المصالحة الوطنية الفلسطينية الى أين.?/ شاكر فريد حسن

مضى 3 شهور منذ توقيع اتفاق المصالحة الوطنية الفلسطينية في القاهرة بين اكبر فصيلين وتيارين فلسطينيين هما "فتح " و"حماس" . هذا الاتفاق الذي جاء استجابة للنبض الجماهيري الفلسطيني ونداء التحركات الشعبية الفلسطينية تحت الشعار "الشعب بريد انهاء الانقسام وطرد الاحتلال".
ومنذ ذلك الحين لم يتغير شيء يذكر على ارض الواقع ، والمصالحة تراوح مكانها ولا تزال بعيدة المنال ، والامور على حالها ، والاوضاع الاقتصادية والمعيشية للناس تزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
وكنا قد استبشرنا خيراً باتفاق المصالحة ، واعتقدنا انه سينهي حالة الانقسام والتشرذم والمناكفة والاحتقان في الشارع الفلسطيني ، وانه سيخلق حالة فلسطينية جديدة ويفرز واقعاً فلسطينياً جديداً ، وان هذه المصالحة تصب في نهاية المطاف في صالح المشروع الوطني الفلسطيني وخدمة القضية الوطنية وقضايا الشعب الفلسطيني ونضاله التحرري الاستقلالي المشروع العادل لأجل اقامة الدولة الوطنية المستقلة.
ولكن في الحقيقة والواقع ان هذا الاتفاق لم ينفذ منه شيئاً وبقي في الادراج حبراً على ورق . ولم تتم زيارة محمود عباس لقطاع غزة ، والتراشق الكلامي والاتهامات المتبادلة بين "فتح" و"حماس" تتواصل لغاية الآن . في حين أن الحكومة الفلسطينية التكنوقراطية لم تتشكل بسبب اصرار الرئيس الفلسطيني ابو مازن على ترشيح سلام فياض لرئاسة الحكومة الفلسطينية العتيدة. اضافة الى رغبة عباس تأجيل تنفيذ اتفاق المصالحة الى ما بعد استحقاق ايلول ، عدا عن الضغط الدولي والعالمي لالغاء الاتفاق عن طريق قطع المساعدات المالية الممنوحة لسلطة اوسلو .
ولا شك ان المصالحة الوطنية الفلسطينية يتهددها الانهيار اذا استمر الوضع كما عليه الآن . ولذلك فعلى القوى الشعبية والاهلية والفصائلية الفلسطينية تحريك وتفعيل الضغط الشعبي في الشارع السياسي الفلسطيني باتجاه تنفيذ اتفاق المصالحة بحذافيره ، والبدء فوراً بملف السجناء السياسيين وتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة وتحديد موعد للانتخابات التشريعية والبلدية . فبدون ذلك ستظل الساحة الفلسطينية منقسمة على نفسها ، وهذا طبعاً ليس في صالح القضية ولا الشعب .

فوازير رمضان .. للأغبياء فقط/ مجدى نجيب وهبة


** قرر التليفزيون المصرى بالتعاون مع التليفزيون القطرى "قناة الجزيرة" تقديم هذا العرض الشيق لفوازير رمضان هذا العام ، وأعلنت هذه القنوات عن جوائز مالية ضخمة تصل الجائزة إلى 30 مليار دولار للفائز الأول ، أو الحصول على حقيبة وزارية حتى منصب رئيس وزراء .. كما أعلنت السيدة "منكوسة أبو العافية" الممولة المالية لهذه الفوازير على المفاجأة الكبرى وهى حصول العشرة الأوائل على الجوائز المتميزة وهى قضاء أمتع السهرات والتمتع بالأماكن السياحية فى هذه العواصم المنكوبة فى كل من "الصومال – السودان – أفغانستان – العراق – ليبيا – الشيشان" ..
• السؤال الأول : إختر الإجابة الصحيحة من الإجابات التالية
من أسقط النظام السابق؟ "المجلس العسكرى – جماعة طظ فى مصر – الفيس بوك – حركة 6 إبريل – حزب الغد – الإخوان ومنظمة حماس – أمريكا"
• السؤال الثانى :
ما هى أسماء التسعة عشر بلطجيا الذين شيعت جثامينهم على أنهم شهداء 25 يناير ، ثم بعد ذلك كشف الطب الشرعى عن صحيفتهم الجنائية أنهم من فلول السجون الهاربين ، وقد صدرت عليهم أحكام تراوحت بين الإعدام والمؤبد؟
• السؤال الثالث :
لماذا منع الداعية صفوت حجازى من الخطابة فى المساجد بمصر ، وما هى الأسباب التى جعلته يهرب إلى السعودية ؟
• السؤال الرابع : ضع علامة صح أمام الإجابة الصحيحة ...
كم عدد شباب إئتلاف الثورة ؟ "75 مليون – 45 مليون – 35 مليون "
• السؤال الخامس :
لماذا هرب المعتوه عمرو عفيفى من مصر إلى أمريكا ؟ .. هل تم ضبطه فى أحد دورات مياه محطة مصر فى وضع مخل ؟ ، أم هرب من العباسية مباشرة إلى مطار القاهرة الدولى ؟
• السؤال السادس :
ما هى طبيعة المجلس العسكرى ؟ ، هل هو ناعم بالفطرة أم لا يعلم ولا يتكلم ولا يرى ، أم يقف مشاهدا فى إنتظار النتائج ؟
• السؤال السابع :
ما إسم رئيس الوزراء الذى ضبط متلبسا بأكل الفول والطعمية فى أحد مطاعم القاهرة ؟
• السؤال الثامن :
ما إسم اللواء الذى رفع فى وجهه الحذاء وأين حدثت هذه الواقعة ؟
• السؤال التاسع :
ما إسم قائد المنطقة المركزية الذى أعلن فى أحد البرامج الفضائية على الهواء مباشرة أن مصر كلها سلفية ؟
• السؤال العاشر :
هل لديك شك أن الإخوان سوف يحتلون مصر وهل هناك فرصة للنجاة بعد مائة وخمسون عاما ؟!!
• السؤال الحادى عشر :
ما عدد البلطجية الذين تم ضبطهم بميدان التحرير ، وما علاقتهم بالإرهابى سليم أبو العافية المناضل الحمساوى؟
• السؤال الثانى عشر :
لماذا تحولت روزاليوسف إلى مؤسسة منبطحة تهاجم الأحزاب الفوضوية وتتلمس العفو من الإخوان ؟
• السؤال الثالث عشر :
هل المجلس العسكرى يملك القدرة على حكم مصر ؟
• السؤال الرابع عشر :
لماذا تم إعتقال كل من د. خيرت الشاطر ، د. عصام العريان ، د. سعد الكتاتنى ، السيد جورج إسحق ، د. أيمن نور ، السيد طلعت السادات ، السيد حافظ أبو سعدة ؟
• السؤال الخامس عشر :
من الذى أحرق ملفات أمن الدولة ؟ "حزب الله – الإخوان المسلمين – منظمة حماس"
• السؤال السادس عشر :
لماذ أحيل كل من المستشار محمود الخضيرى والمستشار زكريا عبد العزيز والمستشار أحمد مكى والمستشار هشام البسطويسى إلى التقاعد ؟
• السؤال السابع عشر :
لماذا إعتقل الإستشارى ممدوح حمزة 45 شهرا فى أحد سجون المملكة البريطانية المتحدة ، وما إسم هذا السجن ؟
• السؤال الثامن عشر :
إختر الإسم الصحيح للرئيس الأمريكى الحالى من بين هذه الأسماء ؟ "أوباما أبو لمعة – أوباما الحانوتى – أوباما اللقيط – أوباما الحية"
• السؤال التاسع عشر :
أى إسم تفضله للرئيس الفرنسى الحالى ؟ "ساركوزى وزة – ساركوزى أبو عين زايغة – ساركوزى بلياتشو"
• السؤال العشرون :
من يخرب فى ليبيا ؟ "القذافى – بلطجية الأحزاب الإخوانية – بلطجية الأحزاب للإسلام السياسى – دول القراصنة الإستعمارية لكل من فرنسا – أمريكا – بريطانيا" ، وهل القذافى يمتلك بترول أم بائع سبرتو ؟
• السؤال الواحد والعشرون :
هل منظمة حماس هى الجناح العسكرى للإخوان المسلمين ؟
• السؤال الثانى والعشرون :
هل جمعة 29 يوليو هى جمعة لم الإخوان والسلفيين والجهاديين ؟
• السؤال الثالث والعشرون :
هل الهجوم على قسم أول وثان بالعريش هم من حزب حماس أم منظمة فتح أم حزب الله ، وكم عدد القتلى والجرحى ؟
• السؤال الرابع والعشرون :
هل منطقة سيناء الشمالية والجنوبية والعريش أصبحت خارج السيطرة المصرية ، وهل تخضع هذه المناطق لتنظيمات إرهابية مسلحة غير مصرية ؟
• السؤال الخامس والعشرون :
هل التليفزيون المصرى تابع للإعلام القطرى والوهابى السعودى ؟
• السؤال السادس والعشرون :
هل المجلس العسكرى غير قادر على حماية حدود مصر ؟
• السؤال السابع والعشرون :
كم عدد الجرائم التى إرتكبها جماعة الإخوان المسلمين فى مصر ومحافظاتها ، وكم عدد السواح الذين لقوا حتفهم فى مذبحة الأقصر ، وكم عدد الكنائس التى حرقت وهدمت ؟
• السؤال الثامن والعشرون :
هل لك أن تضع علامة صح أمام أحد العبارات الصحيحة "مصر راحت فى داهية – مصر بقت فى مصيبة – مصر إنزلقت إلى الجحيم"
• السؤال التاسع والعشرون :
لماذا كثرت المنظمات القبطية بعد 25 يناير .. هل الأسباب تكمن فى البحث عن حل للقضايا القبطية ، أم للهرولة وراء البيزنس التى تدعمه المنظمات الصهيونية لتخريب مصر ؟
• السؤال الثلاثون :
ما هو عمل لجان حقوق الإنسان ، ولجان الهباب لتخريب الوطن ، ومن تمول هذه اللجان ، وكم عدد الملايين التى دفعتها أمريكا للحصول على التقارير الموبوئة ؟
** تنتهى هذه الفوازير الأن ، وكل عام وأنتم معتصمون .. راسلونا على عنوان مصر التى تاهت .. وربنا يجعله عامر .. مع تحياتى .

