هل عبرت سوريّة الخط الأحمر الفاصل في وجه العدوان؟/ سعيد نفاع

في مقابلة إذاعيّة معي في إحدى المحطات الإسرائيليّة العبريّة في أعقاب فعاليّات دعم سوريّة في وجه العدوان، بادرني المذيع ومن خلال "دموعه المدرارة" على دماء الشعب السوري ومن عمق القهر الذي يملأه على ضوء صمود سوريّة، وبعد أخذ وردّ مطوّلين بادرني: ما الذي يخيفك من الأسد ولماذا أنت تقف وتعمل بحماس للدفاع عنه وهو الذي يذبح شعبه في الشوارع؟!
طبعا أنا لست في صدد استعراض المقابلة التحريضيّة وردودي وإنما لنقول ردّا لأنفسنا: أن ما يخيفنا في وعلى سوريّة هو أن تفشل سوريّة بقيادتها في تعزيز عبورها الذي تحقّق دفاعا عن موقفها وموقعها، لأننا نحبّ الوطنيّة في أوطاننا ونعتز بالقوميّة المتنورة في أمتنا، ونكره أعداء أمتنا بين ظهرانينا كانوا أو على تخومنا أو وراء البحار، وسوريّة كدولة في موقفها وموقعها هي المعقل الأخير ومنذ أن غاب عبد الناصر عن الساحة.
آمنّا ومنذ البداية أن سوريّة ستجتاز هذه الأزمة ليس انطلاقا من رغبة عاطفيّة وحسب، وإنما من منطلقات موضوعيّة تتعلّق بسوريّة موقعا، ونوعيّة شعبها وقيادتها وجيشها موقفا، ونوعية ومواقف حلفائها، والأبعاد والإسقاطات المترتّبة على محاولات "لبْيَنَة أو عرقنة أو يمننة  أو مصرنة وتونسة" سوريّة.        
فهل تحقّق هذا الإيمان؟ وهل عبرت سوريّة الخطّ الأحمر الفاصل في وجه العدوان؟!
قبل الإجابة على التساؤل يجب تأكيد المعروف فسوريّة ليست شبيهة لأي من تلك الدول لا تركيبة والأهم لا موقفا، فشتّان بين حكام رهنوا نظامهم ورهنوا شعوبهم لأعداء الأمة وحكام وضعوا نظامهم وشعبهم في الخندق الأمامي في مواجهة أعداء الأمة.
هنا "مربط الفرس" ونكتفي بالقول أنه لو لم يكن الأمر كذلك لكان النظام السوريّ والأسد خطّر المركز الأول للملك عبدالله آل سعود في سباق الحريّة والحقوق الإنسانيّة والتنوّر (!).
سوريّة تماما كما آمنّا ومنذ البداية وليس تنبّؤا أو تهيّؤا اجتازت الخط الأحمر الحتمي الاجتياز كان، لأنها بشعبها وجيشها وقيادتها كانت محصّنة بقيم فكريّة ونتاجها من الممانعة والمقاومة، ولو لم تكن كذلك لكان مصيرها إحدى مصائر "شقيقاتها" أعلاه.   
انكفاء العدوان مؤقتا هو بفضل ذلك أولا وقبل كل شيء، وصحيح أن للموقف الروسي ومنظمة ال"بريكس" كان بالغ الأثر ومن منطلق مصالح لها ولا ضير إن تطابقت مع المصلحة السوريّة، ولكن لولا صمود سوريّة بقيادتها وبجيشها وبالأساس بالغالبيّة العظمى من شعبها لما كان الموقف الروسيّ والصيني وغيرهما كما نشهد، فلم يكن باستطاعته فعل شيء لو أن موقف الغالبيّة العظمى من الشعب السوريّ كان مختلفا، ومن الصعب لا بل المستحيل كان على المرء أن يتصوّر موقفا آخر من شعب حمى ثغور العرب ومنذ مئات السنين معزّزا بحضارة عريقة.
هذا الشعب لا يستحقّ فقط الوقوف لجانبه ولو بأضعف الإيمان من كلّ غيور على الأمة ولم تطمس عينيه شعارات الحريّة والديموقراطيّة وحقوق الإنسان الغربيّة اللامعة اللبوس خارجيّا والعفنة داخليّا، هذا الشعب وحتى لو غرّر بجزء منه يستحقّ كل الخير وأولا من قيادته.
القيادة السوريّة بدعم الغاليّة العظمى من السورييّن، عبرت بالوطن الخط الفاصل الأحمر والانكفاء الغربيّ والتكالب العثماني- الخليجيّ ومن لفّ لفهما هما دليل الأدلّة، ولا خوف من التكالب المذكور فأقصى ما يستطيعه النباح وعضّة هنا وعضّة هناك صحيح أنها تؤذي ولكنها لا تميت، ولكن في الانكفاء الغربيّ يكمن الخطر المميت حتّى لو تغلّف بالخطة ال"عنانيّة" فلن يسلّم بهزيمته بسهولة.
وهنا ما نتمناه وبلغتنا العامية نقولها "غبطانيّة" منّا على القيادة السوريّة وكل الكوادر الوطنيّة السوريّة وهي التي اثبتت حكمة وبعد نظر في إدارة الأزمة، أن تحافظ على هذا العبور، وأول الطرق لذلك هي تعزيز مسيرة الإصلاح لإعطاء هذا الشعب العظيم ما يستحق وهو يستحقّ الكثير ، وبالعطاء هذا سيتعزز العبور ويندثر كل ما تبقّى وراء الخط الفاصل هذا، مرتزقة قاعديين سلفيين كانوا أو مُستغربين، ومُرزقين غربيين كانوا أو عثمانيين أو "عرصهيونيين" .   
الحركة الوطنيّة للتواصل والبقاء
أواخر نبسان 2012
saidnaffaa@hotmail.com

في نيسان الفلسطيني....لقاء يتجدد كل عام/ محمود كعوش

لا شك أن الحرص على القضايا القومية والوطنية العربية يوجب على كل مثقف عربي أن يُبقي يده متحفزة على"زناد" قلمه مثله كمثل المقاتل العربي الذي يبقي يده متحفزة على زناد بندقيته، ليتمكن هو الآخر من الدفاع عن هذه القضايا وتدوين السير الذاتية الأسطورية لشهداء الأمة الأبرار الذين يتساقطون  بالجملة والمفرق نتيجة الإرهاب الصهيوني الإجرامي المتواصل والمتخندق وراء الاستكبار الأميركي - الغربي، وتوثيق وحفظ هذه السير في"موسوعة الشهادة والاستشهاد"، كي يسهل توارثها بين الأجيال العربية دونما تزييف أو تزوير أو تدليس.
فلا أعتقد أن هناك فارقاً أو تبايناً يُذكر بين المثقف العربي والمقاتل العربي في هذا الصدد، طالما أن كليهما مُعرضان للشهادة والاستشهاد في كل لحظة وطالما أنهما يحملان نفس الرسالة ويتبنيان نفس العقيدة ويدافعان عن نفس القضايا ويقاتلان من أجل نفس الهدف. ولربما أن الفارق أو التباين الحقيقي والوحيد بين الاثنين هو في نوعية السلاح الذي يحمله كل منهما والذخيرة التي يحشو بها كل منهما هذا السلاح!! ولا أتذكر أن هذا الفارق أو التباين قد شفع في يوم لمثقف عربي دون مقاتل عربي أو لمقاتل عربي دون مثقف عربي في مواجهة غطرسة الإرهاب الصهيوني والاستكبار الأميركي على مدار العقود الزمنية الستة الأخيرة. وقد تجلت هذه الحقيقة بشكل واضح وجلي في الساحة الفلسطينية بشكل خاص.
فكم من العقول والأقلام والرموز الثقافية العربية وبالأخص الفلسطينية قد استهدفها الإرهاب الصهيوني، مثلما استهدف المقاتلين والكوادر والقادة السياسيين والعسكريين!! وهل من مرة واحدة ميز فيها هذا الإرهاب أو فرّق بين المسلحين والمدنيين العُزل، أو بين الأطفال الرضع والنساء والشيوخ، الأصحاء والمقعدين منهن ومنهم؟ ألم يستهدف السياسيين والعسكريين من شعب الجبارين في كل مكان وزمان دون ما تمييز أو تفريق؟ وألم يستهدف الحجر والشجر والحرث والزرع والنسل وباطن الأرض وأديمها والماء والهواء وكل البحر والفضاء في فلسطين؟ وألم يحول كل هذه منفردة أو مجتمعة إلى أهدافٍ عسكرية استراتيجيةٍ لجيشه وعصاباته وآلة بطشه وجبروته وفاشيته بدعوى وزعم " الضرورات والمقتضيات الأمنية" للكيان الصهيوني العنصري القائم فوق ثرى فلسطين منذ عام 1948، بمنطق القوة ودبلوماسية البوارج والقاذفات الصاروخية!!؟
في ظل استمرار الوهن الرسمي العربي وتواصل الإرهاب الرسمي الصهيوني مدعوماً بالاستكبار الأميركي أقبل علينا شهر نيسان هذا العام بكل ما حملته جعبته واختزنته ذاكرته من قوافل الشهداء الفلسطينيين الأبرار الذين سقطوا على مدار أربعة وستين عاماً من الاغتصاب الصهيوني لفلسطين. وهل يا ترى هناك بين الفلسطينيين من ينسىون أو يغيب عن بالهم ولو للحظة واحدة المجازر والمذابح وعمليات الاغتيال التي ارتكبها جزارو وسفاحو الكيان الصهيوني بحق إخوان لهم على المستويين الجماعي والفردي في أعوام وشهور تلك العقود وبالخصوص الشهور النيسانية!!؟ ومَن مِن هؤلاء المظلومين والمضطهدين دائماً وأبداً دون إثم ارتكبوه أو ذنب اقترفوه غير حب الوطن والوفاء له ينسي أو يغيب عن خاطره ولو لبرهة قصيرة أو لمحة بصر خاطفة جرائم عصاباتي "شتيرن" و"الهاغاناة" وغيرهما من العصابات الصهيونية الإرهابية المنظمة وغير المنظمة قبل نكبة عام 1948 الكبرى وأثناء وبعد حدوثها وصولاً إلى وقتنا الراهن، وبالأخص جرائم رجال جهاز الموساد التي ارتكبت بحق الفلسطينيين الأبرياء في الداخل والخارج؟
مجازر ومذابح بربرية تجاوزت حدود الإبادة الجماعية وجرائم اغتيال جماعية وفردية لا أخلاقية ولا إنسانية كبيرة لا حصر ولا وصف لها إلا في قواميس التتار والمغول والنازيين ارتكبها الجزارون والسفاحون الصهاينة بحق الفلسطينيين خاصة والعرب عامة منذ عهد الإرهابي بن غوريون وصولاً إلى عهد الإرهابي الحالي بنيامين نتانياهو، مروراً بعهود كل من تعاقبوا على السلطة اللقيطة في تل أبيب من كبار الإرهابيين الصهاينة. شلالات من الدماء الفلسطينية الطاهرة سفكها الإرهاب الرسمي الصهيوني الإجرامي على مدار 64 عاماً من الاحتلال القهري المستمر. مسلسل دموي صهيوني بغطاء استكبار أميركي ما تزال حلقاته تتواصل حتى اللحظة الراهنة.
مع بلوغنا نهاية شهر نيسان هذا العام نكون قد عشنا أيامه بكل ما استدعته من مستلزمات التأمل والاستنفار وما افترضته من متطلبات الحيطة والحذر، الأمر الذي يستدعي استذكار شريط تلك المجازر والمذابح وجرائم الاغتيال التي دفع فيها الشعب الفلسطيني من دمه الذكي والغالي الكثير الكثير من أجل أرضه المباركة وقضيته المقدسة، جراء صنوف وأنواع الإرهاب الصهيوني التي مورست ضده ولم تزل تُمارس حتى أيامنا هذه. نستذكر القسطل ودير ياسين وفردان وسيدي بوسعيد والسارة وغيرها الكثير، ونستذكر أرواح الشهداء الأبرار الذين سقطوا في شهور نيسانية مماثلة اصطُلح على تسميتها فلسطينياً شهور البذل والعطاء والشهادة والاستشهاد من أجل الشرف والكرامة وحرية الأرض والإنسان، لكثرة الشهداء الفلسطينيين الذين سقطوا خلالها، وبالأخص على المستويات القيادية. ونستذكر أرواح الشهداء عبد القادر الحسيني وكمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر وخليل الوزير "أبو جهاد" والدكتور عبد العزيز الرنتيسي والعقيد طيار محمد درويش والعقيد طيار غسان ياسين والمهندس طيار ثيودوروس جيورجي. نستذكر أرواح ثمانية عشر شهيداً أبت أرواحهم إلا أن تهاجر من الأرض الفلسطينية المحتلة لتعانق روح "أمير الشهداء" يوم وصلت يد الغدر الإرهابي الصهيوني إلى جسده الطاهر في العاصمة التونسية، وتُزف معها في عرس شهادةٍ ما بعدها شهادة. نستذكر أرواح هؤلاء الذين قالوا للكيان الصهيوني لا وألف لا، لن تموت جذوة الانتفاضة المباركة مع اغتيال "أمير الشهداء". نستذكر أرواح الشهداء الثلاثة الذين قضوا دفاعاً عن "الأمير" والقضية، مصطفى وحبيب التونسي وأبو سليمان.
ولكي أجنب نفسي مغبة الوقوع في النسيان، أرى أن الأمانة تستوجب استذكار أرواح كل شهداء فلسطين والأمة العربية من المحيط إلى الخليج الذين وصلتهم يد الغدر الصهيونية والأميركية - الغربية خلال شهور نيسان والشهور الأخرى وعلى مدار عقود الصراع العربي ـ الصهيوني الطويلة. لكن ضرورات اختصار الحديث عن هذا الشهر تستدعي مني التوقف عند رموز قياديةٍ كبيرةٍ ومميزة كان شغلها الشاغل وهمها الأول الحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني من أجل خدمة القضية المقدسة، ولم تقدم للحظة واحدة في حياتها "الأنا" أو المصلحة الذاتية أو الحركية على المصلحتين الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، استهدفها الإرهاب الصهيوني في شهور نيسانية سابقة.
فالحديث عن القائد الشهيد عبد القادر الحسيني أعادنا بالذاكرة إلى تاريخ استشهاده في معركة القسطل قبل 64 في 8 نيسان 1948، وأعادنا أيضاً إلى أيام بالغة الظلمة والسواد، أفرطت خلالها عصاباتا "شتيرن" و"الهاغاناة" الإرهابيتان في عدوانهما النازي والفاشي ضد المواطنين الفلسطينيين لغرض ترحيلهم والاستيلاء على أراضيهم، فارتكبتا من المجازر والمذابح الجماعية ما لم يُعد ولا يُحصى وما يندى لها جبين الإنسانية. ومن بين تلك المجازر كانت مجزرة دير ياسين التي حدثت في 9 و10 من ذات الشهر والعام والتي اغتال الصهاينة الأنذال فيها جميع أبناء البلدة إلا من نجا منهم بأعجوبة ، في واحدةٍ من أسوأ عمليات الإبادة الجماعية .
والتوقف عند 10 نيسان 1973 ذكرنا بذلك اليوم الذي تمكن فيه الإرهاب الصهيوني النازي بواسطة مجموعات مجرمة تابعة لجهاز "الموساد" من اغتيال ثلاثة من القادة الفلسطينيين الكبار في شارع فردان في قلب العاصمة اللبنانية بيروت هم كمال عدوان وأبو يوسف النجار وكمال ناصر. لقد كان الشهيد القائد كمال عدوان واحداً من أهم وأبرز الإعلاميين إن لم يكن أهمهم وأبرزهم. وكان الحريص الدائم على أن تتعانق الكلمة الحرة مع البندقية الحرة. رأى العالم من خلال القضية الفلسطينية، وكان القائل، وصَدَقَ قوله، "حتى تكون قومياً وحتى تكون أممياً لا بد أن تكون فلسطينياً أولاً". أتقن فن الثورة ودرب الآخرين على إتقانه وممارسته، وأصدر جريدة "فتح" من قلب المعركة عندما تطلبت الضرورة ذلك. أما الشهيد القائد أبو يوسف النجار فقد كان "السهل الممتنع" في مرونته وتصلبه، وكان شعاره الثابت والدائم "الحق أولاً والمبدأ أولاً". وشكل أبو يوسف النجار نموذجاً لجيلٍ فلسطينيٍ كاملٍ عَبَرَ عنه بنقاء ثوري أصيل. أما الشهيد القائد كمال ناصر"ضمير الثورة" الذي أحبه جميع الثوار كما أحبهم، فقد كان لحركة فتح كما كان لجميع فصائل المقاومة الفلسطينية، وكان أديباً وشاعراً ومفكراً وإنساناً بكل معاني الإنسانية النبيلة. زرع حب القتال في قلوب الجماهير فأصبحت الجماهير الحاضن الأمين والحُضن الآمن والدافئ لفكر المقاومة وممارساتها. وكان حريصاً على الوحدة الوطنية الفلسطينية فعمل من أجلها. سُمي "ضمير الثورة" لما مثّله من قاسمٍ فكريٍ وسياسيٍ مشتركٍ بين جميع فصائل المقاومة، مع تعدد نزعاتها الفكرية والسياسية.
وما من أحد عرف أمير الشهداء القائد الرمز خليل الوزير"أبو جهاد" إلا واحترمه وأحبه، وأنا كنت واحداً من هؤلاء وهم كُثر جداً في الأوساط الفلسطينية والعربية والإسلامية. فما أقوله أنا وغيري عن الأمير الشهيد القائد لا يُمثل جزءاً يسيراً مما اتصف به من نُبل وعُرف عنه من أخلاق حميدة ومسلك مُشرف. ولا أبالغ حين أقول أنني مهما اخترت له من الصفات النبيلة والكريمة والإنسانية الشائعة والجديدة لن أوفيه بعض ما استحقه في حياته وما يستحقه في مماته، وهو أكثر بكثير.
لقد كان "أبو جهاد" قائداً بكل معاني الكلمة، وما أحوجنا لأمثاله وأمثال إخوانه الذين عاصروه وقضوا قبله وبعده في الأيام العصيبة والظروف الدقيقة والخطيرة التي مرت بها القضية الفلسطينية وكل قضايا الأمة الوطنية والقومية. وصلت يد الإرهاب الصهيوني المجرم إلى جسده الطاهر في 16 نيسان 1988 فاغتالته مع ثلاثةٍ من مرافقيه بعد معركةٍ غلب عليها طابع الغدر في ضاحية سيدي بوسعيد التونسية. ويوم اغتال الكيان الصهيوني الشهيد الكبير الذي سُميت باسمه "دورة الانتفاضة" للمجلس الوطني التي انعقدت في مدينة الجزائر في تشرين الثاني 1988، اعتقد هذا الكيان المجرم أنه بذلك تمكن من اغتيال الانتفاضة المباركة، لكن وفاء أبنائها للقائد والقضية التي قضى من أجلها زاد الانتفاضة اشتعالاً وتوهجاً، إلى أن جاءت "أُوسلو" اللعينة فاغتالتها بالإنابة.
أما القائد السابق في قطاع غزة الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، فقد وصلت إليه يد الغدر والإجرام الحاقدة عندما قصفت الطائرات الحربية الصهيونية أميركية الصنع مساء 17 نيسان 2004 سيارته، فعانقت روحه الطاهرة أرواح جميع شهداء فلسطين الأبرار الذين سبقوه. حدثت جريمة اغتيال الرنتيسي بعد 25 يوماً فقط من جريمة اغتيال ملهمه وقدوته المغفور له الشيخ أحمد ياسين الذي سقط في حينه مع اثنين من مرافقيه هما الشهيدان أكرم نصار وأحمد الغرة. ومسيرة القائد الرنتيسي المميزة نسخة مشرفة عن مسيرة ملهمه وقدوته، تجعلنا هي الأخرى أعجز من أن نذكر كل صفاته ومآثره الكريمة في كلمات أو سطور قليلة. وكلا الرجلين، القائد والقدوة، حرصا على الوحدة الوطنية الفلسطينية وعملا وقضيا من أجلها ومن أجل وحدة الشعب والأرض والقضية، ولربما أنه لو كتب لهما أن يحيا أطول لما حدث ما حدث، ولما كان ما كان، ولما وصل الحال إلى ما وصل إليه، ولما فُرض على قطاع غزة أن يدير ظهره للضفة الغربية وقلبها مدينة القدس المباركة ويتباعد عنهما.
إقتصار حديثي على ستة فقط من الرموز الفلسطينية الكبيرة في مسيرة النضال والاستشهاد وفي مسيرة الوحدة الوطنية الفلسطينية لا يقلل أبداً من شأن وقيمة أي من الشهداء الأبرار الآخرين. فكلهم شهداء القضية النبيلة، من أصغر طفل رضيع وامرأة وشيخ مسن حتى أكبر قائد فلسطيني، وكلهم تتمزق قلوبنا ألماً وحسرةً على فراقهم . فقوافل سبقت وأخرى تنتظر والعطاء مستمر. لكن "نيسانية" الموقف افترضت التوقف عند هؤلاء القادة للتدليل على فيض العطاء الفلسطيني، بانتظار وقفات أخرى قادمة. إنه قدر فلسطين وشعبها أن يُلازمهما على الدوام حصادٌ دموي"نيسانيٌ" يعقبه حصاد بعد حصاد. مسلسل من الحصاد الدموي المستمر والمتواصل. فالإرهاب الصهيوني بشتى أشكاله وصوره الهمجية والمقززة مستمر ومتواصل، وشلال العطاء الفلسطيني من أجل الأرض والإنسان والقضية بشتى أشكاله وصوره النبيلة والمشرفة مستمر ومتواصل بغزارة هو الآخر.
ولنا في كل يوم وأحياناً كثيرة في كل ساعة أو لحظة شهيد بل عشرات الشهداء، و"موسوعة الشهادة والاستشهاد" التي استوجبتها النكبة الكبرى لتخليد الدم الفلسطيني الطاهر تبقى مشرعة الأبواب والصفحات لاستقبال سير جديدة لكواكب من الشهداء الجدد ينضمون إلى إخوان ورفاق لهم سبقوهم إلى شرف الشهادة، إلى أن تتم العودة ويتحقق حلم الدولة الفلسطينية المستقلة. رحم الله كل شهداء فلسطين والأمتين العربية والإسلامية. وطالما أن العطاء الفلسطيني متواصل فإن الحديث عن الشهداء والشهادة والاستشهاد يتواصل ليكون لنا في نيسان الفلسطيني لقاء يتجدد كل عام!!
كاتب وباحث فلسطيني يقيم في الدانمارك
كوبنهاجن في نيسان 2012
kawashmahmoud@yahoo.co.uk

