رفح بوابة الأخوة والكرامة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

ألم يأن الأوان بعد أن استقرت الثورة في مصر، ونجحت في إجراء انتخاباتها البرلمانية، ورفعت حالة الطوارئ المقيتة التي كانت مفروضة على الشعب المصري منذ ثورة يوليو عام 1952، وحددت مواعيد رسمية لإجراء الانتخابات الرئاسية، وأكد مجلسها العسكري عزمه على تسليم مقاليد السلطة إلى الرئيس المصري المنتخب، وحدت من ممارسات أجهزتها الأمنية وسلوكيات ضباط وعناصر وزارة الداخلية التي لا يحمل عنها الشعب إلا الذكريات الأليمة والأيام الحزينة الممزوجة بالدم والمعاناة والقهر والإذلال، لفتح معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة بصورة نهائية ودائمة، فلا يغلق مهما بلغت الضغوط، ولا يعرقل فيه المرور ولا السفر، ولا تفرض فيه شروطٌ وتوضع دونه عقباتٌ تعقد سفر الفلسطينيين وانتقالهم.

لقد آن الأوان لأن تقوم الحكومة المصرية بفتح معبر رفح الحدودي بصورة دائمة وتحسن ظروفه، وتطوره وتجمله لتجعل منه بوابةً كريمة لشعبٍ عزيز، ومدخلاً لائقاً لشعبٍ مبارك، وواجهة نظيفة لحدودٍ بين الأشقاء، وعنواناً صادقاً لعلاقةٍ طيبة بين شعبين شقيقين، فتبني فيه استراحاتٍ مريحة، تهيئها بمقاعد جيدة، تصلح للانتظار وتريح المسافرين إذا رغبوا في الجلوس، وتخفف عن الكبار والعجزة والنساء والأطفال إذا أحسوا بالحاجة إلى الراحة، ويكون فيها أماكن مخصصة لقضاء الحاجة، ودوراتٌ للمياه فيها مغاسلٌ نظيفة ومياهٌ نقية، وعاملون وعاملات يقومون على نظافتها، ويشرفون على توفير ما يلزم للحفاظ على نظافتها، لئلا تفوح منها رائحة خبيثة، ولا يتقزز الداخلون إليها، ولا يمتنع عن استخدامها من هو في حاجةٍ إليها لقذارتها وخبث رائحتها.

كم يأمل الفلسطينيون أن يروا معبر رفح الحدودي نظيفاً لائقاً كأي معبرٍ آخر يفصل بين بلدين، تكون فيه محلاتٌ صغيرة لبيع المرطبات والمشروبات الساخنة وغيرها من السكاكر والحلويات التي ترضي الأطفال وتهدئ من روعهم، وتسكتهم عن البكاء والصراخ، ويكون فيها مطاعمٌ صغيرة، ومحلاتٌ للبيع مختلفة، يستفيد منها المصريون، وينتفع منها المسافرون الفلسطينيون، ويكون فيها مسجدٌ صغير، يتسع للمصلين العابرين، ويكون مهيأً للوضوء والصلاة، فيه آذنٌ يشرف على نظافته، ويتابع شؤونه، ويحرص على الالتزام بشروطه، فلا يكون منامةً أو مكاناً للاسترخاء والاستراحة، بل يخصص فقط للصلاة والعبادة ما بقي المسافرون على المعبر، ينتظرون تسوية جوازات سفرهم، والانتهاء من إجراءات انتقالهم.

يتطلع الفلسطينيون لأن تكون وسائل الانتقال في معبر رفح سهلة ومريحة، لا عقبات فيها ولا صعوبات، فلا يضطر المسافرون الفلسطينيون إلى تغيير مركباتهم وحافلاتهم، والنزول من الحافلات والمركبات الفلسطينية، والمشي على أقدامهم لمسافاتٍ طويلة، وهم يجرون أمتعتهم ومقتنياتهم، وفيهم الشيخ العجوز والمرأة الكبيرة والحامل والمرضع والتي تصطحب أطفالها وصغارها ولا تقوى على جر ومتابعة حقائبها وأغراضها الخاصة، فلتكن حافلاتٌ مصرية، تتبع شركاتٍ مصرية، مأمونة ومضمونة، ذات تاريخٍ وعراقة في أعمال النقل، يطمئن إليها الأمن المصري ويركن إلى إجراءاتها، وتعمل بموجب شروطه وضوابطه، تدخل قطاع غزة، ويكون لها فيه مقراتٌ وكراجات، تتجمع فيها وتنطلق منها، وتزود إدارتها بأجهزة كمبيوتر لتعد قوائم المسافرين وفقاً لأسمائهم، وتنظم مواعيد رحلاتهم، وساعات انطلاقهم، فلا يكون تداخل أو ازدحام، ولا فوضى أو اضطراب، فتستفيد الشركات المصرية المختلفة، ويرتاح المسافرون الفلسطينيون من عناء الجر والحمل والمتابعة، خاصةً أن الكثير من أمتعتهم وحقائبهم تضيع أو تتعرض للعطب والإتلاف.

كما يتطلع المسافرون الفلسطينيون لأن يسفر الموظفون المصريون وضباط وعناصر الأمن العام على معبر رفح عن أخلاق مصر العظيمة، وشمائل المصريين الكريمة، وخلال الشعب المصري العريقة، فيظهرون في تعاملهم مع الفلسطينيين المسافرين رحمةً بالمسنين والكبار، وعطفاً على الصغار والأطفال، وتسابقاً لخدمة النساء والمرضى، ويحرصون على استقبال المسافرين بابتسامةٍ جميلة، وكلمةٍ رقيقة، وترحابٍ يليق، ويسهلون تسوية جوازات سفرهم، ولا يؤخرون إجراءات التدقيق في أوراقهم، ولا يسمعونهم إلا ما هو طيب، ولا يتلفظون أمامهم إلا بما يليق بشعب مصر، وبما يعبر عن انتماءهم الإسلامي العظيم، وبما ينسجم مع عمقهم الحضاري الكبير، فلا يصدر عنهم ما يسيئ إلى المسافرين، أو يؤذي مشاعرهم وأحاسيسهم، ولا ما يدفعهم إلى الحقد والكره، ورفع أكفهم قبلة السماء سائلين الله عز وجل الانتقام ممن ظلمهم، وممن لا يحسن معاملتهم، وممن يتسبب في ضررهم ومعاناتهم وألمهم، وممن يفرق جمعهم ويعمل تشتيت أسرهم.

ولا ينسى العاملون المصريون على المعبر من رجال الأمن العام وغيرهم أن المسافرين الفلسطينيين يعانون كثيراً خلال رحلتهم، فهم يخرجون من بيوتهم في غزة عند صلاة الفجر، وينتظرون ساعاتٍ طويلة محشورين في حافلاتهم، أو محتجزين في القاعات قبل أن يسمح لهم بالمرور إلى مصر، بينما الوافدون إلى قطاع غزة فإنهم يقطعون مسافةً طويلة تستغرق أكثر من سبعة ساعاتٍ قبل وصولهم إلى المعبر، ومنهم من يواصل رحلته من مطار القاهرة مباشرةً إلى معبر رفح، بما يضاعف المسافات، ويفاقم المعاناة والألم والتعب، ومن المسافرين أطفالٌ صغار ونساء وشيوخ وعجزة ممن لا يقوون على السفر، ولا يستطيعون الانتظار، ولا يحتملون الوقوف طويلاً.

إنها مصر ثورة الخامس والعشرين من يناير التي نناشد، والتي إليها نتطلع وبها نأمل، ومنها نرجو ونتوقع، أن تحسن معاملة المسافرين الفلسطينيين من وإلى قطاع غزة، فإنها بوابتنا إلى عمقنا العربي والإسلامي وإلى الدنيا كلها، وعلى الحكومة المصرية أن تدرك أن الفلسطينيين يخبون مصر وشعبها، ويقدرون ثورتها وقيادتها، ويحبون الخير لها ولأهلها، ويهمهم أمنها وسلامتها، ولا يقبلون ضررها أو الإساءة إليها، ولا يسكتون عمن يتآمر بها أو يتعرض لأمنها أو يحاول المساس بها، ويأملون أن يروا مصر في طليعة الأمة، دولةً قائدةً رائدة، تتقدم الصفوف وتحدو الركب، وتحنو على الأمة بكل شعوبها، ولعل جيرانهم الفلسطينيين هم أولى الشعوب وأحوجهم إلى حنو مصر ورعايتها، وإلى حسن معاملتها وكريم وفادتها وبشاشة استقبالها، ولتكن بوابة رفح بصدقٍ وحق بوابة إخوة وعزة وكرامة.

الشرفاء .. لا يتاجرون بدماء "أبنائهم"/ مجدي نجيب وهبة


** هذه الرسالة أرسلها إلى كل أسرة فقدت إبن من أبنائها ، أو بنت من بناتها .. إلى كل أم تبكى على إبنها ، وكل أب فقد فلذة كبده ، وكل أسرة فقدت عائلها .. لن تعوض دماء أبنائكم كنوز الدنيا .. فهو يحتسب عند ربه فى صفوف الشهداء .. ولكن نرجوكم .. إعلموا أن هناك مخطط لإسقاط مصر .. وقد إستغل "ملف الشهداء" ، بعض الخونة والمأجورين لإشعال الوطن بأكمله .. ويوم أن يسقط الوطن فلن تكون هناك أى ذكرى لأبنائكم ، ولن تستطيعوا أن ترفعوا رؤوسكم عالية بعد أن تسقط أمنا الغالية ...

** بإسم تراب هذا الوطن .. أرجوكم .. كفوا عن مجاراة السفلة والإرهابيين المتاجرين بإسم "شهداء مصر" ، هم لا يبغون القصاص ، ولا يعلمون شيئا عن أبنائكم ، بل كل ما يريدونه هو إسقاط مصر .. أقول لكل أم ، وكل أب ، فقد إبنه أو إبنته .. نحن جميعا مستعدون لأن نضحى بأرواحنا فى سبيل أمنا الغالية "مصر" .. وتذكروا كم شهيد سقط فى نكسة 67 .. وكم شهيد سقط فى حرب رد الكرامة فى 73 .. تذكروا أن هناك شرفاء من الشرطة والجنود سقطوا فى الأحداث الأخيرة .. وقد رأينا كيف تم الإعتداء على ضباط الشرطة .. لقد ضحى كل هؤلاء من أجل إسم مصر ، ولم يستطع أحد أن يحول هذا الملف إلى سبوبة ضد الوطن .. لأن الجميع كانوا على قلب رجل واحد

**نعم .. أيها الباكين على أبنائكم .. نحن نشارككم بكل مشاعرنا أحزانكم ، ولكن دماء أبنائكم الغالية لا ترضون أن تكون هى الوقود لكى يستغله البعض لتنفيذ المخططات الأمريكية فى إشعال الوطن وإحراقه ..

** نقول للفوضويون .. إحرقوها كما تشاءون فهذا هو قدرها .. إخربوها كما تريدون فليس هناك من يحاسب أو يعاقب .. دمروها وأجهضوها فقد أصابها المرض والشيخوخة .. أرقصوا كالأفاعى حولها فقد باعها الجميع فى سوق النخاسة بأبخس الأثمان ، وقبضوا الثمن بالعملة الأمريكية "الدولار" المغمس بدماء وأرواح القتلى .. إحرقوها أيها اللصوص فأنتم لصوص تسرقون فى كنوزها ثم تحرقونها لإخفاء جرائمكم البشعة ، فأنتم تجهلون قيمة كنوزها ..

** أما الإعلام المصرى فقد قام بمشاركة اللصوص فى جرائمهم بل دافع عنهم وجعل منهم أبطالا وليس لصوص .. نعم الإعلام المصرى المنبطح شارك اللصوص فى الحقارة والسلب والنهب .. جعلتم محافلكم سرادق عزاء للطعن فى الوطن والندب على مصر .. نعم شارك الإعلام المضللين والكلاب والمزورين والبلطجية وأهالوا التراب والطين على الوطن ، وعلى كل شرفائه ، فالجميع خونة .. عبد الناصر خائن والسادات مغرور ومبارك قتل الثوار .. ولكن هل يمكن محاكمة الثلاثة مرة واحدة ؟ .. إقترح الإخوان أن يبدأوا بمحاكمة الأخير وبعد التمكن من الحكم سوف يحاكمون السادات بتهمة الخيانة العظمى ومعاهدة كامب ديفيد التى رفضها العرب والإخوان وحماس .. وبعد السادات دعونا نحاكم عبد الناصر فقد أذاق الإخوان كل صنوف الذل والعذاب .. وحكم عليهم بالإعتقالات والسجون ، وأعدم العديد منهم .. ولكن سيقول البعض كيف ذلك وعبد الناصر قد توفى منذ فترة طويلة .. فكان رد الجماعة إنه تاريخ لن ننساه ، مازالت أثاره من الضربات الموجعة قد جعلت علامة فى أعلى الرأس من الخلف ، ولكن هناك أسرة الرئيس الراحل "جمال عبد الناصر" ، فهم الذين سوف يدفعون ما جنته أيدى أبيهم ..

** وماذا بعد محاكمة الرؤساء الثلاثة .. أجابوا الخطوة قبل الأخيرة هى الشرطة المصرية ، فلدينا شرطة دينية يجب أن تعمل مكان الشرطة المدنية وهى الشرطة التى تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، ثم المحطة الأخيرة هى تصفية بعض قيادات الجيش ومحاولة إختراق المجلس العسكرى .. وماذا عن القضاء .. أجابوا أنه قد تم تخريج الدفعة الخامسة من القضاء الإسلامى وربما يتم تخريج حتى الدفعة العاشرة لتغطية الجمهورية الإسلامية وذلك لإحلالهم بدلا من القضاء الحالى .. هذا وسوف نستعين بخبرات بعض المستشارين السابقين وهم كثيرين وهم يعرفون أنفسهم .. وتساءل البعض وماذا عن الشعب .. أجاب بعض المتشددين منهم وقال "اللى هايفتح بقه مفيش غير الجزمة" ..

** ** نعم نقول لهذه الفئة الحنجورية إحرقوا وحطموا كما تشاءون فمصر صارت دولة بلا روابط أو قانون .. إغلقوا مجمع التحرير ، وأحرقوا المجمع العلمى ، وكل مؤسسات الدولة ، وإنهبوا وإسرقوا المال الخاص ، وأوقفوا مصالح المواطنين ولا تتركوا التحرير أو الميادين حتى يتم الإستجابة لطلباتكم التى يراها الإعلام المصرى والصحف المأجورة وبعض المضللين وجماعة "طظ فى مصر" إنها طلبات مشروعة !! .. حتى غلق الممر المائى بقناة السويس الذى سبق أن هددتم بغلقه ، فهذا حقكم فأنتم أبطال العالم الذين أشاد بكم أوباما وقرر زيادة المنح والعطاء وحثكم على مزيد من العصيان المدنى والتظاهر وقرر أن يرسل لكم دعم مالى أو يرسل لكم دعوة للإحتفال بكم داخل الكونجرس الأمريكى ، لكى تستقبلوا إستقبال الأبطال ..