وليد جنبلاط ليس أحجية ولا لغزاً!!/ محمد فاروق الإمام

قد اختلف كثيراً مع بعض المحللين لشخصية الزعيم الوطني اللبناني وليد جنبلاط، فكثيرون يعتقدون أنه رجل متلون زئبقي لا مبدأ له يميل حيث يجد مصلحته وثبات موقعه على رأس الطائفة الدرزية في لبنان، وآخرون يعتقدون أنه أحجية ولغزاً لا يمكن التعرف على مكنون صدره وفكره.
وأنا – كما قلت – أختلف مع هؤلاء عند قراءة عقل وفكر هذا الزعيم السياسي الذي نادراً وجود مثله في أي بلد عربي، فهو زعيم واقعي ورث السياسة عن أبيه ففاقه وتقدم عليه، وفهم أن السياسة هي فن الممكن وليس المناطحة وكسر القرون والعظام والسير في دروب المطبات والأشواك والألغام، فإذا ما تغير 180 درجة بانتقاله من فريق الرابع عشر من رمضان، وتراجعه عن تبنيه – علناً - اتهام الأسد الأب بقتل أبيه كمال جنبلاط، وأن الأسد الابن هو وراء مقتل رفيق الحريري رغم قناعته بفعل ذلك من الأب والابن، ظناً منه أن دور النظام السوري في لبنان قد انتهى بعد رحيل جيشه منه، وتراجعه عن هذا الاتهام، وتقديمه الاعتذار للسيد بشار الأسد، وذهابه لتقبيل أعتاب قصره في دمشق ليغفر له ويصفح عنه، وتركه فريق الرابع عشر من آذار وانضمامه إلى فريق الثامن من آذار بعد موقعة بيروت في السادس من أيار عام 2008 عندما غزت ميليشيات حسن نصر الله العاصمة بيروت والجبل حيث مواقع جنبلاط وداره ومركز قوته، ولم يتمكن فريق 14 آذار من فعل شيء لا في حماية نفسه ولا في حماية حلفائه رغم وجود السلطة بأيديهم، وقد تمكنت هذه الميليشيات من احتلال بيروت خلال ساعتين ووضعت يدها على كل مؤسسات الدولة والأماكن الحساسة فيها وهددت الجبل بالاستيلاء عليه لولا تدارك جنبلاط الأمر وسلم بالأمر الواقع كي يحمي نفسه ويبعد عن طائفته عواقب وتداعيات ما يمكن أن يصيبها لو ركب رأسه وناطح صخرة حسن نصر الله، وهو العارف بضعفه وحجم طائفته التي هي أقلية في لبنان لا يمكن لها الدفاع عن نفسها أمام ترسانة أسلحة ميليشيا حسن نصر الله المدعوم من فقيه قم وملاليها والنظام السوري الذي غادر لبنان شكلاً وبقي ضمناً عبر حلفائه الأقوياء وطريق السلاح المفتوح الذي لم يتأثر بخروج القوات السورية من لبنان.
اليوم وبعد الأحداث الملتهبة في سورية حيث ينتفض الشعب السوري بكل طوائفه ومكوناته في وجه النظام السادي الذي حكم سورية لنحو نصف قرن بقوة البسطار والبندقية، انتفاضة تحولت إلى ثورة تداعت لها كل المدن االسورية وبلداتها وقراها مطالبة بإسقاط النظام ورحيل بشار الأسد، دون أن يتمكن هذا من إخماد هذه الثورة أو التقليل من وهجها واتساعها، رغم زجه بكل فرق أمنه وشبيحته وعسكره ممن باعوا أنفسهم للشيطان في مواجهة المتظاهرين السلميين لأكثر من أربعة أشهر سطر فيها الشعب السوري أروع الملاحم وهو يستقبل بصدره العاري بشجاعة وعزيمة وإصرار رصاص هؤلاء الساديين، ويقدم قوافل الشهداء قافلة بعد قافلة وهو مصمم على انتزاع الحرية والفوز بالكرامة وركل هذا النظام إلى مزبلة التاريخ والقصاص العادل مهما غلت التضحيات وارتفعت فاتورة أثمانها.
أمام هذه الحقائق والوقائع توقف وليد جنبلاط يقرأ الأحداث بعين ثاقبة وذهن متقد وعقل واع، حتى ما إذا رجح لديه أن النظام السوري لم يعد ذلك النظام القوي المتماسك وقد عصف ببنيانه التآكل وبشعبيته الانحدار، وبعد تخلي الأصدقاء عنه بفعل حماقاته وسفاهة رموزه وغبائهم، وقد أداروا ظهورهم إلى كل مسلمات العقل والمنطق وتوجهوا كالثور الإسباني الهائج نحو حتفه، ظناً منه أن خصمه وعدوه هو تلك الخرقة الحمراء التي يلوح بها ذلك المصارع الإسباني، حتى إذا ما أُسخن بالجراح خر صريعاً وسط استهجان اللاعبين والمتفرجين دون أن تشاهد دمعة تسيل من عين مشفق عليه.
جنبلاط دعا قبل أيام النظام السوري إلى " تنفيذ الوعود الإصلاحيّة التي أطلقها بشار الأسد دون إبطاء، وفي مقدمها رفع حالة الطوارئ عمليّاً وليس نظريّاً، ومحاسبة المسؤولين عن الارتكابات الخارجة عن القانون سواءً أكانت من مسؤولين أمنيين وعسكريين أم مجموعات مسلحة، وتطبيق مراسيم العفو العام وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين".
وبالأمس أوضح وليد جنبلاط من موسكو سرّ موقفه الحقيقي مما يجري في سورية بعد حثّه نظام الأسد على تطبيق الإصلاحات وانتقاده أنظمة الممانعة. وقد رفض جنبلاط الدخول في سجالات مع أصحاب نظريات الانعطاف والالتفاف خاصة وأنه كما قال "حسم خياره وأنه ثابت في الموقع الذي اختاره". وأضاف "أنا خائف على سورية ومقتنع بأن سورية تُحمى بالإصلاحات السريعة. وأنا لا أقول شيئاً جديداً. أليس ما أطالب به هو تلك الوعود التي وعد بها الرئيس بشار الأسد، في خطابيه الثاني والثالث، أنا لم آت بجديد من عندي، ما أقوله ينطــــلق من حرصي على سورية ومن قناعتي أن الأصلح لسورية اليوم قبل الغد هو إجراء الإصلاحات والتعجـــيل فيها، ولقناعتي أيضاً أن الإصلاح كما ينقـــذ سورية، ينقذ لبنان نظراً للترابط العضوي بينهما في السياسة كما في الأمن، وتلك المعادلة التاريخية كرّسناها في الطائف".
وتابع الزعيم الدرزي "أنا قمت ومن دون تكليف من أحد، بل كلفت نفسي بنفسي بأن أكون سفيراً عن سورية من أجل الإصلاح، زرت فرنسا وقال لي آلان جوبيه (وزير الخارجية الفرنسي) فليتوقف القمع في سورية، كما زرت روسيا للغاية ذاتها، وأنا أعرف حرص روسيا على سورية وعلى الاستقرار في سورية ولكن لا بد من الإصلاح وكل القريبين من سورية يريدون ذلك".
إن ما يقوم به جنبلاط من زيارات لعواصم عالمية بهدف دفع هذه العواصم إلى الضغط على بشار الأسد ليستجيب لنداء العقل والنزول عند مطالب الجماهير السورية، والتوقف عن القمع البشع تجاه المتظاهرين السلميين ولجم أجهزته الأمنية وفرق موته وذئاب شبيحته التي يسلطها على هؤلاء المتظاهرين دليل رجاحة عقل وليس زئبقية وتلون، وهو صادق عندما يقول أن هدفه من هذه الزيارات: "لقناعتي أن الإصلاح كما ينقـــذ سورية، ينقذ لبنان نظراً للترابط العضوي بينهما في السياسة كما في الأمن" فنجده هنا مشفق على سورية كإشفاقه على لبنان، لأنهما توأم لا يمكن عزل ما يجري في سورية عما يجري في لبنان والعكس صحيح.
جنبلاط في موقفه هذا سبق معظم المفكرين والمثقفين العرب بدعوته الصادقة وخوفه وحرصه على سورية دون التفتيش عن النوايا، فيما لم نسمع بمثل هذا الموقف الصريح والجريء من الزعماء العرب وقادتهم ومفكريهم سواء في السلطة أو في الساحة السياسية، اللهم إلا من قلة من الكتاب والمثقفين الذين انحازوا إلى صف الثورة السورية ومطالبها العادلة وهذا ما دفع الثوار في سورية إلى تسمية الجمعة الماضية، إشارة إلى موقف العرب والعالم المخزي تجاه ما يجري في سورية من قمع وحشي للمتظاهرين، بـ(صمتكم يقتلنا)!!

إن مع اليوم غدًا/ المحامي جواد بولس

- كفرياسيف
من حين لآخر أختار أن أحرِّرَ مقالة ترصد بعض الأحداث أو الممارسات المتزامن وقوعها. أستهدف من هذا عرضًا مكثفًا لظاهرة مقلقة و/أو مستفزة، تكون تجلّياتها في مواقع مختلفة وبأساليب مغايرة، بيد أنها تصب كلها في "المحقان" ذاته وتقطر سمًا يرسب، تأثيره بطيء ومفعوله طويل!
كلكم تمرون بمحاذاته. موقع لا يستثير أيّ شعور مغاير أو غير عاديّ. على هضبة غير مرتفعة. أسوار تحيط منطقة مخفية، تسمح حتى للافتراض أنها تخفي منتجعًا ساحرًا ينساب مع ما يحيطه من حرش وأشجار خضراء.
"سجن مجيدو" اسم فيه من جلال تاريخ المنطقة وزيفه، ودليل لحائر لم يهتد بعد كيف تغتصب الجغرافيا ويحتفي إله القهر والعربدة.
في حياتي المهنية زرته بعدد ما سقط من شعر رأسي وما ابيضّ، وبعد كل زيارة كانت تنتصب المهزلة/المأساة. سادة قوم وأشرافُه يدفعون أثمان عربدة أبناء النار، ضحايا ليالي "البلور" والقنص.
ألف أسير حرية فلسطينيّ لا ينامون لياليهم كما ينام الدوري وريحان مرج ابن عامر. ألف أسير فلسطينيّ، منهم اليافع والشاب والرجل والكهل والشيخ، فإله الرعد والبرق لا يأبه لبيولوجيا ولا للعنة شيب ذُل وعنفوان شاب يعض على النواجذ.
أصل في الساعة المحددة مسبقًا للزيارة. أسلّم بطاقتي وأنتظر خارج بوابة حديدية صمّاء منفِّرة. على مقعد خشبي بال وفي جو لاهب حارق أحاول أن أسلّي نفسي بعدّ السيارات العابرة على الطريق الرئيسي المحاذي. أصلي أن تتباطأ كليتاي وأن لا تدفع فضلاتها في تلك اللحظة.
أحاول آن أستعجل الضابط بلغة أمّي وأمّه ويطالبني بالصبر لأنه ينتظر من سيرافقني برحلتي إلى بطن المعاناة. الحر رهيب ومؤذٍ ولكن لا مفرّ فلقد وعدت عائلات من سأزورهم بطمأنتهم وعليّ أن أفي. بعد حين يصل مرافقي، سجّان وافد من بلاد لم تعد تطيقه أو يطيقها. لا يجيد العبرية ولا أجيد أنا الأثيوبية، يفاتحني ببعض الكلمات بالعربية ويطمئنني أنه يدرسها هنا لأنه يحب لغتنا! أجيبه بالعربية، لكنه يقاطعني مشككًا بأنني أسخر منه ومن حديثه.
يدخلني الضيف/المضيف إلى غرفة لقاء المحامين بالأسرى. أبدأ زيارتي للدكتور غسان. رجل لون وجهه في سمار الظل الواقع بين "عيبال" و "جرزيم"، قامة متوسطة الطول كعمره. ثابت الملامح رصين إلا عندما تستحثه الطرفة يكشّف عن أسنان بيضاء سليمة. أطمئنه عن بيته وأنقل له أشواقهم. يرد عليّ بثقة المؤمن وحنين زوج وأب. أخذوه من بيته وأخبروه بأمر اعتقاله إداريًا لستة شهور. لا تهمة ولا تحقيق. يدرّس موضوع علم النفس التربويٌ في جامعة النجاح. بلوعة واستهجان يعلمني أنه فاتح القاضي العسكري وواجهه بعبثية ما تفعله سطوة الاحتلال وعجرفته: "الرومان حاكموا الحجر والشجر، لكنّهم أحضروا الشجر والحجر واسمعوهم التهم الموجهة إليهم وأعطوهم حق الدفاع"، هكذا يا أستاذ قلت للقاضي. هكذا قال وهو يعرف أنّ هذا لن يسعف ولن يفيد!
سمعت من "غسان" وأسمعته ما يليق بالمقام وواقع الحال لكنه "ذبحني" عندما أوصاني أن أنقل اعتذاره إلى "معاذ" ابنه بشكل خاص. لقد اعتقلوه يومًا قبل ميعاد زفة العريس معاذ ولذا أجلت العائلة الحفل مما جعله يشعر بالضيق والحرج. شرح وغصة رجل خالطت كبرياءه. حاولت أن أخفف وتمنيت أن تكون الفرحة باثنتين قريبًا، فنظر إليّ وببسمة خجولة تمنى الخير وبريق دمعة أب حارقة تدحرجت، استثارتني فبدأت أتنفّس من ثقب إبرة ووعدته بالخير ووعدني بالصباح وبياسمين "جبال النار".
لم تكن قصة الدكتور غسان مأساة "مجيدو" الوحيدة فعن أخواتها ومثيلاتها في "مجيدو" وإخوانه سأروي وأحدّث مستقبلًا. تركت السجن خائر القوى ومتعب النفس، هاتفت العائلات ونقلت التحيات والعزائم وأقفلنا على آمل وتمنٍّ أن يلتئم شمل ويطيب لقاء وتتم أفراح.
وصلت البيت لا أرى إلا الفرشة ملاذًا والأحلام ملجأ. لم أحظ بها. في البيت سمعت من ابني الذي عاد من رحلة استجمام أوروبية، أرادها نوعًا من توديع حياة اللهو والزمن المضاف ليبدأ تدريبه طبيبًا في أحد مستشفيات البلاد، ما لاقاه في ساعة العودة للبلاد من مهانة وإذلال وعربدة. وصل إلى مطار إحدى العواصم الأوروبية. انقضّ عليه "كلاب" الأمن الإسرائيلي واقتادوه إلى غرفة جانبية. بدأوا بتفتيش جسده بعد أن أجبروه على البقاء في ملابسه الداخلية. أمطروه بأسئلة سخيفة لم تنته إلا بعد أن اقترب موعد إقلاع الطائرة. أخبروه أن حقيبته في مكان آخر وأنّها تمر عملية تفتيش جذرية. بعد أكثر من ساعتين أخبروه أنهم أنهوا التفتيش لكنّه لا يستطيع مغادرة الغرفة إلا برفقتهم ومباشرة للطائرة. رفض ذلك واستمر في نقاشهم ومجادلتهم ومناكفتهم كما فعل طيلة ساعتين. أعلمهم أنّه بحاجة إلى دورة المياه. عارضوه وحاولوا منعه فأخبرهم أنه سيخلع بنطاله ويقوم بما تمليه حاجته وضرورة اللحظة في الغرفة أمامهم. استهجنوا وعارضوا وهددوا، لكنّه لم يتردد وبدأ بحل أزرار بنطاله. بدا جديّا فخافوا أن "يفعلها" فوافقوا أن يذهب للحمام لكنٌهم أصروا على أن يرافقه أحدهم. دخل واحتل مرحاضًا. بدأ المرافق المرحاضي بالتأفف واستعجاله. لكنّه ماطل وأطال الجلسة فطال انتظار المرافق وقصر صبره. حاول المرافق أن يضغط عليه لكنه أقنعه أنه يحاول أن يضغط على أمعائه لكنّ العملية متعسّرة لما يعتريها من اضطراب و"نرفزة"! براحته أنهى وعاد. بطريق عودتهما سأله المرافق لماذا فعلت هذا لي؟ أجابه: إذا وترت امرءًا فاحذر عداوته/ من يزرع الشوك لا يحصد به عنبا"، فماذا ينتظر من يزرع الحقد والمهانة والمذلة! أما علَّم التاريخ أن مع اليوم غدًا.


حملةٌ ضدَّ "الهُويّة العربية".. فما هو بديلها؟!/ صبحي غندور

لم يكن القصد البريطاني والفرنسي من رسم الحدود بين أجزاء الأرض العربية مجرّد توزيع غنائم بين الإمبراطوريتين الأوروبيتين في مطلع القرن الماضي، بدلالة أنّ البلدان العربية التي خضعت لهيمنة أيٍّ منهما تعرّضت هي نفسها للتجزئة، فالهدف الأول من تلك التجزئة كان إحلال هويّاتٍ محلّية بديلاً عن الهويّة العربية المشتركة، وإضعافاً لكلّ جزء بانقسامه عن الجزء العربي الآخر.

ورافقت هذه الحقبة الزمنية من النصف الأول من القرن العشرين، محاولات فرض التغريب الثقافي بأشكال مختلفة على عموم البلدان العربية، والسعي لزرع التناقضات بين الهويات الوطنية المستحدثة وبين الهويات الأصيلة فيها كالعروبة الثقافية والإسلام الحضاري، ثم أيضاً بين العروبة والدين في أطر الصراعات الفكرية والسياسية.