الولايات العربية المتحدة؟/ عبد الكـريم عليــان

 
المجتمعات العربية منذ (سايكس بيكو) وحتى وقتنا الحاضر كلما خطت خطوة نحو التقدم والرقي كلما تراجعت خطوات كثيرة، ورغم التطور الكبير في شتى مجالات الحياة، ورغم اكتشاف الثروات الهائلة في الوطن العربي من نفط وغيره، إلا أن هذه المجتمعات لم تستطع اللحاق بالركب الحضاري المعاش نظرا للتطور التكنولوجي المتسارع والتضخم المعرفي الهائل في كافة مناحي الحياة من جهة، وغياب الديمقراطية ومفاهيمها عن هذه المجتمعات من جهة أخرى، بحكم الأنظمة الديكتاتورية التي استبدت بحكمها لفترات طويلة، بالإضافة لعوامل التخلف الأخرى كالثقافية والاقتصادية والخطابات الدينية.. ولو أخذنا على سبيل المثال المجتمع المصري الذي كان يعتبر قبل فترة وجيزة محورا للحضارة العربية، ففي ثمانينات القرن الماضي وضعت خططا لمكافحة الأمية الحرفية كلفت الخزينة المصرية كثيرا، حيث بلغت نسبة الأمية 17.1% من مجمل السكان في العام1986، لكنها في العام 2009 أي بعد ثلاثة عشر سنة من الخطط والبرامج وهدر الأموال وصلت النسبة إلى 29%، هذا يعني أنها تتقدم إلى الخلف..! لن ندخل هنا في نقاش هذا الموضوع، ويكفي أن نقول بأن مصر كدولة عربية استقلت من نير الاستعمار في نفس الفترة التي استقلت فيها الهند وكذلك اليابان.. لكن أين مصر اليوم من اليابان أو الهند، علما بأنها كانت تمتلك من الثروات البشرية والطبيعية ما يؤهلها لأن تكون أفضل بكثير من الهند واليابان، حيث كانت نسبة البطالة في عهد الملك فاروق لا تزيد عن 2%، وكان الجنيه من الذهب يساوي 98 قرشا، وكان الدولار الأمريكي يساوي 25 قرشا، وأن مصر أقرضت بريطانيا ما يعادل 29مليار دولار حاليا..  وهذا لا يعني أن الدول العربية الأخرى تختلف عن مصر فهناك العراق أيضا وسوريا والجزائر واليمن والمغرب.. كلها دول يمكن أن تكون أفضل بكثير مما هي عليه الآن..!
حركات التغيير أو ما يسمى بالربيع العربي التي بدأت من تونس ومن ثم مصر وليبيا واليمن وسوريا لن تؤدي إلى خير على المنظور القريب إذا ما أخذنا بعين الاعتبار فوز أو استحواذ الإخوان المسلمون على هذه الثورات؛ لأنهم ببساطة غير مؤهلين للقيام بالتنمية الشاملة للمجتمعات العربية، ولا يمتلكون الرؤية الفلسفية والسياسية والتاريخية للتطور الحضاري للعالم، أو كما جاء في مذكرات علي عشماوي أحد قادة التنظيم الإخواني الخاص، كما جاء في كتاب (التاريخ السري لجماعة الإخوان المسلمين، ص 26) : " أن تاريخهم مع بعضهم البعض تاريخ انقلابات وصراعات واغتيالات ونزاعات ومؤامرات ، وأن فكرهم السياسي ضحل جدًا، ورؤيتهم السياسية قصيرة النظر، وليس لديهم الفكر والدراسات اللازمة للعمل السلطوي فهم ليسوا رجال سلطة لأنهم حالمون ورومانسيون أكثر منهم عمليون والنجاح في الحكم غير النجاح في قيادة جماعة، هذا إن كانوا يريدون أن يعدلوا بين الناس وأن يخدموا الناس.." وهنا نضيف أن حكمهم لغزة كنموذج إخواني أو إمارة إسلامية كما يحلو لبعض منهم تسميتها، مدة تزيد عن ستة سنوات كشف من خلالها عجز الإخوان المسلمون من النهوض بغزة لا على الصعيد السياسي والاقتصادي ولا على الصعيد الاجتماعي .. ويمكن اختصار كل ما يمكن قوله في هذا المجال بأن حركة حماس خلال فترة وجيزة استطاعت تغيير المجتمع الغزي نحو الأسوأ، وما لم تستطع إسرائيل القيام به في غزة خلال الثلاثين سنة.. قامت به حماس في ثلاثة سنوات.. إضافة إلى شق الصف الفلسطيني وشرذمته بما يخدم إسرائيل.. من هنا لا نتوقع لدول الربيع العربي التقدم والرخاء.. وأن التخلص من الأنظمة الديكتاتورية واستبدالها بأنظمة على طريقة معاوية وابنه يزيد وإلهاء الناس في قضايا الحرام والحلال وفتاوى لا تسمن ولا تغني من جوع..
قديما كانوا يدرسونا مادة تسمى "المجتمع العربي" أما اليوم فحذفت هذه المادة من المدرسة كما حذفت الفلسفة والمنطق.. لا نعرف إلى ماذا تروم هذه الأنظمة وما الذي تريده من شعوبها..؟ بينما هناك دولا ومجتمعات في العالم ليس بينها روابطا كثيرة مثلما هي موجودة بين الدول العربية أساسها الدين والدم واللغة والتاريخ المشترك، ونلاحظ أن دولا مثل أوروبا تتوحد لتصبح دولة واحدة ولو في مجال السوق كخطوة أولى، بينما هناك دولا عربية تنقسم إلى دويلات كما حصل في السودان مؤخرا، وكذلك المجتمع الفلسطيني قبل أن يصبح دولة معترف بها.. المواطن العربي في ظل هذه الأنظمة وما تتبعه من سياسات يعاني كثيرا إلى درجة يبحث فيها عن موطن آخر ليس عربيا ويخجل من جنسه ويتنصل من مجتمعه..! لماذا يحتاج المواطن العربي إلى تأشيرة دخول لبلد عربي آخر بينما المواطن الأوروبي والأمريكي يمكنه التنقل بسهولة بين الدول العربية؟؟ لماذا يوجد 15 مليون مواطن عربي لا يجد قوت يومه بينما يعمل في دول الخليج 13مليون عامل أجنبي ..؟ لماذا يوجد في الوطن العربي دولا فقيرة ودولا غنية؟؟ هل تركيز الثروات في بعض الدول العربية كالسعودية ودول الخليج منة من الله لجميع خلقه؟؟ أم منة من الملوك والأمراء كي يعيشون مرفهين على حساب الفقراء والجوعى؟؟ لماذا يتم استيراد المواد الغذائية والوطن العربي قادر على تغطية احتياجات سكانه وما يزيد؟؟ الجزائر تكاد أن تكتفي ذاتيا لحاجة سكانها من القمح، لكن الغريب أن أمريكا تبادلها طن القمح الجزائري بأربعة أطنان من القمح الأمريكي، لجودة القمح الجزائري وقدرته على التخزين.. لكن الأغرب عندما نعرف أن أمريكا تنتج القمح الأمريكي على الأرض الجزائرية..؟
لماذا كل دولة عربية لها نظامها التعليمي بما يلائم سلطانها وتنابلته؟؟ لماذا لا تتوحد المناهج التعليمية في الوطن العربي بما يتلاءم وحاجة المواطن العربي في ظل الانفجار المعرفي والتقني الكبيرين؟؟ هل يمكن أن نتعظ مما سبق؟ ونحاول أن نرضي أنفسنا قبل إرضاء الآخرين؟ الولايات المتحدة الأمريكية التي تستحوذ على مقدرات الوطن العربي، وتهيمن على سياسات واقتصاد بلادنا وبالتالي تهيمن على ثقافتنا وأخلاقنا، فهي استطاعت ذلك من خلال فيدرالية ولاياتها الخمسين، وليس من تفرقتها.. نعتقد أن المجتمعات العربية يمكنها أن ترتقي بشعوبها وتصبح قوية إذا ما توحدت في مناهجها التعليمية وبرلماناتها السياسية لتصبح نظاما سياسيا برلمانيا واحدا والتخلص من النظم الرئاسية والملكية وتوزيع ثروات الوطن العربي بشكل عادل وإفساح المجال للمواطن العربي بالإبداع والخلق بشكل حر، وبدلا من استيراد العقول مقابل هجرة عقولنا علينا منح الفرص لأبنائنا، وبدلا من استخدام العمالة الأجنبية أحرى بأبنائنا العمل بدل الجوع والفقر.. علينا أن نكون مثل الولايات الأمريكية بدلا من التحبب لها والتباهي بها.. الخروج من المأزق سهل، لكن الدخول في صراعات مع الشعوب كارثة ودمار.. والتاريخ سيسجل ظلم الحكام وقهرهم لشعوبهم الذي لن يطول.. وإذا بقي الشعب السوري يدفع من دمه وقوته قربانا لنظام عفن استمر أكثر من أربعين سنة فإن ذلك كفيل بدفع باقي الشعوب العربية لتغيير أنظمتها.. وإذا ما لم تساعد الظروف والمرحلة الزعيم الخالد عبد الناصر لتوحيد الوطن العربي قبل أكثر من ستين عاما؛ فأن الظرف الدولي وحاجة المواطن العربي في ظل متطلبات العصر قادرة على خلق فيدرالية عربية باسم "الولايات العربية المتحدة"..   