** نعم إغلقوا المجمع وليذهب الوطن إلى الجحيم .. نعم إغلقوا الطرق وليلعن المواطن حظه التعس الذى ساقه إلى هذا الطريق .. إردموا قناة السويس وحولوها إلى ملاعب كرة قدم فهى أشد إستثمار من دخل السفن العابرة .. ولتحيا مصر .. إفعلوا ما تشاءون ولكن حذارا أيها الأفاقون أن تتحدثوا بإسمى أو إسم أى مصرى شريف يبكى على الوطن .. نعم عبروا عن أنفسكم فقط ولا تزجوا بإسمنا أو بإسم الشعب فى هذه الحوارات ، فمصر أعظم وأسمى منكم ومن أفعالكم الحقيرة ، فالشعب المصرى لا يتاجر بدماء أبنائه ، بل هو يقدم أبنائه وأرواحهم فداء للوطن ..

صوت الأقباط المصريين

إلى السيد بشّار/ د. عدنان الظاهر


( رسالة مفتوحة للرئيس بشّار الأسد )
أشاهد ما تبثه الفضائيات وما تتناقله وسائل الأعلام الأخرى وما يُحاك من مؤامرات خبيثة ضد سوريا رأس الحربة فيها دويلة قطر وما أدراك ما قطر وما حمد بن جاسم الحَلَقي والقُطَري ! إنه جوكر اللعب المشبوه الخبيث الذي يُقال عنه إنه ماسونيٌّ وصهيونيٌّ بالتطوّع.
وضع سوريا اليوم هو لا ريبَ وضعٌ مأساوي يُشجي أنصار التصدي للعدوان الإسرائيلي ـ الأمريكي والمتحالفين مع المثلث المقاوم المكوّن من سوريا ـ أيران ـ حزب الله في جنوب لبنان. سوريا اليوم ممزّقة ومُثخنة بالجراح وعرضة لمؤامرات بعض بلدان الجوار ثم قطر وسعودية المماليك المشطوحين بأموال نفط جزيرة محمدٍ والعرب. نعم ، لم تحرروا هضبة الجولان السورية وذلك أمر مفهوم لأنه أكبر من طاقات وإمكانات سوريا وسوريا لوحدها ليست بقادرة على إنجاز هذه المهمة الصعبة. خسرت سوريا الجولان وحيدةً لكنها لن تسترجعها لوحدها فأين قطر والسعودية وأين أموال السعودية وقطر وأين همّة باقي العرب؟
سوريا اليوم مُمزّقة وسوريا مُثخنة بالجروح والندوب لذا أسمح لنفسي بتوجيه بعض الأسئلة للسيد الأسد :
ماذا بوسعك أنْ تفعل لو هاجمتك إسرائيل [ لا أتكلم عن تركيا ] ودفعت بقواتها البريّة وهددت العاصمة دمشق أو إجتاحتها ؟ ظهرك مكشوف ودفاعك ضعيف لأنك وهذا الدفاع مشغولون بالقتال الداخلي ولا تعرفون كيف تضعون حدّاً لنزف الدم وإيقاف الإنشقاقات في صفوف الجيش وتهدئة مظاهرات الإحتجاج اليومية التي تجتاح معظم أرجاء الجمهورية السورية . لا أطلب منك الأخذ بمبادرات حمد الجاسم وغير حَمَدٍ من الجاحدين والمنشقين المنحازين لأمريكا وإسرائيل إنما أقترح ما يلي :
1ـ مناصفة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تشكيلات المعارضة بعد الجلوس معها إلى طاولة الحوارات البنّاءة البعيدة عن وهم الإحساس بالقوة والتعالي على الناس من غير البعثيين ثم ملكية حق إحتكار وتوريث السلطة ولا أحدَ يدري من أين أتاكم هذا الحق؟ سبقكم صدام حسين إلى ذلك وها هي مأساة العراق ماثلة أمامكم للعَيان والسعيدُ مَنْ إتعظ بغيره .
2 ـ إذا قبلتم وقبلت المعارضة بهذا المقترح تعلنون عن الشروع بإنتخابات مجلس نواب الشعب بإشراف عربي ودولي وقضائي لضمان نزاهة هذه الإنتخابات على أنْ يكون نظام الحكم برلمانياً لا رئاسياً فلقد بشمنا من دكتاتورية الحكام الرئاسيين وآن الأوان لأن تعلو سطوة البرلمان ويعلو من خلاله صوت الشعب لا الحزب الأوحد المتسلط لأجيال وعقود.
3 ـ يُشرع البرلمان هذا دستورا جديداً يجري بموجبه إنتخاب رئيس الجمهورية ويحدد صلاحياته وصلاحيات رئيس الوزراء المنتخب من قبل هذا البرلمان.
4 ـ لا إحتكار للسلطة ولا حزباً واحداً يتحكم برقاب العباد بل تداول سلمي لكافة السلطات. لا أدخل بالتفصيلات المعروفة التي ترافق التحولات الجذرية في تأريخ كل الشعوب وأمامنا تجربة مصر التي تم تشويهها وحرفها عن الخط الثوري والنتيجة هي إختفاء مبارك تحت نظّارات سود منبطحاً على قفاه ليستدر عطف الناس وهو ذاك الجبّار الخبيث اللعين الذي قدّم مصراً هدية شبه مجانية لإسرائيل وأمريكا . لم يختفِ مبارك لكنه تخفّى وبقيت أغلب أجهزته السابقة كما هي لا سيما الإعلام والقضاء وقادة المجلس العسكري الأعلى برئاسة طنطاوي حسني مبارك !
لا تحتكروا الدولة والسلطة يا بشّار ويا باقي حكام العرب وخاصة حكام السعودية والإمارت
وقطر والبحرين ( ميني مملكة بحجم طابع بريد ! ) وعُمان والكويت . خذوا الأسوة والعِبرة مما جرى في تونس ومصر واليمن. إذا لم تغيّروا ما بأنفسكم فلسوف يجتاحكم خريف غاضب لا ربيع دافئ بنفسجي اللون . تجاوزتم الحدود وطفح الكيل فتداركوا أمركم وأمركم ليس شورى بينكم.
أعود للسيد بشّار فأقول : تدبّر أمرك يا ريس فالعاصفة حولكم كبيرة هوجاء وإذا اقتلعتكم فستواجه إيران وحزب الله في لبنان عين هذا الخطر والويل يومئذٍ للعرب الباقية حيث سيصبح العرب توابع وخدماً لإسرائيل وأمريكا يحكمهم حمد بن جاسم ومن لفَّ لفّه ممن تعرفون وأعرف.
قلت لك يا سيد بشّار هذا الكلام ناصحاً لأني مَدين لسوريا بتبنيها للمعارضة العراقية زمان حكم البعث العراقي وصدام حسين. كلنا مدينون لسوريا ونحفظ لها الوعد والعهد رداً لبعض جميلها . كان رئيس جمهورية العراق السيد جلال حسيب الطالباني يحمل جواز سفرٍ سوريٍّ دبلوماسياً وكان رئيس الوزراء الحالي مقيماً بسوريا أيام الكفاح لإسقاط صدام وحزبه وبعثه وكان وكانَ مَنْ كان من العراقيين من ضيوف سوريا ودمشق والسيدة زينب.
يا بشّار : أكلّمك بصفتّكَ إنساناً وشابّاً وطبيباً وسوريّا أصيلاً أكنتَ علوياً أو غير علوي ... قلعةُ حلبٍ سيفِ الدولة الحمداني وشاعرهِ الكوفي العراقي أبي الطيّب المتنبي تهتزُّ اليومَ يا بشّار فافتحْ عينيك وأنت حكيم عيون. سوريا من درعا حتى جسر الشغور تهتز من أثر زلزالٍ مُدمّر يا بشّار فبعض الناس تحت الأنقاض والبعض الآخرتحت الثرى أو في غياهب السجون فهل يُرضيك ما ترى وهل يُغنيك البعث وإيدولوجية البعث عن الشعب السوري والشارع السوري وتطلعاته نحو التعددية وحرية التعبير ومحو الفوارق بين البعثي الحزبي وغير البعثي فالناس قد ولدتهم أمهاتم أحراراً ليس فيهم بعثيٌّ أو شيوعيٌّ أو قوميٌّ أو لبراليٌّ أو مسلمٌ مٌسيّس . فكّوا الحصارَ عن الشعب السوري ودعوه يمارس ما يشاء من حريات التعبير والتظاهر ففي الحرية بلسمٌ وشفاءُ ومُتنَفسٌ ودواء وعلاج. أنتم لا شكَّ مخلصون لسوريا ولكنكم لستم وحدكم الحريصين. لا تتوهموا أنكم وحدكم الحريصون فالوطنية كالهواء المُشاع والوطنية إجتهادٌ فعقيدةٌ فإلتزام يا سيادة الرئيس.
لستَ الإسكندر المقدوني ولستُ أرسطوطاليس. لا أنت ذاك ولا هذا أنا. أنا رجلٌ من عامّة الناس من سواد العراق يُقلقني وضعُ سوريا اليوم ويؤلمني حدَّ المرض فماذا عساكم فاعلين بسوريا وبي وببقية محبّي سوريا الشعب والأرض والتأريخ؟
لستَ بن علي ولا حسني مبارك ولا علي عبد صالح المحروق الهارب ... لكنك مثلهم رئيس جمهوية وزعيم حزبٍ تقف فوق بركان وزلزال من درجة 10 ريختر فتدبّر أمرك يا بشّار واعترف بحقيقة ما يجري فوق أرض جمهوريتك . إعترف بالمعارضة وقاسمها السلطة واتخاذ القرار الجسور وأوقف حمامات القتل والدمار فبعض الجهات المعادية تُسرّب الصور وتلفّق الأخبار ويسوّقها المشبوه المكروه الذي لا يعرف الحمد جاسم أو مفرّق وقاسم العرب حموّ أميرة إمارات وغابات الموز في أمريكا اللاتينية!
سوريا قفي. سوريا قاومي بشعبك البعثي والمعارض. سوريا ظلي سقفاً وملجأً للعرب الهاربين من ظلم حكّامهم. لا أطالبك بتحرير الجولان بل بتحرير نفسك من المأزق الذي أنتِ فيه. ردّي سهامهم إلى نحورهم فهم أعداءٌ لسوريا ولكل العرب. هم خدمٌ وماسحو أحذية لإسرائيل وأمريكا.

على رسلك فلا تذهب بعيداً يا عبد الباري عطوان/ محمد فاروق الإمام

على رسلك يا عبد الباري عطوان فسورية ليست كما تعتقد بأنها باتت قاب قوسين أو أدنى من الانزلاق إلى حرب طائفية تأكل الأخضر واليابس ويقتل فيها الأخ أخاه على الهوية أو الانتماء، فسورية التي تضرب جذور حضارتها ورقيها ومدنيتها في عمق التاريخ لأكثر من سبعة آلاف سنة لن تضحي بهذا الإرث العظيم لأجل عيون أفاك أثيم، أو طاغية مستبد، أو حاقد لئيم، وأن ما تسوقه في مقالك (سورية على طريق العراق) لن يجد على أرض سورية أي يد تسقي نباته أو تغرس شجره، وإن ما جاء في مقالك (لنكن صرحاء ونعترف بأن الشرخ الطائفي في سورية يتسع بسرعة خرافية، ويلعب النظام والمعارضة دوراً كبيراً في هذه الكارثة، ويتقاسمان المسؤولية كاملة، بمساعدة قوى خارجية على رأسها جامعة الدول العربية) جانبك الصواب فيه، فالمعارضة السورية بكل فسيفسائها العرقية والدينية والمذهبية والطائفية والفكرية لن تدخل سورية على ظهر دبابة مهما كانت جنسية صانعها أو قائدها، كما فعلت المعارضة العراقية، وأن المعارضة السورية مهما تباينت أفكارها وألوانها وأطيافها هي على قلب رجل واحد في مواجهة هذا النظام الباغي المستبد، تستمد قوتها من عبق دماء شهداء الثورة الذين من بينهم أبناء وأشقاء وأبناء عمومة ورفاق المنضوين تحت مظلة هذه المعارضة الوطنية التي يمثلها المجلس الوطني الذي بايعته جماهير الثورة السورية عندما خصت اسم أحد جمعها بجمعة (المجلس الوطني يمثلنا).
لا أظنك يا أستاذ عبد الباري عطوان لا تعرف سورية وأنت ابن الشام.. ولا أظنك تجهل طينة أهل سورية التي جبلت على الطيبة والتسامح والترفع على الجراح مهما كان غورها واتساعها، فالشام هذا هو قدرها منذ فجر التاريخ ولا تزال.
ولعلك تذكر يا أستاذ عبد الباري عطوان المجزرة البشعة التي ارتكبها المجرم حافظ الأسد بحق مدينة حماة أبي الفداء وأهلها في شباط من عام 1982، والتي تحل ذكراها بعد أيام قليلة، راح ضحيتها ما يزيد على أربعين ألف مواطن أعزل بريء، وساوى فيها أكثر من ثلثي أحياء المدينة بالأرض بما فيها من دور عبادة وتراث، وبقي هذا الطاغية حاكماً فرداً لأكثر من ثلاثين سنة حتى أهلكه الله، وورثه ابنه بشار الأسد فاستقبله السوريون بالبشر والتفاؤل والأمل دون أن يحمّله السوريون وزر أبيه، عملاً بقوله تعالى: (ولا تزر وازرة وزر أخرى)، وانتظروا من هذا الطاغية الصغير أن يصحح ما ارتكب أبوه من جرائم لأكثر من أحد عشر سنة، ولكن هذا الطاغية الابن؛ أبى إلا أن يكون سر أبيه، فأعلن الشعب ثورته السلمية عليه وعلى نظام أبيه الاستبدادي الذي ورثه، وعمت هذه الثورة المدن السورية والبلدات والقرى من شمال البلاد إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها، وتصدى لها هذا الطاغية الصغير بكل وسائل القمع الوحشية والجهنمية التي يملكها، أدت إلى استشهاد ما يزيد على سبعة آلاف متظاهر سلمي، وأضعافهم من الجرحى والمفقودين والنازحين والمهجرين والمعتقلين.
وراح هذا الطاغية الصغير ينفخ في بوق الطائفية النتنة، مسخراً بعض ضعاف النفوس والمستفيدين من نظامه من أبناء الطائفة العلوية لجر البلاد إلى حرب طائفية لا طائل منها إلا دمار البلاد وإزهاق الأرواح، ولكنه وحتى الساعة لم يفلح في تحقيق نواياه، فلا تزال الطائفة العلوية تنأى بنفسها عن الانجرار وراءه، وقد أعلن عقلاء الطائفة في العديد من البيانات تنديدهم بالقمع الوحشي الذي يمارسه هذا الطاغية متبرئين منه ومن فعاله، ويدعون عامة أبناء الطائفة إلى عدم الانسياق وراء ما يدعوهم إليه بشار الأسد، وينتظر الشعب السوري مواقف شجاعة وثابتة وصريحة وواضحة من الطائفة العلوية تجاه هذا الطاغية، وينتظرون منها مشاركة فعالة في التظاهرات السلمية التي تعم البلاد، وقد لاحت بوادر هذه المشاركة في تظاهر أهل محافظة طرطوس ومدينة مصياف ذات الأغلبية العلوية فيهما، وقبلها شاركت مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية، ومدينة السلمية ذات الأغلبية الإسماعيلية، وقد سبق في المشاركة قبل هؤلاء المسيحيون بكل طوائفهم ومذاهبهم وراح من بينهم الكثير من الضحايا، وهذا ما يجعلنا نؤكد للسيد عبد الباري عطوان أن سورية لن تنجر إلى أية حرب طائفية كما حدث في العراق، وأن الشعب السوري بما عرف عنه من نباهة وفطنة وذكاء وشجاعة وعفة وحلم وكبرياء لن ينزلق وبأي حال من الأحوال وفي أي ظرف من الظروف إلى حرب طائفية نتنة، يريد الأسد الصغير جره إليها، مهما اتبع من أساليب خسيسة وأفعال دنيئة وجرائم مهولة أو مرعبة، تارة بحق أهل السنة وأخرى بحق العلويين أو الدروز أو الإسماعيليين أو المسيحيين، فلا مشكلة ولا عداوة بين أهل السنة والطائفة العلوية أو الطوائف الأخرى، وقد تعايشوا معاً لقرون بكل ود واحترام بعقد اجتماعي سلمي يقوم على الشراكة البناءة في كل الأحوال والظروف التي عاشتها سورية قديماً وحديثاً.

