
صرت خطا وفنادق
وطريقا ودوائر وميادين مرور
وسياجا وحدائق
اين انت الأن ياصوت الضمير
واللسان اليوم يشد وبالخوارق
دثريني ..
واجمعي روحي من قلب المدينه
واجمعي اشلاء جسمي طهري اليوم عيونه
أرسلي الدمع حنانا لا يغيض
حلقي اليوم طيورا.. تطم النسمات اعطار الطهاره
واقهري اليوم ظلاما .. من عيون الخائنين
واقهري الظلم دفينا بالعيون القاهرة
ووقفت اليوم أتلو دمعة للصابرين
يا منارات التحدي.. يابنة الماضي الجريح
ابعثي الصوت قويا وشجيا
حركي النبض طبولا ونفيرا
انني القى بقايا تتهدم
ورمالا تتحطم
وربيعا باسق الدمع حزينا
انني القى مع الصحو افولا و اختناقا يترنم
وانتحارا ومشانق وفناء وحدائق
يابنة الماضي الحبيب يابنة اليوم الحزين
دثريني دثريني
والثمي الروح بعطر الخالدين
رجعي الشجو غناءا وأنين
دثريني دثريني
شعر محمد عبد الفتاح الشربيني
القصيدة :
مثقلة بهم الوطن والإنسانية.... فالشاعر يحاول دق أبواب قلوب وعقول المتلقي
 استخدم شاعرنا الرمزية  الخلاقة  لإيصال المعنى ومصارعة من يريد اغراقنا في بحر من الظلمات
   أبهرنا الشاعر بالصور الشعرية المتعددة ......  سكنتني الدهشة وأنا أتنقل بين شوارع القصيدة بقصورها الشاهقة .. أول مالفت انتباهي هو البحر الذي استخدمه شاعرنا:
(بحر الرمل)!!
بحر الرمل من البحور الغنائية الرائعة
تفعيلته الأساسية هي : فَــاعِــلاتُــنْ
بحر معلوم ومشهور  ويستعمله الشعراء المعاصرون بكثرة لسهولته وانسيابه
وهو ايضاً من البحور الطيعة لشعر التفعيلة
هذا البحر   من البحور الصافية  : اي انه يتشكل من تفعيلة واحدة هي فاعلاتن تتكرر في السطر بحسب الحالة النفسية والدفقة الشعورية للشاعر
مثلاااا : بأول السطر استعملها  شاعرنا مرتين
دثريني = فاعلاتن
...
وهكذا باقي القصيدة تتوزع  بالقلة والكثرة  حسب الحالة النفسية والشعورية لشاعرنا
القصيدة قراءة جيدة  لحالة الشاعر وقوته الشعريه  مثلا  نشهد هنا لشاعرنا انه متمكن من العروض  وايضا له ارتكاز ثقافي  عقائدي فقوله دثريني  يعود الى الامر الألهي العظيم ... ربما لعظيم التجربة التي مر بها شاعرنا لاذ بهذا الاستفتاح
 هنا  وأنا أقرأ شاعرنا محمد عبدالفتاح الشربيني من خلال قصيدته
 لاحقتني أسراب من وجع ... فشاعرنا يتألم..يصرخ بصوتِ يتيم لا أذن تسمع ولا قلوب تشعر... شاعرنا في مجمل قصيدته يُحلق في مجرات الحزن الذي يشق صدى الآهات التي تملأ الأن أسوار قاهرة المعز.... يبكي .. يصرخ ... يغضب ........يشتاق يتحسر ... يكتب ابداعاً بقطرات  العشق الذي  يملأ قلبه....... مبدعنا الجميل يوجه حديثه لروح الوطن المُحلقة في قلوبنا جميعاً (القاهرة)....  القاهرة هنا هي الحبيبة الحاضرة الغائبة  التي  يبحث عنها ... ينبش بأنينه في سراديب الذكرى  يتحسر على ماضيها وشموخها..... يتمني ..يحلم... أن يعود النبض  الصادق كالطبول والنفير ليستيقظ ضمير الغافلين..
القصيدة تعبر تعبيرا صارخا عن عشق الشاعر لوطنه وعن حزنه الذي يملأ أركان كيانه وعن حالته النفسيه
فمثلا
(تكرار كلمة دثريني دثريني )
يدل على حالة نفسية متهالكة فهو يريد ان يختفي  من عينيه هذا الواقع المر
الذي نعيشه ونحيا تفاصيله المؤلمة
يريد ان يختفي كطفل   يخاف الغيلان  والاشباح فيلوذ  بالغطاء لكي لا تتكشف له امام عينيه (الاشباح)
ويلح على التي أمامه وتملأ قلبه وعقله  بقوله (دثريني دثريني)
......
(والثمي الروح بعطر الخالدين)
يتجلى بهذا المقطع الصوفية التي تتوسلها التجربة وتتكئ عليها ايضا ...فالروح / والعطر / والخالدين كلها كلمات ذات قاموسية ايحائية تشيي بالصوفية والتقديس للتجربة التي يمر بها شاعرنا
تتجلى في  هذه القصيدة مسحة من حزن  ولوحة من شجو وآلم والتوق  لفجوات الأمل  القادم من سبحات الاستنجاد بالرموز الدينية التي استعملها
مثل حضور شخصية الحسين رضي الله عنه وما يمثله
من  عزيمة ومناوأة  البعد الروحي الخيِّر  هذا الصوت  الذي يريد شاعرنا استرجاعه حين يناديه أين أنت ؟ ليؤكد ان الخير دوما حاضر بالنفس  ولو انهزم في لحظة من اللحظات وان موقف الحسين هذا الذي يناديه  هو مناجاة الانتصار  والصبر والمجاهدة   والتضحية
في قوله
دثريني في ثياب من حنان وانتظام وامان
واملأي العين دموعا
بعد ما جفت دهورا ثم تاقت للبكاء
واعيدي نغمه التوحيد في فجر الحسين
اين أنت الأن ياصوت الحسين ؟
شاعرنا هنا 
لم يقتل قصيدته بجرس القافية الصارخ
بل  استعمل القافية باقتصاد   لكن فيه جرس موسيقى رائع نسمعه من خلال اختياره للحروف وانسجامها في ما بينها
مثل حدائق / مشانق
ايضاً  نجد بعض الكلمات التي تدل على ثورته  تتمثل :  في الطبول / النفير 
تتهدم
تتحطم
  شاعرنا هنا  يشعر بالتحسر على الماضي الحبيب والحزن من حاضر نا الشقي
في قوله
يا بنة الماضي الحبيب يابنة اليوم الحزين
  شاعرنا ينهي قصيدته بالأمل المنتظر
 والحلم الغافي على كتف الأحداث
 يتمنى  تحقيقة ولكنه الحلم البعيد .....البعيد
 الشاعرة والأديبة (عزة فتحي سلو)
 الشهيرة بميمي قدري

جنون غريزيّ يعصف بلبنان/ المهندس حميد عواد


طفحت كلّ المكاييل والمعايير مع اللبنانيين الشهماء من عبث وعربدة وجنون الأسباط المتخلّفة المدجّجة بالسلاح التي أفسدت هناء ورخاء عيش نعموا به لردح من الزمن. 
كأنّهم جحافل جاهليّة انبعثت من الماضي السحيق لتغيرخلال مراحل متتالية على حاضر اللبنانيّين فيلقاً إثر فيلق وغزوةً بعد غزوة مخلّفة الدمار والتشتّت والبؤس والعوز والموت. 
إنّهم يتفشّون كالوباء في "بؤر" تنمو وتتورّم "لتنفقئ" وتنشر قيحها على جوارها. 
البلاء المستحكم بهذه العقول هو الاعتقاد أنّها "تسلّ سيوفها" و"تقطع الرقاب" بتكليف ربّانيّ "استحقّت حظوة" رضاه وحازت على حصريّة و"شرعيّة تنفيذه".
إساءة هؤلاء إلى ما ومن يدّعون تمثيله والدفاع عنه هي فادحة وفاضحة
الوطن "منخور" بهكذا "دمل متفجّرة" تسيّج نفسها بقواعد عسكريّة الاقتراب منها محرّم ومميت حتّى على القوى العسكريّة الشرعيّة.  
اللبنانيّيون محاصرون حتّى الاختناق: آراؤهم وخياراتهم تذهب هباء تحت وطأة طغيان السلاح.  
 التهويل بالسلاح أوشهره غدا الوسيلة المفضّلة لحَمَلته لخرق مؤسّسات الدولة و"تطويع" أجهزتها وليّ القوانين وتحوير جريان التدابير الديمقراطيّة وتكبيل حركة تداول السلطات إضافة إلى التعدّي على الأملاك والسطو على المناصب.  
حرمان اللبنانيّين من التقاط الأنفاس والشعور بالأمان والاستقرار وبلبلة روعهم بزرع القلق الدائم هما شوكة توخز وتثبط هممهم وتحثّهم على نشدان السلام خارج الوطن ليستمرّ النزوح والهجرة حتّى تفريغ الوطن من أحراره.
هل يجدي في غمرة هذه الأجواء الشاذّة التأسّف على إقرار قانون إنتخابيّ تخلّف "الرَّبع" السياسيّ عن طرحه حتّى الربع الأخير لساعة الاستحقاق؟  
أي إمكانيّة أو أمانة لصدقيّة التمثيل مفسوحة للمواطنين في ظلّ التشويش والتحريض وقرقعة  السلاح والمناوشات على تخوم "مقاطعات مفروزة" للعصب المتنافرة داخل الوطن والمتناحرة في الجوار السوري.  
أيّ عيش ممكن في ظلّ "احتفالات" تشييع قتلى معارك "مساندة" الحلفاء المموّلة والمدارة من مرجعيّات خارجيّة متخاصمة يأتمر بها المتقاتلون.  
إضفاء هالة من القداسة على زهق أرواح شباب في ربيع العمر تُستهلك وقوداً فداءً لتمجيد بعض المرجعيّات في حروب بديلة هو جريمة شنعاء ضدّ الإنسانيّة. 
فكلّ شابّ يمنحه مجتمعه العناية الضروريّة لتعليمه وتثقيفه وتنشئته على محبة وطنه وتنمية الولاء له وتحفيز طاقاته لخدمة مجتمعه، هو ركن صلب للبنيان ومختبر للإبداع وزخم انطلاق نحو مستقبل أفضل.  
فبأي حقّ وأيّ ناموس يحرم جيل من هذه النعم لتُختصر حيواتهم كنكرات وبيادق يُسقطها ويحذفها لاعب شطرنج غير آبه بحرمتها.  
 وأي سلطة "مكتسبة" تسوّغ للمتألّهين تخريب حياة اللبنانيّن على مدى أربعة عقود.  
معتنقو عقيدة قدسية الحياة البشريّة وحقوق إنسانها والانخراط المتمدّن في سياق التطوّر والانفتاح على آفاق الحضارات هم روّاد المجتمع اللبنانيّ الأصلاء الذين كّتب عليهم الصمود في حمل مشاعل الهداية والإرشاد في لجّة زوبعة الجنون التي يسرّع غزلها نافخو أكوار الفتن. 
واجب الدول الراعية والحامية لحقوق الإنسان دعم هذه النخبة الصالحة بكلّ الوسائل والسبل لتحصين الدولة والنظام والانكباب على استئصال جذور الدعوات الشرّيرة وتعقيم مصدّريها وتجفيف بؤر القلاقل والإرهاب.  

