محمود زين العابدين حسني بشار القذافي/ نافزعلوان

الأسم الرسمي منذ الآن للسيد محمود عباس هو محمود زين العابدين حسني بشار القذافي۔ يسير السيد محمود عباس بخطىً حثيثة صوب ذات النهاية التي إنتهي إليها هؤلاء الأربعة۔ لا ندري أهو العند الذي سيودي به كما أودي بأولائك إلي التهلكة أم أنها الأقدار ۔۔ مشيناها خطىً كتبت علينا ومن كتبت عليه خطىً مشاها۔  
ولا نعلم السبب الحقيقي وراء إنسان من المفروض أنه متعلم ومطلع كالسيد محمود عباس يسير بمحظ إرادته صوب مصير لا يليق، لا به ولا بالشعب العريق الذي ينحدر منه؟ أهل الدين علي إختلاف أديانهم يقولون أنها مشيئة الله وإنتقامه من كل حاكم ظالم في هذه الحياة الدنيا۔ ويقول العلمانيون الذين يقرنون الدين بالعلم أن هذا مصير محتوم على كل من وصل به الغرور مبلغه يسير نحو التهلكة بتلك الخطي الحثيثة بسبب إستيلاء هذا الغرور علي العقل فيحسب أن لن يبلغ مبلغه أحد ولو فكر لثانية واحدة كل حاكم إستولي علي عقله هذا الغرور، لإكتشف أن كرسي الحكم هذا لو كان قد دام للذي سبقه إلي ذاك الكرسي لما وصل كرسي الحكم هذا إليه۔ ثم هناك الملحدين اللذين لا يؤمنون بوجود خالق لهذا الكون وأن العالم هو نتيجة إنفجار هائل نتجت عنه عدة مجرات وعدد من الكواكب بدخل كل مجرة، منهاكوكب الأرض الذي توفرت علي سطحه عوامل أنتجت الماء والأكسجين وبعض اليرقيات التي تطورت خلال ملايين السنين ثم خرجت إلي اليابسة ونشاءت له أطراف ۔۔ ألخ ۔۔ألخ، المهم، يقول الملحدون أن هذه ظاهرة تسمي ’الكارما’ وهي أن الإنسان عندما يرتكب جريمة أو شيئ شنيع ضد إنسان آخر تقوم ’الكارما’ بصب ذات الجريمة علي مرتكبها۔
 
أياً كانت الأسباب، واقع الأمر يقول أن البقية الباقية من حكام العرب كالسيد محمود عباس المتشبثين بمراكزهم سائرون طواعية إلي تلك النهايات الشنيعة۔
 
إلا أن الأمر لن يقف عند هؤلاء الحكام فقط بل سيطال كل من حولهم من قريب أو بعيد، فكم من وزير ومستشار لهذا الحاكم أو ذاك كان يخرج علينا مستلاً سيف الولاء والخنوع لذاك الحاكم، وكم من كاتب سن قلمه يدافع عن حاكمه وحنكته وعروبته وعند سقوط ذلك الحاكم تنهمر الدموع، دموع الندم وأحياناً دموع الإسترحام والإستعطاف ويقدم كل منهم صحائف من الإدعاءات بأنه كان مجبراً لا حول له ولا قوة فيما كتب ولا في ما قدم من إستشارات لذلك الحاكم أو ذاك الطاغية۔ هؤلاء كان من الواجب، بل يجب إعدامهم في الشوارع العامة ليس علي ما كتبوه وقدموه لذلك الحاكم بل علي جبنهم وخستهم بعد أن أكلوا وشربوا حتي الثمالة علي موائد طغاة العرب ثم إنكارهم لكل ذاك۔
 
والمشار إليهم أعلاه كانوا سبباً رئيساً في إستمرار ذاك الطاغية، وضعوا ودسوا رؤوسهم في التراب خوفاً من عقاب قد يطالهم وقد لا يطالهم۔ قاموا بإختيار أقصر الطرق وعاشوا علي دماء الشعوب التي راحت ضحية طغيان من كانوا يهللون له في الأمس القريب، لذا كان الواجب أن يقتص المجتمع من هؤلاء من قبل أن يبداء قصاص ذاك الحاكم۔
 
كم من أمثال هؤلاء تعج بهم الأراضي الفلسطينية والأراضي المصرية والتونسية والليبية ۔۔ و۔۔ و۔۔
 
الخلاص من حاكم أوطاغية في دولنا العربية دون القضاء علي أذنابهم كمثل أن نقتطع جزء من الورم الخبيث ونترك بقية جذوره لكي تنموا وتنتشر من جديد۔

لوس أنجليس

النيران تتصاعد من حولنا/ صالح خريسات

المراقب لجيل الشباب، يلاحظ أنهم لا يقدرون النعم التي هم فيها حق قدرها. نعم الكفاية، ونعم ثراء الوجود الذي يحبونه ويرونه كل يوم. كما أنهم في غالب الأحيان في كرب وكآبة، ولا يتصرفون على نحو يستمتعون فيه بالحرية. وربما من أجل ذلك لا يملكون الشجاعة الكافية للمستقبل! مع أننا نرى بأم أعيننا تحسن نوعية الحياة في البلاد، واستتباب السلام، وتضاءل النزاعات، وتصحيح الأخطاء.
إن حظوظ الوطن المستقبلية ستكون كبيرة، إذا استطعنا أن تتجاوز انشقاقاتنا وعداواتنا، وإذا استطعنا أن تتجه نحو عالم الغد بمبادئ جديدة. وبدلاً من العداوات وانعدام الثقة، على المواطن أن يسعى نحو مجتمع متسامح يثق فيه المواطنين ورجالات الدولة بعضهم ببعض،. وعندما يصبح الوطن مهدا للتعددية الليبرالية المتسامحة يستطيع أيضاً أن يتحول تلقائيا إلى وطن ديمقراطي وحر، وأنا أقصد بذلك، سلام بدون تبعية، تقدم بدون استغلال، توحد بغير اندماج، ومساواة بدون إقليمية ضيقة. هذه الشعارات يمكن أن تتحول إلى مبادئ مفيدة لكل الأجيال عند اتجاهها لتحديد هويتها. فالهوية الوطنية، لا يمكن أن تعني رفضاً للتنوع، بل على العكس من ذلك فإن التعددية الفكرية، هي في الحقيقة فرصة ضخمة للتقدم نحو التطور.
ولكن يبدو لنا أن التقدم على الطريق اليوم صعبا، وقد بدأنا نحس بالخسارة الكبيرة المتمثلة في ضياع ملايين المواهب أو تدميرها في الفوضى، وبدأنا نشعر الآن بالذات، بالآثار المتأخرة لليأس، والتراجع، والكآبة التي تجمعت في أعماق وعينا وأرواحنا، منذ عشرات السنين. وربما كنا نقدم الآن ضريبة العيش على حساب الغير، وفوق ما كانت تحتمله ظروفنا في العقود الماضية.
وفي تقديري، فإن ما يحلم به الشباب المراهق ، وما يتمناه وما يصوره اليوم، ولكنه يتفادى السخرية من ذكره علنا، سوف يكون قريبا مما تصمم عليه الهيئات العامة، ثم يصبح حقوقا يطالب بها عن طريق الحوار والحراك والنزاع، ويمسي بعدئذ قانونا ظافرا، ومؤسسة تبقى مائة عام، حتى تتخلى بدورها لأمان جديدة وصور جديدة.
ولكن ما الذي جعلنا نصل إلى هذا المأزق الحرج؟ وكيف يبدو الخلاص ممكنا في ديمومة التراخي والتردد في المواجهة؟ يمكن القول أن الأدوات والوسائل الإعلامية، وهي التي تشارك بطريقتها في صنع القرار السياسي، وتسير الحياة اليومية .هذه الوسائل هي مشكلة كبرى في البلاد، بسبب السيطرة عليها من قبل فئات لها أجندتها الخاصة، تدير هذا الجهاز الخطير، دون معرفة كافية بآثاره السلبية،وكل ما يهمها البقاء في المواجهة.
في العلم المتحضر، لا توجد مشكلة من هذا النوع،فقد طورت أوروبا عبر قرون طويلة، قناعات أساسية وتأسيسية، وكان من بينها تلك القدرة على الاختلاف والتناقض، وعلى وضع الأمور كلها خارج دائرة الأخلاق، وضمن دائرة التساؤل.
إننا نعيش الآن الظروف نفسها، وعلينا أن نستفيد من تجارب هذه الأمم، فلا نرفض التعددية السياسية والمذهبية، وإنما نرفض أن تكون سببا في تخلفنا وتراجعنا وتدمير حياتنا.  فإن لم نخرج من هذه الدائرة الضيقة، وننظر فيما حولنا، فإننا سنقع في ظلامية دامسة.
إن الثقافة الوطنية المحلية، لا تقول الكثير اليوم، فالحقبة حقبة ثقافية عالمية ممتدة وشاسعة، والمهمة الآن تتمثل في تسريع وتعميق عملية الشمول، من أجل المستقبل.
ولكن لماذا هذه السرعة المفاجئة وهذه الصرخات الشاكية؟ والجواب لأن النيران تتصاعد من كل جهات العالم وأركانه، يوقدها ويشعلها غيرنا الآن! وعلينا أن نفهم  أن الروح الوطني الدافع للمستقبل، يأتي من الدولة نفسها من داخلها، ويعبر عن إرادة شعبها. فمن الضروري تعميق نظرية: "المستقبل أكثر أهمية من الماضي، والأمن أكثر إثماراً من العدائيات كلها".

الوجه الأقذر للتكنولوجيا/ صالح الطائي

بديعة هي التكنولوجيا الحديثة التي قدمت لنا فيما قدمت الحاسبات الالكترونية، وبديعة هي الحاسبات التي أتاحت لنا خدمة الانترنيت والمواقع، وبديعة هي المواقع الالكترونية التي أتاحت للإنسان ما لم تنجح الوسائل النمطية القديمة والصحف الورقية باتاحته.
إن روعة  المواقع هي التي جعلتها قريبة من نبض المواطن ولاسيما وأنها خارج نطاق سيطرة الرقابة السلطوية نوعما بما يتيح للكاتب أن يطرح ما يريد طرحه دونما وجل أو خوف، فضلا  عن كونها لا تتزمت كثيرا في نشر كتابات المبتدئين كما هو في الصحف الورقية فتبيح نشر مواضيع تشجع الكاتب على تطوير نفسه بعد أن تشعره بالرضا عنها. وسعة مساحتها تسمح بنشر المواضيع مهما كان حجمها ومهما كان توجهها ما دامت في حدود الالتزام الأخلاقي، وتوفر للكاتب شعورا حميميا بالتواصل من خلال المداخلات التي يتركها القراء على موضوعه.
 وقد تسببت كل هذه المتاحات في تأسيس قاعدة بيانات معلوماتية ضخمة ومتنوعة يمكن الرجوع إليها عند الحاجة بيسر ودونما عناء، فأصبحت المعلومة قريبة إلى من يحتاجها لا عناء في ذلك أكثر من كبسة زر.
هذا الانفتاح الحضاري لم ولن يعجب المستبدين برأيهم أو المتحجرين على آراء ورثوها من أزمان التخلف والرجعية والتحجر، أو الذين تخيفهم الكلمة الحق، أو أعداء الرأي الآخر، أو التكفيريين، أو الإرهابيين المجرمين، أو السياسيين القذرين أو اللصوص والمفسدين، أو كل منحرف في الكون، وهؤلاء هم الذين عُرف عنهم مبدأ تكميم الأفواه والحجر على الكلمة الصادقة ومحاربة الطرائق التي تتعارض مع طريقتهم في إدارة الحياة وتوجيهها، واشتهروا بين الناس بحبهم للدماء سواء أكانت دما بشريا بريئا أو دم فكر ينضح أو دم كتاب مسفوح، وهو الأمر الذي دفعهم إلى ابتكار طرق جديدة مبنية على مباديء الزيف والانحراف والتخريب لكي يتصدوا من خلالها للرأي المقابل الذي عجزوا عن مقارعته بالحجة لأنهم مفلسون فكريا وعقديا وذلك باستخدام الوجه الآخر للتكنولوجيات الحديثة، أي وجهها القبيح القذر، وكما تعلمون أن لكل شيء في الوجود وجهان، وأقبح ما في وجه التكنولوجيا القذر أنه هو الذي أوصل الإنسان إلى اختراع القنبلة الذرية ويسر له أمر إطلاقها لحرق البشرية، ويسر له تمرير كل طبخاته الخيانية وصور القباحة والعهر والتخريب العقلي والفكري والجسدي والأخلاقي والديني، وهو بهذه المواصفات يتطابق كليا مع التفكير المريض الذي يحمله بعض البشر المنحرفين ويتطابق مع توجهاتهم وأمانيهم وأحلامهم المريضة. هؤلاء المرضى الذين أوصلهم الشر الأسود الذي تنطوي عليه نفوسهم وعقائدهم إلى الإفادة من وجه التكنولوجيا القذر لمحاربة مباديء الخير والحب والشرف والنزاهة والاستقامة والعدل والسلام والإخاء والتعايش من خلال قرصنة المواقع الالكترونية وتخربيها ظنا منهم أنهم قادرون على تكميم الأفواه ومصادرة كلمة الحق، فشنوا ومنذ عدة أيام حملات مستمرة مسعورة لتخريب مواقع بعينها دون سواها، فهم لم يتحرشوا بالمواقع الإباحية وعددها بالملايين ولا بمواقع المواعدة بين الفتيان والفتيات، ولا بالمواقع التي تتهجم على الإسلام والمسلمين، ولا بالمواقع الصهيونية والمواقع الماسونية، ولا بمواقع الفتنة الطائفية والمواقع التي تدعو إلى الكراهية، ولا بالمواقع التي تشجع على الإرهاب، ولا بالمواقع التي تروج المخدرات، ولا بمواقع الغناء بما فيه الفاحش، وإنما طال تخريبهم المواقع الأكثر التزاما ووطنية وصدقا ومسؤولية وحيادية، فنجحوا في اختراق موقع صحيفة المثقف وهو موقع ثقافي ملتزم ومحايد ودمروه، واخترقوا موقع منابر العراق الثقافية وهو منتدى شبابي عقائدي ملتزم بنهج أهل البيت ودمروه، ولا زال هجومهم الأسود مستمرا على مواقع كثيرة أخرى منها على حد علمي موقع كتابات في الميزان ورابطة الكتاب العراقيين وغيرها. لكن أصحاب الكلمة الصادقة النظيفة والمدافعون عن الحقيقة نجحوا بالرغم من  شدة الهجمة في إعادة العمل في موقع صحيفة المثقف، وهم بالتأكيد سينجحون في إعادة باقي المواقع إلى العمل رغم انف المخربين الحاقدين الذين كشفوا من خلال أعمالهم الحاقدة هذه لا عن وجههم القبيح فحسب وإنما عن عمالتهم وعدائهم للحق والصدق وتبعيتهم للأجندات الخارجية التي وظفتهم للقيام بأعمال التخريب حالهم حال الإرهابيين الذين يفجرون الأبرياء ويحتفلون بالنصر الكاذب. وفي الوقت الذي تمكنت فيه القوات العراقية المجاهدة البطلة من القضاء على شبكات إرهابية كبيرة وخطيرة خلال الأيام القليلة الماضية وسرقت من قلوبهم فرحة الانتصار الكاذب سوف تتمكن قوات الكلمة الصادقة من إعادة العمل في كل المواقع المخربة لتسرق من مخربي الحضارة فرحتهم الكاذبة وتصبغ وجوههم القذرة بالسواد. ونحن وإياهم على موعد لن نخلفه.

