الأكفان هي ثوب أطفال سورية في عيدهم/ محمد فاروق الإمام

لم يذهب السوريون بأطفالهم كعادتهم في كل عيد إلى أسواق بيع الملابس لاختيار ما يناسبهم وما يستهوونه من ملابس زاهية تطفي الفرحة على وجوه أبنائهم وترسم الابتسامة على أفواههم، فقد اتخذ أطفال سورية في هذا العيد ملابس من نوع آخر ذات لون واحد هي بيضاء كلون الياسمين رخيصة الثمن بالعرف المادي، ولكنها في العرف الأخلاقي والقيمي لا تقدر بثمن، إنها أكفان آثروا ارتداءها في هذا اليوم لأنها ستحمل أجسادهم البضة الطرية إلى الرفيق الأعلى، حيث جنان الخلد التي لا يؤثرون عليها مكاناً آخراً في هذه الدنيا التي لم تعد في ظل نظام الأسد تساوي جناح بعوضة.
أطفال بعمر الورود تقدموا في صبيحة يوم عيد الفطر، وقد خرجوا للتو من المساجد بعد أداء فريضة صلاة العيد، تقدموا آباءهم وأعمامهم وأخوالهم المتظاهرين السلميين كعادتهم في كل يوم منذ ما يقرب من ستة أشهر بأكفانهم البيضاء الزاهية، يهتفون بإسقاط النظام وإعدام الرئيس، الذي سبغ أيامهم بقاني الدماء، وأزهق أرواح آبائهم وأقاربهم برصاص الغدر التي أطلقت من بنادق جبانة فرت من الجولان وأدارت ظهرها للعدو الصهيوني، لتستأسد على الأطفال والنساء والشيوخ والعزل، يواجهون نظاماً يقدم لهم الرصاص بدل الورود ليحصدهم بالعشرات والمئات والألوف بدم بارد.
هكذا هي حال أطفال سورية في عيدهم الذي تحول إلى نعوش ترفع على الأكف ومقابر جماعية توارى فيها جثامين الشهداء، وسيان المكان الذي تدفن فيه (حديقة أو ساحة أو ميدان أو مفترق طرق، في ظل شجرة أو في ظل عمود كهرباء أو إشارة مرور) فالزمان صعب والوقت ضيق وحرج، فالرصاص المجنون لا يمنح الوقت ولا يفرق بين نعوش ومشيعيين فكل متظاهر هو مشروع شهادة لمرة أو أكثر.
العيد في سورية أطل على أهلها هذا العام بوشاح أسود وقيود وأصفاد أرادها لهم النظام السوري لتكون سمة هذا العيد دون الفرحة والابتسامة وكلمات التحيا والتباريك التي تعودوا تبادلها في مناسبات الأعياد السابقة، تصم آذانهم صرير جنازير المدرعات وأزيز الطائرات ولعلة الرصاص ودوي القنابل وسقوط المآذن وانهيار المساجد والمنازل، ليكون البديل لأصوات الأطفال وأهازيجهم وهم يتنقلون بين الأراجيح وبائعي اللعب والتسالي في فرحة غامرة افتقدوها في هذا العيد.
لم يعد في سورية أطفال فقد كبر الجميع وتساوت الأعمار ولم يعد هناك فرق بين شاب وكهل وطفل أو فتاة وامرأة، فالكل يتظاهر مطالباً بالحرية والكرامة، والكل باتوا مستهدفين في القتل والاعتقال والتعذيب والتهجير، كسروا بكبرياء وعنفوان حاجز الخوف بلا تردد أو حسابات ربح أو خسارة، وانطلقوا هدفهم انتزاع الحرية والفوز بالكرامة غير آبهين بالثمن مهما غلا أو ارتفع، فدون الحرية ترخص الأرواح ودون الكرامة تهون الأعمار.
بجيوش الأطفال والشيوخ والشباب والنساء العزل سنواجه بإصرار وعزيمة وتحدي آلة القتل الأسدية ووحشية وسادية رجال أمن النظام وشبيحته، وسننتصر عليهم ونغير المعادلة وطبيعة الموازين التي جرى عرف الناس عليها، فإرادة الجماهير مع الحق هي أقوى ألف مرة في مواجهة آلة القمع مع الباطل )بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ).

سيناريو تداعيات تقسيم العراق: ( قراءة محلية ) القراءة الاولى/ محمد الياسين

§ صراعات ونزاعات قبلية عشائرية دينية

§ بروز مراكز قوى وتحالفات متخندقة

§ بروز ظاهرة التفاوت الطبقي اجتماعيا

§ غياب مفهوم الدولة واندثار الدولة العراقية

§ تكون ثلاث دويلات طائفية و عرقية ترتبط بأجندات اقليمية و دولية



تقسيم العراق الى مناطق سنية ، شيعية ، تحت مسمى الاقاليم يقوض حكومة المركز في بغداد ويلغي هيبة الدولة ويمهد لانفصال هذه الاقاليم الى دويلات ضعيفة تكثر فيها النزاعات المتلبسة بنعرات طائفية وعنصرية متطرفة.تصل رحى الصراعات والنزاعات لحمل السلاح بين القبائل والعشائر والاقتتال فيما بينهم هدفا لزعامة الاقليم المفترض ، وتتكون تحالفات قبلية ، عشائرية ، دينية ، تتشكل مراكز قوى تتصارع وتتقاتل فيما بينها ، وتلجأ هذه القوى للإرتباط بقوى اقليمية قوية ، او دولية نافذة .ترسخ النزعة الطائفية و العنصرية في الاقاليم ، وتبرز كارثة التفاوت الطبقي في المجتمع بقوة ،تنتج طبقة اجتماعية فاحشة الثراء واخرى تعيش في فقر مدقع ، و زوال مفهوم الطبقة الوسطى . ينهار ويندثر مفهوم الدولة العراقية بعد فترة زمنية قليلة من اعلان الاقاليم كنتاج حتمي لما تحدثنا عنه .

نزعة الانفصال المبطن الى دويلات صغيرة تؤدي لتزايد حجم التدخلات الخارجية على الاراضي العراقية من قبل دول الجوار ، منها الكويت طمعا وسعيا للتوسع على حساب ارض العراق في ضل فوضى سائده وعدم استقرار للاقاليم تستقطع اراضي وابار نفط تضمها للاراضي الكويتية .تفرض ايران مطامعها الكبرى في العراق من خلال سيطرتها التامة على اقليم الجنوب وانتزاع شرعية المذهب المطلقة عالميا بسبب وجود محافظتي النجف وكربلاء المقدستين .بدعم المؤسسة الدينية المقلدة لولاية الفقيه بأن تتولى إدارة شؤون الاقليم فيكون اقليما ضعيفا ليس اقليما اقتصاديا منتجا ، بدون بنى تحتية ومؤسسات اقتصادية وسياسية مستقلة ، وانما يعتمد بالاساس على السلع والمنتجات والصناعات الايرانية (سوقا استهلاكية لتسويق البضائع والمنتجات الايرانية) . تهيمن ايران على رسم السياسات العامة للاقليم والسياسة النفطية ، استعمارا لطاقة الاقليم البترولية ، هدفا ايرانيا بخلق اقليما دينيا بإمتياز ، يكون نموذجا دينيا مصغرا عن ولاية الفقيه في ايران. و امتدادا لاذرع ايران ،(الحرس الثوري ، المخابرات ، الفرق الالهية ) لمناطق الشريط النفطي ، فتجد ايران في الاقليم قاعدة انطلاق استراتيجية لتنفيذ المهام الخارجية في العالم العربي والقارة الافريقية.

يخترق الاقليم السُني من قبل عدة جهات واطراف اقليمية و دولية في مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية لجعله منطقة مواجه للتغلغل الايراني ومنطقة تجسس تجاه ايران وبعض المناطق العراقية والاقليمية . من الجدير بالذكر الاشارة الى وجهة نظر تقول ان للاقليم السُني اهمية اقتصادية اخرى تأخذ بعين الاعتبار لدى بعض القوى الدولية تكمن في تزويد اسرائيل بالنفط والغاز بسعر مخفض من خلال مد خطوط انبوبية تمر من الاقليم لاسرائيل . الاخذ بوجهة النظر هذه يحملنا على التكهن بتهديدات امنية اخرى تواجه الاقليم .

تفاعل الكرد الانفصاليين مع تقسيم العراق الى دويلات سيأخذ على محمل الجد بسبب توفر الظروف المناسبة وعودة الحياة لمشروع تقرير المصير بإقامة دولة مستقلة ذات كيان قومي تضم كرد العراق ، ايران ، تركيا ، سوريا تمتد من كردستان العراق مرورا بمناطق الكرد في تلك الدول .

في هذا المقال تناولنا باختصار تداعيات كارثة سيناريو تقسيم العراق من منظور محلي ،وفي الجزء الثاني و الثالث نتناول تداعيات كارثية مظلمة ستخيم على الخارطة الاقليمية والدولية برمتها ، نتناولها من منظور اقليمي ودولي .


في ذكرى المؤتمر الصهيوني الأول: قرن وأربعة عشر عاماً من الإرهاب الصهيوني المتواصل/ محمود كعوش