*أكاديمي مواظب على تتبّع واستطلاع الشؤون اللبنانيّة

مغترب حد الهذيان/ رحيمة بلقاس

 ماذا تبغي أيها الأرق؟
وماذا ترتجي من أسير مفعم بالوجع؟
تنام العيون من حولي
وعيناي معلقتان في سطوة الهذيان
يا قلبي!
متى تودّع شروخ المسافات
وتعانق صبحا تبرعم في الندى
كي تعود البشرى لثغري
والدمع
ينسكب فرحا آسرا
تتغنج مباهجي بصباباتي
بلهفة تتلظى بحنين أعماقي
*****
عيناي تسبحان في غسق الرحيل
وهزيج الفجر يرتق
ضفائر البعد
فيتضوع السعير في الربى
ويتعسل الحنين بكؤوس اللقاء
تتكسر الشهقات
على وهاد الوسائد
فأستسلم لأحلام عمر يمضي
يتوشح بالدفء والإطمئنان
كأرض عطشى تشقَّقَت مساقط ضوءها
ونار قيظ تبعثرت في تضاريس المباهج
*****
أَسْرِعْ
فما عَادَ للدهر إقامة
العمر يمضي
والينابيع أوجعتها تواريخ القيّامة

ضرورة إلغاء عيد تحرير الجنوب اللبناني الكاذب/ الياس بجاني

معيب أن يرضخ لبنان بالقوة والإرهاب لثقافة وهيمنة حزب الله الذي هو باختصار مفيد جيش إيراني إرهابي. وعيب وألف عيب أن يُجبر اللبناني ومعه الدولة اللبنانية على الاحتفال رسمياً في 25 أيار من كل سنة بما سمي زوراً "عيد التحرير" خلال حقبة الاحتلال السوري الغاشم.
نشير هنا إلى أن إسرائيل انسحبت بشكل أحادي في شهر أيار سنة 2000 من المناطق التي كانت تحتلها في جنوب لبنان ونفذت بذلك القرار الدولي 425 بالكامل باعتراف الدولة اللبنانية والأمم المتحدة. الانسحاب لم يكن بنتيجة كذبة وهرطقة مقاومة حزب الله الوهمية، بل لأسباب إسرائيلية داخلية بحتة. ادعى حزب الله أنه هو من طرد الجيش الإسرائيلي من الجنوب ومن يومها وهو يتغنى ليلاً نهاراً بهذا التحرير النفاق.هذا وكان فرض المحتل السوري على لبنان بالقوة عيد تحرير الجنوب الذي يُحتفل به في 25 أيار.
حزب الله لم يحرر الجنوب، بل هو عملياً احتله منذ انسحاب الجيش الإسرائيلي منه سنة 2000، ولا يزال يحتله بالكامل. يومها رفض الحكم السوري المحتل السماح للجيش اللبناني بالانتشار في الجنوب وعلى الحدود مع إسرائيل. ويومها فككت إسرائيل جيش لبنان الجنوبي حيث اضطر معظم أفراده إلى دخول إسرائيل مع عائلاتهم على خلفية تهديدات حسن نصرالله وحزبه العلنية والوقحة.
كلبناني مؤمن بالحرية وبشرعة الحقوق وبكرامة الإنسان والأهم بوطني الأم لبنان وبسيادته وفي حقه بالحياة الكريمة، لا يمكنني أن أرى في حزب الله غير جيش إيراني يحتل وطني الأم ويقمع أهلي.
بوقاحة يتكلمون عن مقاومة وممانعة وتحرير في حين أن هذه الشعارات الرنانة هي كلها مجرد رزم من النفاق والدجل؟
يدعون تحرير الجنوب وهزيمة إسرائيل سنة 2006 فيما هم يسبحون في بحور من الأوهام ومغيبين كلياً العقل والمنطق! فلو عدنا إلى التاريخ الغابر وإلى القرون الحجرية لن نجد في أي حقبة من الحقبات وجود أي كيان أو دولة أو مجتمع أو حتى قبيلة كان فيها وضع شاذ وهجين كوضع حزب الله الإرهابي اليوم في لبنان.
حزب الله هذا عنده في لبنان دويلات ومربعات أمنية وإرهابية خارجة عن القانون، وهي بالعشرات.
الحزب عملياُ هو جيش إيراني ممول ومسلح بالكامل من ملالي إيران.
قرار الحزب من إيران، سلاحه من إيران، قادته تعينهم وتقيلهم وتدفع معاشاتهم إيران.
الحزب عقيدته المذهبية إيرانية، ومرجعياته العلمية والثقافية والتشريعية والقضائية والجهادية هي في إيران الملالي!!
ترى هل في التاريخ المدون أي دولة عانت كما يعاني لبنان من وضعية حزب الله الإبليسي ؟ لا بالطبع.
هذا الجيش الإيراني المسمى حزب الله يحارب  عسكره إلى جانب السفاح الأسد ومعه يقتل الشعب السوري.
هذا الجيش الإيراني المذهبي قام بعمليات إرهابية واغتيالات لا تعد ولا تحصى في لبنان وفي معظم الدول العربية وفي العديد من بلاد العالم وذلك لمصلحة أسياده في إيران.
هذا الحزب موضوع على قوائم الإرهاب في العديد من الدول، وقريباً سيوضع على قوائم الإرهاب الأوروبية والعربية.
هذا الحزب فاعل وناشط في تهريب كل الممنوعات، وفي تزوير كل شيء حتى الأدوية التي تعطى لبيئته ولناسه.
هذا الحزب يتاجر بالمخدرات وبالسلاح ويبيض المال الحرام ويسرق السيارات ويسطو على كل مؤسسات الدولة اللبنانية.
هذا الحزب قام بغزوات ضد أهل وطنه وتطول قائمة الهرطقات وتطول.
إن ربع المقاومة الكذبة ينافقون ويتوهمون ويتبجحون بأن حزبهم انتصر على إسرائيل!! عجيب، وعلى أية معايير حسموا هذا الانتصار؟ وهل في ما يدعون أي منطق بشري محسوس وملموس؟ بالطبع لا!! والانتصار المزعوم هذا هو وهم وقد جاء بنتيجة الورم الكياني الذي يعاني منه الحزب وعسكره.
لا يا سادة يا جماعات نفاق المقاومة فحزب الله لم يحرر الجنوب وعيد التحرير يزور الحقائق ومن الواجب إلغاؤه.
يتبجحون بقولهم، "إسرائيل اعترفت بهزيمتها"
نلفت من يهمهم الأمر إلى أن إسرائيل دولة متحضرة فيها مؤسسات ومحاسبة وتبادل سلطات وهي تدرس وتقيم كل أعمالها خصوصاً العسكرية منها، وكل الدراسات التي أجرتها على حرب 2006 كانت بقصد تصحيح الأخطاء وهي لم تقل يوما إن حزب الله هزمها في تلك الحرب المدمرة، لأنه بالواقع لم يهزمها.
إن مفهوم الانتصار الرباني والسماوي الذي يسوّق له حزب الله داخل بيئته الرهينة عنده هو غير قابل للنقاش المنطقي لأنه وهم وأحلام يقظة وليس مبنياً على أية معايير لا علمية ولا عسكرية. حزب الله لم يربح أي حروب ولا هو حرر الجنوب ولا هو لبناني ولا هو عربي، ونقطة على السطر.
يبقى أن الخلاص للبنان يكمن في اعتماد "المركزية الموسعة" الواردة في اتفاق الطائف وذلك  لتتمكن كل مجموعة اثنية من مجموعاته ال 18 المحافظة على هويتها ومعتقدها ونمط حياتها ولكن ضمن دولة واحدة كما هو حال كندا وأميركا وأوروبا. المطلوب وحتى لا يفشل التعايش الحضاري أن لا تلغي أية مجموعة لبنانية غيرها وأن لا تفرض بالقوة هوية أو قومية أو معتقد أو نمط حياة على أحدى مكوناته ال 18.
هذا الحل الناجح والمجرب اعتمدته معظم دول العالم وهو برأينا الحل الأنسب للبنان ولكن بعد الانتهاء من كذبة وهرطقة العداء لإسرائيل، وبعد دفن شعارات المقاومة والتحرير الكاذبة، وبعد التخلص كلياً من أوهام الممانعة الدجل. والأهم التحرر من غريزة العداء السرطانية لأن الأوطان واللحمة بين الشعوب لا تستوي ولا تقوم عل العداء، بل على المحبة والتعايش والسلام والعدل وشرعة الحقوق والحريات.
عيد التحرير الحقيقي يكون يوم يتحرر لبنان كلياً من احتلال وإرهاب محور الشر الإيراني-السوري الذي يفرضه هذا المحور على اللبنانيين بالقوة وبالبلطجة من خلال حزب الله الإرهابي.

عندما يعجز البشر تحلها الكلاب/ د. رافد علاء الخزاعي

هل هذه المقولة ستصبح مثلا تتداوله الأجيال القادمة لتحكي مأساة امة ضيعت فكرها المتألق  وترجمة دينها بلهجة الشيطان وكفرت الانسان وجعلته مشروع للموت الجماعي للهروب من مشاكلها الأزلية الجهل والفقر والمرض لتولد أجيال  جدد أميون ثقافيا ودينيا يتقاذفهم دعاة الشر والفتن ليقضوا أيامهم المملة وهم يبحثون عن الوظائف وسبل العمل في زمن البطالة والنفاق ليشعروا بخيبة الأمل ويبحثون عن الجنة موتا وجهادا عسى إن يرتاحوا في أحضان الحور العين ويرتوون من خمر الجنة الذي لا ينفذ أبدا و الغير مغشوش والذي ينافس عرق بعشيقة وزحلة الذي يقتل من يبيعه في الأرض حتى يذهب إلى الجنة ليعلموا صناعة الخمر على أصوله وحتى بائعي اللبلبي والمازة المقتولين 
سوف يشاهدون هنالك أنواع ألمازات والفاكهة التي هي مباحة لرواد الجنة بدون مقابل ولا خوف عليهم  من ظهور مليشيات تقتل من يقرب نهر الخمر المجاني الممزوج بدماء الضحايا من العمليات الإرهابية التي عجزت عن مكافحتها الحكومة العراقية بكل إمكانياتها المادية  من جيش وشرطة اتحادية وبيش مركة  وأجهزة استخبارية متعددة يفوق عددها العشرة استخبارات الجيش والداخلية والشرطة الاتحادية والشؤون ومكافحة الإرهاب الداخلية والوطني والأمن الوطني وسوات والمخابرات والصحوات وكثرة الاختراقات بالاربعائيات الدامية والجمع القاتلة والاسبات الحزينة والآحاد المسكينة وغيرها من المسميات التي تذكر عوائل الضحايا بمناسبة قتل أبنائهم وتحويلهم أشلاء ضمن سيمفونية العزف الجنائزي المسمى بالإرهاب القاعدي ,
والمواطن يتعرض إلى إرهاب حكومي عبر أجهزة كشف المتفجرات المغشوشة وقطع الطرق والإجازات الإجبارية في المنازل إمام شاشات التلفاز التي تبث الفرقة وتوجج الصراع الطائفي عبر صراع متناغم مع العمليات الإرهابية وادعاء الأجهزة الأمنية بالقبض على المنفذين ولكنهم يفشلون دوما في الوصول إلى الخطوط الأولى والقيادات الراسية  للتنظيمات الإرهابية بسبب القضاء المحابي والفشل في التنسيق والتعشيق لإيجاد قاعدة لبيانات المتورطين في هذه العمليات الإرهابية والإعلام الغير مسيطر عليه والمحرض على الفتنة والقتل وفشل المرور في إيجاد طريقة لتسجيل السيارات باسم الحائزين لدوافع شتى تشوبها النظرة القاصرة للعملية والتخطيط الأمني إن الفشل الأمني ولاستخباري والعملياتي وضع ضغطا للمطالبة بإيجاد طرق أخرى لكشف المفخخات والمنظمات الإرهابية وتوجيه ضربات استباقية وسط هذا الفشل الأمني نمت الموسسة العسكرية في ترهل قياداتها في إيجاد قيادات عمليات كثيرة همها الأول إيجاد مراكز للترقية والحصول على المكاسب المادية وليس امن المواطن أو المناطق وهي تشكل ضغطا على الموارد القتالية للوحدات الساندة , وفشل المثقفين وعقلاء القوم من إيجاد أرضية مشتركة لتجفيف منابع الإرهاب وتضيق نقاط الاختلاف عبر خطاب تسامحي مشترك يعتمد على المؤاخاة والمواطنة المشتركة والمصير المشترك, وسط خضم هذا ولدت فكرة الاستعانة بالكلاب المدربة والمتخصصة بالكشف عن المتفجرات  وللقضاء على الإرهاب كوسيلة ناجعة بعد فشل الحلول الأمنية المتاحة  وهي الرجوع للطبيعة والقرية في الاستعانة بالحيوانات للحماية من الشر المستشري وإنها عملية سليمة في إيجاد حلول لتقليل فرصة تحرك المجاميع الإرهابية وتضيق الخناق على تحركاتهم ولكنها ليس العلاج الناجع  للمسالة العراقية برمتها. إن الاستعانة بالكلاب على المستوى الوطني وجعل شعار يحمله الكلب الوفي (العراق في رقبتي واللي يهدد أمنه لا يسلم من عضتي )  كما إن هذه العملية ستجعل العراق في مصاف الدول الراعية لحقوق الحيوان بعد مذلتها لكرامة الانسان المهان أصلا  في سبيل الحصول على حقوقه المشروعة التي كفلها الدستور وكما يقول أبو المثل مصائب قوم عند قوم فوائد وأخيرا سيحصل الأطباء البيطريين في العراق على فرص عمل جديدة بعد إن قررت الحكومة العراقية الاستعانة بالكلاب البوليسية في نقاط التفتيش ولو عرفنا إن نقطة التفتيش الواحدة تحتاج إلى أربع كلاب لان حسب حقوق الحيوان الدولية لا يحق للكلب إن يعمل أكثر من ستة ساعات باليوم إي ثلاث كل ساعات يوميا ولدينا في بغداد وحدها 5342 نقطة تفتيش وفي العراق أكثر من 400000 نقطة تفتيش من غير مداخل الدوائر الحكومية سوف نحتاج إلى مائتين إلف كلب مدرب وبما إن لكل خمسين كلب طبيب بيطري إذا سينتظر الأطباء البيطريين 4000 درجة وظيفية ومثل ما يقال مصائب قوم عند قوم فؤائد وإحنا المساكين راح نكون تحت ذائقة الجلب الشمية إذا طنكر الجلب أوقف ركب السيارات وانقطعت الطرق وسيضاف ضحايا جدد هم ضحايا  عضة الكلب التي ستكلف ميزانية الدولة الكثير  وايضا ستعطي فرصة للباحثين عن الشهرة والأضواء في اللغوة الزايدة عن الللغافة  وتكون مادة إعلامية  للقنوات الفضائية  عن الفساد المستشري ورغم ذلك يستمر نزيف الدم العراقي ولكن الحل الأمثل ليس في الكلاب وإنما للمراجعة السياسية لإيجاد حلول لحل المشاكل المستعصية في الانتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع وتعزيز الهوية الوطنية العراقية وقيمة المواطنة  وإبعاد الخطاب التفريقي وإيجاد مشتركات للبناء العراقي الجديد والتأشير على السياسيين الفاسدين والذين يحملون أجندة أجنبية وإقليمية لإشعال العراق عبر صناديق الاقتراع وهذا بحاجة إلى تعاضد السياسيين والكتاب والإعلاميين ورجال الدين وشيوخ العشائر ومنظمات المجتمع المدني عبر شعار قوة الدولة  الخادمة فوق الجميع والتأكيد على قوة القانون عبر هيئات تحقيقيه شفافة وقضاء نزيه شجاع وإيجاد مصالحة وطنية لطي سجل الماضي والبدء بصفحة جديدة هي خط شروع واحد لا رجعة فيه عن الدستور والقانون الحاكم للجميع  وسيبقى السؤال الذي تكشفه الأيام القادمة هل ستحقق الكلاب الأمن الذي عجز عن تحقيقه العسكر أم الأمن مرتبط بالحل السياسي الناجع لجميع المسائل العالقة والغير قابلة للتأجيل.