عملية سيناء في حضرة الفيسبوك/ مأمون شحادة

كثيرة هي الصولات والجولات في حنايا وثنايا جمهورية "فيسبوك" الشعبية، وأكثرها زخماً وحضوراً عملية سيناء، حيث احتلت عبر شواهدها التحليلية كل أروقة الجمهورية بالدفاع والهجوم والاستنكار والتبرير.
أثناء جلوسي في أحد مقاهي الحوار "المتفسبكة" طرحت سؤالاً عن مدى تأثر العلاقة المصرية الفلسطينية جراء هذه العملية، فانتقلت من حائط الجمهورية العام "Wall" إلى قسم الخصوصية "Chat"، لتدور محادثة بيني وبين الدكتور حذيفة الخطيب، أستاذ الحديث الشريف في جامعة حران التركية، موضحاً لي أن من وجه التهمة إلى غزة ليس الرئيس مرسي، وإنما فلول النظام السابق، والعلاقة بين مصر وغزة تتربع على قاعدة قوية ومتينة... ولن يستطيع أي أحد المساس بتلك القاعدة.
أخذت أتجول في شوارع وساحات حائط الجمهورية لعل وعسى أجد صديقاً أتحدث معه حول الحدود الشائكة لحادثة سيناء، فعلى ما يبدو أن مساحة الفيسبوك أكبر من مساحة كامب ديفيد وقواتها الدولية.
فجأة، وإذ بالكاتب والمحلل السياسي محمد الافرنجي هو الآخر يبحث عني ليقول لي: نحن أحوج لأن تحترم إنسانيتنا، بدلا من احترام أي اتفاقيات أخرى، سواء كانت مع "الاحتلال الإسرائيلي" أو غيره، ولكن على ما يبدو ان قضيتنا ستبقى معلقة وسيستمر الجميع بالمد والجزر.
استدار الافرنجي على الجهة اليمنى من الحائط وأخذ ينظر إلى الشعارات وألوان قوس قزح، وهو يقول: لا تنظر إلى القضية إقليمياً، بل انظر إليها من زاوية "من يحكم العالم؟"، حيث لا يستطيع الإخوان أو غيرهم أن يكونوا في مواجهة أمريكا وإسرائيل، وإلا ستكون المعادلة مشابهة لدولة التدويل والمداولة، ولا تتصور أن ما حدث في سيناء خارج نطاق المؤامرة لضرب أربعة عصافير بحجر واحد!.
استدار الافرنجي مرة أخرى على الجهة اليسرى من الحائط "المتفسبك" وقال: العلاقة بين مصر وغزة ستعود إلى الهدوء خلال فترة وجيزة حينما تتضح معالم سريالية المؤامرة، وأعتقد حينها أن الأمر سيكون أفضل مما هو الحال عليه، خصوصاً بعد هدم الأنفاق التي تربط غزة بمصر والتي تستخدم في إدخال كافة احتياجات القطاع من المواد الغذائية، ولن يكون الأمر بعيدا عن إنشاء منطقة تجارة حرة بين الطرفين.
عدت مرة أخرى إلى القهوة وطلبت "إضافة صديق"، ورُب صدفة خير من ألف ميعاد، الأستاذ عبد القادر الأسود، عضو اتحاد الكتاب العرب، ورئيس اتحاد الكتاب في محافظة ادلب السورية سابقاً، يقبل دعوتي للجلوس معاً على طاولة تتزين بالقهوة والشاي.
وعلى الفور قال لي: دعك من كل المقدمات والخاتمات وأسئلتك الطويلة، فأنا لا أعتقد أن من قام بهذا العمل له أي ارتباط بأبناء غزة هاشم، ولا أستبعد أن يكون هذا الاعتماد من عمل الموساد الإسرائيلي مباشرة أو بالوساطة، ويجب ألا ننسى أنه ما زال لإسرائيل سفارة وعملاء كثر في مصر. أما العلاقة المستقبلية بين غزة ومصر فيجب ألا تتأثر بعوامل التناقض.
وبعد دقائق من جلوسي مع ابن ادلب السورية رأيت شخصاً أنيقاً يسير في شوارع حائط الجمهورية، فدعوته للجلوس معنا فلبّى الدعوة، أخذ يعرف بنفسه: أنا المحامي أشرف الدقامسة من الأردن، أتكلم اللغة العربية والفيسبوكية، وكذلك أعرف سؤالك المنتشر في أروقة أحياء وشوارع وقرى وبلدات ومدن جمهوريتنا.
إذن، أنت تحمل في جعبتك أجوبة على سؤالي. أجاب قائلاً: المتضرر مما حدث هو الشعب العربي الفلسطيني المحاصر، وما يجري إنما هو تأكيد لتثبيت الحصار، وكان الأولى بالحكومة المصرية ضبط النفس، وأن لا تنساق وراء مجموعة مسلحة هدفها إيجاد ذريعة لتشديد الحصار على الفلسطينيين، إلا أن الذي أثر في قرارة نفسي هو تمزيق الكوفية الفلسطينية على يد بعض الغاضبين من الشعب المصري، وكأنهم لا يعرفون أن القضية الفلسطينية ستبقى مركزية للعرب كافة.
لم أكن أتوقع أن يمر الوقت بسرعة ونحن في ضيافة جمهورية الفيسبوك، فالساعة تعادل دقيقة من الزمن ونحن في ضيافتها، الساعة الآن الرابعة عصراً، استأذنت ضيوفي وذهبت أتجول في ربوعها، فالصدفة من مزايا هذا الوطن "المتفسبك" وكأن معالمه تدعوني مرة أخرى إلى حائطه.
الـ"Chat" يلاحقني من جديد، الطالبة سماح شحادة، تدرس العلوم السياسية في جامعة القدس الفلسطينية، أرسلت لي "Message" تقول فيه: العملية واضحة المعالم وظاهرة للعقل، ويراد منها بعثرة الأوراق وخلطها، والمستفيد من ذلك هي إسرائيل.
كذلك لم أكن أتوقع ان يخرج عليَّ قسم الـ"Chat" بأسلوب جغرافي يحاورني بين ممرات فقه الجغرافيا وجدلية الحدود السريالية، الطالب خالد وليد غنيم، يدرس الجغرافيا الإقليمية والسكانية في ذات الجامعة التي تدرس فيها سماح، فقد حاورني بأسلوب جغرافي واضح المقاييس والمعايير، حيث قال: وقوع العملية على الحدود الإقليمية لإسرائيل مع مصر تؤكد أن إسرائيل تسعى إلى صوغ اتفاقيات إقليمية جديدة تضمن لها الاستقرار، لأنها تعاني من عسر هضم في حدودها الإقليمية، ما يلزمها وصفة جغرافية جديدة لضمان أمنها المستقبلي.
أخذت أبحث عن جواز سفري للخروج من جمهورية "فيسبوك" الشعبية، فلم أجده، ولكنني تذكرت أن هذا الوطن "Facebook" لا يحتاج إلى تلك البطاقة للدخول والخروج منه.

رئيس رغم أنف الشعب المصرى/ مجدي نجيب وهبة

** أحيانا .. أجد العنوان أكثر تعبيرا لأراء وأفكار الملايين .. الذين يجدوا أنفسهم أحيانا عاجزين عن التعبير عن مطالبهم وأهدافهم .. لكن الكارثة ليست فى ذلك .. ولكن الكارثة هى ، لمن يلجأ هذا الشعب .. أين الدولة ؟!! .. أين المسئولين ؟!! .. أين حماة الشعب ؟!! .. دائما الإجابة هى "لا يوجد" ..
** نعم .. إنه رئيس رغم أنف الشعب !! .. قالوا "إنه رئيس منتخب بإرادة شعبية" .. ولو إفترضنا أن ذلك صحيح .. وعلينا أن نصدقه ونعترف به ، ونستسلم لقدرنا ولأكاذيبهم .. فلماذا لم يتم التحقيق فى أى من البلاغات التى قدمت بعد ظهور النتيجة وإعلان مرسى رئيسا لمصر ؟؟؟ ..
1-      البطاقات التى تم تزويرها لصالح "محمد مرسى" فى مطابع الأميرية .. وقد أعلن الباحث فى الشئون السياسية "ضياء رشوان" والناب السابق "مصطفى بكرى" .. والنائب السابق "يوسف البدرى" ، والكثيرون .. والكثيرون ... أنه تم طباعة ما لا يقل عن 2 مليون تذكرة إنتخابية ، تم تسويدها لصالح "مرسى" .. ولم يكونوا هم فقط الذين تقدموا بتلك البلاغات .. ولكن كان هناك المئات الذين تقدموا من خلال ضبط بعض التذاكر .. وللأسف خرجت علينا اللجنة العليا للإنتخابات تقول "إنه لم يتم ضبط سوى تذكرة أو إثنين أثناء وضعهم فى الصندوق .. وتم إلغاء صندوق هذه اللجنة" .. فهل يستقيم بيان اللجنة العليا للإنتخابات مع حجم وضخامة البلاغ ؟!! .. الإجابة ، إنه إستخفاف بعقول الشعب المصرى .. بل قيل أن هذه اللجنة قضائية .. حكمها بات ونهائى .. ولا يجوز الطعن علي النتيجة !!!!...
2-      لماذا لم يتم التحقيق فى البلاغات التى قدمت ضد جماعات إسلامية .. منعت الأقباط من الوصول إلى اللجان الإنتخابية ، وأبطلت أصواتهم ، وخرجت علينا لجنة المستشار "فاروق سلطان" .. وزعمت أن ذلك لا يؤثر على النتيجة .. لأن الأقباط فى هذه القرية لم يذهبوا فى الجولة الأولى ... ونتساءل ، ألا يعتبر هذا ترويع للمواطن ، وفرض رئيس غير مرغوب فيه على الشعب ؟!!! .. وهل يعترف بتلك النتيجة فى ظل هذه الأوضاع الإرهابية التى فرضها الإرهابيون على المواطنون المصريون ..
3-      لماذا لم يتم التحقيق فى البلاغات ضد بعض القضاة الذين تركوا اللجان ، وتم العبث بالصناديق لصالح "محمد مرسى" ؟!!! ..
4-      لماذا تم التلاعب فى النتيجة فى اللحظات الأخيرة .. عندما بدأت اللجنة العليا للإنتخابات فى إعلان النتيجة ، التى كانت طبقا للمقدمة ، لصالح الفريق "أحمد شفيق" .. ثم تغيرت فجأة لصالح المنافس .. ويمكن إعادة إستجواب وسؤال بعض المسئولين الذين صرحوا بفوز الفريق "أحمد شفيق" .. وأن هناك طقم حراسة يتحرك إلى منزله .. ثم عدلت تحركات الحراسة وعادت إلى قواعدها ..
5-      لماذا لم تحقق اللجنة فى حالات الإنتهاكات ، حول كل اللجان ، والتى عملت لصالح "محمد مرسى" ، وبلاغات كثيرة أمام كل اللجان .. ولم يحقق فى بلاغ واحد من كل هذه البلاغات .. وخرجت النتيجة رغم أنف الشعب بفوز "محمد مرسى" .. وهو أحد كوادر تنظيم جماعة "الإخوان المسلمين" ..
6-      لماذا سمح المجلس العسكرى أن تفرض أمريكا وصايتها وأوامرها على السيادة المصرية ، بتنصيب محمد مرسى رئيسا لمصر ...
7-      لماذا لا يعيد السادة المسئولين عن أمن وسلامة الوطن تصريحات المهندس "محمد مرسى" عندما سئل عن تقبله لنتيجة الإستفتاء أيا كانت .. قال "نحن نثق فى نزاهة اللجان إذا أتت النتيجة لصالحى .. أما إذا النتيجة غير ذلك فنحن لا نثق فى نتيجة الإستفتاء " ..
8-      لماذا لم تحقق القيادة المصرية .. أو سيادة النائب العام فى البلاغات ضد بعض القيادات الإخوانية ، وعلى رأسهم "صفوت حجازى" ، ومحمد البلتاجى ، الذين هددوا بإشعال مصر وحرقها بمن فيها ، لو لم يتم إنتخاب "محمد مرسى" رئيسا لمصر ...
** ما دعانى إلى كتابة هذه المقدمة .. إنقلاب الهرم فى مصر .. وتحول الإرهابييين إلى ثوار ووطنيين .. وتحول الشعب إلى مطاردين وبلطجية وفلول .. والجميع أصابتهم نكبة البلاغات التى تدعو إلى إعدام الشعب المصرى الرافض لمولانا الحاكم .. الإله "محمد مرسى العياط" .. والرافض لتوصيات أمير الجماعات الإرهابية فى العالم "أوباما" ، و"كلينتون" !!
** إعترض الشعب على هذه الفوضى .. وقرر الخروج يوم 24 أغسطس .. لإسقاط الإخوان .. وعدم الإعتراف بمرسى رئيسا لمصر .. وحل جماعة الإخوان المسلمين .. ولكنهم فوجئوا بميليشيات الإخوان وبلطجية الجماعة ، يقطعون عليهم الطرق .. ويهددونهم بالسنج والمطاوى وزجاجات المولوتوف .. وشاهدنا كل ذلك أمام شاشات الإعلام ، بل صدرت فتاوى بإهدار دم كل من يخرج على الحاكم .. وهذه الفتوى من أحد شيوخ الأزهر .. ومع ذلك لم نجد تحرك للنائب العام .. بتقديم صاحب الفتوى إلى محكمة الجنايات .. بل تحرك الأزهر ، وأحال صاحب الفتوى إلى النيابة الإدارية .. والتى لن تتعدى فيها العقوبة إلا إلى لفت نظر أو توقيع أى جزاء إدارى .. مع العلم أن الجريمة جنائية مع سبق الإصرار والترصد ضد الشعب المصرى ..
** أما قمة السخرية .. فهو بلاغ تقدم به عقيد شرطة بقسم "مصر الجديدة" .. يدعى "وائل الشريطى" .. وهو نائب مأمور القسم .. يتهم فيه النائب السابق "محمد أبو حامد" .. بالتحريض على الدعوة للتظاهر والتجمهر .. وتعطيل مصالح الشعب ، وقطع الطرق .. وأعتقد أنه لا تعليق على هذا البلاغ أو حتى على الغرض منه .. وأنا هنا لا أدافع عن النائب السابق فى البرلمان المنحل "محمد أبو حامد" .. ولكن أتحدث بإسم شعب مصر .. وأتساءل من دافع عن الأقسام والسجون عندما هاجمها المتطرفين والإرهابيين .. وأحرقوا الأقسام وإقتحموا السجون ، وقطعوا الطرق فى أسوان لمدة 15 يوما .. وقطعوا خطوط السكك الحديدية بل وقطعوا الطرق داخل القاهرة .. ومع ذلك لم يتقدم رجل شرطة واحد فى مصر ببلاغ يتهم جماعة "الإخوان المسلمين" ، وميليشياتهم بأى من هذه الجرائم بل الذى دافع عن مصر هو شعبها ومواطنيها الشرفاء ، واللجان الشعبية التى إنتشرت فى كل ميادين وشوارع القاهرة عن الأهالى والمنازل .. فى الوقت الذى لم نجد شرطى واحد فى الشارع أثناء فوضى 25 يناير حتى الأن ؟!!!!...
** هل إنقلبت الأوضاع فى مصر لهذه الدرجة ؟!! .. هل المطلوب أن يستسلم الشعب لبقاء رئيس غير مرغوب فيه ، ويفرض علينا بالقوة من قبل المجلس العسكرى ، واللجنة العليا للإنتخابات ، وحماية الشرطة المصرية .. ومن يعترض فليس أمامه سوى الإعتقال أو السجن !!
** لقد تذكرت إعترافات إرهابى تائب .. وهو قائد للجناح العسكرى للجماعة الإسلامية ، ويدعى "أيمن عبد العزيز" .. الذى قرر إعلان التوبه والإعتراف بجرائم الجماعة عام 2000 ..
** فى أثناء هذه الفترة .. أعلن حوالى 700 فرد من جماعة الإخوان المسلمين .. توبتهم عن فكر الجماعة ، وكانت البادرة من الحكومة بالعفو عنهم .. فقرر القائد التائب ، الإعتراف على تنظيم الجماعة وطريقة تحركاتهم .. وكيف يتلقون التعليمات من الخارج ... وكذلك طريقة الحصول على تمويلات سواء من داخل مصر أو من خارجها .. كذلك إعترف الإرهابى بكيفية تنفيذ العمليات العسكرية ، وطرق إختفائهم ، والتى أطلق عليها إسم "كتيبة الإعدام" ..
** أيمن عبد العزيز .. هو من مواليد المنيا ، كان يتردد كثيرا على المساجد ، عندما كانت تحت سيطرة الجماعات المتطرفة ، وقد إستطاع أن يتقرب من زعيم الجماعة ، وقائد الجناح العسكري "فريد سالم كدوانى" .. الذى يعشق رائحة الدم ، وشديد القسوة .. وقتل العشرات من الأقباط فى "أبو قرقاص" .. كما إشترك فى عملية "أبو قرقاص" التى راح ضحيتها 8 من رجال الشرطة الأبرياء ..
** وهنا نتوقف  قليلا عن سر هذا البلاغ الذى تقدم به العقيد "وائل الشريطى" ضد "محمد أبو حامد" .. ألم تقرأ عن كل هذه الجرائم ضد الشرطة ؟!!..
** ونعود لإعترافات الإرهابى التائب .. وحديثه عن الهيكل التنظيمى للجناح العسكرى للجماعة الإرهابية .. قال "إن المنيا مقسمة إلى أربعة مناطق لصغر حجمها ، وكذلك للكثافة الأمنية الموجودة فيها ... وهذا التقسيم يهدف إلى تنفيذ عمليتين فى مكانين مختلفين لتشتيت الشرطة ، ويكونان فى وقت واحد ، وهو ما حدث بالفعل فى حادثة المنيا الأخيرة لكتيبة الإعدام ، وفروا هاربين بعدما ضربوا كمين الشرطة فى ملوى ..
** كما إعترف الإرهابى عن عمليات سرقة محلات الذهب ، وكذلك سرقة الأثرياء ، وتهديدهم بالقتل ، والحرق ، وخطف أولادهم .. إن لم يدفعوا الفدية التى يقدرونها .. وهو ما حدث بالفعل خاصة للأقباط .. ودعونا نتساءل .. هل إختلف أمس عن اليوم ؟!! ..
** وعن التنظيم من الداخل .. وكيف يدار ؟!! .. قال "أيمن عبد العزيز" .. إنهم جماعة شديدة القسوة فى التعامل مع بعضهم البعض ، وصل أحيانا لحد الجلد على الظهر ، فى حالة العصيان أو مخالفة الأوامر .. وذكر كيف قتل "فريد كدوانى" الإرهابى ، "جمال محمود فرغلى" .. فى وسط الزراعات فى قرية "سيكو" بأبو قرقاص .. بعد ما علق من قدميه ، وكانت أسباب قتله مخجلة ورهيبة .. حيث كان دائم الإعتداء الجنسى الشاذ على أعضاء الجماعة من صغار السن ... (لا تعليق) !!!...
** وأضاف "أيمن عبد العزيز" .. أنه بوفاة "فريد كدوانى" فى إشتباك مع الشرطة .. كنت أنا من أحد المرشحين لأن أكون أميرا للجماعة بهذه المجموعة .. لكن أخذها "محروس عبد المعز" لأنه أكبر سنا ..
** وعن قصة تسليم "أيمن عبد العزيز" نفسه لقيادات الأمن .. قال "كنت أتساءل بعد كل عملية نقوم بها .. ما ذنب أبرياء يسقطون بلا ذنب لهم .. هل الدين الإسلامى جاز هذا القتل ؟ .. غير صحيح بالفعل .. ومن يفتى بذلك فهو خاطئ .. وعليه أن يتحمل وزر فتواه .. والإسلام برئ من هذا العنف الدموى الأعمى ..
** وقال "لقد إعترف لى منتصر الزيات ، محامى الجماعات الإرهابية بذلك" .. وقال له أيمن عبد العزيز .. "لقد إتخذت القرار الذى لم أقدم عليه طوال عمرى" .. كما قال "أحب أن أؤكد أن هناك  أفراد لا يمكن أن يتراجعوا لأنهم شاربوا الفكر الإرهابى حتى النخاع ، ولا يفكرون ولا يعقلون .. لذلك هؤلاء لا فائدة منهم" ..
** ويواصل "أيمن عبد العزيز" إعترافاته .. وقال "لم أكن وحدى الذى قرر إعتزال العمل الإرهابى .. ففى خلال أيام ، طلع علينا أكثر من قيادى إرهابى بتصريح يذكر فيه أنه ترك العمل السياسى ، لكننا عرفنا أنها مناورة جديدة ، وخطة محكمة ، رتبتها جماعات الإرهاب خارج مصر مع أعوانهم داخل مصر .. وتساءل ، هل إستقال محامى الجماعات الإرهابية فى مصر "منتصر الزيات" ، وإعلانه البعد عن العمل السياسى فى ذلك التوقيت ، ثم بعد شهور يقدم الإرهابى الهارب "أيمن الظواهرى" ، قائد الجماعة الجهادية إستقالته .. وبعدها بأسابيع يؤيدهما "ياسر توفيق السرى" ، الهارب فى لندن ، وبعدها يعلن "أسامة أيوب" الهارب إلى ألمانيا ، تأييده لهذه المبادرات ، ويتنحى هو الأخر عن دوره السياسى .. وكذلك إعلان بعض القيادات داخل السجون والمعتقلات توبتهم ، والتخلى عن العنف ..
** فهل كان ذلك صدفة ؟!! .. بالطبع لا يمكن لهذه التحركات الخفية أن تدخل على عاقل .. فقد كشف محامى الإخوان "منتصر الزيات" ، أن الجماعات الإسلامية تجدد دمها الأن ، وهناك كثيرون لا يعرف الأمن عنهم شيئا .. ولم تكن صدفة ، بل كانت مناورة مخطط لها ..
** ويواصل الإرهابى التائب .. ويقول "أيمن الظواهرى الذى يعد من أخطر القيادات الهاربة .. ذكر فى بيان إعلان إستقالته عن قيادة جماعة الجهاد ، والذى نشره على شبكة الإنترنت ، ووزعه على بعض الصحف ، التى تصدر من لندن .. "إنه بعد تفكير عميق ومتأنى ، إستخاره الله .. "قررت التخلى عن قيادة الجماعة ، وإنضمامى للجبهة العالمية لمحاربة الأمريكان .. والصهيونية فى كل مكان على وجه الأرض" ...
** أما "أسامة أيوب" .. الهارب فى ألمانيا .. فقد نشر بيانا الأسبوع الماضى ، يبارك فيه خطوة "أيمن الظواهرى" ، وبعد أيام نشر "ياسر السرى" بيانا هو الأخر .. لإعادة وجه التنظيم من جديد .. وهو يندد ببيانات ذات صيغة واحدة ..
** لم يكن كل ذلك سوى مناورات لكسب أرضية جديدة .. وتعاطف بعض الدول الغربية معهم .. وهو ما يبرر ما وصلنا إليه .. بل الأدهش أننا نجد الأن الشرطة يدافعون عن الإرهابيين .. فهل تناسوا جرائمهم ؟؟؟!!!...
** هذا هو ملخص التنظيم العالمى لجماعة الإخوان المسلمين .. بل هناك أسماء عديدة لا نستطيع أن نوردها فى المقال الأن .. كل هذه التنظيمات والأفراد صار البعض منهم .. يتولى مناصب قيادية فى مصر .. فى حماية كل القادة المسئولين عن أمن وسلامة هذا الوطن .. وأتساءل .. لمن يلجأ الشعب فى مصر ؟!!. . للدفاع عن وطنه .. من يحمى هذا الوطن ؟ .. ونحن نرى أن أوصاله تتمزق .. بل والأدهش أن سيناء إحتلت من قيادات إرهابية وتنظيمات دموية .. فى الوقت الذى أعلنت فيه بعض القيادات الإسلامية والعسكرية أن هناك تفاوض يجرى بين تلك الجماعات الإرهابية والقيادات المصرية لوقف العنف .. فهل يمكن إعتبار أن الإجراء لعودة الأمان فى سيناء هو التعاقد مع تلك القيادات الإرهابية .. أعتقد أن مصر فى طريقها إلى التفكيك الذى أقرته ودبرته أمريكا ..
** أما عن ما يثير السخرية والإشمئزاز أن تهل علينا بالأمس 26/8/2012 ، إحدى القيادات الإشتراكية الأستاذة "كريمة الحفناوى" من خلال مداخلة بقناة سى تى فى القبطية .. وناشدت ضيوف الحلقة والبرنامج بأن تظل الأنفاق متواجدة وأن تفتح المعابر ولا تغلق ... لتردد نفس اللبانة التى سئمنا منها .. أن الشعب الغزاوى محاصر .. وأن مصر هى البوابة الوحيدة لفك الحصار عنه .. فهل يعقل فى ظل هذه الأحداث التى تمر بها مصر .. من تسريب بترول ومواد غذائية وسرقة سيارات والإعتداء على ضباط وجنود الجيش المصرى عند معبر رفح ، أن هناك من يتحدث بهذه اللغة حتى الأن ؟ .. 
** وفى النهاية .. نترك التعليق لشعب مصر الحر الأصيل لكى يقول لنا .. ما هو الحل ؟؟!!!...
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