أيقونة على الأنترنت/ عـادل عطيـة

على الجانب المضيء من كوكبنا الأفتراضي، جذبتني أيقونة إنسانية تظهر كزهرة رائعة في البرية، تأخذ القلب والعين!
أيقونة تبدو صامتة، ولكن أمامها تنمو الكلمات، تحكي عن قصة حياة وحب بين زوجين، تنمو دون أن تثير ضجيجاً كثيراً، وهي تسعى لبناء ملكوت الله بتواضع وحب خفي!
أيقونة يستخدمها صاحبنا، كوسيلة تعارف تشير إليه على أحد مواقع التواصل الاجتماعي؛ وكدعوة نابضة لكل زوج: ألا يكتفي بأن يقترن اسم زوجته باسمه، بل وترتبط صورتها بصورته في "أغابية" مثالية!
لقد كان الله، أول من رسم الايقونات، وصورها؛ لذلك فإن الايقونات تشدد على رسالة الإنسانية: في إدراك أن جميع الشعوب والأشياء، مخلوقة ومدعوة لأن تكون "حسنة" و"رائعة".
وتذكّرنا، فعلاً، بطريقة أخرى لرؤية الأمور، وطريقة أخرى لاختبار الوقائع، وطريقة أخرى لحل الصراعات.
تحية للكاتب الأستاذ أنطوني ولسن، الاسترالي المهجر، المصري الوطن؛ على أيقونته المثالية. وطوبى لشريكة حياته!
واجدني، في الأخير، أدعو كل زائر عبر لوحة المفاتيح؛ للانضمام روحياً إلى الاحتفاء بهذه الأيقونة!...

نشر الاسلام الكاجوال.. بالمجان/ احمد خيري

البقاء لله .. مصر تخرج انفاسها بصعوبة في غرفة الانعاش .. ومكبرات الصوت تنتشر فوق سرادق العزاء في انتظار موتها .. وتكفينها بايد ابنائها واعدائها ..
كل شىء قابل للبيع :
مهرجان التسوق والتخفيضات الصيفي بدأ بتبرع مفتي ديارها بعباءة بيضاء وسبحة لاسرائيل .. لدرجة أن أعلامها وصفها بأنها هدية مجانية لم يكن يحلمون بها من شخصية بهذا الحجم .. منحهم بيده اليمني صك التطبيع دون مقابل .. لانه عاد خالي الجيوب وسط دخان النار التي اشعلها في وقت نحتاج فيه للالتفاف حول دستور قومي ..ورئيس منتخب من الشعب .
كل شىء هدايا مجانية :
الأدهي من ذلك أن دق الجماعة الإسلامية علي الأبواب الامريكية .. واستقبال رئيسها السابق كارتر بالاحضان .. واطلاق الوعود .. وإعطاء التعهدات .. وفر علي الأمن القومي الأمريكي مليارات الدولارات كانوا ينفقونها علي تيارات أخري مختلفة قريبة للسلطة السابقة .. واختصر عليهم مجهود عشرات الاعوام من التخطيط والبحث عن أعوان .. وشركاء من اعضاء الانظمة الفاسدة .. لنشر ما يسموه "الإسلام الكاجوال الليبرالي " ..
تسارع .. ونهم الجماعات الإسلامية في تقبيل الاكتاف الأمريكية .. حول مصر إلى مستشفي متخصص في تجارة الأعضاء .. كل عضو فيها قابل للبيع .. أو التبرع .. ومنح مركز الأمن القومي الأمريكي ، ذات اليد العليا في تقديم النصائح والدراسات لصناع القرار الامريكيين ، رخصة شرعية لفرض دراستهم عن " الإسلام الليبرالي " في مصر..
وطبخة الاسلام الكاجوال ليست بالجديدة لدي صناع القرار الامريكيين.. أو استراتيجيات غربية تجري في الخفاء .. ولكنها معلنة .. ومعروفة منذ عام 2003 تحت اشراف الباحثة " شيريل بينار" ، في محاولة منهم لوقف الخسائر .. وخروجهم العسكري من مستنقعات الدول الاسلامية .. وردا علي قناعاتهم الذاتية بأن " الإسلام التقليدي المتعصب " كان السبب الرئيسي وراء الإرهاب العالمي.. والآن جاءتهم الفرصة بالمجان .. هبه من الجماعات الاسلامية دون مقابل .. ليبدءوا في محاولاتهم بفرض بناء قيم إسلامية جديدة تتناسب مع مصالحهم وتتوافق مع أيدلوجيتهم .
لهفة الجماعات الاسلامية علي التبرك .. وكسب رضائهم .. يوفر علي اصحاب القرار الامريكي عناء البحث والتنقيب عن شركاء فاعلين من الإسلاميين كانت من قبل تكلفهم الأرقام والأصفار والميزانيات الضخمة التي تصل إلى مليارات الدولارات رشاوي ، لنشر الكتب واصدار المجلات والجرائد واستغلال الفيس بوك والمواقع الاجتماعية التي تحمل برامجهم من القيم الديمقراطي المصطنعة وتطريز قوانين حقوق انسان تطبق علي غيرهم ، وقيم حماية الشواذ والزواج وموضوع الأقليات ولباس المرأة وضرب الزوجات وغيرها .. لأن هذه القضايا هي التي تساعد على تهميش التيارات الاسلامية المعادية لمصالحهم .. ولكن في النهاية نجزم علي فشلهم بسبب وعي شبابنا الغيور علي دينهم وأوطنهم

أي مغرب وأي ثقافة نريد؟/ علي مسعاد

كاتب و إعلامي مغربي
Casatoday2010@gmail.com
" الفن النظيف و الثقافة النظيفة هي مفاهيم نازية لا نريدها اليوم بتاتا أن تقيدنا "
سناء العاجي ، كاتبة .
اللقاء الذي عقدته ، مجموعة من الأسماء العاملة في مجال الفن و الإبداع و السينما ، بالفضاء الثقافي لمجازر الدار البيضاء " ليزاباتوار " بجهة الدار البيضاء الكبرى ، شكل الحدث اليومي ، في   الصفحات الفنية و الثقافية ، الصحف اليومية ، الصادرة خلال هذا الأسبوع  .
و إن كان هذا اللقاء الفني ، الذي نظم بمبادرة من لمياء الشرايببي ، لم يضم إلا أسماء بعينها ، في المشهد الثقافي ك" الكاتب محمد لعروسي ، المخرج محمد أشاور ، الممثلة فطيم العياشي ، الصحافية فدوى مسك ، الصحفي أحمد نجيم ، محمد مومو مدير مهرجان " البولفار "، كنزة الصفريوي ، عادل السعداني ، يونس لزرق ،حميد فريدي ،أمين ناسور،  ...إلخ " ، إلا أنها ، تبقى مبادرة جمعوية ، من حقها أن تتحدث باسم أعضائها و المتعاطفين معها ، ولكن ليس من حقها أن تتكلم باسم الجميع ، مادامت أنها توجه الدعوة ، لبعضها البعض ، دون أن تنفتح على جميع الحساسيات و الفعاليات الإعلامية و الثقافية ، ببلادنا .
لأنه ، ليس بالضرورة ، أن أتفق مع ما تصرح به الممثلة المثيرة للجدل ، لطيفة أحرار أو أتقاسم الرأي مع كتابات صاحب موقع " كود " ، أو أتماها فنيا مع المنحى الفني الذي إختاره لنفسه مخرج " فيلم " ، حتى توجه لي و لغيري الدعوة ، لكن من الممكن أن نختلف و أن نناقش ، ما يدافع عنه هؤلاء و غيرهم ، من  من يعتبرون أن " ممارسة الرقابة على الإبداع الفني بمختلف ألوانه ، لا يستقيم بدون حرية " كما جاء على لسان الممثلة فطيم عائشة ، أو أن الحرية تليق بهؤلاء و لا تليق بغيرهم ، و هنا يكمن الخلاف.
لأنه ، ما معنى أن أطالب بحرية  التعبير و التفكير ، دون أن ينال الآخرون ، نصيبهم منها ، ليكون الاختلاف و الحوار و النقاش ، لأن توجيه الدعوة  لي أو  لغيري ، لحضور لمثل هذه اللقاءات المفتوحة  ، من شأنه ، أن يغني النقاش ، و إن كنا لا نعزف على الآلة نفسها ، خصوصا و أن  الحرية ، التي يتحدث عنها ، أعضاء " منتدى  الأحرار " ، حرية غير مشروطة ، فالحرية لا تعني أوتوماتيكيا ، أن أفعل ما أريد و قتما أريد و كيفما شئت ، لأن هناك محددات و ضوابط مجتمعية ، لأنه يجب أن نطرح السؤال على أنفسنا " من نحن " ؟ا و " ماذا نريد " ؟ا ، حتى يمكن أن نتقاسم ، مع هذا التيار  أطروحاته الفكرية و الإيديولوجية ،
الذي يدعو من خلالها ، إلى ثقافة الإختلاف و قبول الآخر مختلفا حرا دون أن أفرض  عليه نموذجا معينا حتى و إن اختلفت معه "  أو بتعبير أكثر دقة " ليس من حق أي شخص أن يفرض الوصاية على الشعب المغربي بصفة عامة و الفنانين بصفة خاصة ، لأن الإبداع يتنفس بالحرية و بلا وصاية .
حتى ، هذه السطور لا خلاف .
 لكن ، هل الحرية مطلقة أم نسبية ؟ا
السؤال ، الذي لا ينال نصيبا ، من التأمل  ، لدى أصحاب المبادرة ، بالنظر إلى المجتمع الذي نعيس فيه ، فهو إسلامي و له أعراف و تقاليده و أعرافه  ، التي لا يمكن تجاهلها و نحن نتوجه بالخطاب إلى الناس ، لأنه كما يوجد ، على رأي الكاتب المغربي عبد الله الطايع " أشخاص يجب أن نوفر لهم الحرية في إختيار الطريقة التي يريدون العيس بها ، و أن نوفر لهم الإحساس أنهم يملكون أنفسهم و ليست سطوة المجتمع هي من تحكمهم " هناك المجتمع الإسلامي ، الذي لا يمكن تكسير كل محرماته و طابوهاته ، باسم الإبداع و الحرية و الفن ، و أنه " لا يمكن أن نناقش الحرية في الفن و الإبداع إذا لم يتحرر المغاربة بعد من مشكل الجسد ، نحن شهداء لجسد تقليدي يرفض الإنكشاف و التعبير بحرية بعيدا عن " حشومة " و " عيب " ، على حد قول المخرج  المغربي لحسن زينون .
لا خلاف ، لكن ، فكما أن لأصحاب المبادرة  ، الحق في إطلاق مبادرة التوقيع على " بيان للدفاع و تعزيز الحرية " و الذي وقع عليه مجموعة من الفنانين و المثقفين و السينمائيين و الصحفيين ، أو بتعبير بطلة مسرحية " كفر ناعوم " الفنانة المسرحية لطيفة أحرار " المغاربة كلهم يعرفون الله ، يعرفون ماذا يفعلون و أين يفعلونه ، ولا حاجة لهم بمن يحجر عليهم .نحن متعددون و متلونون " ، إلا أن المجتمع من حقه ، كذلك ، أن يقول كلمته ، بخصوص أين تبدأ و أين تنتهي " حرية الفرد في الإبداع الفني " ؟ا
أو أن أصحاب " التجمع من أجل ثقافة حرة " لا يؤمنون ب"لرأي و الرأي الآخر" ؟
خاصة ،و أن هناك العديدون ، من من يتوارون وراء ضحالة الفكر و الإبداع و الخيال ، خلف اللقطات العارية و القبلات الساخنة و لقطات الإغراء الرخيص ، باسم تكسير الطابو و المحرمات .
لأن ، الجمهور ، المغربي أكثر من أي وقت مضى ، في حاجة إلى الإبداع الرصين و إلى الجودة و إلى الكفاءات الحقيقية ، في كل المجالات الفكرية و الإبداعية و ليس إلا " شخبطات " فنية ، باسم الحرية في الإبداع و الفن .
لذا فهل ، نحن مستعدون لفتح نقاش هادئ و رصين ، بعيدا عن الأحكام السابقة و الاتهامات المجانية ، بين دعاة " الفن النظيف " و الخائفين من " محاكم التفتيش الجديدة " على حد قول ، الكاتبة المغربية  سناء العاجي ؟ا
أم ، أن أمر تنزيل شعارات  ك" الحرية ، الاختلاف ، التعدد " إلى الشارع ، سيظل أمرا معلقا حتى إشعار آخر ؟ا
وتلك هي الإشكالية .

