لعله يعود/ فاطمة الزهراء فلا‏

أرسلت شدوي للبلابل
وفي المدي تاه النغم
كنت أخاف أن يكشف سري القمر
وتذاع علي الهواء الهمسات والقبل
ويصل همس الشفاه للطيور
وينتشر كالنار الخبر
فيزوجوني لأول طارق
علي باب أنوثتي يدق
ويضيع في العمر السكن
فلا تعاتبني ولا تحاسبني
بل حاسب الظروف والزمن
ولا تسلني عن ضعفي وخوفي
والوعود والأماني التي نقشناها
علي الدرب في لحظة جنون
لم يبقي منها سوي زهرة
وحفنة من دموع وعدم
مسافات طويلة تفصل الآن بيننا
بحجم عذابات السنين والألم
والثلج الذي تراكم علي الشعر
يعلن الخطر.....
فأرجوك تلاشي من دربي وحلمي
وكن كابوسا أكرهه
وبين ضلوعي كن.. قلب من حجر
لا تسلني عن أبي ولا تسلني عن أمي
ولا عن حجم مأساتي وهمي
وانتحابي في المساء
ساعة شوق وتمني
ودفاتري ملآي بأغنياتي في الربيع
فأرجوك دعني وشأني
أبكي أو أرقص أو أغني
سئمت نومي مبكرا
وسئمت الوحدة
 رغم وجودي بجوار آخر
عن مشاعري أيضا أصمت ودعني
لكني حين تداهمني بحلمي
أستيقظ وأضع كحلي بعيني
واسترق السمع لنبضي
لعله عاد بعد أن هاجر بعيدا عني
هات يدك وهدهد كعادتك ثغري
وابعث مع الرياح أنغامي ولحني
وسري بهمسك عني
فغربتك أنين استكان بحدقات عيني
وأعود أسأل من أضاعك مني ؟
 

أدباء الدقهلية يحتفون بالمجلة وأسامة عفيفي/ فاطمة الزهراء فلا‏

لم أكن أدرى أن مجلة المجلة تمتلك هذا التاريخ الإبداعى الحافل والمشرف وأن من قام برئاسة تحريرها قامات إبداعية كبيرة ، حاول كل واحد أن يضيف إليها من إبداعه ، وفى جمع ثقافى كبير وبحضور.. فؤاد جحازي ومحمد خليل وفكري داوود وعبده الريس, والحسيني عبد العاطي , ووليد فؤاد ومحمد عبد الحافظ رئيس إقليم  شرق الدلتا الثقافي الذي نظم احتفالية كبيرة احتفاء بمجلة المجلة,و التقينا بالكاتب الصحفى الكبير أسامة عفيفى رئيس تحرير مجلة المجلة  وبقلب مفتوح تحدث كيف يحاول فى كل عدد أن يرتقى بإبداعه  الصحفي واعتراف بأن لولا الأسماء الكبيرة التى حملت على عاتقها مسئولية تحرير المجلة ماكان القارئ إستطاع أن يجدها شهريا بين يديه, ولقد فتحت عينى وجدت المجلة ..ووجدت رجلاً فيها يجب أن يتعرف عليه الشباب وهذا الرجل الذى لازالت بصمته موجودة على المجلة هو د.محمد عوض محمد - كان رجلاً مشهوراً فى الأربعينات ,وهو أول من ترجم "فاوست "، وأول من قدم دراسة عن النيل باللغة العربية وبالمناسبة هو الرئيس المباشر لجمال حمدان وكان يدرس مادة ( الأمن المصرى ) فى الجيش المصرى وهو بالمناسبة أحد رجال الجغرافيا ، وأول من كتب باللغة العربية عن الأستعمار 1950 وأعادت وزارة التربية والتعليم طبعه تحدث أيضا عن الفنان حامد عبد الله حينما ذهب إلى فرنسا قال "إنما جئت لفرنسا لأعلمها الرسم وليس لأتعلم منها الرسم .
أما الذى جعل المجلة تتوهج فكان الكاتب الكبير فتحى رضوان وهو أول من أسس وتولى وزارة الثقافة وبعد ه جاء ثروت أباظة ، أعود مرة أخرى لمحمد عوض الذى كان يمتلك ثقافة رفيعة ، وكان مستقلا ولم يكن حزبياً ، وكان كاتبا مهما لم يستند إلى حزب يحميه وأسس مجلة المجلة عام 1957 قدم فيها أعمالاً لم يكن أحد يسمع عنها مثل قصة "لماركيز " ، كان يقدم أعمالاً تمثل ثقافة العالم , كما ذكر أسامة عفيفى أن المجلة فى أعدادها الأولى كانت زاخرة بثقافات الشعوب ، كذلك تولى رئاسة تحرير المجلة الناقد الكبير الدكتور / عبد القادر القط لمدة سبعة أشهر فقط
ثم أصدر السادات قرارا بالغاء خمس مجلات منها المجلة وأبقى على مجلات الطليعة والكاتب والفندق وكان الغرض من إغلاق هذه المجلات إطفاء المصابيح الثقافية , ثم نأتى بعد ذلك لبصمة الأديب الكبير يحى حقى على مجلة المجلة وكلنا نعرف أنه كاتب ودبلوماسى ومفكر وهو واحد من مؤسسى المؤسسات الثقافية وكانت تحمل اسماًهو "مصلحة الفنون "ليديرها يحى حقى ثم توالى على رئاسة تحرير المجلة شباب مصر.... زكريا الحجاوى ،وعلى الراعى ، عثمان أبو العنين الذى جمع التراث الشعبى وأسس أول مركز للفنون الشعبية بعد ثورة 1952 وكان نتيجة لعصر المعرفة الذى حارب ظواهر التخلف والتعصب وصور الماضى الكئيب .
عندما تولى يحى حقى رئاسة المجلة كان هناك تيار أدبى وكان بداية حقيقية لجيل الأقاليم الذى كان يرسل إبداعه بطابع بوسته وينشر الاباع إن كان جيداً دون أن يعرف رئيس التحرير شكله وفى هذا أنصاف وعدل ومن الطرائف أن الكاتب رجب سعد السيد وكان لايزال شابا فى بداية حياته أرسل له إبداعا كما كان يتخيل ساعتها ..فأرسل له يحى حقى رسالة ردا عليه ولم يهمل رسالتة ..
قائلا :- عزيزى رجب, وعن سريع صديقى وعن قريب زميلى أنا واثق .. يا رجب قرأن كل قصصك بلذة كبيرة .. لديك الموهبة - أدعو الله أن يحفظها لك ،ومع ذلك لم ينشر له بل نشرها له فى جريدة العمال وهذا تأكيدا لوعده بأنه سينشرها له , أيضا من الذى تولي رئاستها - نعمان عاشور ونجيب سرور, وهنا يحضرنى موقفا - أن نجيب سرور حين كان يتولى منصب الرقابة على السينما ثم تم رفض عرض فيلم باب الحديد ثار ثورة شديدة واتصل بفتحى رضوان وكان وقتها وزيرا للثقافة بأنه يريد أن يذهب بالفيلم ليراه عبد الناصر وبالفعل ذهب لمنشية البكرى وعرض الفيلم بعد أنه تدخل يحي حقى
قائلا :- أنا المسئول وهنا عظمة المسئول وتفاعله مع الحدث وحينما شاهد عبد الناصر الفيلم قال :- هذا الفيلم يطالب بمبادئ الثورة
تطرق أسامة كذلك لما أسموة "دجاج الحظيرة " وهو تهميش المثقفين ووضعهم فى حظيرة، لكن هناك كتابا حقيقيين لم يشتريهم النظام فى أعوام 1970/1980/1990/
ولم يستسلموا للحصار وظل إبدعهم كماهو وتوالت المداخلات من الكاتب الكبير محمد خليل الذى طالب بنشر الإبدع لأن الموجود قليل إذا ما قورن بالنقد والدراسات علماً بأن لانقد بدون إبداع فالعملية مكملة .
ومن المفاجأت الرائعة فى الحفل المطرب المتمكن أدهم سليمان الذى تغنى بالفصحى فكدنا أن نتسامى .

الميزانية الإسرائيلية بين التهديد والأمن/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لم يسبق لأي حكومةٍ إسرائيلية أن فكرت في تخفيض ميزانية وزارة الدفاع، أو تقليص نفقات الدفاع والأمن فيها، بل تقوم كل حكومةٍ إسرائيلية جديدة برفع ميزانيتها، وإضافة بنودٍ جديدة لها، وإطلاق يد وزير الدفاع ورئيس الأركان لتطوير قدرات الجيش الدفاعية والهجومية، وتمكين الأجهزة الأمنية من تحصين الدولية، واختراق حصون الدول العربية وغير العربية، وهذا ما حدث بالضبط في ميزانية العام الماضي، إذ كانت ميزانية وزارة الدفاع هي الأضخم في تاريخ الدولة العبرية، ما يعني أن الميزانية العسكرية الإسرائيلية في ارتفاعٍ مستمر، وزيادة مطردة، بحجة أن الكيان الصهيوني يواجه أخطاراً حقيقية من بعض الدول العربية، ومن قوى وتنظيماتٍ "إرهابية" تستهدف وجودها، وتسعى لتهديد أمنها، والمساس بحياة مواطنيها، ما يوجب على وزارة المالية الإقرار دوماً بحاجة وزارة الدفاع إلى إضافاتٍ جديدة، واستثنائها من أي تقليصاتٍ أو إجراءاتٍ تقشفية تطال وزارتٍ وهيئاتٍ أخرى.
تعتبر الجهات الرسمية الإسرائيلية أن أي مساسٍ بميزانية الدفاع والأمن، يعني المساس بقدرة الجيش الإسرائيلي، وتعريض هيبته وتفوقه للاهتزاز، والتأثير على القدرات الاستباقية للجيش التي تقوم على نشاط وفعالية جهازي المخابرات الخارجية "الموساد" والاستخبارات الداخلية "الشين بيت"، وكلاهما في حاجةٍ إلى ميزانيةٍ سنوية كبيرة، تكون قادرة على تغطية نفقات واحتياجات الجهازين، لضمان الوصول إلى حصانةٍ أمنية عالية، وهو ما يحلم به وزير الدفاع الجديد موشيه يعالون الذي دخل الحلبة السياسية مهدداً بمواجهة تحدي الجبهات الشمالية والجنوبية، وتلك التي تستهدف الكيان كله من الجهة الإيرانية، لكنه يعلم أن عمليات جيشه العسكرية في المناطق مكلفة جداً، ولا يستطيع الجيش الاستمرار فيها في ظل أي تقليصات تطال مشترياته، أو تدريباته، أو نفقات الطلعات الجوية، وكلفة الأسلحة المستخدمة، والنفقات الجديدة للقبة الفولاذية.
وعلى الرغم من ذلك يبدو أن الكنيست التاسعة عشر ستتوقف لأول مرةٍ بجديةٍ أمام الميزانية الضخمة لوزارة الدفاع، والتي قد تزيد عن 8% من الميزانية العامة، وقد بدأ وزير المالية الإسرائيلي الجديد يائير لبيد، الذي وصل وحزبه بصورةٍ مفاجئة ولافتةٍ إلى قبة الكنيست والبرلمان، متجاوزاً الأحزاب القومية والدينية، وفق أجندةٍ شعبية، ومطالب حياتية، تتعلق بحقوق العمال والموظفين، وبحق المواطنين في المسكن والـتأمين، وضمان الشيخوخة ومستحقات نهاية الخدمة، وهو ما يتطلب ميزانياتٍ أكبر، واقتطاعاتٍ كبيرة من الوزارات الأخرى، ومنها الدفاع والاستيطان، لتأمين النفقات المتعلقة بالمواطنين الإسرائيليين، وحقوقهم في الرفاهية والرخاء، الأمر الذي ينبئ بمعركة حقيقية مع أطراف الإئتلاف الإسرائيلي الحاكم، الذي تتباين لديه الاهتمامات والأولويات بين الأمن والاستيطان، والتحدي النووي الإيراني المرعب لهم.
هل ستنجح اللجنة المشتركة التي شكلها الوزيران الجديدان لبيد ويعالون في تجاوز الأزمة، والوصول إلى صيغة وسطٍ تحقق الرفاهية، وتستجيب للمطالب الشعبية، وتبقي على التفوق النوعي الإسرائيلي، والذراع العسكرية والأمنية المتقدمة لهم، وتستجيب إلى رغبات نتنياهو ووزيره الغائب الموعود بوزارةِ الخارجية، أفيغودور ليبرمان، بتخصيص ميزانياتٍ كبيرة للتوسع في الاستيطان، وتحسين وتوسيع المستوطنات القائمة، ودعم اقتصادها، بسبب مقاطعة الاتحاد الأوروبي لمنتجات المستوطنات المختلفة.
يرى بعض المحللين الإسرائيليين أن الميزانية الإسرائيلية لهذا العام ليست ميزانية جيش، كما أنها ليست ميزانية مناعة داخلية، فإسرائيل لم تعد تواجه أخطاراً إقليمية من دول الجوار كما كانت قبل الربيع العربي، وجيشها ببنيته الحالية قادر على التعامل مع قوى المقاومة الفلسطينية وحزب الله، ولديه القدرة العالية لمواجهة أي أخطار تقليدية، وإن كانت كلفة المواجهة كبيرة، ولكنه لا يستطيع مواجهة الخطر النووي الإيراني، إذ لا يرده ولا يصده منعةٌ داخلية، ولا استعداداتٌ تقليدية للجيش، ولا يلزم مواجهته نفقاتٌ إضافية لوزارة الدفاع، وإنما عمل استخباري، وتعاونٌ أمني كبير مع الولايات المتحدة الأمريكية والمجتمع الدولي، الذي يتحمل جزءاً كبيراً من ميزانية المواجهة، وسيكون ملزماً بتسديد الفاتورة الأكبر للحرب، ولعل إسرائيل ستكون قاعدة متقدمة للولايات المتحدة الأمريكية ودول الحلفاء حال إقرار مهاجمة إيران، الأمر الذي يفرض على دول الحلفاء تمتين وتحصين جبهة المواجهة الأولى مع إيران، وستكون مسؤولة عن تطوير قدرات الجيش الإسرائيلي، وتوفير ما يلزمه على كل المستويات القتالية والمالية.
لكن هذا الفريق من المحللين الإسرائيليين يصطدم مع حقيقة أن الولايات المتحدة الأمريكية قلصت ميزانيتها العامة، التي تعاني من ديونٍ بلغت 16.3 تريليون دولار، وطالت التقليصات وزارة الدفاع، وأبحاث الفضاء، وغيرها من مؤسسات الدولة الأمريكية المدنية والعسكرية، فكيف لدولةٍ تعتمد التقشف، وتضيق على مواطنيها، وتواجه مشكلة البطالة المخيفة، بركودٍ اقتصادي قد يكون أخطر وأسوأ، أن تدعم إسرائيل، وأن تقوي مناعتها، وتطور جيشها وسلاحها، فضلاً عن الاستعداد لخوضِ حربٍ تختلف بالتأكيد عن حروبها السابقة في العراق وأفغانستان، علماً أن الخزينة الإسرائيلية بحاجة إلى 17 مليار دولار لتغطية عجزها الكلي للعام 2013-2014، وهو ما لا تستطيع الحكومة الإسرائيلية توفيره في ظل الركود الاقتصادي العام، ولو لجأت إلى فرض ضرائب إضافية على العقارات وأصحاب الدخول العالية، كما أن المساعدة الأمريكية السنوية البالغة 3.15 مليار دولار قد تتأثر نتيجة للتقليصات العامة في الميزانية الأمريكية.
رغم هذا الجدل والنقاش العام الصاخب، يبدو أن الحكومة الإسرائيلية لن تتخلى عن ميزانية جيشها وأجهزتها الأمنية خوفاً مما ستواجه، لهذا يقترح مسؤولون فيها أن يشتمل التقليص تخفيض أجور موظفي القطاع العام، وتقليص 40% من مخصصات الأولاد، بالإضافة إلى إلغاء عدد من الإعفاءات الضريبية المعمول بها، والاكتفاء باقتطاع مليار دولار من الميزانية العسكرية، لتبقى المؤسسة العسكرية قادرة على مواجهة التحديات، وتتحقق لها الكفاءة والتفوق الذي يميزها عن غيرها من الجيوش.
لكن أليس من الممكن أن للإدارة الأمريكية التي نجحت في تمرير ميزانيتها المتقشفة، ونالت تأييد أعضاء الحزب الجمهوري قبل الديمقراطيين، رغم أنه كان من الصعب إجازتها، أجندةً سرية تتعلق بالحرب مع إيران، وبتنشيط ترسانتها العسكرية وتهيئتها وفق خططٍ سرية لمواجهة إيران، وهو الأمر الذي أقنع رئيس الحكومة الإسرائيلية بالإعتذار لتركيا، وإنهاء المشكلة العالقة معها، كي يكون والإدارة الأمريكية متفرغين تماماً لمواجهة الأخطار الإسرائيلية، مقابل تواصل دعم الجيش الإسرائيلي، وتطوير قدراته، وضمان تفوقه.