مسرحيات مجلس الأمن/ جمال قارصلي

على خشبة مسرح مجلس الأمن في نيويورك تتحفنا وسائل الإعلام بين الحين والآخر بنقل مسرحية جديدة من تلك التي هي مليئة بالهزل والسخرية. هذه المسرحيات تُنقل في كثير من الأحيان على الفضائيات بشكل مباشر لأهمية القرارت التي يتخذها هذا المجلس. أبطال هذه المسرحيات هم نوعان, منهم الخمسة الذين يمثلون الدول الدائمة العضوية في هذا المجلس ومنهم الذين يمثلون الأعضاء المكملة له وعددهم عشرة أعضاء وهؤلاء يتم إنتخابهم لمدة سنتين من قبل الجمعية العامة وهم متغيرون ومن الدرجة الثانية وليس لديهم إمكانية إستخدام حق النقض. المتابع لفصول هذه المسرحيات لا يحتاج إلى أن يراى منها الكثير حتى يصل إلى النتيجة النهائية بأن "الطبخة" كانت جاهزة قبل الجلسة والقرارات مأخوذة سلفا وما يحدث أثناء الجلسات هو فقط الدور المسرحي الذي على أعضاء المجلس أن يقوموا به لإضفاء طابع الجدية والمسؤولية التي يتحملونها. وكذلك يصل المشاهد إلى حقيقة بأن مندوبي القوى العظمى في هذا المجلس قد وزعت الأدوار فيما بينها وإتفقت على مبدأ "عندما أشد أنا, أنت ترخي والعكس صحيح".
في الفصول الأخيرة لهذه المسرحية والتي تم فيها تداول الأزمة السورية, شاهد الجميع السعادة العارمة التي إنتابت مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية في مجلس الأمن, سوزان رايس, بالفيتو المزدوج الروسي - الصيني وكان تصرفها يوحي بأنه لو لم يستخدما روسية والصين حق النقض في هذه الجلسة لإستخدمته هي بنفسها. هذا التصرف من قبل المندوبة الأمريكية مؤشر واضح على أن أمريكا كان لها رغبة كبيرة في إبطال قرارات مجلس الأمن بخصوص الوضع الخطير في سورية لكي تظهر بالوجه الحسن أمام الرأي العام العالمي وكذلك لكي يستمر القتل والتدمير في سورية لمدة أطول إلى أن يتم تدمير الجيش والدولة وكذلك البنية التحتية لهذا البلد وبعدها تصبح سورية دولة لا حول لها ولا قوة ومن ثم تستطيع الدول المشاركة في هذه الأزمة التعامل معها كغنيمة حرب يتصرفون بها كما يشاؤون. اللافت للنظر في الجلسة السابقة وبعد التصويت مباشرة ذهبت المندوبة الأمريكية سوزان رايس إلى عند المندوب الروسي, فيتال شوركين, وكادت أن "تأخذه بالأحضان" وملامح الفرح الكبيرة واضحة على وجهها بسبب ما قام به هذا المندوب من عمل ادخل السرور إلى قلبها وكانت تتكلم معه وكأنها تتكلم مع عشيق لم تراه منذ زمن طويل. أثناء الجلسة كانت الوجوه عابسة والجدية واضحة في لعب الأدوار ولكن بعد الجلسة بدأت المجاملات الجانبية بشيء من التهاني على حسن الأداء في أدوار الفصل الأخير من هذه المسرحية.
لقد أُعطي لمجلس الأمن إسماً لا يتناسب والدور الذي يقوم به لأنه لا علاقة له لا بالأمن ولا بالسلام العالميين بل هو مجلس مؤامرات وظلم وعبودية. الدول الدائمة العضوية في هذا المجلس لديها حقوق إضافية على أعضاء الدول الأخرى وهي تستطيع بهذا أن تعطل كل قرارات المجلس متى ما تشاء وكيفما تشاء. هي لديها حق النقض الذي إغتصبته هذه الدول لكي تتحكم بمصير وخيرات وثروات الشعوب الضعيفة. وكذلك قرارات هذا المجلس تُطَبّقْ فقط على الدول والشعوب الضعيفة ولكن الأقوياء منها تستهتر بها وإذا أرادت ان تعطيها شيئا من الإهمية فترميها في سلة المهملات وأفضل مثال على ذلك هي طريقة تعامل الكيان الصهيوني بعشرات من قرارات هذا المجلس "الموقر".
تشكيلة وتركيبة هذا المجلس وطريقة عمله ونظامه تعتبر وصمة عار على جبين البشرية لأنه مبني على عدم المساواة والظلم وعلى وإذلال الشعوب المستضعفة. الدول الدائمة العضوية قامت بتقسيم العالم إلى مناطق نفوذ ومصالح وأسواق لبضائعها وكذلك اللوبيات تعشعش فيه وتدافع عن مصالحها وأهمها لوبي مصنعي السلاح.
من البديهي عندما تنتج شركة ما بضاعة معينة فهي تريد أن تسوقها وبكميات كبيرة من أجل أن تحصل على أكبر قدر ممكن من الأرباح وهذا ما تقوم به شركات تصنيع السلاح في العالم وأفضل عامل ترويج لبضائعها هو إشعال الحروب في أكبر عدد ممكن من مناطق هذا العالم وزرع الفتنة بين شعوبه ودوله. وإذا كنا نظن بأن هذه الشركات تُصَنّعْ السلاح فقط من أجل أن تضعه في المتاحف الحربية أومن أجل الزينة فيكون تفكيرنا فيه شيء من السذاجة.
الأزمة السورية أصبحت لكثير من القوى العالمية والإقليمية ساحة للتجارب ولتصفية الحسابات بين بعضها البعض. مجلس الأمن أعطى للسلطة الحاكمة في سورية فرص كثيرة لكي تنهي هذه الثورة وبكل الوسائل مهما كانت عنيفة وهو لا يرغب بالحسم السريع في هذه القضية. لقد جرب العالم محمد الدابي وبعدها كوفي عنان والآن جاء دور الأخضر الإبراهيمي وربما هنالك الأبيض والأصفر والأحمر الذين ينتظرون أدوارهم على خشبة مسرح مجلس الأمن من أجل أن تطول مدة الدمار وبهذا تتمزق سورية وتصبح ضعيفة وسهلة المنال لكل من تسول له نفسه في توسيع نفوذه على حساب أرضها وشعبها وسيادتها.
مندوبا روسية والصين يساويان بين الضحية والجلاد في تقديم حججهما, أما مندوب السلطة الحاكمة في دمشق فهو يكرر الأكاذيب التي يبثها الإعلام السوري لتضليل الرأي العام العالمي والمحلي. ولكن ما أفشل كل المخططات التي تحاك ضد الثورة السورية وما جعل العصابة الحاكمة في دمشق أن تخرج عن طورها وترقى إلى أعلى درجات العنف والإجرام هو تزايد عدد الثوار كل يوم وعدم إستطاعتهم إخماد الثورة بالرغم من أنهم إستخداموا أعنف وسائل القمع ضدها. الطائرات الحربية تلقي القنابلة الفراغية وتدمر الأبنية والأحياء بالكامل وهي كذلك تقوم بقصف المخابز والمشافي والمساجد ولا تفرق بين عدو وصديق وتدمر أعرق مدن التاريخ وكأن هذه المدن هي عاصمة لعدو يراد إبادته. ما يحصل في سورية الآن أكده بشار الأسد بتصريحه الأخير يوم البارحة عندما قال: لن نسمح بنجاح مخططاتهم مهما كلف الثمن. هذا يعني بأنه مستعد على المضي في سياسته الإجرامية هذه حتى لو أنه كلف ذلك تدمير سورية بالكامل من أجل أن يبقى هو رئيسا لها. ما نراه ونسمعه عن المدن السورية أصبح يذكرنا بسراييفو وغروزني وحتى أن وضع بعضها أصبح أسوأ حالا. سكانها أصبحوا مشردين, جائعين يعيشون في العراء وعلى ضفاف الأنهار ولا حول لهم ولا قوت ولا قوة.
في النتيجة لا يهم الثوار ما يقوله أوباما أو ما يقوله بوتين أو بشار الأسد وإن كان ذلك قبل أو بعد الإنتخابات ولا يغريهم لا وعود "الأصدقاء" ولا الناتو ولا الوعود بالدعم المادي والتقني وهم كذلك لا ينتظرون من أحد أجرا أو حمدا أو شكرا على ما يقومون به من تضحيات وهدفهم يعرفه القاصي والداني وهو إما إسقاط الطاغية وزبانيته أو الشهادة. هذا هو سر صمود ونجاح الثورة السورية إلى يومنا هذا.
قريبا ستكسر الثورة السورية الباسلة كل القيود والأغلال وستقول لكل القوى المتآمرة على مستقبل ومصير الشعب السوري: ننصحكم بأن تنقعوا وتشربوا ماء قرارات مجلس الأمن وخطط مآمراتكم  وعليكم أن تنقعوها لمدة أطول عساها أن تساعدكم في حل أزمات مستعصية في مناطق أخرى من العالم وتجعلكم تفهمون بأن إرادة الشعوب الحرة لا تقهر.
جمال قارصلي / نائب ألماني سابق من أصل سوري