رسالة إلى "المشير" : "أنت لا تمثل الشعب"/ مجدى نجيب وهبة

 
** فى مقالنا بالأمس .. بعنوان "المسمار الأخير فى نعش مصر" .. الذى كان ردا على تصديق المشير على مشروع قانون "العزل السياسى" ، لكل رموز رجال الدولة السابقين ، بناء على توصية برلمان جماعة "الإخوان المسلمين" .. والذى قدمه نائب الإخوان "عصام سلطان" ، وإتفق على هذا المشروع كل نواب البرلمان ، إخوان بنسبة 95% ، أما النسبة المتبقية 5% ، فهى لأحزاب ومجموعات هشة ، تسعى لركوب الموجة ، وتسير على درب المثل الشعبى الذى يقول "اللى يتجوز أمى أقوله ياعمى" .. يعنى كدة بالبلدى .. هذا المجلس إخوانى حتى وإن تلون ، أو تجمل بعض أفراده ، فالنتيجة واحدة .. هى تفصيل قوانين تضمن لجماعة الإخوان المسلمين ، السيطرة والهيمنة على كل مؤسسات الدولة ، وتفكيكها ، وتحويلها إلى مؤسسات دينية ، وليست مدنية ..
** لم نكن نتصور بعد تلك التصريحات العنترية للمجلس العسكرى ، وتعهدهم بتسليم مصر لدولة مدنية ، والذى بدأوا فى إصداره منذ توليهم إدارة شئون البلاد .. ولكن مع بداية إجراء الإستفتاء على التعديلات الدستورية الأخيرة فى مارس 2011 .. وهى التى جرت حول الموافقة على التعديلات الدستورية أولا ، أو إجراء الإنتخابات البرلمانية ، وكان رأى أغلبية الشعب ، أن يتم عمل الدستور أولا .. وهو ما إتفق مع التصريحات النارية التى أصدرها بعض أعضاء المجلس العسكرى ، وهو ما دعا الجميع أن يصفقوا لها ويهللوا ، لأنه يستجيب للإرادة الشعبية ، ولكن للأسف ... وسأكرر كلمة "للأسف" أكثر من مرة .. أنه لا يمضى أكثر من بضعة ساعات ، إلا ونجد المجلس العسكرى يصدر تصريح يكذب ما صرح به بعض قادة المجلس العسكرى ، فى وسائل الإعلام ، أو تناولته بعض المواقع على صفحات الإنترنت ، ويأتى التكذيب لهذه التصريحات دائما ، ليصب فى صالح الإخوان المسلمين .. وذلك ردا على التهديدات من جماعة الإخوان والسلفيين والحركات الثورية .. هذا الجمع الشيطانى الذى بليت به مصر بعد 28 يناير وحتى الأن ..
** تكرر هذا السيناريو مئات المرات .. بيان صادر عن أحد القادة بالمجلس العسكرى ، يعيد لنا البسمة والأمل .. يعقبه بيان يستنكر فيه ، ويكذب ما صرح به بعض القادة العسكريين ... والمحصلة ، أن المجلس العسكرى الذى يترأسه السيد المشير ، إستجاب لرغبات الإخوان ، وأجرى الإنتخابات الهزلية لبرلمان "قندهار" ، قبل إقرار الدستور .. ولو سألنا طفل فى المراحل الأولى من التعليم ، لا يشتغل بالسياسة ، ولا يستطيع أن يعرف حاصل جمع 3+2 ، لماذا إصرار جماعة الإخوان المسلمين على البرلمان قبل الدستور؟!!! ... ستكون الإجابة التى لا تحتاج إلى أى ذكاء وعناء .. هى أن الإخوان يريدون الهيمنة على مجالس البرلمان ، لأنه عند وضع الدستور ، سيقولوا نحن الذين نمثل الأغلبية ، ونحن الذين أتى بنا الشعب إلى هنا ، ونحن من حقنا أن نضع الدستور .. وقد سمعنا هذه العبارة التى ترددت أكثر من مائة مليون مرة فى الصحف ، وأمام جميع وسائل الإعلام ، وفى المؤتمرات ، وصباحا ومساءا ، وظهرا وعصرا ..
** هذه العبارة بالذات .. حذرت منها قبل الإنتخابات البرلمانية الأخيرة ، وتوقعت أن يحصل الإخوان على نسبة 85% من مقاعد البرلمان بالتزوير .. لأنهم يجيدون فن الكذب ، وفن الضحك على الجهلاء ، وفن التضليل لإرادة الشعب ، وفن دفع رشاوى غذائية ، لكسب أصوات الأغبياء والأميين والفقراء من هذا الشعب ، الذى لو ترشح الإخوان مائة مرة ، لفازوا بالبرلمان ... رغم كل ما يقال الأن ، لأنهم تيار منظم ، ومرحلى ، ومنتشر ، ويضخون أموالا طائلة فى سبيل الوصول إلى تحقيق أهدافهم .. بل ويوظفون الدين جيدا ، فى تهييج الرأى العام ، ويجيدون دق الأسافين ، وتأليف القصص المفبركة عن محاربة الإسلام .. ويرددون "الإسلام فى خطر" .. "إنقذوا الإسلام ياأبناء محمد " .. "حى على الجهاد" .. "الكفار قادمون ، وتدعمهم أمريكا" .. مع العلم أن أمريكا هى التى صنعتهم ، وهى التى مولتهم ، وساعدت على إسقاط النظام السابق .. ودفعت بأكثر من مليار ونصف المليار دولار لكل هذه الفئات لهدم وإسقاط مصر ..
** ومع ذلك .. نفاجئ بجماعة الإخوان فى كل لحظة يدعون أن أمريكا وإسرائيل هى العدو الأول لهم فى العلن .. وفى الخفاء ، يتم عقد الصفقات ، وتوضع سيناريو المؤامرات .. ومع كل ذلك ، ومع علم المجلس العسكرى جيدا عن سلوك ودموية وأكاذيب الجماعة ، نجده يسلم لهم مصر بطريقة "Imaging slow" .. أو بمعنى "التصوير البطئ" ....
** وهنا نضرب كف على كف .. ونحن نقرأ رسالة المشير إلى الشعب التى أرسلها للبرلمان .. وقرأها الدكتور "سعد الكتاتنى" ، وسط صيحات النصر وتهيل أعضاء برلمان "قندهار" ، والتى تقول .. "صدقت على القانون لصدوره من برلمان جاء بإرادة شعبية" .. لقد أصابنا تصريح المشير بالغثيان ، فبالأمس يعلن أنه "لا دخل للمجلس العسكرى بالسياسة ، ولسنا طرفا فيها .. فنحن لسنا بساسة .. ولن نسمح لأحد أن يجرنا إلى معترك السياسة ، أو إدخالنا طرفا فيها" .. ثم أشار إلى أن "المهمة الرئيسية للقوات المسلحة هى الدفاع عن مصر ، وحماية شعبها وأرضها " ..
** وهنا نقول لسيادة المشير .. قد نتفق معكم فى إلتزام الجنود الضباط بتنفيذ الأوامر للدفاع عن الوطن ، وحماية مقدراته ، والدفاع عن شعبه .. ولكن لا نتفق معكم أنه لا دخل للقوات المسلحة بالسياسة ، وأنكم لستم طرفا فيها .. فإذا كان كذلك .. لماذا قبلتم مهمة إدارة شئون البلاد من الرئيس السابق "محمد حسنى مبارك" ، بعد أن تنحى عن الحكم ، ووكل لكم إدارة شئون البلاد فى هذه المرحلة العصيبة .. أنتم تقولون لسنا سياسيين ، ولكننا عسكريين ..فكيف تقبلون الموافقة على إدارة شئون أكبر دولة فى منطقة الشرق الأوسط فيما قارب عامين .. إذن ، فأنتم أعلنتم عن فشلكم فى إدارة مصر فى تلك الفترة الحرجة جدا .. وربما ذلك يفسر هذا الإنهيار المروع فى كل مجالات حياتنا "إقتصاد .. سياحة .. فن .. أمن .. سلوكيات .. فوضى .. تخريب .. حرق منشأت ومؤسسات سيادية .. هجوم على المؤسسات الأمنية" ، حتى باتت مؤسسة الداخلية مهزوزة ، وتخشى التعامل مع التجمعات ، والفوضى .. ولا تملك إلا الدفاع عن المبنى الذى يحمل شعار الداخلية .. حتى الأقسام أصبحت ملطشة ، يتم الإعتداء عليها يوميا ، وتهريب السجناء .. وتحولت المحاكم إلى ساحات للبلطجة ، والفوضى لإرهاب للقضاة والتأثير على قراراتهم .. كما قدمت ألاف البلاغات ضد بعض المتأمرين على حرق مصر ، وتم ضبط أسلحة وأموال ومولوتوف معهم .. ومع ذلك يتم الإفراج عنهم ... وتحولت مصر إلى حدوتة ليس لها أى هدف أو معنى ..
** بجانب حدوتة هذا البرلمان الذى أعلننا فى أكثر من مناسبة أنه أسوأ برلمان فى تاريخ مصر !!! ... وهناك مئات الطعون بعدم شرعيته ، ومع ذلك يخرج علينا سيادة المشير ببيان يؤكد فيه أن إستجابته للبرلمان هى إستجابته للإرادة الشعبية ، لقد أتى هذا البرلمان فى أسوأ سيناريو يوضع لإنتخابات برلمانية يفشل فى وضعه جهابذة الشياطين .. وفى أثناء هذه الإنتخابات تساءل الكثيرين .. لماذا مرت مراحل الإنتخابات بدون عنف؟!! .. ولكنهم لو فكروا لحظة واحدة ، لكانت الإجابة من الإخوان أنفسهم ، وهم يرددون "لماذا الحاجة إلى العنف ، واللجنة بتاعتنا ، ونحن مسيطرين ، ومهيمنين ، على كل دوائر الإنتخابات البرلمانية" .. وتناسى الجميع عن عمد أو غباء ، أن الذين إستخدموا العنف فى برلمان 2005 ، هم الإخوان .. وقد سمحت حكومة "مبارك" بذلك .. ووصل عدد المقاعد لديهم 88 مقعد ، وكانوا يسعون بكل قوة ، حتى يصل العدد إلى 120 مقعد ، للوصول إلى ثلث المقاعد ، لتكون لهم إرادة قانونية ، فى الإعتراض على أى قانون يطرحه المجلس !! ..
** فهل لا يعلم المشير أو المجلس العسكرى ، لماذا سعى الإخوان للوصول للبرلمان ، وكيف إشتروا الإعلام بالكامل .. حتى حنفية المياة ، بدأت يتساقط منها إخوان بدلا من المياة .. مصيبة وكارثة أحاطت بمصر من كل جانب ، ومع ذلك ، يرفض كل المسئولين بالمجلس العسكرى سماع صوت الأغلبية ، بل يعترضون عليهم ، ويطالبوهم بالعودة إلى أعمالهم ، حتى لا تتعطل مصالح الوطن .. فى الوقت الذى يتركون ميدان التحرير للغوغاء والبلطجية ، ليحرقوا ، ويسبوا المجلس العسكرى .. ومع ذلك يستجيب المجلس لكل مطالبهم ، وينفذون رغباتهم فى الوقت الذى يطلقون على الملجس العسكرى ، فى وسائل إعلامهم ، وصحفهم ، وحواراتهم كلمة "العسكر" .. وهى كلمة تطلق على العصابات والمرتزقة ..
** قاد كل هذا السيناريو من الفوضى ، هذا البرلمان الإخوانى .. الذى لم يأتى بأى إرادة شعبية ، بل أتى بالتزوير ، والتدليس ، والترهيب .. فى حين أن المشير يرفض سماع صوت الشعب ، ويلبى طلبات الإخوان ، ويتم عزل اللواء "عمر سليمان" ، من قبل اللجنة العليا للإنتخابات ، وهم يزعمون أنه تم فرز الأصوات ، ووجدوها غير كاملة .. وهذا الزعم هو لتضليل الرأى العام ، وليس لسرد الحقائق ، والمطلوب أن يصدق الشعب هذا الهراء .. قد يقول البعض إذن ، لماذا تم عزل مجموعة أخرى بلغ عددهم 9 أفراد .. نقول لهم ، أن هناك فرق بين العزل على خلفية قضايا جنائية ، صنفت أمن دولة طوارئ ، وبين عدم إكتمال بعض الأصوات ، رغم تأكدنا التام أن هناك خطأ متعمد لإزاحة اللواء "عمر سليمان" ، من سباق الإنتخابات الرئاسية .. ثم يأتى الدور على الفريق "أحمد شفيق" ليستجيب المجلس العسكرى لمطالب برلمان "الجماعة" ، ويصدق على المشروع الذى تقدموا به ، لتحقيق أطماعهم فى التكويش على السلطة ، والإستيلاء على كل مؤسسات الدولة ، وبعد ذلك يخرج علينا تصريح المشير الساخر أنه يستجيب لأن هذا البرلمان يمثل إرادة شعبية .. وبذلك يتم عزل الورقة الأخرى من الكيان الوطنى المصرى ، وهو الفريق "أحمد شفيق" بزعم أنه من الفلول ..
** نقول للمجلس العسكرى .. أنه سيأتى الغد الذى سيطالب فيه الإخوان بمحاكمة كل أعضاء المجلس العسكرى ، بنفس التهم التى يحاكم بها النظام السابق  ، ونقول لسيادة المشير .. لقد نفذ رصيدكم نهائيا من الشعب المصرى ، لأنكم لا تمثلون الشعب .. وأسف لهذا الوضوح ، الذى ما كنا نسمح لأنفسنا التعرض له ، أو الكتابة فيه ... ولكننا نجد أن المجلس العسكرى لم يلبى مطلب واحد للشعب المصرى ، وقد طالبناه فى أكثر من مرة أن ينزلوا الميادين ويعرفوا رأى الشعب الحر الشريف الأصيل ، ويبعدون عن الأماكن المغلقة ، التى يصدر من خلالها البيانات الفيسبوكية ، ويتخلوا عن المواقع الإلكترونية .. لأن مصر هى أعظم وأكبر من بيان يصدر عبر صفحة على الفيس بوك ، أو عبر جلسة تضم بعض الطامعين فى الوطن ..
** لقد أهنتم كل الزعماء السابقين ، عندما صرحتم أن العسكريين ليس لهم علاقة بالسياسة ، ولن يورطوا أنفسهم فى أى معترك سياسى ، وتناسيتم أن الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" هو أحد قادة الضباط الأحرار .. والرئيس الراحل"محمد أنور السادات" هو الذى حقق نصر أكتوبر العظيم ، وهو الذى أعاد الكرامة لكل العرب ، وكل الشعب المصرى ..  والرئيس "محمد حسنى مبارك" هو الذى أكمل المسيرة ، وحرر كل شبر من أرض سيناء ، وتسلمها بالطريق السلمى من العدو الإسرائيلى ، وهذه هى المناسبة التى تحتفلون بها اليوم ، وتنصلتم من دوره العظيم فى الحفاظ على أرض مصر كل هذه الأعوام السابقة .. نعم هناك أخطاء ، ولكن أخطائهم لا تقاس أمام هذا السقوط الذى تذهب إليه مصر !!! ...
صوت الأقباط المصريين