مصر دولة ليست عشيرة او جماعة/ لطيف شاكر

قدمت مصر للإنسانية أقدم نظام سياسي في العالم, وعلي ضفاف نهر النيل قامت أول دولة مركزية موحدة في تاريخ البشرية، وكان لمصر السبق في تجسيد ذلك من خلال أطر مؤسسية كان لها الدور الهام في صياغة حياة الشعب وحماية قيم الحرية والديمقراطية فيها
و حظيت مصر بأول حكومة منظمة  في العالم. وقبل أن تتحد مصر العليا ومصر السفلى، كان يحكم كل منطقة منهما ملك. وفي عام 3100 قبل الميلاد، وبعد توحد القطر في نظام مركزي للحكم؛ قسم إداريا إلى 42 إقليما. وكان على رأس كل إقليم حاكم يديره، لكنه يتبع الفرعون ويطيعه
وكان الفرعون أعلى سلطة وله السيادة الكاملة على الشعب؛ وكانت له السيطرة الكاملة على السلطتين التنفيذية والتشريعية للحكومة، ويعاونه عدد كبير من الموظفين المدنيين المعينين. وفي اختياره لأولئك المعاونين، فإن الفرعون كان يراعي قواعد الأقدمية والتعليم
وكان كبار موظفي الحكومة، في عصر الدولة القديمة، يتقلدون مناصب عليا مثل: أعضاء بالبلاط الملكي (الحاشية الملكية)، أو مستشارين أو وزراء؛ أو أعضاء بالمجلس الأعلى للحكم. وارتقى منصب الحاشية الملكية في القدر مع الزمن؛ ليغطي مهام وواجبات دينية ومدنية وقضائية وعسكرية. وكان منصب المستشار هو أعلى منصب في الدولة، ولكن المستشار لم يكن عضوا في المجلس الأعلى للحكم. وقد كان المجلس يتكون من كبار مسئولي الدولة الذين يتولون فرض التشريعات والمراسيم (الأوامر) الملكية..
وتخصص عدد من المسئولين الإداريين في التعامل مع الضرائب والشئون المالية والأعمال العامة وتوزيع القوى العاملة على المشاريع المختلفة. وكانت مصر أول قطر يطبق نظاما للعاملين في المشروعات الحكومية؛ مثل الحرف والصناعة والزراعة والبناء
وكانت هناك محاكم في جميع أنحاء مصر. وتبرهن العقود والبرديات التي تضم أحكاما والتماسات؛ على أنه كانت هناك قوانين ثابتة محددة تتعلق بالمعاملات اليومية: مثل الميراث والزواج والهبات والوصايا وملكية الأراضي، وغير ذلك من التعاملات التجارية. وكان كل شيء يسجل في الحفظ (الأرشيف)؛ بما في ذلك الوصايا وعقود الملكية وقوائم الإحصاء العام والأوامر وقوائم الضريبة والخطابات وقوائم الجرد واللوائح ومحاضر المحاكمات
وقد تميز المصريون عن الشعوب المجاورة بعدم وجود القبيلة لديهم , لانهم كشعب وحدة واحدة  متميزة تحيا علي الارض المصرية , كما اعتقدوا في ذلك منذ ظهور كتابة اللغة المصرية , بالاضافة الي النهر جعلهم كتلة واحدة متعاونة لتلاقي اخطاره من الجنوب الي اقصي الشمال وبذا كان الانسان المصري ينسب دائما الي المكان وليس للقبيلة قديما  يقال ان اصول هؤلاء ترجع الي بلدة كذا وليس الي قبيلة ما.
ولشدة محبتهم وغيرتهم  لوطنهم مصر اطلقوا علي اقليمهم ارض الالهة وبالتالي فهم شعب الالهة المتميز  علي الجيران البدو القادمين من اسيا واطلقوا عليهم  مسمي (العامو) وقد اشتقت كلمة العامة المستخدمة حاليا من هذا اللفظ  ,وكانوا لايتناولون الطعام مع غير المصريين لان هذا يعتبر دنس يحرمهم من دخول المعابد
ويسعي النظام الحاكم الان  الي هدم الدولة المصرية لاستبدالها بنظام العشيرة والقبيلة والجماعة بعد ان استنارت شعوب العالم القديم بنور الحضارة وخلعوا ثوب القبلية واتجهوا  نحو الدولة المدنية والنظام الديمقراطي بخطي ثابتة.
ولكن محمد مرسي اراد ان يحول مصر الي  نظام العشيرة  فاختزل مصر في جماعته وحصر الوطن في عشيرته بنظام قبلي مقيت ومتخلف, وانتصر لعشيرته الحماسية علي حساب الوطن واختصم مصر لمصالحة التيارات الدينية العربية المتمصرة ,بالرغم من ان نظام العشيرة نظام بدائي متخلف , الا انه النظام الاستبدادي الذي يمكن الرئيس الفاشل  الي  حكم مصر من خلال عشيرته.
والعشيرة هي مجموعة من الناس تجمعهم قرابة ونسب فعلي او قبلي او عشائري وحتى لو كانت تفاصيل النسب غير معروفة، قد يتم تجمع أعضاء العشيرة او القبيلة حول السلف الأول. وقد تكون الروابط القائمة على القرابة رمزية، حيث تتشارك العشيرة في سلف مشترك "محدد" الذي يُعتبر رمزًا لوحدة العشيرة. وعندما لا يكون هذا السلف بشرًا، يُشار إليه باسم الطوطم.
ويمكن وصف العشائر على نحو أكثر سهولة بأنها قبائل أو زمرة او جماعة او  وكلهم من اصل بالانجليزية  كلمة
tribe   او clan"
وفي كثير من الأحيان، يكون العامل المميز هو أن العشيرة هي جزء أصغر من مجتمع اكبر  مثل القبيلة أوالمشيخة أو الدولة
وبصرف النظر عن هذه التقاليد التاريخية المختلفة للقرابة، ينشأ التباس مفاهيمي عن الاستخدامات العامية للمصطلح ، فإنه من الشائع جدًا التحدث عن "العشائر" في إشارة للشبكات غير الرسمية داخل المجال الاقتصادي والسياسي. ويعكس هذا الاستخدام افتراض أن أعضاء هذه العشائر يعاملون بعضهم بعضًا بطريقة وثيقة بصفة خاصة وداعمة بشكل متبادل بما يعمل على تقارب التضامن بين الأقرباء وبعيدا عن المجتمعات  وقد يكون للعشائر زعيم رسمي مثل شيخ القبيلة او رئيس
افتراضي وإيجاد مناصب قيادية شاملة  لافراد العشيرة  وهم الذين يتخذون القرارات .
وغالبًا ما يسكن أفراد العشيرة إقليما مشتركًا يعدونه وطنًا لهم، ويتحدثون بلهجة مميزة، ولهم ثقافة واحدة، والعشيرة هي المكون الرئيسي للقبيلة، فتحالف عدة عشائر تتكون القبيلة، وشرط العشيرة أن يتكون أفرادها من نسب واحد، او فكر واحد ورؤية واحدة,ولها اسوب واحد يعكس افكارهم واغراضهم وهم لايقتنعون بالحدود الجغرافية او النظم المدنية  المتعارف عليها
وأفراد العشيرة او القبيلة يشعرون بالتزامهم بنصرة من يشترك معهم في البيت  ثم تأتي بعد ذلك نصرة المشترك معهم في القبيلة اوالعشيرة، وعصبية العشيرة تطغى على ما سواها بمقدار الخطر الذي يهدد العشيرة  ـ كما يمكن أن تتجاوز هذه العصبية نظام العشيرة الي العشائر او القبائل  الأخرى المتحالفة،  اوعصبية الولاء .
و العصبية القبلية  اوالعشيرية دموية شديدة وجامحة، وكان أساسها جاهلياً تمثله الجملة المأثورة عن العرب: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين.
وتري لنفسها فضلا على غيرها، وامتيازاً عن المجتمعات الاخري , فتترفع على الناس ولا تشاركهم في عادات كثيرة ,   وكان النفوذ والمناصب العليا   متوارثاً، يتوارثه الأبناء عن الآباء، وكانت طبقات مسخرة وطبقات سوقة وعوام، فكان التفاوت الطبقى من مسلمات المجتمع العربي سابقا ومصر حاليا  في ظل رئيس العشيرة الآن.
اخيرا ...ماذا ياتري عن مصر الآن : هل مازالت تحمل مقومات دولة ,ام قبائل دينية عربية  خليجية ام حكم العشيرة والجماعة القبلية ؟!!
والله في خلقه لهؤلاء الاشرار  شئون

دعوة للمشاركة في الحملة العربية لمناهضة الطائفية/ محمد محمد علي جنيدي

إن أسوأ ما يمكن أن يصاب به مواطن في وطنه أن يعايش فيه صراعا طائفيا، ولاسيما الذي يكون الدين  موضوعه، وكلما انتشرت ألسنة لهب هذا الصراع تفككت معه مفاصله، فإذا ما وصل الأمر في النهاية ليكون وطنا مستباحا ومطمعا لكل طامع عرف المتناحرون مؤخرا ما أثمر عنه صراعهم الطائفي واقتنعوا بأنهم كانوا ضحية أفكارهم البالية – ولكن – هل ينفعهم الندم بعد ضياع الوطن!
الوطن هوالحصن الأعز لأبناء شعبه مع اختلاف أديانهم أو مذاهبهم، وحق الجميع أن يعيش فيه حرا في معتقده أمنا في سربه كريما في معيشته.. أما ما يحدث في بلادنا بهذا الخصوص هو خرق واضح لقيم ومبادئ جميع الأديان سواء.
ونحن في هذه الحملة نسعى لرأب الصدع ونهيب بكل مواطن شريف أن يضع نصب عينيه إعمال حق المواطنة موضع الاعتبار كمبدأ يمكن من خلاله تقليص حجم ضحايا بلاده، ومواجهة  انحراف الأنظمة الحاكمة عن مسارها الصحيح.
عسى الله أن تكون هذه الحملة هي شرارة البدء لسير أبناء شعوبنا نحو تحقيق أمنهم وعزتهم ورفاهية أوطانهم.