استباق الحدث وخرافة الدفاع الأفضل/ صالح الطائي

أن تكتشف العلاقة ـ ولو بشكل متأخر جدا ـ بين كتاب وضع في عام 1975 ليتحدث عن الغزو الأمريكي لفيتنام، وفلم عرض عام 1984 ليتحدث عن غزو العراق للكويت فمعنى ذلك انك اكتشفت وجود جدارا من "السر الأعظم" الذي تدار به السياسة الكونية في عصرنا الراهن، وعرفت عددا من الأصابع التي تحرك الدمى وتخصص الأدوار. وأيقنت أن سياسة تحريك الجيوش لغزو هذا البلد أو ذاك باتت من مخلفات الماضي التي لا يلتفت إليها إلا بحدود الحاجة القصوى بعد أن أوكل المشروع الجديد إلى التكنولوجيا مهمة تقويض الأنظمة وتسقيط الحكومات وتغيير المفاهيم.
الكتاب آنف الذكر بعنوان "طرق سهلة وصعبة للخروج" (easy and hard ways out) ألفه الكاتب "روبرت جروسباك" في سنة 1975 ليتحدث عن التورط الأمريكي في جمهورية فيتنام.
والفلم المقصود عنوانه "الدفاع الأفضل" (Best Defence)  الذي عرض عام 1984 وهو من إنتاج شركة باراماونت  (Paramount)  ومن إخراج المخرج اليهودي "ويلارد هويك" وبطولة الممثل الزنجي "إدي مورفي" ومجموعة من الممثلين الإسرائيليين تحديدا وتم تصويره كاملا في "إسرائيل"
تحويل محتوى الكتاب الذي صدر عام 1975 متحدثا عن غزو أمريكا لفيتنام إلى فلم في عام 1984 ليتحدث عن غزو القوات العراقية للكويت الذي لم يقع إلا في عام 1990 يجلب الشك والدهشة والانبهار ولاسيما من حيث متابعة التفاصيل بمنتهى الدقة مثل قيام الجنود العراقيين بسلب ونهب ما موجود في الكويت، وطلب الكويت مساعدة ودعم القوات الأمريكية. فمن المستحيل أن يكون هناك من له قدرة علم الغيب لا بتفاصيله الدقيقة وتفرعاته بل وحتى من حيث عموميته ليرسم هذه الصور الدقيقة للأحداث المثيرة التي رافقت غزو الكويت، فالدراسات المستقبلية وبالرغم من قيامها على قواعد علمية رصينة لم تنجح في الوصول إلى نتائج مضمونة دقيقة بالرغم من كونها علم له مبانيه المعترف بها، وكل ما قدرت عليه أنها وضعت توقعات لبعض الأمور قائمة على ما تم استنتاجه من خلال الدراسة والمتابعة والمقاربة والتخمين والتوقع، وهذه التوقعات قد تنجح بشكل بسيط جدا أو جزئيا محدودا وقد يحدث العكس ويقع الانقلاب الكلي فتأتي النتائج مخيبة للآمال ومخالفة كليا للخطط المرسومة. بمعنى أن التفسير المنطقي للأحداث وتداعياتها  لا يمكن أن يصل لمثل النتائج التي وصل إليها الفيلم بالمرة، مما يؤكد بأن تأليف الكتاب لم يكن محض مصادفة، وعمل الفيلم لم يكن محض مصادفة، وان كل الأحداث التي تتحكم بحياة شعوبنا مرسومة سلفا بشكل دقيق خال من الإثارة والاحتمال والمجازفة، وأن أحلام الربيع العربي ونكتة انتهاء عصر الدكتاتوريات محض خرافات ووهم أوقعنا فيه المخططون "البنائوون" الماسونيون.
ومع أن الفيلم كان يتحدث عن غزو العراق للكويت، ومخرجه وأبطاله كانوا من اليهود الإسرائيليين الذي من المفروض أن الدول العربية تقاطع أخبارهم ونشاطاتهم إلا أن مجلة "العربي" الكويتية لم تتحرج عن تخصيص حيز لا بأس به في عددها 353 الذي صدر في ابريل/نيسان 1988 لتنشر موضوعا بعنوان "العربي كما تراه هوليود" بقلم ناقد الأفلام الدكتور "جاك شاهين"  وهو الآخر أمريكي الجنسية لبناني الأصل مسيحي الديانة يعمل أستاذا بجامعة "إلينوي" الأمريكية يتحدث عن الفلم ويدعي استحالة غزو العراق للكويت الشقيق واستحالة قيام الكويت بطلب المساعدة الأمريكية ضد العراق الشقيق. وهما الأمران اللذان تحدث عنهما الفلم حرفيا ووقعا فعلا على أرض الواقع العربي.
يؤكد صحة رأينا قيامهم بصنع مجموعة أخرى من الأفلام المستقبلية التي تمهد لقتل العرب والمسلمين مثل فيلم "الحصار" The Siege وهو من إنتاج شركة تونتيث سنتشري فوكس (Century Fox) وتمثيل "دينزل واشنطن" وآخرون،  حيث تقوم جماعة إرهابية بسلسلة تفجيرات ضد المدنيين في شوارع نيويورك وبعد عجز الأجهزة الأمنية عن إلقاء القبض عليهم يقوم الجيش الأمريكي باحتلال نيويورك، وإعلان الأحكام العرفية فيها، وبعدها يلقي القبض على آلاف العرب الأمريكيين ويحبسهم في معسكرات اعتقال.  وقد صور الفيلم في نيويورك أساساً وفي منطقتي بروكلين ومنهاتن. ومنهاتن بالطبع هي مدينة برجي التجارة العالميين اللذين دمرا يوم 11 أيلول. عرض هذا الفيلم في دور السينما في 6أيلول1998، أي قبل أحداث 11 أيلول بثلاث سنوات تقريباً! فهل من المعقول أن يتم عمل هذا الفيلم وتصويره في مدينة منهاتن تحديدا وعرضه في شهر أيلول تحديدا للحديث عن عمل إرهابي كبير بمحض الصدفة، ام انه واحدا من الأدلة التي تدين أمريكا وتتهمها بتفجير البرجين؟
وعليه أرى انه لا بد للعاقل أن يتساءل: كيف يمكن لأفلام مثل "الدفاع الأفضل" أو "الحصار" أن تقترب في أحداثها التي من المفروض بأنها خيالية إلى هذا القدر من الحدث السياسي. وأي تفسير منطقي ممكن أن يقنعنا بأن ذلك لم يكن بوحا ببعض المخططات السرية الخفية لتعبيد الأرضية وتطويع الناس لقبول القادم المجهول؟ ولماذا لم نجد سياسيا عربيا واحدا حتى من ألئك الذين أوصلهم أتباعهم إلى درجة الربوبية يخرج علينا ليحذرنا من هذه اللعبة السمجة والخطرة التي تتهددننا باستمرار؟
إن مجرد معرفتنا بأن قسم المخابرات في وكالة المباحث الفيدرالية FBI ، فرع نيويورك، قام بمساعدة منتجي فيلم "الحصار" ماديا ومعنويا يقتل أي بادرة حسن نية ممكن أن تطرأ على خيال أي منا ويحثنا للتفكير جديا بالنوايا الخفية التي يضمرونها لنا، بل ويدفعنا للبحث عمن يمسك أعنتنا ويقودنا قود النعاج.
فهل أن زمام أمور العرب معقودا بيد أمريكا واليهود يتصرفون بهم كيفما يرغبون أم أن ما حدث ويحدث يبين أن النتف التي تسربت عن خارطة الوجود التي وضعتها قوى الاستكبار منذ سنين طوال لتشكيل العالم تبعا لإرادتها تؤكد وجود هذه الخارطة وهذا المشروع، وتؤكد أن كل ما حدث ويحدث في أوطاننا بدأ من الحروب البينية والغزوات العنترية والخلافات السياسية وصولا إلى ما عرف باسم "الربيع العربي" وثورات الشعوب العربية على حكامها مدعومة بكل الجهد العالمي إنما هو عمل مسيطر عليه وموجه بدقة متناهية ليصل إلى تطبيقات الخارطة السرية وهناك من يشرف على تطبيقه ونتائجه ويتحكم بمساراته وتوجهاته، وسوف يحصد ثمار نتائجه ويستثمرها بعيدا عنا ونطوي نحن على جوعنا وعرينا بل وخذلاننا!
وهل أن الأفلام أصبحت أداة رئيسية من أدوات الاستكبار العالمي لا في تعبئة الرأي العام فحسب، بل في بلورة الاحتمالات المختلفة لردود الفعل أيضا بقصد تعبئة وتحريض الجمهور... وغسل العقول، وأمركة القلوب أم ماذا؟ ماذا يعني هذا الكم الكبير من الأفلام الأمريكية التي تتحدث عن قتل العرب على يد الأمريكيين مثل فيلم "أكاذيب حقيقية" True Lies من إنتاج عام 1994، من إخراج جيمس كاميرون وبطولة آرنولد شوارزنيجر وهو أول مشروع لشركة "لايتستورم إنترتينمنت"  بكلفة 120 مليون دولار. وفيلم "قرار تنفيذي" Executive Decision من إنتاج عام 1996، وفيلم "ضربة الحرية" Freedom Strike من إنتاج عام 1998 وفيلم "قواعد الاشتباك" Rules of Engagement، وفيلم "مجموع كل المخاوف" Sum of All Fears؟
ماذا يعني إصرارهم على صنع هذه الأفلام المسيئة؟ وماذا يعني قيام أهم واكبر واخطر المؤسسات والوكالات الأمريكية مثل البنتاغون  ووحدات الجيش وقوات المارينز والبحرية والحرس الوطني بتقديم مساعدات تقنية عالية جدا لتلك الأفلام؟
والسؤال الخطير والأخير: ماذا أعددنا لمواجهة هذا الغزو الجديد، ما قوتنا، وما عدد مرابط خيلنا، وما بوادر توحد كلمتنا، وما درجة تقارب مذاهبنا، وما عمق صفاء ونقاء قلوبنا التي لوث جدرانها التكفير والتنفير وتعميق البئر والحث على الذبح والحرق تحت شعار "الله أكبر"؟

حملات المقاطعة: المواطن ما بيفهمش/ عطا مناع

مسكين أنت يا مواطن، فأنت الذي تتحمل وسخ فشلهم، فها هم "رواد" المقاطعة ينهالون عليك بالتوصيفات المشينة ويجاهرون انك أنت السبب في كل المصائب التي يتعرضون لها، فأنت السبب في إفشال حملة من بيت لبيت التي تهدف لمقاطعة البضائع الإسرائيلية!
درك اللة أيها المواطن: قدرك أن تتحمل وسخ المرحلة ودعاة المقاطعة وكبار المحللين الاقتصاديين، وقدرك أن تتهم انك أنعشت اقتصاد الكيان الاستيطاني، وعليك أن تقتنع انك المسئول عن اتفاقية باريس بكل قرفها، لذلك عليك أن تتحمل أيها المواطن عندما يصفك احدهم انك "ما بتفهمش".
سلوكك أيها المواطن غير مقبول: كيف تستغل فرصة الدخول للقدس وتتسوق من مول المالحة؟؟؟ كيف تدعم اقتصاد كيان الاستيطان ب100 مليون دولار؟؟؟ ألم تثمر فيك حملات المقاطعة؟؟؟
يقول جهابذة الاقتصاد أن عملية التسوق المليونية من دولة الكيان ليست القاعدة وإنما هي شذوذ عن حالة المقاطعة؟؟؟ هذا من خرج به علينا المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم!!!! ويؤكد محللنا الاقتصادي قائلاً :هذا لا يعني فشل حملات المقاطعة!!!! ويدعمه في ذلك الدكتور مصطفى البرغوثي أمين عام المبادرة الوطنية الفلسطينية الذي يؤكد أن المقاطعة للتبوزينا الإسرائيلية وصلت أوجها؟؟؟ ويسهب الدكتور في حديثة بان مقاطعة تنوفا ومنتجاتها ومنتجات شتراوس عال العال!!!! يا دكتور ليس هكذا تساق الإبل.
يا دكتور مصطفى لقد فشلت حملات المقاطعة، والسبب ليس الشعب الجوعان الذي يفتش عن توفير شيقل لعل وعسى أن يسد رمق احد أفراد الأسرة برغيف خبز؟؟؟ يا دكتور مصطفى لقد اثبت وبالملموس أن الشعب الفلسطيني مخنوق من الشعارات حتى ولو كانت شعارات رائعة.
لا يكفي أيها السادة رواد المقاطعة أن ننزل إلى الشارع ونوزع الابتسامات والمطبوعات، لا يكفى أن تخرجوا على الناس وتقولوا قاطعوا البضائع الإسرائيلية، إن الشعار الغير مدعوم بالممارسة العملية شعار كسيح، الشعار الذي يطالب العمال بمقاطعة العمل في المستوطنات ويغض البصر عن رجال الأعمال وأنصاف رجال الأعمال الذين يضخون مئات الملايين في مشاريع المستوطنات شعار أعرج.
لا يكفي أن تخرجوا على المواطن وتقولوا قاطعوا البضاعة الإسرائيلية وادعموا الاقتصاد الوطني، نتفق أن القاعدة هي دعم الاقتصاد الوطني وليس مول المالحة ورامي ليفي الذي اجتمع معه إمبراطور الاقتصاد الفلسطيني منيب المصري ليخرجوا علينا بمبادرة وكأن شعبنا ينقصه مبادرات، إن عملية المقاطعة عبارة عن سلسلة من الأداء الاقتصادي والسياسي والقيمي والثقافي أيها السادة يا رواد المقاطعة التي أنا واحد منها ولكن على طريقتي وبدون نفخ أو تمويل أو أنجزه ، أين الاقتصاد الوطني من الأزمة الاقتصادية التي نعيش؟؟؟؟ أين الاقتصاد الوطني من الشرائح الفقيرة التي هي الأوسع في مجتمعنا.
مخطئ من يُخطي الشعب: نسوق عليكم تجربة الشعب الفلسطيني خلال انتفاضة الحجارة ومقاطعة المنتجات الإسرائيلية التي لم تكلفنا سوى شعار ُخط على جدار، لم نحتاج لمطبوعات ولا حملات من بيت لبيت وغيرة، لكن بالفعل كان الشعار ينسجم مع الممارسة والاقتصاد الوطني كان اقتصاديا وطنياً بعيداً عن رامي ليفي ومنتج والمستوطنات.
لا بأس من وقفة نقدية لرواد حملات المقاطعة، ومن الضروري تجسيد النقد الذاتي والابتعاد عن تحميل الشعب المسئولية، ومهم جداً قراءة أسباب عملية التسوق الضخمة وهذا الاجتياح الذي دعم الاقتصاد الإسرائيلي بمائة مليون شيقل، كم نحن بحاجة لقراءة أوضاعنا بعيداً عن تحميل المسئوليات، وخاصة أن الشعب الفلسطيني مثقل بهذا الخطاب الهروبي.
إن عملية التسوق الضخمة من أسواق دولة الكيان بحاجة لقراءة حقيقية مدعومة بخطوات عملية تحترم عقل المواطن الذي أكسبته التجارب فهم عميق لما يدور حوله،  لأننا نتحدث عن أغلبية ساحقة وقطعاً فالأغلبية لا تخطيء وإنما النخبة التي تفقد بوصلتها وقدرتها على رفع الشعار المناسب البعيد عن الانتهازية الانتخابية.
ما العمل؟؟؟ وكيف تتحول عملية المقاطعة لحاله جماهيرية بعيداً عن النخبوية والتضخيم الذي سيؤدي إلى الصدمة.
لا يعقل أن تكون السلة الاقتصادية الضفة الغربية بمستوى دولة الكيان في ظل أن الأخيرة تدعم منتجاتها ومستوى دخل الفرد عند الإسرائيليين خيالي مقارنة مع الفلسطينيين.
لا يعقل أن تستمر فوضى الأسعار واعتماد شعار الشاطر بشطارته دون الأخذ بعين الاعتبار الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها المواطن الذي تفاجأ من فرووقات الأسعار بيننا وبين دولة الكيان رغم تبعية تجارنا الاقتصادية لهم.
آن الأوان لتعزيز ثقافة المقاطعة بعيداً عن المنهج النظري الذي لا يسمن من جوع، وهذا يتطلب دعم المواطن وليس استغلاله باسم الوطن ودعم الاقتصاد الوطني مما يتطلب اتخاذ خطوات عملية بخصوص السلة الاقتصادي ولصالح المواطن.
لا يكفى أن نتغنى كفلسطينيين بالبديل في ظل أن الثقافة الاقتصادية السائدة في عقل الرأسمال الفلسطيني استغلال ثم استغلال.
المواطن المغلوب على أمرة وصل لحالة متقدمة من اليأس جراء الصدمات التي تعرض لها، وبالتالي نحن بحاجة لتعزيز ثقافة الخطاب المدعوم بالممارسة العملية، سواء من قبل مؤسسات المجتمع المدني أو الحكومة التي تتعامل مع المواطن مثل حبة الليمون، وأتمنى أن لا يكون الوقت قد فات على العودة للوراء ووضع استراتيجيات مقاطعة ودفاع عن حقوق المواطن الفلسطيني أمام الاستغلال الذي يتعرض لها من قبل الكمبرادور الفلسطيني الذي يسيطر على الحياة السياسية والاقتصادية في فلسطين المحتلة.