شكرًا لكم يا صفوة المتعلمين/ د. احمد المزعنن

إلى كل مثقف أفسدته ثقافته المتحيزة العوراء،فكونت له صورة مشوهة عن ذاته وعن الآخر،وقعدت به عن التعلق بالأمور العليا،وهبطت به فجعلته رقمًا عاديًا ، ونسخة باهتة من الواقع البائس .
يا إخوتي وأحبتي يا صفوة المتعلمين
يا أيها الأبناء من أهل الحواضر والبوادي أجمعين
أبناء يعرب صفوة الخلق الأباة المؤمنين !
من فرع عدنان الذي من نسله بُعِثَ الأمين
أو فرع قحطان التبابعة البناة الخالدين

أصبحت في هم فلا أدري شمالي من يمين

ما بالكم ترضون للشحناء تحملكم على وضع مشين

لتسمم الأجواء تسخر بالإخاء وتستهين

الفتنة العمياء إن حلت بقوم أهلكتهم أجمعين

ما بال بعضكم يزم لنا الشفاه .. وبالعيون

والوجه ، ألف علامة تنبيك عما لا يبين

إني أذكركم بإرث محمد وبخير دين

أين الذي يعفو ويصفح إن أساء له القرين ؟

لا ينبغي هجر الصديق وجفوة الخل الأمين

من بعد ثالثة وخيرهما من ابتدأ السلام ويستعين

بالله رب العالمين ، بالله رب العالمين

شكرًا لكم يا إخوتي يا صفوة المتعلمين

شكرًا لكم علمتموني كيف أبدو مثل بعض الجاهلين

:علمتموني كيف ألقى صاحبي بالبشر يسطع في الجبين

وبداخلي البركان يغلي هادرًا لا يستكين

علمتموني حين أضحك كيف أُبدي ناجذيْ

وبداخلي السم الزعاف صببته في مقلتيْ

سطرت منه قضية كمتاهة لا تستبين

خلالها درب الصواب ، ولا علامات اليقين

الناس .. كل الناس ضلال وأنتم مؤمنون ‍‍‍
إن غاب عنكم بعض ما صنع الزمان بأمتي
إني أذكركم بأن الروس قد صاروا رفاقاً مخلصين
والسلطة العمياء أمر قيادها للغاصبين الغادرين

قد سلمتهم موطن الإسراء والمعراج والوطن المصون

فبنو يهود أصبحوا إخواننا المتحالفين الناصحين

وأعاجم الهندوس فينا ( يا صديق ‍‍.. ويا رفيق ) مبجلون

( في أنتَ معلومٌ ) بأن الحب ( لأِنتَ ) في قلبي مكين

الكل قد صاروا سلامًا في سلام آمنين

لكنَّ فينا عششت حرب البسوس وشمَّرت ساقًا لعين

وضُباحُ (داحسَ) قد أثار النقع يعدو في جنون

قد لطَّخ (الغبراءَ ) كيدُ بُغاتِها .. والمجرمون

دقوا طبول الحرب تفتك بالمحارم والبنين

ومصارع الإخوان مشرعة ولا ترحم جنين

الحرب فينا معشر الأعراب طبعٌ لا يلين

إن شمَّرت عن ساقها وتسعَّرت لا تستكين

تردي أمير المؤمنين ... حتى أمير المؤمنين

القتل مشروع ليختصر الطريق إلى الشهادة

والنهب مقبول لتكتسب التأمل والزَهادة

والخّصْيُ شُرِّع كي يريحك من تكاليف الولادة

والسجن مفتوح لكي تزداد من فضل العبادة

والقهر أسلوب لتعتاد التثاؤب والبلادة

أنا شاعر ، يا إخوتي ! هل تسمعون وتعقلون ؟

ورسالتي أن أزرع الصحراء وردًا تجتلي منه العيون

وأشيع في أجوائكم عبق المحبة والمودة والحنين

للمجد تصنعه أيادٍ جاهدت عبر السنين

وقضيتي زرع الشموع على الطريق ليستبين

طريقه من حاد عن درب اليقين

لا وقت عندي للمكائد والضغائن والجنون

لا وقت عندي فيه أبحث عن قصاصات الورق

في سلة للمهملات وعند نوبات الأرق

أتصيد الزلات أمحو كل ما شاد البناة الصابرون

أنا شاعر يا إخوتي ... والإعتذار لزلتي

شكرًا لكم علمتموني حين أغضب أن أكون

متحاملاً متكاسلاً وبلا ضمير مثل بعض الجاهلين

فأنا بدأت لكي أعود لصفوة المتعلمين

جورج حبش: جرده حساب/ عطا مناع

كأنك لم تكن، تمر على عالمنا كما الطيف، عد إلى حيث أنت، ولا تقتحم عالمنا، فعالمنا ليس لك، من قال أننا حملنا وجعنا وامتشقنا عشقنا وسرنا خلفك؟ يا سيدي دجنتنا الحياة، ثقلت أحمالنا، وانحنت ظهورنا، وخفتت النار المقدسة، وأصبح الواحد منا يحمل في الداخل ضده، نقنع أنفسنا بأننا أحياء، والحقيقة أننا نقف في المنطقة المحرمة لا حياة ولا موت، ما أصعب أن تموت حياً يجتاحك البرد وتبتلعك الغربة.
نحاول يا سيدي استحضارك في ذكرى مولدك، نقفز على قوانين الطبيعة، أيعقل أن الميت يستحضر الحي؟؟ بصراحة يا حكيمنا ما عدنا كما كنا، لا تصدق ما يكتب فيك من قصائد رئاء، واحمل حبك لنا وارحل عن عالمنا، وامنح حبك لمن يرقدون إلى جانبك وفي أرضها فهم الأكرم منا والأنبل منا، وهم ترابها وحنونها والبذرة التي ستنبت عشقاً في زمن غير زمننا.
تعبنا يا حكيمنا من التمترس خلف المنطقة المحرمة، استأنسنا لنعمة النسيان، نمشي على رؤوسنا متثاقلين، نفتش عن الخلاص والحفاظ على جلدة الرأس وبعض الامتيازات، نطوي السنيين عسانا نرتاح من حملنا الثقيل الذي فقد معناه، ما عدنا نحن، نموت في الأنفاق وتخنقنا الحقيقة، ونذهب إلى مقابر الشهداء في الأعياد نصافح بعضنا وكأنها مرثية، الم اقل لك أننا نستعين على أيامنا بالتراب والحنون.
سامحك اللة يا حكيم، لماذا ناديت بالخلاص؟؟ لماذا بشرتنا بأرض البرتقال الحزين؟ ولماذا أعلنت انحيازك للكادحين وقلت لنا ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة؟؟ يا حكيمنا لقد تحولت الخيمة إلى قيد يطوق أعناقنا، ممنوعون من الكلام، ممنوعون من الإعلان عن وجعنا، ممنوعون من الخروج على الناس لنذكرهم أن الإنسان قضية، لم نعد يا سيدي قضية ومات فينا الإنسان، الم اقل لك أننا أموات وأننا نتكائر دون هدف.
يا حكيمنا: نكذب عليك وعلى أنفسنا عندما نقول أن الثوار لا يموتون أبدا، نكذب عليك يا من أعلنت انك آخر العائدين، يا سيدي انتم بالنسبة لنا علاقات عامة، اعتذر بكل المرارة التي تجتاحني، ولكنها الحقيقة، وإذا كانت الحقيقة غير ذلك؟ فلماذا قفزنا من سفينتك وتمترسنا خلف المنطقة المحرمة؟ ولماذا تهنا عن الألوان وتاهت عنا، ارحمنا يا سيدي واخرج من عالمنا، فعالمنا ليس لك.
هي يا حكيمنا جرده حساب، ووقفة أمام الذات بدون مكياجات، هي اللعنة التي ستلاحق من أحبوك وتخلوا عنك وتركوك أسير حلمك، وهي لحظة تأمل في اللحظة الأخيرة قبيل الاغماضه الأخيرة، حيث لم يرف لك جفن وأعلنتها بكل الحب الساكن في قلبك الكبير أن الحواجز ستنهار، وان المستقبل لنا رغم الظلم والظلام، هكذا أنت، كنت أنت، ولم تك إلا أنت، وكأنك تعطينا الإشارة التي لم نفهمها إلى ألان، الأجيال القادمة أمانة في أعناقكم فلا تخونوا الأمانة، ولكن للأسف.
هي جرده حساب وفجر يوم ميلادك يقرع الأبواب، وأرواح الشهداء تحلق في ليل المخيم حيث الصمت الذي يسبق الميلاد، حقيقة غابت عنا في غمرة الحياة التي طحنتنا، يبشرنا الشهداء بان موتك ميلاد في ظل ابتعاد المخاض عن الرعاة الذي سهروا حتى فجر ميلادك ينتظروا النجمة لتبشرهم بالعودة، النجمة الشاهدة على الميلاد والمخاض والتمسك بعمود الخيمة شراعاً يدلنا على الطريق، ونو ر الأمل المفعم بالوجع العتيق ينثر في المخيم بعضاً من رائحتها التي تأتينا من سهولها العطشى للعرق السخن الذي يعانق تراها لتنشد الملائكة ويتردد صدى صوتها وتحمله أمواج بحرها إلى حيث اللقاء، المجد لك ولهم في الأعالي وعلى الأرض السلام.
عندما يحين الوقت ويأتي الربيع ويصبح القمر بدراً تفيض علينا الأرض وترتدي لوناً آخر شقائق نعمان تبشرنا بالميلاد، تعود ومعك من تنكرنا لهم وتتقدموا الصفوف رافعين الراية العتيقة، تطل علينا كما عرفناك ليتدفق الدم في العروق وتعود الحياة في عروقنا، ويصدح الصوت عالياً وتذوب القيود وتختفي ربطات العنق، ويختفي الدجالون وتتفجر الأرض ينابيع عشق لها، نتجمع في ساحاتها وميادينها نتنشق هوائها المشبع ببرتقالها الذي طال حزنه، ومن بين الحشود تخرج أم سعد تمتشق عمود الخيمة مشعلاً وتمسح عن جباهنا تعب السنيين
هناك وعلى مرمى خيمة، تداعى الشهداء لاجتماع ذا وجع تحت عنوان جرده حساب، نادوا في الناس لسنا صوراً ولا حجراً يعلق على جدار، نحن العبق المعتق وإكسير الحياة، نحن زعترها والفكرة والأمل الذي يشع نوراً مع كل ميلاد، ومن بين الجموع خرج بطلته المعروفة وكما كان، تتطلعوا إلية وطال صمته ومشى.

أحزاب الفضائيات/ حسن سعد حسن

( كاتب وشاعر )

ظهرت فى الفترة الأخيرة أحزاب عديدة ،وكثيرة لا يعرف الكثير منا منها إلا القليل.
بعضها ولد قوياً لقاعدتة فى الشارع وممارساته السياسية فى أحلك الظروف سواداً فى تاريخ مصر تحملوا الويل ،والثبور وعظائم الأمور فى السنوات السابقة تضم شخصيات محترمة، وكوادر على أعلى مستوى.
ومنها حزب الحرية والعدالة الذى خرج من رحم الإخوان المسلمين وحزب النور القائم على قاعدة الجماعة السلفية فى مصر، والتى لها أيضاً قاعدة، وحضور قوى فى الشارع المصرى.
وأحزاب أخرى لها منا كل التقدير ،والاحترام ولكنها ذات حضور ضعيف أو لا حضور لها (زى قلتها )،ولكن من حقها أن تمارس السياسية ومرحباً بها.
ولكن الأمر ليس كثرة الأحزاب .(العدد فى الليمون )
لا نريد أحزاباً لا تخرج عن نطاق حدود مواقعها ،و قيادات حزبية لا تغا در مكاتبها دخلت عالم السياسة معتمدة على وجاهتها الا جتماعية، وتريد المزيد من الشهرة ( برستيج كا يقولون ).
ولكننا نريد أحزاباً تصل إلى المواطن البسيط .
نريد أحزاباً تعيش الحياة اليومية مع المواطن تعرف مشكلاته، ومطالبه واحتياجاته .
أحزاباً تضع حلولاً، وبرامج يمكن تنفيذها( مش كلام ،وخلاص )
نريد أحزاباً تفسح المجال للشباب كى يمارس الحياة الحزبية ،ويتعلم كيف تكون وتستمع له ولنقده لها.
نريد أحزاباً تعمل هى الأخرى بمبدأ الديمقراطية فلا نجد رئيساً لحزب يظل على مقعد رئاسة الحزب لسنوات طوا ل( كرسى تيفال ).
بل لابد من تجد يد دماء قيادات الأحزاب، ويكون للشباب دور فى قيادة الأحزاب.
والغريب أن الغالبية العظمى من تلك الأحزاب لم تحصد مقعداً واحداً فى المجلس الجديد رغم أنهم حصدوا مقاعد الفضائيات أناء الليل ،وأطراف النهار ( مجلس الفضائيات ) .
على تلك الأحزاب أن تراجع سياستها، وكواد رها وأن تعيد بناء نفسها من جديد .