وقد تميّزت الحقبة الزمنية اللاحقة، أي النصف الثاني من القرن العشرين، بطروحات فكرية وبحركات سياسية يغذّي بعضها أحياناً المفاهيم الخاطئة عن الوطنية والعروبة والدين، أو لا تجد في فكرها الآحادي الجانب أيَّ متّسعٍ للهويّات الأخرى التي تقوم عليها الأمَّة العربية. فهويّة الأمّة العربية هي مزيج مركّب من هويّات (قانونية وطنية) و(ثقافية عربية) و(حضارية دينية). وهذا واقع حال ملزِم لكل أبناء البلدان العربية حتى لو رفضوا فكرياً الانتماء لكلّ هذه الهويّات أو بعضها.

الآن نجد على امتداد الأرض العربية محاولات مختلفة الأوجه، ومتعدّدة المصادر والأساليب، لتشويه معنى الهوية العربية ولجعلها حالة متناقضة مع التنوع الإثني والديني الذي تقوم عليه الأرض العربية منذ قرون عديدة.

وأصبح الحديث عن مشكلة "الأقليات" مرتبطاً بالفهم الخاطئ للهويتين الوطنية والعربية وبأنّ الحلّ لهذه المشكلة يقتضي "حلولاً" انفصالية كالتي حدثت في جنوب السودان وفي شمال العراق، وكالتي يتمّ الآن الحديث عنها لمستقبل عدّة بلدان عربية. وهذا الأمر هو أشبه بمن يعاني من مرضٍ في المعدة فتُجرَى له عملية جراحية في الرأس!!. إذ أساس مشكلة غياب "حقوق بعض الأقليات" هو الوضع الدستوري وليس قضية "الهويّة". ففي الولايات المتحدة نجد اعتزازاً كبيراً لدى عموم الأميركيين بهويتهم الوطنية الأميركية (وهي هُوية حديثة تاريخياً) رغم التباين الحاصل في المجتمع الأميركي بين فئاته المتعدّدة القائمة على أصول عرقية وإثنية ودينية وثقافية مختلفة. فمشكلة الأقليات موجودة في أميركا لكنّها تُعالج بأطر دستورية وبتطويرٍ للدستور الأميركي، كما حدث أكثر من مرّة في مسائل تخصّ مشاكل الأقليات، ولم يكن "الحل الأميركي" لمشاكل أميركا بالتخلّي عن الهوية الأميركية المشتركة ولا أيضاً بقبول النزعات الانفصالية أو تفتيت "الولايات المتحدة". عجباً، كيف تُمارس الإدارات الأميركية نهجاً متناقضاً في المنطقة العربية وكيف تُشجّع على تقسيم الشعوب والأوطان وعلى إضعاف الهوية العربية عموماً!! كما أستغرب فعلاً أن تكون بعض الأصوات العربية المقيمة في أميركا والغرب، في إطار المفكرين أو الناشطين حالياً مع معارضات عربية، تُساهم في هذه الحملة المقصودة ضدّ الهوية العربية أو تؤيد الآن حركات الانفصال والتقسيم لأوطان عربية، وهي تُدرك ما أشرت إليه عن خلاصات التجربة الدستورية الأميركية وتجارب دستورية أوروبية مشابهة.

أيضاً، نجد في داخل بعض الأوطان العربية أنّ ضعف الولاء الوطني لدى بعض الناس يجعلهم يبحثون عن أطر فئوية بديلة لمفهوم المواطنة الواحدة المشتركة، وربّما لاستخدام العنف من أجل تحصيل "الحقوق"، كما نجد من يراهنون على أنّ إضعاف الهوية الثقافية العربية أو الانتماء للعروبة بشكل عام، سيؤدّي إلى تعزيز الولاء الوطني، أو من يريدون إضعاف التيّارات السياسية الدينية من خلال الابتعاد عن الدين نفسه.

إنّ الفهم الصحيح والممارسة السليمة لكلٍّ من "ثلاثيات الهوية" في المنطقة العربية (الوطنية والعروبة والدين) هو الحلُّ الغائب الآن في أرجاء الأمَّة العربية. وهذا "الحل" يتطلّب أولاً نبذاً لأسلوب العنف بين أبناء المجتمع الواحد مهما كانت الظروف والأسباب، وما يستدعيه ذلك من توفّر أجواء سليمة للحوار الوطني الداخلي، وللتنسيق والتضامن المنشود مستقبلاً بين الدول العربية.

إنّ الدين يدعو إلى التوحّد ونبذ الفرقة. إنّ العروبة تعني التكامل ورفض الانقسام. إنّ الوطنية هي تجسيد لمعنى المواطنة والوحدة الوطنية. فأين نحن من ذلك كلّه؟

إنّ ضّعف الولاء الوطني يُصحَّح دستورياً وعملياً من خلال المساواة بين المواطنين في الحقوق السّياسية والاجتماعيّة، وبالمساواة أمام القانون في المجتمع الواحد، وبوجود دستور يحترم الخصوصيات المكوّنة للمجتمع.

كذلك هو الأمر بالنّسبة للهويّة العربية، حيث من الضروري التمييز بينها وبين ممارسات سياسية سيّئة جرت من قبل حكومات أو منظمات أساءت للعروبة أولاً وإن كانت تحمل شعاراتها. فالعروبة هي هويّة ثقافية جامعة لا ترتبط بنظام أو حزب أو مضمون فكري محدد، وهي تستوجب تنسيقاً وتضامناً وتكاملاً بين العرب يوحّد طاقاتهم ويصون أوطانهم ومجتمعاتهم.

ما حدث ويحدث في العقود الثلاث الماضية يؤكّد الهدف الأجنبي بنزع الهويَّة العربية، عبر استبدالها بهويّة "شرق أوسطية"، بل حتى نزع الهويّة الوطنية المحلّية والاستعاضة عنها بهويّات عرقية ومذهبية وطائفية .. وفي هذا التحدّي الأجنبي سعيٌ محموم لتشويه صورة الإسلام والعروبة معاً، من أجل تسهيل السيطرة على الأوطان العربية وثرواتها.

فأن يكون العرب أمَّةً مستباحة لحينٍ من الزمن، فهذا مردّه لضعفٍ وعطبٍِ في الداخل، ولجبروت الخارج. لكن عدم علاج الضعف وإصلاح العطب هو الذي سيتيح للخارج دوماً فرصة التدخّل والهيمنة وإشعال الفتن الداخلية.

المؤلم في واقع الحال العربي أنّ الأمَّة الواحدة تتنازع الآن فيها "هويّات" مختلفة على حساب الهويّة العربية المشتركة. بعض هذه الهويات "إقليمي" أو "طائفي"، وبعضها الآخر "أممي ديني أو عولمي اقتصادي"، كأنَّ المقصود هو أن تنزع هذه الأمَّة ثوب هويّتها ولا يهمّ ما ترتدي من بعده، من مقاييس أصغر أو أكبر، فالمهمُّ هو نزع الهويّة العربية !

لقد أكّدتُ، منذ بدء الثورات والانتفاضات الشعبية العربية في مطلع هذا العام، على أهمّية التلازم بين مسائل: "الديمقراطية والتحرّر الوطني والهويّة العربية". فهذا التلازم بين هذه القضايا الثلاث يصون كلٌّ منها الآخر ويُحقّق مصالح الناس والأوطان والأمَّة معاً. فكل القوى الأجنبية التي تدعم "الديمقراطية لا غير"، تدعم أيضاً التخلّي عن الهويّة العربية وتُشجّع على التناقض مع حركات التحرّر والمقاومة، وسبيلها لذلك هو تشجيع الانقسامات الطائفية والإثنية حيث تضعف أولاً "الهوية الوطنية" ويكون "العدو" هو "الآخر في الداخل" وليس الطرف المحتل أو الأجنبي. كذلك فإنّ إضعاف "الهوية العربية" يبرّر العلاقة مع الأجنبي والاستنجاد به، كما يُوهن التضامن الشعبي العربي مع القضية الفلسطينية أو أي قضية عربية ترتبط بالمواجهة مع الاحتلال الإسرائيلي ومن يدعمه.

لو أنَّ كيانات هذه الأمَّة العربية قائمةٌ على أوضاعٍ دستورية سليمة تكفل حقّ المشاركة الشعبية في الحياة السياسية وتصون الحقوق السياسية والاجتماعية للمواطنين، هل كانت لتعيش ضعفاً وتنازعاً كما حالها الآن؟.

فالأوضاع السائدة الآن في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين والسودان والعراق ولبنان ومصر وفلسطين والصومال، إضافةً إلى ما يحدث في بعض الدول الأخرى، كلّها أزمات تحمل مشاريع كوابيس لن يكون أيٌّ منها محصوراً في دائرته المباشرة، بل ستكون المنطقة بأسرها ساحةً لها ولانعكاساتها.

مشاريع كوابيس بدأت كلّها أحلاماً من أجل "الحرية" أو "الديمقراطية" أو حقوق "الأقليات"، ثم تعثّرت بعد ذلك في قيودِ عبوديةِ أوضاعها الداخلية. فما هو مشتركٌ بين هذه الأوطان/الأحلام أنّ مواقع "الحالمين" جميعهم كانت تفتقد للأرض الوطنية الصلبة، وللوحدة الوطنية السليمة، وللبناء الدستوريّ السليم، وللفهم الصحيح لمسألة "الهويّة".

لماذا لم يتعرض حسن نصر الله في خطابه الأخير لما يجري في سورية؟!/ محمد فاروق الإمام