المسؤولية الاعلامية وحرية التعبير/ سري القدوة

عندما تصدر مؤسسة قضائية فلسطينية حكما بحق صحافي فلسطيني بالسجن الفعلي لمدة عام بتهمة التهجم علي الرئيس محمود عباس ابو مازن .. وعندما يصدر الرئيس امرا في العفو العاجل عن الصحافي .. فهذا يدلل علي اشياء متعددة .. اننا بحاجة ماسة الي ان نكون علي قلب رجل واحد وان لا ننسي عدونا الاسرائيلي الذي يقتل شعبنا وان نعمل علي بناء مؤسساتنا الفلسطينية بشكل يكفل لنا ممارسة الديمقراطية وحق التعبير عن الرأي بكل حرية .. فمن ابسط الوسائل التي لا بد ان يتمتع بها الاعلام الفلسطيني هي ممارسة الحرية الاعلامية بعيدا عن رقابة الامن وتعصف البعض الذين يحاولون تخريب جهود الرئيس الاخ ابو مازن والهادفة الي بناء الانسان والمؤسسة الفلسطينية ..

اننا في دولة فلسطين نحترم القانون ونحترم حقوق الانسان ونحترم ممارسة النقد والنقد الذاتي بعيدا عن الارهاب الفكري والقمع والتنكيل بالمواطنين ..

وأننا نقدر عاليا كل الجهود الهادفة الي بناء المؤسسات القضائية بكل شفافية وبكل واقعية وبكل مصداقية حيث لا بد من احترام قانون المواطنة والعمل علي اعادة الاعتبار للمواطن الفلسطيني الذي حرم علي مدار سنوات طويلة من حريته ومارست بحقه ابشع انواع القمع في التاريخ من قبل سلطات الاحتلال الاسرائيلي ..

أن من شأن قرار المحكمة سجن الصحافي الفلسطيني بالسجن الفعلي لمدة عام يعد قرارا مجحف بحق حرية الاعلام الفلسطيني وبحق السيد الرئيس الاخ ابو مازن ولا يرقي هذا القرار الي مستوي الحدث نفسه .. حيث يعد اضافة سيئة لقوانين الاعلام والصحافة وضربة موجعة الي الاعلام وحرية الصحافة وطبيعة القوانين الدولية والتي تؤكد أن لكل انسان حرية الحق في الحصول علي المعلومات ونشرها دون أي عوائق او حواجز بالطريقة التي يريدها .. وكان علي النائب العام الفلسطيني متابعة حيثيات القضية دون الوصول الي اصدار احكام من شانها أن تعيدنا الي العصور الوسطي وعصر الدكتاتوريات التي نحن بمعزل عنها ..

أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس يحترم بدون ادني شك حرية الاعلام ويدافع عن الاعلام والصحافة وهو راعي الصحافة وحرية التعبير وباني المؤسسات الاعلامية ، وقد أكد أكثر من مرة على أن حدود حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع ، مع ضرورة الحفاظ على سيادة القانون، والالتزام به من قِبل الجميع .. وهذا كان واضحا بكل خطاباته وان المتتبع لخطابات السيد الرئيس ابو مازن يرى ويلمس هذا التوجه بعيدا عن عشوائية الافكار التي يمارسها البعض ويحاول تمريرها علي المؤسسات الفلسطينية ..

انني اوضح فقط ومن اجل الحقيقة  ومع كتابتي لهذا المقال لم اطلع تماما علي صيغة وكيفية تهجم الصحافي علي السيد الرئيس ولكن من حيث الفكرة والمبدأ فهذا الحكم وهذه الحيثيات هي مزعجة بالطبع ولا يمكن للأعلام الفلسطيني أن يمررها دون أن يستنكر هذا الحكم وتعد ضربه موجعة الي المؤسسات الفلسطينية ولا يمكن أن نسلم في محاكمة صحافي مجرد أن تعبيره عن رأيه فهذا بكل تأكيد مرفوض من قبل الاعلاميين الفلسطينيين الذين يكتبون بالدم من اجل فلسطين .. كما ونؤكد بان لا يفقد الاعلامي الفلسطيني البوصلة وان يكون بوقا للفتنه وإثارة العنف وافتعال المشاكل بين ابناء شعبنا فمسيرة الاعلامي الفلسطيني هي مسيرة مقدسة عمدت بالدم .. ومسيرة الصحفيين الفلسطينيين دفع الجميع ثمنا لها حيث تعرضوا الي السجن والاعتقال والمطاردة من اجل أن يقول الصحافي كلمته وان ينقل الحقيقة للعالم اجمع ..

اننا نعيش في دولة فلسطين الديمقراطية وهذا ما نطمح به هو احترام القانون واحترام حرية التعبير عن الرأي وأيضا علي الاعلام الفلسطيني أن لا يكون بوقا للفتنة وإثارة العنف والفتنة التي تخلق الكراهية بين ابناء الشعب الواحد .. وعلي الصحافي الفلسطيني أن يكتب من اجل فلسطين الدولة وبناء المؤسسات وان لا يكون بوقا للفتنة..

بالتأكيد حرصت علي أن اسجل هذه الملاحظات مقدرا عاليا دور السيد الرئيس محمود عباس في اطلاق سراح الصحافي الفلسطيني والوقوف الي جانب الصحافة وحرية الرأي والتعبير عن الرأي مطالبا الاعلاميين الفلسطينيين بالوقوف جنبا الي جنب وتحت كلمة رجل واحد من اجل حماية الاعلام الفلسطيني وصياغة اسس واقعية لمنهج وحدوي يخدم بناء الانسان والمؤسسات الفلسطينية بعيدا عن الشخصية الذاتية ومن اجل حماية شعبنا ودعم نضالنا من اجل الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقبلة .

ملحق توضيحي : اصدرت محكمة الاستئناف في بيت لحم قرارا بتثبيت حكما لمحكمة الصلح وجهت فيه للصحفي ممدوح حمامرة الذي يعمل مراسلا لفضائية القدس، تهم الإساءة إلى شخص الرئيس، والذم والقدح، ونشر مواد من شأنها اشاعة بذور الكراهية.

وفور سماع ومتابعة الرئيس محمود عباس الخبر اصدر قرارا بالعفو عن الصحفي ممدوح حمامرة الذي صدر بحقه حكما فعليا بالسجن لمدة عام كامل بتهمة الإساءة للرئيس عباس .

اِبـني جامِـع/ مهندس عزمي إبراهيم

اِبـني جامِــع
اِبـني جامِـــــع.. جَهِّـــز وابـني
لا انا حاتضايـق ولا حيغــيظني
وطبــعاً مانتـَـش عـايــــز إذني
لأ، لأ، لأ
ماتبنيش جامِـع
اِبـني جوامِــــع
***
اِبـني جوامِــع وامـــلا شـوارع
وامــلا مدايـــن وامــلا مـزارع
اِبـني حـتى مليـــــــــون جامِـع
اِبـني وعَلـّي، ماعنديش مانــع
"بَيـــْـتُ" صــلاه
لعبــــادة اللــــــه
يمكـن مَــــرَّة تلــبي نِــــــداه
وتِـدِّي الصَلا قَــدرُه ومعنـاه
إنـه رجــاء
للخــــــلاق
يهديـنا حِكمـة وحُسْـن أخـلاق
ويبـذُر عَــدل وهُـدَى ووفــاق
***
اِبني وعـَلـّي
اِبني وصَلـّي
وخلـّيني أبـني كنيســة أصلـّي
واقــف ليه في طريـقي تَمـَـلـّي
مش دي بَلــدي زي ما بَلــدك؟
ليـها غـــلاوة عَنـدي وعَنـدك؟
انت تصَلـّي
وانـا أصَلـّي
وكل مواطِـــــن فيـها يصَلـّي؟
باسم اللـــه
ونترجـــــاه
يرضى عليــنا ويصون مصـر
ويجعل منها عروسـة العصـر
يرعى واديــها ويرعى النيـــل
ويحميــها من كـــل دَخيـــــــل
من مُغرض وجاسوس وعَميل
***
هـل فيـه بَنـــْـــد في الإســــلام
إنّ الصَــلا عِيــــب.. وحــــرام
يا أخي المسـلم فَتــَّــح عِـينَــك
حـَكـِّـم عقـــلك.. أكْـــرِم دِينَـــك
حُـكـْـم العـدل ما عمـره يشينَـك
وتـاج العــدل جميـل.. ويزينَــك
***
ليـه الصــلا عايــز ترخيــص؟؟
والا عشــان الظلــم رخيــص!!
***
خايف ليــه؟
لو ابني كنيسـة شريفة وحُــرَّة
مش حتضـُـرّ انســـان بالمَــرَّة
والإســلام!!!
مش رَح ينقَــص مقــــدار ذَرَة
***
دي كنيسـة... ماهيش خَمَّــارة
ولا هيش بـؤرة وبيت لدعـارة
ولا هيش غُـرزة عليها ستارة
ولا هيش نــــادي يِلِـم سكارى
دي "بَيْـت صلاه" من أجـل اللـــه
لو حتحاربُه.. حـرام وخسـارة
***
آه لو تقـرا وآه لو تسمَع
كل بلاد العــــــالم أجمَـع
فيـها كنايـــس، فيـها جوامِـــع
فيـها معـابــــد، فيـها مجـامِــع
فيـها رمــــوز كـــل الأديــــان
فيـها مِلــَــل أشكــال والـــوان
قايمــــــة لعبــــــادة الدَيـــّــان
***
اللــــه خلــَق النـــاس لِعِبـادتُـه
وخَلــَق الديــن أنـواع بإرادتُـه
فسـيب المــرء يخاطـب سِيــدُه
وسيـب اللـــــه يسمـع لعبيـــدُه
*****

أبشر أيها الشعب السوريّ فقد جاءك الفرج كما الشقيق الفلسطيني من "القمّة" العربيّة!/ سعيد نفاع

كان والدي الله يرحمه ويطيل في أعماركم، يطلق على القمّة العربيّة "الخمّة العربيّة"، والخمّة في اللهجة العاميّة لأهل شمال فلسطين هي الزبالة، حفظ الله قدركم، اللهم إلا أنه تراجع يوم صار يجلس حول طاولتها عبد الناصر وقيادات قوميّة أخرى، ولكني لا أعرف ما كان سيسميها لو أمدّ الله في عمره وسمع ثُغاءها. لم يجيء كلام المرحوم أبي هذا ،طبعا، من فراغ وإنما من عمق جرحه الفلسطينيّ.
سيكثر في الأيام القريبة التعاطي مع خلفيّات ودلالات وقيمة الاعتراف العربيّ بالائتلاف السوريّ "الحمدوغاني"،( ممثلا شرعيّا ووحيدا للشعب السوريّ)، وأما انا فاخترت ألا أتعب نفسي في هذا وقررت أن أعمّق قليلا في التاريخ لأذكّر إن نفعت الذكرى والشيء بالشيء يذكر، بقراراتها في الشأن الفلسطيني وعينيّا الاعتراف بمنظمّة التحرير (ممثّلا شرعيّا ووحيدا للشعب الفلسطينيّ)، وأرجو ألا يُساء فهمي فشتّان ما بين قلعة العروبة سوريّة وحصن الصهيونيّة إسرائيل وبين الائتلاف "الحمدوغاني" ومنظمة التحرير، ولكن "الخمّة" عادت لأصلها "خمّة" ول"الخمّة".       
القمّة العربيّة والنكبة:
بعد القرار الأممي بتقسيم فلسطين في ال-2 من تشرين الثاني 1947، رفضت الزعامات العربية، باستثناء زعماء الأحزاب الشيوعية، خطة التقسيم ووصفتها بالمجحفة في حق الأكثرية العربية التي تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود، فقد أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من التراب الفلسطيني.
وعللوا ذلك بسبب ثان لرفض خطة التقسيم وكان الخوف من المستقبل، إذ خشي العرب أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية. ولم تأت مخاوف العرب من فراغ، فقد كان بن غوريون ردا على اقتراح سابق للتقسيم  في حزيران 1938، عبّر أمام قيادة الوكالة اليهوديّة عن نيّته إزالة التقسيم العربي- اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم.
وفي بث إذاعيّ في 30 نوفمبر1947، صرّح  مناحيم بيجن، الذي كان في ذلك الحين أحد زعماء المعارضة في الحركة الصهيونية، عن بطلان شرعية التقسيم، وأن كل أرض فلسطين ملك لليهود وستبقى كذلك إلى الأبد.
عقدت الجامعة العربية الناشئة بعد هذا القرار الآنف قمّة وأخذت بعض القرارات كان أهمها:
1. إصدار مذكرات شديدة اللهجة لأمريكا وإنجلترا.
2. إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في قطنة بالقرب من دمشق بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال.
3. تكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ وجعلوا عليه قائدا فوزي القاوقجي، ليناوش اليهود حتى تدخل الجيوش العربيّة بعد أن تجهز.
4. رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين.
ومرّت 66 سنة وأمّا المذكرات فدخلت مزابل التاريخ وجيش الإنقاذ رُمي به في الساحة وغدروه، والجيوش العربيّة زُودت بمدافع تالفة، والمليون جنيه تبخرّت على الطريق، وضاعت فلسطين، والبقيّة معروفة... فابشر أيها الشعب السوريّ بقرارات هكذا قِمم!
القمّة والاعتراف بمنظمّة التحرير الفلسطينيّة:
تبنّت القمة العربية في الجزائر ما بين 26و28/11/73 قرارا يعترف لأول مرة بمنظمة التحرير الفلسطينية (ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني) بموافقة جميع الدول العربية باستثناء الأردن الذي امتنع عن تصديق القرار لهذا لم يعتمد القرار وبقي سرا !!.  بتاريخ 18/تموز/74 التقي الملك حسين والرئيس السادات في الإسكندريّة ،وتم التوقيع علي بيان مشترك يعترف فيه السادات ويقر للملك حسين بأحقيته بالتحدث باسم الفلسطينيين المقيمين في الأردن ويزيد عددهم علي المليون نسمة، وقد ترافق ذلك بحملة إعلامية غير مسبوقة من الصحافة المصرية علي المنظمة تمهيدا لتهيئة الأجواء من أجل تنصيب الملك حسين متحدثا باسم الشعب الفلسطيني ،واعتماد ذلك بقرار عربي في القمة العربية التالية والتي ستعقد في المغرب في 26/10/74.
في الجانب الآخر من المشهد عقدت القمة العربية في جو من الرعب والشائعات لدرجة أن أولئك المعروفون بانحيازهم الكامل للملك حسين أصبحوا فجأة مدافعين مستميتين عن منظمة التحرير الفلسطينية !! فقد كانوا يعتقدون أن أيلول الأسود نشرت عشرات المسلحين لقتل بعض الرؤساء والملوك العرب في المغرب (لقد كان مشهد اغتيال وصفي التل ماثلا أمام أعينهم !!)، أما أبو عمار وأبو إياد فقد حضرا القمة العربية وحصلا على ما يريدان بدون أي دليل إدانة لهما بفضل تماسك أبو محمد ورفاقه  في التحقيق (الخليّة التي اعتقلت في المغرب وكانت تخطط لتصفية كل الزعماء المؤيّدين لبيان الإسكندريّة على ذمّة المؤرخ).
لهذا حققت عملية المغرب انتصارا عظيما بدون إراقة نقطة دم واحدة، وتمثل هذا الانتصار في:- 1- التأكيد علي حق الشعب الفلسطيني في العودة. 2- التأكيد علي حق إقامة سلطة وطنية مستقلة بقيادة منظمة التحرير (الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني) على كل قطعة محررة من الأراضي الفلسطينية، و3- والتـأكيد على دعم جميع البلاد العربية هذه السلطة في شتي المجالات.
واستنادا علي هذا القرار ،وبعد أسبوعين فقط في 13/11/74 تم استقبال ياسر عرفات في الأمم المتحدة ،وتم الاعتراف بالمنظمة (ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الفلسطيني)، وتم منح فلسطين صفة مراقب في الأمم المتحدة في أول سابقة في التاريخ أن تشارك حركة تحرر وطني رسميا في المنظمة الأممية بالإضافة إلي اعتراف الأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطيني في السيادة والاستقلال الوطني.
ومرّت 40 سنة واللاجئون قد عادوا والممثل الشرعي والوحيد حرّر فلسطين والدعم العربيّ جعل من مخيّمات الضفّة جنات غناء...فابشر أيها الشعب السوريّ بهذا الاعتراف!
ولو اقتربنا أكثر إلى قمّة بيروت ال2002 ومبادرة السلام "الاستسلام" العربيّة والتي جاء فيها:
انطلاقا من اقتناع (إقرأ: عجز وركوع وخنوع) الدول العربية بأن الحل العسكري للنزاع (إقرأ: بعد أن عجزت جحافل جيوش الخليج) لم يحقق السلام أو الأمن لأي من الأطراف.
•  يطلب مجلس القمّة ( إقرأ: يرجو خاشعا ) المجلس من إسرائيل إعادة النظر في سياساتها، وأن تجنح للسلم معلنة أن السلام العادل هو خيارها الاستراتيجي أيضا.
•  كما يطالبها (إقرأ: يرجوها راكعا أو جاثيا) القيام بما يلي.
• الانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو (حزيران) 1967، والأراضي التي ما زالت محتلة في جنوب لبنان.
• التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه (انتبه: ل- يتّفق، فيتو لإسرائيل) وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
• قبول (انتبه: ل- قبول) قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو (حزيران) في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
•  عندئذ تقوم الدول العربية بما يلي:
• اعتبار النزاع العربي (إسأل: نزاع عربيّ؟!)  الإسرائيلي منتهيا، والدخول في اتفاقية سلام بينها وبين إسرائيل مع تحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
• إنشاء علاقات طبيعية (إقرأ: علنيّة وليست خلويّة) مع إسرائيل في إطار هذا السلام الشامل.
•  ضمان رفض كل أشكال التوطين الفلسطيني الذي يتنافى والوضع الخاص (إقرأ: لبنان) في البلدان العربية المضيفة.
•  يدعو المجلس حكومة إسرائيل والإسرائيليين جميعا إلى قبول (إقرأ: التكرُّم بقبول) هذه المبادرة المبينة أعلاه حماية لفرص السلام وحقنا للدماء، بما يمكن الدول العربية وإسرائيل من العيش في سلام جنبا إلى جنب، ويوفر للأجيال القادمة مستقبلا آمنا يسوده الرخاء والاستقرار.
•  يدعو المجلس المجتمع الدولي (إقرأ: أسياده) بكل دوله ومنظماته إلى دعم هذه المبادرة.
•  يطلب المجلس من رئاسته تشكيل لجنة خاصة من عدد من الدول الأعضاء المعنية والأمين العام لإجراء الاتصالات اللازمة بهذه المبادرة والعمل على تأكيد دعمها على كافة المستويات وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن والولايات المتحدة والاتحاد الروسي والدول الإسلامية والاتحاد الأوروبي.
ورغم هذا الخشوع وهذا الخضوع وهذا الرجاء تفّت إسرائيل على هذه المبادرة، وقد سمعنا الرئيس الفلسطيني في قمّة الاعتراف بالائتلاف "الحمدوغاني" يطالب الدول العربيّة بالتزاماتها من هذه القمّة وبالذات الماليّة. فابشر أيها الشعب السوريّ بهذا الاعتراف والفرج قريب فرأس القمّة حمدين ليس حمدا واحدا والثغاء كان سيّد الموقف!!!
أواخر آذار 2013
سعيد نفّاع sa.naffaa@gmail.com
جوال: 0507208450