تنحية الرئيس/ نقولا ناصر

(إن الوقت قد حان لوضع حد لمنح شرعية عربية ل"تنحية الرئيس" استقواء بالتدخل الأجنبي، فالتواطؤ مع الأجنبي سيف ذو حدين لا يضمن العربي فيه انقلاب الأجنبي عليه في أي لحظة يقرر فيها الاستغناء عن خدماته)

إن الرسالة المؤرخة في العشرين من هذا الشهر التي بعث بها المستوطن غير الشرعي الذي يشغل منصب وزير الخارجية في دولة الاحتلال الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، إلى اللجنة الرباعية الدولية التي تتوسط في صراعها مع العرب ويحثها فيها على تنحية الرئيس الفلسطيني محمود عباس واستبداله لا ينبغي أن تمر مرور الكرام لا من حيث المبدأ ولا سياسيا.
لقد سارع مسؤول في حكومة الاحتلال إلى التصريح لوكالة رويترز الأربعاء الماضي بأن ما ورد في رسالة ليبرمان "لا يمثل بصورة صحيحة موقف رئيس الوزراء (بنيامين نتنياهو) أو موقف الحكومة ككل"، غير أن تصريحا صحفيا من مسؤول لم يفصح عن هويته لا يرقى إلى مستوى رسالة رسمية يوقعها ويوزعها وزير للخارجية بالطرق الدبلوماسية، فمثل هذه التصريح "ليس كافيا" وقاد معلقين كبارا في دولة الاحتلال إلى التكهن بأن ليبرمان ونتنياهو إنما يتبادلان الأدوار فحسب، الأول "كمتطرف" والثاني "كمعتدل"، كما كتب دان مارجاليت في "إسرائيل هايوم" الخميس الماضي. 
وبالرغم من التزام عباس الصارم باعتبار "الائتلافات الحكومية وانتخابات الكنيست وغيرها ... شأنا داخليا إسرائيليا لا نتدخل فيه"، احتراما منه ل"الشرعية الدولية" والتزاما بها، كما كرر القول في حفل توقيع اتفاق المصالحة الفلسطينية بالقاهرة في الشهر الخامس من العام الماضي تعليقا على معارضة دولة الاحتلال لذلك الاتفاق، فإن ليبرمان لم يبد حرصا حتى على التظاهر بمعاملة عباس بالمثل ليبعث برسالته التي نشرت يوم الأربعاء الماضي، متشجعا على الأرجح بسابقة "التخلص" من سلفه الشهيد ياسر عرفات بقرار معلن تم تنفيذه فعلا بتواطئ العضوين الأميركي والأوروبي في "الرباعية" وتنسيقهما مع دولة الاحتلال، ومتشجعا كذلك بتأقلم القيادة البديلة التي خلفت عرفات مع نتائج "تغيير نظامه" واستمرار علاقاتها ومفاوضاتها مع دولة الاحتلال وكأن شيئا لم يكن.
والمفارقة أن ليبرمان لا يرى ما يراه قطبا الانقسام الفلسطيني منذ خمس سنوات من اختلافات تمنع المصالحة بينهما، فيوحد بينهما، مدعيا ادعاء يتمنى الفلسطينيون لو كان صحيحا بوجود "تقسيم عمل" بين عباس في رام الله وبين رئيس الوزراء في غزة إسماعيل هنية ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل اللذين يقودان ما وصفه ب"الإرهاب المسلح" على الأرض بينما يقود الرئيس عباس ما وصفه ب"الإرهاب الدبلوماسي" دوليا.
وحجة ليبرمان في الحث على تنحية عباس لا تختلف عن حجة دولة الاحتلال في "التخلص" من عرفات، وهي أن سياساته قد تحولت إلى "عقبة أمام السلام"، نافيا أن تكون "المستوطنات" هي العقبة بدليل أن "كلتا اتفاقيتي السلام مع مصر والأردن قد وقعتا بينما كانت المستوطنات موجودة"، كما جاء في رسالته إلى "الرباعية"، التي فاته فيها ان يضيف بأن الاتفاقيات الموقعة بين دولة الاحتلال وبين منظمة التحرير قد أبرمت أيضا بوجود المستوطنات التي تضاعفت عددا وعديدا، جغرافيا وديموغرافيا، تحت مظلتها، وكأنما ليبرمان "لا ينام الليل" لأن "عملية السلام" لا تتقدم كما كتب كارلو سترينجر في هآرتس يوم الأربعاء الماضي.
لكن ليبرمان لا يدعو إلى تنحية عباس بالطريقة التي تمت بها عملية تصفية عرفات، بل يدعو إلى استبداله بطريقة "ديموقراطية" عبر انتخابات لا يكل عباس نفسه ولا يمل من الدعوة إليها كطريق وحيدة للمصالحة السياسية قبل التوافق الوطني على إجرائها، انتخابات يبدو عباس واثقا من نتائجها لصالحه بقدر ثقة ليبرمان في أن أي انتخابات فلسطينية سوف تقود إلى استبدال عباس ب"قيادة جديدة، شرعية، من المؤمل أن تكون واقعية وينبغي انتخابها ... من أجل إحداث تغيير جاد بين إسرائيل وبين الفلسطينيين" حسب الرسالة.
ولم يفت ليبرمان التمسح ب"التغييرات الضخمة في العالم العربي" لحث الرباعية على وجوب الاقتداء بها ل"منح أهمية قصوى لإجراء انتخابات جديدة في السلطة الفلسطينية" تغير قيادتها الحالية التي كانت بدورها تلعب في وقت المفاوضات الضائع منذ تولى ائتلاف ليبرمان الحاكم بقيادة نتنياهو السلطة عام 2009 بانتظار أن تأتي الانتخابات المقبلة في دولة الاحتلال والولايات المتحدة بقيادات جديدة "تستانف" المفاوضات.
ولا يفوت المراقب ملاحظة التزامن بين "الأهمية القصوى" التي يمنحها ليبرمان للاستعجال في إجراء انتخابات فلسطينية وبين الأهمية المماثلة التي تمنحها لإجرائها حكومة تسيير الأعمال في رام الله برئاسة د. سلام فياض، الذي "لم يستبعد" ترشيحه للرئاسة، والذي نجح في استصدار مرسوم رئاسي بتعديل قانون الانتخابات المحلية للسماح بإجراء الانتخابات البلدية في الضفة الغربية دون قطاع غزة في العشرين من تشرين الأول / أكتوبر المقبل، ليقترح على مأدبة إفطار رمضانية للصحفيين والكتاب خطة لإجراء انتخابات تشريعية على أساس التمثيل النسبي للقوائم يشارك فيها قطاع غزة ترشيحا ولا يشارك فيها انتخابا.
كما تزامنت رسالة ليبرمان إلى وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، ونظيرها الروسي سيرجى لافروف، والمفوضة السامية للاتحاد الأوروبي كائرين آشتون، والأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون مع تكرار القادة الغربيين في الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وغيرها لمطالباتهم بتنحية الرئيس السوري بشار الأسد متشجعين بدورهم بسوابق نجاحاتهم في تنحية رؤساء عرب بالغزو والاحتلال والإعدام والقتل والتسميم، ومتشجعين كذلك بتواطئ عربي صامت أو بشراكة عربية معلنة.
غير أن تستر مثل هذا التواطؤ بالطموحات المشروعة للحراك الشعبي العربي ليس كافيا لإقناع الجماهير المطالبة بالتغيير والإصلاح بأن اختيار الرؤساء وتنحيتهم ليس حقا قانونيا وشرعيا وإنسانيا طبيعيا خالصا غير قابل للتصرف من حقوق الشعوب لا يقبل التدخل الأجنبي فيه مهما كان شكل هذا التدخل أو ذرائعه، أو كافيا لإقناعها بأن سكين سوابق التدخل الأجنبي التي طالت رقاب قادة أصبحوا في ذمة التاريخ الآن لن تطال في المستقبل رقاب القادة الذين جاء بهم هذا التدخل أو رقاب القادة الذين شاركوا في هذا التدخل أو صمتوا عنه.
إن من سمح من القادة العرب بسابقة الاطاحة بصدام حسين وتغيير نظامه بالتدخل الأجنبي عام 2003 قد منح شرعية عربية لتكرار هذه السابقة للتخلص من عرفات بعد عامين، ولا يزال "الحبل على الجرار" كما يقول المثل الشعبي، ولأن المؤمن لا يلدغ من الجحر ذاته مرتين، ولأن المؤمنين العرب قد لدغوا من ذات الجحر مرات، فإن على القادة الذين منحوا الشرعية العربية لتلك السابقة أن يتحسسوا رقابهم باستمرار.
وتطلق رسالة ليبرمان ضوءا أحمر ينبغي أن يبعث برسالة إنذار إلى العرب بعامة وإلى عرب فلسطين بخاصة إلى أن الوقت قد حان لوضع حد لمنح شرعية عربية ل"تنحية الرئيس" استقواء بالتدخل الأجنبي، فالتواطؤ مع الأجنبي سيف ذو حدين لا يضمن العربي فيه انقلاب الأجنبي عليه في أي لحظة يقرر فيها الاستغناء عن خدماته.
والسابقة الفلسطينية التي يريد ليبرمان تكرارها عبرة كافية لمن يريد ان يعتبر.
* كاتب عربي من فلسطين
* nassernicola@ymail.com

حوار مع النفس: عجائب مجتمع/ ايمان حجازى

تتواجد فى الحدث ... تنظر وتدقق وتمعن النظر ,, تعيش الموقف بالإحساس بالعقل , تعيشه واقع تلمسه تحسه تنفعل به ومعه , تعمل عقلك عليه , وتترك لنفسك وهلات ربما لحظات قد تطول أو تقصر ولكنك تعطى لنفسك فسحة من الوقت ليختمر بداخلها الموضوع وتمتزج أحداثه لتخرج بنتيجة معبرة بنتيجة حقيقية تكون لسان حال ما حدث
ولكن تفاجىء بغيرك وغيرهم ممن يرون الحدث ويحكونه ويدافعون ويبررون وقد يبرأون ما حدث وغيرهم يجرمون ويلقون التهم بل ويصدرون أحكاما
هؤلاء يفتعلون مالم يحدث ويأرخونه ويؤيدون أو يعارضون
تظل ترى وتسمع وحين يضيق صدرك وتصرخ بأن هذا لم يحدث , تصبح أنت المفتعل أن من تبتذل ,,,
 تصرخ فيهم كنت هناك رأيت وسمعت ولكن.......... لا حياة لمن تنادى
فكيف لمن يغير الحقائق أن يعطى لغيره فرصة لإثبات أن ما نسجه غير صحيح !!!!
هل يعقل أن يعطى الكذاب المختلق فرصة لأحد أن يثبت كذبه وإفكه ؟؟؟
وتتساءل اذا كان هذا ما يحدث الآن ولم يمر على الحدث زمن كثير فكيف يتسنى للتاريخ أن يسجل
 أن يدون ما حدث !!!!!
من أين يستقى التاريخ بياناته ؟؟
بعد عشرات من السنوات ماذا سيعرض عنا أو ماذا سيبقى منا !!!!!!!!!!!!
إذا كان الوضع بهذا الشكل فلن يخلد التاريخ إلا كل إفك ولن يذكر إلا الأكاذيب
وتظل فى حيرة من نفسك وتساؤل ماذا سيترك لأولادنا ,, فعلنا من أجلهم ما فعلنا ,, أردنا أن نبدل لهم الحياة ,, أن تشرق شمس غدهم على أيادينا وأن نمتعهم بصفاء جو ونقاء حياة ,, فماذا خلفنا لهم !!!!
لم يخرج من أيادينا إلا كل ما هو كذب نسمعه ويتداوله الناس ونحن نرى ولا نكاد نصدق أن هذا ما يتناقلوه عنا ,, نحن صناع الحدث لم نزل , لم نمت بعد ولم تمض بنا الأيام فكيف بعد أن نصير الى  التراب , بعد أن تحتوينا ذاكرة الزمن وربنا نسيانه يمحو ما فعلناه ويشوه ما حرصنا عليه من فضائل فيحيلها نقائص ويشينها ويدعمها بكل الأدلة الدالة على تعييبها وظهورها بشكل لم تمت اليه بصلة
تتعجب وتقف الأفكار مشلولة فى ركن بعيد من عقلك لا تكاد تفقه ما يقولون ولا أنت قادر على ضحد أفكارهم وطرح الفكرة مقابل الفكرة والدليل مقابل التهمة لأنهم ببساطة كثر والكثرة وخاصة مع التشعبات الفكرية تغلب الشجاعة
ويظل السؤال ويظل التعجب ضمن طيات العجز عن الدفاع عما صنعته أيادينا فى مقابلة غزو الموت أو
الوأد الجامح العاتى الناوى على ألا يبقى ولا يذر منا شيئا
تقف لتسأل نفسك أهذه أفكارى أم تخوفاتى ؟؟
وهل سوف أسجن فيها كثيرا أم ستفك أسرى وتتركنى وتمضى بعيدا !!!!!
وهل ستجد لها طريقا حقا أم للقبر والموت المحقق تذهب !!!!
وهكذا تبقى الحيرة
وهكذا تأخذ طريقك الى اللاشىء الى الضياع الى المتاهة التى يريدونها لك
فهل أنت بهذا الضعف ؟؟؟
هل ستستجيب لإفكهم أم ستنهض وتعافر وتقاوم لتحيى نفسك وتعيد صياغة فكرك !!!!!!!
ماذا ستفعل ياذا العقل المنهك ؟؟
ماذا ستفعل يا ناحل الجسد يا ضعيف البنية ؟؟
ماذا ستفعل أيها الحالم أيها الرومانسى أيها المتعلق بأستار السحاب تريد السمو تريد الصعود للسماء تريد التمتع بالنقاء بالصفاء !!!!!
ماذا ستفعل من أجل هذا الإرتقاء