يتساءل المراقبون والمتابعون والمهتمون: لماذا تحاشى السيد حسن نصر الله في خطابه الأخير الذي ألقاه يوم 26 تموز الحالي، بمناسبة ما يدعيه نصر تموز على القوات الإسرائيلية، ذكر ما يجري في سورية من أحداث، ودون أن يركب موجة ادعاءات النظام السوري – كعادته في كل خطاباته وتصريحاته السابقة - من أن هناك مؤامرة تحاك ضد سورية الأسد الذي يقود معسكر المقاومة والممانعة، وهذا أمر ملفت للنظر ويثير الكثير من إشارات الاستفهام والتعجب، فقد يكون سبب إحجامه عن الخوض في الحديث عما يجري في سورية، بحسب رأي هؤلاء المهتمين، أن ما بات يجري في سورية من حقائق على الأرض جعلته يعيد النظر ويدقق في الألفاظ التي كان يكيلها جزافاً ضمن مسار واحد، وهو التهجم على المتظاهرين الذين يثيرون – بزعمه - الفتنة والانشقاق في بلد الصمود والتصدي والممانعة خدمة للإمبريالية والصهيونية وتنفيذاً لأجندة خارجية تريد النيل من معسكر المقاومة الذي يقوده بشار الأسد وهو جزء منه كما يدعي؟!
مهما يكن فإن نصر الله بدأ يعيد حساباته ويفكر بسورية بعد سقوط الأسد الذي لابد منه إن آجلاً أو عاجلاً، وهذا ما جعله إلى اعتماد خطاب أكثر حذراً وأشد حيطة حتى لا يضع بيضه كله في سلة نظام متهالك تلوح كل المؤشرات إلى سقوطه بعد أن أخفق إخفاقاً ذريعاً بعد أربعة شهور قاسية عليه في ضبط الأمور المنفلتة في سورية رغم القبضة الأمنية الوحشية الرعيبة، وإخفاقه في تنفيذ وعوده الإصلاحية التي أطلقها منذ بداية الأزمة والتي لم يفعّل منها شيء على الأرض، رغم إصداره مراسيم وقوانين بالجملة (إلغاء حالة الطوارئ، إلغاء المحكمة العسكرية، قانون الأحزاب، قانون الإعلام، وقانون الانتخاب)، وإصدار ثلاثة مراسيم عفو عام عن السجناء والمعتقلين، والتي كانت كلها حبر على ورق وممسحة تحت أقدام ومجنزرات وفوهات بنادق الشبيحة وهروات رجال الأمن ورصاص بعض أسلحة فرق الجيش الموالية للنظام، التي أودت بحياة أكثر من 2000 مواطن سوري بينهم أكثر من مئة طفل وعشرات النساء ومئات الشيوخ، واعتقال أكثر من 15000 ألف مواطن واختفاء أكثر من 3000 آخرين، وتهجير ما يزيد على 15000 ألف سوري (جلهم من النساء والأطفال) إلى دول الجوار، إضافة إلى حصار المدن وتقطيع أوصالها وانتشار الدبابات وراجمات الصواريخ في ساحاتها وبين أحيائها ترصد حركة كل مواطن وباب كل بيت ودار.
وسبب كل هذا الإخفاق، يقول بعض المحللين، أن هذه المراسيم وهذه القوانين جاءت متأخرة جداً، وكان من الممكن أن تؤتي أكلها لو صدرت قبل 15 آذار المنصرم أو قبل اعتقال أطفال درعا وتعذيبهم المروع الذي شاهده السوريون والعالم على شاشات الفضائيات العربية والعالمية، وتفجير شلالات الدماء في كل شارع وساحة وحي وزنقة من المدن والبلدات والقرى السورية.
حسن نصر الله كان حذراً في خطابه ويزين بدقة كل كلمة يقولها وقد وجد نفسه في هامش ضيق ومحدود للمناورة وقد بدأ معسكر المحور الإستراتيجي الذي يضم النظام السوري وإيران بالإضافة إلى حزبه يتفكك ويتصدع بفعل الثورة الشعبية الجارفة في سورية، التي تتوسع يوماً بعد يوم عمودياً وأفقياً، حتى غدى ميدانها الخريطة السورية من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب ومن أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، والجماهير الغاضبة تهدر على قلب رجل واحد، بغض النظر عن العرق أو الدين أو المذهب أو الطائفة أو المعتقد أو الانتماء: (الشعب يريد إسقاط النظام) وهذه الحالة جعلت حسن نصر الله يتعامل بحذر كبير مع ما يجري في سورية، ويعيد حساباته في الوقوف إلى جانب النظام على غير هدىً، فالتضليل له حدود والدجل له آجال والكذب حبله قصير، وخاصة وأن الشعب السوري قد أبرم أمره واتخذ قراره ولا رجعة بعد كل هذه الأنهار من الدماء وبعد تنسمه هواء الحرية ولذة طعمها وإن كانت مغمسة بالدم، وقد افتقدها لنحو خمسين عاماً عجافاً في ظل القبضة الأمنية الرهيبة في عهد الأب والابن من آل الأسد، الذين اختزلوا سورية الحضارة والتاريخ الضارب جذوره في الأرض لأكثر من 7000 آلاف عام بشخص الأسد (سورية الأسد) دون (سورية الحثيين) و(سورية الآراميين) و(سورية الفينيقيين) و(سورية الكنعانيون) و(سورية الغساسنة) و(سورية الحضارة الإسلامية) التي كانت لعاصمتها دمشق شرف إعداد جيوش الفتوح التي انطلقت شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً محررة الإنسان من عبوديته للإنسان إلى عبودية الواحد الأحد الديان، وجسدت قوله تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم).
إن اندلاع الأحداث غير المسبوقة في سورية لم يكن في حسبان السيد حسن نصر الله، الذي ظن أو كان متوهماً أن النظام السوري سيتمكن من سحق الاحتجاجات ووأد هذه الثورة بسرعة دون أن يكون له انعكاسات سلبية عليه، ولكن مع استمرار الاحتجاجات التي كانت ككرة الثلج المتدحرجة تكبر يوماً بعد يوم، تنبه لضرورة عدم وضع نفسه في موقف حرج وهو يردد ما تقوله أبواق النظام وما يردده رموزه، من أن هناك مؤامرة أمريكية ترمي إلى تقسيم سورية، وأن هناك مندسين ومخربين وعصابات أصولية مسلحة تروع الناس وتقتل المدنيين والعسكريين لإذكاء الفتنة وزرع الفوضى.
وقد مجّ السوريون دعاويه في خطاباته السابقة لهم إلى الحفاظ على نظامهم والتمسك بقيادة الأسد الذي يقود معسكر "المقاومة والممانعة"، وترديد هذا الكلام من حسن نصر الله وتبني وسائل إعلامه والمتحالفين معه في لبنان الرواية الرسمية للنظام عما يجري في سورية، أثار غضب المتظاهرين السوريين على حسن نصر الله وحزبه وكل حلفائه في الثامن من آذار فأحرقوا صوره وأعلام حزبه، ولم يسلم من لعنات المتظاهرين ووصفه بذيل الأفعى التي تحكم سورية.
ويرى بعض المحللين أن حسن نصر الله وضع نفسه في موقف لا يحسد عليه، فكل احتمالات المستقبل في سورية في غير صالحه، سواء حلت الفوضى في سورية
أو جاء نظام جديد، أو تمكن النظام الحالي من إطالة عمره وهو ما هو عليه الآن من ضعف وهوان، وقد ترك انطباعاً في الشارع العربي حتى الوقت القريب أنه المقاوم والمدافع عن الحقوق القومية، فماذا سيكون حاله بعد رحيل النظام السوري السادي، وقد وقف إلى جانبه وهو يقتل الأطفال والنساء والشيوخ ويعتقل ويعذب ويحاصر المدن ويهجر الآلاف، ماذا تراه يقول للعرب والسوريين، وهو الذي يدعي مقاومة الصهاينة، الذين أمبهروا به ومنحوه لقب سيد المقاومة وقد انحدر بموقفه المشين الذي يتنافى مع أخلاقيات المقاومين وثقافتهم إلى أدنى مراتب القيم والأخلاق تجاه الثورة السورية التي تمثل ضمير السوريين وضمير العرب في كل مكان؟!
ويقول بعض الباحثين المشفقين على السيد حسن نصر الله وحزبه: (إن قوة حزب الله ترتكز على أساس أخلاقي وكلمات كبيرة مثل الحرية والتحرير، وأن حزبه ساند "الربيع العربي" في كل من مصر وتونس وليبيا والبحرين.. في كل مكان ما عدا في سورية، إنه تناقض غير مقنع).
ويقول آخرون: (إن حزب الله قلق بدون شك، إذ في حال انهار النظام كليا، سيتأثر في الصميم من الناحية الإستراتيجية، لاسيما إذا كان النظام الجديد الذي سيحكم سورية سيحمل روحا ثأرية من إيران وحزب الله).
حسن نصر الله بإمكانه أن يعود إلى الشارع العربي والسوري بصورته السابقة، التي اهتزت وسقطت، إذا أدار ظهره للنظام، الذي بانت كل عوراته وقد سقطت كل أوراق التوت عنها، وقطع كل علاقاته معه، وقدم اعتذاراً صريحاً وواضحاً إلى الشعب السوري عن مواقفه السابقة المؤيدة لهذا النظام السادي المجرم، وصحح من موقفه وموقف حزبه من إيران، وتوقف عن التبعية العمياء لها وتنفيذ أجندتها في المنطقة العربية وخاصة في سورية ولبنان، عند ذلك سيجد الشعب السوري كعادته متسامحاً ومتسامياً يمد يده إليه رغم الجراح والآلام!!