حاكموا "الإرهابى" .. قبل البكاء على الوطن/ مجدى نجيب وهبة

** هل أفقتم الأن بعد أن وصلنا إلى هذا الذل والعار والوكسة بفضل من إنتخبتموه رئيسا لمصر .. هل تجمعت الأن كل الأصوات تطالب بمحاكمة هذا الإرهابى الذى أسقط ودمر مصر .. ولم يعد يستطيع أن يقف أمامه أى مواطن أو إعلامى أو معارض ، بعد أن دعمته القيادات العسكرية ووزارة الداخلية ، وأدوا لهم التحية العسكرية بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة والشرطة المصرية ...
** هل مازالت هناك أصوات بعض الكلاب تطالب بالإصلاح وبالضمانات الكافية لإجراء الإنتخابات البرلمانية القادمة .. أعتقد أن الجميع يجب أن يخجلوا من أنفسهم ، ويلبسوا طرح ، بعد أن أسقطت الدولة المصرية والسيادة المصرية من قبل من إنتخبوه ، ولم يعد هناك لا دولة ولا وطن ولا أى شئ .. بل أصبحنا نسمع أصوات الغربان والبوم وأصوات المأجورين والسفلة المؤيدين للقواد أوباما والإدارة الأمريكية ..
** نعم .. لم يعد هناك مطلب فى مصر .. إذا كان لدينا ذرة واحدة من الكرامة أو بقايا من حمرة الخجل ، أو شئ من الإحساس بالخزى والعار .. إلا القبض على هذا النظام الإرهابى ، وعلى رأسهم رئيس الدولة ، الذى سيطر على كل مفاصل هذه الدولة ومحاكمتهم على كل الجرائم التى إرتكبوها فى حق هذا الوطن ، وهذا الشعب منذ أن بليت مصر بنكبة 25 يناير !!! ...
** نعم .. لم يعد هناك فى مصر مطلب واحد يعلو صوته فوق المطالبة بمحاكمة المشير "محمد حسين طنطاوى" ، وزير الدفاع الاسبق ، محاكمة شعبية على كل الدماء التى سقطت وكل الذين عذبهم نظام هذه الجماعات الإرهابية ، وتقاعس عن حمايتهم ، بل وتواطئ معهم ضد الشعب .. ووافق بالتدليس والتزوير على رفض إرادة الشعب .. وسلم مصر إلى جماعات إرهابية تنفيذا لتعليمات القواد الأمريكى "باراك حسين أوباما" .. بل وركعها وأذلها وعراها .. أمام صمت الجميع ..
** نعم .. لم يعد هناك مطلب يعلو صوته فوق المطالبة بمحاكمة الجنرال وزير الداخلية ، على تواطئه والمشاركة فى تعذيب وقتل المتظاهرين أمام قصر الإتحادية ، ولم يحرك ساكنا .. بل أنه شارك هذا النظام الإرهابى فى سحل وتعرية وتعذيب وقتل المواطنين المصريين دون خشية أى حساب أو عقاب ، وتحولت وزارة الداخلية فى عهده إلى ميليشيات مسلحة لحماية التنظيم الإرهابى والتنكيل بالشعب المصرى ..
** لم يعد هناك مطلب فى مصر يعلو صوته فوق المطالبة بمحاكمة المستشار "حاتم بجاتو" ، وكل أعضاء اللجنة العليا للإنتخابات الرئاسية الأخيرة ، عندما أعلنوا بالكذب والتضليل فوز محمد مرسى العياط رئيسا لمصر ، بل وصل تعنتهم وتضليلهم بإصدار فرمانا يحصن نتائج اللجنة ضد الطعن عليها ، تنفيذا لتعليمات وتوجهات "ماما كلينتون" ، و"بابا كارتر" ، والصعلوك "أوباما" !! ..
** لم يعد هناك مطلب واحد يعلو صوته فوق صوت القبض على كل من ساهم ودعم ومازال يعمل تحت سلطة المجلس العسكرى ، أو وزارة الداخلية .. لتدمير وإسقاط مصر للعودة بالوطن إلى عصور الظلام وزمن الكهوف ..
** لقد حذرنا فى أكثر من مقال .. وكتبنا "لا لمحمد مرسى رئيسا لمصر ولو ليوما واحدا" .. ومع ذلك سخر الجميع ورفضوا النصيحة وزعموا أنهم مفكرين وسياسيين وجهابذة فى الفكر ..
** لم يكن بالغريب ما حدث لجنودنا عندما إختطفوا وهم يؤدون دورهم ، ونقلت صورهم وهم معصوبين العين ، وقد ركعوا وسجدوا أمام مختطفيهم وهم يتلون أسماءهم ، بصورة مهينة ، وكأنهم أسرى حرب .. فماذا تتوقعون عندما يحكم مصر رئيس إرهابى هارب من السجون هو وجماعته .. وفجأة وجد شعب أهبل يدعمه رئيسا لمصر .. ماذا تتوقعون؟ !!
** ماذا تتوقعون من رئيس إرهابى لم يحاكم من قتلوا جنودنا فى رفح .. ومع ذلك قادة القوات المسلحة يؤدون له التحية العسكرية حتى الأن ؟ ..
** ماذا تتوقعون من وزير داخلية يكذب ويضلل بعد أن حصل على الضوء الأخضر من رئيس الدولة للتنكيل وتعذيب كل خصومه وحتى لو أدى إلى قتلهم .. فسوف يحصلون على الترقيات والأوسمة والمكافأت ؟ ...
** ماذا تتوقعون عندما يقوم هذا الإرهابى بمحاصرة المحاكم وفرض سطوته لإرهاب القضاة ، ومنعهم من أداء عملهم .. هؤلاء القضاة تصدر أحكامهم بإسم الشعب .. والجيش هو خادم الشعب .. وعندما أهين القضاء كان يجب على الجيش حماية القضاء .. وللأسف لم يحدث شئ من هذا بل تقاعس جهاز الشرطة لحمايتهم وتقاعس الجيش عن حمايتهم ...
** ماذا تتوقعون عندما يعين نائب عام إخوانى لمحاكمة الشعب ، والزج بالأبرياء فى السجون والمعتقلات .. ولا يقف أمامه أحد فهو القانون وهو الإرهاب وهو البلطجة .. ومع ذلك صمت الجميع ووقفوا متفرجين ..
** لماذا لا تبكون على كل هذا الدمار الذى يفعله رئيس الدولة ... هذا بجانب تحريض المواطنين .. كل ضد الأخر .. وزرع الفوضى وزرع الفتن الطائفية ، ولم يحاكم من أهانوا الأقباط وإعتدوا على الكنائس .. وأخر هذه الإعتداءات ما فعلته وزارة الداخليه ومجموعات من البلطجية والإرهابيين بالهجوم بالمولوتوف والرصاص الحى والقنابل المسيلة للدموع ، وإطلاقها على الكاتدرائية وعلى الأقباط داخل الكنيسة ، وذلك ردا على الهتافات ضد النظام الفاشى للحكم فى صلاة الجنازة على شهداء الخصوص ...
** ماذا تتوقعون من رئيس عاش هو وجماعته فى المعتقلات وداخل أسوار السجون ، ليس دفاعا عن الوطن ، بل من جراء جرائم إرهابية ، وتحريض ميليشياته وتنظيمات إرهابية وجماعات جهادية ضد الشعب المصرى ..
** هل لم تشعرون بالمهانة والذل وسقوط مصر إلا الأن .. لقد سقطت مصر منذ 25 يناير وليس الأن ..
** أين قتلة جنودنا وضباطنا على الحدود ياسيادة الفريق "عبد الفتاح السيسى" .. لقد تنصلت منذ يومين عن وعودك بحماية الشعب .. وعند سؤالك عمن قتل جنودنا .. زعمت أنك تجهل معرفتهم .. فهل لا تخجل من نفسك وأنت ترى هذا المنظر المأساوى لجنود القوات المسلحة وهم يستعطفون الرئيس محمد مرسى للإفراج عنهم ، مقابل الإفراج عن المحكوم عليهم فى السجون المصرية ..
** إن العدو الإسرائيلى لم يفعل ذلك بجنودنا فى نكسة 1967 .. ورغم النكسة لم تهان كرامتنا ولم تسقط هيبة الدولة .. وهذا يدعونا للتساؤل .. هل مهمة وزير الدفاع هى حماية النظام الإرهابى .. هل لم يخجل وزير الدفاع عندما يصرح رئيس الدولة فى كلمته التى حث فيها الحفاظ على الخاطف والمخطوف ..
** لقد فقد الجميع إنتماءهم لهذا الوطن بعد أن فقدوا شعورهم بالأمن والأمان والمستقبل .. فقد باع الجميع الوطن وأسقطوه وخانوه وقبضوا الثمن .. ومازالوا حتى الأن يعرضون بضاعتهم الفاسدة .. فللأسف الشديد رغم كل هذا الإرهاب الذى تعيشه مصر نجد بعض الكلاب والحيوانات يتحدثون عن الإنتخابات البرلمانية القادمة وإستعدادهم لخوض هذه الإنتخابات .. هل يوجد لدى هؤلاء ذرة من الدم والإحساس ؟!! ..
** ورغم كل الفشل والإنحطاط والمهانة التى تعيشها مصر .. إلا أن هؤلاء الكلاب بدأوا يهلون علينا عبر القنوات الإعلامية لحث المواطنين والشعب المصرى عل خوض العملية الإنتخابية لمجلس الشعب .. فهؤلاء الذين فقدوا الإحساس لا يهمهم من يحكم مصر ولا يهمهم أن تسقط مصر أو تنهض .. فالخيانة تسرى فى دمهم كالنار فى الهشيم ... وسوف نفاجئ بظهور بعض الإعلاميين الذين يتعمدون إستضافة هؤلاء .. ولن أتوقف عن فضح هؤلاء الخونة والصهاينة بأسماءهم وبرامجهم والقنوات التى يعملون بها .. فهم لا يستحقون إلا دهسهم بالأحذية .. لأنهم لا يهمهم ما يتعرض له الوطن ، ولكن ما يهمهم هو البيزنس وأموال الخيانة ، بل الوعود الأمريكية بالجوائز والمكافأت لحث المواطنين على إستكمال سيناريو إسقاط مصر !! ..
** هذا هو الوضع المهين الذى تعيشه مصر ، وأنا أرى دموع بعض الإعلاميين حزنا على الأحداث ، ولا أريد أن أذكرهم بدورهم الإعلامى المحرض فى بداية النكبة ، والتى أوصلتنا إلى هذا المنحنى المهين لمصر ..
** وفى النهاية .. مصر تكون أو لا تكون .. دعوكم من كل التصريحات المنمقة ، فمصر الأن بلا رئيس .. فمن هو المسئول عن كل هذه الفوضى .. هل نحاكم محمد مرسى ؟ .. وهل نحاكم السيسى ؟ .. وهل نحاكم محمد إبراهيم .. أم نظل نلف وندور ونتناسى كالعادة كل هذه الأحداث وما أكثرها !!..
** وسؤالى الأخير .. لماذا يدعو الشعب للنزول يوم 30 يونيو لإسقاط النظام .. لماذا لم يخرج الشعب بالأمس بعد كم الإهانات التى تعرضت لها مصر .. هل يحتاج الشعب المصرى لإستمارة ليوقع عليها أطلق عليها "تمرد" .. هل يحتاج الشعب المصرى لدعوة جبهة المعارضة .. هل يمكن أن يصل بنا الإنحطاط والهبل إلى دعوة محمد مرسى العياط للأحزاب لعرض الأوضاع وأخذ رأيهم فيما حدث لجنودنا المختطفين .. هل هذا هو عمل وقرار أحزاب المعارضة أو الأحزاب المؤيدة ..
** هل هذا الوضع يحتاج للإجتماع ببعض الوجوه التى تمجد في حكم الرئيس وقيادته .. بينما الجنود يتعرضون للمهانة والذل والإنكسار .. لماذا لم يطلب محمد مرسى العياط الإجتماع بالقادة العسكريين وهى الجهة الوحيدة المسئولة عن أمن وسلامة الجنود المصريين وأمن وسلامة سيناء .. هل هو إستكمال لسيناريو العبث أم وصلنا إلى درجة من الإستخفاف بعقول المصريين إلى هذا الحد ..
** الحل .. هو أن يحاكم هذا الرئيس ونظامه على الجرائم التى إرتكبها .. وإنقذوا الوطن من الدمار إذا كان لديكم ذرة من الكرامة .. وكفاكم .. فالجميع أخطأوا وعليهم تحمل المسئولية !!!...
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

