جمعة الزحف إلى ساحات الحرية/ محمد فاروق الإمام

نعم صدق أحرار سورية في دعوتهم إلى الزحف نحو ساحات الحرية.. واستجابت الجماهير لنداء الأحرار شيباً وشباباً.. نساء وأطفالاً.. ملأت ساحات الحرية بمئات الآلاف كالموج الهادر تصدح حناجرها بأهازيج الحرية والكرامة والديمقراطية، متحدين جرذان النظام وجراثيمه ومندسيه وشبيحته وعصاباته المسلحة وكتائبه العسكرية ودباباته ومدرعاته التي ضلت الطريق وخلفت وراء ظهرها الجولان، مصوبة فوهات مدافعها إلى صدور الأحرار في حمص وحماة ودرعا واللاذقية وإدلب وبانياس ودير الزور وجبل الزاوية ودوما وحرستا والمعضمية والقامشلي والبوكمال، ممزقة صدور الأحرار العارية إلا من التصميم والإرادة والشجاعة والثبات والإقدام، لا يثنيها عن ثورتها رصاص غادر جبان يقطع الأوصال ويخترق الأحشاء، وقد عاهدت الله والشعب على تحرير سورية من قتلة الحياة ومصادري الحرية والعابثين بالكرامة والناهبين لثروات الوطن والفاسدين للدولة والمجتمع والمستبيحين لمقدسات الأمة وحرمات البيوت، والحاقدين على إنسانية الإنسان ومجففي ينابيع الأمل واستشراف المستقبل والقادمين من ظلمات الكهوف الغابرة.
شهد العالم يوم أمس في جمعة الزحف نحو ساحات الحرية عبر الشاشات الفضائية العربية والأجنبية هذه الحشود البشرية الهائلة تتقدم نحو هذه الساحات كموج البحر الهادر بكل عنفوان وكبرياء، فساحات الحرية وجدت للأحرار وليس لعبيد السلطان من المصفقين والمطبلين والمزمرين والصداحين والهتافين والوصوليين والمتسلقين والجبناء والإنمعات، الذين تجمعهم عصا السلطان وتفرقهم كما تجمع عصا الراعي قطيع الأنعام وتفرقهم!!
جمعة الأمس كانت مميزة بكل المقاييس والمعايير فقد كانت بحق جمعة الأحرار الذين توجهوا إلى ساحات الحرية ليثبتوا للعالم أن سورية اليوم ليست سورية الأمس وأن ما بعد الخامس من آذار ليست ما كانت عليه قبله، فقد انكسر حاجز الخوف ودكت قواعده وتحطم بنيانه وإلى الأبد من صدور السوريين الزاحفون نحو قصر الفساد والظلم والاستبداد قريباً، ليقتلعوا أشباحه ويبددوا ظلمته ويعيدوا إليه ألقه وتوهجه ليعود بيتاً للشعب كما كان.. وإن ذلك اليوم ليس ببعيد.. (إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا).

بعثة المراقبين تبارك مسلسل القتل في سوريا/ خليل الوافي

غريب امر هذه الحكومات العربية التي لا تريد ان ترفع يدها على اعناق شعوبها .وتترصد بهم حيث اربكوا حساباتها السياسية وعلاقاتها القوية مع الدول الراعية لمصالحها في منطقة لم نحافظ عليها كقوة اقتصادية .تعيد صياغة الواقع الاقتصادي والسياسي للشرق الاوسط الذي يزخر بمقومات النهضة .والتقدم .ولا نظل في الجهة المقابلة ننتظر من ينوب عنا في حل ازماتنا المستعصية التي حاولت جامعة الدول العربية مشكورة دون ان تصل الى حلول واضحة تشفي غليل الشارع العربي حول ما يجري في سوريا الجريحة ..
وفي ظل التصعيد الاخير لحكومة نظام الاسد .وما رافق ذلك من انتهاكات لحقوق الانسان غيرمبالي بقرارات الجامعة ولا بالعقوبات الغربية .ولا بقرارات الامم المتحدة .وضاربا عرض الحائط كل المساعي النبيلة لاحتواء الازمة بعدما تفاقمت الاوضاع.ولم تعد تحتمل المزيد.والمجتمع الدولي يتفرج على المجازر التي يتعرض لها كل سوري يحلم بيوم جديد تشرق فيه شمس الحرية.والصمت العربي الغير مبرر على الاطلاق الذي عودنا باستمرار على هذا الموقف السلبي والمتخاذل الذي لم تشفع له التحولات الجذرية التي يعيشها الشارع العربي .وسقوط دكتاتوريات تقليدية عاشت معنا سنوات طويلة من القهرو الذل والعبودية .وما تزال تعتقد بعض الحكومات والانظمة العربية ان الوقت ما يزال طويلا لكي تظل هذا المؤسسات الظالمة لشعوبها فترة اطول .ولم تنضج بما فيه الكفاية الثورة الشبابية التي نجحت في ارباك مواقع الانظمة ولم تستطع تحقيق اهداف الثورية كاملة .وهي محاولة للالتفاف عليها واجهاض المحاولات الجديدة في مناطق تبشر بانتفاضة شعبية قوية استفادت من اخطاء الامس .وتصعد من محاولاتها واصرارها الدؤوب في الاصلاح والتغيير..
ومما زاد الطين بلة وقائع لجنة المراقبين العرب .التي ذهبت الى سوريا لاحصاء عدد القتلى والجرحى والالوف المالفة من المعتقلين الذين يتعرضون لانواع شتى من التعذديب والقتل المستباح في دولة ترفع اصوات الاذان في سماءها.ماذا تبقى من العروبة والكرامة والشعب السوري يودع عام ويستقبل عاما جديدا كله امل وترقب بعيون شاخصة واكف مرفوعة الى السماء تستغيث_ربما ياتي الفرج من السماء _ولا ننتظر ما تسفر عنه نتائج المراقبين الذين كشفوا عن حقيقتهم المرة .وذلك على لسان رئيسها الذي استبق الاحداث واكد ان الامور تمر في ظروف جيدة .وحتى هذه اللحظة لم يتوقف القتل وحماية المدنيين بالدرجة الاولى .وسحب الجيش والافراج على المعتقلين .اننا امام مسرحية ساخرة تضحك على الشعوب العربية .وتؤكد باستمرار ان الانظمة العربية لا تخرج عن السياق العام الذي وضعت فيه نفسها .وعوض ان تدافع على امن واستقرار مواطنيها باشرت بقتلهم حتى يظل صوت النظام يعلو على صوت الجماهير .وهذه واحدة من الاخطاء السياسية التي ترتكبها الانظمة في حق شعوبها.لان وجودها يستمد استمراريتها من دعم الشعب لها .فهي لاتستطيع البقاء الا اذا ارادت القوى الشعبية ذلك .اما مسالة الخيار الامني والعسكري لحل الازمات العربية .لم يعد يجدي نفعا .وتحولت القوى السياسية لصالح المجتمع المدني الذي يملك مفاتيح السلطة عبر صناديق الاقتراع..
الارادة الشعبية هي الحل الوحيد لنجاح الثورة في سوريا .وتوحد المجلس الوطني والتنسيقيات الديمقراطية في الداخل يعطي اشارات قوية للمرحلة القادمة في سوريا .وهذا الامر ليس بالهين في ظل نظام يغلق كافة الابواب الممكنة .ويسعى جاهدا في الصيد وسط الماء العكر .والضغط الجماهيري والزحف المستمر والعصيان المدني جلها عوامل مساعدة لتقليص دور النظام .واخضاعه للمثول امام الارادة الشعبية والتنحي عن السلطة في ضوء الاحتجاجات العارمة التي تشهدها كافة المحافظات السورية .وقد بات الشعب السوري مقتنعا بشكل قوي لابد ان ياخذ بزمام المبادرة لنجاح الثورة .ولا ينتظر من احد حلول ترقيعية لايقبلها نظام متعنت يرسم نهايته بيده .وتضاعف عدد المنشقين من الجيش الحر الذي يعتبراهم الانجازات التي حققتها الثورة حتى الان .ولايمكن ان يظل الوضع على حاله .لان ارادة الشعب السوري اقوى بكثير مما يخطط له النظام .وما تطمح اليه روسيا والصين وايران في تغيير خريطة المنطقة على حساب نظام فقد الشرعية السياسية امام العالم .ولم يبق له الا الخروج من دائرة الصراع .وتسليم السلطة الى ايادي امينة تحترم رغبة الشعوب في الحياة وممارسة حقها الدستوري في الاصلاح .والبحث عن بدائل سياسية لديمقراطية محلية تتماشى والاعراف السياسية التي تعيشها دول العالم الثالث او التي اصبح تعرف بالدول النامية.
لا خيار امام الشعب السوري هو مواصلة الدرب التحرري .وتوسيع دائرة المظاهرات ومظاهر الاحتجاج في اكثر من منطقة .وهاهي مدينة حلب تنضم الى الثورة بعدما شهدت بعض اجيائها مظاهرات عارمة .وننتظر بفارغ الصبر ان يتحرك الشارع الدمشقي ليحسم المعركة الاصلاحية من اجل انتصار الثورة التي تكابد وتواصل المشوار رغم الحملة الشرسة في قتل البشر والشجر والحجر

*خليل الوافي -مدينة طنجة - المملكة المغربية

الحالة العراقية في ظل الديمقراطية الطائفية/ محمد الياسين

تقوم الثقافة الديمقراطية على جملة مفاهيم وامور تعد مرتكزات اساسية في بناء المجتمع والدولة،في المقدمة منها ترويج ثقافة الانفتاح ،الرأي والرأي الاخر، الايمان بحرية التعبير والمشاركة الحقيقية الفعالة لقوى وتيارات المجتمع المدني في صناعة القرار، تثقيف المواطن بحقوقه وواجباته الوطنية وتفعيل دوره في الحياة السياسية وبناء المجتمع، تعزيز الثقة بين الحاكم والمحكوم وايضا بين المواطن و الدولة فهو جزأ لا يتجزأ منها ،بناء نظام مؤسسي يقوم على اساس فصل السلطات الرئيسية بعضها عن بعض والمكونة لاطار الدولة العام التشريعية و التنفيذية و القضائية وتفعيل الدور الرقابي على الاداء الحكومي ، وضمان استقلالية القضاء ونزاهة الاجراءات القانونية وسياقات المؤسسة الانتخابية ، كذلك عزل المؤسسة العسكرية والامنية عن الحياة السياسية واختيار القادة العسكريين والامنيين على اساس الكفاءة والمهنية لاستمرار عمل هذه المؤسسات وفق النهج الوطني والمهني بعيداً عن التأثيرات والتغيرات السياسية لضمان عدم عسكرة الحالة السياسية ،مثلما حدث في العراق.

على هذا الاساس ننطلق من هذه الثقافة نحو مفهوم التداول السلمي للسلطة في البلاد ، الذي يعد من اهم اوجه الديمقراطية المتقدمة في العالم وتترجم بشكل خاطئ في العراق من قبل " الدينيون السياسيون ".

المقصود بمفهوم الاغلبية او الاقلية والتعددية داخل النظام الرئاسي والحياة السياسية هو اغلبية او اقلية التمثيل السياسي داخل قبة البرلمان ثم الحكومة وليس اغلبية او اقلية التمثيل الطائفي، والتعددية السياسية وليس القصد منها التعددية الطائفية او العرقية ، هذا في اطار الحديث عن مفهوم دولة مواطنة في ضل نظام ديمقراطي حقيقي ،اما الحديث عن اغلبية او اقلية طائفية او عرقية بلغة السياسة وما يترتب عليها من تحقيق مكاسب فئة دون اخرى او على حساب باقي فئات المجتمع فهذا لا يتم الا في اطار دولة طائفية وعنصرية وهو بعيد كل البعد عن جوهر مفهوم الثقافة الديمقراطية ، وهذا ما حدث ويحدث في عراق اليوم ، ( مع الاخذ بعين الاعتبار طبيعة النموذج السياسي العراقي بعد العام 2003 ، حيث ان قوى الاسلام السياسي المهيمنة على صناعة القرار التشريعي النيابي والتنفيذي الحكومي لم تحقق مكاسب فعلية لمن تدعي تمثيلهم طائفيا في البرلمان والحكومة واقتصر تحقيقهم المكاسب للاحزاب والقوى السياسية التي ينتمون اليها ) .

بإختصار نستطيع القول بأن استمرار سيطرة لغة المفاهيم والافكار الضيقة على عقلية الحاكم والمسؤول في صناعة واتخاذ القرار واشتداد نزعات التطرف الطائفي او العرقي العنصري لدى اصحاب السلطة والنفوذ لن يفضي الا لمزيد من اراقة الدماء البريئة وهدر المال العام لمصلحة نخب فاسدة واضعاف البلاد وصولا لتقسيمها .

وان لم يتخلى ساسة السلطة والنخب عن المسميات الطائفية او العرقية ومغادرة دائرة التخندق ومفهوم الطائفة الضيق نحو الانفتاح على فضاء المواطنة الواسع لن نتمكن مستقبلاً من الحديث عن بناء دولة مواطنة و مؤسسات ،و بالتالي لن نتمكن اطلاقاً من الحديث عن الديمقراطية الحقيقية في ضل استمرار سيطرة الحالة الطائفية على المشهد السياسي العراقي .


صَدام.... وصِدام/ عبد العالي غالي

ينسحب الجيش الأمريكي من ارض العراق بعد أن زرع فيها سبع سنيين دأبا، ومازال البعض يتساءل أهو غزو واحتلال أم تحرير وانعتاق؟ وكما كان الدخول مختلفا عليه، ها نحن نرى ذات الاختلاف حول الخروج... قوات عزفت على كل آلات الرعب فوق ارض الرافدين ومازال هناك من يمتدحها. قوات هتكت من الأعراض ما يستحيل ستره ولو بعد حين، ومازال هناك من يستطيب بقاءها. قوات غرّبت واستغربت ولأجل ذلك جعلت من "أبي غريب" عنوان الجثوم على الكرامة الإنسانية في ارض كانت حتى الأمس القريب تزخر بكل ما يجعلها أرضا للحضارات و لدسم التاريخ. قوات أدخلتنا في تيه شامل وتركتنا دون هدى نبحث عن توازن ما بين ماض مشوش ومستقبل أكثر تشويشا. والمحزن أننا وبعد هكذا رجّات مرعبة لم يبق لنا غير العيش في فصام مع الحاضر والمستقبل، فاستسلمنا للمعجزات وأصبحنا ننتظر منها أن تنتصر على مكاتب الدراسات الاستراتيجية. وبتنا مرغمين نرجو أن ينتصر صلاح الدين على رامسفيلد وأن تُهزم وحدات المارينز على يد كتيبة عبيدة بن الجراح...