رؤياي ورؤياها/ زياد جيوسي

   
   نلاحظ في هذا النص (رؤياي) أن الشاعرة صورت الموت بـ (زهرة برّيّة يتضوّع عبيرها)، ووجود كلمة (برية) يحمل دلالات كثيرة وأهمها أنها أكدت أن الموت فعل خارج عن إرادة الإنسان ومساهمته به كما الزهرة البرية، وفي نفس الوقت شبهت الموت بالزهرة الجميلة عبقة العبير، وترى نفسها خلال عملية الرحيل/ الموت، كهالة من نور تحف بها ملائكة النور بموكب مهيب تعبر فيه المجرات، وتحرسها النجوم حتى تصل الروح إلى نهاية الرحلة.
   الموت ورحلة الرحيل تكررت في نصوص الشاعرة التونسية، فنجدها في نص يحمل اسم: (أكبر من المسافة)، نجدها أيضاً تصور نفسها (هالة من نور سابحة أنا)، وفي نص آخر يحمل اسم: (حنين وشجن)، نراها تحلم بالرحلة والغرق فتقول: (و أحنّ للغرق، تحضُنُني اللّجة، عروس بحر تُردّد لحون الأعماق)، وفي نص (لهيب الذاكرة) تقول: (أستسلم للحلم لصخب الصّمت)، بينما في نصها: (أكوووون)، تقترب أكثر من الفكرة حين تهمس: (على أعتاب الآلهة أتلقّى المعنى) وتكمل: (فتتلقّفني ملائكة الرّوح، تعرجُ بي إلى سماءات، آلهةُ الشّوق تحرُسُها) بينما في نصها: (غياب الحضور)، تكون أكثر قرباً لفكرة الموت والهدف منها حيث تقول: (لترتفع الرّوح أملاً بالخلاص.. ترفعني إلى سدرة المنتهى)، وفي معظم نصوص جودة نجد فكرة الرحيل والحلم بها تتكرر بشكل أو بآخر.
   والغريب أيضاً إصرار الشاعرة على تصوير الموت وكأنه حالة من عشق يغشاها: (وأبلغ المنتهى.. عشقاً يغشاني)، حلم أنيق تحلم به، وترى أن الحياة تكون به وفيه.. (أموووووت... يا حلمي الأنيق)، هذه الحالة التي تكررت بصور مختلفة في نصوص جودة حول الموت وتصويره بهذه الجمالية، يثير في روح القارئ أكثر من سؤال؛ فهل الشاعرة وصلت إلى مرحلة من رفض الحياة بحيث صار الموت هو الحلم الأجمل لها تحلم به وتنتظره، أم أنها وصلت إلى مرحلة من التصوف والانسلاخ عن الحياة الدنيوية، بحيث أصبح الحلم بالموت والانتقال إلى الحياة الأخرى هو المبتغى الذي أصبحت تحلم به كما يحلم به النساك المتصوفين؟ وإن كان العنوان للنص (رؤياي) إضافة إلى ما ورد في العديد من نصوصها الأخرى، يجعلني أكثر ميلاً لفكرة المتصوفين، فهم من يذوبون من خلال التعبد بالذات الإلهية كما قرأنا في أشعار عمر بن الفارض ورابعة العدوية وغيرهم من المتصوفين المشهورين، فجميعهم كان الموت بالنسبة إليهم حلماً جميلاً للوصول إلى العالم الآخر ضمن رحلة تحف بها الملائكة والنور.
(رام الله 1/3/2013)
كما اعتدنا في نصوص الشاعرة التونسية جودة بلغيث الجميلة والمثيرة للتساؤل، نجد دائماً حلماً ولوحات مرسومة بالكلمات وفكرة وراء الحلم، ولكن وفي أكثر من نص نجد الشاعرة تبحث في رحلة الرحيل الأخيرة وكأنها تتمناها (وأبلغ المنتهى)، نجدها تصورها بشكل جمالي وكأن هذه الرحلة رحلة انتقال عروس حلمت بالزواج بعد حب فانتقلت من الوحدة إلى الزواج.

علامات فشل في تحرك الأنبار/ اسعد البصري

هذا نص رسالة من ألمع الشخصيات السياسية العراقية المخضرمة :

(( اقول لك بكل صدق بأنني لم أعيش حالة من السلبية والضياع أكثر مما أعيده في هذه الأيام .، ولم أر اياما سوداء أكثر مما هي عليه الان حتى في أقسى أيام المحتل الامريكي كنت أكثر تفاؤلا وإيمانا بطرده من العراق وعودة الحرية والسلام لبلادنا. وكانت الصورة أمامي واضحة تماما. شعب محتل لابد أن ينتج مقاومة ضد من يحتله تطبيقا لأحد قوانين الطبيعة أمام اليوم فإنني غير قادر على استيعاب وفهم ما يجري من احداث وتطورات على الساحة العراقية وأكادةاقول بأنني أجهل مراميها وأهدافها الحقيقية. فكيف تتدفق هذه الجموع البشرية الى شوارع المدن وتعلن الاعتصام بعد صمت دام سنينا احتجاجا على اعتقال حماية أحد خدام المحتل والمالكي معا ، وفجأة ترفع الشعارات مطالبة بإطلاق سراح المعتقلات والمعتقلين الذين قضوا سنينا وهم يتعرضون للإعتداءات الجسدية والجنسية وكأنهم اعتقلوا أمس ولماذا يطرد صالح المطلق ويضرب بالأحذية في ساحة الإعتصام وهو يستحق كل ذلك وأكثر بينما يعامل العيساوي معاملة مختلفة جدا وكلاهما من خدام المالكي والامريكان . ولماذا لم تغضب هذه الجموع وتحتج على ما جرى مع الهاشمي وهو ثالثهم في خدمة المحتل وهو من وقع على كل القوانين والقرارات التي يحتج عليها المعتصمون مثلما وقع عليها المطلق والعيساوي ، ولماذا هذه الصرخات الطائفية التي تنطلق من حناجر بعض المعممين الذين يتصدرون هذه الإحتجاجات وهم مدركون أنها تعرقل الوصول الى أي حل ولماذا ولماذا؟ ومن هي الجهة التي توفر هذه الاماكانات المالية للصرف على مئات الالاف من المعتصمين وخيامهم؟!!!
ايها العزيز ان مقالاتك الخمس التي انهمرت علي هذا اليوم مثل المطر حين تنهمر في شهر نيسان على أرض العراق لتحيلها الى صورة بانورامية ربيعية جميلة والتي انتهيت من قراءتها توا ساهمت في إلقاء ضوء مهم على زوايا معتمة من دماغي الذي اوشك ان يصاب بالشلل بسبب ما نشاهده اليوم من تشابكات في الاحداث والتطورات التي تشهدها دول المنطقة وعلى الاخص سوريا والعراق
لا أخفيك بأنني لم اقلق على العراق في جميع مراحل حياتي مثلما أنا قلق عليه هذه الايام فالجميع متربص به وينتظر الفرصة لينقض عليه. فكيف يصبح قادة الصحوات الذين دمروا المقاومة العراقية العظيمة بذريعة ملاحقة القاعدة قادة لهذا الحراك الشعبي ؟؟ . ثم من منا يتوقع ان تصمت جميع أجهزة الاعلام الغربية والعربية على ما يجري في العراق من قتل مجاني وتصفيات دموية متواصلة لعقد من الزمن ؟؟ . ثم بماذا نفسر موقف الادارة الامريكية المتواطيء و مقابلتها لوفد عراقي كل اعضائه من حزب الدعوة لتمنحهم مباركتها على سياستها الطائفية المتهورة في وقت صدعت رؤوسنا في اتهاماتها لإيران بالإرهاب وبتصنيع سلاح نووي وما هو موقف دولنا العربية العتيدة ؟ . قائمة التساؤلات تكاد لا تنتهي والمأساة التي يتعرض لها العراق هي الاخرى لا نهاية لها ما دام يتربع على عرش السلطة في بلادنا مثل هؤلاء الجهلة المأجورين أما الحديث عن معارضيهم فانه حديث مؤلم للغاية ولتك كنت قريب لاحدثك عن تاصيل ما يجرى اليوم داخل خيم المعتصمين من مشاكل. انها محنة حقيقية ان يتصدر مثل هذا الحراك الشعبي الضخم غير المسبوق في تاريخ العراق مجاميع من الجهلة ورجال دين وصحوات مستثمرين اسلوب الشحن الطائفي الا من رحم ربي . ))
هذا أعلاه كان وجهة نظر واحد من أكثر الشخصيات الوطنية خبرة واحتراما في العراق . ونحن بدورنا عندنا ملاحظات أيضاً نضعها في إطار النقد الذاتي الضروري لتحرك الأنبار الذي بدأ يخفت فجأة . يقول أدوارد سعيد ما من شيء يؤذي الداعية والمثقف كما يؤذيه التقلب الدائم في مواقفه و أفكاره . على المعتصمين في الأنبار الحذر الشديد . أنا أرى المنحدر أمامكم . في البداية قالوا الرأي للجماهير ، بينما الجمعة الماضية الشيخ علي حاتم يقول رجال الأمن التابعين له ألقوا القبض على المندسين لأنهم يهتفون بالحرب . الشيخ الشاب سعيد اللافي ( لاحظ هناك شيوخ قياديين بالعشرين من العمر في كل المحافظات المعتصمة ) من على المنصة بالرمادي يقول اللافي نحن نتبع مراجعنا الدينية ومن لا يتبعهم يغادر الساحة لا مكان له فيها . قبل أيام كان الشيخ سعيد اللافي لا يريد جنديا ولا ضابطا باسم عبد الزهرة في الأنبار ، اليوم يحارب الطائفية و يطرد المتشددين . و قبل أيام الشيخ علي حاتم اكتسب شعبية كبيرة بسبب تهديده باجتياح بغداد و سحق رأس المالكي و قطع اليد التي ترتفع على الأنبار اليوم يقول بأنه ألقى القبض على معتصمين مندسين ينادون ( حربية ، حربية ) .... هذا التناقض والفوضى سيؤدي إلى تحويل ساحة العز والكرامة إلى بيدر ثيران . بإمكان الشيخ سعيد اللافي أن يعتذر عن كلامه الطائفي سابقا بدلا من هذه المسرحية التي حدثت الجمعة الماضية ، وبإمكان الشيخ علي حاتم التراجع عن تصريحاته النارية السابقة بصراحة بدلا من إلقاء القبض على شباب يهتفون بكلامه و وعوده السابقة ، يبدو أن كل جمعة تلعن أختها ، أو أن الجمع العجاف سيأكلن الجمع السمان ، أو صلاة الغنى ستأكل صلاة الفقر . الشهرة والسلطة والنفوذ والمال تخدع الإنسان فيظن بأنه يمتلك الناس . العراق فيه ملايين الأيتام والأرامل والذين أُخرجوا من ديارهم بغير حق و فيه مئات الآلاف من المعوقين الذين يزحفون على الأرض بلا أطراف ، فيه مغتصبات في السجون ، فيه خوف كبير من المستقبل ، والعراق فيه لصوص سرقوا ثرواته و فيه وجدان مكسور و دموع مظلومين .... احذر يا شيخ علي الحاتم و احذر يا شيخ سعيد اللافي ...... الدنيا كما قال عليّ بن أبي طالب ( تغرُّ و تضرُّ و تمرّ ) نصيحة مخلصة . لقد بدأتم بقصيدة سميراء العبيدي (( ذبّوهه العگل خلّوهه للنسوان )) .
يقول الشاب الشيخ سعيد اللافي الجمعة الماضية إنهم ماضون في الإعتصام السلمي حتى تحقيق المطالب . والشيخ الشاب علي حاتم السليمان يقول سنبقى في حالة اعتصام إلى الأبد ولن نتعب . المشكلة هي أن الشيخ علي حاتم لا يثق بالوفود والشيوخ التي تذهب لمفاوضة الحكومة ويقول هي وفود غدر ليست مخولة للحديث باسم المعتصمين . في نفس الوقت يقول الشيخ علي حاتم إن من يأتي من الحكومة للتفاوض معنا عندنا له تمّن ( رز ) و لحم فقط لأنه لا يمتلك صلاحيات كاملة للتفاوض . في نفس الوقت يرفض الشيخ علي الذهاب بنفسه والتفاوض حول المطالب كما يرفض وضع المطالب في ورقة واضحة بمساعدة حقوقيين و خبراء سياسيين . في نفس الوقت يرفض الشيخ علي حاتم إعلان شعارات وطنية راديكالية واضحة تطالب بإسقاط العملية السياسية والثورة الوطنية الشاملة . أعتقد بأن هناك مشكلة . الجمعة الماضية أخبار عن مشاحنة بين المعتصمين وبين الشيخ الشاب سعيد اللافي . الأمر لا يمكنه الإستمرار بهذا الغموض . مرة تهددون بالزحف إلى بغداد ، و مرة تقطعون الخط السريع ، ومرة تقطعون الفرات ( لاحظ الرمزية الرديئة لهذا الكلام في الميثولوجيا الشيعية حيث قطع الفرات عن الحسين و أسطورة العباس ) و مرة تقطعون الحدود و مرة تطردون المحافظ والجيش و عملاء المالكي من الأنبار ، و مرة تهددون بحمل السلاح ، ومرة تؤكدون على سلمية الإعتصامات والتحذير من المندسين دعاة الحروب . عجيب غريب لا تنفذون شيئا من كل هذا .... إذا آنه الذي معكم داخ راسي كيف بالحكومة ؟؟؟ . مرة تطالبون بإقليم سني وأن الشيخ علي حاتم السليمان و غيره هم بمثابة الشيخ زايد و شيوخ الإمارات في الإمارة السنية القادمة ، ومرة تغيرون فجأة إلى وحدة الوطن العراق الأبدية أرضا و شعبا و نبذ الفرقة والطائفية أعتقد بأنكم بحاجة إلى مراجعة قليلا . لو تابعناكم هكذا ستبدو مقالاتنا متناقضة ونفقد ربما مصداقيتنا .
كتب المؤرخ الفرنسي رينان عن طبقة النبلاء التي أزاحتها الثورة الفرنسية والتي كانت تحاول استعادة مجدها الغابر من السلطة قائلا (( لم يتعلموا شيئا ولم ينسوا شيئا )) بكل أسف هذا هو الواقع . لم يسأل هؤلاء أنفسهم كيف وصلوا إلى هذا المكان ؟؟ من الواضح من مقابلات عزت الشابندر و خالد الأسدي و أعضاء الإئتلاف في الفضائيات مع الشيخ علي حاتم أن هناك تفاهما غامضا بين رموز الإئتلاف عدم استفزازه لهذا يتركونه يأخذ مجد الأثير والإعلام والشهرة .... لقد جعلوا منه نجما كنجوم المصارعة في أمريكا ... بلا مقاومة ولا اعتراض ولا استفزاز ... شيء مقلق أرجو أن أكون مخطئا . لا يوجد عند السنة أحزاب سياسية مذهبية طائفية ، وهذا جيد وليس سيئا ... بل لا يوجد أحزاب سنية سياسية من أي نوع ... على الأقل كنا نتمنى أن نرى قيادات نزيهة تذكر ب عبد المحسن السعدون والرجال الذين ينتحرون في سبيل الشرف الوطني .
لاحظ فيما مضى كان الجمهور يتأثر بالجواهري و السياب و الرصافي ويذهب كلامهم في الشعب مذهب الأمثال أما اليوم فالشعب يتأثر بشيوخ الدين والعشائر مع احترامي لهم مع غياب المثقف الحقيقي . لاحظ نجوم الشعب اليوم هم الشيخ صباح الساعدي و علي حاتم السليمان و أحمد القبنچي . أحيانا أتساءل لماذا يذهب الإرهابي المجرم النجس إلى سوق مليء بالفقراء الطيبين ؟؟ لماذا لا يغلط و يكمل طريقه مرة واحدة ويذهب إلى اتحاد الأدباء ، يفجر نفسه وسط شعراء الحداثة العاطلين عن العمل ، لا يحتاج الشعب هذه الطفيليات .