الأختبار الصعب/ أنطوني ولسن

بعد إذاعة ونشر ذلك الفيديو المشين لمصر حكومة وشعبا ، أصبح على الشعب المصري أن يستيقظ من غفوته ويتوقف عن الكلام سواء عبر الأعلام المرئي أو المسموع أو المقروء ، ويفكر في إتخاذ خطوات إيجابية يتخذها في شكل خروج جماعي إلى الميادين والشوارع رافعين راية العصيان مصحوبة بإسقاط مرسي ودولة الأخوان ، التي أثبتت بما لا يدع مجالا للشك أنها دولة لا تهتم بمصر ولا بالشعب المصري .
إختطاف جنود مصريين وعرضهم بتلك الصورة المشينة والبندقية فوق رأس كل منهم أثناء ترديد المطالب التي تم إملاءها عليهم . لا يدل على أن الخاطفين من الجماعات الأسلامية المصرية ، إنما ينتمون إلى تنظيمات أخرى لا تهتم بمصر ولا بسمعة مصر بعد أن أعطاها الأخوان حقوق التدخل في شئون مصر خاصة في شبه جزيرة سيناء والسيطرة عليها ،  ولا أستطيع أن أقول على الدكتور محمد مرسي رئيسا شرعيا لمصر . لأن كل مافعله وفعلته جماعته لا صلة لهم بمصر سوى أنهم جاؤا إلى الحكم بمساندة أميركا وإسرائيل وبالتزوير الفج في الأنتخابات سواء البرلمانية أو إنتخابات الرئاسة .
لا مجال الأن أمامكم يا شعب مصر سوى التمرد بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى .
التمرد والعصيان المدني هما الرمز العملي لقوة الشعوب الذي منهم الشعب المصري الذي يجب أن يكون صاحب قراره .
الفريق السيسي لا يستطيع أن يتخذ قرارا قد يكون مخالفا لما يريده د . مرسي وجماعته . والأختبار صعب عليه كما هو صعب على الجيش والشعب المصري .لذا أنتم الشعب الذي إنتقلت إليكم الشرعية الوطنية التي هي فوق كل الشرعيات والتي من حقها إنتخاب من تراه صالحا للحكم . أو إسقاط من تراه غير كفء وغير أمين على مصلحة الوطن مصر وشعبها المصري . وهذا ما أسبتته الأحداث المتلاحقة والتي لم يتخذ فيها لا الدكتور مرسي ولا جماعته القرار الحاسم لإيجاد الحل المناسب لكل حدث . بل ترك كل شيء محلك سر . لأن من يتشدقون بحكم مصر لا تعنيهم مصر لا من قريب أو بعيد . وهذا ما ردده كل مرشد تولى إرشاد الجماعة . فأين الأمان ؟؟!!.
الأختبار صعب ويجب بالفعل على الشعب المصري بجميع طوائفه أن يخرج مشايخه مع كهنته ، عماله مع فلاحيه ، أساتذة الجامعات مع الطلبة ، عمال المصانع مع أصحاب المصانع ورجاله مع نسائه  ، وشبابه مع شاباته.
فهل ستجد مصر من يدافع عنها وعن كرامتها وكرامة أبناءها ؟
العالم ينظر إليكم بعيون فاحصة وبترقب لما ستكون عليه ردات أفعالكم .
فهل ستخذلون أمكم مصر أم ستنتصرون لها ؟
إنه الأختبار الصعب الذي ينتظركم وينتظره العالم بأكمله .

حُسن النوايا..لا يعني إنهاء الاعتصام والتنازل عن الحقوق/ محمد الياسين

في بيان صدر عن مكتب رجل الدين البارز عبد الملك السعدي قال فيه ان بعض المحافظين وبعض مدراء الاوقاف يضغطون على الخطباء والمتظاهرين لإنهاء الاعتصام والجمعة المُوحدة، ويأمرونهم بالعودة إلى المساجد بحجة مُبادرة حسن النوايا التي اعلن عنها السعدي مؤخراً ، ورأى السعدي ان هذا الاجراء فيه تصعيد للموقف وحذر من استخدام القوة ضد المتظاهرين مؤكداً على ضرورة إستمرار الاعتصامات والجمعة الموحدة واشترط لإنهاء الاعتصامات تحقيق جميع حقوق المتظاهرين ولا تفاوض دونها ، وشكر البيان مشايخ الدين والعشائر في دعوتهم لإستمرار التظاهرات والاعتصامات .
تفيد المعلومات الواردة من بعض ساحات الاعتصام عن وجود تحركات مشبوهه من قبل بعض " تجار الفتن " وسماسرة المشاريع الهدامة وأصحاب الصفقات غير المشروعة ، تهدف إلى تسويف الحقوق الشعبية للمحافظات الست المنتفضة تدريجا ، ويتم ذلك عبر وسطاء ومندوبين يحاولون شراء ذمم بعض المتظاهرين والمؤثرين في ساحات الاعتصام ،لإنزال الحقوق الرئيسية من لائحة المطالب التي ترفع ، وذلك تمهيداً لإنهاء الاعتصامات الشعبية والالتفاف عليها .
ثم تستكمل تلك الادوات المشبوهة تحركاتها عبر محاولات بعض المسؤولين ومدراء الوقف السُني بالضغط على المتظاهرين لإنهاء الاعتصامات ، وإجهاض مبادرة الحوار كي يُتهم المتظاهرين وممثليهم بعدم الجدية في المضي لعقد المفاوضات .
رهان الحزب الحاكم وحلفاءه من المحافظات المنتفضة يقوم على شق صف المتظاهرين وزرع الفتنة فيما بينهم كي يسهل على القوات الحكومية والميليشيات استهداف رموز التظاهرات وضرب الحاضنة الشعبية لهم عسكريا وامنيا والصاق التهم بالإرهاب والارهابين! ، الذين وجدوا حاضنة لهم بدعم وتمويل إيراني من اجل ايصال المتظاهرين إلى اقتتال داخلي بين العشائر والجهات المؤثرة في ساحات ومناطق الاعتصامات. هذا السيناريو يقوم على تنفيذه أدوات تعمل بخفاء نوعا ما في داخل وخارج العراق واستطاعت تلك الادوات ان تصل إلى عدد من المنظمين أو المنخرطين في الاعتصامات وأجرت اتصالات معهم لحساب الحزب الحاكم ورئيسه .
ان الالتزام بتوجيهات العلامة السعدي والاشادة بمواقفه الوطنية والانسانية أصبح واقع لا يمكن تجاهله ، رغم محاولات بعض المحسوبين على الحكومة في ذلك ، فطالما عبر السعدي في مواقفه المشهود لها بالحكمة والاتزان عن رغبات الشارع وتناغمت مع حقوق المتظاهرين في ساحات الاعتصام ، فلا ينبغي ان يتم تجاهلها ،  وينبغي التأكيد عليها طالما تتفق مع القواعد الوطنية الثابتة .
ثم لا يجوز تفسير المواقف وفق اهواء بعض السياسيين أصحاب المشاريع المشبوهة والمنتفعين من تأزيم الوضع أكثر مما هو عليه ، والاخذ به إلى سيناريوهات قاتلة ، فمحاولة فض الاعتصامات والتنازل عن الحقوق بحجة مبادرة السعدي كانت عملية مدروسة من قبل تلك الادوات التي تحدثنا عنها ، اما السعدي والوطنيين أكدوا مرارا وتكرارا على ضرورة استمرار الاعتصامات والتظاهرات والاستمرار في المطالبة بالحقوق الشعبية وأشترط السعدي لإنهاء الاعتصامات بتحقيق جميع حقوق المتظاهرين ولا تفاوض دونها ، وهذا موقف ثابت للوطنيين لا يتغير ، وإذا ما أصرت الحكومة على التزمت بمواقفها فعندها تكون الكلمة الفصل لساحات الاعتصام في كيفية التعامل وانتزاع الحقوق من الطبقة السياسية الحاكمة في بغداد.