ولنساير سذاجتنا بعض الشيء، ونقنع أنفسنا أن ما جاءت من اجله أمريكا كان نشر الديمقراطية في ارض العراق المتخمة استبدادا وتجبرا منذ ذاك الذي وسم أهلها بالشقاق والنفاق ومساوئ الأخلاق… إلى الذي حذرهم من أن من يتجرأ يوما فيرى في منامه أنه يثور على نظامه ستطارده الأشباح. غير أننا ما لبثنا أن أدركنا أن ديمقراطية العراق بلا مفاتن، ولن تغري أحدا من الشيب فأحرى بالشباب. فالكل يعلم علم اليقين أن تزكية الجيب والمعارك الاستثمارية تسبق تزكية الأحزاب في الكرنفال الديمقراطي العراقي وهو الأمر الذي اختزل كل الصراع في توافق يتبعه توافق يتبعه آخر... توافقات كالتي تعقدها عصابات تهريب المخدرات مع العديد من الأنظمة العتيدة كي يسمو الشعب بالعلو المشبوه فوق مآسيه... وكذلك كان حيث ادخل العراق في غيبوبة مستملحة لا يفزعه فيها غير مناوشات تقاسمت نسبتها بين مثلث سني مستو بلا قاعدة وفلول بعث...

واليوم حق لنا أن نعود بالذاكرة بعض الشيء للوراء كي نتذكره بلحيته الكثة وشعره المنفوش وفمه المفتوح. نتذكره بقسمات تائهة وملامح حالكة مستسلما للقفازات الطبية المعقمة إذ تأخذ من لعابه لتحليل حمضه النووي وكأنما هو من غريب الكائنات، أو ربما للتعرف على الجينات المسؤولة عن ديكتاتوريه كي تعدل وراثيا في من يأتون بعده... ونتذكر الحذاء المهترئ والقبو والمزرعة التكريتية التي أرادوا لها أن تكون مقدمة شريط تلفزيوني سموه "ما بعد الديكتاتور"... الغريب انه لم يترك بعده ما يطرب في ذاك الفضاء الشريد بما فيه احتفاليات "ميليشيات الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان" التي تحاول بكثير تكلف تجميل وجه غارت فيه الندوب... صورة لم تلبث أن محتها أخرى صبيحة عيد الأضحى إذ يقترب هو ذاته من حبل المشنقة شامخا كطود لا تهزه العواصف، وكأنه مقبل على الحياة. وهو بذلك إنما يجعل من موته مرجلا تغلي فيه الحياة ويبحر فيه كل عشاق الكرامة فوق كل أنواع الموج... موت استحق معه أن يرثى بالبيت الغاضب للمتنبي إذ يقول:

أخذتك التي سواء عندها *** البازي الأشيهب والغراب الأبقع

رحل الديكتاتور... وترك الساحة لرجال تخرجوا من المصنع الأمريكي للديمقراطية، يساعدهم على أداء مهامهم عمائم وعقال فوق كوفيات وأزياء موغلة في التاريخ… تناوبوا بلا خجل على كراسي الحكم فعاثوا فيها فسادا بأكثر ممن سبقهم. وأكاد أجزم أنهم كانوا يودون، لو يقدرون، إبادة نسل أهل دجلة والفرات لولا مناعة جيوب التاريخ المقاومة وكثير من معجزات... ولسنا نستغرب فعلهم إذ نعلم أن المُصر على مظاهر العفة قلما يكون عفيفا... نعم، قل ما يكون عفيفا، نقولها ونصر عليها مهما عاند كل ذي فكر منقب.

لكل أولئك ولمن سار على نهجهم من أبناء رقع هذا البساط العربي المُرقع تشرذما نقول ما قال شاعر "بانت سعاد":

لا يغرك ما منت وما وعدت **** إن الأماني والأحلام تضليل

ولتاء التأنيث أن تعود على التي جاءت بلاد الرافدين "محررة" فأهلكت الزرع والنسل.


المغرب




منظمة التحرير الفلسطينية هي الدولة وليست حزبا بالدولة/ سري القدوة


ليست هذه هي المرة الأولي التي نتناول فيها موضوع منطمة التحرير ولكن تسارع الأحداث هي التي دفعتني الي استرجاع مقال كتب بتاريخ 09.02.09 تحت نفس العنوان ( منظمة التحرير الفلسطينية هي الدولة وليست حزبا بالدولة ) .

مما لا شك فيه ان اتفاق حوار القاهرة خطوة هامة لتنفيذ الإصلاحات على صعيد إعادة ترتيب الوضع الداخلي الفلسطيني وتطوير أداء المؤسسات الفلسطينية لمواجهة سياسة الاحتلال والبدء في تنفيذ سلسلة من الخطوات الهامة لبناء الإنسان والمؤسسة الفلسطينية القادرة على صياغة أسس التوجه الفلسطيني وإقامة دولة المؤسسات التي تخدم القانون وتعزز الأداء الوظيفي احتراما لحقوق الإنسان وحماية إنجازات ثورتنا الفلسطينية والانطلاق لتفعيل الحوار الوطني وبناء أوسع جبهة وطنية لحماية الشعب الفلسطيني والدفاع عن حقوقه ترسيخًا للثوابت الفلسطينية وفي مقدمتها ضمان حق العودة وتقرير مصير الشعب الفلسطيني وضمان إنهاء حالة الانقلاب التي نتج عنها انقسام المؤسسات الفلسطينية.

ولعل تشكيل لجنة قيادة منظمة التحرير في ضوء إعلان القاهرة عام 2005م، والتي أنهت اجتماعها الأول، بعد أن استمعت إلى خطاب الرئيس محمود عباس، بما يخص تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسساتها والبدء في التحضير لتشكيل مجلس وطني جديد.

وما ترتب علي ذلك من دخول خالد مشعل ممثلا عن حركة حماس ورمضان شلح ممثلا عن حركة الجهاد الإسلامي ومصطفي البرغوتي ممثلا عن المبادرة الوطنية وكل من منيب المصري وياسر الوادية ممثلا عن المستقلين وبحضور رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، وأعضاء اللجنة التنفيذية للمنظمة، والأمناء العامون للفصائل، وهم : فاروق القدومي،وصائب عريقات، وأحمد قريع، وتيسير خالد، وعبد الرحيم ملوح، وزكريا الآغا،وعلي إسحق، ومحمدأبو اسماعيل، وحنا عميرة، وصالح رأفت، وياسر عبد ربه، وأسعد عبد الرحمن، ورياض الخضري، وغسان الشكعة، ومحمد زهدي النشاشيبي، وحنان عشراوي، و أحمد مجدلاني ، بمشاركة رئيس جهاز المخابرات المصرية الوزير مراد موافي، وعدد من مساعديه يأتي هذا الاجتماع خطوة أولي علي طريق تعزيز أوسع للوحدة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام والتصدي للاحتلال ومخططات تهويد الأرض الفلسطينية ..

إن المهام الملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية باتت مهام واضحة وصريحة في نفس الوقت فليس هناك مجال للتشكيك في مصداقية التوجه الوطني لصياغة أساس موضوعي هادف لحماية الحقوق الفلسطينية والدفاع عن المستقبل الفلسطيني ليعيش الإنسان الفلسطيني حرا كريما في أرضه وبين شعبه..

إن مستويات العمل في المرحلة المقبلة تتطلب من الجميع مضاعفة الجهد لتوحيد الإمكانيات لتشكيل موقف وطني موحد وإجماع شامل نحو تعزيز العلاقة الفلسطينية لصياغة المستقبل انطلاقا من قاعدة الوحدة الوطنية وحماية إنجازات الشعب الفلسطيني التي هي فوق أي اعتبار، إن حرص الفصائل الوطنية والإسلامية على صياغة المستقبل هو الذي وضع الجميع إمام المسؤولية التاريخية والعمل بصورة جدية للالتقاء مجددًا من اجل إنجاح الحوار الوطني الفلسطيني في القاهرة وحماية إنجازات الشعب الفلسطيني والعمل لتشكيل جبهة وطنية إسلامية موسعة والاتفاق على وضع برنامج موحد لحماية إنجازات شعبنا و الدفاع عن الحق الوطني الفلسطيني ضمن أولويات العمل الوطني، ومن أجل قراءة مستقبلية أفضل وتفعيل الواقع ومتطلباته وفق رؤية شمولية لحماية الأرض الفلسطينية، والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في العودة إلى أراضيه ووضع هذا الحق ضمن أولويات العمل، إن المهام الملقاة على عاتق الفصائل الفلسطينية ومنظمة التحرير هي مهام واضحة وتتطلب حشد الجهود والإمكانيات ليتحمل الجميع المسؤولية التاريخية في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة من حياة شعبنا الفلسطيني التي تتكالب عليها قوى الشر للنيل من صمود الإنسان الفلسطيني وحقه المقدس في العودة لأرضه وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة، وهنا تتجسد رؤية القيادة الفلسطينية في تحقيق أماني وتطلعات شعبنا الفلسطيني في صياغة وجودنا والكينونة الفلسطينية تأصيلا لروح الكفاح الوطني ومجمل إنجازات ثورتنا.. أعظم ثورة في التاريخ المعاصر لتحقق رؤية واقعية هدفها بناء الأجيال والحفاظ على الإنسان الفلسطيني صامدًا مرابطًا في ربوع أرضه أرض الحضارة والتاريخ ومهد السلام.

لقد كانت رؤية القيادة الفلسطينية رؤية تاريخية ثاقبة من خلال حرصها الشديد على مواصلة الدعوة الي الحوار الوطني رغما عن حالة الانقلاب وما نتج عنه من عدم الاعتراف بمؤسسة الرئاسة الفلسطينية وإغلاق مكاتب السلطة الوطنية الفلسطينية في قطاع غزة وتحويلها الي مكاتب تتبع حركة الانقلاب.

لقد تجلت الرؤية للقيادة الفلسطينية في تحقيق التواصل وملء الفراغ السياسي وحرصت القيادة على تشكيل جبهة وطنية من خلال تفعيل دور منظمة التحرير الفلسطينية باعتبارها الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا الفلسطيني وتحديد برنامجها السياسي تمهيدا للإعلان عن الانتخابات السياسية الشاملة تحقيقًا لوحدة الصف الوطني وحفاظًا على المشــاركة الجماهيرية الفاعلـة في صنع القرار , وهذا بالتأكيد يدلل على مدى أهمية العمل الوطني في خلق حالة التفاعل ما بين القيادة الفلسطينية وجماهير شعبنا ومشاركة أوسع لكل التنظيمات والقوى الفلسطينية الوطنية منها والإسلامية في تفعيل البرنامج السياسي لمنظمة التحرير على طريق التحضير الموسع للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة بدلا من فرض أجندات سياسية بالقوة والهيمنة علي القرار السياسي..

إن برنامج القيادة الفلسطينية هو برنامج سلام حقيقي قائم على احترام المعاهدات الدولية وفرصة حقيقية لتحقيق السلام ومواصلة المفاوضات والمشاركة بفعالية لضمان نجاح تطبيق الرؤية العربية للسلام تحت رعاية دولية.. فهذا يعكس أهمية العمل على صعيد جدولة المهام التفاوضية وترتيبها لتأخذ بدورها الوضع الطبيعي ضمن مسار فلسطيني يكفل حماية إنجازات شعبنا والدفاع عن حقوقنا الوطنية في ظل مرحلة هامة من حياتنا السياسية.. إن المرحلة الراهنة تتطلب من جميع القوى السياسية على الساحة الفلسطينية أن تقف صفًا واحدًا لدعم منظمة التحرير الفلسطينية والحفاظ على وحدة الصف الفلسطيني والتأكيد على الالتزام بقراراتها وفقًا للمصلحة الوطنية العليا للشعب الفلسطيني بعيدًا عن البرامج الذاتية وتفعيلا للصوت الفلسطيني القادر على تحقيق أهداف شعبنا واحترامًا لتوجهات القيادة الفلسطينية في تسيير مرحلة هامة من مراحل العمل الفلسطيني في غاية الصعوبة والدقة..

إن دعم القيادة الفلسطينية في هذه المرحلة هو واجب وطني ويتطلب من الجميع المساهمة في مواصلة الحوار لانهاء حالة الانقلاب والانقسام والدفع بالعملية السياسية إلى بر الأمان للتصدي لكل المؤامرات التي تحاك للنيل من مشروعنا الوطني الفلسطيني والحفاظ علي منظمة التحرير الفلسطينية والتي هي الدولة وليست حزبا بالدولة.

علياء المهدى .. هى الحل/ مجدي نجيب وهبة

** علياء المهدى .. تبلغ من العمر 20 عاما .. إحدى ناشطات "6 إبريل" .. تدرس الإعلام بالجامعة الأمريكية بالقاهرة .. قامت بنشر صورة لها عارية تماما على مدونتها الخاصة التى تحمل إسم "مذكرات ثائرة" .. وأوردت أسفل الصورة رسالة تقول "حاكموا الموديلز العراة الذين عملوا فى كلية الفنون الجميلة حتى أوائل السبعينات ، وأخفوا كتب الفن ، وكسروا التماثيل العارية الأثرية ، ثم إخلعوا ملابسكم ، وأنظروا إلى أنفسكم فى المرأه ، وأحرقوا أجسادكم التى تحتقروها ، لتتخلصوا من عقدكم الجنسية إلى الابد ، قبل أن توجهوا لى إهانتكم العنصرية أو تنكروا" ... ومن هذه الرسالة إنطلقت "علياء المهدى" لتوجيه رسالتها إلى كل المتطرفين والمتنطعين والجائعين على مائدة جسد المرأة ...

** إنقسم البعض الذين شاهدوا الصورة من مستخدمى الإنترنت ، ما بين مؤيد وداعم لهذا ، وبين معارض لما قامت به .. وأصدر بعض المتشددين فتاوى بإستباحة دمها ، رغم أنهم فى الخفاء كانوا يغلقون غرفهم ليشاهدوا صورة الساحرة الصغيرة ، وفاتنة الفيس بوك "علياء المهدى" .. وهم يتطلعون بشغف إلى جسدها العارى .. ثم هدأت موجة الهجوم على "علياء" ، وبدأ البعض يتناسى هذه الواقعة .. أما الشئ الغريب فى هذه الظاهرة التى أطلقتها "علياء المهدى" ، فهى نسبة المشاهدة التى وصلت إلى أكثر من مليون مشاهد ، دخلوا صفحتها على الإنترنت ، حتى إنها إستعانت بالشرطة المدنية لتنظيم الدخول على المدونة ... يبدو أن الفكرة إستحسنت القبول لدى البعض ..