اعتدنا على أن تطل علينا بعض الصحف الصادرة في تل أبيب من وقت لآخر بمقالات تحذر في افتتاحياتها حكومات كيان العدو من مغبة ما ستؤول إليه الأوضاع فيه نتيجة سياسة التمييز العنصري الحمقاء التي درجت حكومات هذا الكيان اللقيط على ممارستها ضد الفلسطينيين داخل وخارج ما يسمونه “الخط الأخضر” على مدار الأعوام الأربعة والستين الماضية التي تمثل عمر اغتصاب فلسطين بشكل مخالف لكل القوانين والأعراف الدولية. فأذكر أنه عشية إحياء الصهاينة مرور قرن على رحيل الصهيوني والمنّظر الأكبر للإرهاب تيودور هرتزل في التاسع من شهر تموز 2004، حذرت بعض صحفهم المعروفة من مغبة حدوث كارثة حقيقية قد تهدد الوجود المصطنع للكيان الصهيوني القائم بقوة الحديد والنار فوق ثرى فلسطين منذ عام 1948، إذا ما استمر قادته بممارسة سياسة التمييز العنصري بحق الفلسطينيين الذين كان قد مضى على اغتصاب أراضيهم بالقوة في حينه سبعة وخمسون عاماً.
يومها كانت صحيفة “هآرتس” أكثر وضوحاً ومباشرة من غيرها في الصحافة الصهيونية، إذ قالت في حينه في افتتاحيتها التي خصصتها للمناسبة ما نصه: “إنه يتعين علينا ـ أي على الإسرائيليين ـ القول دون خشية أو تردد أن صهيونية الألفين لن تبقى على قيد الحياة في حال ظل تفسيرها لدولة اليهود على أنها دولة الأبارتهايد التي تتحكم بالفلسطينيين خلافاً لإرادتهم ورغباتهم. ويجب أن نذكر أن معاناة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت احتلال إسرائيل قاسية مثل معاناة يهود أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر. إن مستقبل دولة اليهود مرتبط بمستقبل الشعب الفلسطيني الذي يعيش إلى جانبها وفي داخلها. والحل المنطقي والأخلاقي لهذا لا يمكن العثور عليه في الحلم وإنما في إصلاح الواقع”.
ويمكن لمن يلقي نظرة على أدبيات المنظمات الصهيونية وممارسات هذه المنظمات أن يستدل على أن “الحلم الصهيوني” كان قد بدأ يعبر عن نفسه بشكل سافر واستفزازي مع التئام شمل المؤتمر الصهيوني الأول الذي انعقد قبل 114عاماً في مدينة بازل على الحدود السويسرية الألمانية، وتحديداً في شهر آب 1897. ففي ذلك المؤتمر تم وضع الأساس النظري للدولة العبرية، التي قامت فيما بعد على أنقاض فلسطين الحبيبة في قلب الوطن العربي، في ظل خنوعٍ عربي وتواطؤ أممي وتآمرٍ دولي. وقد عرفت الفترة الممتدة بين التاريخ المذكور واللحظة الراهنة محطات خطيرة ومؤلمة كثيرة حاول الصهاينة خلالها تمزيق وتفتيت الوطن العربي واختراق كل خطوطه الدفاعية، بدعمٍ وتأييدٍ مطلقين من الغرب عامة والولايات المتحدة خاصة. فخيوط الصهيونية التي نُسجت قبل 114 عاماً انتشرت في العالم كالسرطان وتمددت بشكل مدروس ومتسارع لتطال معظم أرجائه، وذلك من خلال استئثارها بزمام الأمور الاقتصادية والإعلامية في غالبية بلدانه وتزعمها للانقلابات العسكرية فيه تمويلاً وتنفيذاً، وامتلاكها لأضخم إمبراطورية مالية تغذت خزانتها من مساعدات المنظمات الصهيونية والجاليات اليهودية والتيارات المسيحية المتصهينة المتعاطفة معها ومن التعويضات الألمانية والمساعدات الأميركية التي ما تزال تتدفق عليها حتى الآن والتي اقتربت من حدود 200 مليار دولار.
انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في المدينة المذكورة بين التاسع والعشرين والحادي والثلاثين من شهرآب 1897 تحت شعار “العودة إلى صهيون”، وأشرف على تنظيمه ورئاسته المفكر والكاتب اليهودي المجري تيودور هرتزل الذي يُعدُ أبو الصهيونية العالمية. وصهيون كما نعرف هو جبل في مدينة القدس الفلسطينية المحتلة. وقد حضره المؤتمر 204 مندوبين يهود، منهم 117 مثلوا جمعيات صهيونية مختلفة، وسبعون جاءوا من روسيا وحدها. كما حضره مندوبون من القارتين الأميركيتين والدول الاسكندنافية وبعض الأقطار العربية وبالأخص الجزائر. وكان مقرراً للمؤتمر أن ينعقد في مدينة ميونيخ الألمانية، إلا أن الجالية اليهودية هناك عارضت ذلك لأسباب خاصة بها مما استوجب نقله إلى مدينة بازل السويسرية. وافتتح الإرهابي تيودورهرتزل المؤتمر بخطابٍ “ناري وعاطفي” كشف فيه عن الهدف الحقيقي من وراء عقده، والذي تمثل بما أسماه “وضع الحجر الأساسي للبيت الذي سيسكنه الشعب اليهودي في المستقبل”! وأعلن في ذلك الخطاب “أن الصهيونية هي عودة إلى اليهودية قبل العودة إلى بلاد اليهود”! كما حدد فيه مضمون المؤتمر فاعتبره “الجمعية القومية اليهودية”.
وفي ختام المؤتمر أقر المؤتمرون أهداف الصهيونية التي عُرفت منذ ذلك الوقت باسم “برنامج بازل” الذي حسم موقف الصهاينة من موقع دولتهم، التي لطالما حلموا بها!! وبرغم اقتصار أبحاث المؤتمر، إلى حدٍ ما، على المناقشات والمداولات دون أن يكون هناك التزام واضح من قبل هرتزل بقيام هذه الدولة “الوطن” في فلسطين بالتحديد، إلا أن المؤتمر شكل بدايةً حقيقية لمشروع الدولة الصهيونية، في ظل توفر العديد من الخيارات والأوطان بينها الأرجنتين وأوغندا. ومع ذلك فقد شكل المؤتمر الانطلاقة الأولى باتجاه فلسطين. وقد سبق لهرتزل أن فكر في مثل هذا قبل عامٍ من انعقاد المؤتمر كما ظهر جلياً في كتابه “الدولة اليهودية”. كما نقطة تحول هامة وخطيرة جداً في تاريخ الحركة الصهيونية، بعدما نجح منظموه في جمع معظم صهاينة العالم تحت سقفٍ واحد وفي إطار واحد أطلقوا عليه تسمية “المنظمة الصهيونية العالمية”، وهي المنظمة التي تولت من حينه الإشراف على مجمل الأجهزة الصهيونية في العالم. ووفق ما جاء في “الموسوعة الفلسطينية” فإن إنشاء المنظمة شكل فاتحة عهدٍ جديد من النشاط الصهيوني الهدام استهدف تحقيق جميع مخططات الحركة الصهيونية. وقد تفرع عن المؤتمر لجنة تنفيذية تكونت من 15 عضواً كانت بمثابة مجلس شورى وأخرى صُغرى تكونت من خمسة أعضاء كانت بمثابة حكومة. وتم تأسيس مكتبة مالية لجمع الاشتراكات الصهيونية السنوية من جميع اليهود في العالم، إلى جانب فتح المصرف اليهودي الاستعماري برأسمال بلغ مليون جنيه إسترليني. ووضع المؤتمر برنامجاً سارت عليه جميع المؤتمرات التي عُقدت بعد ذلك، كما وناقش تقارير مفصلة عن فلسطين والنشاط الاستيطاني فيها. ونصبَ المؤتمر تيودور هرتزل رئيساً له ورئيساً للمنظمة الصهيونية العالمية.
وبعد مُضي أقل من عقد على ذلك المؤتمر وبنتيجة تزايد الضغوط اليهودية عليها، عرضت الحكومة البريطانية على المنظمة الصهيونية العالمية ستة آلاف ميل مربع أراضي أوغندا في القارة السمراء لإقامة الوطن القومي اليهودي المنشود!! لكن “منظمة الأرض اليهودية” التي كانت تشكل أحد أبرز أذرعة تلك المنظمة، رفضت ذلك العرض وأصرت على أن يكون في فلسطين، متذرعة بما أسمته زوراً وبهتاناً “الرؤية التوراتية”!! وبنتيجة الضغوط المماثلة على الولايات المتحدة الأميركية والمعسكر الغربي الذي تشكل منه “الحلفاء” إبان الحرب العالمية الأولى، أصدر وزير الخارجية البريطاني آنذاك جايمس بلفور وعده المشؤوم الذي سُمي باسمه في عام 1917 والذي قضى بإقامة “الوطن اليهودي” على أجزاء من فلسطين، ليكون نقطة حماية استراتيجية للدفاع عن قناة السويس وطريق الهند، وليكون قاعدة متقدمة للإمبريالية في الوطن العربي. وتبنى الرئيس الأميركي هاري ترومان ذلك الوعد بحماس كبير و”طيب خاطر طبعاً”!! وتطور الحال إلى أن جاء المؤتمر الصهيوني الثاني والعشرون الذي انعقد في بازل السويسرية أيضاً في عام 1946 وتبنى بدوره مشروع “بلتمور 1942″ الذي قضى بإنشاء دولة يهودية في فلسطين. ومما لا شك فيه أن المشروع الصهيوني قد رمى بظلاله القاتمة والكارثية على الأرض الفلسطينية والفلسطينيين في آن معاً. فبعد خمسة عقود من مؤتمر بازل، تمكنت الحركة الصهيونية من إقامة الكيان الصهيوني على 78 بالمئة من مساحة فلسطين التاريخية، بعد أن طردت بالإرهاب والإكراه والتنكيل والتعذيب 850 ألف فلسطيني من أراضيهم. ثم أجهزت في عام 1967 على ما تبقى من فلسطين، بعد طرد وتهجير مئات آلاف الفلسطينيين الجدد. وبالنسبة للهجرة اليهودية إلى فلسطين، فقد اتخذت بعد مؤتمر بازل الأول طابعاً منظماً، حيث ارتفع عدد اليهود من 30 ألفاً في عام 1897 إلى 650 ألفاً في عام 1948، وهو تاريخ نكبة فلسطين وولادة “الدولة العبرية القيصرية”. وقد تواصلت سياسة التهجير “الإسرائيلية” ومصادرة الأراضي وإقامة المستوطنات والهدم والحفر والعزل وتغيير المعالم في فلسطين بالشكل الذي تناسب وتلاءم مع المطامع اليهودية الصهيونية، كما وتواصلت سياسة الهجرة اليهودية ليصل عدد اليهود إلى ما يزيد عن خمسة ملايين من أصل يهود العالم الذين لا يتجاوزون 13 مليوناً. وليس من قبيل المبالغة القول أنه ومنذ حدوث نكبة فلسطين في عام 1948 وحتى اللحظة الراهنة، و”الإسرائيليون” يمارسون السياسة في إطار الأيديولوجية الصهيونية ويتعايشون مع الخوف المتواصل والمفتعل، وسط اللجوء إلى الغرب وبالأخص الولايات المتحدة الأميركية لتأمين الأسلحة الفتاكة والمفاعلات النووية والتكنولوجيا المتطورة، والحصول على الدعم السياسي والمعنوي لسياساتهم العدوانية ومخططاتهم التوسعية. ومنذ لحظة الاغتصاب الأولى وحتى هذه اللحظة والألم الفلسطيني في تصاعدٍ مستمر ومتنام نتيجة تلك الممارسة وذلك التعايش والانحياز الغربي ـ الأميركي الأعمى “لإسرائيل”. وإذا ما دققنا في ملفات منظمة الأمم المتحدة بما في ذلك ملفات مجلس الأمن الدولي لوجدنا أن الولايات المتحدة الأميركية لم “تكلف نفسها” عناء تسجيل أي إدانة للممارسات الإرهابية اللاأخلاقية واللاإنسانية التي ارتكبها “الإسرائيليون” بحق الفلسطينيين والعرب منذ بدء حلم تيودور هرتزل في عام 1897 وحتى إرهاب أيهود أولمرت في وقتنا الحاضر. والثابت حتى الآن أن الأيديولوجية الصهيونية ما تزال هي المتحكمة بعقليات وسياسات قادة “إسرائيل”، بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية وتوجهاتهم اليمينية أو اليسارية. فقد حرص اسحق رابين كل الحرص عند طرحه “إعلان المبادئ” الذي أبرمه مع الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات أمام أعضاء الكنيست “الإسرائيلي” على الادعاء بأن “الصهيونية قد انتصرت”!! أما بنيامين نتنياهو، فقد حرص هو الآخر على أن يقتفي أثر سلفه ويدعي في كتاباته “أن للصهيونية دوراً هاماً يجب عليها القيام به من أجل توطين ثمانية ملايين يهودي حفاظاً عليهم من عداء السامية المستشري في العالم، على حد زعمه!! وبرغم جميع الاجتهادات والأفكار “البروباغندية” التي طرحها زعيم حزب العمل الأسبق والرئيس الحالي لدولة الاغتصاب شمعون بيريس في كتابه “الشرق الأوسط الجديد” بغية الفصل بين جيلين “إسرائيليين” سابق قامت سياسته على الأحلام والتطلعات الأيديولوجية وحالي تقوم سياسته على حقائق العصر، إلا أنه لم يستطع أن يعدل عن مواقف الصهيونية الخاصة بدعوى أرض “إسرائيل التوراتية” والتي تشمل الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة ومرتفعات الجولان، تماماً مثله مثل أي قائد “إسرائيلي” أخر!!
قرن واربعة عشر عاماً مر على تاريخ انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السويسرية وما زال قادة كيان العدو من الأحزاب الرئيسية الثلاثة العمل والليكود وكاديما عاجزين عن تطوير الصهيونية بما يتفق مع حقائق العصر بمعناها الحقيقي ومفهومها الواضح. فحتى اسحق رابين نفسه حين خطا خطواته على طريق “السلام” المزعوم لم يجرؤ على الإقرار بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة في الضفة والقطاع والقدس الشريف، لا بل تمسك ببقاء المستوطنات اليهودية في مواقعها ووضعها تحت حماية قوات الأمن “الإسرائيلية” وتحت إشراف سياسي كامل من قبل السلطة السياسية “الإسرائيلية” في تل أبيب. وعندما يكون الحال هكذا مع رابين “شريك الفلسطينيين في سلام الشجعان” كما كان يصفه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، فمن البديهي أن يكون أدهى وأمر وأشد تصلباً مع القادة الآخرين الذين خلفوه في رئاسة حكومات تل أبيب المتعاقبة.
لربما أن من المفيد الإشارة إلى أن الألم الفادح الذي أوقعته الصهيونية العالمية بالفلسطينيين والعرب عامة من خلال ممارستها الإرهاب المتواصل ضدهم قد بدا في بعض الأحيان ثقيلا حتى على ضمائر بعض المفكرين والسياسيين والعسكريين اليهود أنفسهم في تل أبيب وعواصم الغرب من أمثال ألبرت أنشتاين ومكسيم رودونسون والبروفسور تالمون وناحوم جولدمان وعيزرا وايزمان وآخرين وفق ما جاء في تصريحاتهم وكتاباتهم. لكن الواقع سيظل يشهد على أن كيان العدو لم يزل يُصر على التمسك بوضعية دولة الأبارتهايد التي تتحكم بالفلسطينيين خلافاً لإرادتهم ورغباتهم، الأمر الذي يُرجح احتمال قرب نهاية الصهيونية، كما تكهنت صحف صهيونية كثيرة من أهمها طبعاً صحيفة “هآرتس” التي أشرت إلى ذلك صراحة وبشكل مباشر في افتتاحية عددها الخاص بالذكرى المئوية لرحيل “ملهم الصهاينة والمنظر الأكبر لإرهابهم” تيودور هرتزل!!
محمود كعوش
كوبنهاجن في آب 2011
كاتب وباحث فلسطيني مقيم في الدانمارك
kawashmahmoud@yahoo.co.uk
kawashmahmoud@hotmail.com


المبادرة العربيّة تجاه سوريّة..."خنجر ذو نصلين"/ النائب المحامي سعيد نفاع

المبادرة العربيّة تجاه سوريّة بدأت كما يقال ب"الرجل الشمال" بغض النظر إن خرجت إلى حيّز التنفيذ أو لم تخرج، ففيها تهديد مبطّن من ناحية ومن الأخرى تتجاهل سقوط مئات القتلى من قوات الأمن والجيش السوريّ، أكثر أو ما يقارب ما سقط في معركة جبل الشيخ في حرب تشرين 1973، ممّا يجعلها تماما كما قال مندوب سوريّة الدائم في الجامعة، مبادرة تنظر بعين واحدة على الحدث السوريّ، وأنا أضيف ب"عين" صهيوناتويّة.
لا يمكن الخوض في تناول المبادرة التي خرجت بها الجامعة العربيّة دون الرجوع إلى بعض التطورات والتحركّات والتصريحات التي شهدتها الساحة الشرق أوسطيّة عشيّة التئام الجامعة ومنها على الأقل، التطورات على الساحة الليبيّة، تحرّكات "الأمير آل- ثاني" لإيران، زيارة المبعوث الروسي المزمعة لسوريّة وتصريحات الرئيس السوري للفضائيّة السوريّة والسيّد حسن نصرالله في خطابه الأخير في يوم القدس.
الرئيس السوريّ بدا في المقابلة هادئا وحازما لجهة رفض أي تدخل في الشأن السوريّ الداخلي ولو من باب إعطاء الوعظ، ولجهة التحذير من أي تدخل عسكريّ في سوريّة. لا نعرف ولكن نستطيع أن نتصور أن "آل- ثاني الأمير" سمع من إيران ما يجب أن يسمع وبمعزل عن ما أُعلن على لسان وزير الخارجيّة الإيراني من تمني على القيادة السوريّة الأخذ ب"مطالب الشعب"، وعن ما أعلن على لسان قائد عسكريّ إيرانيّ رفيع المستوى تزامنا: "يريدوها حربا فلتكن حربا".
السيّد حسن نصرالله في خطابه بمناسبة يوم القدس، لم يترك مجالا للاجتهادات فأعلنها صراحة أنه لولا سوريّة لما حقّقت المقاومة ما حققت لا في العام 2000 ولا في العام 2006، مضيفا ما معناه أن سلامة المنطقة من سلامة سوريّة وخراب سوريّة فيه خراب المنطقة أو في كلماته بتصرّف: أي تطور إيجابيّ في سوريّة سينعكس على المنطقة برمتها وكذا أي تطور سلبيّ.
سبق ذلك تطور بقي نوعا ما في الظل ألا وهو إعلان إسرائيل قطع العلاقات "الدبلوماسيّة" وإن لم تكن على مستوى سفارة، مع قطر لدعمها لحماس والمطلب الفلسطيني للاعتراف الأمميّ، ليعود الناطق باسم وزارة الخارجيّة وليعلن أن قطر هي من بادر إلى ذلك (!). هذا الخلاف بين "توأميّ" أميركا وبالذات الآن، هو محاولة تبييض صفحة قطر الأداة النشطة للغرب، خصوصا إذا عطفنا ذلك على تصريح "الوزير آل- ثاني" اللافت حول أنّ سوريّة دولة مركزيّة وشقيقة وعلينا أن نذكر أن لها حدودا مع إسرائيل (!).
وإذا عطفنا على كل ما جاء، الموقفَ الإسرائيلي المعبّر عنه في تصريح رئيس الموساد السابق مئير داجان وفي ورقة العمل المتطابقة ل"المعهد الأورشليمي للسياسات الخارجيّة" المعدّة على يد البروفيسور أيال زيسر أهم الخبراء الإسرائيليين في الشأن السوريّ، وفي تصريحات وزير الدفاع أيهود باراك القديمة- الحديثة، الموقف القائل: أن سوريّة من دون الأسد ونظامه أفضل لإسرائيل لأن سوريّة مع الأسد قويّة والخصم الأساس لإسرائيل وبهذا فهي العائق أمام الهيمنة الإسرائيليّة بتحالفها مع إيران وحزب الله، أما سوريّة مع المعارضة وبقيادة الأخوان المسلمين فهي أضعف وغربيّة التوجهات وهذا أفضل لإسرائيل.
عطف كل هذه الأمور على بعضها وربطها فيما يدور في الكواليس ولا نعرفه ولكن بالمنطق البسيط نستطيع أن نتخيّله، وإضافة كثير ممّا هو معروف كالموقف التركي "المستضبع" أمام إسرائيل والغرب و"المستأسد" على سوريّة وغيره، عطفها على بعض وربطها يوصلانا إلى أنّ اتخاذ الجامعة العربيّة مبادرة تجاه سوريّة الأمر الذي لم يحصل مع ليبيا، وحتّى وإن كنّا لا نعرف كنهها يوصلنا إلى أن هذه المبادرة تحمل في طيّاتها "خنجرا ذا نصلين".
هذه المبادرة يمكن أن تُقرأ على أنها "براء ذمّة" تجاه سوريّة مما يعرفه بعض أصحابها، بمعنى أن هنالك أمرا خطيرا مخبأ لسوريّة وهم شركاء فيه ويتوّخون أن يحموا أقفيتهم خوف أن يطالهم مكروه إن طال سوريّة مكروه. فهم ومن ورائهم حلف الناتو وربيبته إسرائيل يعرفون أن سوريّة ليست فعلا لا تونس ولا مصر ولا ليبيا وعلى الأقل لناحية الإجماع الذي عمّ العرب والمسلمين ولو متأخرا عند بعض الحكّام والعالم دعما للثورات فيها ورغم دور الناتو الدنس في ليبيا، فلن يحظى أي عدوان على سوريّة بدعم إجماعيّ عربيّ إسلاميّ على الأقل ولا يستهينَنّ أحد بتداعيات ذلك منطقيّا وعالميّا ولن يكونَنّ أحد في منأى.
يُمكن أن تُقرأ كذلك على أنها فعلا وعلى الأقل لدى البعض، ولو كان الأمين العام للجامعة جهة مقررة لقلنا عنده، أنها من باب "حسن نيّة" تجاه سوريّة وهذا سيثبته كنهها، فإن كانت دعما لمسيرة الإصلاح أو حتّى تحمل اقتراحات جديدة للإصلاح وفيها منح غطاء للمعارضين السوريّين الوطنيّين للمشاركة في طاولة الحوار لإغناء مسيرة الإصلاح ووضع آليّة للإسراع فيها حفاظا على دماء السوريّين مواطنين وقوى أمن، إن كانت كذلك وبغض النظر عن دوافعها يمكن أن تعتبر حينها أنها من باب "حسن النيّة".
من نافل القول أن الأيام القريبة ستكشف ذلك، وبغض النظر إن كانت المبادرة من باب "براء الذمّة" أو "حسن النيّة" فهي "خنجر ذو نصلين" يمكن أن ينغرسا في خاصرة سوريّة ولكنهما حتما سيرتدان إلى نحور القابضين على مقبض الخنجر وبالذات تلك التي لها حدود مشتركة مع سوريّة كتصريح "الشقيق الوزير آل- ثاني".
ملاحظة: تستطيع أيها القاريء أن تتهمني أنني عدوّ الحريّة وحقوق الإنسان ووو...، ولكنيّ حين أرى على الأقل، الساسة الإسرائيليين "يفركون أياديهم بهناء" بحكم موقعيّ الذي لا أُحسد عليه، ولسان حالهم يقول "يوق فلسطين"، أصير أفهم معاني الحريّة بشكل آخر !
/ أواخر آب/2011
saidnaffaa@hotmail.com