مقهى الرحمة/ نعمان عبد القادر

قصة قصيرة
اليوم تجاوز الثامنة عشرة من عمره..  مرحلة الثانويّة أصبحت من خلفه. إحساسه كمن يخرج من سجنٍ لا يعرف إلى أين يتجه منه ولا يعرف أحدًا في الدّنيا العريضة، هو بمثابة تحدٍّ للصعاب التي سيواجهها في طريق يجهل تضاريسها. لكن حين يسأله أحدهم في مثل هذا الجيل سؤالاً منكرًا ، وفي استغرابٍ دراميٍّ، وكأنه لا يعرفه، يخمد بركانه ويتلاشى ثورانه، وهو مكان لإثارة النفس.. أبناء جيله من اليهود يستدعونهم للانخراط في الجيش مدّة ثلاث سنوات متتاليات، أمّا هو فيسأله الآن عن عمره ومكان سكنه وكأنه لا يدري.
 من أين حضرتكم؟ قال له باشمئزاز: من بلدتكم.. صاح في دهشةٍ: أحقًا أنت من بلدتنا؟ لماذا لا نعرفك؟ ألا تجلس في المقهى؟ ألا ترتاد المقاهي؟.. قال له بصوتٍ مرتفعٍ: عن أي مقهى تتحدث يا سيدي؟ أنا لست من رواد المقاهي، وماذا يوجد في المقهى.
ساءه سؤاله وراح يتلمس سبلاً للبحث عن طريقةٍ ليكتشف فيها نفسه المجهولة في عالم المقاهي.
دخول مقهى مزدحمٍ أول مرّة ليس سهلاً إلى هذا الحدّ إذ يحسّ الإنسان ساعتها بالغربة وكأن كلّ عيون زبائنها مسلّطة أضواؤها عليه مرحّبةً بالزائر الجديد. مع زميل له دخل حالاً إلى المقهى مسائي يوم الأربعاء، لكنّه ظلّ يسبر أغواره وأغوار نفسه كلّما دخل زبون جديد وكأنه يريد أن يقول له: " أهلاً بك في المقهى يا عبد الله.. صرت الآن واحدًا منّا، أصبحتَ رجلاً وأي رجل".
إحساسه كأنه عضوٌ غريب في جسد مريضٍ لم يتوقع الأطباء أن يلفظه بعد عمليّةٍ جراحيّةٍ معقّدةٍ، ولا يصلح أن يلتئم مع جسم المقهى، لم يمنعه من البقاء مع زميله هناك. طلب له صاحبه كأسًا من القهوة التركيّة ثمّ شعر بالاطمئنان مع الألقاب التي تبادلها الزبائن المنهكة نفوسهم مع بعض الصراخ في ثنايا انشغالهم بلعبهم الورق. هذه أول مرّة يسمع مثل هذه الألقاب النّابية اللامتناهية: "يا أبا ندبة، يا أبا سلول، يا أجرب، يا صاحب الأنف الكبير، يا أعور..
تناول جريدة "يديعوت أحرونوت" العبرية التي كانت ملقاة على المنضدة القريبة والتي تجعّدت أطرافها  ونُهشت زواياها كأن المئات من الأيادي قد لمستها منذ وصولها في ساعات الصباح، كي يشغل نفسه بتصفحها. قرأ العنوان التالي: الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" في إسرائيل لأول مرة". تذكّر خطابه ليلة أمس وحديثه الذي ينحو منحى أكثر انحيازًا كغيره ممن سبقوه، وكيف قاطعه أحد الطلاب الجامعيين العرب، واقتياده خارج القاعة بعد تقييده ومن ثمّ إطلاق سراحه. لازمه اضطراب غريب وحاول رسم صورة  يقارن فيها بينه وبين "مارتن لوثر كينغ" لكنّه تذكّر البيان الذي أصدره مركز "عدالة" قبل أيّامٍ والذي يكشف فيه عن سنّ أكثر من ستين قانونًا عنصريًّا ضد فلسطينيي 48..
تحرّره من غفلته وأحساسه بانتعاشٍ في جسمه تزامن مع انضمام شابٍّ طويل يُدعى "عماد" يكبره بخمسة أعوام إلى جلستهم، تدلّ نوعيّة ملابسه على أنه ينتقي شراءها بدقّة من الماركات العالميّة الشهيرة، ويلتحي بلحيةٍ تشبه لحية تشي جيفارا إلى حد ما، راح يسرد تجربته مع فتاة أجنبيّة تدعى "ﭬيريد"، تعرّف عليها أثناء عمله في تشييد بيتٍ مجاورٍ لبيتها في مدينة "ريشون لتصيون"، وكيف استدعته إلى بيتها بعد خروج زوجها إلى العمل تطلب منه إصلاح حنفيّة في مطبخها يسيل منها الماء بالرغم من إحكام إغلاقها. كانت معها هذه البداية حيث استطاع مطارحتها أكثر من مائة مرة على أقلّ تقدير..
صوت المؤّذن من المسجد المجاور للمقهى، أعرب المستوطنون الجدد في مستوطنة مجاورة عن تذمّرهم الشديد وانزعاجهم منه وخصوصًا أثناء نومهم في وقت الفجر. قال لهم حين سمع صوت المؤذن:
-"هيّا بنا يا جماعة لنصلّي المغرب في المسجد ولا تفوتنا صلاة الجماعة"..
- "ولكنّنا لا نداوم على الصلاة!"
- "عجبًا من أمركم! كيف لا تصلّون؟ على كلّ حال سعدتُ بالجلوس معكم سأعود إليكم بعد انتهاء الصلاة..
نصف زبائن المقهى أفرغوا مقاعدهم مع صوت المؤذن. ونصفهم الآخرون بفرقهم المختلفة، الذين استقرّوا يفكرون في هزيمة أندادٍ لهم شرّ هزيمة وهم يتوعّدونهم بسداد خسارتهم يوم أمس، لم يستطع التغاضي عنهم. فالورق والدومينو والزهر هي ممارسات لم يتعلّمها لكثرة الوصايا الحادّة والتحذيرات الشديدة التي سمعها منذ أيام الطفولة من أبيه..
كان يتساءل عن أسهل السبل لتعلّمها، وإن تعلّمها فلا ضير في ذلك، فهي تستحقّ أن يتعلّمها ما دامتْ تحسّن التفكير والمنافسة فيها شريفة كما يراها. تملّكه إحساسٌ أشبه بالنكد من تلك المجموعة التي تقتصّ نساء البلدة ورجالها يترأسها رجلٌ لا ينقطع عن الحديث، يسرد حكايات لا تعرف الترابط السببي بينها، فكلّما خطر في فكره أحد، أنجز فيه أفلامًا ومسرحيّاتٍ قد يعجز عن الإتيان بمثلها الروائيون وكتّاب السيناريوهات: "فلانٌ زوجته تضربه على وجهه بحذائها دون أن ينبس بكلمةٍ. يبدو رجلاً أمام الناس، ويلبس بدلةً أنيقةً، وحذاءً لامعًا، ويدخّنُ سيجارًا، لكنّه يصبح أشبه بالحذاء في رجلها عندما يدخل بيته.. وفلانة الله يستر عليها، تتستّر باللباس الدينيّ، ولكن اللباس بريء منها، ماذا تفعل عندما تختلي مع الخواجا "يسرائيل" أثناء عملها في تنظيف بيته. وعلّان.. كيف اشترى سيّارة آخر موديل بسعر يزيد عن مائة ألف دولار، وبنى بيتًا أشبه بقصور ملوك العرب. بالله عليكم من أين جاء بكلّ هذا المال؟ أمره مشبوهٌ وماله حرامٌ . وذاك الذي ترك زوجته وأولاده بعد أن أصبحوا في عمر الزهور، ليتزوّج من فتاة روسيّة تعرّف عليها في تل أبيب ويسكن مع عائلتها".
شعر بأن أحدهم سينهض من مكانه ويقول له: "كفى يا رجل! كفى! تغتاب الناس وتنهش من لحومهم!". ولكنّ الأمر لم يحدث. تساءل في ذاته: "إلى أين نحن ذاهبون؟".
تذكّر المقهى الذي دخله ذات مرّة بصحبة والده خلال زيارته لـ"ﭭيينّا"، وأخذ يتفحّص الكتب في مكتبته، فوجد كتابًا باللغة العربيّة عنوانه "الرسالة الوجوديّة" لابن عربيّ، جلس في زاويةٍ وراح يقرأ فيه..