هذا ما نريد ه فهل أحزابنا القديمة ،والجديدة قادرة على ذلك؟!
سننتظر ونرى.

نايضة في كازابلانكا/ علي مسعاد

كازابلانكا ، مدينة غير محظوظة بامتياز .
ليس لأنها ، لم تجد منتخبيها ، الذين يحملون هموم ساكنتها و قضاياهم ، إلى طاولة النقاش من أجل إيجاد حلول سريعة لها ، كالإسكان و الصحة و النقل و القضاء على النقاط السوداء في المدينة ، أو لأنها مازالت تنتظر انتهاء الأوراش الكبرى بها ، ك" الترامواي " و " المسرح الكبير " و غيرها من المشاريع الكبرى ، بل لأنها بلا جريدة ، فكل المنابر الإعلامية ، التي صدرت لحد الساعة ، توقفت في منتصف الطريق ، لأسباب و إن كانت مادية بالأساس ك" أخبار البيضاء " لمدير نشرها محمد مفتاح ، " كازابلانكا " لمدير نشرها عبد الرحيم تفنوت ، " البيضاوي " لمدير ناشرها عبد الرحيم أريري ، " كازا معقول " لمدير نشرها سعيد جلابي ، " أخبار الدار البيضاء الكبرى " لمدير نشرها علي الدايدي ، " كازا توداي " لمدير نشرها علي مسعاد .
إلا أنها ، لحدود كتابة هذه السطور ، لم يكن بجانبها الحظ لتجد الصحيفة ، التي تتكلم بلسان الشارع البيضاوي ، و إن كانت هناك محاولات ، في الصحف الوطنية ، التي تفرد صفحة أسبوعية ، لنشر قضايا المواطنين و معاناتهم ، مع الازدحام ، أزمة النقل ، الملك العمومي ، غياب النظافة ، السرقة و النشل و غيرها من الملفات الثقيلة .
إلا أنها ، على الرغم من ذلك فهي مدينة ، لم يحالفها الحظ ، بعد بإطلاق مواقع إلكتروني ، يملء الفراغ الإعلامي ، الذي تركته تلك المنابر الإعلامية ، التي لم تستمر في الصدور .
لأن مدينة ، بحجم مدينة الدار البيضاء ، تعيش على إيقاع ملفات وازنة ، كالنقل الذي أصبح يشكل هاجسا ، لساكنة الدار البيضاء ، خصوصا مع ساعات الذروة ، فأنت بإمكانك أن تسافر إلى باريس و الحافلة العمومية ، مازالت تجوب الطرقات من أجل إيصالك إلى حيث أنت .
كما أن الازدحام الذي تعرفه الطرقات و الحافلات العمومية ، يسبب إلى جانب التحرش الجنسي في انتشار السرقة و النشل ، الظواهر الاجتماعية ، التي تساهم في استفحالها غياب الإنارة و حتى وإن وجدت المصابيح فهي أشبه بالشموع .
فالتجول ليلا في بعض المناطق أصبح صعبا للغاية ، بسبب وجود عصابات تعترض المارة و سرقة ما بحوزتهم ، في واضحة النهار و أمام الملء .
فضلا عن العديد من الملفات السياسية ، الاقتصادية ، الرياضية ، التربوية و الثقافية و غيرها من الملفات الثقيلة ، التي تنتظر الحل ، من منتخبي المدينة كملف " إسكان دور الصفيح و إعادة هيكلة المدينة و استكمال المشاريع و المنجزات التي تنتظرها الساكنة ، للخروج من " الأزمة " التي تتخبط فيها كازابلانكا .
كازابلانكا مدينة بلا حظ ، لأن ساكنتها بحجم معاناتها ، مع غلاء فاتورة الماء و الكهرباء ، مع احتلال الملك العمومي ، مع الدور الآيلة للسقوط و رداءة خدمات المستشفيات العمومية و ارتفاع فاتورة المصحات الخاصة و إغلاق الشركات بالأحياء الصناعية ، تناسل الوقفات الاحتجاجية العشرينية ، في الأحياء الشعبية ، التي تطالب بمحاسبة الفاسدين و القضاء على الرشوة و الوساطة و الزبونية و القطع مع شعار " باك صاحبي باك ماشي صاحبي " و مع الشعارات الإنتخابوية قبل و أثناء و بعد الاستحقاقات الانتخابية ، مازالت تنتظر تفعيل الإدارة الإلكترونية ك" الرباط " و " فاس " .
فهل سيحالفها ، الحظ ، ما بعد الاستحقاقات الجماعية و البلدية المقلبة أم أن سوء الطالع سيكون حلفيها ، من جديد ؟ا

العصر الذهبي للإخوان المسلمين/ سري القدوة


بدا جماعة ( الإخوان ) المسلمين طريقهم نحو السلطة .. فمن شعارات الدين والمساجد الي قبة البرلمان والسياسة .. وفي بداية الطريق ومن أول المشوار قرر جماعة ( الإخوان ) المسلمين وحزبها السياسي في مصر وساروا في الإعلان رسميا بان ( الجماعة ) ستلتزم بمعاهدة 'كمب ديفيد'

وأعلن نائب المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمون في مصر خيرت الشاطر، التزام الجماعة وحزبها (الحرية والعدالة) الحائز على الأغلبية النيابية بمعاهدة السلام المصرية – الإسرائيلية.

وأضاف الشاطر :'لقد أعلنا بشكل واضح أننا كمصريين سنلتزم بما التزمت به الحكومة المصرية بغض النظر عن تحفظاتنا على أي شيء آخر وهناك التزام بكل الأمور المتعلقة بالاتفاقيات بشكل عام وليس مع إسرائيل فقط سواء اتفاقيات الغاز أو البترول أو أي أمر من الأمور فكلها مرتبطة بالمؤسسات وليس بأفراد'.

من هنا ومن خلال استرضاء الولايات المتحدة الأمريكية ينطلق ( الجماعة ) نحو الانفتاح السياسي وترجمة الرؤية السياسية بكل واقعية وبعيدا عن كل الشعارات التي رفعت خلال السنوات الماضية عندما كانت الجماعة خارج السلطة .

ان بريق السلطة له استحقاق وله مبررات المواقف وله سياسات مختلفة عندما تكون ( الجماعة ) خارج السلطة .. اما اليوم والجماعة داخل السلطة فحان وقت العمل ودقت ساعة الاستمرار في المسيرة نحو الزعامة والشهرة وبريق السلطة وكانت الشعارات مجرد وسيلة لمرحلة السلطة ..

بكل وضوح نقول اليوم هو العصر الذهبي لجماعة الإخوان المسلمين ولعل تجربة الدكتور محمد سعد توفيق مصطفي الكتاتني (3 أبريل 1952 -) والذي انتُخِبَ رسميًا في الجلسة الافتتاحية للمجلس يوم 23 يناير 2012 رئيسا لمجلس الشعب المصري (دورة 2012) تدفعنا الي التأكيد بأن الإخوان يدخلون للعالم بسرعة الصاروخ وباندفاع وقوة نحو عالم الانفتاح والتحرر من ارث الماضي وتخمة النرجسية واللغة العقيمة وما بدأ يبرز علي السطح هو لغة التحول التي لم يسبق لنا الاستماع لها مسبقا في الخطاب الرسمي للإخوان فهذه اللغة الجديدة وهذا الانفتاح المتجدد للجماعة يدفعنا نحو التعامل بآمال كبيرة واشراقة ليس لها حدود بعد ان شاهدنا وسمعنا اللغة الجديدة للإخوان بعد ان أثمرت الثورات العربية عن الدفع بالجماعة نحو السلطة ..

لقد باتت الحقيقة في هذا المجال واضحة تماما حيث تسعي حركة حماس الى تعديل مواقفها بعد ان تم اعتمادها رسميا كإطار للجماعة وممثل ( الإخوان ) في فلسطين بل شهدت حركة حماس سلسلة تحركات وجولات مكوكية لقيادتها في قطاع غزة وما تبقي منهم في سوريه وشملت التحركات زيارة كل من مصر وتونس والسودان وتركيا حيث شهدت الخرطوم سلسلة اجتماعات عاصفة لحركة حماس أسفرت عن نتائج هامة وفي مقدمتها عدم ترشيح مشعل لقيادة المكتب السياسي لحركة حماس والدفع به ليمثل جماعة ( الإخوان ) في المكتب العالمي وهذا الدفع شهد سياسة الاعتدال في خطاب حماس السياسي وأسلوب عملها وكرس خطاب جديد يلمس الجدية ويعكس روح التفاؤل علي الصعيد السياسي مما يعزز مكانة ( الإخوان ) عالميا ويكرس نهجهم الجديد في التعامل مع السلطة ويفتح الباب علي مصراعيه أمام الخطاب السياسي الجديد وأسلوب التعامل مع الخارجية الأمريكية والسي أي ايه في المنطقة وذلك حفاظا علي النهج الجديد والولادة الجديدة والمنطلقة كالصاروخ ..

ان بداية النهاية للجماعة قد بدأت وهنا يمكن القول ان العصر الذهبي للإخوان قد تم التأسيس له كأسلوب جديد للتعامل مع مختلف القضايا العربية والدولية المطروحة بعيدا عن أفكار الماضي وان انطلاقة ( الإخوان ) قد بدأت اليوم وان الماضي انتهي ولم يعد قائما ..

ان مدرسة حسن البنا قد انتهت وقد بدا عصر (محمد الكتاتني ) ليترجم رؤية جديدة للجماعة هدفها السعي للسلطة وتحمل المسؤولية في نطاق المجتمع الدولي ..

ان التحول السريع والتغير الملفت للانتباه تجاه خطاب ( الإخوان ) يعكس مفهوم الخطاب الجديد والذي تخلي فيه الجماعة عن أفكار المؤسس حسن البنا وفي اليوم الأول للجماعة في السلطة يكون قد انتهي عهد البنا ليبدأ العصر الذهبي للإخوان ..

رئيس تحرير جريدة الصباح الفلسطينية

عباس الظمآن يلهث وراء سراب نتنياهو والأمريكان/ د. مصطفى يوسف اللداوي

غريبٌ وعجيب ما يجري على الساحة الفلسطينية من أحداثٍ وتطوراتٍ ومستجدات، فهي أحداثٌ يحار لها المرء، ويعجب لها الفلسطينيون، ويعجز عن فهمها المراقبون والمتابعون، ويستغربها الأعداء والخصوم ومن لا يهمه أمرنا، ولا يعنيه شأننا، إذ لا إجابة شافية عنها، ولا تفسيرَ مقنع لها، ولا تبرير منطقي لحدوثها ووقوعها، وهي أحداثٌ كثيرة متلاحقة ومتعاقبة، تمس الكرامة، وتتعلق بالوطن، وتراهن على المستقبل.

الفلسطينيون ومن ناصرهم يتساءلون باستغرابٍ أحياناً وباستنكارٍ في أحيانٍ أخرى، ما الذي يجري على الساحة الفلسطينية، وما الذي يدفع السلطة الفلسطينية إلى إعادة التجربة من جديد مع الحكومة الإسرائيلية، ولماذا تقبل بالعودة للجلوس معها على طاولة المفاوضات المريرة، ولماذا تثق بها مرةً أخرى، وتصدق وعودها وتعهداتها، ولماذا تمني نفسها وشعبها بأماني كاذبة، ووعودٍ كالسراب، فتخدع نفسها وشعبها وأمتها العربية والإسلامية، وتتوقع أن تنال من عدوها ما عجزت عن تحقيقه على مدى عشرين سنة من الحوارات والمفاوضات المباشرة وغير المباشرة، والتنسيقات الأمنية والمدنية، وما عجز عن انتزاعه السابقون، والقادة الأولون، المجربون والمحنكون، المؤمنون بالسلام والمراهنون على مسار المفاوضات.

لماذا توهم السلطة الفلسطينية نفسها وشعبها بجدية مسار المفاوضات، وبجدوى خيار السلام، وأنه الخيار الوحيد القادر على الوصول إلى الغايات والأهداف، وأنه السبيل المؤدي إلى كسب تأييد دول العالم ونيل رضا عواصم القرار الدولي الكبرى، وأننا من خلاله نستطيع أن نرغم الاحتلال الإسرائيلي على الانسحاب من أرضنا، والتسليم بحقوقنا، والإقرار بحقنا في الوجود على أرضنا وفوق ثرى بلادنا، وأن تكون لنا فيه دولة ووطن وجيشٌ وعلم، وتكون لنا فيه السيادة والريادة والقرار الحر المستقل.

لماذا تضطر السلطة الفلسطينية إلى محاولة تبيض صورة الاحتلال الإسرائيلي، وتحسين سمعته وتزيين سيرته، وهو الذي بدا أمام العالم كله أنه مغتصبٌ قاتل، ومعتديٌ متغطرس ظالم، وأنه لا يبالي بحقوق، ولا يهتم بأعراف، ولا يعترف بقوانين، ولا يرعى ذمة عهود ولا يلتزم بمواثيق ومعاهدات، وأن ما يهمه هو المزيد من القتل من الاعتقال والطرد والتشريد، والمزيد من الاغتصاب والسرقة وتهجير السكان وبناء المزيد من المستوطنات على أرضهم، فقد أصبح همه الأكبر التخلص من أكبر عددٍ ممكن من السكان الفلسطينيين، ليخلو له المكان، وتصبح له دولة يهودية نقية، لا شوائب عربية فيها، ولا سكان أغراب عليها، ولا أحد ينازعهم على الأرض أو يهدد وجودهم فيها.

أليس غريباً أن نهمل ملفات المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأن نضع العقبات والعراقيل أمام تنفيذها والالتزام بشروطها، وأن نركن ملفاتها، ونهمل استحقاقاتها، وأن نتراجع عما التزمنا به أمام أنفسنا وشعبنا، في الوقت الذي استبشر شعبنا فيها خيراً، وهيأ نفسه ليعيش أفراحها ويحيي أعراسها، ويدفن أحزانه القديمة، ويرمم جراحاته الأليمة، ويودع أيام الشقاء والعذاب والانقسام والفراق، ويبدأ حياةً جديدة ملؤها الأمل والمستقبل الواعد، في ظل وحدةٍ وطنية صادقة، قادرة على حل المشاكل ومواجهة الصعاب والتحديات.