** فى بداية الإعتصامات بالتحرير بعد بضعة أسابيع .. إشتكى سكان التحرير ، وأصحاب المحلات من ظاهرة الإنفلات الأمنى بهذا الميدان ، وقدم العديد من المواطنين البلاغات ضد من أطلقوا على أنفسهم "ثوار" ، وهم فى الأصل مجموعة بلطجية ، فقد أداروا بعض الخيام لتعاطى المخدرات والأعمال المنافية للأداب .. وبدأ أهالى التحرير يشمون رائحة نتنة تخرج من هذه الخيام ، هذا بجانب الشكل الحضارى للميدان الذى تحول إلى هرج ومرج .. وألقيت القمامة فى جميع أركان الميدان ، مما إستدعى الشرطة العسكرية لإقتحام الميدان ، والقبض على هؤلاء الذين بداخل الخيام .. قبضت الشرطة العسكرية على العديد من الشباب والفتيات الذين تم ضبط مخدرات معهم وحبوب مخدرة ، وزجاجات مولوتوف ، وأسلحة بيضاء ، وسنج ومطاوى وسيوف ، وأسلحة نارية .. وتم عرض كل هذه الأشياء على شاشات الإعلام .. ويرافق هذه المضبوطات الأشخاص الذين تم القبض عليهم .. رأينا أشكالهم وشاهدنا وجوههم وملابسهم وأفكارهم المملوءة بالإجرام والبلطجة ..

** صفق الجميع للقوات المسلحة لهذا الإجراء ، ولكن يبدو أن البعض الذين لا يريدون أن يخلو الميدان ، ظهروا فى الإعلام ، وبرامج التوك شو القذرة ، وهم مجموعة معروفة بالإسم .. تجدهم يظهرون فى كل القنوات فجأة عقب القبض على البلطجية بميدان التحرير .. شاهدنا "ممدوح حمزة" ، و"جورج إسحق" ، و"علاء الأسوانى" ، و"بلال فضل" ، و"جمال فهمى" ، و"يسرى فودة" ، و"هالة سرحان" ، والعديد .. والعديد من الإعلاميين ، والكتاب ، والصحفيين ، وعلى رأسهم "مجدى الجلاد" ، و"خالد صلاح" ....

** يبدأ هذا الفريق فى الطعن على قرار المجلس العسكرى ، بالقبض على هؤلاء الثوار ، وتشويه الثورة المجيدة ، وإتهام المجلس العسكرى بالكذب والتضليل ، حتى يتم الإفراج عن كل المقبوض عليهم .. ولأن هذه الأشكال التى كان يتم القبض عليها ، كانت تثار حولهم الشبهات ، فقد قرر المجلس العسكرى إحالة معظم الفتيات التى يتم ضبطهم داخل الخيام إلى ما أسماه المجلس "كشف العذرية" .. وليس كشف ملفاتهم بالأداب .. لأن المجلس العسكرى ليس من إختصاصه الكشف عن ملف أى معتصمة أو متواجدة ، أو الكشف عن ماضيها ، ولكن ما يهمه هو عندما يتم القبض على فتاة ، هو التأكد من عذريتها حتى لا تخرج هذه الفتاة بعد ذلك ، وتدعى على المجلس العسكرى بأنهم قاموا بإغتصابها أو هتك عرضها !!! .. وربما هذه هى رؤية المجلس .. ولكن جماعة "6 إبريل" ، لا يهدأون ، ولا يكلون عن إستخدام أى حادثة لتوظيفها فى الطعن على المجلس العسكرى ، والمطالبة بسقوطه ، لأنه قام بالكشف عن عذرية الفتيات ...

** إزداد الشارع إشتعالا أثناء أحداث شارع مجلس الوزراء ، فقد قرر بعض نشطاء "6 إبريل" تنظيم إعتصام أمام مبنى السيد رئيس الوزراء ، ونصب الخيام ، ومنع رئيس الوزراء من دخول مكتبه ، وطالبوا بأن يتم تعيين حكومة إنتقالية من الميدان يرأسها "البرادعى" ، و"ممدوح حمزة" ، و"جورج إسحق" ، و"الأسوانى" .. وبعض شباب "6 إبريل" .. ولكن المجلس العسكرى قرر ألا يلتفت لهذه الدعاوى والمطالب ، فتم تكليف د. "كمال الجنزورى" بإختيار الحكومة الجديدة ، وكانت الأسماء صدمة لزعماء هؤلاء النشطاء ، فقرروا إشعال المكان بمن فيه ، وسمعنا وقرأنا تصريحاتهم .. حتى عندما سئل الإستشارى "ممدوح حمزة" ، قال إنه كان يجب على المجلس الإستجابة لمطالب هؤلاء الثوار المعتصمين؟؟؟!!! .. وبالطبع أهم هذه المطالب هو تولى الأسماء التى ذكرناها عالية مناصب وحقائب وزارية ، ومطالبة المجلس بالتنحى فورا ، وتسليم السلطة لحكومة مدنية .. وعندما لم يستجيب المجلس إندلعت الفوضى وبدأت الخطة بالإستعانة ببعض أولاد الشوارع فى إحراق أى مبانى مجاورة لمنطقة الإعتصام .. لم يكن الهدف هو مبنى "المجمع العلمى" ، بل كان الهدف هو إحداث حالة فوضى وتخريب وتدمير فى أى منشأة تطولها أيديهم .. ومع ذلك ظلت القوات المؤمنة للمكان فى حالة صمت أثارت إستياء كل أبناء الشعب ، فوقفت بعيدا لا تعمل إلا لحماية أنفسهم ، والدفاع عما يتعرضون له من قذف الطوب ، وزجاجات المولوتوف ... بينما البلطجية والغوغاء والمخربون يحرقون فى مبنى "المجمع العلمى" ، بل ويمنعون ويحطمون سيارات الإطفاء ، حتى لا تصل وتمارس عملها ... شاهدنا ورأينا كل هذه الأحداث عبر شاشات التليفزيون ، كما ظلت الإشتباكات بين الكر والفر ، وتصدر المشهد بعض الناشطات التابعين لمنظمة "6 إبريل" ، وكانوا أكثر محاولة للتحرش بجنود الجيش ، بعد أن أعلنت الداخلية إنسحابها من هذا المكان ...

** تحمل قادة الجنود ما يفوقه المواطن من قدره على ضبط النفس .. ولكن يبدو أن هناك كان إصرار ممنهج ، ومخطط لتوريط الجيش فى أى مشكلة لتسجيل بنط يدعم مجالس حقوق الإنسان ، ولجان الحريات والمتأمرين ضد مصر للإيقاع بالجيش المصرى ، حتى يتم لهم هدم الدولة بمن فيها ، وذلك إستجابة لتنفيذ المخططات والمؤامرات الأمريكية لما أسموه بـ "الربيع العربى" ...

** فجأة ظهرت فتاة يتعامل بعض رجال الشرطة العسكرية معها بعنف أثناء عملية الهجوم على الشرطة العسكرية أو جنود الجيش ، أو تصدى الأخرين للدفاع عن أنفسهم ، وقد سقطت على الأرض أثناء جذب أحد الجنود لها ، فسقطت العباءة التى كانت تضعها على جسدها دون ملابس داخلية سوى من حمالة الصدر كانت ترتديه .. هذا بجانب إرتداءها بنطلون جينز يلتصق بجسدها ، وهذا يتنافى مع كونها منقبة ، كما أراد البعض الترويج له ... فالسيدة المنقبة لا ترتدى بنطلون جينز يلتصق بجسدها بهذا المنظر .. وعقب هذه اللقطة التى تم تصويرها ونشرها على صفحات الفيس بوك والإنترنت واليوتيوب ، تلقفتها "الجارديان" البريطانية ، و"واشنطن بوست" الأمريكية ، وإنطلقت العاهرة "كلينتون" بتصريحات نارية ، بإعتبار أن "الفتاة المصرية خط أحمر" .. وندد مجالس حقوق الإنسان بالعنف المفرط من الجيش ضد المتظاهرين ، وخرجت المظاهرات فى جميع أرجاء المحروسة تطالب بالثأر لشرف الحرائر ...

** قالت "غادة كمال" ، التى تدعى أنها طبيبة ، وقد رأيناها فى الإعلام بعد أن ربطت رأسها ، وهى تتهم المجلس العسكرى بسحلها ، وهى من شباب "6 إبريل" ، توجه رسائل نارية للعالم بالدفاع عن شرف الفتاة المصرية الذى دنسته القوات المسلحة المصرية ، وأرسلت رسالة إلى الجبهة الإسلامية "الإخوان والسلفيين" .. تقول فيها "كونوا رجالا" ، مستنكرة عدم تعليق الجبهة الإسلامية على التعدى عليها وسحلها ، وتعدى الجيش المصرى على فتاة أخرى وتجريدها من ملابسها ، محاولة تحريض بعض الجبهات الإسلامية ضد الجيش المصرى ، لخلق فتنة تندلع فى كل أرجاء المحروسة ...

** وذهبت بمطالبها حتى الدقهلية ، فقد نظمت وقفة إحتجاجية أمام مبنى محافظة "الدقهلية" ، لمطالبة المجلس بتسليم السلطة إلى سلطة مدنية ، ورفعت هى وجماعة "6 إبريل" لافتات تقول "أسفين ياست الستات" .. و"نساء مصر خط أحمر" .. و"يسقط .. يسقط حكم العسكر" .. و"الإعدام للمشير" .. هذا بجانب وقفات إحتجاجية أمام نقابة الصحفيين .. كما كتب البعض ضد التيارات الإسلامية ، وطالبوهم بإظهار الرجولة الحقيقية ، ومواجهة الجيش المصرى المغتصب للنساء والفتيات المصريات حماية للأعراض ...

** أما الشيخ "صلاح أبو إسماعيل" ، الذى يسعى لأى فبركة إعلامية .. مرة يهدد المجلس ، ومرة يتوعد الأقباط ، ويعود وينكر كل ما قاله ، وعن رأيه فى موضوع السحل دعا إلى الخروج دفاعا عن أعراض النساء ، ونصرة المستضعفين ..

** الناشطة السياسية د. "كريمة الحفناوى" ، عضو الجمعية الوطنية للتغيير ، وصفت ما مارسه قوات الجيش من إنتهاكات تجاه الفتيات بالجريمة ، مهددة أن يحدث لهم مثل ما تعرضت له الشرطة ، مما يؤثر على فقدان الثقة بالمؤسسة العسكرية ..

** الدكتور "محمد البرادعى" .. وجه رسالة للمجلس العسكرى ، وقد أبدى أسفه ، واصفا المجلس العسكرى بالتجاوز فى حق شرف البنات المصريات ومطالبته بتسليم السلطة فورا ..

** سيدات وفتيات محجبات ، ومعهم بعض الفتيات السافرات ، يخرجون من الجامعة يرفعون لافتات ضد المجلس العسكرى لتوجيه رسالة من سيدات مصر "إحنا مش هانتعرى تانى" ...

** "بثينة كامل" .. المرشحة لمنصب رئيس الجمهورية ، والتى رفضت جائزة أشجع إمرأة بالعالم التى رشحتها لها الخارجية الأمريكية لعام 2011 .. إعتبرت أن الإعتداء على عرض فتاة واحدة فى مصر ، وسحلها ، يعتبر إعتداء على الجميع ...

** عقب صدور الحكم من محكمة القضاء الإدارى بوقف تنفيذ القرار الصادر من المجلس العسكرى ، بإجراء فحوص طبية إجبارية وعلى الأخص كشوف العذرية على الفتيات الخاضعات للإحتجاز فى أماكن الإحتجاز التابعة للقوات المسلحة أو أى من ثكنات الجيش أو المعسكرات .. إندلعت المظاهرات وهى تعبر عن سعادتها بالحكم الصادر .. وقادت هذه المظاهرات ، الناشطة "سميرة إبراهيم" ، وقالت "هاننزل للمجلس العسكرى يوم 25 يناير ، وهانقدم المجلس ونحاكمه" ...

** هكذا خرجت بعض المظاهرات السياسية لأهداف هم يخططون لها ، لتتحدث بإسم نساء مصر ، وشرفهم الذى أهدر بفضل القوات المسلحة ، حتى أن بعض المتنطعين بالخارج والمقيمين بالدول الأوربية من القراء كانت تعليقاتهم على بعض الأخبار التى إنتشرت على صفحات الإنترنت والمواقع ، أشد ما توصف بالحقارة والسفالة ضد المجلس العسكرى علما بأن هذا القارئ والمعلق على الخبر لا يملك حتى أن يسأل إبنته ، إذا ظلت خارج المنزل بصحبة أحد .. أو حتى لو إستقدمت معها شاب أو رجل إلى منزل الأسرة ليضاجعها فى الفراش وسط الأسرة ، فالمعروف أن الأب لو حاول الإعتراض فإنها ستطلب له الشرطة الأمريكية فى التو واللحظة ، والتى ستقود الأب إلى الشرطة لتوقيع العقوبة المقررة على إعتراضه على تصرفات إبنته ، تحت مزاعم "الحرية والديمقراطية" ، والتى تصل إلى حبس الأب ..

** والأن أصبح على كل لسان من شباب الثوار والفوضويين الذين لا يمثلون أكثر من أنفسهم ، بينما هم يدعون إنهم يتحدثون بإسم "مصر" ، إنطلقوا فى كل صوب وتجاه ليطعنوا فى المجلس العسكرى وفى شرف الجيش المصرى ، بينما نساء مصر هم أشرف من كل هؤلاء المخنثين والفوضويين ، وجيش مصر هو جيش عظيم ، ربما نختلف مع المجلس العسكرى ، ومع قراراته ، ولكن جيش مصر هو أعظم من جيوش كل العالم .. وعلى العاهرة "كلينتون" ، والحانوتى "أوباما" أن يراجعوا ما فعله الجيش الأمريكى فى العراق ، وما فعله فى أفغانستان ، وما فعله الجيش الأمريكى والمرتزقة فى سجون "أبو غريب" .. وفى سجون "جوانتامالا" .. وكيف كان الجنود الأمريكان يقومون بإغتصاب المجندات الأمريكان قهرا وتحت تهديد السلاح .. والتى لو عرضت هذه الأفلام والصور على العالم لأصابت الجميع بالصدمة وبالقئ والغثيان ...

** فهل مازال البعض يرى أن "علياء المهدى" هى الحل ... وأن الجيش المصرى سوف يسقطه الأقباط والمرأة ، كما قال الناشطين السياسيين ، ومع ذلك يبدو أن هذه الجملة ، لم يستوعبها البعض ، ولم يدرك مغزاها ، وهى تحمل بين جنباتها معانى مدمرة ، وتخريب لهذا الوطن ، بل وهدمه فى الوقت الذى يستحسن البعض هذه العبارة ، دون أن يدركوا معناها ... فهل يتدارك الجميع ويعلموا أن هناك مخطط أيا كان بعض أفراد القوات المسلحة ، هو يتم تنفيذه لهدم الجيش حتى تصير الدولة دون مؤسسات فتتحول إلى قطع مفتتة لن تقوم لها قائمة مرة أخرى ...