الحـذار من الانحـدار يا أقبـاط/ مهندس عزمي إبراهيم

مخطئ من يَظن بحسن نية، أو يًدَّعي مغرضاً، أني أدافع بمقالي هذا عن شخص أو كاتب بعينه، فمن البديهي أن كل من يخطو بقلمه في ساحة الكلمة لديه الكفاءة والمقدرة أن يدافع عن نفسه إذا كان هناك ما يستوجب الدفاع، وهو ليس في حاجة إلى دفاع أحد عنه. ولكن من يشاء أن يدلو بدلوه تأييداً أو معارضاً له فله ذلك الحق، مادام في إطار من الاحترام المتبادل، والتركيز على الأفكار لا الأشخاص.
ولكني بمقالي أبدي رأيي الشخصي وما أؤمن به دفاعاً عن جميــــع الكتاب والمفكرين في هذا الموقع أو في غيره، ويشهد المتابعين لي بالموقع أني شجعت وأشجع الكثيرين من شباب الكتاب، ولا أقول صغارهم. فأنا أعتقد أنه ليس بين عمالقة الأدب في العالم من وُلِـدَ كاتبأ، ناهيك عن كاتب كبير ناضج مصقول.
تقدير الرأي وتقدير صاحب الرأي أمران، رغم أن كل منهما يضفي على الآخر بعض التأثير إيجابياً أو سلبياً، إلا أن كل منهما مستقل تماماً عن الآخر. فالرأي الصائب يضفي لمعاناً على الكاتب حتى لو كان كاتباً غير مصقول، كما أن الرأي الشطط يضفي عتامة على الكاتب المتألق.
ولكن ليس هذا معناه أن الكاتب المغمور سيسطع نجمه في سماء الكلمة والشهرة بين يوم وليلة بمقال جيد واحد أو رأي صائب واحد رغم العديد من توافه مقالاته وسطحيات آرائه. فما ذاك المقال أو الرأي إلا سهم من غير خبير أصاب بغيرقصد، أو كما يقال "رمية من غير رام".  وليس معنى ذلك أيضاً أن الكاتب المتألق سيسقط نجمه من سماء الكلمة والشهرة بمقال به خطأ ٍ أو رأيٍ غير صائب. فما ذاك المقال أو الرأي إلا رمية رام ماهر خابت، أو كما يقال "كبوة فرس" و"لكل فرس كبوة".
من يحكم بعكس ذلك ينسى أن كلاهما "إنسان" وكل حكيم في الحياة قد يخطئ أحياناً وقد يكون خطأه بغير قصد، وكل غير حكيم قد يصيب. أضف إلى أن كل انسان له رأيه، وله حقه في إبداء ذاك الرأي في كتاباته بلا خوف من معارضة أو هجوم لآرائه، لا لشخصه. فكما أنه لكل إنسان حق حرية التعبير، فله أن يعلن أو يكتب رأيه مهما اختلف فيه جميـــــع الناس. فالمفروض والمتوقع أن كل رأي في رأي مُقَدِّمٍهِ "صواب" وله أسبابه ولديه ما يدعِّمه من خلفيات أشار إليها صراحة أو تلميحاً تبعاً لحساسيتها، وإلا ما كان قدَّمَهُ.
وإلى جانب مضمون المقالات من الآراء فهناك النهج والأسلوب حيث أن لكل كاتب نهجه وأسلوبه، كما أن لكل كاتب لونه في الموضوعات التي يكتب فيها: اجتماعية أو سياسية أو اقتصادية أو قصصية أو شعرية.. ألخ. هناك ملايين أحبت طه حسين أو عباس العقاد أو احسان عبد القدوس أو نزار قباني مثلا، وهناك ملايين لم تحبهم. وكذلك ملايين أحبت محمد عبدالوهاب أو فريد الأطرش أو أم كلثوم أو عبد الحليم حافظ مثلا، وملايين لم تحبهم. هدفي من هذا أن الناس أذواق في مشاربهم، والقراء أو "السَمِّيعة" أحرار فيما يستذوقون، وأحرار في تعبيرهم عن شعورهم بالمحبة أو النفور.
وليس منطقياً أن يُتَّهَم الملايين التي توافقت أذواقهم وآراؤهم في حب هذا أو رفض ذاك بتكوين "شلل" أو "شللية". كما لا يصح اتهامهم بـ "النفاق" أو "المراءآة" أو "التملق" في تأييد هذا أو ذاك أو تفضيل هذا أو ذاك. واتهامهم بذلك ضرب من الغباء والحماقة والسطحية، وربما سوء النيِّة.
في الشرق العربي الاسلامي كان قمع الكلمة الحرة المتنورة سلاحاً للحكام والأحكام الدينية التعسفية المتطرفة، وكان الاتهام بالزندقة أي الانحراف عن الدين وسيلة سهلة ضللوا بها الجهلاء والغوغاء وهيجوهم وحرضوهم ضد المفكرين والعلماء والشعراء والفلاسفة حتى قاموا بحرق كتب الغزالي وابن رشد والأصفهاني، وتكفير ابن الفارض والفارابي والرازي وابن سيناء والكندي والغزالي وأبي العلاء المعري وحبسه، ونفي ابن المنمر وقتل الطبري وابن حيان والسهروردي، وقتل الحسين بن منصور الحلاج صلباً، وقتل الجعد بن درهم مذبوحا، وقتل لسان الدين بن الخطيب وحرق جثته، وقتل أحمد بن نصر وتعليق رأسه والدور به في الأزقة، وقتل ابن المقفع بعد تعذيبه بأبشع أنواع التعذيب وقطع أوصاله ثم شويها أمامه ليأكل منها قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة. كل هذا وغيره تم باسم الدين، وليس به من رحمة الدين وعدالته ذرة.
تلجيم الكتاب والمفكرين، وقمع الكلمة الحرة مهما اختلفنا في تذوقها، واستقطاب الرأي في منوال واحد ولتيار واحد، خطأ كبير، بل جريمة حضارية غير إنسانية وعقبة في تطور الحياة وتقدم البشرية. فلنتعلم من الدول الغربية المتحضرة المتقدمة التى تجاوزت فترة التكفير والارهاب الديني، ونفضت عنها عباءة التطرف والتشدد العقائدي إلى الإنسانية والمدنية، وما زالت محتفظة بقدسيات الأديان.
يحضرني قول كاظم فنجان الحمامي "كانت تهمة الزندقة هي السلاح الوحيد الذي حمله أعداء الحقيقة ضد العلماء والمفكرين في كل زمان ومكان، وهم الذين زرعوا بذور الشك والريبة في المجتمعات الناهضة، فنمت أشجار الجهل والتخلف في وديان الظلام."
حساسية الأمر... أن لنا مقدسات في مفهومنا وقلوبنا نودّ أن تظل مقدسة ولا يمسسها أحد من داخل أو خارج صفوفنا، فهي خط أحمر. ولكن النقطة الجوهرية هي أن هذه المقدسات لاهوتياً في يد الله، والله وحده قادر أن يحميها. وبشرياً هي في يد بشر وقد يخطئ البشر وقد يهملوا فيها. النقطة الأخرى، أننا معظم كتاب ومعلقي الموقع مقيمون بخارج مصر. ربما سمعنا من أقاربنا وقرأنا ورأينا في الميديا الفضائيات بعض ما جرى وما يجري بمصر. ولكن بيننا من هم مقيمون بمصر يعيشون حياتهم بمصر ويعانون مما جرى وما يجري بها. فهم بلا شك يعلمون أكثر مما نعلم. وشهادتهم في الكثير من الأمور الحساسة لو أتحنا لهم الشهادة أقوى من شهادتنا.
******
مهندس عزمي إبراهيم

ديوان لجرمانوس جرمانوس: حطّاب الكلمات حيث الشعر للمحبرة خيّال/ شوقي مسلماني

"بسهر أنا ويّاك لطلوع الحمام" مجموعة شعريّة للشاعر بالمحكيّة اللبنانيّة جرمانوس جرمانوس بعد ترحال لا ينتهي من الرسم بالكلمات ابتدأ بمجموعة "حطّاب الضباب" ثمّ "الريح إبره والشتي خيطان" ثمّ "ملقط ع منشر هـ البحر". مثلما دائماً يأتي الشاعر في مجموعته الجديدة من جهة الجبال العالية والطبيعة ذات الطبيعتين: الطبيعة بأشجارها وطيورها وورودها وزهورها وينابيعها ورياحها وشمسها وليلها ونجومها الماسيّة وأخضرها ويابسها، وطبيعة روحيّة، دينيّة مسيحيّة، تنهل كثيراً من انكسار النفس وعزّتها في آن، ومن مسبحة الدموع والخيال العالي في آن. 
يبدأ بالمحكيّة اللبنانيّة من حيث انتهى في دواوينه السابقة قائلاً: "فيّي حزن \ أكثر ما فيّي غْياب" بعد الإهداء "لـ إخوتي" ثمّ يقول في قصيدة "فقرا": ".. حطّوا الهدايا بالزوايا، والهدايا فاضيه \ ... \ عملوا السما مقدافهن \ وياسوع حدّن، بالمغاره، شافهن". 
المجموعة، إذا أصاب التعبير، سيرة ذاتيّة يطلقها تحت الشمس شاعر يختزن من الماضي الكثير، وتأتي هذه السيرة الذاتيّة الشعريّة الغنيّة جدّاً مرّة على هيئة التماعات ومرّة مثالاً لا حصراً على هيئة حكايات كلّها جياد، فيقول بلسان حاله: "وكانت الدنيي بعيدي بَرْمتا \ قرِّبْ على طراف الهوا وإرجع" وذاته بخيال محلِّق يقول: "والأرض نجمه عاليه تغيب وبتلمع". 
أمّا عن جدّته فإنّه يقول في قصيدة بعنوان "ستّي": ".. ويبقى معها ملقط عشب \ تنقّي حواجب وردتا ع سطيحتا" جدّته ذاتها التي "شَعْراتها بمشط الشمس بتمشّطهن \ بسّ العمرْ طلّع هوا عالي" وذاتها التي رحلت إلى الأبديّة : ".. وليلتا! جابولها الرعيان ندّابة تلجْ عَ غيبتا". 
وفي قصيدة تحت عنوان "مْنام قدّ الكفّ" عن أمّه: "وتقعدْ تمشّطني بمرجوحة حبال حكايتا" ويقول: "أوّل ما إمّي خبزتلنا ع لمعة البرقه" ويقول: ".. وكان كلما الشوك يُجرحلا إجريا يصير الجرح خلخالها". 
في أطول قصائد المجموعة وهي بعنوان "سرّك حلو" في تسع صفحات: "هـ القصيده قدّمتْ جوزف حرب بموعد جورج يمين الثقافي بإهدن" تهبّ كثيراً نسائم المودّة والصداقة والإمتنان. ويخاطب جرمانوس صديقه صاحب "المحبره" و"إسوارة العروس" جوزف حرب قائلاً: "من وين جبت المحبره لـ فيها الشِعر خيّال؟" إلى أن يقول له: "دقّيتْ ع بابك \  أنا وأيلول \ صرنا نبيد".
ثمّ قصائد كثيرة في الشوق والهيام بالتي يقول فيها: ".. وتمّها طالل شفق \ نسيتْ عليه الشمسْ إصبع جمرتا". 
في المجموعة الجديدة عن راهبة وعن فيروز ومناهل موصولة بالشاعر حياتيّاً، وجميعها في صميم تكوين سيرته الذاتيّة، وقد جاوز الأربعين، وصار له حقّ أن يبدي رأياً، وها هو في قصيدة: "محّاية النسيان" يقول في الشعر: "سنونو حامله وْراق الشتي \ نسّاك صومعة الحبر \ رمّان مكتبة الجمر .." وإذا لم يكن الشعر كذلك: ".. جبتْ محّاية النسيان ومحيتو". 
أخيراً هي مجموعة قمر ووتر: قمر هو "محبس الغيمه الرايحه ع العرس" ووتر "ماشي حَفَا عَ الصّوف بكانون" وهي الشاعر جرمانوس جرمانوس ذاته خاتماً المجموعة من جهته أيضاً قائلاً: "رْغيت دقني بالغطيطه وجيت"!.
حللتَ شعراً ووطئتَ يا جرمانوس أثيراً.  