إنه أمرٌ في غاية الغرابة والاستهجان، يستهجنه الفلسطينيون ويرفضه العقلاء وأصحاب المنطق من الثوريين والسياسيين، ولا يقبل به صاحب قضية، وساعٍ إلى استعادة حقه، ومقاتلٌ في سبيل وطنه، ومناضلٌ من أجل كرامة شعبه، وحرية بلاده، أن تستجيب السلطة الفلسطينية لكل دعوات الحوار والمفاوضات مع العدو الإسرائيلي، الذي لا يتوقف عن استهداف المواطنين واعتقال الشركاء وأصحاب الشأن، وتجلس معه على طاولة المفاوضات في ظل رعايةٍ عربية أو دولية، أمريكية أو أوروبية، ممن لم نر منهم خيراً، ولم نسمع منهم سوى شروطٍ والتزامات، وتحذيراتٍ وتهديدات، وتوصياتٍ وتوجيهات، ممن لا يرون إلا بالعين الإسرائيلية، ولا يحكمون إلا وفق المعايير الإسرائيلية، ولا يعرفون الحق إلا إذا وافق هوى الإسرائيليين، وخدم مصالحهم، وحقق مآربهم، ولو كان على حساب الشعب وتاريخه وحقوقه ومقدساته.

ولتعلم السلطة الفلسطينية أننا لسنا ظمأى، ولسنا باحثين عن شربة ماء، أو كسرة خبز، أو بقايا وطن، إننا أصحاب قضية، وأصحاب وطن، لا نتوسل حقنا، ولا نسأل عدونا أن يتصدق علينا، أو أن يحسن إلينا، أو أن يتفضل علينا من خير ما أفاء الله به علينا من حقٍ وأرض، ولا تظن السلطة الفلسطينية أننا شعبٌ وأمة ضعافٌ ومساكين، لا حول لنا ولا قوة، نجري وراء السراب، ونصدق كل داعٍ ونلهث وراء كل واعد، ونبحث عمن يساعدنا، ونركض خلف من يعدنا، بل إننا بتنا أقدر على تقدير وضعنا، وتحديد هدفنا، ومعرفة عدونا، وسبر غور ومعرفة نوايا من يدعي نصرتنا ومن يروج لمساعدتنا، فلا الكيان الإسرائيلي سيمنحنا حقنا، ولا أمريكا ستضغط عليه وستجبره على القبول والإذعان لما يرضينا، ولن تتراجع الرباعية عن شروطها علينا، التي تفرضها لصالح عدونا، لتضمن وجوده، وتأمن على مستقبله، وستبقى تشترط مساعدتها لنا بمدى تنازلنا عن كرامتنا، وستربط معونتها لشعبنا بقدر تفريطه بحقوقه، وتراجعه عن مواقفه.

أيتها السلطة الفلسطينية التفتي إلى شعبك وأهلك، واصطفي مع خيارات أمتك المتطلعة إلى المجد والنصر واستعادة الحق، فهم عدتك وسلاحك، وهم جندك وعشيرتك، وهم خير من ينصحك وأكثر من يصدقك، واعلمي أننا أصبحنا على أعتاب القوة، وبتنا نقف على بوابات النصر، لا نخشى عدونا ولا نهاب بأسه وقوته، ولا نعبأ بعدده وعتيده وعتاده، ولدينا الإرادة الصادقة، والعزم الماضي، واليقين الذي لا يتزعزع، فغضي الطرف عن عدوك، وتجاوزيه بعزة، وأديري له الوجه بإباءٍ وشمم، ولا تصغي السمع لحلفائه ومناصريه، ولا تركني إلى وعودهم وعهودهم، ولا تصدقي كلامهم ولا تغريك تعبيرات وجوههم، فإنهم يعطونك كلاماً معسولاً، ويمنحون عدونا سماً زعافاً ليقتلنا، وسلاحاً فتاكاً ليدمرنا، وآلياتٍ جبارة تلتهم أرضنا، ينصرونه علينا، ويتحالفون معه علينا، فنحن نعيش زمناً آخر، وعصراً مختلفاً، نمتلك فيه إرادتنا، ونعرف فيه طريقنا، إننا اليوم أصبحنا أكثر قوة، وأكثر قرباً من وعد الله لنا بالنصر والتمكين، هذا ما نؤمن به وما بات يدركه عدونا، وينتظر وقوعه يقيناً اليوم أو غداً.

الإسلاميون‮ ‬العرب‮ ‬أمام تحديات‮ ‬الانتصارات‮ ‬التاريخية/ بطرس‮ ‬عنداري

ان‮ ‬مسؤوليات‮ ‬النصر‮ ‬اكثر‮ ‬صعوبة‮ ‬ومشقة‮ ‬من‮ ‬تبعات‮ ‬الهزيمة‮ ‬التي‮ ‬تقضي‮ ‬على‮ ‬صاحبها‮ ‬او‮ ‬تجبره‮ ‬على‮ ‬التغيير‮ ‬والتحفّز‮ ‬للخروج‮ ‬من‮ ‬هزيمته،‮ ‬بينما‮ ‬يجد‮ ‬المنتصر‮ ‬نفسه‮ ‬امام‮ ‬تحديات‮ ‬تتزايد‮ ‬وتتغير‮ ‬وتتراكم‮ ‬يوماً‮ ‬بعد‮ ‬يوم‮.‬
فقد‮ ‬سجل‮ ‬الاسلاميون‮ ‬العرب‮ ‬من‮ ‬معتدلين‮ ‬ومتشددين‮ ‬طوال‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬ربع‮ ‬قرن‮ ‬انتصارات‮ ‬مرموقة‮ ‬ومفاجئة‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬انتخابات‮ ‬حرّة‮ ‬او‮ ‬شبه‮ ‬حرّة‮ ‬كما‮ ‬شهدنا‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮ ‬والاردن‮ ‬قبل‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬عقدين‮ ‬وكما‮ ‬تشهد‮ ‬ساحات‮ ‬الربيع‮ ‬العربي‮ ‬حالياً‮ ‬حيث‮ ‬سجل‮ ‬الاسلاميون‮ ‬فوزاً‮ ‬مميزاً‮ ‬في‮ ‬تونس‮ ‬ومصر‮.‬
وكنا‮ ‬كتبنا‮ ‬قبل‮ ‬عدة‮ ‬اسابيع‮ ‬عن‮ ‬ضرورة‮ ‬اعطاء‮ ‬الاسلاميين‮ ‬فرصة‮ ‬لممارسة‮ ‬تجربتهم‮ ‬وليتعرّف‮ ‬الرأي‮ ‬العام‮ ‬على‮ ‬اساليبهم‮ ‬في‮ ‬الحكم‮ ‬بكونها‮ ‬تجربة‮ ‬جديدة‮. ‬ولم‮ ‬نعتبر‮ ‬انتصارات‮ ‬الاسلاميين‮ ‬مفاجأة‮ ‬او‮ ‬صدمة‮ ‬لان‮ ‬فقدان‮ ‬الحريات‮ ‬السياسية‮ ‬والفكرية‮ ‬في‮ ‬الاقطار‮ ‬العربية‮ ‬طوال‮ ‬عشرات‮ ‬السنين‮ ‬لم‮ ‬تترك‮ ‬للمواطن‮ ‬العادي‮ ‬سوى‮ ‬التردد‮ ‬على‮ ‬المساجد‮ ‬وتلقّي‮ ‬الدعوات‮ ‬الدينية‮ ‬من‮ ‬معتدلة‮ ‬او‮ ‬متشددة،‮ ‬حيث‮ ‬نمت‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الاجواء‮ ‬حركات‮ ‬سلفية‮ ‬وتكفيرية‮ ‬مختلفة‮ ‬في‮ ‬اكثر‮ ‬من‮ ‬ساحة‮ ‬وخاصة‮ ‬في‮ ‬مصر‮. ‬كما‮ ‬ان‮ ‬حركات‮ ‬اسلامية‮ ‬عدة‮ ‬وخاصة‮ »‬الاخوان‮ ‬المسلمون‮« ‬قامت‮ ‬بنشاطات‮ ‬انسانية‮ ‬وخيرية‮ ‬لاغاثة‮ ‬وإعالة‮ ‬الفقراء‮ ‬واستفادت‮ ‬من‮ ‬سخاء‮ ‬بعض‮ ‬الدول‮ ‬النفطية‮ ‬لدعم‮ ‬توجهاتها‮ ‬ومشاريعها‮ ‬السياسية‮.‬
والآن‮ ‬تسلّم‮ ‬الاسلاميون‮ ‬مجلسي‮ ‬النواب‮ ‬في‮ ‬تونس‮ ‬ومصر‮ ‬والبشائر‮ ‬عادية‮ ‬والجماهير‮ ‬في‮ ‬طول‮ ‬وعرض‮ ‬الوطن‮ ‬العربي‮ ‬تراقب‮ ‬وتترقب‮ ‬بحذر‮ ‬ما‮ ‬سيجري‮ ‬هناك‮. ‬لقد‮ ‬عبّرت‮ ‬صحف‮ ‬عالمية‮ ‬عديدة‮ ‬ومنها‮ ‬صحيفة‮ »‬سيدني‮ ‬مورنينغ‮ ‬هيرالد‮« ‬عن‮ ‬مخاوفها‮ ‬حول‮ ‬مصر‮ ‬حيث‮ ‬جاء‮ ‬في‮ ‬عنوان‮ ‬رئيسي‮ »‬الخوف‮ ‬على‮ ‬مصر‮ ‬بعد‮ ‬ان‮ ‬احتل‮ ‬النواب‮ ‬الاسلاميون‮ ‬مقاعدهم‮ ‬في‮ ‬مجلس‮ ‬الشعب‮«...‬
انه‮ ‬عنوان‮ ‬مثير‮ ‬وغير‮ ‬منطقي‮ ‬واستباقي‮ ‬لمجريات‮ ‬الوضع‮ ‬السياسي‮. ‬ان‮ ‬المسؤولية‮ ‬كبيرة،‮ ‬وعلى‮ ‬المنتصرين‮ ‬مجابهتها‮ ‬باساليب‮ ‬عصرية‮ ‬تمنع‮ ‬السلفيين‮ ‬من‮ ‬إعادة‮ ‬بلدانهم‮ ‬الى‮ ‬حقبات‮ ‬مظلمة‮ ‬فيما‮ ‬تتطلب‮ ‬التحديات‮ ‬المعاصرة‮ ‬مواكبة‮ ‬ثورات‮ ‬العلم‮ ‬والتكنولوجيا‮ ‬وزيادة‮ ‬الانتاج‮ ‬الزراعي‮ ‬والصناعي‮.‬
وقد‮ ‬سمعنا‮ ‬من‮ ‬وزيرة‮ ‬الخارجية‮ ‬الاميركية‮ ‬مؤخراً‮ ‬ان‮ ‬بلادها‮ ‬مطمئنة‮ ‬وقادرة‮ ‬على‮ ‬التعامل‮ ‬مع‮ ‬الاسلاميين‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬وغيرها‮ ‬بعدان‮ ‬حصلت‮ ‬على‮ ‬تطمين‮ ‬منهم‮ ‬يؤكد‮ ‬تمسكهم‮ ‬بمعاهدة‮ ‬الصلح‮ ‬مع‮ ‬اسرائيل‮. ‬لا‮ ‬شك‮ ‬ان‮ ‬المرونة‮ ‬ضرورية‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬المرحلة‮ ‬تجاه‮ ‬أعتى‮ ‬دولة‮ ‬متسلطة‮ ‬في‮ ‬العالم‮ ‬وكانت‮ ‬الداعمة‮ ‬الأقوى‮ ‬لنظام‮ ‬مبارك‮ ‬وسلفه‮.‬
ولكن‮ ‬من‮ ‬الضروري‮ ‬ان‮ ‬يعلم‮ ‬الاسلاميون،‮ ‬من‮ ‬معتدلين‮ ‬وسلفيين،‮ ‬ان‮ ‬الولايات‮ ‬المتحدة‮ ‬لا‮ ‬يهمّها‮ ‬اذا‮ ‬حكم‮ ‬الاسلاميون‮ ‬وربما‮ ‬تفضل‮ ‬حكم‮ ‬السلفيين‮ ‬ظناً‮ ‬منها‮ ‬انهم‮ ‬يعرقلون‮ ‬التغيير‮ ‬والتطور‮... ‬وعليهم‮ ‬ان‮ ‬يتذكروا‮ ‬ان‮ ‬بن‮ ‬لادن‮ ‬وتنظيمه‮ ‬و‮»‬قاعدته‮« ‬نشأوا‮ ‬وترعرعوا‮ ‬في‮ ‬احضان‮ ‬المخابرات‮ ‬المركزية‮ ‬الاميركية‮ ‬ورعايتها‮ ‬في‮ ‬أفغانستان‮ ‬عندما‮ ‬جنّد‮ ‬الاميركيون‮ ‬وسلّحوا‮ ‬عشرات‮ ‬الألوف‮ ‬من‮ ‬العرب‮ ‬لمحاربة‮ ‬الشيوعية‮ ‬في‮ ‬أفغانستان‮ ‬وتخلت‮ ‬عنهم‮ ‬عندما‮ ‬سقط‮ ‬ذلك‮ ‬الحكم‮.‬
لهذا‮ ‬لا‮ ‬نرى‮ ‬ضرورة‮ ‬لتقديم‮ ‬التنازلات‮ ‬ومحاولات‮ ‬الحصول‮ ‬على‮ ‬شهادات‮ ‬حسن‮ ‬السلوك‮ ‬من‮ ‬واشنطن،‮ ‬بل‮ ‬نرى‮ ‬من‮ ‬الضروري‮ ‬والملحّ‮ ‬ان‮ ‬يطمئن‮ ‬الاسلاميون‮ ‬شركاءهم‮ ‬في‮ ‬الوطن‮ ‬برفضهم‮ ‬التفرّد‮ ‬في‮ ‬الحكم‮ ‬وبإبعاد‮ ‬القوى‮ ‬الظلامية‮ ‬عن‮ ‬صفوفهم‮.‬
لقد‮ ‬مرّ‮ ‬الاخوان‮ ‬المسلمون‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬بتجارب‮ ‬مريرة‮ ‬وعانوا‮ ‬الملاحقات‮ ‬والاضطهاد‮ ‬منذ‮ ‬تأسيسهم‮ ‬قبل‮ ٤٨ ‬عاماً‮. ‬ومنذ‮ ‬ان‮ ‬تسلم‮ ‬المرحوم‮ ‬عمر‮ ‬التلمساني‮ ‬منصب‮ ‬المرشد‮ ‬العام‮ ‬قبل‮ ٠٤ ‬عاماً،‮ ‬حوّلهم‮ ‬الى‮ ‬فريق‮ ‬سياسي‮ ‬معتدل‮ ‬معارض‮ ‬للتطرف‮ ‬والارهاب‮ ‬والاساليب‮ ‬التكفيرية‮ ‬ومازالوا‮ ‬سائرين‮ ‬على‮ ‬هذا‮ ‬النهج‮ ‬كما‮ ‬يبدو‮ ‬حالياً‮.‬
انه‮ ‬التحدي‮ ‬الاكبر‮ ‬والاصعب‮. ‬انها‮ ‬تجربة‮ ‬جديدة‮ ‬وإن‮ ‬كان‮ ‬اصحابها‮ ‬وتنظيمهم‮ ‬قديمون‮ ‬في‮ ‬السياسة‮. ‬ربما‮ ‬تكون‮ ‬تجربة‮ ‬حزب‮ ‬الحرية‮ ‬والعدالة‮ ‬التركي‮ ‬دليلاً‮ ‬للاسلاميين‮ ‬العرب‮ ‬يساعدهم‮ ‬على‮ ‬التعاطي‮ ‬مع‮ ‬التوجهات‮ ‬القومية‮ ‬والعلمانية‮ ‬المتنامية‮ ‬في‮ ‬أوساط‮ ‬المثقفين‮ ‬والراسخة‮ ‬في‮ ‬ضمائر‮ ‬نسبة‮ ‬لا‮ ‬بأس‮ ‬بها‮ ‬من‮ ‬الشعوب‮ ‬في‮ ‬كل‮ ‬مكان‮.‬
فقبل‮ ‬ان‮ ‬ندقّ‮ ‬ناقوس‮ ‬الخطر‮ ‬وقبل‮ ‬ان‮ ‬نصدق‮ ‬ان‮ ‬الخطر‮ ‬يتهدد‮ ‬مصر،‮ ‬علينا‮ ‬الانتظار‮ ‬والترقب‮ ‬بعيداً‮ ‬عن‮ ‬التشاؤم‮. ‬اننا‮ ‬نرى‮ ‬في‮ ‬العراق‮ ‬ما‮ ‬هو‮ ‬أدهى‮ ‬وأسوأ‮ ‬حيث‮ ‬جرّت‮ ‬شرذمة‮ ‬من‮ ‬السياسيين‮ ‬ذلك‮ ‬البلد‮ ‬القوي‮ ‬الى‮ ‬أحضان‮ ‬المذهبية‮ ‬والعنصرية‮ ‬برعاية‮ ‬أميركية‮ - ‬إيرانية‮ ‬مشتركة‮. ‬ونرى‮ ‬الاوضاع‮ ‬في‮ ‬مصر‮ ‬وتونس‮ ‬أقل‮ ‬خطراً‮ ‬وسوءاً‮ ‬من‮ ‬العراق‮.‬
ونرى‮ ‬لزاماً‮ ‬علينا‮ ‬ان‮ ‬نذكر‮ ‬ان‮ ‬سجلات‮ ‬الحركات‮ ‬الاسلامية‮ ‬العربية،‮ ‬من‮ ‬معتدلة‮ ‬وسلفية،‮ ‬لم‮ ‬تكن‮ ‬في‮ ‬المستوى‮ ‬الجهادي‮ ‬المرجو‮ ‬فيما‮ ‬يتعلق‮ ‬بقضية‮ ‬فلسطين‮. ‬لقد‮ ‬تجاوز‮ ‬عدد‮ ‬العرب‮ ‬الذين‮ ‬تطوعوا‮ ‬للحرب‮ ‬في‮ ‬أفغانستان‮ ‬تحت‮ ‬الرعاية‮ ‬الاميركية‮ ‬المئة‮ ‬ألف،‮ ‬فيما‮ ‬لم‮ ‬نرَ‮ ‬أي‮ ‬متطوع‮ ‬حمل‮ ‬السلاح‮ ‬من‮ ‬أجل‮ ‬القدس،‮ ‬وربما‮ ‬تكون‮ ‬هناك‮ ‬قلّة‮ ‬محدودة‮ ‬لم‮ ‬نسمع‮ ‬بها‮. ‬طبعاً‮ ‬هذا‮ ‬التقييم‮ ‬لا‮ ‬يشمل‮ »‬حزب‮ ‬الله‮« ‬كما‮ ‬انه‮ ‬ليس‮ ‬للمزايدة‮ ‬وانما‮ ‬للتذكير‮ ‬فقط‮.‬