من "يمينٍ ويسار".. إلى "إسلامي وليبرالي"!/ صبحي غندور

يرتاح عامّة الناس إلى تبسيط التصنيفات والخيارات في الأمور كلّها، ربّما حتّى في القضايا الدينية. لذلك نرى الآن ازدهاراً كبيراً لظاهرة "الفتاوى" والركون إلى ما يقوله "المفتون" بدلاً من تشغيل العقل في فهم النصوص. أيضاً، تستسهل المؤسّسات الإعلامية المختلفة تصنيف الجماعات والتيّارات السياسية في أحد اتجاهين: مع وضد. لذلك نشهد حالياً توزيع المواقف السياسية بين إمّا داعمٍ لحكم أو مؤيّدٍ لمعارضة، رغم ما في ذلك التوزيع من إجحاف لمواقف البعض المنتقدة في هذا البلد أو ذاك للحكم وللمعارضة معاً.
هي سياسةٌ اتّبعها أيضاً الكثير من الحكّام وقادة الدول الكبرى تجاه حكوماتٍ رفضت نهج التبعية لمعسكرٍ ضدّ آخر. فهكذا كان الحال خلال فترة الحرب الباردة حيث تعرّضت مجموعة دول "عدم الانحياز"، التي أسّسها في منتصف الخمسينات من القرن الماضي عبد الناصر ونهرو وتيتو، إلى محاربةٍ من طرفيْ الحرب الباردة. وهكذا أيضاً مارست الإدارة الأميركية السابقة خلال حربها على العراق سياسة: "من ليس معنا فهو ضدّنا"، وحينما قسّمت العالم بين "قوى الخير وقوى الشر" تحت حجّة "محاربة الإرهاب"، ولم يكن مقبولاً الاعتراض حتّى من بعض الدول الحليفة للولايات المتحدة.
وكان العالم كلّه، وما زال بعضه إلى الآن، يستحسن تقسيم الأحزاب والتيّارات السياسية إلى "يمينٍ ويسار"، كما كانت أيضاً تسميات "رجعي وتقدّمي" سائدةً في عقودٍ عديدة من القرن الماضي. وهذه التصنيفات ارتبطت سابقاً بأبعادٍ اجتماعية واقتصادية، وكانت انعكاساً للصراع الذي دار في القرن العشرين بين التيّارين الشيوعي والرأسمالي، والذي لم يكن مقبولاً فيه التمايز عن أحد التيارين. فالإشتراكية الوطنية كانت تُحسب على الشيوعية حتّى إنِ اختلفت عنها تماماً، كما حدث في تجارب عديدة خارج الفلك الشيوعي.
طبعاً، النشأة التاريخية لتعبير "اليمين واليسار" ارتبطت بما كان يحدث أيام الملك الفرنسي لويس السادس عشر حيث كان المؤيّدون لسياساته يجلسون إلى يمينه بينما يجلس المعترضون إلى يساره.
حالياً، نجد الإعلام العربي يوزّع الحركات السياسية العربية إلى مجموعتين" "إسلامي" أو "ليبرالي" دون إدراكٍ أنّ هذه التسميات لا تُعبّر فعلاً عن واقع وعقائد كل الحركات والتيارات الفكرية العربية. ولا يجوز أصلاً اعتماد تسمياتٍ تجعل من الآخر في موقع الضدّ لها. فهل غير المنتمي لحركةٍ سياسيةٍ تحمل صفةً دينية يعني أنّه غير مؤمن أو مسلم أو على تناقضٍ مع الدين نفسه؟! وهل من هو منتمٍ لتيّارٍ سياسي ديني يعني أنّه رافض للحرّيات وللمجتمعات المدنية التي يدعو لها الفكر "الليبرالي"؟!
عموماً، "الليبرالية" هي مظلومةٌ في المنطقة العربية، تماماً كما هي التسميات العقائدية والسياسية الأخرى. فكثيرٌ من الذين كانوا ينشطون في بلاد العرب باسم "الليبراليين" كانوا يجسّدون عملياً نهج وسياسة من كانوا يُعرَفون في الولايات المتحدة باسم "المحافظين الجدد" وليس نهج أو سياسة "الليبراليين" الأميركيين.
فالتيّار "الليبرالي" الآن في أميركا هو تيّارٌ رافض لسياسة الهيمنة الأميركية على العالم وللتدخّل في شؤون الدول الأخرى ولحروب الإدارات السابقة، وهو التيّار الذي رفض استمرار الوجود العسكري الأميركي في العراق وأفغانستان، وهو التيّار الرافض للتمييز بين الناس على أساس الدين أو العرق أو اللون. وهو تيّار يدعو في أميركا للعدالة الاجتماعية ولإنصاف الفقراء والمهاجرين الجدد ولصيانة الحقوق المدنية للأفراد والجماعات المؤلّفة للمجتمع الأميركي، كما أنّ رموزاً في هذا التيّار تناهض الاحتلال الإسرائيلي. فهل هذه هي سمات بعض الجماعات العربية الحاملة لتسمية "الليبرالية"، والتي كانت على علاقةٍ جيدة مع الإدارة الأميركية المحافظة السابقة؟!
وقد كان ملفتاً خلال العقد الماضي أنّ الجماعات "الليبرالية" المصرية تعاملت مع المسألة الديمقراطية حصراً في المجتمعات العربية التي أتت حكوماتها حصيلة انقلاباتٍ عسكرية، مع تركيزٍ شديد على التجربة الناصرية عام 1952 وكأنّها كانت بداية الانهيار لمصر وللأمّة العربية، بل وكأنّ آثارها مستمرّة حتى الآن، رغم مضيّ أكثر من 40 سنة على وفاة جمال عبد الناصر، ورغم الانقلاب الجذري الذي حدث في السياسة المصرية أيام الرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، والذي أدّى العام الماضي إلى ثورة يناير.
أيضاً، لم يُشِر أتباع هذا التيار "الليبرالي" في مصر إلى قضية رفض المعاهدة المصرية مع إسرائيل أو إلى الآثار السلبية التي تركتها المعاهدة على أوضاع مصر الداخلية وعلى سياستها الخارجية، وعلى دورها العربي، بينما لا تنفصل مسألة الديمقراطية الداخلية عن التحرّر الوطني المطلوب في كلِّ بلدٍ عربي، وعن دور مصر القومي الغائب الآن بسبب المعاهدة مع إسرائيل.
فدعاة "التيّار الليبرالي" في مصر كانوا يصفون المرحلة التي سبقت عقد الخمسينات من القرن الماضي، بالفترة التنويرية، دون إشارةٍ إلى ما كانت عليه مصر والبلاد العربية من هيمنة بريطانية وفرنسية وحكومات معظمها صنيعة الحقبة الاستعمارية، وفيها قمّة الفساد السياسي والاجتماعي وحكم الإقطاع والاستغلال.  ونجد هذا الرأي أيضاً لدى بعض الجماعات المحسوبة على "التيار الإسلامي".
إنّ هذه المواقف السابقة لا تُعبّر الآن عن قوى مصرية عديدة وفاعلة، وهذه القوى لا تدخل في خانة تسمية "الإسلاميين" أو "الليبراليين"، وهي قوى تعمل من أجل بناء الديمقراطية السليمة ومجتمع العدل وتكافؤ الفرص لكنّها أيضاً ترفض استمرار قيود المعاهدة مع إسرائيل وتدعو لدورٍ مصريٍّ فاعل في الأمَّة العربية. 
إنّ المشكلة الأبرز لدى دعاة "الديمقراطية فقط" في البلدان العربية أنّهم يفصلون هذا الشعار المهم عن قضيتيْ التحرّر الوطني والهويّة القومية، وبهذا تصبح الدعوة للديمقراطية "فقط" عذراً من أجل التدخّل الأجنبي واستباحة الدول كما حدث مثلاً في تجربة الاحتلال الأميركي للعراق، ثمّ بالعام الماضي في التجربة الليبية.
إنّ جماعة "المحافظين الجدد" أيام إدارة بوش كانت تؤكّد على المسألة الديمقراطية في البلاد العربية بينما هي تمارس الاحتلال في العراق وتدعم سياسة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وتُحرّض على العدوان الإسرائيلي على لبنان. وكانت "إدارة بوش غير الليبرالية" تقف مع "عملية الديمقراطية" في العراق وفلسطين ولبنان، لكنّها تعادي القائمين على عمليات المقاومة ضدَّ الاحتلال في هذه البلدان. كذلك الأمر في مسألة الهويّة العربية لهذه الأوطان، حيث كان طرح الديمقراطية منعزلاً عن الهويّة العربية بل بالمواجهة معها أحياناً سعياً لاستبدالها ب"هويّات" طائفية أو إثنية ممّا لا يُضعف الهويّة العربية فقط بل أيضاً الهوية الوطنية الواحدة، كما هو الحال الآن أيضاً في الصيغ الدستورية لبعض قوى المعارضة العربية.
صحيحٌ أنّ الديمقراطية هي حاجةٌ ملحّة وضرورية لمعالجة الكثير من الأمراض الكامنة في الجسم العربي، لكنّها (أي الديقراطية) ليست مسألةً منعزلة عمّا تعيشه أيضاً البلاد العربية من قضايا أخرى ترتبط بالتحرّر الوطني وبالعدالة الاجتماعية وبالوحدة الوطنية وبالهويّة العربية.
إنّ التعامل مع المسألة الديمقراطية في المنطقة العربية لا ينفصل عن تحدّيات الوجود الإسرائيلي والقوى الأجنبية الكبرى (الإقليمية والدولية) وما لها من أطماع أمنية وسياسية واقتصادية، يستلزم تحقيقها إشعال الصراعات داخل وبين بلدان الأمّة العربية.
ففي الأمَّة العربية مزيجٌ مركّب من الأزمات يحتاج إلى مزيجٍ أيضاً من الحلول. فبناء آليات ديمقراطية وانتخابات نزيهة لا يحقّق وحده فقط العدل بين الناس، أو يصون وحدة المجتمعات، أو يمنع التدخّل الأجنبي، أو يحرّر الأراضي المحتلّة .. وهي كلّها حالات تعيش معظمها أوطانٌ عربية مختلفة من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي. فرفض الحكومات والنظم الشمولية يتطلّب الآن عربياً أفكاراً وحلولاً شمولية.
الأمّة العربية تحتاج إلى مشروع فكري نهضوي متكامل يقوم على التلازم والترابط بين شعارات الديمقراطية والتحرّر الوطني والعروبة والعدل الاجتماعي. وبتوفّر هذا المشروع، والمؤسسات والأفراد العاملين من أجله، يمكن بناء مستقبل أفضل للأوطان وللشعوب معاً. فالمشكلة ليست بتجارب النظم "الشمولية" فقط، وإنّما هي أيضاً بالأفكار والتجارب "الاجتزائية" التي تُجزِّئ الحلول المنشودة لأمَّةٍ جزّأها منذ قرنٍ من الزمن المستعمر الأجنبي، ويحاول ورثته الآن تجزئة المجزّأ !
إنّ قضايا التحرّر والهُويّة القومية والعدالة الاجتماعية ومقاومة الاحتلال ومحاربة الظلم أينما كان وكيفما كان، هي كلّها قضايا إنسانية عامّة لا ترتبط بمنهجٍ فكريٍّ محدّد. فلا الدين يتعارض مع هذه القضايا ولا الابتعاد عنه يعني تخلّياً عنها. وهناك أمثلة عديدة عن مجتمعات كافحت من أجل هذه القضايا لكن اختلفت دوافعها الفكرية ونظرتها لدور الدين في الحياة.
إنّ أساس الخلاف بين التيّارين "العلماني" و"الديني" (وليست تصنيفات "الإسلامي" و"الليبرالي" هي الدقيقة) هو فكريٌّ محض ولا يجوز إلحاق القضايا السياسية بطبيعة هذا الخلاف. ومن المهم أن يبقى الاختلاف قائماً في المسألة الفكرية وأن يتمّ البحث عن المشترك من القضايا الوطنية والاجتماعية. فالاحتلال الإسرائيلي مثلاً لم ولا يميز بين التيارين في الأراضي المحتلة، إذ المستهدف هو الفلسطيني إن كان من هذا الدين أو ذاك، أو إن كان "علمانياً" أو "إسلامياً". الأمر نفسه ينطبق على القضايا الاجتماعية حيث لا ديناً أو لوناً فكرياً للفقر أو للظلم الاجتماعي.
أمّا الاختلاف على الجانب الفكري فهو ظاهرة صحيّة إذا حصلت في مجتمعات تصون التعدّدية الفكرية والسياسية وتسمح بالتداول السلمي للسلطة وباحترام وجود ودور "الرأي الآخر". وهي مواصفات وشروط لمجتمعات تعتمد الحياة السياسية الديمقراطية، وتكون مرجعيتها هي القوانين والدساتير المجمَع على الالتزام بها بين كلّ الأطراف. فلا ينقلب طرف على الآخرين وحقوقهم أو على الدستور ذاته لمجرّد الوصول إلى الحكم. لكن من الأمور، المهمّ التوقف عندها أيضاً، هو حال التخبّط أحياناً في استخدام المفاهيم والمصطلحات، عِلماً أنْ ليس هناك نموذج تطبيقي واحد لأيٍّ من المصطلحات المستخدمة ("الديني" و"العلماني"). ففي الدائرة الغربية الديمقراطية نجد اختلافاً في المفهوم وفي التطبيق بين بعض تجارب العلمانية الأوروبية وبين التجربة العلمانية الأميركية، فكيف بتجارب الحكم باسم الدين الإسلامي على مدار أكثر من 14 قرناً؟!.
*مدير "مركز الحوار العربي" في واشنطن
Sobhi@alhewar.com