بدائل السلطة الوطنية الفلسطينية لإستحقاق أيلول/ سامي الأخرس

اسابيع عديدة ويدخل إستحقاق أيلول الفلسطيني حيز التنفيذ الفعلي، وهو الحدث الأكثر تفاعلاً في الأونة الأخيرة، وحديث الساعة السياسية الذي طغى على موضوع المصالحة بين حماس وفتح. ومع الإصرار الفلسطيني على الذهاب للأمم المتحدة لا يبدو أي مؤشرات للتراجع أو العودة بالرغم من أنه في العرف السياسي كل شيء يخضع للتطورات والمتغيرات التي يمكن أن تُحدث إنعكاسات مغايرة ومختلفة كلياً لنسبة التوقع أو لدرجة الإصرار، وفقاً لتقلبات السياسة وتضاريسها، ومتغيراتها غير المستقرة، وهو ما يمكن أن يحدث في مسألة استحقاق أيلول الفلسطيني.
وبغض النظر عن حدوث هذه المتغيرات أم لا، وعلى ضوء الإصرار الفلسطيني بالمؤسسة الرسمية، والديبلوماسية الفلسطينية، بالمضي قدماً في العمل على جبهة المجتمع الدولي فيما يتعلق بإستحقاق أيلول، يمكن تناول السؤال الملح الذي يدور في خلد كل فلسطيني ومعظم الساسة والإجتهاد في البحث عن إجابات مقنعة وواقعية، في ضوء الحالة السياسية العربية عامة، والفلسطينية خاصة، والمتمثل في البدائل المطروحة أمام الرئيس محمود عباس والسلطة الوطنية الفلسطينية، في حال رفضت الأمم المتحدة الإعتراف بالدولة الفلسطينية؟!
هناك العديد من الإجتهادات الإستراتيجية التي تم تناولها وصياغتها كحلول بديلة أمام الرئيس والقيادة الفلسطينية من عشرات المثقفين والمحللين السياسيين الفلسطينيين والعرب، منها من طرح ضرورة إعادة إحياء مفهوم الدولة الديمقراطية العلمانية التي يتعايش بداخلها كل المواطنين عرب ويهود ... إلخ، وهو طرح قديم – حديث حيث كان هذا الحل مطروح قبل تبني البرنامج المرحلي سنة 1974م من قبل المجلس الوطني الفلسطيني، وهو ينم عن حل أو خروج من مأزق، بالرغم من أن هذا البديل أو هذا المشروع برمته سقط مع سقوط الثابت الوطني لمفهوم الدولة سنة 1974م ولم يعد له حيز في الوجود سوى بمخيلة المثقفين الفلسطينيين الذين لا زالوا يتعايشون بعقلية سبعينيات القرن الماضي، وتوقفت بهم عقارب الزمن عند مرحلة معينة، دون الفهم الواقعي والمنطقي للمتغيرات والتطورات التي طرأت على المنطقة برمتها، أو التي طرأت على العقل الفلسطيني والتفكير السياسي الفلسطيني، ومدى إحقاق هذا المشروع أم لا؟! دون القفز على حقيقة وجود إسرائيل، وتطور مطالبها ليهودية الدولة، وضرورة التعامل معها كحقيقة قائمة وإيجاد الحلول بداية لآليات موافقة إسرائيل على هذا الشعار وهذه الدولة في نسختها الثقافية الفلسطينية التقليدية، التي اصبحت ضرب من الماضي، لا يتناغم مع جملة المتغيرات السياسية والثقافية، والديموغرافية في المنطقة، والتسليم به يوازي الإيمان المطلق بالحتمية القرآنية بحقيقة زوال إسرائيل، وهنا إذن لابد السعى للحتمية القرآنية الأقرب للتحقق بوجهة نظري، منه إلى الدولة الديمقراطية.
البديل الآخر المطروح من المثثقفين الفلسطينيين هو دولة في حدود عام 1967م، وهو الحل الأقرب للعقلانية والصوابية والمتناغم سياسياً مع الحالة السياسية الفلسطينية والإسرائيلية، وكذلك مع الحالة الدولية وتوجهات الرأي العام الدولي، ويتناسب ذهنياً وسياسياً مع طبيعة المرحلة وعقلية القيادة السياسية التي تقف على رأس الهرم الفلسطيني السياسي، وتحتكر النظام السياسي منذ 1969م، وكذلك العقلية القيادية الجديدة للشعب الفلسطيني أو تلك التي تمثل الفصائل والقوى الفلسطينية وتوجهات العرب السياسية، وما يؤكدها الإعتراف السوري الأخير بدولة فلسطينية بحدود 1967م مما يعني الإعتراف بإسرائيل مستقبلاً، وهو ما أدركه النظام السوري أخيراً أو تدراكه على أثر الضغوطات التي يتعرض لها والتي كادت أن تعصف به كنظام قائم، إرفض من حوله الحلفاء قبل الأعداء وعلى وجه الخصوص دولة قطر حليف الأمس اصبحت عدو اليوم في ظل المعادلة السياسية الجديدة التي تشهدها المنطقة، وترتأيها العقلية الذهنية السياسية المتحكمة بسبر الحركة في السياسات الدولية ما بعد العراق 2003م، ويتبقى هنا وضع آليات تطبيق هذا البديل بما يجبر إسرائيل والولايات المتحدة على القبول به وتقبله، ومنح الشعب الفلسطيني جزء من حقوقه ضمن حدود 1967م مع ضمان عدم المس بحق العودة قانونياً وعملياً بمفهومة القانوني أي العودة للديار التي تم الهجرة منها، وليس لحدود الدولة الفلسطينية.
هذه الآليات تتطلب ثبات وطني عام وموحد يستطيع مواجهة هذا الإستحقاق ببيئة ومناخ يمثلان ركيزة ثابتة وقاعدة صلبة للتحرك بإتجاهين؛ أولهما: الضغط بأساليب المقاومة سواء الشعبية أو العسكرية على إسرائيل، وممارسة حقنا كشعب محتل في مقاومة المحتل، وثانيهما: الضغط السياسي على الرأي العام الدولي عامة والأمريكي خاصة للضغط على إسرائيل في قبول هذا الحل، وهذا الخيار الذي يعتبر أكثر البدائل منطقية في حل جزئي للقضية الفلسطينية، يتوافق مع تطورات الحالة السياسية العامة.
ولكن! مع توجهات القيادة الفلسطينية المتسارعة نحو إستحقاق أيلول القادم الذي أصبح قاب قوسين أو أدنى من الحقيقة الزمنية على ماذا تعول القيادة الفلسطينية، وما هي البدائل التي تعلن إنها تملكها في حال رفض الأمم المتحدة الإعتراف بالدولة الفلسطينية في أيلول القادم؟!
بعيداً عن حالة التنظير الأيديولوجي والتنظير السياسي المسهب الذي يخاطب عقلية المثقف ويسرح في تلابيب التاريخ التي أصبحت أقرب للطوباوية الفكرية منها للواقعية السياسية، والإجابة على تساؤلات وإطروحات المواطن العادي الذي يحاول فهم وإستدراك ما يدور حوله، ويطلق استهجانه الدائم ما هي البدائل التي يمكن أن تتبناها القيادة الفلسطينية بديلاً لإعلان الدولة؟!
من هنا سأحاول إستعراض أهم البدائل التي يمكن أن تطرحها أو تعول عليها القيادة الفلسطينية وفق الإجتهادات الخاصة المستندة لحدود الممكن السياسي الحالي:
أولاً: التوجه أو الإتجاه لشعبنا الفلسطيني كبديل وخيار ممكن اللجوء إليه في حالة رفض الأسرة الدولية (ألأمم المتحدة) للدولة الفلسطينية، من خلال الإعلان شعبياً لجماهير شعبنا بأن القيادة الفلسطينية قد قدمت كل ما في جعبتها ولم يعد لديها المزيد وعليه فهي تلجأ للشعب كحل نهائي.
هذا الخيار أو البديل لعب عليه المرحوم ياسر عرفات الذي كان يدرك مفاتيح اللعبة جيداً وقادر على حشد الشعب الفلسطيني وتسخيره لخدمة أهداف سياسية بناءاً على الكاريزما التي كان يتحلى بها كقائد للشعب الفلسطيني عامة، وهو ما حدث في إنتفاضة الأقصى 2000م بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد وإدراك عرفات تلاعب إسرائيل والولايات المتحدة بالحل المرحلي. والسؤال هنا هل القيادة الفلسطينية الحالية تستطيع أو لديها القدرة على لعب هذا الدور وحشد جماهير شعبنا، وقيادتها في لعبة سياسية تتناغم مع مجريات الأحداث ومستقبلها؟
الإتجاه الشعبي الفلسطيني، أو المزاج الشعبي الفلسطيني في صورته الحالية لا يعبر عن حالة توحد خلف إستحقاق أيلول، بل يمثل حالة متذبذة، غير مهيأة لإستقبال أي مؤشرات سياسية في ضوء الإنقسام، وتجاهل المصالحة الوطنية التي تعتبر الفيصل الرئيس لدى جماهير شعبنا سواء في غزة أو الضفة الغربية، وهو ما أفقد شعبنا أي ثقة بالقيادة والمعارضة على حد سواء نتاج ممارساتهم السياسية خلال الأعوام السابقة ضد المصلحة الوطنية، ومن هنا فأي رهان على الشعب الفلسطيني في الداخل هو رهان خاسر بكل الأحوال في ضوء الحالة الحالية، فشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة يعيش أسوأ مراحله الوطنية والسياسية، والإقتصادية نتيجة الفعل الممارس من قوى الإنقسام والمعارضة معاً، التي فقدت بريقها وزخمها الوطني وقوة دفعها المؤثرة منذ أن تقاسمت الوطن وخاضت معارك قاسية ودامية من أجل مصالحها الحزبية، وهو ما أدركه شعبنا وأثر تأثير فاعل بالولاء والإنتماء للقضية الوطنية وللأحزاب والقوى الفلسطينية، وممارسات حكومة حماس التي حصرت كل مهامها وخدماتها الإنسانية والوطنية في أجهزتها الأمنية والشرطية، وعناصرها الفصائيلية فقط مما خلق حالة تذمر قصوى عبر عنها شعبنا علانية، وهو ما ينطبق على شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية الذي يعاني من أوضاع أمنية إسرائيلية معقدة وقاسية، وأوضاع نفسية سياسية داخلية جراء ممارسات السلطة الوطنية وخلافات حادة بين القادة الفلسطينيين، أصابته بإحباط عام لم يعد من خلالها يتفاعل مع المشروع الوطني بقدر تفاعله مع هذه الخلافات ومستقبلها وما ينتج عنها، وبهذه الحالة غير مهيأ للدفاع عن إستحقاق أيلول أو عن القيادة الفلسطينية بشقيها م.ت. ف أو السلطة الوطنية بقياداتها المفرزة بالتسلق والواسطة والنفاق والدجل السياسي والوطني، حقيقة يحاول البعض القفز عنها وتجاهلها.
إذن فالبديل المطروح أو الذي يطرح إستناداً بالتعويل على شعبنا هو بديل سقط منذ رحيل ياسر عرفات، ولن يكون ركيزة وإسناداً قوياً يمكن التعويل والإرتكاز عليه كقاعدة صلبة في مواجهة رفض إستحقاق أيلول القادم.
ثانياً: حل السلطة الوطنية وإعادة الكره إلى مرمى م.ت.ف لتقرر مصير الشعب الفلسطيني ومصير إعلان المبادئ أوسلو 1993م، هذا البديل يتم تداوله كثيراً بين الأوساط الفلسطينية والعربية، وهناك العشرات من الأصوات التي نادت بهذا البديل كحل جذري وسحري لما هو آت في أيلول القادم، دون التفكير أو التعمق في مجريات المتغيرات العربية أو الدولية أو المحلية الفلسطينية، وهو بديل كان أقرب للتحقق والإمكانية بعهد ياسر عرفات أكثر من قابليته للتحقق في ظل المتغيرات العاصفة التي عصفت بأوضاعنا المحلية ونتج عنها إنقسام جيوسياسي، ويقودني لسؤال في حال أعلنت م.ت.ف مرجعية السلطة الوطنية القانونية حل الأخيرة، ما هو مصير سلطة وحكومة حماس؟ وهل هناك خطوات إستباقية متفق عليها بين حماس والسلطة الوطنية بهذا الإتجاه؟ أم أن حماس تعتبر حكمها وسلطتها بمعزل عن السلطة الوطنية في رام الله والأمر لا يمسها سياسياً وجغرافياً؟
حل السلطة الوطنية هو إقرار بإنتهاء إعلان المبادئ أوسلو 1993م تلقائياً بما أن الأولى وليدة للأخير، وبذلك فإن إسرائيل تعتبر في هذه الخطوة حل لها من أي إلتزامات عليها دولياً بما يتعلق بالأراضي المسيطر عليها من قبل السلطة الوطنية، أو أي إلتزامات معنوية أو مادية أو قانونية، وعليه إعادة العملية برمتها للمربع الأول ما قبل 1993م، وإعتبار م.ت.ف كيان عدو كما كانت عليه قبل إعلان الرئيس ياسر عرفات نبذ الإرهاب والإعتراف بحق إسرائيل بالوجود، والإعتراف بقرار 242، وهنا ما مصير مؤسسات وقيادات وفصائل م.ت.ف الموجودة في الضفة الغربية؟ وما هو الإجراء الإسرائيلي ضد هذا الإجراء، وضد م.ت.ف؟ ومن هي الجهات المحلية التي ستنظم وتقود الحياة في الأراضي المحتلة؟ وهل تعود إسرائيل لنظام الإدارات المدنية الذي كان سائد قبل إنتشار السلطة الوطنية؟ وإسقاط الحماية القانونية التي كفلتها أوسلو لرموز ومؤسسات م.ت.ف؟ وهل يضع الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية هذه التصورات نصب أعينهم ولديهم الحلول لها؟ والأهم ما هو مصير قطاع غزة؟ هل يترك تحت سيطرة حماس وبذلك تجد إسرائيل الفرصة في فض يدها ومسؤولياتها عن القضية الفلسطينية، وتختزلها في قطاع غزة من خلال تقديمه كبؤرة إرهابية للعالم على غرار أفغانستان سابقاً؟
ربما جملة التساؤلات السابقة تعتبر في مجملها إجابات أكثر منها تساؤلات، حيث إنه من المستبعد اللجوء لهذا الخيار في حالة التعقيد الذي يحمل في طياته السياسية، والإقتصادية العديد من التعقيدات والغموض بعدما تحررت إسرائيل من مسؤولياتها الإقتصادية المتعلقة بسكان المناطق المحتلة، وإنتهاء الإلزام منذ التوقيع على أوسلو 1993م.
بالرغم من هذه الحالة المتشابكة والمعقدة أمام هذا الخيار المستبعد إطلاقاً في ضوء القراءة العميقة للحالة السياسية الفلسطينية الحالية، إلاّ أن إعلان رئيس الوزراء (سلام فياض) وتأكيد الرئيس ( محمود عباس) عن الأزمة المالية المفاجئة والطارئة للسلطة الوطنية يطرح أيضاً رؤية وتساؤلات تدعو للتفكير في التكتيك المفاجئ، وهل هو تهيئة للشعب الفلسطيني لما هو قادم؟ أم إنه أزمة حقيقية؟ رغم تناقضاتها مع تأكيدات سابقة لرئيس الوزراء سلام فياض بقدرة السلطة الوطنية على تحقيق الإكتفاء الذاتي خلال سنوات وخاصة فيما يتعلق برواتب الموظفين.
كل المؤشرات تؤكد أن بديل حل السلطة الوطنية الفلسطينية، بديل غير مطروح في الوقت الراهن كبديل عن رفض الإعتراف بالدولة الفلسطينية، رغم مطالبة العديد من أبناء الشعب الفلسطيني بحل السلطة الوطنية، ولكنها دعوات لا تعبر سوى عن حالة وجدانية إنفعالية لم تقدم مقابلها البديل في حال حل السلطة الوطنية، وكل ما طرح من بدائل لا يعدو عن كونه بدائل غير واقعية وغير منطقية لا تشكل أي بدائل فعلية للحالة الفلسطينية التي اختلفت كثيراً عن الحالة قبل أوسلو 1993م وقبل المتغيرات العربية والدولية الحالية. وتطور المواقف العربية التي ترفض بالإطلاق إستقبال فصائل الفعل الفلسطيني أو مؤسسات م.ت.ف وهي التي أمهلت عشرة سنوات بعد رحيلها من لبنان سنة 1992م كإقامة في الدول المستضيفة لها.
ثالثاً: إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد، أي من الطرف الفلسطيني دون التوافق مع إسرائيل من جهة أو إنتظار إعتراف الأمم المتحدة من جهة أخرى، هذا البديل لا يمكن له أن يشكل مخرجاً أو بديلاً للرئيس محمود بعاس والقيادة الفلسطينية، بما أن الدولة الفلسطينية وفق هذا البديل معلنة منذ سنة 1988م في الجزائر، وأي إعلان بهذه الصيغة لن يعبر عن حالة أفضل من الحالة التي تم الإعلان بها سنة 1988م والتي جاءت في ذروة الإنتفاضة الفلسطينية الشعبية الأولى سنة 1987م، وذروة التعاطف الدولي الرسمي والشعبي مع القضية الفلسطينية. إذن هذا البديل أو خطوة من هذا القبيل هي تجريد لمعنى ومفهوم إستحقاق أيلول، ولن تكون ذات أي معنى دون إعتراف الأمم المتحدة بها ككيان والإعتراف بها كدولة من قبل الأسرة الدولية عملياً، وبذلك فإن هذا البديل قد سقط أو غير قائم بناء على المعطيات السابقة التي تم ذكرها، أما إذا تم اللجوء إليه فإنه بمثابة هروب من القيادة الفلسطينية للخلف لكي تؤكد لشعبها إنها تمتلك بدائل ولديها جرأة من الإنعتاق من إسرائيل والولايات المتحدة والإقرار بمصيرها، وهو خداع سياسي لا أعتقد أن القيادة الفلسطينية بهذه السذاجة واللجوء إليه إلاّ في حالة الإستخفاف المطلق بشعبها.
رابعاً: الخيار الرابع الذي يمكن للسلطة الوطنية والقيادة الفلسطينية التي يمكن لها من التلويح به أو اللجوء إليه هو العودة للمجلس التشريعي والإعلان عن تسليم مفاتيح السلطة الوطنية لحركة حماس، والإعلان عن إستقالته وإقالة حكومة سلام فياض، وبذلك يكون قد أحدث فراغاً سياسياً في الحالة السياسية الوطنية ووضع الأسرة الدولية بمواجهة فعلية مع حركة حماس المسيطرة على غزة، كما وضع إسرائيل والولايات المتحدة أمام الخيار البديل عن السلطة والقيادة الأكثر إعتدالاً من وجهة نظر العالم، ومخاطبة ضمير الأسرة الدولية في التعامل مع الحالة الفلسطينية بمستحدثاتها الطارئة. هنا يجب التوقف طويلاً أمام هذا البديل وسيناريوهاته وتعقيداته المتشابكة حيث أن حالة الإنفصال بين حماس والسلطة الوطنية حالة نتجت عن عدائية محضة نتيجة ما قامت به حماس في غزة سنة 2007م، وبناء على هذه العدائية غير المرجح اللجوء لخيار بهذا السيناريو من قبل الرئيس أبو مازن أو السلطة الوطنية، بعدة نواح، أولها أن استقالة الرئيس محمود عباس تحدث فراغاً قانونياً وسياسياً بما أن ولاية المجلس التشريعي عملياً غير قائمة منذ إنقسام حركة حماس وإنسلاخها عملياً عن الجسد التشريعي الذي تعاملت معه بالتوكيلات القانونية وبإلتفاف على حالة الموات التي يشهدها الجسد التشريعي المنتهية ولايته، كما أن حماس تفتقد للسلطة الفعلية في الضفة الغربية، وبذلك فتولي رئيس المجلس التشريعي الدكتور عزيز دويك الرئاسة يعتبر منقوصاً، مع إستدراك إمكانية إستقالة كتلة فتح التشريعية من المجلس، وبذلك تعم الفوضى المجلس ووظائفه التشريعية عامة، إضافة لعدم قدرة الحكومة المقالة على بسسط نفوذها وسيطرتها على الضفة الغربية مما يحدث فراغاً للسلطة التنفيذية في ظل المستجدات التي تتوافق وهذا البديل، وعدم سماح إسرائيل لحماس ببسط أي نفوذ مادي لها في الضفة الغربية بشكل سلطة قائمة.
خامساً: البديل الخامس الذي يمكن تصوره أو تخيله هو أن يتم عقد مصالحة مع حركة حماس يتم بموجبها إعلان شراكة كاملة في الحكم بين حماس وفتح، ومن ثم إعلان الدولة الفلسطينية من طرف واحد وهو الطرف الفلسطيني، تكون غزة قاعدته الصلبة والرئيسية، وهو بديل أو خيار أقرب لما تم طرحه في البديل الثاني، بالرغم من صعوبته وتعقيداته في ظل المؤشرات القائمة التي لا تحمل أي ملامح حقيقية للمصالحة، والإصرار من الطرفين على تسويف المصالحة والمماطلة فيها، مما يعني أو يؤكد صعوبة تحقيق ذلك، إضافة لما تم ذكره أن هذا الإعلان سيرسخ الولاية الجغرافية في غزة فقط وبذلك يقدم خدمة تسعى إليها إسرائيل جاهدة. كما أنه يعبر عن مأزق فعلي وضعت القيادة الفلسطينية نفسها فيه بعدما أدركت حقيقة المماطلة الإسرائيلية خلال السنوات السابقة، ومأزق بالنسبة لحماس داخلياً أمام أعضائها ومنتسبيها ومؤيديها، وخارجياً أمام الدول الإقليمية الراعية لها.
أمام هذه الوقائع التي تواجه القيادة الفلسطينية التي تؤكد عزمها وإصراراها على المضي قدماً نحو استحقاق أيلول، يتم العودة للسؤال ما هو البديل الذي تعول عليه القيادة الفلسطينية في حال رفض الأمم المتحدة الإعتراف بالدولة الفلسطينية في ايلول القادم، والذي عبر عنه الرئيس محمود عباس والعديد من قادة السلطة الوطنية في الأونة الأخيرة؟
خلاصة الحالة لا أجزم بأن هناك بديل مؤكد لدى القيادة الفلسطينية يمكن اللجوء إليه كتكتيك في مواجهة أي رفض من ألأمم المتحدة يعبر عن تعقل سياسي يمكن ممارسته في مواجهة هذا الرفض سوى بإيجاد مخرج سياسي يتم التوافق عليه كحل مؤقت ولن يخرج عن بعض الخطوات الإسرائيلية البسيطة كتجميد الإستيطان، وفتح حوار مباشر برعاية الولايات المتحدة أو اللجنة الرباعية للخروج من المأزق.