العمال والتدمير الذاتي/ عباس علي مراد

كان الاسبوع الماضي في استراليا اسبوعاً تاريخياً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ففي بداية الاسبوع أعلن النائب ريتشرد طربيه رئيس مجلس النواب السابق في نيو سوث ويلز عن استقالته من الحياة السياسية والعامة، فقد استقال من مجلس النواب في الولاية حيث يمثل مقعد شمال تايبل لاند، واستقال من منصبه كعميد جامعة نيو انكلند، وفي نفس الوقت اجبر الحزب الوطني طربية التخلي عن ترشيح نفسه عن المقعد الفيدرالي في نيو انكلند الذي يشغله النائب المستقل طوني ويندزر ولم يعلن طربيه الاسباب التي دفعته لذلك ولكن الصحافة تعتقد ان الاستقالة عائدة لارتباطات له مع السنتور العمالي السابق ادوارد عبيد الذي يخضع وزميله الوزير السابق ايان ماكدونلد لتحقيقات المفوضية المستقلة لمكافحة الفساد.
الحدث الثاني البارز في الاسبوع الماضي كان الاعتذار التاريخي الذي قدمته استراليا لأطفال التبني القسري والذي يبلغ عددهم نحو 150 الفاً وهذه الممارسة كانت تمت في خمسينات حتى اواخر سبعينات القرن الماضي وكانت العملية تتم بالتنسيق بين الحكومات والكنيسة الكاثوليكية وقد قدم الاعتذار كل من رئيسة الوزراء جوليا غيلارد وزعيم المعارضة طوني ابوت.
الحدث الثالث هو سحب الحكومة المشروع قانون الاعلام المثير للجدل من البرلمان وطلب عدم التصويت عليه لإخفاقها بالحصول على تأييد البرلمان له وخصوصاً من النواب المستقلين الذين كان اثنين منهما على الأقل اعلنا رفضهما كلياً للمشروع وهما روب اكشوط وغريغ طومسون ،بينما طالب بوب خطار تعديل بعض البنود للتصويت مع الحكومة وهو ما رفضته الحكومة.
المفاجأة الكبرى كانت قبيل ظهيرة يوم الخميس 21/03/2013 عندما دعى الوزير سايمون كرين الى تحدي زعامة رئيسة الوزراء لحسم امر زعامة الحزب بشكل نهائي، واعلن عن تأييده لكيفن راد.
بعد ذلك طردت رئيسة الوزراء كرين من منصبه الوزاري وحددت الساعة الرابعة والنصف موعد للتوصيت على الزعامة داخل مجلس الحزب ( الكوكس) المؤلف من 102 مندوب وكما صار معلوماً فقد خيّب كيفن راد المجموعة الداعمة له وأعلن انه لن يتحدى وقد تم اعادة انتخاب غيلارد ونائبها وزير الخزينة واين سوان بدون منافس.
السؤال الذي يتوجب طرحه الآن ،هل حُسمت فعلاً مسألة الزعامة في حزب العمال من هنا حتى الانتخابات الفيدرالية المقررة في 14 ايلول القادم؟!
رئيس الوزراء السابق كيفن راد اعلن وبشكل قطعي انه لن يتحدى جوليا غيلارد ،لكن رئيسة الوزراء سوف تواجه عدة تحديات منها المعجل خصوصاً التعديل الحكومي المتوقع هذا الاسبوع  بسبب استقالة خمسة من الوزراء ذوو الخبرة وتراجعهم الى المقاعد الخلفية وهم سايمون كرين، كريس بوين، كيم كار، مارتن فيرغسون والسكرتير البرلماني ريتشرد مارلز، وقد لا تكون المشكلة في اختيار الاشخاص انما هل سيكون الاختيار على ارضية انتقامية من الذين عارضو زعامة غيلارد مما قد يؤدي الى استمرار الأزمة الداخلية في حزب العمال علما ان ابرز مؤيدي راد وزير البنى التحتية انطوني البنيزي واحد زملائه قررا عدم الاستقالة رغم توجيه الانتقادات له من النائب لوري فيركسون احد ابرز مؤيدي غيلارد،  نشير هنا الى ان غيلارد كانت قد اجرت اخر تعديل حكومي قبل 7 اسابيع.
هذا وقد اظهر اول استطلاع رأي بعد محاولة الانقلاب الفاشلة على جوليا غيلارد ونشرته (ذي صانداي تلغراف 24/03/2013) ان 47% تفضل تحالف الاحرار الوطني 32% للعمال 12% للخضر 9% للمستقلين وغيرهم وبعد فرز الاصوات التفضيلية حصل العمال على 45% والاحرار 55 % من الأصوات وقد فضل 33% جوليا غيلارد كرئيسة للوزراء و37% طوني ابوت وقد حصل راد على 53% من اصوات المستطلعين كزعيم مفضل لحزب العمال وغيلارد حصلت على 32% وقد شمل الاستطلاع عينة من 1005 اشخاص واجري يومي الجمعة والسبت الماضيين.
المهمة الثانية التي تواجه العمال وخصوصاً رئيسة الوزراء هي الميزانية العامة التي ستقدمها للبرلمان في اوائل ايار القادم وما هي الارقام والمشاريع التي تحملها وكيفية تقديمها للرأي العام وهي سيستغل الحزب عطلة الخريف البرلمانية والتي تستمر 7 اسابيع لتسوية الامور الداخلية حتى يستطيع المواطن والناخب ان يقول ان الامر قد حسم بشكل جذري ومن المفيد ان نشير الى انه رغم الدراما السياسية التي عصفت بحكومة غيلارد منذ 2010 فإن الحكومة استطاعت اقرار 485 مشروع قانون في البرلمان (صن هيرالد 24/03/2013ص 28).والاسبوع الماضي وحسب (س م ه السبت 23 /3 /2013 ص 4)فقد اقر البرلمان عدة مشاريع قوانين مهمة لكنها تراجعت في التغطية الاعلامية لصالح الازمة السياسية داخل حزب العمال منها :مشروع التأمين للمعاقين،4،5 مليون استرالي حصلوا على زيادة في معاشات الضمان والتقاعد بقيمة17،6 دولار اسبوعياً،مشروع قرار يعطي للعمال والموظفين الحق في طلب ساعات العمل التي تناسب اوضاعهم الاجتماعية،مشروع تعديل قانون التمييز ليشمل المثليين،مشروع قانون يسمح لمفوضية الانتخابات لأستخدام قاعدة المعلومات الخاصة بمكتب الضريبة لضم المواطنين الغير مسجلين الى لوائحها وغيرها.
من جهته زعيم المعارضة طوني ابوت ما زال يصعد من اسلوبه الهجومي على الحكومة وقال: "كنت اعتقد ان حكومة غولف ويتلم اسوأ حكومة ولكن هذا غير عادل بحق ويتلم هذه الحكومة هي الأسوأ (صن هيرالد 24/03/2013 ص 28) والجدير ذكره ان ابوت ينوي ان يتقدم من البرلمان بطلب حجب الثقة عن الحكومة بعد عودة البرلمان من عطلته.
اخيراً لقد احتفظت غيلارد بمنصبها واثبتت انها شديدة المراس وصلبة لكن يبقى السؤال يطرح نفسه. هل سيوقف العمال سلسلة التدمير الذاتي التي بدأت بالانقلاب على كيفن راد في حزيران عام 2010. ام انهم سيستمرون في تقديم الحكومة لطوني ابوت على طبق من فضة؟!
الجواب ستحمله الأيام والأسابيع القادمة التي وبدون شك ستكون حبلى بالكثير من الحراك السياسي واستطلاعات الرأي والتي اذا ما استمرت على نفس الايقاع فأن طوني ابوت سيبق يصحك في سره  وعلانية.
سدني
E-mail:abbasmorad@hotmail.com

أيتها الجميلة شبعاد!/ رحيمة بلقاس

أيا انتِ!
أورقي في دمي كما الأشجار
واذكري يوم كان القلب
شجرة الغار
تدلي بالثمار والأنغام

أيا أنتِ!
أيتها الجميلة شبعاد!
أعزفني على أوتار قيتارتك الذهبية
نغم مسرات لا تباد
زلزلي صمت العيون السجية
وارقصي على سمفونية
هذا الليل الشجي
الموقظ لذاكرة الظلال
المخضبة بالصمت الأسطوري

أيتها الجميلة شبعاد!
أعيدي للكون الظامئ للحرية
أغانيه القدسية
لتقام الطقوس المخملية
ويعود لليل أحلامه
الساكنة في صوتك الخرافي
وأعيدي للأمنيات ألوانها القزحية

أيا أنتِ!
أيتها الجميلة شبعاد!
شُدَي على أوتار القيتارة السومرية
واغزلي الألحان
من جدائل الشمس الفضية
ودعيني أشتري من العصافير
أغانيها الوائمة
ومن البحر نوارسه الحالمة
دعيني أحلق بلا أجنحة
لأغلق شقوق بحر هادر
ينذر بالأوبئة

أيتها الجميلة شبعاد!
أبسطي أناقتك على شعاب الفؤاد
لأروّض الرياح
وأقود سفينتي للأمان
أفتح رتاج الفجر
ليروي شرفات البحار
ويصهد صقيعها الراكد
في أدغال السواد

أيتها الجميلة شبعاد!
امسحي بمنديلك السحري
عتمات الأرواح
لتزهر الغيمات
على أجساد الثرى
بسنابل المنى
وتمطر الشمس بالنجوم
نجمة
نجمة
وضياء
ف
ض
ي
ا
ء

تضامناً مع المحاضر الجامعي الدكتور يوسف جبارين/ شاكر فريد حسن

الدكتور يوسف تيسير جبارين القادم والآتي من ربى ام الفحم ، هو اكاديمي معروف ومثقف عقلاني متنور ومناضل سياسي ، حاصل على شهادة الدكتوراة من جامعة واشنطن ، ويعمل محاضراً في جامعة حيفا. وهو يشارك في نضالات شعبنا ومعاركه السياسية والوطنية من اجل حقوقه اليومية والمطلبية ، ويشارك ايضاً في المناظرات والحلقات والندوات السياسية والفكرية ، وكانت آخر مشاركة له في مدينة الناصرة ضمن "اسبوع مقاومة الابرتهايد الاسرائيلي ".
لكن هذه المشاركة لم ترق لوزير الخارجية المستقيل ، وزعيم حزب يسرائيل بيتينو افيغدور ليبرمان ، المعروف بمواقفه العنصرية المعادية للعرب وللحقوق الفلسطينية ، والمؤيدة للتوسع الاستيطاني السرطاني في الاراضي المحتلة ، فشنّ هجوماً تحريضياً فاشستياً شرساً على الدكتور يوسف جبارين ، على صفحته الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي، الفيسبوك، مطالباً بفصله من الجامعة وسحب لقبه الاكاديمي، وبذلك يواصل ليبرمان بث سمومه العنصرية الحاقدة ، وغرس كل اشكال الكراهية والبغضاء ضد العرب .
ان هذا التحريض ضد المحاضر الجامعي العربي د. يوسف جبارين يأتي في ظل تصاعد موجة العنصرية والفاشية ، وتنامي شرعية الاعتداءات على المواطنين العرب ، واستمراراً للهجمة العنصرية منفلتة العقال ضد جماهيرنا العربية الباقية في وطنها التاريخي وممثليها في الكنيست ، وضد القوى الوطنية والحركات السياسية الفاعلة في الشارع العربي. وهذه التصريحات الليبرمانية الفاشية الرعناء ضد جبارين ما هي الا تجسيد وتعبير حقيقي عن الخطاب العنصري ، الذي اصبح امراً طبيعياً وشائعاً وسائداً في المجتمع الاسرائيلي ، الذي وصل الى ملاعب كرة القدم والمدارس واروقة البرلمان .
والواقع ان ما نشهده من تحريض عنصري متواصل ومستمر ضد جماهيرنا هو نتيجة حتمية للاحتلال الاستيطاني الصهيوني ، ومن افرازات القوانين العنصرية الاضطهادية الابرتهايدية ، التي اقرتها وشرعنتها الكنيست في عهد حكومة بنيامين نتنياهو ، حيث اشعلت هذه القوانين نار الحقد والعنف والكراهية والعداء للعرب. وما تصريحات ليرمان سوى مقدمة وتمهيد لـ"بشائر" حكومة الاستيطان القادمة بزعامة نتنياهو ، التي ستكون اسوأ من سابقاتها من حكومات بكل ما يتعلق بقضايا جماهيرنا العربية وحقوقها الانسانية والمعيشية العادلية ، والهجوم على الحريات الديمقراطية والاكاديمية ، وما يخص الموضوع الفلسطيني والمفاوضات السلمية .
اننا نستنكر تصريحات ليبرمان ، ونحذر من تفاقم واتساع المد الفاشي ، وآفة التحريض العنصري المسموم ، ويجب الوقوف معاً ، وبوحدة قوية ومتينة ، في مواجهة السياسة العنصرية غير المسبوقة ، ولاج لوضع حد لانفلات عناصر اليمين المتطرف وسوائب الفاشيين ، الذين يقودون اوسع وأكبر حملة تحريضية معادية ومناوئة لك ما هو عربي وفلسطيني ،التي تمثلت بمحاولة اقتحام البلدات العربية وآخرها قرية مصمص ، التي صدت زمرة بن ايري على ابوابها ، ولم تسمح بتدنيس ترابها المقدس الطاهر . وكذلك بالاعتداءات المتلاحقة على عدد من الشبان العرب في يافا ونتانيا والقدس ، وعلى المربية سهاد زميرو ابنة قلنسوة ، التي تعمل في مدرسة يهودية ، خلال قيامها بواجب العزاء ومواساة صديقتها اليهودية في القدس .
اننا نتضامن مع الدكتور يوسف جبارين ونقف الى جانبه امام حملة التحريض العنصري ضده ، ونشد على يديه لمواصلة عمله الاكاديمي  ، والمشاركة في الندوات السياسية والايام الدراسية لكشف وفضح سياسة الابرتهايد ، التي تمارسها الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة بحق جماهيرنا وضد شعبنا الفلسطيني، الرامية الى تهجيره وترحيله من ارضه ووطنه واقامة الوطن اليهودي الصهيوني الخالي من العرب . ويا جبل ما تهزك ريح، وليخيط ليبرمان بغير هذه المسلة .

الإسلام حضارة روحية عظيمة لا يهددها الجنس والحب/ أسعد البصري

إلى واصف شنون 

يتم عرض هذه الصورة وكأنها تحدي للإسلام ؟؟ ، وكأن الإسلام ضد الحب والجنس ؟؟ لا رهبنة في الإسلام / حديث نبوي . جدي الحاج تركي مسلم عراقي مثالي يصحو كل فجر يصلي يعمل في الحقول ، يمشي الأميال ، يصافح الناس ويستقبل الضيوف . عاش أكثر من مئة عام سعيدا بالصحة الروحية وبالقرآن وبالإنسان . أنجب الكثير من الأبناء و البنات فأنجبوا بدورهم حتى صار عدد أحفاده بالمئات . أحيانا أفكر هل حياة الحاج تركي أكثر إبداعا و نجاحا أم حياة الشاعر مظفر النواب ؟؟ . النواب طاف العالم وملأ الدنيا ثورة لكنه لم ينجب وليست سيرته من النوع الذي يمكن اتباعه . الحاج تركي لم يغادر بستان النخيل لكنه أنجب و ربى و ترك سيرة حسنة تستحق التأمل . 

الإسلام لا يمنع الحب والتكاثر و بناء الأسرة على الإطلاق . إن تطور المجتمع الرأسمالي و تعقيد القانون الغربي أدى إلى ظهور الكآبة والوحدة . هنا ظهر الحب و الجنس كعامل ترفيه و كسلعة تجارية . هذا النوع من الترفيه الجنسي والعاطفي ما زال الإسلام غير واثق منه . ربما في المستقبل يظهر رجل دين كالشلمغاني يبيح الفروج وتنتهي هذه المشكلة . 

البارحة في مقهى ( Tim hortons) جلست بنت و ولد قرب طاولتي في أوتاوا ، كانا في المدرسة الإعدادية و كلاهما عراقي من الواضح أنهما يتضاجعان و يتعانقان في الخفاء / دون علم الأهل . الغرب يقول إن الحرية الجنسية تؤدي إلى اختفاء العنف والحروب . لاحظ الإنتحاري الذي يعدونه بالحور العين في الجنة . لاحظ الثورة الجنسية والسماح بالأفلام الخلاعية بعد الحرب العالمية الثانية . هل الإسلام والنموذج الشرقي فاشل إذن ؟ . كلا ليس فاشلا لكنه نموذج مكلف تصعب ديمومته في مجتمع رأسمالي استهلاكي . الرأسمالية هي شركة تبني حولها بيوتا للعمال و مركز شرطة . في نهاية الأسبوع يجب ترفيه العمال بالكحول والجنس هكذا تتم استعادة الأجر الذي دفعته الشركة من العامل . عمال في صحة جيدة يعملون و يتضاجعون و المال يبقى في يد الأغنياء دائما . النموذج الشرقي مثالي لا يلائم المجتمع الصناعي المتحرك . لا يمكن للفقراء العيش بقيم الأثرياء في العصر الحديث هذا لم يعد ممكنا . وربما يؤدي إلى ظاهرة النفاق كما في فضيحة مرجع السيستاني الجنسية الكبيرة السيد مناف الناجي في العمارة . إن التدين والزواج و القيم العائلية في الغرب محصورة بالعوائل اليهودية والمسيحية الغنية . لاحظ كيف يعمل القانون الرأسمالي على تعقيد قانون الزواج بينما يسهل العيش والإنجاب بلا زواج ديني أو قانوني . العمال والفقراء يتضاجعون و ينجبون بلا تقاليد ولا معاني روحية وتتكفل الدولة بالأسرة . 

في القانون الكندي الرجل مصدر خطر على الأسرة . ربما الزوجة تشعر بالكآبة وتريد التحرر من زوجها . ربما بمرور السنين الزوجة يتغير مزاجها ولا تريد هذا الرجل الذي معها بل يعجبها تجربة رجال آخرين أو تقع في العمل بغرام رجل مناسب أكثر لها . فكيف يمكن التخلص من الرجل / الزوج الذي تقدم به العمر ويصعب إقناعه بفكرة الرحيل . من الطبيعي أن يكون الزوج معتادا على بيته وأطفاله ولن يخرج بسهولة ليحل محله رجل آخر . إضافة إلى خوف الرجل على ماله و عمله حيث القانون سيجرده من كل شيء بما يسمى ( قانون العائلة الصارم ) . في القانون الكندي يكفي أن تتصل الزوجة وتقول للشرطة إن زوجها يصرخ غاضبا و هي خائفة . مجرد الإتصال يعني بالنسبة للقانون وجود توتر عائلي لهذا يلقون القبض على الرجل ، يضعونه في السجن ، ويطلقونه بشروط أهمها عدم الإتصال بالزوجة أو مراقبتها أو تكليف أحد بالإتصال بها لمدة سنة كاملة . وإذا حدث خرق يعود الرجل إلى السجن و تزيد الشروط عليه . لا يحق للرجل رؤية زوجته وأطفاله ويلاحقونه ماليا حتى ينتهي في البارات ويدمن على النوم والكحول و مراجعة الطبيب النفسي ليموت بالسكتة القلبية عادة . القانون الحديث يقول لا يوجد حل آخر ... الزوجة تشعر بالملل والقرف من الزوج وهو لن يترك أطفاله و زوجته و بيته لرجل آخر بدون خوف من الشرطة والقانون . 
الذي يطالب بالحب والحرية الجنسية عليه أن يعرف بأن هذا له ضريبة أيضاً في المجتمع الرأسمالي ، لأنك لست في مجتمع شيوعي ماركسي حيث لا يوجد عامل اقتصادي في الموضوع . الرأسمالية تؤمن بأن الفوضى العائلية تؤدي إلى إنفاق متزايد و عودة المال إلى السوق . بينما المجتمع العائلي يؤدي إلى التوفير والكساد . وهذا الموضوع بسبب تاريخ اضطهاد المرأة والمنظمات النسوية الناشطة في كندا من أعقد المواضيع والمشاكل . عندنا مثل وضعه غائب طعمة فرمان في ( النخلة والجيران ) حين حبلت صديقة البطل وشعرت بورطة قالت لها جارتها (( شعبالچ الماي ما يخضر )) الذي يتحمس للحرية الجنسية لا بأس جيد لكن فقط عليه أن يعلم أن الماء ( يخضّر ) في رحم الرجل وليس المرأة في العالم الغربي . 