سلاح الهولوكوست/ نقولا ناصر

(مثلما يجري اليوم التحذير من تكرار الهولوكوست كذريعة لشن حرب عدوانية "استباقية" على سوريا وإيران، كان الهولوكوست "مسوغا" للمحافظين الأميركيين الجدد لغزو العراق واحتلاله)

يظل إنكار وقوع المحرقة النازية "الهولوكوست" أو الاعتراف بوقوعها، ومن كانوا ضحاياها وعددهم، مسألة يقررها المؤرخون، لكن لا يوجد جدل حول نجاح الحركة الصهيونية في فرض الصمت على المؤرخين وفي منعهم بقوة القانون وتحت طائلة العقوبة من أي طعن في الرواية "السياسية" الصهيونية للهولوكوست، أو جدل حول نجاحها في استخدام الهولوكوست سلاحا سياسيا لترسيخ المشروع الصهيوني الذي تحول إلى دولة في فلسطين المحتلة، واستجداء التعاطف والدعم الدوليين لهذا المشروع وضمان أمنه بخطاب "إنساني" يسوغ لدولته شن الحروب العدوانية "الوقائية" و"الدفاعية" ومحو "النكبة" الفلسطينية المتواصلة من الوعي الجمعي للمجتمع الدولي من أجل الضغط على ضحاياها من عرب فلسطين للقبول بنتجائها.
ويربط الإعلام الإسرائيلي اليوم بين الهولوكوست وبين البرنامج النووي في إيران والترسانة المزعومة للأسلحة الكيماوية في سوريا لتسويغ شن حرب عدوانية "وقائية" على البلدين. فعلى سبيل المثال، كتب جويل ليدن في "وكالة أنباء إسرائيل" في السادس والعشرين من تموز / يوليو الماضي يقول "إن سوريا تتميز بكونها الدولة الثانية على الكرة الأرضية التي تهدد اليهود بالغاز، وكانت الأولى ألمانيا النازية" ليستنتج بأن "الحرب حتمية". وتجتاح دولة الاحتلال الآن هستيريا توزيع الأقنعة الواقية من الغازات على الناس وترميم الملاجئ قبل تعيين رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) السابق آفي ديختر قائدا للجبهة الداخلية برتبة وزير.
وصبت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون زيتا أميركيا على النار الإسرائيلية بقولها إنه "يجب على الولايات المتحدة وشركائنا العمل قبل أن يتم ... إشعال عود الثقاب، لأن النار عندما تصبح حريقا كاملا  فإن خياراتنا للرد تكون أكثر كلفة وأصعب إلى حد كبير" على حد قولها في متحف الهولوكوست التذكاري في بلادها أواخر الشهر الماضي، في دعوة صريحة إلى حرب عدوانية "استباقية".
 ولم يكن مستغربا أن تجعل دولة الاحتلال الإسرائيلي من إلغاء قرار الأمم المتحدة رقم 3379 لسنة 1975 الذي يعتبر الصهيونية شكلا من أشكال العنصرية شرطا مسبقا لمشاركتها في مؤتمر مدريد للسلام الذي انعقد برعاية أميركية عام 1991 والذي قاد إلى اتفاق أوسلو بعد عامين ليتم إلغاؤه فعلا بالقرار 46/86 بتاريخ 16/12/1991.
لقد كانت "عملية السلام" العربية – الإسرائيلية في خدمة سلاح الهولوكوست الذي قاد في سنة 2005 إلى صدور قرار الأمم المتحدة رقم 7/60 باعتماد 27 كانون الثاني / يناير من كل عام يوما عالميا لإحياء ذكرى الهولوكوست، وهو قرار نص على رفض أي إنكار للهولوكوست.   
في مقال له بتاريخ 20 آذار / مارس 2005 أوضح فيه استخدام الهولوكوست سلاحا سياسيا في يد الحركة الصهيونية ودولتها، قال الكاتب الإسرائيلي عوفر شيلح إن دولة الاحتلال "استخدمت ... المحرقة دائما لإضفاء الشرعية على عدد غير محدود من الأعمال الكبيرة والصغيرة، من المشروع النووي إلى العمليات العسكرية العدوانية" ليخلص إلى أنه "مسموح لنا" ذلك وغيره "لأننا كنا ضحايا المحرقة".
وكان المؤرخ الإسرائيلي ايلان بابى قد كتب أنه في عام النكبة 1948 تم تصوير العرب بعامة والفلسطينيين منهم بخاصة ك"نازيين سوف يرتكبون هولوكوست آخر ... كأداة علاقات عامة مدروسة لضمان ألا يفقد الجنود اليهود شجاعتهم، بعد ثلاث سنوات من الهولوكوست، عندما يؤمرون بالقضاء على بشر غيرهم وقتلهم وتدميرهم" في تطهيرهم العرقي لفلسطين من العرب.
ومثلما يجري اليوم التحذير من تكرار الهولوكوست كذريعة لشن حرب عدوانية "استباقية" على سوريا وإيران، كان الهولوكوست "مسوغا" للمحافظين الأميركيين الجدد لغزو العراق واحتلاله كما كتب جاكوب هيلبرون في كتابه "صعود المحافظين الجدد".
في كتاب "شهادات: كتاب معاصرون يجعلون الهولوكوست شخصيا" (1989)، وردت شهادة الكاتبة جين دى لين التالية: "استمرار وجود إسرائيل هو السبب الوحيد الذي يجعلني اعتبر استعمال الأسلحة النووية مسوغا ... وإذا كان الخيار بين بقاء إسرائيل وبين بقاء بقية ال 4 – 6 ميارات من سكان العالم، فإنني سأختار ال 4 ملايين" من يهود إسرائيل !
في أواسط عام 2009 ألغى وزير التعليم الإسرائيلي جدعون ساعر قرارا اتخذ قبل عامين سمح باستخدام كلمة "النكبة" في مقررات مدارس الدولة بحجة أنه "ليس من المفترض ان يساهم نظام التعليم في نزع الشرعية عن الدولة"، وفي أواسط العام التالي فرض الوزير تدريس الهولوكوست في المدارس العربية ابتداء من عام 2011 وقرر إرسال وفود من المعلمين والمدراء العرب لزيارة معسكر "اوشفيتز" من أجل "تأهيلهم" لتدريس الهولوكوست وأمر بأن يتضمن امتحان الثانوية العامة "البغروت" سؤالا إلزاميا عن "الهولوكوست وإبادة اليهود في الحرب العالمية الثانية".
وبالرغم من كل ذلك والكثير غيره، يخرج ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في برلين منذ عام 2010، صلاح عبد الشافي، نجل الزعيم الوطني الفلسطيني الراحل حيدر عبد الشافي، لينفي وجود صلة بين الهولوكوست وبين الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، وليحث على عدم إقامة أي صلة كهذه، ليقول في السادس والعشرين من حزيران / يونيو الماضي إن الرئيس محمود عباس أعطى الدبلوماسيين الفلسطينيين تعليمات بحضور مناسبات إحياء ذكرى الهولوكوست.
وربما لهذا السبب أمضى السفير الفلسطيني لدى بولندا، خالد غزال، ساعتين ونصف الساعة برفقة سفير دولة الاحتلال، ديفيد بيليج، في زيارة لمعسكر أوشفيتز أوائل تموز / يوليو الماضي، بناء على طلب نزال، قائلا للأسوشيتدبرس: "أردت فقط أن أعبر عن تضامني العميق مع ضحايا الفاشية والجرائم ضد الشعب اليهودي"، متجاهلا أن الاعتراف بالهولوكوست يعادل الاعتراف ب"الحاجة" إلى وجود إسرائيل وبحقها في الوجود وفي "الدفاع" عن وجودها بغض النظر عن اعترافها بالنكبة ومسؤوليتها عن نتائجها.
لذلك لا يمكن اعتبار قيام مستشار لعباس برتبة وزير للعلاقات المسيحية، هو زياد البندك، بوضع اكليل من الزهور على "ضحايا المحرقة" اليهودية في أوشفيتز أواخر تموز / يوليو الماضي مبادرة أو "زلة" فردية وشخصية، بل إنها سياسة فلسطينية رسمية تضعها على محك المساءلة مبادرة الفيلسوف اليهودي المولود في استراليا، بيتر سينغر، حفيد ثلاثة اجداد فقدهم في الهولوكوست، إلى توقيع التماس في سنة 2010 يتنازل فيه عن حقه في "العودة إلى إسرائيل" لأنه يمثل "شكلا من الامتياز العنصري يحرض على الاضطهاد الكولونيالي للفلسطينيين" لا يسوغه الهولوكوست "أخلاقيا".
* كاتب عربي من فلسطين             
* nassernicola@ymail.com
 

مهمّة الأخضر الإبراهيمي لو تنجح!/ صبحي غندور


هل سيقدر الأخضر الإبراهيمي على النجاح حيث فشل كوفي أنان؟ أعتقد أنّ ذلك ممكن أن يحدث إذا كانت الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن جادّةً الآن فعلاً في البحث عن تسوية سياسية للأزمة السورية الدموية الخطيرة، التي تهدّد أيضاً بحروبٍ أهلية وإقليمية في عموم المنطقة. وسيكون الفارق بين دور أنان ودور الإبراهيمي هو بين من جرى اختياره لضبط الخلافات بين الدول الكبرى حينما جرى اختيار أنان كمبعوث دولي، وبين من جرى تكليفه الآن، أي الأبراهيمي، ليكون ممثّلاً للإرادة المشتركة للدول الدائمة العضوية في البحث فعلاً عن تسوية سياسية للحرب الدائرة الآن في سوريا، وعلى سوريا.
الأخضر الإبراهيمي لم يقبل بالمهمّة الدولية الجديدة الموكلة إليه إلاّ بعد ضمان تأمين الدعم لمهمّته من الفاعلين الكبار في الأزمة السورية، وهذا يعني وجود قناعة دولية الآن بعدم إمكانية حسم الأمور عسكرياً على الأرض السورية لصالح هذا الطرف أو ذاك، ويعني أيضاً ارتفاع منسوب المخاوف من تفاعلاتٍ ممّا يحدث على الأرض، إن كان لجهة زيادة دور وعدد الجماعات الدينية المتطرّفة، والمحسوبة اسمياً على "جماعات القاعدة"، أو أيضاً لمحاذير امتداد الصراعات المسلّحة إلى دول مجاورة لسوريا.
أعتقد أنّ الأخضر الإبراهيمي سيعتمد كثيراً على إمكانات حدوث تفاهم سعودي - إيراني (مدعوم من إدارة أوباما ومن روسيا) حول المخرج المناسب لوقف العنف في سوريا، وبشكلٍ مشابه لدوره في وقف الحرب الأهلية اللبنانية منذ أكثر من عشرين عاماً، حيث اعتمد آنذاك على صياغة تفاهم سعودي/سوري مدعوم من واشنطن أفرز "اتفاق الطائف" الخاص بالأزمة اللبنانية.
أوجه الاختلاف الآن عن الحالة اللبنانية، منذ عقدين من الزمن، أنّ مطلع عقد التسعينات كان بداية الانفرادية الأميركية في قيادة العالم بعد سقوط الاتحاد السوفييتي، وبأنّ سوريا كانت "لاعباً" مهمّاً في المنطقة لا "ملعباً" للآخرين. الآن، يشهد العالم إصراراً روسيّاً/صينيّاً على صياغة نظام دولي جديد يقوم على الشراكة لا على التبعيّة للموقف الأميركي، نظام تعدّدية الأقطاب الذي سينهي حقبة القطب الأميركي الأوحد. وكيفيّة معالجة الأزمة السورية ستكون هي التي تصنع هذا التحوّل الدولي القادم.
أيضاً، أصبحت إيران هي "اللاعب" الإقليمي الذي تتمحور عليه وحوله قضايا عديدة في المنطقة تشمل العراق وسوريا ولبنان وفلسطين، إضافةً إلى مصير العلاقات مع دول الخليج العربي وتأثيراتها على أمن هذه الدول وعلى النفط والاقتصاد العالمي. 
هذا ما يدركه كلّه طبعاً الأخضر الإبراهيمي، وما جعله يشترط ضمانات الدعم الدولي، وهو يحاول الآن بناء صيغة تسوية تدعمها إقليمياً السعودية وإيران، وتقف خلفها واشنطن وموسكو، لتكون مدخلاً أيضاً لتفاهماتٍ دولية وإقليمية تشترك فيها الصين وتركيا ومصر والدول الأوروبية الفاعلة، حول قضايا إقليمية عديدة لها علاقة بمستقبل النفوذين الأميركي والإيراني في العراق، وبمصير التسوية السياسية للصراع العربي/الإسرئيلي وامتداداته في لبنان وفلسطين، إذ من الصعب التوصّل إلى حلٍّ للأزمة السورية دون حدوث تفاهمٍ دولي أيضاً على مستقبل تسوية الصراع السوري/اللبناني/الفلسطيني مع إسرائيل. وإيران معنيّةٌ بكلِّ ذلك.
كانت المراهنات الأميركية والأوروبية في السابق هي على إضعاف إيران من خلال استقطاب دمشق ومغازلتها، وعزل المقاومتين اللبنانية والفلسطينية، وتشجيع الخلافات العربية – الإيرانية عموماً مقابل تشجيع التقارب العربي – التركي، في ظلّ مناخاتٍ طائفية ومذهبية تخدم هذه التوجّهات "الأطلسية" في المنطقة. لكن هذه المراهنات سقطت مع سقوط حكم بن علي في تونس ثمّ حكم مبارك في مصر ثمّ القذافي في ليبيا حيث تحوّلت المراهنات إلى توظيف الانتفاضة الشعبية السورية لصالح أجندة دولية وإقليمية لا علاقة لها إطلاقاً بالمسألة الديمقراطية أو بحقوق الشعب السوري ومطالبه المشروعة.
وما زالت السياسة "الأطلسية" ترى أنّ إضعاف إيران ممكنٌ الآن من خلال المراهنة على نتائج "الربيع العربي" وما يفرزه هذا "الربيع" في بعض البلدان من وصول جماعاتٍ سياسية دينية متباينة مع إيران وبعيدة عن سياساتها، وأيضاً، من تفاعلات الحدث السوري لإضعاف حلفاء إيران في المنطقة.
 