صوت الأقباط المصريين

انتهت انتخابات بلدية فيينا واختفى عمر/ ناصر الحايك


فيينا النمسا
في العاشر من شهر أكتوبر(تشرين الأول) من العام 2010 ، طويت صفحة انتخابات بلدية فيينا ، انتخابات حصد فيها حزب الأحرار النمساوي اليميني المتطرف برئاسة "هاينز كريستيان شتراخى" أكثر من 26,18 من أصوات الناخبين .
من جهته أيضا دافع النائب المسلم في برلمان فيينا المهندس عمر الراوي عن المسلمين ، لا عن مقعده كما يظن البعض !! ، دافع عنه ببسالة منقطعة النظير.
لم يترك مسجدا إلا وارتاده ولا كهفا إلا ودخله ، ولم يدع مناسبة أو ندوة إلا وشارك فيها، حتى المنتديات والنوادي ومقاهي "النرجيلة" وأماكن تجمعات العرب ، التي أدار لها ظهره وكانت مسقطة من حساباته وغير مدرجة على أجندته في الماضي ، أقدم على زيارتها ، ومكث فيها ولو "لبرهة" وأضطر إن جاز التعبير لتناول طعام العشاء المكون من "الكسكسى الحار" مع من رحبوا به ، بحث الرجل عن صوت هنا وصوت هناك، عله يجد ضالته!!!
حدث ذلك كله قبل الانتخابات، فأثمرت حملته المثقلة بغدر وخيانة "الحلفاء" كما أشيع ، واحتفظ بالمقعد في برلمان ولاية فيينا وحقق حلما لطالما راوده، أو أنجز ما طمحت وتطلعت إليه الجالية الإسلامية بالنمسا كما يقال.
تلك الجالية الإسلامية بالنمسا ، أو غالبيتها هي بطبيعتها مغلوبة على أمرها ومغيبة ومقصية تماما من قبل من تقدموا الصفوف غصبا ورغما عنها ، جالية اعتبرت فوز عمر بمثابة الوسام الذي لابد من الظفر به ، أو كأنها فازت بميدالية ذهبية في "مونديال" الانتخابات الأخير ، ولم لا فهو من ساهم في تشييد مقبرة إسلامية ستضمن لهم ميتة هنيئة وآمنة بالنمسا .
وهو من سيضمن للأرامل الحصول على رواتب مجزية بعد أن فارق الأزواج الحياة .
وهو من سيضمن للراغبين بالاستقرار في النمسا ، التمتع بحق الإقامة الشرعية .
وهو أيضا من سيضمن لهم استمرار المساعدات الاجتماعية والاستفادة من نظام التأمينات الصحية والحصول على منازل مدعمة من البلدية، أو هكذا وعدهم إذا ما أنتصر الحزب الاشتراكي النمساوي الذي ينتمي له الراوي ، قد يكون محقا !!

انتهت الزوبعة وغادر النجوم وعلى رأسهم المتطرف "شتراخى" الذي يمشى مختالا ويحيط به 6 حراس (بودي جارد) يمولهم دافع الضرائب النمساوي ، شتراخى الذي لم ولن يجد مصباح علاء الدين السحري لحل مشاكل بلاده المستعصية ، وجد البديل بإلصاق جميع المصائب و"البلاوى" بمسلمي النمسا ، الذين ابتلوا بقيادات مزمنة ومخصيه لا فائدة مرجوة منها .
وخرج عمر من الحلبة ملتقطا أنفاسه المتهدجة، ملوحا براية النصر المؤزر ، قبل أن يصفق له الجميع، لكنه لم يعد.

لن نتخلي عن مبارك حتي الموت/ سلوى أحمد

منذ ما يقرب من 62 عاما كان الرئيس مبارك شابا, واختار العمل العسكري الذي شارك من خلاله في جميع الحروب التي خاضتها مصر, منذ الخمسينات وحتي اكتوبر 1973, لم يتوان يوما في الدفاع عن الوطن بل حمل روحه علي أكفه في سبيل عزته ووحدته وسيادته , لم يخف الموت , ولم يتأخر عن صفوف القتال , بل كان في أول تلك الصفوف, فقد كان هذا الطيار الجسور , النسر المصري العربي الشجاع , الذي جاء مع زملائه لمصر بنصر عظيم أعاد لها عزتها و كرامتها وحريتها المفقودة .

ثم شاء القدر أن يواصل مسيرته في بناء الوطن والحفاظ عليه , فكانت المسئولية التي تحملها بصلابة وثبات , منذ أن كان نائبا للرئيس السادات, ثم رئيسا لمصر علي مدار 30 عاما , حملت في طياتها كثير من الانجازات , التي شملت ربوع مصر من اقصاها الي اقصاها .

وقد أستطاع مبارك أن يثبت أنه الابن البار, الذي أحب وطنه وشعبه بإخلاص وتفاني , وقدم من أجلهما سنوات العمر . تلك السنوات التي مضت ليصل مبارك الثمانيين من عمره . رحلة طويلة , قضاها في العمل والكفاح ؛من أجل الحفاظ علي وطنه في الداخل والخارج . ظل خلالها مضحيا بكل شئ من أجل وطنه لم يتأخر ولم يتخاذل , لذلك من حقه علينا الآن ألا نتخل عنه , وألانتركه في تلك المحنة التي أثبتت كم أحب هذا الرجل وطنه وضحي من أجله, وعرض نفسه لكل ما يعانيه اليوم من ظلم وقسوة ونكران لكل ما قدمه .

ترك مبارك الحكم عندما سمع أصوات تناديه بأن يرحل , وكان يكفيه أن يسمع صوتا واحدا ؛ لان كرامته لا تقبل بأن يحكم شعبا أظهر له بعض أفراده أنهم لا يرغبون في حكمه , ترك الحكم دون أن يقاتل أويحارب من أجل البقاء كما فعل غيره .

والي هنا قدم مبارك كل ما استطاع للوطن حربا وسلما , فماذا قدم له أبناء الوطن بعد كل هذه التضحيات؟ من المحزن أنهم لم يقدموا له سوي السب والإهانه , ووصف عصره بأنه عصر بلا إنجازات , بل عصر فساد بل نراهم اليوم يستكثرون أن يقولوا كلمة رئيس سابق فيقولون عنه المخلوع .و إني علي يقين أن مبارك لو اراد بقاء لظل , وما كان لأحد أن يخلعه أو يحركه , وأضعف الايمان كان بإمكانه أن يبقي ويقاوم لأشهر أولسنوات ,ولكن رجل السلام أبي إلا أن يترك مصر في سلام .

ولكن ولأن ما قدمه مبارك لا يستطيع صاحب عقل او بصيره ان ينكره ؛ فقد تحرك بعض من أبناء الوطن الأوفياء للدفاع عن هذا الرمز والزعيم العربي الكبير . فكما وضع روحه علي أكفه في سبيل الدفاع عنهم والحفاظ علي أمنهم وسلامتهم ؛فقد اقسموا أن يردوا له الجميل, أقسواعلي أن يدافعوا عنه , ولن يتخلوا عنه حتي وإن كان الثمن هو الموت .نعم سيظل الدفاع عن مبارك إلي آخر لحظة في العمر؛ لأنه دفاع عن تاريخ , دفاع عن بطل وهب حياته من أجل
الوطن.

سيظل الدفاع عنه وستكون أرواحنا فداء له ,ولن نبخل بها عليه لانه يستحق . فمن فضل مصلحة الوطن علي نفسه يستحق , من جنب بلاده الصدام والدم يستحق , من عاش محافظا علي تراب الوطن يستحق , وسيثبت التاريخ -الذي يحاول البعض تشويهه وتزييفه - أن مبارك صفحة مضيئة في تاريخ مصر .أما من يسبونه ويهينونه ويتلذذون بكلمة مخلوع عند الحديث عنه ,فسيضعهم التاريخ في أسود صفحاته وستثبت الأيام أن هؤلاء لم يقدموا لمصر ولو نقطة في بحر مما قدمه مبارك .

لذلك نقسم بالله العظيم أن نظل في دفاعنا عن مبارك وعن تاريخه حتي تصعد الروح إلي بارئها ,نقسم أن نعلم أولادنا من هو مبارك , ونزرع حبه في قلوبهم كما زعت وطنيته حبه في قلوبنا , نقسم أننا سنفديه بالروح والدم , وندافع عنه وعن تاريخه , نقسم ألا نتهاون مع أي شخص يهينه أو يسبه وسنكون له بالمرصاد .

وإلي كل الشامتين والمنافقين الذين يستهزئون بمبارك اليوم ,نقول لهم سيظل الأسد أسداً ولو كبلوه بالحبال ووضعوه خلف الأسوار , فلن ينفص من قدره شئ بل إن مبارك الذي تضعونه اليوم سجينا خلف الأسوار أثبت أنه المصري الحر الذي ظل في العطاء حتي آخر لحظات العمر , فقد قبل بالحبس والأسر وفوت الفرصه علي الطامعين الذين يتحينون الفرصة لضرب الوطن .

إن مرض الجسد ضعيف هين أمام مرض النفوس وإذا كان مبارك صاحب جسد مريض فهو صاحب نفس حرة سليمة لا تحمل بداخلها الكره والحقد ولو تبدلت الاماكن لرايتم كيف كانت ستعاملك تلك النفس ,إن مبارك هذا النسر الابي ليس موضع للشماته او السخرية بل أنتم الاحق بهذا الموضع بنفوسكم المريضة وقلوبكم الحاقدة .

ابن مصر وقائدها ستظل هامتك مرفوعة وستظل كبيراً يقدرك كل من يعرف قيمة الأبطال . وأنت سيادة الرئيس بطل .

المصالحة حوار أم جدال؟/ د.إيهاب الدالي

- اجتماع عباس ومشعل غدا ......
- اجتماع المصالحة في القاهرة كان يتسم بالإيجابية ...
- اتفقنا أن نعمل كشركاء بمسؤولية واحدة.....
- اتفقت الفصائل الفلسطينية على الإنهاء الفوري للانقسام ...

كل يوم نسمع أن هناك اجتماع من أجل المصالحة، وتأتي الأخبار أن الأجواء إيجابية، وأن هناك تقدم في ملف المصالحة، وأنها باتت أقرب من أي وقت مضى.

ويبقى السؤال الأهم لماذا تذهب حركتا حماس وفتح إلى القاهرة، وعلى أي أساس وأي برنامج سياسي؟

هل تذهب حركة حماس لتجتمع مع حركة فتح لتقنعها بتغيير برنامجها السياسي وأن تسحب اعترافها (بإسرائيل)؟ أم لتقول لها إن التنسيق الأمني يضر بالمصلحة الفلسطينية ويجب إيقاف كافة أشكاله. أم أرادت من ذلك تحقيق مكاسب إعلامية وحسب نقاط على الطرف الآخر!.

وكذلك حركة فتح لماذا هي الأخرى ذاهبة إلى القاهرة ؟ هل لأن السيد محمود عباس فشل في الحصول على دولة أيلول المزعومة ولا يوجد الآن في جعبته أي شيء يقدمه للفلسطينيين سوى أن يطرق باب المصالحة!

وهل المصالحة بالنسبة له ناجمة عن الوعي والإدراك بضرورة الخروج بموقف سياسي ووطني موحد يكون كسَدٍّ قوي ضد المطامع الأمريكية والغطرسة الصهيونية ؟ أم أراد أن يوجه رسالة إلى الكيان الصهيوني إذا أوقفتم المفاوضات معنا فنحن سنتفاوض مع عدوكم القوي وهي حركة المقاومة الإسلامية حماس، فتكون في يده ورقة ضغط قوية يستخدمها لتنفيذ سياسات لم تعد مجدية !.

هل تعي الأطراف الذاهبة لحوار المصالحة بأن هناك فرقاً بين الحوار والجدال؟

إن ذهبوا للحوار فهذا يعني وضع ملف الانقسام أمامهم للتوافق الكامل على رؤية وطنية فلسطينية ببرنامج سياسي موحد بقواسم مشتركة وصولاً إلى مصالحة حقيقية تنفذ على الأرض فوراً.

وإذا كان الهدف هو الجدال فإن كل طرف سيحاول أن يعرض نفسه الطرف النزيه ويلقى بكيل من الاتهامات على أكتاف الطرف الآخر مما يتسبب في تعميق الانقسام وسنسميها "المجادلة الفلسطينية".

إن الانقسام الفلسطيني مصيبة لن يغفرها التاريخ لنا، لأنها أعطت الصهاينة فرصة تدمير طموحات وآمال الشعب الفلسطيني في أن ينال حريته على أرضه وأن يصلي في مقدساته، من خلال تنفيذ الاحتلال مخططاته المتعجرفة من سياسة الاستيطان وتجريف المزيد من الأراضي وقتل من يريد وتهويد مدينة القدس عاصمة دولة فلسطين المستقلة ونحن منشغلون في خلافاتنا الداخلية.

لقد حاول الاحتلال منذ أن دب بقدميه تراب فلسطين محاربتنا على كافة الأصعدة عسكرياً وإعلاميا وفكرياً،

كما يحاول تقزيم قضيتنا وجعلها قضية حزبية أو فئوية، فبدأ حربه الفكرية علينا بقصة التمييز العنصري بعد تهجيره لأجدادنا "أنت لاجئ أم مواطن" ، "حضري أم بدوي" والآن يريد أن يبين للعالم أن القضية هي "حماس وفتح".

فلا نريد الخروج عن الصف الوطني الفلسطيني في الوقت الذي تجتاح الآليات العسكرية الصهيونية الشوارع فوق أجساد شبابنا وأطفالنا وشيوخنا التي لا تميز بين فصيل وآخر.

ومن كانت على أعينه غشاوة ألم تزلها رؤيته لطائرات الغدر الصهيونية في حرب استمرت أكثر من 22 يوماً، شوهدت فيها غزة مغرقة بلون دماء شهدائنا الأبطال وتضاريس غزة لم تدع لوناً يتميز عن الآخر.

لا نريد أن نجتمع من أجل الاجتماع ونذهب للمصالحة لمجرد أن يكون عنوانا رئيسا في الصحف اليومية وعلى نشرات الأخبار، والتي مل الشارع الفلسطيني من تكرارها دون جدوى؟

والخوف أن نجد أنفسنا بعد عشرين عاماً نغير العنوان ونبدأ الحديث عن (المصالحة العبثية)، ويأتينا أحد المفاوضين بكتاب يسميه "الحياة مصالحة" على غرار كتاب لكبير المفاوضين الفلسطينيين "الحياة مفاوضات" .