نحن أمة نصنع اصنامها وتهتف بحياة جلاديها وتتفانى بشوارب مستبديها/ ولاء تمراز


اذا كان الامريكان قد تعرفوا على مخبأ اسامه بن لادن , واستدلوا على جثته من خلال فحص الحمض النووي الجيني العينة التي تم سحبها من مختبرات الصحة في المملكة السعودية , اثناء عملية جراحية اجريت له , اثر تعرضه لحادث سير على خط تهامة عسير الجبلي سابقا , فسيكون الامر اسهل الان في ظل الثورات العربية بالنسبة الى الحكام العرب الذين اتوقع ان يتعرف اليهم شعبهم من ظلمهم واضطهادهم , دون الاستعانة بالحمض النووي , الذي يحتفظون به في المختبرات الطبية .

فقد شاهدت برنامج حصاد اليوم على قناة الجزيرة الفضائية , كيف ان النظام السوري ومؤيديه قاموا بتخيط علم سوريا طوله 16 او 17 كيلوا متر , وحمله امام العالم لتوصيل رساله مفادها ان الشعب يريد الرئيس بشار الاسد والنظام الحاكم وحزب البعث المنحل , وان الثورة التي اندلعت منذ قرابه ال3 شهور ماهي الا ثورة مجرمين وارهابيين ..؟! لم يكتف مصممي العلم بالتباهي بأنهم يؤيدون النظام والرئيس , بل كشفوا للعالم بأن ما يقوم به الشبحية والجيش السوري اقصد هنا " الفرقة الرابعة " المرتزقة هو واجب وطني وانساني في الدفاع عن سوريا , وهو كلام صراحه اجده مبررا بالنسبة الى مؤيدين ينتعلهم النظام الحاكم منذ ثلاثين سنه كبرى القضايا العربية , وما فتئ يقودهم رئيسهم بخطاه الرشيدة واصلاحاته , نحو الانتصارات !

شغلني امر هذا العلم الطويل , لكوني لا احتاج الى اكثر من اربعه الى خمسة امتار لخياطه علم فلسطين , وفكرت طويلا في هوية الرجل الذي ابتكر فكره العلم الطويل , ولم اجد احدا , ليستهلك هذا الكم من القماش , فالشعب لا ينام والقماش مرتفع السعر , يقضي المواطن السوري عمره من اجل ان يلبس افضل الملبوسات بأحسن الاقمشة , هربا من الغلاء الفاحش التي تعاني منه سوريا ... ماذا لو كان بشار الاسد ينتعل علم سوريا صنعه له المصمم ؟

في الحرب العالمية الثانية احد القادة ويعرف سارتر الذي وقف عاجزا عن القتال , راح يسخر من نفسة قائلا لها " كنت اتصور انني لن اكون اكثر من حشرة على شاربي هتلر !؟ " حيث ان شارب بشار الاسد , علامه تجارية مسجله , وسلاح مشهر في كل صوره له , ضد حلاقي الانتماء او المشككين في ما قد تخفية تلك المساحة الشعرية السوداء ... من قدرة على الفتك بالشعب الاعزل العظيم .

سوف يحلق شارب بشار الاسد , ويحلق شوارب الذين يحومون حوله من الحشرات , ذلك ان المشكلة ليست فقط في شارب السفاح , بل ايضا في الذي يتصور نفسه حشرة , وبسبب هؤلاء المؤيدين للنظام الحاكم نبتت شواربهم جاؤوا شعوبهم ابطالا على ظهور دبابات الفرقة الرابعة تقتل شعوبهم وتنبش اعراضهم وحرماتهم , اصبح في امكان ببعض الجبناء ان يحكموا شعب سوريا العظيم , واثقون تماما من ان شواربهم ممدودة , وهم يرتدون بزاتهم العسكرية .مهزلة جماعية طوعيه , جعلت المؤيدين للنظام جميلين اقوياء , الى ذلك الحد الذي يفقدهم صوابهم في مجلس الشعب وحين وعد بشار الاسد بإصلاحات , سؤال ا يوجد السبب في ثقافتنا القائمة على المديح وتمجيد الحكام ؟ ام في شعوبنا التي , كالنساء , تنجذب الى الاصلاحات , حيث ترى في اصحابها الرجولة الاساسية ؟

في النهاية : الشجر يزداد جمالا بأوراقه ؟ الا ليت شوارب بشار الاسد كانت حشيشا داسته خيول المسلمين , اقصد هنا الا ليت شواربك يا بشار الاسد تكون مدعسا للشعب وتسحق تحت اقدامهم ... انتهى .

هل يعود العرب إلى التاريخ؟/ نبيل عودة

سأل معاوية الأحنف بن قيس عن الزمان، فأجابه: " أنت هو الزمان، فإن صلحت صلح ، وان فسدت فسد ..". وأجزم أن نفس الجواب كان سيعطى للرؤساء الفاسدين في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا وكل الشلة اللاحقة.
أحيانا يبدو لي أن استعمال صيغة "العالم العربي" لوصف ممالك وجمهوريات العرب هو نوع من المهزلة، أو السخرية على الذات. بعض الدراسات تقول أن 100- 150 عائلة عربية تتحكم بكل الأقطار العربية، فهل أنظمة مبنية على العائلية والقبلية، يجوز أن تحظى بصفة "عالم عربي"، أم نعود إلى الصيغة الأكثر دقة وواقعية: "دول الطوائف"؟ .. وربما تسمية قبائل أنسب، لأنه تبين أن ما يسمى جهاز دولة، لا وجود له فعليا في جمهوريات وممالك العرب !!
هل من نظام عربي يعتمد استقلالية المؤسسات والرقابة على قباطنة السلطة؟ جهاز قضائي مستقل. جهاز تشريعي مستقل يملك حرية القرار، وسلطة تنفيذية غير مرتبطة إلا بتنفيذ القانون، وجهاز رقابة على السلطة غير مقيد بأحد ؟
هل من برلمان عربي قادر حقاً على التصويت ضد أصغر وزير في أنظمة الطوائف؟
ما زالت صورة مجلس الشعب السوري المخجلة واضحة وتقدم صورة مخزية عن مستوى ونوعية البرلمانات العربية ، باستقبالهم بتصفيق عاصف لرئيس قاتل ومجرم بحق شعبه وبحق الإنسان عامة ، دون أن نرى برلمانيا واحدا لا تدغدغه الحماسة ، وكأنهم في عرض تعر في نادي ليلي ؟!
هل هذا برلمان أم بيت بائعات هوى من نوع الذكور؟
هل من انتخابات عربية لا يحظى فيها الرئيس بالإجماع من الأحياء والأموات، من الذين يبحثون عن الطعام في القمامة، حتى الذين ينزفون في زنازين المخابرات؟
في ظل هذا الوضع يستشري الفساد ويفسد الزمان.
في ظل هذا الوضع يقمع أصحاب الموقف والضمير لضمان أمن الفساد.
في ظل هذا الوضع يتعفن المعارضون في سجون وزنازين أنظمة عصر العرب الحجري الجديد.
وبالمقابل ، وهذا ليس غريبا ، عانت الثقافة العربية، بصفتها المعبر عن الضمير الوطني العربي، وعن الحلم بالتغيير من الضمور والتشرذم ،بل وهناك حالات تكلس مستهجنة، واعترت ثقافتنا حالات من الهروب من الواقع، حتى الهروب من الوطن، وأمانينا أن تعيد انتفاضات التغيير العربية، للإنسان حريته، وتعيد للمواطن العربي كرامته المهدورة في وطنه، من أنظمته أولا.. ثم من الدخلاء الطامعين على أشكالهم المتعددة، وأن ينطلق تيار التغيير بكل عنفوانه في العالم العربي عاصفا بكل حواجز الطغيان وسجون ودوائر مخابرات ملوك الطوائف، لتستعيد ثقافتنا عافيتها ودورها الطليعي في التنوير الفكري والاجتماعي.
لا يمكن نفي إنجازات الثقافة العربية المتمردة على البغاء الرسمي. إنجازات الفكر العربي المعارض للغباء العربي الرسمي. إنجازات الثقافة العربية في ساحة الفكر، الذي فشل ملوك الطوائف في قمعه ومنع تسربه من الزنازين وعن أعين الرقباء.
لا نتجاهل ان الفكر العربي المتنور، المتحرر من عقلية العصر الحجري، استطاع ان يجد انطلاقته في المنفى (المهجر)، وبعضه يواصل التحدي ودفع الثمن بالحرية الشخصية، حاملاً دمه على كفه داخل أوطانه ، وما زلنا نسمع يوميا عن سجناء الفكر والضمير والحرية ، في أنظمة تتوهم أنها قادرة على إفشال حكم التاريخ ، والبقاء في القرن الحادي والعشرين بعقليات وأنظمة القرون الوسطى.
الثقافة العربية لم تقف مكتوفة الأيدي. ولكن بجانب واحد فقط. الجانب الفكري والإبداعي الروحي.رغم الحصار وممارسة النفي.
لا يمكن الحديث عن الثقافة بمفهومها الشامل، الروحي والمادي، الذي يشمل كل ما يبدعه الإنسان في مجتمعه من ثروات مادية ونهضة عمرانية علمية وتعليمية ، من ناحية الثقافة الروحية اجتازت وتجاوزت الفكر القمعي ونشرت فكرها النير، ولكن بانقطاع كبير عن جمهورها ، ومن ناحية أخرى الجانب المادي للثقافة كان بتراجع دائم أو يفتقد للتقدم المرجو، مما زاد معدلات الفقر والأمية والتخلف العلمي والصناعي والتقني. وبمقارنة بسيطة مع اسرائيل، الدولة التي تعتبر العدو الأساسي ، والتحدي الحضاري الأخطر في تاريخ الشعوب العربية، والتي تشكل تهديدا ملموسا للمجتمعات العربية، نشهد حالة من تعمق التخلف العربي ، العلمي والتقني والاقتصادي والاجتماعي، فمقابل تطور العلوم والتقنيات واحتلال مكانة متقدمة على المستوى العالمي لإسرائيل، يحتل العالم العربي مكانة بارزة في تطوير الغيبيات والخرافات وتعميق نهج القمع وتقليص مساحة الحرية ، والحرمان من الحقوق الأساسية للمواطن وحقوق الإنسان عامة.
إن إسقاطات واقع العصر الحجري العربي الراهن يترك سلبيات وإسقاطات مدمرة ليس من السهل القفز فوقها... بل وبدأت تثمر فاكهة مشوهة في حقلنا الفكري والثقافي .. وغاب الكثير من الثمر الجيد من حقولنا.. وتشوهت عقول الشباب ببرامج التضليل الديني من تجار دين بلا ضمير يشكلون الجهاز التعليمي السائد في مجتمعاتهم. ونرى أثر ذلك في الجرائم التي ترتكب بحق الأبرياء في شتى أرجاء المعمورة.
بذلك نكسب العطف والتأييد لقضايانا؟!
العصر الحجري العربي ألحق بنا أضراراً فكرية عديدة. أفسد زعماءَ ثوريين فقدوا بوصلتهم الاجتماعية والسياسية بأوهام تتعلق بقوى تتلفع بالمقاومة ، وكل محركاتها لا علاقة لها بفكر التحرر والتقدم الاجتماعي ، بل بفكر إرجاع المرأة إلى سجنها وراء الحجاب الشخصي والحجاب الاجتماعي،بفكر تحويل الإنسان إلى أداة لخدمة تنظيمات أو أنظمة لا تعتبر الإنسان أكثر من أداة لخدمة مشاريع لا تمت بصلة لمجتمعاتنا ومصالح إنساننا ، تنظيمات مسلحة لا تخدم التنور والتقدم، وتجعل من الديمقراطية أداة تفسخ وقبر للشرعية الوطنية، ولا تخدم إلا مشاريع لا تمت بصلة لقضية تحرير الأرض وتحرير الإنسان. وآخرون سقطوا في وهم ان عصر المنطق السياسي ولّى وصارت الأقوال العشوائية تطرح بكل مناسبة وبكل ظرف. فكيف نسمي قادة أحزاب مفروض أنها ثورية، يدافعون عن أحزاب إلهية، بعجز عن رؤية الصورة العامة الشاملة، والخلفية الاجتماعية المغرقة بالرجعية الفكرية لهذه التنظيمات ، وكونها امتدادا استراتيجيا لقوى لا شيء يجمعها مع مصلحة الشعوب العربية. مع التنور العربي ، مع التقدم الثقافي والاجتماعي للشعوب العربية، مع التغيير السياسي لما فيه رفع شأن وتأثير الموقف العربي دوليا. ثم نراهم يتجندون ثرثرة بدفاع عن نظام يرتكب جرائم لا تخجل النظام النازي في وقته. بل وبعضهم تخرجوا من سجون نفس النظام القمعي، زج بهم بلا محاكمات لسنوات طويلة جدا، وعذبوا، واليوم يتحدثون عن "نظام قومي ومناضل ضد الاستعمار"، ولو ظل بهم ذرة عقل، لعرفوا انه أفضل خادم للاستعمار الصهيوني الذي يسيطر على أراضيهم ويستوطنها ، بل وضمها بقرارات برلمانه، وأعني ارض الجولان المحتل، ولا يتردد في استباحة شرعية الوطن وقصف مشاريع تعتبر ذات مستوى امني مرتفع جدا، دون أن يتجرأ "المناضلين الوطنيين ضد الاستعمار" على إطلاق رصاصة واحدة ..
قد يرفع البعض حاجبيه ويوسِّع حدقتي عينيه مستهجناً: ما دخل السياسة بالثقافة؟
يكفيني ان أقول ان أبرز مفكر عربي وعالمي معاصر ومؤثر على الفكر والثقافة والسياسة العربية والعالمية، المرحوم إدوارد سعيد، ما كان يصل إلى مكانته الثقافية الدولية والعربية، لو فصل الثقافي عن السياسي، ليس في رؤيته للقضية الفلسطينية فقط ، بل في رؤيته لمجمل حركة الثقافة العالمية وتطورها ، بل وأطلق على أحد أهم كتبه عنواناً سياسياً ثقافياً مثيراً: "الثقافة والإمبريالية". ويسجل في مقدمة كتابه رؤيته الثاقبة، يكتب:
"ان معظم محترفي العلوم الإنسانية، عاجزون عن أن يعقدوا الصلة بين الفظاظة المديدة الأثيمة لممارسات مثل الرق والاضطهاد الاستعماري والعنصري، والإخضاع الإمبريالي، من جهة... والشعر والرواية والفلسفة التي ينتجها المجتمع الذي يقوم بمثل هذه الممارسات من جهة أخرى".
وبالطبع يثبت اندماج الثقافة مع إمبرياليتها، ان الثقافة مثل سائر مكونات المنتوج الاجتماعي المادي، هي جزء من العمران الذي أنجزه المجتمع البشري.وهذا العمران يشكل تحديا لأنظمة القمع ، تواجهه بكل أجهزة الدولة القمعية.
هذا العمران نفتقده تماماً في ممالكنا الطائفية. ويبدو ان الواقع الثقافي العربي وصل إلى درجة من التأزم ، كانت من دوافع الانتفاضات المباركة التي حدثت وتحدث ولكن للأسف لا أرى أنها أنجزت ما يطمأن القلوب على مسيرة التغيير.
القوى التي من المفترض ان تقود بفكرها الاجتماعي المتحرر عملية التغيير أو تؤثر ايجابيا على مسارها، وقعت فريسة تضليل ذاتي قاتل.
هل يعبر هذا الواقع عن سقوط نهائي لتنظيمات الفكر الثوري الذي أثرى ثقافتنا وفكرنا منذ مطلع القرن العشرين؟
من قصص التراث العربي ان عمر بن عبد العزيز استعرض وضع الخلافة الأموية في أيام الوليد بن عبد الملك قال:" الحجاج في العراق والوليد في الشام، وقرة بمصر وعثمان بالمدينة وخالد بمكة.. اللهم قد امتلأت الدنيا جورا وظلما.."!!
بدلوا الأسماء، وكأننا خرجنا من التاريخ منذ ذلك الوقت، واليوم نعود إليه من نفس المكان ، مع حلم بأن نكون جزءا من التاريخ الإنساني، نساهم بتقدمه وارتقائه!!