جيوب ثقبتها المناسبات والأزمات!/ آمال عواد رضوان


ونحن على أعتاب العام الدّراسيّ الجديد، تبث وكالة الأنباء الفرنسية الأسبوع الماضي خبرًا عن سعي سنغافورة إلى احتلال أحد المراكز الأولى، بغية الظهور كمقصد تعليميّ استثنائيّ، ينافس المدارسَ المرموقة والجامعات الأوروربيّة والأمريكيّة، وفق الخبير في التعليم المعلوماتيّ "سام هان" إذ يقول:

"إنّ الإنترنت رأى النور في الولايات المتحدة، ولكن دولاً كثيرة مثل سنغافورة وكوريا الجنونية وغيرها، قطعت أشواطًا كبيرة في مجال البنى التحتية الرّقميّة".

عند ضفاف هذا الخبر تراودني أحوالنا في الشرق، وتردّي الحالة الاقتصادية التي تواجه السّواد الأعظم من أبناء شرقنا وقشرتنا، حيث تكثر الطلبات والالتزامات التي لا مناص منها ولا مفرّ، ويظلّ الفرد والمجموع العربيّ بغالبيته يرزخ تحت نير الإرهاق الماديّ والميزانية المعطوبة!

الموسم الدّراسيّ على بُعد أيام يأتي ليطرق الجيوب والأبواب، وفرحة الطلاب والأطفال لا بدّ وأن تتسربل برائحة الجديد من الكتب والأدوات القرطاسية والحقائب والزيّ المدرسيّ، ولا بدّ للوالدين أن يبلعا مرارة ضيق الحال وووجع الكف القابضة على الجمر، من أجل أن يرسما البسمة على وجوه أبنائهم، فيوفرا لهم ما طاب من مأكل ومشرب وملبس وفرح بشهر رمضان وبالعيد، وكذلك بتأمين مستلزمات السنة الدراسية الجديدة!

ومع الجديد ينتفض العتيق من الديون ويزمجر غاضبا، بعد أن أعياه التخبط المرير الكسيح بين العام الماضي والجديد.

كيف تتمكن الأسرة كثيرة الأولاد من تأمين وتوفير مستلزمات الدراسة لأبنائها في بداية العام الدراسيّ، والأسعار عالية والأثمان باهظة تهدّ الظهر، في ظل البطالة والغلاء والأزمة الاقتصادية الآخذة في التدهور عامًا بعد عام؟

كيف يدبر الوالدان شؤون الأبناء وتوفير حاجاتهم الأساسية، دون أن يعاني الأبناء من الحاجة والهمّ والغمّ، ودون أن يتسرّب بعض الأبناء من المدرسة، أو يتوقف أحدهم من الدراسة في الجامعة، ليساهموا في إعالة الأسرة؟

لماذا تتحول مناسباتنا السعيدة من زواج وأعياد وتعليم وتخريج إلى أزمات تعيسة، تثقل كاهل ربّ الأسرة بالعجز والدّمار ووجع البال؟

لماذا لا تتبنى مدارسنا توفير الكتب للطلاب وتوزيعها عليهم منذ بداية السنة الدراسية حتى نهايتها بأجر رمزيّ زهيد، وفي نهاية العام تستعيد المدرسة الكتب من الطلاب، كما يتمّ الأمر في بعض المدارس الأهليّة؟

لماذا تستبدل وتغيّر الكتب كل عامين أو ثلاثة، فلا يستخدم الأخ كتب أخيه الأكبر؟

وفي كثير من الأحيان تفرض المدرسة على طلابها شراء نسخ جديدة من كتاب قديم، لكن يحمل نفس العام بتغيير طفيف أو تبديل بترقيم الصفحات وتبديل المواضيع. لماذا؟

من المستفيد من كل هذه التجارة بالكتب؟

لماذا ترتفع أسعار الكتب بشكل مهول؟

هل بسبب الاستغلال والتنافس بين دور النشر والمطابع ووزارة المعارف والمردود الماديّ؟

أما في المدارس الثانوية فتزداد التكاليف والمواجع، إذ هناك فروع وتخصصات من رياضيات وفيزياء وكيمياء وتكنولوجيا وإلخ، ولكلّ تخصص كتبه الخاصة، وقد يكون في نفس البيت إخوة لكل منهم تخصص مختلف عن الآخر، والكتب باهظة في مجالات التخصص.

أما من حل لهذه المعضلة والكتب قد يستخدمها فرد واحد فقط؟

ما مصير الكتب المكومة في المكتبات البيتية؟

كيف يمكن تصريفها والاستفادة منها ككتب مستعملة واسترداد بعض تكاليفها؟

هل يبيعها الطالب؟ هل تتبناها المدرسة؟

هل هناك جمعيات تعمل على شراء هذه الكتب وتصنيفها بكتب مستعملة وكتب أخرى جديدة؟

أليس في الأمر إحراج لبعض العائلات المستورة في عيون أبنائها، ممن يتحسسون من شراء كتب مستخدمة؟

ويسارع الأهل إلى المكتبات المدرسية لشراء الكتب في بداية العام الدراسيّ، خوفا من نفاذ الكتب بعد أسابيع قليلة، لأن المكتبات لا يمكن أن تخزن كمية كبيرة من الكتب للعام القادم، لأن الكتاب قد يتغير، وتبقى الكتب القديمة رهينة الرفوف والكساد.

وأما عن الحقائب المدرسية التي تنوء ظهور طلابنا بحملها فحدث ولا حرج، تجد من الحامض للحلو من الأشكال والرسومات والتصميمات المغرية للطلاب بألوان ودعايات وأسعار خيالية، والأهل يحضرون أبناءهم للمكتبة لتكتمل فرحتهم باختيار حقائبهم والأدوات القرطاسية وشراء الكتب والدفاتر والتجاليد، والطفل بفرحته الطفولية يختار ما يريد، والأب بعجزه يقف بمرارة يلحظ الفرحة في عين ابنه ويتلمس جيبه المثقوب، ولا يسعه أن يكسر بخاطر ابنه ويحبط معنوياته!

لماذا يفرح طلابنا ببداية العام الدراسي، ثم يشعرونه حملا ثقيلا، يودون التخلص منه والتسرب والتهرب من ظلالة؟

هل تشكل مدارسنا ومناهجها أعباء على كواهل طلابنا بموادها الثقيلة؟

هل يأتي يوم نردم فيه الفجوات العميقة بين واقع مدارسنا وواقع حياتنا وعصرنا كما في اليابان، فيسجل الطفل رقمه المدنيّ، ويُجرى له فحص ذكاء، وتعطيه المدرسة كمبيوتر نقال فيه منهاجه الدراسيّ على أقراص مضغوطة، مدعومة بنظام صوتيّ وصور ثلاثية الأبعاد، يسلمها الطالب في نهاية العام الدراسيّ، لاستلام كمبيوتر أحدث في العام المقبل؟

هل يأتي يوم نودع فيه الحقائب والكتب المدرسية، ونواكب عصرنا التكنولوجي بكل تطوراته كما في مدارس كوريا الجنوبية، المزودة بنطاقات "واي فاي"، والتي تم برمجة الكتب المدرسية على شكل أجهزة لوحية منذ عام 2007؟

وهل يأتي يوم نقول فيه ليحيا "الآي باد"، كما في مدرسة نانيانغ السنغافورية، فتقوم مدارسنا بتوزيع أجهزة آي باد على الطلاب، فيرتاحون من حمل الحقائب الثقيلة وعتالتها، ويتعلمون بطرق أسهل من خلال لمس الشاشة المحوسبة بشكل عملي، ويرتاح طلابنا من الحشو المعلوماتي، ويُستبدل بالتركيز على تطوير مهارات التفكير اليومية والعملية والعصرية؟