برلمان الندامة/ د. ماهر حبيب‏

مبروك عليكم برلمان الإخوان... النسخة المعدلة لبرلمان سيد قراره والى سنسمع فيه مقولة سرور بصوت الكتاتنى موافقة موافقة إللى بعده وهكذا سيتم إستبدال الحزن الوطنى بمحظورة الإخوان والف مليون طظ فى مصر وبصراحة صورة الدقون على المنصة زى ما نكون فى مغارة طورابورا وقد تم إختطاف المنصة على أيدى طالبان والقاعدة.

والجواب بيبان من عنوانه فأثناء القسم كل واحد بيحلف اليمين على مزاجه إللى يقول لك قبل القسم وبعده بما لا يخالف شرع الله وكأن الموضوع حا يمشى بس على مزاجهم فلو هو شايف إنه علشان يمشى شرع الله يتخابر مع دولة إسلامية تانية علشان يتأمر على مصلحة مصر من أجل إقامة الخلافة الإسلامية فهو على إستعداد لخيانة القسم ومصر من أجل ما يعتقد أنه الصحيح والتانى إللى بيقولك ولاؤه للثورة ومبادئ الثورة وأحنا لغاية دلوقتى شايفينهم مقطعين هدوم بعض وكل واحد بيقول لك أنا الثورة وفيه مليون إئتلاف ومحدش عارف مين الصالح ومين الطالح.

نيجى لإنتخاب الكتاتنى ب400 صوت من 500 يعنى مش فارق عن إنتخاب سرور بالإجماع مع ‘ن الإخوان حوالى 47 % وهو فاز بنسبة 80 % يعنى الإخوان والسلفين إيد واحدة وجوه البرلمان حا يمشوا إللى على مزاجهم فى وجود ال20% كمالة العدد علشان الصورة تطلع حلوة فمبروك عليكم أغلبية الدقون وتعالوا نتفرج على عينة القوانين إللى حا تطلع وكل المطلوب إن مكتب الإرشاد يطلع قانون ويتبعت فى إيميل أثناء الجلسة يقراه الكتاتنى ويطرحه للتصويت يروح الإخوان والسلفيين رافعين أيديهم موافقة القانون يعدى بنسبة 80% وسلم لى على سيد قراره

وأول تصريح لرئيس مجلس الشعب هو طلبه لمحاكمات ثورية وهى محاكمات لا تمشى تبع القوانين الإعتيادية بل حسب مزاج الثوار أيا كان فكر الثوار يعنى بالمفتشر على هوى الشارع ولا قانون ولا غيره يعنى ننصب منصة فى ميدان التحرير ونجيب إللى عاوزين نعدمهم ونحطهم فى الميدان ويطلع واحد على المنصة ويقول لهم الدين بيقول أيييييه يقولوا إعدام يروح قايل إعدام على بركة الله ويروحوا ساحلين المتهم فى الشارع ويقول لك طبقنا شرع الله والثورة

العينة بينه ودى أول القصيدة وإللى جرى على برلمان الندامة حا ينطبق على دستور مبنى على أحكام دينية مطلقة وستأتى النهاية الدامية والباكية بإختيار رئيس من نفس العينة وعزاءنا من الأن فى المرحومة الدولة المدنية وأهلا ومرحبا بشرطة الأمر عن المنكر والنهى عن المعروف والعصى الكهربائية لمن عصى وحسرة على إللى طلعوا وحا يطلعوا فى ميدان التحرير والحاجة الوحيدة المؤكدة التى سينجح زعماء التحرير هو الفوز بإلتهاب رئوى حاد وسقوط شعورهم من الخضة وساعتها حا نقول لهم إللى أخدته القرعة تاخده أم الشعور

"حزب خـُـدا" اللبناني يختار تايلاند لعمل إرهابي/ د. عبدالله المدني

أعلنت السلطات التايلاندية في 14 يناير الجاري أنها، وبناء على معلومات إستخباراتية وردتها من الإمريكيين، أوقفت عنصرا من عناصر حزب الله (خـُدا) اللبناني يدعى "عتريس حسين"، بينما كان على وشك مغادرة البلاد. وأضافت أنها الآن بصدد البحث عن شريك له في ما سمته بـ "مخطط معد لشن عمليات إرهابية على مواقع سياحية في بانكوك، وخصوصا تلك التي يرتادها السياح الإمريكيون والأوروبيون والإسرائيليون كشارعي "سوكومفيت" و"بادبونغ" الحيويين، وطريق "كاو سان".
بعد هذا الإعلان - الذي أشاع إرتياحا كبيرا لدى الكثيرين، لاسيما وأن الأنباء عن إستهداف تايلاند بعمل إرهابي كانت متداولة منذ 22 ديسمبر الفائت حينما تسربت أخبار عن وجود تعاون تايلاندي – إمريكي – إسرائيلي – أسترالي لتعقب مجموعة إرهابية منطلقة من دولة شرق أوسطية نحو جنوب شرق آسيا لتنفيذ هجمات إرهابية لصالح دولة غير عربية تعيش حالة نزاع مريرة مع واشنطون وتل أبيب – توالت المعلومات ليتضح أن المعتقل اللبناني جاء من بيروت ودخل البلاد بجواز سويدي، وإلتقى بشريكه المدعو "بياو تايو" في بانكوك وإستأجرا سكنا قريبا من طريق "كاو سان"، وإستخدماه للتدريب والتخطيط وتجنيد عناصر محلية لتنفيذ تفجيرات ضد مواقع إمريكية وإسرائلية أو ضد أماكن يرتادها الغربيون والإسرائيليون. ومن ضمن ما تسرب أن المخطط المزعوم كان بدافع الإنتقام من الولايات المتحدة وحليفتها العبرية بسبب تهديداتهما ومواقفهما المتشددة من الدولة الشرق أوسطية غير العربية.
وهكذا أثبت حزب الله اللبناني مجددا أنه حركة إرهابية تلبس لبوس المقاومة، ومستعدة للقيام بأي عمل بمجرد صدور أوامر لها من مرجعيتها الدينية الأجنبية حينما يكون بلد تلك المرجعية في مأزق مع المجتمع الدولي.
أما لماذا إختار الحزب أن يغتال وردة البلاد الآسيوية ويزعزع أمنها وإقتصادها وقطاعها السياحي، بعدما فعل الشيء ذاته بحق وردة البلاد العربية، فلأسباب كثيرة:
الأول/ أن تايلاند بلاد سياحية مفتوحة، وبالتالي فإن الدخول إلى أراضيها ليس صعبا كما في حالة الدول الأخرى، وخصوصا لمن يحملون جنسيات أوروبية. وهنا يجدر بنا أن نتذكر أن أحد أكبر الإرهابيين المطلوبين إمريكيا وهو "رضوان عصام الدين" المعروف بإسم "الحنبلي" كان قد فر من باكستان ودخل تايلاند بسهولة بواسطة جواز سفر اوروبي مزور، قبل أن تقبض عليه الشرطة التايلاندية في 2003 في منتجع سياحي وتسلمه مخفورا للسلطات الإمريكية، حيث يقبع الآن في معتقل "غوانتنامو".
والثاني/ أن تايلاند،عوضا عن كونها وجهة سياحية مفضلة لدى الإمريكيين والأوروبيين، فإنها صارت في السنوات الأخيرة مقصدا للسياح ورجال الأعمال الإسرائيليين بدليل إقامة نحو 300 رجل أعمال إسرائيلي إقامة دائمة في بانكوك، وإحتضان الأخيرة لنحو 30 شركة إسرائيلية للإستيراد والتصدير والتعامل في المجوهرات والأحجار الكريمة، ناهيك عن إنتشار الكثير من الأماكن المتخصصة في تقديم الأطعمة اليهودية.
والثالث/ أن لحزب الله خبرة ذاتية في تايلاند لجهة تخطيط وتنفيذ عمليات الإغتيال والتمويه وتهريب العناصر (فهو مثلا متهم بالوقوف وراء عملية إغتيال عدد من الدبلوماسيين السعوديين في بانكوك في ثمانينات القرن الماضي). أو لها خبرة مكتسبة من جماعات إرهابية مماثلة مثل "جماعة أيلول الأسود الفلسطينية" التي كانت أول جماعة تنفذ هجوما على الأرض التايلاندية، وذلك في 1972 حينما نجحت مجموعة مسلحة من عناصرها في إقتحام السفارة الإسرائيلية ببانكوك، وإحتجاز عدد كبير من الرهائن، وقتل بعضهم، قبل فرارهم إلى مصر.
والرابع/ أنه من السهل على الحزب في تايلاند تجنيد عناصر محلية للقيام بتنفيذ الأعمال القذرة بعد عملية غسيل متقنة للدماغ. ولعل ما يساعده هو التسامح الديني السائد في هذه البلاد والذي من أهم تجلياته سماح بانكوك في السنوات الأخيرة بتأسيس المآتم والحسينيات كوسيلة لجذب وإرضاء عشرات الآلاف من السياح الإيرانيين. ويـُقال أن حزب الله ينشر كوادره في دور العبادة هذه، من أجل إستدراج التايلانديين اليافعين، وخاصة الفقراء، إلى مدرسة دينية يديرها الإيراني "حسين علي بور" في بانكوك تحت إسم "المدرسة العالمية للدراسات الدينية".
والخامس/ أن تايلاند تعتبر من أبرز حلفاء واشنطون في جنوب شرق آسيا ضد الإرهاب، ولاسيما منذ عام 2003 حينما أرسلت قواتها لدعم العمل العسكري الإمريكي في العراق. وبهذا فإن الإضرار بتايلاند هو إضرار غير مباشر بالولايات المتحدة بمنطوق حزب الله وأتباعه.
إن الأدلة والبراهين على أن حزب "خـُدا" اللبناني يمتهن الإرهاب منذ ظهوره على الساحة في 1982 أكثر من أن تحصى، إذا ما أخذنا في الإعتبار أن الحزب تمدد في أرجاء العالم كالنبت الشيطاني، بفضل ما أغدق عليه من أموال، وما وضع تحت تصرفه من إمكانيات من قبل دولة المرجعية إياها. لكننا سنكتفي فيما يلي بإستعراض بعض من أنشطته الإرهابية، علما بأن القائمة لا تشتمل على دوره في التحريض والتلقين والتدريب لجماعات غير لبنانية من أجل إشعال الحرائق والفتن في أوطانها تحت شعارات عبثية ومقولات خرافية:
ففي 1983 قام بإختطاف رئيس جامعة بيروت الإمريكية، وشن هجوما دمويا على ثكنات القوات الإمريكية والفرنسية العاملة ضمن قوات حفظ السلام بالقرب من مطار بيروت، وأتبعها بهجوم إنتحاري على مبنى السفارة الإمريكية في بيروت.
وفي العام التالي فجـّر مبان ملحقة بتلك السفارة، وهاجمت عناصره مطعما يرتاده الجنود الإمريكيون في أسبانيا، فضلا عن ضلوعه في إختطاف طائرة الخطوط الجوية العالمية الإمريكية في مطار بيروت، ولاحقا ضلوعه في إختطاف طائرة الجابرية الكويتية.
وفي 1985 تم القبض على أحد نشطائه في سويسرا بتهمة حيازة اسلحة ومخططات لتجنيد طلبة لبنانيين للقيام بهجمات ضد السفارة الإمريكية في روما،، فضلا عن ضلوع كوادره في المحاولة الفاشلة لإغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الصباح، وقيامه بإختطاف أربع دبلوماسيين سوفييت معتمدين لدى لبنان.
وفي 1986 كشقت التحقيقات عن وقوفه خلف إختطاف وقتل عدد من المواطنين اللبنانيين اليهود، كما إعتقلت الشرطة القبرصية لعدد من عناصره في لارنكا وبحوزتهم أسلحة ومتفجرات.
وفي 1987 كشفت الشرطة الفرنسية النقاب عن أدلة تدين الحزب حول مسئوليته عن 13 عملية إرهابية وقعت فوق الأرض الفرنسية.
وفي 1988 قامت ميليشياته بإختطاف وقتل كولونيل إمريكي من العاملين ضمن قوات المراقبة الدولية، كما إتهمته السلطات الإسبانية بتهريب السلاح عبر قبرص لتنفيذ أعمال إرهابية في مدينة أشبيليا.
وفي 1989 أعلنت الشرطة الألمانية عن قبضها على طالب لبناني يدعى "بسام غريب مكي" مكلف من قبل الحزب بتنفيذ اعمال إرهابية مع آخرين ضد أهداف بريطانية وفرنسية وعراقية وكويتية وسعودية في ألمانيا.
وفي 1992 أسندت إليه أجهزة الإستخبارات الإيرانية مهمة تفجير مقهى في برلين للتخلص من عدد من قادة المعارضة الكردية الإيرانية.
وفي 1994 قام بالتعاون مع الأجهزة الإيرانية المذكورة بتفجير معبد ومركز ثقافي يهودي في العاصمة الأرجنتينية.
وفي العام التالي قامت عناصره بتشكيل شبكة مكونة من لبنانيين و خمسة سنغافوريين مسلمين لمهاجمة سفن أمريكية وإسرائيلية أثناء مرورها أو توقفها في مضيق سنغافورة.
وفي 1996 قام الحزب بعملية التفجير الشهيرة لبرج سكني في مدينة الخبر السعودية فقتل وجرح المئات.
وفي 1999، أعلنت مانيلا أنها إوقفت مجموعة تابعة لحزب الله قبيل مغادرتها البلاد، وأنه تبين من إعترافات أفرادها أنهم جاؤوا من أجل تجنيد فلبينيين وإندونيسيين مسلمين لتنفيذ هجمات ضد المصالح الغربية.