سـن القلـم: كلمة واحدة.. كثيرة/ عـادل عطيـة


• كلمة واحدة.. كثيرة...
ما أكثر ما نستخدم فى أسلوب تحدينا للآخرين ، عبارة: "هى كلمة واحدة ".. مع أننا نتكلم كثيرا بعد ذلك!

• تكرارات
من الأمثال التي تطعن في الحمير قولهم: "التكرار بيعلم الحمار". ثم عدلت العبارة إلى: "التكرار بيعلم الشطار".. بعد جهود مضنية على ما يبدو من المدافعين عن حقوق الحمير، ومشاعرها، واحاسيسها النبيلة!

• خمسة.. وخميسة
اشهر خمستان فى العالم، هما: خمسة (ع)، وخمسة (د).
ففى عالمنا العربى ،
يحاول الطبيب تحقيق خمسة أمور تبدأ بالحرف العربى: (ع)، وهى:
العروسة، العيادة، العزبة، العمارة، العربة.
أما الخمسة الثانية،
فهى إنجليزية الصنع،
أمريكية الجنسية.
وهذه الخماسية تعبّر عن الحروب التى تناوىء حياة الانسان هناك.
فإن فلت أحد من مخالبها ، سقط فى الثانى.
والخمسة، هى:
Drink , Drugs , Dance , Dating Time , Divorce .
وتعنى على التوالى:
الشرب أى احتساء الخمور، المخدرات، الرقص، التواعد والزواج، والطلاق.
فى الخمسة عين، يحيا الطبيب ليموت المريض إهمالاً وفقراً.
وفى الخمسة دال، يموت المدمن وتحيا الموبيقات لتعيث بين الناس فساداً وقهراً!

• الصعود إلى الهاوية
من عجائب بلادنا التي لا تعد ولا تحصى ، والتي تجذب إليها العقول الباحثة عن آثارنا الملغّزة، تلك الأعمدة الكهربائية التي تحمل النور للشوارع والبيوت، فنجدها في المدن الكبرى حيث ينتشر الوعي، فارهة الارتفاع وملساء وناعمة، وقادرة على ردع حتى النمل من امتطائها! .. بينما نجدها في المناطق الريفية، حيث البساطة في كل شئ، على هيئة سلالم يمكن لأي طفل الصعود عليها؛ ليلقى بعد ذلك حتفه!
إن آثارنا تدل علينا، فمن يدلنا على آثارنا؟!

• قطار العمر
من عبارات الأسى الرئيسية، والتي صارت تتداول بين المعزيين في سرادقات حوادث القطارات، عبارة: "ومضى قطار العمر"!

• فضائيات أرضية
بعد أن أصبحت قنواتنا فضائية، أمست برامجها أرضية!

• نظرة توقيف
بعض الكتّاب لديهم موهبة الكتابة للاطفال.. ولكنهم يخشون أن يكون مصيرهم، مصير أطباء الأطفال الذين لا يكبرون أبداً في نظر البسطاء من الناس!

• زي الناس
يسأل الأطفال في براءة، الكثير من الأسئلة المحرجة.. فتقمعهم كلمات الأهل: "عيب ياولد..اخرس...". يكبرون، وتكبر معهم الأسئلة المسكوت عنها، وتكبر أكثر وأكثر مؤسسات القمع؛ لتجبرهم: أن يتكلموا: "زي الناس"، ويسألوا: "زي الناس"، ويعملوا: "زي الناس".. وكأنهم ليسوا في الأصل من الناس!

• رقصـات
لكل شعب من الشعوب، رقصاته المميّزة.
ففى عالمنا العربى: رقصة "الخيل" المصرية ، ورقصة "الدبكة" اللبنانية، ورقصة "العرضة" الكويتية، ورقصة "أحواش" المغربية .
ولكننا نمتاز عن شعوب العالم، برقصات تتناسب وكل زمن:
ففى زمن: "البطالة"، نجد رقصة "أنوثة"، التى تؤديها أميرة الرقص الشرقى، وقد استقبلت بأكاليل مضفرة من الجنيهات!
وفى زمن: "أهل الثقة لا أهل الخبرة"، نجد من يرقص رقصته الخاصة للزلفى والوصولية!
وفى زمن: "البودرة والتوهان"، يرقص البعض على السلالم!
وفى زمن: "مصائب قوم عند قوم فوائد"، نجد من يصرخ فى نشوة: رقصنى يا جــدع!
وفى زمن: "الجهاد والاستشهاد"، تشتهر رقصة: الطير المذبوح!
وفى زمن: "الوقت المهدو "، تهزنا رقصة بندول الساعة، معبّرة عن أهمية الانضباط واحترام العمل!

• نعيم ، ولكن ..
يقولون: "ان المجانين في نعيم" .. ولكن لا أحد يريد أن يكون مجنوناً؛ لينال هذا النعيم!

المونسينيور طوق منارة إشعاع ألهبت النفوس الأبيّة/ المهندس حميد عواد

تسلّل "السارق" إلى بكركي خلسةً في غفلة النوم وإنتزع من صدرها قلباً نابضاً بفيض الإيمان وخافقاً بغزارة المحبة وزاخراً بسخاء العطاء وطافحاً بالوفاء للعهود ونشّاباً لصون عزّة النذور وتوّاقاً لأحتضان المخلصين في خدمة الوطن والله.

وقْعُ خبر وفاة المونسينيور يوسف طوق مفجع وصاعق ليس في وجدان عارفيه فحسب بل في ضمائر كلّ المؤمنين برسالة بكركي الكنسيّة والوطنيّة.

هذا الخورأسقف الجليل كان مفعماً بالإنتعاش والحيويّة والنشاط لدرجة يصعب معها تصديق أنّ "أزمةً حادّةً" قادرةٌ على إهماد ضخّات قلبه القويّ رغم المعاناة من جنوح خطير يمارسه أربابُ النِحل المسلّحة لقذف الوطنَ نحو هاوية سحيقة، ورغم إستهجان تلاطم الأمواج في تيّارات منجذبة بمصالح خادعة وخبيثة تصدم وتنفّر المسيحيين لإدّعاء إحتكار تمثيلهم.

عائلة المونسينيور طوق ككثير من العائلات اللبنانية التي هجّرتها أو فرّقتها حالات الإضطراب التي تناوبت على زعزعة الإستقرار في الوطن إذ تحوّلت معظم العائلات اللبنانيّة إلى صورة مصغّرة عن "أمم متّحدة".

لقد ودّع خلال النهار الذي سبق ليلة موته أخاه ميشال العائد إلى أوستراليا حيث يعيش أخوه فؤاد أيضاً وكان سبق أن أمضى قسطاً من صيف 2008 في ضيافتهما. فرحة اللقاء تنغّصها دائماً لوعة الفراق.

نزف الهجرة يجب وقفه وعكسه، لكنّ إستتباب سيادة الدولة على كامل أراضيها يواجه تحدّيات شرسة، والسفر إلى لبنان ينطوي على مجازفات. فهناك وقائع خطف وإعتداء وتجاوزات خطيرة إرتكبتها قوى مسلّحة متمردة على سلطات الدولة وأحكام القانون.

وبما أنّ موقع المطار غائر في غياهب بؤرة أمنيّة تشبه "مثلّث برمودا" أصبح الإنتقال منه و إليه محفوفاً بالمخاطر. لذلك توكّل المونسينيور طوق على العناية الإلهيّة ورافق أخاه.

لقد فتح صدره لمكنونات مشاعر وهواجس المغتربين وشدّهم برباط وثيق إلى معقل بكركي وإلى قلب الوطن.

سكت قارئ فصيح وشريك في تدبيج بيانات المجالس المعقودة في بكركي التي تردّد صداها في أجواء الوطن والعالم، وأطلقت الألسن من عقالها، وحرّرت النفوس من خوفها، ورفعت الهيمنة الخانقة والقيود عن مؤسسات النظام الديمقراطي في لبنان.

لكن للأسف ما أن خفتت هيمنة النظام السوري إثر إنسحاب جيشه من لبنان حتّى نمت هيمنة صنيعة حليفه النظام الإيراني. إذ طوّر هذا الفريق نفوذه بوسائل الترغيب بالمغريات والترهيب بالسلاح، وإكفهرّت أجواء الوطن من جديد ممهّدة لجولات من النضال السلمي في بوتقة إنبعاث ل"ثورة أرز" يرفع كابوس هيمنة السلاح عن صدر الوطن.

صوتك مونسينيور طوق وإن تلاشى في موجات الأثير فقوّة رجعه في وجدان اللبنانيين الأحرار ستثابر على هزّ خواطرهم وإستنهاض هممهم لحماية حريتهم وإستقلالهم وسيادتهم وصيغة لبنان الضامنة للوئام في كنف تنوّع حضاريّ.

ستبقى ملهماً لكلّ الملهوفين على الوطن وسوف نفتقدك مونسينيور طوق إذ "في الليلة الظلماء يُفتقد البدر".


أكاديمي وباحث في الشؤون اللبنانيّة
Probing mind, educated opinion.

مجزرة اوسلو تفقأ عين الجزيرة/ سعيد الشيخ

تابعت أخبار"مجزرة اوسلو" منذ المساء والى ساعة متأخرة من ليل السبت، متنقلا ما بين قناة الجزيرة والقناة السويدية الثانية التي كانت تنقل مباشرة ما يعرضه التلفزيون النرويجي.
ينتابني الهدوء على رغم هول المأساة أثناء متابعتي للتلفزيون السويدي الذي ينقل عن التلفزيون النرويجي الذي حسم الامر بأن الجاني هو رجل نرويجي..وأصاب بالامتعاض والاستفزار من قناة الجزيرة التي كانت تبث تقريرا مكررا يوحي بأن من قام بالهجومين هي "القاعدة" أو مجموعات اسلامية متطرفة تأخذ من فكر القاعدة منهجا وسبيلا، بدليل ان الهجومين يحملان بصمات القاعدة ويشبهان تفجيرات ستوكهولم التي وقعت في العام الماضي.. هكذا كان يقول التقرير.
ولكن تأبى الاحداث والوقائع الا ان تفقأ عين "الجزيرة"، التي تصر على رؤية الاحداث كما هي تريد وليس كما يمضي الواقع.
كانت الشرطة النروجية وبعد ساعات قليلة من انفجار "اوسلو" وما تلاه من هجوم على معسكر الشبيبة في إحدى الجزر بالضواحي قد أعلنت عن القبض على رجل نرويجي ظهر في معسكر الشبيبة مرتديا زي الشرطة كمشبوه يقف خلف الحادثين.
وبدت الجزيرة وكأنها آخر من يعلم بهذا الخبر، متماهية مع كبريات وسائل الاعلام الاوروبية والاميركية المحسوبة على اليمين والمعادية للاسلام التي راحت تشير الى جماعات اسلامية تقف خلف المجزرة المروّعة.
هل هذه سقطة محرر صحفي أم سقطة إدارة كاملة في الجزيرة عندما تحاول أخذ دور البوليس في تحليلها للبصمات وتوزيع الاتهامات قبل إعطاء الجهات الامنية المعنية تصريحات بالشأن.. وما هي الدوافع السياسية التي تجعل من الجزيرة منبرا لبث الخوف لملايين العرب والمسلمين الاوروبيين الذين توجسوا في البداية من ان يكون الفاعل حقا من جماعات محسوبة على الاسلام والعرب.
لقد كان التلفزيون النرويجي في غاية الذكاء عندما جعل من نص القاء القبض على الرجل النرويجي لازما على الشاشة طيلة البث المباشر، وذلك لتبديد ردود الفعل والانتقام من ان تحدث ضد المهاجرين وخاصة المسلمين والعرب.
الجزيرة تتخبط وتتهاوى منذ بداية ثورات الربيع العربي.. ما عادت المنبر الصادق والامين عندما بدأت تضع نفسها في قلب الخبر وتتدخل في صناعته لصالح المموّل الذي ما عاد يكفيه الاستثمار بالنفط فبدأ يستثمر في السياسة ويملك اجندات سياسية تخذل الكثيرين ممن يؤمنون بالقضايا العربية وطنيا وقوميا.
والسؤال الصارخ هنا: هل باتت الجزيرة عبأ على العرب؟
المتمعّن في الدور الذي تلعبه الجزيرة في سوريا وليبيا، حتما سيجد الجواب... والقصف الاعلامي والسياسي الذي تقوم به في ليبيا لا يقل خطورة عن القصف العسكري الذي تقوم به قوات "الناتو".
وفي اليوم التالي من المجزرة على المرء الكثير من التأمل في خبر الجزيرة الذي يقول: "ان المتهم قد انكرجميع التهم المنسوبة اليه" في حين تجمع الوكالات ان المتهم يتعاون مع التحقيقات وقد اعترف بما هو منسوب اليه لكراهيته للاجانب.
* كاتب وشاعر فلسطيني مقيم في السويد