ليبيا ربيع جاف/ سامي الأخرس

عند تناول الموضوع الليبي يتم الخلط والمزج بين موقفين الأول فيما يتعلق بحكم معمر القذافي، وكأن الرافض للتدخل الأجنبي الغربي مؤيد للحكم المطلق، ومؤيد لإستبدادية الأنظمة العربية، وهو خلط باطل جملة وتفصيلاً، ويراد من خلاله طمس الحقائق وتشويهها، ومنح التدخل الغربي- الأمريكي غطاء تبريري تحت عنوان التحرير من ظلم وفساد النظام الليبي، وهو ليس حق يراد به باطل، بل باطل يراد به باطل، وباطل يراد به كفراً بالعروبة، ومنح شرعية للمُحتل والمستعمر باسم الحرية والشعوب، وإقحامها في ثقافة الأجيال القادمة، وهو ما تحقق أو على وشك التحقق، من خلال ما لمسناه في نقاش وحوار شبابنا الذي أصبح لا يدرك الحقيقة، ولا يعلم منها إلاّ ما يملى عليه من أشباه المثقفين، أو بالأحرى المسترزقين والمستنفعين من الغرب وأمريكا وسياستهما.
فالحديث عن ليبيا لن يُجدِ كثيراً بعدما تم قصفاٌ فكريًا من الولايات المتحدة والغرب قبل قصفنا بالصواريخ، هذا القصف الفكري اتخذ منذ زمن ليس بالطويل العديد من الأساليب والأدوات بدأت بعولمة الثقافة وتحريرها من القيم والأخلاقيات والمبادئ التي رسخها الانتماء العربي منذ إرهاصات المد القومي وحتى سقوط الناصر جمال عبد الناصر الحالة العروبية الأخيرة التي اكتسبت صفة وسمه الزعامة الفعلية، وهي الحالة التي شهدت أسرلة سياسية من البعض الذي حاول المس بفكر وانتماء وإخلاص الزعيم جمال عبد الناصر وتشويه هذه الصورة في الثقافة الشبابية المعاصرة، إضافة لانفتاح ثقافات الغرب عبر وسائل الاتصالات والتكنولوجيا، وهي ما شهدت سقوطاً موازيًا في القيم والأخلاقيات الثقافية عامة، فترافق سقوط القومية مع السقوط الجسدي، فالمواطن العربي وإن فقد جزء حيوي من ثقافته وانتمائه، فإنه فقد الجزء الآخر بالسقوط الجنسي، فلا خير من ممارسة اللواط والسحاق وزنا المحارم، وانتشار ظاهرة التخنيث الثقافي والجنسي معاً تحت منطق قانون (الحريات) والديمقراطية، وحق التعبير، وممارسة ما شاء الفرد بحرية دون وضع حدود أخلاقية، وقانونية تحافظ على الهيكل القيمي والأخلاقي للمجتمع، إذن مع كل ذلك، ما يمنع الاستعانة بالمُحتل والمستعمر؟!
ما لفت انتباهي في ظل الأزمة الليبية هو موقف المتأسلمين من هذه الأزمة، وهذه الخرافة الدينية التي يمثلوها فقط بطول اللحية والدشداشة(الجلبية) والاستعانة بالشعوذة ذات الظاهر الديني، في حين أنها لا تمت للدين بأي صلة، وأي جوهر، وأي دين أو عقيدة تلك التي تبيح لمسلم الاستعانة بكافر ومتآمر ضد الأمة لقتل شعب مسلم أخر تحت أي مبررات كانت أو أوهام يتم التستر خلف الدين لتمريرها. وهو ما مثله المتأسلمين الجدد الذين منحونا مفهوم جديد، ومعنى جديد للفهم الديني الإسلامي، وهو بحد ذاته إنصاف لهولاكو الذي حرر العراق من ظلم الحجاج حسب مبررات هؤلاء المتأسلمين الجدد. وهم بموقفهم من ليبيا منحوا هولاكو صك البراءة والغفران، وما بين الأمس البعيد واليوم القريب سقوط للخرافات والشعوذة التي صفقت وهنأت احتلال ليبيا، وقتل شعبها، وتدمير مقوماتها، باسم التحرير، وهي نفس التجربة التي صفق وهنأ المتأسلمين أنفسهم والعالم، بتحرير بغداد قبل تسعة أعوام من سقوط طرابلس، وما بين 2003م و 2011م نفس الشعوذة.
إن كان أشباه المثقفون العرب يستدرجون شبابنا نحو هذا الفهم، وهذه الثقافة، وهي إعادة إنتاج لاستعانة الخليج العربي بالولايات المتحدة والغرب في تحرير الكويت، فان الصورة لا زالت ماثلة مع المتغير البسيط في وضوح المعالم بما يتناسب والتطور التكنولوجي الذي أضفى مميزات للكاميرا الفوتوغرافية بنظام ديجيتال المرئي، والمعطل فكرياً وعقلياً، كالأنعام ترى ولا تعقل.
وهو ما ينطبق على الموقف الفلسطيني الذي كان من المتوقع أن يكون أكثر عقلانية، وأكثر صوابًا وإدراكًا، وإحساسًا بالشعب الليبي، وهو ما يمثل حالة استهجان واستغراب، إن لم تكن صدمة ليس من الموقف الرسمي بل من الموقف الشعبي، وموقف بعض أشباه المثقفين والأدباء، والأكاديميين الذين ادعوا أنهم مع الثوار الليبيين تحت أي مبررات كانت، نعم كلنا وكلّ عاقل حر مع الثورات ضد الظلم والقهر، والاستبداد والديكتاتوريات، ولكن هل هذا يعني إصابتنا بالعمى والاستحمار الفكري، والتهليل للصواريخ التي تقصف وتقتل أهلنا في ليبيا، وشعبنا في ليبيا، وتدمر مقومات ليبيا وقدراتها وثرواتها؟!
لا يمكن ليّ أن أُسلم بموقف آولئك أشباه المثقفين الذين أرادوا تضليل الشعب الفلسطيني الذي يعاني منذ ثلاثة وستون عام من القصف والقتل بنفس الصواريخ، ونفس الطائرات، ومن قوى هي الداعم الأساسي في وجود إسرائيل وممارستها لإجرامها، ضد شعبنا الفلسطيني، الذي يستغيث بكل العالم لوقف المذابح الصهيونية في حين يهنئ نفسه والعرب بقتل الشعب الليبي وتدمير ليبيا، وكأن لسان الحال يبرأ حزب الكتائب اللبناني الذي استعان بإسرائيل لذبح أبناء المخيمات تحت مبررات العربدة الفلسطينية، وسيطرة مقاتلي الثورة الفلسطينية على لبنان، ويمنحون التاريخ حزمة جديدة من الحق في تطهير السجل الأسود لحزب الكتائب اللبناني.
أما الموقف الرسمي الفلسطيني فهو ليس موقفاً مستهجناً في حالة اللاوعي واللاموقف التي تعيشها السلطة الفلسطينية برأسيها، فالرأس المُتعولم عبرّ عن موقفه من الأسرة الدولية، والأزمة السياسية التي يعيش في أتونها، وربما موقفه جاء خضوعاً للضغوطات الفرنسية- الأمريكية، خاصة وأنه في حالة استجداء دولي لاستحقاق ايلول القادم بالاعتراف الدولي بهذا الاستحقاق، وهذه الدولة التي وإن حدث فعلاً الاعتراف بها، فهي بمثابة مكسب معنوي مهم جداً لرام الله على وجه العموم، وللرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي لم يتبق في يديه سوى هذه الورقة في الملعب السياسي الفلسطيني المأزوم مع حماس ومع إسرائيل، وعليه فليس مستهجناً التضحية بالموقف لأجل موقف، وهو لا يقارن مع موقف المرحوم ياسر عرفات عندما انحاز للعراق ضد الهجمة الأمريكية- الغربية، أو موقف جورج حبش - رحمه الله-، عندما انحاز للعراق رغم أن وجوده ووجود حزبه كان آنذاك في سوريا ألدّ أعداء العراق، ولكن المبدأ ساد عند هؤلاء الذين لا تتلاعب السياسية بمبادئهم وقضاياهم الأساسية والثابتة.
أما الطرف المتأسلم الآخر في غزة، فسارع للتهنئة بانتصار(الناتو) في ليبيا، وهو لا يختلف عن الطرف الأول في إخضاع المسالة لمبادئ إرضاء الغرب والقوى الإقليمية على حساب المبادئ الإستراتيجية والوطنية والدينية، فرضى الغرب وقطر والإمارات أهم من رضا الرب والدين في العرف السياسي المستحدث من ثقافة الاستئساد على الضعيف والخنوع أمام القوى، وهي الثقافة التي تسللت لأجيالنا، وجعلت منهم دمى متحركة تحت ذبذبات ما يملى عليهم وموقف حماس هذا فتح الباب مشرعاً للسؤال، هل يحق لفتح الاستعانة بإسرائيل باسم تحرير غزة؟!
هذه المواقف ليست عقيدة شخصية عندي بقدر ما هي استباحة لمساحات العقل للسؤال والمحاورة، والتعمق في الحالة، وخلق ركائز جانبية نستند إليها في تناول المتغيرات في ليبيا، وما آلت إليها الأحوال، وقناعتي الراسخة والتامة بأن ليبيا أصبحت تحت انتداب جديد، واستعمار اقسى وأشرس من الإستعمار الايطالي السابق فإن كانت ايطاليا الماسونية قد خرجت بجندها، فإن ايطاليا البرلسكونية قد عادت بشركاتها وثقافاتها التي قصفت بها مع قوى الحلفاء عقولنا وأفكارنا قبل قصف مقدراتنا.
وربما يعاد عليّ السؤال الذي وجه لي عدة مرات من العديد من الإخوة، ما هو البديل أو البدائل أمام قتل القذافي للشعب الليبي؟! سؤال أشبه بمقولة "عذراً أقبح من ذنب" فهو يعبر عن جهالة في التاريخ، وجهالة في التفكير، وجهل في الوعي والإدراك، وتخمة تجهيلية تغلق كل مفاتيح التفكير لدى شعوبنا العربية التي لم تعي من تجارب الشعوب سوى السقوط والخيانات، أما التجارب الثورية فهي غُيبت مع تغييب الوعي، وهنا لا بد لنا من استذكار الثورة الفيتامية، والثورة الكوبية، وسيرة المناضل الأُممي تشي جيفارا، وكذلك قراءة سيرة المناضل عمر المختار، واستدراك مفاهيم ومعاني الثوريين والثورات التي أمنت بقدراتها على التحرير والحرية، فالثائر الحقيقي هو المؤمن بالتضحية لأجل التحرر، والمؤمن بوطنه طاهر حر نظيف، وليس هو من يستغيث بالمستعمر والمتآمر لقتل أبناء شعبه، وحرق وتدمير بلده، ومطالبته بالفاتورة لعشرات السنين واستعباد رؤوس الخيانة فيما يسمى المجلس الانتقالي الذي وللأمس كان معظم رؤساؤه من رجال النظام ووزرائه، وفجأة تحولوا من زلم النظام إلى ثوار، فعلاً هي الحقيقة التي ولا بد من اعتناقها والدفاع عنها، أن الشعوب غير القادرة على تحرير ذاتها، شعوب فعلاً لا تستحق الحرية، ولا تستحق أن يطلق عليها شعوب ثائرة، فالثورات لا تستنجد بالمؤامرات والتآمر على وطن يدرك الجميع أنه شكل المصدر النفطي المهم بعد لعراق، دون النظر إلي الخليج المستلسم منذ زمن للولايات المتحدة والغرب وشركاتهما، ولا يملك من ثرواته سوى بناء القصور، والسهر في المواخير، واستقدام العاهرات لإحياء حفلات المجون في إنعاش خزائن شركات السياحة العالمية، والمنتجعات التي أصبحت تصمم خصيصاً لمزاج آولئك.
إذن ليس ترفاً رفضنا القاطع والمطلق لما حدث في ليبيا لأنه احتلال بكل ما تحمله الكلمة من معنى، وليس لهواً وعبثًا بمقدرات شعب عربي، وأمة عربية تحت وقع مصالحنا وأهوائنا، فنحن لن ولم نقف مع الولايات المتحدة الأمريكية والغرب وأي عملاء يستنجدوا بهم إلاّ في حالة واحدة لا ثانِ لها، عندما نرى أن هذه القوى وجهت صواريخها نحو تل أبيب، وإسرائيل، واعترافها بان هناك شعب يرتكب ضد أبشع الجرائم منذ نصف قرن، دون أن تفعل شيئاً سوى دعمها وحمايتها المتزايدة لإسرائيل وعنصريتها: فالضمير الأمريكي- الغربي الذي نزف الدم والدمع على مشاهد القمع(الكاذبة والمفبركة) في ليبيا وهَب بكل قوته لإحتلال ليبيا، ولم يعلم بَعد هذا الضمير أن هناك شعبُ يقتل ويذبح منذ ثلاثة وستون عام.
فالحقيقة واحدة وبسيطة وليست مركبة ومتشعبة، نعم مع كل ثورات الشعوب المضطهدة والمقهورة، وضد كل الديكتاتوريات والإستبداد، ولكن من يستغل هذه المبررات لاستقدام قوى الاستعمار والإحتلال والانتداب فإنه لا يُمثل هذه الشعوب ولا يُعبر عنها، وهنا "ألف حجاج ولا هولاكو واحد" .

حسن نصر الله كف عن التدخل في الشأن السوري وإلا..!/ محمد فاروق الإمام

تطرق السيد حسن نصر الله في الكلمة التي ألقاها بمناسبة إحياء ذكرى (يوم القدس) إلى الوضع في سورية فقال:
"كلنا يؤيد الإصلاحات لتحقيق مزيد من الدعم كي تتطور سورية وتصبح أفضل، نريد في سورية القوية بالموقف القومي الإصلاحات والتطوير، وبالتالي يجب أن يعمل كل من يدّعي أن سورية دولة صديقة وحريص على شعبها ووحدتها الوطنية لتضافر الجهود لتهدئة الأوضاع في سورية، ودفع الأمور إلى حوار في سورية، وأي دفع باتجاه آخر هو خطر على سورية والمنطقة، فهل من يريد دخول قوات 'ناتو' يعمل لمصلحة سورية؟ وهل الذين يدعون إلى تعصب طائفي ومذهبي هم مع سورية؟ هم يريدون سورية كلبنان مجزّأة طائفية، فلبنان دائماً يعيش على حافة حرب أهلية تحضّر له من الخارج وأحياناً من بعض السيّئين في الداخل، ومن يحرض سورية ويحضّر النعرات يريد تفتيتها، وهناك من يريد تقسيم سورية من أجل خدمة مشروع الشرق الأوسط الجديد".
حسن نصر الله تأخر أكثر من عشر سنوات في تأييده للإصلاحات لتطوير سورية، في الوقت الذي كان فيه يصول ويجول في لبنان راكباً فرساً سورية ومتسلحاً ببندقية صفوية يصفي ويهدد ويخيف ويرعب ويشعل الحرائق ويغتال الشخصيات الوطنية في طول لبنان وعرضه!!
حسن نصر الله يدعو إلى تضافر الجهود لتهدئة الأوضاع والحوار في سورية، في الوقت الذي يوغل بشار الأسد وعناصر أمنه وشبيحته، بحماية الدبابات التي أدارت ظهرها للعدو الصهيوني، بدماء السوريين، دون أن يذكر ولو إشارة إلى هذه الدماء البريئة التي سفكت بقرار من بشار الأسد، أو يترحم على الضحايا الذين سقطوا بنيران هؤلاء القتلة، أو يطالب بشار بوقف هذا القمع الهمجي!!
حسن نصر الله يتهم المتظاهرين السلميين، الذين يتصدون لآلة القمع الأسدية الجهنمية بصدورهم العارية، بأنهم يدعون إلى دخول قوات (الناتو) إلى سورية، في الوقت الذي تعلن جماهير هذه التظاهرات وكل أطياف المعارضة في الداخل والخارج رفضها لأي تدخل عسكري أجنبي، وحتى بعد دخول الشهر السادس على انتفاضتهم الثورية السلمية، وقد فاق عدد الضحايا أكثر من ثلاثة آلاف ومثلهم من المفقودين وأضعافهم من المعتقلين والمهجرين، ولو كان في نيتهم فعل ذلك لكان لهم ما يريدون قبل سقوط كل هذه الضحايا، ولو كان لهم أي اتصال بالناتو أو الغرب أو أمريكا لكان بشار قد سقط منذ الأيام الأولى للثورة، وعلى العكس من ذلك فقد تركت هذه الدول لبشار الوقت الكافي لإخماد هذه الثورة وقد أفق أيما إخفاق، لأنهم يخشون من نجاحها لجهلهم بحقيقة من سيأتي بعد بشار الأسد، وهم يتمنون بقاءه مع تحسين صورته وبعض رتوش من إصلاحات ولو حتى في الحدود الدنيا!!
حسن نصر الله يتهم المتظاهرين السلميين بأنهم يدعون إلى الطائفية والتعصب المذهبي، وحسن نصر الله وبشار الأسد آخر من يحق لهم اتهام الآخرين بالطائفية أو التعصب المذهبي، لأن الأول هو رئيس ميليشيا طائفية 100% مدعوم من ملالي قم الصفويين الذين يعتقدون بولاية الفقيه وهو يدين لهم بالولاء دون الوطن والكيان اللبناني، وأما الثاني فهو وريث الطائفي الأول في سورية حافظ الأسد الذي غرر بالكثيرين من أفراد الطائفة العلوية لخدمة أغراضه وجندهم في عصابة تحمي كيانه وأسرته، وقد وضع بأيديهم القيادة العسكرية والأمنية ومفاصل الدولة وقيادة مراكزها الحيوية، وأطلق يدهم في نهب البلاد وإفساد العباد، وتوج بشار هذه الطائفية بتسليح القرى ذات الأغلبية العلوية، وحرض الأقليات منهم الذين يجاورون أهل السنة على الاعتداء على أبنائهم ونسائهم وممتلكاتهم، وخوف الطائفة العلوية الكريمة من الثورة لأنها – كما يزعم - إذا ما نجحت فسيعملون على استئصال الطائفة، وقد رفض عقلاء الطائفة مثل هذه الدعاوي وأصدروا بياناً تنصلوا به مما يقوم به بشار من جرائم، وللعلم فإن النسيج الطافي في سورية، بحسب الإحصائيات التي قامت بها دولة الانتداب الفرنسي هي على الشكل التالي: (80% سنة، 8% علويين، 6% مسيحيين، 3% دروز، 3% طوائف أخرى)، أما الأكراد فمحسوبين على الطائفة السنية.
وفتح بشار أبواب سورية للصفويين الطامعين ببلاد الشام والخليج، بعد أن تمكنوا من العراق ولبنان لاستكمال الهلال الشيعي، الذين تدفقوا كالجراد على سورية، مدعومين بمليارات الدولارات لشراء الذمم واغتيال العقول وحرفها عن عقيدتها، وإقامة الشعائر الدينية الوثنية في معظم المدن السورية، وبناء المؤسسات التعليمية للمذهب الجعفري، وامتلاك العقارات في الأماكن الحساسة حيث توجد أضرحة الصحابة وآل البيت، بحماية بشار الأسد وتشجيعه ومباركته، علماً أن نسبة الشيعة في سورية لا تتجاوز 1%!!
ويختم حسن نصر الله حديثه عن سورية باتهامه المتظاهرين السلميين بأنهم يخدمون مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يقوم على تفكيك البلاد وتقسيمها وتجزئتها خدمة لأطماع الغرب، في الوقت الذي كان هو وأسياده في قم يباركون الغزو الأمريكي للعراق وتفتيته وتقسيمه إلى طوائف واثنيات متناحرة، حيث كانت فيالق بدر الصفوية وفرق حزب الدعوة تحمي ظهر الجنود الأمريكيين الغزاة، ومخابرات قم وكفر سوسة تقدم الدعم اللوجستي والمعلوماتي لهذه القوات لتسهيل مهمتها وتقليل خسائرها، الأمر الذي جعل كبار القادة العسكريين الأمريكيين يقدمون الشكر لقم وبشار الأسد لدعمهما الكبير الذي لولاه – كما قالوا – لكانت الخسائر الأمريكية في الأرواح كبيرة وكبيرة جداً!!
ليتك يا حسن نصر الله تبتعد عن الخوض في الحديث عن سورية وتترك أمرها وشأنها للسوريين فأهل مكة أدرى بشعابها، وإلا فستكون نهايتك حزينة كنهاية سيدك بشار!!