المسمار الأخير فى نعش مـصر/ مجدي نجيب وهبة

** على نار هادئة .. وبالتصوير البطئ .. يتم تشييع "جثمان مصر" ، بعد أن وضع فى التابوت ، ليدق المسمار الأخير بالنعش .. لقد كتبنا مئات المقالات ، بلا فائدة .. فى محاولة لإنقاذ "جثمان مصر" .. ولكن كان هناك إصرار من البعض على ربطها بأجهزة التنفس الصناعى ، وربطها بالمحاليل داخل غرفة العناية المركزة ، ومنع كل المحاولات لإنقاذها ، ومنع الزيارات عنها .. حتى تموت إكلينيكيا ، فلا تحتاج إلى شئ سوى فصل الأجهزة لتشييع الجثمان !!!! ...
** كتبنا وحذرنا .. ولكن يبدو أننا كنا كالبلهاء .. إنتقدنا الدور الإعلامى فى هدم وإسقاط مصر ، وإكتشفنا أننا كنا مغفلين .. فكل شئ مدروس بعناية فائقة .. إنتقدنا الصحف وتساءلنا "لمصلحة من هذه المانشيتات التى تحرض على كل مؤسسات مصر" ، فغفونا من نومنا ، لنكتشف أننا كنا سكرانين ، مش فاهمين .. سألنا من المسئول عن هذا الإنفلات .. لم نسمع إجابة من أى أحد .. بل لقد شاهدنا ورأينا تهديدات لكل من يقف ضد تيار الإخوان ليكشف عن جرائمهم ، فلا يستمع إليه أحد .. بل تتم إحالته للنائب العام ، والتحقيق معه بتهمة التطاول على الجماعة..  كما يتم الزج بالسجن ، لكل من كان بالنظام السابق ، حتى ولو كان من الشرفاء ، فالتهمة سهلة لا تحتاج إلى دلائل ، ولا أسانيد .. مثل تهمة موقعة الجمل الوهمية ، أو تهمة إفساد الحياة السياسية .. وتساءلنا .. أين العدالة ، ولم نكن نفهم ، فقد كنا أغبياء !!! ..
** كتبنا أن هناك فرق بين إسقاط قوانين فاسدة ، وأفراد فاسدين ، وبين إسقاط دولة ، فهتفنا وقلنا "فليسقط الفساد" ، ولكن لم نهتف أن تسقط مصر .. ولكن أن تسقط دولة بعظمة مصر .. فلم نصدق أنفسنا .. وإعتقدنا أنه كابوس سنفيق منه على غد مشرق ، وسوف نتذكره كأحلام عابرة لا يمكن أن تكون واقع يتعايشه الشعب المصرى ، فقمنا من غفوتنا لنكتشف أنه واقع وليس كوابيس ، وأن مصر أصبحت مطية فى أفواه العالم ، وحدوتة ساخرة ، يسخر منها الجميع  ..
** ولكن للأسف مع دقات الساعات الأخيرة بالأمس 23/4/2012 .. خرج علينا خبر كارثى .. إعتبرته أنا أنه المسمار الأخير فى نعش "جثمان مصر" .. كان عنوان الخبر .. "طنطاوى صدق على تعديلات قانون الحقوق السياسية" .. والتفاصيل "صدق المجلس العسكرى على تعديلات مباشرة الحقوق السياسية التى تهدف العزل السياسى لرموز النظام السابق ، وهو المشروع الذى قدمه نائب الإخوان ، والذى إتفق عليه كل أعضاء المجلس ، بحرمان كل رموز النظام السابق ، من الترشيح للإنتخابات الرئاسية ، أو ممارسة الحقوق السياسية .. وذلك لمدة عشر سنوات ، والذى أطلق عليه قانون "العزل السياسى" ..
** وفى نفس اليوم .. خبر أخر بعنوان "المشير طنطاوى فى سيناء : لا علاقة للجيش بالسياسة .. والرئيس القادم سيختاره الشعب" ... وقد أكد المشير "حسين طنطاوى" ، أنه لا دخل للقوات المسلحة بالسياسة ، ولسنا طرفا فيها ، فنحن لسنا بساسة .. ولن نسمح لأحد أن يجرنا إلى معترك السياسة ، أو إدخالنا طرفا فيها .. وأشار إلى أن المهمة الرئيسية للقوات المسلحة ، هى الدفاع عن مصر ، وحماية شعبها وأراضيها ...
** أما الفريق "سامى عنان" فقد تداولت مواقع على الفيس بوك ، تصريحات نسبوها للفريق ، منذ بضعة أيام ، تؤكد أن القوات المسلحة لن تقف مكتوفى الأيدى ، حيال تطاول الساسة والإعلاميين على رجالها ، وأبناءها ، ورجال الشرطة ، وقال .. "لن نترككم يامن تشعلون الفتنة ، ولن نرحل عن مصر إلا ونحن جثث همداء ، نموت لأجل هذا الوطن" ...
** وتبعا لقرار المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، بالتصديق على قانون العزل .. قررت اللجنة الرئاسية للإنتخابات بالإجتماع العاجل ، فور نشر تعديلات قانون الحقوق السياسية المعروفة إعلاميا بقانون "عزل الفلول" ، لبحث إستبعاد الفريق "أحمد شفيق" من سباق الرئاسة ..
** وقد صدرت هذه القرارات تباعا بعد شغل الرأى العام ، ووسائل الإعلام والصحافة ، بخبر تداولته وهو قرار فسخ عقد تصدير الغاز إلى إسرائيل ، الذى لاقى إرتياحا شديدا بين المواطنين ، وإعتبره البعض أن إلغاء الإتفاقية حلم لكل المصريين ..  وأشادت حركة "حماس" الإسلامية بالقرار .. وإعتبره خطوة شجاعة فى الإتجاه الصحيح ، وهو خطوة "إستعادة مصر دورها الوطنى ، والقومى لدعم القضايا العربية ، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية" ...وصرح القيادى فى حركة حماس ، "محمود الزهار" ، عن أمله فى إتخاذ خطوات إيجابية لإمداد الشعب الفلسطينى بالغاز ، وقال "إن فلسطين أولى بالغاز المصرى" !!! ...
** وبالطبع أشاد مجلس الشعب "الإسلامى" ، بقرار وقف تصدير الغاز ، وأعرب مواطنى سيناء عن إرتياحهم الشديد للقرار ، وعودة حقوق مصر فى أسعار تصدير الغاز ، لزيادة الدخل القومى المصرى .. ولكننا نتساءل ، لماذا صدر هذا القرار الأن ، ثم يعقبه موافقة المشير على قانون العزل السياسى .. بل ويصرح سيادة المشير أنه لا علاقة للجيش بالسياسة ، والرئيس القادم ستختاره الشعب .. ومعنى خطاب المشير هو إنهاء ما تبقى من ثورة 23 يوليو ، وعدم الإعتراف بالرئيس "جمال عبد الناصر" الذى هو أحد قيادات الثورة العسكريين ، وقد أطلق عليه لقب "الزعيم" .. ومسح تاريخ الرئيس "السادات" ، وكذلك الرئيس "مبارك" ..
** وهنا نتساءل .. هل تناسى سيادة المشير أن الزعيم الراحل "جمال عبد الناصر" هو من الضباط الأحرار .. وأن الرئيس الراحل "محمد أنور السادات" هو أحد رجال ثورة 23 يوليو ، الذى عين نائبا للرئيس "جمال عبد الناصر" ، ثم بعد وفاة عين رئيسا للجمهورية .. ثم عين "محمد حسنى مبارك" نائبا للرئيس "السادات" الذى أصبح رئيسا للجمهورية بعد إغتيال "السادات" من قبل جماعة الإخوان المسلمين ..
** هل تناسى المجلس العسكرى أن من قاد نصر أكتوبر 1973 هو الرجل العسكرى ، والرئيس "محمد أنور السادات" ، ثم أكمل "مبارك" المسيرة حتى 2011 ..
** وإذا كان الشعب إختار خلفا لمبارك ، اللواء "عمر سليمان" ، وهو ما أدى إلى هياج الإخوان وثورتهم ، وكأن الوطن أصبح مملوكا لهم ، يعزلون من يشاءون ، ويحاكمون من يرغبون ، فى الوقت الذى تناسوا فيه جرائمهم التى روعت شعب ووطن بأكمله ، وسجلت بقطرات من الدماء على صفحات التاريخ ، بل قد رأينا وشاهدنا تهديدهم المستمر للمجلس العسكرى ، وتوعدهم للواء "عمر سليمنا" بمحاولة قتلة .. وهى المحاولة الثانية ، بعد أن فشلت المحاولة الأولى ، عندما تم تعيينه نائب رئيس الجمهورية السابق .. فقد حاولوا إغتياله فى السيارة التى كان المفروض أن يستقلها ، وفى أخر لحظات ذهابه لتولى منصب نائب رئيس الجمهورية السابق ، تم تغيير السيارة ، وهو ما أدى إلى إغتيال حرسه الخاص فى السيارة الأولى ، وقد نجا اللواء "عمر سليمان" من هذه المحاولة الأثمة ، وتوفى حارسيه ، وحتى الأن لم تحقق أى جهات فى هذه الواقعة !! .. ثم إرتضى الشعب بقرار اللجنة الإنتخابية بإستبعاد اللواء "عمر سليمان" .. بزعم عدم إستكمال أصوات الترشيح !!!..
** والأن .. يأتى الدور على رجل الشعب الثانى ، ورجل مصر .. الفريق "أحمد شفيق" .. ليلبى المجلس العسكرى طلب مجلس الإخوان المسلمين ، حتى تقرر اللجنة طبقا لهذا القرار ، إستبعاد الفريق "أحمد شفيق" !!! .. ولأن القرار ينص على العزل السياسى لكل من عمل بالحياة السياسية ... فقد صرح المشير .. "أنه لا علاقة للجيش بالسياسة" .. إذن ، فطبقا لمشروع الإخوان ، فحكم "عبد الناصر" باطل ، وحكم "السادات" باطل ، وحكم "مبارك" باطل .. وبالتالى ، فكل ما بنى على باطل ، فهو باطل !!! ..
** فالمجلس العسكرى الذى عينه "جمال" ، أو إختاره "السادات" ، أو فى فترة "مبارك" .. هو باطل .. والشرطة باطلة .. والقضاء باطل .. والشعب باطل .. والإعلام باطل .. والسياحة باطلة .. والإقتصاد باطل .. والحكومة باطلة .. وكلنا باطلين .. وكلنا فلول .. وكلنا ينطبق علينا قانون العزل السياسى .. .. وأخيرا .. مصر باطلة .. ولا عزاء لوطن باطل بلا عنوان !!!!!......
مجدى نجيب وهبة
صوت الأقباط المصريين