لا للدولة الدينية/ أنطـوني ولســـن

منذ طرد آدم وحواء من الجنة والإنسان هائم على وجهه، محاولًا إرضاء الله ليغفر له ما ارتكبه من معصية عدم طاعته."قايين" هرب من وجه الله بعد أن قتل أخاه "هابيل" الذي قبل الله تقدمته لأنها إتفقت مع مطالبه "الله".. أن تكون التقدمة ذبيحة يراق دمها وتقدَّم على مذبح ليتقبلها الله.. فعل ذلك "هابيل" ولم يفعل مثله "قايين" الذي قدَّم تقدمته من ثمر الأرض ولا دم فداء فيها.
غضب "قايين" وقتل أخاه "هابيل" بدافع من الحقد والغيرة، وارتكب حماقة أخرى عندما سأله الله عن أخيه، فكان رده: «هل أنا حارس لأخي؟».. وصُعق عندما سمع صوت الله يقول له: «دم أخيك صارخ إليَّ». فتأكد أن هناك إله متطلع ويعرف خفايا النفس.
هام "قايين" على وجهه تاركًا خلفه الأرض والحرث والناس، متنقلًا من مكان إلى آخر وهو لا يعرف كيف يرضي الله أو يرضي نفسه ومن معه (طبيعي اصطحبه بعض من إخوته وأخواته لتعمير الأرض)..
مرت أزمنة وعصور وعهود، وانتشر الإنسان على وجه البسيطة يصارع الحياة وتصرعه، دائم العمل للوصول إلى الأفضل، خائفًا ومرعوبًا من المجهول الذي يتمثل في من يتحكم في مصيره وحياته وموته.. وتساءل عن ما بعد الموت.. هل حياة؟.. وما هو شكل هذه الحياة؟ هل فيها مأكل وملبس وتزاوج وإنجاب؟ وأين ستكون هذه الحياة؟ أهي على نفس الأرض التي ولد عليها وعاش ومات ودفن في أرضها؟ أم ستكون في مكان آخر لا يعرفه؟!.. أسئلة وأسئلة كثيرة كانت تطوف في عقول وأفئدة البشر. وبدأ الله يتفاعل معهم بإرسال رسل وأنبياء.. استمع البعض لهم، ورفض البعض الآخر ما كانوا يخبرونهم به عن العقاب والثواب، الجنة والنار.. إلى أن جاء الطوفان وغرقت الأرض بكل ما عليها ما عدا ذلك الفلك الكبير الذي بناه نوح طبقًا لتعليمات الله له.
عَمَّر أولاد "نوح" الأرض بعد الطوفان، وسُميِّت "مصر" على اسم "مصرايم" التي كانت من نصيبه. تميَّزت أرض "مصر" بميزات مناخية وتضاريسية قل أن تتميز بها أرض مثلها. سماؤها صافية، شمسها ساطعة، مناخها معتدل (حار جاف صيفًا، دفيء ممطر شتاءً). تحيط بها الصحراء كحزام واق من الأعداء، جبالها ليست بالجبال العالية، لكنها أيضا سياج واق، كما إنها تحتوي في باطنها على مناجم وكنوز عديدة ومتنوعة. يجري في وسطها نيل تجري مياهه من الجنوب إلى الشمال حيث تصب في البحر المتوسط لتطل منه على دول البحر المتوسط، وشرقًا تجري فيه مياه البحر الأحمر. أرضها غير وعرة، فسهل الترحال شمالًا أو جنوبًا، شرقًا أو غربًا. وهذا أعطاها ميزات أخرى عديدة إذ جعلها ممرًا آمنًا لكل الشعوب، وإن كانت هذه الميزات جعلت منها (مصر) مطمعًا للآخرين على مر السنين.
مع كل هذه الميزات التي حباها الله بها، لابد وأن يحدث تفاعل بين ساكن الأرض (المصري) وما يتمتع به، مما أتاح له فسحة من الوقت للتفكير في الكون والمجرات السمائية وشروق الشمس وغروبها وما يتبع ذلك في الفصول المناخية المختلفة. فبدأ يقسم السنة إلى فصول وإلى شهور وإلى عدد الأيام في كل شهر بعد أن حَّدد عددها في السنة. استقرت الأمور معه وزرع وحصد وأكل وشبع وشرب وارتوى، فحنَّ إلى معرفة الحياة والموت. وهنا بدأ طريق المعرفة والتي سبق بها كل الأرض دون مبالغة مني.
وصل إلى الله.. وأعطاه اسمًا.. "آمون" (القمر).. ورأى البعض من المصريين أن الله "رع" (الشمس).. حمي وطيس الخلاف بين المصريين حول عبادة "آمون" و"رع".. "أمون" إله الشمال و"رع" إله الجنوب، وكانت أول حرب دينية عرفها العالم وسجَّلها التاريخ.. تاريخ سكان "مصر" أحفاد "مصرايم".
استمرت الحرب التي استنزفت الكثير من طاقة "مصر" الحضارية والإنتاجية، وكان لابد من وجود من يوقف نزيف الدم الذي ينزف من أخين مزقهما الدين. جاء المخلص في شكل حاكم الجنوب "مينا" الذي استطاع أن يوقف نزيف الدم ويوحِّد القطرين، ولأول مرة عرف تاريخ البشرية لقب ملك الذي لقِّب به الحاكم "مينا"، الذي أصبح يلقَّب بـ"الملك مينا"، ووضع على رأسه تاجًا موحَّدًا للتاجين.. تاج الجنوب وتاج الشمال.
كان هذا أول عمل إيجابي بين الدين والدولة الممثلة في شخص حاكمها، الملك الذي وحَّد القطرين ودمج الدينين في دين واحد، أصبح اسم الإله "آمون رع". وإلى ملوك "مصر" الذين عرفوا بـ"الفراعنة" أي العظماء (ولا تجد في أي لغة في العالم معنى لهذه التسمية "فرعون، فراعنة" غير معني "عظيم أو عظماء"، إلا اللغة العربية التي عرّفت "فرعون" ب،"المتفرعن" أي "المفتري، المتسلط، الظالم").. حتى أن هناك مثل عربي يطلق على المفتري أو المتسلط لماذا هو هكذا بالقول "سألوا لماذا فرعون متفرعن، قالوا هو لقي حد يوقفه عند حده وما تفرعنش؟!!".
إتَّسعت المعرفة.. ومع المعرفة الاختراع.. ومع الاختراع الحاجة إلى التوسُّع.. فظهرت قوة جيش "مصر" الذي أخذ الغرب منه تشكيلات الجيوش الحديثة، حتى أنك تلحظ ذلك في وقفة "رمسيس الثاني" العسكرية، والتي ظهرت فيه قدمه اليمنى متقدِّمة إلى الأمام. مع الأسف قد تم إزاحة التمثال العظيم من مكانه عند محطة "مصر" في "القاهرة" إلى مثواه الأخير حتى لا يراه أحد.. لأنه تمثال لملك وثني كافر!!..
الإمبراطورية المصرية إتَّسعت وأصبحت إمبراطورية يدين لها بالولاء كثير من الشعوب والدول المجاورة.. جيش الإمبراطورية مُهاب.. وكلمة "مصر" مسموعة بين الأمم، والشعب المصري ينعم بحياة يملأها الأمل في الحياة الدنيا والحياة الآخرة.. ولم يغير المصري عبادته.. وعرف الكهنة عملهم الديني الطقسي دون التدخل في شئون الدولة. وهذا أكبر دليل على أن فصل الدين عن الدولة هو مفتاح النجاح لأي شعب يريد الحياة.. فقد تعلموا الدرس من تلك الحروب الطاحنة بين الشمال والجنوب بسبب الدين.
حكم "مصر" ملك وضع جُل همه معرفة الله الحقيقي.. الله خالق الإنسان والحيوان والسماء والأرض. إله أقوى من الشمس ومن القمر.. إله معرفة ومقدرة وسمع وفهم للإنسان.. إله يدعوه فيستجيب له.. يصلِّي إليه فتصله الصلاة مباشرة، لذا بنى معبده الشهير في مدينة "الأقصر" بدون سقف.. ملك ناجى هذا الإله بمزامير لا تجد فارق بينها وبين مزامير داود المعروفة.. إذن ذلك الملك عرف الله وإنشغل بتلك المعرفة عن باقي الحياة..
بدأ الطامعون من أعداء "مصر" ومن البلاد التابعة لـ"مصر" بالتمرد ومحاولات الانفصال.. كوارث بدأت تحل بـ"مصر" من كل الجهات.. وقائد الجيش لا يستطيع التحرك إلا بأوامر من الملك.
إتفق قائد الجيش مع الطبيب الخاص بالملك على أن يطلب الطبيب من الملك ترك الحكم من أجل "مصر".. وكانت أول ثورة ضد ملك "مصر"، وإن كانت ثورة صامتة لم يشعر بها أحد من الشعب، وإن كتبها التاريخ.
رضخ الملك لمطالب قائد الجيش الذي بعث بها مع الطبيب الخاص به (الملك). لم يكتب وثيقة تعهد بترك الحكم لا لابنه أو لزوجته أو لقائده ويظل حيًا يعيش بالبلاد أو يغادرها، إنما الطلب كان قاسيًا على الملك حتى تستتب البلاد.. فقد طلب الطبيب من الملك أن يقبل بتجرع كأس الموت المسموم!! قبل الملك ذلك بعد أن سأل الطبيب: هل سأشعر بالآلام بعد تجرعي السُم؟. فكان رد الطبيب: لا يا مولاي.. بل ستمضي في سلام من أجل مصر. بالفعل شرب الملك "أخيناتون" كأس السُم من أجل أن تعود لـ"مصر" سيطرتها وقوتها كما كانت قبل أن تنهار وتصير (ملطشة) بين الشعوب، بسبب تفضيل الملك للدين عن الدولة.
وما أشبه اليوم بالبارحة.. "مصر" تمر بأسوأ فترات حياتها المليئة بالأوجاع والآلام بعد أن صارت مطمعًا للآخرين، في ظل آخر ملوك الفراعنة العظام، الطفل الصغير الذي ترك أمور الحكم والحياة لكهنة تسلطوا على الشعب ولم يوجد بينهم من يهتم بشئون "مصر" التي أصبحت سهلة المنال من "الإسكندر الأكبر"، وإحتلالها بكلمة واحدة أعلن فيها للكهنة إنه ابن الإله "أمون رع" فَسُلّمت "مصر" له  . وتوالت الغزوات.. فهل ستصير "مصر" لقمة سائغة لآخرين لا ولاء لهم لا لـ"مصر" ولا للشعب المصري، بل يريدون الحكم، فعاثوا في الأرض فسادًا باسم الدين؟.. كفَّروا من كفروا من المصريين (مسلمين ومسيحيين) باسم الدين، باعوا شرف "مصر" لمن يدفع باسم الدين، ضربوا "مصر" بآفة الفتنة التي بدأت ثمارها الضارة تظهر واضحة في جميع مناحي الحياة باسم الدين؛ حتى يسهل عليهم إنهاء فترة الهدنة المقامة بينهم وبين الدولة.. الدولة الممثلة في رئيسها وحكامها الذين تركوا الحبل على الغارب لرجال جُل همهم حكم "مصر" باسم الدين، والدين منهم براء.
قد يسأل ساءل: هل الدولة اللا دينية أفضل من الدولة الدينية؟ الإجابة بسيطة جدًا.. عانت "روسيا" من الدولة اللادينية لمدة قاربت من السبعين عامًا وأكثر لتحكم الحزب الشيوعي الحاكم في البلاد بما فيهم رئيس البلاد، وما أبشع قصة "ستالين" الرجل الحديدي الذي ضحى بزوجته محبوبته خضوعًا لمطالب الحزب بقتلها.. وأفاق الشعب الروسي بمساعدة "أمريكا" على العودة إلى الدين.. وليس الدولة الدينية.
"تركيا" قاست وقاست معها كل الدول التي كانت تخضع لها ولمدة (500) سنة من حكم الخلافة باسم الدين، وجاء "أتاتورك" وفصل الدين عن الدولة وأصبح لها كيان.
قاسى الغرب في عصور الظلام من حكم البابوات القائم على الدين، إلى أن وقف "مارتن لوثر" الأسقف الكاثوليكي في وجه البابا وأحرق قرار الحرمان أمام الشعب واختفى عن الأنظار، ليقوم بترجمة الكتاب المقدس إلى اللغة الألمانية ليقرأ الشعب ويفهم مسيحيته وإيمانه المسيحي، وسُمِّي أتباعه بالبروتستانت أي (المحتجون).
فهل "مصر" استفادت من تجربة الدولة الدينية.. ولو بالاسم فقط؟. نعرف أن "عبد الناصر" و"السادات" و"حسين الشافعي" و"كمال الدين حسين" كانوا ضمن تنظيم الإخوان المسلمين أو على الأقل البعض منهم . ونعرف أيضًا أن "عبد الناصر" أطاح بهم لأنهم كانوا شوكة في ظهره للصراع علىي الحكم، ثم تولَّى مقاليد الحكم وتحويل "مصر" إلى دولة دينية. ونعرف بقية القصة وما فعله "عبد الناصر" بالإخوان، ونعرف ما فعله الرئيس "السادات" معهم.. ونعرف ما فعلوه به.. ونعرف أن الرئيس "مبارك" و الصراع بين الحزب الوطني الذي كان يترأسه  والإخوان المسلمين المهيمنين على الأغلبية من الشعب المصري باسم الدين والتمسك بالحكم. ومبارك متمسك بالحكم وبقاء الحزب الوطني على ما هو عليه من فساد، وهم " الأخوان " مصممون  على تولي الحكم ويستخدمون كل وسيلة مباحة أو غير مباحة باسم الدين؛ للإطاحة بالحكومة والحكم. وقد نتج عن هذا التمسك بالحكم خراب "مصر"، وتجويع الشعب المصري، والتفرقة بين أبناء "مصر" باسم الدين، وانهارت القيم الأخلاقية وضاع حب "مصر" من قلوب أبنائها، كما فقدت "مصر" مكانتها بين الأمم ولم يعد لها وزن ولا ثقل لا بين الدول العربية والإسلامية ولا الدول الغربية.
وقامت ثورة الشعب المصري في 25 يناير 2011 ، وتخلى مبارك عن الحكم . وتولى الأخوان الحكم بمساعدة أميركا ورئيسها أوباما بعد إنتظار طال من جانب الأخوان  وفرصة للرئيس الأميركي لتحقيق حلمه بما سُميّ بالربيع العربي الذي وضح أمره والأفضل أن نسميه بالخراب العربي .
 ا لتوتر بين أبناء "مصر" قائم.. وبركان الغضب يغلي ويكاد أن ينفجر.. وقد يستغل الإخوان هذا الوضع لإلهاب نار الفتنة بين أبناء "مصر" من مسلمين ومسيحيين باسم الدين، معلنين الفتنة الطائفية والتي هي في الحقيقة فتنة شعب تمزَّق بين حزب حاكم فاسد وبين جماعة الإخوان المسلمين المحظورة.. ودافع الثمن هو الشعب المصري. ونعود إلى انقسام "مصر" إلى شمال وجنوب باسم الدين بمسمى جديد "أقباط ومسلمين".. وعلى الشعب أن يقاسي حتى يأتينا قائد بطل مثل الملك "مينا" ويقضي على الفتنة ويوحِّد القطرين في تاج واحد يضعه فوق رأسه . ولا أظن أنه سيوجد من يضحي بنفسه (بالموت) كما فعل الملك العظيم "أخيناتون" .  لكن الحقيقة أن مصر في أشد الحاجة إلى قائد يملك القوة ومحب لمصر كما فعل قائد الجيش في عهد الملك أخيناتون ليقوم  بالسيطرة على المتسبب في الفتنة باسم الدين وإعادة "مصر" إلى سابق عهدها وأفضل، وفصل الدين عن الدولة.
هل هذا ممكن.. أم مستحيل؟!! أنا فقط أسأل.. لأني لا أملك سوى السؤال والدعاء لـ"مصر" ولكل المصريين حتى يهدي الله الحكومة والحاكم، والمتطرف والمتشدد باسم الدين، حتى لا يكفر الدين الدولة، ولا تقضي الدولة على الدين.
صلوا معايا.. وقولوا.. آمين.
وإهتفوا "لا للدولة الدينية" و"نعم للدولة المدنية". ومما لا شك فيه أن التدين للناس أفضل بكثير من الإلحاد، ولا يوجد دين أتباعه كفرة ولا دين أتباعه مؤمنين، وياليتنا نهتم بالإنسان المصري الذي عانى ويعاني الكثير على مر العصور وإلى الآن، ولا نعرف إلى متى في الزمان القادم والمجهول . مصر لا تحتمل ما يحدث لأبناءها هذه الأيام من غُبنٍ وفرقة وضياع بسبب حكام يتخذون من الدين سلما يصعدون عليه للحكم وفرض أنفسهم  فرضا على الشعب المصري . الأحداث متلاحقة ولا تطمئن بالخير وسوف نتناولها بمقال أخر بإذن الله . خاصة كل ما يخص ما أطلقوا عليه " اعلان دولة الأخوان المسلمين في إقليم قناة السويس " . القناة التي دفع المصريون ثمنا باهظا من دماءهم عندما حفروها . ومما يثير للجدل ما أُشيع من أن القوات السلحة " ماعندهاش أي مآخذ عن هذا المشروع  ". سوف نتناول هذه الأمور بتفاصيل أكبر بعد إيضاح الرؤية . أختم بتساؤل أين قواد الجيش المصري الأن من الدولة الدينية ، من قائد الجيش المصري في عهد الملك أخيناتون أول إنسان أمن بالقوة الإلهية وأراد نشر دينه الجديد ؟؟