ليبيا الانتصار.. والسقوط في المستنقع/ راسم عبيدات


..... رحل الطاغية معمر القذافي غير مأسوف على رحيله،رحل بكل شطحاته وجنونه وألقابه التي أسبغها على نفسه وعلى إقطاعيته،رحل بعد أن عاش طويلاً خارج الزمن،رحل دون ان يخطو خطوة واضحة تجاه بناء دولة عصرية،بل أبقى ليبيا ضمن توزيعات قبلية وعشائرية يسهل انقيادها والسيطرة عليها وحكمها بلغة القطيع،وكان الآمر الناهي في كل شؤونها حتى في تحديد بداية الصوم وبداية العيد،رحل ملك الملوك وعميد الحكام العرب"المخاصي" الطغاة،رحل دون أن يكون قادراً على إيجاد حاضنة شعبية تلتف حوله وتحمي النظام،وكيف لهذه الجماهير أن تدافع عن نظام احتقرها وشبهها بالجراذين واتهمها بالعمالة والخيانة،وبدلاً من أن يستجيب للإرادة الشعبية،وجدناه يعلن تشبثه بالكرسي،هذا التشبث بالكرسي دفع ليبيا إلى مصير قد يدفع فيه الليبيين ثمناً باهظاً،يفوق ما دفعوه في عهد القذافي،فالذين دخلوا على خط ما يسمى بالثورة الليبية من عرب وقنوات الفتنة الفضائية وكتاب ومثقفين مأجورين ومعهم القوات الأطلسية المدعمة بقرارات مجلس الأمن المدجنة والمطوعة أمريكيا وغربياً،هي لم تأتي من أجل ان تساعد الليبيين على استعادة كرامتهم وحريتهم،بل عينها على ثروات ليبيا النفطية،و"ثوار" ليبيا لن يكون بأحسن حال من الحكام الذين أتت بهم أمريكا بعد احتلال العراق وتدميره،فها هو الشعب العراقي يدفع ثمن ما يسمى بالديمقراطية الأمريكية احتلالاً وقتلاً وتدميراً وتقسيماً وتذريراً،فلربما ديكتاتورية صدام وأخطاءه هي من أتت بالغرب الاستعماري،ولكن صدام بكل طغيانه وجبروته وضع العراقيين في عهدة كان أفضل مئة مرة من العهد الأمريكي،فدولة كالعراق مصدرة للنفط أصبحت تستورد النفط،ولا أمن ولا أمان فيها،وليبيا التي استعان "ثوارها" بحلف الاطلسي من أجل "التحرير" ستدفع ثمن هذا "التحرير"،فالأطلسي الذي دمر ليبيا بيتاً، بيتاً، زنقة، زنقة،هو الذي سيتولى اعمارها من أموال الشعب الليبي .

بعد رحيل القذافي تصفية واغتيالاً أو هروباً ونفياً سيقال الكثير بحق هذا الرجل،هذا الرجل غريب الأطوار والذي بنفطه اشترى ثورات وأحزاب حرفها عن أهدافها ومنطلقاتها،وقاده جنونه الى ارتكاب حماقات جرت الويلات على ليبيا،كما حصل في قضية لوكربي والملهى الليلي في المانيا وغيرها،وبسبب ثروات بلاده النفطية كانت قصور الدول تفتح حدائقها لجماله وخيامه.

هذا الرجل بدأ حياته ثائراً في وقت كان فيه المشروع القومي العربي في أوجه،ولكن بسبب جنون عظمته وبأنه من لديه القدرات والامكانيات الخارقة،كان يتصور نفسه ربما الرسول الأعظم،أو جهبذ وفلتة زمانه،حيث اعتقد أن هرطقات وخربشات ما يسمى بالكتاب الأخضر،هي البلسم والحل الشافي ليس لمشاكل ومعضلات ليبيا بل للعالم أجمع،عرباً وعجماً وبوذيين وهندوسيين وأفارقة وغيرهم .

هذا الجنون دفعه للجنوح نحو الديكتاتورية المطلقة،وتحويل ليبيا تحت ما يسمى لجانه الثورية الى مزرعة خاصة ورعاع يقاد ويحكم ويفكر بأمره،لا يجيد سوى التصفيق والتمجيد لما يقوله أو ينطق به من "تخاريف""وهفوات".

هذا الرجل الذي نصب من نفسه الثائر الأممي الأول،سرعان ما ارتد وارتعدت فرائصه خوفاً وذعراً من أمريكا وأوروبا الغربية بعد سقوط العراق واعتقال صدام ومن ثم اعدامه،ولكي لا يواجه نفس المصير ذهب الى استسلام استباقي،وأعلن تخلي بلاده عن مشروعها النووي،وفتح أبواب ليبيا لكل فرق التفتيش،وقدم التعويضات لضحايا لوكربي وغيرها،وكشف للحكومة البريطانية عن كل علاقاته واتصالاته مع الجيش الجمهوري الأيرلندي وبنية هذا الجيش وقادته.

إن الخوف على ليبيا ومصيرها والمخاطر التي تتربص بها ما بعد عهد القذافي أكثر بكثير مما هو في عهد القذافي،وهذه المخاطر نابعة من أن ما حدث ليس بفعل ثورة شعبية قادتها الجماهير كما هو الحال في تونس ومصير،بل أن الغرب استغل الهبة الشعبية الليبية ضد القذافي،لكي يستلم زمام الأمور هناك،ويمنع مفاعيل وتداعيات الثورات العربية التي أصابته بالذعر والهلع من التمدد والتوسع عربياً،بعد أن منعت قوات درع الصحراء الثورة من التمدد الى عقر الجزيرة العربية،وقمعت الثورة البحرانية عسكريا.

حيث تدخل الناتو في الشأن الليبي الداخلي تحت يافطة حماية المدنيين من القتل،وشيئاً فشيئاً أصبح الناتو شريكاً لما يسمى بالثوار في العمليات العسكرية،حتى أن معركة طرابلس كانت القوات الاطلسية ومعها قوات عربية تقاتل جنباً الى جنب مع "الثوار".

علينا جميعاً أن ندرك أن الدعم الغربي ل"لثوار"،ليس بسبب الحرية والكرامة والديمقراطية للشعب الليبي،ففي قاموس الغرب وعرفه ومصالحه وبالذات النفطية منها هي محور وموضوع الصراع،فالليبيين الذين قتلوا بهجمات الأطلسي يفوق كثيراً الليبيين الذين قتلوا على أيدي كتائب القذافي،تماماً كما هو الحال في العراق فالرئيس العراقي الراحل صدام كان متهماً بقتل 153 كردياً فيما يسمى بمذبحة حلبجة،ولكن كم عدد العراقيين الذين قتلوا على أيدي القوات الأمريكية والغربية في العراق؟،فهو يفوق هذا العدد مئات أن لم يكن الآلاف المرات،بل حصيلة العدد المقتول على زمن صدام، يقتل في يوم واحد في ظل الديمقراطية الغربية،ديمقراطية نهب خيرات العراق وثرواته وتقسيم جغرافيته وتدمير بناه وهياكله ومؤسساته واستمرار قتل وتهجير أبناءه .

نعم وبلغة الصحفي الكبير طلال سلمان"أي خيار بائس هذا الذي يفرضه الطغاة على شعوب هذه الأمة: فإما أن يلغوا وجودهم وينسوا حقوقهم في بلادهم وأن يرتضوا العيش بلا كرامة،وإما أن يرتضوا بعودة الاستعمار مزيناً بشعارات التحرير وقهر الطغيان وإعادة البلاد الى أهلها،مقابل حرمانهم من قرارهم الوطني ومن ثرواتهم الوطنية ومن هويتهم الأصلية ليرجعوا مرة أخرى الى حظيرة الهيمنة الأجنبية باعتبارها صاحبة الفضل في التحرير".

أخشى ما أخشاه أن هذا المجلس الانتقالي الذي يقود ليبيا بعد مرحلة ما بعد القذافي،والذي بشائر تصريحات قادته تشير الى أنه سيدفع بليبيا الى البقاء تحت عباءة ومظلة الخضوع للقوى الاستعمارية،إما أن يقود ليبيا الى نموذج شبيه بالصومال،قبائل تتنازع وتتصارع على السلطة والموارد والمصالح والنفوذ،ولا مكان فيها لدولة مركزية،أو قيام حكومة على غرار الحكومة العراقية،حكومة مقابل السلطة والحكم تتخلى عن قرارها المستقل وسيادتها الوطنية وعن ثروات البلاد لصالح الطامعين فيها من الدول الاستعمارية الغربية.

وبالنتيجة الوضع الليبي والمشهد الليبي يبقى مفتوحاً على كل الاحتمالات والخيارات،ولكن ما يرجح هو أن سياسة الفوضى الخلاقة،هي العنوان لما يحدث في ليبيا ومن قبلها كانت العراق وامتدت الأمور الى أكثر من بلد وعاصمة عربية،وما يحدث ويجري في سوريا ليس بعيداً عن ما يحدث في ليبيا،حيث تلتقي مصالح دعاة الفوضى الخلاقة مع مصالح أصحاب العروش المهترئة من القادة والزعماء العرب،في منع ونشوء أي حالة نهوض ثوري عربي،هذا النهوض الذي من شأنه قلب المعادلات وتغير الموازين لغير صالحها ومصالحها.


إسرائيل وحماس – من وهم تماثل المصالح إلى الصراع/ نبيل عودة

(مراجعة نقدية لبحث أكاديمي إسرائيلي جديد)

"إسرائيل وحماس – بين الصراع الفكري والصراع الديني " دراسة جديدة لثلاثة باحثين هم: الدكتور شكيب رجا صالح،من قرية المغار ،محاضر أكاديمي في جامعة بار ايلان وكلية صفد. والدكتور الياس عفيف سليمان من قرية الجش له إصدارات في الدراسات الشرق أوسطية، ويعمل مديرا لقسم المعارف في مجلس الجش المحلي، والباحث، يعقوب حبقوق، أيضا له إصدارات ويعمل في وزارة الدفاع الإسرائيلية. ما لفت انتباهي في البداية إطلاق صفة مستشرقين للمؤلفين على أنفسهم، الأمر الذي رأيت فيه خطأ وتسرع، ربما يلائم الأمر الكاتب اليهودي،ولكن هذا أيضا مع علامة سؤال كبيرة. كيف يمكن أن يسمى ابن الثقافة العربية وابن الشرق مستشرقا؟
طبعا هذا لا يقلل من أهمية الكتاب وقيمته في استعراض أحد المواضيع شديدة الأهمية في الواقع الفلسطيني والإسرائيلي ، التي تلقي ظلالها القوية على مساحة الشرق الأوسط كله.
ما هو مصدر الإستشراق؟
باختصار شديد، يرى ادوارد سعيد أن الإستشراق، هو تأكيد على الخطاب المؤسس للحضارة الغربية، كرونولوجياً (أي أننا نجده أصلاً في أقدم النصوص الأوروبية)، وحضارياً ، بتعريفه الشرق على أنه آخر أوروبا الخطر، والمتدني حضارياً. والمستشرق هو كل من يدرس الشرق، أو يكتب عنه، أو يبحثه، سواء في جوانبه المحددة، أم العامة، وسواء كان هذا الشخص أنثروبولوجياً (علم الأجناس البشرية)، أم عالم اجتماع، أم مؤرخاً، أم فيلولوجياً ،لذلك العربي، الباحث في العلوم الشرق أوسطية، أو ابن أي حضارة شرقية، ليس مستشرقا ولا يمكن أن يكون، لأنه يبحث في قضايا عالمه وواقعه الذاتي.
المؤلفون يقدمون عرضا تاريخيا وفكريا لتطور حركة حماس ، عبر التمهيد بدراسة الحركات الإسلامية ، وخاصة حركة الإخوان المسلمين،وامتدادها العربي، ودورها في المناطق الفلسطينية، وتأثير حرب حزيران 1967 ( حرب الأيام الستة) وصولا إلى الانتفاضة الفلسطينية الأولى ( انتفاضة الحجارة) وصراع التيار الإسلامي مع منظمة التحرير الفلسطينية، وحركة فتح ،ولكن البحث يتجاهل أن حركة فتح لم تخلوا أيضا من تيار إسلامي منذ نشأتها وحتى اليوم.
ويستعرض الكتاب بالتفاصيل الكاملة بداية تشكيل حماس، نجاحاتها، وعلاقاتها مع العديد من الدول العربية وإيران، وأساليب عملها.
لست في باب استعراض المضامين الهامة للكتاب، التي تشمل كل الموضوع الإسلامي في الشرق الأوسط. والصراع السياسي الديني بين الإسلام عامة وحماس خاصة ودولة إسرائيل، وأكتفي بإشارة إلى أن المؤلفين لم يتركوا جانبا دون عرضه بشكل علمي وموضوعي، مما يجعل الكتاب مرجعا هاما لمختلف الدارسين والباحثين في علوم الشرق الأوسط والإسلام السياسي.
إنما لي ما يقال حول التوطئة والمقدمة للكتاب، إذ وجدت أن بعض المنطلقات الفكرية والسياسية تحتاج إلى أعاد ترتيب الأوراق، وفهم أفضل لمساراتها ومضامينها لتكون الصورة أشمل وأكثر دقة..
ففي التوطئة جاء انه :"في بداية القرن العشرين، بدأت تتسرب إلى هؤلاء العرب المسلمين أفكار جديدة منشأها غرب أوروبا وأهمها الفكرة القومية".
كان من الأهمية في التوطئة الإشارة إلى دور مسيحيي الشرق ، وخاصة العرب الأورتوذكس في نشر الفكر القومي العربي. وكان الدافع أن ما يوحد الجماهير العربية هو الانتماء ألوطني وليس الانتماء الديني. وبالتأكيد ساهم بدء التعليم المبكر ، خاصة بواسطة الارساليات الروسية، الى تطوير الانتماء للثقافة العربية وفهم المواطنة بمعيارها القومي وليس الديني.وكانت الارساليات الروسية ، تعلم باللغة العربية ، بينما الارساليات الأخرى لم تعط للغة العربية أهميتها في التعليم. كذلك كان لا بد من الإشارة إلى أن نشوء القوميات والفكر القومي في أوروبا ، جاء بأعقاب الثورة الصناعية ، أي بعد فترة التنوير ( الرينيسانس) التي قطعت أوروبا عن فكر العصور الوسطى الإقطاعي والكنسي الاستبدادي. وماركس في أبحاثه أشار إلى الدور الهام والأساسي للاقتصاد في نشوء القوميات. ويمكن القول ان الظاهرة القومية هي ظاهرة برجوازية.
اقتصاد دول الشرق الضعيف، لم ينجح بإنشاء قومية عربية متماسكة، من هنا ظل الوزن النوعي للانتماء الديني متفوقا ، وازداد قوة امام الفشل في تطوير اقتصاد عربي وعلوم وتعليم وتقنيات ، وبقاء العالم العربي حارة خلفية ضعيفة التطور في عالم ينجز خطوات هائلة في رقيه الحضاري ومستوى حياة الانسان. وكانت تجربة الناصرية هامة ومثيرة، وفشلها هو الفشل بإحداث نهضة اقتصادية تنويرية تغير الواقع الاجتماعي والثقافي والمدني في مصر أساسا. ويبدو واضحا ان سيطرة الجنرالات على السلطة بكل وزاراتها ،والاعلام بمختلف وسائله ،والجامعات ومختلف جوانب الحياة واخضاعها لسيطرة الجنرالات، كان وراء فشل التجربة الناصرية. وواضح إن الواقع العربي ظلت تميزه راديكاليته الدينية وليس راديكاليته القومية.
بالطبع هناك عوامل محلية ودولية ساهمت في تطوير الراديكالية الإسلامية المتطرفة. الفشل في أحداث تغيير في الواقع العربي نتيجة ما يعرف بالانقلابات العسكرية، التي لم تقدم للشعوب العربية غير القمع والفساد والتحالف مع التيار الديني، نفس عبد الناصر قال بعد نكسة حزيران :" سقطت دولة المخابرات" عن نظامه الذي بناه من العسكريين وأفشلوه في أخطر تجربة تواجه النظام الناصري والعالم العربي كله. ولكن الزمن لم يسعفه ليقود التغيير الذي كنا نحلم به وظل حلما محطما مع ورثائه الفاسدين.وقد سبق المفكر الإسلامي الكبير عبد الرحمن الكواكبي عصره في رؤيته التنويرية الهامة كما وردت في كتابه (طبائع الاستبداد) فقد توقف هنا عن الدعوة إلى قيام الخلافة الإسلامية، واستعاض عنها بدعوة إلى قيام دولة مدنيّة قوميّة تضمّ مسلمين وغير مسلمين ، وفي كتابات الكواكبي كان منذ البداية، يدعو إلى قيام حكومة مدنيّة.
العوامل الدولية تمثلت بالتحالف بين السعودية وتيارها الإسلامي الوهابي مع الولايات المتحدة في الحرب ضد النظام السوفييتي والفكر الشيوعي.وقد مدوا الحركات الإسلامية بالمليارات من الدولارات، وابرز هذا الدعم كان دعم ما يعرف باسم المجاهدين الأفغان ضد الوجود السوفييتي في أفغانستان، ثم دعم حركة طالبان، والدعم تجاوز الجانب المادي إلى الجانب السياسي والثقافي والفني، لدرجة إنتاج أفلام سينمائية تروج للمجاهدين ضد السوفييت( فيلم من أفلام رامبو لسلفاتور ستالوني مثلا) من نفس المنطلق دعمت إسرائيل حركة حماس ضد حركة فتح،وضد القوى الوطنية والشيوعية، لدرجة إن الكثيرين من الباحثين يقولون أن إسرائيل ساهمت بإنشاء حماس،ويورد الكتاب إثباتات قاطعة على ذلك. مثلا ضابط الأديان في القطاع أفنير كوهن كتب في تقرير له في 12 يوليو 1984 :" أعتقد أن استمرار تغاضينا أو تسامحنا مع المجمع الإسلامي قد يضرنا في المستقبل. لذا أوصي أن نبحث عن وسائل وأن نحطم هذا المجمع قبل أن نفقد القدرة على ذلك". كلام لا يحتاج إلى تعليق.
ويورد الكتاب إثباتا آخر:"أشار ضابط آخر في المناطق المحتلة (الجنرال شايكي ايريز) ، إلى الخطر الكامن في تقوية المجمع الإسلامي .فكتب:" إن أعمال الجماعات الإسلامية المتطرفة، الظاهر منها والمستتر... قد تستمر وتتعاظم بحكمة كبيرة. وإن غض الطرف عنها او التسامح معها قد يضر بنا مستقبلا،عدم مواجهتها قد يفهم على انه ضعف من طرفنا ويسهل سيطرة المتطرفين على الشعب الفلسطيني".
ولكن استراتيجيات السياسة الإسرائيلية كانت تقوية المجمعات الإسلامية وضرب فتح والشيوعيين والمنظمات القومية’ هذا حدث داخل إسرائيل أيضا. وهو لم يتناقض مع النهج الأمريكي حيث ساهمت أمريكا وبالتعاون مع السعودية بدعم القاعدة وتقوية مكانة الأصولية الإسلامية بكل تفرعاتها ، وفي كل أنحاء الوطن العربي وفي اوروبا أيضا ، بفهم خاطئ ان دورهم سيصب في مصلحة الغرب في الصراع الدولي بين المعسكرين الشيوعي والراسمالي... وذلك قبل انهيار الاتحاد السوفييت ومجموعة الدول الاشتراكية .
من ناحية أخرى فشل المشروع الماركسي في العالم العربي ، وانهيار المشروع القومي، خاصة بعد نكسة حزيران وغياب جمال عبد الناصر، لم يترك في الساحة إلا الحركات الإسلامية، التي شكلت مؤسسات اجتماعية وصحية قدمت خدمات هامة بظل غياب أي خدمات منافسة حتى من الدولة. ومصادر الأموال كانت السعودية والولايات المتحدة ودول غربية أخرى...من فهم استراتيجي فكري مبتذل وخاطئ، بأن الحركات الإسلامية ستظل خادما أمينا لمشاريعهم. حقا التقوا في العداء للشيوعية والتيارات القومية. ولكن مع فراغ الساحة السياسية ، عملوا لتعبئة الفراغ وهنا حدث الصدام.
السؤال من بدأ الانتفاضة يبدو لي غير ذات بال، الانتفاضة هي فعل شعبي وليس فعل حزبي، وقد تزعمت منظمة فتح الانتفاضة عبر أجهزتها المحلية، وربما في قطاع غزة كانت الشراكة أوسع مع حماس.
الإنتفاضة هي ظاهرة باستيلية ( ثورة الباستيل الفرنسية) في الفكر السياسي.وقد حدثت انتفاضات عديدة قبل الانفجار الانتفاضي الكبير. وقد برز مروان البرغوتي كقائد سياسي في حركة فتح في أتون الانتفاضة.
هذه عدة نقاط لا تؤثر على قيمة البحث التاريخي والسياسي والفكري .
الكتاب انجاز هام يضاف لمكتبتنا العربية .
____________
الكتاب: إسرائيل وحماس – بين الصراع الفكري والصراع الديني
المؤلفون: د.شكيب صالح / يعقوب حبقوق / د. الياس سليمان
صدر عام 2011 / لا ذكر لدار النشر/ مطبعة دار النهضة – الناصرة