المتضامنون الأجانب بين عنجهية إسرائيل… وتواطؤ حكوماتهم؟/ راسم عبيدات

….إسرائيل لا تريد لا أحد في العالم وبالتحديد من أوروبا الغربية أن يطل على ما ترتكبه من ممارسات قمعية وإذلالية وجرائم حرب ضد الإنسانية بحق الشعب الفلسطيني،ولا تريد أن تخسر التعاطف معها بأنها ضحية النازية والفاشية،وخوف إسرائيل من المتضامنين الأجانب نابع من أن مثل هؤلاء المتضامنين بمشاهداتهم وتعرفهم على حقيقة الواقع الفلسطيني المرعب بفضل سياسات الاحتلال وممارساته العنصرية،فإنهم حتماً سيغيرون وجهات نظرهم ومواقفهم ويتحولون الى بوق دعاية ضد إسرائيل وتسقط ورقة التوت عنها ك"دولة ديمقراطية" أو أنها ضحية"الإرهاب" الفلسطيني والعربي والإسلامي.
ومن هنا وجدنا أن إسرائيل جندت كل أجهزتها المخابراتية والأمنية وحولت مطار اللد إلى ثكنة أمنية،وخاضت مواجهات مع المتضامنين الأجانب الذين نجحوا في الوصول إلى مطار اللد رغم كل التحوطات والإجراءات الأمنية الإسرائيلية والأوروبية،وزجت في السجن كل من رفض منهم العودة،واستغل هؤلاء المتضامنين أن فترة قدومهم تزامنت مع إضراب المعتقلين الفلسطينيين المفتوح عن الطعام،لكي يعلنوا تضامنهم معهم بمشاركتهم الإضراب المفتوح عن الطعام في سجون الاحتلال،وإسرائيل استثمرت علاقاتها الدولية الاقتصادية والمالية والسياسية والإعلامية وضغطت على الدول الأوروبية وعلى شركات طيرانها من أجل منع المتضامنين الأجانب من القدوم اليها،وقد استخدمت أسلوب التهديد مع شركات الطيران بحيث هددت كل شركة تنقل المتضامنين الأجانب على طائراتها بعدم السماح لها بالهبوط في مطار اللد وكذلك إعادة المتضامنين الأجانب المنقولين على حسابها ونفقتها الخاصة.
وعملية التواطؤ في عدم نقل المتضامنين الأجانب لم تتم فقط بسبب التهديدات والضغوط الإسرائيلية،بل أن شركات الطيران الأوروبية "لوفتهانزا" الألمانية وشركات الطيران الايطالية والفرنسية والسويسرية والنمساوية وحتى التركية مواقفها منحازة لصالح إسرائيل كحكوماتها،تلك الحكومات التي تتشدق بالحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان،فهذه الحكومات خبرنا ازدواجية وانتقائية مواقفها ومعايرها و"تعهيرها" لمبادئ القانون الدولي في أكثر من قضية لها علاقة بخروقات وانتهاكات إسرائيل للقوانين والاتفاقيات الدولية، فأكثر من دولة أوروبية غربية بريطانيا واسبانيا وبلجيكا وغيرها عدلت من قوانينها من أجل أن تمنع ملاحقة ومحاكمة واعتقال قادة وجنود الاحتلال المتهمين بارتكاب جرائم حرب بحق الشعب الفلسطيني في محاكمها وعلى أراضيها،وهي أيضاً صوتت وحمت إسرائيل من أية عقوبات أو قرارات قد تفرض عليها او تتخذ ضدها في المؤسسات الدولية على خلفية انتهاكاتها وجرائمها بحق الفلسطينيين،كما حصل في مجلس حقوق الإنسان.
وهذه المواقف الأوروبية الغربية خبرها شعبنا جيداً،ولكن ما هو مستغرب ويضع الكثير من علامات التعجب والاستفهام على حقيقة الموقف التركي،حيث شركات الطيران التركية رفضت نقل المتضامنين الأتراك،ونحن ندرك جيداً ما قامت به إسرائيل من عملية قرصنة واقتحام لسفينة مرمرة التركية في أيار2010 التي كانت ضمن أسطول الحرية الذي جاء من اجل فك الحصار عن قطاع غزة،وما نتج عن ذلك من قتل وجرح لعدد من المتضامنين الأتراك،حيث رفضت إسرائيل الاعتذار لتركيا عن ذلك وحتى تعويض المتضامنين.
إن الرأي العام العالمي وبالذات الأوروبي الغربي،قد أصبح على درجة عالية من الوعي والقناعة بأن إسرائيل دولة عنصرية وتنتهك بشكل سافر وفظ القانون الدولي،وتمارس كل أشكال القمع والإذلال بحق الشعب الفلسطيني،وهم شاهدوا بأم أعينهم كيف قام نائب قائد منطقة الأغوار الإسرائيلي الحاقد شالوم ايزنر" بضرب احد المتضامنين الدنمركيين على وجه بالبندقية،وتفاخر بذلك بأنه ينفذ التعليمات ويدافع عن أمن دولة الاحتلال،وما تقوم به إسرائيل من قمع وتنكيل بحق المتضامنين الأجانب سواء في المسيرات الاحتجاجية ضد جدار الفصل العنصري وما جرى مع المتضامنين راكبي الدراجات او المعتقلين حاليا في سجون الاحتلال،هو نقطة في بحر مما يرتكب بحق الشعب الفلسطيني من جرائم وفظائع يندى لها جبين العالم الحر والمتحضر،وهو ما تخشى إسرائيل كشفه ورؤيته من قبل الرأي العام العالمي والمتضامنين الجانب.
نعم هناك حركة تضامن عاليه شعبياً وجماهيرياً في العالم مع شعبنا الفلسطيني،وحملة "أهلاً بكم في فلسطين" خير شاهد ودليل على ذلك،وكذلك المشاركات التضامنية الواسعة في الاحتجاجات والمسيرات التضامنية ضد جدار الفصل العنصري وقمع الفلسطينيين وإذلالهم،ولكن حتى اللحظة الراهنة لا توجد قيادة فلسطينية تحسن استثمار هذا التعاطف الشعبي والجماهيري العالمي،فالقيادة والقوى الفلسطينية يجب ان تولي هذه القضية درجة أعلى من الأهمية والاهتمام،ويجب أن تعمل على أن تستمر تلك الحالة وتتوسع وتتصاعد،ليس فقط من أجل فضح وتعرية حكومة الاحتلال،بل من أجل فضح وتعرية حكوماتهم والضغط عليها من أجل تغير مواقفها وسياساتها المنحازة الى إسرائيل،وان تنتقل من المواقف النظرية وبيانات الشجب والاستنكار والتقارير الخجولة الى موقف عملية تتوج باتخاذ عقوبات رادعة بحق إسرائيل،والتعامل معها كدولة خارجة على القانون الدولي،ونحن ندرك بأن هذا غير ممكن في اللحظة الراهنة في ظل مواقف عربية وفلسطينية هابطة،وفي ظل حالة انقسام فلسطيني يواصل التدمير في الجسد الفلسطيني.
ان عزلة إسرائيل على المستوى الدولي تتزايد وتتصاعد،والعالم لم يعد يغمض عينيه عنها كدولة عنصرية ومارقة وخارجة على القانون الدولي،ولكن ما تحققه قضيتنا الفلسطينية من زخم وتزايد في التعاطف الدولي،يتطلب منا في كل المستويات الرسمية والشعبية ومن خلال كل المحافل والمؤسسات الدولية وعبر حلفاءنا وأصدقاءنا،أن نوثق كل جرائم الاحتلال وممارسته وانتهاكاته لكسب المزيد من التعاطف والتأييد،وواضح الآن وفي ظل الإضراب المفتوح الذي يخوضه أسرانا البواسل عن الطعام في سجون الاحتلال احتجاجاً على ما يتعرضون له من هجمة شاملة تشن عليهم من قبل إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية وأجهزة مخابراتها من أجل كسر إرادتهم وتحطيم معنوياتهم ومصادرة منجزاتهم ومكتسباتهم والتعدي على حقوقهم،بأن هناك حالة تضامن شعبية عالمية واسعة وغير مسبوقة معهم،حيث يجري تعرية وفضح حكومة الاحتلال،وكل من يقفون معها ويدعمونها في جرائمها وخروجها على القانون الدولي.
كلما تزايدت وتوسعت حركة التضامن الدولية مع شعبنا،كلما قصر وعجل eفي تقصير عمر الاحتلال،فلنوحد صفوفنا ولننهي الانقسام المدمر حتى نستoطيع ان نستثمر هذا التأييد والتعاطف بشكل جيد.

غياب المطران انطوان موراني فيلسوف الحقيقة الهادىء/ بطرس عنداري

شيعت‮ ‬الطائفة‮ ‬المارونية‮ ‬الاسبوع‮ ‬الماضي‮ ‬من‮ ‬مقرها‮ ‬العام‮ ‬في‮ ‬بكركي،‮ ‬احد‮ ‬ابرز‮ ‬مكفريها‮ ‬وقادتها‮ ‬الروحيين‮ ‬المطران‮ ‬انطوان‮ ‬حميد‮ ‬موراني‮ ‬بحضور‮ ‬بطركي‮ ‬الطائفة‮ ‬وجميع‮ ‬الاساقفة‮ ‬والقادة‮ ‬الروحيين‮ ‬وممثلي‮ ‬الرئاسات‮ ‬الثلاث‮.‬
‮ ‬عاش‮ ‬المغفور‮ ‬له‮ ‬حياة‮ ‬هادئة‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬الصخب‮ ‬وحب‮ ‬الظهور‮. ‬وقد‮ ‬دفعه‮ ‬حبه‮ ‬للعلم‮ ‬والادب‮ ‬والعطاء‮ ‬الفلسفي‮ ‬الى‮ ‬تقديم‮ ‬استقالته‮ ‬مبكراً‮ ‬وقبل‮ ‬السن‮ ‬القانونية‮ ‬من‮ ‬رئاسة‮ ‬أبرشية‮ ‬دمشق‮ ‬المارونية‮ ‬ليتفرغ‮ ‬للتأليف‮ ‬الفلسفي‮ ‬وترسيخ‮ ‬جذور‮ ‬المسيحية‮ ‬العربية،‮ ‬فأصدر‮ ‬حوالي‮ ‬عشرة‮ ‬مؤلفات‮ ‬حول‮ ‬هذه‮ ‬القضايا‮ ‬نشرت‮ ‬معظمها‮ ‬دار‮ »‬النهار‮« ‬اللبنانية‮.‬
كان‮ ‬أستاذاً‮ ‬للفلسفة‮ ‬وتاريخ‮ ‬الأديان‮ ‬في‮ ‬جامعات‮ ‬اوروبية‮ ‬وفي‮ ‬لبنان،‮ ‬وكان‮ ‬معلماً‮ ‬وموجهاً‮  ‬لعشرات‮ ‬الاساقفة‮ ‬والكهنة‮ ‬البارزين‮ ‬منهم‮ ‬صاحب‮ ‬الغبطة‮ ‬مار‮ ‬بشارة‮ ‬بطرس‮ ‬الراعي‮ ‬الذي‮ ‬أبّن‮ ‬الراحل‮ ‬بكلمات‮ ‬تليق‮ ‬بمكانته‮ ‬وبما‮ ‬قدمه‮ ‬للطائفة‮ ‬المارونية‮ ‬والمسيحيين‮ ‬العرب‮ ‬عامة‮ ‬وللفكر‮ ‬الفلسفي‮ ‬وسائر‮ ‬مجالات‮ ‬الفكر‮ ‬والادب‮.  ‬ووري‮ ‬الثرى‮ ‬في‮ ‬مقابر‮ ‬البطريركية‮ ‬المارونية‮ ‬في‮ ‬بكركي‮  ‬عن‮ ‬عمر‮ ‬تجاوز‮ ‬الثمانين‮ ‬قليلاً‮.‬
لقد‮ ‬عرف‮ ‬المغفور‮ ‬له‮ ‬في‮ ‬الاوساط‮ ‬الفلسفية‮ ‬الاوروبية‮ ‬والعربية‮ ‬بفيلسوف‮ ‬الحقيقة،‮ ‬لانه‮ ‬ركز‮ ‬في‮ ‬مؤلفاته‮ ‬على‮ ‬ضرورة‮ ‬ان‮ ‬يكون‮ ‬الانسان‮ ‬ساعياً‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬توجهاته‮ ‬نحو‮ ‬معرفة‮ ‬الحقيقة‮ ‬ليتمكن‮ ‬من‮ ‬الالتزام‮ ‬بالعدالة‮ ‬وحقوق‮ ‬الانسان‮ ‬والتواصل‮ ‬مع‮ ‬الآخر،‮ ‬كما‮ ‬ان‮ ‬معرفة‮ ‬الحقيقة‮ ‬تؤدي‮ ‬الى‮ ‬إقامة‮ ‬أوطان‮ ‬ومجتمعات‮ ‬حضارية‮ ‬متماسكة‮ ‬تقدس‮ ‬الحرية‮ ‬وحقوق‮ ‬الانسان‮.‬
‮ ‬وعرف‮ ‬المطران‮ ‬موراني‮ ‬كداعية‮ ‬للانفتاح‮ ‬والتعايش‮ ‬ونبذ‮ ‬العصبيات‮ ‬الدينية‮ ‬والمذهبية‮ ‬وحتى‮ ‬القومية‮.‬
لا‮ ‬شك‮ ‬ان‮ ‬للحبر‮ ‬الراحل‮ ‬انتاجاً‮ ‬غزيراً‮ ‬من‮ ‬المؤلفات‮ ‬الفلسفية‮ ‬والتاريخية‮ ‬والدينية‮ ‬والادبية‮ ‬لم‮ ‬يُنشر‮ ‬سوى‮ ‬القليل‮ ‬منها‮. ‬ونأمل‮ ‬ان‮ ‬تشكل‮ ‬هيئة‮ ‬خاصة‮ ‬باشراف‮ ‬البطريركية‮ ‬المارونية‮ ‬لنشر‮ ‬مؤلفات‮ ‬الراحل‮ ‬الكبير‮. ‬ونعيد‮ ‬التذكير‮ ‬هنا‮ ‬ان‮ ‬إنتاج‮ ‬بعض‮ ‬عظماء‮ ‬الموارنة‮ ‬من‮ ‬أمثال‮ ‬واكيم‮ ‬مبارك‮ ‬وميشال‮ ‬الحايك‮ ‬ما‮ ‬زال‮ ‬ينتظر‮ ‬من‮ ‬يهتم‮ ‬به‮ ‬وينشره‮ ‬لبنانياً‮ ‬وعالمياً‮. ‬وقد‮ ‬فرحنا‮ ‬عندما‮ ‬سمعنا‮ ‬ان‮ ‬غبطة‮ ‬البطريرك‮ ‬الجديد‮ ‬أبدى‮ ‬اهتماماً‮ ‬حول‮ ‬هذا‮ ‬الموضوع‮ ‬وأصدر‮ ‬توصيات‮ ‬خاصة‮ ‬للاهتمام‮ ‬بنشر‮ ‬الانتاج‮ ‬الفكري‮ ‬للراحلين‮ ‬الكبار‮ ‬من‮ ‬أهل‮ ‬الفكر‮.‬
تعازينا‮ ‬الى‮ ‬الطائفة‮ ‬المارونية‮ ‬الكريمة‮ ‬والى‮ ‬أشقاء‮ ‬وشقيقات‮ ‬الراحل‮ ‬وعائلاتهم‮.‬