د. عبدالله المدني
*باحث ومحاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية من البحرين
تاريخ المادة: يناير 2012
البريد الإكتروني:elmadani@batelco.com.bh

إفرازات... و صناديق اقتراع/ عبد العالي غالي

أراني مجبر أن أتذكر وأذكر بالشعار الذي رفعه الشارع الفرنسي عندما خرج في مظاهرات شبابية منددة بصعود "جون ماري لوبن" زعيم اليمين العنصري المتطرف في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية الفرنسية والكل يردد دون خجل "نشعر بالعار ... نشعر بالاهانة". مظاهرات وان صححت المسار بعض الشيء حيث أعطت "جاك شيراك" نسبة أصوات ما قط حلم بها رئيس فرنسي قبله ولا بعده، فان أجمل ما فيها أنها أثبتت أن أبناء من رووا ارض فرنسا بالدماء لن يرضخوا ولن يسمحوا بتمرير حماقات ولو اضطروا للتمرد على صناديق الاقتراع.

شعور بالاهانة سببه فرط نزاهة كادت أن تعبد للتطرف مسلكا يتسلل من خلاله خفية إلى مراكز القرار لولا بقية من نباهة... ظاهرة استحقت أن توضع على المشرحة لتبيان مكامن الخلل وتشخيص ما أجمع العاقلون على انه داء و أيما داء... وكذلك كان إذ خلص المشخصون والمشرحون أن التصويت لليمين المتطرف جاء عقابا للطبقة السياسية التي خيبت آمال الناخب وما حققت ولو بعضا من طموحاته. وأضافوا إلى ذلك ارتفاع نسبة الممتنعين أو المقاطعين للعملية الانتخابية من أساسها.

واراني مجبر أن اردد ولو فريدا أو منفردا نفس الشعار ذاك إذ أرى ازدحاما ديمقراطيا على رقعة هذا الوطن العربي يُعطي نتائج تُشعر بالاهانة والعار كل من لم يتلوث عقله بمبيدات العقل التي تنفثها فظاعيات البترودولار صباح مساء... فتحليل إفرازات صناديق اقتراعنا في ابسط مختبر للتحليلات الديمقراطية حتما سيثبت أننا نعاني من مرض ديمقراطي عصيب. إذ لا يعقل لجسم سليم أن يفرز هكذا نتانة... والمجحف حقا هو أن نستقبل النتانة بكل هذه البهرجة رقصا ودبكة وإنشادا. احتفالات قد تصلح لملء قليل من الفراغ الذي عم فينا وغاصت فيه ذواتنا حتى ما عدنا نفرق بين احدنا والفراغ في هذا الزمن العربي المشبوه.

ولأننا متيقنون أن اللئام لن تعطي شيئا يفتخر به، نقول لإفرازات صناديقنا: ستعون بعد هنيهة -إن افترضنا فيكم حسن نية- أن الظلم بنية ذات شروط مادية وموضوعية لا يزول إلا بانمحاء معطياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية عبر استئصال أورامه الخبيثة المنتشرة في كامل أجهزة جسدنا الذي مل الأنين. وان تلطيف بنيته بالطيبوبة والنيات الحسنة لن يزيد الظلم إلا مناعة وفرصة استمرار... فهلاميته تعطيه صفة التخفي والتمظهر بمختلف الأشكال وفي مختلف الأزمان والأمكنة... وحتما سيأتي اليوم الذي سنعيد فيه، في أحسن الأحوال، الحديث عن صراخ "عمر بن عبد العزيز" في صحاري الخنوع بعد أن نكون قد فهمنا أن بنية الظلم تملك ملكات فائقة اللؤم. آنذاك سنخجل حتى من موتانا الذين سيذهلون حتما لما يجدوننا مازلنا نلوك نفس المعاناة وبذات الكلام. يومها سنكتشف أننا جعلنا من إفرازات صناديق اقتراعنا سمادا حيويا لتخصيب تربة تناسل فيها مجرمونا كالفطر فتضخموا وتشابكت عروقهم وما استطعنا لاقتلاعهم سبيلا.

لكم أن تصرحوا وتبشروا، وللشعب أن يصفق ويزغرد... ولنا أن نستمع لحكاياتكم التي تتأرجح بين الطرافة والقرف... وللمُعنعِنين والمعنعنات أن يعطونا براءة ذمة إذ رفعنا شعار الإحساس بالاهانة والعار في زمن أرادوا لنا فيه أن نختار من بين الكوارث أهونها كي يبقونا متأرجحين بين الكوارث.

المغرب

ضرورة ضرب إيران اليوم قبل يوم غد/ الياس بجاني

في تقرير نشره موقع دبكة الإسرائيلي المخابراتي في 19/01/2012 أفيد أن الخلاف بين إدارة الرئيس اوباما والحكومة الإسرائيلية حول طريقة لجم إيران نووياً لا يزال على أشده وأن زيارة المسؤول العسكري الأميركي البارز الجنرال مارتن دمبسي (رئيس هيئة الأركان المشتركة) لإسرائيل لم تحدث أي تبدل في قرار نتنياهو القاضي القاضي بعدم إبلاغ الولايات المتحدة مسبقاً في حال قررت حكومته ضرب إيران للقضاء على مفاعلاتها النووية.

وأفاد التقرير بأن المحادثة التلفونية الساخنة التي جرت في الثالث عشر من الشهر الحالي بين اوباما ونتنياهو لم تكن ودية ولم يتم التوصل خلالها إلى اتفاق محدد فيما يتعلق بالمواجهة العسكرية مع إيران مما دفع بإسرائيل إلى إلغاء أكبر مناورة عسكرية أميركية إسرائيلية مشتركة بين البلدين كان من المفترض أن تحاكي خطط الهجوم على إيران.

وأوضح التقرير بأن كلام وزير الدفاع الإسرائيلي براك الملطف والمهدئ لمخاوف اوباما في أن إسرائيل لم تقرر بعد ضرب إيران وأن هذا الأمر بعيد الحدوث لن يبدل أي شيء في الواقع المعاش، فيما شدد نتنياهو على وزير دفاعه عدم إعطاء أي التزامات للزائر الأميركي حول هذا الأمر. وفي سياق هذا الخلاف الظاهر حول طريق لجم إيران جاء تحذير نتنياهو يوم أمس من خطورة إيران النووية على العالم بأجمعه وقوله أنه يتوجب على العالم التحرك قبل فوات الأوان.

مما يشار إليه أن أوباما يحاول تفادي أية مفاجئة تنتج عن تفرد إسرائيل في مهاجمة المفاعلات النووية الإيرانية حيث يجد نفسه مجبراً على المشاركة عسكرياً في حين أنه يواجه داخل أميركا ضغوطاً كبيرة بسبب تراخيه الفاضح حيال مساعي ملالي إيران لامتلاك سلاح نووي. في هذا السياق جاء تصريح وزير الدفاع الأميركي القائل إن العقوبات على إيران مجدية وتعطي نتائجها.

من جانبنا نرى أن إيران النووية وكما قال رئيس وزراء كندا ستيفن هاربر في بداية هذا الشهر هي أكبر خطر جدي يهدد السلم والأمن في كل إرجاء العالم وبالتالي نؤيد كل الجهود التي تسير في اتجاه لجم إيران عسكرياً وبسرعة قبل فوات الأوان كون قادة إيران منسلخون عن الواقع ويعيشون أوهام السيطرة على العالم لإقامة دولة ولاية الفقيه وهم عملياً حماة الإرهاب والأصولية والتعصب في كل دول الشرق الأوسط تحديداً والعالم عموماً.

ونلفت إلى جدية الخطر الإيراني الدهم والمتنامي الذي يمثله حزب الله في لبنان والذي هو بالواقع ذراع ملالي إيران العسكرية في منطقة الشرق الأوسط بكاملها. كما يجب تنبيه العالم كله إلى أن هذا الحزب المعسكر والمذهبي والإرهابي بامتياز يسيطر اليوم بالقوة والبلطجة على حكم لبنان وحكامه ويهيمن على كل مؤسساته وتحديداً العسكرية والأمنية منها وقد حول وطن الأرز إلى قاعدة عسكرية إيرانية وأخذ الشعب اللبناني رهينة.

من خلال حزب الله، الذي هو جيش إيران في لبنان، تثير إيران الملالي القلائل والنعرات والثورات والاضطرابات والفوضى المذهبية في كل الدول العربية دون استثناء بدءاً من السعودية واليمن ومصر ودول الخليج العربي وانتهاءً بسوريا حيث تقوم فرق عسكرية مشتركة من أفراد حزب الله والحرس الثوري الإيراني بدعم نظام الأسد المجرم عسكرياً وتشارك بفاعلية مؤثرة وكبيرة في مواجهة المتظاهرين السوريين وقتلهم إضافة إلى عمليات إرهابية منظمة تطاول ضباط وعسكر الجيش السوري حيث يتم يومياً اغتيال العشرات منهم لمنع تمدد عمليات الانشقاق والانضمام للجيش السوري الحر الذي يسعى لإسقاط نظام الأسد بالقوة.

ما يجب أن يعرفه الغرب بكل دوله هو أن ملالي إيران تماماً كهتلر وموساليني لا يفهمون إلا لغة واحدة هي لغة القوة، أما العقوبات والبيانات الكلامية والتهديدات الورقية فهي لا تعنيهم ولن تدفعهم أو تجبرهم بأي حال من الأحوال على وقف مساعيهم الحثيثة والمستمرة لامتلاك سلاح نووي.

مما لا شك فيه أنه في حال امتلكت إيران السلاح النووي فهي لن تتردد ولو للحظة واحدة في استعماله ضد الدول العربية وإسرائيل وأوروبا وحتى أميركا في حال توفرت لدى ملاليها قدرات عسكرية أي صواريخ بعيدة المدى تمكنهم من تحقيق هذا الأمر.

في الخلاصة إن المواجهة العسكرية مع حكام إيران حتمية وهي حاصلة لا محالة وبالتالي كلما أسرع الغرب ومعه الدول العربية الخليجية وإسرائيل في اخذ المبادرة بضرب قدرات إيران النووية والعسكرية والقضاء عليها كلياً، كلما كانت الخسائر أقل، في حين أن كل يوم يمر يجعل المواجهة أكثر كلفة وأكثر صعوبة، ومن الضروري عدم تكرار دول الغرب لتجربتهم الفاشلة مع هتلر والنازية التي كلفتهم ملايين الضحايا في حين لو كان ضُرب هتلر قبل تمدده في أوروبا وفي الوقت المناسب لما كانت وقعت الحرب العالمية الثانية.

يبقى أن المطلوب من دول مجلس التعاون الخليجي الاضطلاع بدور كبير وفاعل وقيادي وعلني في كل مسعى يهدف إلى ضرب قدرات إيران النووية عسكرياً لأن هذه الدول ستكون الهدف الأول والحتمي لملالي إيران وحرسها الثوري في حال امتلك هؤلاء المهووسين قدرات نووية عسكرية.