سيدي الرئيس محمود عباس و يا سيدي خالد مشعل، ألا تعلمون بأن الطفل الفلسطيني قد نضجت أفكاره ولم تعد أحلامه هي مشاهدة القط والفأر" توم وجيري"!، نريد منكم أن تحملوا هموم شعبكم وألا تخفوا عليه شيئاً وأن تكونوا صريحين مع بعضكم، ظاهرين حُسْنَ نواياكم.

لا نريد أن تنحصر قضيتنا في حوار ومصالحة وننسى صلب القضية الفلسطينية، فنحن شعب مرابط على أرضه إلى يوم الدين هدفنا تحرير مقدساتنا وطرد الاحتلال من كافة أراضينا، ليعود لاجئينا من جديد على أرضهم التي سلبت منهم، ويعود أسرانا ليعوضوا زهرات عمرهم التي قطفت منهم عنوه وبهتانا .

جيل "المروكو مول" بين الإنتظارية.. والإنكسار/ علي مسعاد

Casatoday2010@gmail.com

في زمن إنتشرت فيه ، الأمراض الصامتة المزمنة ، بين الكثير من الناس ، أصبحت لا تسمع غير الشكوى ، من الضعف وقلة الحيلة و الأرق ، وهي الأعراض الأكثر ، إنتشارا بين جيل اليوم ، جيل " المروكو مول " و " البلاك بيري " .
هل كان لهذه الأمراض ، أن تنتشر لولا التربة الخصبة ، التي وجدت في نفوس العديدين ، من قلة الإيمان و ضعفه و الهرولة وراء المال و الغنى الفاحش بأي وسيلة و أي ثمن ، فضلا عن غياب الوازع الأخلاقي ، لدى الكثيرين .
يحدث كل هذا و العالم المعاصر ، عرف قفزة نوعية من حيث التطور و التقدم ، لكن من حيث العمران و الهندسة المعمارية ، لكن من حيث بناء الإنسان كروح و جسد وعقل ، فالخواء و الفراغ ، لدرجة ضاعت المعايير الأخلاقية ، بين بني الإنسان ، وأصبح الفرد منا يقاس بمقدار إمتلاكه لحاسوب و كاميرا رقمية و هاتف نقال و سيارة و أفخم المنازل ، معايير مادية محضة ، لا مكان فيها للأخلاق و المبادئ و المثل العليا .
فأنت تكون متدينا و نبيلا وشهما و متخلقا بخلق القرآن ، فأنت أقرب إلى الغباء منه الطيبة و أن تملك آخر صيحات الموضة ، فأنت " إبن زمانك " و محط إعجاب الكثيرات و الكثيرين و كل الأعين تتعقب خطواتك ، إن إعجابا أو حقدا أو حسدا .
ما غاب عن جيل " التي جي في " ، أن إنتشار سبب الأمراض المنزمنة و الصامتة ، هو الإبتعاد عن الروحانيات ، وإلا ما تفسير العديدين ، لظاهرة إنتشار " الرقية الشرعية" بين الدروب والأزقة و الشورع و حتى القنوات الفضائية ، فالكل أصبحا متخصصا ، في إيجاد الحلول للمس و الحسد والعين و الجن و غيرها من الأعراض المتربطة بغياب الوازع الديني ، لدى جيل " البلاي ستايشن " .
الجيل الذي أضاع " بوصلته " ، وأصبح تائها ، بين الإسلام والعلمانية ، بين العرب والغرب ، بين الأصالة والمعاصرة ، فلا هو من هؤلاء و لا من هؤلاء ، لدرجة تغيرت لهجته و لغته ، فلا هو عربي و لا عرنسي و لا يمتلك غير رموز " الشات " بلا إحساس وبلا أفق ثقافي .
لدرجة ، أصبحت حياة العديدين ، بلا طعم ، فأغلبهم يأكلون بلا شهية ، يمارسون الجنس بلا لذة ، يعيشون ليومهم بلا أفق ، قاطعوا جذورهم وتاريخهم بلا رحمة و لا شفقة .
يقضون يومهم في قاعة الإنتظار ، إنتظار الذي يأتي وقد لا يأتي ، فالتقدم و الحضارة لا تعني أوتوماتيكيا ، أن تمتلك حسابا بنكيا و آخر صيحات الموضة في التكنولوجيا و الألبسة وأن تكون "إبن زمانك " ليس أن تخرج إلى الشوارع كل يوم أحد وأن تكون " مناضلا " لا يعني البتة أن تكون إنتهازيا و وصوليا ، فلكي تكون كذلك ، عليك أن تعرف نفسك و أن تكون أنت أنت و لا أحد غيرك ، تحس بآلام الآخرين و أن تتخلق بخلق القرآن و أن تكون خليفة فوق الأرض ، بما تعني الكلمة من معنى .
لأن الذي يحدث اليوم ، وتتحدث عنه الصحف و نشرات الأخبار ، من زنا المحارم و قتل الأرواح و إستغلال الضعفاء و ذوي الحاجة و السرقة و الإغتصاب ، ليست من النبل في شيء و لا من الحضارة و التقدم و الذهاء و الذكاء و غيرها من المصطلحات الرنانة ، أو بتعبير لغة الشارع " القافز " ، " كجبدها من فم السبع " ، والتي لم تقدنا إلا إلى الهلاك و الخوف وعدم الثقة في بعضنا البعض ، حتى أصبحت حياتنا "جحيما " لا يطاق .
فهل من "التقدم " في شيء ، أن ينطوي كل فرد على ذاته و كل أسره على نفسها و كل قبيلة على حدودها ، في زمن تقول عنه وسائل الإعلام ، أنه عصر تماهت فيه الحدود و أصبح العالم قرية صغيرة ، بفضل الأنترنيت و الساتل ؟ا أم هو الجشع و الطمع وحب المال و الهرولة ورائه ومن أجله ولأجله ، هي أسباب " إنغلاقنا " على ذواتنا و إحساسنا ب" التعاسة " الداخلية " في زمن أغاني غرف النوم و " بوس الواوا " .

القدس ما بعد الضوء الأحمر: خدمة مدنية.. مخدرات.. لجان إصلاح عشائرية/ راسم عبيدات

..... ليس بخاف على أحد حجم الضغوط والمضايقات التي يتعرض لها شعبنا في القدس،حيث أن الاحتلال يسعى لتدمير الإنسان الفلسطيني،وسلخه عن واقعه وتفريغه من محتواه وأية مضامين وطنية،ناهيك عن تحويله إلى كتلة من الحطام البشري،الذي يشكل عبئاً على أسرته وعائلته ومجتمعه،وهو لا يترك أي فرصة او وسيلة إلا ويستخدمها تجاه تنفيذ مخططاته في هذا الجانب،مستغلاً حالة الفراغ السياسي وتراجع وانكفاء الحركة الوطنية بفعل شدة الهجمة الاحتلالية عليها،ووجود قرار عند بعض الجهات النافذة فلسطينياً بإضعافها وتبهيت دورها.

ونتيجة لوجود الفراغ السياسي وضعف وترهل الحركة الوطنية وعدم وجود عنوان ومرجعية مقدسية موحدة شعبية قادرة على الإحاطة بالوضع والهم المقدسي وتمتلك المبادرة الإبداع.

كل هذا دفع بالخفافيش والطحالب لكي تظهر وتخرج وتنمو وتتسلق وتتفرعن،وتحاول ان تحل محل الحركة الوطنية وتطرح نفسها كعنوان وبديل،بل ويتمادي البعض الى ما هو ابعد وليتجاوز كل الخطوط الحمراء،ويكشف عن نفسه بكل سفور ووقاحة،ويطرح مشاريع وأفكار على درجة عالية من الخطورة،من طراز ان المقدسيين يريدون بقاء الاحتلال،أو دعوة الشباب المقدسي للخدمة في شرطة الاحتلال(الخدمة المدنية)،وتصوير الأمر على انه خدمة للقدس وسكانها،مستغلين بذلك بعض الشباب والاهالي غير الواعين،أو الذين يعانون من ظروف اقتصادية واجتماعية صعبه،ويقوموا بطرح مشاريعهم وأفكارهم عليهم،والعراب في هذه القضية هم من رجال العشائر الذين لهم ارتباطاتهم وعلاقاتهم مع الاحتلال،ويقول ويزعم عراب هذا المشروع الخطير نسيبة خطيب (31 ) عاما من قرية برطعة بأنه نجح في تجنيد (150 ) شاب وفتاة مقدسية للخدمة المدنية،وخطورة المسألة ليست هنا فقط إذا ما كان صحة في حديثه،بل القول بأن الكثير من رجال الأعمال العرب المقدسيين يدعمون مشروعه،وهنا يجب علينا أن نكون حذرين فهؤلاء الأشخاص والمرسوم لهم دور في إطار سياسة الاحتلال ومشاريعها لتهويد واسرلة المدينة،يبثون الإشاعات والأكاذيب ويضخمون الأمور من أجل إظهار الواقع على غير حقيقته،فهذه معركة تستهدف السيطرة على العقل الفلسطيني،وبالتالي قد يكون هناك بعض رجال الأعمال المرتبطة مصالحهم بوجود الاحتلال او من الذين يستثمرون في إسرائيل والمستوطنات كما قال وذكر عيسى سميرات في رسالته للماجستير يناصرون ويدعمون هذه الفكرة،فمصالحهم ومصالح المنظرين لفكرة التجنيد للخدمة المدنية ملتقية بالحفاظ على مصالحهم وخدمة الاحتلال.

ومن هنا يتوجب على الحركة الوطنية بمختلف تلاوينها السياسية ومعها مؤسسات المجتمع المدني والأهلي المقدسي،أن تأخذ دورها في هذا الجانب،وتتصدى لمثل هذه الظواهر الخطيرة التي تمس بوطنية وانتماء شباب شعبنا،فلا يعقل أن يصبح أبناء مدينتنا أداة ورأس حربة للاحتلال،يستغلهم لخدمة أهدافه ومشاريعه في المدينة.

وهنا يتوجب علينا كمقدسيين القيام بعمليات التوعية والتحريض وحتى فرض المقاطعة على كل من يمارس او يشارك او يدعو لمثل هذه الأفكار ويروج لها.

والهجمة على الشباب المقدسي ليست مقتصرة على هذا الجانب،فالاحتلال ينقل تجاربه ونجاحاته التي حققها في المدن الفلسطينية(المختلطة) في الداخل (اللد والرمله وعكا ويافا) الى مدينة القدس،من حيث نشر الأمراض والافات الاجتماعية من مخدرات ومشاكل اجتماعية في أوساط الشباب تحديدا والمجتمع الفلسطيني عموماً،حيث أضحت تلك المدن بؤر ومراكز بيع وتوزيع للمخدرات،وما تركه ذلك من نتائج وخيمة على شعبنا هناك،من تدمير وضياع للشباب،بل أصبحت هناك "مافيات" تتحكم بمصير تلك المدن،وما تبع ذلك من خلق لنزاعات وخلافات عائلية وعشائرية وعمليات قتل وثأر،وما حدث في الداخل الفلسطيني جرى نقله للقدس،حيث أصبحت المخدرات منتشرة في القدس بكل تجمعاتها وزقاقها وحواريها وشوارعها،فالشباب الفلسطيني محبط ويعاني من ضغوط اقتصادية واجتماعية ونفسية كبيرة جداً،والمؤسسات التي تعنى بالشباب محدودة،والبرامج الموضوعة لا تفي بالغرض المطلوب،والمعطيات التي تنقلها المؤسسات العاملة في حقل الوقاية من آفة المخدرات تشير إلى وجود رقم مرعب عن عدد المتعاطين والمدمنين في مدينة القدس،فهي تتحدث عن (12- 15 ) ألف مدمن ومتعاطي في محافظة القدس،منهم على الأقل 1500- 2300 متعاطي ومدمن حشيش وكحول تعاطوا لمرة واحدة خلال السنوات الثلاثة الماضية من الفئة العمرية 12- 25 سنة.

وبرامج التوعية والوقاية من هذه الآفة محدودة وهي لا تصل الى 1000 طالب وشاب سنويا حسب ما ذكره تقرير مركز البلدة القديمة للإرشاد- طاقم الكاريتاس- ولا تنفذ أية برامج وقائية في الأندية والمؤسسات الشبابية والنسوية والاجتماعية.

وليس هذا فحسب فالتمويل لمثل هذه البرامج محدود،والمسالة هنا بحاجة إلى جهد جماعي وبقيادة لجان مهنية ومختصة في هذا الجانب،ومن الضروري استغلال وسائل الإعلام والمؤسسات التربوية والتعليمية في عمليات التوعية،مثل صفحات التواصل الاجتماعي ،الراديو والتلفزيون، بث مقاطع حول مخاطر المخدرات وطرق الوقاية منها،وإذا لم تضافر الجهود وتتوحد الطاقات فنحن أمام وضع كارثي في المدينة يتصاعد ويتفاقم،وبما ينذر بتدمير شامل للنسيج المجتمعي المقدسي،ونحن لسنا نقف عند الخطوط الحمراء،بل ما بعد ذلك،والتجاوز لتلك الخطوط،لن يقف وينتهي عند تلك الحدود،فحالة الضعف والإنهاك والفراغ التي يعاني منها المجتمع المقدسي،فصائل واحزاب ومؤسسات وغيرها،بدعم مباشر من الاحتلال فتح المجال والباب على مصرعيه،للبعض لكي يجاهر ويتباهى بالخروج عن الثوابت والخطوط الحمراء،حيث جرى تشكيل لجان إصلاح عشائري مرتبطة بشرطة الاحتلال،يناط بها التدخل في قضايا الخلافات والمشاكل الاجتماعية،وهذا يجعل الوضع الاجتماعي المقدسي أمام خطر داهم،وعرضه للاختراق من قبل الاحتلال وأجهزته المختلفة،تنفذ منها وتعمل على تخريب المبنى الاجتماعي المقدسي،وتبقيه في حالة من الصراع الدائم،وتحرف الصراع عن جهته واتجاه،فبدلا من أن يتفرغ الشباب لمواجهة الاحتلال ومقاومته توظف طاقاته وإمكانياته في الاحتراب والاقتتال العشائري والجهوي.

نحن في القدس ما بعد الضوء الأحمر،والخطر جد داهم،والاحتلال يجهز على المدينة بشرا وحجرا وشجرا،والمطلوب خطوات جدية وعملية على الأرض لدعم صمود وبقاء المقدسيين في وعلى أرضهم،مطلوب خطوات وبرامج تتجاوز الشعارات والتنظيرات و"الهوبرات" الإعلامية واللقاءات المتلفزة وغيرها.