أيها الحقوقيون لا تقرأوا هذا المقال/ جوزيف أبو فاضل


يئن "وطن الدرر" وعاصمته بيروت "أم الشرائع" من الفلتان في الأمن والسياسة والإعلام.. ونكاد نقول إن كل شيء فاسد في لبنان، بما فيها مؤسسات الدولة، التي لا تمشي معاملة المواطنين فيها إلا بدفع الرشاوى، إلى حد وصل فيه الموظف يشترط الرشوة مسبقاً لوصول صاحب الحق إلى حقه، وهناك الكثير من هذه الأمثلة، لكن المجال لا يتسع..

وعليه، إن الرادع لكل هذا الفلتان دواء واحد هو: العدالة ثم العدالة ثم العدالة..

فبالأمس القريب تأمّل اللبنانيون أن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي ستصلح الأمور عبر بيان وزاري "طنان رنان"، حفظ مقولة "الجيش والشعب والمقاومة"، وهو ثالوث إيجابي وليس سلبياً إطلاقاً، تعوّد اللبنانيون عليه والمقيمون بطريقة شرعية وغير شرعية.


تهريب السلاح.. والمعركة الكلامية

كذلك ضجت البلاد بقضايا تهريب السلاح إلى سورية، وهو أمر متروك للمسؤولين السوريين كي يخرجوا بملفهم هذا إلى العلن، بعد أن خرج التلفزيون العربي السوري الرسمي باتهام النائب جمال الجراح منذ مدة، والمقرب من عبد الحليم خدام، بأنه وراء تهريب السلاح إلى سورية، وأنه ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد، لكن الجراح نفى يومها هذا القول، إلى أن ظهر ملف آخر وهو تهريب السلاح إلى سورية عبر ثلاث شبان ينتمون إلى تيار المستقبل، أو مقربين منه، وذلك عبر يخت سياحي إلى بانياس، عبر مرفأ سوليدير؛ قرب سان جورج، وفـُتح السجال واسعاً في لبنان بين الأكثرية الجديدة والمعارضة الجديدة حول موضوع تهريب السلاح إلى سورية، واستمر النقاش الحاد بين الفريقين، مع الإشارة إلى أنه تم إلقاء القبض من قبل مخابرات الجيش اللبناني على هؤلاء الشبان في جريمة مشهودة، ينقلون السلاح بسياراتهم التي كانت تحوي أربعة رشاشات من صنع "كلاشنكوف" مع ذخائرها وبنادق أم 16 مع ذخائرها، بالإضافة إلى مادة الكوكايين، التي هي على حد علمنا محظورة في لبنان والعالم.

إذاً، الأسلحة كانت موجودة في سيارة وبداخلها شبان، وقد نقل إليها السلاح المذكور في منطقة "الخندق الغميق"، وليس في زورق في مرفأ سوليدير.


الضغوطات على القضاء.. تابع

بعد التحقيق معهم، وهم متلبسون بالجرم المشهود، وأثناء توقيفهم مدة أسبوعين، لم يبق أحد إلا وتدخّل في قضيتهم من المعارضة المستجدة، وأثناء مثولهم أمام القضاء العسكري من النيابة العامة العسكرية حتى قاضي التحقيق العسكري، وتحت ضغط سياسي معلوم على القضاء، وفي اتصال "حاسم جازم" حضر على أثره القضاء في إجازته، قاطعاً إجازة الراحة المعطاة له قانونياً، ليخلي سبيلهم بالقانون، وليتركهم بسندات إقامة قانونية، ويذهبون إلى منزلهم بقوة القانون، فأدهشوا من أوصلوهم إلى بيوتهم "القانون والقضاء والعدالة"، وارتاح القانون معهم بأن القانون لا يسري إلا على الضعفاء وعلى الذين يركب لهم الملفات في لبنان.

نحن لسنا ممن يريد لأحد أن يبقى في السجن إذا كان بريئاً، خصوصاً هؤلاء الشباب من تيار المستقبل، لكننا نستغلها فرصة لنطلب إخلاء سبيل جميع تجار المخدرات والمروجين والمتعاطين بها، وكذلك من يحمل السلاح من دون رخصة، ومن يحوز على السلاح دون رخصة، ومن يتاجر بالسلاح الحربي أسوة بالمخلى سبيلهم أو المتروكين تركاً مع الاعتذار الذي لحقهم إلى منزلهم.

لكن قضية تهريب السلاح إلى سورية قد حسمت تماماً على الشكل التالي:

أثناء زيارة الأستاذ إبراهيم عوض؛ نائب رئيس المجلس الوطني للإعلام، لقائد الجيش العماد جان قهوجي، وأثناء الدردشة، أعلم قهوجي عوض بأن التحقيقات لدى مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفي الشرطة العسكرية أثبتت أن هؤلاء لا يوجد لديهم دوافع سياسية وراء تهريب السلاح، حسب ما برز في التحقيقات.

ثم تناقلت بعض وسائل الإعلام الخبر اليقين بأن قائد الجيش العماد قهوجي قال: "لم يثبت لدى الجيش حتى الآن وجود دوافع سياسية وراء تهريب السلاح، وإن ما فعلته مخابرات الجيش توقيف المطلوبين بالجرم المشهود داخل سيارة محملة بالأسلحة ومخدرات، وأن هدف هؤلاء جني المال"، فيما معناه أنها تجارة أسلحة ومخدرات أو ربما تعاطي المخدرات..


كلام القائد.. قائد الكلام

إن هذا الكلام الذي خرج به قائد الجيش قطع الشك باليقين، باعتبار أننا اعتدنا في لبنان على أن كلام القائد هو قائد الكلام، وهذا الكلام فاجأ الكثيرين من قوى 8 آذار، التي كانت تعول على أنها ألقت القبض على عصابة لتهريب السلاح إلى سورية، فتهريب السلاح إلى سورية حاصل، وهذا أمر معلوم ومعروف، نفى من نفى، وأكد من أكد، لكن ردة الفعل كانت أيضاً من الجانب السوري غير الرسمي، والذين بدأوا يطلقون لمواقفهم العنان بعد كلام العماد قهوجي، حيث قالوا: "المهربون اللبنانيون يأخذون مازوتنا الرخيص الثمن ويجلبون لنا الأسلحة والمتفجرات والذخائر لخلخلة نظامنا ودولتنا وقتل جيشنا وشعبنا"!

أما قوى 14 آذار، فـ"هيصة وليصة" و"فرحة ومرحة"، على أن جماعتهم خرجوا من السجن أبرياء لا ذنب لهم.



قانون المخدرات

وهنا ومن باب الصدق، لا يمكن القول إلا إن هؤلاء خرجوا بضغط على القضاء، وبالقول المشهود أن لا دوافع سياسية لهم حتى الآن وراء تهريب السلاح إلى سورية.

لكن كلام قائد الجيش العماد جان قهوجي مدروس جداً حين قال: حتى الآن..

في حين أن المستغرب في الأمر، والذي يحيّر الألباب وأولي العقول بأن هؤلاء المخلى سبيلهم هم خاضعون لقانون المخدرات في مواده 125 و126 (..) وما يليهما من مواد، بحيث يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات وبالغرامة من مليونين إلى خمسة ملايين ليرة كل من حاز أو أحرز أو اشترى كمية ضئيلة من مادة شديدة الخطورة، أو ثبت إدمانه ولم يتعالج..

ويتابع قانون المخدرات في المادة المذكورة أعلاه: يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة وبالغرامة من 25 مليون إلى 100 مليون ليرة لكل من أنتج، حضر، باع، زرع، تبادل، تنازل مجاناً عن مادة شديدة الخطورة، أي مثل الكوكايين الذي كان بحوزتهم.


بعد المخدرات.. الأسلحة والذخائر

وكذلك في قانون الأسلحة والذخائر، وفي الفصل السادس في العقوبات "في المادة 72 وما يليها" التي تنص: "من ستة أشهر حتى ثلاث سنوات سجناً على كل من خالف هذه المواد بحمله وحيازته ونقله الأسلحة بأي وسيلة كانت".

إن المراقبين من مختلف انتماءاتهم ومشاربهم وطوائفهم يسألون مجلس النواب والقضاء اللبناني، وجناحهم الآخر، أي نقابة المحامين في بيروت، وعلى رأسها نقيبة المحامين أمل فايز حداد، وكذلك نقابة المحامين في طرابلس، وعلى رأسها نقيب المحامين بسام الداية، أليس من الواجب أن يسري القانون على الجميع؟ فلا يلقى القبض على المخبر التابع لمخابرات الجيش الذي يقوم بمهامه، ويترك الجاني مهما يكون انتماؤه السياسي أو الطائفي، وكذلك يطالبون وزير العدل النقيب شكيب قرطباوي، أن يضم صوته إلى هذه الأصوات، وهو المحامي العليم بما يجب أن يقوم به في العدلية اليوم قبل الغد وهذه اللحظة قبل الدقيقة المقبلة، لأن العدالة في لبنان أصبحت مثل كذبة "راجح"، فهي في تدهور مستمر وليست المشكلة في اكتظاظ السجون، بل المشكلة بالقوانين، بحيث دخلنا في غابة من التشريع في المجلس التشريعي أي مجلس النواب، ووجب تقديم قوانين مقبولة سريعاً قبل انفلات الحبل على غاربه.

وبذلك تنتفي التهمة بأننا لا زلنا في عدالة، "ألقينا القبض على الجثة وفر القاتل".. فإما أن تقدموا العدالة السامية على نصوص القانون الجامد، وإلا.. فالسلام عليكم.


*كاتب السياسي
...