رمضان فى قلوب المسلمين/ رأفت محمد السيد


أيام قلائل ويهل علينا ضيف كريم ، ضيف ننتظره من العام إلى العام ، ضيف يأتى إلينا محملا بهدايا وعطايا السماء ورحماتها ونفحاتها الروحانية ليطهرنا من جديد ، ضيف نستقبله بكل الحب والشوق واللهفة ، ضيف يحبه الجميع كبير وصغير ، رجل وامرأه ، شيخ وطفل ، إنه شهر رمضان المعظم – هذا الشهر الذى فضله ربنا سبحانه وتعالى عن كل الشهور فعلت مكانته فى السماء قبل الارض لأنه الشهر الذى أنزل فيه القرأن على قلب نبيه محمد صلى الله عليه وسلم هذا الشهر الذى فيه ليلة خير من الف شهر هى ليلة القدر ، هذه الليلة التى خصها الله بنزول القران الكريم وأيُّ خير لدى البشريّة كلّها أعظم من نزول القرآن الكريم هدى للنَّاس كافَّة وآيات بيّنات من الهدى والفرقان ،شهر فرض فيه الله الصيام على عباده لحكمة هو يعلمها- فعن أبي هريرة _رضي الله عنه_ قال قال : رسول الله _صلى الله عليه وسلم_: " أتاكم شهر رمضان ، شهر مبارك ، فرض الله عليكم صيامه ، تفتح فيه أبواب الجنَّة ، وتغلّق فيه أبواب الجحيم ، وتغلُّ فيه مردة الشياطين ، وفيه ليلة خير من ألف شـــــــــهر من حُرِم خيرها فقد حُرِم"[أخرجه أحمد والنسائي والبيهقي] ونظرالعظم هذا الشهر ومكانته فإن على كل مسلم ان يجاهد فيه جهادا عظيما وأعظم انواع الجهاد المطلوب هو جهاد النفس البشرية وقد يمتدُّ الجهاد في شهر رمضان المبارك ليبلغ بذل المال والنفس في سبيل الله ، الجهاد من أجل معرفة حكمة صيام هذا الشهرالمبارك الذى أرى أنها تهدف في جملة ما تهدف إليه إشعار المسلمين في الأرض كلِّها أنَّها أمّة مسلمة واحدة ، تعبد ربَّاً واحداً هو الله الذي لا إله إلا هو ، وتدين بدين واحد هو الإسلام – ويأتى شهر رمضان هذا العام ليجد أغلب الدول العربية والإسلامية تنتفض لتحصل على حرياتها المكبوته ، تثوربعد ثبات طويل على الظلم والطغيان الذى خططت له أنظمة حكم فاسدة نسال الله أن يطهر بلادنا منها – ولكن هل سألنا أنفسنا كيف نستقبل هذا الشهر الكريم ؟ هناك أمورعديدة يجب ألا نغفلها خلال هذه الايام المباركات بل يجب ان ننتبه لها لنظفر بنفحات وعطايا السماء فى هذا الشهر ومنها :
أولا: الدعاء للنفس وللأهل ولكافة المسلمين بكل الخير والحب وأن يحفظ بلاد المسلمين من كل سوء .
ثانيا: الحمد والشكر لله على أن بلغنا هذا الشهرمن جديد والدعاء بان يبلغنا سنوات عديدة قادمة ولايحرمنا .
ثالثا: الفرح والابتهاج بمجيء شهر رمضان لما فيه من خير لو عرفه كل مسلم لتمنى أن تكون السنة كلها رمضان .
رابعا: عقد العزم الصادق على اغتنام كل لحظة به بالأعمال الصالحة.
خامسا: إستغلال هذا الشهر فى التعلم والتفقه بأحكام رمضان ، فيجب على المؤمن أن بتعلم أن يعبد الله على علم .
سادسا : التوبة الصادقة والرجوع إلى الله بترك الآثام والسيئات ، والإقلاع عنها وعدم العودة إليها.
سابعا : الدعوة إلى الله بشتى الوسائل .
ثامنا : الإخلاص لله في الصيام وباقى العبادات.
تاسعا : المصالحة مع النفس ومع الغير وذلك بألا تكون بينك وبين أي مسلم شحناء كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان ، فيغفر لجميع خلقه إلا مشرك أو مشاحن " .
عاشرا : الدعاء لكافة البلدان العربية بأن يعمها الإستقرار وأن يعود إليها الأمن والامان من جديد
وأخيرا أدعو الله أن يحفظ مصر وشعبها وسائر بلاد المسلمين من كل سوء " أمين " وكل عام وأنتم بخير

فلسطين في الحراك الشعبي المغربي/ د. مصطفى يوسف اللداوي

وسط حضورٍ شعبيٍ مغربيٍ كبيرٍ وحاشد، شهدته مدينة القنيطرة المغربية، ضمن الملتقى الشبابي السابع لشبيبة حزب العدالة والتنمية، وفي حضور ومشاركة شخصياتٍ عربيةٍ كبيرة من دولٍ عربيةٍ شتى، كانت فلسطين حاضرةً دوماً، لا تكاد تغيب لحظةً واحدة، شعارات التأييد لها، والاستعداد للتضحية من أجلها تنتشر في كل مكان، وترتفع في الساحات وفوق كل الجدران، وهتافات الحب الهادرة لفلسطين وأهلها تهز جنبات الأرض، وتصدح لتصل إلى الجوزاء في عنان السماء، تعبر بصدقٍ وعفوية عن حب المغاربة لفلسطين، وتعلقهم بحيهم الشهير فيها، وببابهم المؤدي إلى مسجدها الأقصى، واعتزازهم بروادهم الأوائل الذين مشوا إلى فلسطين على أقدامهم، وجعلوا للمغرب في قدسها وقفاً خالداً يذكر بهم، ويحفظ اسمهم، فكانت فلسطين كعهدها عند المغاربة ساكنةً في القلب، آسرةً للهوى، طاغيةً على كل حدث، ومقدمةً على الوطني والخاص، فكانت الأبرز في كل المحاضرات والشعارات والهتافات، وحولها نسج المشاركون كلماتهم، شعراً وأدباً وسياسةً وفلسفة، ومن أجلها أصغوا السمع، وذرفوا الدمع، ورفعوا أكفهم قبلة السماء، داعين الله لنصرة فلسطين وشعبها، واستعادة أرضها وعودة أهلها بعزةٍ وكرامة، رايتهم مرفوعة، وأعلامهم خفاقة، وأصواتهم هادرةٌ جبارة.

بشغفٍ كبير وحرصٍ شديد وإخلاصٍ بَيِّنٍ، وبكلماتٍ أخويةٍ صادقة أسدى المغاربة نصائحهم إلى الفلسطينيين، قيادةً وشعباً، وفتحوا لهم قلوبهم ليعبروا عن حبهم وتعلقهم بفلسطين وأهلها، واعتزازهم بهذا الشعب الذي ضحى وقدم وأعطى، ورسم للعرب أمثولةً عظيمة في صناعة ملاحم البطولة والتحدي في وجه المعتدي الإسرائيلي الغاصب، ومازال ثابتاً في مواجهة المؤامرات والتحديات، فتمنوا صادقين على الفلسطينيين أن يتموا إجراءات المصالحة، وألا يخيبوا آمال شعبهم وأمتهم، وأن يجعلوا من التوقيع عليها حقيقة لا خيالاً، وواقعاً لا وهماً وسراباً، فالوحدة الفلسطينية زينةٌ وقوة، ومبعثٌ للتفاخر والاعتزاز، وهي ترسم للفلسطينيين صورةً زاهية جميلة، تعبر عن سمو قضيتهم، وقدسية معركتهم، وعدالة مقاومتهم، فالوحدة والاتفاق غايةٌ وهدف، وهي الطريق المعبد إلى النصر والتحرير، وبغيرها تتبعثر الجهود، وتفتر الهمم، وتتلاشى العزائم والقوى، ويشعر الأهل والمحبون باليأس والإحباط، ويفقدون الأمل المزروع في نفوسهم وقلوبهم يقيناً وعقيدة، فكانت دعوات المغاربة للفلسطينيين أن اتحدوا واتفقوا، وكونوا أحبةً إخواناً، تعالوا على الخلافات، واسموا فوق الجراحات، وكونوا المثال الأعلى والأسمى لحراكنا الشعبي العربي المتطلع إلى الحرية والعزة والكرامة، فنحن نتطلع إلى الحرية لنقترب من فلسطين أكثر، ونطالب بالإصلاح لنكون جنوداً لفلسطين، مقاتلين من أجلها، وساعين إلى تحريرها واستنقاذها.

وبقلقٍ كبير تساءل المغاربة عن حال أسرى فلسطين، وأسودها الرابضة في السجون والمعتقلات الإسرائيلية، وعن الحال الذي أصبحوا عليه بعد أن هددهم رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بالتضييق عليهم، وسحب الامتيازات منهم، ومنعهم من التمتع بأبسط حقوقهم الإنسانية، فقد أعلن الحرب بإجراءاته التعسفية على قلب فلسطين النابض، فالأسرى الفلسطينيون الذين ضحوا بربيع عمرهم من أجل شعبهم وقضيتهم، جديرون بأن نعمل من أجلهم، ونسعى لتحريرهم، وأن نبذل ما نستطيع للتخفيف عنهم، واستعادتهم لحقوقهم التي ضحوا من أجلها، وخاضوا للحصول عليها أصعب وأقسى الإضرابات عن الطعام، والتي أفضت في كثيرٍ منها إلى استشهاد ثلةٍ من خيرة الأسرى والمعتقلين، فهؤلاء البواسل يدعون شعبهم وقيادتهم أن يتحدوا ويتفقوا، ليتمكنوا من مواجهة السجان الإسرائيلي، وليكسروا القيد، ويحطموا الأغلال، ويهدموا الجدران، ويفتحوا الأبواب، ليغدوا الأسرى أحراراً في الوطن، ويعودوا إلى حضن الأهل والشعب، وليحملوا البندقية من جديد، مقاومين حتى تحرير الأرض واستعادة الحق، فلا يوجد أفضل من الالتفاف حول قضية الأسرى لنحقق الوحدة والاتفاق، ولنعزز التفاهم واللقاء.

وحيَّا المغاربة كل ثورةٍ عربية تثور لأجل فلسطين وأهلها، وتعمل لمساندة شعب فلسطين، وترفع العنت عن أهل غزة، وتساهم في نصرتهم وفي رفع الضيم عنهم، وفي جلب كسرة الخبز لهم، وإيصال القوت والوقود والدواء لهم، وتكون عوناً لهم وسنداً يقوي شوكتهم، ويعزز وجودهم، ويثبت أقدامهم، ويدخل الفرحة والمسرة إلى قلوبهم، ويغيظ أعداءهم، وشكروا لثورة مصر وشبابها الرواد فتحهم لمعبر رفح، وتسهيل عبور أهل غزة من وإلى قطاعهم، وأكدوا ألا بركة في ثورةٍ لا يكون فيها شئ لفلسطين، ولا تكون هبتها لأجل فلسطين وكرامة أهلها، فمن أراد صلاحاً لبلاده، وحريةً لمواطنيه، وكرامةً لشعبه، وعزةً لأمته،وانتعاشاً لاقتصاد بلاده، ورفاهيةً للسكان، فليخلص العمل لأجل فلسطين، وليقدم بين يدي ثورته شيئاً لفلسطين وأهلها، وليجعل جزءاً من مطالبه، وعلى قائمة أجندته، نصرة فلسطين، والانتصار لها، ومنع التغول عليها، والاعتداء على أهلها وأرضها، فذلك بوابة الرضا، وسبيل الرشد والسداد، وبغير صدق الوجهة إلى فلسطين، ستبقى الجهود ضائعة، والمساعي خائبة، والثورات باردة، ولن تصب نتائجها في مصلحة البلاد وأهلها.

كثيرون هم المغاربة الذين يتمنون أن يكونوا طليعة المقاومة، وعلى رأس الجيوش المقاتلة، التي تزحف إلى فلسطين، وتقاتل الصهاينة المحتلين، وتقتلعهم من الأرض الفلسطينية التي احتلوها وعاثوا فيها فساداً، وتعيدها إلى أهلها وأصحابها الشرعيين، فذلك في أذهانهم ليس حلماً ولا خيالاً، وإنما هو أملٌ يسألون الله أن يحققه لهم، وأن يستجيب فيه لدعائهم، وأن يلبي آمالهم ويحقق طموحاتهم، فهم على يقين بأن نصر الله سيتنزل عليهم، وعلى كل المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطيني في استعادة أرضه ووطنه، وهم فيما يقولون ويتمنون صادقين جادين، مقبلين غير مدبرين، وعلى يقينٍ بأنهم قادرين وأمتهم العربية على مواجهة المحتلين الغاصبين، فهذا زمنُ الثورات، وجيل الرجال الذين يعرفون كيف يصنعون النصر، ويحققون الأمل، ويستعيدون الحقوق، ويحاكمون فيه كل العتاة الظالمين المجرمين.