القاعدة تحت جناح المعارضة السورية/ صبري حجير


يبدو أنّ الأمرَ باتَ واضحاً الآن ، بعد مرور تسعة أشهر على الأحداث في سوريا ، فالفوارق باتت فاصلة ، والتباينات واضحة ، بين ثورة عربية وأخرى ، فيما بات يُعرف بالربيع العربي . الثورتان المصرية والتونسية تميزتا عن غيرهما بأنهما جاءتا مباشرتين وعفويتين فحققتا المفاجأة ، وتميزتا بالإتساع الشعبي ، والتدفق الجماهيري الذي غطى المدن والشوارع والساحات ، فأحدثَ الشعب العربي في البلدين ، بقوة الحراك والتدافع الثوريين تغييراً دراماتيكيا ، تجسدَ في اسقاط رأسي النظامين بالسرعة اللافتة . فلم تُتح الفترة القصيرة نسبياً ، الوقتلتدافع دولي أوإقليمي للتدخل في شأن الثورتين .فوقف العالم مشدوهاً أمام شعب عربي أخذ ذمامه بيده وأسقط أنظمته وهزمها . حاولت الولايات المتحدة الأمريكية أن تمارس لعبة التوازن المتاحة ما بين الشعب الثائر والنظامين المترنحين ، فلم تفلح ، فباتت مضطربة ومتقلبة لحينٍ من الوقت ، ما جعلها بعد عدة مناورات أن تنحاز تكتيكيا لجانب الشعب وثورته ، لعلها تجد لها معبراً تنفذُ منه لتعيداستخدام أوراقها من جديد ، في ذلكَ الفيضان المتدفق !
لابد من التدقيق والبحث في مواقف وتوجهات ومكونات ومضامين الأنظمة العربية التي سقطت والتي مازالت .

الحراك الشعبي الذي انطلق في سوريا في 15 – آذار – 2011 شقّ طريقه في الشوارع السورية بشعارات مطلبية ديمقراطية ، كانت تطالب بالحرية والعدالة والديمقراطية ، اعترف الرئيس بشار الأسد بأحقية المطالب الشعبية ووعد بتحقيقها ، بل تبنى الرئيس السوري برنامجاً للاصلاح الوطني يحقق تلك المطالب ، فأصدر عدة قوانين وتشريعات ، واطلق حواراً وطنيا للقوى المعارضة وللفعاليات والشخصيات السياسية في البلد . كلّ ذلك تحت سقف شرعية النظام وثوابته السياسية والقومية التي من شأنها أن تؤمن للشعب السوري استمرار مواقف الممانعة والمقاومة والديمقراطية والعدالة الإجتماعية ، بينما النظامان في مصرَ وتونسَ لم يملكا تلكَ الورقة الوطنية التي في يد النظام السوري .لم تكن الشعارات التي رفعها الشارع السوري تتجاوز حدود السياسة الخارجية والمواقف الوطنية والقومية للنظام . الى أن دخلت على خط الحراك الشعبي السوري حكومات وقوى دولية وإقليمية ، مستفيدةً من ظروف البيئة الجديدة في المنطقة ، ونجحت في توظيف أدواتٍ حزبية تتبع لها ( الإخوان المسلمين والوهابيين والسلفيين ) المقيمين في بريطانيا وأمريكا وبعض الدول الغربية والعربية ، في محاولةً لاختراق الشارع السوري ، والنفاذ الى مفاصل حراكه المطلبي لهدف حرف مسيرته وأهدافه عن اتجاهاته المطلبية الى اتجاهات المطالبة باسقاط النظام ، ورفض الحوار معه!

تنامت الإضطرابات في عدد من المدن السورية ، وخاصةً تلكَ المحاذية لحدود الدول العربية ، وتطور الوضع الى حدِّ ارتكاب جرائم وحشية يندى لها الجبين ، على يدِ مجموعات سلفية أصولية وبدعمٍ لوجوستي تقدمه دول الخليج ، وفي ظلِ قوة ضغطٍ واشتباكٍ دولي ، تقودهُ الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا ، وباستخدامٍ مفرطٍللبث الإعلامي المُغرض والمُضلل البعيد عن المهنية والأخلاق ، الذي يدعو الى القتل والفتنة ، اعلاماً تقودهُ غرفُ عمليات سوداء ، على غرار محافل الماسونية العالمية ، في حربٍ اعلامية منظمة ومنسقة تجعل المادة الإعلامية المضللة تتوالى لعدة مرات ، وعلى أكثر من ستين قناة فضائية عربية . لكن اللعبة باتت مكشوفة ، والأدوات مفضوحة ، بفضل إدراك ووعي الشعب السوري لمدى المؤامرة التي يتعرض لها وطنه .
بعد تسعة أشهر بدتِ الصورة واضحةً ، والأدوات الخليجية الموظفة من قبل أمريكا والغرب أخذت تلعب على المكشوف ، فما عاد مهماً لذلك الوزير القطري صاحب نظرية الإستجداء أن يتستر بأيّ رداء !

برنامج الإصلاح والتغيير الذي طرحه الرئيس بشار الأسد ، لاقى استجابة من الأغلبية الشعبية الصامتة التي تريد الإصلاح والحفاظ البلاد ، وانحازت اتجاهات وحركات وطنية معارضة الى مقتضيات التغيير المأمول ، وباتت في دائرة التفاعل الإجابي مع تطلعات الشعب الحريص على وطنه ومبادئه الوطنية.


وبقيت المعارضة الخارجية تتابع ، بل تصعد من مواقفها ، وترفع وتيرتها بشعارات تستبيح بها الكرامة الوطنية والأمن القومي للبلد ، وتذهب في مواقفها المعلنة الى شواطئ صخرية خطيرة ، من شأنها أن تغرق البلد وتقسمه ، وتقضي على قلعة العروبة التي لطالما شكلت في التاريخ المعاصر جبهة الحماية للمقاومة العربية . لم تتطرق المعارضة السورية بالخارج الى طرح شعارات وطنية وقومية من شأنها أن تكسب الشارع السوري المعروف بوطنيته وإيمانه بعروبته ، لأنها كما بدا تتحرك وتنطلق وفقاً لأجندات سياسية أمريكية ، فعلى مدى تسعة أشهر لم تلتفت المعارضة السورية الى موضوع تحرير الجولان كشعار وطني ، قد تختلف مع النظام السوري بشأن تحريره ، بينما النظام الذي يحكمه حزب البعث مازال يضع في برامجه السياسية قضية الصراع العربي الإسرائيلي ، وما زال يعبئ شعبه على حتمية استرجاع الأرض المحتلة بما فيها فلسطين والجولان . ونتيجة فشل وتقهقر الجماعات السورية المعارضة المرتبطة بالأجندات الأمريكية والغربية ، شرعت الولايات المتحدة الأمريكية في استخدام منظمات ارهابية عالمية (كالقاعدة ) تحت جناح المعارضة السورية ، تستبيح الدم العربي السوري ، وتبقي النظام يقف على عصب الوتر المشدود ، لاجل منع مسيرة الإصلاح في سوريا ، فليس من مصلحة الولايات المتحدة الأمريكية ، وليس من مصلحة الكيان الصهيوني أن يكون بجانبه دولة عربية حرّة وديمقراطية . هذا الإستخدام الأمريكي لمنظمات ارهابية عالمية ومسجلة في القوائم الدولية للارهاب ، من شأنه أن يورط المعارضة السورية وخاصةً الخارجية منها ، ويوصمها بعلاقات مشبوهة ، قد يترتب عليها مسؤوليات قانونية دولية في المستقبل (غوانتنامو )!

بروتوكول الموت/ محمد فاروق الإمام

نعم إنه بروتوكول الموت بامتياز لأن هذه التسمية جاءت من رحم المعاناة التي يتعرض لها الشعب السوري على يد جلاديه بمشاركة الأشقاء في الجامعة العربية العاجزة ببعض أعضائها المعاقين، وغطاء من العالم أجمع بفضل المماحكة بين روسيا المتواطئة مع النظام والغرب الغير مكترث بهذه الأرواح التي تزهق.
فبعد مخاض عسير عبر ولادة قيصرية، راح ضحيتها ما يزيد على ألفين من الشهداء، وقّع النظام السوري على بروتوكول المبادرة العربية بعد أن تيقن أن الفريق الذي سترسله الجامعة إلى سورية قد أتقن السباحة في بحر الدم السوري النازف منذ عشرة أشهر على يد عصابة المافيا التي تحكم سورية منذ ما يزيد على أربعة عقود، لأن فن إتقان السباحة في هذا البحر شرط من شروط وزير خارجية النظام وليد المعلم حتى يقوم بالتوقيع على هذا البروتوكول، وقد تحقق له ذلك دون أي عناء أو التزام ببنود المبادرة العربية، وإذا كان غير ذلك فكيف لنا أن نبرر عدم تطبيق النظام لهذه البنود التي تشترط على النظام فيما تشترط قبل وصول فريق المراقبة إلى سورية أن تُسحب كل الآليات العسكرية والمظاهر المسلحة من شوارع المدن والبلدات والقرى، وأن يطلق سراح جميع المعتقلين السياسيين الذين تجاوزت أعدادهم الستين ألفاً، وأن توقف كل عمليات القمع بحق المتظاهرين السلميين والسماح لهم بالتظاهر السلمي، وأن يسمح لوسائل الإعلام العربية والأجنبية بالدخول إلى البلاد وحرية الحركة لرصد ما يجري على الأرض السورية بشفافية ومهنية، وكل هذا لم يتحقق، ومن هنا جاءت تسمية هذا البروتوكول ببروتوكول الموت، لأن آلة القمع الجهنمية الدموية التي يستخدمها النظام بحق الشعب السوري في طول البلاد وعرضها لم تتوقف، بل زادت وتيرتها أضعاف أضعاف ما كانت عليه قبل القبول بالمبادرة والتوقيع على البروتوكول الملحق بها؟!
وحتى بعد وصول طلائع بعثة المراقبين العرب إلى دمشق كان في انتظارهم عملية رعب لتخويفهم وحرف مهمتهم التي جاؤوا من أجلها، لإشغالهم بمهمة التفتيش عن وسائل تحميهم من يد العصابات المسلحة التي يدعي النظام وجودها، والتي ستكون لهم بالمرصاد إن هم تجرؤوا وغامروا في الذهاب إلى المواقع غير الآمنة بحسب ما قاله المعلم قبل أيام من وصول اللجنة، بعيداً عن رغبة النظام السوري في تحديد المواقع المسموح للمراقبين العرب بزيارتها، وبالفعل فقد افتعلت العصابات الأسدية تفجيرين في موقعين أمنيين كانت البعثة تنوي زيارتهما، وادعت أن ذينك التفجيرين كانا على يد انتحاريين من عناصر القاعدة، مع العلم أن هذين الموقعين لا يمكن لطائر أن يحط على الجدران الخارجية لهذين الموقعين المحصنين، لكثرة العيون المراقبة والأيادي التي تقبض على الزناد على مدار الساعة، وكثرة سلاسل الحواجز والسواتر الترسانية التي تقطع أوصال الشوارع والممرات والمداخل إليها على بعد ثلاثمائة متر من هذين الموقعين، اللذين تم تفجيرهما بفبركة وتخطيط وتنفيذ من أجهزة الأمن السورية بأجساد العشرات من المعتقلين السياسيين السوريين الذين كانوا قد قضوا تحت التعذيب داخل أقبية هذه المقرات الأمنية، التي ادعت سريعاً وبعد نحو ثلاثين دقيقة، أن القاعدة هي وراء هذين التفجيرين، وقد مهد وزير الدفاع اللبناني لأجهزة أمن النظام السوري إلصاق هذه التهمة بالقاعدة عندما أعلن قبل يومين أن هناك عناصر من تنظيم القاعدة قد تسللوا إلى سورية من منطقة عرسان الحدودية اللبنانية، في الوقت الذي مضى على مقتل عماد مغنية قائد المهمات الصعبة في ميليشيا حزب الله في نفس المنطقة لنحو ثلاثة أعوام (شباط 2008) ولم تتمكن أجهزة مخابرات النظام السوري تحديد هوية مفجر السيارة التي قتلت عماد مغنية.
عمليتا التفجير فبركة ممجوجة من ترهات هذا النظام التي لا يمكن أن تنطلي على طفل معوق أو يصدقها شيخ خرف، وقد خبر القاصي والداني ألاعيب هذا النظام وخدعه وكذبه، وهذا ديدنه ومبدأه وتاريخه، وقد سقطت كل أوراق التوت التي كانت تستر عوراته لسنين طويلة كان يخدع فيها بسطاء الأمة ويشتري بالفتات من المال المنهوب ذمم ضعافها.
علينا انتظار موقف الجامعة العربية وقرارها التي ستتخذه بعد وقوع هذه المسرحية المستهجنة وكيف ستتعامل معها ومع تداعياتها، والتي نأمل أن يكون أعضاء اللجنة من الفطنة والنباهة تجاه هذه الألاعيب الشيطانية التي يبتكرها النظام، ليجعل من نفسه ضحية للإرهاب لا مبتكر له وممول ومهندس، فيكون لهم الموقف الصلب والمتشدد تجاه هذا النظام دون الالتفات إلى ألاعيبه وخدعه الرخيصة والمفضوحة، وبالسرعة التي تحول دون ما يشتهي النظام ويريد، سعياً لوقف شلال الدم النازف من أجساد أطفال وشيوخ وشباب ونساء الشعب السوري المنكوب، وكف يد النظام عن القمع الممنهج والمقنن بحق المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية والكرامة والديمقراطية والتعددية والتداول السلمي للسلطة.
وختاماً أرفق البيان الساخر الذي أصدرته الثورة السورية حول مسرحية التفجيرات المفتعلة التي قامت بها أجهزة أمن النظام السوري.

حدود الدولة الفلسطينية بين الدوحة والقاهرة/ د. مصطفى يوسف اللداوي

هل اتفقت فصائل الثورة الفلسطينية على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة، وأصبحت الخارطة التي وزعتها دولة قطر على هامش الدورة الرياضية العربية هي الخارطة الرسمية للدولة الفلسطينية، وعلى أساسها يجب أن تمضي المفاوضات، وتبنى المواقف، ويلتقي الفلسطينيون، وعلى هداها اتفقت الأطراف الفلسطينية في اجتماعاتها الأخيرة في القاهرة، فوحدت موقفها السياسي من حدود الدولة، وأصبح خطابها إلى العالم واضحاً وصريحاً أن حدود الرابع من حزيران لعام 1967 هي حدود الدولة الفلسطينية، وهي أقصى ما نطالب به، فلا نريد أكثر من ذلك، ولا نطالب بالمزيد من الأرض، ولا نزاحم إسرائيل على ما اغتصبت، ولن نطالبها بالانسحاب من الأرض استعمرت.