أفكار فلسفية حول مشروع الدستور/ زهير الخويلدي

"يتعلق الأمر إذن بإيجاد شيء له هذه الكثافة والوضعية التاريخية وهو من نظام القوة وليس من نظام القانون، وهو من نظام التوازن وليس من نظام الكتابة"[1]
لعل الغرض الأول من هذه التجربة التفكيرية هو البحث عن المغزى الفلسفي من كتابة الدستور في المنعطف السياسي الذي يمر به المجتمع  المدني والوسيلة الهرمينوطيقية التي نستعملها في ذلك هو نص مطول للفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو من كتابه: يجب الدفاع عن المجتمع، وهو عبارة عن دروس كان قد ألقاها في الكوليج دي فرنس يوم 3 مارس 1976 بعنوان "الدستور والثورة والتاريخ الدائري"[2].وعلى الرغم من أن السياق الذي ورد فيه النص مختلف ويتعلق بنزاع معين ومعركة سياسية جرت في القرن الثامن عشر ميلادي وبالرغم من الأهداف السياسية المرجوة منه قد تجاوزتها الصيرورة التاريخية إلا أن ذلك لا يمنع استعمالنا لبعض المفاهيم والرؤى النقدية التي وردت فيه والتعامل بايجابية مع مضامينه في علاقة بلحظتنا الراهنة.
الثلاثية المشهورة التي يركز عليها ميشيل فوكو تحليله للوضعية السياسية للثورة هي الكلام والعمل والحياة. الأولى هي الظاهرة اللغة في علاقة بالأمة والهوية والثانية هي الهيمنة في علاقة بالطبقات الاجتماعية والمعارك التي تنجر عن الاقتصاد السياسي والثالثة هي الاشكالية البيولوجية وتركز على العرق والانتقاء وتستعمل تكتيك الخطاب التاريخي وسلطة المعرفة.  الاشكال الذي نطرحه هنا اثناء مساءلتنا لهذا النص هو: ما الحاجة الى دستور بعد كل ثورة اجتماعية أو انتقال سياسي؟ وماهي مبررات وضعه؟ ومن هو المخول له وضع الدستور؟ وهل يتعلق الأمر بتنظيم الشكل المشترك للمعركة السياسية أم بإضفاء المعقولية على التغيرات والتحولات التاريخية ؟ هل يعيد الدستور المقترح تنظيم علاقات القوة في المجتمع وتوزيع السلطة على أسس جديدة أم يستأنف الخط الاستراتيجي لكل المعارك بين المتخاصمين في الحق السياسي؟ ألا يفضي بنا ذلك الى الوقوع في تعميم خطاب التاريخ وتعميم الصراعات؟
والحق أن اللحظة التاريخية التي نمر بها تجعل المشهد السياسي يتكون من حسابات سياسية انتخابية تتعلق بحرب المواقع واقتصاد السلطة والمنفعة المادية ومن تحالفات طبيعية على أساس التقارب الفكري والالتقاء الموضوعي ونوايا أخلاقية طهرية عند قوى تجنح نحو العفو والصفح والمصالحة ومن رهانات ايديولوجية غير معلنة وتصفية حسابات ورغبات منسية في المواجهة وأشكال انتقام مخفية. لقد حدث انقسام أخلاقي في التاريخ بين المجموعات السياسية والطبقات بين القديم والجديد وبين الثوري الجديد والراكب على الثورة ولذلك يجدر بنا اعادة رسم الخط الاستراتيجي بين الفرقاء ومواصلة تكتيكات المواجهة بأساليب غير عنفية وطرق مشروعة.
بناء على ذلك تكون الحاجة الى وضع دستور مسوغة من الناحية التاريخية والمنطقية والأخلاقية ولذلك من أجل اكتشاف مبادىء القانون المشترك بالنسبة الى الأمة وإعطاءها الصرامة اللازمة وقابلية التطبيق والاحترام من طرف المواطنين وبغية تعريف السياسة بوصفها فعل الحرب بطرق ديبلوماسية والحيلولة دون الموت العنيف والمباشر للبشر. لكن الدستور هو سن جملة من القوانين تعمل على اقامة الانسجام والتوازن والتوافق والتناسق في العلاقات بين الأفراد؟
يرى ميشيل فوكو أن الدستور هو "النقطة المؤسسة" أو "اللحظة التأسيسية" وهي لحظة فارقة في تاريخ "الجماعة السياسية"  ينقلها من "زمن التوحش" الى "زمن التمدن" ويرفض بالتالي أن يكون الدستور هو مجموعة القوانين التي تم تشكيلها من طرف هيئة او مجلس او مجموعة خبراء في لحظة تاريخية معينة ويرفض كذلك أن يكون الدستور حصيلة اتفاقية قانونية مؤسسة بين الحاكم والمحكومين حصلت في زمن قديم ويتم الابقاء على صلوحيتها والمحافظة على الميثاق.
ما يهم في المشروع التحليلي لعقلانية التاريخ عند فوكو ليس العنصر الأول والثاني أي استئناف الخط الاستراتيجي ورسم خط التقسيمات الأخلاقية بل العنصر الثالث وهو اعتبار لحظة كتابة الدستور بمثابة "اعادة تأسيس استقامة شيء يمكن أن نسميه النقطة المؤسسة للسياسة والتاريخ"[3]. فكيف يكون ذلك ممكنا؟ وكيف يكون الدستور حصيلة انكسار في التاريخ من جهة ونصا متعاليا عليه من جهة أخرى؟ لماذا نستعمل التاريخ لكتابة الدستور ونؤمن بعلوية الدستور على التاريخ؟
يحاول فوكو أن يفهم فكرة الدستور كما وردت في الأدبيات التاريخية والسياسية بطريقة تختلف جذريا عن رؤية رجال القانون ووعاظ الأخلاق ويسترشد بالتصور الطبي والمفهوم العسكري. فيعلن : "لن يكون الدستور مجرد هيكل قانون أو مجموعة من القوانين ولكن علاقات قوة، ومن البين أن هذه العلاقات لا يمكن اقامتها او تأسيسها من العدم...(بل) عندما يكون هنالك شيء مثل الحركة الدائرية للتاريخ ....شيء يمكن أن يحرك التاريخ حول نفسه ويعيده الى نقطة بدايته"[4].
من نافل القول أن يكون هذا الشيء الذي يحرك التاريخ ويعيده الى نقطة الصفر ويعلن لحظة الولادة والبدء الجديد هو الثورة وذلك ضمن فلسفة التاريخ الدائري تؤمن بالانفصال والانكسار ومرور الحضارات والدول والمجتمعات بثلاثة لحظات دائرية وهي التشكل والازدهار والتقهقر.
في البداية يفهم فوكو مثلما يفهمه الأطباء ويرفض التماثل الثابت والتوافق المتساوي الذي يبحث عنه القانوني ويقترح علاقات قوة بين الخير والشر وبين المنفعة والضرر والربح والخسارة بلغة حربية عسكرية ويبحث عن التوازن بين المتخاصمين وفق لعبة التناسب بين المتنافسين. كما يطمح الدستور الى تكثيف وإقامة علاقات قوة أساسية تكون كفيلة بمنع النزاعات وإحلال السلم.
" يتعلق الأمر  بوضع دستور يكون مقبولا ليس بإقامة القوانين القديمة، ولكن بشيء سيكون ثورة القوى- ثورة بمعنى الانتقال من اليل الى النهار ومن النقطة السفلى الى النقطة العليا"[5]. وهذا المطلب لن يتحقق إلا بالعزوف عن القوانين القديمة سواء أكنت اللاهوتية او الوضعية والكف عن التأسيس النهائي للقوانين المستعادة في وضح النهار والنظام المتفق عليه والمزاوجة بين التصور الخاص بالثورة ومطالبها والتصور الدستوري الوليد المختلف من رحم التحولات.
هكذا توجد ثلاثة شروط لامتلاك الدستور حق الأهلية والمشروعية التأسيسية وتتمثل في الكثافة والثراء واللاّنفاذية في علاقة باللحظة التاريخية والرضا العام من قبل المجموعات في علاقة بتوازن القوى والخيرية والحقيقية في علاقة باحترام النزعة الطبيعية وتبني السياسة الحيوية.
هكذا لا ينبغي أن نبحث عن النقطة التأسيسية في القانون ونناهض الطبيعة بل نحي صوت الطبيعة بوصفها نور الشمس الذي يضيء الأرض ويبعث الأمل والحياة في الجسد الاجتماعي[6]. فكيف يعمل الدستور على تأسيس نظام سياسي يحافظ على حياة الناس ويسمح لهم بفائض من الحرية؟ وأليس بالتوازن والتبادل في الثروات والقوانين بين الناس تتأسس السيادة والمواطنة؟
المرجع:Michel Foucault,  « Il faut défendre la société », édition Gallimard, Paris, 1997
ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، ترجمة الزاوي بغورة، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2003.
[1]  ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، ترجمة الزاوي بغورة، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2003، ص.195.
Michel Foucault,  « Il faut défendre la société », édition Gallimard, Paris, 1997.
 [2]  ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، صص.192-213.
[3]  ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، ص.194.
[4]  ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، ص.195.

[5]  ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، ص.195.
[6]  ميشيل فوكو، يجب ىالدفاع عن المجتمع، ص.196.