إنّ كلّ تلك المراهنات الأطلسية هي محكومةٌ بظروفٍ إقليمية ودولية، وبوقائع عسكرية على الأرض السورية، وبمخاطر امتداد النيران الى دول الجوار. فتركيا (العضو في الحلف الأطلسي) ترفض حتّى الآن أن تكون "كبش محرقة"، ولم تتجاوب مع دعوات التصعيد العسكري المباشر ضدَّ سوريا أو إيران. ومعظم الدول العربية يدرك حجم المخاطر المحيطة بالمنطقة، ولا يريد التورّط في حروبٍ إقليمية أو في مشاريع فتن "أطلسية" أو إسرائيلية. كذلك، وهذا مهمٌّ جداً، هناك إدراك روسي/صيني لأبعاد ما يحدث في سورية وحيال إيران، وللانعكاسات الخطيرة على مصالح موسكو، وبكين، ومستقبل العلاقات الدولية عموماً، في حال السماح بتكرار ما حدث في ليبيا من تدخّلٍ عسكري أجنبي لتغيير النظام الحاكم.
ورغم الضغوط الكثيرة التي تبذلها حكومة نتنياهو لإشعال حربٍ مع إيران، فإنّ إدارة أوباما، وخلفها حكومات "حلف الناتو"، لا تجد الآن أمامها إلاّ خيار البحث عن تسوية سياسية للملفّين الإيراني والسوري. فمصير العلاقة الأميركية/الأوروبية مع روسيا والصين يتوقّف الآن على كيفيّة التعامل مع هذين الملفين في الشرق الأوسط، كما هو أيضاً مصير الأمن والاقتصاد في العالم كلّه.
***
مهمّة الأخضر الإبراهيمي هي الآن بصيص نورٍ خافت في نفقٍ عربيٍّ مظلم، وستكون هذه المهمّة الصعبة في حال نجاحها بدايةً لتسوياتٍ إقليمية عديدة في المنطقة، ولاجماً كبيراً لأفكار وممارسات تفتيتيّة لشعوب ودول المنطقة العربية والعالم الإسلامي، لكن البديل عنها، في حال فشلها، هو مزيدٌ من الدّم والدّمار، ومن اتّساع رقعة الصراعات، ومن استنزاف للثروات العربية، ومن تهجير لمزيدٍ من مئات الألوف من المواطنين العرب الأبرياء الذين هم الآن ضحايا لسوء أوضاع أوطانهم ولصراعات القوى الإقليمة والدولية على هذه الأوطان ومواقعها وثرواتها.
إنّ الديمقراطية السليمة، القائمة على وحدةٍ وطنية شعبية، وعلى ترسيخ الولاء الوطني، وعلى الهويّة العربية، وعلى التمسّك بوحدة الكيان الوطني، وعلى "رفض العنف والطائفية والتدخّل الأجنبي"، هي البديل المطلوب للحالة العربية الفاسدة والعفنة، ولا يجوز أن تكون الصراعات الأهلية والتقسيمات الجغرافية والتدويل الأجنبي هي البديل. إنّ أبرز ما يعيق التحوّل نحو الديمقراطية السليمة هو أنّ المجتمعات العربية موبوءة بأمراض التحزّب الطائفي والمذهبي والإثني، وهذه الأمراض وحدها تشكّل الآن خطراً على الحراك الشعبي العربي الكبير، فكيف سيكون المستقبل، إذا ما أُضيف إلى ذلك أيضاً، خطر مشاريع الفتنة والتقسيم والتدويل لعموم بلدان المنطقة؟!
*مدير "مركز الحوار العربي"
Sobhi@alhewar.com

الجور ساقط في الهاوية فلْنَحْتَمِ من إرتجاجات إرتطامه بالقعر/ المهندس حميد عوّاد


كثير من الناس، بدافع الترف وكسراً للرتابة أو خرقاً للمألوف وخروجاً من الواقع توثّباً إلى مراتب الشعور بالتفوّق وضخّاً لحيويّة منعشة تنشّط المشاعر، ينشدون الإثارة حتّى عبر خوض مغامرات خطرة تشحن أحاسيسهم بزخّات من الفوران. 
مارس لبنانيّون طوعاً وإستمتاعاً هذه الهواية في حقبات الإسترخاء والبحبوحة والسلام، لكن ما إن كرّت حملات دكّ أسس الكيان الوطني لمحوه وشرخ "أعضائه الحيويّة" وتفريغه من "ذخائره المميّزة" حتّى تلاشى الرغد وتعطّلت مقوّمات الحياة وتشنّجت الأعصاب وساد الرعب وعمّ الدمار.

رغم لمّ الشتات وعقد العزم على النهوض بخطط توافق معظم اللبنانيّين على إنجازها وإنجاحها ضمن ورشة ترميم وتحديث الدولة وإعمار المدن والأرياف وإنعاش وتحفيز الإقتصاد، ثابر "قياصرة" النظامين السوري والإيراني، طبقاً لمخطّط الهيمنة الكلّية على لبنان، على إعاقة جهود التعافي وإختطاف السلطات بالسطو المباشر - يوم حوّل النظام السوري لبنان ثكنةً وغنيمة لعسكره - وبالواسطة - بعد سحب جيشه مكرهاً بضغط قرار دوليّ وعصف نقمة ضاهت دوي إغتيال الرئيس رفيق الحريري الذي تلبّس إرتكابه - عبر التحكّم بأذرع ومنظومة عسكريّة مكتملة الأجهزة مرتبطة عضوياً به وبحليفه النظام الإيراني شقّت سبل هيمنتها على العديد من مؤسّسات الدولة.
بعد طول إعتداد برسوخه إهتزّ النظام السوري ووقع في الحفرة التي حفرها لوأد أخصامه وحصد عواصف أحقادهم بعد زرعه زئير إحتقارهم. إذ إستعدى شرائح من شعبه لشدّة بطشه وظلمه وإنتهاكه للحقوق الإنسانيّة ولم يأبه لمطالب الإصلاح وموجبات الشراكة ظانّاً أنّ التنكيل كفيل بالتطويع وأنّ قوتّه العسكريّة ومتانة تحالفه مع إيران والإتّكاء على الدعم الروسي تضمن ديمومته وتناسله إلى ما لا نهاية.
لكنّ الشعب السوري ثار على جور حكّامه وكانت ثورته تظاهرات سلميّة في البداية وتدرّجت في مواجهة القمع الدموي نحو صدامات مسلّحة عمّقت الجراح وبلغت مستوى مأساوياً تضاءلت معه فرص الحلول السلميّة. 
غاب عن بال حكّام سوريا أن مهمّة عسكرهم المركزيّة هي حماية الشعب وليس ركوبه مطيّة وإستخدامه أداةً لإذلال وتطويع أهله. كما فاتهم انّ القوى العسكرية تتضاعف فعاليّتها في التصدّي لعدوان خارجي متى سُندت بدعم جبهة داخليّة متآلفة ومتراصّة يجمع بين مكوّنات شعبها عقيدة وطنيّة راسخة نابعة من قناعة وحدة الحال والمصلحة والمصير التي تجعل الإنتماء للوطن أسمى مراتب الإنتماء والإفتخار.
الواضح أنّهم لم يتوبوا عن ممارسة العنف فالمجازر ما زالت جارية دماؤها في قلب سوريا ويطمحون إلى إستجرارها لداخل لبنان بإفتعال صدامات وأعمال خطف وتفجيرات تدفع سرايا حليفهم الثوريّة في لبنان إلى تعويض خسارة سوريا بإجتياح لبنان!  
وما "الهدايا" التي حمّلوها لمستشار الرئاسة السوريّة، المُثقل الضمير، لتفجّر "محبّتهم" "شمالاً" في مناطق لجوء النازحين السوريّين إلاّ مثالٌ جديد يضاف إلى سابقاته على "تأصّل" غريزة القتل في طباعهم التي تطيح بجدوى كلّ "إتفاق" عُقد معهم وتثبت عقم التعاطي معهم وبهتان "الودّ" الذي يكنّونه لشعبي لبنان وسوريا.
إنّ الأعمال الإجراميّة مدانة وتستوجب إحالتها إلى القضاء المختصّ البلدي أو الدوليّ. إرتكاب جرم من فريق لا يبرّر الردّ بإرتكاب جرم شنيع من الغريم مع إصدار شهادة براءة ذمّة.
وتيرة الإنشقاقات تتسارع لتزيد في تآكل النظام، وقوّته العسكريّة الضاربة تنخرها أسلحة متطورة يحصل عليها "الجيش السوري الحرّ" ويقرضها توسيع رقعة المواجهات وتصعيد حدّة الإشتباكات.
 
لكنّ طغيان الصدامات العسكرية على مشهد الصراع في سوريا يغيّب للأسف ممثّلي التيّارات الليبراليّة والعلمانيّة مستقلّة أويساريّة ويفسح المجال لتسرّب عناصرتكفيريّة إرهابيّة تسيء إلى مصداقيّة ومسار الثورة.
من هنا تمارس الدول الداعمة لإنتفاضة الشعب السوري مواكبة حذرة للحضّ على تفادي الشطط والتأكيد على الرسوّ على صيغة حكم ديمقراطي يؤمّن مشاركةً فعّالة ومنصفة لكلّ شرائح المجتمع السوري المتنوّع.

لقد برم العالم من أوكار الإرهاب ومن البيئات الخصبة المحفّزة لنشوئه على أساس من التعصّب ل"مدرسة" أو مذهب يلقّن كلّ منها "طلاّبه" أو أتباعه نصوصاً يُحرّف تفسيرها بتصلّب ويشحنهم بالحقد والكراهية وتكفير الخارجين عن نهجهم لدرجة جواز زهق أرواحهم. وهذه الوصمة يدمغ بها خطأً وظلماً ويحمل وزرها كلّ من أشار نسبه إلى مسمّى مشترك مع هذه الفئة الضالّة.
وبفعل "تعثّر هضم" الجاحدين بحسن إستضافتهم وإحتضانهم في المجتمعات الغربيّة وتحت تأثير إرتكاب الأعمال الإرهابيّة في أفغانستان و باكستان و نيجيريا وغيرها بدأت تبرز ظواهر إجراميّة مقلقة تستهدف أقلّيات متحدّرة من المهاجرين في أوروبا (أندرس برافيك في النروج) وأميركا (وِيد مايكل-مطلق النار على المصلّين في معبد السيخ قرب ميلووكي).
إنّ الشحن المذهبي والطائفي عواقبه خطيرة وضحاياه كثيرة. على المرجعيّات الدينيّة الموثّرة إتّخاذ التدابير الآيلة إلى تبريد الغليان وتنفيس الإحتقانات وإحتواء التفجّرات وإجتراح الحلول الشافية من هكذا لوثات وإعادة تأهيل المضلّلين وإعداد مرشدين حكماء يدينون التطرّف ويبشّرون بالتسامح والتآلف والإنفتاح والمحبّة.
الفرز المذهبي يتفشّى في الشرق الأوسط وآسيا منسلّا من تفاقم الصراع على السلطة الدينيّة والسياسيّة بين قطبي إيران ودول الخليج ويرخي بظلّه على الصراع في سوريا وعلى التجاذب السياسي في لبنان.
كما يحتدم الإحتقان والتهديد بالحرب والتحضّر لها بين إسرائيل وإيران مع ظهيرها في لبنان على خلفيّة التوجّس من التخصيب النووّي الإيراني وتحيّن الفرص للأخذ بالثأر والتأكّد من محدوديّة الخسائر في الجانب المبادر في مقابل إصابة الأهداف وإنزال أذىً جسيم في جبهة الخصم .
  
الأجواء الملبّدة هذه والضاغطة بثقلها على اللبنانيّين تستلزم ترويض غرائز الإستقواء وكبت جموح الهيمنة، وتطهير النوايا والتفكير مليّاً بالمصلحة الوطنية الجامعة لإيلائها الأهميّة الفضلى وإنتظام السلوك في السياق القانوني والتحلّي بأقصى درجات الحكمة وحسن التدبير وضبط الإستفزازات والإنفعالات وغسل القلوب وتحكيم الضمائر.
 هذه المبادئ الهادية ليست يتيمة، فأهلها كثر في لبنان بينهم شخصيّات ميمونة النّقيبة تتنكّب مسؤوليّات جسام في مؤسسات الدولة ومنهم قادة رأي محترمون وفرسان سياسة ومفكرون وعلماء ورجال دين أجلاّء ومنظّمات المجتمع المدني.
فهلمّوا وتقاطبوا أيّها الحكماء وإنطقوا كلمة الحق وسدّدوا الخطى وقودوا المسيرة نحو الأمان والخلاص!      
أكاديمي باحث في الشؤون اللبنانيّة*     
Discernment, percipience, compassion, support for freedom, justice and Human Rights.

سن القلم: ماذا أقول؟/ عادل عطية

قرأت وثيقة "فتح مصر" للاخوان المسلمين"، وتشبيههم لقرارات مرسي بـ "فتح مكة".. ووجدت نفسي في حيرة: هل أقول: "الله يفتح عليكم" أم أقول: "يا فتّاح يا عليم يا رزاق يا كريم"؟!...
                                                                               

وطن آمن وغير مضطرب/ صالح خريسات


ربما كان على الوطنيين، التأمل فيما إذا كان انعدام الاهتمام بالإصلاحات السياسية والاجتماعية، عائداً إلى هذه الذات المتضخمة للشخصيات المتنفذة، الراضية عن نفسها، وإلى تراجع القدرة على التأمل والنقد والحركية لديهم.
 إننا نفهم أن صنع الوطن القوي المتماسك، هو النتيجة الوحيدة الممكنة للرشد والتعقل، لخلق وطن حر ومستقل وآمن. إنه الجواب الوحيد، الممكن والإيجابي، للتصدي للأزمات التي تخلقها ظروف المجتمع الدولي، وتضارب المصالح السياسية والاقتصادية. إن الوطن الآمن غير المضطرب، هو الضمان ضد العودة إلى الوطنيات المتعددة، والأجندة الخاصة، والمراهنات المميتة. ضمان ضد الوقوع في أسر الماضي من جديد، ذلك الماضي الذي يتهددنا مرة ثانية بالخنق.
من أجل ذلك، يجب أن لا نتجاهل التطورات التي تؤثر في حياتنا بشكل سلبي . وأهمها سيل التشريع، الذي يزيد من قوة الحكومة على إخضاع الشعب لإرادتها.
فهؤلاء الذين يعتقدون أن القوانين تصنع المدن، وان التعديلات الجوهرية في السياسة، وفي أساليب المعيشة، وأعمال السكان، والتجارة، والتربية، والدين، يمكن أن يصوت لها أو عليها، وان كل إجراء حتى إن كان متواضعا، يمكن فرضه على الشعب، إذا استطعت أن تحصل على الأصوات التي تكفي أن تجعله قانونا.
ولكن الحكماء يدركون أن التشريع غير المدروس، حبل من الرمل، يتلاشى عند لفه، ويدركون أن الدولة يجب أن تتبع لا أن تقود شخصية المواطن وتقدمه. وان أقوى مفسد يجب التخلص منه فورا، فلا يبنى بناء سوى أولئك الذين يشيدون على أساس الآراء، كما يدركون أن شكل الحكومة الذي يسود، إنما هو تعبير عن لون الثقافة الذي يسود بين السكان، الذين يسمحون به.
  إن التفاهم والحوار المتبادل، بين الحكومات وأطياف المعارضة السياسية، والحراك الشعبي، سيكون غريبا إذا لم نذكر أن عدد المدافعين عن ثقافة التفاهم، في تناقص مستمر، بسبب نفوذ تلك الطبقة المعارضة للإصلاح والتغيير وهيمنتها.
إن الحوار الذي استمر نحوا من سنتين ونصف السنة، حول موضوع الانتخابات، والإصلاحات السياسية، ومحاربة أشكال الفساد ، استمر بطريقة متناقضة، وانتهى إلى مذكرات خاصة، سوف يعلن عناه في مستقبل الأيام. فعلى الحكومة أن تتذكر دائما، بأنه لا يمكن إقامة حوار من طرف واحد.
لقد كان على الحكومات السابقة، أن تتخذ قراراتها، وتنتصر على ترددها، فيما يتعلق بملفات الفساد العالقة، ومتابعة كل صغيرة وكبيرة، تظهر عبر وسائل الإعلام، للتأكد من صحتها، وكان على رجالات الدولة أن يضعوا نفوذهم في ميزان الشعب، دون محاباة أو تصفية حسابات، كما كنا نشاهد عقب تشكيل الوزارات .
إن اختيار الملك للصيغة الأسهل، بتغيير رؤساء الوزارات، كوسيلة لتهدئة خواطر الشعب، ليست هي اقصر الطرق، بل هي تزيد من عمر الأزمة لسنوات بعيدة، قبل أن يكتشف الشعب، أن هناك حلولا أخرى .
إننا إذا أردنا أن نسال الحكومة، عن سبب فشل الحوار مع المعارضة ، فان الجواب الوحيد الذي نسمعه من كل المشاركين في الحوار من طرف الحكومة، حيث يشرحون فيها أسباب فشلها بشكل ساخر قائلين: اسألوا المعارضة، وسيقولون لكم، لم يكن هناك عرض من الحكومة، ومع ذلك رفضته المعارضة،  واسألوا الحكومة ، وسيكون جوابها، لم يوجد عرض من الحكومة، ومع ذلك لم يكن مقبولا .
 إنني اعتقد آن الحكومات لعبت دورا كبيرا في إطالة الأزمة، وعرقلة مسيرة الإصلاح. ولكن حينما لا يعرف السياسيون ماذا يفعلون، يجب على المثقفين أن يلعبوا دورهم في البناء والنهضة. ويجب أن يستمروا في هذا الاتجاه، وإن بدت فيه بعض أشكال الاختلاف، فقوة أي نظام سياسي تكمن في تنوعه .