كما وحدت من قبل موقفها من إستراتيجية المقاومة، فأبدت قبولها بالمقاومة السلمية الشعبية، واحترامها لخيار المفاوضات، وأبدت استعدادها لأن تمنح فريق المفاوضات فرصة جديدة، وتجربة أخرى من الحوار مع الاحتلال الإسرائيلي، علها تنجح معه هذه المرة، وتنال منه ما عجزت عن نيله في الجولات السابقة، وتحقق من خلال مسار السلام أحلام الشعب الفلسطيني في دولةٍ على جزءٍ من أرضه، يرفع فوقها علم بلاده، ويمارس عليها سيادته، ويتمتع فيها بحريته، ويبني من خلالها علاقاته الدولية، وتكون فيها سفاراتٌ أجنبية، ومؤسساتٌ دولية، وإرادة وطنية مستقلة، رغم أن أحداً في المجتمع الدولي لم يشجعهم على موقفهم ولم يؤيدهم في سياستهم الجديدة، إذ أنهم لا يضمنون دولة الاحتلال، ولا يقوون على فرض موقفٍ عليها، أو إكراهها على قبول ما لا تحب وترضى، وهي لن يرضيها أن يكون للفلسطينيين دولة ووطن.

الفلسطينيون من أكثر دولة العالم ثقافةً ووعياً سياسياً، وهم أكثر من اكتوى بنار السياسات الدولية والتوازنات الإقليمية، إنهم يحسنون قراءة الأحداث السياسية والمتغيرات الدولية، ويفهمون الأسس التي تقوم عليها الاستراتيجيات، وتبنى على أساسها المواقف، ويعرفون مآلات الأشياء ومصائر السياسات، ويدركون إلى أين تمضي بهم المراكب، وإلى أين تسير بهم قياداتهم، ولكنهم يتطلعون إلى أن يكون القرار قرارهم، والموقف نابعٌ من شعبهم، والتوجه معبرٌ عن إرادتهم، فقد قاتلوا طويلاً من أجل القرار المستقل، وضحوا في سبيله بآلاف الرجال، وخسروا لأجله مواقع وقواعد ومكاسب وامتيازات من أجل أن يبقى القرار الفلسطيني قراراً حراً مستقلاً معبراً عن إرادة الفلسطينيين، وناطقاً باسمهم، وصادراً عن شعبهم صاحب القضية والأهلية والشرعية.

لم تعلق الحكومة الإسرائيلية على الخارطة القطرية، ولم تبد تأييدها لما قامت به حكومة قطر، كما لم تشكرها على أنها ثبتت خارطة إسرائيل على بقية الأرض الفلسطينية، وأبقت على اسمها فوق 70% من أرض فلسطين التاريخية، ولما سكتت الحكومة الإسرائيلية سكت الآخرون أجمعين، لم يحركوا ساكناً، ولم يصدروا موقفاً، ولم يشكروا قطر على مبادرتها، ولكن الخرس أصاب المفاوضين الفلسطينيين أيضاً، فسكتوا عما قامت به قطر، ولم يعقبوا على تصرفها، ولم ينتقدوا ما أقدمت عليه في مناسبةٍ عربية رسمية، ولم يعترضوا عليه أمام وسائل الإعلام أو خلف الكواليس، وكأنهم يباركون لقطر ما قامت به، أو لا يقوون على استنكار ما قد أعلنته، وقد كان حرياً بالقوى الفلسطينية أن ترفض وأن تستنكر، وأن تغضب وتعبر عن استيائها واستنكارها، وأن تفعل ما فعلته المملكة المغربية التي أغاظها توزيع خارطة بلادها دون الصحراء المغربية، أو أن تكون مثل شعبها الفلسطيني الذي استنكر شطب قطر لأرضه، وتجاوزها لحقه.

فهل استطاعت قطر أن تقرب وجهات النظر، وأن ترأب الصدع الفلسطيني في القاهرة، وأن تنهي الإشكاليات والتناقضات القائمة بين الأطراف والفرقاء الفلسطينيين الذين صمتوا عن إجرائها واعتبروه قاسماً مشتركاً وأساساً للتفاهم ونقطةً لبدء حوار مشترك، فمهدت لتفاهم أعمق في القاهرة قد يكون هو الأخطر والأكثر تأثيراً على مستقبل القضية الفلسطينية، فكانت خطوتها التي رضي عنها البعض وسكت عنها آخرون أبلغ من كل الوساطات، وأقوى من كل الجهود، ففعلت فيهم فعل السحر، فقربت بينهم، وأنهت خلافاتهم، وأذابت الجليد الذي بينهم، وفتحت أمامهم آفاقاً كانت مغلقة، وفضاءاتٍ كانت مسدودة، وسهلت للقاهرة ما كان عصياً عليها، وهي التي بذلت بعد الثورة جهوداً كبيرة، وقضت مع المتفاوضين أياماً طويلة، ولكنها ما كانت لتصل معهم إلى ذات النتيجة.

الشعب الفلسطيني الذي يتطلع إلى المصالحة الوطنية ويريدها، وترنو عيونه إلى استعادة بريقه وعودة البهاء إلى صورته ومسيرة مقاومته، كان يتمنى أن تكون حاجاته وآلامه، وآماله وتطلعاته، ومصالحه ومستقبله، هي الدافع وراء تحقيق المصالحة، وأن يكون قرار التوصل إليها نابعاً من حاجة الشعب إلى الوحدة، ومن حاجة الأهل إلى التئام الشمل، وحاجته إلى تضميد جراحه، وعلاج جرحاه، وحل مشاكله، وتجاوز الصعاب والعقبات التي توضع في طريقه، فهل أستشير الشعب الفلسطيني على أرضه وفي شتاته على أسس الاتفاق وقواعد المصالحة واللقاء، وهل استمعوا لرأيه في مستقبله وفي الحلول التي يرى أنها قادرة على حل مشاكله، وتجاوز خلافاته.

للشعب الفلسطيني رأيٌ يجب أن يسمع، وله كلمة يجب أن يسمح له بقولها، وله موقفٌ يجب أن يحترم ويقدر، فلا يقرر في مصيره جمعٌ من الفلسطينيين أياً كانوا، ولا ينطق باسمهم من لم يختارهم الشعب ممثلين عنه، ولا ناطقين باسمه، إنهم موظفين ليسوا أكثر، يتقاضون على جهودهم رواتب وحوافز، ويستمتعون في حواراتهم بالسفر والترحال، ولكن للشعب أماني غير أمانيهم، وعندهم حساباتٌ غير حساباتهم، ولهم تطلعات غير تطلعاتهم، فهم لا يخشون الفاقة إذ يعيشونها، ولا يخافون الحرمان إذ يعانونه، ولا يأبهون بالعراء لأنه مكانهم، ولا يقلقون على المستقبل لأنه بأيديهم، ولا ينافقون لأنهم ليسوا بحاجة، ولا يداهنون لأنهم لا مصلحة لهم عند غيرهم، ولا يفرطون في المقاومة لأنها عزهم، ولا يتخلون عن الوطن لأنه بيتهم، ولا يتنازلون عن العودة لأنها حقهم، فهل يسمع رأيهم ؟ ...


دعوها فإنها منتنة/ نرمين كحيلة

جاء في البخاري أن رجلين من المهاجرين والأنصار تشاجرا فَقَالَ الأَنْصَارِىُّ يَا لَلأَنْصَارِ. وَقَالَ الْمُهَاجِرِىُّ يَا لَلْمُهَاجِرِينَ فَسَمِعَ ذَاكَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "مَابَالُ دَعْوَى جَاهِلِيَّةٍ؟قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ .فَقَالَ دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَة." و"كسع" معناها أنه تكلم فرماه على إثر قوله بكلمة يسوءه بها. هل تفكرنا في معنى كلمة (منتنة (ولو لدقائق فقط ؟ كل إنسان يعلم مامعنى كلمة نتن والنتانة هي الجيفة أو الشيء المتعفن الذي لايستطيع الإنسان الاقتراب منه. والشئ المتعفن هو المتهالك الفاسد الذى لا جدوى منه. وهو تشبيه منفر من هذا السلوك فلو شعر كل عنصر بعلوه على العنصر الآخر لتعفنت العلاقات بين الناس.

والواضح من الحديث الشريف أن النبى صلى الله عليه وسلم يصف العنصرية بأنها جاهلية فالعرب قبل الإسلام كانت تتفاخر بأنسابها وكل شخص يقاتل بالباطل فى سبيل الدفاع عن قبيلته وهو ما سُمِىَ بالعصبية القبلية. وكان من بين أهم أغراض الشعر الذى برع فيه العرب هو الفخر وغالوا فى ذلك غلوا شديدا.

وكان النبى صلى الله عليه وسلم – وهو الشريف - أول من أسقط هذه العنصرية حين قال" إنما أنا ابن امرأة كانت تأكل القديد بمكة".

وذات يوم اجتمع الصحابة في مجلس فقال أبو ذر: أنا أقترح في الجيش أن يفعل به كذا وكذا فقال بلال: لا .. هذا الاقتراح خطأ ، فقال أبو ذر: حتى أنت يا ابن السوداء تخطئني فقام بلال مدهوشاً غضباناً أسفاً ...وقال: والله لأرفعنك لرسول الله عليه السلام..فتغير وجه النبى وقال : يا أبا ذر أعيرته بأمه ...إنك امرؤ فيك جاهلية.!!فبكى أبو ذر وقال: يارسول الله سل الله لي المغفرة ..ثم خرج باكياً من المسجد ...وأقبل بلال ماشياً .. فطرح أبو ذر رأسه في طريق بلال ووضع خده على التراب وقال: والله يابلال لا أرفع خدي عن التراب حتى تطأه برجلك. أنت الكريم وأنا المهان ....!!فأخذ بلال يبكي .. وأقترب وقبَّل ذلك الخد ثم قاما وتعانقا وتباكيا.

كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ليس منا من دعا الى عصبية وليس منا من قاتل على عصبية وليس منا من مات على عصبية" (صحيح مسلم) ..فالعصبية هى أساس الفتن وتجعل الناس فى فرقة وتناحر والدعوة لتجنبها واجبة حتى تسلم أمتنا من النعرات العصبية لطائفة أو مذهب أو وطن.

كانت الجزيرة العربية تعج بعناصر شتى:العربى والرومى والحبشى والفارسى والمجوسى والمسيحى واليهودى. فكان من أولويات الإسلام هو تأليف قلوب هذه العناصر المختلفة .. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا أبيض على أسود ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى الناس من آدم وآدم من تراب" (رواه جابر بن عبد الله).

والآن ارتفعت الأصوات تريد بنا أن نعود لعصر الجاهلية ، فهذا علمانى وهذا إخوانى وهذا ليبرالى وهذا سلفى وهذا سنى وهذا شيعى ، بل حتى تعدى الأمر إلى أكثر من ذلك أن كل مدينة تتفاخر على الأخرى فهذا دمياطى وهذا منوفى وهذا قاهرى وهذا صعيدى ، وهذا سكندرى ، وبدأت تظهر من جديد فكرة ارفع رأسك فوق أنت مصرى أو أنت ليبى أو أنت تونسى .....وهكذا. وهذا هو ما يريده الاستعمار دائما فى كل زمان ومكان أن يحيى النعرات القبلية.

كما قالت اليهود قديما نحن أبناء الله وأحباؤه وشعب الله المختار وكما نادت ألمانيا بنقاء الجنس الآرى على بقية الأجناس وكذلك فعل الإنجليز عندما تصوروا أنهم أرقى الأجناس. فأصبحت العنصرية على مستوى الدول وعلى مستوى الشعوب وداخل الدولة الواحدة.

إذا دخلت العصبية فى أى شئ أفسدته . قال – صلى الله عليه و سلم -:" مَن نصر قومه على غير الحق فهو كالبعير الذي رُدّيَ فهو ينزع بذنبه) " رواه أبو داود و إسناده صحيح )
"و ينزع بذنبه " أي البعير الذي تردَّى في بئر و يحاول أصحابه أن يخرجوه مِن ذنبه .

قـال تـعـالى" :يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عليمٌ خَبِيرٌ" (13سورة الحجرات) قال الله تعالى: "لتعارفوا" ولم يقل لتناحروا أو لتشاجروا أو لتفاخروا .

"لتعارفوا": اى ليتعرف كل منا على فكر الآخر ويستفيد منه فقد استفاد النبى صلى الله عليه وسلم بفكرة سلمان وهو فارسى عندما أخذ برأيه فى غزوة الأحزاب بحفر خندق واعتبر أنه عربى ينتمى لبيت النبوة فقال:سلمان منا آل البيت كما أحب النبى صلى الله عليه وسلم صهيب الرومى وقربه إليه وكذلك فعل مع بلال الحبشى – رغم أن العرب كانت تنظر للأجناس الأخرى باحتقار- واستفاد المسلمون فيما بعد بثقافة المسلمين الأحباش عندما اختاروا اسم "المصحف" ليكون هو الكتاب الذى يضم القرآن لأن كلمة مصحف فى اللغة الحبشية تعنى "كتاب". بل إن القرآن نفسه استخدم ألفاظا من جميع اللغات لكى يؤكد فكرة محو الفروق بين الجنسيات المختلفة.

قال صلى الله عليه و سلم - :" إنه أوحيَ إليَّ : أنْ تواضعوا حتى لا يفخر أحدٌ على أحد و لا يبغي أحد على أحد " ( رواه مسلم (
و لهذا حذَّر النبي – صلى الله عليه و سلم- مِن أمور الجاهلية في حجة الوداع فقال :"ألا كلُّ شيء مِن أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع " (رواه مسلم( لأن التفاخر بالانساب هو بداية المشاحنه والمباغضة وبعد ذلك يأتي القتل.

ولذلك فإن أول شئ فعله النبى صلى الله عليه وسلم عندما هاجر للمدينة هى المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.. ولنا أن نتخيل إذا لم تتم تلك المؤاخاة فماذا كان سيحدث؟ كان سيحدث تقاتل وتناحر بين هاتين الفئتين ، كل فئة تريد أن تعلو على الفئة الأخرى والنتيجة ستكون هدم الدولة قبل أن تولد.

فيا أيها المصريون بكل طوائفكم وانتماءاتكم السياسية والفكرية وبكل مذاهبكم أناشدكم الله دعوها فإنها منتنة.