بحسب القانون الكندي تستطيع الفتاة التعري في فراش الشاب وتبقى في لباسها الصغير الداخلي . إذا نزعه الشاب عن جسم الفتاة بلا موافقتها فهذا قضية كبيرة ويعتبر اغتصابا ، يدخل الشاب السجن لسنتين بسببه لو اشتكت الفتاة وقد يغتصبه السجناء هناك لو علموا تهمته بموافقة الحراس . المرأة في بيتك في فراشك تتعرى ربما لتريك جسدها و تستمتع بالرقص عارية . هذا لا يعطيك الحق في لمسها أو نزع لباسها الداخلي بلا استئذان حسب القانون الكندي . 
إذا رأيتم الرجال لطفاء في الغرب فلا تظنوا أنهم أقل وحشية و شهوانية منكم لكن هناك قانونا مرعبا يجرد الرجل من كل صفاته البشرية إذا اشتكت الفتاة حتى لو كانت عاهرة أي شكوى جنسية على أي رجل . 
النساء هن يخترن الرجال و يضاجعونهم ، والرجل لا حول ولا قوة . الرجل يذهب لرفع الأثقال و تربية العضلات والركض وتخفيف الوزن و ابتلاع الفياغرا والبروتينات على أمل أن تختاره امرأة . وحين تختاره يتصرف بحذر وأدب شديد . لأنه يعرف مصيره إذا أساء الأدب . 
هذه ورقة كتبتها إلى المثقف العراقي واصف شنون الذي يتوقع مني الخروج من التصوف والحالات الفردية ، مثلما أتوقع منه العودة إلى ماركس والكف عن تمجيد الغرب المتوحش . إن البطل القومي لبلادي الثانية كندا هو جوزيف ترودو ( ١٩١٩ - ٢٠٠٠) ، طلق أم أولاده الثلاثة السيدة مارگريت سنكلير من مدينة فانكوڤر أقصى الغرب الكندي التي أصابها الإكتآب والعذاب خلال سنوات زواجها . خانت زوجها بعلاقات غامضة مع الأمريكي تيد كندي و مع الفنان الموسيقي روني وود الذي هربت معه . وحين أصابها الفقر بعد الطلاق صارت تعيش من تأليف الكتب عن زوجها رئيس وزراء كندا و بطل استقلالها . عروض تلفزيونية عن تفاصيل حياتها الزوجية مع رئيس الوزراء . ولأن ترودو رئيس وزراء و ثري استطاع انتزاع أولاده من أمهم الأمر الذي يعجز عنه الفقير الكندي . هل يصدقني واصف شنون إذا قلت هذه هي حياة كل مواطن غربي تقريبا . الفارق في المعاناة هو بسبب الفوارق الإقتصادية والنفسية الطبيعية فقط . ثقافة متمركزة على الإغراء والرياضة والشباب فقط . إذا تقدم العمر ليس عندهم إجابات ولا عزاء يتصرفون وكأن الشيوخ والكهول غير موجودين .  
هذه هي الحياة في الغرب بلا بطولة ولا قيمة عليا . وإذا يدعوني الصديق واصف شنون لقراءة مقال رشيد خيون الجميل عن الصوفية الكسنزانية . أشكرك صديقي وأدعوك لقراءة مقال فاضل الربيعي عن إصرار الوحش الرأسمالي على محو الرموز . 

قلبى الموجوع/ رضا محمد السيد


يا خسارة  طلعت ما تستاهل 
وقلبى إللى حبك كان جـاهل
لكن أنـــــــــــا إللى أستاهل
لأنــــــــــــــى كنت متساهل
لكن بقول الله يسمـحك وكــتر خيرك
بكرة راح أنســـــــــاك وأحب غيرك
بس أنا بستغرب إزاى إنخدعت فيك
ووهبت نفسى وكـــــــــــل حبى ليك
ولـــــو كنت طلبت عينى كنت أديك
الله يسامحك وأنا مش هدعى عليك
وبكــــــــــــــرة ربنا بذنبى هيوريك

أصل أنت أنانى وما حبتش غير نفسك
ماراعتش حبى وعملت كل إللى نفسك
وصلتنى بحبك لطريق مـــالهوش رجوع
طريق طويل ونهايته قلبى صبح موجوع
ما رحمتش عينى إللى جفت منها الدموع
خليت حياتى ضلمة وطفيت كـــل الشموع
وفى النهـــــــــــــاية بقول لقلبى إنت المحقوق
مش أى إنسان يقول بحبك يبقى صـــــــــادوق
حقك عليا يا قلبى  ومسيرنـــــــــــــــــــا نروق
وباعترف إنى كنت عايشه فى وهم ولازم أفوق
الشاعر/ رضا محمد السيد

في عيد الأمّ.. الأمّ الفلسطينية ليست ككل الأمهات؟/ راسم عبيدات

  من حق الأمّ الفلسطينية أن تفرح وتحتفل بعيدها ككل الأمهات في الكون، ولكن هناك من يصر على أن يسرق من الأمّ الفلسطينية لحظات فرحتها،.... خبروني كيف ستعرف أمّ الأسير  المناضل سامر العيساوي والذي يخوض إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ اكثر من ثمانية شهور طعم الفرحة أو شكلها، بالأمس الثلاثاء دعوناها في هيئة العمل الوطني والأهلي لكي توجه رسالتها الى الرئيس الأمريكي أوباما عبر مؤتمر صحفي عقدناه في البلدة القديمة، تناشده فيها التدخل من أجل إنقاذ حياة إبنها؟؟،ولكن أوباما الذي لا يرى الأمور سوى بعيون اسرائيلية رفض تسلم رسالة أمّ سامر أو حتى مقابلتها، كما رفض زيارة قبر الشهيد أبو عمار،.....خبروني أيضاً كيف ستفرح أمّ الشهيد الأسير عرفات جردات، الذي استشهد ابنها في سجن مجدو قبل أكثر من الشهر قليلاً، تاركاً خلفه زوجة شابة وطفلين بأعمار الورود؟ .....خبروني كيف ستحتفل أمّ الأسير البطل أيمن الشروانة الذي تحرر من الأسر بعد إضراب إسطوري عن الطعام، وأصر الإحتلال على إبعاده قسراً الى قطاع غزة؟،...خبروني كيف ستفرح وتحتفل أمهاتنا في مخيمات اللجوء في سوريا،التي تمارس فيها عصابات القتل والإجرام  ساديتها وعربدتها على أبناء شعبنا الأعزل هناك، حيث دمروا ممتلكاتهم وقتلوا العديد من أبنائهم،وشردوا الكثير من العائلات في رحلة لجوء جديدة ومجهولة؟، ...خبروني كيف ستحتفل حرائر وماجدات الشام بعيد الأم، وهناك من أقاموا لهن مخيمات لجوء وأستغلوا ظروفهن وأوضاعهن لكي يحولوا العديد منهن الى داعرات، وأن يباع العديد منهن أيضاً بأسواق النخاسة لـ "قوادي" مشيخات الخليج، الذين يبذرون اموال الشعب من أجل تخريب الشام قلب العروبة النابض.

خبروني كيف ستفرح أمّهات الألاف من أسرى شعبنا في سجون الإحتلال، وهم الذين مضى على وجود العشرات منهم ما يزيد عن عشرين عاماً في سجون الإحتلال الإسرائيلي، ويموتون في اليوم ألف مرة جراء ما ترتكبه إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية ومخابراتها من قمع ممنهج ومنظم بحقهم؟،....ألم تغادر والدة  عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس،الذي دخل عامة الاعتقالي الحادي والثلاثين  دون أن تكحل عينيها برؤية وحضن ابنها،الذي طالما إنتظرته،وكانت كل عام تؤجل فرحتها وتعيش على أمل أن يتحرر إبنها من السجن؟،...خبروني كيف ستفرح أمّ فلسطينية الإحتلال يفرق بينها وبين زوجها وأطفالها بسبب تقسيماته لجغرافيا الوطن ضفة وقطاع وقدس و 1948، واختلاف البطاقة الشخصية"الهوية" يعني عدم الحق للزوجة والأمّ بالعيش مع أطفالها وزوجها  تحت سقف واحد، وهذا في عرف الإحتلال ممنوع وشكل من أشكال"الإرهاب"؟،...خبروني كيف ستفرح أمّ فلسطينية عليها أن تخرج في رحلة ذلّ وبحراسة جنود الإحتلال من ساعات الفجر الأولى، ولتعود في ساعات ما بعد المساء لزيارة إبنها المعتقل، وما يرافق تلك الرحلة من تفتيش عار ومذلّ وإنتظار قد يمتد لساعات تحت أشعة الشمس الحارقة أو زمهرير البرد.؟
 هذا حال أمّهاتنا الفلسطينيات في عيد الأمّ،...فهن يستحقين لقب النساء المناضلات عن جدارة وإستحقاق،  فالأمّ التي اعتقل زوجها وطال غيابه  في سجون الإحتلال، تجبرها ظروفها وأوضاعها أن تتحول الى أمّ وأب لأطفالها، ولربما تضاف الى معاناتها معاناة أخرى، إذا ما كانت ظروف واقعها ومحيطها الإجتماعي مجافية،...والأمّ التي لها أكثر من إبن شهيد وأسير،لا اعتقد بأن أيّ فرحة ستعوضها عن ذلك، وخصوصاً عندما ترى بأن هناك من يتاجرون بدم الشهيد أو أن قضية الأسرى ليست في سلم الأولويات ، ولا تحظى بالإهتمام الكافي لا رسمياً ولا فصائلياً ولا شعبياً، وبالأمس بعد الإعتصام الذي بادر اليه حملة "كلنا سامر" ونادي الأسير في القدس أمام القنصلية الأمريكية بالقدس،لحق بي الى شارع صلاح الدين مناضل قضى من عمره في سجون الإحتلال أكثر من عشر سنوات، أنا ورفيقين من هيئة العمل الوطني والأهلي،مخاطباً" لا نريد للبعض أن يتاجر بدم سامر، ولا نريد أن يتسلق البعض على بطولات ونضالات وتضحيات سامر، وعلينا أن نفكر بطريقة ننقذ فيها سامر، لا نريد سامر شهيداً، بل نريده حياً بيننا" ولكي لا يستشهد سامر علينا أن نعمل بكل طاقاتنا وبمختلف أشكال النضال لكي ننقذ حياة سامر، فسامر قال كلمته "إمّا شهيداً أو حراً طليقاً في  مدينة القدس"،وبعد هذه الكلمة على قيادة السلطة الفلسطينية والقوى والأحزاب أن ترتقي الى مستوى المسؤولية، عليها أن تنقذ سامر قبل فوات الآوأن...، وأنا أتكلم بحرقة المناضل الحريص على رفيق  مناضل..،أما إذا لم ننجح -لا سمح الله -  بإنقاذ سامر،...فلا يحق للكثيرين من تجار الدم  والنضال،ان يتحولوا الى أبطال على حساب نضالات وتضحيات سامر، ألم يحن الوقت يا سلطتنا وفصائلنا أن ترى الفرحة طريقها الى أمهات أسرانا وتحديداً القدماء منهم؟ وأذكركم بعبارة قالها لي الأسير رشدي صالح أبو مخ في معتقل شطة في 2002،وهو المعتقل منذ عام 1985 ،وهدّته الأمراض ورطوبة الزنازين،وتحديداً مرض السكري، فقال يا أبا شادي، ألم يحن الوقت لنا أن نتحرر من المعتقل، فأنا مستعد أن يقطع "...." مقابل أن أتحرر من الأسر، كم مؤلم هذا القول،وأبو مخ ليس من الأسرى المحبطين أو فاقدي الإرادة، فهو واحد من الأسرى الذين وقفوا أمام إدارة مصلحة السجون وأجهزة ، وعدد من الأسرى المنهارين،عندما حاولوا فك العلاقة ما بين أسرى الداخل وتنظيماتهم مقابل مزعومة وشكلية لهم.، ولكن ما قاله أبو مخ يعبر عن وجهة نظر الكثيرين أسرى الحركة الأسيرة،الذين فعل فيهم أوسلو الشيء الكثير،لجهة التخلي عنهم،وحتى التنازل عن تمثيلهم طواعية.

نعم في يوم عيد الأمّ نطيّر تحياتنا ومحبتنا الى كل أمهات شعبنا المناضلات الصابرات اللواتي يسجلن أروع أشكال التضحيات والنضال،وهن لسنا ككل الأمّهات،بل تيجان ونياشين على رؤوس وصدور كل نساء العالم أجمع، لهن منا التحية والمحبة والوفاء.