حرامى المواسير/ د. ماهر حبيب

زمان لو واحد طلع على مواسير بيت ودخل شقة علشان يسرقها كان بييجى بعد نص الليل والدنيا نايمة ويخش يسرق الشقة ويطلع على المواسير من سكات ولو حد شافه تبقى مصيبة لحرامى المواسير لأنه كان حا يبات فى القسم لغاية ما يبان له صحاب وهناك سلومة الأقرع ما بيعرفش أخوه والموضوع كان بينتهى بجنحة سرقة وحبس والناس كانت بتتطمن إن ده حا يخوف حرامى المواسير.
لكن فى مصر ما بعد النكسة الجديدة حرامى المواسير ياخد ميدالية الشرف ويبقى نجم شباك ويتوظف بعد ما كان عواطلى وياخد شقة على قفى واحد تانى مستنى دوره علشان ياخد الشقة لكن علشان مش هو حرامى مواسير يتأخر دوره إللى خده الحرامى لكن المصيبة الكبرى إن حرامى المواسير ماسرقش شقة لكن إعتدى على سمعة مصر الخارجية بإعتبار إن السفارات بما فيها سفارة العفريت الأزرق ليها كيانها الإعتبارى وأى إعتداء عليها بيمثل أزمة دبلوماسية تتغرز فيها مصر لكن مين قال إن فيه حد يبهتم بمصر إذا كانوا المصريين عمالين يمرمطوا بمصر ليل ونهار وماحدش بيقول لهم تلت التلاتة كام.
سمعة مصر بقت مستباحة وبدل ما نكون فى موقف القوى إللى بيدور على حقه يتحول لموقف الدفاع ويضطر شرف إللى بيعتذر لطوب الأرض إنه يعتذر لإسرائيل على إستباحة حرمة السفارة وطبعا فى الوقت نفسه نضيع حقنا فى معرفة مين الغلطان فى حادثة الحدود وتنقلب الحادثة لطرفين غلطانين وتبقى دى قصاد دى ومعلش سماح النوبة دى ويروح حق مصر بسبب حرامى مواسير.
نفس المنطق الأغوج لما إعلام طظ فى مصر وإللى جابوا مصر هلل لتفجير مواسير الغاز فى سينا وبدل ما ندور على الفاعل عملنا فرح وهات يارقص بلدى وشرعى ماهو كل حاجة لازم تبقى شرعى حتى لو كان رقص وقعدنا نطبل ونزمر وحاكمنا الرئيس السابق على تصدير الغاز وعملنا شبورة علشان ننسى حاجتين مهمين الأولانية إن إللى فجر الغاز كان القاعدة وسواق بن لادن وسينا بتتحول قدام عينينا إلى إمارة إسلامية تمهيدا لضمها لغزة وتبقى حماس هى الراعى الرسمى للإرهاب بمصر والحاجة التانية إن إسرائيل مش حا تقعد تتفرج على الهطل ده وتسكت دى عندها عقود بينها وبين مصر الدولة مش مع مبارك وأولاده ولو راحت لتحكيم دولى حا ننطس غرامة 8 مليار دولار يعنى 50 مليار لحلوح يعنى كل مصراوى غنى أو فقير حايدفع من لحم الحى 600 جنية لإسرائيل من لحم الحى علشان سواق بن لادن يعرف يشوف شغله كويس بعد هروبه من السجن على أيد ثورجية ميدان التخريب وأتباع طظ فى مصر.
مولد وصاحبه غايب كل واحد ليه شوق فى حاجة بيعملها والدنيا بقت سداح مداح والمجرمين القتلة بقوا سوبر ستار والإرهابيين بيرجعوا مصر معززين مكرمين والمحرض على الإغتيالات تتحول لجان دارك مصر وبالظبط عاملين زى أيام زمان لما كانت الممثلة تتقفش فى شبكة دعارة وبعد الناس ما تنسى شوية تطلع نفس الممثلة فى برامج فى رمضان التليفزيون والراديو وحتى البوتجاز فى حملة إعلانية مكثفة وتقول أحلى من الشرف مفيش يأه ياأه وتتلهى الناس فى البرامج الرمضانية لغاية ما تنسى حكاية الدعارة وأهو النسيان ده نعمة.
خلطبيطة والحكاية بقت بزرميط وإللى يقرا حكاية صحفى الأهرام إللى راح معدى فى أنفاق حماس بين غزة ومصر يجى له ذهول من كم الأنفاق إللى بتعدى من أول الأبرة لغاية الصاروخ الظافر والقاهر إللى طوله 30 متر والحدود بين مصر وغزة بقت عاملة زى المنخل ومفيش لا كرامة ولا أمان لمصر فى وسط هذا التسيب ولو قلنا القاعدة هناك يقول صرح مصدر مسنود إنهم ما لقوش ولا قاعداية زغننه فى سينا وكل ده تهيؤات لفلول النظام وعموما لو كان المتكلم مجنون لكن المستمع عاقل ولو إن عقول المصريين نشلها حرامى المواسير وهما قاعدين يتظاهروا فى ميدان التدمير والتخريب

الرئيس يكذب الآن!/ محمد فاروق الإمام

عندما كان الرئيس بشار الأسد يجري لقاءاً مع التلفزيون السوري الحكومي كانت المظاهرات تعم شوارع المدن السورية منادية بسقوط النظام ورحيل بشار، وترفع يافطات معبرة.. كان من أبرزها يافطة نسخت بخط واضح وبارز، عبر فيها المتظاهرون عن صدق مشاعرهم تجاه الرئيس بشار، قالوا فيها: (الرئيس يكذب الآن)، مشيرين إلى المقابلة التلفزيونية التي كان يجريها مع التلفزيون الحكومي السوري تزامناً مع هذه المظاهرات.
وبالعودة إلى المقابلة وجدت أن كل ما جاء في المقابلة عار عن الصحة ولا يلامس الحقيقة لا من قريب ولا من بعيد، ولو اكتفينا برد بشار على (دعوة أوباما للأسد على لسان وزيرة خارجيته وبريطانيا وفرنسا وألمانيا للتنحي).. حيث قال الأسد:
(لا يقال لرئيس لا يعنيه المنصب00 لا يقال لرئيس لم تأت به الولايات المتحدة ولم
يأت به الغرب00 أتى به الشعب السوري).
ولو أمعنا النظر بهذه الإجابة لتحقق لدينا أن ما جاء في اليافطة التي رفعها المتظاهرون تنطق بالحقيقة (الرئيس يكذب الآن).
نعم إن الرئيس يكذب عندما يقول أنه لا يعنيه المنصب، وفي سبيله أزهق أرواح أكثر من ثلاثة آلاف مواطن، وغيب أكثر من ثلاثة آلاف مواطن، واعتقل أكثر من خمسة عشر ألف مواطن، وشرد أكثر من عشرين ألف مواطن، وحاصر مدن واستبيحت محارمها ومقدساته ومنع عنها الدواء والغذاء والاتصالات، وهدمت فيها منازل، وسرقت ونهبت أسواق ومحال تجارية في أقل من ستة اشهر، ولا يزال مسلسل القمع والعنف يطال كل المتظاهرين السلميين المطالبين بالحرية والكرامة في كل المدن السورية وبلداتها وقراها، في سبيل التمسك بهذا الكرسي النتن الذي يسبح في مستنقع من الدماء.
أما عن قوله أنه لم تأت به الولايات المتحدة، فالحقيقة هي أن الولايات المتحدة هي من أتت به، فكلنا يذكر تصريحات الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن عندما كان يُشيع جثمان الرئيس الراحل حافظ الأسد إلى مثواه الأخير، بأن أمريكا تجد في بشار الأسد الرجل المناسب لقيادة سورية في المرحلة القادمة، وهذا التصريح عندما يصدر على لسان رئيس أكبر وأقوى دولة في العالم يعني أنها تريد أن يكون الرئيس القادم لسورية هو بشار الأسد.
وعن دعواه بأن الشعب السوري هو من اختاره وجاء به لرئاسة سورية فهذا كلام يرفضه السوريون لأنه عار عن الصحة، فالشعب السوري لم يكن له الخيار في تنصيب أي رئيس للجمهورية منذ أن تسلق جدران الحكم في دمشق ضباط حزب البعث المغامرون في الثامن من آذار عام 1963، حيث كان الرئيس يأتي عقب كل صراع يحدث بين الرفاق البعثيين، حيث يحتكمون إلى البندقية والبسطار في تسوية الأمور فيما بينهم، فقد نصب نور الدين الأتاسي رئيساً للدولة بعد حركة 23 شباط 1966 الدموية، ونَصب حافظ الأسد نفسه رئيساً للبلاد بعد إطاحته برفاقه في انقلاب 16 تشرين الثاني 1970، ونُصب بشار رئيساً للبلاد بعد ليّ الرفاق البعثيين عنق الدستور وغيروا مادة أساسية فيه تنص على أنه يجب أن يكون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية قد بلغ سن الأربعين، ليحولوا هذه المادة إلى أنه يجب أن يكون عمر من يرشح نفسه لرئاسة البلاد 34 سنة لتتناسب مع عمر بشار، ليرث أباه في الحكم في سابقة هي الأولى من نوعها في الأنظمة الجمهورية.
وكان هؤلاء الرؤساء حتى يعطوا لأنفسهم شيئاً من الشرعية اخترعوا نظام الاستفتاء (البيعة) دون أي منافس ليحصلوا على نسبة الأربع تسعات الشهيرة (99,99%)، وهكذا عاشت سورية رهينة لهذه النسبة دون أية مشاركة من شعبها في اختيار هؤلاء الرؤساء مرغمين بقوة العصا الأمنية والبسطار العسكري، وتحضرني في هذه المناسبة قصة طريفة حدثت معي، حيث كتبت مقالاً عن آخر استفتاء للرئيس الراحل حافظ الأسد وكان في عام 1998 كتبته تحت عنوان (أما آن لهذه المسرحية أن تنتهي) حيث اتصل بي أحد أصدقائي من سورية مستفسراً مني بالقول: هل أنت كاتب هذا المقال؟ فقلت له: نعم، فعاتبني وقال: لقد أثرت علينا في مقالك هذا كثيراً وأوقفت كثيراً من مصالحنا. فقلت له: يا صديقي إن الرئيس حافظ الأسد قال أن هناك فقط 219 في العالم من السوريين قالوا (لا) فليضيف اسمي إلى هذه القائمة فتصبح (220) قالوا (لا) فما يضيره ذلك، وكيف له لا يتحمل فقط 220 معارض قالوا (لا) من أصل 18 مليون قالوا (نعم).
هكذا كان اختيار هؤلاء الرؤساء لسورية وبشار من بينهم منذ نصف قرن، ولم يكن للشعب أي خيار في ذلك، فعلى بشار ومن يفكر في عقليته أن يفهموا أن كذبهم الصريح لم يعد ينطلي على أحد لا في داخل سورية ولا خارجها، وأن أصدق القول ما جاء على لسان الجماهير الثائرة وما رفعوه من يافطات (الرئيس يكذب الآن)..!!

أيها العراقي ما لك وما عليك/ صالح الطائي

لا يوجد في الكون كله نظام يعطيك ما (لك) ولا يطالبك بما (عليك) مطلقا، فكل كائن في الوجود يعيش وفق الموازنة الأبدية الدقيقة بين (لك) و(عليك) وحتى الأديان السماوية نفسها تطلب منك ما (عليك) قبل أن تعطيك ما (لك) كذلك الحكومات، والعشائر، الأسرة الصغيرة، أنت مع ذاتك، كلها كيانات قائمة على مبدأ ما لك وما عليك. وقد تكون رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام أسمى توضيح لما (لك) وما(عليك) لأنها تغور في عمق الشريعة لتستنبط الحقوق والواجبات.
أنت كمواطن لك على الحكومة التي أعطيتها صوتك ووقعت معها عقد تكافل أن تحميك وتوفر لك الأمان وتعمل على توفير الخدمات والعيش الكريم والعلاج والضمان الاجتماعي والطعام والشراب والتعليم والمأكل والملبس، ولها عليك أن تلتزم بقوانينها وتحافظ على المال العام وتخلص في عملك وتتعلم وتتقدم وتتطور وتشتغل بجد، وأن تسهم من جانبك في حماية ما تبنية، وأن تزرع شجرة أو وردة في الشارع العام بدل أن تشكوا من قتامة الصورة، وأن تزيل بعض ما خلفه الآخرون من مخلفات على الأرصفة وفي الطرق بدل أن تشكو تناثر الأوساخ، وأن لا تصادر حقا لإنسان لآخر ما دمت تريد من الآخر أن يحترم حقك.
ووفق الأنماط الحياتية القائمة والإكراهات المرحلية، ربما تتلكأ الحكومة في تنفيذ التزاماتها لأسباب قاهرة، كأن تكون واقعة تحت ضغط الإرهاب، والحركات الطائفية ومن هم لا يريدونها أن تنجح، فضلا عن جهل السياسيين لآداب العمل الوظيفي، وقسرية وجود المحتل، ووجود المعارضين لنهجها بين صفوفها، وعليه لا تحصل على جزء مما هو (لك) وفي مثل هذه الحالة لا يسقط عنك تكليف ما هو (عليك) فإن تقصير الحكومة وعجزها عن الوفاء بالتزاماتها لأسباب قهرية، لا يعني أن تتخلى أنت عما هو (عليك) لأنك متى ما تخليت عنه انتقاما منها أو اعتراضا على نهجها، فضلا عن تقصيرك في أداء الواجب تضع نفسك في خانة الوطنية المشكوك فيها. بل المفروض بك أن تؤدي ما هو عليك، بأحسن حال، لكي لا تعطي الحكومة حجة التقصير، ولكي تتيح لها العمل وتحثها على القيام بمهامها، ومتى ما عجزت الحكومة عن تأدية واجباتها تجعل صناديق الاقتراع حكما بينك وبينها.
وفي الوقت الذي نجد فيه بعض شبابنا سائرين على نهج أخوتنا العرب الذين انتصروا من خلال مظاهراتهم على حكامهم المجرمين الخونة، تلك المظاهرات التي تطور فعلها تبعا للأسماء التي أطلقت على أيام الجمع باعتبار أن مناسبة صلاة الجمعة تشكل بحد ذاتها مظاهرة عبادية.على هذا النهج حاول بعض العراقيين ركوب الموجة ولكل منهم غاية وهدفا حيث هناك من حاول تجيير مكاسب المظاهرات لنفسه وتوظيفها لمصلحته الثأرية أو الفئوية أو الحزبية بعيدا عن المصلحة الوطنية، وهناك من وجدها مناسبة لعرقلة عمل الأجهزة الحكومية بما يحسب تقصيرا على الحكومة وهو الأمر الذي جعل الكثير من الشباب الوطني الواعي يعزف عن المشاركة بالتظاهرات بعد التجربة المخيبة الأولى بما بدأ وكأنه نكوص وتخاذل، بل وفشل لمشروع المظاهرات، هذا المشروع السامي النبيل، والحق الدستوري والحس الوطني الذي نتمنى أن يأخذ مداه الحقيقي ليكون وسيلتنا في التغيير نحو الأحسن.
أنا لا أنكر أن التظاهرات الأولى على بساطتها دفعت الحكومة ومجلس النواب إلى إعادة التفكير في سياساتهم ومواقفهم، بما يبدو وكأنهم كانوا نائمين أو منشغلين بأمور أخرى بعيدا عن هموم الوطن والمواطن. لكن ما حققته التظاهرات كان بحق دون مستوى الطموح لأن أغلب المتظاهرين كانوا واثقين من عدم جدية مشاريعهم وهو الأمر الذي بينته في مقال سابق بعنوان (نقاش هاديء لموضوع ساخن .. التظاهر ضد من؟)
الآن مع بقاء الظروف التي دفعت المتظاهرين إلى الخروج أول مرة، ومع وجود معلومات تفيد أن الوطنيين والفئويين والمصلحيين والإرهابيين والعملاء والمأجورين والمستفيدين الذي فشلوا في الحصول على مكاسب تذكر من خلال المظاهرات الأولى، يعملون على تطوير مناهجهم وآلياتهم للخروج من جديد بمظاهرة حددوا لها يوم الجمعة المصادف 9/9/2011 بات لزاما على كل مخلص للعراق وأهله أن يعيد النظر بموقفه من المظاهرات، فالمظاهرة لا تأتي للاعتراض فقط، بل وتأتي للتأييد أيضا، وإذا ما كان الدستور يكفل حق المعترض بالتظاهر، فللمؤيد أكثر من حق في التظاهر.
لكن هل يوجد مؤيدون لمسيرة الحياة العراقية الراهنة بكل تعقيداتها؟ وهل توجد دواع تدفع المؤيدين إلى التظاهر أكثر مما هو موجود لدى المعترضين؟
ولا أقول أن الجواب: نعم،أو لا، فمن المؤكد أن هناك مستفيدين يريدون للوضع القائم أن يبقى على حاله وهؤلاء للأسف يحسبون مع المؤيدين .. ولا أقوال أن الأمور مستقيمة كلها ولا حاجة إلى التظاهر لأن الأمور دون مستوى الطموح وتزداد أعوجاجا، ولكني في ذات الوقت لا أدعي عدم وجود مكاسب ومزايا حصل عليها المواطن أو فئة كبيرة من المواطنين من الوضع القائم.
المهم ومن خلال هذه الحقيقة الشائكة أرى من الواجب على من وفر لهم النظام الحالي مساحة من الحرية والعيش الكريم وسد عوزهم وحاجتهم وأبعد عنهم شبح المطاردات الأمنية والدعوات الحزبية والسوق إلى قواطع الجيش الشعبي وقسرهم على التبرع بمدخراتهم وذهبهم لدعم القادسيات الغبية وصادرة طقوسهم العبادية وحريتهم الشخصية فضلا عن التجارب المريرة الكثيرة الأخرى أن يثبتوا ذلك من خلال التظاهر، بمعنى أن يخرجوا بمظاهرات مضادة ليس على طريقة بلطجية وشبيحة الأنظمة العربية ولكن بشكل متحضر. وليس بالخروج إلى الشوارع وحرق البنايات ودوائر الدولة وتعطيل الحياة، بل من خلال الإسهام الفعلي في عمل بنائي يثبت وطنيتهم ويثبت أن عليهم من الواجبات مثل ما لهم من الحقوق، وذلك بأن يسهموا في تنظيف شارع ما، أو القيام بحملة تشجير إحدى المساحات الفارغة، أو التطوع بعمل اجتماعي خدمي، أو بالإسهام في محاربة الفساد المالي والإداري، أو بجمع المعونات للأيتام والأرامل، فالدولة أي دولة مهما كانت قوية ومتمكنة ومتمرسة وبعيدة عن تهديدات الإرهابيين والطائفيين، لا يمكنها بمعزل عن مشاركة المواطنين أن تلبي كافة مطالبهم، أي أن المواطن مطالب هو الآخر بأن يعطي، مثلما يريد أن يأخذ، وهو في عطائه، ممكن أن يحمل ثقلا عن كاهل الحكومة، بما يسمح لها أن تتفرغ للمهام الأصعب.
والآن بعد أن اختار الآخرون أسماء للجمع التي يتظاهرون بها، لتبديل النظم التي أضرت بمصالحهم، هل من الممكن للعراقيين الساعين إلى بث الأمن والاستقرار والمدافعين عن وحدة وكرامة وسيادة وحرية العراق أن يخرجوا بجمعة يسمونها (جمعة إثبات الوطنية) ليطرحوا من خلالها أعمالهم البنائية التي قاموا بها خلال المرحلة المنصرمة أمام الناس، لنصرة العراق وأهله؟ لأن العراق بوضعه القائم اليوم لا يحتاج إلى التظاهر السلبي للمطالبة بتبديل حكام نحن نصبناهم بإرادتنا في مراكزهم وسلمناهم طوعا مسؤولياتهم، بقدر حاجته إلى ضرورة إثبات المواطن لوطنيته من خلال الإسهام في البناء والإعمار والتطوير والتصحيح والتقويم. فإذا ما عجزت الحكومات المتعاقبة عن القيام بمهامها فإن المواطن الحريص الحر الشريف يجب أن لا يعجز ولا يكل عن فعل الخير والصلاح للوطن لكي يثبت وطنيته وحبه للعراق، ولكي يشعر الحكومة بعجزها وتقصيرها! أما التغيير والدعوة لإسقاط النظام فنتركها لصناديق الاقتراع وموعدنا معها قريب.