من الذاكرة الفلسطينية...حريق المسجد الأقصى المبارك/ محمود كعوش

عندما ارتكب الصهاينة جريمة حرق المسجد الاقصى في 21 آب 1969 قالت رئيسة وزراء كيان العدو آنذاك جولدا مائير: "لم انم ليلتها وأنا أتخيل كيف أن العرب سيدخلون إسرائيل أفواجا أفواجاً من كل حدب وصوب ....لكني عندما طلع الصباح ولم يحدث شيء أدركت أن بمقدورنا أن نفعل ما نشاء فهذة أمة نائمة......"!!.
هل حقاً أن إدراك جولدا مائير كان في محله وأن هذه الأمة التي كانت خير أمة أخرجت للناس قد تحولت بالفعل إلى أمة نائمة ؟!!
تمشياً مع متطلبات العقيدة الصهيونية المتعطشة دائماً وأبداً لسفك الدم وإزهاق أرواح الأبرياء من أطفال ونساء وبنات وشيوخ وشبان فلسطين المدنيين العزل، وإمعاناً في تنويع وتحديث وتطوير الوسائل والأساليب والآليات والأدوات الصهيونية لاقتلاع الشعب الفلسطيني من أرضه وطرده منها، مارست العصابات الإرهابية الصهيونية بحق هذا الشعب البطل أبشع صور التعذيب والتنكيل، ودأبت تلك الزمر الإرهابية على اقتحام البلدات والقرى الفلسطينية والعمل على سفك دماء أهلها بدم بارد، والقيام بتدمير ونسف وحرق المنازل وبيوت العبادة والدوائر العامة والباصات والأسواق وكل ما وصلت وتصل إليه أياديهم.
ولأن المسجد الأقصى المبارك الذي يعتبر أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين في العالم لم يسلم من إرهاب العصابات الصهيونية، ولأن الذكرى الثالثة والأربعين لجريمة حرقه من قبل متطرفين "إسرائليين" تتوافق مع الحادي والعشرين من الشهر الجاري الذي يتوافق بدوره هذا العام مع عيد الفطر المبارك، يستدعي الواجب ضرورة التوقف المطول عند هذه الجريمة النكراء لإعادة إلقاء الأضواء عليها وعلى نتائجها وإرهاصاتها.
طوال خمسة وأربعين عاماً من احتلال الشطر الشرقي لمدينة القدس ظل المسجد الأقصى بشكل متواصل من أولويات أهداف التغيير عند سلطة الاحتلال "الإسرائيلية" الغاشمة، بزعم "وجود جبل الهيكل اليهودي تحت أرضه"!! وقد اتخذت عمليات تغييره أشكالاً مختلفة منها العبث بمحيطه وباطن أرضه وجدرانه وكل شيء فيه، والتحدي السافر لرواده وعمليات الاقتحام المتتالية له، التي قام بها "الإسرائيليون" وما زالوا يقومون بها بشكل أحمق ومجنون حتى أيامنا هذه.
فمنذ وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في اليوم الثاني لعدوان حزيران 1967، دأب المتطرفون "الإسرائيليون" على اقتحام ساحة المسجد بين الحين والآخر وتدنيسها من خلال إقامة حفلات الغناء والرقص والمجون والخلاعة بداخلها. ولربما أن اقتحام الإرهابي الصهيوني الأرعن آرئيل شارون مع نفر من أعوانه الأشرار في 28 أيلول 2000 ساحة المسجد تحت سمع وبصر حكومة حزب العمل التي كان يرأسها آنذاك الإرهابي الصهيوني الآخر أيهود باراك كان الأسوأ من نوعه والأكثر استفزازاً وتحدياً لمشاعر العرب والمسلمين بمن فيهم الفلسطينيين طبعاً، إذ شكل الشرارة التي أشعلت فتيل الانتفاضة الشعبية الفلسطينية الثانية التي حملت اسم المسجد المبارك.
لقد بدأ المتطرفون "الإسرائيليون" حملاتهم التغييرية والتهويدية للمدينة المقدسة مع لحظة وقوع الشطر الشرقي لمدينة القدس في قبضة الاحتلال في 6 حزيران 1967، وتواصلت هذه الحملات في ظل "اتفاقية أوسلو" اللعينة وخلال ما أعقبها من مفاوضات وتفاهمات عقيمة بين الفلسطينيين و"الإسرائيليين" تارة برعاية رباعية منحازة وطوراً برعاية أميركية أكثر انحيازاً، وتصاعدت وتيرتها في ظل حرب الإبادة الجماعية المستمرة التي يواصل الجنود "الإسرائيليون" شنها ضد الفلسطينيين الآمنين بطريقة عدوانية سافرة.
وقد سبقت الحملات المسعورة بناء جدار الفصل العنصري، واستمرت في ذروة بنائه وبعد الانتهاء منه، ولا يبدو أن لها نهاية أو مستقراً في ظل استمرار المطامع "الإسرائيلية" التوسعية وفي ظل انحياز أميركي وتواطؤ أوروبي وخضوع رسمي عربي كامل ومهين للاملاءات الأميركية ـ "الإسرائيلية" المشتركة. واكتست الحملات ولم تزل وجوهاً وأقنعة عديدة ومتنوعة، وتم التعبير عنها بوسائل وطرق شريرة وشيطانية مختلفة ومتباينة، ومن خلال العديد من الحلقات والمحطات التي تركت آثارها المؤلمة والموجعة على العرب والمسلمين، وبالخصوص على الفلسطينيين وبأخص الخصوص على المقدسيين، بحيث بات من الصعب التكهن باحتمال محوها من ذاكرة أجيالهم المتعاقبة.
لا ريب في أن محاولة الإجهاز على المسجد الأقصى المبارك عن طريق الحرق في 21 آب 1969، التي تتصادف ذكراها الثالثة والأربعون في هذا الشهر، قد كانت من أبرز محطات حملات التغيير والتهويد "الإسرائلية" الإجرامية. فتلك المحاولة التي وقف وراءها نفر من المتطرفين "الإسرائيليين" الذين ما أضمروا ولا أظهروا غير الحقد والكراهية للفلسطينيين والعرب عامة، قد جرت بإيعاز وتشجيع من الدوائر السياسية والأمنية "الإسرائيلية" الرسمية.
في إطار تلك المحاولة الإجرامية قام المتطرفون "الإسرائيليون" بحرق المسجد بطريقة لا يمكن لسلطات الاحتلال أن تكون بمنأى أو بمعزل عنها، إذ أنها قامت بقطع المياه عن منطقة الحرم فور ظهور الحريق، وحاولت منع أخيار القدس وسيارات الإطفاء التي هرعت من البلديات العربية من الوصول إلى المنطقة للقيام بعملية الإطفاء. ولولا استماتة هؤلاء الأخيار في عملية الإطفاء لكان الحريق قد التهم قبة المسجد المبارك، إذ أنهم اندفعوا بقوة وإصرار عبر النطاق الذي ضربته قوات الاحتلال "الإسرائيلية" وتمكنوا من إكمال مهمتهم. لكن وبرغم تلك الاندفاعة البطلة إلا أن الحريق أتى وللأسف على منبر المسجد وسقوف ثلاثة من أروقته وجزءٍ كبير من سطحه الجنوبي.
وفي محاولة يائسة لطمس معالم الجريمة عملت "إسرائيل" على التعمية عليها من خلال الادعاء بأن "تماساً كهربائياً تسبب في الحريق"، لكن تقارير المهندسين الفلسطينيين دحضت ذلك الإدعاء، وأكدت أنه تم بفعل أيد مجرمة أقدمت على تلك الفعلة الشنيعة عن سابق إصرار وتصميم وترصد، الأمر الذي أجبرها على التراجع عن ادعائها وتحويل الشبهة إلى شاب أسترالي يدعى دينيس مايكل وليام روهان. وفي عملية احتيالية كان القصد من ورائها امتصاص غضبة الفلسطينيين وسيل الإدانات العربية والإسلامية والالتفاف على المنظمة الدولية، قامت "إسرائيل" باعتقال ذلك الشاب المسيحي المتصهين الذي قيل في حينه أنه قدم إليها لغرض السياحة، لكنها ما لبثت أن تذرعت بانه كان "معتوهاً" ومن ثم اطلقت سراحه وسلمته إلى بلاده!! وهكذا كعادتها بعد كل جريمة إرهابية يرتكبها جنودها ومواطنوها بحق الفلسطينيين وأملاكهم وأوقافهم، قيدت "إسرائيل" جريمتها الإرهابية النكراء تلك ضد معتوه!!
قيام المتطرفين "الإسرايليين" بارتكاب جريمة حرق المسجد الأقصى وإقدام حكومتهم على معالجتها بطريقة استفزازية أثارت في حينه هياجاً كبيراً في الأوساط العربية والإسلامية لما يمثله المسجد من قيمة كبرى على الصعد الدينية والحضارية والإنسانية، استوجبا قيام مجلس الأمن الدولي بإصدار قراره الشهير الذي حمل الرقم 271. وفي ذلك القرار أدان المجلس "إسرائيل" لتدنيسها المسجد، ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها المساس بوضعية المدينة المقدسة. وعبر القرار عن حزن المجلس للضرر الفادح الذي ألحقه الحريق بالمسجد في ظل الاحتلال العسكري "الإسرائيلي" الغاشم. وبعد أن استذكر القرار جميع القرارات الدولية السابقة التي أكدت بطلان إجراءات "إسرائيل" التي استهدفت التغيير في القدس المحتلة، دعاها من جديد إلى التقيد بنصوص اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الذي ينظم الاحتلال العسكري. كما دعاها إلى الامتناع عن إعاقة عمل المجلس الإسلامي في المدينة، المعني بصيانة وإصلاح وترميم الأماكن المقدسة الإسلامية. ويذكر أن القرار الدولي صدر بأغلبية 11 دولة وامتناع أربع دول عن التصويت من ضمنها الولايات المتحدة.
أجمع المحللون السياسيون المهتمون بقضية فلسطين على أن حريق المسجد الأقصى المتعمد مثل محطة رئيسية من محطات الإرهاب "الإسرائيلي" وشكل حلقة بارزة من حلقات المسلسل "الإسرائيلي" المستمر للممارسات اللاأخلاقية واللاإنسانية بحق الفلسطينيين وأملاكهم وأوقافهم وأماكن عباداتهم الإسلامية والمسيحية تحت سمع وبصر العالم أجمع، بما في ذلك النظام الرسمي العربي..
فمنذ احتلال القدس وحتى الآن، لم يكف المتطرفون "الإسرائيليون" عن ارتكاب المجازر الإجرامية بحق المصلين في المسجد الأقصى الشريف ولم يكفوا عن محاولة اقتحامه والتهديد بهدمه ونسفه بالمتفجرات وضربه بالصواريخ لإقامة هيكلهم المزعوم فوق أنقاضه. ويذكر أن مجزرة عام 1990 كانت واحدة من المجازر البربرية التي ارتكبها هؤلاء الأشرار بحق من اعتادوا على التواصل مع الله من خلال الصلوات في المسجد الأقصى من منطلق إيماني وحرص أمين ومخلص على تأكيد هوية الأقصى العربية والإسلامية. في تلك المجزرة الرهيبة هدر "الإسرائيليون" دم 22 فلسطينياً غيلة وغدراً وهم في لحظات الخشوع بين يدي رب العالمين.
هذا ولم يوقف "الإسرائيليون" الحفريات حول المسجد المبارك وفي باطن أرضه وجدرانه وفي الأماكن المحيطة به لحظة واحدة. فقد تواصلت الحفريات بشكل مسعور ومحموم بذريعة البحث والتنقيب عن آثار هيكل سليمان وذرائع أخرى واهية. ولم تستثنٍ الحفريات بيتاً عربياً أو مدرسة أو دار علم يملكها عربي. وبموازاة ذلك، دأبوا منذ عام 1968 على حفر الأنفاق تحت الحرم القدسي الشريف. وفي العام المذكور شرعوا بحفر نفق عميق وطويل أدخلوا إليه سفر التوراة وشيدوا في داخله كنيساً يهودياً. وبلغت عملية حفر الأنفاق ذروتها في أيلول 1996، عندما أقدموا على حفر نفق يمر أسفل السور العربي للمسجد ويربط بين حائط البراق وطريق الآلام، الأمر الذي أثار في حينه حفيظة المقدسيين وأشعل موجة من المواجهات المسلحة التي اتسعت رقعتها لتشمل جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. وأسفرت تلك المواجهات عن سقوط 65 فلسطينياً و 15 جندياً إسرائيلياً. وقد حصل كل ذلك في ظل تنامي الحديث عن السلام الكاذب الذي تواتر على خلفيته مؤتمر مدريد المشؤوم واتفاقية أوسلو اللعينة.
ويُذكر أنه في ظل احتفال الفلسطينيين بتحرير قطاع غزة في عام 2005، تعالت أصوات "إسرائيلية" منكرة من هنا وهناك مهددة بقصف المسجد الأقصى بالصواريخ من الجو والبر أو اقتحامه وتدميره. ففي السادس من حزيران ذلك العام، حيث توافقت الذكرى ألـ 38 لاحتلال مدينة القدس، فشلت مجموعات يهودية متطرفة رافقها حاخامات ونواب "إسرائيليون" يمينيون وشخصيات "إسرائيلية" شعبية في اقتحام المسجد بشكل جماعي عبر باب الأسباط بعد أن تصدى لها حراسه والمرابطون بداخله ومن وحوله. وفي ليلة التاسع من آب في ذات العام تكررت المحاولة عبر بابي حطة والسلسلة، إلا أنها منيت بالفشل أيضاً. ومنذ الرابع عشر من ذات الشهر والعام الذي توافق مع ذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل الثاني"، استأنف المتطرفون اليهود محاولات اقتحام المسجد جماعياً وفردياً. وفي واحدة من تلك المحاولات الإجرامية، ألقت الشرطة "الإسرائيلية" القبض على متطرفين حاولا الدخول إليه عبر بابين مختلفين.
وفي الأعوام السبعة الأخيرة، بين 2006 و 2012 الجاري، تكررت المحاولات مترافقة مع تهديدات مباشرة من قِبَلِ أعضاء في الكنيست "الإسرائيلي" طالبوا فيها بتدمير المسجد انتقاماً لقتلاهم وفي محاولات يائسة لتحرير أسراهم لدى المقاومتين الفلسطينية واللبنانية!!
أتذكر أيضاً أنه بينما كانت انتفاضة الأقصى المجيدة لم تزل بعد في أوج توقدها في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، تمحورت المخاوف الفلسطينية بصورة خاصة حول القدس والمخاطر المحدقة بها والمستقبل المظلم الذي يتهدد عروبتها ذلك لأن "الإسرائيليين" كانوا يعملون على إعادة رسم جغرافيتها بالكيفية التي تلائم طموحاتهم التهويدية والاستيطانية التوسعية. هذا وتظافرت المخاوف على المسجد الأقصى بشكل خاص ومدينة القدس بشكل عام لتبلغ مبلغاً من الخطورة لم تبلغه من قبل مع قيام السلطات "الإسرايلية" في مطلع عام 2010 بافتتاح ما أسمته حكومة تل أبيب "كنيس الخراب" على بعد بضعة أمتار من المسجد الأقصى.
وهذا العام وبعدما اتخذت بلدية الاحتلال "الإسرائيلي" في مدينة القدس في الحادي والثلاثين من شهر تموز الماضي قراراً قضى بتحويل باحات المسجد الأقصى إلى حدائق وساحات عامة وفتحها أمام دخول اليهود إليها وقت ما يشاءوون تكون تبعية تلك الباحات قد تحولت من المسجد الأقصى إلى البلدية، وتكون المخاوف الفلسطينية قد بلغت ذروتها، باعتبار أن هذا الأجراء التعسفي وما سبقه من إجراءات تعسفية مماثلة جاءت جميعها في إطار التهيئة لتحقيق الحلم الصهيوني في إقامة الهيكل اليهودي المزعوم على أنقاض أولى القبلتين وثالث الحرمين.
إنه لمن دواعي الأسف والأسى أن يحدث كل ذلك في ظل استمرار الخلاف الفلسطيني – الفلسطيني وحالة الانقسام والتشرذم القائمة بين من يفترض أن يكونوا إخوة ورفاق النضال ضد العدو "الإسرائلي" المشترك، الأمر الذي يستدعي طرح ذات السؤال الذي اعتدت على طرحه في السنوات السبع الأخيرة مع قدوم كل ذكرى جديدة: ترى إلى متى سيستمر هذا الوضع الشاذ الذي تحولت الوحدة الفلسطينية معه إلى حلم بات بعيد المنال ؟!!!
كوبنهاجن آب/أغسطس 2012
محمود كعوش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني
kawashmahmoud@yahoo.co.uk