وإذا البراءة سئلت بأي ذنب وئــــدت؟/ غالم مـــديـــن

أفعال يدمى لها القلب,  تتنقلها مختلف العناوين الصحفية , كل يوم,  مسرحها الواقع اليومي المعاش ,في مشاهد مروعة صادمة للنفس ,مشاهد مسرحية تراجيديا, من بدايتها الى نهايتها , تتجدد من الفينة الى الأخرى,محدثة شرخ عميق  في سكينة المجتمع,وفوبيا الهيستيريا, وقائع و أفعال دنيئة مذمومة  مدحورة  , دخيلة على سيرورة  المجتمع , و تأشر على منحى خطير في تفكك  النسيج الإجتماعي وتهاوي مظاهر التوادد بين أطراف المجتمع ,ظاهرة  التنكيل بجثث الأطفال و العبث ببراءتهم ,ووئد أحلامهم الصبيانية, لسبب يجهلونه بحكم براءتهم ,ونقاوة قلوبهم من خبث الكبار , و قد يستقبلون العابث بروحهم بإبتسامة ,لايفقهون خلفية مايحاك  ضدهم ,ومايضمر لهم في خلسة عن أعين الآخرين , غير مدركين بأن مقتديهم  الى المكان المجهول سوف يكون أخر منظر  تبصره أعينهم  في الدنيا, أي سلوك هذا و بأي ذنب يتم إزهاق أرواح بريئة لم تعي  بصورة جلية حركية سيرورة الحياة ,ليس هناك ذنب أقترف من قبل براءة  حتى يلحق بها هذا الآذى , و أي أذى إنه  خنق روحها وشطب وجودها , و التعدي على حقها المشروع   في الحياة,و التعدي على حقها في العيش على بساط هذه الأرض , والتي جعلهم الله  خليفته فيها, و هم في عمر البراءة و عدم  إدراك  الأفعال,إسألوا  شيماء و أخواتها, وإذا الموءدة سئلت بأي ذنب قتلت؟  فبأي  ذنب تقطف زهور أينعت في رحاب الدنيا , إن الفعل المدان بكل المقاييس , وبكل صوت مسموع  يصدح في ربوع الساكنة,  و من قبل الكل , وكل الأديان تحرم  إزهاق أرواح بشرية  تحت أي مسمى , و كل الشرائع القانونية الوضعية تجرم هذا الفعل الشنيع و أعدت له القصاص الرادع ,يجب أن يكون العقاب في مستوى عظمة و جلال  الهول  المحدث من  تصرفات, من أشخاص أعمت بصيرتهم  غريزة التوحش , وفقدان الصفة  الأدمية , أفعال  أضحت تنبأ بمؤشر خطير على البنية الاجتماعية للأمة , و هل هناك خطر أكبر من أن يصبح المواطن , يتوجس خيفة في كل لحظة على أحد فلذات كبده  , و إشعاعة مظاهر الرعب الذي يتمالك الأطفال , و الذي سوف يشكل لهم هواجس الفوبيا و عقد نفسية رهيبة على تركيبته النفسية و كذا إحداث صورة ذكرة أليمة في الذاكرة لا تنمحي , ترفق مسار الطفل , مايشكل عقد تفسية , و كوابيس الجريمة الشنعاء التي تلازم منظرها  مخيلة الطفل و هو في هذا السن القابل لتخزين كل شيء في الذاكرة , فتصبح عبء على مسار حياته و وعبء مضاعف على المجتمع , إن الإنحدار الذي يسلكه المجتمع بفعل هذه التصرفات الممقوتة تدفع الى البحث الاجتماعي, من قبل علماء النفس و الإجتماع ,و الذي يشخصن الداء , لمعرفة  نواعز هذه الظاهرة من   خلال تشريح العوامل التي تغذي الدوافع التي ترتكب بسببها هذ المأسي المروعة للإطمئنان الأسري , والتي تترك الأثر و الصدمة  المروعة في سيرورة المجتمع , و بالتالي يصبح المجتمع في  صورة التفكك , و عدم الأمان و تفشي ظاهرة الرعب , و التي تكون السبب في  إحداث الخلل في المجتمع بعد أن يصبح ,  في بوتقة  الرعب المزمن  المتفشي , و عدم الثقة في تواحد المجتمع, بعد أن  أصبح جزء منه  مرعوب من تصرفات , تمس البراءة و هي  الحلقة الأضعف في   بنية المجتمع  ,  لا حو ل  و لا قوة لها من جبروت الدينصورات الأدمية ,الطفولة البريئة في الجزائر يقذف بها الى  منحدر الهاوية, تحرم من  حقها في الحياة, و المكفول لها به من قبل  الجميع بنص القانون , فهي مستقبل  الأمة  وذخرها , من يدري, قد يكون من بين هؤلاء  الذين  أزهقت أرواحهم  , علماء يقدمون الخدمات للمجتمع ,وقد يكون من بينهم عباقرة  لهم أيادي بيضاء,  على أمتهم وبذرة صالحة في المجتمع,   يجب تشخيص الدواء قبل أستفحال الداء,و على العدالة الدنيوية , أن تقول كلمتها المدوية  التي تحدث الصدى المرعب في نفوس التواقين الى الفعل  الإجرامي , و المتلذذين بعذبات و ألام  الأطفال ,  سادة تطبيق  جوهر  العدالة ورح قدسية مبدأها  ,  لاتأخذكم  رأفة بهولاء المجرمين,  الذين  أصبحت لديهم نوازع عدوانية  على المجتمع  ,و  أصبحوا وحوش بشرية , تترصد بالبراءة في كل منعرج , لتحدث الصدمة في المجتمع , و ترسل صورة سلبية للخارج , و خلق صورة سودوية عن المجتمع الجزائري , لذا يجب أن تقول العدالة الدنيوية كلمة تكون بمثابة , الزجر لهذه الفئة التي إستحلت العبث , بزهور البراءة وحرمتها من حقها المشروع في الحياة, يجب أن  يكون للعدالة الدنيوية الرد الحاسم في ردع هذه الحثالة لما صنعت أيديهم , التي إنسلخت من رحم  الفطرة البشرية  التي فطرها بها رب العزة , الذي كرم الروح البشرية , و جعل أشد العقاب لمن يزهق الروح  ,بدون وجه حق , ومن قتل نفسا  كأنما قتل الناس جميعا , نفسا عند الله تساوي الدونيا و مافيها ,لذا يجب  تنظيف المجتمع من هذه الفئة التي إستهواها الإجرام, وزخرف لهم الشيطان  أفعالهم , وإنساقت أنفسهم الى  الرذيلة و إمتهان سلوكات الإجرام  البعيدة كل البعد عن جوهر  الإنسانية,  والتلذذ في  إستباحت قيم المجتمع المتحضر,و  إنزلقت الى عالم الإجرام في أقصى صوره وبكل المقاييس, تفسير السلوك الإجرامي , نظرية لومبروزر العالم الإيطالي ,في علم الإجرام ,لم يصف لنا هذه الحثالة,  و  لم يتنبأ بظهور هؤلاء الوحوش المفترسة في صورة بشر,يمشون بين عالم  البراءة,  العقاب الدنيوي في حقهم يجب أن يكون عبرة لكل من تسول له نفسه الإنجرار الى هذه الهواية و إقتراف الجرم الفظيع  في حق البراءة  التي هي في منزلة الملائكة,يجب أن يكون العقاب في مستوى الجرم ,لا تهاون مع هذه الجرائم ,و  الأفعال التي أصبح يتسابق المجرمون على التفنن في رسم صورها السودوية الملء بالقرف و الإشمئزاز  ,الى درجة التمثيل بالجثث , أي منقلب هذا؟ العقاب الدنيوي و خزي لهم في الحياة,  قبل عقاب منزلة السعير, التي إعدت لهم و لأمثالهم, في عالم البرزخ, و الذين يقول فيهم ،
رب العزة(وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ) يس:59 هو الرد الأمثل لهم وإ ن الحق العام , لهم بالمرصاد  , ولن يقف يتفرج على سلوكات و أفعال ,تمس المجتمع في الصميم في ثروته البشرية  !!

أهوى النساء/ حسن العاصي

أنا رجل يهوى النساء
عاشق حالم
في كل المواسم والفصول
لي قلب كورق الورد
ومع الغرام لي تاريخ
وصولات في ميادين الحب
لكن أمر الهوى لاتسلني
ياصاحبي شديد
بيني وبين العشق حكايات
كم من النساء راقصت
وكم منهن غازلت
ارتعشت كدالية
وتنهٌدت كبساتين المطر
كم كتبت لهن من أشعار
وأثملتني المرافئ
وكم عانقت فيروز الوصل
فمانفع الغرام
لو لم يمسنا لهيب الهوى
أو يزيد
أنا شاعر الصبابة
من دم قيس أتجرع
خمرة العشق
من قوافي عروة
أشيٌد أبراج الحب
في منابر الغرام لي أتباع
على قناطر المحبين
لي جند
كنت أعذل العشٌاق
فأضحيت وقد أسقمنى الهوى
تربكني الخطى
بعد أن كنتُ
ذو رأي سديد
أحب اليانع من ثمار الهوى
أعشق بنات الضاد
كحصان جامح
يرقص فوق السمٌار
كطير واسع الجناحين
مفتون بالأزهار
قد أعيتني الأعين السوداء
ونال السهد قافيتي
ولم يزل بي الهوى
رمش ساحر
وإن فارقني العيش الرغيد
أعشق البيضاء والسمراء
فالغرام يحلو إن تقطٌرت لذته
من بساتين الهوى
كالخمر يُسكر منه التعدٌد
أقبٌل مسك الطيب
وأرشفه نغماً
يعاقر كؤوس الهيام
أعشق اللحظ من سنا طلٌتهن
وقد أطواني اللهف
أحتسي صباح الروض
وأستمطر الهوى أنا سجينه
قد فاح منه الشوق عديد
يتسامر بي الغرام
بين زهرة وزهرة
كأنٌي ربٌان القوافي
لكنٌني بين الحسناوات
قبل انشطار الوصال بيدق
أقطف جذوة الهوى تقطر ولهاً
أنذر ضفاف المُدام
أتوسٌد زفرات الفاتنات
لم ينل مني الهوى مشقٌة
مازال في يدي بعض أمري
لكنٌني أرنو إلى لفح ارتعاشي
وهذياني
من أقصى الرضاب
حتٌى الوريد

ياسمين آذار المخضب بالدم - الحلقة الخامسة/ محمد فاروق الإمام

المذبحة المبيتة
18 تموز 1963
بينما كانت تجري المحادثات في القاهرة بين عبد الناصر والوفد السوري. كان الناصريون - مدنيون وعسكريون - يعدون العدة للانقضاض على البعثيين مستهدفين حصنهم الحصين.. الجيش.
وكانت سلطات البعث على علم بكل تفاصيل خطط وتحركات الناصريين. (استطاع البعثيون اختراق الناصريين من خلال زرع أحد عناصرهم المقدم محمد نبهان - أحد منظري التحركات الناصرية - ليكون عينهم بين صفوف الناصريين، وكان يقدم المعلومات كاملة وتفصيلية عن خطط وتحركات الناصريين إلى أعضاء اللجنة العسكرية. مما أفشل كل تحركاتهم).
وفي 18 تموز في وضح النهار.. وفي الساعة الحادية عشرة صباحاً.. احتل ما يقرب من ألفين من المسلحين مواقعهم.. في الحدائق العامة المحيطة بمبنى القيادة العامة للأركان.. يقودها من العسكريين كل من: (اللواء راشد القطيني نائب رئيس الأركان السابق، والعقيد جاسم علوان - زعيم الحركة - واللواء محمد الجراح رئيس قوى الأمن الداخلي في عهد الوحدة، والمقدم أدهم مصطفى نائب عبد الحميد السراج رئيس الشعبة الثانية، والعقيد مروان السباعي رئيس الشعبة الثانية بعد السراج، والمقدم رائف المعرّي) ومن المدنيين: (جهاد ضاحي أحد قادة حركة القوميين العرب وزير المواصلات السابق، وعبد الصمد فتيّح أحد مسؤولي الجبهة العربية المتحدة ونائب رئيس المجلس السابق، وعبد الوهاب حومد أحد قادة الجبهة العربية المتحدة ووزير المالية السابق، ويوسف مزاحم أحد الوزراء السابقين في الجمهورية العربية المتحدة). وهاجموا الأركان من جبهتين في نفس الوقت، وكذلك مبنى الإذاعة، وحرس أركان القوات المسلحة. على أن ردّة فعل السلطات البعثية - العالمة مسبقاً بهذا التحرك الناصري - كانت أكثر عنفاً.. وكانت معركة من أكثر المعارك دموية تعرفها دمشق. وكانت نتيجتها مئات من القتلى وإعدام فوري لثمانية عسكريين واثنا عشر مدنياً. واحتل الجيش - الذي بات بعثياً - النقاط الإستراتيجية في العاصمة. وأخذ (الحرس القومي) - ميليشيا حزب البعث - يطارد الناصريين في كل أرجاء البلاد السورية.
فقد توزع هذا الحرس على شكل حواجز ثابتة وطيارة في العاصمة دمشق، وكان في مقدمة المشرفين على هذه الحواجز اللواء أمين الحافظ وزير الداخلية والعديد من القيادات الحزبية المتقدمة، الذين كانوا يستفزون المواطنين ويتعاملون معهم بقسوة وفوقية وينظرون إلى الجميع كأنهم متهمون بالعمالة والخيانة ومتآمرون على الوطن، كما انتشرت فرق من هذا الحرس في كافة المدن السورية لملاحقة الناصريين ومؤيديهم.
وقد يتساءل البعض لماذا لم تقم السلطات البعثية في دمشق بإلقاء القبض على قادة الحركة.. طالما أنها تعرفهم بأسمائهم وتعرف خططهم قبل أن يقدموا على تنفيذ العملية؟ والجواب بسيط: لأن البعث يريد ان يرهب كل معارضيه.. كما كان يريد أن يقضي عسكرياً على تنظيمات الناصريين السرية وعلى عناصرهم الأكثر نشاطاً.. ويزيد بالتالي من شقة الخلاف وقطع الجسور نهائياً ما بين دمشق والقاهرة.
مهما يكن من أمر.. فإن هذه هي المرة الأولى التي تُقمع فيها حركة انقلابية في سورية بكثير من العنف وإسالة الدماء الغزيرة التي لا مبرر لها.. وهي المرة الأولى أيضاً منذ الاستقلال التي يدافع فيها نظام عن بقائه في الحكم بالسلاح وإسالة الدماء. وبذلك يكون البعثيون في سورية أول من استنّوا هذه السنة السيئة.. والتي تشبه إلى حد بعيد السنة التي استنها قابيل عندما قتل أخاه هابيل.
بعد كل هذه الأحداث خرج عبد الناصر عن صمته ليعلن الحرب ضد البعث السوري.. معلناً في نفس الوقت انسحاب القاهرة من (ميثاق 17 نيسان) حول الوحدة الاتحادية الثلاثية بين مصر وسورية والعراق. وأعلن عبد الناصر: (أن السلطات التي تحكم اليوم في سورية لا تمثل الشعب السوري. لهذا فإنني أعلن قطع العلاقات مع الحكومة الفاشية التي تقيم في دمشق).
أما البعث السوري فقد اعتبر أن نقض ميثاق 17 نيسان هو بمثابة جريمة ترتكب ضد الوحدة العربية.. وانعطاف تاريخي خطير لا يختلف في شيء عن 28 أيلول 1961م، عند وقوع الانفصال السوري.. ولكنه بنفس الوقت يعلن (تمسكه) الذي لا يحيد عنه بهذا الاتفاق ويطلب تطبيق بنوده في الوقت المحدد.
لابد أن يتساءل المرء: هل البعثيون جادّون فعلاً ويسعون لعقد وحدة مع مصر؟ ولابد لنا قبل الإجابة أن نذكّر بأن البعثيين لا يؤلفون تكتلاً سياسياً موحداً أو منسجماً. وبالتالي، فليس لديهم برنامج واضح المعالم والخطوات العملية في هذا الميدان. فسياستهم سواء على الصعيد الداخلي أو على الصعيد العربي كانت عبارة عن سلسلة من ردّات الفعل بالنسبة للأحداث التي كانت تجري في سورية منذ 8 آذار. ومن جهة أخرى فإن الحزب كحزب، حتى استلام السلطة في دمشق، لم يكن منظماً بعد، ووجوده هو أقرب إلى الوجود الاسمي منه إلى الوجود الفعلي. أي أنه نوع من (اليافطة السياسية) إذا صحت التسمية أو صح التعبير.
فقيادة الحزب القومية - كما نوهنا سابقاً - لم تكن على علم رسمياً بالتحضير للحركة، ولا باليوم الذي سينفذ فيه الانقلاب. وعلى أية حال، فإن الغالبية العظمى من قادته وعلى رأسهم ميشيل عفلق كانوا في بغداد قبل أسبوعين من وقوع الحركة العسكرية في دمشق في 8 آذار. وكذلك فإن صلاح الدين البيطار لم يكلف بتأليف حكومة (اتحاد وطني) إلا قبل وقت وجيز جداً من بدء عملية التنفيذ.
وبكلمة صريحة ومختصرة.. ليس حزب البعث بقيادته القومية.. ولا قيادتيه القطريتين.. ولا حكومة البيطار.. ولا المجلس الوطني لقياد الثورة.. ولا حتى اللجنة العسكرية من يحكم سورية!! إن الذي يحكم سورية هو الثلاثي (صلاح جديد، ومحمد عمران، وحافظ السد). فهم وحدهم هم من يسيطر على الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية بأيد أخطبوطية.. ويمسكون بكل مفاصل الجيش والقوات المسلحة.
المؤتمر القومي السادس لحزب البعث
القيادة القومية
الواقع أن الاتجاه البعثي الذي يوصف بـ(الاتجاه القومي).. أي الاتجاه الذي تقوده القيادة القومية للحزب، كان في حقيقة الأمر يسعى إلى إيجاد جو من التفاهم مع القاهرة.. ويميل أيضاً إلى تحقيق شكل من الوحدة الاتحادية بين مصر وسورية والعراق.. على أن تضمن هذه الوحدة الاستقلال السياسي لكل قطر من الأقطار الثلاثة، وكذلك حرية تشكيل الأحزاب السياسية. وهذا الاتجاه يتمثل عملياً بالأمين العام للحزب ميشيل عفلق وبرئيس الوزراء صلاح الدين البيطار.
بالرغم من اعتدال هذا الاتجاه وصدقه في نواياه الوحدوية.. إلا أن القاهرة كانت تتهم القيادة القومية بالطريقة التي تقدم بها الوزراء البعثيون استقالاتهم من الحكومة سنة 1959م، والتي اعتبرها عبد الناصر من مقدمات الانفصال، بل ذهب إلى ابعد من ذلك باتهامهم بمسؤوليتهم عن حدوث الانفصال. ومن جهة ثانية استياء عبد الناصر من موقف القيادة القومية اللامبالي عند حدوث حركة الانفصال وتوقيع صلاح الدين البيطار على بيان السياسيين السوريين الانفصالي، أضف إلى ذلك الأحداث الأخيرة التي وقعت بين الناصريين والبعثيين، وتصفية البعثيين لكل الناصريين.
هنا وجدت القيادة القومية أنها جرَّت نفسها إلى مواقع الاتهام سواء من الناصريين الذين يتهمونهم بالخيانة، أم من بعض قواعد الحزب والضباط البعثيين الذين يتهمونهم بأنهم باعوا الحزب لعبد الناصر. يقول منيف الرزاز: (إن تهمة الناصرية توجه للبعثيين الوحدويين للتخلص منهم وإبعادهم) _ الاتهام كان من قبل القطريين.
ويضيف الرزاز قائلاً: (ويبدو أن خطيئة صلاح الدين البيطار في توقيع وثيقة الانفصال، وفي سعيه حتى يقبل الحزب الاشتراك في وزارة الدكتور بشير العظمة أيام الانفصال، قد جرحته أمام الحزبيين الوحدويين جرحاً لم يسهل عليهم نسيانه، بالرغم من أنه قاد بعد ذلك الحملة الوحدوية في الحزب، وكان له كبير الأثر في الضغط من أجل البدء في مباحثات الوحدة الثلاثية بعد الثورة. ولكن هذه الحملة الوحدوية قد أساءت إليه عند الحزبيين القطريين والعسكريين والحاقدين على عبد الناصر، ففقد بذلك عطف الطرفين معاً).
ويتضح لنا من كل هذا أن علاقة القيادة القومية بحكم البعث السوري، وتحديدا بالعسكريين، بقيت عائمة وغير واضحة. فضعف القيادة القومية وعدم جدارتها منعاها من أن تقيم تنظيماً قوياً وأن تفرض سلطتها على الضباط البعثيين، وبالتالي من أن تمسك بيدها زمام الحكم، كذلك لم تستفد القيادة القومية من الدعم غير المحدود الذي منحتها إياه القيادة البعثية في العراق. مما دفع العديد من كوادر الحزب وأكثرية أعضائه تستنكر أبوتها، وترفض وصايتها.
ويقول منيف الرزاز حول هذا الموضوع: (فقد كان من عادة القيادة القومية أن تترك الأمور تسير، ثم تشكو من انها سارت في طريق خاطئ. وتحاول أن تبادر إلى الإصلاح حين يكون وقت الإصلاح قد فات، تركت للجنة فرعية منها زمن الانفصال، أن تعيد تنظيم الحزب. ثم شكت من أن اللجنة قد أساءت استعمال صلاحياتها.. أشركت العسكريين في قيادة الحزب دون أن تعطي نفسها حق الإشراف على الحزب في الجيش، ثم شكت من أن العسكريين قد استولوا على الحزب. ولكن أكبر خطيئة ارتكبتها قيادة الحزب في هذه المرحلة، انقطاعها التام عن قواعد الحزب.. فلا اتصال ولا اجتماعات ولا نشرات. حتى جريدة الحزب لم يكتب فيها أحد من قيادة الحزب.. وتركوها جريدة لا تمثل رأي الحزب في شيء).
وفي تقرير حزبي، وصف أمين المكتب التنظيمي العسكري لحزب البعث الحالة التي وصل إليها الحزب فقال: (لقد وصل التنظيم إلى حالة من التشويه، لم يعد من الممكن تحملها من قبل الرفاق، وحل الولاء الشخصي والتكتلي محل الولاء الحزبي).
يتبع