مناشدة أعضاء شورى حماس (4)/ د. مصطفى يوسف اللداوي

لعلكم أنتم اليوم الأقوى والأكثر فعلاً وتأثيراً، فأنتم أصحاب السلطة والقرار، وأنتم من يملك القلم والقرطاس، وعليكم تتسلط الأضواء، وتتركز الجهود، ويتطلع الفلسطينيون جميعاً إلى كلمتكم وموضع ثقتكم، وعليكم يقع العبء الأكبر والمسؤولية الأعظم، فأنتم اليوم تحملون أمانة الأمة وأمانة الوطن، وعلى عاتقكم تقع المسؤولية الأولى التي ستكونون محاسبين عليها أمام الله ثم أمام شعبكم، فلن يغفر الله لكم ولن يسامحكم شعبكم إن أنتم قصرتم أو تقاعستم أو تأخرتم عن القيام بالواجب المكلفين به على أتم وجه، فأنتم اليوم الذين ستختارون والذين ستقررون، وأنتم الذين ستضعون الخطط وتوافقون على البرامج، وأنتم الذين ستراقبون أمانة التنفيذ وسلامة الإجراءات، وأنتم من سيسمي رئيس المكتب السياسي الجديد أو المجدد له لحركة حماس، وأنتم من سيمنحه الثقة، ويعطيه القوة، ويمده بالعزم، وأنتم من سيضفي عليه الشرعية ويظلله بغطاءٍ من القانون، إنها فرصتكم القانونية التي لا تتكرر إلا كل مرحلة، ففكروا جيداً، ودققوا في الأمر بما يرضي الله أولاً، وبما يحقق مصالح شعبنا وأمتنا ثانياً، فأنتم الخيرة والصفوة، من بين الجمع قد أُخترتم، ومن قلب الصف خرجتم، أسماؤكم تحمل أملاً، وأشخاصكم ترضي شعبكم، وتاريخكم يسبقكم، وعطاؤكم يتحدث نيابةً عنكم.
أنتم اليوم بالخيار بين التجديد واختيار جديد، وفي كلتا الحالتين أنتم مسؤولين عن قراركم، ومحاسبين عن اختياركم، فلا أحد يملك سلطته عليكم غير إخلاصكم لله وصدقكم مع الشعب والوطن، وكلكم مسؤولٌ وحريص، ويتطلع لأن يكون على قدر المسؤولية والأمانة التي أناطها به شعبه وأبناء حركته، والتجديد أو اختيار جديد هو مسؤولية واحدة، فالقديم شرعيته منكم مستمدة، والجديد منكم يصبح الأقوى وصاحب الشرعية، فلا قديم يقوى على أن يتقدم دون قراركم، فهو ضعيفٌ دونكم، عاجزٌ من غيركم، ولا جديد يستطيع أن يرشح نفسه دون دفعكم واختياركم، وفي الحالين شروطكم هي الأساس، وضوابطكم هي المعيار، ومحدداتكم هي الفيصل، فلا تخطئوا الاختيار إن كان جديداً، ولا تترددوا في فرض الشروط ووضع الضوابط والمحددات إن كان تجديداً.
واعلموا أن الأول المقدم والمختار دوماً ليس بشخصه فقط، ولا بذاته دون غيره، إنما هو ببطانته ومن حوله، وهو برهطه وجمعه، وصحبه وأقربائه، فإن كان خيَّراً وصاحب فضلٍ وتقوى وأمانة، يخاف الله ويراقبه في السر والعلن، ويحرص على شأن أهله وشعبه، ويكون باراً بأهله وإخوانه، رحيماً رؤوفاً، لطيفاً غير فظ، ودوداً محباً، إلفاً ومألوفاً، عادلاً زاهداً أميناً، فإنه تلزمه بطانة الخير ورفقة الحق، التي تصدق نصحه، وتحسن مشورته، وتكون صادقة معه في نقل المعطيات، ووضع المستجدات بين يديه، ممن لا تستغل المنصب، ولا تستفيد من الموقع، ولا تسعى لتمرير ما تريد من خلال موقعها، فالقائد الأول والمسؤول المقدم على مكانته وقدره وقيمته، فإن سياسته تحددها بطانته، فإن كانت بطانة خير فقد حسنت سياسته، وإن كانت بطانة سوء فقد هلكت وأهلكته، وضاعت وأضاعته.
واعلموا أنها حركة المقاومة الإسلامية "حماس" التي أسسها خيرة رجال فلسطين، وأشرف على تربية أبنائها سنين طويلة أعظم قادتها ورجالها الأماجد، وبناة صرحها الأول، الشيخ الشهيد أحمد ياسين، والمربي الكبير الأستاذ عبد الفتاح دخان، فقد رحل الأول لكن الثاني الذي كان دوماً أولاً ما زال موجوداً، فعودوا إليه وأصغوا إليه السمع، إذ لا حاجة له، ولا مأرب شخصي عنده، ولا منزلة ينتظرها وهو صاحب المنزلة، ولا تقدير يتوقعه وهو من يعطي التقدير، إنه النقاء والصفاء، إنها الأب الحاني والولد الكريم، إنه المربي الفاضل والأستاذ الرائد، فخذوا منه وتعلموا، واعلموا أنه من البقية الصالحة، ومن القيادة الصادقة، خذوا من نصحه وقدموه، واستمعوا لكلامه ووقروه، وأنصتوا إليه ولا تقاطعوه، وحُق لحركةٍ سبق رجالها شهادةً، وغاب أبطالها أسراً، وضحى من أجلها الكثيرون ألماً ومعاناةً وجرحاً وإبعاداً، وصدق بها الشعب والأمة وآمنوا بها، أن تكون قيادتها خيرة راشدة صادقة، منها تنهض ومن صفوفها تبرز، تقدمها الخيرة وتختارها الصفوة.
واعلموا أن حركتكم منصورةً بإذن الله، مؤيدةً بحول الله، محروسةً بحفظ الله، بفضل مؤسسيها المخلصين، وشهدائها الخالدين، وأسراها الرجال الميامين، وشعبها الصابر، وأبنائها العاملين، وجنودها الأخفياء المستورين، إنها عليةً عند الله وفي خلقه، سنيةً في الدنيا والآخرة، بفضل صبر الأمهات، وجلد الرجال، ودفع الأخوات، واحتساب البنات، ويقين الشيوخ، وإيمان العجائز، وأحلام الصغار وأماني الشباب، فلا تخشوا على الحركة إن جاء جديد، وقاد المسيرة آخر، فهذه حركةٌ اللهُ يرعاها ويكلأها بعنايته وفضله، وأما إن جاء القديمُ وجددتم له البيعة، وعقدتم عليه العزم، فكونوا له خير الناصحين، وأشد المحاسبين، وراقبوا عمله، وتابعوا جهده، ولا تتركوه وحده يجلب من يشاء ويقصي من لا يريد، فهذه حركة الأمة ونتاج الشعب الفلسطيني، تأسست من أجله وتعمل لصالحه، وتسهر على راحته، وتعمل على تحقيق أهدافه والوصول إلى غاياته، فلا تتركوه وحده يرسم الخطط، ويقرر بذاته أو مع خاصته، وألزموه بشورى حكيمة، ومشاورة سديدة، لئلا يخيب القرار ويضل الشعب إذا لم يستشر. 
عهدٌ جديدٌ نترقبه وفجرٌ آخرٌ ننتظره، بقادمٍ قائدٍ جديد، أو بقديمٍ بثيابٍ جديدة، وسياسةٍ مغايرة، أنتم من يصنعها، وأنتم من يضمنها، فهذا يومٌ من أيام الله الخالدات، التي قال فيها خالدٌ بن الوليد رضي الله عنه وأرضاه، وقد قدمه صحبه، وأجمع عليه جنده، وهو سيف الله المسلول، وقد أحاط به جند الرومان من كل مكان، فوقف بتواضع القادة، وزهد الصحابة، وصدق أهل الجنة وقال "إن هذا يومٌ من أيام الله، لا ينبغي فيه التفاخر ولا التعالي، فتعالوا نري الله أعمالنا، ونمتاز بصبرنا"، فكان نصر الله المؤزر الذي تنزل في يرموك الشام على صحب رسول الله، فاختاروا اليوم أيها الأحبة خالداً، وكونوا كصحب محمدٍ صلى الله عليه وسلم لا تخشون في الله لومة لائم، فالله خيرٌ حافظاً وهو أرحمُ الراحمين.
يتبع ...

الذكرى 18 لإعتقال الدكتور سمير جعجع: وتعرفون الحق والحق يحرركم/ الياس بجاني


"ويلٌ للقائلين للشرِ خيراً وللخيرِ شراً، الجاعلين الظلام نوراً والنورَ ظلاماً، الجاعلينَ المُرَّ حُلواً والحلوَ مُراً. ويلٌ للحكماءِ في أعينِ أنفسهم والفهماءِ عند ذواتهم". (اشعيا 5- 21/20)
لأن الحق هو الله والشر هو الشيطان فالحق ينتصر على الشر في النهاية مهما استفحل الشر وتواقح وتمادوا في غيهم الواقعون في فخاخه من فاقدي الإيمان والرجاء واللاهثين بجنون وجشع وراء مقتنيات الدنيا الفانية من مال ونفوذ وسلطة وعزوة على خلفية خساسة ودناءة نفوسهم وابتعادهم عن الله وعبوديتهم المطلقة للغرائز البشرية من طمع وحسد وغيرة وكره وحقد وانتقام.
هذا وقد علمنا السيد المسيح في الصلاة الربانية أن نطلب من الله ونرجوه باستمرار أن لا يدخلنا في أوحال ونار التجارب الشيطانية وأن ينجينا منها.
من هنا فإن الحتمي والمؤكد إيمانياً وتاريخياً ومنطقياً هو أن الشر مهما بغى وتجبر وتسلط وظلم وهيمن واستكبر فهو في النهاية إلى انكشاف واهانة وانكسار واندثار، وها هي الذكرى ال 18 لإعتقال الدكتور سمير جعجع ظلماً وعدواناً وافتراء تطل علينا فيما هو حر وطليق ومن أكبر القيادات في لبنان فاعلية وشعبياً، في حين أن من فبرك له ملف التهم الباطلة وفجر كنيسة سيدة النجاة وقتل المصلين واعتقله وسجنه وحل حزبه واضطهد انصاره أي النظام السوري الإستخباري يعاني حشرجات الموت والذل في مواجهة شعبه الثائر للتخلص من ظلمه وأجرامه وارتكاباته.
يوم اعتقل الدكتور جعجع كان المطلوب اعتقال لبنان وأحراره ليتمكن النظام السوري الأسدي مع مرتزقة واسخريوتيي الداخل من إلغاء لبنان الكيان والهوية وقهر وتهجير وإذلال الإنسان اللبناني، ففشل هذا النظام وخاب وانكشف وخرج مهزوماً ومهاناً ومطأطأ الرأس من وطننا الحبيب رغم كل بطشه وأوهامه وبقي لبنان وبقيت الحريات وبقي الكيان وبقيت أصوات الأحرار عالية ومدوية. 
لن تكتمل فرحتنا ولن يسترد الإستقلال بالكامل قبل عودة كل أهلنا المغيبين اعتباطاً في غياهب السجون السورية أو يُعرّف مصيرهم، كما لن يرتاح لنا بال ونهنأ بعيشنا وشريحة من أهلنا الأبطال لا يزالون مبعدين قسراً في إسرائيل وممنوع عليهم العودة مكرمين ومعززين إلى وطنهم الغالي الذي دافعوا عنه في وجه الإرهاب والمارقين وافتدوه بأرواحهم.
تحية اغترابية صادقة نوجهها بفخر للدكتور سمير جعجع ولكل أحرار لبنان صارخين بصوت عال: "فهوذا يأتي اليوم المتقدُ كالتنورِ، وكلُ المستكبرينَ، وكلُ فاعلي الشرِ يكونونَ قشاً ويجرفهم اليوم الآتي قال رب الجنود، فلا يُيقي لهم أصلاً ولا فرعاً". (سفر ملاخي 4-1)
يبقى أن من يعرف الحق ويدافع عنه ويشهد له، الحق يحرره. "وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يوحنا 32:8) ومن عنده آذان صاغية فليسمع.

الثعلب.. والذئب/ أنطوني ولسن

خرج الثعلب والذئب ليصطادا ويأكلا .. فرأيا ثورا . قال الثعلب للذئب :

**اهجم عليه وأقتله لنأكله فهو ثور كبير ولا بد من أن لحمه لذيذ .

سمعهما الثور ونظر إليهما وقال لهما :

** حرام عليكما أن تأكلا لحمي وتقتلاني . آلا تعرفان أنني أحمل هذا العالم على قرني . فأذا مت     وقعت الكرة الأرضية وتكون نهاية العالم .  

نظر الثعلب الى الذئب وقال :

** قد يكون كلامه صحيحا فلا داعي للمغامرة .. وتركاه وشأنه .

في مسيرتهما رأيا جملا . قال الثعلب أيضا للذئب :

** أقتله فهو جمل كبير ولحمه يكفينا لأيام كثيرة قادمة .

فذهب الذئب ليقتل الجمل . فنظر الجمل اليه وقال له :

** ألا تعلم أني سفينة الصحراء ، وألا تعلم ان السفينة تحمل في باطنها ما تسير عليه . بمعنى         أخر أن لحمي لا يؤكل لأنه مليء بالرمال .

نظر الذئب إلى الثعلب نظرة إستفسار وإنتظار لتلقي الأوامر من الثعلب . فكر الثعلب مليا ، ووجدانه فعلا لو قتل الذئب الجمل ووجد لحمه مليئا بالرمال ، فلن يستطيعا أكله . فلماذا القتل واراقة الدماء . فأومأ اليه برأسه أن يتركه ويتبعه .

سارا أياما وأياما ، ازداد الجوع وتملك منهما ، واحتارا ولم يجدا شيئا يأكلانه . فجأة ظهر لهما حمار قادم من الطريق المضاد .

فكرا في الإختباء والهجوم عليه من الخلف . لم يأخذا قراراحاسما في نفس اللحظة التي رأيا فيها الحمار . مما جعل الوقت متأخرا لتنفيذ خطتهما . وأصبحت المواجهة . سأل الذئب الثعلب أن يهجم على الحمار . فرد عليه الثعلب وأفهمه أنه الأقوى ونابه حاد ويستطيع أن يمزقه . وعلى هذا تقدم الذئب للهجوم على الحمار قائلا :

فعلا سأهجم عليه ونضمن الغداء بعد طول جوع وانتظار ، انه حمار ولا شك لأنه حمار لا يحمل الدنيا على قرنيه مثل الثور ، ولا هو سفينة الصحراء ولحمه مليء بالرمال ..

سمع الحمار هذا الحوار ، فنهق نهقة عالية ، مما أوقف الذئب وبهر الثعلب . بعد ان انتهى من نهيقه تقدم اليهما في خطوات ثابتة واثقة وسألهما قائلا :

** من قال لكما اني حمار ؟ قد يكون شكلي حمار ، ولكنني لست حمارا .

لم يصدق الثعلب الكلام واصر على انه حمار . وافق الذئب على كلام الثعلب وأكد له ذلك .

ضحك الحمار وأخذ يرقص يمنة ويسرة ، ومع الضحك والنهيق والرقص ، تعجب الذئب والثعلب من تصرفات الحمار . هدأ الحمار ونظر إليهما وقال أنه ليس حمارا ، وسأل :

من منكما يعرف القراءة ؟

نظر الثعلب الى الذئب وسأله ان كان يعرف القراءة ؟ رفع الذئب رأسه في زهو واعتزازوقال :

نعم واحمل شهادات علمية .. فرد عليه الثعلب قائلا :

** إذن اذهب اليه واقرأ ما يريد أن نقرأه .

توجه الذئب الى الحمار متغطرسا متباهيا انه المتعلم الذي يستطيع القراءة . وعندما اقترب من الحمار سأله :

** ما الذي تريدني أن أقرأه ؟

قال الحمار له ، ان ما يثبت انه ليس حمارا مكتوب فوق " حافره " . رفع الحمار رجله .اقترب الذئب منه ليقرأ ما هو مكتوب .

كانت المفاجأة . رفس الحمار الذئب رفسة أطاحت به في الفضاء وجعلته يسقط والدماء تسيل من فمه وقد تساقطت اسنانه وأنيابه وصار يتأوه من الألم ويبكي حظه . اما الثعلب فقد جرى هاربا وقال لنفسه احمد الله على جهلي وإلا كان أصابني ما أصاب الذئب .

من له دماغ للفهم .. يا ليته يفهم ...

*****

من بنات ... أفكاري

** أجمل ما في الحياة .. حلو ذكرياتها

    وأجمل ما في الذكريات .. يوم أن سامحت من أساء إليك ..

** تمقت المرأة الرجل الغيور الذي لا تحبه ..

    ويغضبها الحبيب الذي لا يغار .. وعجبي

** الهواء يطفيء الشمعة الخافتة ..

    لكنه يوقد النار المشتعلة ..

    وكذلك الهجر يقضي على الحب الضعيف الطاريء ..

    لكنه يذكي الحب الصادق العميق .