الكتاتنى .. وزيراً للسياحة/ مجدى نجيب وهبة

** يبدو أن الخطيئة الكبرى لحكومة شرف المؤقتة هى تعيين أحد الأقباط الأستاذ منير فخرى عبد النور وزيرا للسياحة ، وهو ما إستفز جماعة "طظ فى مصر وأبو مصر" ، فبدأ الهجوم على النشاط السياحى وإصدار الفتاوى ، وذلك فى محاولة لإجبار السيد منير فخرى عبد النور بتقديم إستقالته دون الحاجة إلى تلفيق العديد من القضايا الجاهزة والتى تبدأ من فلول النظام حتى موقعة الجمل أو موقعة البالون أو .. أو .. ، إنتهاء بموقعة السفارة فى العمارة ، للمتسلق الدور الـ 21 أحمد الشحات الشرقاوى .. وأقل موقعة من تلك المواقع ربما تؤدى إلى أن ينطس السيد الوزير فخرى عبد النور 6 سنوات مع الشغل والنفاذ .. ولكن يبدو أن النائب العام شعر أن كثرة البلاغات ستؤدى إلى حبس حوالى 70 مليون مواطن ففضل غلق باب مكتبه حتى ينتهى من التحقيق فى البلاغ رقم 30 مليون للكاتب الصحفى مصطفى بكرى !! ، وهو ما جعل الجماعة السلفية والإخوان المسلمين يلجأون إلى الطرق التقليدية والفتاوى النارية ، لوقف النشاط السياحى من منابعه .. بدأت الحملة بأحد الفتاوى التى أطلقها الشيخ السلفى عبد المنعم الشحات وقد كفر التماثيل على طريقة حكومة طالبان وأصدر الفتاوى بتحريمها مما شجع أنصاره على تحطيم العديد من التماثيل فى منطقة كرداسة ، وقد أثارت الفتوى إنزعاج العديد من الدول الأوربية والعديد من الأفواج السياحية بل وألغيت بعض الشركات السياحية تعاقداتها وهو ما كبد شركات السياحة المصرية خسائر فادحة علاوة على السمعة التى أصابت مصر فى مقتل ، وللأسف لم يهتم أحد ولم نرى إحالة صاحب الفتوى لأى جهة تحقيقية .. ولم ننتهى بعد من هذه الفتوى إلا وإنطلقت تصريحات نارية من المتحدث بإسم التيار السلفى والشباب السلفى "حاتم أبو زيد" فى التعامل الشرعى مع السياحة .. قال أن هناك ضوابط فى هذا الشأن للقضاء على السلبيات والأخلاقيات المستفزة التى يقوم بها الأجانب ، مثل إنتشار الخمور فى الفنادق ومن الواجب إقامة الحد على من يبيع الخمور أو يشربها حتى لا ينتشر الإنحلال الأخلاقى بين المصريين ، وأوضح أن هناك خططا جديدة لتوفير أنواع أخرى من السياحة تقوم على الإبتكار والإبداع مثل تعريف السياح بحقيقة الإسلام وتشجيعهم على البحث حتى يسهل أسلمتهم ويعودوا إلى بلادهم بعد إعلانهم الشهادة وبذلك ينتشر الإسلام فى بلاد الفرنجة .. ولأن بالقطع منصب وزير السياحة هو من أخطر المناصب لأنه سيحدد سياسة الدولة الإخوانجية مع الدول الغربية ، فقد سارع د. سعد الكتاتنى بإطلاق التصريحات النارية من عينة "لا فيها .. لا أخفيها" ، فقد تحدث الكتاتنى عن شواطئ العراة ومنعها من مصر فهى لا تتفق مع القيم الإسلامية أو المرحلة القادمة ، ورغم أنه لا يوجد فى مصر ما يسمى بشواطئ العراة بداية من السلوم إلى مرسى مطروح بإستثناء المنتجع السياحى بشرم الشيخ ودهب وطابا وبعض المنتجعات السياحية بالساحل الشمالى مثل مارينا وهذه المنتجعات لا يوجد بها أى شئ من شواطئ العراة ولكن تكثر فى هذه المنتجعات السياح الاجانب وهم أكثر حرية فى إرتداء المايوه الساخن.. وهذا المايوه هو ما أثار جماعة الإخوان فى مصر وقرر البعض منهم غلق هذه الأماكن وجعلها مزارات إسلامية والبعض الأخر قال فلنجعلها منفذ للأسر المنتجة والخاضعين تحت ولاية الجوامع المصرية لتحسين دخل هذه الأسر ، ومن هذا المنطلق الفكرى الاسلامى وبعد العديد من الفتاوى والإقتراحات وجلسات الإستخارة قررت جماعة الإخوان ترشيح د. سعد الكتاتنى كوزير للسياحة وهو ما دعاه الى اصدار هذه الفتوى التى قصد بها هذه المايوهات المنفلتة التى يرتديها الأجانب وإحلال المايوه الشرعى بدلا منه ، بل وأعلن الكتاتنى عن فتح باب العروض لشركات الموديلات العالمية لتقديم أقوى العروض السياحية للمايوه الشرعى ، وهل يسمح فيه للسائحة بمنافذ تستطيع التنفس من خلاله أم يغلق المايوه بالكامل مع الإستعانة بإسطوانة أكسجين أثناء جلوسها على الشاطئ أو إضطرارها للإستحمام ..

** ورغم خطورة هذه التصريحات التى تتوالى على الشارع المصرى طوال ساعات اليوم إلا أنه يبدو أن المجلس العسكرى لا يعنيه الأمر من قريب أو بعيد فهل تناسى المجلس العسكرى الكوارث والمصائب التى بليت بها مصر من جراء تلك الفتاوى أم أن هناك تفكير أخر لا يعلمه الشعب المصرى يدار فى الخفاء ولم يعلن بعد لقد أدى التراخى فى عدم مواجهة هذه الفتاوى أو محاكمة قائليها إلى تدمير وتخريب الوطن وسقوط الضحايا ، فماذا ينتظر المجلس العسكرى .. هل ينتظر مزيد من الضحايا والقتلى والخراب .. هل تناسى المجلس العسكرى الحوادث الإرهابية التى تعرضت لها المنتجات السياحية فى قمة الازدهار السياحى ، تلك الإنفجارات الإرهابية التى طالت كلا من شرم الشيخ وطابا وذهب ونويبع وسقط المئات من القتلى مصريين وأجانب .. هل تناسى المجلس العسكرى عام 1992 عندما إستهدف بعض الإرهابيين أتوبيس سياحى أمام أحد فنادق شارع الهرم وكان به عدد من السائحين اليونانيين وسقط العديد من الضحايا .. هل تناسى المجلس العسكرى مذبحة أخرى عام 1993 والتى إستهدفت الجماعات التخريبية أتوبيس للسائحين وهو ما أدى إلى إحتراق الأتوبيس بالكامل وإحتراق عدد من السائحين .. هل تناسى المجلس العسكرى الإعتداء على أكثر من أتوبيس سياحى أمام المتحف المصرى بميدان التحرير فى نفس الوقت الذى تم فيه الإعتداء على بعض السائحين فى منطقة الحسين وألقى الإرهابيين القنابل الحارقة على هذه الأفواج السياحية .. هذا بالإضافة إلى الرصاصات الإرهابية والتى أطلقت من الزراعات على قطار الصعيد الذى كان يقل عدد من السائحين .. وقد شهدت البلاد أزمات خانقة نتيجة تلك الجرائم الإرهابية بعد أن كانت مصر تتمتع بالأمن والإستقرار وإزدهرت فيها السياحة بنسبة قد وصلت إلى 3.2 مليون سائح فى عام 1993 .. هل تناسى المجلس العسكرى مذبحة الأقصر عام 1997 والمعروفة بمذبحة الدير البحرى وما فعله الإرهاب الإسود بالسائحين ، فقد قتل أكثر من 66 سائحا ومثلت بجثثهم وبقرت بطونهم وقطعت أجسادهم إلى أشلاء ، ونفذ الإرهابيين جريمتهم وهم يغتالون زهوا بأنفسهم ، وبرروا جرائمهم الإرهابية بأنهم يطبقون شرع الله ، والأن تعود هذه الفتاوى علنا فى وسائل الإعلام ، بل يستقبل أصحاب هذه الفتاوى فى القنوات التليفزيونية المصرية وهم يتحدثون بكل فخر وزهو عن فحوى فتواهم .. للأسف هذه هى مصر المستقبل .. للأسف هذه هى مصر التى سوف تكون لو وصل جماعة الإخوان إلى الحكم .. للأسف مصر سوف تحترق بفعل الإعلام المتأمر والصحف المأجورة والإرهابيين وصمت المجلس العسكرى على كل هذه الفوضى .. فهل نظل نكتب بدون فائدة فالجميع لهم مصالح خاصة يعملون على تحقيقها والجميع صامتون صمت القبور ولكن الدنيا تنقلب بعد واقعة أى حادث إختطاف لفتاة فالجميع يهرول للحديث فى القنوات المسيحية والجميع يقدم بلاغات للنائب العام ويتناسوا هذه الفتاوى الكارثة التى يطلقها هؤلاء المتطرفين والمتربصين بالوطن ومدى تأثير جسامة هذه الفتاوى والتصريحات والتى ستأكل الأخضر واليابس ولم تدع بمصر قبطى أو مسلم .. نعم طرق الجميع هذه الفتاوى وإنطلقوا للتهليل لصاحب موقعة إنزال العلم من السفارة فى العمارة ، وإنطلقت قصائد الشعر والمقالات النارية والأمانى التى أطلقها بعض الكتاب وهم يتمنون أن يكونوا بديلا عن هذا البطل الذى أسقط العلم من السفارة أعلى العمارة ، وقد قلده أحد المحافظين شهاده الإستحقاق من الدرجة الأولى وسلمه شقة ووظيفة وكأن ما فعله هذا الشاب هو البطولة المطلقة .. ياناس فوقوا ، فمتى يتحمل هذا الشعب دوره الوطنى للحفاظ على تراب هذا الوطن ، متى يفيق البعض منا من الغيبوبة التى أصابت الجميع وصاروا كالسكارى لا يدرون ما يفعلون .. وأن هذا الصمت الذى أصاب الجميع قد يدفع الوطن إلى الجحيم الذى لن يعود منها ، وحينئذ لن تجد مصر من يدافع عنها ، نقول ذلك للجميع أقباطا ومسلمين ربما أخص الأقباط أكثر من إخوانهم المسلمين ، فالأقباط هم الخاسرون لكل شئ ، فسوف يحاربوا فى عقيدتهم وسوف تهدم كنائسهم بل وتحرق وإذا إستمر هذا الحال .. أن لا يشغل الأقباط إلا حفلات السمر والخطب النارية والطعن كلا فى الأخر لتنصيب البعض البطولة والزعامة والبلاغات التى تخصص البعض فى تقديمها إلى النائب العام ، وقد بلغ أحد النشطاء الحقوقيين بتقديم أكثر من ألف بلاغ ولم يقرأ النائب العام بلاغ واحد منهم .. نقول لكل هؤلاء أن الوقت يمر والبلد تمر بمرحلة ليست فى مفترق الطرق وليس فى بداية الطريق كما يزعم البعض أن يقول وليس فى مرحلة جديدة بعد نكبة 25 يناير ولكنها تمر بالمرحلة التى خطط لها أعداء مصر ، أمريكا فى الخارج والإخوان فى الداخل وحماس فى الحدود وإسرائيل تنتظر نتيجة المباراة . أقول لأقباط مصر الوقت يمر بكم ولم يفعل أحد شيئا ولم يتفق البعض لعمل فكر واحد بل أصبحنا مشرذمين كل يطعن فى الأخر وإذا كان الحال كذلك بنا هنا فماذا تنتظرون يا أقباط مصر . أعتقد أن النتيجة ستكون مأساوية ولا تلوموا إلا أنفسكم ..

** تحية خاصة من خلال موقعنا "صوت الأقباط المصريين" إلى جناب القس الورع "مرقس عزيز" ووطنيته الصادقة وإخلاصه فى حب مصر التى لا يستطيع أى منافق أن يزايد عليها .. وتحياتى لأسرة قناة الحقيقة وأحيى الأستاذة منال على حلقتها الرائعة فى برنامج قناة الحقيقة والتى أذيعت بالأمس الثلاثاء 23 أغسطس ... وأرجو أن يكون هناك متسع لمزيد من الحوار .. حماك الله يا أرض مصر وحمى شعبك العظيم من فلول الخراب والإرهاب .

صوت الأقباط المصريين