صباحكم أجمل: الجديرة زهرة مقدسية/ زياد جيوسي



 عدسة زياد جيوسي

الجديرة: تمازج القديم بالحديث
    حينما زرت بلدة الجيب في صيف 2008 لفتت نظري بلدة (الجديرة) وهي تعتلي سفوح التلال على يميني في الذهاب، وحين كنت أزور بنات أخي القاطنات على أعلى تلال بلدة بـير نبالا مقابل الجديرة، كنت أرقبها من البعيد والتقطت لها بعدستي العديد من الصور من تلك التلة، ولكن لم يتح لي زيارتها أبداً، فأنا لا أعرف أحداً من أهلها، وزيارتي لأية بلدة تحتاج وجود أشخاص يهتمون ببلدتهم ويعرفون خباياها ليجولوا معي، فليس من المعقول أن أجول بلدة وحيداً وأنا لا أعرف دروبها ونقاط التراث التي أهتم بها بشكل خاص فيها.

   ربما حسن حظي أني أؤمن دوماً أن كثيراً من أحلامي تتحقق، فقد كانت الزيارة للجديرة تمر في خيالي كلما مررت من جوارها كسحابة صيف، حتى كانت لحظة الصدفة أنني كنت أتحدث مع الصديقة نورما نصار عبر الهاتف عن مشاريعهم الجديدة في جمعية لتطوير الموارد تعمل بها وتهتم بالشباب، بعدما شاركتهم في دورا والخليل وزعترة وأريحا، فقالت إن لديها موعداً مسائياً في بلدة الجديرة من أجل متابعة مشروع ثقافي رياضي شبابي كونها منسقة جمعيتي حماية الموارد البيئية وجمعية تطوير الصناعة المهتمتين بدعم الشباب، فصرخت: الجديرة؟؟ أريد زيارتها فاجعلي موعدك نهارياً كي أتجول بها وأكتب عنها وتعانقها عدستي، وهذا ما حصل فقد تولت هذه الفراشة التي لا تهدأ ترتيب الزيارة ومن سيجول معنا في أنحاء هذه البلدة الوادعة.
   الإثنين 30/1/2012 كان موعدنا، ورغم أن الغيث انهمر بغزارة إلا أن هذا لم يثنينا عن الزيارة أو يدفعنا لتأجيلها، فمرت العزيزة نورما بسيارتها وأقلتني من باب الصومعة إلى الجديرة، لنلتقي هناك الشاب النشط والمتحمس محمد أكرم، وهو من نشطاء شباب البلدة ومن سواعدها السمراء، وهو من مؤسسي جمعية الجديرة للتنمية والتطوير ويرأس إدارتها، هذه المؤسسة الشبابية الجديدة التي تأسست بالقرية بتاريخ 27/7/2009، على أيدي بعض شباب القرية الذين يهتمون بالقرية وبكل ما هو جديد بها، مؤمنين بالعمل المؤسساتي بالقرية، كي تستفيد من ما يمكن من مساعدات إنسانية أو طبية أو جامعية واجتماعية، وبعد أن قامت الجمعية على أرض الواقع حاربها الكثيرون كما روى لي محمد أكرم، لأنهم لا يفقهون معنى العمل المؤسساتي في هذا الوطن، علماً أن الدولة التي يحلمون ونحلم بها، يجب أن تكون قائمة على المؤسسات.
  استقبلنا محمد أكرم رغم المطر الشديد، في الموقع المقرر للمشروع الثقافي الرياضي الشبابي، والذي يشرف بنفسه على التشطيبات الداخلية كي يكون المقر جاهزاً للمشروع، الذي أتيح لي لاحقاً أن أشارك بالافتتاح في 30 نيسان من هذا العام، وبعد نقاش مستفيض حول المشروع بين نورما ومحمد أكرم، كنت أثناءها أقف تحت رذاذ المطر متأملاً جمالية الجديرة، بدأنا التجوال بين ما تبقى من البيوت التراثية.

الجديرة: نافذة تراثية
  الجديرة أو كما تلفظ (إجديرة) وتعني في اللغة العربية البناء المحاط بالجدران، وفي لسان العرب ورد معناها (والجَدِيرَة: كَنِيفٌ يتخذ من حجارة يكون لِلْبَهْم وغيرها)، ما يشير إلى خصوبة الأرض ووفرة المياه بحيث استخدمت لرعي المواشي وبناء الحظائر فيها، وهي من قرى بيت المقدس من الجهة الشمالية الغربية للقدس، ولا تبعد عن قلب القدس إلا عشرة كيلومترات وتقع على تلة من سلسلة جبال القدس، ما بين بلدات بيتونيا في غربها وبلدة قلنديا شرقها، بينما جنوبها تقع بلدتي بير نبالا والجيب، وبلدة رفات إلى الشمال منها، وبحكم هذا الموقع وعلى ارتفاع يقارب 775 متراً عن سطح البحر، تميزت بجمال أجوائها واعتدالها، وتتميز قرية الجديرة بترابط العلاقات الاجتماعية بين سكانها، فالبلدة صغيرة، وصلات القرابة والنسب بينهم كثيرة، حيث أن معظم سكان القرية من أهلها الأصليين، ويبلغ عدد سكان القرية (2500) نسمة إضافة إلى عدد لا يتجاوز عدة مئات مغتربين في الولايات المتحدة والدول العربية، وتمتد الجديرة في تاريخها للفترة الكنعانية، فهي امتداد بأراضيها إلى مملكة الملك الكنعاني جبعون، وفي اللغة الآرامية يعني اسمها الجزيرة الخصبة، وهذا ناتج عن امتداد سهولها وتوفر المياه فيها والآبار، ما يشير إلى أنها كانت مستخدمة للزراعة والرعي بفترة الملك جبعون، الذي قاتل وأبناؤه حتى قتلوا رافضاً الانسحاب حين غزا المنطقة يوشع بن نون، وقد أشارت النقوش المصرية إلى أن مملكة جبعون كانت على علاقة تجارية متميزة مع مصر، وأنها كانت متميزة بازدهارها على بيت المقدس بتلك الفترة.

الجديرة: تراث جرت إزالته
    بدأنا الجولة رغم انهمار المطر، فدوماً أقاوم الظروف الصعبة وأهمس لنفسي: هي فرصة ربما لا تتكرر في زمانك أيها الكنعاني، وحقيقة وجدت في بلدة الجديرة الكثير من الجمال، ورغم صعوبة الحركة بين ما تبقى من الأبنية التراثية بسبب الوحول والمطر، وتعرضي للانزلاقات أكثر من مرة، إلا أني لم أتوقف لحظة، وأتعبت العزيز محمد أكرم كثيراً، وأما نورما التي كانت ترتجف تحت المطر، فناشدتها أكثر من مرة أن تبقى في السيارة حتى ننهي كل جولة من الجولات ونعود إليها، وتجولنا في بيوت تراثية جميلة لكنها بكل أسف مهملة تماماً، وأحدها دخلته رغم العتمة معتمداً على ضوء الجوال، واستخدمت (الفلاش) بالتصوير رغم أني لا أحبذ استخدامه، فأنا أشعر به يبعدني عن الفنية والتمتع باختيار الصورة وزاوية اللقطة.
   من بيت إلى بيت ومن موقع إلى موقع تجولنا، حتى شعرت أن المطر تمكن من اختراق معطفي ودخل إلى جسدي ليطهرني بعبق تاريخ وطننا الجميل، وأثناء تجوالنا دخلنا أحد تلك البيوت بصعوبة وهو بمساحة جيدة ومن عدة أجزاء وبني على نظام الأقبية المتقاطعة، لكن الإهمال كان به كبيراً، فهمست لمحمد أكرم: هذا البيت المفترض أن يرمم ويكون مركزاً ثقافياً كبيراً ونقطة جذب للبلدة، ولكني فوجئت حين قال لي أن هذا البيت سيهدم ليبنى مكانه مبنى آخر حديث!! فانزعجت جداً، فما تبقى في البلدة من بيوت تراثية قليل جداً، فألا ينتبه المعنيون بأن يحافظوا على بعض من هذا التراث ليروي حكاية البلدة للأجيال القادمة التي لم تعش ما عشناه؟ وهل ننقل إليهم أبنية إسمنتية مشوهة لا تحمل أي فكرة ولا تراث ولا جمال؟؟

    من بين بيوتات القرية اتجهنا إلى أطرافها، حيث الجدار البشع الذي التهم منها أجزاء كبيرة، وحيث الطريق الالتفافي رقم 45 الذي شقه الاحتلال لخدمة المستوطنين، فالاحتلال بالكاد يبقي مساحات بسيطة من الأراضي للمواطنين، ويصادر نسبة كبيرة خلف الجدار لمصلحة المستوطنين الأغراب، ففي بلدة الجديرة قام الاحتلال بمصادرة بئر المياه الرئيس الخاص بالبلدة، وصادر مساحات من الأرض زادت عن ألف دونم، ما أدى إلى عزل البلدة عن محيطها، وحرمها الماء وأخصب الأراضي، ومنع وصول الناس إلى حقول الزيتون تحت حجج الأمن ومنع الاقتراب من الشارع الالتفافي 45 تحت دعوى حفظ الأمن لجنوده ومستوطنيه الأغراب من شذاذ الآفاق.

   الطبيعة في هذه المنطقة ساحرة، حتى أن أشكال الصخور لفتت نظري فالتقطت لها الصور، وعدنا باتجاه هذه الزهرة المقدسية (الجديرة)، مارّين بالمقبرة التي ضمت رفات الجدود، فقرأت على أرواحهم الفاتحة، ومتمنياً أن يهتم الأحفاد ببلدتهم أكثر، ويحافظوا على ما تبقى من تراث جميل حتى لا تضيع حكايات الجدود، وإن تألمت في الفترة الأخيرة حين علمت أن قسماً من هذا الجمال وعبق التاريخ جرى هدمه وإقامة أبنية جديدة مكانه، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله، متى سندرك قيمة التاريخ والتراث في وطننا؟
   أنهينا الجولة وأردنا المغادرة، ولكن محمد أكرم رفض أن نغادر قبل استضافتنا، فزرنا بيته والتقينا مع عدد من أهله ومع والده الشيخ الجليل أكرم عودة برجس، الذي أصر أن يستضيفنا على غداء كما عادات العرب الأصيلة وعادات فلاحي بلادنا فاعتذرنا بقوة، واحتسينا الشاي والقهوة واستأذنا بالمغادرة، لنعود إلى رام الله ومنها افترقنا نورما وأنا، لأعود إلى صومعتي وأكتشف أن كل ملابسي أصبحت معبقة بالمطر وبالطين، فابتسمت وهمست: الوطن يستحق أكثر.
   صباح آخر لرام الله، يوم عطلة صحوت به نشيطاً رغم التعب من زيارة امتدت حتى منتصف الليل لمدينة طولكرم، حيث الوالد والشقيق الأكبر وأسرته والأهل والأحبة، أقف إلى نافذة صومعتي متأملاً الحمائم والورود وحوض النعناع، أحتسي فنجان قهوتي وأهمس لطيفي الذي ترافقني روحه رغم المسافات، لنستمع لفيروز وهي تشدو: (أديش كان في ناس عالمفرق تنطر ناس، وتشتي الدني ويحملوا شمسية، وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني.. نطرت مواعيد الأرض وما حدا نطرني، صار لي شي مية سنة عم ألّف عناوين، مش معروفة لمين، وودّيلن أخبار، بكرا لا بد السما ما تشتيلي عالباب، شمسيات وأحباب يخدوني بشي نهار واللي تذكر كل الناس بالآخر ذكرني).
   فأهمس: صباح الخير رام الله، صباح الخير يا وطن، صباحكم أجمل أحبتي، شكراً لأن أرواحكم تجول معي الوطن، وقريباً في جولة أخرى وعبق آخر من عبق الوطن والتراث والجمال.