جمعة معتقلي الثورة/ محمد فاروق الإمام

لقد بلغ عدد المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة في سورية، بحسب الإحصائيات الرسمية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان الدولية والعربية والسورية المستقلة، ما يزيد على تسعين ألف معتقل خلال عشرة شهور مضت من انطلاقة الثورة، فُقد فيها الآلاف من المعتقلين، وودّع المئات منهم الحياة على يد جلادي هذه المعتقلات، وسُلموا إلى أهليهم وقد شوهت أجسادهم وغيرت معالم وجوههم، ومن هنا استحق معتقلو الثورة النداء الذي أطلقه الشعب السوري الثائر مطالباً بالحرية لهؤلاء المعتقلين مسمياً جمعة الأمس 20 كانون الثاني بجمعة (معتقلي الثورة)، وإذا ما علمنا أن البروتوكول العربي الذي وقعه النظام السوري مع الجامعة العربية ينص بنده الأول على إطلاق سراح جميع المعتقلين فوراً وهذا لم يتحقق، فلم يطلق النظام إلا بضعة آلاف وعلى دفعات متباعدة، فما يزال هناك عشرات الألوف قابعين في سجون ومعتقلات تفتقد إلى الحد الأدنى من صلاحيتها كزرائب للحيوانات.
تاريخ النظام السوري الذي كان يتراجع على الدوام في كل مناحي الحياة التي تخص الوطن والمواطن منذ استيلائه على السلطة فجر الثامن من آذار 1963، كان يخطو في مقابل هذا التراجع خطوات سريعة ومتقدمة في مجال قهر الإنسان السوري وإذلاله، فقد أقام العشرات من السجون والمعتقلات والأقبية والزنازين حتى يتمكن من احتواء عشرات الألوف من المعتقلين والسجناء على خلفية آرائهم وانتماءاتهم الفكرية والثقافية والدينية والمذهبية والعرقية.
لقد قام عندنا في سورية أدب سماه المثقفون (أدب السجون) يروي فصول المأساة التي يتعرض لها المواطن السوري الذي يسوقه حظه العاثر إلى سجون أو معتقلات هذا النظام، فقد روى السجين خالد الفاضل تجربته في سجن تدمر في كتاب أسماه (القاع.. سنتان في سجن تدمر الصحراوي).
وروى الدكتور عبد الله الناجي تجربته المأساوية في سجن تدمر في كتاب (حمامات الدم في سجن تدمر).
وأصدر الأردني محمد سليم حماد كتاب (تدمر شاهد ومشهود) يحكي فيه تجربته في هذا السجن خلال فترة اعتقاله لمدة اثنتي عشرة سنة وكان يدرس في جامعة دمشق.
وحتى النساء كان لهن نصيب في الاعتقال، فهذه الطالبة في كلية الشريعة بدمشق هبة الدباغ تروي في كتابها (خمس دقائق فقط) المأساة التي تعرضت لها أثناء اعتقالها لخمس دقائق فقط كما قيل لها، فبقيت تسع سنوات خلف القضبان في سجن المزة العسكري بدمشق.
ويروي الكاتب السوري المعروف ياسين الحاج صالح، الذي أمضى نحو عقد ونصف العقد في سجون هذا النظام لأسباب سياسيَّة، تجربته خلف القضبان في كتابه (مرارة الاعتقال في سورية).
وهذا الشاعر السوري فرج بيرقدار يحكي تغريبته في سجون المخابرات السورية في كتابه (خيانات اللغة والصمت)‏,‏ ويحكي فصول التجربة التي عاشها وخرج منها بعد14 عاما.
ويحكي مصطفى خليفة – وهذا ليس اسمه الحقيقي فهو مسيحي كاثوليكي – في كتابه (القوقعة) عن يومياته في سجن تدمر الصحراوي الذي كان يحتوي – كما يروي - على أعلى نسبة لحملة الشهادات الجامعية في هذا البلد.
وهذا الشاعر السوري سليم زنجير يحكي في كتابه (ما لا ترونه) العجب العجاب عما تعرض له في سجون هذا النظام.
وفي كتاب (الطريق إلى تدمر.. كهف في الصحراء الداخل مفقود، والخارج مولود) يحكي المهندس الأردني سليمان أبو الخير، الذي اعتقل عند مروره بدمشق آتياً من ألمانيا التي كان يدرس فيها، تجربة خمس سنوات من الألم في هذا السجن الرهيب.
قد لا يُصدق الإنسان بعض القصص التي يسمعها أحياناً من أشخاص غيبوا داخل سجون النظام السوري، خاصة وأن الناس يعتقدون أن إسرائيل ومؤسساتها الإرهابية تتعامل مع الشعب الفلسطيني بأعلى درجة من اللاإنسانية والتعذيب والإهانة، لكن بعد أن ترى بعينك وتسمع بأذنك فإنك ستغير نظرتك إلى الأمور، وتُصبح تبحث عن القصة تلو القصة، فهذه بعضها يرويها من عاشوا في سجون النظام السوري، فسجونهم كما يروي هؤلاء عبارة عن قبور تحت الأرض، أمضوا فيها أيام وأسابيع بدون ماء أو أكل، طرق تعذيب لا يمكن أن يتصورها عقل إنسان أو يستوعبها. ففي هذه السجون لا يستطيع الصليب الأحمر أو أية جمعية لحقوق الإنسان مشاهدتك أو زيارتك، ولا يستطيع أحد من ذويك أو معارفك السؤال عنك أو يعرف ما هي التهمة المنسوبة إليك أو إلى أين وصلت الأمور معك.
ويؤسفني أن أقول – بحسب روايات من اعتقلوا من الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية – أن في إسرائيل يستطيع الصليب الأحمر أن يصل للمعلومات عنك خلال أقل من أسبوع، ويستطيع المحامي أن يُتابع قضيتك فور انتهاء التحقيق معك، وهذا بالتأكيد ما يجعلك تضع التساؤلات؟ هل الإسرائيليين أكثر رحمه من شبيحة هذا النظام وسجانيه ورجال أمنه؟!
هناك شهادات حية وموثقة عن السجون السورية، مارس هذا النظام فيها أبشع أساليب التحقيق مع المعتقلين بغض النظر عن جنسياتهم أو انتماءاتهم، فقد ضمت هذه السجون بالإضافة إلى السوريين عرباً وأجانب مورست بحقهم صنوف التعذيب الوحشي، ولم تشفع لهم جنسياتهم التي كانوا ينتمون إليها.
فما بالكم بالسوريين الذين يقضون عشرات السنين مغيبين وراء قضبان هذه السجون، وما بالكم بمعتقلين يُريد النظام أن يُلفق لهم التهم أو أن ينتزع منهم اعترافات وهمية، قد تكون على خلفية مشاركتهم في الثورة أو التظاهر، أو لكونهم قالوا كلمة لا للظلم والاضطهاد أو حتى خطو على الجدران عبارة (يسقط النظام) وكل العالم شاهد مصير أطفال درعا الذين عذب بعضهم حتى الموت، واقتلع أظافر البعض وشوهت وجوههم لأنهم خطو مثل هذه العبارة على جدار مدرستهم.
هذه الشهادات الحية لبعض نزلاء السجون والمعتقلات في سجون النظام من غير السوريين، تجعلنا نفكر ألف مرة بأبنائنا المعتقلين وبمصيرهم المجهول، ونتساءل هل هم في عالم الأحياء أم في عالم المفقودين أم في عالم الأموات؟! وأن من حقهم علينا أن نرفع الصوت عالياً للمطالبة بإطلاق سراحهم، وأن نسعى جاهدين لدى المنظمات المدنية والإنسانية العربية والأجنبية وفي كل المحافل الدولية للضغط على هذا النظام المستبد الباغي للإفراج عنهم.

اعتقال دويك استهدافٌ للمصالحة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

ليس من قبيل الصدفة أن تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي باعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني الدكتور عزيز دويك كلما اقترب الفلسطينيون من تحقيق المصالحة الوطنية الفلسطينية، وأصبحوا على أعتابها، واستعدوا للانتقال إلى المرحلة التالية من التشريع الوطني لتثبيت المصالحة، وتحقيق المشاركة، والـتأكيد على المسؤولية الجماعية، والإرادة الوطنية، فما إن يوشك الفلسطينيون على المباشرة في تنفيذ وتثبيت اشتراطات المصالحة، حتى تقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلي باصطياد الدكتور دويك من على الحواجز الإسرائيلية، إذ هي تتربص به وتتابعه، وتلاحقه من مكانٍ إلى آخر، وتعرف تحركاته وتراقب أعماله وتتابع تنقلاته، وهي تدرك أنه أكثر من يعمل صدقاً لتثبيت المصالحة الفلسطينية، وأكثر من يعمل على تقريب وجهات الرأي بين الأطراف الفلسطينية، فهو رجلٌ مسكونٌ بالوحدة، ومهمومٌ بالاتفاق، يعمل من أجلها، ويضحي في سبيلها، يقلق على مصالح شعبه، ويحزن لما يصيب أهله، ويضطرب إذا افترق الفرقاء، وتباعد الشركاء، ونزغ بينهم الشيطان فأضعفهم وفرقهم، ونزع من قلوبهم حبهم لبعضهم وحرصهم على سلامة وطنهم ومصالح شعبهم.

يدرك دويك أنه وكل أبناء الشعب الفلسطيني ملاحقٌ ومتابع، وأن المخابرات تتعقبه، والعيون تلاحقه، وأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تتربص به وبغيره من الفلسطينيين، وأنها تتمنى هلاكه وإياهم، فتلاحقهم لتعتقلهم وتتربص بهم لتقتلهم، وتضيق عليهم لييأسوا، وتحاربهم ليتخلوا عن أهدافهم ويتنازلوا عن غاياتهم، ويقبلوا بما يلقى إليهم من فتات، وما يفرض عليهم من حلول، فهي تخشى من وحدة الفلسطينيين واتفاقهم، وتدرك أنهم إن اتفقوا فسيكونون قوةً عظيمة، وإرادةً كبيرة، وعزماً لا يلين، وطموحاً لا ليس له حدود، وسيكون لوحدتهم أثرٌ كبير في تحسين صورة الفلسطينيين، وتصويب أدائهم، وتوجيه قيادتهم، والنهوض بمصالح بلادهم وضمان مستقبل وطنهم، كما ستفضح الوحدة الفلسطينية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، وستكشف مؤامراتهم، وستميط اللثام عن جرائمهم ومساعيهم لتعميق الفرقة والاختلاف بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد، ولن تدعه يستفرد بالفلسطينيين وأرضهم، والعبث بمقدساتهم وحقوقهم، واغتصاب المزيد من أرضهم لبناء مستوطناتٍ جديدة، وتوسيع القديمة على حساب حقوق الشعب الفلسطيني المشغول بفرقته، والمهموم باختلافاته، والمتلهي عن مصالح شعبه بانقسام قياداته.

لا يحتاج الفلسطينيون إلى عظيم جهدٍ حتى يدركوا أن الغاية من اعتقال رئيس المجلس التشريعي في هذا الوقت بالذات، هو تعطيل إجراءات المصالحة، ومنع انعقاد اجتماع المجلس التشريعي الفلسطيني في دورته الطارئة التي ستفتتح أعمالها بداية الشهر القادم، لتضع اللمسات التشريعية على إجراءات المصالحة، ولتضفي البعد القانوني على كل التغييرات المطلوبة لإتمام المصالحة وضمان استمرارها وعدم انهيارها، والحيلولة دون التراجع عن مفاعيلها، وقد كان الدكتور عزيز دويك أكثر من يسعى لهذه النتيجة، وأكثر من بذل الجهد لضمان ترسيخها ومنع انهيارها، وهو الذي يكثر من إصدار التصريحات المعتدلة، واتخاذ المواقف الوسيطة، التي تجمع الفلسطينيين وتقرب بينهم، فهو أبعد ما يكون في ألفاظه ومفرداته، وسياساته ومواقفه عن الفرقة والانقسام، فهو رجلٌ لا يتطلع إلى مسؤوليةٍ أو مقام، ولا يتمسك بسلطةٍ ولا نفوذ، وإنما همه أن يلتقي الفلسطينيون وأن يتوحدوا، ولهذا فقد أكثر من خطاب رئيس السلطة الفلسطينية داعياً إياه إلى الاستجابة إلى دعوات المصالحة والعمل من أجلها، وهو الذي حرض قيادة حركة حماس على القبول بدعوات رئيس السلطة الفلسطينية للمصالحة والترحيب بها.

إن على رئيس السلطة الفلسطينية أن يدرك أن أحد أهم وأصدق شركائه في المسيرة الوطنية، وفي مشروع المصالحة والوفاق قد أصبح مجدداً رهن السجن والاعتقال، وأنه غيب بقصد، وأقصي عن عمد، وأبعد لصدقه وحرصه، فالعدو الإسرائيلي يعرف من يقصي ومن يبعد، ويعرف من هو الذي يسعى بصدقٍ نحو المصالحة ومن يتظاهر بأنه حريصٌ عليها ويعمل من أجلها، ومن هو الذي يذلل الصعاب ويزيل العقبات، ومن الذي يضع العقبات على الطريق، ويشعل نار الاختلاف ويعمق الانقسام ويوغر الصدور على بعضها أكثر، ويسعى لأن يقدم مصالحه الخاصة على مصالح شعبه ووطنه، لذا فإنه باعتقاله عزيز دويك إنما يستهدف الشعب الفلسطيني كله، ويهدد الصالح الوطني العام، ويعرض مشروع الوحدة والاتفاق إلى الخطر، ويعمل على تأخيرها ومنع الوصول إليها، إنه يستهدف باعتقاله عزيز دويك إرادة رئيس السلطة الفلسطينية الشخصية، ويعرقل مساعيه نحو المصالحة، ويحكم على جهوده بالفشل.

العدو الإسرائيلي يدرك أن دويك أحد أهم دعاة الوحدة في الضفة الغربية وقطاع غزة، وأنه أحد أهم ركائز الاتفاق، وأن رئيس السلطة الفلسطينية لا يستطيع أن يمضي في المصالحة حتى نهايتها دون وجود شريكٍ معه، ومساعدٍ له، لذا فإن على رئيس السلطة الفلسطينية ألا يسكت عن هذا الاعتقال، وألا يقبل به، وأن يمارس دوره الوطني في الضغط على الكيان الإسرائيلي مباشرةً أو عبر وسطاءٍ دوليين وإقليميين، ممن يملكون دالةً على الكيان الإسرائيلي، ويستطيعون ممارسة الضغط عليه، وعليه ألا يتهاون هذه المرة، وألا يقف مكتوف اليدين عن المساعي الإسرائيلية، والمؤامرات المحتملة والمتوقعة، فلا ينتظر حتى يستكمل الاحتلال إعادة اختطاف واعتقال أغلبية جديدة من أعضاء المجلس التشريعي، ليمنع انعقاد المجلس كما منعه من قبل، فهذا الواجب منوطٌ اليوم برئيس السلطة الفلسطينية، وعليه وحده يقع عبء مواجهته وإبطاله، فلا يعقل أن يكون هناك أدنى اتصال بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي في الوقت الذي يعطل فيه مصالحنا، ويقف في مواجهة إرادتنا، ويتعمد تخريب مساعينا، وتعطيل مشاريعنا.

إن من يعرف عزيز دويك يدرك أنه في حضرة رجل من الرعيل الأول، من الصادقين الأوفياء، ومن العاملين بصمت، والمضحين بلا حدود، ممن لا تغريهم المناصب، ولا تبطرهم المواقع، ولا تجذبهم الشهرة والأضواء، ولا تفسد نفوسهم المدائح والإطراءات، بل إنه ممن يتضاءل أمام المسؤولية، ويتواضع أمام الثقة، ويخضع في حضرة الصغار، ويبكي في وجود الضعفاء، ويرق قلبه للطفل والمرأة والشيخ العجوز، إنه رجلٌ يعيش من أجل الوطن، ويضحي في سبيله، ويبدي استعداده للتخلي عن مصالحه الخاصة، ومكتسباته الفردية من أجل سلامة وطنه ومصالح شعبه، لا يضعفه السجن، ولا يخيفه السجان، ولا يهرب من المواجهة، ولا يجبن عند اللقاء، إنه اليوم معتقل نيابةً عنا جميعاً لأنه يريد لهذا الشعب أن يكون له مكانٌ عزيزٌ تحت الشمس.