نظرة على واقع الصحافة العربية في اسرائيل/ نبيل عودة


التنوير، التعددية وحرية النشر بضاعة صحفية مفقودة


يوصف الاعلام في الدول المتنورة بصفته سلطة يحسب حسابها، ترفع وتنزل وتؤثر على تشكيل الرأي العام وليست مجرد ناقلة أحداث انما صانعة احداث وقطار شاحن للثقافة، للمجتمع، للفكر، للتنوير وبالأساس مرآة لمجتمعها المدني.
الوسائل الاعلامية في ايامنا ليست محدودة بطاقاتها.إنما تعوم على بحر هائل من الأفاق الإعلامية. ولا أعني بالبحر الهائل مجرد العمل على نشر الاخبار الجاهزة التي توزعها المؤسسات بل صناعة الاخبار وأحيانا صناعة التاريخ، عبر تحريك الرأي العام والتأثير عليه عبر العديد من الوسائل الاعلامية، التقليدية والألكترونية.
ويطرح السؤال: هل الاعلام مجرد نقل أخبار واعلانات .. وتغطية أحداث، ام أن للإعلام وظيفة أكثر اتساعا وخطورة ، وأكثر امتدادا من التماثل ونقل مع ما هو قائم ومرئي ؟
ونجيء لسؤال افتراضي: هل القاعدة الصحفية التي تقول "لسنا مع أحد ولسنا ضد أحد" ، تصلح لأن تكون المعبر عن واقع وتطلعات مجتمع بشري ما، وبالتالي مقياسا صحفيا في عصر سيادة العقل؟

الصحافة في المجتمع العربي في أسرائيل كنموذج

نشهد في السنوات الأخيرة تنامي واسع جدا في وسائل الإعلام داخل المجتمع العربي في اسرائيل: صحافة مطبوعة ، مواقع انترنت ، محطات راديو ، وما زلنا نفتقد للأعلام التلفزيوني (طبعا عدا برامج قليلة بالكاد يشاهدها المواطن العربي تبث في ساعات غير مناسبة من القنال 33 في التلفزيون الاسرائيلي، وتكاد تكون بعيدة عن قضايا المواطنين الملحة)... ومع ذلك الصورة التي يعكسها الواقع الاعلامي المحلي تبدو بائسة جدا على كافة الأصعدة.
حتى اليوم لا يوجد اعلام يمثل مصالح وتطلعات المجتمع العربي المدني في اسرائيل – هناك اعلام حزبي مباشر . وهو اقرب للنشرات الحزبية الداخلية، ويتركز معظمه بالحياة والنشاطات الحزبية وأخبار القيادات الحزبية والدعاية للحزب ، وهذا يتزايد في مرحلة فقدان الأحزاب لأدوارها كمنظمة وقائدة ومثقفة للمجتمع المدني، وهو الدور الأساسي الذي اعتقد انه منوط بالأحزاب. ونظرة على الاعلام الحزبي اليوم تبين بوضوح انه لم يعد اعلاماً اجتماعياً فكريا وتثقيفيا ، وان دور الحزب كقائد ومنظم للمجتمع المدني يتلاشى ويتحول الى مصالح انتخابية انتهازية لشريحته العليا، وان كل فهمهم للإعلام لا يتعدى اخبارهم ونشاطاتهم وتصريحاتهم، حتى الثقافة اسقطت من أجندتهم، بفهم خاطئ للدور التعبوي الحاسم للثقافة في حياة المجتمع المدني الحديث، وان السياسة بعزل الثقافة تصبح خواء.
من الأهمية التاكيد على ان الثقافة تعني القدرة على التفكير والقدرة هلى صياغة الرؤية المستقبلية، والقدرة على تجديد روح الابداع في الفكر الاجتماعي والسياسي وتوسيع آفاقهما.والأهم القدرة على جذب اوسع الأوساط المثقفة للنشاط السياسي ، مما يعني ان السياسة اضحت هما فكريا اجتماعيا وليس صراعا على مصالح انتهازية.والأكثر أهمية انه بدون سياسيين يعتبرون من الصف الاجتماعي الثقافي العلمي الأول ، سيتواصل انقراض الأحزاب وانفضاض الجماهير عن المشاركة الفعالة بالنشاطات السياسية. وستتواصل أزمة القيادات وأزمة الأحزاب ، وهذا يعني اليوم ان اضمحلال التنظيمات الحزبية هي مسالة وقت.
بالطبع يسأل السؤال: هل يمكن تصور مجتمع بدون أحزاب؟
هناك بدائل أكثر تطورا وأرقى في نوعيتها ، انها تنظيمات المجتمع المدني، وقد بدأنا نلمس تنامي في ادوارها ( الجمعيات المختلفة) واحتلالها مجالات بالغة الأهمية لم تطرقها الأحزاب في نشاطاتها. ولكن لم نصل بعد الى اللحظة الحاسمة في الانتقال من شكل تنظيمي قديم الى شكل حداثي ارقى..
ونعود للصحافة...
تجربتنا الثرية حتى سنوات السبعين من القرن العشرين، في النشاط الحزبي السياسي، شكلت الثقافة فيه القاعدة الصلبة التي بنيت عليها استراتيجياتنا السياسية والنضالية كلها، والتي أثمرت أفضل انتصارات سياسية في تاريخ الأقلية العربية في اسرائيل، وبنفس الوقت أعطت للثقافة العربية أسماء أدبية لامعة شكلت قمة ثقافية للعالم العربي كله ، من نتاجها كان محمود درويش، سالم جبران، توفيق زياد، سميح الفاسم وغيرهم..
من الناحية الأخرى هناك الصحافة المستقلة (التجارية) ويحكمها نهج السوق وليس نهج التفكير والتنوير والخدمات الاجتماعية والثقافية، ولا أقول ذلك من منطلق الهجوم ، إنما من واقع أليم قائم قد تسميه ادارات الصحف المستقلة بالعمل التجاري، الذي لا بد منه لاستمرار صدور الصحيفة، واعترف ان هذا صحيح شكليا، وبالتالي لا ينتج اعلاما متنورا، ونجد ان محرري الصحف يبذلون جل جهودهم في الحصول على اعلانات وليس في صياغة اعلامية حضارية.. ويشكل الاعلان مادتها الأساسية.
ليس عاراً ان تكون وسيلة الاعلام تجارية، هذا امر طبيعي، أما غير الطبيعي فهو الركود الإعلامي للصحف المستقلة ولهذا الركود اسباب مختلفة ابرزها، اضافة الى ما جاء في سياق المقال:
1- شح الميزانيات الذي يفرض على الصحيفة نهجاً صحفياً محافظاً في النشر ، لدرجة ان اكثر من 90% من الأخبار المنشورة بعيدة عن اهتمامات القارئ، وتتميز بكونها اقرب للعلاقات العامة (أحياناً اعلانات بشكل أخبار ) وكل ما يحرك صحافتنا محسوب في الحصول على اعلانات، والظاهرة السائدة اسقاط مواضيع هامة ، خاصة المواد الثقافية، من أجل الاعلان، لذا ليس بالصدفة ان صحافتنا تفتقد للمحرر الأدبي، ومعظم ما ينشر من مواد ادبية لا يرقى الى مستوى تجعله صالحا للقراءة. .ولا بد ان اذكر، وليغضب من يغضب، ان الهدف من انشاء الصحف لم ينطلق من رؤية فكرية ما ، بل من أهداف تجارية فقط.

2- المستوى المهنى الضعيف للصحفيين ، أكاد أجزم ان خريجي معاهد الاتصالات، او الجامعات في مواضيع العلوم السياسية، الاجتماعية ، القانونية، الاقتصاد، الفنون، الآداب وغيرها ، لا يجدون الدوافع ، الذاتية والمادية ، للإنخراط في عالم الصحافة، بسبب فقر وسائل الاعلام، وتحكم المحرر بنوع المواد، وغياب المهنية الصحفية ، والفقر الفكري لسياسة التحرير، والارتجال، وغياب المقاييس الصحفية، وفقر اللغة الصحفية المتداولة، وعدم فهم واستيعاب أن مضمون الصحافة المطبوعة في عصر الاعلام الألكتروني يختلف جذريا عما كان سائدا في السابق. وتبعا لذلك المعاشات التي بالكاد تسد الرمق، ولا تتجاوز الحد الأدنى القانوني للمعاشات.

3 - اسلوب ادارة وسائل الاعلام ، بصفتها مزرعة خاصة لمالك الصحيفة، او المحرر، ولا ينشر الا ما يتمشى مع الحسابات الاعلانية، والميول السياسية لأصحاب الصحيفة، ونفتقد في وسائل اعلامنا لسياسة اعلامية، لمضمون فكري، لنهج اجتماعي، ولا أعني التمترس وراء فكر معين، انما رؤية انسانية عامة وشاملة، تتضمن حرية الرأي والتعددية الفكرية وحق الاختلاف، ربما مواقع الانترنت أكثر تحررا وحرية نسبية في هذا النهج، ولكن النشر العشوائي يضعفها ويسقط جديتها، وبعضها تحولت الى ملتقى لتعليقات تغلب عليها عقلية المراهقين..بل وأعرف من زملاء مثقفين ان التعليقات الجادة لا تنشر!!

من المؤكد ان الواقع الاقتصادي للعرب في اسرائيل ، يلعب دوراً سلبياً في تطوير الأعلام العربي في اسرائيل ... وحتى اليوم لم نشهد ان رجال اعمال عرب يعطون اي قيمة للإعلام، وما عدا استعدادهم لنشر بعض الاعلانات وبأسعار بخسة، لم تنشأ في مجتمعنا ظاهرة الارتباط بين الأعلام ورجال الأعمال. وهذا أيضا معيار لحالة الاقتصاد العربي الضعيفة.

4 - لا يمكن أيضا ان نتجاهل السياسة الرسمية المعادية للأعلام العربي في اسرائيل، الى جانب أن شركات الأعلان الاسرائيلية ( اليهودية ) تمارس تقريباً نفس السياسة. وحسب مصادر مختلفة، لا تزيد حصة الاعلام العربي في اسرائيل من كعكة الاعلانات الحكومية والخاصة، عن 1% - 1,5 % من ميزانياتها، مع ان العرب يشكلون 20 % تقريبا من السكان.
إن "ثقافة الفقر" التي تسيطر على وسائل اعلامنا ، خاصة المطبوعة منها .. تنعكس سلبياً على دور هذه الوسائل، وعلى مستوى المنتوج الإعلامي الذي يقدم للمتلقى (المواطن) العربي.
هذا الواقع انعكس سلبا على توزيع الصحف التي تباع. القارئ المثقف والواعي.. غير مستعد لشراء كيلوغرام من ورق الاعلانات.. بالكاد يجد بينها مادة تستحق القراءة. وبالمقابل نجد ان الصحف المجانية تنتشر بشكل أوسع .. وأحيانا مواضيعها ذات قيمة أفضل، احد المطلعين اسر لي ان عدد الصحف العبرية التي تباع في الوسط العربي هي أضعاف ما يباع من الصحف العربية.أي ان القارئ العربي يبحث عن مضامين غير متوفرة في الصحافة العربية.
في تارخ الصحافة تطورت نظرية هامة في عصر النهضة الأوروبية، تعرف ب "نظرية الحرية" أو "النظرية الليبرالية"، وذلك ردا على النظرية السابقة التي سادت، "نظرية السلطة"، أو "النظرية السلطوية" والتي تمنع أي انتقاد حتى لموظف حكومي اذا فسد. النظرية الليبرالية بُلورت في عصر النهضة الأوروبية، وبالتحديد، القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، كتحد للسيطرة السلطوية على الصحافة، وكان من أبرز مروجي النظرية الليبرالية، المفكر الإنجليزي "جون ميلتون"، الذي كتب عام 1664، يقول: "إن حرية النشر، بأي واسطة، ومن قبل أي شخص، مهما كان اتجاهه الفكري، حق من الحقوق الطبيعية، لجميع البشر، ولانستطيع أن نقلل من حرية النشر، بأي شكل، وتحت أي عذر".
ونحن اليوم في صحافة تقيد حرية النشر. ليس خوفا من نقد السلطة الصهيونية مثلا.. العكس هو الصحيح.. ننتقد بعنف، ونهاجم بدون تردد وبدون قيود.. الا ما يفرضه القانون حول اللسان السيء. وهناك "اجماع قومي " للصحافة العربية اذا صح هذا التعبير، وتنافس بينها على الصحيفة الأكثر " قومية " وشطارة في صياغة الشعارات الرنانة.. لم يعد فرق بين صحيفة حزبية أو تجارية.. كلها تشارك بمهرجان الحرية الصحفية.. والسؤال، أين المواطن وقضاياه الحقيقية؟ أين مشاكلنا الاجتماعية؟ أين قضايا الفساد في الكثير من سلطاتنا المحلية؟ أين علاج مشاكل العودة الى العائلية في بلداتنا العربية وما تولده هذه الظاهرة من تناقضات وصدامات دموية، وتفسخ اجتماعي، حتى داخل العائلة الواحدة أحيانا؟ أين النقد لتفشي الطائفية والوقوف الاعلامي ضد هذه الظاهرة الفتاكة بكل الطوائف؟ أين تدني المستوى التعليمي المقلق لمدارسنا؟ أين قضايا الفئات الاجتماعية المسحوقة؟ أين مشاكل الفقر والبطالة في الوسط العربي؟ أين مشاكل الأكاديميين العرب وقضية استيعابهم؟ أين قضية الأرض الحارقة للبلدات العربية، لتطوير مناطق صناعية، وتخصيص مساحات للاسكان، وتوسيع مسطحات البلدات العربية؟
بالتلخيص، لدينا وسائل اعلام غير قليلة، والمؤسف أن مفاهيم الفكر والتنوير والاستقلال والشجاعة في التعامل مع المواضيع المختلفة، ووجود طواقم صحفية متخصصة في مختلف المواضيع، هي الغائب الكبير من اعلامنا. وبالمقابل هناك ظاهرة مهمة، بظهور اعلام الكتروني اكثر استجابة وفهما لأهمية تعدد الآراء والحوار الفكري والثقافي.. ولكنه لا يفي بكل المطلوب من قصورات مجمل وسائل الاعلام .
عدا الواقع الاعلامي الفقير ثقافياً نعيش واقعاً اجتماعياً وسياسياً متهافتا، ومسكوت عنه اعلاميا بشكل نسبي كبير، وما يشد اعلامنا للأسف هي الظواهر وليست المضامين غير السليمة التي تقود الى نشوء الظواهر السلبية. واعلامنا في معظم الحالات غير مستعد (للأسف) للأنطلاق نحو افاق التنوير، كما أنه غير مستعد للمواجهة والصراحة. ويمكن القول انه تعبير أيضا، عن واقعنا الاجتماعي والاقتصادي المتدني في سلم المقاييس الاسرائيلية نفسها .

nabiloudeh@gmail.com